أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الاثنين، 5 نوفمبر 2018

مسرحية "سباحةُ مالودي " تأليف: محمد سعيد ملاسعيد

مجلة الفنون المسرحية




الشخصيات :

اركادي:  شاب عمره 23سنة عامل في ورشة خياطة.
ميران:  شاب عمره 27سنة عامل في ورشة خياطة.
أُم ميران:  امرأة خمسينية.. مليحة، مهندمة الثياب. 
زهية:  اخت ميران: فتاة عشرينية العمر.. متشيكة.. 


المشهد الأول:

اركادي جالس في ساحة اشبه بالحديقة، يدخل ميران
وهما شابان في اواسط العشرينيات من عمرهما..

ميران: أراك هنا يا اركادين؟
اركاد: نعم.
ميران: ستحضر الحفلة من كل بد.
اركاد: نعم.
ميران: مالي أراك تغمغم بنعم فقط, أخمّن كأن الأمر مفروض عليك.
اركاد:  نعم ولا.
ميران: ياه، لقد زدتها بلا, هيا أفصح أنت مغتاظ من كل بد.
اركاد: حقيقة نعم. وأكاد أنفلش قهرا، هكذا يتم تجاهلي ويُفضّل عليّ غيري أقل مني مهارة ونشاطا.
ميران: أنت تأخذ الأمور في سياق متعرج فلا تهتم كثيرا ولا تغتم.
اركاد: لقد ناقشت /بيني وبينك/ الأمر بيني وبين المشرف العام فتحجج بكذا وكذا وتلكأ في الكلام بأن الأمر ليس بيده وأنه مأمور من فوق.
ميران: يمكن نعم ويمكن لا.. الأمر سيان بالنسبة له, أنت أم غيرك هو ليس له مصلحة في شيء؟
اركاد: المهم.. أني أشم رائحة غير سوية.
ميران: لا تكن شكاكا ياه، ولا تكن معاندا وخذ الأمر بروح رياضية.. اليوم هو وغدا أنت وبعد غد يمكن أنا. إرضَ بالقسمة ولا تعاند, إن المعاندة سوء والعاقبة وخيمة..
اركاد: ليت الأمر كذلك ولكن ليس كما تقول، فيها (خيار وفقوس).. تفضيل ومحاباة.
ميران: ولكنك حضرتَ وأبكرت أيضا, فما يزال الوقت باكرا بأكثر من نصف ساعة.. فلماذا؟
اركاد: لقد وعدني المشرف بدرجة ترضية وتنويه بي أثناء تقديم الشهادات وألح علي أن أحضر لذلك حتى لا يفهم الأمر بشكل آخر.
ميران: أتعجب -ستنال ترضية وتنويها- وتغضب أيضا!
اركاد: أنا أعرف قدر نفسي.. 
ميران: أحمدْ الله، أن مهندسنا المشرف رجل شريف وهو أيضا مظاهري ويريد من هذه الحفلة أولا الترويح عن النفوس, وثانيا تشجيع العمال المجتهدين وتكريمهم, بحفلة شعر وغناء وموسيقا حفلة -أدبية على فنية- أنه بهذا يريد كسب ود العمال والموظفين وأن الأمر ترويح وتجديد الهمة. 
اركاد: جيد، وشكرا على هذه البادرة، ولكن لينصف على الأقل..
ميران: أواه.. أنه ينصف وإلا ماذا إن لم تكن الأول فأنه لا ينصف هه؟! أنت شاب من الريف وقد جئت منذ شهور عدة للورشة و.. نعم أنت نشيط ومتفان و..
اركاد: ياه لقد اعترفتَ..
ميران: أوه أنت صعب، سأغادرك لمشوار وسأعود لأحضر الحفلة هل تأتي معي؟
اركاد: لا سأنتظر هنا مع السلامة.
ميران: مع السلامة.

المشهد الثاني: 

تدخل سيدة متوسطة العمر والهيئة برفقة فتاة عشرية، اسمها /زهية

الأم: أواه لقد انهدّ حيلي، تعبت يا بنتي زهية، لنجلس هنا قليلا ونرتاح ومن ثم نتابع وعثاء الطريق المشي والبحث والتفرج على واجهات المحال.
الفتاة زهية: كما تريدين.. أرى أنك تتعبين بسرعة.
الأم: أن وزني قد زاد.. وقد ترققت عظامي.
زهية: حسنا والقميص هيا خذيه، لا تنسيه.
الأم: سآخذ قطعة القميص للمحل وأبدله لك.
زهية: لا تنسي اللون الوردي المفتوح الصدر والزهرة على جنبها،
لا تنسي.. أريد ذلك بإلحاح؟
الأم: حسنا. حسنا.
 (تذهب السيدة وتــُخرج الفتاة كتابا صغيرا بحجم نصف الكف وتتمعن فيه، تقرأ فيه، وقد انكمشت على نفسها، أركادي يتمعن 
فيها، تنفرج محياه وتنفتح أساريره وتلمع عيناه ويمتلئ صدره...)
أركاد: هذه السيدة والدتك ؟ أم لا..
الفتاة: (تتلكأ في الرد) نعم! هل تكلمني؟
اركاد: نعم سألت: هل هذه السيدة والدتك أم لا؟
زهية: لماذا.. لماذا تسأل؟!
اركاد: إن كانت والدتك كان يجب أن تذهبي معها، وأما أن ترسليها فتكون ثمة شيء آخر.
زهية: مثل ماذا؟
اركاد: مثلا عمة، خالة، خادمة شيء من هذا القبيل جارة؟؟
زهية: أمي..
اركاد: الأمهات حنونات ولا يكسرن كلام أبنائهن، يلبين الطلب فورا.
زهية: حسنا.......... 
اركاد: وبخاصة بناتهن الجميلات الرقيقات.
 زهية: ..........
اركاد: آه يا أمي أين أنت مني.. آه..
زهية: ...........
اركاد: أتعرفين يا آنسة! سأعرفك بنفسي أني اليوم مدعو للتكريم هنا/بعد قليل/ آه لو كانت أمي هنا معي.
(جانبا) آه أنها متكبرة لا تعيرني بنأمة ولا تحيد عن كتابها، ماذا تقرأ فيه؟؟ أنه كتاب مقدس كما أخمن..
 (يلاحظ في يدها بطاقة دعوة للأمسية الاحتفالية، 
تهوي بها على وجهها من شدة الحرّ).
اركاد: آه يا آنسة تلك البطاقة في يديك هل تسمحين لي بها؟
زهية: لماذا؟
اركاد: هل تدرين ماذا مكتوب فيها؟
زهية: لا ؟
اركاد: أنها دعوة لحفلة ستقام في هذه الشركة (الخياطة آسيا) المقابلة لنا هناك وهي حفلة أدبية وفنية, وفيها تكريم لبعض العمال النشيطين المجدين وأنا على رأسهم.
زهية: حفلة غناء وموسيقى..
اركاد: نعم يتقدمها تكريم لشخصي فأنا أعجبك، لقد جئت من القرية للمدينة للعمل /وعمري الآن 23سنة/ كنت أعمل في بلدتنا ولكن على الخفيف.. أما هنا فالعمل له روتين سريع لقد فهمت العمل وأجدت وحاولت أن أبزّ الجميع, اعمل على ماكينة الخياطة درزا وتطبيقا أنا لا أعرف التسيب وأفانين أهل المدن والدلع، هل تسمعين إلي يا أنسه؟
زهية: (ترفع رأسها عن الكتاب قليلا بعض الشيء) أن حديثك لشيق, يسليني من وحدتي, كان الأجدر أن أذهب مع والدتي ياه.
اركاد: حسنا, أنا جدّي في عملي ولا أسمح للعمل أن يركبني, العمل حمار أن ركبته سار وألا سيعاند ويحرد في الوحل (چُـه چُـه) لا فائدة.
زهية: أضحكتني بالله ماهذه الـ جُه جُه.
اركاد: يتقرب منها (چُـه چُـه) كلمة تقال للحمار كي يسير؛ بمعنى أمشِ.
زهية: جُه جُه!!.
اركاد: لذا ارتأى مشرفنا المهندس أن يكرمني دون الجميع لحسن بلائي في العمل واتقاني لمهنتي وقد وعدني خيرا، أن أنام في المعمل كما وعدني
 أن يستأجر منزلا لأستقل فيه ويمكن أن يكون النصيب فيه أيضا.
زهية: هكذا جيد.
اركاد: نعم جيد, وسآتي بأمي وأختي الأرملة لتعيشان معي، ليكن هذا واضحا.
زهية: وبعد ولماذا تقول لي كل هذه التفاصيل؟
اركاد: عفوا(تلكأ) أني أحدث نفسي, إن هذا التكريم ليس بقليل, أني أفكر بصوت عالٍ.
زهية: على بركة الله.
اركاد: نعم لقد درست إلى الإعدادية وللأسف لم أنل الشهادة الإعدادية, رغم محاولتي مرتين, ولكنني مصمم على أن أنالها بالتقدم للامتحانات بشكل حر في بحر هذه السنة.
زهية: جيد يجب على الإنسان أن يسعى نحو الأفضل.
اركاد: لذا هذا التكريم أحد أوجهه.
زهية: أوه لقد تأخرت والدتي رغم أن المشوار لا يتعدى رأس الشارع ذاك.
اركاد: آه لو لي أحد يحضر معي هذا التكريم لو خطيبة أو أمي أو أختي لا يهم ويبارك لي.
زهية: ........
اركاد: (جانب) آه كم أنا لبق في الحديث سأسحرها بكلامي، يجب علي أن استحوذ على اهتمامها. (لبق أنا لبق) عفوا يا أنسه أراك لا تسمعين إلي ولا تقرئين أيضا.. حيث الصفحة هي ذاتها.
زهية: نعم إنها تعويذة لعدم التحرش, والكلام الزائد الذي لا طعم له.
اركاد: جيد هل قرأت ما كتب على بطاقة الدعوة.
زهية: أنا لا أعرف القراءة جيدا إنما أهجي الكلمات.
اركاد: يا خسارة.
تدخل السيدة متثاقلة الخطى وتُظهر القميص للفتاة.
الأم: لقد استبدلته بمشقة, رغم اشتراطنا له بالتبديل وحتى بالاسترجاع بقول /البضاعة التي تخرج من المحل لا تبدل ولا ترد/ العمى على هكذا أناس جشعين طماعين، هيا لنذهب.
الفتاة: حسنا يا أمي لقد أجدتِ بالفعل, أنظري؛ هذا الشاب مكرم من شركة آسيا للأزياء وقد أقيمت حفلة من أجله, أليس كذلك يا شاب؟..
اركاد: نعم وهو كذلك.
 الأم: ناولني البطاقة جيد نعم.. (شركة آسيا للأزياء يسرها أن تقيم حفلة أدبية وفنية بمعاونة مجموعة من الأدباء والفنانين ياه.. ويتم خلالها تكريم الزملاء محمد دارين بالمركز الأول, ويوسف كالو بالمركز الثاني, وأزنار ياسين بالمركز الثالث.. ويتم التنويه بالعمال أسمائهن أدناه: محمد صالان, وأركادي يونس في تمام الساعة ذلك..... والمصادف..... ) جيد والله. أنت يا شاب الثاني أم الثالث ؟ أي منهم أنت؟
أركاد: لا. أنا محمد دارين الأول وإلا لا.
الأم: محمد دارين؟!
زهية: (ضحكة خفيفة وتضع يدها على فمها، لانه لفظ الاسم كانه منزل وبيت) منْ بالله.. منزلين أم دورين؟! هه. قال بـيتين. 
الأم: اسكتي يا زهية ودعينا نستمع إلى الأول على جماعته.
زهية: أحيك يا محمد دارين..
أركاد: كم كان يسعدني أن تحضر أمي أو أختي, أو أي أحد ليؤازرني ويرى مدى نجاعتي.
الأم: آه لو كان لدينا بعض الوقت لكنا عند حسن الظن.
يدخل الشاب محمد دارين ويتجه نحو السيدة والفتاة ويصيح:
دارين: آه يا أمي أرجو أني لم أتأخر عنكما، أانتظرتما كثيرا أم لا؟ أني قد جئت متاخراً فليكن، فهيا لنذهب وكفى..
/يشاهد أركادي/ آه أنت هنا يا منافسي المتبجح.
أركاد: (لنفسه) يا ويلي. محمد دارين بنفسه وهي والدته وهذه أخته لقد انفضحت لو تنشق الأرض وتبلعني على الفعل البايخ الذي ارتكبته.. 
(يرد عليه) لا منافسة ولا تبجج يا رجل هي.
(لنفسه) الله علي أردت التمظهر أمام الفتاة وإذ بي أعلق في صنارة من الغلو والإدعاء, وهما أخذتاني على قدّ عقلي، لقد ورطت نفسي فيما أكره.. التبجح.
دارين: إنك لا ترد يا اركاد علي, تطيل الصمت وتداري الوجوم.
الأم: لقد أخفى وجهه من المس وليس في الرقم الخامس..
زهية: عادية وتحصل دائما.
أركاد: لا.. لا عادية.
الأم: لقد اصفر لونه ونشف ريقه.. وظهرت عليه سمات البكاء.
زهية: لقد أغمى عليه..
دارين: لنرشه بالماء, إلينا ببعض الماء يا جماعة.
اركاد: لا شيء دعوني لشأني, سيصلح حالي من كل بد.
دارين: لنذهب يا اركاد /وأنت يا أمي وأختي/ فقد حان الوقت، وبدأت الناس بالتوافد، هيا نحجز لنا مقعدا في الصفوف الأمامية.
اركاد: أذهبا سأبقى هنا قليلا.
دارين: لتجانبني اللحظة المرة باللحظة الحرة..

يذهبون.. دارين وأمه وأخته..

  
المشهد الثالث:

يدخل ميران، يقوم أركادي ويذهب في عكس اتجاه الشركة ليغيب عن الحفل، ينادي عليه ميران لحضور الاحتفالية، لا يرد إنما يتابع طريقه دون الالتفاف إلى ميران والاحتفالية والشركة كلها..

ميران: يا للطيش والسذاجة في المكنون. ههه.. (يبتسم)
هو طائر بسيط مزاجي الهوى.

انتهت
 8آب 2013اول أيام عيد الفطر 


 *-*-*-*-*-*
محمد سَعيد مـُلاّسَعيد(جـواني عـبـْدال)   -نصوص مسرحية قصيرة       -  2018



0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption