أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأربعاء، 14 يونيو 2017

عرض «مكعب بس مثلث».. صياغة مسرحية تعكس «القلق الوجودي العصر»

مجلة الفنون المسرحية

عرض «مكعب بس مثلث».. صياغة مسرحية تعكس «القلق الوجودي العصر»


جمال عياد

ضمن فعاليات (مسرح الخميس) الذي تقيمه وتنظمه مديرية المسرح والفنون، كل مساء خميس من كل أسبوع، عرضت مسرحية «مكعب بس مثلث»، بتوقيع المخرج بلال زينون.

استهلت المسرحية افتتاح فعاليات مهرجان عمون لمسرح الشباب الثالث عشر في العام 2014، وهي احدة من المسرحيات الشبابية القليلة التي قدمت مقترحات مشهدية تنتمي إلى مسرح العبث، خلال هذا العام، وبمقترحات بصرية وسمعية جديتين لم تتأثرا بالعروض المسرحية التي قدمت سابقا. العرض الذي كتب نصَّه ووضعَ رؤيته زيتون، هدفت لوحاته المسرحية ومشاهده، إلى تبيان مدى فداحة الظلم الواقع على المواطن، من جانب النظام السياسي العربي بالإجمال؛ لجهة ضف المشاريع التنويرية، وغياب التنوّع وعدم تقبّل الاختلاف بالرأي. تتحدث الحكاية عن شخوص تنتمي للشرائح الاجتماعية الشعبية، وجدت نفسها في حمام وفق انماط الحمامات العربية والتركية القديمة، فضاؤهُ أقرب لمنصة غسل الموتى، في زمن ومكان غير محددين. وفي سياق الأحداث العبثية، تتبادل هذه الشخوص الأدوار؛ حيث تارة يصبح كل منهم السيد، ثم الضحية والتابع وهكذا، وتارة أخرى شخصية حية ومرة ثانية متوفاه، وهكذا. نص العرض قدم وفق شكل مسرحي تأسّسَ على تقنية الحلم والإفادة من الخيال الخصب فيه، كما ووظفت الرؤية الإخراجية الذاكرة الانفعالية، في إثارة الزخم التعبيري للعرض، عبر تعميق امزجة وهواجس الشخوص لجهة تبيان مواقفها في الماضي والحاضر وأفقها المستقبلي المغلق، كون ان تصميمها ينتمي لمسرح العبث. أظهرت جماليات السينوغرافيا قوةً في تأشيرها الدلالي، بفعل بساطة العلامة وثراء تعبيرية إيحائيتها في آن، لجهة الفضاء السينغرافي، في تموضع غرفة الحمام والمجسدة بطاولة خشبية مقلوبة في بؤرة المسرح، وإلى يسارها ثلاثة سطول ماء، صممها ونفذها محمد أبو حلتم. فضلاً عن تصميم أزياء الشخوص الذي أسهم في إظهار القسمات الخارجية للشخصيات العاملة في الحمامات القديمة، سواء الذين يغسلون الأموات أو الأحياء واستخدام أساليب الإضاءة التي وضعها محمد أبو حلتم ومحمد المجالي، العامودية والأفقية وبنسب مختلفة في الشدة لتتلاءم مع الأجواء المختلفة في غرف التحقيق والتعذيب، أو أماكن غسيل الموتى، التي تضمنتها المشاهد واللوحات. غيران الكتلة الأهم دلاليا كانت في الحنفية بحجمها الكبير التي تموضعت في عمق المسرح، حيث أشر صوتها دلاليا في البناء السطحي للعرض على مسألة شح المياه، التي يعاني منها أبناء البشر في الزمن الراهن. ومن جهة أخرى في طرح أنساق المؤثرات الصوتية غير المنطوقة، ضمن البناء المضمر في السياق؛ حيث كان صوتا (علامة) دلالية أسهمت بتعميق الفضاء الوجودي للعرض، (صوت وشيش مواسير الماء الفارغة) وكأنها تضخ مجازا معاني العدم واللا جدوى والعقم من الإسهام بأي تواصل تنويري يمكن أن يحدث فيما بين الشخوص، وهنا بالضبط كان هذا التوظيف جماليا في خدمة إنشاء الفضاء الدلالي العبثي. وقد شكّلَ اندفاعُ أداء الفعل الجسدي الداخلي الانفعالي بمحمولاته إلى الأمام،(كونه يعد الحامل الأساس للعلامات) وفق زمن داخلي دائري رافعةً أساسية في تحقيق لغة المسرحية، لأن الحوار المتأسس على دلالة الكلمة، يعدّ مضلِّلاً في هذا السياق العبثي، لعدم يقينية المعاني المباشرة للّغة؛

لذا انصرف الفعل للتأشير بصرياً، في تأسيس نظام تواصل تتمظهر آلياته بين تقاطعٍ والتقاء، مع ما يراه المشاهد للواقع الحافل بالقوانين الاستبدادية في منظور الجغرافيا العالمية الآن، التي تحمل نذر شؤم حروب، مدججة بالكراهية العرقية، والطائفية، فضلا عن توسع حيزات الفقر في المجتمعات الإنسانية وما تتركه من آثار سلبية وبخاصة لجهة ظهور فضآت التطرف والتوتر الاجتماعيين، هذا من جهة، ومن جهة أخرى مع رؤية نص العرض لهذا الواقع، وبخاصة مَشاهد التحقيق الأمنية الشائعة في المنطقة العربية، والمتسمة بالعنف المسلط على المعتقَل السياسي، حيث يغدو فعل الجسد عليه، بمثابة الدلالة الأساسية في طرح اللغة المسرحية. الممثلون: إبراهيم النوابنة، وعطية المحاميد، ومثنى القواسمة، كانوا شركاء المخرج في الإنشغال في ادوارهم من حيث ظهورهم، إذْ انهم أسهموا بقوة وبراعة أدائية في إنشاء الفضاء العبثي للعرض، وبخاصة في تركيزهم على المعطى الأساس في عملهم ألا وهو الفعل الداخلي، الذي انساب عبر لغة الجسد والذي كان في أحايين كثيرة مستقلا عن اللغة المنطوقة، ولكنه كان متمما ومتناغما معها، عبر حركات الجسد والإيمائة التي تشارك أيضا في إخراج وطرح المعاني العبثية لهذه المسرحية. 

------------------------------------
المصدر : الرأي 

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption