محمد العامري: "مجاريح" تسائل مفهوم "وهم العبودية"
مجلة الفنون المسرحية
محمد العامري: "مجاريح" تسائل مفهوم "وهم العبودية"
ابراهيم الملا - الاتحاد
يعمل المخرج محمد العامري في الفترة الحالية على وضع تصوراته الخاصة وأسلوبه الإخراجي المستقل لمعالجة نص مسرحي يبدو إشكالياً في طرحه وفي مضمونه الاجتماعي الشائك والمتستر خلف حدود صلبة وقاطعة، وهو نص «مجاريح» للكاتب إسماعيل عبد الله، والذي اختاره العامري ضمن تنويعات نصيّة اعتاد اقتحامها بأدوات تجريبية، تتوافر على قدر كبير من الجرأة والمغامرة سواء على مستوى البنية المسرحية التي يشكلها وفق الرؤية الجمالية العالية أو على مستوى الرسائل والرموز والتأويلات التي يمررها العامري في عروضه، وتحدث أثراً إيجابياً بين الجمهور، ويعزّزها مناخ تفاعلي طاغ في صالة العرض.
يشارك العامري بعرض «مجاريح» في الدورة الثالثة من مهرجان المسرح الخليجي، والتي تحتضنها الشارقة في الفترة من الثاني عشر إلى السابع عشر من شهر فبراير الجاري.
وعن مدارات العرض وأبعاده والنقاشات المتعلقة بطريقة تقديمه على الخشبة، تحدث العامري لـ»الاتحاد»، موضحاً في البداية أن نص «مجاريح» للكاتب إسماعيل عبد الله الذي كتبه قبل 13 عاماً، وسبق لفرق مسرحية محلية وخليجية أخرى تقديمه بصيغ ورؤى مختلفة خلال السنوات الفائتة، ومن هنا كما أشار العامري فإن التحدي الجديد يكمن في كيفية الوصول لبنية عرض تتجاوز ما سبق وتختلف عنه، من أجل صنع فرجة بصرية تعتمد على مفردات وعناصر حديثة، لأنه ـ كما أكّد ـ لا يسعى لتوثيق الحالات الاجتماعية، بل إلى نقلها إلى مستويات جمالية وتعبيرية.
وعن الصيغة المسرحية المأمولة هنا قبل الدخول في المراحل المتقدمة للأداء والحركة والتجهيزات النهائية، أوضح العامري أنه اعتمد على التحضيرات المسبقة قبل الدخول إلى الأجواء التطبيقية للبروفة في حضور الممثلين والتقنيين، مضيفاً أن تفكيك النص والنظر إليه من زوايا جديدة ومختلفة كان هو الهاجس الأكبر بالنسبة له، وبعد تجاوز هذا الهاجس فإن الجوانب العملية الأخرى يمكن التعامل معها بشكل أكثر مرونة وسلاسة وأكثر توافقاً مع التراتبية الزمنية، حسب الجدول المقترح للبروفات.
وحول محتوى النص وركيزته الأساس، قال العامري: «يتناول النص مفهوم «العبودية»، أو «وهم العبودية» إذا جاز التعبير، نظراً لأن المقولة الذي ينتصر لها المؤلف في النهاية هي مقولة ترى أن العبودية تنطلق أساساً من الذات قبل أن تكون مفروضة من الخارج، بغض النظر عن الظروف الاجتماعية الخاصة التي تفرز ظواهر سلبية معيقة لعلاقة الفرد مع المكان، والتي يمكن وسمها بالعنصرية المتأزمة أو المتجذّرة، وبمستويات نفسية وسوسيولوجية متعددة، قد تنتقل من جيل إلى آخر».
وعن الطرائق أو الأساليب التي اعتمدها لتحويل وتجسيد النص على الخشبة، أشار العامري إلى سعيه للحفاظ على جوهر القضية المطروحة في النص، ولكن مع دمج تقنية الغرافيك بالمفردات والإكسسوارات المحلية والتراثية، والاعتماد على الآلات الموسيقية الحديثة، مع الآلات والفنون الموسيقية الشعبية «الهبّان على سبيل المثال»، وذلك لإيصال رسائل متعددة ومعاصرة من خلال هذه المفردات وتداخلها فيما بينها، بحيث تتشابك جميعها مع الحداثة المقترحة لمشهدية العرض.
مضيفاً أن هذا الصراع الموسيقي من جهة، وتمايز عناصر السينوغرافيا من جهة أخرى، ستعمل بشكل أفقي مع النص الدرامي، لتبادل الأدوار، فهي تتنافر أحياناً، وتلتقي في أحيان أخرى، للخروج من الإطار التقليدي العام المهيمن على فضاء العرض.
0 التعليقات:
إرسال تعليق