مسرحية قصيرة " هي وكرتها ب ١٤ " تأليف : بسام الحافظ
مجلة الفنون المسرحية
المشهد الأول
في مكان.. يأتي ثلاثة من الأطفال مراكضَ جهة بيت دعبول يرتدي ثوباً
أبيض اللون حَوّله عدم غسله إلى اللون الكدر ( فقير الحال . يتقدمهم أكبرهم سناً
ويدعى كريمو وهو يلهث وقد أعَيّاه الركض .
كريمو : عمي دعبول . الدنيا مقلوبة أمام الفندق السياحي . رجال ونساء وأولاد
هناك ( يقاطعه دعبول وهو فزع )
دعبول : يالطيف..ماذا حدث يا كريمو ..؟!
كريمو: جاء التلفزيون ، وإنهم يريدون تصوير مسلسل" مطبل بالدنيا مزمر
بالآخرة" وبحاجة لحمار، لقد ذكرت للمخرج ( ورور ) أن لديك حمارتك ( وردة )
وسيدفع لك يومياً عشرة آلاف ليرة.. كل المواصفات موجودة في حمارتك . هكذا
ذكر المخرج .
دعبول : لا تضحك عليَّ ، والله يقع الزعل بيننا.. جاءنا الرزق ياكريمو . صبرت
ونلت . الحمد لله .. ولكنها ولدت منذ أسبوع ، ورزقنا الله منها كرة بيضاء .
الطفل : والله ياعمي أقول الصدق، ومعهم ممثلات يتكلمن لهجة أهل الشام ، ويلبسن
لباس الحضر، ويأكلن بالشوكة والسكين ، وسمعت الممثل يقول للممثلة : توقف
التصوير ريثما يتم تأمين ( الشحشة ) وضحك كل الحضور.. عمي الممثل يقول
عن الجحشة ( شحشة ) عمي خذنا معك .
دعبول : أسمع. لا تذكروا أمام جارنا ( أبو مستو ) أننا هناك ..يا أخي عينه ضيقة،
يغارمن كل شيء ، تصور يغار من ثوبي .. ( يلتفت خلفه ويهمس ) سأعطيكم
مكافأة لتشتروا بها ( بقلاوة ) تعالوا معي . رزقي ورزقكم على الله .
(يفطن وباستغراب ) كيف لحمارة تُمثل وهي لا تتكلم كريمو! ( يضحك الأطفال)
كريمو : عمي دعبول ..هي لاتتكلم ( يرتبك وبعجالة ) هناك عند المخرج ستفهم كل
شيء.
دعبول : كما تريد . هيا بنا يا أولاد ( ضاحكاً ومؤكداً ) لا تقولوا حرفاً لأبو مستو .
.. ياجماعة ، الرجل يغار مني ، والله ليجعل من الحبة قبة . ( يكلم كريمو ) يا أخي
لا أعرف ماذا يريد منا ، وبكسر الهاء لا أدري .. ( ينظر إلى مداسه ) تصور يغار
من مداسي الذي أهدانياه المحامي ( عبدو قرقور ) بمناسبة طهور ولده ..هيا بنا
وإلا سيحرق أبو مستوالطبخة .
المشهد الثاني
في مكان .. دعبول والمخرج ورور
ورور: يلزمنا حمارة للعمل في المسلسل.. نريدها قوية البنية وتتحمل الجهد والمشقة
فهل هذا متوفر في حمارتك سيد دُعيبل ؟ كل القصة تدور حول الحمارة ولا يمكن
إلا أن تكون متواجدة ليشرف عليها المدرب ، والطبيب البيطري . كل الحكاية
الحكاية تدور حول الحمارة .. أخي هي بطلة المسلسل .
دعبول : نعم . تتحمل برد الشتاء وحر الصيف..وهل ستبقى عندكم حتى نهاية
المسلسل أستاذ ؟ ورور : نعم. ولك في اليوم عشرة ألاف ليرة. ليرة تنطح ليرة ، ويسمح لك
بزيارتها .
دعبول : ( يحيص بمكانه ) وتنام عندكم ، هل من الممكن أحضار كرتها لزيارتها
أستاذ ؟
ورور: لك ما تريد، وتأكل وتشرب مع أمها وقت الزيارة . لاينشغل بالك أخي
دُعيبل .. ياسيدي ونقدم لك ولكرتها الطعام .
دعبول ( بتردد) أستاذ .هي كثيرة الرفس ساعة الضغط عليها . حذاري من الوقوف
خلفها. هي تتجاوب معكم لو أردتم منها.. مثلاً. ( هوش . تقف .دي . تمشي . همش
تهدأ حين تكون نزقة . ترس . ترجع للخلف )
ورور : ( بفرح ) وهي المطلوبة.. هكذا أشار المؤلف.. أتفقنا..غداً تحضرها إلى
هنا لنقلها إلى مكان التصوير ، وسيدفع لك المحاسب الرعبون حالاً ( شندي بندي )
وعلى الطاولة .
المشهد الثالث
في بيت دعبول
( دعبول يقف بعيداً عن زوجه خاتون وهي ترتدي ثوب المنزل وقد تزنرت
بقطعة قماش وتضع عصابة على رأسها وهي متوترة وفي حالة غضب .. تذرع المكان بنزق )
خاتون ( مؤكدة ) أين الحمارة دعبول ؟!
دعبول : ( بتردد وخيفة ) سلمتها للمخرج ورور.
خاتون : ( مستغربة ومتسائلة ) مخرج .. ؟!
دعبول : ( يخبط الأرض بنعله الذي ليس على مقاس رجله ) ورور اسم المسؤول
عن المسلسل يا غشيمة .
خاتون ( ضائعة ) والله لم أفهم عليك .. تعال إلي هنا .
دعبول : ( شارحاً لها ) التلفزيون يصور مسلسل ( مطبل بالدنيا مزمر بالأخرة )
وبطلة المسلسل حمارة .. وقد دلهم كريموعليَّ . ليستأجر حمارتنا ، ويدفع لنا
عشرة آلاف ليرة يومياً ( شندي بندي )
خاتون ( متسائلة وهي تلطم خدها ) ووافقت ! الدابة ولدت منذ أسبوع ، وهي
لاتزال في النِّفاس يا مجنون ..
دعبول : ( بتعجب واندهاش ) حتى الحيوانات .. ( تقاطعه )
خاتون : نعم . ولدت وهي متعبة ( يند إليهما صوت أبو مستو وخبط على الباب )
أبومستو : أين أنتم يا عرب ؟ ( يقحص دعبول ويرتبك )
خاتون : أدخل يا أبا مستو . الطريق سالكة .( يدخل أبو مستو يرتدي ثوباً قصير
لغاية أسفل الركبة وقد تمنطق بحبل قنب رفيع ويرتدي أسفله سروالاً عليه رسومات
لحيوانات ، وعلى رأسه عصابة بيضاء قد حولها الغبار إلى اللون الكدر، ويلبس
مداساَ ليس على مقاسه وقد ثبته بخيط وهو بحالة القادم ليقاتل )
أبومستو : ( منفعل ومعاتب وقد شمر ثوبه بيد وبالأخرة يهزها في وجه دعبول )
ماذا فعلنا لك دعبول أفندم . جيرة الفئران ولا جيرة دعبليان .. يارجل . اسمع الخبر
من ( فاطيمو ) وكالة الأنباء العالمية ؛ بأن حمارتك تمثل في المسلسل ! لقد ضجت
الحارة من زغاريدها تارة ، وأخرى تمسح مخاطها بردن ثوبها وتدبك .
( تقاطعه خاتون )
خاتون : ( تسحبه من يده ضاحكة ) اقعد وتناول الطعام .. طبخت اليوم خبيزة .
أبومستو: ( يمسح على بطنه ) تناولت وجبة من الفاصولياء والرز والبصل في
دكان ( حج قدوري ) أقول . يا رجل .. عيباَ إن ذهبتُ معك إلى التلفزيون ؟!
تذهب راكضاً ولا تُدركك سبعة سلاقي صيد . أبومستو ( كخة ) لم يعد يعجبك يا
دعبول . على الأقل نرى الممثلات .. ناكل سيخ كباب !
دعبول : لا يذهب بك الظن إلى أبعد من ذلك . الحكاية أن كريمو أخبرني
( يقاطعه أبومستو وقد لف الساق بالساق وهو يهز رجله ويشعل دخينته )
أبومستو : والله لو دعوتني للبازار لذهبت فلأجعلنّ ( بازارها ) إلى ثلاثين
ألفاً مع حصتي من ( البخشيش ) ( يثني على ركبتيه ) تفضل . حرمتني .
يميناً ، من البارحة لم يدخل جيبي القرش المنقوب ( ينتحب ) لماذا يا جاري؟
( يدق الباب دقات تترا ثم يدخل كريمو لاهثاً )
كريمو : عمي دعبول . المخرج ورور يريدك على عجل .
خاتون : أفزعتنا كريمو . ماذا يريد من عمك ؟!
كريمو : ( متردد ثم يجهش باكياً ) حمارتك وردة ماتت .. ماتت يا عمتي خاتون
( يفز الجميع فقد أفقدهم الخبر صوابهم . تسقط خاتون مغمى عليها .. ودعبول
يضرب على رأسه .. يأتي أبو مستو بالماء ويصبه على رأس خاتون )
دعبول : ( بوجع وهو يتحرك كالمخمور ) كيف .. لماذا .
كريمو : دخلت حقل الألغام ، وبدأ المخرج ينادي تفجير .. تفجير ، أكشن ، وسقطت
خوفاً ؛ والألغام صوتية .. خلبية عمي دعبول .
أبومستو : تفجير يا كلب ، ويقول أكشن ( يسرع جهة زاوية فيجد عصا فيحملها
ويصرخ ) لن يذهب دم وردة الغالية هدراً ، والذي نفسي بيده ، لن أسكت ( تلطم
وتندب خاتون وتنوح )
خاتون : جاءت الحزينة حتى تفرح لكنها لم تجد لها مطرح ..( يا ويل ويلي على
خراب بيتي ) .. قلت له هي لاتزال نفاس .. يا عوووووو.
دعبول : ( يحرض أبو مستو ويطلب منه وبعجالة ) سأذهب إلى الفندق ، واجمع
كل أقاربنا وأبناء عشيرتي . بل كل فُلتاء حينا ، والحقوا بي .. تصرخ يا ملعون
الوالدين تفجير وأكشن ! انتفوا الشوارب وحطموا كل شيء .
المشهد الرابع
دعبول أمام قاضي التحقيق وهو يبحلق بالقاضي وينشج
القاضي : ( يدق بيده الطاولة ) : سأضع عصابة على رأسي.. ليس عندي من
قضايا سوى دعبول ، والمشكلة قضية اليوم .. تفضل سيد دعبول .
دعبول : ( يأخذ شكل الخطيب ويهز بيده) القضاء يا سيدي هو الدار الكبيرة التي نأتي إليها ، أنتم الحماة والخلفاء على الأرض.. الذي حدث ياسيدي ، لم يحدث أيام
المجاعة ، ولا أيام الفيض، ولا عندما هاجمنا الجراد، والذي رفع السماء بلا عمد (يقاطعه القاضي) القاضي : اسمع .. الادعاء الذي تقدمت به لا يستوجب تحريك الدعوى العامة بقضية من الممكن أن تحل بالتراضي ، ولا أدري كيف كيفت النيابة العامة الجرم.. وقد أضافت في متن الادعاء الشروع بالقتل والقدح والذم لكادر المسلسل التلفزيوني يعني هجومك على كادر التصوير . أنت المدعي والمدعى عليه .. تفضل . دعبول : ماتت المسكينة وتركت خلفها كرّة يتيمة. وتقول لي الموضوع لا يستوجب القاضي : يا دعبول .. الجماعة حاولوا أن يدفعوا لك ما لحق بك من ضرر يعني تعويضاً عمّ لحق بك من أضرار.. بالعربي الفصيح ،هنا حفرنا وهنا ردمنا، ولكنك طردتهم.. ونهاية القضية سيحكم لك بتعويض تقدره المحكمة المختصة.
دعبول : أفهم من كل هذا أنك إلى جانبهم ياخليفة الله على الأرض ؟!
القاضي : أبداً... لست معك ولا معهم . غير إني أحق الحق للمظلوم من الظالم
دعبول : أريد حقي بالقانون، ورحمة والدك لا أريد إلا القانون.
القاضي : ( يحدث نفسه ) يا صباح الخير على هذا اليوم .. كيف حدث ذلك يا نيابة عامة ؟!
دعبول : ياسيدي.. أعتقد أن يوم – السبت – ولا أذكر التاريخ.. حضر لطرفي ابن جيراننا كريمو راكضاً ، وأفادني : قم عمي دعبول.. التلفزيون في المدينة يصور مسلسل (مطبل بالدنيا مزمر بالآخرة) ويريد المخرج أن يستأجربعيداً عنك وعن الحاضرين (جحشتك وردة ) ففرحت، وخرجنا ( يقاطعه القاضي وهو ضاحكاً )
القاضي : جحشتك أنت .
دعبول : ففرحنا وخرجنا نركض صوب فندق الرشيد حيث يوجد المخرج ورور وبالفعل رحب بنا الرجل، وفجأة ابتعد عني قليلاً وصرخ : (برافو دُعيبل.. ) أنت ممثل رائع ، ولقد اتفقنا أن تعمل معهم وردة . أقصد حمارتي، لقاء أجر يومي، ولم أوافقه على التمثيل، ونبهت المخرج على أن وردة ترفس ، وقد تكون رفستها قاتلة وعليه الحذر، ومن أول تفجيرة لهم ماتت الحيوانة... تصور يا سيدي قال اسمي دُعيبل ولم أنزعج منه.
القاضي : هذا الكلام دوّن في محضر استجوابك... هل لديك ما تريد إضافته؟
أطلب وضع إشارة الدعوى على المسلسل، ومنع التصويرمنعاً باتاً.
مستغرباً ) نعم ! مع عدم الموافقة .) القاضي :
دعبول : ولكنه من حقي.. هكذا قيل لي.
القاضي : من حقك فيما إذا تضررت.. يعني حادث سير، عقار، منشأة، في هذه الحالة يُطلب وضع إشارة رهن على الصحيفة .
دعبول : اشم رائحة عداء.
القاضي : دعبول ، لقد وصلت معي إلى أرنبة أنفي. أنت غشيم. افهمني يا رجل، خذ ما يقسم لك، ودع الجماعة يتابعون التصوير. الحمارة ماتت ، وقد اسقط المخرج والمنتج حقهم الشخصي ، وتوقف العمل بالمسلسل .
دعبول : لا والله.. الممثلة (أم بنطلون ضيق) سخرت مني، قالت لجماعتها : دعبول يبكي من أجل حمارة ، لقد قهرتني !
القاضي : صحيح، هي لا تعرف قيمة ومكانة الدابة لديك. المهم. أتمنى أن تنتهي هذه التمثيلية.. اتفق أنت وهم على صلحة راضئية ، حدد المبلغ الذي يرضيك دعبول : هل تريد أن تُحرم عليَّ زوجتي خاتون . رميت طلاقاً يا أنا يا أم بنطال .
القاضي : ( بنزق ) ما علاقتك بالممثلة.. بدأت تلت وتعجن !
دعبول: وحقي ؟
القاضي : ( مؤكداً وبنزق ) الجماعه يدفعون لك المبلغ الذي تحدده.. وهم يريدون الخلاص.
دعبول : أفهم منك أنك معهم
القاضي : يا عمي لست معكم جميعاً، ولكنني أريد الإصلاح بينكم لأنك لا تفهم.
دعبول : أنا أفهم من نصف رجال المدينة..أريد حقي .
القاضي : والله لا تعرف (كوعك من بوعك) وكل تهديداتك وثوراتك كلام فارغ .
دعبول : تشتمني يا رجل القانون؟! بسيطة . هناك وزير عدل وحكومة.
القاضي : يا رجل أنت مصيبة. الحق على الزملاء قضاة النيابة العامة .
دعبول : إذا قضايانا مصيبة عندكم، اجلسوا في بيوتكم ونحن نتدبر أمرنا.
القاضي : يا رب دخيلك.. أقولها صراحة.. أنا قاضي تحقيق وعليّ جمع الأدلة ، أنا دكتور في القانون الدولي وكفى .. ( يغلق الدوسيه بنزق ) هي وكرتها بـ 14، مع السلامة، واذهب إلى وزارة العدل . قدم الشكوى أمام مجلس الأمن الدولي . أف.. نقول له تيس يقول احلبوه.. لم تقبل بتعويض المنتج ، ولا تريد قبول تعويض المحكمة .. تفضل .
دعبول : (وعلى بعد وتحت حزمة ضوء يقف محدثاً نفسه بحرقة غير مصدق) قُتلت المسكينة .. معقول يوجد قانون دولي ..
من خلف الكواليس ترد محادثة في مكان البازار ( موقف بيع الحمير )
الزبون : هل ترغب ببيع هذه الحمارة مع كرتها .
البائع : نعم .
الزبون : بكم تبيع الحمارة وكرتها ؟
البائع : الحمارة ب ٧ دنانير والكرة ب ٧ دنانير
الزبون : يعني الحمارة وكرتها ب ١٤ دينار .
البائع : لا . قلت لك الحمارة ب٧ وكرتها ب ٧
الزبون : فهمت . هي وكرتها ب ١٤ .
البائع : أبداً . لن أقبل . الحمارة ب٧ وكرتها ٧
الزبون : يعني . هي وكرتها ب ١٤
البائع : لا والله هي ب٧ وكرتها ب ٧
ولم يتفقا ولم يتراجع أحدهما حتى لوأن أحدهما على غلط
وهذ ما يحدث في السياسة .. لن يتراجع أحدهما مهما كلف الأمر
ستار
0 التعليقات:
إرسال تعليق