أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 6 مايو 2018

"أنا وحدي " *مسرحية للأطفال تأليف منصور عمايرة

مجلة الفنون المسرحية


الأعمار 10-12 


الشخصيّات :
غريب 
الراوي
سلمى
شمس 
لينة
الأم 
رفاق غريب


اللوحة الأولى

( المسرح ... ساحة خالية... تسمع أصوات أطفال ) 
الراوي : " يدخل متمايلا ، وهو يلتفت يمنة ويسرة ... يهرول بأطراف المسرح من اليمين إلى اليسار..." أنا أحب الأطفال ، وأخرج لرؤيتكم ، لأني أحبكم .
الأطفال : " يرحبون بالراوي بالصوت والتصفيق والتلويح بالأيدي " 
الراوي : شكرا ، شكرا ... سأروي لكم حكاية... حكاية جميلة. 
الأطفال : هيّا هيّا.  
الراوي : " وهو يضحك " أنا سعيد بفرحكم. 
الأطفال : " يصفقون ويحضون الراوي، ليبدأ حكايته " 
الراوي : حسنا حسنا، حكاية ولد صغير يدعى " غريب " ، نعم غريب ما بالكم تندهشون ؟ نعم اسمه " غريب " كان له أصدقاء ، وقرر في يوم من الأيام أن يبتعد عنهم ، ورفض رجاءهم كي يعود إليهم، كان يبخل عليهم باللعب معهم ، هذا كل ما في الأمر ، ولم تنته الحكاية هنا، ذات يوم زارته الريح وتحدثت إليه وصادقته ، وذات يوم زارته الشمس وتحدثت إليه وصادقته ، وذات يوم زارته قطرة الماء وتحدثت إليه وصادقته، ولم تنته الحكاية هنا ، دب الخلاف بين الريح والشمس وقطرة الماء ، وتحاكموا لدى غريب ... نعم ، لا تندهشوا لا تندهشوا ، صار غريب حكما بين الريح والشمس وقطرة الماء... " يصمت وهو يلتفت يمنة ويسرة " لن أقص لكم القصة بنفسي ، سنمثلها ما رأيكم . 
الأطفال : " يصفقون وهم يستحسنون ما قاله الراوي " 
الراوي : " وهو يضحك " أنا سعيد بكم ، سنمثلها لكم الآن، 
تمثل سلمى دور الريح.
تمثل شمس دور الشمس.
تمثل لينة دور قطرة الماء.
يمثل غريب دور غريب.
" يلتفت يمنة ويسرة ، يبدأ بالتمايل " 
كان في البلدة طفل يدعى غريبا 
لم يكن من رفاقه قريبا 
قال سأرحل عنكم 
وأترك " الحارة " لكم 
لدي ألعاب كثيرة 
كبيرة وصغيرة 
إنها لي وحدي 
لن يلعب بها غيري
هناك في الكوخ عاش وحيدا 
ولم يعد من رفاقه قريبا 
كان غريبا 
ودعاه رفاقه غريبا 
" يلتفت يمنة ويسرة ، يتمايل ، ينتقل من مكان إلى آخر عرجا " 
"حدرج بدرج 
ناقة تعرج "
الأطفال : " يضحكون " الراوي يعرج.
الراوي : " وهو يضحك " هيّا نبدأ " وهو يخرج عرجا " 
حدرج بدرج 
حدرج بدرج
"  يخرج " 
***

اللوحة الثانية
 ( بيت غريب، صالة استقبال، يجلس هناك غريب وأمه )
غريب : سأعتزل في الكوخ يا أمي ، لأبقى هناك وحدي. 
الأم : ورفاقك ؟
غريب : لا أريدهم .
الأم : ألا تريد رفاقك ؟
غريب : نعم .
الأم : ولمَ ؟
غريب : إنهم ... إنهم يضايقوني ويضيقون علي التمتع باللعب ، والتمتع بألعابي الخاصة وحدي ومن دون مشاركة أحد ، ولهذا سأعتزلهم وأعيش وحدي في كوخ بعيد عنهم لا يعرفون أين أكون ، ولا أريد أن أبقى بينهم . 
الأم : تعيش وحدك؟
غريب : كل يوم منذ الصباح، آخذ ما أحتاجه، وأذهب إلى الكوخ الخشبي الذي ابتناه والدي قبل عامين... أرجوك يا أمي لا تشغليني بهم.
الأم : " تصمت، وتبدو غير راضية بما قاله غريب " حسنا، سأحضر لك ما تحتاجه كل يوم ، لتكون وحدك بعيدا عن الآخرين.
غريب : " يبدو فرحا "  شكرا لك يا أمي. 
***

اللوحة الثالثة

( المسرح ... كوخ ... هناك غريب يعتزل الآخرين ، وتحيط به ألعابه الخاصة، ولديه ما يحتاجه من طعام وشراب )
غريب : " يبدو فرحا وهو ينتقل من لعب إلى آخر، ومن لعبة إلى أخرى ، وفي أوقات تناول الطعام يجلس وحده، ويتناول طعامه من دون مشاركة الآخرين ، ويغني وحده، ولا يسمع صوتا يشاركه في الغناء، ويبقى يتأمل المكان والسماء وحده من دون رفقة تؤنسه... يحدث نفسه " 
مضت عشرة أيام وحدي في هذا الكوخ لا يشاركني أحد، ولا يعاندني أحد ، ولا يطلب مني أحد شيئا ، ولا يأمرني أحد بشيء ، أفعل ما أريد وقتما أريد... إنها حياتي الخاصة التي أحبها.
" وهو يجلس  خارج  الكوخ  وحده ، تهب ريح قوية حركت 
أغصان الأشجار، وتساقط ورق الشجر ... يسمع صوت الريح " 
سلمى " الريح " : " تدخل فتاة تقف أمام غريب " 
أتحسب هذه حياة ؟ حقا أنت غريب !
غريب : لست غريبا .
سلمى " الريح " : أنت غريب .
غريب : أرجوك لست غريبا... وأنا لا أريدك أن تبقي هنا ، أنا اعتزلت الآخرين ، ونأيت بنفسي كي لا يشاركوني بحياتي أبدا ، وهذا الكوخ لي وحدي ، ابتناه أبي وهو ملك خاص ، وهذه الأرض لنا ، فأرجوك ارحلي من هنا.
سلمى " الريح " : سأرحل يا غريب ، ولكني أردت أن أحدثك قليلا ، أرجو أن تستمع إلي.
غريب : " يبدو مضطربا " حسنا ، ولكن قولي كلمتك بسرعة ، وامضي من هنا بسرعة . 
سلمى " الريح " : " تبدو حزينة " حسنا حسنا، سأفعل. 
غريب : ما بك ؟ لا يهمني حزنك هيا قولي لي ما هي كلمتك؟
سلمى " الريح " : أنا حزينة لأني مررت ببيتك، ورأيت رفاقك يسألون أمك عنك،  فتخبرهم بأنك ذهبت إلى الكوخ ، لأنك تقوم بعمل في الأرض، أليس هذا ما طلبته من أمك ، لتخبر به رفاقك؟
غريب : أنت تخبريني بما أعرف .
سلمى " الريح " : نعم .
غريب : أهذا كل ما لديك ؟
سلمى " الريح " : نعم هذا كل ما لدي .
غريب : هيا ارحلي .
سلمى " الريح " : سأفعل ، ولكن، ألا ترى أنك تتعب أمك؟ هي تحزن عندما تفارقها كل يوم منذ الصباح، ولا ترجع إلا في المساء ، وتحزن أكثر كلما جاء واحد من رفاقك يسأل عنك ، فتضطر أن تخبرهم بأنك تعمل في الأرض ، ولكنها لا تعلمهم بأنك تعتزلهم ، وتحزن لأنك تعيش وحدك... كيف بك تعيش وحدك ؟ أنا الريح التي تسافر من مكان إلى آخر ، وكلما ابتعدت عن مكان سرعان ما أشتاق لرؤيته من جديد ، فتراني أعود مسرعة، وأنت تعرف بأني دائمة التواجد في كل مكان، أتعرف لماذا؟
غريب : لا أريد المعرفة .
سلمى " الريح " : لأني لا أستطيع العيش منفردة وحيدة.
غريب  : ولِمَ لا وأنت تستطيعين ذلك ؟
سلمى " الريح " : لا أستطيع ، لأن هناك من يريدني أن أبقى إلى جانبه ، وأزوره دائما ، لأقص عليه أقاصيص الأماكن وحكايات الآخرين. 
غريب : ألديك أقاصيص ؟
سلمى " الريح  " :  نعم ، لــدي  الكثير مــــــن الأقاصيص ، 
وأحملها من مكان إلى آخر ، تستطيع أن تقول عني بأني الراوي الذي يروي الحكايا ، فيفرح بها الصغار والكبار، أنا أخلق القصص والحكايا ، أسمع الآخرين يرددونها صباح مساء ، في أفراحهم وأحزانهم ، في أعمالهم وانشغالهم ، الحياة مليئة بالحكايا ، ولا نريد أن نبقيها في صدورنا ، ليعرف عنا الآخرون ماذا يوجد في نفوسنا ، أتعرف لِمَ ؟
غريب : لِمَ ؟
سلمى " الريح " : لأننا نحس بالراحة كلما شاركنا الآخرين بإحساسنا... وفي اللعب، أنا أتمتع وأتمتع كثيرا باللعب مع الآخرين ، أتعرف بأني لا أستطيع البقاء فترة قصيرة من غير اللعب ، ومشاركة الآخرين في كل الأشياء التي أستطيع فعلها؟
غريب : لدي ألعاب وأنا ألعب بها وحدي .
سلمى " الريح " : أنت تخاطب نفسك وحدك يا غريب .
غريب : الألعاب تكلمني . 
سلمى " الريح " : تقصد أنك تكلمها .
غريب : تكلمني وأكلمها.
سلمى " الريح " : تكلمها أنت، وتفرض عليها أن تسمعك ما تريد أن تسمعه أنت !
غريب : المهم، إنها تكلمني ولا تخاصمني .
سلمى " الريح " : نعم لأنك تحب نفسك، وهي لا تخاصمك .
غريب : أليس من الأفضل أن أعيش وحدي وأكلم ألعابي؟
سلمى " الريح " : " تقاطعة " تكلم نفسك بما ترغب. 
غريب : أفضل من مشاكسة الآخرين لي .
سلمى " الريح " : الآخرون يشاركونك الحياة .
غريب : أنا أعيش حياتي .
سلمى " الريح " : وحدك ؟!
غريب : معي ألعابي ، ترافقني دائما .
سلمى " الريح " : وحدك .
غريب : " يبدو غاضبا " لست وحدي ... لست وحدي؟!
سلمى " الريح " : لا تريد أن تقتنع بأنك وحدك يا غريب.
غريب : " يبدو مضطربا " كيف ؟
سلمى " الريح " : أتساعد أحدا ؟
غريب : لا أريد مساعدة أحد... وأنا لا أؤذي أحدا. "يصمت ويبدو مترددا" ولكن كيف؟ 
سلمى " الريح " : أنت تمنع الآخرين من اللعب برفقتك .
غريب: يضايقوني، ويسقطوني على الأرض، ويستحوذون على ألعابي الخاصة، إنها ألعابي، وأنا ابتعتها .
سلمى " الريح " : إذن أنت ترفض مساعدة الآخرين . 
غريب : كيف ؟
سلمى " الريح " : عندما تحرمهم من اللعب معك، تحرمهم من الفرح والسعادة ، ألا تعرف أن الصغار يحبون اللعب كثيرا، والكبار يحبون اللعب ، ولكن الصغار يحبون اللعب أكثر من الكبار . 
غريب : أنا أحب اللعب ، ولهذا لدي الكثير من الألعاب .
سلمى " الريح " : أعرف هذا وأرى ألعابك الكثيرة .
غريب : ولكنك تظلميني ، أنا أعتزلهم خوفا منهم .
سلمى " الريح " : ولمَ الخوف . 
غريب : أحب ألعب وحدي، وهكذا أتجنب شرورهم .
سلمى " الريح " : ولماذا الشر يا غريب ؟ اللعب ليس شرا، دع الآخرين يلعبون معك، ويلعبون بألعابك، التي لا يستطيعون شراءها ، أنت تعرف أنهم غير قادرين على امتلاكها ، أخبرني ، كم واحد منهم يستطيع شراء دراجة ؟
غريب : " يصمت " 
سلمى " الريح " : ها أنت ذا تصمت، لأنك الوحيد القادر على شراء دراجة ، لهذا  رأيتهم  اليوم قلقين على غيابك ، وقلقين على حرمانهم من اللعب معك .
غريب : هم يرافقوني، لأن لدي ألعابا ؟ 
سلمى " الريح " : لا ، إنهم يرافقونك ، لأنهم بحاجة إلى لعبك معهم،  يريدون سماع صوتك وكلماتك ، ويريدون مشاركتك لهم، ويريدون أن تتجمعوا معا من أجل أن تكونوا سعداء وفرحين .
غريب : لم يعد هذا الشيء يعنيني .
سلمى " الريح " : سأرحل من فوري . " ترحل حزينة غاضبة ويسمع غناؤها "
هبي يا ريح علينا
وانقلي أغانينا 
للشجر والحجر 
وأبناء البشر 
نسمع من بعيد صوت الغنا
ونعيش حب وسعادة وهنا
نسمع أغاريد الطيور 
وتراقص العصفور 
غني للشمس والجدول 
غني للشمس والجدول
موجة البحر تنادي 
تعانق القلب والأيادي
يا طالع الجبل 
هيّا إلى العمل
يا زارع الثمر 
انظر ضو القمر
غريب : " يبدو مندهشا، يردد غناء الريح "
هبي يا ريح علينا 
وانقلي أغانينا 
للشجر والحجر 
وأبناء البشر 
" يصمت قليلا، ثم يلعب بألعابه وحده "
***








اللوحة الرابعة
 ( المشهد كما في اللوحة الثالثة )   
( يتساقط القليل من المطر )
لينة " قطرة الماء " : " وهي تقترب من كوخ غريب ، توقفت وبدأت تتحدث إليه بصوت أجش " أنت تعيش وحدك هنا!
غريب : " يبدو مندهشا " من أنت؟ 
لينة " قطرة الماء " : عجبا! ألا تعرف قطرة الماء ؟ كأني بك تتجاهلني !  
غريب : " كأنه لم يسمع ما قالته لينة " كنت آمل أن تمطري أكثر .
لينة " قطرة الماء " : تعبت، وأنا غاضبة .
غريب : ولِمَ ؟
لينة " قطرة الماء " : لا أسمع من يمدحني ، قلة هم من يمدحوني على  عملي المتعب ، والباقون ينظرون إلي على أني أقوم بواجبي فقط.
غريب : هذا صحيح ، فأنت تأخذين أجرك . 
لينة " قطرة الماء " : هب أن هذا صحيح ، لكني عندما أتوقف عن العمل يكيلون لي المديح ، ويهللون لي لأعود ، فأعود إليهم ، ويعودون لطبعهم القديم ، أنا تعبت، وأريد مدحا.
غريب : نعم نعم .
لينة " قطرة الماء " : شكرا لك ، أنت تؤيدني ؟
غريب : نعم .
لينة " قطرة الماء " : تؤيدني بتوقفي عن سقيا الآخرين ؟
غريب : " يصمت قليلا " ماذا ؟ 
لينة " قطرة الماء " : أراك غيّرت رأيك ؟
غريب : الآخرون بحاجة للماء .
لينة " قطرة الماء " : لا ، سأعتزل الآخرين كما تفعل أنت ... سأعيش غريبا ، دعني أقول لك إن فكرة العيش وحدي غريبة وبعيدة تراودني منذ مدة ، لهذا أفكر بالإقامة بعيدا عن الآخرين، أو دعني أقول لك؛ أفكر ببناء كوخ لي في الأرض الخلاء، وأعيش به وحدي... " تضحك " لا أهتمّ برأي الآخرين ، ولا يعنيني مدحهم أو ذمهم ، سأكون مثلك، سأرقص وأغني وحدي : 
السقاء يعيش وحده 
لا شيء يعكر صفوه
غريب : ولكنك ستحرم الصغار من غنائهم :
جاء السقاء يحمل قربه 
خلوا الطريق من دربه
يسقينا يروي عطشى
بغيابه الكل حيرى
هيا هيا هيا اسقينا 
من ماء القربة اروينا 
دع العطش يجافينا
يا سقاء يا سقاء 
املأ بالماء الوعاء
لك من قلبي الدعاء 
لينة " قطرة الماء " : أرجوك لا تذكرني بالصغار .
غريب : لدي رأي .
لينة " قطرة الماء " : ما هو ؟
غريب : اسقي الصغار فقط.
لينة " قطرة الماء " : الصغار يعيشون برفقة الكبار ، عندمــا يأخذون المــاء سينقلونه  إلـــى  بيوتهم ، ويعيش فــي 
البيوت الصغار والكبار . 
غريب : تناسي أنهم يفعلون هذا.
لينة " قطرة الماء " : كيف أتناسى ؟
غريب : تذكري أن الصغار يشربون الماء الذي تجلبينه، إنهم لا يستطيعون العيش من دون ماء.
لينة " قطرة الماء " : لا أستطيع.
غريب : ولمَ تراقبين الآخرين؟
لينة " قطرة الماء " : الآخرون يأخذون تعبي ولا أسمع المدح منهم " تصمت " بصراحة، القليل منهم يمدحني وهو يقول شكرا لك يا سقاء ، وبعضهم ينقطني أجرا زيادة ، وبعضهم يسقيني ويطعمني ، لكن بعضهم يقول لي بصوت جلف وفيه قسوة : لماذا تأخرت اليوم ، كدنا نموت عطشا، وأنت تعملين بأجر ، ويضع الأجر بيدي، ويقول بصوت خشن خذ أجرك ، وبعضهم يماطلني بالأجر وهو غاضب، هؤلاء هم آباء الصغار، عندما يصل الماء إلى بيوتهم حتما سيستعملونه، عندئذ أخدم من يذمني... لا أريد خدمتهم... سأعتزلهم في كوخ صغير مثلك تماما.
" تخرج "
غريب : تمهلي قليلا هيا نتكلم ... يا خسارة ! تذهب قطرة الماء مغاضبة لا تريد سماع أحد ، ولكن، أليس من حقها هذا الغضب ؟ وأنت  غضبت وتركت الآخرين ، لكني لست مثل قطرة الماء ، الماء مفيد جدا للآخرين والكل يطلبه ، صحيح في وقت الشتاء القارس ، قد يسمع أحدهم يتذمر من هذا المطر ، ويفزع إلى النار لتحميه منه ، لكنه عندما ينقطع المطر يصبح الآخرون مرضى وعطشى ، ويبدأ القلق يحيط بهم ، أما أنا لا أقارن بالمطر أبدا.  
***



اللوحة الخامسة  
 ( المشهد كما في اللوحة الثالثة )
شمس " الشمس " : " تنادي من بعيد " غريب غريب .
غريب : " يبدو مضطربا "
شمس " الشمس "  : غريب غريب ، أين أنت يا غريب... جاءتك الشمس زائرة ، وبرفقتك راغبة.
غريب : ما الأمر أيتها الشمس ؟
شمس " الشمس "  : أريد الابتعاد عنهم . 
غريب : عمّن ؟
شمس " الشمس "  : عن الآخرين .
غريب : كيف ؟
شمس " الشمس "  : لا أريد رفقتهم .
غريب : تعيشين وحدك ؟
شمس " الشمس "  : نعم مثلك ، اسمع هذا السر ، سأخاصم الريح وقطرة الماء. 
غريب : " يصمت " 
شمس " الشمس "  : لا تندهش ، دعني أخبرك ، إنهما تنبهان الآخرين، ليسدلوا الستائر على نوافذهم؛ ليمنعوني من ولوج بيوتهم . 
غريب : أنت تؤذينهم !
شمس " الشمس "  : لا ، هم بحاجتي يا غريب .
غريب : نعم، هم بحاجتك، ولكنهم يتأذون من شعاعك أحيانا .
شمس " الشمس "  : تقصد يحبوني ؟
غريب : نعم .
شمس " الشمس "  : إذن ، من يحب لا يكره.
غريب : ليس كرها أيتها الشمس ، ارفقي بهم قليلا ولا تكوني غريبة قاسية عليهم.
شمس " الشمس "  : لا ، لا ، سأكون غريبة ولا أحفل بهم.
غريب : وماذا ستفعلين ؟
شمس " الشمس "  : سأعتزل هنا قربك ، وسأبني لي كوخا بعيدا عن الآخرين مثلك تماما.
غريب : ولكنهم يغنّونك ، وهذا يعني أنهم يحبونك .
شمس " الشمس "  : سأرحل الآن ، لأبني كوخي بعيدا عنهم. لا أريد أن يشاركوني بألعابي الخاصة ، هي ملكي وأنا أملكها ، ساعتزلهم، سأبتعد عنهم ، سأبقى وحدي ، لا أريد مشاركتهم لي بألعابي ، لا أريد... " ترحل وهي تردد أغنية الصغار"
شمست الشميسه 
على البيت والعريشه 
على الجبل والوادي
تنادي كل الصحاب 
انهض انهض ياكسلان
لا تبقَ دوما حيران
خذ المعول والمحراث
لنجني أطيب خيرات
بالحب والأمل والحبور
لا نبقي شبرا من بور
نزرع أرضنا بالخير 
مع ضو الشمس والطير
شمست الشميسه
غريب : " يردد "
شمست الشميسه 
على البيت والعريشه 
***










اللوحة السادسة
 ( ساحة خالية قرب كوخ غريب ) 
( هناك سلمى " الريح "،  ولينة " قطرة الماء "، وشمس " الشمس "، وكل واحدة تخاصم الأخرى )      
غريب : " يبدو مضطربا متنقلا بين سلمى ولينة وشمس... يتوقف فجأة وهو يخاطب سلمى " ليس من حقك أن تنزوي بعيدا عن رفاقك.
سلمى " الريح " : " تصمت " 
غريب : هناك آخرون بحاجتك ، هيا أيتها الريح تصالحي مع المطر والشمس .
سلمى " الريح " : لن أفعل .
غريب : " في سره " غريب أمرك أيتها الريح، كيف تنازعين الآخرين ؟ " بصوت عال" إنهم محتاجون إليك ، انظري قطرة الماء هزيلة غير قادرة على الحركة ، تصيح صباح مساء أين أنت أيتها الريح ؟ ازجيني إلى أرض عطشى ضج أهلها من ندرة الماء.
سلمى " الريح " : لم يعد الأمر يعنيني ، لتتحرك وحدها، لتعتمد على نفسها وحدها ، لتعيش وحدها من دون مساعدة الآخرين ، أنا قررت الانزواء وحدي .
غريب : ما السبب ؟
سلمى " الريح " : هي تعرف السبب ؟
غريب : ما هو السبب ؟
سلمى " الريح " : اسألها . 
غريب : " يخاطب قطرة الماء " أيتها القطرة الشهيّة ، يا من يشتاق إليك الجميع ، ما سبب غضب الريح منك . 
لينة " قطرة الماء " : " تصمت "
غريب : أرجوك هيا نسوي هذا الخلاف بينكما .
لينة " قطرة الماء " : هي غاضبة مني ، لأنها تقول بأني أتحدث فقط عن نفسي ، والناس يمدحون فعلي، لأني أسقيهم وأسقي الأرض، فترتوي مزروعاتهم مني ، أبهذا خطأ؟
غريب : لا .
سلمى " الريح " : " مستهزئة " لا !
غريب : لم تقل شيئا سيئا ولم تفعل سوءا.
سلمى " الريح " : " ساخرة " وأنت القاضي العليم !
لينة " قطرة الماء " : ها أنت ذا يا غريب عرفت الأمر .
غريب : لا بأس عليك .
سلمى " الريح " : " مستهزئة " لا بأس عليك !
غريب : ما الأمر ؟ ادفعي لي بحجتك ، أنت تبدين غريبة.
سلمى " الريح ": أنا غريبة يا غريب، ولمَ يسمك الآخرون بالغريب ؟ 
غريب : أرجوك لا تستهزئي بي ؟ 
سلمى " الريح " : أنا لا أفعل ، ولكنك تجانب الحقيقة ، وأنت تصطف إلى جانب قطرة الماء.
غريب : قولي ما لديك .
سلمى " الريح " : إنها لا تذكرني أبدا ، وتجعل الأمر كله لها ، أيعجبك هذا يا غريب .
غريب : لا يعجبني .
سلمى " الريح " : ها أنت قلت حقا ، لا يعجبك ما تقوم به قطرة الماء .
غريب : وضحي لي أكثر.
سلمى " الريح " : اسمعني ، من يزجي قطرة الماء من مكان إلى آخر ؟ 
غريب : " يصمت "
سلمى " الريح " : أتعتقد أنها تسافر بالسيارة ؟
غريب : السيارة ؟
سلمى " الريح " : أتعتقد أنها تسافر بالقطار ؟
غريب : القطار؟
سلمى " الريح " ربما ستقول بأنها تسافر بالطائرة! 
غريب : الطائرة ؟ 
سلمى " الريح " : هي تسافر بي.
غريب : كيف ؟
سلمى " الريح " : أنا أسوقها من مكان إلى آخر ، وهي تبقى ترجوني أن أنقلها إلى مكان جديد ، لتسقي الأرض.
غريب : تفعل هي الخير بهذا الرجاء ، فالآخرون بحاجة إليها.
سلمى " الريح " : ولكني السبب بنقلها .
غريب : فهمت . " وهو يتحدث إلى قطرة الماء " إنها صادقة بما تقول.
لينة " قطرة الماء " : " صامتة " 
غريب : إنها تنقلك من مكان إلى آخر . 
لينة " قطرة الماء " : ماذا أفعل ؟ الناس يمدحوني، لأني أسقيهم ، وأنا أصمت معجبة بمدحهم ، أأقول لهم امدحوا الريح وانسوني؟  لن أفعل. 
سلمى " الريح " : أسمعت ؟
غريب : بصراحة يا قطرة الماء أنت غريبة حقا.
لينة " قطرة الماء " : أنا غريب يا غريب ، ولمَ يسمك الآخرون بالغريب ؟
غريب : " يبدو غاضبا " أوه... لماذا التعريض بي ؟ وقد جئت لأقرب بينكم .
سلمى " الريح " : سأحملها بشرط.
غريب : ما هو ؟
سلمى " الريح " : أن  تذكرني  أمام الآخرين ، وتقول أنا 
السبب بنقلها إليهم .
غريب : ما رأيك ؟
لينة " قطرة الماء " : سأفعل .
غريب : إذن انتهى الأمر.
سلمى " الريح " : " مستهزئة " لم ينته الأمر! 
غريب : أتسخرين منا أيتها الريح ؟
لينة " قطرة الماء " : أسمعت ؟ كما يقال لا يعجبها العجب.
سلمى " الريح " : أرجوك قطرة الماء ، الزمي حدك وإلا سأنسحب.
لينة " قطرة الماء " : سأصمت .
غريب : ما الأمر ؟
سلمى " الريح " : هناك طلب آخر .
غريب : متى تنتهي الطلبات ؟ 
سلمى " الريح " : الشمس .
غريب : ما بها ؟
سلمى " الريح " : تتسلط على الآخرين بأشعة حارقة ، وعندما أرفق بهم تغضب مني.
غريب : ماذا تريدين منها ؟
سلمى " الريح " : أن لا تغضب مني .
غريب : سأكلمها .  " يتقدم من الشمس " أيتها الشمس المنيرة ارفقي بالريح إنها صديقة ورفيقة ودود .
الشمس : ودود ؟!
غريب : نعم .
الشمس : ليس كذلك ؟
غريب : كيف ؟ 
الشمس : إنها تحشر نفسها بشأني الخاص ، وتمنعني من تحقيق أحلامي . 
غريب : ما هي أحلامك ؟
الشمس : أريد تسليط حرارتي وأشعتي على الآخرين .
غريب : أنت تحبين الضرر للآخرين ؟ أنت غريبة حقا.
الشمس : أنا غريبة حقا ، ولمَ يسمك الآخرون بالغريب ؟
غريب : " يبدو مضطربا " أوه... ! أنا تعبت من هذه المجادلة.
سلمى " الريح " : أعرفت أنها أنانية ، تحب نفسها كثيرا ، وتحب أن تؤذي الآخرين.
الشمس : أرجوك أيتها الريح ابتعدي عني في هذه اللحظة، فأنا غاضبة منك .
سلمى " الريح " : أسمعت يا غريب ؟
غريب : الريح لم تفعل أذية بك .
الشمس : تحشر نفسها وتظهر للآخرين بأنها أكثر رحمة مني بهم .
سلمى " الريح " : لم أفعل .
غريب : أسمعت ؟ لم تفعل ، حدثينا أيتها الشمس عما تفعله الريح ؟
الشمس : عندما تشتد حرارتي ، أراها مندفعة نحوي بهواء بارد، يجعل الآخرين يذكرونها من دوني .
غريب : أهذا هو السبب ؟
الشمس : أليس هذا سببا مقنعا لغضبي ؟
غريب: إنها تحب الآخرين وتريد مساعدتهم ، فأنا لا أرى أن هذا سبب مقنع لغضبك منها.
سلمى " الريح " : شكرا يا غريب .
غريب : إنها تحب الزهو قليلا ، أرجوك امنحيها هذا الطلب الصغير أيتها الشمس المنيرة . 
الشمس : حسنا سأوافق .
سلمى " الريح " : شكرا لك يا غريب .
لينة " قطرة الماء " : ها أنتم أولاء تتغافلون عني !
سلمى " الريح " : وكيف ننساك؟
لينة " قطرة الماء " : الريح مدينة لي، أريدها أن تفي بوعدها... خذيني إلى الأرض اليباس. 
سلمى " الريح " : حسنا يا قطرة الماء ... " تنفخ تجاه قطرة الماء "
لينة " قطرة الماء " : " وهي تبتعد " شكرا لك أيتها الريح ، أنا الآن أمطر فوق أرض عطشى تشكرني . " تنهمر قطرات ماء " 
سلمى " الريح " : " تضحك " أنا سعيدة.
غريب : " يضحك " 
سلمى " الريح " : ولكني لم أنل ما وعدتني به الشمس.
غريب : ما هو ؟
سلمى " الريح " : أراك تنسى بسرعة يا غريب !
الشمس : لا عليك أنا ملتزمة بما وعدتك.
سلمى " الريح " : شكرا أنا سعيدة ، إنهم ينتظروني. " وهي تبدو متأففة من حرارة الشمس ، تنفخ لينتشر نسيم عليل... تبدو سعيدة "
غريب : آه... كم كنا بحاجة لهذا النسيم العليل .
سلمى " الريح " : شكرا لك يا غريب ، أنت تمدحني .
غريب : والشكر للشمس التي فتحت لك قلبها بمحبة.
الشمس : والشكر للريح يا غريب؛ لأنها تجعل الآخرين فرحين بوجودنا معا.
سلمى " الريح " : شكرا لك يا عزيزتي الشمس.
الشمس : وأنت أمرك غريب يا غريب .
غريب : أنا لست غريبا.
سلمى " الريح " : هم يقولون عنك بأنك غريب .
غريب : من هم ؟
لينة " قطرة الماء " : رفاقك.
غريب : لا رفاق لي ... وأنتم تروني أعيش وحدي في هذا الكوخ، أبتعد عن إزعاج الآخرين وشرهم.
الشمس : أنت حقا غريب.
غريب : أرجوك .
سلمى " الريح " : أنت حقا غريب.
غريب : أرجوك .
لينة " قطرة الماء " : أنت حقا غريب .
غريب : أرجوك ... سأرحل من هنا . 
سلمى " الريح " : " تستمهله " مهلا يا غريب نريد أن نناقش الأمر بود ، ما رأيك ؟
غريب : " يصمت "
الشمس : لا بد أن تسمع منهم .
غريب : مَن ؟
لينة " قطرة الماء " : رفاقك.
غريب : أنا اعتزلتهم ولا أسبب أذى لهم .
سلمى " الريح " : هم بحاجتك .
غريب : بحاجتي أنا ؟ 
الشمس : نعم. 
غريب : لا ليسوا بحاجتي ، وأنا لست بحاجتهم.
لينة " قطرة الماء " : أنت أناني حقا وغريب حقا .
غريب : " يبدو متبرما " أرجوك لا تقولي لي هذا .
سلمى " الريح " : وماذا تريد السماع منها غير هذا ؟
غريب : أنا ابتعدت عنهم لأني أريد اللعب وحدي ، ولي ألعاب كثيرة ، ولا أريد أن يشاركني بها أحد ، فإذا ما حافظت على ألعابي وسمت بالأناني ؟ المحافظة على الأشياء الخاصة ذكاء.
سلمى " الريح " : دعك من ألعابك الخاصة ، وإن كانت الألعاب تقرب ما بين الأصدقاء ، ولكن هم يريدون سماع رأيك ، ويريدون أن يلعبوا معك ، لا يحبون الفرقة ، ولا يحبون الاعتزال ، يريدون أن تبقى برفقتهم .
الشمس : أليس خالد صديقك ؟ 
غريب : ... بلى. 
الشمس : إنه متعب بسبب غيابك .
غريب : ولمَ ؟
سلمى " الريح " : يشتاق إلى اللعب معك.
لينة " قطرة الماء " : وصديقك حسن، كل يوم يقف على باب منزلك يسأل عنك... وسامر ينتظر خروجك كل يوم ، 
فيرجع حزينا.
غريب : ولمَ ؟
سلمى " الريح " : يشتاق لرؤيتك ومحادثتك.
غريب : لا أريد ... 
سلمى " الريح " : ونحن لا نريد .
غريب : ماذا ؟
الشمس : لا نريد أن يسمك الآخرون بغريب الأطوار والأفعال.
سلمى " الريح " : وأناني .
لينة " قطرة الماء " : ومتكبر .
غريب : أنا كل هذه الأشياء ؟! يقولون عني هذه الأشياء، لأني أحب أن أبقى وحدي بعيدا عن الآخرين؛ لأحافظ على ألعابي ؟
سلمى " الريح " : هم خائفون عليك.
غريب : ماذا ؟ " يضحك "
الشمس : هم خائفون عليك، وقلقون من تصرفاتك.
غريب : تصرفاتي؟!
سلمى " الريح " : نعم ، تصرفاتك الانعزالية تضر بك يا غريب.
غريب : لا تضر بي.
الشمس : أنت بحاجة إلى حديث الآخرين .
سلمى " الريح " : والآخرون بحاجة إلى مساعدتك.
لينة " قطرة الماء " : كلهم بانتظارك يا غريب ، ارجع إليهم.
غريب : " يبدو مضطربا " سأفكر بالأمر فيما بعد.
سلمى " الريح " : إذن، لماذا جمعت بيننا ؟
غريب : لأن كل واحدة ترتبط بالأخرى ، ولا تستطيع أن تقوم بعملها من دون الأخرى.
الشمس : أحسنت حقا.
سلمى " الريح " : نعم أحسنت.
لينة " قطرة الماء " : أحسنت ولكن ...
غريب : ماذا ؟
لينة " قطرة الماء " : أنت لا تستطيع أن تعيش بدونهم، وأنت ترتبط بهم أيضا.
سلمى " الريح " : وهم بحاجتك . 
الشمس : هيا يا غريب ، أتعرف أنهم يبحثون عنك لتغني معهم ؟ 
غريب : كيف ؟
الشمس : ويريدون أن تردد معهم "
شمست الشميسه 
على البيت والعريشه 
على الجبل والوادي
تنادي كل الصحاب 
انهض انهض ياكسلان
لا تبقَ دوما حيران
خذ المعول والمحراث
لنجني أطيب خيرات
بالحب والأمل والحبور
لا نبقي شبرا من بور
نزرع أرضنا بالخير 
مع ضو الشمس والطير
شمست الشميسه
غريب : " يضحك "
سلمى " الريح " : وأنا سمعت هذا منهم ، يريدون أن تغني معهم أغنية الريح... 
هبي يا ريح علينا 
وانقلي أغانينا 
للشجر والحجر 
وأبناء البشر 
نسمع من بعيد صوت الغنا
ونعيش حب وسعادة وهنا
نسمع أغاريد الطيور 
وتراقص العصفور 
غني للشمس والجدول 
غني للشمس والجدول
موجة البحر تنادي 
تعانق القلب والأيادي
يا طالع الجبل 
هيّا إلى العمل
يا زارع الثمر 
انظر ضو القمر
غريب : " يضحك "
لينة " قطرة الماء " : ويريدون أن تردد معهم أغنية الماء والسقاء...
جاء السقاء يحمل قربه 
خلوا الطريق من دربه
يسقينا يروي عطشى
بغيابه الكل حيرى
هيا هيا هيا اسقينا 
من ماء القربة اروينا 
دع العطش يجافينا
يا سقاء يا سقاء 
املأ بالماء الوعاء
لك من قلبي الدعاء 
غريب : " يضحك"
" تخرج الريح برفقة قطرة الماء والشمس " 
***


اللوحة السابعة

 ( كوخ... يقف غريب خارج الكوخ وحده )
غريب : " وهو يروح ويجيء، يبحث عن الريح وقطرة الماء والشمس... يتوقف وهو يدندن "
شمست شميسه 
على البيت والعريشة 
" يصمت قليلا " 
هبي يا ريح علينا 
وانقلي أغانينا 
" يصمت قليلا "
يا سقاء يا سقاء 
املأ بالماء الوعاء
" يصمت ... يلتفت يمنة ويسرة يبحث عن الريح وقطرة الماء والشمس... يبدو مضطربا " 
لِمَ لا تلحق بهم ؟ ولكن كيف ؟ هيّا، كل ما يلزمك أن تحزم امتعتك  وتعود إليهم ، إنهم  ينتظرونك ، أعود إلى سامر و خالد و حسن. " يصمت قليلا " سيلعبون بألعابك الخاصة! " يصمت قليلا " مافائدة الألعاب إن لم يشاركني بها الآخرون ؟ أنت تحجز نفسك هنا في هذا الكوخ وحيدا، تقضي نهارك وحدك وتهرب بعيدا عن مواجهة أصدقائك ، ولا تشاركهم ألعابهم وابتساماتهم ، وكل هذا كيلا يضايقوك بلعبهم ، ولتحرمهم من اللعب معك بألعابك الخاصة، أأنا فعلت هذا وقضيت شهرا وحدي بعيدا عن الآخرين؟ أكلم الأشياء وحدي ، فتجيبني نفسي، اشتقت لهم كثيرا ، ولكني كيف أعود ؟ سيقولون بأني ضعيف ! لا ، لا لن أعود ، سأبقى هنا وحدي، وبعدما تنقضي العطلة الصيفية سأعود وألتقيهم بالمدرسة. أنت خائف من اللوم ، كيف تواجه نفسك من دون خوف ، وكيف تواجه الآخرين ؟ كيف تعتذر لنفسك أيضا ، وكيف تعتذر للآخرين، لأنك قسوت عليهم ؟  كيف تتحدى مهما يكن اللوم ؟ أنت بدأت الابتعاد عنهم ، وكم مرة تشاجرت معهم؟ أنا لا أنسى هذا ، كيف تكون شجاعا وتواجه نفسك أولا قبل أن تواجه الآخرين؟ 
" يبدو مضطربا " 
أشتاق لرؤية ماء الجدول ، أريد اللعب بماء الجدول ، وتلك الساقية القديمة، أشتاق لرائحة الماء هناك ، هناك يتمتعون باللعب وأنت بعيد عنهم ؟ سيرفضون عودتك إليهم... لمَ تقل هذا ؟ ألم تسمع حديث الريح والشمس وقطرة الماء وهم يسألون عنك كل يوم ؟  إنهم يرقبون عودتك. آه...! أريد الاغتسال بماء الساقية ، أريد سماع غناء الحصادين يغنون للسنابل، لتتساقط في أمتعتهم فرحة بغناهم ، كم مرة رددنا معا ذلك الغناء الجميل ، اشتاق لهذا الصوت ، وخاصة صوت سامر الذي كان يصدح بصوت جميل ، ونحن نردد وراءه ، ولكنك تخليت عنهم بسبب ألعابك الخاصة ، وكأنك لم تعش بينهم ! وكأنك لم تأكل من خبزهم المغمس بزيت الزيتون ! وكأنك لم تشرب معهم من الدلو وتتمتع بماء البئر ! وكأنك لم تقذفهم بالتراب والطين! كل هذا نسيته بسرعة، ما بك ؟ كيف تعيش وحدك وتهجر الآخرين؟ طوال النهار أبقى وحدي أحدث نفسي وحيدا. آه...! أريد رؤية الناس الذين لوحتهم الشمس يغنون الحياة، التعب عندهم وسخ يزول بعد الراحة ، هذا ما قاله أبو سامر. والنساء تردد أغاني الفرح لجني المحصول ، عمل جماعي كبير ، وأنا آثرت البقاء وحدي ! أشتاق لمناداة الشمس في أغانينا بعدما احتجبت وراء الغيوم في يوم ماطر...  
شمست شميسه 
على البيت والعريشة
اشتاق أيتها الريح للعب مع أقراني ، إني أفتقدهم ، أين ذهبوا ؟ آه ...! يتقفازون فوق الحبل ، كنت أغش بالقفز لأربح مرة أو اثنتين ،  وعندما نزهد عن اللعب كنا نتقاذف بماء الساقية ، له رائحة أحسها تعبق في أنفي ، ولها مذاق يعلق في فمي كلما دخلت قطرات الماء فمي، أين أنت أيتها الساقية ؟ لم أعد أسمع أصوات العصافير فرحة تبني أعشاشها ، الآن، أدركت لماذا العصافير تبني الأعشاش على مرأى ومسمع الإنسان، لأنها تحب الحياة من دون خجل أو وجل ، أنا خجلت من تلك الحياة ، ضعفت فقررت أن أكون وحدي، سمعت أبا سامر ذات يوم يقول لنا : في التفرد ضعف وخوف وليس قوة. آه ...! أريد الاستمتاع برائحة التراب ، والركض في الوهاد، يعترض طريقي حجر، فيسقطني على الأرض هناك اشتم رائحة التراب... سأرجع الآن.
" يخرج "
***


اللوحة الثامنة

 ( أرض خلاء، هناك حسن وسامر وخالد )
غريب : " يدخل " 
حسن وسامر وخالد : " يرحبون بغريب " غريب غريب!
غريب : اسمعي أيتها الريح أصوات أصدقائي ، إنهم سعداء بعودتي.
صوت سلمى " الريح " :  سيقذفونك بالماء والتراب والطين. 
غريب : " يضحك " اشتاق لسماع اللهاث ، وأنا أهرب من الماء والتراب والطين. 
صوت سلمى " الريح " : الصخور والحجارة تنتظرك، لتسقطك أرضا ، أنت تعود للتعب والشقاء. 
غريب : " يضحك " أعود إلى الفرح ، التعب والشقاء حياة جماعية ، أريد الذهاب إلى الساقية مع رفاقي، وأجلب الماء لأشرب ، وأذهب إلى الحقل برفقة أقراني، لأقطف منه ما يؤكل غير آبه بوخز الأشواك ، ولا بلهيب الشمس التي تصفعني ، أريد الاستحمام صباح مساء بصحبة رفاقي بأشعة الشمس. " يسترق السماع " هذا صوت سامر وخالد وحسن ، وكل أصدقائي هنا ، إنهم رفاقي ، ولكني اعتزلتهم، وهم يرحبون بي.
الجميع : " فرحون ... يبدأون لعبة الحبل معا "
غريب : "يرسم مربعات على الأرض متصلة ببعضها ، ويبدأون اللعب "
الجميع : " يرتفع صياحهم وصراخهم... يتنافسون بمحبة ورضا "
غريب : " ينزوي وحده " 
حسن وسامر وخالد : " يتجمعون حوله "
سامر : ما بك يا غريب ؟
خالد : ربما أحدنا ضايقه؟
حسن : كنا مشتاقين لك لتعود إلينا.
غريب: لست غاضبا من أحد ، أنا غاضب من نفسي، لأني ابتعدت عنكم ، ولم أكن أدرك وجودكم قربي.
حسن وسامر وخالد : " يتجمعون حوله ، وتبدو الفرحة على وجوههم "
غريب : ما أجملكم!
" يخرجون " 
الراوي : " يدخل ... يلتفت يمنة ويسرة... يتنقل من مكان إلى آخر عرجا "
"حدرج بدرج 
حدرج بدرج 
هنا نهاية الحكاية 
" يخرج وهو يردد حدرج بدرج "  
***
انتهت
عمّان 2011


*الكتاب: أنا وحدي
نص مسرحي للطفل
المؤلف: منصور عمايرة
سنة النشر: 2016م
رقم اللإيداع لدى دائرة المكتبة الوطنية : 448/1/2012
الطبعة الأولى
جميع الحقوق محفوظة للمؤلف
مكتبة المحتسب  للنشر والتوزيع
تلفون: +962  64638832 فاكس: +962  64622559
بريد إلكتروني: mansoamair@yahoo.com
ص.ب: 6224 Amman  11118 Jordan
عمان – الأردن
* جميع الحقوق محفوظة،لا يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو أي جزء منه أو تخزينه في نطاق استعادة  المعلومات أو نقله بأي شكل من الأشكال، بدون إذن خطي مسبق من المؤلف.

* عرضت مسرحيّة " أنا وحدي " في الإمارات العربية المتحدة، على مسرح قصر الثقافة بالشارقة، خلال مهرجان مسرح الطفل، الدورة الثامنة بتاريخ 21-12-2012م. أخرج المسرحية سمير خوالدة، إنتاج مسرح دبا الفجيرة.  

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption