جماليات الرفض في مسرح محفوظ عبد الرحمن
مجلة الفنون المسرحية
جماليات الرفض في مسرح محفوظ عبد الرحمن
جماليات الرفض في مسرح محفوظ عبد الرحمن
القاهرة - الخليج
تلح النظرة الثقافية على أن كل الدراما والمسرح والفن والثقافة عموماً هي «سياسية»، فكل نظريات ما بعد البنيوية في الفن، والنظريات الماركسية في المجال الإيديولوجي والتفكيكية والنقد الثقافي، تجعل الجميع منشغلاً بالتعرف إلى الشخصية السياسية الثقافية، من هنا يشير عبد الغني داود في كتابه «الأداء السياسي في مسرح محفوظ عبد الرحمن» إلى أن أعمال الراحل محفوظ عبد الرحمن المسرحية تؤكد تسييس المضمون، وهي ليست بمعزل عن الواقع، وأنها تسعى إلى توضيح علاقاتها بالواقع المحيط بها، لكن بشكل غير مباشر، اختارته لنفسها، فمادة مسرحياته ذات طابع سياسي، وتقدم نوعاً مختلفاً من العلاقة مع شيء مختلف عن السياسة، إذ ربما يكون المسرح سياسياً دون أن يكون كذلك، بمعنى أن المسرحية ربما تقدم مسائل سياسية أو تبرزها، بنفس الطريقة بالضبط، وكأنها مسرحية تقدم موضوعا عن الحب أو الفقر أو الجنون.
يشير داود إلى أن المسرح السياسي ليس بالضرورة مرادفا للمسرح اليساري، لكن مسرح محفوظ الذي جاء في أواخر السبعينيات هو مسرح الرفض، ويحمل جماليات هذا الرفض، من خلال ملامح الشخصيات والسخرية ولغة الإشارة والإيماءات، وهو ليس المسرح السياسي الذي يعنيه «غروين بسكاتور» في كتابه «المسرح السياسي» الذي يعلن فيه عن أصول المسرح الجديد المسمى بالملحمي، والأساليب الملحمية في المسرح.يوضح داود أن السياسة في مسرح محفوظ عبد الرحمن لا تأخذ أشكال المسرح السياسي أو التسجيلي في المسرح الغربي وإنما القضية الأساسية في مسرحه، وموضع الرعاية في فنه، هي قضايا إنسانية، قضايا العدل والوعي والضمير، والبحث عن مكامن القوة والمقاومة لدى المقهورين، والفساد الذي يطيح بالحضارات والشعوب ويهدم الكيانات، وهو من أشد الكتاب إخلاصاً لهذه القضايا، وقد حاول في مسرحياته، أن يثبت صلابة لافتة في وجه تقلبات الزمن، خاصة تقلباته السياسية، لأنه تناول قضايا جوهرية تظل تواجه الإنسان العربي، وتؤرقه، كشفاً للحقيقة وبحثاً عن تسمية الأشياء بأسمائها، ومن هنا وطد علاقته بالماضي والتاريخ والأسطورة، خاصة أنه لم يكن يكتب الدراما التاريخية بالمعنى الحرفي بل أعمل خياله كيفما يشاء، في وقائع الحياة، أياً كان التاريخ أو التراث، لينسج نسيجاً خاصاً لعالمه الدرامي الخاص به، مستلهماً مفردات التراث العربي بما ينطوي عليه من إسقاطات سياسية ذات رؤية عصرية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق