مسرحية " سفينةعلى امواج بحر هائج " تأليف جوزيف الفارس
مجلة الفنون المسرحية ذات فصل واحد
شخوص المسرحية
اولا ---القبطان
ثانيا ---- رئيس العمال والبحارة الاول
ثالثا---- احد العمال
رابعا ---- الاخر
خامسا ---- البحار
سادسا---- العامل الاول
سابعا ---- العامل الثاني
ثامنا ---- رئيس العمال الجديد
تاسعا ----- العامل السكران
عاشرا ---- كومبارس من البحارة والعمال
هذه المسرحية تنتمي الى المدرسة الواقعية الرمزية , تتحرك بشخوص رمزية , تحمل من المعاصرة رموزا قد تحدث على الواقع الذي نعيشه , او لربما قد تحدث في الايام المستقبلية .
المشهد الاول :
سفينة تتلاطمها الامواج , وهي تشق ابحارها متمايلة مابين تلاطم امواج البحر , السايك الخلفي للمسرح تعكس عليه اضاءة زرقاء , مع مزج مابين اللون الرمادي , من الممكن استخدام المؤثرات الضوئية اسلايد لامواج البحر المتلاطمه .
القبطان ---- ( يبلغ من العمر الاربعين سنه , وهو في حالة من الرعب والذعر من هيجان مياه البحر ) هيا ياابطال , ابذلوا قصارى جهدكم في سحب حبال ساريات المركب .
المساعد ---- ( وهو باشد عزيمة وقوة ) لا عليك ياسيدي , انني انفذ توجيهاتك بدقة .
الامواج هائجه , والرياح شديدة , وهذا هو الخطر المحدق بنا .
( المشهد الاول )
المساعد ----- اطمئن ياسيدي , انني ابذل قصارى جهدي في شد عزيمة البحارة , من اجل انقاذ السفينة من الغرق ,
القبطان ----- ( بعصبية وانزعاج ) ويحك , انسيت وجودي ؟ ااكون انا المنقذ لهذه السفينة من العواصف والرعود , والرياح الشديدة , متخاذلا وبائسا , ومسلما امري لقيادتك ؟
المساعد ----- عفوا ياسيدي , انا فقط احببت تطمينك ياسيدي ليس الا .
القبطان------- انني اوجه اليكم كلمتي ايها العاملون على ظهر هذه السفينة , احذروا واعلموا اننا جميعنا واقفون على مسافة واحدة امام الخطر المحدق بنا , ولهذا , مصير حياتنا يتوقف علينا جميعا , جاهدوا باقصى ماعندكم من العزيمة والاقتدار لمواجهة هذه الامواج الكاسره .
المساعد ---- ( بتملق وتزلف , وبثعلبية ماكره ) ايها الافاضل , اخواني البحارة وجميع العاملين على ظهر هذه السفينة , انصتوا الى كلمة القبطان المنقذ , محررنا من القيود والاستعباد من قباطنة الزمن الغابر , ان كلمته ايها الافاضل هي دستور وشريعة لنا , وماعلينا الا السمع والطاعة , والتنفيذ , عاش قبطاننا .
الجميع ---- ( مرددين ) عاش قبطاننا .
المساعد ----- ( مكررا ) عاش قبطاننا
الجميع ---- عاش قبطاننا . (اصوات الامواج الهائجة , مع ارتفاع صوت الموسيقى التصويرية السريعة الايقاع , ومن ثم تخفت , ويسود الهدوء , وصوت الامواج الهادئة الا من صوت محرك الباخرة والذي صوته يشق عباب سكون البحر . )
( المشهد الثاني )
جميع العاملين على ظهر المركب قد رموا باجسادهم على ارضية السفينة نتيجة الجهد الذي بذلوه من اجل المحافظة على سلامة المركب , اضاءة مسلطة بحزمة محصورة على اسفل يمين المسرح , ويظهر عاملين جالسين ويتبادلا اطراف الحديث .
احد العمال ---- يالله , كم من جهد بذلنا من اجل المحافظة على سلامة المركب من الغرق !!!!!!
الاخر ---- ولا تنسى ان توجيهات القبطان وقيادته الحكيمه , ساعدتنا بالمحافظة على سلامة المركب من الغرق .
العامل ----( بهمس وحذر وشيىء من العصبية ) انا اعتقد بان عقلك ضيقا كحذائي الذي يؤلم قدمي , ياهذا , اصحى جيدا , اية توجيهات كان يوجهها لنا ؟ طوال تلك اللحظات الحرجة لم يكف عن الزعيق والصراخ باعلى صوته , وكانه بهذا الصراخ يريد ارعابنا .
الاخر ---- ولكنني اصر واقول ان لقيادته دورا في نجاتنا .
رئيس العمال --- ( وهو يصرخ بصوته ومنبها ) هي , انتما الاثنين , بماذا تتهامسون ؟ كفاكم ثرثرة .
العامل ---- امرك ياسيدي .
رئيس العمال ---- (بقترب منهم ) هه , بماذا كنتم تثرثرون ؟
العامل ----بلا شيىء , فقط كلام عابر عبرت من خلاله عن جمال منظر القمر والمنعكس على سطح وجه البحر .
رئيس العمال ---- ( بعصبية ) لا تكذب ياهذا , لقد جاء ذكر اسم القبطان على لسانكم .
الاخر ----( مستدركا ) اه صحيح , لقد قال لولا توجيهات القبطان , لكنا الان في عداد الاموات .
رئيس العمال ---- ( يضحك مستهزءا)
العامل ---- مالذي يضحكك يااخي ؟
رئيس العمال ---- احترم , انا لست اخاك , هناك فوارق مابيني وبينك بالمسؤوليات والمراتب , انا رئيس العمال , وانت بأمرتي .
العامل ---- لربما اسئنا استخدام العلاقة الرسمية فيما بيننا , انك في هذا على حق , انما ------
رئيس العمال ---- انما انا رئيسك المباشر .
العامل ----- حسنا ----
رئيس العمال ---- اتعلم لماذا ؟
العامل--- ( يتهيأ للجواب ---- )
رئيس العمال -----( يقاطعه ) كي نستطيع مواصلة الحياة العملية بانتظام على ظهر هذا المركب , حتى نصل الى بر الامان
العامل ---- حتما , مادامت هناك توجيهات من القبطان , فسنصل الى بر الامان !
رئيس العمال ----- اتعتقد بان للقبطان توجيهات سديدة؟ صدقني لولا رجوعه اليا , واخذ مشورتي لغرقنا جميعا ؟
العامل ------- بالتاكيد , ان لمشورتك عامل من عوامل نجاح قيادة القبطان على ظهر هذه السفينة !
رئيس العمال ----- ( بحزن مفتعل ) ومن اجل هذا احب مصارحتكم بأمر ما , انتم --- انتم ---انتم ضحية هذا القبطان .
العامل ------ ( باستغراب ) ماذا ؟ انا لم اسمع شيئا .
رئيس العمال ----- اصغ الى ماسأقوله , بالطبع هذا الكلام ايضا موجه لصديقك هذا .
الاخر ----- تفضل ياسيدي , وقل ماعندك .
رئيس العمال ----- ( يستدير يمينا ويسارا ويوجه كلامه الى بقية العمال ) لا تكثروا من الشراب لئلا تفقدوا صوابكم , وتدور رؤوسكم مابين مدارات هذا المحيط , ( الى الاثنين , وبهمس ) اسمعوني جيدا , انني اخترتكم من بين هؤلاء العمال لقوة شخصيتكم ولقوة تاثيركم على اخوتكم العمال والبحارة , ان الكابتن قد استمد قوته من قاعدة مبنية على سطح من الرمال , فسيهوى في اية لحظة هجوم عليه !
العامل ----- ( باستغراب شديد ) ماذا اسمع ياسيدي ؟
رئيس العمال ---- هو ذا الواقع , ليست لديه خطة حكيمة يستند عليها في قيادته , ولا يملك عقلا راجحا في قيادة مركبه , وما ترونه وتشاهدونه من الجعجعة الفارغة , ماهي الا سطوة مبنية على قاعدة فارغة , انه يستغل طيبتكم , ويرفع من مقامه على مقامكم ليس الا .
العامل ----- ( بحيرة وحذر ) وكيف يكون هذا ؟ من المعروف عنه ,انه شديد الحرص على مصالح هذا المركب وعلى من فيه , في وقت المحن لا يسكن له ساكنا من دون معالجته للظروف المحرجة التي نقع فيها ! اضافة الى كل هذا , انه يتفقدنا , ويستفسر عن مشاكلنا , ويهيىء اجواء الراحة لنا ,ويحنا , ماذا نسمع ؟
رئيس العمال ---- كل هذا قناع مزيف يخفي خلفه حقيقة مؤلمة , انه اناني لا يحب الا ذاته .
الاخر ----- احاديثه المأثورة وتوجيهاته الحكيمة , احيت لنا امالا كثيرة في الحياة !
رئيس العمال ---- هذه سياسته لكسبه لكم والالتفاف حوله , انما لو انكشفت حقيقته المخفية لتأكدتم من مصداقية كلامي !
العامل ----- والان , مالمطلوب منا ؟
رئيس العمال ----- ( بثعلبية ومكر ) بحكم علاقتكم المتينة مع اخوتكم العمال , يمكنكم تعرية القبطان , ونقل الحقيقة المؤلمة والتي خافية عنكم , الا وهي استغلال طيبتكم لخدمة مصالحه , وشرح ابعاد كل هذا لاخوتكم العمال , ليكونوا على بينة من هذا الامر .
العامل ----- ( بتردد ) هه ؟ سنحاول .
رئيس العمال ----- ( بشيىء من التهديد ) اسمعوا , احذروا من اعوان القبطان وجلاوزته المنتشرين على ظهر هذا المركب , والا عواقبكم ستسوء , ونهايتكم ستكون في قاع المحيط .
الاخر ----- اطمئن يا---- سيدي . ( موسيقى )
(المشهد الثالث )
( في اسفل يمين المركب , يوجد منضدة صغيرة , وعليها زجاجتان من الخمر , وعامل وبحار جالسين يتجاذبون اطراف الحديث والمعاناة )
العامل----- الا قل لي ياصديقي وياعزيزي , لماذا يمنعون اصطحاب السيدات الجميلات على ظهرهذا المركب؟
البحار ---- ( يضحك ) يبدو انك اشتاقيت لمعاشرتهن .
العامل ---- وكيف لااشتهي ذالك ؟ اتستطيع ان تعيش من غير هواء ؟
البحار ---- كلا .
العامل ----- انهن الهواء بعينه , اتستطيع ان تعيش من غير ماء ؟
البحار ----- كلا
العامل ------ انهن الماء البارد والذي يتصبب من اعلى الرأس والى اخمص القدمين ياصديقي العزيز .
البحار ---انما هن رمز للفساد وللانحطاط !!!
العامل ---- كلا كلا كلا ياصديقي العزيز , اسمع ماسأقوله بحقهن , انهن ياعزيزي وياصديقي المحترم , اشبه بزهرات ذات عطور الرياحين والياسمين , انهن بلابل وطيور الحب اللواتي يوكرن على شجرة مخضرة ومثمرة , تتناول منهن ثمر يانع , وتسمع من خلال تغريدهن اصوات يبشرن بعالم مليىء بالمحبة والسلام .
البحار ----- ( يضحك ) حقا انك لشاعر رومانسي !!!
العامل ---- قل ماشئت عني يااخي , رومانسي وماجن , او ذو اخلاق مادون المستوى المطلوب , انما انا كما هو انا , لا استطيع الاستغناء عنهن ( يجسد بيديه على رسم جسد المرأة ) , ولا عن هذا ( يؤشر على زجاحة الخمر التي على المائدة )
البحار ---- لقد كانت لنا تجربة معهن في سفراتنا السابقة , فكن سبب مشاكل وفتنة مابين البحارة , لقد جلبناهم للطهي والتنظيف ولغسل الملابس , الا ان عملنا هذا انقلب علينا كارثة ومأساة , فككت من ترابطنا , وعملت على شل تازرنا وعلاقتنا الانسانية التي نحتاجها على ظهر هذا المركب , فكانت رحلة ماساوية فيها من المتاعب والمشاكل , وسببها كانت الانسات والسيدات .
العامل ----- ( فجـأة , وهو ينظر الى نقطة ما وهو في اشد التعجب والاستغراب ) انظر انظر ( وهو يؤشر باصبعه على اتجاه امامه )
البحار ----- ( باستغراب وتعجب ) ماذا دهاك ؟
العامل ---- ( بدهشة ) تلك , تلك سيدة تسير كالشبح على ظهر هذا المركب , اانا في حلم ام انني في صحوة من امري ؟
البحار ----- ( بسرعة يضع اصبعه على فمه محاولا اسكاته ) اسكت ياهذا , انا متاكد من انك تحلم , وليس هناك مايدل على صحة كلامك .
العامل ----- ( باصرار ) صدقني يااخي ان ماشاهدته هو الحقيقة , فتاة تسير بخطى متسارعة باتجاه كابينة القبطان !!!!
البحار ---- اسكت ياهذا اتريد الحكم على نفسك بالموت ؟
العامل ---- اذن, ماشاهدته كان هو حقيقة, وليس حلم او شيئا من الخيال !!!
البحار --- ( في شيىء من اليقظة والحذر ) قلت لك ان تلتزم الصمت وان تكف عن هذا , خوفا من ان يسمعك احد من اعوان الكابتن , عندها سيكون مصيرك الهلاك والموت في قعر هذا المحيط !!!!
العامل ----( بشيىء من التذمر والالم ) المحيط المحيط , لماذا تحاولون اخافتنا من المحيط ؟
البحار ----- ( بالم وحسرة ) هذا المحيط ياعزيزي , فيه من الوحوش الكاسرة تملك انيابا حادة , اذا مسكت بفريستها من الاسماك الصغيرة والكبيرة تمزقها شر تمزيقا , وكيف بها اذا اقتنصت جسد انسان يرمى به اليها من على ظهر هذا المركب ؟ انها ستكون في غاية السعادة .
العامل ---- ولكنني احب ان ارضي فضولي , لماذا هذه السيدة الوحيدة على ظهر هذا المركب ؟
البحار ---- ( بهمس ) انها خاصة بالقبطان , صديقته الحميمة , والتي لاتستطيع الفراق عنه , ولهذا يصطحبها معه في معظم رحلاته , وازيدك علما , انه هو ايضا لا يمكنه الاستغناء عنها .
العامل ----- وكيف له ان يحلل لنفسه ماحرمه علينا ؟
البحار --- انه القبطان وصاحب القرار , وهو حرا في اتخاذ قراراته , فمن المستحسن ياصاحبي ان تلتزم الصمت , فاذا علم بأنك تتحدث عن معشوقته ,فسيستل سيفه من غمده , ويغمده في جسدك , ومن ثم يرميك في قاع المحيط , صدقني ياعزيزي لقد سبقك الكثير من اللذين لم يلتزموا بالصمت , فتكلموا عما شاهدوه , فكان مصيرهم الهلاك والموت , فانت حر فيما تختار , اما الحياة او الموت .
العامل ----- ( برومانسية ) يالله ياصديقي على سحر عطرها الاخاذ , لقد لامست انسام المحيط جسدها حاملة لنا رائحة عطرها الاخاذ , وهي متجهة الى كابينة القبطان لتقضي معه ليلة حمراءة دافئة شهوانية , ونحن نعيش حرمانا قاسيا ياصديقي , عطرها هيج مشاعري باتجاه احلام في عالم يسوده العشق والمحبة والتلاحم الوجداني .
البحار ----- ( بلا مبالات ) هيا ياصديقي تمتع بالشرب , ومتع نفسك مع هذه الزجاجة , ومن ثم اذهب ومتع نفسك باحلامك القرمزية , وانت متوسدا وسادتك الخشبية اليابسة , لتريحك من تعب التفكير بالجنس الاخر,
العامل ----- ( بضحكة فيها شيئا من الاستهزاء ) ولكنني لا استطيع الاستغناء عن التفكير بالجنس الاخر , اتعلم ياصاحبي انني حينما اعود بذاكرتي الى الماضي وانا الهو في ملهى ليلي , واسهر فيه مستمتعا باصوات الموسيقى الراقصة , وامتع نظري بمشاهدة الجميلات من الراقصات الاسبانيات , وهن يتمايلن باجسادهن يمينا ويسارا , ينقرن برؤؤس ااحذيتهن المدببة على الارض ! تلك الاصوات , كانها تنقر على قلبي وتسرع من نبضات دقاته , وانا رافعا كأسي عاليا منتشيا , ورافعا قبعتي لهن تحية واعجابا , وهن يبتسمن بابتسامات الرضى , ساعتها احس بان دفىء انفاسهن يلفح وجهي وياخذ بلباب عقلي , وينتقل هذا الدفىء الساحر ياصديقي الى احاسيسي الداخلية , ليحرك احاسيس الحب والاشتياق الى الاستمتاع بلحظات عاطفة تنقلني من عالم اليقظة الى عالم الاحلام , وانت تنصحني بالنوم على وسادة خشبية يابسة وجافة , لانام واريح نفسي من التفكير بالجنس الاخر ؟ ( يضحك مستهزءا) اسمع ياصاحبي , الجنس الاخر , هو افيون الحياة , الجنس الاخر هو اكسير الحياة , الجنس الاخر , هو خلاص الانسان , فلولا هذا الجنس , لاصبحت الحياة من دونه صحراء قاحلة , وانا سئمت من الصحاري , ومشتاق للعيش بين الاشجار الخضراء المثمرة , مستلقيا على ظهري , وحسناء بجانبي تداعب باناملها الرقيقة شعري , ( ينظر اليه بنظرة فيها شيئا من العتاب ) هه, والان مارايك
البحار ----- ( يضحك مبتسما ) اذن اذهب وقبل ان تنام , تخيل هذه الحسناء , وتخيل اشجارك المخضرة , ونام على اصوات تغريد البلابل , وانامل حسنائتك , تداعب شعرك , تخيل , الا يمكنك ان تتخيل ؟
العامل ----- ولكن الخيال يختلف عن الحقيقة ياصاحبي .
البحار ----- ولكنه عامل يساعدك على تمضية دقائق من المتعة .
العامل ----- حسنا , وبما ان هذا ليس بجديد علينا نحن عمال المركب , انما يجب عليا تقديم لك شكري واحترامي على نصيحتك هذه , فاعلم ياصاحبي , , هنا في هذا المحيط , لا نستطيع تحقيق احلامنا الا بالخيال والتخيل , فلولاهما , لكنا من عداد الاموات .
( موسيقى )
( المشهد الرابع )
( صوت صراخ ينبعث من احد العمال متالما من شدة التعذيب )
رئيس العمال ---- كيف تنشر خبر وجود فتاة على ظهر هذا المركب ؟
العامل ----- اقسم انني رايتها بام عيني .
رئيس العمال ---- امتاكد انك شاهدت الفتاة , ( يجلده بالسياط على ظهره )
العامل ---- ( يتالم وصارخا ) صدقوني انني شاهدتها بام عيني .
رئيس العمال ---- ( مستمرا بجلده ) هيا قل انني كاذب واعترف بانها كانت اكاذيب ملفقة بحق سمعة قبطاننا .
الجمع المحتشد ---- هيا اعترف بالحقيقة وقل انك كاذب .
الاخر ----- انقذ نفسك من الموت والعذاب المهلك .
رئيس العمال ----- هه, ماذا تقول ؟
العامل ----- ولكنني رايتها ياسيدي , بام عيني , وهي تسيرامامي من فوق ظهر هذا المركب , كأنها ملاك , تسير بخطوات فيها شيئا من الانوثة والرقة والاحساس , وعطرها الاخاذ والمنبعث من جسدها مع هبوب انسام هذا المحيط, ياويلاه من رائحة هذا العطر الذي انعش غرائزنا المكبوتة , وهيج مشاعرنا واحاسيسنا , عندها جعلتني احسس انني محتاج الى النصف الاخر من جسدي .
رئيس العمال ----- اسكت ياهذا , انك بالحق مهووسا ومجنونا , وهذه السياط ستعيدك الى رشدك , والى رجاحة عقلك . ( يجلده بالساط ) هيا قل الحقيقة , وانقذ نفسك من هذا الهلاك .
العامل ----- حسنا حسنا , كف عن جلدي .
القبطان ------ ( يظهر كالفريسة والتي تتهيأ لافتراس فريسته , ضربة قوية من الموسيقى , سكون , قهقهة عالية من القبطان ) اما زال مصرا على انه شاهد الفتاة بام عينيه على ظهر هذه السفينة ؟
رئيس العمال ---- نعم ياسبدي , الا انه عبر عن ندمه , واعترف بحقيقة كذبه .
العامل ----- ( بصرخة قوية ) صدقوني انني رايتها , رايتها بام عيني متجهة الى كابينة هذا القبطان .
رئيس العمال ----- ( يجلده جلدا مبرحا ) رحمة بجسدك واعترف بانك كاذب .
العامل ----- ( يتأوه من العذاب )
القبطان ---- ( يامر بتوقف الجلد ) كفى ياهذا كفى , توقف عن الجلد , ودعني اقدم توضيحا , كيف استطاع هذا الصعلوك ان يشيع الفوضى والاظطراب على ظهر هذه السفينة , وبالذات بين صفوف هؤلاء العمال والبحارة النجباء .
رئيس العمال ---- لقد شجع على احتجاج العمال والبحارة , مما دفعهم على تقديم طلباتهم بمرافقة النساء لهم اثناء ابحارهم , والا سيظربون عن العمل , والاعتصام داخل السفينة , وتجميد اعمالهم , والامتناع عن مواصلة الابحار .
القبطان ----- هكذا اذن .
رئيس العمال ----- نعم ياسيدي .
القبطان ----- اذن وزع الشراب على جميع البحارة وعمال السفينة , وحاول زيادة تعيينهم من المواد الغذائية وتحسين نوعيته , مع زيادة حصصهم من اللحوم البرية ,واما بخصوص هذا العامل الشجاع والبطل , فانه محق بادعائاته مما شاهد على ظهر هذه السفينة وانما اخفق في كيفية نقل الصورة الحقيقية لاخوتي العمال .
رئيس العمال ---- ( باستغراب ) ماذا تقول ياسيدي ؟
القبطان --- مثل ما سمعت , فلا تتعجبوا مما شاهده هذا العامل , لقد شاهد حورية من حواري هذا المحيط, واشتاقت نفسه لمضاجعتها وبهذا لم يحافظ على حرمتي , واما من جانبي فسأكافئه على صدق ماراه وتحدث لكم عنه , لانه كان صادقا بروايته .
رئيس العمال ------ ( مستغربا ) ولكن ياسيدي , كلامك هذا يدل على اننا قد ظلمناه , وقسونا عليه !!!!
القبطان ------ بسيطه , نعتذر لهاذا ونبدي اسفنا له , وسنحاول رد اعتباره .
رئيس العمال --- ( باستغراب ) كبف ؟
القبطان ----- ( يضحك ضحكة عالية ) انت مساعدي الحميم , وتسالني كيف ؟ ياللعجب ,
( بصوت عالي ) لنكافئه بلقاء مع حورية البحر , برميه في قاع المحيط , لنجمعهم في مشهد غرامي يليق بواحد متعطش للحب والغرام , هيا عجلوا ونفذوا الامر صفدوه بالقيود والسلاسل , وارموه في قاع المحيط ليلتحق بحوريته البحرية0 يضحك مستهزأ .
رئيس العمال ----- حسنا ياسيدي ( محاولا سحب العامل لتقييده بالقيود الحديدية والسلاسل لرميه في قاع المحيط ) .
العامل ---- ( يصرخ مولولا ) كلا ياسيدي , رحماك يامولاي .
القبطان ----- ( لرئيس العمال ) تمهل , لا تقيده بالاصداف والسلاسل , انما اربط في قدميه صخرة كبيرة لعلها نمنحه فرصة للنجاة بنفسه , هيا نفذ الامر .
(العمال وبعض البحارة مع رئيس العمال , يربطون صخرة كبيرة في قدمي العامل ويرموه في قاع المحيط , تدوي صرخة استنجاد قوية من العامل وتنتهي مع ضربة موسيقية ) .
( المشهد الخامس )
( في نفس السفينه)
العامل 1 ------ مالعمل ياصديقي ؟
العامل 2 ----- لا شيىء , سوى الرضوخ .
العامل 1 ----- سيأتي يوما ويقضي علينا جميعا !!
العامل 2 ---- نحن الان بين فكي وحش مفترس , خوفا من ضغط فكيه علينا , عندها سنكون في عداد الموتى .
العامل 1 ---- وكيف سنتوخى شره, يجب علينا اخذ الحيطة والحذر من اعوانه , ونحن هنا بعيدين عن اليابسة , وليس لدينا اية وسيلة للنجاة الا الرضوخ لعبوديته !!
العامل 2 ------ انك على حق ياصديقي , اننا وسط اذان تسرق السمع للوشاية بنا لدى القبطان , ان هذه السفينة مليئة من اعوانه, انهم العيون الساهرة على مصالحه , و ليس امامنا سوى الرضوخ .
العامل 1 ----- انما هذا الرضوخ ياصاحبي مذلة واهانة لكرامتنا , واجحاف لانسانيتنا !!!!!
العامل 2 ---- كلام فارغ , اية كرامة وحقوق انسانية في هذا المركب الذي يسيطر عليه دكتاتوريا ووحشيا مغرم بمص الدماء , ان هذا الدكتاتور قد خدعنا وانكشفت حقيقته , كانت لنا به امال في النجاة , الا ان امالنا قد خابت , اتذكر احاديثه وشعاراته فبل استلامه لقيادة هذا المركب ؟
العامل 1 ---- نعم اتذكر ذالك , كان يقدم لنا الافيون على طبق من فضة , اقوالا ووعودا بتنفيذ شعاراته الرنانه , والتي جعلتنا نرقص ونصفق فرحا وابتهاجا به , الا انها كانت كالسراب , واحباط عزائمنا باتجاه العيش برغد وسلام , كانت امالنا للحرية من خلاله ليست لها حدود و انما مع مزيدا من الاسف , تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ( موسيقى حزينة مناسبة للمشهد )
العامل 2 ---- بفضل اسياده , وبمؤازرة اعوانه وازلامه , وبصورة غير شرعية ودستورية , استطاع هذا المنافق الدكتاتوري السيطرة على قيادة هذا المركب , ونحن ليس لدينا سوى الرضوخ لظلم جبروته , او الموت المحقق على يديه , فيما اذا ابدينا اي اعتراضا على سياسة قيادته للمركب .
رئيس العمال ---- اتسمحون لي مشاركتكم هذه الجلسة يارفاقي الاعزاء ؟
العامل 1 ----- ( باستغراب واندهاش ) اتكلمنا نحن ياسيدي ؟
رئيس العمال ----- نعم , انتما بالذات .
العامل 2 ----- تفضل ياسيدي , انت تامر ونحن ننفذ .
رئيس العمال ----- اولا , لا احب ان تضعوا مسافات مابيننا , وثانيا , من دون كلمة اسيدي,افضلها يااخ .
العامل 1 ----- ( باستغراب ) يااخ ؟
العامل 2 ----- كل منا وحسب مرتبته الوظيفية ياسيدي على ظهر هذا المركب , هناك فرق مابيننا نحن الصعاليك , وبينكم ياسيدي , انتم اصحاب الكلمة الناهية , فكيف يصح مساواتنا مع معاليكم وسعادتكم ياسيدي .
رئيس العمال ----- ماسات ذالك العامل , اعادتني الى رشد صوابي , صراخه بات لا يفارقني ليلا ونهارا , في يقظتي ومنامي , في صحوتي واحلامي , انه ضحية ذالك المتغطرس الدكتاتوري ------
العامل 2 ---- اسمح لنا بالذهاب ياسيدي , نحن لا نفهم بالسياسة شيئا .
العامل 1 ----- ان اردتنا ان نهتف يايعيش , فسنقعل .
العامل 2 ----- وان اردتنا ان نهتف يايسقط , فسنهتف .
رئيس العمال ----- ها انتما تتكلمون بالسياسة , وتفهمون لغتها , فعلام الخوف ؟ ان وحدنا صفوفنا , ونظمنا معارضتنا , واتحدنا بقوة متماسكة باتجاه العدو , فسنتغلب عليه , ان احببتم ذالك , واما ان عارضتموني , فسيكون حليفكم النير والعبودية , اوتحبون ان تبقوا عبيدا لذالك الوحش الكاسر ؟ , سياتي اليوم وسيطبق بفكيه على اجسادكم ويمزقها اربا اربا باسنانه الحادة , وبانيابه يمزق اجسادكم , وبمخالبه سيهرش لحمكم وعظامكم , واما ماسيسيل من دمائكم على ظهر هذه السفينة , فسيلعقه بلسانه , تشفيا بكم , واه على مصيركم والذي سيكون على ايدي هذا السفاح المنافق , فاختاروا مابين الحياة او الموت ,انني اشفق عليكم يااخوتي , ولا اريد لكم الموت , بقدر ماارغب لكم حياة سعيدة تمضيانها مع اسرتكم واطفالكم ---- ها , ماذا قررتم ؟
العامل 1 ----- الا قل لي يااخي , ماسبب ضغينتك للكابتن , بحيث اصبحت لا تطيقه ؟
رئيس العمال ------ حبي , حبي لكم , هو السبب في هذا التحول , وحياتي ايضا اصبحت اخاف عليها منه ,
بالحقيقة , بعد تلك الحادثة المأساوية بحق ذالك العامل , اصبحت اخاف منه , وان لم نتعاون من اجل الحد من جرائمه , فسيأتي يوما ويقضي علينا جميعا .
العامل 2 ----- لقد تفشت الامراض بين العمال , والجوع والحرمان , واننا ياخي نبذل جهدا اكثر من المطلوب ومن دون جدوى , ملابسنا رثة , وارزاقنا بائسة , وامننا مسلوب حينما نتفاجأ بفقدان عامل من العمال ومن دون العثور عن اسباب اختفائه , وحينما يصل الخبر الى مسامعه , لا يكتفي بالوعيد والتهديد لمن كان السبب في اختفاء بعض العمال , ومن دون اتخاذ اية اجراءات احترازية .
العامل 1 ---- فقط صراخ وعويل وتهديد , ووعود كاذبه .
رئيس العمال ---- صدقوني هو لا يكترث لاي واحد منكم , مايهمه فقط مصلحته الشخصية , لاعلمكم عن سر من اسرار اعماله الا جرامية بحقكم جميعا , ان مايزيد من طعامه الفاخر , يرميه للحيوانات البحرية المفترسة والموجودة في مخابىء هذا المركب السرية , يغذيها على هذا الطعام , اضافة الى هذا , يغذيها من اجساد ضحاياه من العمال المفقودين .
العامل 2 ---- ماذا تقول ؟
رئيس العمال ----- صدقني مااقوله هو الحقيقة بعينها , هو لا ياكل الا مالذ وطاب من الاطعمة المطبوخة وعلى ايدي امهر الطباخين , بينما انتم , لا تاكلون , الا من المعلبات الفاسدة والتي قد انتهى موعدها , اسألوا انفسكم عن سبب انتشار مرض الاسهال المعوي والالتهابات المعوية بين اقرانكم من العمال والبحارة , مااسبابها ؟ ومن اين جائتكم ؟ امتنعوا عن تناول هذه المعلبات الفاسدة , عندها ستعثرون على الجواب الشافي .
العامل 1 ---- ولهذا فوجئنا بانتشار الامراض المعوية بيننا !!!
رئيس العمال ----- نعم ايها الاخوة , هو السبب في انتشار هذه الامراض ومن دون اي اجراءات صحية ووقاية تقي عمالنا من الاصابة بهذه الامراض التي اخذت تقضي علينا .
العامل 2 ----- وماالعمل ؟
رئيس العمال ----- لا تخافوا , انا معكم , ساقف امامه واتحداه بملىء قوتي وايماني من اجل خلاصكم من العبودية والدكتاتورية , فقط لتنالوا حريتكم , وتعيشون احرارا وغير مقيدين على ظهر هذا المركب , وانني اعاهدكم بانني سأ قود هذا المركب الى بر الامان .
( صوت تلاطم الامواج بقوة وصوت صفير الباخرة –موسيقى )
( المشهد السادس )
( نفس المشهد , عمال كثيرون وهمسات واصوات همهمات وحركة غير طبيعية على ظهر المركب , )
القبطان ---- ( يظهر مفتعلا الحزن والالم )
الخادم ---- ( يؤشر بيديه و غايته اسكات العمال والبحارة ) اصغوا ايها الاخوة , اعيرونا اسماعكم .
المراسل ---- ( يصرخ باعلى صوته ) ياامعه , التزموا بالصمت .
القبطان ---- ( يلطمه على رقبته ) لا تهين عمالي .
الجميع ------- ( يلتزم بالصمت )
القبطان ----- ( يؤشر بالهدوء والسكينه ) ايها الاعزاء , ايها الغالين على قلبي , لا احب الوقوف الان امامكم , وحنجرتي مليئة بنيران الاحزان على خبر مؤلم , انه الخبر الذي سانقله لكم هو خبر رحيل فقيدنا وعزيزنا رئيس العمال الى عالم الخلود ,
العمال ---- ( همهمة واصوات مختلفة ) ماذا؟
الاخر ---- ماذا اصاب رئيس عمالنا ؟
الاخر ---- من قتله ؟
القبطان ----- لم يقتله احد , انما هو اختار الحياة الاخرة , وبالرغم من توجيه نصيحتي له وارشادي الابوي ومنعه , الا انه لم يعر لي اذن صاغية لي , فكان له مااراد , لقد استيقظ في وسط هذه الليلة وكانه يبحث عن نهايته المحتومة بيديه , لقد استيقظ ليخبرني عن رغبته في السباحة في هذه المياه القاسية , وبالرغم من نصيحتي له , الا انه لم ياخذ بها , وهكذا كان له ماراد راميا نفسه في قاع هذا المحيط واذا فجأة بسمكة القرش كبيرة ومفترسة حادة الاسنان وقوية الفكين , تطبق على جسده ( يبكي بافتعال ) وابتلعه , وهكذا افل هذا الكوكب , وفقدنا اخا وعزيزا على قلوبنا , وليس لنا الا الدعاء بالرحمة له , والراحة الابدية لروحه الطاهره , ولهذا ارتايت وللمصلحة العامة , ترشيح الاخ العزيز البحار اكس , ليحل محله , ونحن من وراء هذا لا نبغي الا التعجيل بتوصيلكم الى بر الامان , وانا لله وانا اليه راجعون ( يختفي ليدخل الى كابينته ) .
العمال ----- لنقتل القرش المفترس , لنقتل هذا الخطر المحدق بنا .
الاخر ----- ليس لنا حياة امنه على ظهر هذا المركب , ان لم نقضي على هذا القرش المفترس .
رئيس العمال الجديد ----- ( بحذر وانتباه ملتفتا الى كابينة القبطان , وبصوت خافت ) السكوت والهدوء , ليس العبرة القضاء على هذا القرش الذي في البحر , , انما انتبهوا لي لما ساخبركم به , هنا وعلى ظهر هذا المركب قرشا مفترسا اشرس واخطر من ذالك الذي في البحر ,
احدهم ---- ( باستغراب ) ماذا تقصد ياسيدي ؟
رئيس العمال ----- كل منا يبحث عن الخلاص والنجاة , انما نحتاج الى شيئا من الفراسة والحكمة والبصيرة الثاقبة في تحليل الكثير من ردود افعال رؤسائنا واللذين نصبوا انفسهم اسيادا علينا ومن دون شرعية منتهكين حرمة قوانين وانظمة الدستور ورميها في عرض الحائط , اننا ايها الاخوة نحتاج الى شيئا من الشجاعة واتخاذ مانراه صائبا وحكيما والاخذ به , نحن يااخوتي عشنا حرمانا وحياة ميئوسة منها , حياة مليئة بالبؤس والشقاء , وهذا ليس بارادتنا , وانما فرض علينا ومن دون ارادتنا , ابحثوا ايها الاخوة عن الاسباب , وثوروا ضد كل ماهو ضد ارادتكم , وتهديم كل الحواجز التي تقف بينكم وبين تحقيق طموحاتكم في الحياة السعيدة , انكم احرارا ايها الاخوة وليس من قيد يقيد ارادتكم ورغبتكم من اجل تحقيق حياة سعيدة ويوم افضل مما هو عليه الان على ظهر هذا المركب , فانهضوا يااخوتي , وهبوا هبة واحدة من اجل الحرية والانعتاق ,
العامل ----- كلامك صحيح ياسيدي , الحياة غالية والاخرين يستهينون بها ,
رئيس العمال ---- تصدوا لكل من يستهينوا بحياتكم وقدراتكم .
العامل ---- في وقت ما وقعت اعين القبطان عليا وناداني ( يقلده )---- تعال ياهذا , مكلفا ايايا حراسة كابينته , وانا مستغربا من هذا التكليف .
رئيس العمال ---- لتمنع العمال من اقترابهم من كابينته ؟ ومن يتجرأ على الاقتراب منه ؟
العامل ------ اراد ان يمنحني فرصة لمد جسور الثقة مابيني وبينه .
رئيس العمال ---- هو بالحقيقة , لا يخطو اية خطوة , مالم يحسب لها الف حساب .
العامل ----- الا انه كافئني !
رئيس العمال ----- اعتقد انها كانت مكافئة قيمة .
العامل ---- قيمة وثمينة ومؤلمة , عشرون جلدة على جسدي , لذنب لم اقترفه .
رئيس العمال ----- وما هي جريمتك لتستحق هذا الجلد ؟
العامل ---صدقني لا شيىء , انما ادعى انني كنت استرق السمع من كابينته .
رئيس العمال --- ومع من كان يتحدث ؟
العامل ------ ( بتردد ) كلا ياسيدي قد اكون مخطئا .
رئيس العمال ---- تكلم , صارحني , لا تخاف .
العامل ---- على مااعتقد انها كانت سيدة كانت معه في الكابينة .
رئيس العمال ----- ( باستغراب ) سيدة في كابينته ؟
العامل ------ نعم , من حديثهما , علمت انهما كانا يتبادلان اطراف حديث العشق والغرام .
رئيس العمال ---- وانت تسترق السمع ؟
العامل ---- كلا ياسيدي , لم يكن هذا هدفي , وانما بحكم وقوفي قرب الكابينة لحراستهم , وصلتني مناجاة عشقهم وهيامهم .
رئيس العمال ---- نصيحتي لك , احذر التقرب من المسؤولين المتنفذين وكسب مودتهم يصورة غير شرعيه وان فعلت هذا , فسيكون ذالك على حساب كرامتك ومذلتها .
العامل ---- كلا ياسيدي , سترضى عني انشاء الله .
رئيس العمال ---- وهذا املي فيك .
السكران ------ ( احد البحارة وهو يترنح نتيجة احتسائه الخمر بكثرة , وفي يده زجاجة الخمر , وهو يغني ) الله ياشفاء العاشقين ودواء الهائمين المحبين , اشتاق اليك ولروحك ولانفاسك , ولاناملك تداعب شعري , لانفاسك الجذابة كقلبك فيه سحر وحب وعطر , وشهوات جسد تنبعث منه حرارة دفىء المحبين العاشقين الصادقين في ليلة شتائية , لماذا ؟ لماذا باعدتنا الايام وظلمتنا ؟ لماذا عشنا في اوهام وانحرمنا ؟ حبنا كان اية للمحبين , كان مراة للعاشقين , كان عنوانا للمعذبين , , هكذا ياحبيبتي ذبلنا كما ذبلت اوراق الياسمين , هكذا هي الحياة يامليكتي , لقاء وحب وفراق , وعذاب واهات وممات , ولا يبقى من الدنيا سوى الذكريات , ايتها الزجاجة الملهمة لاشعار العشق والغرام , ( يلاحظ رئيس العمال ومعه العمال ) انتظري , بالله عليك ياصديقتي ومليكتي , انتظري , هاهو رئيس العمال الجديد سيقرأ عليا جنجلوتيته , من البداية وحتى نهاية ماحرمه الله علينا وحلله عليهم , تفضل ياسيدي ان اذناي تصغيان اليك ( يقترب منه ) وقدماي متوجهتان اليك , فاقذف ماعندك في وجهي من الشتائم وقباحة الكلام ( يضحك مستهزءا)
رئيس العمال -----( الى السكران ) كالعادة انت سكران !
السكران ---- بل قل كالعادة انك ولهان , ومتى مافارقتني هذه الزجاجة , ساعيش حالة من الحرمان , فلا تحرمني من متعتي وصحوتي .
رئيس العمال ---- ( مستهزءا) صحوتك ؟! واية صحوة هذه التي لا تجعلك ان تفرق مابين الاسود والابيض ؟
السكران ---- كلا ياسيدي انك مخطىء , فكيف لا افرق مابين الاسود والابيض , البابنجان اسود , والبيض ابيض , فالبابنجان يخرج من الارض , والبيض يخرج من ال--- ( يضحك ) كلا حرمة للسيدة الدجاجة واحترامي لها , لا استطيع ان اتفوه الفاظ سيئة بحقها , وسيبقى هذا السؤال من دون اجابة , انما هي مشكلة يجب ان يتدارسها مجلس اصحاب الكروش الكبيرة , واصحاب العقول النيرة , وان تعذرعليهم , فاليحيلونها الى الجمعيات العالمية للرفق بالحيوان , انما هي مشكلة وستبقى مشكلة يصعب حلها , مسكينة السيدة الدجاجة , فان كانت البيضة كبيرة , فكيف ستقذفها الى الخارج وعن اي منفذ ؟ تلك هي العلة يانفسي رئيس العمال ----- تعال وشاركنا الجلسة .
السكران ----- اتسمح لي يالسؤال ؟
رئيس العمال ---- لك ماتريد .
السكران ------ اهي جلسة سياسية تامرية , ام ماذا ؟
رئيس العمال ---- ويحك ياهذا , ماذا دهاك ؟
السكران ------ الحق حق ياسيدي , لاتاكد اولا , قبل ان اصبح طعاما لقرش البحر !
رئيس العمال ---- انا من حرصي عليكم , وخوفي من ان لا يكون مصيركم طعاما لاسماك القرش , ادعوك ان تجلس بجانبي وان تشاركنا الحديث .
السكران ----- امتاكد من انك لا تضمر لنا شرا و توقعنا في شراك نصب يهلكنا ويقضي علينا ؟
العامل ----- هيا يااخي , وامتثل لاوامره , انه رئيسنا الجديد , رئيس عمال هذا المركب .
السكران ---- من ؟ اقلت انه رئيس العمال الجديد ؟ على الرحبة والسعة , اامر ياسيدي .
رئيس العمال ---- هيا اقترب واجلس بجانبي .
السكران ---- كلا , احب مجالسة هذه الزجاجة واختلي بها , انها تخفف عني هموم الحياة وتؤنسني .
العامل ----- تعال واجلس معنا , لنتسامر مع اجواء انسام المحيط .
السكران ----- قل لي , انت من هذه الجهة ( يحاول الاشارة الى جهة اليسار ) ام من تلك الجهة ( يحاول الاشارة الى جهة اليمين ) .
العامل ----- لا افهم قصدك , ماذا تقصد ؟
رئيس العمال ----- يقول انك يساري ام يميني ؟
العامل ----- (وكانه علم مايقصده ) هه هه ! لست من هذا ولست من ذاك .
السكران ---- اذن انت من اللذين تلعب على الحبلين او انك من اصحاب الحلول الوسطية ( يؤشر باصبعه ) .
العامل ----- خير لك ان توفر معلوماتك لنفسك
رئيس العمال ---- لقد اخبرك صديقنا انه لا يميل الى اية كفة ميزان .
السكران ----- اتقصد انه فوق الميول والاتجاهت ؟
رئيس العمال ----- صدقت .
السكران ------ ( يضحك ) رحمه الله , كان هذا هو شعاره , اضافة الى هذا , اضاف شعارا اخر الى شعاراته , عفا الله عما سلف , الا انه لم ينفذ من حتفه الاخير على ايديهم .
رئيس العمال ---- من هو ؟
السكران ----- مامن احد , سوى انها كانت حكاية من حكايات هذه السفينة , وتلتها حكايات كثيرة وغير مستقره , والان ياعزيزي , هات ماعندك , فانا ساجلس بالقرب منك لاسمعك جيدا , تكلم ياسيدي , انني مصغي اليكم .
العامل ---- لي كلمة ياسيدي احب ان اوجهها الى اخي السكران .
رئيس العمال ----- تفضل .
العامل ----- لكي تطمئن لي ويستقر ذهنك على تفسير ميولي واتجاهاتي , فاعلمك , وبملىء ارادتي , وانا في كامل قوايا العقلية والنفسية , بانني اسير بخطواتي على استقامة واحدة ومن دون تعرجات قد تودي بحياتي .
السكران ----- مخطىء , ثم لست وحدك من يفكر بمثل هذه الاوهام , ان شئت ام ابيت , فالعدالة السماوية خلقت في هذه الدنيا كفتين متصارعتين لتحلو الحياة , وكل كفة تحاول استمالتك الى جانبها , وان رفضت , فالويل لك , ستصبح من المتامرين على سلامة هذا المركب وامنه .
العامل ----- اطمئن , فانا اتجنب مثل هذه الامور .
السكران ----- لا تستطيع , لا تستطع وانت تواجهك مغريات شتى تعمي البصيرة وتفقدك السيطرة على ارادتك , ستواجهك وعودا كاذبه وتنخدع فيها , وستنساق ورائها , الا انك ستصطدم بواقع مرير , لا يروق لك . ( الى رئيس العمال ) انت ياسيدي , الاحظ بان صيوان اذنيك قد انتصبت لتستقبل هذا الحديث , فما هي وجهة نظرك ؟
رئيس العمال ----- بالحقيقة -----
السكران ----- ( مقاطعا ) نعم نعم , انا اعلم بانك ستبتدىء بجنجلوتية كبيرة وعريضة مقدمة لبداية حديثك , الا اننا سوف لا نفهم منها شيئا , كأنك ستقول ( يقلده ) بالحقيقة والواقع اننا سوف , وانني ساعتزم , سابني لكم ,------ ومن بعدها سيقطع حديثك تصفيق حاد يبدأها ابناء الملاعين من اعوانك , لا لشيىء , سوى لانك قد استوقفتك عبارة لم تتذكرها , واذا باولائك الملاعين من اعوانك سيساعدونك على التذكير بالعبارات الاحقة , وبهذا سيساعدونك على التخلص من هذا الموقف المحرج , والان هات ماعندك .
رئيس العمال ----- نعم نعم , انني بالحقيقة ------
السكران ------ ( مقاطعا ) اية حقيقة هذه ياسيدي ؟ طعام المعلبات الفاسدة والتي انتهى مفعولها الصحي ؟
العامل ------ يااخي , دعه يكمل حديثه ويفصح عن افكاره ومشاريعه واصلاحاته .
السكران ---- نفس الكليشة للاعلانات التجارية في عالم السياسة , كل منهم لديه اعلانات تجارية يخطونها على لوحات وبوسترات ليعلنون عن بضاعتهم التسويقية , واذا جئت الى الحقيقة , فليس هناك شيئا جديدا سوى ان الوجوه تتبدل بوجوه جديدة , انها لعبة شطرنجية يلعبها الكبير , كش الملك , مات الملك , جاء الملك , وهلم جره , ونحن الضحية , ( بعصبية ) نعم يااخي نحن الحطب الذي يحترق من اجل ان يعتلوا مناصبهم , وعندما يمسكون بالكرسي , والمدعومين به من الكبير , سيصبحون مطية لهذا الكبير , صحيح انهم سيعتلون الكرسي , انما الكبير سيركب على ظهورهم وسيسوقهم وحسب اهوائه ومخططاته , انما هم فقط الواجهة البراقة والتي ينخدع بها من مثلنا وامثالنا .
العامل ---- من كلامك افهم انك ايضا ضحية من ضحايا هذا الوضع الخسيس والذي نعاني منه جميعا , مارايك لو انك انضممت الى فريقنا ؟
السكران ----- ( يضحك مستهزءا ) واي فريق ؟ الذي يهتف باليا يعيش واليا يسقط ؟
العامل ----- كلا نحن لا نمارس السياسة , انما نتحد من اجل المطالبة بحقوقنا .
السكران ---- وممن ؟ وعن طريق من ؟
العامل ---- (يؤشر على رئيس العمال ) عن طريق هذا الاخ , رئيس العمال الجديد في المركب .
السكران ---- ( مستهزءا , وبلهجة شعبية بغدادية ) لا قيم الركاع من ديرة عفج .
رئيس العمال ----- اسمع ياخي , انتم ضحايا الكثييرين من اللذين خدعتم بهم , الحق الى جانبكم , فاخرجوا اصواتكم وطالبوا بحقوقكم وانا في مقدمتكم ساتصدى لكل من يحاول المساس بحياتكم , كنتم ضحية وعود كذابة , وحينما اعتلت اصحابها قمة الهرم اصبحتم انتم تحت اقدامهم لا يعيرونكم اي انتباه .
السكران ----- الجميع هكذا ياسيدي , وجهان لعملة واحدة , نحن عبارة عن سلالم صعودهم , , ويل لنا من انتظارنا لهذه الوعود و لقد نفذ صبرنا , وخابت امالنا , ومازلنا نتطلع الى الفارس الموعود , ليمنحنا الحياة السعيدة ويكسر قيودنا لنسير باتجاه الحرية التي نحن موعودين معها .
العامل ---- فقط لو انك ترمي هذه الزجاجة من يديك , وتكتفي بهذا القدر من الشراب !!!
السكران ----- ( يبتسم وهو ينظر الى زجاجة الخمر والتي بين يديه ) حريص عليا يااخ ؟؟ انا احييك , واقدم لك احتراماتي ان كنت صادقا بما تكنه لي , انما خوفي من انك قد انجرفت مع اللذين انجرفوا , والان , اسمحوا لي ان اترككم مع احاديثكم , وانا اغني مع نفسي وهذه الزجاجة العزيزة على قلبي ( يبدا بالغناء وهو يبتعد عنهم ) هيا يابدر الدجى , انشر ضياؤك على جموع الراحلين , والصاعدين الى العلا , حاملين متاعب همومنا على ظهورهم , وليس من يعيل عوائلهم سوى الامل , القباطنة جمعهم متشابهون بالنهب والسرقة , انما لم نفقد الامل بالقبطان الحقيقي , والذي سيقود المركب الى بر الامان والسلام , ليشبع الجائعين ويروي العطاشى من العمال والبحارة , ويكسو العراة ليقيهم قسوة البرد القاتل , ونحن على امل لهذا اللقاء ( مرددا ) ونحن على امل هذا اللقاء .
( موسيقى , اظلام تدريجي باستثناء بقعة ضوئية في اسفل
يسار المسرح , حيث يظهر القبطان في اعلى كابينته ومع نفسه , امام عموم ركاب السفينة من العمال والبحارة فنتبين اشباح اجسادهم بتسليط بقع ضوئية سبوت لايت , وهم منهمكين باشغال تهمهم وكل منهم وحسب مايوجهه المخرج من حركة مسرحية )
القبطان ----- واخيرا انا في قمة هذه السلطة القيادية على ظهر هذا المركب ,وليس بوسعي ان افعل شيىء ؟ كيف سانفذ وعودي لهؤلاء المعدمين من العمال والبحارة والعاملين على ظهر هذا المركب ؟ سبق وان وعدتهم بتقديم افضل الخدمات لهم , وتحسين احوالهم الاقتصادية والترفيه عنهم وانا من جهة اخرى تحت اوامر المستثمر القاسية والتي لا يمكنني الانحياد عنها , ومن دون هؤلاء المعدمين من العمال والبحارة لا يمكنني مواصلة الابحار , انا من باع ظميره لخدمة الاسياد المستثمرين , والويل لي من غضب هذه الجموع الحاشدة ان ضاق بها الدهر , اذن لا بد من البحث عن منفذ نجاة لانقذ نفسي من مصير لا يحمد عقباه ؟
السكران ----- ( في اسفل يمين المسرح وتحت حزمة ضوئية قوية ) هي انت الذي هناك , اتسمح لي بالحديث معك , اني اراك مهموما ومشغول البال , واذا لم اخطىء ,اعتقدجازما انك تكلم نفسك .
العامل ----- ( واقف بجانبه , وبهمس وحذر ) ويحك ياهذا , ماشانك والقبطان ؟
السكران ----- اصحيح ؟ اهذا هو القبطان , انه جميل جدا , انظروا الى خديه كيف احمرتا من شرب النبيذ المعتق , ونحن نشرب من هذا النبيذ السيىء السيط .
العامل ---- هيا انفذ بجلدك .
السكران ----- ولماذا ؟ ايكون هذا القبطان صاحب مدبغة للجلود ؟
القبطان ---- ( بصوت اجش ونظرات قاسيه ) ماذا قلت ياهذا ؟
السكران ----- عفوا ياسيدي , انهم يسمونني السكران , وهذه التسمية اعتز بها , لانني استحقها .
القبطان ----- ولماذا يسمونك بالسكران ؟
السكران ----- من اجل المصلحة العامة ياسيدي .
القبطان ----- وماشأن المصلحة العامة بهذه التسمية ؟
السكران ---- حرصا على عدم تعرية السارقين والناهبين لرواتب هؤلاء العمال والبحارة , فلو كنت انا من الصاحين يامولاي , لحاولت تشخيص السرقة والنهب وتعرية اللصوص , ولهذا فمن المصلحة العامة ان اكون دائما في حالة السكر , اطمئن ( يؤشر بيديه على فمه بالانسداد وعدم التفوه , ويتكلم هذه العبارة التالية باللهجة الشعبية البغدادية ) صدكني اربع وعشرين ساعه مقفول , وهذا ايضا يدخل من باب الحرص على المصلحة العامة , والان جاء دورك للاجابة على اسئلتي يامحترم , نحن في زمن الديموقراطية , فلا تستغرب ان بادرتك بالاستجواب يا---- سيدي ( يلاحظ علامات الانزعاج والنرفزةعلى وجه القبطان ) السؤال , لماذا لا تجالسنا وتشاركنا اطراف الحديث ,لتتعرف على احتياجاتنا , اوليس هذا من مهام واجباتك ايها القبطان ؟
القبطان ----- لقد اوكلت بهذه المهمة لرئيس العمال .
السكران ---- وهل منحته من الصلاحيات باتخاذ مايلزم من الاجراءات ؟ ان يديه مكبلتين , ولسانه مقصوص بحد السيف , ولهذا تراه لايستطيع ان يحرك يداه, ولا ان يتخذ اي قرار يراه مناسبا لمصلحة العمال والبحارة ان لم يعود لاستشارتك !!
القبطان ----- لان نظامنا هذا كنظام مجلس الشورى , ولهذا يجب ان نتباحث فيما بيننا ويستشير واحدنا للاخر , كي يتسنى لنا قيادة هذا المركب الى بر الامان !!
السكران ----- اذن احدكم يكذب علينا , اما انت واما هو , طبعا اذا تسمح لي بهذه الجراة الادبية , لاننا في عهد زمن الديموقراطية ياسيدي , وانت من المشجعين لها , اليس كذالك ؟ احلفك بشرف تلك الفتات التي تودي واجباتها الامينة والرصينة في كابينتك , من منكم هو الصادق انت , ام وكيلك هذا ؟
القبطان ----- دعني انا اسئلك سؤالا , لربما انني قد تنازلت من موقع المسئولية , انما لايضر ذالك , لاننا في زمن الديموقراطية , ولهاذا رايت من الواجب ترجمتها على صعيد الواقع .
السكران ---- تفضل .
القبطان ---- ( بعصبية ونرفزة ) اتعتقد ان هذا المركب هو خان جغان ؟ كل من يعمل على ظهر هذا المركب , لا يمكنه ان يتخذ اي قرار من دون الرجوع اليا .
السكران ----- كما انك لا تستطيع اتخاذ اي قرار من دون الرجوع الى اسيادك المستثمرين !!
القبطان ---- من اين اتتك هذه الجراة واعطتك الحق في مسائلتي ؟
السكران ---- من خلال الديموقراطية والتي تنادي بها ليلا ونهارا , هذه الديموقراطية ياسيدي جعلتها فقط شعارا تخفي ورائها ويلات وكوارث انسانية لا حصر لها في العد والتعداد ,
القبطان ---- انت تكذب , انا منحتكم الحرية على ظهر هذا المركب وانقذتكم من نير العبودية والدكتاتورية .
السكران ----حريتك هذه والتي من خلالها , كبلت قيود العاملين المثقفين والمهرة من العمال اللذين اجتهدوا في سعيهم الدراسي للحصول على نتائج جيدة , متاملين منها خدمة هذا المركب وتكييف حياتهم على هذه الديموقراطية , فماذا كانت حصيلتهم ؟ لقد اصطدموا هؤلاء البؤساء بديموقراطيتك التي اعلنت عنها, واصبح الكلاب المأجورين يسرحون ويصولون بحرية, والمخلصين العاملين ليس لهم الا ان ينفذون مايؤمرون به , ومن دون ان يتفوهون باية كلمة يدافعن بها عن ارائهم , اهذه هي ديموقراطيتك ياكابتن ؟
القبطان ----- وكيف يكون شكلها اذن ؟
السكران ----- ( ينفجر ضاحكا ) ويح لي , اتسال شخصا سكرانا عن الديموقراطية ؟ فاليكن , مع انني متاكد , بان نهاية حياتي ستكون في قعر هذا المحيط , انما لا يهم , الاف الضحايا من اللذين شنقوا ظلما على اليابسة ولم يهابون الموت , ومهزلة الجلادين اللذين يخفون اوجههم باقنعة تخفي ملامح الخوف والرعب من هذا المشنوق ( يضحك مستهزئا ) فاليكن جسدي جسرا تعبر من عليه الالاف من هؤلاء العمال والبحارة , وانا سعيد في مثوايا الاخير , صدقني ايها القبطان , نهاية كل حر صادق جريىء , هو قاع المحيط , افضل من اللذين يهتفون باسمك جبنا وخذلانا , واما الاحرار من الكادحين ياقبطان من اللذين قيدتهم واخفيتهم في سراديب هذا المركب هم ضحية هذه الديموقراطية المستوردة من خارج هذا المركب , لا تقل عني هذا سكران انما صدقني , ان الحقيقة والصراحة لا تخرج الا من افواه السكارى , وهاهي يدايا وقدمايا تفضل وقيدهما بالاصفاد والقيود , ودع جلاوزتك يرمونني في قاع البحر لانني لست افضل ممن سبقني الى قاع هذا المحيط , واما انت , ابقى وردد --- الشهداء اكرم منا جميعا , واعلنها على لافتة كبيرة وعريضة تخدع بها هؤلاء المساكين , وانت متربع على عرش قيادتك ايها القبطان لخدمة اسيادك المستثمرين لاستثمار هذا المركب , واما اولائك العمال والبحارة تسفك دمائهم ويصبحون في ذمة الخلود , وانت تردد الشهداء اكرم منا جميعا .
القبطان ---- ( بعصبية ) سالقنك درسا ايها المتامر على سلامة هذا المركب ( ياخذ مسدسه من جنبه وبرمي السكران بالرصاص فيرديه قتيلا ) اصوات الامواج الهائجة تعلو وصوت صفير المنبه للباخرة يصفر ويزمجر , ممتزجة مع موسيقى مناسبة لنهاية المسرحية )
ستار
0 التعليقات:
إرسال تعليق