غازي الكناني..فنان متعدد المواهب والعطاءات
مجلة الفنون المسرحية
عبد العليم البناء
يتجدد الألم والحسرة واللوعة على رحيل سلسلة من كبار مبدعي العراق في مختلف مجالات المعرفة والثقافة والفنون، وكان آخرهم الفنان الكبير غازي الكناي الذي غادرنا، هو الآخر، يوم السبت الخامس عشر من تموز 2023، عن عمر ناهز الستة والثمانين عاماً في صقيع الغربة بعد تدهور حالته الصحية، أسوة بأقرانه من المبدعين العراقيين الموزعين على قارات العالم، الذين رحلوا وعيونهم ترنوا الى مرابع صباهم وعطائهم الإبداعي الذي قدموه على طبق من ذهب، ليمتعوا ويسلوا أبناء شعبنا الجريح الذي عانى ويلات القمع والإضطهاد والاستبداد والديكتاتورية والحصاروالإرهاب والفساد بكل أنواعه، إذ هاجر الكناني في تسعينيات القرن الماضي إلى العاصمة الأردنية عمان ومنها هاجر الى أستراليا وشارك هناك في بعض الأفلام السينمائية، وترأس جمعية الصداقة العراقية الأسترالية، وفرقة ناهدة الرماح المسرحية، وعاد بعد عام 2003 إلى العراق في زيارات متقطعة وأقيمت له جلسات التكريم والاحتفاء.
الراحل غازي الكناني كان من الشخصيات الفنية المعروفة بتنوع عطاءاتها التي شملت المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون، فضلاً عن الكتابة الصحفية وراسل أكثر من مجلة وجريدة عربية، وكتبت عنه الصحافة العراقية والعربية والأجنبية مشيدة بأدواره المميزة التي ستبقى راسخة في ذاكرة عشاق الفن في كل مكان من عراقنا وعالمنا العربي..
كان للراحل إمكانيات فنية ومواهب كثيرة ، فهو ممثل، ومخرج، وكاتب، وإداري ناجح، وأسس فرقاً تمثيلية ومسرحية عدة، فأصبح عضواً في فرقة شباب الطليعة، وعضواً في فرقة الفنون الشعبية ومدير إدارتها، وسكرتير فرقة شباب التحرير المسرحية، وعضواً في الفرقة القومية للمثيل التابعة لدائرة السينما والمسرح، وشارك في معظم أعمالها التي أخرجها عمالقة الإخراج المسرحي في العراق، ومنها: ثورة الموتى، الشريعة، الناس أجناس، رسالة الطير، ناس وناس، إبن ماجد، حكايات العطش والأرض والناس، إبنة الحائك، كان ياما كان، أبوالطيب المتنبي، دائرة الفحم البغدادية، الكاع، قرندل، طائر الحب، وغيرها.
ومثلما كان متميزاً وموهوباً ومبدعاً في أعماله المسرحية برع في أداء الأدوار المهمة ، في العديد من المسلسلات والتمثيليات التلفزيونية لنخبة من أبرز مخرجي الدراما العراقية، ومنها: الحب يأتي من النافذة، سواد الليل، وا معتصماه، بعد الرحيل، الآباء، المتمردون، المتنبي، الدواسر، جرف الملح، وغيرها الكثير، وفي المسلسل الأخير (جرف الملح) للمخرج المصري القدير الراحل ابراهيم عبد الجليل، حقق الفنان غازي الكناني شهرة كبيرة وحضوراً لامعاً من خلال أدائه لشخصية (فزع) التي كان معروفاً بها في الأوساط الفنية والشعبية العراقية ولازمته حتى وفاته.
أما في السينما فلقد حقق غازي الكناني حصاداً وافراً من الأدوار المهمة والمميزة عبر مشاركته في أكثر من عشرين فيلماً سينمائياً داخل وخارج العراق، ومنها : (الظامئون 1973)، و (الرأس 1976)، و (الباحثون 1978)، و (الأسوار1979)، و (الأيام الطويلة 1980)، و (القادسية1981)، و (المسألة الكبرى 1982)، و (العاشق1985)، و (عرس عراقي 1988)، و (الباحثون 1978)، و (مكان في الغد1989)، ولا غرابة أن ينقل عنه المقربون ما قاله بحقه وبحق رفيق دربه الفنان القدير غازي، الممثل البريطاني العالمي (أوليفر ريد) بعد مشاركته في فيلم (المسألة الكبرى) لشيخ مخرجي السينما العراقية محمد شكري جميل : "عملت مع غازيين وهما غازي الكناني وغازي التكريتي ولو أتيحت لهما الفرصة كما أتيحت لي لكانا نجمين عالميين). ولهذا كله وغيره حصد الفنان القدير غازي الكناني أيضاً العديد من الجوائز والشهادات التقديرية، وحظي بتكريم العديد من الجهات الثقافية والفنية داخل وخارج العراق عن مسيرته الأبداعية التي جاوزت الخمسة عقود.
نعم هكذا هم فنانونا، ومنهم الفنان الراحل غازي الكناني متعدد المواهب والعطاءات، لو أتحيت لهم فرصة المشاركة في أفلام عالمية لاستطاعوا أن يثبتوا براعتهم وجدارتهم ونجوميتهم التي ستكون، حتماً، لامعة دون شك.. وليس ببعيد عنا مافعله وقدمه الفنان الراحل فلاح إبراهيم رحمه الله عليهم جميعاً..
0 التعليقات:
إرسال تعليق