مسرحية شعرية " دودة الحرير تعود لحظيرة الفضيلة " تأليف احمد ابراهيم الدسوقى
مجلة الفنون المسرحية
الشخصيات:
الدودة الصغيرة
الدودة الحكيمة
يرفع الستار
(يرى مشهد لمرج صغير .. يعج بعشرات من
الخمائل .. المكللة بالزهور والورود والرياحين
.. العصافير زرافات زرافات .. ترف حول المكان
.. فى مرح وغبطة .. يرى إلى يسار المسرح
.. جدول صغير رقراق .. يسمع صوت نقيق
الضفادع من خلاله .. ترى بعض الأسماك
الصغيرة الملونة .. تتراقص على صفحة مياة
الجدو ل .. ثمة شجيرة صغيرة تنتصب وسط
المسرح .. تجلس أعلاها دودة حرير كهلة
حكيمة .. تتأمل فى الكون .. المناخ ربيعا ..
الوقت صباحا .. ترى دودة حرير صغيرة ..
ملونة بألوان مبهجة .. تزحف فى بطء .. إلى
منتصف المسرح .. تتوقف أسفل الشجيرة ..
تتلفت حولها .. يبدو عليها التيه .. لا تعلم من
أين أتت .. ولا أين ذهابها .. تمر ثوان .. ثم تنظر
صوب أعلى الشجيرة .. فتبصر الدودة المسنة
الحكيمة .. التى تتأمل فى الكون
الدودة الصغيرة : (فى تيه )
أين اجد الله .. أين أجد المعبـــــــــــــــــــــــود
فى عالم كله شدة ومحن وقيــــــــــــــــــــود
الدودة الحكيمة : ( تشير الى السماء )
الله هناك أعلى السمـــــــــــــــــــــــــــــاوات
الدودة الصغيرة : ( فى جهل )
أريد الصعود له فى الأعلـــــــــــــــــــــــــوات
الدودة الحكيمة : ( فى حكمة )
عندما ياتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى دوركِ
عندما يحين يومــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكِ
الدودة الصغيرة : ( بحدة )
كلا إما أن أؤمن وأصعــــــــــــــــــــــــــــــــد
أو أكفر وأتزندق وأحقــــــــــــــــــــــــــــــــد
الدودة الحكيمة : ( تحرك راسها )
لن تصعديـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن
لكن ستكفريـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن
ثم تتسربليـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن
بعدها تندميــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن
( تمر أيام قليلة .. والدودة الصغيرة حاقدة
على السماء .. رابضة فى مكانها .. تلتهم
أوراق التوت .. لا تلوى على شىء .. ثم تشرع
فى الصوم .. لقد أتى موعد غزل الحرير ..
تتلوى كأنها تتعبد .. أو ترقص رقصة وثنية
.. تخرج من فمها خيط حرير .. وتشرع فى
غزل الحرير الأصفر اللامع .. تراها الدودة
الحكيمة .. فتهبط فى جهد جهيد نحوها ..
.. تنتصب قبالتها .. وقد كونت كرة بيضاوية من
الحرير .. كأنها الدنيا عندما تزل وتكفر بالله
الدودة الحكيمة : (فى سخرية وتساؤل )
والآن ماذا تفعلين يا متزندقـــــــــــــــــــــــة
الدودة الصغيرة : ( فى برود وتعالى )
أغزل الحرير للشرنقـــــــــــــــــــــــــــــــــة
الدودة الحكيمة : ( ضاحكة )
ألا زلت لا تؤمنيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن
الدودة الصغيرة :( فى غرور )
نعم لا زلت على اليقيــــــــــــــــــــــــــــــن
الدودة الحكيمة : ( فى قهقهة )
إنظرى ماذا غزلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتِ
الدودة الصغيرة : ( تتفحص غزلها )
ماذا غزلت .. يا للهول .. ماذا فعلـــــــــــــت
(تجد الدودة الصغيرة نفسها .. قد كتبت على
الشرنقة .. لفظ الجلالة ( الله جل جلاله )
بالحرير الأصفر الداكن .. لتضىء المكان ..
كأنها سراج وهاج .. فتشهق وتسيل دمعاتها
الدودة الحكيمة : ( خاشعة )
لقد كتبتِ على الشرنقــــــــــــــــــــــــــة
لفظ الجلالة منسقــــــــــــــــــــــــــــــــة
الدودة الصغيرة : ( فى ذهول )
لكنى لم اتعمد ذلـــــــــــــــــــــــــــــــــك
هذه أية لكل مخلوق هالــــــــــــــــــــــك
الدودة الحكيمة : ( فى إبتسام )
إنها آية من السماء العامـــــــــــــــــــــرة
علكِ تثوبين لرشدكِ يا كافـــــــــــــــــــرة
الدودة الصغيرة : ( فى بكاء وخشوع )
يا إلهى يا إلهى .. سامحنى سامحنـــى
والله لقد ثبت لرشــــــــــــــــــــــــــــدى
دودة الحرير الصابئــــــــــــــــــــــــــــــة
تعود إلى الله طواعيــــــــــــــــــــــــــــة
الدودة الحكيمة : ( فى تساؤل )
هل لازلتِ تريدين رؤية اللــــــــــــــــــــه
الدودة الصغيرة : ( فى ابتهال )
أراه فى كل شىء جل جلالـــــــــــــــــه
الدودة الحكيمة : ( تنظر للسماء )
ألا تودين الصعود إلى الأعلــــــــــــــــى
الدودة الصغيرة : ( وقد طأطات رأسها )
سأصعد عندما يحين فى الأسفل يومى
الدودة الحكيمة : ( تتجه للسماء )
والآن ستدخلين الشرنقــــــــــــــــــــــة
قصرك المنيف حظيرة الفضيلـــــــــــــة
تخرجين بعدها حورية الآيـــــــــــــــــات
فراشة جميلة تسبح ربها كالموجـودات
وبعد أيام تموتين مؤمنـــــــــــــــــــــــة
وتصعدين لبارئك مستسلمــــــــــــــــة
( تظل الدودة الصغيرة .. تغزل وتغزل ..
حتى تحيط بها الشرنقة .. كرة بيضاوية
من الغزل الاصفر .. منقوش عليها لفظ
( الله جل جلاله ) عبرة وآيه كونية .
ستــــــــــــــــــــــــــــــــــــار
احمد ابراهيم الدسوقى
القاهرة - مصر2017
0 التعليقات:
إرسال تعليق