اذن فاليمت شكسبير / جوزيف الفارس
مجلة الفنون المسرحيةاذن فاليمت شكسبير / جوزيف الفارس
(عذرا لهذا الاسم الرائع ان اتخذته بهذه الصيغة عنوانا للموضوع ,كي اخدم من خلاله المضمون ,وانا لعلى ثقة بان شكسبير حيا في ذاكرة الزمن , فهو لم يموت , ولن يموت , وسيبقى اسمه خالداعلى مدى التاريخ .)
فن كتابة النص المسرحي -------- مع حبي وتقديري .
بالرغم من انني قد تناولت مثل هذا الموضوع وعالجته في مقالات عدة , الا انني ولمقتضيات الحالة الظرفية اعود ثانية لطرح معالجته من خلال مااحمل من خبرة وتجربة مسرحية ,اضافة الى ثقافتي التي اكتسبتها من دراستي واطلاعاتي المختلفة , اطرح نموذجا من المتطفلين على المسرح , من هواة القفز العالي والطفر العريض , اثار استغرابي طلبه بتأليف نص مسرحي معتمدا على العنوان فقط الذي اعطاني اياه , واما تفاصيل النص من فكرة وشخوص واحداث فقد كلفت بتأليفه , وعندما انهيت كتابة النص , فوجئت بإدعاء هذا الذي تستهويه لعبة الطفر العريض انه مؤلف النص , لانني اعتمدت في كتابة النص , على العنوان الذي كان من بنات افكاره , ياللمهزلة , والاكثر من هذا يصرح في وسائل اعلامه بعائدية التأليف لهذا النص المسرحي والذي كانت مدة عرضه على المسرح الساعة والنصف له , وان دل هذا انما كشف هذا التصريح عن جهله بعناصر وموقومات التأليف من فكرة جوهرية بمضامينها الانسانية , ومن حوار ينبع من احاسيس الكاتب وردود افعاله , ومن شخوص خلقها المؤلف وسخرها لتجسد هذه الافكار والمتضاربة مابين شخوصها , وطرح بناء لهذا النص من خلال ايقاع لصراع متنامي مابين شخوص النص المسرحي , والذي يتفنن الكاتب من خلال تجربته في الكتابة والاطلاع على احدث مدارس التاليف المسرحي لياخذ النص انتمائيته وحسب تطور اسلوب الكتابة عند المؤلف , وقد ياخذ منحا من مناحي المذاهب المسرحية , كان يكون كوميديا او تراجيديا , او يكون طرحه من خلال المدرسة الرمزية او التعبيرية او الواقعية , او اي اسلوب قد يحبذه المؤلف , والذي هو الاطار الذي يحصر في داخله الصورة الحسية والخيالية , اضافة الى نقل بعض الحقائق من الاحداث الواقعية , والمستمده حكاياته من واقعنا الاجتماعي ان كان تاريخيا او معاصرا , او بما يتنبأ به المؤلف لمستقبل الاحداث والمتمخضة عن احاسيسه الداخلية ورؤية ناضجة من تحليله الشخصي للاحداث المتزامنة وما سينتج عنها في المستقبل , ويقدمها تجربة يستفيد منها الكتاب الادباء والمجتمع في نفس الوقت لتساعدهم على عملية التغيير باتجاه الافضل وتجنيب الكثير من الهفوات , والتي قد تؤدي الى السقوط في هاوية لا يمكنه التخلص منها .
وهذا لا ياتي بالشكل الاعتباطي و بقدر مايتمحور هذا الاكتساب الذاتي عن عدة عوامل ذاتية , ورغبة قوية من خلال الاطلاع والتثقيف , والخبرة التي يكتسبها المؤلف , تصبح لديه تجربة من خلال العمل المتواصل , والذي قد يحتوي على اخفاقات او نجاح , انما هي تبقى تجربة مكتسبة يستفاد منها في المستقبل , بغية الوصول الى نتيجة محصنة , قد يكون فيها النجاح والوصول من خلالها الى الهدف المنشود , كما كان هذا عند معظم كتاب الروايات والنصوص المسرحية .
اما الذي يدعي لنفسه مالا يملك ,فهذا تستهويه الالعاب الاوكروباتيكية , والقفز والنط , واللعب على الحبال , يستعرض ماليس لديه , معتقدا ان العناوين لاي نص هو نفسه التاليف بعينه , سيخجل من حاله بهذا الاعتقاد حيث لا يعكس الا اميته , وبهذا يفرز نفسه عن عالم الثقافة والادب , وهو يعي الى هذه الحالة جيدا , انما وا اسفي على هذا الادعاء الباطل , حينما ستواجهه وسائل الاعلام وتسلط عليه الاضواء بالاخذ والعطاء , وبعدها سيتعرى امام الملاء , عن حجم ثقافته , ومدى مايحمله من الخبرة والتجربة , قد لا تساعده على الوقوف امام الحقيقة والتي لا يستطيع الغربال ان يحجب اشعة الشمس عن تعريتها , والا ماذا تنتظر من شخص يطرح عليك اسم لفكرة ما , كأن يقترح عليك تاليف نصا يتناول موضوعه , شخصا له طموح ان يتوظف في وظيفة مرموقة تساعده على اجتياز معوقات الحياة الصعبه , وعندما تختمر الفكرة لديك وتنسج احداثها من خلال خلق الشخوص , اضافة الى الفكرة الاساسية , والتي قد لا يعنمد في تجسيدها على العنوان فقط , يدعي هذا الذي اعطاك الاسم للنص , انه المؤلف الحقيقي , وانت مجرد معدا لهذا التاليف , ولا اعلم ماهي تفاصيل الاعداد الذي يقصده , وهذا ماارغب بالحصول على الاجابة من مثل هؤلاء الاشخاص ------- مع حبي وتقديري .
اعود الى الشق الاول وهو موضوعنا الاساسي : فن كتابة النص المسرحي
قبل ان اخوض في تفاصيل هذا الموضوع والشرح عن كيفية كتابة النص المسرحي كادب وفن ,وجب ان تعلم , ان من اولويات ثقافة المؤلف هو ان يكون ملما بالثقافة اللغوية والفنية وان تكون لديه ملكة في كيفية صياغة الفكرة الاساسية باسلوب ادبي وفني متطور في فن الكتابه, اضافة الى هذا ان يكون مطلعا على احدث اساليب الكتابة لعباقرة التاليف الروائي والقصصي والمسرحي , هذا الاطلاع اعزائي يغني الانسان بتجربة تساعده على المحاكات , وقد يتجاوز هذه المحاكات بتجربة ذاتية خلابه نتيجة الموهبة التي يملكها , من فصاحة اللسان وبلاغة الكلام , وانا هنا لا احدد الانسان بالاطلاع على نوعا او نمطا واحدا من الثقافة الادبية فقط , وانما يجب الاطلاع على كل كتاب يقع بين ايديه ليتصفحه او تقليب صفحاته والاطلاع على مايحويه من المعلومات , لانها بالحقيقة هي تعبر عن خبرة الكاتب وتعكس ثقافته الفكرية وفلسفته للحياة ونظرته للواقع الذي يعيشه .
ففي تاريخنا القديم والمعاصر هناك كتاب برزوا من خلال رواياتهم وقصصهم ونصوصهم المسرحية , واثبتوا جدارة عبقرية زمانهم في الكتابة , ومازال بريق اسمائهم يلمع في سماء الثقافة والادب , من امثال ماركريت ميتشل , وفكتور هيجو , وتشارلز ديكنز , وارنست همنغواي , ودستوفسكي اضافة الى انطوان تشيخوف , والبير كامو , ولويج براندلو ,ووليم شكسبير , وغيرهم من الذين مازالت انتاجاتهم الادبية يتغزل بها كبار النقاد ويشيدون بها .
اقول , لو اطلعنا على مسيرتهم الحياتية لتوصلنا الى ان لكل واحد من اولائك العباقرة من الكتاب نظرة خاصة يختلف الواحد عن الاخر بخصائص ظروف حياتهم ومعاناتهم وبيئتهم وثقافتهم واختصاصاتهم ونظرتهم للحياة , اضافة الى فلسفة كل منهم يستمد منها اسلوبا ومدرسة تكون عنوانا لانتمائيته في الادب والفلسفة والتي تتمخظ عن تجاربه ومعاناته في الحياة .
ولهذا اعزائي القراء لا احب الاطالة في هذا العرض الاستهلالي , وهذه المقدمه والتي من خلالها تناولت بعض المقتطفات عن كيفية القدرة على الكتابة والتعرف على فنونها , اضافة الى ذكر اسماء بعض المشاهير من عباقرة الكتابة والتاليف , انهم تاثروا واثروا , اكتسبوا من اللذين سبقوهم وافادوا للاحقين في ركبهم وساروا على خطاهم او تخطوهم بمراحل اكثر تطورا منهم , وهذا يعود الى ماذكرنا انفا الى العوامل البيئية والنفسية والاجتماعية والتي اثرت على نشئتهم وتكوين حضورهم الادبي والثقافي , والذين استحقوا وعن جدارة لانتاجاتهم الادبية اروع الجوائز العالمية , مما دفعت كبار المنتجين لانتاج رواياتهم سينمائيا , واحتضان النصوص المسرحية ودعمها الدعم المادي والمعنوي , ومما يجدر ذكره ان الكثير من هذه الانتاجات الادبية اوحت لمعظم المخرجين السينمائيين رؤى اخراجية زادت من عظمة الاخراج وتجسدت فيها اروع ملاحم الابداع والجمال .
اذن , عجبي , كيف يحق للذي يسخي في اقتراح عنوان لعمل مسرحي الادعاء بانه من تأليفه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ يالهذه المأسات والتي ليس لها مثيلا حتى في مسرحيات شكسبير , ولو لاسامح الله , ان وجد شكسبير في حياته مثل هؤلاء الذين يجيدون النط على الحبال , والقفز العالي والطفر العريض , لضرب بكفيه علو وجهه ولطمه , وقال :
اذن, فاليمت شكسبير .
0 التعليقات:
إرسال تعليق