وائل علي.. أن تصنع مسرحاً في زمن الحرب
مجلة الفنون المسرحية
وائل علي.. أن تصنع مسرحاً في زمن الحرب
باريس - العربي الجديد
"مشهد تكرر ثلاث مرات في مئة سنة"، هكذا يصف المخرج السوري وائل علي جزءاً من تفاصيل عرضه "عنوان مؤقت"، الذي ينطلق اليوم في مدينة ليون الفرنسية ويتواصل لثلاثة أيام في مهرجان "سونس آنتيردي" SENS INTERDIT، الذي يستقبل عروضاً من مختلف أنحاء العالم.
هذا المشهد وفقاً لما يقول علي في حديثه لـ"العربي الجديد" هو أن "يدخل رجل إلى البيت يجمع الحقائب مع زوجته، يأخذان الأولاد ويتركان البيت هاربين من الحرب إلى مدينة مجهولة أخرى". المشهد الذي يتحدث عنه المسرحي، تعرفه هذه المنطقة من العالم جيداً وقد تكرر في حروب مختلفة من فلسطين ولبنان والعراق وسورية وليبيا والجزائر...إلخ، حتى ليبدو وكأنه صورة مألوفة في ألبوم عائلي كبير.
يضيف علي "إن العرض يبدأ من حكاية عائلة مهاجرة على ثلاثة أجيال، بدأت هذه الهجرة عام 1917 حين هاجرت من أورفا إلى حلب، ثم عادت وهاجرت من حلب إلى بيروت ثم رحلت من بيروت عام 1976 أي مع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية إلى السويد".
هذه القصة هي قصة عائلة المسرحية اللبنانية كريستيل خضر، الشريكة في كتابة النص والتمثيل، والتي استلهمت موضوع العمل حين عثرت على شريط "كاسيت" قديم فيه رسالة صوتية مسجلة من أقاربها الذي وصلوا إلى مدينة سويدية عام 1976 إلى أهلها في بيروت.وائل علي وكريستيل خضر في مقابلة عن العرض
المخرج جمع حكاية عائلة خضر بحكاية فريق العمل، الذي أصبح شريكاً في الوقوف على الخشبة أيضاً، فمن المفارقة أن كل فرد في فريق المسرحية يعيش في بلد أو مدينة مختلفة، شتات الفريق هذا بين لبنان وفرنسا وألمانيا (خالد ياسين فنان الموسيقى والصوت، بيسان الشريف التي اشتغلت على السينوغرافيا، حسن البلخي مصمم الإضاءة، وطوني جعيتاني الفنان المسؤول عن الفيديو)، هذا الشتات جعل من مسرحية علي وخضر عملين يدوران على الخشبة في وقت واحد؛ الأول حكاية الهجرة في هذه المنطقة من العالم من خلال حكاية عائلة خضر، والثاني عرض عن مهنة المسرح وإنجاز عمل مسرحي في زمن الحرب، أسئلة عاشها المسرحيون دائماً لا سيما بعد الحربين العالميتين، ويعيشونها اليوم ويطرحها فريق "عنوان مؤقت" نفسه على الخشبة.
سبق وأن قدم علي مسرحية بعنوان "ما عم إتذكر" التي استمر عرضها عدة سنوات، كان آخرها مطلع هذا العام قبل أن ينهمك في العمل على "عنوان مؤقت". عن المشترك بين المسرحيتين يوضح علي: "يعتمد العرضان على الحكاية الواقعية وينشغل موضوع كل منهما بأسئلة الذاكرة"، ولكن العمل الجديد الحالي "يتطرق كما قلت إلى حكاية الفرد المهاجر وحكاية المسرحي المهاجر في زمن الحرب".
لا شك أن موضوع المسرح في الحرب يجر عدة أسئلة؛ بدءاً من الجمهور، فمن هو جمهور المخرج المسرحي المنفي أو اللاجئ أو المهاجر؟ وما هو موضوع المسرح في المنفى؟ ومن هو مموله؟ وما هي العقبات التي تقف في وجهه؟ وكيف يلتئم فريق عمل من بلاد عدة لإنجاز مسرحية؟
أما حول المشاركة في مهرجان "سونس آنتيردي"، فيقول علي إن المهرجان هو المكان الذي التقى فيه خضر قبل عامين، في أحد العروض التي قدمتها، وأنه مهرجان شريك في إنتاج العمل أيضاً، وأهميته تكمن في أنه يحقق هذه المصادفات المسرحية، وأنه يتيح مشاهدة عروض من تجارب وبلاد مختلفة.
بدورها تقول الممثلة والكاتبة المسرحية خضر في مقابلة مصوّرة معها حول المسرحية "السؤال هو ماذا يمكن أن يفعل المسرح اليوم؟ مع وجود كل حكاياتنا على خشبة المسرح، وانطلاقاً من السؤال لماذا نقوم بعمل مسرح اليوم؟ وما هي الحاجة والضرورة إلى العمل المسرحي".
وتضيف "ما لا نريده حقاً أن يفهم هذا العرض باعتباره عن لبنان وسورية انطلاقاً من تجربة البلدين في الحرب، إنه عرض عن: ماذا نفعل حين يكون كل شيء يسقط من خلفنا وينهار؟ وكيف نتعامل مع ذلك مسرحياً؟".
0 التعليقات:
إرسال تعليق