الخادمتان وصناعة الاداء
مجلة الفنون المسرحية
الخادمتان وصناعة الاداء
منتهى طارق المهناوي
الخادمتان وصناعة الاداء
منتهى طارق المهناوي
قد لانخطىء الصواب حين نقول، عند حضورنا لمشاهدة إيٍَ عرض مسرحي نكون امام اكتشاف لهيمنة حاضرة لزوايا العرض بتعدد مفاصلها منها الاخراج ومنها التمثيل ومنها السينوغرافي او اي مفصل اخر نجده ظاهر ومهيمن .. وامام مسرحية ( الخادمتان) اعداد واخراج المخرج (جواد الاسدي) وتاليف ( جون جوني ) التي عرضت على مسرح الرافدين في بغداد ضمن برنامج ايام مسرحية عراقية لمناسبة يوم المسرح العالمي. لفرقة ( دوز تمسرح- مراكش) للاعبتين (رجاء خرماز و زينب النجم) . نلاحظ ان العرض قد هيمن عليه عنصر مهم مّـن عناصر فن المسرحية هـُي الصناعة التي كانت حاضرة بشكل ملفت للمتلقي بشخصية الخادمة ( رجاء) التي ابهرت الحاضرين بكشفها عن عمق الشخصية سايكولوجيا هذه الممثلة التي ابهرتني شخصيا بأدائها على العالم الافتراضي ( الخشبة) وهي تبدو لنا كعملاقة تمتلك كاريزما حضور لافت أكل خشبة المسرح وزادها جمالا بعكس شخصيتها على العالم الواقعي حين قابلتها وعرفت انَ هذه الفتاة هـُ‘ـُيُ من اسميتها العملاقة شخصية بدت كطفلة صغيرة وانا احادثها بابتسامتها الخجلة ببنية عادية وقامة قصيرة ذهلتني غير مصدقة ان ماشاهدت من حضور على الخشبة بهذا الجسد .. هنا تكمن عملية الصناعة التي نوهت لها مسبقا وفي مرات عدة بارائي السابقة انَ الاسدي ( صانع ممثل) اقولها وللمرة العاشرة وازيد انه يشتغل بدقة علمية احترافية مع تبعات الجسد الاعب على الخشبة مّـن صوت وشعور وخلجات نفسية وحس اداء متكامل فضلا عن اسلوبه الخاص بتجنيد الممثل لديه ضمن اخراج احترافي بالاداء وهذا ماظهر عليه العرض اذ اكتسب صفة الابهار بالاداء ببصمة اخراجية اسدية بوجود شخصية موازية اخرى ادت بروعة وتكامل مبهر للمثلة ( زينب النجم) وهي تتنقل بين شخصيتي الخادمة والسيدة بانتقالات مدروسة سريعا ماتوهمنا ان شخصية ثالثة قد حضرت بأدائها ضمن حركة لولبية سردية تركيبية انَ الاسدي وضع لنا النص على الخشبة كما هو بتحديه اللعب المغاير اللشخصيتين بطريقة التمثيل السلوكي النفسي ضمن حدود العاطفة الحسي اوالحيوي الواقعي ودراما معقدة من الانفعالات السايكولوجية و امكانية مناقلة اللعب بين الشخصيتين .. الذي يحيلنا للقول انَ الاسدي قد تراوح بين دائرتي النفس السايكولوجي والحيوي الواقعي بترابط وتلاحم تشخيصي للادوار كونهما يحملان من الملامح الداخلية المشتركة بابراز احتدام الصراعات المتداخلة بينهما بواقعية كونية وتوظيف سردي ودرامي بحدود ايقاع قائم على التنويع في المكونات التركيبية النفسية فضلا عن استخدام ثنائية الداخل والخارج بأيقاعية عالية خلقها الاداء العالي للشخصيتين بتكرار بنية التوازي داخل حدود العرض باخذه حركات تكرارية حول المنضدة بعمق المسرح وتكرار التلاعب بالازياء وتكرار حالة الخوف والهلع وحالة التردد وحالة التقمص لشخصية اخرى ضمن ضمير الغائب المعبر عن السيدة التي تكرر حضورها عدد مّـن المرات بتأثيث جسدي مبهر .. اعتمد الاسدي وراهن في عرضه المسرحي لا على الرؤى الاخراجية بل على اللعب والتشخيص للمثل الذي يضعنا امام عرض مسرحي يمتلك صفة صناعة الممثل وامام درس اكاديمي بالتمثيل صنعه بامتياز المخرج الاسدي لتتكرر هذه الصناعة وتتوالى في اغلب عروضه .. تحية لجمالية اللعب المسرحي العالي للممثلتين شكرا لجمالية الدرس الاكاديمي للمخرج الاسدي وشكرا لجميع المشاركين في اظهار المسرحية بشكلها المتكامل ضمن ايام استثنائية كشفت ان لدينا جمهور رائع تابع وناقش مجريات الايام المسرحية فطوبى لاهل المسرح ومحبيه.
0 التعليقات:
إرسال تعليق