أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 31 مارس 2024

مسرحية للفتيان " ياقوتة " تأليف طلال حسن

مجلة الفنون المسرحية
الكاتب طلال حسن 



   مسرحية للفتيان "  ياقوتة " تأليف   طلال حسن


      الشخصيات
ـــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ الأم أم ميلام

2 ـ   ميلام الحداد

3 ـ الأفعوان المجنح

4 ـ كوباو  ياقوتة



     المشهد الأول


                          كوخ ، السراج مضاء ،
                          الأم تقف مهمومة قلقة
الأم : الطعام سيبرد ثانية " بشيء من 


  الانفعال " ليبرد حتى لا يتأخر مرة أخرى 
  ، مهما كان السبب " تنظر عبر الكوة " 
  حلّ الليل ، وها هي النجوم تتلامع في 
  السماء ، وحدادي لم يأتِ بعد " تبتعد عن 
  الكوة " نفرح حين نلد الأطفال ، ونريدهم 
  أن يكبروا لنفرح بهم أكثر ، لكنهم كلما 
  كبروا كبر همهم معهم " تصمت " لقد 
  تعبت ، فأنا لم أعد فتية ، إنني امرأة 
  عجوز، لابد أن أزوج حدادي وأرتاح ، 
  لكنه لا يريد أن يتزوج إلا فتاة جميلة ، 
  جميلة جداً ، وكما يقول هو " تحاكي 

  صوته " بشرتها بيضاء كالثلج ، 
  وعيناها زرقاوان كماء النبع ، وشعرها 
  بلون أشعة الشمس .. ذهب " تعود إلى 
  صوتها "..ومثل هذه الفتاة لا وجود لها 
  إلا في الأحلام " تصمت " سأرغمه على 
  الزواج من ابنة عمه ، حتى لو اضطررت 
  أن أسحر له عند .. " تنصت " أظنه قادم 
  " تركض وتنظر من الكوة " نعم ، إنه 
  هو ، فلأفتح الباب .

                               الأم تفتح الباب ، 
                              ميلام يدخل متعباً

الأم : " معاتبة " ميلام ، تأخرت اليوم ، 
  تأخرت كثيراً .
ميلام : الأمر ليس بيدي ، يا أمي العمل ، كما 
  تعرفين ، كثير ، ولابد أن أتمه في الوقت 
  المحدد .
الأم : وما ذنبي أنا لأنتظرك قلقة ، كلّ هذا 
  الوقت ، وأضرب أخماساً في أسداس ؟ 
  خشية أن يكون قد أصابك ضرّ ، أخبرني 
  ، ما ذنبي ؟
ميلام : " مبتسماً " ليس لك إلا ذنب واحد ، 
  إنكِ  أمي .
الأم : بنيّ ..
ميلام : وربما أيضاً الذنب ذنب عشتار .
الأم : " تهز رأسها " ....
ميلام : رأيتِ أبي ، وكان شاباً ، وأي شاب ، 
  فتدخلت عشتار ، وتزوجتما على عجل ، 
  و .. وولدتني .
الأم : لم ألدك أنت وحدك ، لقد ولدتُ قبلك 
  ثلاثة أولاد وبنتين .
ميلام : أرأيتِ ؟ هذا ما تفعله عشتار .
الأم : لكنهم جميعاً تزوجوا ، بنيناً وبنات ، 
  وأنجبوا الكثير من ..
ميلام : لا تتعجلي ، يا أمي ، أنا أيضاً سأنجب 
  ما تريدين من البنين والبنات .
الأم : لكي تنجب ، عليك أن تتزوج أولاً .
ميلام : طبعاً ، كما تقولين ، فلكي أنجب ، لابد 
  أن أتزوج ، وسأتزوج ، إذا رأيت تلك 
  الفتاة .
الأم : تلك الفتاة ، التي تريدها ، لا توجد حتى 
  في الأحلام . 
ميلام : سأبحث عنها وأجدها ، حتى لو كانت 
  في آخر العالم . .
الأم : ميلام ، بنيّ ، حبيبي ، لم تعد صغيراً 
  لتنتظر أكثر مما انتظرت .
ميلام : " يفتح يديه " لا خيار ، يا أمي " 
  يبتسم لها " صبراً ، يا حبيبتي ، صبراً ، 
  الصبر مفتاح الفرج .
الأم : لا داعي للصبر أكثر ، وما تنتظره حلم 
  لن يتحقق ، تزوج ابنة عمكَ .
ميلام : مرة أخرى ، آه يا أمي ، إنها أختي ، لقد 
  نشأنا معاً .
الأم : لكن أخاك تزوج من أختها ، وهما 
  يعيشان سعيدين ، ولهما ثلاثة أطفال .
ميلام : سأتزوج ، يا أمي .. سأتزوج .. أعدك 
  أنني سأتزوج ..
الأم : نعم ، هكذا ، أرحني .
ميلام : بمجرد أن أرى تلك الفتاة .
الأم : لن تراها .. لن تراها .. حتى لو بحثت 
  عنها .. في العالم كله .
ميلام : أريحي نفسك إذن ، يا أمي ، أريحي 
  نفسك ، لن أتزوج .
الأم : بنيّ .. أصغ ِ ..
ميلام : أمي ، أنا جائع .
الأم : " تلوذ بالصمت محبطة " ....
ميلام : " يقبل رأسها " جائع جداً ، عملت 
  طول النهار ، وأريد أن آكل ، ثم أنام ، 
  وأرتاح .
الأم : " تتجه حيث الطعام الذي أعدته " 
  ذبحت لك الديك .
ميلام : أرحتني من صياحه ، ذلك المخبول ، 
  إنه يوقظني بصياحه المجنون ، كلّ يوم ، 
  حتى قبل أن تشرق الشمس .. 
الأم : " وهي تحضر السفرة " بنيّ ميلام .
ميلام : نعم ، يا أمي .
الأم : سأذهب غداً ، بعد خروجك إلى العمل ، 
  إلى بيت أخيك الصياد .
ميلام : لكن المسافة بعيدة إلى بيته ، وأنت كما 
  تقولين ، لم تعودي شابة .
الأم : مهما يكن ، إنه مريض ، وأريد أن 
  أطمئن عليه .
ميلام : حسن ، مادام مريضاً ، سآتي معكِ إذن 
  ، وأطمئن عليه .
الأم : لا داعي ، لقد شفي الآن ، وأريد أن 
  أذهب إلى بيته وحدي .
ميلام : آه ، فهمت ، الأمر واضح ، أنتِ تهربين 
  مني .
الأم : بضعة أيام فقط ، أريد أن أرتاح " تشير 
  إلى السفرة " تعال ، تناول طعامك .
ميلام : " يجلس " لن أصبر طويلاً على 
  غيابك ، إذا تأخرت سآتي وآخذك عنوة 
  من بيت أخي .

الأم : كلْ الآن ، كلْ ، ليت عشتار تلعب بعقلك 
  ، وتوقعك في حبّ فتاة من هذا العالم ، 
  وليس من عالم الخيال .
ميلام : أتمنى ، يا أمي ، لو أني الراعي .. 
  تموز .
الأم : لست تموز ، كلْ .
ميلام : " يمد يده إلى الطعام " تعالي كلي معي 
  ، يا أمي .
الأم : لن آكل .
ميلام : " يسحب يده " لن أمدّ يدي إلى الطعام 
  ، إذا لم تأكلي معي .
الأم : " تحدق فيه " ....
ميلام : إنني أكاد أموت من الجوع ، تعالي كلي 
  معي وإلا لن ..
الأم : لا تكمل " تجلس قبالته " سآكل .
ميلام : هيا يا أمي ، اللقمة الأولى لك .
الأم : " تمدّ يدها إلى الطعام مبتسمة " أنت 
  صورة من أبيك ، عندما كان في عمرك " 
  تضع اللقمة في فمها " لك نفس ملامحه 
  وحركاته .
ميلام : " يضع لقمة في فمه " آه ، الآن عرفت 
  لماذا تحبينني أكثر من جميع إخوتي 
  وأخواتي .
الأم : " وهي تأكل " أنت واهم ، أنا أحبكم 
  جميعاً ، ولا أفرق بينكم أبداً .
ميلام : هذا صحيح ، لكن قلبك ، وهذا ما أعرفه 
  ، يميل لي أكثر من بقية إخوتي ، والآن 
  عرفت السبب .
الأم : " تغالب ابتسامتها " كلْ ، كلْ .
ميلام : " يأكل صامتاً " ....
الأم : " تنظر إليه " ....
ميلام : أمي ..
الأم : " تمسح يديها " نعم .
ميلام : ما هذا ، أنا لم أقل لك ، كفي عن تناول 
  الطعام .
الأم : شبعت .
ميلام : كلي .. كلي .
الأم : أردت أن تسألني شيئاً .
ميلام : لا شيء مهم .
الأم : مهما كان ، اسأل .
ميلام : البارحة ، قبل أن ننام ، تحدثت مرة 
  أخرى ، عن فتاة جميلة ، بيضاء كالثلج ، 
  وعينان صافيتان زرقاوان كماء النبع ، 
  وشعر بلون أشعة الشمس .. ذهب ،اختفت 
  ، وهي تستحم في النهر .
الأم : سمعت هذا ، من نساء متقدمات في 
  السن ، منذ سنين طويلة .
ميلام : وقلت أن أفعواناً مجنحاً ، هو الذي 
  اختطفها من النهر .
الأم : هذه حكاية قديمة ، لا أدري ما الذي 
  ذكرك بها .
ميلام : زارني اليوم صياد سمك عجوز ، وقال 
  لي ، إنه رأى الثعبان الطائر في النهر ، 
  على مقربة من الأجمة .
الأم : بنيّ ، هذه مجرد أقاويل ، " تنهض " 
  لا تصدق هذا الصياد ، إن عجوز خرف ، 
  ثم إن نظره ضعيف ، ولا يكاد يرى أبعد 
  من أنفه .
ميلام : " يمسح يديه " هذا الرجل لم يُعرف 
  عنه إلا الصدق .
الأم : أكمل طعامك ، أنت لا تأكل هذه الأيام 
  كما ينبغي ، أنظر ، لقد هزل جسمك عما 
  كنت عليه حتى قبل شهر .
ميلام : شبعت ، أنا  لا أريد أن أسمن ، حتى 
  أجد فتاة أحلامي ، وأتزوج منها ..
الأم : لن تسمن إذن ، كلْ يا بنيّ ، أنت لم تأكل 
  سوى لقيمات .
ميلام : أكلتُ أكثر منك ِ .
الأم : " ترفع الطعام " بنيّ ، لا تصدق كلّ ما 
  يقال ، هناك أقاويل كثيرة ، لا أساس لها 
  من الصحة .
ميلام : لكن معظم ما قلته الآن ، سمعته منك ، 
  يا أمي .
الأم : الحديث عن الأفعوان المجنح ، ربما 
  غير صحيح ، ولعل تلك الفتاة ، لم 
  يختطفها ذاك الأفعوان ، وإنما غرقت في 
  النهر .
ميلام : وتلك الياقوتة ؟
الأم : هذه أقاويل ، كالأقاويل التي تتحدث عن 
  الأفعوان المجنح ، لا تصدقها ، يا بنيّ ، 
  أنت لم تعد صغيراً ..
ميلام : لكن أكثر من واحد ، أكد أن الأفعوان 
  المجنح ، وهو بلا عينين ، يضع ياقوتة 
  في وسط جبهته ، يرى بها كما نرى نحن 
  بعيوننا ، وأنه حين ينزل ليستحم في النهر 
  ، ينزع تلك الياقوتة ، ويضعها على ضفة 
  النهر بين الحشائش .
الأم : بنيّ ، كن مثلي ، لا تصدق بوجود شيء 
  لا تراه بعينيك .
ميلام : أنا لم أرَ عشتار .
الأم : " تنظر إليه صامتة " ....
ميلام : أمي ، هل رأيتِها أنتِ ؟ 
الأم : " تهز رأسها " آه منك .
ميلام : لكن عشتار موجودة ، ولولاها ما كنتُ ، 
  أنا شخصياً ، على قيد الوجود .
الأم : " تضربه مازحة على ذراعه " بنيّ ، 
  اذهب إلى فراشك ، ونم .
ميلام : سأنام ، إنني متعب ، وعليّ أن أستيقظ 
  غداً باكراً ، لكن أصارحك ، إنني مازلتُ 
  أفكر في ذلك الأفعوان .
الأم : مهما يكن ، إياك أن تفكر في تلك 
  الياقوتة ، إنها خطرة جداً ، سواء كانت 
  موجودة أو غير موجودة .
ميلام : " يقف صامتاً " ....
الأم : " تنشغل بتنظيف أواني الطعام " ....
ميلام : " بصوت خافت " الياقوتة موجودة ، 
  وسأحصل عليها . 

                                الأم ترتب الأواني ،
                              ميلام  يرقد في سريره

                                       إظلام 








     المشهد الثاني


                             الأجمة ، الأفعوان المجنح ،
                               يقف متلفتاً بين الأشجار

الأفعوان : هذا مكان منعزل ، آمن ، لا يأتي إليه 
  أحد ، حتى صيادي السمك يتجنبونه ، فهم 
  يظنون أنه مكان مسكون " يضحك " 
  وهو مسكون فعلاً ، فأنا هنا منذ بضعة 
  أيام ، ولم أرَ أحداً يقترب منه " يتطلع من 
  بين الأشجار " النهر نفسه خال ، لا أرى 
  أي صياد فيه ، إن مياهه مغرية ، تدعوني
  لأستحم فيها " يمدّ يده إلى الياقوتة " 
  سأنزع الياقوتة " ينزع الياقوتة " 
  وأخبئها بين هذه الشجيرات .
 
                             الأفعوان ينزع الياقوتة ، 
                              ويخبئها بين الشجيرات
كوباو : " من الخارج " آه .
الأفعوان : ابقي هنا ، لا تغادري هذه الأجمة ، مهما 
  كان السبب .
كوباو : " تظهر من بين الشجيرات " إنني 
  ضجرة ، لقد مللت ما أنا فيه من عزلة 
  ووحدة .
الأفعوان : لا تخرجي من هذا المكان ، سأستحم 
  قليلاً ، ثم أعود .
كوباو : " تتلفت " لا أحد في الجوار ،  حسن ، 
  سأنتظر هنا .
الأفعوان : لا بأس ، لكن كوني حذرة ، صحيح أن 
  المكان منعزل ، لكن الحذر واجب .
كوباو : لا أعتقد أن أحداً يمكن أن يقترب مني ، 
  مهما كان مجنوناً ، فأنت تسبح  في النهر، 
  على مقربة من هذه الأجمة . 
الأفعوان : من رآك ، أو اقترب منك ، مزقته شرّ 
  ممزق ، وسأمزق كلّ من يقترب منك .
كوباو : أعرف ، وقد رأيتك تمزق أكثر من 
  واحد ، ألقاه حظه العاثر صدفة في 
  طريقك .
الأفعوان : لا مكان للصدفة عندي ، وخاصة فيما 
  يتعلق بك ، فأنت خط أحمر ، لا أتردد في 
  قتل من يفكر في الاقتراب منه .
كوباو : لك أن تطمئن ، لقد مرت سنين طويلة 
  على اختطافك لي..  
الأفعوان : " يزوم متضايقاً " ....
كوباو : وربما مات كلّ من يعرفني ، ولعلي 
  الآن صرت نسياً منسية .
الأفعوان : مازلت تتشكين وتتظلمين ، رغم أنني 
  أوفر لكِ كلّ ما يمكن أن تحلم به أي فتاة 
  مثلك في العالم .
كوباو : ما توفره لي ، لا يغني عما أطمح إليه ، 
  أنت تنسى إنني إنسانة .
الأفعوان : أنت ياقوتتي ، وأنا أحبك ولا يمكنني 
  الاستغناء عنكِ .
كوباو : لقد اختطفتني وأنا فتية ، وانتزعتني من 
  عالمي ..
الأفعوان : مازلت فتية ونظرة ، وستبقين كذلك  ما 
  حييتُ .
كوباو : لا أريد أن أبقى فتية ، نظرة ، أريد أن 
  أعيش حياتي كأي إنسان .
الأفعوان : " متضايقاً " أوووه .
 كوباو : كنت فرحة أبويّ ، فأنا ابنتهم الوحيدة ، 
  وكانا يعقدان الآمال عليّ .
الأفعوان : أنت ناكرة للجميل ، فأترابك من الفتيات 
  ، يرقدن الآن تحت التراب .
كوباو : بعد أن عشن كبشر ، وتزوجن وأنجبن 
  كبشر ، ولم يمتن حقيقة ، فهن يعشن الآن 
  في أولادهن وأحفادهن .
الأفعوان : لا فائدة ، أردت أن أرفع شأنك لتكوني 
  مثلي ، ولكنك بقيت ، كما كنت من قبل ، 
  مجرد إنسان .
كوباو : هذا ما أنا محرومة منه ، وهذا ما أريده،  
  لكن دون جدوى .
الأفعوان : لن يحبطني هذا ، ستبقين معي ، مهما 
  كلف الأمر .
كوباو : " تلوذ بالصمت " ....
الأفعوان : سأذهب وأستحم في النهر ، لن أتأخر ، 
  ابقي في مكانك حتى أعود .
كوباو : اطمئن ، فأنت تعرف أنني لا أستطيع أن 
  أهرب ، حتى إذا أردت ذلك .
الأفعوان : " يحدق فيها " ....
كوباو : " تطرق رأسها " ....
الأفعوان : " يتجه منزعجاً إلى الخارج " ....
كوباو : " تتابعه بنظرها  " ....
الأفعوان : " يخرج " ....
كوباو : مرت سنين طويلة ، طويلة جداً وكأنها
                 الأبد ، وأنا أعيش في العالم السفلي هذا ، 
  لا أرى إلا وجه هذا الأفعوان البشع ، ولا 
  أتنفس إلا أنفاسه الكريهة ، حاولت الهرب 
  مرات ، ولكن هل يمكن الهرب من العالم 
  الأسفل ؟ " تصمت وترق ملامحها "أمي 
  .. أبي .. صديقاتي ، ليتني سمعت إلى 
  أمي ، ذلك اليوم ، أردت أن أذهب إلى 
  النهر لأستحم ، قالت لي ، لا تذهبي اليوم 
  ، قلبي منقبض لا أدري لماذا ، لم أستمع 
  إليها ، ونظرت إليّ ، حتى غبت عنها ، 
  دون أن تدري ، إنها تراني للمرة الأخيرة 
  "تصمت " وتحققت مخاوفها ، فقد رآني 
  هذا الأفعوان ، واختطفني و .. " تصمت 
  منصتة " أسمع دبيباً بين الأشجار ، لا 
  يبدو دبيب غزالاّ أو أرنباّ أو .. " تنظر 
  من بين أغصان إحدى الأشجار " آه .. 
  يالعشتار .. هذا الشاب يشبه .. " تنسحب 
  " لا .. لكن .. لا .. لا .. " تنظر ثانية من 
  بين الأغصان " يالعشتار .. إنه هو نفسه 
  .. وهذه مطرقته الثقيلة .. التي يطرق بها 
  الحديد .. فهو حداد .. لا يمكن .. لا يمكن 
  .. إنه يقترب هذا المجنون .. لو حذرته .. 
  سينتبه الأفعوان .. ويأتي في الحال ويقتله 
  " تنسحب " فلأختبىء " تسرع وتختفي 
  بين الشجيرات " .

                                يدخل ميلام متلفتاً ،
                           والمطرقة الحديدية في يده

ميلام : يخيل لي أنني سمعتُ صوتاً يصدر من 
  محيط هذا المكان ، ليس صوت أرنب أو 
  غزال أو .. " ينظر عبر الأشجار " ذاك 
  هو اللعين ، الأفعوان المجنح ، يسبح 
  وسط النهر ، ويقولون أنه غير موجود ، 
  ليت الأمواج تبتلعه ، وتخلص الناس منه 
  " يتلفت " فلأبحث عن الياقوتة ، إنني لم 
  أرها في جبهته ، وهذا يعني أنه خبأها في 
  مكان ما هنا " يبحث بين الأعشاب " أين 
  أنتِ أيتها الياقوتة ؟ أين أنتِ ؟ " يبحث 
  هنا وهناك " سأبحث عنك ، وسآخذك 
  مهما كلف الأمر إلى القرية ، ليراك 
  الجميع ، ويعرفون أن الأفعوان المجنح 
  موجود ، وأنه ..
كوباو : " من الخارج " أيها الحداد .
ميلام : " يتوقف " يا للآلهة " يتلفت " كأن 
  فتاة تناديني " ينصت " لابد أنني واهم ، 
  فلأبحث عن الياقوتة .
كوباو : أيها الحداد ، أهرب .
ميلام : " يتوقف " الصوت ثانية ، إنه صوت 
  فتاة ، ومن مكان ليس بعيداً .
كوباو : الأفعوان المجنح قادم ، اهرب بسرعة .. 
  اهرب .
ميلام : الصوت جاء من بين الشجيرات ، 
  فلأبحث هناك " يبحث بين الشجيرات " 
  لعلها فتاة أسيرة .
كوباو : أهرب أيها المجنون .. الأفعوان يقترب 
  أهرب .. أهرب .
ميلام : " يعثر على الياقوتة " هذه هي الياقوتة 
  " يأخذها بين كفيه " يا للآلهة ، ما 
  أروعها .
كوباو : الأفعوان المجنح جاء ، قلتُ لك أهرب 
  .. أهرب .. أهرب .
ميلام : " يحدق فيها مذهولاً " أيعقل هذا ؟ إن 
  الصوت يصدر من الياقوتة " يهمّ 
  بالهرب " فلأهرب .

                              ميلام يهمّ بالهرب ،
                            يدخل الأفعوان المجنح
  
ميلام : " مصعوقاً " آه .
الأفعوان : يا لحظك العاثر . 
ميلام : " يتراجع ومطرقته في يده " ....
الأفعوان : " يتقدم منه " أعطني الياقوتة .
ميلام : لن أعطيك إياها ، أنت الآن أعمى ، 
  لأنك لا تبصر بدون الياقوتة .
الأفعوان : هذا ما تتداوله العجائز الخرفات في 
  قريتكم والقرى الأخرى ، أنظر إليّ أذا 
  كان لك عينان ترى بهما ..
ميلام : " يحدق فيه " ....
الأفعوان : ماذا ترى ؟
ميلام : " لا يردّ عليه " ....
الأفعوان : " يمدّ يده " هات الياقوتة .
ميلام : " يهز رأسه " ....
الأفعوان : تبدو شاباً شجاعاً ، إن من لقيني ، خرّ 
  ميتاً حتى قبل أن ألمسه .
ميلام : سأميتك ، وأري أشلاءك للآخرين ، 
  حتى يتحرروا من الخوف منك .
الأفعوان : رغم كرهي للإنسان ، إلا أنني أحب 
  الشجاع ، أنت شجاع ، سأعفو عنك 
  ،ولكن ليس قبل أن تعيد الياقوتة لي 
  بنفسك .
ميلام : هذا ما لن تراه مني ، مهما فعلت .
الأفعوان : " يقف محدقاً فيه " ....
ميلام : أين الفتاة ؟
الأفعوان : أية فتاة ؟
ميلام : كوباو ، هذا كان اسمها .
الافعوان : كوباو .
ميلام : الفتاة التي اختطفتها ، عندما رأيتها تسبح 
  في النهر .
الأفعوان : هذه تخريفة أخرى ، مما تردده 
  عجائزكم الخرفات " يمد يده ثانية " 
  هات الياقوتة .
ميلام : " يرفع المطرقة الحديدية " تعال خذها 
  ، وسترى ماذا ستأخذ .
الأفعوان : " ينقض عليه محاولاً انتزاع الياقوتة" 
  سآخذها ، ومعها سآخذ روحك .
ميلام : " يقاومه فتسقط الياقوتة " ....
الأفعوان : " ينحني ويهمّ بأخذ الياقوتة " .....
ميلام : " يضربه بالمطرقة على رأسه " ....
الأفعوان : آه أيها اللعين " تسقط الياقوتة بعيداً " 
  لن تنجو من فعلتك هذه " يهجم على 
  ميلام وينهشه من صدره " سأقتلك ، 
  وأمزقك أشلاء .
ميلام : " يتراجع متوجعاً والمطرقة في يده " 
  ....
الأفعوان : لن تنفعك مطرقتك " يهجم عليه ثانية 
  وهو يترنح " سأمزقك .
ميلام : " يضربه مرة أخرى بالمطرقة " خذ ، 
  أيها الوحش اللعين ، خذ .
الأفعوان : " يصيح متوجعاً " آآآآي " ينهشه مرة 
  أخرى " سأقتلك أيها اللعين .. سأقتلك .
ميرام : " يتراجع مترنحاً وتسقط المطرقة من 
  يده " .
الأفعوان : " يتهاوى على الأرض " ....
ميلام : " يقف مترنحاً " ....
الأفعوان : " يزحف نحو ميلام " أيها اللعين .. ما 
  فعلته .. لم يفعله إنسان بي .. من قبل .
كوباو : " من الخارج " أهرب أيها الحداد .. 
  أهرب .. أهرب .
الأفعوان : " يقترب من ميرام زاحفاً " سأمزقك .. 
  سأمزقك ..
كوباو : " من الخارج " أهرب .. أهرب .. 
  أهرب .
ميلام : " يتجه إلى الخارج مترنحاً " ....
الأفعوان : لن أدعك تبتعد ، لن أدعك تعود إلى 
  القرية حياً ، مهما كلف الأمر .
ميلام : " يخرج متوجعاً ومترنحاً " آآآآ .
الأفعوان : " يحاول النهوض " ....
كوباو : " تدخل قادمة من بين الشجيرات " 
  ....
الأفعوان : هرب اللعين ، لكن هيهات ، لن يفلت 
  مني .
ميلام : " تنحني وتمسك بالمطرق الحديدية " 
  ....
الأفعوان : أنا يتصدى لي إنسان ، بل ويلحق بي 
  هذه الجراح  ؟ " وهو يزحف " سأقتله ، 
  وأقتل كلّ من في قريته من رجال ونساء 
  وحتى أطفال .
ميلام : " تعترض طريقه " ....
الأفعوان : " يتوقف محدقاً فيها " ....
ميلام : قبل أن تختطفني من النهر ، منذ عقود 
  من السنين ، عرفت حداداً شاباً ، يشبه هذا 
  الحداد .
الأفعوان : سأقتل هذا الحداد ، وبقتله أكون قد قتلت 
  ذلك الحداد أيضاً .
ميلام : أنت قتلت ذلك الحداد فعلاً .
الأفعوان : " يحدق فيها " ....
ميلام : ذلك الحداد المسكين ، ظل يبحث عني ، 
  في كلّ مكان ، ومات كمداً ، دون أن 
  يتزوج .
الأفعوان : لا تتعجلي ، سألحق به هذا الحداد ، إن 
  عاجلاً أو آجلاً .
ميلام : هذه المطرقة " ترفع المطرقة عالياً " 
  لهذا الحداد وذاك الحداد ، لقد نالت منك ، 
  وستنهيك تماماً .
الأفعوان : ياقوتة ..
ميلام : سرقت حياتي ، لم تدعني أعيش ، كما 
  عاشت أترابي من الفتيات .
الأفعوان : " يتراجع خائفاً " ياقوتة .. ياقوتة .. 
  ياقوتة .. 
ميلاام : " تقترب منه " لن أدعك تعيش أكثر ، 
  سأخلص الناس منك .
الأفعوان : " متوسلاً " ياقوتة .. لا .. لا .. لا ..
ميلام : بهذه المطرقة سأضربك .. وسيضربك 
  معي الحدادان .. الأول الذي قتلته كمداً .. 
  والثاني الذي ملأت جسمه بالجراح .

                           كوباو تضربه بالمطرقة 
                             بقوة ، الأفعوان ينهار
                                    إظلام
 



 








        المشهد الثالث


                              الكوخ ليلاً ، السراج مضاء ،
                                  ميلام يرقد في فراشه

ميلام : " يعتدل متأوها متألماً " آه " يصمت 
  " ما أخشاه أن تسمع أمي بما حدث ، 
  وهي في بيت أخي ، في الطرف الآخر 
  من الغابة ، المسكينة ، ستترك كلّ شيء ، 
  وتهرع إليّ دون توقف " ينهض " لا 
  أظن أنها ستعرف ، فأنا لم أرو ِ ما حدث 
  لأحد ، وحتى جروحي لا يعرف بها غير 
  الحلاق الذي ضمدها لي البارحة ، ثم ماذا 
  أروي لهم ، وهل سيصدقني أحد ، لو أني 
  حصلت على الياقوتة لربما صدقوني ، 
  أأقول لهم إنني رأيت الأفعوان المجنح ، 
  وأني واجهته ، وصمدت أمامه ، بل 
  وضربته بمطرقتي الضخمة على رأسه ؟ 
  " يقترب من الكوة " هذا اللعين ، لو كان 
  رأسه من صخر لتفتت تحت مطرقتي " 
  يصمت " تلك الياقوتة ، وذلك الصوت 
  الغريب ، إنه صوت فتاة فتية ، يا للآلهة ، 
  مهما حاولت فلن أعرف الحقيقة " الباب 
  يطرق " لابد أنه الحلاق " الباب يطرق 
  ثانية " مهلاً ، مهلاً " يتجه إلى الباب " 
  إنني قادم .
   
                                 ميلام يفتح الباب ، 
                             يلوح الحلاق في الخارج

الحلاق : عفواً ، تأخرت .
ميلام : لا عليك ، تفضل .
الحلاق : مررتُ على الصياد ، هذا المتهور ، 
  فاجأه  خنزير في أجمة قرب النهر ، ولم 
  يستطع الإفلات منه .
ميلام : إنه قوي البنية ، عسى أن يكون قد نجا 
  منه .
الحلاق : " يفتح صرته " الخنزير كان على ما 
  يبدو ضخماً جداً ، وشرساً ، لقد حاولت 
  ترميمه ،  " يهز رأسه " لا أظن أنه 
  سيبقى إلى الغد .
ميلام : يا للمسكين ، مازال شاباً
الحلاق : أرني جروحك ، عليّ أن أذهب إلى 
  الكاهن ، إنه مريض .
ميلام : لابدّ أنه مريض من التخمة فهو كاهن " 
  يكشف عن صدره مبتسماً " لا تقل 
  لي ، لن تنجو ، فأنا ميلام الحداد ، وليس 
  صديقك صياد الأرانب .
الحلاق : " يعاين الجروح " أعرف .
ميلام : أنت معالج جيد ، " مبتسماً " ولو أن 
  نصف الذين عالجتهم رحلوا إلى العالم 
  الأسفل  .
الحلاق : لكن ما لا أعرفه ، وأريد أن أعرفه ، 
  طبيعة هذه الجروح .
ميلام : أنت حلاق بالوراثة ، ضمد هذه الجروح 
  وستشفى ، وإن كانت ستشفى حتى لو لم 
  تضمدها.
الحلاق : " يبدأ بتضميدها " جروح الصياد ، 
  التي لن ينجو منها ، واضحة وضوح 
  الشمس ..
ميلام " يتململ صامتاً " ....
الحلاق : إنه من خنزير ضخم ، شرس ، لكن هذه 
  الجروح .. لا هي جروح ذئب ولا ضبع 
  ولا أفعوان ولا ..
ميلام : أسرع ، يا صديقي الدجال ، وضمد 
  الجروح بدون كلام .
الحلاق : " وهو يضمد الجروح " إنني لم أرَ 
  جروحاً كهذه من قبل .
ميلام : إنها أفضل اليوم ، وغداً لن تراها ، إذا 
  سمحت لك أن تعاينها في الغد ، هيا 
  أسرع .
الحلاق : " يحدق فيه " هناك سرّ .
ميلام : يبدو أنك ستتعبني ، أسرع .
الحلاق : وسأعرفه ذات يوم .
ميلام : " يغطي صدره " هذا إن عشت حتى 
                  ذلك اليوم ، ولم يقتلك خنزير شرس ، كما 
  قتل صديقك الصياد .
الحلاق : " يعد صرته " ستعيش وسأعيش ، 
  حتى ولو لأعرف سرّ هذه الجروح التي 
  تحيرني " يتجه إلى الخارج " . 
ميلام : ابقَ نتعشى معاً .
الحلاق : " يتوقف " إذا وعدتني بأن تخبرني 
  سرّ هذه الجروح .
ميلام : " يدفعه برفق " رافقتك السلامة ، 
  اذهب ، اذهب بسرعة .
الحلاق : " وهو يخرج " سأعرفه .
ميلام : اذهب وعالج الكاهن ، وسيرسله علاجك 
  إلى العالم الأسفل . 
الحلاق : " من الخارج " سأعرف السرّ ، ياميلام
  سأعرفه .
ميلام : " يغلق الباب " يريد أن يعرف السرّ ، 
  وهل أعرفه أنا ؟ تلك الياقوتة ، وذلك 
  الصوت الغريب ، وكأن صاحبته تراني ، 
  ومن مسافة قريبة جداً ، والأفعوان المجنح 
  ، هذا كله ، أهو حقيقة ؟ " يصمت " آه 
  أمي " يبتسم " لو رأتني ، ستقول لي ، 
  بعد أن تطمئن عليّ ، الذنب ذنبك ، لو إنك 
  تزوجت ، لسمعت كلام زوجتك ، ولما 
  تسكعت قرب شاطىء النهر " يصمت " 
  أمي ، اطمئني سأتزوج ، بمجرد أن أرى 
  فتاة أحلامي " بصوت شاعري" بشرة 
  بيضاء كالثلج ، وعينان صافيتان زرقاوان 
  كمياه النبع ، وشعر مثل أشعة الشمس .. 
  ذهب " يبتسم " من حق أمي أن تقول ، 
  إن مثل هذه الفتاة لا وجود لها حتى في 
  الأحلام " يطرق الباب " أهو الحلاق 
  عاد ثانية ليعرف السرّ ؟ أم إنها أمي ؟ " 
  الباب يطرق ثانية " هذه الطرقة ليست 
  طرقة الحلاق ، ولا طرقة أمي " يبتسم 
  " يبدو أنها سرّ " يتجه نحو الباب " 
  فلأفتح الباب ، وأعرف السرّ .

                                   ميرام يفتح الباب ،
                               تلوح كوباو في الخارج

ميلام : " يحملق فيها مذهولاً " ....
كوباو : عمت مساء.
ميلام : أهلاً ومرحباً .
كوباو : طرقتُ بابك مرتين .
ميلام : أتمنى أن لا تكوني قد طرقت الباب 
  الخطأ .
كوباو : لا ، أنت الحداد .
ميلام : نعم ، أنا .. أنا ميلام .
كوباو : أنت لم ترني من قبل .
ميلام : للأسف .. لا .. لكن ..
كوباو : " تنظر إليه صامتة " ....
ميلام : يخيل إليّ أنني سمعتُ صوتك من قبل " 
  يبتسم " ربما في الحلم .
كوباو : لا ، ليس في الحلم .
ميلام : " يحدق فيها مفكراً " ....
كوباو : " تريه المطرقة " هذه مطرقتك .
ميلام : " يحدق فيها متعجباً " نعم ، إنها هي ، 
  مطرقتي .
كوباو : " تقدمها له " خذها .
ميلام : " يأخذ المطرقة وهو مازال يحدق فيها 
  " ....
كوباو : لم تقل حتى شكراً .
ميلام : آه عفواً ، ألف شكر " يتنحى قليلاً " 
  تفضلي ، أدخلي .
كوباو : " تدخل  " شكراً .
ميلام : عفواً ، إنني وحدي في الكوخ ، وحدي 
  كما ترين .
كوباو : لا عليك ، لن أبقى طويلاً ، أعرف أنك 
  متعب ، وجريح .
ميلام : " ينظر إليها مندهشاً " أمي تعيش 
  معي ، وقد ذهبت البارحة إلى بيت أخي ، 
  في الطرف الآخر من الغابة .
كوباو : " تنظر إليه مبتسمة " ....
ميلام : " يغلق الباب " أنت تحيرينني .
كوباو : لا تحتر "تبتسم " مثلك لا يحتار ، يا 
  ميلام .
ميلام : " يحدق فيها " من أنتِ ؟ " يبتسم " 
  كأنك جئت من أحلامي . 
كوباو : " تريه الياقوتة " ....
ميلام : الياقوتة !
كوباو : " تقدمها له " تفضل .
ميلام : هذا يزيد من حيرتي .
كوباو : أنا لا ألومك ، يا ميلام " تمدّ يدها 
  بالياقوتة " خذها ، إنها حقك ، كدت تقتل 
  من أجلها .
ميلام : " يأخذ الياقوتة " لم يكن هدفي هذه 
  الياقوتة ، كنت أريد أن أرى الأفعوان 
  المجنح ، وأتصدى له ، وأقتله" يحدق 
  فيها " يقال إنه اختطف فتاة ، منذ فترة 
  طويلة ، كانت تستحم في النهر .
كوباو : " تنظر إليه متأثرة " كنت أظن أنهم 
  نسوا تلك الفتاة .
ميلام : لا ، مازال الكثيرون يذكرونها ، رغم 
  أن أحداً لم يرها ، وكذلك لم يرَ أحد 
  الأفعوان المجنح .
كوباو : مهما يكن ، أنت رأيت الأفعوان المجنح 
  ، وهو الآن مقتول . 
ميلام : لم أتخيل أن ضرباتي على رأسه ،  
  ، بمطرقتي تلك ، كانت قاتلة .
كوباو : أنت محق ، كانت ضرباتك شجاعة 
  ومؤثرة ، لكنها لم تكن قاتلة .
ميلام : لكنك قلت أنه قتل .
كوباو : نعم ، قتل .
ميلام : " ينظر إليها " ....
كوباو : أنا قتلته ..
ميلام : أنتِ !
كوباو : قتلته بمطرقتك هذه .
ميلام : آه .
كوباو : لولاك طبعاً ما كنت لأستطيع أن أواجهه 
  ، وأقتله . 
ميلام : هذا أمر غريب جداً ، فإن أحداً من أهل 
  القرية ، والقرى الأخرى ،لا يصدق أنه 
  موجود .
كوباو : وكذلك أنا ، من يصدق أنني موجودة ، 
  بعد أن اختفيت منذ عقود ؟ " تهز رأسها 
  " ربما لا أحد .
ميلام : " مبتسماً " أنا ، أنا أصدق أنك 
  موجودة ، وها أنا أمامك .
كوباو : " تنظر إليه " ....
ميلام : وإن كنت أخشى أن تكوني موجودة ، 
  لأني أريد ذلك  .
كوباو : " تبتسم " ....
ميلام : لو رأتك أمي الآن هنا ، لما صدقت 
  عينيها .
كوباو : لابد وأنني أبدو ، وكأني جئت من عالم 
  آخر .
ميلام : إنها تلح عليّ أن أتزوج ، فأقول لها ، 
  إنني أريد فتاة ذات بشرة بيضاء كالثلج ، 
  وعينان صافيتان زرقاوان كماء النبع ، 
  وشعر مثل أشعة الشمس .. ذهب " 
  يصمت " آه عفواً .
كوباو : " مبتسمة " وماذا تقول لك أمك عن 
  كلّ هذا ؟
ميلام : " ينظر إليها " تقول .. إن مثل هذه 
  الفتاة .. يا بنيّ .. لا وجود لها .. إلا  في 
  أحلامك .
كوباو : وأنت ؟ ماذا تقول ؟
ميلام : " يحدق فيها صامتاً " ....
كوباو : منذ فترة ، فترة طويلة ، عرفت حداداً 
  شاباً ، يشبهك .
ميلام : " يطرق رأسه " ....
كوباو : لكنه للأسف .. مات .
ميلام : " يبدو متأثراً " ....
كوباو : هذه هي الحياة ، أليس كذلك ؟ 
ميلام : نعم ، " يحدق في الياقوتة " ....
كوباو : لك أن تفرح ، فقد حصلت على هذه 
  الياقوتة النادرة .
ميلام : نعم ، حصلت عليها ، لكنني ، ويا 
  للعجب ، لا أشعر بالفرح .
كوباو : ربما يتغير شعورك ، وتفرح ، لو 
  عرفت سرها .
ميلام : وتلك الفتاة الغريبة ، التي كانت تحذرني 
  من الأفعوان المجنح ، لم أعرف حتى من 
  هي .
كوباو : ميلام ..
ميلام : " ينظر إليها " ....
كوباو : تلك الفتاة هي أنا .
ميلام : أنتِ !
كوباو : وأنا نفسي تلك الفتاة التي اختطفها 
  الأفعوان المجنح من النهر .
ميلام : يا للآلهة .
كوباو : وسحرني ، وحولني إلى ياقوتة ، 
  وضعها في جبهته ..
ميلام : " ينظر إليها مذهولاً " ....
كوباو : هذا هو سرّ الياقوتة .
ميلام : يا لعشتار ، ماذا تقولين ؟ من يصدق  
  كلّ هذا ، من يصدقه ؟
كوباو : لا يهمني أن يصدقه أحد غيرك ، يا 
  ميلام .
ميلام : إنني أصدقه .. ولا أستطيع أن لا 
  أصدقه.. مادمتِ أنتِ التي تقولينه لي 
  بنفسكِ  .
كوباو :  أشكرك ، والآن ، وقد أعطيتك حقك ، 
  ليس لي أن أبقى " تنظر إليه " عليّ أن 
  أذهب .
ميلام : مهلاً .. مهلاً .
كوباو : لقد حصلت علة الياقوتة ، وهي لو تعلم 
  تساوي ثروة طائلة  .
ميلام : دعيني من الياقوتة ، أتمنى أن تبقي 
  عندي ، لعل أمي تأتي وتراك  .
كوباو : " تبتسم " أمك الآن عند أخيك ، وقد لا 
  تأتي قريباً .
ميلام : ابقي ، رجاء ، أريد أن ترى فتاة 
  أحلامي  ، وتصدق أنها موجودة .
كوباو : " تبتسم فرحة " ....
ميلام : لترى البشرة البيضاء كالثلج ، والعينان 
  الصافيتان الزرقاوان بلون ماء النبع ، 
  والشعر الذهب كأشعة الشمس .
كوباو : " تنظر إليه دامعة العينين " ....
ميلام : لم تقولي لي ما اسمكِ .
كوباو : " تنظر إليه صامتة " ....
ميلام : ما اسمك ؟
كوباو : كوباو .
ميلام : " يبتسم " كوباو .
كوباو : " تهز رأسها مبتسمة " ....
مياام : ابقي يا كوباو .
كوباو : " تنظر إليه دامعة العينين " ....
ميلام : أرجوكِ .
كوباو : ميلام ، أنت لا تعرف سري كاملاً .
ميلام : يكفيني أن تبقي ..
كوباو : " تنظر إليه دامعة العينين " ....
ميلام : أفرحي أمي ، ستحبك جداً ..
كوباو : " تغالب دموعها "... .
ميلام : وأفرحيني .
كوباو : لقد حصلت على الياقوتة .
ميلام : نعم .
كوباو : ويمكن أن تحصل من ورائها على ثروة 
  طائلة . 
ميلام : ابقي ، وسيكون لهذه الثروة معناها 
  وأهمية عندي .
كوباو : ميلام .
ميلام : قولي نعم ، يا كوباو .
كوباو : ليس من السهل أن أقول نعم ، أخشى أن 
  تندم بعد حين .
ميلام : قولي نعم ، ولن أندم .
كوباو : ميلام .
ميلام : أسمعيني نعم ، وأفرحيني .
كوباو : عليك أولاً أن تعرف السرّ .
ميلام : لا يهمني السرّ ، مهما كان ، كوباو .. 
  قولي نعم ، سأبقى .
كوباو : اسمعني أولاً ..
ميلام : " ينظر إليها صامتاً " ....
كوباو : هذه الياقوتة ، التي بين يديك ، هي أنا .. 
  أنا كوباو .
ميلام : " يقلب النظر بينها وبين الياقوتة " لا 
  أفهم .
كوباو : وأنا .. كوباو .. هذه الياقوتة .. التي بين 
  يديك .
ميلام : لا أفهم .. لا أفهم .
كوباو : الياقوتة ثروة .. ثروة طائلة ، ومن حقك 
  ، إذا شئت ، أن تحتفظ بها .
ميلام : أريدك أنت ، أريدك أنتِ وأريد الياقوتة 
  أيضاً .
كوباو : هذا مستحيل .
ميلام : كوباو.
كوباو : أنا أو الياقوتة ، أنت حر ، اختر إحدانا 
  ، يا ميلام .
ميلام : آه فهمت .
كوباو : إذا اخترتني ، أنا كوباو ، ستختفي 
  الياقوتة ..
ميلام : " ينظر إليها صامتاً " ....
كوباو : وإذا اخترت الياقوتة ، سأختفي ، ولن 
  يكون لي وجود في هذا العالم .
ميلام : " يقاطعها " مهلاً ، يا كوباو ، مهلا ، 
  مهلاً .
كوباو : " تصمت ناظرة إليه " ....
ميلام : الياقوتة ثروة ، وأنا كما تعرفين ، حداد 
  فقير ، لكن آه ، بشرة بيضاء كالثلج ، 
  وعينان صافيتان زرقاوان كماء النبع ، 
  وشعر بلون أشعة الشمس .. ذهب .. و ..
كوباو : " تصيح فرحة " ميلام .
ميلام : " يعانقها " ليس للياقوتة مثل هذا 
  الدفء ، يا حبيبتي .. كوباو .

                               ميلام وكوباو يبقيان
                           متعانقين ، إظلام تدريجي 
                                          ستار
   
                               
                                       30 / 4 / 2012



0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption