أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الاثنين، 26 نوفمبر 2018

مسرحية "صلاة العاهرات " تأليف : نهاوند الكندي

مجلة الفنون المسرحية


الشخصيات :
مجموعة من النساء
العمة : امرأة كبيرة في السن ، ترتدي الملابس الملونة الفاقعة ، تضع الكثير من المكياج والحلي كأنها غجرية
الفتاة المراهقة : لا يتجاوز عمرها الخامسة عشرة ، ترتدي الملابس شبه فاضحة ، تضع الكثير من المكياج               
المكان : غرفة قذرة ، جدرانها رطبة تعلوا عليها الوساخة ، سرير واحد ملطخ بالدماء ، بجانبه  مرآة قديمة متسخة ، مغسلة بجانبها حوض فيه ماء
تفتح الستار :
تدخل  مجموعة من النساء يرتدينّ السواد ، لا يرى منهنّ شيء ، يحملنّ ادوات للتنظيف ، يعملنّ على تنظيف الغرفة
الأولى : لما ذا هكذا الضوء خافت ؟ لا أرى شيء
الثانية : (تضحك) يا بلهاء هذا يسمى جو رومانسي
الأولى : يا لها من رومانسية عمياء
الثانية : (تضحك  ، وتقترب منها تمازحها)  ها هل نسيتي هذا الجو ؟
الأولى : ( تبعدها) وهل كان جوا جميلا كي اتذكره ؟ أم كان بين حبيبين عشقا بعضهما ، وهاما بجوهما الرومانسي ؟ حتى يبقى عالق في ذاكرتي
الثالثة : (بعصبية) كفاكنّ ثرثرة (تضاء الأنوار)              
الأولى : سأنظف السرير (تقترب من السرير) أوف ما هذه الرائحة العفنة ؟
الثانية : ( تحمل معطرات للجو ، تضحك) وماذا كنتِ تتوقعين ؟ المسك والعنبر ؟!
الأولى : كم مرة عليّ أن انظف هذا السرير ؟! يا لهنّ من مسكينات
الثالثة : (تحمل مكنسة تنظف الأرض) مسكينات ؟! ونحن ماذا ؟ عاهرات ؟
الثانية : (تضحك) لا كوافيرات ،                                                                                                                                               
الأولى : سريرا واحد ، وغطاء واحد ، مرة بعد مرة ، بعد مرة ، والدم يتعفن في مكانه
الرابعة : (تنظف المغسلة) أوف يال القرف ، صدقا يا لهنّ من مسكينات
الثانية : (تضحك) بل يا لهن من بلهاوات ، كما كنا قبلهنّ بالضبط
الخامسة :  (تملئ الحوض بالماء ، تتذمر) كل يوم  يجب عليّ أن املئ هذا الحوض بالماء النظيف ، ولماذا ؟ (بسخرية) كي تنظف العروس نفسها من جنابتها القذرة ، وكأنها أميرة في ليلة عرسها ، وتصدق نفسها أنها طاهرة
الثانية : (تضحك) يحق لها ، فالأمراء يصطفون خلف بابها ، يحلمون بلمسها ، و افراغ  شهوتهم السادية ، يتحرقون شوقا لمواقعتها ، لا يلبث أن يجف ماء جنابتها ، حتى جاء امير يطلبها ، ثم تغتسل ويطلبها ، ثم تغتسل ويطلبها ، هكذا حتى تتعفن من قذارتهم  ، فترتدي السواد رغما عنها ، لتحل محلها اميرة بلهاء جديدة ، صغيرة ناعمة الملمس ، فيصطفون خلف بابها الواحد تلوى الأخر ، وهكذا تستمر الحكاية ، هيا اعملي ، اعملي  دون تذمر ، في يوما ما كنتِ أميرة في ليلة عرسكِ ، وأنا كنت أضيف الماء في هذا الحوض القذر ، كي تغتسلين أنتِ من جنابتكِ القذرة
الأولى : وأنا كنت اخفي اثار جنابتكِ (تشير لهن جميعا) كما أخفيت جنابتكِ ، وجنابتكِ ، وجنابتكِ ، حتىِ تأتي البائسة الجديدة  لتفض جنابتها ها هنا ، فوق السرير الواحد ، والغطاء الواحد ، اللذان كانا شاهدا عيان على كل الجنب (تحمل غطاء السرير الملطخ بالدم) وها هو دليل الجريمة ، دم اسود متراكم ، من اميرة الى اميرة
الثانية :  (تضحك) يا له من سرير محظوظ  ، شاهد عيان على كل عورات الأمراء  والأميرات ولا يزال يطلع ، وسيظل يطلع ، ويطلع ، حتى نصبح جيشا من الاشباح السوداء ، في حالة حداد على عوراتنا المنتهكه
السادسة :  (تقف امام المرأة المتسخة)  ما يحيرني في الأمر كله ، هو هذه المرآة  ، لما هي هنا ؟ ما حاجتها في هذا المكان ؟ (تضع يدها على فمها وتسعل بشدة ، تسير بصعوبة مبتعدة عن الجميع ، فتجلس بزاوية من المكان ، دون أن ينتبهنّ لها)
الثالثة : (تقف امامها) هذه المرآة  ترى كل ما يجري في هذه الغرفة ، و تحمل في داخلها كل الاسرار ، لطالما وقفنّ امامها ، يتحدثنّ  معها بقلوب منكسرة ، وعيون حرة ، ينظرنّ في عيونها ، ويسألنّها بحسرة تتكسر في اصواتهنّ ، ما ذنبنا ؟ ما ذنبنا ؟ يطأنا الرجال برجسهم ، ما ذنبنا ؟ نغتصب بالقوة ثم ، نوسم بالعاهرات ، ما ذنبنا ؟ نغرق بدماء شهواتهم  ثم ، يدعوننا عاهرات ، يصرخنّ بها متوسلات ، اجيبينا ايتها الصماء ، ترين ما يفعلون بنا ، وتسمعين خوفنا ، لكنك تفضلين البكاء علينا بصمت ، حتى اسودت صورتكِ ، وخشن ملمسك (تلتفت أليهن) حقيقة قد تحملت هذه المرآة فوق كيانها  ، من ألم العاهرات المنتهكات ، فأصبحت اثقل من وزنها ، فلا استطيع تحريكها وتنظيف ما تحتها من اوجاع , وصرخات عذاب (تهزها ) يا ليتني كسرتكِ حين وقفت امامكِ انظر الى نفسي ، لا اقوى على الوقوف
، اغرق بدماء اغتصابي ، حينها سألتكِ هل سجلتِ  فيديو اغتصابي ؟ ( تعود وتلتفت أليهنّ) جميعكنّ لكنّ فيديو في قلب هذه المرآة ، فمن منكنّ ارادت أن ترى نفسها تغتصب ، فلتقف امامها (تبتعد عن المرآة بحزن ، تمشي السادسة بصعوبة وهي تسعل ، لتقف امام المرآة )
السادسة : (تتحدث أليها)  اخبريني يا مرآتي القبيحة ، من هي الأجمل في مملكة العاهرات ؟ عاهرة  
 ولدت لتكون عاهرة ؟ تعلمت كيف تكون عاهرة متمرسة  ، تخضع فرسانها لسطوتها ، تدير مملكة عهرها على جيوب ابطالها ، تخرج بين الناس بزينتها ، وثوبها المكشوف ، تتمايل بخصرها ،  لتملئ الطريق عهرا ، وخلفها أسراب السيوف تحميها ، ويشار لها بمفخرة ، ملوك ووزراء و حاشية ، يحنون رؤوسهم لجلالتها ، أم أنا خلف هذا الستار الأسود ؟ خائفة اترقب رصاصة مرسلة ، من مجتمعا  مجنون ، يحكم بالقتل ، والله يحكم بالعدل (تسعل بقوة) أنا اعرف جوابكِ ، فالزمي الصمت كما عرفناكِ ، نحن عاهرات نفضتنا الحياة من رحمها ، وما زلنا نتشبث بردائها الممزق (تسعل) عاهرات بائسات ، خطفنا من اعمارنا لنرتدي اثوابا ليست لنا ، نختبئ خلف هذا الستار المبطن ، من عيون الرصاصات  ، في دهاليز ظلماء ، ظاهرها الجلال والوقار ، وباطنها عهرا وسكر ، ودم اسود عفن متراكم ، حتى تسللت لأحشائنا عفونة ارواحهم النتنة ، تركتنا نواجه الموت بسيوف صدئة مسمومة (تصيح ) الداء ، الداء لا ينفع معه الدواء (تمسك صدرها وتسعل بقوة) مزقني الداء ، مزق احشائي ، لا الدواء حضر ، ولا الموت جاء (تتمسك بالمرآة بصعوبة لتجلس على الأرض ، بحزن وألم)هل سجلتِ هذا أيتها المرآة القبيحة ؟
الخامسة : (تأتي وتساعدها على الوقوف لتعود الى مكانها ، وتقف هي أمام المرآة) أما أنا  أيتها المرآة الصامتة ، فكنت اجلس خلف الباب لأسمع زئير الأسود ، وهم يصرخون على لبواتهم  الصغيرات ، فرسان تخط اقدامهم الأرض (تثخن صوتها)شجعان يرفسون الباب للدخول ، وكأنهم داخلين ساحات القتال(تحزن) وهنّ يا حسرتي عليهنّ ، يركنّ في زاوية السرير ، خائفات  ينظرنّ الى الفارس الهمام ، الهائج والمستعد لخوض المعركة المصيرية ، وهو يجرد نفسه من هامة حربه ، وهنّ ينظرنّ لذلك الشيء... باشمئزاز وقرف ، لسنّ عاهرات متمرسات ، ارواحهنّ هشة طرية ، لم يعتدنّ على رؤية المسوخ (بسخرية) لم يكنّ يعرفنّ ذلك الشيء...ما هو ؟ و ما هي وظيفته الطبيعية ؟ صغيرات اقصى همهنّ اللعب والغناء والرقص ، ببراءة الأطفال(تصمت ، تبتعد عن المرآة)  الشوارع بيوتنا ، والأرصفة ملاذنا ، كأننا ولدنا لنكون ربيبات الشوارع ، ضعيفات منكسرات ، ضائعات ، هاربات ، طاردتنا الحياة منذ نعومة اظفارنا ، نهرب منها وتلحق بنا ، ونهرب وتلحق بنا ، ونهرب ونهرب ونهرب ، حتى حاصرتنا في هذا المكان ، وقطعت عنا حبال النجاة ، حتى أنها جلست تصوب سهامها علينا ، مرة سكير مجنون معتوه ، ومرة مجرم متوحش فقد انسانيته ، ومرة شرطيا فاسد غاضب ، ومرة عقيم متألم  مطرود ، ومرة عاشق منبوذ يشعر بالخيانة ، ومرة ، ومرة ، ومرة ، وما علينا نحن المشردات البائسات ، ألا علاج كل هؤلاء الشواذ (بسخرية) و بماذا ؟! بتجريدنا من كل شيء ، الروح ، والجسد ، والأهم من ذلك الثياب ، كي يستمتع البغل برؤية مفاتننا التي تجرده من أدميته ، وجعله حيوان لا يفقه شيئا ، يقلبنا ذات اليمين ، وذات الشمال ، و اذا لم يشعر حضرة الأمير بشهوته ، ينهال علينا بالضرب والشتم ، وكأنه جرح بكرامته ، ومبلغ رجولته (بغضب تعود مسرعة الى المرآة ) هل سجلتِ هذا يا مرآة يا قبيحة  ؟
(تسعل السادسة بقوة حتى تختنق من سعالها فتنام على الأرض ، يسرعنّ لها الثالثة والخامسة لمساعدتها ، فتشير لهنّ بالابتعاد عنها خوفا عليهن من العدوى )  
السادسة : ( تهدئ من سعالها ، تجلس  ) ألا يكفي واحدة ؟ هل يجب أن نموت جميعنا ؟ ليس عليكنّ مساعدتي بشيء ، فقط ابتعدنّ عني ، خنجران في صدري ، الداء مزق احشائي ، والعهر مزق جسدي ، أي الخنجرين تردنّ  أن تحملنّ (ببكاء وحزن) الداء فقط الداء ، لا الدواء حضر ، ولا الموت جاء (تجلس الخامسة بقربها )
الخامسة : نحن لا نحيا الحياة ، بل نحن بالموت نفسه  ، فلما أنتِ خائفة ؟ انظري ألينا جميعا (تشير لهنّ واحدة واحدة)  هل هذه حية ؟ أم هذه ؟ أم هذه ؟ أم هذه ؟ أم هذه ؟ فماذا يغير الموت أن جاء ؟ ( تحتضنها) لا عليكِ فخنجر الموت قد  حز وريدي ، فأقطر دما ، قطرة بعد قطرة ، سار قطار الموت بأرواحنا مسرعا ، وترك اجسادنا تعاني من ظلم الحياة ، وقسوة الانسان ، لا عليكِ جميعنا في قطار واحد ، وهذه محطتنا الاخيرة (تتركها لتعود لعملها ،ملئ الحوض بالماء)   
الأولى : (تجلس على السرير وبيدها الغطاء) ركبت هذا القطار منذ زمن بعيييييييد ، بعيد جدا ، حتى أني لا اعرف أسمي و أهلي وعنواني ، حتى أني لا اتذكر أن قطعت تذكرة ركوب القطار ، كل ما اذكره هو خوفي وأنا ابحث بين الوجوه عن ملامح أمي ، لا اعلم هل هي ضاعت مني ؟ أم عمدا ضيعتني ؟ سرت في الطرقات ابحث عنها ، اسأل هل تعرف أمي ؟ ينظر لي بشفقة ويبتعد ، فاسأل الثاني والثالث والرابع ، الكل يبتعد عني ، وكأني مسخ ، أو من كوكب اخر ، هكذا حتى خيم الليل ، وبخوف اسرع بي قطاري ، بنت عشر سنوات ، اطلب الأمان ، خائفة  من نباح الكلاب ، كأنه عواء الذئاب ، ولم اكن اعلم أن الكلاب والذئاب يسكنان معا خلف هذا الباب ، سقطت في هذا الدهليز ، فتلقفتني الأيادي ، يدا تصفع ، ويدا تداعب ، ويدا تحمل السوط أن امتنعت ، وها أنا أتممت العشرين ، ولم تلمسني يد الشمس ، ألا خلف هذا الستار الأسود ، خوفا من أن تعود أمي ، وتراني وقد اصبحت عاهرة ، والى اليوم لم تظهر أمي ، هل هي ماتت في قلبي ؟ أم أنا مت في قلبها ؟ (بسخرية) هذا لا يهم الآن ، فقلبي اصبح عاهرا
الثانية : (تضحك وهي تعطر الجو) أما أنا فركبت القطار بمحض ارادتي ، احببت أن اكون عاهرة ، أن أرى عالم العاهرات الممتع ، أن ادخل الى دهاليزهم المظلمة ، والبعيدة عن عيون البشر (تطيل وترقص وتعطر الجو) أن أن أن أن أن اسمع ضرب الكؤوس ، والضحكات المرتفعة ، والملابس الشفافة الفاضحة ، والرقص والغناء المحرم ، لأتعلم كيف اكون لعبة بيد زوجي الشاذ (تتوقف) لطالما كان يقول لي ، العاهرة افضل منكِ ، كان كلما يطلبني ، يتغزل بجمال جسدي ، وعطري ، وعذب أنفاسي ، بعدها بدقائق ، دقائق لا أكثر يقول (تحتضن جسدها) ما هذا الجسد البارد ؟ أنك كجذع نخلة لا احساس فيكِ ، العاهرة افضل منكِ(تتراقص وهي تعطر الجو) يقول لي أنه يعشقها ، لأنها ترقص ، وها أنا تعلمت الرقص ، أنها تغويني و تمتعني وتسعدني وتشبعني غرام ، وها أنا ذا اغوي ، و امتع ، واسعد  ، و اشبع الغرام ، كما يرغب ويتمنى ، ولكن ليس له ، لأشباهه من البغال الشاذين ، يتركون نسائهم للوحدة والانتظار ، و افراغ شهواتهم الشيطانية ، وجيوبهم للعاهرات الراقصات ، وحين يعودون لهنّ ، يحملون معهم سكرهم وعهرهم وقذارتهم ، صارخين بهن ، العاهرة افضل منكِ ، فحملت امتعتي وركبت القطار بتذكرة الذهاب دون عودة ، الآن توقف القطار في محطتي الاخيرة ، بعد أن تناولتني الأحضان ، وتناوبت فوقي الأجساد ، مرة بعد مرة تشوه جسدي ، ولم يعد ينفع للرقص و المتعه ، فاكتفيت بتعطير الأجواء للأميرات الصغيرات ، الاتي ركبن القطار دون تذكرة (تستمر بالضحك) هذا لا يهم الآن فقلبي اصبح عاهرا
الثالثة : ( وهي تنظف الأرض) ركبت القطار بتذكرة الحب والعشق ، ضمني بين ذراعيه ، يقبلني بهدوء ، ويداعب خصلات شعري المتدلية على كتفه ، يسمعني اجمل كلمات الحب ، يهمس لي (تحتضن المكنسة برقة) اعشقكِ يا حلوتي ، عانقيني برقة ولطف ، يا جنتي الزاهية ، وعطري الفواح ، يا فراشتي الجميلة ، فضمني اليه بقوة العاشق ، وسافرت مع كلماته الى الفردوس ، الى النعيم ، الى السرير ، أنا وهو فقط ، توقف الزمان لدقائق معدودات ، غبنا عن الوعي بعشقنا ، وحلاوة لمساتنا ، فجئه استفقنا من غيبوبتنا ،على صرخة الشيطان ثالثنا ، فهرب فوق جناح الشيطان مبتعدا ، صرخت(تصرخ) انتظر يا عشقي الأبدي ، لا تتركني غارقة بدماء سذاجتي ، وعشقي ، ولهفتي ، عد وخذني معك الى السراب ، الى المجهول ، الى الضياع لا يهم ، فقط عد ولا تتركني مع حيرتي (تصرخ اقوى) ارجوك عد فأنت ملاذي الوحيد ، ولكن الشيطان احكم جناحيه على مسمعه ، هاربا به  الى حياته الهانئة والسعيدة ، فلم اجد سوى الهروب بتذكرة ألا عودة ، دون أدري أين ملاذي ، حتى ساقتني الأقدار الى هنا ، معكنّ تتلقفني الأحضان ، والأجساد المشعرة (باشمئزاز) يال القرف ينبت الشعر في كل مكان ألا تحت أنوفهم ، و بعد كل ذلك الحب والعشق (تتحسر) أيه ها أنا.ارتدي السواد مثلكنّ(تعود وتنظف الأرض) هذا لا يهم الآن فقلبي اصبح عاهرا
الرابعة : (بسخرية) أما أنا صفقة رابحة ، بيع وشراء ، تذكرة متنقلة ، من محطة دار رعاية  الشيطان ، الى محطة منزل الجلال والوقار ، والصلاة والعمل الصالح ، مراهقة جميلة ، تستمتع بحسنها ، طفلة لا تأخذ أمرها بجد (تدور في المكان بفرح) اضحك وامرح واغني وارقص ، دون سترا أو قيد (تتوقف ، تعود وتنظف المغسلة) والغريب في ذلك كله ، هو الشاري ! الوقور ، والشيبة المخضبة ، والجبهة البيضاء القريبة من الله ، والقلب النقي ، يتحرك الشيطان في داخله ، يمسح على رأسي ، بلمسة والدي الذي فقدته  شهيدا ، بحرب لا ناقة لي فيها ولا جمل ، ولا حتى القشة التي قصمت ظهر البعير ، يواسيني بعطف وحنان والدتي ، التي تركتني بدار رعاية الايتام ، لتستعد لزفافها الثاني ، طاعة لزوجها الجديد ، رحلت دون أن تلتفت خلفها ، من لي من بعدها ، مات قلبها الحنون ، كأني أنا من اطلق الرصاص على رأس أبي ، الحياة غدرت بأبي ، وأنا ادفع الثمن (تلامس يديها) يلامس يدي برقة العابد الزاهد (بغضب شيئا فشيء) يحضني بحزن ، يعصرني بشفقة ، يقبلني بشغف الكريم ، يغتصبني بشيطان حريص ، مرة تلوى مرة ، تلوى مرة (تنظف بقوة)تلوى مرة ، تلوى مرة ، تلوى مرة ، حتى ...(تهدئ تتوقف عن التنظيف) طفلة في احشائها جنين (تضحك) العابد والطفلة ، الوقور والاغتصاب ، اليد البيضاء من غير سوء ، ودار رعاية الشيطان ، من يصدق ذلك  ؟ فكر  ، واستخار ، وصلى ، والحل ! اقذر طريق للنجاة ، هو رمي الضحية في غياهب جب العاهرات (تقاطعها الخامسة وهي تضيف الماء في الحوض) يكفي
الخامسة : (تضع دلو الماء جانبا ، تدور حولهنّ) هل اكتفيتنّ من رسم هذه الوحة ؟ حزينات منكسرات ، لا حول لكنّ ولا قوة ،
تعددت اسبابنا ، والطريق واحد ، تعددت الوجوه ، والقاتل واحد ، تعددت الاحضان ، والعاهر واحد( تقف في وسطهنّ  تصرخ صرخة طويلة) هذا يكفي ، يكفي لعبت بنا الحياة كقطع الشطرنج ، تضعنا على لوحتها حسب ما تشتهي وترغب ، أن وسمونا بالعاهرات ، فهناك ألف وألف و ألف عاهرا وعاهر ، يتقاتلون من اجل وطئنا ، نحن مكرهات لفعل ذلك ، أما هم  يسافرون الأميال والأميال للوصول ألينا ،نحن قيدتنا الحياة بقيود من الفولاذ ، يصعب على أمثالنا كسرها ، أما هم جردتهم من ارواحهم الادمية ، فعبدت لهم الطريق لشهواتهم المجنونة ، يكفي وقعنا في فخها حتى قبل أن نولد فيها ، وركبنا القطار معا (تخطف الغطاء من الأولى) ما هذا ؟
الأولى : (بدهشة)غطاء السرير
الخامسة : (بعصبية) ألا ترين ، أنه نفسه منذ عشر سنوات ، لا وقت لهم لتغيره ، يأتون لتفريغ حمولتهم القذرة ، المكان مزدحم ، داخلين وخارجين ، داخلين وخارجين ، وتلك المرأة البغيضة ، تدخل معهم لتقبض ثمن عوراتنا المنتهكة والمسلوبة رغما عنا ، تحمل بيدها العصى ، سلاح الثور الهائج ، تقول له ، العصى لمن عصى ، هنا فوق السرير الواحد ، والغطاء الواحد (بعصبية) انظري ما هذا الذي عليه ؟
الأولى : دم
الخامسة : دم من ؟
الأولى : (تخفض رأسها ولا تجيب)
الخامسة : يا بلهاء أنه دمكِ ،  دمي (تشير لهنّ جميعا) دمها ، ودمها ، ودمها ، دم من يمشينّ في الشوارع ، لا حول لهنّ ولا قوة ، سيأتي دورهنّ عاجلا أم أجل ، من فعل ذلك ؟ (تصرخ) من ؟  أجيبيني ؟ أليس رجل ؟ أليس عاهر ؟
الأولى : (تهز برأسها دون كلام)
الخامسة : وأنتِ يا ضاحكة (تكلم الثانية) تخفين اوجاعكِ خلف ستار السواد ، تجملين ضحكتكِ ؟ نبرتها الباكية ، خدعتي نفسكِ بانتقام خاسر ، باعكِ بعاهرة ، فخلق منكِ عاهرة ، سمحتي له بأن يتنقل من عاهرة الى عاهرة ، كما ترككِ تتنقلين من شاذ الى شاذ ، لعبة لعينة ، وحربا خاسرة ، هو هناك يرقص على اوتار احزانكِ ، وها أنتِ تعطرين الأجواء (تصرخ بوجهها) لمن ؟
الثانية : (بنبرة حزينة و بضحكة هادئة) للعاهرات الراقصات ، الاتي يعشقهنّ زوجي الشاذ
الخامسة : يا لكِ من مسكينة بائسة ، زهور الدنيا ، لا تخفي رائحة قذارتهم ، التي تملئ ذلك الغطاء ، اجسادهم تفوح منها العهر ، مع عرقهم النتن ، لا يتعطرون لكِ ، فأنت اقذر من أن يبصقون عليكِ ، من اوصلكِ الى هنا ؟ من ؟
الثانية : (تخفض رأسها ولا تجيب)
الخامسة : تعددت الوجوه والقاتل واحد ، أليس رجل ؟ أليس عاهر ؟
الثانية : (تبتسم فقط ، وتهز رأسها دون كلام)
الخامسة : (تحتضن السادسة) وأنتِ تعانين الآن من خنجر الداء ، تتوسلين بالموت ليستل سيفه ، و يحز وريدكِ المسموم من عهرهم السادي ، تتنقلين بينهم من عاهرا الى عاهر ، أنيسة مضاجعهم ساعة بعد ساعة ، حتى اصابتكِ لعنتهم القاتلة ...
السادسة : (تخفض رأسها وتبكي) ارجوكِ لا تقسي عليّ ، هذا كثير على جسدا ميت ، وروح محطمة
الخامسة : لست أنا من يقسوا عليكِ ، أنه هو ( تبتعد عنها) هو الوحيد من تخشع الحياة امامه ، هو الملك في لعبة الشطرنج ، يسيطر على اللعبة برمتها ، يتخذ من اجسادنا دروع لحمايته وبقاء ملكه وسلطانه ، ومكب لشهوته المميتة (بغضب) لماذا ؟  (بسخرية) لأنه رجل ، لماذا ؟ لأنه عاهر مقبول ، لا يحاسب , لا يقتص منه ، يجدون له العذر والعذر و العذر ، أما نحن (تشير لهنّ جميعا) انثى (بعصبية اكبر) انثى ، انثى لا يحق لكِ الامتناع ، لا الصراخ ، لا الوجع ، السرير الواحد ، والغطاء الواحد ، والدم المتعفن المتراكم لعشر سنين مضت ، وألا ... السوط , و العصى لمن عصى (تغضب بشدة) نحن لسنا عاهرات ، هم الداعرين ، يأتون ليفعلوا ما يشاءون ، كيفما يشاءون ، ومع من يشاءون ، نحن فقط نعطي ، وهم فقط يأخذون ، وتلك المهرجة الئيمة البائسة  ، تقبض ثمن اجسادنا ......
( فجئه ، صوت الأذان قريب ، يعم الهدوء ، يجلسن على الارض بحزن ، يحنينّ رؤوسهنّ الى الأرض باستحياء ، يستمعن الى الأذان بخشوع ، ينتهي الأذان ، يستمر الهدوء للحظات ثم)
السادسة : (تكسر الصمت ببكاء هادئ)  العهر يملئ هذا المكان ، الماء عاهر ، والأرض عاهرة ، الهواء عاهر ، اجسادنا أرواحنا ، ثيابنا انفاسنا (يعلوا صوت بكائها) حتى اسمائنا عاهرة ، تيمموا صعيدا طيبا ، أين هو ؟ أين هذا الصعيد ؟  
الأولى : (بحزن) توضئنا بقطرات الدم التي سقطت على هذا السرير منذ سنوات ، قبل أن نرتدي وشاحنا الأسود ، توضئنا  قبل دخولنا الى حصن الشياطين ، أنا توضأت حين فقدت أمي الى الأبد
الخامسة : (بهدوء) من اضطر لا أثم عليه
السادسة : (بعصبية وحزن) نحن عاهرات  ، أي أثم اقبح من هذا الآثم ؟
الخامسة : (تحتضنها) نحن لسنا عاهرات ، نحن معهرات
السادسة : (تبكي بندم) بل عاهرات ، يغرسون خناجر شهواتهم في اجسادنا ، ونحن مبتسمات ( تصرخ) عاهرات ، بحثنا عن الأمان في قلعة  الشيطان ، ولم نقاوم أو نهرب منها
الخامسة : ( تواسيها) طرقنا بابه غافلات ، فلبسنا السواد خائفات ، أنما الأعمال بالنيات ، الله  يرحمنا ، وهم لا يرحمون ، عرش الشيطان الى الزوال
السادسة : لن يزول (تبكي بألم) ما زال الطريق يعج بالبائسات ، وملك الشطرنج يجلس على عرش اللعبة ، ينتظر دخول اميرة صغيرة ، لينهش لحمها الطري بأنيابه المسمومة ، لتصك أسماعنا بصراخها وألامها ، والخنزير يمزق احشائها للمتعة والتسلية ، ونحن وتلك المرآة القبيحة نتفرج ، وننتظر حتى تصبح من سربنا الأسود
الخامسة : سيزول (تهدئها) اقسم أنه حتما سيزول( يجتمعا مع بعضهنّ يمسحنّ أيديهنّ ببعض ، يتيممنّ فيسجدنّ جميعا) لحظات ( صوت الباب يفتح ، تدخل العمه تسحب خلفها فتاة مراهقة بكامل زينتها ، وباليد الاخرى تحمل العصى )
العمه : ادخلي( تسحب الفتاة بقوة وهي تبكي) ادخلي ولا تكوني جاحدة ، انتشلتكِ  من ذلك الطريق الموحش والبائس ، والرصيف المغبر ، و الشمس تحرق جبهتكِ الصغيرة ، وردائكِ الممزق لا يقيكِ من قطرات المطر الباردة ، تنخر عظامكِ  ، جائعة قذرة ، خائفة تترقبين الموت عن يمينك و شمالك ، تشمئز منكِ نفوس المارة ، وترمقكِ نظراتهم بعيون الطمع ، جئت بكِ الى هنا ، الى هذه الغرفة الجميلة ، سقف وجدران وباب يقفل عليكِ ، ماء نظيف وطعام متوفر ، انظري (تسحبها الى السرير) هذا السرير الدافئ , والغطاء الحريري , وهذه الوسادة الناعمة  ، وحضن دافئ مليء بالحب(تعصر على وجهها) وكل هذه الزينة والملابس الجميلة الزاهية ، كوني شاكرة ، الآن أنتِ من البشر ، تحصلين على الدلال و الأموال ، و اكثر من ذلك تستمتعين بوقتك(تقاطعها)
الفتاة : (تصرخ)لا اريد كل هذا ، دعيني اعود الى الشارع (تحاول الهروب من يدها نحوى الباب)
العمه : (تسحبها وتحكم قبضتها عليها)
الفتاة : (تتصارع معها للهروب) دعيني دعيني اعود لملاذي ، للشارع الذي  خطفني منه كلابكِ المسعورة ، أنه اجمل من هذا بكثير
العمه : يالكِ من فتاة عنيدة ، تعلمتِ أن تكوني ذليلة ، تقفين على اعتاب البيوت تشحذين رغيف الخبز ، تجلسين على قارعة الطريق تأكلين بشراهة ، كحيوان منع عنه الأكل لأيام ،  وشعركِ المنكوش ، ينسال منه القمل والدود ، ورائحتكِ عفنة يهرب منها الكلب والقط ، السائبان كما أنتِ سائبة (تحاول الفتاة التخلص من قبضتها ، لكنها ترفع العصى وتنهال عليها بالضرب )لماذا تعاندين و تقاوميني ؟ لماذا لا تعترفين بواقع حالكِ ؟ أنتِ مشردة  ومصيركِ بين يدي (الفتاة تصرخ من الألم) على سريرا واحد وغطاء واحد ، بين احضان الزبائن الكرام(تتوقف عن الضرب فتقع الفتاة على الأرض من شدة الألم) لقد فاض بيّ الكيل منكنّ ، جميعكن محتشمات بلباس البأس والتشرد ، ما بالكنّ لا ترينّ الحقيقة ، جيوبهم تملئها الدنانير ، و افواههم تسيل منها لعاب السكر  والعهر ، اغبياء يبحثون عن من يسلبهم دنانيرهم ، عقولهم بين افخاذهم هذه هي الحياة بنسبة الهم ( يجلسن من سجودهنّ ينظرنّ لها) اجل هذه هي الحقيقة ، لا تنظرن لي بتعجب ، أنكنّ بلهاوات لا تفقهنّ شيء ، كله عمل وتجارة انتنّ تتاجرنّ بأجسادكن ، وهم يشترون البضاعة ، ويدفعون الدنانير(ينهض لمساعدة الفتاة)
الخامسة : يال قبح كلامك ، لا تزالين تحملين اوزارنا ، تقتلين ارواحنا بعصاكِ هذه ، لأجل ماذا ؟! حفنة من الدنانير ، اتركي جسد هذه الطفلة بسلام ، واذهبي أنتِ ودنانيركِ الى الجحيم
العمة : (تضرب يدها بالعصى وهي تدور حولهن) سلام .. عن أي سلام تتحدثين ؟ الشارع هو السلام ؟ أم الأرصفة ؟ الجوع ؟ البرد ؟ القذارة ؟ أم هو القمل والنمل وكل الحشرات ؟ تأكل اجسادكنّ ،هل هذا هو السلام  المنشود ؟ أنتن ناكرات للجميل (بألم تصرخ الفتاة)

الفتاة : أتحاولين سرقة ما تبقى من عمري ؟
العمة : عمرك ؟! (تضحك) لست أنا من سرق عمركِ ، هم الملامون ولست أنا ، فعلوا فعلتهم ، و رموكِ لتكوني فريسة لكلاب الشوارع ، عاهرين باسم الحب ، لا تدعي أني ظلمتكِ فأنتِ لقيطة ، أنا فقط اردتكِ أن تعيشي ما تبقى من عمرك
الفتاة : (بغضب) كيف اعيش ما تبقى من عمري ؟ هنا بين هذه الجدران القذرة ، وبهذا الجو النتن ، والرائحة العفنة ، وهذا السرير الواحد الذي انتحر منذ سنين ، من شدة ما وقع عليه من ألم وأوجاع وحكايات ، يالكِ من عجوز شمطاء كريهة ، لا يهمكِ سوى جمع الدنانير من جيوب العاهرين ، على حساب اجساد البائسات والمشردات ، الاتي لا حول لهن ولا قوة (تصرخ) اجسادنا ليست ملك لكِ ، لتبيعيها بين كؤوس الخمر ، ومداعبة الفجار ، تحرمين جسدكِ ، وتستبيحين اجسادنا ، أيتها العجوز البالية (تسرع أليها لضربها بالعصى ، فيمنعنها من الوصول أليها ، فتبتعد عنهنّ بهدوء وحزن)
العمة : عجوز بالية ؟ اجل عجوز بالية ،  لو لم تضعني الحياة على لوح لعبتها ، ولو لم تسرق مني طفولتي ، و انصفتني من ذلك الوالد الظالم ، لما كنت هنا ( تلتفت أليهن) الخوف لازمني كل سنين طفولتي ، حتى أني نسيت كيف تكون الطفولة ، سياط كأنها سكاكين ترسم لوحتها الدامية على جسدي الطري ، شتم بأقبح العبارات ، و اكثرها ألما هي عبارة عاهرة ، طفلة لم ابلع الخامسة عشرة من عمري ، انعت بالعاهرة ، كيف ذلك ؟ ولماذا ؟ لأجل حفنة من الدنانير في جيوب الحمقى العاهرين ، اللذين يبحثون عن المتعى والتسلية المحرمة ، فوجدوا والدي المحترم ينتظرهم في سواد الليل ،  ليرمي بأحضانهم قطعة من جسده ، لا عجب في ذلك فالطيور على اشكالها تقع ، ذلك الوالد القبيح لم اختاره ليكون والدي ، زرع الخوف بداخلي ، الخوف من كل شيء ، من صوته ، من خياله ، من وقع اقدامه ، .يحمل معه العصى دوما ، يلوح بها امامي ليزداد منه رعبي ، و اكون تحت امره وطوعه ، الخوف هو فقط من جعلني اكسر قيود أبي ، وأسس امبراطوريتي الخاصة ، لا اهتم أن كانت على حساب اجسادكنّ ، أو قتلكنّ حتى ، المهم دنانيرهم هؤلاء الحمقى المبذرين ، لطالما مزقوا جسدي ، و اطفئوا سجائرهم بلحمي ليزيدوا اوجاعي ، وهو يقبض الثمن غير متأسف(تقترب منهنّ  شيئا فشيء ) صرخت ، تألمت ، توسلت ، غضبت ، وغضبت ، وغضبت( تهجم على الفتاة بالعصى وهي تصرخ ، فيحاولن حمايتها) وغضبت ، وغضبت ، وغضبت حتى غرق في دمه العفن ، العصى لمن عصى ، فهمت بعدها كيف تكون العصى لمن عصى (تبتعد بغضب) لست وحدي من يحرق جسدها ، أو تنتهك عذريتها (تصرخ) لا بل أنتنّ المشردات ، الهائمات على لوح الشطرنج ، يجب سلب ارواحكنّ على هذا السرير الواحد ، وتنتهك عذريتكنّ فوق الغطاء الواحد ، كي تدوم امبراطوريتي الى اخر بائسة بالحياة
(يغضبنّ من كلامها ، فيتقدمن نحوها الواحدة تلوه الاخرى)
الأولى : (تتقدم خطوة خطوه ) سألتكِ في حينها ، هل شاهتِ أمي ؟ نظرتي لي نظرة باردة  ، لم افهمها من قبل لأني كنت طفلة خائفة تبحث عن الأمان ، ولكن الأن بعد هذه السنين العجاف ، الآن 3فقثفهمت من أنتِ (تبتعد عنها)
الثانية : ( تضحك) انتِ اشبه بقرقوز ، قرد يتسلق على اغصان الأشجار الخضر ليقتات من اوراقها ،لا يهتم أن انكسر ذلك الغصن الطري ، لأنه حتما سينتقل لغصن اخر و اخر و اخر ، حينها سألتكِ كيف اكون عاهرة لأرضي زوجي الشاذ ، نظرتي لي نظرة باردة ، لم افهمها من قبل ، لأني كنت يائسة من نفسي ابحث عن الانتقام ، ولكن بعد تلك السنين العجاف ، الآن فهمت من أنتِ ( تبتعد عنها)
الثالثة : ضاع الحب في الدنيا الواسعة ، فلم يبقى سوى حكايات تحمل في طياتها الخيانة ، وأنتِ احدى تلك الحكايات ، والدكِ قتل فيكِ كل معاني الحب ، والآن أنتِ تثأرين لنفسكِ منا نحن المشردات ، لتكوني قوية ؟ لا لن تكوني قوية وأنت تحملين اوزارنا طول تلك السنين العجاف ، الآن فهمت من أنتِ (تبتعد عنها)
الرابعة : (تتقدم نحوها وهي صامتة تنظر في عينيها للحظات ) طفلة في احشائها جنين ، لم يسلم من انتقامك ، مزقته حيا في احشائي ، كأنكِ حكمتي عليه بالصلب ، قاسية نفسكِ ، شريرة روحك ، لئيم قلبك ( بصوت مرتفع ) اللعنة عليكِ ، لا عجب من ذلك الوقور أن خدع الناس بمظهره  ودينه ، جبينه النور والخشوع ، هو كمن أنتِ عملة بوجهين ، الخوف خلق منكِ وحش لسنين عجاف ، الآن فهمت من أنتِ (تبتعد عنها بغضب)
الخامسة : (تتقدم نحوها مسرعة تخطف من يدها العصى) هذه العصى سر قوتكِ ، ترين والدكِ فيها ، وهو يضرب روحكِ البريئة  ويشتم ، ولكن هذا دمكِ لا يزال عالق فيها ، فارحمي واعدلي ، ولت كل تلك السنين العجاف ، الآن يجب أن تفهمي من أنتِ ، أنتِ لا شيء سوى وحش مقيد في كهفه المظلم ، ووالدكِ اطلق سراحك ، اذهبي الى حيث يرقد معلمكِ ، وانثري التراب  فوقكما ، لعل الحياة تخسر لعبتها الشيطانية
العمة : ( تصارع معها لاسترجاع العصى ) الوحوش لا تموت ، بل تسير بثقلها فوق الرؤوس
الخامسة : ( تتصارع معها) اتركينا اجسادنا ليست ملك لكِ ، دعينا نرحل بسلام  ، لسنا خائفات ، سنكشف وجوهنا لمن اراد انصافنا ، فلسنا عاهرات نحن معهرات ( تبتعد عنها وترفع الغطاء عن رأسها) هذه أنا ( توجه الكلام للجميع) هذه أنا من يعرفني يعرفني ، أنا البائسة المشردة ، لعبت الحياة معي لعبة خسيسة ، ولصغر سني وقعت في فخها ، من يعذرني  يعذرني ، ومن لم فليذهب الى الجحيم (فيرفعن جميعهنّ الغطاء ويوسعنّ العمة ضربا حتى يغمى عليها ، فيهربنّ من المكان )
( ستار)
نهاوند الكندي

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption