أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الخميس، 10 أغسطس 2017

مسرحية "حمّام فرعون " تأليف عمر صوفي

مجلة الفنون المسرحية
المؤلف عمر صوفي 



شخصيات المسرحية


1- الفرعون.

2-  الأمير .

3- الأميرة .

4- الوزير .

5- المنادي .

6- الكاهن الأكبر.

7- الكاهن .

8- الحاجب .

9- الابن .

10- الأم .

11- الزوج.

12-الزوجة .

13- مواطن 1 .

14- مواطن 2 .

15- مواطن 3 .

16- مواطن 4 .

17- مواطن 5 .

18- مواطن 6 .

19- مسئول 1 .

20- مسئول 2 .

21- مسئول 3 .

22- عامل الحمام.

23-  مواطنون.

24- حرس.

المشهد الأول

(غرفة نوم الفرعون .. الفرعون ممدد على السرير في غاية الإعياء تتنازعه سكرات الموت.. بجواره الوزير ).

الفرعون : كيف حال البلاد اليوم يا وزير البلاد ؟

الوزير  : بخير يا مولاي الناس يتمنون أن يمتد حكمك للأبد.

الفرعون :  لم يعد في العمر الكثير يا وزير..إني أتطلع إلي الصعود للسماء المباركة لأحيا فى الحياة الأخرى حياة مديدة لا تعرف الذبول .. المهم أن تهيأ البلاد لتولي الفرعون الصغير.

الوزير   :  ستستقبله الرعية بالترحيب كما استقبلت حكمك يا مولاي إن روحك الطاهرة ستظلل البلاد دوما .

الفرعون  : للأسف فإن الفرعون الصغير يقدر الشعب بأكثر مما يستحق ...وأخشي أن يهتز عرش البلاد من تحته .

الوزير  : الممارسة ستنضجه يا مولاي سيتعلم أن الحاكم إذا لم يكن بيده سوط تشرد الرعية في طريق الضلال .

الفرعون : ولكن الكتب التي يقرأها حولت حياته إلي أحلام عليه أن يفرق بين الواقع والخيال .. المثل والقيم لا تصلح للحكام .

( يدخل الأمير في تلك اللحظة و يتجه إلي سرير والده الفرعون )

الأمير      : كيف حالك اليوم يا أبي ؟

الفرعون    :كما تري يا بني  لم يعد يشغلني من الدنيا غير أن أطمئن عليك علي عرش البلاد .

الأمير  :لا تقلق يا أبي أن صحتك بخير وندعو الإله أن يمد لنا في حياتك.

الفرعون  : دعك من هذا.. أريدك أن تقدر  حجم المسئولية التي تنتظرك .. عليك أن تفرق بين حياتك كولي للعهد وحياتك كفرعون يحكم البلاد .

الأمير : أني أقدرها جيدا يا أبي وعلي كل حال فإن حكم البلاد ليس أمرا صعبا إذا روعي العدل والإخلاص.

الفرعون : والحزم ... الحزم يا بني .

الأمير   : وشيء من الحزم .

الفرعون  :( غاضبا ) الحزم كل الحزم .. قبل العدل والإخلاص .. الحزم .

الوزير  : نعم يا مولاي .. الحزم أساس الحكم .

الأمير  : بل العدل أساس الحكم .

الفرعون  : ومن الذي يحدد معيار العدل والظلم .. أنت يا بني .. أنت معيار كل شيء .. ما يصدر عنك سنة من سنن الكون .. لا بد أن يخضع لها الناس بالتسليم .

الأمير  : شعبنا شعب طيب لا يحتاج سوى أن نحترمه ونحبه .

الوزير  : لا يخدعك سكوته .. فهو شعب صامت لكنه ماكر .

( تدخل الأميرة وتتجه إلي سرير الفرعون ) .

الأميرة  : كيف أنت اليوم يا أبي ؟

الفرعون  : بخير  يا بنيتي مادمت بخير .

الأميرة  : ( تقترب من الفرعون في دلال ) إذن لماذا تبقى في السرير؟ .. هل تفكر في القيام بحملة عسكرية جديدة على أعدائنا في الشرق ؟

الفرعون  : حملة جديدة ؟ لم أستطع الوقوف يا بنيتي ولا الجلوس وتتحدثين عن حملة جديدة؟

الأميرة  : إذن أنت تأخذ هذه الراحة لتفكر في مشروع كبير.

الفرعون  : لم أعد أفكر إلا  فيكما يا بنيتي .

الأميرة : لا تكن ماكرا أيها الرجل العجوز .. اهمس لي بكل طموحاتك وأعدك بألا أذيعها.

الفرعون  : طموحاتي أن تظل البلاد مستقرة في عهد أخيك يا بنيتي .

الأميرة  : ستظل بلادنا مستقرة ومتطورة يا أبي إلي الأبد .. ببركاتك ورضاء الآلهة .

الفرعون : ( وهو يغالب السعال )  أتمنى ذلك يا بنيتي .. (يزداد الألم على الفرعون ) .

إظـــــــلام


المشهد الثاني

( ركن في الطريق العام.. يلتف بعض المواطنين على قارعة الطريق )

مواطن 1  : هل سمعتم الشائعات التي تدور في البلاد ؟

مواطن 2 : يقولون إن الفرعون سينتقل إلي العالم الآخر .

مواطن 3 : الفرعون .. يا للكارثة التي ستحل بالبلاد .

مواطن 2  : حقا ستكون كارثة تهون بجوارها كل المصائب والكوارث .

مواطن 1  : كارثة ؟ ما الكارثة في أن ينتقل الفرعون إلي العالم الآخر مادام سيحل ابنه محله ؟

المواطن 3  : ألا تدرك حقا ما الكارثة  ؟ عندما ينتقل الفرعون إلي العالم الآخر  ألن يترك فراغا لبعض الوقت حتى يتوج الكهنة الفرعون الجديد.

مواطن 2  : ويكون ذلك فرصة لتنقض القوى الخفية على البلاد  في غياب روح مولانا الفرعون التي كانت تحفظنا .

مواطن 1 : لا أظن الأمر بهذه الخطورة ستظل روح الفرعون ترفرف على البلاد .. فلماذا الخوف ؟

مواطن 3 : أنت دائما تجادل وتنكر الحقائق الواضحة ..قلبك حجر لا يهتز حتى لرحيل الفرعون .

مواطن 2 :ألا تخشى أن تصيبك روح شريرة في غياب روح الفرعون .. أو أن ينهش لحمك شيطان .

مواطن 3: أنت مطمئن لأنه ليس لديك زوجة .. ولا أبناء  ..ماذا يهمك في الحياة ؟ تعمر تخرب .. لا يهم .

مواطن 2 : قلبي يتمزق كلما تخيلت أبنائي فريسة للشياطين أو للجوع أو للأمراض .

مواطن 1 : تتحدثون وكأن الفرعون كان حاكما عادلا نبيلا ولم يكن رجاله يصلوننا بالكرباج .

مواطن 3 : لكنه كان يحمينا .

مواطن 1 : يحمينا من ماذا ؟

مواطن 3 : من كثير من الأخطار.

مواطن 1 : مثل ماذا ؟

مواطن 3 : مثل الأوبئة الفتاكة .. مثل الزلازل .. والبركان .. والجفاف .. والفيضان .

مواطن 1 : لا يهمكم سوى كسرة خبز عفنة وجحر تتوارون فيه .. أراهنكم لو أستطاع أحدكم أن يحصى أثار ضربات السياط على ظهره .. أو يعد المرات التي سقط فيها على وجهه بعد أن ضربه جندي بقدمه في مؤخرته ، أو ....

مواطن 2 ،3 : ( يجريان نحوه ويكممان فمه بقوة ) .

مواطن 2      : تريد أن تلقي  بنا في الجحيم .. عندنا أطفال.

مواطن 3 : ألا يكفينا ما سيحل بنا لو رحل الفرعون ؟.

مواطن 1 : ( يتخلص منهما ) ولكن الأمر قد لا يتعدى الشائعات .

مواطن 2 : شائعات ؟ .. إن الأثر بدأ يسرى في جسدي منذ أيام .. ستقل البركة ويزداد سخط الزوجات .

مواطن 1  : الزوجات ؟! وما علاقة رحيل الفرعون بالزوجات ؟.

( مواطن 2، ومواطن 3 يضحكان في سخرية )

مواطن 3 : طبعا ألم نقل لك إنك خالي مسئولية مرتاح البال .

مواطن 2 : ( وهو لا يزال  يضحك بسخرية ) أبله لا يعرف حقا لماذا تسخط الزوجات .

( يسمع صوت منادي من بعيد يقترب تدريجيا حتى يدخل من أحد جوانب المسرح وهو يضرب على طبلته )

المنادي : أيها المواطنون الكرام ..تظهر التنبؤات أن النيل سيأتي هذا العام منخفضا لذا لزم التنبيه ونرجو منكم الاحتياط ( يستمر في الضرب علي طبلته والصياح ويخرج مبتعدا من الجانب المقابل )

مواطن 2 : ألم أقل لكما ..إن الكوارث ستحل بالبلاد وهذه بوادرها .

مواطن 3 : يا لبؤس أطفالي الصغار.

مواطن 2 : (متضرعا للسماء ) أيتها الآلهة المباركة .. فلتحفظي لنا الفرعون وليعش معنا للأبد .. أتوسل إليك رفقا بأبنائي الصغار .

مواطن 1 : أنتم حقا من يستحق العطف  لا الأطفال

إظــــــلام



المشهد الثالث

                            (غرفة في قصر  الفرعون  ...الأمير والوزير)

الوزير  : كم أنا حزين يا مولاي لرحيل مولاي الفرعون ،كم شهدت البلاد في عهده إنجازات لا مثيل لها ... لكن عزائنا الوحيد هو أنك خليفته يا مولاي .

الأمير  : المهم الآن أن تنتهي بسرعة من بناء القبر العظيم.

الوزير  : لقد أوشك المهندسون والعمال من إنهاء التفاصيل الصغيرة الباقية .

الأمير  : يجب أن تحرصوا علي أن يليق القبر بالفرعون الراحل .

الوزير  : طبعا يا مولاي القبر هو دار الخلود .. فلابد من العناية به لأن يليق بحياة مولانا الفرعون الراحل في العالم الأخر.

الأمير    : وهل تسير عملية التحنيط سيرا حسنا .

الوزير  : طبعا يا مولاي .. الكهنة يؤدون عملهم بتفان وإخلاص ليظل جسد الفرعون سليما صالحا لزيارة روحه في كل وقت .

الأمير : وكيف تسير الأمور في البلاد ؟

الوزير  : بخير يا مولاي والناس تتطلع لليوم الذي ستتوج فيه  علي عرش البلاد  مصر .

الأمير    : لن أتوج إلا بعد أن أطمئن علي أبي في منـزله الأخير .

الوزير  : نحن نعد البلاد والشعب لهذا اليوم العظيم .

الأمير    : وهل الأمر يحتاج إلي إعداد كبير؟

الوزير  : طبعا يا مولاي .. فنحن نهيئ لك الأمور والعقول .

الأمير    : الأمور والعقول ؟! أية أمور ؟ وأية عقول ؟

الوزير  : أمور البلاد وعقول الناس .. لابد أن تتطلع الناس إلي استقبال حكمك بأمل وتعظيم وتطلع .

الأمير    : خبرني ماذا تنوي أن تفعل بالضبط؟.

الوزير  : لقد شرعنا بالتنفيذ بالفعل يا مولاي منذ أن أشتد المرض علي مولانا الراحل.

الأمير    : ( مندهشا ) شرعتم في تنفيذ ماذا ؟ .

الوزير  :لقد أمرت النحاتين أن ينحنوا عشرات التماثيل الضخمة لجلالتك ..  لنضعها في المعابد والميادين .

الأمير   : عشرات التماثيل الضخمة ؟ ومن يدفع ثمن هذا؟

الوزير  : من يدفع ثمن هذا؟!  الحكومة طبعا يا مولاي .

الأمير    : وهل البلد في حاجه إلي تبذير الأموال علي التماثيل ... الناس تتضور جوعا وأنتم تبددون أموالهم علي التماثيل .

الوزير  :  أموالهم ؟ البلاد كلها ملكا لجلالتك يا مولاي.

الأمير    : ملكا لي أنا ؟ والشعب ماذا يملك ؟

الوزير :  والشعب أيضا ملكك يا مولاي .

الأمير    : إذن رعيتي كلها من العبيد ؟!.

الوزير :إنهم يفتخرون بذلك يا مولاي.

الأمير    :يفتخرون بالعبودية ؟! خبرني ماذا فعلت أيضا .

الوزير :  (متباهيا ) وقمنا بوضع اسمك علي كثير من المشروعات التي تنفذ في البلاد .

الأمير    :حتى ولو كانت هذه المشروعات تنتسب إلي عهد أبي؟

الوزير :نعم يا مولاي .

الأمير    :وكيف تجرؤ علي ذلك ؟ أنت تهين الفرعون الراحل .

الوزير :العفو يا مولاي .. بل إن مولانا الراحل هو الذي طلب منا ذلك .

الأمير    :طلب منكم أن تضعوا اسمي علي مشروعاته ؟!

الوزير :نعم يا مولاي .

الأمير    :لماذا ؟.

الوزير :ليزداد قدرك عند الناس والتاريخ .

الأمير    :أنا لم أتوج بعد وتبحثون عن وسيلة لتخليدي عند الناس وفي التاريخ .

الوزير :واجبي أن أكون خادما مخلصا لعرشك .

الأمير    : إذن خبرني إلي أين وصل بك هذا الإخلاص ؟

الوزير :نحن نهيئ الناس يا مولاي ليتقبلوا حكمك بشوق وتسليم ... لذلك فنحن نستأذنك في تدبير بعض الأمور الصغيرة .

الأمير    :مثل ماذا ؟

الوزير :مثل تدبير بعض الحيل والكوارث .

الأمير    :حيل وكوارث ؟ لماذا ؟ هل جننت ؟

الوزير :أبدا يا مولاي بل ليتطلع الناس إلي منقذ.

الأمير    :منقذ من ماذا ؟

الوزير :من المصائب والكوارث التي ستحل بهم ... أو يتوقعون أن تحل بهم .

الأمير    :وما فائدة ذلك ؟ألا يكفيهم ما هم فيه من محن ؟

الوزير :علينا أن نهيي الأذهان لتستقبلك بلهفة وتطلع .

الأمير    : ولكن الناس لا تعترض علي توليتي الحكم .

الوزير :نعم ولكن لابد أن يعظم قدرك في نظرهم وعلي العموم تدبير بعض المشاكل لن يكلفنا شيئا  علي العكس .. ربما نربح الكثير.

الأمير    :نربح من تدبير الكوارث .. كيف ؟!

الوزير :بقليل من الذكاء .

الأمير    :الذكاء ؟ ! خبرني ماذا تنوي أن تفعل بالضبط.

الوزير :سنشيع في البلاد أن النيل سيأتي منخفضا هذا العام ...إذا لم تحدث معجزة .

الأمير    :وما هي هذه المعجزة التي يمكن أن تزيد المياه ؟!

الوزير :أن تحل بركتك يا مولاي بالبلاد فيزداد الفيضان .

الأمير    :وماذا سنجني من هذه الألاعيب ؟ .

الوزير :أن ينسب الناس الفضل لجلالتك .. ثم أن هذه الشائعة سترفع أسعار الغلال في الأسواق ... فنبيع بعض ما لدينا في المخازن الحكومية .

الأمير    : أنا لا أقبل أن تفعل هذه الحيل بالبلاد .

الوزير :لقد أمرت المنادي بالفعل أن يمر في الطرقات ليخبر الناس بتوقع انخفاض مياه النيل في الموسم القادم .

الأمير    :دون إذني ؟

الوزير :أنا أعتبر ما قمت به لخدمة جلالتك .

الأمير    :وماذا دبرت أيضا من حيل ؟

الوزير :سوف نرسل جنودنا للقبض علي بعض النائمين .

الأمير    :النائمين ؟!

الوزير : ( مستدركا ) أقصد المجرمين .. المهم أن يعيش الشعب أزمة ويتطلع إلي من ينقذه منها .

الأمير    :لا..  لا أقبل مثل هذه الأساليب الملتوية ثم أن الناس ستصب لعناتها علي رأس أبي

الوزير :اطمئن جلالتك من هذه الناحية ..شعبنا طيب لا يدعو للموتى إلا بالرحمة .. ولا يفتح قديم الملفات ، وشعاره ما فات مات .

الأمير    :لا أحد ينسي الإساءة .

الوزير :أبدا الناس تنسي من أذاقها المر والضنك ، إذا أعطاهم بعض البحبوحة في العيش .. آراء الناس كحالة الجو .

الأمير    : ولكن هذه الألاعيب قد تضر أمن البلاد بالفعل ويطمع فيها القريب والبعيد.

الوزير : لقد عقد مولانا الراحل معاهدات صلح مع جيرانه . توفر لنا الأمن الخارجي دون عناء .

الأمير    : ولكن ثمنها الآن ضياع جزء من أملاكنا .

الوزير : سنسترده عندما تتحسن الأحوال .

الأمير    : كما أن المشاكل قد تؤدي إلي هياج الناس.

الوزير :  إنها مشاكل تحت السيطرة .. نعقدها في الوقت المناسب .. ونحلها في الوقت المناسب .

الأمير    : وإذا خدعنا الناس .. كيف نحافظ على احترامنا لأنفسنا بعد ذلك ؟

الوزير : يا مولاي نحن نعمل بالسياسة .

الأمير    :وما معنى هذا ؟

الوزير : معناه أن قليل من المكر لا يضر .. بل فيه مصلحة البلد والرعية .

الأمير    : مصلحة البلد والرعية في أن نخدع الناس ونضللهم ؟!

الوزير : نعم .. يا مولاي .. فعندما يخرج الناس من عسر إلي يسر ألا يشعرون بالفرح والارتياح والرضا عن أنفسهم وعن حكومتهم ؟.

الأمير    : ( ساخرا ) إذن نحن نقدم لهم خدمة عظيمة !

الوزير : بالضبط يا مولاي .

الأمير    : خدمة نستحق عليها الثناء .

الوزير : بالضبط يا مولاي .

الأمير    : لأننا كذبنا على الناس وسببنا لهم البؤس والألم .

الوزير : بل جعلناهم يتطلعون إلي غد أفضل .. يسعدون به عندما يتحقق.

الأمير    : ومتى يأتي هذا الغد الأفضل ؟

الوزير : عندما تتوج على عرش البلاد يا مولاي .

الأمير    : هل تستمر هذه الألاعيب طوال حكمي ؟

الوزير : نحن مضطرون يا مولاي  .. علينا أن نجعل الناس دائما يتطلعون...

الأمير    : ( مقاطعا ) لغد أفضل !

الوزير : بالضبط .

الأمير    : خبرني كيف تنام ملء عينيك ؟

الوزير : للضرورة أحكام .. نحن الساسة علينا أن نستبدل قلوبنا بقلوب من نحاس وإلا سينفرط عقد البلاد  .

الأمير    : إذن لا أمل في أن أكون حاكما عادلا.

الوزير : العدل المطلق لا يمكن تحقيقه .. لابد  لكل خطوة من ضحايا . .

الأمير    : إذا سارت الأمور هكذا لا أعتقد أني سأنام ..لذا أنا أفكر في التخلي عن السلطة

الوزير : لا يمكن يا مولاي .. لو فعلت ذلك لتفككت البلاد .. أنت الوريث الشرعي .. أنت من يجري في عروقه الدم الملكي المقدس ..

الأمير    :إذن لا مفر من الحكم .

الوزير : لا مفر .

الأمير : وإذا أردت أن أكون حاكما عادلا ؟.

الوزير : سنساعدك على ذلك .. وأرجو أن يحالفك الحظ .. المهم الآن أن تعد نفسك لحفل التتويج .

الأمير  : إن حالتي الصحية هذه الأيام  ليست على ما يرام ..كثيرا ما أحس بالألم يمزق أحشائي

الوزير  : هذا بسبب حزنك عل مولانا الراحل ولكن يجب أن تسترد عافيتك يا مولاي لتقوى على مهام الحكم .                      إظــــــــــــلام

المشهد الرابع

(جانب من الطريق العام  حشد كبير من الجماهير في انتظار موكب تتويج الفرعون .. زوجان يتناقشان ) .

الزوج  : الطرق كلها مزدحمة بالناس .. كأنه يوم الحشر .

الزوجة  : طبعا يا رجل فاليوم لا يتكرر  .. فالفرعون لا يتوج كل يوم .. ومن يشاهد الموكب فهو من المحظوظين .

الزوج  : ولكني تعبت من شدة الزحام .

الزوجة  :لا تدعى التعب الآن .. لتسرع لندرك موكب تتويج مولانا المبارك .

الزوج : هل تحبين أن أجري إمام الناس كأني طفل صغير .

الزوجة  : يا رجل هذه فرصتنا لنتبرك بطلعة مولانا الفرعون المقدسة .. إنها فرصة لا تتكرر

الزوج  : كيف أستطيع أن أري الموكب وسط هذا الزحام .

الزوجة  : سوف أحملك على كتفي عندما يقترب الموكب .

الزوج  : ماذا ؟ تحملينني على كتفك .. تريدين أن تجعليني أضحوكة بين الناس .

الزوجة  : وما العيب ؟ ألست زوجي ؟! لا تهتم بالناس فهم يعيروننا بأننا لا ننجب الأطفال  دون رحمة أو شفقة .. نريد أن ننجب أطفالا ونغيظهم .

الزوج  : (مسرورا )  لقد سمعت الكهنة يقولون إن من يشاهد موكب تتويج الفرعون يشفى من كل الأمراض .. وإذا كان عقيما ينجب .

الزوجة  : طبعا فالفرعون مبارك وهو منبع الخير في البلاد ولا تحدث صغيرة أو كبيرة إلا وله فيها يد .

الزوج  : إذن عليك أن تتطلعي جيدا للموكب عندما يمر.

الزوجة  : ( حانقة ) لماذا أتطلع أنا .. هل أنا السبب في عدم الإنجاب ؟ أنت السبب .

الزوج  : تصرين دائما علي أني السبب ؟ كيف عرفت ذلك ؟ لماذا لا تكونين أنت السبب ؟.. أنا رجل .

الزوجة  :رجل ؟ أنت المسئول فأنا من عائلة ولودة .. أمي أنجبت ستة عشر ولدا وبنتا .

الزوج : وأبي أنجب خمسة عشر ولدا وبنتا .

الزوجة : أي أقل من عائلتي.. ألم أقل إنك السبب ؟.

الزوج     : لو عاشت أمى لأنجبت المزيد .

الزوجة : لا تغيظني إذن وعلينا أن نركز في موكب الفرعون لتحل روحه وبركاته ويبث فينا من روح الإله " خنوم " واهب الحياة لنرزق ولو بطفل واحد .

الزوج :إني أدعو أن يتحقق ذلك من كل قلبي.. هل تظنين أني أقل منك شوقا إلي الأطفال.. أنا أسهر ليالي طويلة وأنا أحلم بمداعبة أطفالي .. أحلم بهم وهم يتقافزون في البيت ويركبون الحمار.. و يطاردون أبو قردان والفراشات ( يجهش بالبكاء ) ولكن ما بيدي حيلة .

الزوجة  : بل بيدك .. فأنت السبب.

الزوج :أنا أسلم برأيك يا ست الستات .. إذا أردت أن تتركيني وتتزوجي غيري فلن أعارض ..اذهبي إلي بيت أبيك وتزوجي من تريدين .. أنا لا أريد حقا أن أحرمك من هذا الأمل .

الزوجة  :( بدلال وإشفاق ) ولكني لا أستطيع أن أتركك .

الزوج  : لماذا ؟ ألا تزعمين أني السبب في حرمانك من الأطفال ؟

الزوجة : ألا تدري حقا لماذا ؟

الزوج : لا أدري.

الزوجة  : لأني .. لأني  أحبك.

الزوجة  : ( مندهشا فرحا ) حقا ؟!  ( يمر المنادي من أمام هذا الحشد بطبلته المعتادة وهو يصيح ).

المنادي  : أيها الناس انتبهوا وتيقظوا .. إن موكب مولانا الفرعون على وشك المرور من هنا في طريقه إلي المعبد حيث يتوج مولانا وإليكم التعليمات :

أولا : ممنوع  الاقتراب من موكب الفرعون ، لأن النور الصادر عن جلالته لا تتحمله عامة الشعب ، وسيحترق من يقترب .

ثانيا : لا يجب النظر طويلا إلي موكب مولانا الفرعون ، فالعيون لا تتحمل شدة نوره.

ثالثا : على كل صاحب عاهة أو حاجة أو مرض أن يدعو راجيا أن تناله بركات  الفرعون ومن لا تقضى حاجته أو لا يشفى مرضه ، فليعلم إنه من الضالين .. وعليه أن يستغفر بالقرابين .

رابعا : كل من يحاول إحداث شغب .. سينال أشد العقاب .. لذا لزم التنويه وعليكم الانضباط (يخرج مستمرا فى إذاعة تعليماته ).

الزوجة  : هل سمعت يا رجل ماذا يقول .. كل صاحب حاجة ينالها إذا نال رضاء الفرعون

الزوج  : نعم سمعت .. ولكنني لن أستطيع أن أشاهد موكب الفرعون وسط الزحام وهؤلاء العمالقة الطوال .

الزوجة  : لا تشغل بالك من هذه الناحية

( تحاول أن تحمله على كتفها.. يفر منها .. يذوبان وسط الزحام )



إظـــــلام



المشهد الخامس

(جانب آخر من الطريق العام..زحام كبير من الجماهير في انتظار مرور موكب الفرعون ..عجوز مريضة .. تتحرك بصعوبة بمساعدة ابنها )

الأم  : لقد تعبت يا بني .. دعني أجلس لأستريح .

الابن  : تحملي يا أماه .. تحملى قليلا .. حتى نصل إلي مكان يمكننا فيه روية  موكب الفرعون ولمسه ؛ لتحل بك بركته .. وتنالين الشفاء .

الأم  :  ( تجلس متعبة وسط الطريق ) لم أعد  أستطيع الوقوف يا بني .

الابن : لا يمكن الجلوس هكذا وسط الطريق .. الموكب سيمر من هنا .

الأم  : لم أعد أستطيع الوقوف.

الابن  : أمي..سيدهسك الناس بأرجلهم .

الأم  : لم يعد لي أمل في الحياة  من شدة الألم .

الابن  : ما يزال الأمل موجودا .. فاليوم يوم  مبارك ومن يدري.؟

الأم : لقد أعطانا الكهنة الكثير من  الوعود من قبل وما الفائدة ؟ ضاعت الأموال وازداد المرض.

الابن  : سيحل بك الشفاء اليوم بمشيئة الإله ورضاء الفرعون ( يمر المنادي وهو يذيع تعليماته على وقع الطبلة .. يقترب منه الابن ) .. سيدي إن أمي مريضة .. ولم يفلح معها علاج .. ألا يمكن أن تساعدنا أن يمسها موكب الفرعون ولو مسا خفيفا لتحل بها بركته ويشفي مرضها .

المنادي ( مندهشا ) يلمسها موكب الفرعون ؟.. هل أنت مجنون ؟! ألم تسمع التعليمات ؟

الابن  :أية تعليمات يا سيدي ؟!

المنادي  : لا يجب أن يتطلع أحد أو يقترب من موكب الفرعون .. لأنه لا يستطيع أن يتحمل شدة النور الصادر عن مولانا .

الابن  ( وهو يدس في جيب المنادي بعض المال ) ألا يوجد طريقة إذن يا سيدي ؟

المنادي : طبعا يوجد سوف أعطيك حفنة من التراب الذي يمر فوقه الفرعون مباشرة .

الابن  : وهل هذا سيجلب الشفاء ؟

المنادي  : يجلب الشفاء ؟! هل لديك شك في ذلك؟ هل تشك في بركات وكرامات الفرعون ؟ لو مر الفرعون بجوار مستشفى وأراد لمرضاها الشفاء يشفون في الحال .

الابن  يا لعظمة الفرعون .. هل سمعتي يا أماه ؟

المنادي  : وعندما تشفى أمك .. لابد أن تتذكرني .

الابن : طبعا سنحضر لك هدية كبيرة .

المنادي  : سيسعدني هذا كثيرا ..( ينصرف المنادي وهو مستمر في إذاعة تعليماته ) .



إظــــــلام



المشهد السادس

( الطريق العام في جزء ينعطف منه شارع جانبي..حشد من الجماهير .. زينات تملأ الشوارع ..يدخل المنادي من أحد جوانب المسرح وهو يصيح )

المنادي  : أيها المواطنون الكرام .. رجاء التزام الهدوء عند مرور موكب مولانا الفرعون وإتباع التعليمات التي نبهنا عليها .. ومن يخالف ذلك ذنبه على جنبه .

مواطن 1 : لقد سئمنا الأيام الماضية من هذا الضجيج والتعليمات ويبدو أنها حكاية بلا نهاية.

مواطن2  : وماذا يضرك من ذلك .. الناس تعيش في فرح ومرح .. دعهم ينسون آلامهم بعض الوقت .

مواطن 1  : ومن يدفع ثمن هذا ؟

مواطن3 : طبعا الحكومة التي تدفع .

مواطن1  : ومن أين تأتي الحكومة بالمال ؟.

مواطن2  : الحكومة لها طرقها ومواردها .

مواطن 1 : الحكومة لم يعد لها سوى أن تبتز الناس ..

مواطن 3 : كل شيء يهون من أجل مولانا الفرعون  فهو منبع كل خيرات البلاد ..

( تزداد صيحات الجماهير ... يدخل المنادي مرتبكا )

المنادي : الهدوء أيها الناس..الفرعون قادم ( يدخل موكب الفرعون... يجلس الفرعون علي كرسي محمول علي محفة في مستوي اليد الممدودة لأسفل..تحيطه الستائر من كل ناحية ما عدا التي تواجه جمهور المسرح ويسير بجواره الوزير وأفراد الحاشية ويبدو الفرعون متألما إلا أنه يحاول التماسك)

الأمير  : الألم يمزق أحشائي يا وزير .

الوزير  : تجلد يا مولاي .. لقد اقتربنا من الوصول إلي المعبد .

الأمير : لم أعد أستطيع .... أريد أن أذهب للحمام ... ابحث لي عن حمام في أي مكان.

الوزير  : حمام ؟!

الأمير  : أريد الذهاب إلي الحمام بسرعة .

الوزير  : لا يمكن يا مولاي ... لا يمكن أن يعلم  الشعب أن الفرعون يدخل الحمام .

الفرعون  : دعك من هذه المظاهر الآن .. الألم يمزقني .

الوزير : ليست هذه مظاهر يا مولاي .. ما يعلمه الناس أن الفرعون ليس بشرا مثلهم ..فهو لا يأكل و لا ينام ولا يذهب إلي الحمام..الفرعون لا يطرد إلا عطرا طيبا ..الفرعون منـزه عن أعمال البشر.

الأمير  : من غرس هذه الأفكار المجنونة  في رؤوسهم ؟ لابد أنه أنت .

الوزير  : لا يا مولاي إنها حقائق راسخة يتبادلونها منذ قديم الزمان .. الفرعون شيء والشعب شيء آخر .. الفرعون يجري في عروقه الدم الملكي المقدس .

الأمير  :الدم الملكي المقدس ..وما فائدة ذلك الآن ؟

الوزير  : تجلد يا مولاي ... تجلد ...لا تهدم كل شيء في لحظة .

الأمير  : أنا أتمزق أرجوك .

الوزير  : سأبحث عن مخرج يا مولاي ولكن بشكل مناسب ( يشير الوزير إلي المنادي ) فيأتي مهرولا يميل عليه الوزير هامسا.

الوزير  : ألا يوجد حمام قريب ؟

المنادي  : ( مندهشا ) حمام ؟!

الوزير  : ألم تسمع ؟ نريد حمام نظيف قريب من هنا .

المنادي  :  نعم يا مولاي يوجد حمام قريب من هنا ولكنه حمام عام ؟

الوزير  : وما المشكلة في أنه حمام عام ؟

المنادي  : أنت تعرف المصالح العامة يا سيدي خاصة الحمامات .

الوزير  : لا تتدخل فيما لا يعنيك  .. خبرني فقط أين هذا الحمام؟

المنادي       :  في هذا الشارع الجانبي .

الوزير   : ( هامسا للفرعون ) يوجد حمام عام قريب ولكنه قد لا يليق بجلالتك يا مولاي.

الأمير  : ( ساخطا ) ليس هذا وقت مقامات.. اسرع بي إلي الحمام .. أرجوك ..

الوزير  : دعنا نتدبر الأمر بطريقة لائقة  .

الأمير  : بسرعة أرجوك ( يحاول أن يبدو متماسكا رغم شدة الألم ).

الوزير  : سنخبر الناس يا مولاي أنك مهتم بصحتهم وسلامتهم ... لذلك ستذهب إلي الحمام لتفتش علي نظافته .

الأمير  : بسرعة إذن.

الوزير  : ( للمنادي ) اخبر الناس أن مولانا الفرعون سيذهب إلي الحمام ليفتش علي النظافة العامة لأنه مهتم بصحة الناس ( يبدو المنادي غير مصدق ولكنه ينطلق وكأنه جهاز آلي تم تشغيله ).

المنادي  : أيها المواطنون الكرام ... تعلمون أن مولانا الفرعون معني كل العناية بمصالح شعبه العظيم ..لذا فجلالته سوف يذهب إلي ( يبدو مرتبكا.. يميل للوزير ) إلي أين سيذهب الفرعون يا سيدي ؟.

الوزير  : ( حانقا ) إلي الحمام العام.

المنادي : سوف يذهب إلي الحمام العام ليطلع علي مدي العناية والاهتمام بصحة الشعب المصري الكريم .

أصوات عديدة : يحيا الفرعون .. يحيا الفرعون . (يتجه موكب الفرعون إلي الحمام ).

مواطن 1 : سُنة جديدة حقا أن يذهب الفرعون للحمام .

مواطن 2  : سُنة جديدة حميدة .. بادرة طيبة من مولانا أن يهتم بصحة شعبه .

مواطن 1  : لديّ شعور بأنها خدعة من خدع الحكام .

مواطن 3  : أنت دائما سيء الظن .. أسود القلب ..تفسر الأمور علي وجه السوء.

مواطن 2  : حاكم متواضع يحب شعبه .. ما الضرر في ذلك ؟

مواطن 1 : ولكن ليس لدرجة أن ينحرف وهو في طريقه ليتوج في المعبد ليفتش علي نظافة الحمام .

مواطن 3  : خبرنا إذن يا حكيم لماذا ذهب إلي الحمام ؟هل يوجد به كنـز مدفون سوف تنهبه الحكومة ؟ .

مواطن 1  : سأذهب إلي عامل الحمام .. فأنا أعرفه فقد عملت معه من قبل في تقوية جسور النيل .

مواطن 2 : وماذا تريد من عامل الحمام ؟

مواطن 1 : سأعرف سر الموضوع .. الفرعون يفتش علي الحمام ؟ بدعة جديدة هذه من بدع الحكام ! ( يدخل شخص مرتبكا من جهة الشارع الذي يؤدي إلي الحمام ويفاجيء بمواطن 1 بين الجماهير ) .

عامل الحمام : أهلا بصديقي العزيز ... ماذا تفعل هنا ؟

مواطن 1 : بل قل لي أنت ماذا تفعل هنا وتترك الحمام في مثل هذا الوقت ؟ هل فصلوك من عملك ؟

عامل الحمام : لا .. ولكن قال لي أحد رجال الحاشية ماذا تفعل هنا يا ابن الــ.....؟

مواطن 1  : أليس عملك هو الحمام ؟ !

عامل الحمام : نعم ولكن مولانا الفرعون بالداخل .

مواطن 1  : وهل وجد الحمام نظيفا ؟

عامل الحمام : بالطبع ... فهو نظيف دائما .

مواطن 1  : أنت عامل مجتهد .هكذا عرفتك قديما .

عامل الحمام : ليس الأمر موضوع اجتهاد .. الواقع أننا نمنع الناس من دخول الحمام ..وعلي كل حال الجميع يفضلون الخلاء .

مواطن 1 :خبرني .. هل زار أي فرعون من قبل الحمامات العامة ليفتش علي نظافتها ؟

عامل الحمام : يفتش علي نظافتها ؟ ! أبدا .

مواطن 2  : ألم نقل لك إن هذا الفرعون مهتم بمصالح الشعب.. فأخذ يفتش علي نظافة الحمامات حتى قبل أن يتوج .

عامل الحمام :( يضحك بسخرية ) وهل تظنون أن الفرعون دخل الحمام ليفتش علي النظافة ؟

مواطن 2   : نعم وإلا فلماذا سيدخل الحمام ؟

عامل الحمام :( ساخرا) يا لك من مغفل كبير .

مواطن 2 :أنا ؟ لماذا ؟

عامل الحمام : (ضاحكا) كنت أظنك ذكيا.. هل تعتقد حقا انه دخل الحمام ليفتش علي النظافة ؟

مواطن ا  :لا يوجد تفسير غير ذلك .. فالفرعون لا يحتاج لدخول الحمامات كبقية البشر .

عامل الحمام : ( مقهقها ) مغفل كبير ... ( يقترب منه هامسا ) لقد دخل الفرعون الحمام ليفعل كما تفعل الناس .

مواطن 1 : ليفعل كما تفعل الناس ؟ !

عامل الحمام : نعم يا سيدي ليفعل كما يفعل الناس .

مواطن 1  : الفرعون ؟!

عامل الحمام :  نعم ..الفرعون.

مواطن 1 : لا أصدق ... الفرعون لا يطرد إلا عطرا .. مسكا وعنبرا .

عامل الحمام : (مقهقها ) .. مسكا وعنبرا ...فلتذهب إذن للحمام .

مواطن 1 : لأشم المسك والعنبر ؟

عامل الحمام : فلتجرب وتخبرني .. أو لا تخبرني فأنا أعرف بحكم الخبرة .

مواطن 1 : هل تتكلم حقا ؟ أنت دائما مهزار .

عامل الحمام : يا مغفل ...يبدو أن الفرعون مصاب بالإسهال .

مواطن 1 : إسهال ؟! الفرعون ؟ غير معقول .

عامل الحمام : بل أنه مصاب بالإسهال ... أنا اعرف هذه الأصوات جيدا .

مواطن 1  : أصوات ماذا ؟

عامل الحمام : ( يقهقه ) أصوات ماذا؟! أنت طفل صغير ألا تعرف الأصوات التي يحدثها الناس عندما يصابون بالإسهال ؟ أنا أعرفها لذا طردني السادة الآن من الحمام .

مواطن 1 : الفرعون ؟ إنها نكته كبيرة .. نكتة العام .

عامل الحمام : سأنصرف الآن .. يبدو أن الفرعون سيغادر الحمام .. أمامي يوم طويل من التنظيف ( يخرج ) .

مواطن 1 (يهمس إلي مواطن 2 ) هل تعرف ماذا كان الفرعون يفعل في الحمام ؟

مواطن 2  : اعرف طبعا .. كان يفتش علي نظافة الحمام .

مواطن 1  : ( يضحك ساخرا ) لا يا مغفل.. لقد كان يفعل كما تفعل الناس .

مواطن 2  :الفرعون ؟

مواطن 1  : نعم يا سيدي .

مواطن 2  : الفرعون ؟ لا أصدق.

مواطن 1 : بل هذه هي الحقيقة .

مواطن  : ( يهمس إلي مواطن 3 ) هل تعرف ماذا كان  الفرعون يفعل في الحمام ؟

مواطن 3 : طبعا أعرف ...كان يفتش علي نظافة الحمام.

مواطن 2  : ( يضحك ساخرا ) مغفل كبير ... لقد كان يفعل كما تفعل الناس .

مواطن 3  : الفرعون ؟! جلالة الفرعون المقدس؟

مواطن 2  : بالضبط يا سيدي.

مواطن 3  : إنها كذبة ألفها صديقنا الساخط .. أليس كذلك ؟

مواطن 2  : بل هي حقيقة أخبره بها عامل الحمام.

مواطن 3  :(يهمس إلي احد المواطنين المحتشدين والذي تبدو عليه البلاهة بوضوح ) هل تعرف ماذا كان الفرعون يفعل في الحمام ؟

مواطن 4  :لا أعرف ولا يهمني أن أعرف.

مواطن 3  :بل سيسعدك أن تعرف .

مواطن 4  : لماذا يسعدني .؟

مواطن 3  : لان الفرعون كان يفعل كما تفعل الناس .

مواطن 4  : وماذا تفعل الناس ؟

مواطن 3  : ألا تعرف حقا .. ماذا تفعل الناس ؟

مواطن 4  : لا .. لا أعرف.

مواطن 3  : إذن..اسأل الناس.

مواطن 4 : ( ينشق مواطن 4 عن كتلة الجماهير ويواجهها) أيها الناس .. يوجد بيننا مغفل يقول إن الفرعون ذهب للحمام ليفعل كما تفعل الناس .. فهل يوجد مغفل فيكم يستطيع أن يخبرني ماذا تفعل الناس ؟ ( تضحك الجماهير المحتشدة في سخرية )

مواطن 5  : الفرعون يفعل كما تفعل الناس.. لا أصدق.

مواطن 6 : الفرعون منـزه عن هذه الصغائر .. الفرعون لا يطرد إلا مسكا وعنبرا .( يسود هرج بين الجماهير وكل يهمس إلي من بجواره وعلامات الاندهاش تملأ الوجوه )

المنادي  :  أيها المواطنون .. لقد انتهي الفرعون من التفتيش علي الحمام والاطمئنان علي سلامة شعبه .. وقد سر من نظافته .

مواطن 1 : هل أنت واثق من هذا الكلام ..؟ وهل تركه كما وجده ؟ ( تضحك الجماهير بسخرية ) .

المنادى  : (يتجاهل مواطن 1 متعمدا ) استعدوا أيها الناس الفرعون سيواصل مسيرته نحو المعبد ليتوج هناك حيث ينتظره الكهنة بالتاج الملكي المقدس .. فابتهلوا لتحل بركاته عليكم .

مواطن 1  : كما حلت في الحمام .

المنادي  : ( مغتاظا ) أي موضع ينـزله مولانا الفرعون تحل به بركاته .

مواطن 1  : لابد أن الحمام مليء الآن بالبركات .

المنادي  : ( يتجاهل مواطن 1 ) ولأن مولانا الفرعون مهتم بالشعب، فسيفتش علي كل الحمامات في طريقنا إلي المعبد .

مواطن 1  : إنه يوم الحمامات السعيد .

مواطن 2  : يمر علي كل الحمامات ؟ أيبدأ مولانا حكمه بالحمامات ؟

مواطن 3  : ماذا جري في البلاد ؟

مواطن 1  : الفرعون مصاب بالإسهال.

مواطن 2  : الفرعون يصاب بالإسهال ؟ وأين المسك والعنبر؟ !

مواطن1  : في الحمام .

إظـــــــلام

المشهد السابع

(قاعة في المعبد)

الأمير: (يجلس الأمير على كرسي التتويج.. يقف إلى جواره الوزير والعديد من رجال الحاشية والمعبد..يشير إلى الوزير فينحني) أيها الوزير اطلب من الكاهن الأكبر أن يعجل بالتتويج ... أحشائي تتقطع .

الوزير: توجد إجراءات لابد من إتمامها يا مولاي.

الأمير: فليقتصد في خطبته التي سيلقيها .

الوزير: سأحاول أن ألفت نظره.

الأمير: إنه يوم كئيب من أوله.

الوزير: صدقت يا مولاي ... فلا أظن أن ما حدث فيه سيمر بسلام.

الأمير: وماذا يمكن أن يحدث؟!

الوزير: كل الاحتمالات موجودة ... فالأسئلة تملأ عيون الناس.

الأمير: (متألما) اطلب من الكاهن أن يسرع بالتتويج.

الوزير: أمرك يا مولاي

(يدخل في تلك اللحظة الكاهن الأكبر ويسلم على الأمير ويتجه إلى المنصة ... يهمس الوزير في أذنه) باسم الإله .. تعلمون أننا نجتمع اليوم لشأن عظيم ... وهو تتويج فرعون جديد للبلاد ولست أود أن أذكر مدى فضل الفرعون على البلاد ... يكفي أن أقول لكم ..إن مصر هبة الفرعون ... ونرجو أن يهبنا الفرعون الجديد الحياة الكريمة النبيلة وأن يسمو بالبلاد كما فعل أسلافه الذين يشهد لهم كل ركن في البلاد بما قدموه لها من إنجازات.... ونظرا لكثرة مشاغل الفرعون .. حيث إنه يريد أن يتابع كل الحمامات (مستدركا) أقصد كل المشروعات في البلاد... فلن نطيل في حفل التتويج ... ولذا أطلب من حملة التاج أن يدخلوا به الآن

(يفتح باب كبير في وسط القاعة ... تتجه العيون إلى الباب المفتوح في انتظار دخول حملة التاج..لا يدخل أحد ... يدخل أحد الكهنة من باب جانبي ويتحدث إلى الكاهن الأكبر هامسا).

الكاهن         : سيدي ... هناك مشكلة كبيرة تواجهنا.

الكاهن الأكبر :مشكلة كبيرة؟ ما هي؟

الكاهن        : (مرتبكا) لقد سرق التاج.

الكاهن الأكبر:سرق التاج؟ كيف حدث هذا؟

الكاهن        :لا أدري يا سيدي ... ولكن هذا ما حدث فقد فتشنا كل أرجاء المعبد دون              

                 جدوى.

الكاهن الأكبر: وما العمل الآن؟ كيف نتصرف؟

الكاهن        : لا أعرف يا سيدي

الكاهن الأكبر: (يتجه إلى الوزير ويهمس في أذنه).

الوزير         : لا يمكن ... غير معقول.

الكاهن الأكبر: هذا ما حدث؟

الوزير         : وكيف تسمحون بذلك ؟ كيف يسرق التاج من معبد عليه حراسة مشددة ؟

الكاهن الأكبر: لا أدري يا سيدي.

الوزير         : وماذا نفعل الآن ؟

الأمير          : (يلاحظ انهماك الوزير والكاهن الأكبر في الحديث) ما لكما تتهامسان                            

                   وتتركاني كعروس هرب عريسها ليلة الزفاف.... ماذا حدث؟

الوزير        : (يقترب منه محاولا تفسير الموقف) الواقع يا مولاي إننا نواجه مشكلة كبيرة... فقد سرق التاج

الأمير        : سرق التاج؟ ولماذا لم تخبروني قبل أن أحضر إلى هنا؟ هل أردتم أن أكون أضحوكة بين الجميع؟

الكاهن     : علينا وزر كبير حقا يا مولاي ... ولكن ما العمل الآن؟ لذلك أقترح يا مولاي أن تشرفني وتقبل تاجي هذا ( يخلع الكاهن تاجه ويقدمه للأمير)

الأمير      :(يقف محتدا) لا أيها الكاهن ... لا يمكن أن أقبل ذلك

الوزير     :أنه حل وسط يجنبنا حرج الموقف يا مولاي

الأمير      :لا يمكن أن أتوج بغير التاج الملكي ... سنؤجل التتويج إلى يوم آخر (ينصرف )

إظـــــلام



المشهد الثامن

(غرفة في منزل بسيط.. يجلس مواطن2 ومواطن3 حول مائدة)

مواطن2: لقد كان اليوم يوما طويلا مضحكاًًً حقاً .

كواطن3: إنه أغرب حفل تتويج حدث في تاريخ البلاد.

مواطن2: الفرعون يدخل الحمام... شيء مضحك حقا .

مواطن3: لقد أصبحت هذه السيرة على كل لسان .

مواطن2: لقد نالت هذه الحادثة من مكانة الفرعون.

مواطن3: الحقيقة إنه لولا صديقنا المهزار ما انتشر الخبر... فهو الذي تحرى من عامل الحمام عن الأمر ثم نشر الخبر.

مواطن2: ولكن أين هو الآن ؟... لقد اختفى من وسط الصفوف دون سابق إنذار.

مواطن3: لابد أنه انتقل لمكان آخر ليشاهد موكب التتويج ... أو لينشر الخبر بين جمع آخر من الناس.

مواطن2: وهل الخبر في حاجة إلى من ينشره ... لا يوجد بيت في البلاد إلا وحديثه الفرعون والحمام (يسمع دقات على الباب).

مواطن3: قم وافتح الباب ... لابد أنه صديقنا المهزار .

مواطن2: (يقف ويتجه إلى الباب  فيدخل مواطن1 وفي يده صرة ) ما هذه ؟

مواطن 1: انتظر حتى أجلس وأستريح.

مواطن3: (يقف ويتجه نحو مواطن1) إلى أين ذهبت يا رجل؟

مواطن1: (يرتمي على الأرض .... يجلسان بجواره) كنت في المعبد.

مواطن2: في المعبد؟ يا لك من مغامر ... إذن احك لنا عما حدث في حفل التتويج.

مواطن1: لن يتوج الفرعون اليوم.

مواطن2،3: (في صوت واحد) لن يتوج ؟ لماذا ؟

مواطن1: لأن التاج سرق من المعبد.

مواطن2: (يضحك) التاج سرق من المعبد إنها نكتة ثانية.

مواطن3:  هذا الفرعون بائس ... بدأت أشفق عليه.

مواطن2: ومن هذا الذي تجرأ إلى هذا الحد حتى يدخل المعبد ويسرق التاج؟

مواطن1: (بفخر) أنا؟!

مواطن2،3: أنت؟

مواطن1: نعم ... التاج في هذه الصرة .

مواطن3:  توقف عن المزاح... وإلا طارت رأسك .. لابد أن رجال الحكومة الآن في كل مكان.

مواطن2: تتحدث وكأنك سرقت سنبلة قمح .. لا تمزح في هذه الأمور.

مواطن1: أنا لا أمزح .. افتحا الصرة وستجدان التاج .

مواطن3: (غاضبا محتدا) أنت مصمم على أن تهلك وتهلكنا معك .

مواطن1: لا تخافا من رجال الحكومة ... الحكومة تتآكل ...  افتحا الصرة .

مواطن2،3: (يمدان أيديهما إلى الصرة في توجس.. يفتحانها ويخرجان التاج يصيبهما الذهول)

مواطن1: هل تصدقان الآن ؟

مواطن2: هلاكنا مؤكد لا محالة ... لن نظل على قيد الحياة حتى نهاية النهار.

مواطن3: كنت دائما على يقين بأن نهايتي ستكون على يديك لماذا تسرق تاج الفرعون؟

مواطن1: سرقته بدافع الوطنية  .

مواطن3,2: ( في صوت واحد) الوطنية ؟! مرحى أيها اللص الوطني .

مواطن1: أليس هذا الفرعون مخادع محتال.. يوهمنا بأنه رجل يجري في عروقه الدم الملكي المقدس... بينما هو شخص مثلنا ... يأكل ويشرب وينام... ويذهب إلى الحمام... فلماذا إذن يستأثر بالسلطة دون بقية الشعب؟ مادمنا جميعا أولاد تسعه إذن فالأولى أن يترك لنا الأمر لنختار من يصلح للحكم

مواطن2: ولكن الفرعون تربى في القصر... وهو خبير بشؤون السياسة ودهاليزها.

مواطن3: ومن نعرفه خير ممن لا نعرفه .

مواطن1: هذا سلوك الأشرار ... لماذا لا نثق في أنفسنا؟ لماذا نحرم أنفسنا من حق الاختيار ؟لماذا نحجر على أنفسنا وكأننا عيال صغار ؟ثم أن هذا الفرعون لا يصلح لحكم زوجة ..لا دولة .. لقد سكتنا عن حكم أبيه رغم كل ما عانيناه من ذل وفقر ... لأنهم قالو لنا إنه فرعون يجري في عروقه الدم الملكي المقدس .. وأنه جاهد وكافح من أجل البلاد ... فما الذي يجعلنا نرضى بحكم هذا المدعي الأفاق؟

مواطن2: أنت مصر على الإطاحة برؤوسنا.

مواطن1: نموت من أجل مبدأ.. خير من أن نذبح كالشاه.. وهذا التاج لا يجب أن يحصل عليه إلا من يستحقه .

مواطن2: وكيف سرقته ؟

مواطن1: قلت لكم الحكومة تتآكل .. فقد غض حرس المعبد وكهنته أبصارهم عندما سرقت التاج.

مواطن2: إذن فقد عرفوا خبر الحمام.

مواطن1: وهم يقولون ..كيف نتوج هذا المخادع المحتال ؟

مواطن3: وماذا ستفعل الآن ؟

مواطن1: دعونا ننتظر لنعرف ماذا ستسفر عنه الأحداث.

مواطن2: سأذهب لأودع زوجتي وأولادي وداع النهاية.



إظـــــلام

المشهد التاسع

           (  قاعة في القصر.... الفرعون يجلس وحيدا واجما شاردا...يدخل الحاجب )

الحاجب: الوزير يستأذن في الدخول.

الأمير: فلتدعه يدخل.  (ينصرف الحاجب يدخل الوزير).

الوزير: كيف حالك اليوم يا مولاي؟.

الأمير: كما ترى أيها الوزير.

الوزير: أرجو أن تكون بخير؟.

الأمير: كيف تسير أوضاع البلاد؟.

الوزير: الحقيقة أن الناس في حالة هياج وغضب وسخط .

الأمير: بسبب الحمام؟!

الوزير: لقد أمرت رجالنا بقطع لسان كل من يذكر هذه الواقعة .

الأمير: (يضحك بمرارة) إذن سنقطع كل ألسنة الشعب.

الوزير: يجب أن ينصرف الناس لفعل شيء مفيد ... بدلا من ترديد الأقاويل.

الأمير: ياله من شعب بائس ... عقله معبأ بالخرافات والأوهام.

الوزير: مولاي ... إن تهاونك وعطفك الزائد مع الشعب جعل الناس يظنون في الحكومة الضعف .... حتى وصل الأمر إلى حد سرقة التاج.

الأمير: أيها الوزير لماذا لا نجرب أن نحكم الناس بصدق وصراحة ؟.

الوزير: بصدق وصراحة ؟ ... وكيف تنتظر أن يستقر الحكم بعد ذلك ؟

الأمير: مكاشفة الناس ومنحهم الحرية سيجعلهم يتحملون جزءا من المسئولية.

الوزير: إعطاء الحرية لشعب جاهل أشبه بإعطاء طفل صغير لهب من النار.

الأمير: وإفقار الشعب وسحق روحه ... بركان يوشك أن ينفجر في أي وقت.

الوزير: بالعكس ... الفقر هو خير أمان للسلطة... الجوعى لا يفكرون في الحكم ولا يرفعون عيونهم عن خشاش الأرض و...

الأمير: والى أي حد يتحملون ؟

الوزير: نحن نضبط الأمور بميزان حساس .

الأمير: وأين كان ميزانك الحساس عندما سرق التاج؟

الوزير: نحن نفتش الآن في كل مكان ... وسنعاقب المسئولين .

الأمير: أيها الوزير ... من صاحب السلطة الشرعي في هذه البلاد؟.

الوزير: (مبهوتا) أنت طبعا يا مولاي.

الأمير: هل أستطيع أن أعزلك ؟

الوزير: تعزلني؟ ... لا أظن ذلك يا مولاي .

الأمير: إذن ما قيمة أن أظل فرعونا للبلاد؟

الوزير: لا تنسى يا مولاي أنني احفظ لك كرسي الحكم ،كما أنني قدمت لعملي من التضحيات ما يعطيني الحق في البقاء في منصبي .

الأمير: إذن فأنت تعتبر وظيفتك حقا مكتسبا لا يمكن أن تتخلى عنها إلا بمشيئتك ... بينما يمكنك أن تخلعني ... أنت إذن أحسن حالا مني أيها الوزير ... لذا أنا أفكر مرة أخرى في ترك الحكم .

الوزير: لا يمكن يا مولاي ... لا يمكن للبلاد أن تستقر بدون فرعون .

الأمير: ولكن الناس يعتبرونني غير جدير بالحكم .

الوزير: سنجعلهم يؤمنون بك مرة أخرى.

الأمير: والثمن؟

الوزير: أن يبقى كل منا في منصبه.

الأمير: أشكر صراحتك أيها الوزير ... فمن ينقصه الشرعية لا يمكن أن ينظر في عيون الآخرين ... ستتكاثر الذئاب لا محالة.

الوزير:  أنت تقسو على نفسك وعلينا ... دع الأمور تسير كما نخطط لها ولا تقلق على حكمك.

الأمير: ولكن رائحة الفساد بدأت تنتشر في كل مكان ؟

الوزير: سنقضي على هذه الرائحة من منابعها فلا تقلق .

الأمير: وطبعا لن أستطيع أن أمس أي مسئول كبير في الحكومة ... ستظل كل الملفات القديمة مغلقة.

الوزير: لا طبعا يا مولاي سنفتح بعض الملفات القديمة لا تقلق كما قلت ودع الأمر لي.

الأمير: ولماذا بعض الملفات؟ لماذا لا نفتحها كلها ؟

الوزير: هذا ليس في صالحنا يا مولاي ... يكفي أن تختار بعض المسئولين لنقدمهم كقربان

الأمير: نقدمهم قربانا لمن؟

الوزير: للشعب يا مولاي ... ليدرك أن الحكم الجديد قوامه النزاهة والمحاسبة والعدل.

الأمير: أي نطهر الفساد بفساد جديد.

الوزير: مولاي أنا لم أعد أستطيع أن أتحمل الاستمرار في الوزارة بهذه الطريقة، إما أن تترك لي الحرية ... وإما أن تقبل استقالتي .

الأمير: تعلم أنني لا أستطيع أن أحكم بدونك في ظل هذه الظروف.

الوزير: إذن دع الأمر لي.

إظــــلام


المشهد العاشر

           ( مجلس الوزير .. يلتف حوله بعض المسئولين)

الوزير :تعلمون طبعا التطورات التي مرت بها البلاد أخيرا.

مسئول  :طبعا يا سيدي .. فلم تعد أوضاع البلاد تخفي علي أحد.

الوزير  :ولعلكم استنتجتم أن الأمور يمكن أن تسير للأسوأ.

مسئول 2 :لا يمكن أن نسكت عن ذلك يا سيدي .

الوزير  :الفرعون يلف حبل المشنقة حول عنقه وأعناقنا .

مسئول 3  : إنه يتصرف وكأنه طفل صغير والنتيجة استخفاف الرعية بشأنه وشأننا .

الوزير      :وفوق ذلك يريد أن يحطم كل القيم التي ورثناها .

مسئول 1 :حقا ... فهو لا يؤمن بالدم الملكي المقدس .

المسئول 2 :ويقول إنه أحد أفراد الشعب مثله مثل العوام.

مسئول3  : أخشي أن يكون هذا الفرعون ثعلب ماكر يتلاعب بنا جميعا .

مسئول 1 :كيف ذلك ؟

مسئول3  :ألا ترونه يحاول أن يتقرب إلي الشعب ويبتز عواطف الجماهير .. يقول إنه واحد منهم وسيبني لهم المدارس والطرق ويصلح المزارع والترع .

مسئول 2 :كل هذا لا قيمة له عند الشعب ما دام الفرعون لا يجري في عروقه الدم الملكي .

الوزير  :لقد زالت الهالة التي كانت تحيط بكرسي العرش وتحميه وتحمينا .

مسئول 1 :إذن كلنا في خطر .

الوزير  :لا شك في هذا .

مسئول 2 :وما العمل ؟

الوزير  :العمل في أيدينا ... ما دام الفرعون لا يجري في عروقه الدم الملكي المقدس ... ومادامت الهالة المقدسة قد زالت من حوله  فلماذا لا يتولى عرش البلاد شخص جدير بالحكم ؟.

مسئول 1 :ولكن لابد أن نختار شخص يجري في عروقه الدم الملكي المقدس .

الوزير  :الفرعون لم يترك سوي الأمير والأميرة ولا أظنهما يصلحان للحكم .

مسئول 2   : ولكن الشعب لن يتقبل شخص لا يجرى في عروقه الدم الملكى المقدس .

مسئول 3:نعم لابد من أن يتولى الحكم شخص له شرعية .

الوزير    :مسألة الشرعية هذه بأيدينا .. نستطيع أن ندبرها كيفما نشاء .

مسئول 1 : كيف ؟

الوزير     :     خبروني أولا ......من ترونه منا أصلح لتولي البلاد ؟

             ( يطرق المسئولون في صمت ... وكأن كل منهم يري نفسه جدير بالمنصب ولكنه غير قادر علي الإفصاح )

الوزير  :( منتهزا ترددهم) ما رأيكم لو رشحت نفسي للمنصب .

مسئول 1    :( بعد تردد ) ترشيح موفق يا سيدي .

مسئول 2    :سنكون جميعا خدمك المطيعين .

مسئول 3   :كلنا خلفك علي أن تعدنا بأن تحفظ ثرواتنا ومناصبنا بعد أن يخلص لك  الحكم .

الوزير  : بل أعدكم بأن أزيد ثرواتكم ..وأرفع مناصبكم .

مسئول 1  : ولكن ما العمل في مسألة الشرعية هذه ؟

الوزير   : ما رأيكم لو تزوجت الأميرة ؟

مسئول 2   : قرار صائب تماما ... وبذلك تكسب حكمك الشرعية دون منازع... فالأميرة يجري في عروقها الدم الملكي.. بعكس هذا الأمير الذي يبدو أنه ليس ابن أبيه       ( يضحكون ).

مسئول 3  : ولكن هناك أخبار بأن الشعب يريد أن يختار هذه المرة من يحكمه .

مسئول 1  : حقا يقول الناس مادمنا كلنا أولاد تسعة فلماذا يفرض علينا من يعتلي رؤوسنا؟.

الوزير   : هذا الشعب لا قيمة له ولا لآرائه ... فلا تحسبوا له وزنا .

مسئول 1   :ولكن الناس ساخطة حقا .

الوزير   :إنهم دائما ساخطون ولكنهم لا يتحركون ...إن ثاروا يثورون في أماكنهم ويكظمون غيظهم فينعكس بؤسا علي وجوههم ... ليس فيهم سوي ألسنة طويلة وعزيمة خائرة ...

مسئول 2: لقد سمعت إنهم سيشكلون لجنة لتلقي طلبات من  يريد أن يدخل السباق من أجل تولي حكم البلاد .

مسئول 1 : بدعة جديدة هذه ... يختار الرعاع من يتولى حكم البلاد ... إنها مهزلة أتمني أن أموت قبل أن أراها.

مسئول 3 :بدعة جديدة حقا لم نسمع بها في بلادنا من قبل .... آلاف السنين توالت علي بلادنا لم نسمع يوما أن الشعب كان له رأي في من يحكم البلاد .

مسئول 2  : ليس من حق الشعب أن يتدخل فيما لا يعنيه .

مسئول1    : من يتصور أن الجهلة البسطاء يقررون من  يصلح لسياسة البلاد ؟

مسئول 3  : والمضحك أنهم يقارنون أنفسهم  بالبلاد المجاورة ... يقولون إن شعب أثينا يختار من يحكمه ... أين نحن وأين هم ؟

مسئول 2  : شعبنا جاهل ساذج ... لا يصلح لأن يبت في الأمور العظيمة .

مسئول 1  : بين شعبنا وهذه الشعوب المتقدمة ألف سنة حتى يصل إلي مستواها الفكري .

مسئول 3   : وبعضهم يقول إن شعبنا أعرق شعب وهو أول من صنع الحضارة .

مسئول 2   : الحقيقة أن من صنع الحضارة هم  السادة دائما .. كل أثر في البلاد يدل علي انه  

                من نبع فكر السادة . لم يترك الرعاع شيئا له قيمة .

مسئول 1   : شعبنا جسد ضخم بلا عقل ... طفل ساذج بحاجه إلي من يوجهه .

الوزير    : دعونا من هذا الجدل لنتفرغ لما هو أهم.. فيجب أن نهيئ أمور البلاد وعقول الناس للحكم الجديد .

مسئول 3   : ليس هذا بالأمر الصعب عقول الناس عجينة طرية نشكلها كما نشاء، وأمور البلاد في قبضتنا .

مسئول 2   : والأميرة ؟

مسئول 1   : سوف تقبل الزواج من سيدي الوزير بلا تردد .

الوزير   : إذن استعدوا لمناصبكم الجديدة وضاعفوا حجم خزائنكم ( تسمع طرقات علي الباب ) .. ادخل  ( يدخل الحارس ) .. ماذا وراءك أيها الحارس ؟

الحارس  : مولاتي الأميرة تريد مقابلتك يا سيدي .

الوزير  : ( مرتبكا ) الأميرة ؟ .

الحارس   : نعم يا سيدي .

الوزير   : فلتدعها تدخل في الحال .. ( يخرج الحارس )

مسئول 1 : سوف ننصرف نحن يا سيدي .

الوزير  : يجب أن تتيقظوا جيدا في الأيام الآتية ( يخرجون .. وتدخل الأميرة من نفس الباب ... يتجه الوزير نحوها مرحبا )   .. مرحبا بمولاتي الأميرة .. لماذا لم ترسلي لي لأحضر إلي مجلسك يا مولاتي بدلا من أن تتعبي نفسك بالحضور إلي مجلسي المتواضع

الأميرة  : ما هذا الذي يحدث في هذه البلاد؟

الوزير : لاشك أنك تعلمين بما حدث في الأيام الأخيرة يا مولاتي .

الأميرة : إلي متي ستستمر هذه الفوضى ؟

الوزير : إلي أن يتبع مولاي الفرعون بعض الحزم في سياسة الناس .

الأميرة : ولماذا لا تنصحه وتساعده علي ذلك ؟

الوزير : مللت من النصح يا مولاتي .

الأميرة : إذن ما العمل ؟

الوزير : تعلمين أنه صاحب الحق الشرعي في حكم البلاد فهو من يجري في عروقه الدم الملكي المقدس .

الأميرة  : ولكنه لا يهتم بذلك .... فما العمل ؟

الوزير  : أن يحكم البلاد شخص قوي يجري في عروقه الدم الملكي المقدس.

الأميرة  : مثل من ؟

الوزير  : مثلك يامولاتي .

الأميرة :  أنا ؟

الوزير  : نعم يا مولاتى .

الأميرة  : ولكني لم أعد نفسي لهذا العمل .

الوزير :  ( مترددا ) أتقبلين الزواج منى لأعيد الأمور إلي وضعها السليم ؟

الأميرة  : تقصد أن نتخلص من أخي ؟

الوزير  : بل نضعه في مكان يناسب ميوله وهواياته .

الأميرة  : ولكنني سمعت أن الناس تريد أن تختار هذه المرة من يحكمها .

الوزير  : لا تهتمي بما يقوله الناس يا مولاتي  فكري فيما قلته لك .

إظــــــــلام

المشهد الحادي عشر

( قاعة القصر ..الفرعون يسير ذهابا وإيابا حائرا شارد الذهن يسمع صوت طرقات على الباب يدخل الحاجب)

الأمير  : ما الأمر أيها الحاجب ؟

الحاجب  : مولاي .. هناك أشخاص بالخارج لديهم مظالم يريدون عرضها على جلالتك .

الأمير  لتصرفهم إلي الوزير أو القاضي .. ليس لدي وقت لهذه  الأمور الصغيرة .. اصرفهم فورا ( ثم لنفسه ) لم يعد الشعب يخشى نور الفرعون .

الحاجب : لقد حاولنا يا مولانا .. ولكنهم أصروا على عرضها على جلالتك مباشرة

الأمير : هل الأمر خطير إلي هذا الحد ؟

الحاجب  : يبدو ذلك يا مولاي .. فهم يقولون إن حل مظالمهم في يد جلالتك .

الأمير  : فلتدعهم يدخلون بنظام

الحاجب  : أمرك يا مولاي ( يدخل الزوج الزوجة اللذين شاهدناهما في المشهد الرابع )

الزوجة  : مساء الخير يا سيدي

الزوج   : مساء الخير يا مولاي

الأمير    : يا سيدي أم يا مولاي ؟

الزوجة  : لن أقول لك يا مولاي أبدا .

الزوج  : لقد أخطأت وقلت لك يا مولاي ولكني لن أقولها بعد اليوم

الأمير  : لماذا كل هذا الغضب ؟

الزوجة     :لقد .....

الزوج : ( مقاطعا ) دعيني أتحدث أولا ( ثم يشير لبطنها ) ألست أب هذا الطفل ؟

الزوجة  : تحدث إذن دون أن تتردد

الزوج ( متشجعا) سيدي إننا نطالبك بدفع التعويض .

الأمير  : تعويض عن ماذا ؟ !

الزوج : عن الأموال  التي أخذها منا رجالك وخاصة الكهنة والمنادي الذي يطوف في الشوارع .

الأمير  : ولماذا اخذوا أموالكم  ؟

الزوجة  : لأنهم أوهمونا انك فرعون أصلى من دم ملكي .. وانك ستساعدنا على الإنجاب عندما تحل بركاتك  .. وخرجنا يوم حفل التتويج ووهبنا كل ما نملك للكهنة من اجل أن يهبنا الفرعون طفلا  نفرح به .

الزوج  : نعم وكادت زوجتي أن تطلقني ( مستدركا ) أقصد كدت أن أطلق زوجتي بسببك .

الأمير  : وما المشكلة ؟ فانا أري زوجتك حاملا .

الزوجة  : أنا كنت حاملا بك أو بدونك فلا تضحك علينا واعد لنا مالنا فقد اكتشفت أنني كنت حاملا حتى قبل أن تتوج .

الأمير  : وما ذنبي أنا ؟

الزوجة  : لقد تركتنا نصدق انك فرعون صاحب كرامات وانك ستهبنا السعادة .. بينما أنت لا تصلح لرعاية مجموعة كتاكيت .

الأمير : لكما ما تريدان ..( يعطيهما بعض المال ..ينصرفان ثم ينادي للحاجب ) ادخل المتظلم الثاني ( يدخل الابن هو نفسه الشاب الذي كان بصحبة أمه المريضة ) ما مظلمتك ؟

الابن  : لقد سرق رجالك أموالي  باسمك ؟

الأمير  : سرقوا أموالك باسمي ..كيف ؟

الابن  : قالوا إنك تهب الشفاء للمريض وتبرأ كل صاحب عاهة ولا يخيب من قصدك في حاجة ..

الأمير  : ثم ماذا ؟

الابن  : وهبت رجالك كل ما أملك خاصة المنادي .. فهو أكبر مضلل للناس .

الأمير  : ولماذا فعلت ذلك ؟

الابن  : لكي تحل بركتك بأمي المريضة فتشفى من مرضها .

الأمير : وهل شفيت أمك ؟

الابن  : لا بل ماتت في حفل التتويج .

الأمير  : يا للأسف .. وهل أنا مدين في ذلك .

الابن  : طبعا .. فلو كنت فرعونا حقا ما كنت تركتها تموت.

الأمير : إذن أنا مدين لك بتعويض .

الابن  : بدون شك

الأمير  : لك ما تريد ( يعطيه بعض الأموال وينصرف )  أيها الحاجب هل توجد  مظالم أخري ؟

الحاجب  : إنها صفوف طويلة يا مولاي .

الأمير  : كفانا هذا اليوم واصرف الباقين .

الحاجب  : سنحاول  يا سيدي  .

الأمير  : سيدي ؟! ألم أعد مولاك ؟.

الحاجب  : العفو يا مولاي لقد أخطأت .

الأمير : قل لي أيها الحاجب بصدق ما الذي تغير في ؟

الحاجب  : (خائفا)  لم يتغير فيك شيئا يا مولاي .

الأمير  : بل تغير الكثير أيها الحاجب حتى الطاعة لم يعد الموظفون يقدمونها لي عن رضاء ومحبة

  الحاجب   : كلنا طوع أمرك يا مولاي ..

الأمير  : طاعة لمجرد أداء الواجب .. قل لي بصدق ماذا تغير في ؟

الحاجب   : لقد ارتفعت مقاما يا مولاي .

الأمير  : ومع ذلك انحدر نفوذي .

الحاجب  : كلنا طوع أمرك يا مولاي.

الأمير  : ( هائجا ) لأنني الفرعون ؟

الحاجب  : ( خائفا ) طبعا يا مولاي .

الأمير  : ولأنني الشخص الذي يجري في عروقه الدم الملكي المقدس .

الحاجب  : طبعا يا مولاي.

الأمير  : ولأنني أهب الأطفال للعاقر .. وامنح السعادة لمن أشاء ؟

الحاجب  : طبعا يا مولاي.

الأمير  : ولأنني متميز عن بقية البشر ؟ فانا لا أكل ولا أشرب ولا أنام ولا أدخل الحمام.

الحاجب  : طبعا يا مولاي.

الأمير  : وإذا علمت أن كل ذلك أكذوبة .. غش .. خداع .. هل أصلح حاكما للبلاد ؟

الحاجب  : الواقع يا مولاي .. أن ..

الأمير  : لا تتردد  .. تكلم وأنت آمن

الحاجب  : لساني لا يطيعني

الأمير  : لقد أعطيتك الأمان .. تكلم

الحاجب  : الواقع يا مولاي .. إذا كان الأمر كما قلت فأنت لا تصلح لحكم البلاد

الأمير  : ( بعد تفكير ) حتى لو كنت شخصا صالحا ؟

الحاجب  : لا يمكن أن يخدع الناس شخص صالح .

الأمير  : إذن فأنا في نظر الناس مخادع محتال .

الحاجب  : العفو .. يا مولاي .

الأمير : لا تخف .. خبرني يصدق ماذا يقول الناس عني .

الحاجب  : يقولون إن الفرعون ليس ابن أبيه ؟

الأمير  ( يرددها بأسي ) الفرعون ليس ابن أبيه ؟ الفرعون ليس ابن أبيه ؟ ابن من يكون ؟

الحاجب  :  تقول الناس إن من يجري في عروقه الدم المقدس لا يمكن أن يدخل الحمام .

الأمير  ( ساخرا ) وما الخطأ في أن يدخل الفرعون الحمام ؟

الحاجب  : الفرعون يجب أن يكون فوق البشر  .. هكذا علمونا

الأمير : حتى ولو كان ظالما مستبدا ؟

الحاجب  : لابد أن لديه ما يبرر ذلك .. هكذا علمونا.

الأمير : حتى ولو كان سكيرا عربيدا ؟

الحاجب  : لابد أن لديه ما يبرر ذلك .. هكذا علمونا

الأمير  : حتى ولو كان مهملا متواطئا مع الأعداء ؟

الحاجب  : هو أدري بالمصلحة العليا للبلاد .. هكذا علمونا ؟

الأمير  : حتى لو تسبب في إفقار شعبه ؟

الحاجب  : يقلون إن هناك من هو أشد فقرا  .. هكذا علمونا

الأمير  : بعد كل هذا هل لديك استعداد لطاعة هذا الفرعون لمجرد انه يجري في عروقه الدم الملكي المقدس ؟

الحاجب : على هذا نشأنا وهكذا علمونا

الأمير : فكل صغيرة وكبيرة في بلدنا مرتبطة برقبة الفرعون .

الحاجب  : البلاد بدون الفرعون جماد .. هكذا علمونا

الأمير  : إذن فانا في نظر الناس الآن مجرد فقاعة.. وهم خادع ؟

الحاجب  : الحق يا مولاي .. الناس في صدمة .

الأمير  : ويرون طبعا أنني لا أصلح للحكم .

الحاجب : يقولون إذا كنا كلنا أولاد تسعة فلماذا يستأثر الفرعون بالحكم دون بقية الشعب ؟.. والبعض يطلب اللطف والرحمة .

الأمير  : كلنا أولاد تسعة.. كلنا أولاد تسعة ..يا له من قانون عادل ، ألا تعتبر نفسك جديرا بحكم البلاد أيها الحاجب ؟

الحاجب  : أنا مواطن بسيط يا مولاي ., للحكم رجاله

الأمير  : ألست ابن تسعة أشهر مثل غيرك ؟

الحاجب  : ولكني لم أتخيل نفسي فرعونا للبلاد .

الأمير  : ألا يصلح الوزير مثلا ليشغل كرسي العرش ؟

الحاجب  : إذا كان لي أن اختار .. فانا أفضل الموت عن الحياة تحت حكم الوزير .

الأمير  : لماذا ؟

الحاجب  : لأن عروقه ملئية بالدم الفاسد الملوث بالذنوب التي ارتكبها.

الأمير  : إذن كيف تختار من يحكم البلاد ؟

الحاجب  : يقولون إن بعض زعماء الشعب يشكلون لجنة تعطي الحق للشعب في أن يختار من يحكمه

الأمير وإذا رشحت نفسي لهذا السباق هل من المحتمل أن أفوز ؟

الحاجب  : هذا يعتمد على أشياء كثيرة يا مولاي

الأمير  : دعنا نجرب  ونري

إظــــــلام



المشهد الثاني عشر

( نفس المنظر في المشهد الثامن يجلس مواطن 1 ومواطن 2 ومواطن 3 )

مواطن2  : ( غاضبا ) أنا لا أدري  من أين تأتي بأفكارك الشيطانية هذه ؟!

مواطن 1  :طبعا من عقلي .

مواطن 2 : ألا يفكر  عقلك هذا إلا في طريق يدمرنا بها ؟

مواطن 1  : وما العيب في أن يطالب الناس بحقوقهم ؟

مواطن 3 : أنت إذن تحرض الناس علي الثورة .

مواطن 1  : بل أشجعهم علي المطالبة بحقوقهم بدلا من هذه البلادة التي يحيون فيها

مواطن 3   : بالثورة ؟

مواطن 1   : بل بالعقل والإقناع .. فإذا كان هذا الفرعون لا يصلح للحكم ... فلماذا لا يختار الناس من يصلح بدلا منه ؟

مواطن 2   : ومنذ متي والناس لها رأي في من يحكم البلاد ؟

مواطن 1   : منذ  أدركوا أن الفرعون يأكل ويشرب وينام ويدخل الحمام .

مواطن 3  : ولكن هذا لا يعني إننا نستطيع أن نقرر أمر خطير مثل اختيار من يحكم البلاد ..من نكون نحن بجوار هؤلاء السادة العظماء ؟

موطن 1  :نحن من يرفع هؤلاء العظماء علي رءوسنا ... عظمتهم بنيت علي أكتافنا ونستطيع أن نهدمها لو أردنا .

مواطن 2 :  أنت حالم

مواطن 1  : وهل أنتما راضيان عن هذا الفرعون المحتال ؟!

مواطن 3  : طبعا لا .

مواطن 2  : إن دمي يغلي منذ أن علمت انه يريد أن يخدعنا جميعا .

مواطن 1  : ومع ذلك لا تريدا أن تفعلا شيئا لتغييره .

مواطن 3   : ومن نكون نحن ؟.. قطرة في بحر .. ذرة في جبل .

مواطن 1  : إذن لا أمل في غد أفضل.

مواطن 2   : ولماذا نورط أنفسنا ؟ لدينا زوجات وأولاد .

مواطن 1  : إذن لا توافقان علي أن يخرج الناس إلي الشارع ليطالبوا بحقوقهم .

مواطن 1 : سوف تحصدهم السيوف وتخرقهم السهام .

مواطن 2  : إذن ما رأيكما لو كانت الناس لن تفعل شيئا ؟

مواطن 3  : كيف ؟

مواطن 1  : إذا كانوا قد عجزوا عن الحركة..... فسنطلب منهم السكون .

مواطن 2 : السكون..... كيف ؟

مواطن 1  : بألا يفعلون  شيئا .

مواطن 3  : لا نفهم ماذا تريد ؟

مواطن 1  : سأشرح لكما ... موظفو الحكومة من أي الطوائف يأتون ؟

مواطن 2   : من الشعب .

مواطن 1  : جنود الشرطة من أين ؟

مواطن 3   : من الشعب .

مواطن 1   : وعسكر الجيش من أين ؟

مواطن 2            : من الشعب .

مواطن 1   : ومعلمو المدارس من أين ؟

مواطن 3   :  من الشعب .

مواطن 1 : والزراع والتجار والصناع من أين ؟

مواطن 2 : من الشعب .

مواطن 1 : إذن فالشعب هو كل شيء ... نحن نجلد أنفسنا ونفرغ جيوبنا بأيدينا ونملأ عقولنا بالسخافات بإرادتنا .

مواطن 2  : إذن فنحن نار تأكل بعضها بعضا .

مواطن 1  : ثم نبكي ونقول .. الحكومة تظلمنا .. نحن يا سادة نظلم أنفسنا .

مواطن 3   : وماذا تريد من وراء كل ذلك ؟

مواطن 1   : أن يستيقظ الناس .

مواطن 2   :  وبعد أن يستيقظوا ؟

مواطن 1  سيكون بإمكانهم أن يعطوا التاج لمن يستحقه دون خوف

مواطن 3  لا أظن الحكومة ستسكت عما تريد ؟

مواطن 1  :  أنت لم تفهم بعد.. من تكون الحكومة بدون الشعب ؟. الشعب هو كل شيء .. وكما قلت لو أراد وصمم سينال كل ما يريد .

مواطن 3  : ولكننا لم نفهم ما علاقة كل هذا بالفرعون الجديد ؟

مواطن 1  : لابد أن نجبر الحكومة علي أن تمنح الشعب الحق في أن يختار من يحكمه ..مادمنا كلنا أولاد تسعة .. فلا بد أن نختار الأصلح للحكم .. يجب أن يقول الشعب كلمته ..وعلينا أن نوضح للناس حقوقهم وأن نمنح تاج العرش لمن يستحقه .

مواطن 2  :  سيكون هذا التاج أعظم من كل تاج سبقه .

مواطن 1 : طبعا فهو تاج الشعب .. فهل أنتما معي ؟

مواطن2 ، 3 : دعنا نفكر .

مواطن 1 :  ( يبدو عليه التعجب والذهول )

إظـــــــــــــــلام


المشهد الثالث عشر

( نفس المنظر السابق بعد بضعة أيام مواطن 1 ومواطن 2 يجلسان )

مواطن1 :  الأمور لم تتضح حتى الآن عن طبيعة المرشحين .

مواطن 2 : طبعا فهو منصب خطير لابد لمن يقدم عليه من التفكير.

مواطن 1 : علي كل من يجد في نفسه القدرة علي النهوض بالبلاد أن يتقدم ... وللشعب بعد ذلك أن يختار .

مواطن 2 : هل تعلم ما يقوله بعض الناس خاصة الساسة ؟

مواطن 1 : ماذا يقولون؟

مواطن 2 : يقولون إن الشعب من البلاهة بحيث لا يستطيع أن يقرر الصالح من الطالح .

مواطن 1 : دعك مما يقولون وعلينا وعليك أن نستعد للمساهمة  بفاعلية  في هذه الحركة الجديدة وأن نشارك في لجنة اختيار المرشحين .

مواطن 2 : ولكن لماذا لا ترشح نفسك ؟

مواطن 1 : أرشح نفسي ؟  أنا ؟

مواطن 2   : نعم ماذا يمنع .. ألست تستطيع النهوض بالبلاد؟

مواطن 1 : لم أفكر في هذا الأمر.

مواطن 2 : أنا شخصيا سأختارك إذا رشحت نفسك .

مواطن 1 : لكني حقا لم أفكر في ترشيح نفسي .

مواطن 2 : ولماذا كنت تفعل كل ما فعلت .. أنت من كشفت للناس زيف الفرعون .. ومن منعته من التتويج .. كما أنك أيقظت عقول الناس النائمة .. أنت من نريده لبلادنا يا صديقي .

مواطن 1 : الأمر يحتاج إلي تفكير .. فالمنصب كما قلت خطير وعبئه ثقيل .. . وخاصة أن الامتحان هذه المرة عسير  ( صوت دقات علي الباب)

مواطن1 : ادخل ( يدخل مواطن 3 )

مواطن 3 : هل سمعتما أخر الأنباء.

مواطن 2 : خيرا .؟!

مواطن 3 الفرعون.

مواطن 1 : ما شأنه ؟

مواطن 3 : يريد أن يرشح نفسه للحكم .

مواطن 2 : يرشح نفسه .. كيف ؟

مواطن 1 : وما الخطأ في ذلك .. له الحق كمواطن أن يرشح نفسه كبقية المواطنين .

مواطن 2 : بعد كل ما فعله بالبلاد ؟

مواطن 1 : من حقنا ألا نختاره .. لن يجبرك أحد علي اختياره .

مواطن 2 : ألا يكفي ما فعله  أسلافه بالبلاد .. تريد للفساد أن يستمر ويتضخم .

مواطن1 : إذا كان القانون يسمح له بالترشيح ... فلا يجب أن يحرمه أحد من حقه .

مواطن3 : أنا لا أوافقك أري أن هذا الفرعون المزعوم قد بالغ في الاستهزاء بالناس .

مواطن 2 : لابد أن نمنعه من الترشيح بأي ثمن .

مواطن 1 : القانون يعطيه الحق في الترشيح .

مواطن 2 : عقول الناس ساذجة وأكتافهم  تحن لنير الاستعباد قد ينساقون وراء الخداع والتزييف خاصة وأن للفرعون بطانة قوية من أصحاب المصالح .

مواطن 1 : القانون هو القانون .

مواطن 2 : يجب أن نمنعه من الترشيح بأي ثمن وفي رأيي أن سهم واحد ينقذ أمه .

مواطن 1 : سهم واحد ينقذ أمه .. ماذا تقصد ؟

مواطن 2  : أنت تفهم ماذا أريد .

مواطن 1   : إذا بدأ نزيف الدم ... من يستطيع أن يوقفه ؟!

مواطن 2   : ولكن مستقبل أمة في خطر .. وسهم لن يكلفنا الكثير .

مواطن 2   : أمامنا فرصة حقيقية لنكون أمه راقية  .. تسير بعقلها لا بقلبها .. لماذا لا نحاول بالفكرة ؟

مواطن 2 : لا تتعب نفسك ... سهم واحد يوفر علينا الكثير .

مواطن 1 : هذا السهم إذا انطلق فسيصيب كبد الأمة لا الفرعون...أنت تطعن في عقول الشعب ... تصادر علي قدرته في الاختيار .

مواطن 2 : وأنت تنتظر الحصاد في صحراء جرداء .

مواطن 1  ليس الغيث بالأمر المستحيل .

مواطن 2 : شعبنا ضل الطريق علي يد الخونة وليس من المتوقع أن يهتدي للطريق القويم في يوم وليلة .

مواطن 1 : دع الناس تختار وتتحمل مسئولية اختيارها .

مواطن 2 : اخشي أن نراهن علي قضية خاسرة .

مواطن1 : أملي عظيم في الشعب فلنطلق سهم الفكر ولتحتفظ بسهمك في جعبته

إظــــــلام



المشهد الرابع عشر

( ساحة المدينة  .. الأمير والوزير  ورجال الحاشية ومواطن 1 ، 2 ،3 وحشد ضخم من الجماهير)

الأمير  : (غاضبا ) لا أدري لماذا تحتج علي دخولي سباق الحكم ... إن من حقي أن أرشح نفسي كبقية المواطنين .

مواطن 1 : باعتباري رئيس اللجنة التي تتلقي طلبات المرشحين فمن حقك أن تدخل سباق الحكم .

الأمير  : ولماذا تريدون إذن منعي؟

مواطن 2  : ( ساخرا ) لا نستطيع أن نمنعك يا مولاي أنت مواطن تأكل وتشرب وتنام وتدخل الحمام ( تضحك الجماهير ) .

الأمير  :(حانقا ) إذن من حقي أن أدخل السباق .

مواطن 1 :لا يستطيع أحد أن ينازعك في ذلك .

الأمير  : ولكني أحس إنكم توافقون علي دخولي السباق بصدر ضيق ( تتصاعد صيحات الجماهير  ) .. مالكم لا تجيبون ؟

مواطن 1  :يا سيدى ليس الموضوع موضوع حب أو كراهية ..القانون قانون.. والقانون يعطيك الحق في أن ترشح نفسك .

الأمير  : وإذا نجحت هل سترضون عن حكمي ؟

مواطن 1  : واجبنا يحتم أن نفعل ذلك .

الأمير   : لمجرد الواجب .. وليس عن رضا وقبول .

مواطن1 : سنفعل ما يمليه علينا العقل ... القانون هو القانون .

الأمير  : إذن سيكون حكمي شرعي من الوجهة الرسمية مرفوض من الوجهة الشعبية  في رأيك .

مواطن 1 :مرفوض علي الأقل من العقلاء .

الأمير      : لماذا؟ مادمت سأرشح نفسي  مثل غيري وستختارني الرعية .. أين الخطأ ؟

مواطن 1  : هذه الرعية تهيأ عقولها لاستقبال حكمك حتى قبل أن تولد، صحيح أن القانون يعطيك الحق في أن ترشح نفسك .. لأننا وضعنا  قواعد قانونية صارمة .. القانون محك صادق ثابت لا يجامل.. لكن الأخلاق لا تبيح لك ترشيح نفسك .

الأمير  :وهل يتعارض القانون والأخلاق ؟

مواطن 1 : أحيانا.

الأمير  كيف ؟!

مواطن1 : مثلا القانون يبيح  للشخص أن يتصرف في ماله كأن يمنح كل ثروته لأحد أبنائه لكن الأخلاق تستنكر ذلك ..

الأمير  : إذن ترشيحي أمر تستنكره الأخلاق .

مواطن 1 : بالضبط يا سيدي.

الأمير  : لماذا ؟

مواطن 1 : لأنك بدأت السباق قبل الآخرين.

الأمير  : بدأت السباق قبل الآخرين ؟‍ ‍‍‍ يبدو أنك لم تدرك أن السباق لم يبدأ بعد .

مواطن 1  : بالنسبة لك بدأ منذ سنوات .

الأمير  : بالنسبة لي أنا بالذات.. لماذا ؟

مواطن 1  : لأنك جئت للحياة وكرسي العرش يعد لاستقبالك وقبله هيأت قلوب وعقول الناس .. موظفو القصر والشعراء والكهنة والنحاتون والدجالون  يروجون عنك منذ سنوات كل الصفات النبيلة الخارقة .. إذا ابتسمت يتوقع الناس هبوب النسيم فماذا تنتظر من الناس بعد ذلك .. لقد بدأت السباق مبكرا حقا يا سيدي .

الأمير : ولكن ما ذنبي أنا ؟ أنا لم أختر أن أكون ابن الفرعون .

مواطن 1 : وما ذنب البسطاء من الناس الذين صيغت عقولهم منذ ولدوا ولم يهيأوا إلا للطاعة والخضوع ؟ إنهم يرونك كيانا كبيرا خلابا ... لمجرد انك ابن الفرعون لا يستطيعون أن يميزوا إذا ما كنت ماسة نقية أو فقاعة ماء .

الأمير  : ومعني ذلك أن هناك احتمال كبير أن أفوز في السباق إلي الحكم .

مواطن 1  : في ظل الظروف الحالية .. من المؤكد أنك ستفوز ..هناك ألف بوق وبوق يهلل من أجلك فماذا يمنعك من الفوز ؟ السذج كثيرون.

الأمير : السذج ؟ ألن أفوز إلا بأصوات السذج .

مواطن1 : هذا رأيي.

الوزير : ( يتدخل الوزير حانقا ) يا مولاي أري انك أطلت الحديث معه المتمردون يطالبون كل يوم بتنازل جديد حتى ولو خالف القانون ... ولن يمنع أحد الفرعون من الترشيح الأمر يرجع له في النهاية .

الأمير  : سأحتكم لرأي الشعب قبل أن أرشح نفسي

الأمير : ( يتجه الأمير للجمهور المحتشد ويمكن الاستعاضة عن الجمهور بالمتفرجين وتوزيع بعض الأفراد بينهم .. كما يمكن ترك الأمر للصدفة تماما ولنتوقع ردود الفعل ).

الأمير   : أيها المواطنون الأعزاء ... تعلمون التغيرات التي طرأت علي البلاد في الفترة الأخيرة فهل توافقون علي ترشيحي ؟

صوت   : نعم يا مولاي نوافق .. لقد ولدت من أجل الحكم . أنت الأمل والسند .

صوت أخر : ليس من حقك أن تدخل السباق .. أنت وهم .. خرافة حفروها في رؤوسنا لنصدقها .. فقاعة فارغة .

صوت أخر  : لا فرعون إلا أنت يا مولاي .. لقد اختارتك الآلهة .. فكيف لا نختارك أنت قدرنا العظيم .

صوت أخر : فلتنصرف أيها اللص ...يكفي ما فعله أبوك من خراب في البلاد .

صوت أخر : يا مولاي بيدك القانون وبالأخرى الأخلاق فاختار ما تشاء .

الأمير  : إذن الأمر لي ؟

الصوت  : نعم يا مولاي ( يستغرق الأمير  في التفكير)

الوزير : لا تنساق وراء الرعاع .. سينهشون عظامنا لو تركنا الحكم ؟

الأمير  : علي أن أختار بين القانون والأخلاق .

الوزير  : لا تفرط في حقوقنا .. أرواحنا معلقة بقرارك .

الأمير  : (يعرض عن الوزير ويتجه للجمهور ) أيها المواطنون النبلاء ..لن  أتحفكم بخطبة طويلة ولا كلمات جوفاء ... باختصار أنا لن أرشح نفسي ... ما دمنا نبحث عن الحرية ... فعلينا أن نتخلص من الحيل والألاعيب والأعذار .. لا يجب أن نكسي الباطل ثوب الحق ثم نصدق أنه الحق .

( تتصاعد صيحات الجماهير )

ســــتـــــار

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption