أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الاثنين، 12 نوفمبر 2018

دراسة في جماليات المنظر المسرحي في عروض المخرجة المسرحية العراقية

مجلة الفنون المسرحية

جماليات المنظر المسرحي في عروض المخرجة المسرحية العراقية
                                                 
 أ.م.د. احمد سلمان عطية
كلية الفنون الجميلة قسم الفنون المسرحية 

الفصل الأول
مشكلة البحث : 
    لم تظهر المخرجة المسرحية العالمية إلا في القرن العشرين ، على الرغم من إن من كان يقوم مقام المخرج قد ظهر بظهور المسرح لأول مرة عند الإغريق . ذلك إن المرأة كان يحرم عليها المشاركة ليس بوصفها مخرجة فحسب إنما ممثلة أيضا ، لاعتبارات دينية ، واعتبار عمل المرأة في المسرح عملا مخلا بالآداب . حتى ظهرت دراسات وأبحاث تناولت هذا الموضوع لإظهار دور المخرجة المسرحية وتدوين سيرتها وطريقة عملها الإخراجي ، والفرق المسرحية التي أسستها أو شاركت بها .
    فظهرت مخرجات عالميات مبدعات ، أمثال المخرجة الانكليزية (جون ليتلوود) والمخرجة الأمريكية (جوديث مالينا) وزوجها (جوليان بيك) اللذان تميزا بالمسرح الحي ، والمخرجة المسرحية (أريان منوشكين) مؤسسة (مسرح الشمس) . كما ظهرت في الوطن العربي مخرجات مسرحيات كثيرات ، تناول الباحث عددا من المخرجات اللبنانيات لمحدودية صفحات البحث أولا ، لان المخرجة اللبنانية تعد من أوائل المخرجات المسرحيات العربيات اللواتي ظهرت على المساحة الفنية المسرحية العربية .
    أما في العراق فظهرت مخرجات مسرحيات تخصصن بمسرح الكبار وأخريات تخصصن بمسرح الأطفال . وقد اختار الباحث مخرجات مسرح الكبار والتطرق الى جماليات المنظر المسرحي في عروضهن . مثل المخرجة (روناك شوقي) والمخرجة (أحلام عرب) والمخرجة (عواطف نعيم) ، والتي سيتم التركيز عليها بالدراسة بوصفها المخرجة التي استمرت ولا زالت تستمر في عطائها الفني المسرحي إخراجا وتمثيلا وتأليفا داخل العراق . ناهيك عن مشاركاتها العديدة في المهرجانات المسرحية داخل وخارج العراق .
    وقد اهتمت جميع المخرجات المذكورات بجماليات المنظر المسرحي ، واختلفن في صياغة ذلك من مخرجة إلى أخرى . لذلك يطرح الباحث السؤال الأتي : 
ما طبيعة جماليات المنظر المسرحي في عروض المخرجة المسرحية العراقية ؟


أهمية البحث والحاجة إليه : 
    تأتي أهمية هذا البحث بوصفه احد المواضيع التي تتعلق بالمخرجة المسرحية في العراق . إذ شكلت زيادة إعداد المخرجات المسرحيات المحترفات ظاهرة واضحة في المسرح العراقي .وهذا البحث يتناول الجانب الجمالي في المنظر المسرحي . فضلا عن أن الحاجة إليه تكمن في الاستفادة منه من قبل الدارسين والمتخصصين في مجال الفنون المسرحية فضلا عن طلبة كليات ومعاهد الفنون الجملية كافة .
هدف البحث :   
    تعرف جماليات المنظر المسرحي في عروض المخرجة المسرحية العراقية .
حدود البحث 
    زمانيا : 2010-2013 .
    مكانيا : العراق – بغداد  .
    موضوعا : طبيعة جماليات المنظر المسرحي في عروض المخرجة المسرحية عواطف نعيم.
تحديد المصطلحات :
الجمالية أو الجمال :
    الجمالية مأخوذة من جمل الشيء جعله جميلا " والجميل أو الأجمل من الجميل ، الجمال، الحسن " .(1) ، وعرفها ريتشارد كالين بأنها : " فن الحياة المسرحية " .(2) .، والجمال عرفه افلاطون : "انه الجوهر غير ذي اللون ولا الشكل لا يمكن للحس أن يدركه ، الجوهر الموجود بالحقيقة ، ولا يكون مرئيا ، الا لعين النفس ، وهو موضوع العلم الحقيق ويشغل المكان الذي يسمو على السماء ".(3) ، وعرفه أرسطو على أن " ..  الجمال ما هو إلا التنسيق والعظمة".(4) ، وعرفه (توماس اكوايندس) بأنه "ذلك الذي لدى الرؤية يسر . أي انه يسر لمجرد كونه موضوعا للتأمل ، سواء عن طريق الحواس أو في داخل الذهن ذاته ". (5) 
    ويعرفها الباحث إجرائيا : الجمالية هي تنسيق عناصر العرض المسرحي بطريقة تسر المشاهد عن طريق الحواس أو داخل الذهن ذاته .
المنظر المسرحي : 
    عرفه (حمادة) بـ" مجموعة التركيبات الخاصة بالمنظر والمقامة فوق خشبة المسرح ".(6)، وعرفه (دولمان)على انه : "ذلك البناء أو الهيئة التي تساهم في التغطية والتجميل والإيحاء بالحالة النفسية والإيحاء بالمكان " .(7) ، وعرفته (أصلان) بأنه : فضاء يتألف ويعاد تأليفه باستمرار ، بناء يتطلب خلقه مشاركة المتفرج" .(8)
    وعرفه (جيليت) على انه "وحدات هامة ثنائية أو ثلاثية الأبعاد توضع فوق خشبة المسرح لتحديد مناطق التمثيل ، وتشكل الألوان والأصباغ خلفية الأشكال المسرحية " .(9) 
  ويعرفه الباحث إجرائيا بأنه : البناء أو الهيئة أو الشكل الذي يخاطب عقل المتفرج وفكره ومشاعره من خلال عملية الإيحاء والتأويل والتفسير والدلالة التي يخلقها . ولا يقتصر على القطع المصنوعة من اطر الخشب والقماش وغيرها إنما تساهم في تكوينه أجساد الممثلين والإضاءة والأزياء والمكياج .
الفصل الثاني
المبحث الأول
المخرجة المسرحية العالمية 
المخرجة المسرحية  جون ليتلوود : (1914-2002) 
  تعد (ليتلوود) من المخرجات الانكليزيات الأكثر التزاما بتقنيات بريخت مع إجراء بعض التغييرات عليها . ويعود ذلك لتبنيها فكرة شعبية المسرح وإيمانها بضرورة تجسيد أحلام وآمال الطبقة العاملة ، من عمال المصانع والنقابات وغيرهم من البروليتاريا . ففي عروضها اعتمدت على جمالية صورة الحدث المسرحي المتعدد الوسائط ، فوظفت " .. جوانب من عروض السيرك وعروض المهرجين والأفلام الإخبارية القصيرة وعروض مسرح المنوعات (الميوزيك هول) والشرائح الملونة والأساليب الإخراجية اللاواقعية " .(10)
    ومن العروض المسرحية التي أخرجتها (ليتلوود) مسرحية (ما أجمل هذه الحرب) وفكرة المسرحية تدين السياسات الإمبراطورية التي أدت إلى حدوث الحرب العالمية الأولى (1914-1918) وتحيي الجنود الذين راحوا ضحايا لهذه الحرب . وتروي قصة إنسانية تدعو من خلالها للسلام ، وتناهض الحرب الأمريكية على فيتنام في الستينيات ، وتقف ضد سباق التسلح وتبادل التهديدات بين معسكري الدولتين العظيمتين أيام الحرب الباردة .
    كتبت المخرجة(ليتلوود) نص هذه المسرحية من خلال إقامة (ورشة عمل) لفريق التمثيل وكلفت كل منهم بجمع ما يعرفونه وما يسمعونه من حكايات عن الحرب العظمى وعن جبهات القتال ، وجمع الوثائق والأرقام من المكتبات . ووضعت لهذه الحكايات حبكة درامية تتلاءم مع الأحداث . وصاغت الحوارات عن الحرب بصيغة الزمن المضارع ، باعتبار أن الأحداث لا زالت تجري إلى الآن . وأوصت الممثلين بإتقان اللغة الانكليزية باللكنة الألمانية والفرنسية كلما احتاج الأمر إلى ذلك . فجمعت انطباعات متعددة وتجارب مختلفة وأساليب تعبير متنوعة ، ونسقت بينها بحيث شيدت هذا البناء المسرحي الملون والمؤثر . وفي نهاية الأمر وصفت مسرحيتها بأنها من تأليف فريق العمل .
    اعتمدت جماليات مناظر هذه المسرحية على منصة عارية في معظم الوقت ، ومستويات على منصة المسرح أحيانا، شاشة في عمق المسرح تظهر عليها الوثائق والأرقام وأسماء المعارك وأعداد الضحايا الذين كان عددهم عشرة ملايين عسكري ، فضلا عن واحد وعشرين مليون جريح وسبعة ملايين مفقود . يرافق ما يعرض على الشاشة موسيقى حية تتداخل مع ما يجري من تمثيل على المنصة ، حكايات وأغاني قديمة عن الحرب ، ورقصات وبيانات على الشاشة . كل ذلك في سياق مثير وفكاهي ومؤثر بالموسيقى الحية . والحديث أحيانا إلى الجمهور حديثا مباشرا . فلم يعد الممثل يتقمص الدور أو الشخصية ، إنما أصبح هو الممثل الشعبي يصور الشخصية ويحكي عنها ويعلق عليها كما يفعل في مسرحيات بريخت . وتميزت هذه المسرحية بسرعة الإيقاع .(11) 
    أما الأزياء المسرحية ، فقد رفضت (ليتلوود) أن يكون اللون العسكري التقليدي هو الذي يرتديه العسكريون . ورأت أن اختيار القميص الأبيض الفضفاض والسروال الأبيض الفضفاض المزينان بدوائر سوداء هو الأنسب .وبهذا الاختيار تكون قد ابتعدت عن الأسلوب الواقعي لعرض الأحداث . وحتى يتم التفريق بين جنود وضباط وملوك الدول المتحاربة ، اختارت الخوذة للجندي ، والكاب للضباط ، والكاب المرصع للملوك .(12) 
المخرجة المسرحية جوديث مالينا (1926-      ) :
    أسست المخرجة جوديث مالينا وزوجها جوليان بيك المسرح الحي عام 1946 في أمريكا. وقدمت مجموعة من المسرحيات ذات الفصل الواحد لكل من بريخت ولوركا وشتاين وغودمان وأعمال أخرى من إعداد أعضاء الفرقة .
    ترى (مالينا) إن على الممثل أن يهتم بالطقوس البدائية والصوفية وكأنه كاهنا ، حتى أنها في أعمالها الأخيرة طلبت من الممثلين أن يظهروا عراة أو نصف عراة . وفي بعض عروضها كانت حركات الممثلين اكروباتيكية أو ارتعاشية تتخللها لحظات صمت وجمود ومواقف روحية هادئة . فضلا عن حركات اليوجا والرياضة وانفجارات الغضب والأنين والعواء ، والعرق يغمر أجسادهم العارية واللعاب يتحدر من أفواههم ، وهم يدعون الجمهور إلى المضاجعة بدل الحرب " وتظل الأغاني المترددة كإغراءات كامنة ، ضاجعوا بدل أن تحاربوا – حرروا السود – اقضوا على البوليس – اقضوا على الدولة – تحيا الفوضوية ... " (13) .وكل ذلك يتم بمرافقة المؤثرات الصوتية . 
    أما جماليات المنظر المسرحي ، فقد رفضت المخرجة (مالينا) فكرة الديكور المسرحي التقليدي ، مثلما رفضت فكرة دور العرض المسرحي التقليدية . ففي مسرحة (أسرار وقطع أخرى صغيرة) : " يبدأ المشهد بخشبة مسرح عارية تماما من كل أثاث أو ديكور عدا أربعة صناديق خشبية عليها الممثلون ..." (14) ، وأحيانا تعتمد في تصميمها للديكور على الأساطير اليونانية أو الصور المصرية المنقوشة على الجدران أو الأعمدة الطوطمية عند الهنود الأمريكيين أو خرافات البوذيين . وأحيانا يستبدل الديكور بسلاسل من الصور الجسدية أو الصور الهيروغليفية من الأوضاع والتشكيلات المختلفة للممثلين .
    وفي بعض عروضها المسرحية يتم دهان صالة الجمهور " ... باللون الأسود مع رسم خطوط تضيق أكثر فأكثر حتى تتلاقى عن الخشبة بشكل يركز بؤرة الرؤية كما لو كان المرء داخل كاميرا كوداك عتيقة ويتوجه بناظريه إلى الخارج من خلال عدسة بينما عين الحالم (المشاهد) توجد داخل حجرة مظلمة ".(15) . لذا فان الديكور المسرحي عندها اعتمد على الإيحاء.
    وكان جل اهتمام المخرجة (مالينا) المشاركة المطلقة للجمهور . فاستخدمت فكرة توريط الجمهور في رسم صورة المنظر المسرحي . فلم يكون هناك حاجز بين الممثلين والجمهور . ففي عرض مسرحية (فرانكشتاين) كسر هذا الحاجز من قبل الممثلين حيث نرى " ضحايا النظام في العرض يفرون إلى قاعة المشاهدة طلبا للحماية بينما تسعى ورائهم فرق من الشرطة ، التي تجري (بمساعدة ممثلين آخرين جالسين بين الجمهور) لتعود بهم إلى العذاب والسجن فوق الخشبة ". (16) ، وفي مسرحية (انتيغون) تم توريط الجمهور في الفعل بشكل جعله جزءا من ثيمة العرض ، فالجمهور يمثل مدينة ارجوس ، والممثلون يمثلون أهالي طيبة .
    إن اعتماد المخرجة (مالينا) على مشاركة الجمهور مشاركة مطلقة جعلها تعتبره البطل الرئيس في العرض المسرحي . فعن طريق الإيحاء للجمهور من قبل الممثلين ، كان الجمهور ينفذ ما يريده دون تردد "... كان الممثلون يعلنون أنهم لم يكن مسموحا لهم بتدخين الماريجوانا كان الجمهور يقوم بإشعال لفائف المخدرات ويملئون المكان برائحة الحشيش النفاذة . وعندما يقول الممثلون انه لم يكن مسموحا لهم بالتجرد من ملابسهم ، كانت الملابس ترى وهي تخلع بامتداد قاعة المشاهدة . وفي عرض واحد على الأقل أدت صرخة "حرروا المسرح" إلى إغراق الخشبة بمتفرجين عراة " .(17) 
    أما (الأزياء) فلا أزياء مسرحية ، إنما يرتدي الممثلون ملابسهم الاعتيادية التي جاؤوا بها من البيت . وكذلك تم تجاهل (المكياج) ، واستخدمت الأقنعة أحيانا بدلا عن المكياج . وبطبيعة الحال استخدمت الموسيقى والأغاني والمؤثرات الصوتية في عروضها المسرحية وعلى وفق حاجة العرض المسرحي لها .
المخرجة المسرحية آريان منوشكين : *
    أرادت المخرجة (منوشكين) ان يشترك الممثل في كتابة النص واعداه ، لأنه هو من يعطي العرض المسرحي شكله النهائي ، فتناولت المسرحيات الكلاسيكية بطريقة معاصرة ، واتخذت من فنون المسرح الشرقي أشكالا ونماذج لها . فتبنت أفكار المخرج (انتونين ارتو) التي استوحاها من المسرح الشرقي ، فقدمت عرضا لمسرحية (جنكيزخان) عام 1961 الذي ظهرت فيه النزعة الاستشراقية واضحة في "..المنظر المسرحي حيث الملابس ذات الطابع الغرائبي ، والمشاعل المتقدة ، والأعلام الملونة" .(18) ، ثم سارت على نهج مخرجين آخرين .
    بدأت (منوشكين) التجريب على الرمزية في المسرح الصيني والتجريب على استخدام الأقنعة وتحدي الأنماط التقليدية للأشكال المسرحية القديمة وإعادة صياغتها بشكل معاصر . من خلال مشروع اعدته لتقديم عدد من المسرحيات لشكسبير .
    في مسرحية (ريتشارد الثاني) عمدت (منوشكين) إلى تطوير شكل العرض المسرحي وبما يتناسب مع الطابع الرسمي للأحداث . فاستخدمت ملابس الساموراي اليابانية مع العباءة المستخدمة في عصر النهضة دون محاكاة لأية تقنية يابانية محددة . واقترب المنظر المسرحي من مفهوم (بيتربروك) للفضاء الخالي ، فكان مساحة مفتوحة اتخذت شكل الخيمة التي أحاطت بها جدران من الطوب المدهون باللون الذهبي . فوقها طبقات حريرية تحمل اللونين الأحمر الذهبي والفضي وتوحي بالشمس والقمر ولكن بشكل مجرد . واستخدمت (منوشكين) الموسيقى  الحية التي تنبعث من آلات الموسيقيين الجالسين فوق خشبة المسرح بإيقاعات زادت من سرعتها أحيانا قرعات الطبول . فضلا عن الحركات الاكروباتيكية للممثلين والإلقاء الإيقاعي للكلمات الذي يلقى  في معظمه بشكل مباشر للجمهور . كما استخدمت الأقنعة والمكياج ذي الشكل الأسلوبي فوق الدهان الأبيض .(19) 
    وعن جماليات المنتظر المسرحي في مسرحية (1789) التي أخرجتها (منوشكين) عام 1970 على مسرح دراما رفيو ، قامت وفرقتها المسرحية (مسرح الشمس) بتقسيم فضاء البناية المستطيلة إلى جزأين ، ثم تنظيفها ودهانها . وتخصيص الجزء الأصغر مساحة ، صالة استقبال ومكان لقطع التذاكر وتخزين بعض الملابس . أما الجزء الأكبر مساحة فخصص للعرض بعد أن قسم المستطيل من المنتصف . وقامت الفرقة بتركيب مدرج خشبي للجمهور يقع بالقرب من منطقة صالة الاستقبال . اعلى هذا المدرج وضعت منصة للوحات الإضاءة والفنيين . وفي مواجهة المدرج وضعت خمس منصات خشبية مسطحة ترتفع حوالي خمسة أقدام ، تحيط بفضاء مستطيل رحب في زوايا المكان الأربعة . ومن فوق المساحة الكلية لساحة العرض توجد كشافات ومصابيح عادية وشمعات ضخمة .
    فضاء المسرح قبل العرض شديد الإضاءة ، ويوحي بسعة الفضاء وبساطته . وللمشاهدين الحرية في الحركة واختيار أماكنهم ، ولهم الحرية في التحدث مع الممثلين البالغ عددهم أربعين ممثلا وممثلة ومن جنسيات مختلفة .
    عند بداية العرض ، يكون المدرج قد امتلأ بالجمهور . تخلو المسرحية من التمثيل الواقعي ، فحركات الممثلين وإشاراتهم مبالغ فيها . فهم يعتمدون (الكوميديا دي لارتا) والأسلوب الاوبرالي ، ويمثلون حركات الممثلين الجوالين والمهرجين في نهاية القرن الثامن عشر . والملابس التي يرتدونها تتلاءم مع الأجواء الكرنفالية والعروض المتنقلة ، فهي فاقعة الألوان ورمزية ومبالغ في حجمها وتفصيلها .(20) ، واستخدمت وسائل أخرى في تشكيل المنظر المسرحي . مثل الدمى والمايم والمسليات والمشاهد الموسيقية والحوارات التقليدية . وصار العرض يقترب  من المسرح البيئي .
    أما جماليات المنظر المسرحي في مسرحية (التاريخ الرهيب وغير المكتمل لنوردوم سيهانوك ملك كمبوديا) التي أخرجتها (منوشكين) وعرضت على الجمهور الفرنسي عام 1985 فيقول كريستوفر اينز :
    " استدعى فضاء العرض صورة معبد بوذي وذلك من خلال دهان الملك القرمزي ، واستخدام قطع صغيرة من طوب البناء  في أرضية القاعة ، وهذا مع تخلل رائحة الطعام الأسيوي (الذي كان يباع في الدهليز) لفضاء العرض . وحول حوائط القاعة كان هناك رف عالي وضع عليه ما يزيد على 700 تمثال صغير تعبر عن المواطنين الكمبوديين . وقد شكلت هذه الدمى جمهوراً صامتا يوجه اتهاما لكل من الجمهور الفرنسي واستجابته للعرض ... ضم فضاء العرض أيضا ستارة حريرية صفراء خلف منطقة التمثيل وكانت تهز من جانب الحاضرين للإشارة إلى دخول الشخصيات الهامة ، ولعل ذلك يذكرنا بتقنية تقليدية في مسرح الكاثاكالي".(21) 
المبحث الثاني
المخرجة المسرحية العربية
    ظهرت المخرجة المسرحية العربية  في ستينيات القرن العشرين ، وبمرور الزمن راحت إعدادها تتزايد نتيجة التطور السياسي والثقافي والاجتماعي ، وأصبحت تنافس الرجل في مجال فن الإخراج . ونظرا لمحدودية صفحات البحث لأمور تتعلق بالنشر لا يمكن الإطالة بكل المخرجات في الدول العربية . لذا اقتصر الباحث على ذكر عدد من المخرجات اللبنانيات بوصفهن من طلائع المخرجات في الوطن العربي .
1 - المخرجة المسرحية اللبنانية لطيفة ملتقى *
    تعد أول مخرجة مسرحية في الوطن العربي . بعد أن اقتحمت فن الإخراج ، اشتغلت على خط التجريب ، على أشكال الخشبة والفضاء المسرحي ، لاسيما العلاقة بين مساحتي العرض والجمهور . من اجل ذلك أولت الممثل أهمية كبيرة واعتبرته جوهر العملية المسرحية . ودعت إلى اعتماد مسرح من منظور نسوي ، كما أنها سعت إلى تطوير المسرح القائم من خلال جعله وسيلة تعبر عن الواقع الاجتماعي .
    ساعدها زوجها (أنطوان ملتقى) في توجهها نحو الإخراج ، بعد أن أضافت إلى ما تعلمته سابقا بعض القواعد والمعارف المسرحية ، تقول : "دخلت ميدان الإخراج للإسهام بجهدي المتواضع في تأسيس مسرح جاد ومتطور من حيث الشكل والمضمون بعدما تركت مهنة المحاماة واعتزلتها . مستفيدة بما اكتسبته من مهنة المحاماة وما تتمتع به من قدرة على الإقناع . فالمحاماة والمسرح مهنتان متقاربتان ، فهما تؤديان رسالة اجتماعية واحدة . ولكني اعتقد بان للمسرح دورا أكثر فاعلية ، لأنه يؤدي إلى احتكاك مباشر مع الجمهور ، وهو يغوص إلى عمق قضايا الإنسان وهواجسه الاجتماعية والثقافية " .(22)
    في منتصف الستينيات اختارت المسرح الكوميدي خطا لها ، واستدعى منها ذلك أسلوبا خاصا بها . وعلى أساسه اختارت نصوصا أجنبية بعد أن ترجمتها واقتبستها وبأسلوبها الشخصي . ولم تلجا إلى تغيير أسماء الشخصيات لتصبح لبنانية ولم تنقل الشخصيات من أجوائها الأوربية إلى المحلية اللبنانية ، وفضلت أن تبقي على المسرحية كما وردت في الأصل . واهتمت بقضية المرأة ، وترى أن المسرح اللبناني لا يزال يعتمد على كتاب مسرحيين ليس لديهم هاجس إثارة قضية المرأة ، على الرغم من أن البعض منهم عالجوا قضايا إنسانية تتعلق بقضية المرأة .
2 - المخرجة المسرحية اللبنانية نضال الأشقر *
    اختارت النصوص المسرحية التي تغوص في عمق الواقع السياسي والاجتماعي ، كما انها تناولت النصوص التي تهتم بقضية المرأة .
    في مسرحية (ثلاث نسوان طوال) المعدة عن مسرحية للكاتب المسرحي الامريكي (ادوارد البي) ركزت على علاقة المرأة مع جسدها ومعاناتها في ذلك . فالمسرحية تحكي قصة امرأة في الثانية والتسعين من عمرها ، شخصية معقدة ومهيمنة ومستبدة أحاطها (ألبي) بشخصيتين نسائيتين تمثلان تدرج حياة السيدة العجوز . أحداهما في السادسة والعشرين والأخرى في الثانية والخمسين من العمر . وهي تعبير عن مشاعر المرأة وإحساسها للحفاظ على شكلها وجمالها .
    أوحت المخرجة بان النسوة الثلاث هن امرأة واحدة (المرأة العجوز) ، وعند موتها في نهاية الفصل الأول ، تنهض من جديد على صورة الفتاة ذات السادسة والعشرين عاما ، ثم المرأة ذات الاثنتين والخمسين عاما . وركزت على فكرة الجسد من خلال علاقة المرأة بجسدها ، وذكرياتها المشبعة بالقمع الذي عاشته وخوفها من تلوث سمعتها . لذلك حافظت على فكرة النص الأساسية واقتبسته دون أن تتجاوزه تماما ، ودون أن تلتزم به التزاما تاما .(23)
    أما جماليات المنظر المسرحي في هذا العرض فتمثلت بجدار أزرق في الخلفية ينفتح على أفق غير محدد ليعبر عن رغبات التحرر والانطلاق ، وهنالك ثلاثة كراسي وضعتها المخرجة على خشبة المسرح ، احدهما خصص للمرأة العجوز ، ينفتح عندما تريد أن تجلس عليه وتمدد جسدها ، وضع هذا الكرسي في منطقة أعلى المسرح . وعلى يمين خشبة المسرح ويسارها وضعت ملابس وصور على الحائط وشاشة معلقة في عمق المسرح . وخلت خشبة المسرح من أية عناصر أخرى لا وظيفة لها .
    وعملت المخرجة على توظيف الإضاءة بشكل ينسجم وطبيعة العرض "... أحيانا تضيء دائرة حركة الشخصيات الثلاث دفعة واحدة ، فتبدو للمشاهد وكأنها تؤطر مكان كل شخصية وتسيجه لتفصله عن مكان الشخصية الأخرى ، مما يخلق مشهدا يتمتع بجمالية تعبيرية أخرى للدلالة على الشخصية التي تؤدي الدور ، ولتعزلها عن الشخصيات الأخرى . فضلا عن إنها استخدمت للتعبير عن الانتقال من حالة إلى أخرى . فعكست ألوانها على الكادر (الشاشة) المعلق في عمق الخشبة ... كما تنوعت مستويات الإضاءة وألوانها بين القوية والخافتة وبين الزرقاء والصفراء ، وذلك للإشارة إلى الحالات التي تعكسها المراحل العمرية " .(24)
    وارتدت النسوة الثلاث ثوب واحد لكل منهن ، لم يغيرنه طيلة العرض . ثوب من قماش الساتان ، اثنان منهما ألوانهما فاتحة ، والثالث يميل للسواد هو ثوب العجوز . واستخدمت هذه النسوة عباءات طويلة حين يجسدن دور المرأة العجوز .
3 - المخرجة المسرحية اللبنانية سهام ناصر *
    ارادت المخرجة (سهام ناصر) من خلال اختيارها للنصوص المسرحية أن تعبر عن العام والخاص ، وتعرض المشهد السياسي القائم المتمثل بانهزام الإنسان العربي ، وتعبر عن بؤس المرأة وتمردها الذي بلغ حد قتل الإحساس بالأمومة في داخلها ، وقتل أطفالها انتقاما من زوجها كما في مسرحية (ميديا) المعدة عن نص (جان انوي) .
    قامت المخرجة بحذف كثير من المشاهد ، وكثير من الحوارات التي تدور بين كريون وياسون . كما أحدثت بعض التغيير في النص بعد تفكيك بنيته وتشظيتها . وهذا ينسجم مع رؤيتها الإخراجية القائمة على التمرد والتغيير "لقد شظت شخصية ميديا إلى شخصيات عدة ، لكل واحدة منها دلالاتها النسوية المتمردة : وكانت إحدى هذه الشخصيات تقارع السلطة المتمثلة بالملك كريون ، الثانية تتمرد على السلطة الذكورية المتمثلة بالزوج جايسون ، أما الثالثة فكانت تلك التي ترفض الامومة التي تأسر المراة وتقيدها " .(25) ، لذا أرادت المخرجة من عملية التشظية ابراز موقفها من قضايا المراة الانسانية والواقعية التي تعاني منها في كل زمان ومكان .
    وفي عملية الاخراج ، جسدت (سهام ناصر) رؤيتها الإخراجية من خلال جماليات المنظر المسرحي ، ففي الديكور استخدمت القماش الأبيض والأحمر من اجل جمالية العرض ودراميته ، وعلى احد جوانب خشبة المسرح وضعت شاشة بيضاء لتؤدي أكثر من وظيفة ، فأحيانا تنعكس على جزء منها صور لخيال الظل التي تترأى من خلفها الشخصيات ، وهذه الشاشة أشبه بالمرآة الرمزية التي تشاهد من خلالها (ميديا) نفسها ، او يرى (ياسون) . وبدت بين الضوء والظلام . وكان للرقص الكيروغرافي الذي أدته إحدى الممثلات ، دلالته الملائمة مع تشظية شخصية (ميديا) . فظهرت (ميديا) القاتلة المتمردة وكأنها أفعى تتلوى في رقصها وحركاتها وفحيحها .
    لم تؤكد المخرجة (سهام ناصر) في عروضها المسرحية على معاناة المرأة فحسب ، إنما ركزت على معاناة الرجل أيضا . ففي مسرحية (الجيب السري) أجلست المرأة والرجل على مدرج وألبستهما زيا موحدا . وبدى شكل الرجل يتشابه مع المرأة ، ليس هناك اختلاف في الملامح أيضا ، الجميع متساوون في المعاناة والقهر ، نتيجة الحروب التي تدمر الإنسان .
4 - المخرجة المسرحية اللبنانية لينا ابيض *
    مع بداية عملها المسرحي في الجامعة اللبنانية الأمريكية عام 1981 ، وكان همها تجسيد فكرة العدالة والسلطة والحق للإنسان العربي المضطهد ، ولاسيما قضية المرأة . ففي مسرحية (منمنمات جزائرية) اعتمدت المخرجة الاتجاه التسجيلي في الإخراج ، ولجأت إلى نصوص نشرت في الصحف الفرنسية ، والصحف المحلية في لبنان ، واستعانت بما جاء في ملحق جريدة النهار اللبنانية ، ونص الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي (صمتهم يجيز الجريمة) وكذلك نص (الخوف من الذات) للكاتب عقل العويط .
    أما جماليات المنظر المسرحي في عرض (منمنمات جزائرية) فقد تمثل في تقسيم خشبة المسرح على مستويين : فالمستوى الاول هو المستوى الامامي ( اسفل المسرح ) وتجري فيــه
 الأحداث التي تعتمد على تفجير الذاكرة ، والبوح عن المستور ، انه مكان القتل والاغتيال . مكان أرادت منه المخرجة توريط المتلقي في هذه اللعبة . ويمثل هذا المستوى أيضا مكانا لتقاطع الأحداث وتداخلها . أما المستوى الثاني (أعلى المسرح) فقد تم تحديده بسياج حديدي دلالة على السجن والقبر والموت المجاني . وقسمت هذه المنطقة إلى منصتين : منصة الذاكرة /المدينة/الأحداث . ومنصة الموت /الدفن / القبور . وغطته بطبقة من الرمل لتقريبه من الواقع . ووضعت عليه شواهد على قبر فاطمة واحمد وحسن وغيرهم من الأسماء . في الوقت الذي يظهر فيه حفار القبور يحفر طوال فترة العرض تقريبا .
وعلى وفق المسرح التسجيلي الذي انتهجته المخرجة في هذا العرض ، ويستند على القصص والأخبار والصحف والمجلات .أرادت المخرجة أن تجسد ذلك بشخصيات تروي الأحداث ، فوزعت الممثلين على منصة الذاكرة كما يأتي : تجلس المدرسة على يسار جثث مكفنة . وفي أعلى المسرح تمسك امرأة بقضبان السياج الذي يفصل مكان العرض عن المقبرة . وتظهر شخصيات لا ملامح لها لتجسد المواقف ، شخصيات رواية تروي الأحداث ثم تجسدها في مشهد .
    يتضح من هذا العرض كثرة الشخصيات النسائية التي اعتمدتها المخرجة (لينا ابيض) وصورت واقع المرأة الجزائرية ، وحالة الرعب الذي يهدد مصيرها في كل لحظة ، مصير المرأة بكل أشكال معاناتها : "الأم الثكلى ، المرأة المغتصبة ، المرأة التي تسعى إلى إنقاذ زوجها بتهريبه ثم السعي إلى احتضان أولادها ، الأرملة التي تعيل عائلتها ، الأستاذة الجامعية السافرة ، المحجبة المغتالة ، أنها معاناة المرأة في مختلف أحوالها الاجتماعية " .(26) ، تكسو خشبة المسرح حزم ضوئية سلطت على حركة هذه الشخصيات التي تبدو وكأنها خارجة من مساحة ضاقت بكثرة الهموم وقسوتها .
المبحث الثالث
المخرجة المسرحية العراقية 
    ظهرت المخرجة المسرحية العراقية المحترفة ، بعد أن عملت في الفرقة القومية للتمثيل وجهات مسرحية رسمية أخرى . واختصت منهن بمسرح الطفل ، أمثال المخرجة منتهى محمد رحيم والمخرجة فاتن الجراح والمخرجة إقبال نعيم . ومنهن من اختصصن بمسرح الكبار أمثال المخرجة روناك شوقي والمخرجة احلام عرب والمخرجة عواطف نعيم .وما يهمنا في هذا البحث هو تناول المنظر المسرحي في مسرح الكبار على يد ابرز المخرجات اللواتي رفدن المسرح العراقي بنتاجاتهن سواء في داخل العراق أم خارجه .
1 - المخرجة المسرحية العراقية روناك شوقي *  
    تعد (روناك شوقي) من المخرجات العراقيات المغتربات ، نتيجة الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد . وتناولت في عروضها موضوع الغربة والاغتراب والدكتاتورية . اعتمدت المخرجة في عروضها المسرحية على قطع ديكورية خفيفة الحمل والنقل والتغيير ، فضلا عن اعتمادها على أجساد الممثلين لتقوم مقام الديكور المسرحي أحيانا ، ففي مسرحية (وحشة .. وقصص أخرى) اعتمد المنظر المسرحي على كالوس وضع في خلفية المسرح ، مرسوم عليه شكل تجريدي لقباب متعددة تدل على مجموعة القصص التي تضمنها العرض المسرحي . وعلى جانبي خشبة المسرح كالوسين صغيرين يعملان على إخفاء الممثلين حين دخولهم وخروجهم . وقسمت المخرجة خشبة المسرح على ثلاث مناطق . في منطقة أسفل يسار المسرح بيت لامرأة فقيرة تمتهن الخياطة عبرت عنه بقطع ملابس معلقة على الجدار الأيسر للمسرح ، وقطعة قماش من التول البيض ملقاة على أرضية المسرح ، ومكعب خشبي بوصفه كرسي للجلوس ، خلفه إطار يرمز لشباك تغلفه ستارة بيضاء .
    في منطقة يمين المسرح ، مكعب خشبي (كرسي للجلوس) ومكعبين احدهما فوق الآخر (منضدة للكتابة) ، وخلفها سرير للنوم يرمز لغرفة الشاب . وفي منطقة أعلى وسط المسرح مقعد للجلوس  ومكعب خشبي وطبلة مرتفعة وضع عليها شمعدان بشمعتين تمثل المطعم أو الحانة . وتتغير هذه القطع الديكورية البسيطة بتغير المشاهد .(27)
    واستعاضت المخرجة عن عربة مسافرين يجرها الحصان ، بان جعلت إحدى الممثلات تقوم بدور الحصان ، ثم يأتي خلفها الحوذي ويجلس على مكعب خشبي وبيده اللجام ، وبعده يجلس المسافر على مكعبين خشبيين احدهما فوق الآخر ، وهم جميعا يتمايلون تعبيرا عن حركة العربة.
    وفي مسرحية (شهرزاد) : "... اختارت الفرجة شبه الدائرية ووزعت المشاهدين على ثلاث جهات، واعتمدت شكل الحلقة الشعبية في التواصل مع المتلقي من خلال السرد وتقطيع الأحداث فبدت المشاهد وكأنها لوحات شعبية معروفة .. " .**
    ويعد التغيير في شكل المسرح وسيلة هامة من وسائل المخرجة في جذب اهتمام الجمهور لحكايات شهرزاد التي يعرفها الجمهور . فضلا عن ان المسرح شبه الدائري لا يحتاج إلى قطع ديكور ضخمة أو مرتفعة قد تحجب الممثلين .
    واعتمدت المخرجة في مسرحية (عندما تهوى الملائكة) على المشاهد البصرية التعبيرية لإيصال بعض الرسائل الإيمائية للمتلقي ، والتي عبرت فيها عن المصير المأساوي لشريحة المثقفين .(28)
2  - المخرجة المسرحية العراقية أحلام عرب *
    ترى المخرجة أحلام عرب إن تجاربها المسرحية هي مزج بين المدرسة البرختية والستانسلافسكية والمسرح الفقير ،لذلك اعتمدت على الفضاءات المسرحية المفتقرة لقطع الديكور الضخمة . ففي مسرحية (ديمقراطية ونص) التي قدمتها في لندن ، استخدمت ستة صناديق وبمستويات مختلفة لتشكيل المقهى والبيت وقدور الطبخ وغيرها من مشاهد العرض . أما في مسرحية (أيام الأسبوع الثمانية) فالمسرح كان خاليا من قطع الديكور عدا شاشة وضعت في خلفية المسرح ، تعرض عليها الحالات المطلوبة ، كتكوين النجوم والثلوج فضلا عن بعض الدلالات على المسرح . لذا تكمن جماليات المنظر المسرحي عندها في استخدامها الفضاءات شبه العارية وجسد الممثل .
    أما الألوان المستخدمة في عروضها سواءا في الديكور أو الأزياء أو الإكسسوارات فتعتمد على نوع المسرحية . لكن الألوان الزاهية هي السمة البارزة في كل مفردات العمل لتاثيرها الايجابي في تفسير العمل وإيصاله بسلاسة . تقول : " ... وبشكل عام اميل للايجاب والتفائل حتى في الكوميديا السوداء والأعمال التراجيدية . اذكر اني أخرجت مشهدا من مسرحية (في انتظار جودو) علقت وردة حمراء زاهية في الشجرة الجرداء . أخذها لاكي وخرج بعد حواره العبثي الطويل . كنا طلبة معهد ، واعترض احد الطلبة انذاك كون المسرحية عبثية ، ولكن وجهة نظري كانت ايجابية ومختلفة " .(29)
    والمخرجة أحلام عرب لا تؤمن بالمسرح النسوي الذي يحاول أن يستقل عن الرجل والمرأة والرجل تراهما مكملان لبعضهما في كافة المجالات ، المهم عندها هو العرض المسرحي .
3 - المخرجة المسرحية العراقية عواطف نعيم *
    ترى المخرجة عواطف نعيم إن الإخراج المسرحي تنظيم جمالي وفكري في كل ما يظهر على خشبة المسرح . وهو عملية تكاملية تجمع الجمهور مع الخشبة بتناغم وموازنة ووعي يحفز الجانب البصري قبل أن يحفز الجانب السمعي لدى المتفرج .
    وعن عملية الإخراج المسرحي تقول : " بالنسبة لي هو القراءة الجديدة للنص المسرحي من خلال تفعيل وتشغيل منظومة العرض البصرية والسمعية على الخشبة والتي يعد الأداء الدرامي أهم عناصرها " . (30)
    أما النصوص التي تختارها فتكون من تأليفها أو إعدادها ، معتمدة في فهمها ووعيها على ما يدور من إحداث . تقول : " هناك الكثير من الأحداث الدرامية التي تفوق التصور تدور حولي . وعلي ان التقط منها ما يصلح لان يكون عرضا مسرحيا فيه الفكرة وفيه تأشير لمرحلة من تاريخ الوطن ، وفيه ايضا خلود العمل وإمكانية تقديمه في أي مكان وفي أي زمان ، لان الأعمال التي تلامس هموم الناس وأوجاعها وتنافس مشاكلهم وأحلامهم بفهم واعي ورؤى فلسفية عالية تمتلك القدرة على الحياة " .(31)
    وتجد في النصوص المسرحية العالمية التي اعدتها إعادة قراءة وتوظيف لهذا  الزمن المعاصر بكل ما فيه من اضطراب وتصادم في المواقف والارادات ، والقراءة تأتي لإنتاج معنى جديد ، فيه تأويل وفيه إسقاط .(32) ، مثل مسرحية (الصامتات) المعدة عن مسرحية (الخادمات) لجان جينيه . ومسرحية (دائرة العشق البغدادية) المعدة عن (دائرة الطباشير القوقازية) لبريخت ، ومسرحية (نساء لوركا) المعدة عن خمس مسرحيات للوركا ، ومسرحية (برلمان النساء) المعدة عن ارستوفانيس ، وغيرها من النصوص الأخرى .  
    إن طريقة عملها مع الممثل تعتمد على منح القراءة للنص الوقت الكثير لفك شفرات النص ومعرفة مغاليقه ، وتحليل الشخصيات وتوضيح الأفعال . ثم بعد ذلك الانطلاق للتحرك على الخشبة ، على وفق ميزانسين مدروس . وفي أحيان أخرى ، وبعد قطع مراحل من بناء العرض على الخشبة تعود الى قراءة النص ثانية ، لمعرفة مدى الفهم والتقارب في الانجاز بين القراءة التحليلية للنص ، والبناء المشهدي للعرض . 
    عملت المخرجة عواطف نعيم مع ممثلين محترفين ، كما عملت مع ممثلين هواة ، وترى ان لكل منهم ميزته . فالمحترف لديه القدرة على تكثيف العمل والانجاز بحكم الخبرة والدربة ، ولديه الفهم والوعي للتناغم مع الرؤى والأفكار التي تسعى إلى تجسيدها من خلال العرض المسرحي . أما الهاوي فيمتلك الحماسة والشغف ، ويصغي جيدا لكي ينجز ، ويمتلك طاقة أدائية خلاقة . وهي تحب العمل مع الاثنين ما داما يحققان ما تسعى إليه .(33) 
    أما أماكن العرض التي قدمت عليها عروضها ، ففي كل أنواع المسارح التي تتاح العمل فيها : مسرح العلبة ، الفضاء المفتوح ، الكاليري ، المعمار الأثري ، وذلك بحكم مشاركاتها في مهرجانات لدول متعددة في ألمانيا وهولندا وتونس والمغرب والجزائر ومصر والأردن والشارقة . لذا عليها ان تبتكر للعرض وسائل تواصله من خلال محاورة الفضاء الذي يحل فيه ، وتذليل سلطة المكان . وهذه هي مهمتها بوصفها مخرجة وقائدة للعمل .
    ساهمت المخرجة في وضع تصاميم المنظر المسرحي لأغلب عروضها المسرحية فهي ترسمها على الورق وتحاول الاستعانة بمن يقوم بالتعاون معها لتصبح مكتملة وقادرة على أداء مهماتها الوظيفية . وقد تضع اسما إلى جانب اسمها . وفي أحيان كثيرة لا تضع اسمها . وتحرص أن يحتوي المنظر المسرحي دلالات تكثيفية وجمالية وتهتم بأناقة الفضاء المسرحي كثيرا ، لان المسرح جمال تلعب فيه الصور الدور الكبير في خلق التأثير الدلالي معنى وتعبيرا . في مسرحية (نساء لوركا) كان تصميم المنظر المسرحي يتمثل بـ"" ... ثلاث قطع رئيسة هي التابوت والملابس النسائية السوداء والأشرطة البيض المدلاة من السقف ، لتستحم هذه المكونات المختزلة في فضاء البيت المغلق والمظلم إلا من بقع إنارة معبرة بوضوح عن حجم الحرية فيه . فقد أعطي لصندوق الملابس الكبير قيمة أخرى عندما حولته النساء إلى تابوت . فقيمة أي فن تكمن في البحث عن الأشياء الموجودة لتحويلها الى معنى آخر . وهو ما جعل صندوق الملابس تابوتا لبرناردا . فالتجريد في الفن يتلائم وسياق عرض مكثف . وعبر المصمم بالملابس السود لما يرتديه العراق اليوم من مظاهر حزينة " .(34)
    وترى المخرجة عواطف نعيم أن (الإضاءة) إحدى عناصر العرض المسرحي المهمة ، لأنها الوسيلة لمعرفة التحولات والتغيرات الزمانية والنفسية والجمالية . فالإضاءة جزء من المنظر المسرحي ويعملان معا لعكس الحالات وتقديمها . وتشترط في الإضاءة إن تكون بليغة ومعبرة وبعيدة عن الثرثرة . لذلك تعهد بها إلى شخص مختص ، صاحب رؤية فنية وجمالية وقادر على ان يعمل معها على وفق الصورة البصرية التي تتيخيلها ، وعلى وفق الأجواء التي تسعى إلى تجسيدها داخل بنية العرض المسرحي وتركيبته المشهدية .
   كذلك الأزياء والمكياج والإكسسوارات تراها عناصر مهمة للشخصية المسرحية لتكتمل بكل إبعادها وتكون مؤثرة ومقنعة . لأنها جزء مهم من المنظر المسرحي تقول : " اختيار  الزي والمكياج والإكسسوارات لكل شخصية لونا ونسيجا وطريقة عمل ، مهمة أتابعها بحرص مع المصمم الذي يعمل معي . واحرص بشدة على أن أكون مشرفة على ما ينفذ وأدعو الممثلين إلى تجربة الزي والمكياج للتعرف على تأثير ذلك على ما يحيط بالممثل داخل فضاء العرض المسرحي ولاسيما مع السينوغرافيا " .(35)
    والموسيقى أيضا يتم اختيارها وتنفيذها على وفق الرؤية الفنية للمخرجة مع مراعاة وحدة الموضوع . فلا يمكن خلط الموسيقى العالمية مع الموسيقى الشعبية أو ذات الخصوصية البيئية، بوصف الموسيقى عنصرا من عناصر العرض المسرحي التعبيرية والدالة للحالات المختلفة . وتستخدمها لخلق حالة التحول والتغيير والانتقال .
    والمخرجة عواطف نعيم لا تضع مسبقا أسلوبا معينا او منهجا معينا تعتمده في إخراجها، بل إن التجربة والبحث والابتكار الأساس في عملها . فالمسرح الحديث ما عاد يتمسك بالية اشتغال تقليدية ، بل هناك كسر لكل ما هو مألوف ومعتاد في فضاء الخشبة ، لان ميزة المسرح انه متجدد وقادر على الاستيعاب والتناغم مع كل متغيرات الحياة وتطوراتها ، تقول : " الإخراج ليس مسطرة يضعها المخرج لنفسه ولا يخرج عنها ، بل هو اكتشاف وفك مغاليق والتعرف إلى عوالم فيها من الجمال والفن والدلالة ما يجعل من التمارين اليومية ممتعة ومحفزة ، ولاسيما حين يكون العمل مع ممثلين مجتهدين " . وتفضل الخطوط المنحنية والخطوط المائلة في حركة الممثل طالما أنها تأتي من بواعث نفسية وجمالية ومغنية ، ومن أجواء العرض المسرحي في تحولاته المكانية والزمانية .  
    وللون دلالاته أيضا ، وله قيم جمالية ، لذا حين تستخدمه لابد من مراعاة الجوانب النفسية والطبيعية والجمالية للشخصيات داخل بنية العرض المسرحي . ولا تعمد إلى استخدام اللون بوصفه حالة تزويقية زائدة ، فكل ما على المسرح لا بد أن يكون مدروسا وله وظيفته وله معناه .
    أخرجت عواطف نعيم عروضا مسرحية ممثلوها من النسوة وتخلو من العنصر الرجالي مثل مسرحية (بيت الأحزان) و (نساء لوركا) و (الصامتات) ، وطرحت معاناة المرأة العراقية ومعاناة الوطن . فعن مسرحية (نساء لوركا) تقول المخرجة : " ترتكز هذه المسرحية على الوضعية الراهنة للنساء العراقيات في بلد محتل يحكمه الإرهاب والعنف .(37) ، وفي مسرحية (الصامتات) طرحت فكرة المرأة العراقية المهمشة والمست والمقصية والتي منعت من نيل حقوقها، تقول : "الصامتات هي صرخة احتجاج لان يكون الإنسان سيد نفسه ، وان تكون المرأة سيدة نفسها ، وإذا أصبحت سيدة نفسها وامتلكت حريتها ستكون قادرة على أن تحرر الآخرين ".(38)
المؤشرات التي أسفر عنها الإطار النظري :
1. رفضت المخرجة المسرحية العالمية فكرة بناية المسرح التقليدي ، وقدمت أعمالها في أماكن عرض غير تقليدية .
2. اعتمدت بعض المخرجات على الارتجال ، وقدمت عروضا مسرحية دون نص مكتوب (سكربت) مثل المخرجة (جوديث مالينا) .
3. عملت بعض المخرجات على إشراك الجمهور في العرض المسرحي دون علمه وهو ما يطلق عليه (توريط الجمهور) .
4. اعتمدت بعض المخرجات على جوانب من عروض السيرك وعروض المهرجين والأفلام الإخبارية القصيرة وعروض مسرح المنوعات (الميوزيك هول) والشرائح الملونة .
5. سعت المخرجة إلى إشراك الممثل في كتابة النص المسرحي وإعداده ، مثل المخرجة (اريان منوشكين) والمخرجة (جون ليتلوود) . 
6. انتمت بعض المخرجات العربيات إلى تنظيمات سياسية وراحت تختار العروض المسرحية التي تغوص في عمق الواقع السياسي والاجتماعي ، فضلا عن اهتمامها بقضية المرأة .
7. تميز المنظر المسرحي عند المخرجة العربية بالاعتماد على الرمز واستخدام الشاشات المعلقة .
8. تميزت الإضاءة المسرحية بجمالية تعبيرية ورمزية ، مما ساهم في تعزيز جماليات المنظر المسرحي .
9. اهتمت المخرجة العربية بالتأكيد على جسد الممثلة بوصفه حامل علامات وذات دلالات تعبيرية واجتماعية وفكرية تعبر به عن النص .
10. اعتمدت المخرجة العربية على أنواع متعددة من الاتجاهات الإخراجية ، منها الملحمية والتسجيلية فضلا عن الواقعية ، ما انعكس على جماليات وأسلوبية المنظر المسرحي .
11. اختارت المخرجة المسرحية العراقية الرمز للتعبير عن كثير من الحالات ، فضلا عن الواقعية الرمزوية، ما أضفى جمالية للمنظر المسرحي .
12. اهتمت المخرجة العراقية بقضية المرأة والظلم الواقع عليها من تهميش واستلاب وإقصاء.
13. اهتمت المخرجة العراقية بقضية الوطن وما آل إليه الحال بعد الاحتلال .
الفصل الثالث
إجراءات البحث
مجتمع البحث : 
ضم مجتمع البحث خمس مسرحيات للمخرجة عواطف نعيم بين الأعوام 2010-2013 وكما في الجدول الآتي :
ت اسم المسرحية المؤلف المخرجة سنة العرض 
1 حلم مسعود إعداد عواطف نعيم عن قصة كلب الجنرال لتشيكوف عواطف نعيم 2010
2 جنون الحمائم إعداد عن مسرحية (سوء التفاهم) لالبير كامي عواطف نعيم 2010
3 أنا في الظلمة ابحث عواطف نعيم عواطف نعيم 2011 (إعادة عرض)
4 أنا والعذاب وهواك عواطف نعيم عواطف نعيم 2013
5 الصامتات إعداد عواطف نعيم عن مسرحية الخادمات لجان جينيه عواطف نعيم 2013
عينة البحث : تم اعتماد عرض مسرحية (جنون الحمائم) عينة للبحث للأسباب الآتية :
1. تسنى للباحث مشاهدة العرض المسرحي .
2. توفر المصادر الأرشيفية لهذا العرض عينة البحث .
طريقة تحليل عينة البحث : استخدم الباحث طريقة تحليل المحتوى من خلال هدف البحث وما تمخض عن الإطار النظري من معايير في الجوانب الآتية : 
1. درجة التقييد بالنص المسرحي .
2. طريقة التعامل مع الممثل .
3. تعامل المخرجة مع الفضاء المسرحي .
4. كيفية تقسيم خشبة المسرح .
5. مكونات المنظر المسرحي المستخدم .
6. كيفية تجسيد القيم الزمانية والمكانية .
7. طريقة استخدام الإضاءة .
8. الأزياء والإكسسوارات وعلاقتها بالمنظر المسرحي .
9. طبيعة الخطوط المستخدمة في تصميم المنظر المسرحي .
10. تحقق مراكز السيادة في المنظر المسرحي .
11. طريقة استخدام الألوان في المنظر المسرحي .
مسرحية : جنون الحمائم 
إعداد وإخراج : عواطف نعيم 
سينوغرافيا العرض : عواطف نعيم وعلي محمود السوداني 
    تحكي مسرحية (جنون الحمائم) قصة عائلة عراقية تتألف من ألام (فاطمة الربيعي) والأب (عزيز خيون) والابنة (عواطف نعيم) التي تتعرض إلى الاغتصاب ، وتعيش في حالة سيئة ، وتقرر العائلة أن تنتقم من كل زائر يبيت في نزلهم الموجود في منتصف الطريق ، بان يقدم له الشاي المسموم . إلى أن يأتي شاب (كاظم القريشي) يحمل بيده اله عود موسيقية وحقيبة سفر . يدخل من الصالة بعد أن ينزل إليه الأب ليستقبله . يعلن الشاب عن فرحته لوصوله إلى هذا المكان بعد غربة دامت أكثر من عشرين عاما ، وهو عائد إلى أهله دون إن يخبرهم انه ابنهم الغائب الذي يفتقدونه . تطلب الابنة منه إذا كان يود شرب قدح من الشاي ، فيوافق على الفور . وفي هذه الأثناء تخبره الأم أنها فقدت ولدها منذ زمن ، ولم تعرف السعادة منذ ذلك الوقت . يقترب منها الشاب ويسألها إذا كانت تحب أن يغني لها .
    وفيما هو يحاول الغناء تدخل الفتاة وهي تحمل قدح الشاي المسموم وتقدمه إليه . يشرب الشاي رشفة بعد رشفة إلى أن ينتهي منه . هنا يبدأ بإلقاء كلمات الغنية التي كانت أمه تغنيها له وهو طفل ، والسم يسري في جسده ، وآلام السم تبدأ تشل حركاته ، تنتبه الأم إلى الكلمات بذهول وتكمل كلمات الأغنية التي تحفظها عن ظهر قلب ، وتعرف انه ابنها الذي غاب عنها عشرون عاما . يسقط الشاب بعدها ميتا على مقدمة الكرسي . وهنا يجن جنون الأم وتلعن نفسها وتلعن الأم التي لم تتعرف على ابنها بإحساسها الطبيعي . في إشارة من المخرجة إلى أن الحروب تحجر مشاعر الإنسان وتجعله يفقد الإحساس بأقرب الناس إليه .
    أرادت المخرجة (عواطف نعيم) أن توصل لنا فكرة معاناة الإنسان في الحرب ، وان الخسارة في الحرب هي خسارة الإنسان ألبريء المسالم الذي يحلم بالأمان ، وان الحرب لا رابح فيها ، الكل خاسر ، خسارة في الدماء وخسارة في الأرواح ، وخسارة للأبناء الذين يدفعون ثمن هذه الحروب ، أرادت ان تقول للعراقيين : ازرعوا المحبة بينكم واصنعوا مصيركم بأنفسكم ، ولا تدعوا أحدا ينوب عنكم أو يستغلكم .(39)
    اعتمدت المخرجة هذا النص عن مسرحية (سوء التفاهم) للكاتب (البيركامي)* ، المكونة من ثلاث فصول ، فجعلتها فصلا واحدا . واختزلت الشخصيات من خمس شخصيات إلى أربع، بعد أن ألغت شخصية (ماريا) زوجة الابن (يان) . كما أنها غيرت في فكرة المسرحية ، فبعد أن كانت شخصيتا الأم وابنتها (مارتا) تقتلان من اجل كسب المال والهرب من مكانها النائي الموحش المظلم ، إلى مدينة تسطع عليها الشمس قريبة من الساحل ، تتمتع بالدفء ليشعران بالسعادة التي افتقدتاها منذ زمن بعيد . صارت هاتان الشخصيتان في مسرحية (جنون الحمائم) تقتلان من اجل ألثار والانتقام ، بعد ان اغتصب الابنة من قبل الجنود الأمريكان أثناء الحرب وجعلت المخرجة فكرة المسرحية تدور حول الأحداث التي في العراق تحت ظل الاحتلال الأمريكي ، وقدمتها بقراءة عراقية وبأداء عراقي وبجراح وأوجاع عراقية . ثم قامت بتحويل دور (الخادم) الذي لا يتكلم إلا قليلا في مسرحية (سوء التفاهم) إلى دور الأب الذي يساهم في دفن القتلى .
    واعتمدت المخرجة في إنشاء منظرها المسرحي في عرض مسرحية (جنون الحمائم) على  فكرة القتل ، تلك الفكرة او الثيمة التي عرفتها البشرية في اول خصام بين طرفين ينتهي بالقتل . قتل قابيل لاخيه هابيل . ولان هذه الفكرة لها تاريخها البعيد . فقد استجابت المخرجة لذلك في رؤيتها لتأثيث الفضاء عبر المنظر المسرحي .
    أما عن المنظر المسرحي ، فلم تلجا المخرجة إلى تقسيم خشبة المسرح على مناطق متعددة ، إنما ارتأت أن جمالية المنظر في هذا العرض تقتضي إبقاءها منطقة واحدة . وجعلت كل خشبة المسرح مفتوحة ومشاهدة من قبل الجمهور . واستخدمت ديكورا بسيطا جدا ، تمثل في كرسي ضخم مصنوع من الخشب الطبيعي خشن الملمس ذو مسندين ، غلفته بنايلون شفاف ، يتحرك على عجلات ليسهل تحريكه من مكان إلى آخر . تجلس عليه (الأم) غليظة القلب التي ماتت مشاعرها منذ زمن بعيد , ورمزت بهذا الكرسي الذي يحتل وسط وسط المسرح ويشكل بؤرة المنظر المسرحي إلى السلطة التي غالبا ما يتصارع من اجلها المتنافسون ويذهب ضحيتها الانسان البريء الذي يحلم بالأمان . ونتيجة هذا الصراع ، نجد أن ارض هذا النزل (الفندق) الذي رمزت به للعراق ، قد امتلأت بجثث القتلى الذين قتلتهم الأم والابنة ، ويقوم الأب بدفنهم . وهذا ما نشاهده مع بداية العرض المسرحي ، حيث يبدأ العرض بآهات حزينة تنطلق عل شكل غناء اقرب إلى المقام العراقي ، دلالة على أن هذا الحدث يدور في العراق . وفي جو تسوده الظلمة الا قليلا من الإضاءة الزرقاء الخافتة التي تصدر من جهة يمين المسرح ، يرافقها ضباب ينطلق بين فترة وأخرى يزيد الجو غموضا . نشاهد الأب يدخل ويخرج مسرعا وهو يحمل عدة الحفر والدفن . فنراه مرة يدخل وبيده مجرفة (كرك) ثم يخرج . وثانية يدخل وبيده (زنبيل من الخوص) لحمل الترب ثم يخرج ، وثالثة يدخل وبيده فأس للحفر ، ورابعة يدخل وهو يحمل جثة بكفن ابيض يحتار أين يدفنها من كثرة القتلى .
    الجزء الآخر من الديكور هو ثلاث دكات دائرية وضعت في مناطق تحيط بالكرسي الكبير ، لها وظيفتان ، الأولى جلوس الشخصيات ، والثانية توحي أنها براميل نفط أو أبار نفط تملا ارض العراق ، وبدلا من ان تعود بالخير العميم لشعب العراق ، صارت وبالا عليه . واستقدمت جيوش الدول الأجنبية لاحتلاله . وما مر به البلد بعد الاحتلال كان أقسى وأمر .
    ولما كان المنظر المسرحي يتشكل من قطع غاية في البساطة والاختزال ، نتج عنه فراغا كبيرا ، وصار عنصر الفراغ يهيمن على خشبة المسرح . ليدل على المتاهة التي تعيش فيها البلاد . من جانب آخر ، أن هذا الفارغ الكبير دعا مصمم الإضاءة إلى استخدام الإضاءة المركزة (البقع الضوئية) للتأكيد على الشخصيات فقط وإغراق المساحة المتبقية في الظلام . أن الاختزال الجمالي في المنظر يناظر دواخل الشخوص في شعورها بالتيه . وفي وجودها الخارج عن قيم الإنسان .
    ولإضفاء جمالية خاصة على المنظر المسرحي ، استثمرت المخرجة الإضاءة المسرحية، وخلقت ديكورا ضوئيا تمثل في رسم أشكال القبور المقوسة على الجدار الخلفي للمسرح دلالة على كثرة القتلى وكثرة القبور في هذا البلد .
    كما وضعت بالقرب من الجدار الخلفي للمسرح عشرة أجهزة تصدر منها حزم ضوئية إلى الاعلى تشير إلى الأرواح البريئة التي تزهق كل يوم ظلما وعدوانا . وتوحي إلى الأمل في انفتاح الإنسان على تجاوز فعل الاعتداء على الإنسان عبر فتح أفق للأمل والانسجام في مجتمع متآخي .
    وفي نهاية العرض أنزلت المخرجة بواسطة الهيرسات من سقف المسرح خمسة عشر كفنا ، مضاءة من الداخل تتلون على وفق ضرورات الحدث ، رمزت إلى أرواح القتلى الشهداء المعلقة ما بين السماء والأرض ، الذين قضوا ضحايا التفجيرات والاغتيالات والحروب .
    أما جماليات الأزياء فتمثلت في زي الأم التي كانت ترتدي ثوبا اسودا دلالة على الحزن العميق الذي يلف هذه الشخصية ، فضلا عن حقدها وكراهيتها للآخرين . وجعلت المخرجة شخصية الأب يرتدي معطفا اسودا ، وحذاء عسكري (بسطال) دلالة على انه يمثل الجيش العراقي الذي لم يستطع الدفاع عن ابنته عندما تم اغتصابها ، لذلك تتهمه ابنته بالجبن والتخاذل وتبصق عليه وتتبرا منه ، وتطلب منه أن لا يدعوها (ابنته) . وهو يدل على أن هذا الرجل العسكري كما تراه المخرجة ، قد فقد الرجولة والنخوة والغيرة على عرضه ، ولم يستطع أن يدافع عن أبناء وطنه .(40)
  وارتدت (الابنة) ثوب بقطعتين مزقته وهي في حالة من الهيستيريا ونوبة من الهذيان ، محاولة الانتحار ، بعد تذكرها حالة الاعتضاب التي مرت بها في السجن .
    أما الإكسسوارات فتمثلت في أدوات الحفر والدفن التي استخدمها الأب (المجرفة والفأس والزنبيل وجثة ملفوفة بقماش ابيض مع قداحة وسيكارة) . و(قدح الشاي المسموم) الذي قدمته الابنة للشاب . و(آلة العود والحقيبة) التي كان يحملها الشاب عند دخوله النزل (الفندق) . وأخيرا (الأكفان البيضاء) المعلقة بواسطة الهيرسات في فضاء خشبة المسرح ، التي زادت من جمالية المنظر . وكان لها اثر كبير على جمالية المنظر المسرحي .
    واستخدمت المخرجة الموسيقى العراقية ، ومن البيئة المحلية العراقية . فمع بداية العرض المسرحي يسمع صوت طبول وصنوج . ثم عند ظهور الابنة لأول مرة عندما تحاور الأب ، يسمع صوت (السنطور) وهو من الات الجالغي البغدادي . ثم يسمع صوت (الجوزة) بعد صراخ الفتاة واستنكارها حالة الاختصاب . ثم يعود صوت (السنطور) قبل دخول الشاب لأول مرة إلى النزل (الفندق) ، والمدائح النبوية على آلة الدف التي ينتهي بها العرض المسرحي والتي تهدف إلى استثارة الجمهور وحثهم على الدفاع عن الوطن والحفاظ عليه وعلى كرامته .
    وأخيراً فان فضاء عرض مسرحية (جنون الحمائم) قام على الترشيد والاختزال في منظره المسرحي ليبدو الفضاء مفتوحا على اللحظة التاريخية التي حدثت فيها جريمة القتل . وهو فضاء لم تظهر معالمه او علاماته واضحة . ألا انه حدث في فضاء يتسم بانعدام جزيئات المكان وهو ما سعت اليه المخرجة (عواطف نعيم) في قراءتها لفكرة القتل وعشوائيته في المسرحية ، وفي حقبة تاريخية حرجة من تاريخ العراق ،حين تتحالف (الأم) و(البنت) في قتل (الابن) دون مبرر وهو فعل أكثر تعبيرا عن اضطراب الإنسان في زمن الطمع المادي والحياتي .
الفصل الرابع
النتائج
1. اعتمدت المخرجة عاطف نعيم في هذا العرض على نص أعدته عن مسرحية (سوء التفاهم) للكاتب البيركامي ، وعملت على تغيير فكرة المسرحية من قتل لكسب المال ، إلى القتل من اجل الثار والانتقام .
2. ارتأت أن تكون خشبة المسرح منطقة واحدة مفتوحة على الرغم من قلة عدد الشخصيات التي لم تتجاوز الأربعة . ومساحة خشبة المسرح الواسعة . مما خلق فراغا كبيرا . 
3. استخدمت المخرجة ديكورا بسيطا تمثل في كرسي كبير ذي مسندين وثلاثة دكات دائرية . مع أكفان معلقة في فضاء خشبة المسرح تظهر في نهاية العرض المسرحي .
4. استخدمت اللون الطبيعي لخشب الكرسي الخشن الملمس .
5. صار الكرسي هو مركز البؤرة الثابت للمنظر المسرحي .
6. المنظر المسرحي لم يتقيد بالزمان والمكان . فهو قابل للتأويل .
7. اعتمدت المخرجة الخطوط المنحنية في تجسيد القيم الحركية للشخصيات .
8. منطقة التمثيل لم تقتصر على خشبة المسرح . بل اشتركت الصالة أيضا ، حيث جعلت الشاب يدخل من الصالة الى خشبة المسرح عند دخوله لأول مرة .
9. اعتمدت الإضاءة المركزة من الأعلى إلى الأسفل ، فضلا عن الحزم الضوئية المسلطة من الأسفل إلى الأعلى . واستخدام الإضاءة داخل الأكفان الفارغة المعلقة في فضاء خشبة المسرح .
10. جلب انتباه الجمهور واستحضاره للعرض المسرحي بشكل مسبق من خلال المثيرات السمعية (صوت الآهات ، الطبول ، الصنوج) والبصرية (حركة الأب السريعة والدءوبة ذهابا وإيابا في حمل عدة الحفر والدفن ثم حمل الجثث) .
11. استخدمت اللون الطبيعي لخشب الكرسي الخشن الملمس دلالة على قساوة وصرامة السلطة. 
12. اعتماد المنظر المسرحي على الضبابية في الأحداث من خلال الاستعانة بجهاز خاص لذلك.
13. جمعت المخرجة بين مناهج إخراجية متعددة لإخراج هذا العرض المسرحي، منها: الواقعية، الرمزية، الملحمية.
14. جعلت من الأكفان المعلقة في فضاء المسرح والمنبثقة من داخلها الإضاءة الملونة، شخوصا إضافية في العرض المسرحي، وشواهد على جرائم القتل التي ترتكب.
الاستنتاجات: 
1. اعتمدت المخرجة المسرحية عواطف نعيم على إعداد مسرحيات لمؤلفين عالميين مرت بلدانهم بالظروف نفسها التي مر ويمر بها العراق. واعتمدوا على قصص وحكايات حدثت أثناء الحروب، وقدمت من اجل العبرة والموعظة للشعوب .
2. أن اعتماد المخرجة المسرحية على نصوص من المسرح العالمي واعدادها، نابع عن اعتقادها أن هذه النصوص صارت ملكا للجميع وليس لأصحابها الأصليين فقط . ومن حق الجميع التصرف بها.
3. استفادت المخرجة المسرحية من خبرات المخرج المسرحي (الرجل) وأبدعت في هذا المجال.
4. استعانت المخرجة المسرحية بمصممي المناظر المسرحية من الرجال في أحيان كثيرة لتخصصهم بذلك.
5. كان للمخرجة المسرحية العراقية بصمات واضحة على جماليات المنظر المسرحي، حيث إنها تعنى كثيرا في تفاصيل المنظر المسرحي وألوانه.
6. جمعت المخرجة بين خشبة المسرح والصالة واعتبارها منطقة تمثيل واحدة من اجل توريط الجمهور واعتباره جزءا من العرض. وان الأحداث التي تدور في العرض تهمه أيضا.
7. أرادت المخرجة من عدم توزيع خشبة المسرح إلى مناطق متعددة أن تسقط ذلك على الواقع السياسي للبلد. وان تقول إن العراق واحد موحد غير قابل للتجزئة.
8. اعتمدت المخرجة المسرحية على مناهج إخراجية متعددة في العرض المسرحي الواحد، لاعتقادها أن ليس هناك فواصل تفصل بين اتجاه وأخر، بسبب طغيان موجة التجريب على المسرح .
9. جعلت من الأكفان المعلقة في فضاء المسرح والمضاءة من الداخل شخوصا إضافية في العرض المسرحي بوصفهم شهداء ينيرون طريق الشعوب .
وهذا يعد من جماليات المنظر المسرحي المتميزة للمخرجة عواطف نعيم .

هوامش البحث ومصادره :
-----------------------------------
(1) لويس معلوف ، المنجد في اللغة ، ط15 (بيروت :      ، 1965) ص99 .
(2) ر. ف . جونسون ، الجمالية ، تر : عبد الواحد لؤلؤة (بغداد : موسوعة المصطلح النقدي، منشورات وزارة الثقافة والفنون ، 1978)ص100.
(3) أميرة حلمي مطر ، فلسفة الجمال من أفلاطون إلى سارتر (القاهرة : دار الثقافة للطباعة والنشر ، 1974) ص44.
(4) رواية عبد المنعم عباس ، القيم الجمالية (الإسكندرية : دار المعرفة الجامعية ،1987)ص57.
(5) ر.ف. جونسون ، الجمالية ، مصدر سابق ، ص10 .
(6) إبراهيم حمادة . معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية (القاهرة ، دار الشعب ،د.ت) ص299.
(7)  John Dolman , The Art of play production , New York : Harpar , Brothers , 1946 .p.p.222-293.  
(8) أوديت أصلان ، فن المسرح ، ج2 ، تر : سامية احمد (القاهرة : مكتبة الانجلو المصرية 1970) ص 794.
(9)  A.S. Gillete , Stage Scenery , 2ND . Ed . New York : Harpar and row , 1972 . p.p.405 . 
(10) هيلين كيسار ، المسرح النسوي ، تر : منى سلام (القاهرة : مركز اللغات والترجمة ، 2007) ص43 .
(11) ينظر : الفريد فرج ، الحرب العظمى في مسرحية . (انترنيت) 
(12) المصدر نفسه .
(13) جيمس روس – ايفانز ، المسرح التجريدي من ستانسلافسكي الى اليوم ، تر : فاروق عبد القادر (القاهرة :دار الفكر المعاصر ، 1979) ص 118 .
(14) سمير سرحان ، تجارب جديدة في الفن المسرحي (بيروت : المركز العربي للثقافة والعلوم ، د.ت) ص102 .
(15) كريستوفر اينز ، المسرح الطليعي ، تر : سامح فكري (القاهرة : مطابع المجلس الاعلى للاثار ،          ، 1994) ص354 .
(16) المصدر نفسه والصفحة .
(17) المصدر نفسه ، ص 359 .
* اريان منوشكين : ولدت في فرنسا في اذار /1939 ودرست في جامعة السوربون ، واخرجت عددا من العروض المسرحية منها : (الزفاف الدامي ) ، (المطبخ) ، 1968 ، (حلم منتصف ليلة صيف )1968 ، (عصر الذهب) 1975 ، (ريتشارد الثالث) 1981 ، وغيرها .
(18) المصدر السابق ، ص 403 .
(19) المصدر نفسه ، ص ص 404-405 .
(20) دافيد وليامز ، مسرح الشمس ، تر : امين حسين الرباط (القاهرة : اكاديمية الفنون – مركز اللغات والترجمة ، 1999) ص ص 12-13 .
(21) كريستوفر اينز ، المسرح الطليعي ، مصدر سابق ، ص ص 406-407 .
* لطيفة ملتقى : مخرجة وممثلة لبنانية ولدت عام 1932 ، تخرجت في كلية الحقوق . اختارت مهنة الاخراج والتمثيل بدلا عن مهنة المحاماة . بعد ان اقترنت بالمخرج اللبناني انطوان ملتقى .
(22) وطفاء حمادي هاشم ، المراة والمسرح في لبنان (دمشق : دار المدى للثقافة والنشر ،2002)ص 125.
* نضال الأشقر : مخرجة وممثلة لبنانية ولدت عام 1944 . درست المسرح في الأكاديمية الملكية في لندن ، وتتلمذت على يد المخرجة الانكليزية (جون ليتلوود) . أخرجت عددا من العروض المسرحية منها : (مجدولين) ، (الآباء والأبناء) ، ( طقوس الإشارات والتحولات) ، (ثلاث نسوان طوال) ، ( منمنمات تاريخية) . 
(23) ينظر : وطفاء حمادي ، سقوط المحرمات (بيروت : دار الساقي ، 2008) ص182 .
(24) المصدر نفسه ،ص228 .
* سهام ناصر : مخرجة وممثلة لبنانية ولدت عام 1948 ، أستاذة مادة التمثيل في معهد الفنون /الجامعة اللبنانية . أخرجت عددا من الأعمال المسرحية منها : (انبعاث وموت خواكيم موريتا) ، (ميديا) ، ( موت بائع جوال) .
(25) وطفاء ، حمادي ، سقوط المحرمات ، ص ص 189-190 .
* لينا ابيض : مخرجة مسرحية لبنانية ولدت عام 1957 . حصلت على شهادة الدكتوراه في المسرح من جامعة السوربون الجديدة في فرنسا . أخرجت عددا من العروض المسرحية منها (انتيغون) ، (اللعبة) ، (الكترا) ، (نمنمات جزائرية) .
(26) وطفاء ، حمادي ، سقوط المحرمات ، ص234.
* روناك شوقي : مخرجة مسرحية عراقية ، ابنة الفنان المسرحي خليل شوقي ، مواليد 1953 . تخرجت في معهد الفنون الجميلة /بغداد عام 1977 . سافرت إلى موسكولتدرس فن التمثيل والإخراج في معهد غيتس بموسكو وتخرجت فيه عام 1984 . انتقلت إلى دمشق ثم إلى لندن وأسست فرقة مسرح (أستوديو الممثل) عام 1991 . أخرجت ومثلت عددا من العروض المسرحية منها : (المملكة السوداء) ، (وحشة .. وقصص أخرى) ، (أبواب الجنة) ، (الخادمات) ، (خارج الزمن) .
(27) محمد وردة ، العراقية روناك شوقي مخرجة وممثلة مع مجموعة "أستوديو الممثل" ، الحياة ، العدد 13635 .
** لتعذر حصول الباحث على مصادر (كتب) تتحدث عن المخرجات العراقيات اضطر الباحث الى تناول الموضوعات المنشورة على الانترنت .
(28) ينظر : عدنان حسين احمد ، روناك شوقي والمصادر التراجيدية المؤسسية للشريحة المثقفة ، (لندن) ، (28 يناير 2012) .
* أحلام عرب : مخرجة مسرحية عراقية ، مواليد بغداد / منطقة العاقولية /شارع الرشيد . تخرجت في معهد الفنون الجميلة /بغداد 1979 . سافرت إلى لندن ودرست كورسات اخراج وتمثيل في اكاديمية لندن لفنون التمثيل والموسيقى (1980-1985) عادت الى العراق عام 1985 واصبحت عنصرا اساسيا في تفعيل (فرقة النصر) للشباب . عادت ثانية الى لندن واسست فرقة (نيسابا) عام 1999.
(29) مقابلة مع المخرجة أحلام عرب عن طريق الفيس بوك .
* عواطف نعيم : مخرجة وكاتبة وممثلة مسرحية . من مواليد (باب الشيخ – فضوة عرب) بغداد حصلت على شهادتي الماجستير والدكتوراه في كلية الفنون الجميلة /جامعة بغداد . كتبت واخرجت للمسرح العراقي العروض الآتية : (كنز الملح )1996 ، (بيت الأحزان) 1997 ، (ياطيور) 1997 ، (انأ وجدي والدمى) 1999 ، (يللي فوك) 2001 ، (حجر السجيل)2001 ، (ترانيم للعشق) 2002 ، (مهر لبغداد)2003 ، (أنا في الظلمة ابحث)2005 ، (الصامتات) ، (المهرج وأنا) ، (نساء البرلمان) ، (الشرفة) .
(30) مقابلة شخصية أجراها الباحث مع المخرجة عواطف نعيم في المسرح الوطني /بغداد بتاريخ 7/7/2013 . 
(31) المصدر نفسه .
(32) ينظر : عبد العليم البناء ، في حوار مع المخرجة د.عواطف نعيم ، جريدة المواطن .(الانترنت) .
(33) المقابلة الشخصية السابقة في 7/7/2013 .
(34) ياسين النصير ، مسرحية نساء لوركا .. خطاب مرتبك .(الانترنت) .
(35) المقابلة الشخصية السابقة في 7/7/2013 .
(37) المصدر نفسه  
(38) ياسين النصير ، مسرحية لوركا .. خطاب مرتبك ، مصدر سابق .
(39) عبد الجبار العتابي ، خادمات جان جينيه .. صامتات في بغداد ، موقع أحرار العراق ، (الانترنت) .
* مقابلة شخصية أجراها الباحث مع المخرجة عواطف نعيم في المسرح الوطني /بغداد بتاريخ 8/4/2014 .
(40) المصدر نفسه .


0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption