مسرحية للفتيان " اوتو ـ نبشتم " تأليف طلال حسن
مجلة الفنون المسرحيةمسرحية للفتيان " اوتو ـ نبشتم " تأليف طلال حسن
المشهد الأول
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ردهة بفصر جلجامش ،
الزوجة تسير قلقة
الزوجة : لقد تأخرت ، كم أخشى أني أخطأت ،
حين أرسلت الوصيفة إليها " تقف عند
النافذة " ها هي الشمس تشرق ، ويبدأ
النهار ، وأي نهار ، يا للآلهة " تسير قلقة
" لن يسامحني جلجامش ، إذا عرف أني
أرسلت الوصيفة في طلبها " تتوقف " من
يدري ، لعلها لن تأتي ، فهي منذ أن
دخلت المعبد ، لم تخرج منه مطلقاً "
تسير منفعلة " لكن الأمر يختلف هذه
المرة ، فهو لن يواجه انكيدو ، أو الثور
السماوي ، أو خمبابا ، بل ..
المربية : " تدخل مسرعة " مولاتي
الزوجة : " متلهفة " الأم المقدسة !
المربية : نعم ، ومعها الوصيفة ، عند مدخل
القصر
الزوجة : يا للأم العظيمة
المربية : لن يؤثر على مولاي جلجامش ، أحد
غيرها
الزوجة : ولهذا أرسلت أستنجد بها ، وها هي
جاءت
المربية : " تتجه نحو الباب " فلأذهب الآن ،
وأخبر .. " تتوقف " مولاتي ..
الزوجة : ليتك تسرعين
المربية : الأمير زيو هنا
الزوجة : الأمير زيو !
المربية : نعم ، وقد علمت أن مولاي جلجامش ،
قد يستدعيه
الزوجة : أين هو الآن ؟
المربية : في غرفة الانتظار
الزوجة : لم نره منذ فترة طويلة
المربية : " ترمقها بنظرة سريعة " .....
الزوجة : اذهبي ، يبدو أن الأم المقدسة مقبلة
المربية : " تتجه نحو الباب مسرعة " سأذهب ،
وأخبر مولاي جلجامش
الزوجة : " عند النافذة " الأمير زيو " تنظر إلى
أعلى " عشتار " تنتبه " الأم المقدسة ،
أيتها الآلهة أدركيني ، إذا أخفقت الأم
المقدسة ، فإن كل شيء سينتهي
الوصيفة : " عند الباب " مولاتي ، الأم المقدسة
الزوجة : حسن ، اذهبي أنت
الوصيفة : أمر مولاتي " تخرج "
الزوجة : " تتمتم " أيتها الآلهة
تدخل الأم المقدسة ،
ننسون بادية التأثر
الزوجة : " تسرع لاستقبالها " عفواً مولاتي ،
الوقت غير ملائم ، لكنك تعرفين ، إن
الأمر خطير
ننسون : لا عليك ، جلجامش ابني ، وأمره يهمني
بقدر ما يهمك
الزوجة : " تغالب دموعها " مولاتي
ننسون : تماسكي ، فلكل قضية حلّ
الزوجة : إلا قضيتي ، لقد كتب عليّ الانتظار
ننسون : بنيتي
الزوجة : انتظرته طويلاً ، حتى عاد من غابة
الأرز ، بعد أن قضى على خمبابا ، وها
إني انتظره مرة أخرى ، ومن يدري
ننسون : هوني عليك ، لعله أمر عابر
الزوجة : ليته كذلك ، يا مولاتي
ننسون : يا للآلهة ، إنني مندهشة لما يجري
الزوجة : لم يستطع أن ينسى صديقه انكيدو
ننسون : لا أحد يطلب منه أن ينساه ، لكن عليه
أن لا ينسى أنه ملك أوروك
الزوجة : لقد بكى ، وناح مثل الثكلى ، وهام على
وجهه ، مرتدياً جلد أسد ، وعاد البارحة ،
أشعث الشعر ، معفر الثياب ، منهوك
القوى ، يكاد يتهاوى على الأرض ، ورقد
دون أن يأكل لقمة واحدة ، وعند منتصف
الليل ، هبّ صارخاً .. اوتو ـ نبشتم ،
وحدق فيّ ، وقال .. سأقصد جدي ، اوتو ـ
نبشتم
ننسون : اوتو ـ نبشتم ! إنه هذيان
الزوجة : هذه الرحلة ، إذا تمت ، ستكون بلا
نهاية
ننسون : لن يرحل
الزوجة : هذا ما أرجوه منك
ننسون : صه ، ها هو قادم " تحملق في الخارج
" يا إلهي ، أهذا هو ابني جلجامش ؟
الزوجة : إنه أفضل كثيراً الآن ، ومن حسن الحظ
أنك لم تريه ، حين عاد البارحة
ننسون : بنيتي ، اخرجي ، دعيني وحدي معه
الزوجة : حسناً ، سأذهب من الباب الجانبي
ننسون : أسرعي
الزوجة تخرج مسرعة ،
يدخل جلجامش مذهولاً
جلجامش : أمي المقدسة ؟
ننسون : لم تزرني ، منذ فترة طويلة ، فجئت
أزورك ، رغم أني بهذا أخالف تقاليد
المعبد
جلجامش : عفواً يا أمي " تترقرق الدموع في عينيه
" إنني ..
ننسون : نمسح عينيك ، يا بنيّ ، أنت جلجامش
جلجامش : لم أعد جلجامش ، منذ أن مات انكيدو
ننسون : انكيدو عاش بطلاً
جلجانش : لكنه مات
ننسون : جلجامش
جلجامش : وسأموت أنا أيضاً ، سيظهر لي يوماً ،
كما ظهر لانكيدو ، شخص مكفهر السحنة
، وجهه مثل وجه طير الصاعقة زو ،
وأظافره مثل أظافر النسر ، سيعريني ،
كما عرى انكيدو ، وسيمسك بي ، كما
أمسكه ، زسيأخذ بخناقي حتى يخمد
أنفاسي ، وسيقودني إلى دار الظلمة ، إلى
مسكن الركلا .. إلى البيت الذي لا يرجع
منه من يدخله
ننسون : بنيّ ، هذه سنة الحياة
جلجامش : كلا
ننسون : أنت إنسان
جلجامش : كلا ، كلا
ننسون : ولا خلاص للإنسان
جلجامش : اوتو ـ نبشتم
ننسون : هذا جنون
جلجامش : سأذهب إليه ، سأذهب إلى اوتو ـ نبشتم
، مهما كلف الأمر
ننسون " وزوجتك ؟
جلجامش : فلتنتظر
ننسون : إن ابنك ينمو في رحمها
جلجامش : ابني ..
ننسون : إنه أنت ، تولد فيه من جديد ، كما ولد
فيك أبوك ، وأجدادك العظام
جلجامش : لا يا أمي ، أنا هو أنا ، وأريد أن أبقى أنا
، جلجامش
ننسون : ابقَ ، وستبقى عندي جلجامش ما بقيت
جلجامش : أمي ، أريد أن أبقى إلى الأبد ، ولن أبقى
إذا لم أذهب ، وسأذهب ، سأذهب إلى
اوتو ـ نبشتم
ننسون : " تظل صامتة " ....
جلجامش : لقد استدعيت الأمير زيو ، وقابلته قبل
قليل ، وأوكلت إليه عرش أوروك ، حتى
أعود " يركع أمامها " باركيني ، يا أمي ،
باركيني
ننسون : انهض ، يا بنيّ
جلجامش : " ينهض متردداً " ....
ننسون : لتباركك الآلهة
تندفع الزوجة من
الخارج ، مغالبة دموعها
الزوجة : جلجامش
جلجامش : عزيزتي ، سأعود حتماً ، وأرى ابني
الوليد بين ذراعيك
الزوجة : " تحضنه وتشهق مغالبة دموعها " ....
جلجامش : الطريق طويلة ، لابد أن أذهب أولاً إلى
جبل ماشو " يتملص من بين ذراعيها "
انتظريني
الزوجة : " ترفع رأسها مغالبة دموعها " ....
جلجامش : " يتراجع متجهاً نحو الباب " إلى اللقاء
يخرج جلجامش ، الزوجة
تحضن الأم باكية
إظلام
المشهد الثاني
ــــــــــــــــــــــــــــــ
جبل ماشو ، تتوسطه بوابة ،
زوجة الرجل العقرب وابنته
المرأة : " تسير قلقة " أيها الإله سين
الفتاة : توقفي ، يا ماما
المرأة : دعيني
الفتاة : ليتني أعرف فقط ما الذي يجري
المرأة : " تتوقف " ما الذي يجري ؟
الفتاة : أخبريني أنت ، ياماما
المرأة : " تسير ثانية " لا شيء ، لا شيء
الفتاة : كل هذا ، ولا شيء ؟
المرأة : الشمس تكاد تغرب ، وأبوك لم يعد بعد
الفتاة : سيعود ، لا داعي للقلق
المرأة : " تتوقف " اذهبي ، وأعدي العشاء
الفتاة : ماما ، قلت لك مراراً ، العشاء مُعد
المرأة : لابد أنه برد الآن
الفتاة : " تقترب منها " ما الأمر ، يا ماما ؟
المرأة : أبوك لا يحب العشاء بارداً ، اذهبي
وسخنيه
الفتاة : صارحيني ، لم أعد صغيرة ، إنني في
السادسة عشرة من عمري
المرأة : بل في الخامسة عشرة
الفتاة : حسن ، في الخامسة عشرة ، صارحيني
المرأة : " تحدق غيها " ....
الفتاة : تكلمي ، يا ماما
المرأة : هناك رجل يجول في الجوار منذ يومين
الفتاة : ليجل ، هذا شأنه
المرأة : إنه يبحث عن بوابة الجبل ، ويريد أن
يعبرها
الفتاة : اتركي الأمر لأبي ، وهو كفيل بإيقافه
عند حده
المرأة : بنيتي ، أنت لا تعرفين هذا الرجل ، إن
أباك يراقبه خفية ، ويخشى أن يجد البوابة
الفتاة : إذا كان هذا الرجل خطراً فلنناد ِ رفاق
أبي ، من الرجال العقارب
المرأة : لا يا بنيتي ، إن أباك يريد أن يعالج
الأمر بنفسه ، وعسى الآلهة أن تبعد هذا
الرجل عن البوابة
الفتاة : " تنظر إلى الخارج " ماما ، جاء أبي
المرأة : " تنظر بدورها إلى الخارج " نعم ، لقد
جاء ، اذهبي وسخني العشاء
الفتاة : دعيني لحظة ، أريد أن ..
المرأة : " تقاطعها " قلت لك ، اذهبي
الفتاة : تخرج متذمرة " حسن .. حسن
يدخل الرجل العقرب ،
فتسرع المرأة إليه
المرأة : يا للآلهة ، أقلقتني كثيراً ، لقد تأخرت
اليوم
الرجل : يا ويلي ، إنه قريب ، وأخشى أن يكون
قد لمحني
المرأة : اهدأ ، فمثلك لا يضطر هكذا
الرجل : لو تعرفين قوته ، يا للإله شمش ، بعد
ظهر اليوم ، رأيته يرقد متعباً ، تحت
إحدى الأشجار ، فأحاطت به مجموعة من
الأسود ، وهمت أن تنقض عليه ، فهب
مستلاً سيفه ، وضربها بعنف ، وجعلها
تلوذ بالفرار
المرأة : ما بلغنا عنه إذن صحيح
الرجل : نعم ، إنه جلجامش ، بطل أوروك
وملكها
المرأة : من المؤسف ، أن يسعى رجل مثله ،
لعبور بوابة جبل ميشو
الرجل : سأقف في وجهه ، وأمنعه من العبور ،
إنني حارس البوابة ، وهذه مهمتي
المرأة : " تنصت خائفة " أصغ ِ
الرجل : " ينصت قلقاً " ....
المرأة : أسمع وقع أقدام غريبة
الرجل : إنه هو
المرأة : " تقترب منه خائفة " جلجامش !
الرجل : أهدأي ، أين ابنتما ؟ أين هي ؟
المرأة : في الداخل ، تعد الطعام
الرجل : اذهبي إليها ، وابقيا هناك
المرأة : دعني معك ، لا أريد أن تبقى ..
الرجل : " يقاطعها " كلا ، هذه مهمتي ، هيا
أسرعي
المرأة : " تتلفت ثم تخرج مسرعة " ....
يدخل جلجامش ، ويقف
مبهوراً أمام البوابة
جلجامش : أيها الإله سين، هذه هي أخيراً بوابة
جبل ماشو ، من هنا يبدأ الطريق
الرجل : حذار ، لا تقرب هذه البوابة
جلجامش : " يلتفت إليه " الرجل العقرب
الرجل : حارس البوابة
جلجامش : منذ أيام ، وأنت تراقبني " يبتسم "
لولاك لما اهتديت إلى البوابة بهذه
السرعة ، لقد رأيتك ، وعرفت أنك الرجل
العقرب ، فتبعتك إلى هنا
الرجل : جلجامش
جلجامش : أنت تعرفني
الرجل : عد من حيث أتيت
جلجامش : هيهات ، لابد أن أعبر هذه البوابة ،
وأقصد جدي اوتو ـ نبشتم ابن اوبار ـ
توتو
الرجل : ليس هناك إنسان يستطيع ذلك ، يا
جلجامش ، فلم يعبر أحد من البشر مسالك
الجبال ، إنها تمتد أياماً طويلة ، والظلام
حالك في داخلها ، ولا يوجد فيها قبس من
نور
جلجامش : لقد عزمت على أن أعبر ، فافتح لي
الآن باب الجبل
الرجل : " يقف بالباب " كلا
جلجامش : ابتعد ، دعني اعبر
الرجل : لن تعبر
جلجامش : لابد أن أعبر " يستل سيفه " وسأعبر
الرجل : أقتلني إذا أردت أن تعبر
جلجامش : " يضع السيف في عنقه " قلت لك ، سأعبر
الرجل ، اقتلني أولاً
جاجامش : لن أدع أحداً يقف في طريقي " يصيح "
سأقتلك
تدخل المرأة والفتاة ،
الفتاة تندفع صارخة
الفتاة : لا جلجامش : " يلتفت إليها " ....
الفتاة : أبعد سيفك أيها الوحش
جلجامش : من هذه ؟
المرأة : ابنتنا
الفتاة : أنت تؤذيه ، أبعد هذا السيف
جلجامش : " يبعد سيفه " ....
الفتاة : " تتحسس رقبته " أبتي
الرجل : اطمئني ، يا بنيتي ، إنني كما ترين بخير
جلجامش : " يعيد السيف إلى غمده " إنني لم أعتذر
مرة من قبل " ينظر إلى الرجل " آسف
الرجل : لا عليك
المرأة : فلتباركك الآلهة
جلجامش : جئت من مكان بعيد ، تاركاً أمي ،
وزوجتي ، ومدينتي أوروك " صمت "
لقد مات خلي وصديقي امكيدو ، ولابد أن
أذهب إلى جدي اوتو ـ نبشتم " يغالب
تأثره " لا أريد أن أموت ، مثل خلي
وصديقي انكيدو
المرأة : " تنظر متأثرة إلى الرجل " ....
الفتاة : أبتي
الرجل : أعرف أن ما أفعله خطأ
جلجامش : " ينظر إليه " ....
الرجل : عليك أن تذهب إلى سدوري
جلجامش : سدوري !
الرجل : بعد أن تجتاز مسالك الجبال ، التي
يسودها الظلام ، اذهب إليها ، إنها
صاحبة الحانة ، وتسكن عند ساحل البحر
المرأة : الشمس تغرب ، ابقَ عندنا حتى الصباح
جلجامش : أشكرك ، لا استطيع البقاء ، لابد أن
أمضي ، فالطريق طويل
الرجل : " يفتح الباب " ....
الفتاة : " مشفقة " أبتي
الرجل : ادخل ، يا جلجامش
جلجامش : " يقف متهيباً عند البوابة " ....
الرجل : جلجامش ، عسى أن تقطع الجبال ،
وسلاسلها ، وعسى أن تعود بك قدماك
سالماً إلى أمك ، وزوجتك ، ومدينتك
أوروك
المرأة : " تتمتم دامعة العينين " لترعك الآلهة
جلجامش يعبر مسرعاً ،
الرجل يغلق البوابة
الفتاة : " تحضنه " أبتي
الرجل : " يمسد على شعرها " ....
الفتاة : عندما رأيته أول مرة ، تمنيت لو أن
الآلهة تهلكه " تنهنه باكية " والآن ..
الرجل : والآن .. إنني جائع
الفتاة : " تكسح دموعها " الطعام معد ، وقد سخنته منذ قليل
الرجل : هيا إذن ، فالطعام لذيذ ، وهو ساخن
الفتاة : " تنظر إلى الباب " ....
المرأة : " تمسك يدها " هيا يا بنيتي " تبتسم لها " فأنت لم تعودي صغيرة
الرجل والمرأة والفتاة
يمضون إلى الخارج
إظلام
المشهد الثالث
ــــــــــــــــــــــــــــــ
حانة سدوري ، سدوري
تتطلع عبر النافذة
سدوري :البحر هادىء اليوم ، والجو دافىء ، إن
الربيع يكاد ينتهي " تهز رأسها " وربيعي
يكاد ينتهي أيضاً ، آه اور ـ شنابي " تبتعد
عن النافذة " سيبحر اليوم ، ويعبر بحر
الموت العميق ، سواءاً كان البحر هادئاً أم
لا ، ويتركني للإنتظار مرة أخرى "
صمت " الربيع يمر كالسحابة ، والصيف
يعقبه الخريف ، ثم الشتاء " تتنهد منفعلة
" لن أحتمل هذا الصيف والإنتظار ، لابد
أن أفعل شيئاً ، وإلا ..
تصمت سدوري ، يدخل
اور ـ شنابي متثائباً
اور ـ شنابي : صباح الخير
صدوري : " دون أن تلتفت إليه " صباح النور
اور ـ شنابي : يبدو أنك استيقظت مبكراً
سدوري : " بمرارة " إنني ادير حانة " تشير إلى
ما حولها " كما ترى
اور ـ شنابي : ليتك أيقظتني معك
سدوري : آثرت أن تبقى مرتاحاً ، فأمامك رحلة
طويلة ، شاقة
اور ـ شنابي : سدوري
سدوري : لن ترى سدوري ، حين تعود هذه المرة
اور ـ شنابي : " ينظر إليها صامتاً " ....
سدوري : لم أعد أحتمل
اور ـ شنابي : قلت لك ، سأجد حلاً
سدوري : قلت هذا مراراً ، وقد انتظرت ، دون جدوى " صمت " أنت تعرف ، إنني بقيت هنا ،
من أجلك ، فما عاد يرتاد حانتي سوى
الأشباح
اور ـ شنابي : سأبحر اليوم ، وأعود بعد حين ، وسنجد
الحل الملائم
سدوري : لن أنتظر ، إنني أشيخ ، وكذلك أنت ،
رغم أنك تعمل في خدمة رجل من
الخالدين
اور ـ شنمابي : سأذهب إلى الغابة ، وأقطف المزيد من
النبات ، وآخذه إلى المركب " صمت "
عليّ أن أبحر قبل ظهر اليوم
سدوري : " لا ترد بشيء " ....
اور ـ شنابي : رأيت آثار أقدام على الشاطىء ليلة
البارحة
سدوري : لابد أنها آثار أقدام الأشباح
اور ـ شنابي : إنني جاد ، يا سدوري
سدوري : لا يوجد مجنون يمكن أن يأتي إلى هنا
اور ـ شنابي : آثار الأقدام تدل على وجود هذا المجنون
سدوري : ليته موجود ، فقد أخرج معه من هذا
الجحيم
اور ـ شنابي : سدوري
سدوري : إنني إنسان ، يا اور ـ شنابي
اور ـ شنابي : " يفتح الباب المؤدي إلى الخارج "
سأعود بعد قليل " يخرج "
سدوري تقف جامدة ،
وقد تملكها القلق
سدوري : آثار على الشاطىء ، يبدو أنه جاد فعلاً
" صمت " ليس لأقدام الأشباح آثار "
تتجه إلى النافذة ، وتنظر إلى الخارج " لم
يأتِ أحد إلى هنا ، منذ فترة طويلة "
تتراجع خائفة " يا إلهي ، إن اور ـ شنابي
محق " تلقي نظرة عبر النافذة " أوحش
هذا أم إنسان ! وحتى لو كان إنساناً ،
فإنهم على ما يبدو ، غاية في الوحشية "
تغلق النافذة " ترى ما الذي أتى به إلى
هنا ؟ وإلى أين يريد أن يذهب ؟
جلجامش يدق الباب ،
تقف سدوري خائفة
جلجامش : " من الخارج " يا صاحبة الحانة
سدوري : الحانة مغلقة ، اذهب
جلجامش : " من الخالرج " افتحي الباب ، يا
سدوري
سدوري : " بصوت خافت " إنه يعرف
اسمي " ترفع صوتها " اذهب من هنا ،
لن أفتح
جلجامش : ما الذي أنكرت فيّ ، حتى أوصدت بابك في وجهي ، وأحكمت غلقه بالمزلاج ؟ " يصيح " افتحي هذا الباب ، افتحيه
سدوري : لن أفتح مهما ألححت
جلجامش : افتحي الباب ، وإلا حطمته
سدوري : حاول وستتحطم أضلاعك ، فلا يستطيع أحد أن يحطم بابي
جلجامش : لست أي أحد ، إنني جلجامش
سدوري : جلجامش !
جلجامش : ملك أوروك ، وجدي هو اوتو ـ نبشتم، ابن أبار ـ توتو
سدوري : لعله صادق ، بل إنه صادق فعلاً ، فمثل هذا الرجل ، لا يمكن أن يكون رجلاً عادياً " ترفع صوتها ، وهي تتجه نحو الباب " مهلاً ، سأفتح لك الباب
سدوري تفتح الباب
قلقة ، يدخل جلجامش
سدوري : جلجامش ؟
جلجامش : نعم ، جلجامش
سدوري : أيعقل أنك أنت من قهر خمبابا ؟ وقتل
الأسود في مجازات الجبال ، وأمسك بثور
السماء ، وقتله ؟
جلجامش : سدوري
سدوري : لقد رأيتك ، أكثر من مرة ، في أوروك ،
كنت نضراً ، مزهواً ، فرحاً " تحملق فيه
" فلمَ ذبلت وجنتاك ، ولاح الغم على
وجهك ؟ وعلامَ ملك الحزن قلبك ؟
وتبدلت هيئتك .
جلجامش : لقد أدرك مصير البشر صاحبي انكيدو ،
وندبته ستة أيام ، وسبع ليلا ، لعله ينهض
، لكن دون جدوى ، إن انكيدو غدا تراباً ،
وأنا سأضطجع مثله يوماً ، فلا أنهض أبد
الآبدين
سدوري : جلجامش
جلجامش : إنني لا أريد أن أموت ، وأغدو تراباً
مثل انكيدو ، ولهذا فقد جئت إليك ،
وسأواصل طريقي ، حتى أحقق بغيتي
سدوري : إلى أين تريد أن تمضي ، يا جلجامش ؟
إن الحياة التي تبغي لن تجد ، فحينما
خلقت الآلهة عظام البشر ، قدرت الموت
عليهم ، واستأثرت هي بالحياة
جلجامش : لا ، لا يا سدوري ، لم آتِ إليك ، لأسمع
منك مثل هذا الكلام
سدوري : أنت إنسان ، يا جلجامش ، فكل دائماً
أطيب المآكل ، وافرح وابتهج ليل نهار ،
ودلل صغيرك ، وأفرح زوجتك ، هذا
نصيب الإنسان ، وهو ليس بقليل
جلجامش : كلا ، إن هذا كله لا يقنعني ، مادمت
سأموت ، مثل انكيدو ، دليني على
الطريق إلى جدي .. اوتو ـ نبشتم
سدوري : اوتو ـ نبشتم ! إن بينك وبينه بحراً ،
وأي بحر
جلجامش : لا عليك ، دليني عليه ، وسأعبره
سدوري : يا جلجامش ، لم يعبر هذا البحر أحد قبلك ، أجل ، إن الإله شمش القدير يعبره حقاً ، ولكن من غيره يستطيع عبوره ؟ إن عبور هذا البحر شاق وعسير ، وما عساك ستصنع ، حين تبلغ مياه الموت العميقة ؟
جلجامش : لن يردعني هذا البحر ، أو مياه الموت العميقة ، لابد أن أمضي إلى اوتو ـ نبشتم ، وإلا فسأهيم على وجهي في الصحارى
سدوري : تمهل ، أعتقد أن هناك حلاً
جلجامش : ما هو ؟ أخبريني
سدوري : اور ـ شنابي
جلجامش : اور ـ شنابي !
سدوري : أنت محظوظ ، إنه الآن في الغابة ، يقتطف النبات ، وسيبحر قبل ظهر اليوم ، وإذا لم تبحر معه ، عد إلى وطنك
جلجامش : سدوري ، إن حياتي تتوقف على هذه الرحلة ، لابد أن أعبر البحر مع اور ـ شنابي ، مهما كلفني الأمر
سدوري : اهدأ ، يا جلجامش ، ليس الأمر سهلاً
جلجامش : سأذهب إلى الغابة فوراً " يتجه إلى الباب " وأقابل اور ـ شنابي
سدوري : مهلاً يا جلجامش ، ها هو قادم
جلجامش : " يتوقف " اور ـ شنابي
سدوري : نعم ، ملاح جدك اوتو ـ نبشتم
يدخل اور ـ شنابي
ويُفاجأ بوجود جلجامش
جلجامش : اور ـ شنابي
اور ـ شنابي : " ينظر إليه متعجباً " ....
جلجامش : أنا جلجامش
اور ـ شنابي : جلجامش !
جلجامش : خذني معك إلى جدي اوتو ـ نبشتم
اور ـ شنابي : " ينظر إلى سدوري " ....
سدوري : خذه
اور ـ شنابي : لكنك تعرفين ، إن اوتو ـ نبشتم ..
سدوري : مهما يكن ، إن جلجامش حفيده ، ولا أمل له بعبور البحر إلا معك
اور ـ شنابي : حسن ، يا سدوري " لجلجامش " سآخذك معي ، يا مولاي
جلجامش : فلنمض ِ إذن
اور ـ شنابي : " ينظر إلى سدوري " ....
سدوري : سأنتظركما
اور ـ شنابي : قد نتأخر كثيراً هذه المرة
سدوري : سأنتظركما حتى تعودا
اور ـ شنابي : " لجلجامش " فلنمض ِ ، يا مولاي
جلجامش : هيا " لسدوري " أشكرك ، يا سدوري
سدوري : صحبتك السلامة ، يا مولاي
اور ـ شنابي : " يقترب منها " سدوري
سدوري : " تغالب دموعها " قدري أن أنتظرك ، يا اور ـ شنابي ، وسأنتظرك
اور ـ شنابي : " يتراجع مبتعداً " إلى اللقاء
سدوري : تلوح له مغالبة دمزعها "
يخرج جلجامش واور ـ شنابي
سدوري تمسح دموعها بيدها
إظلام
المشهد الرابع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
شاطىء البحر ، اوتو ـ
نبشتم يقف متأملاً
اوتو ـ نبشتم : الربيع انتهى ، كم ربيع رأيته ينتهي ،
وكم ربيع سأراه ، يا للآلهة ، عدد لا نهاية
له " يتنهد " يبدو أنني لن أتعود على
الخلود " صمت " لو أن الحياة ربيع لا
ينتهي ، آه من الخريف الدائم
الزوجة : " من بعيد " اوتو ـ نبشتم
اوتو ـ نبشتم : " لا يتحرك " ....
الزوجة : " من مكان أقرب " اوتو ـ نبشتم
اوتو ـ نبشتم : " ينتبه " ....
الزوجة : " تدخل لاهثة " اوتو ـ نبشتم
اوتو ـ نبشتم : هذه خريفتي الخالدة
الزوجة : اوتو ..
اوتو ـ نبشتم : دون أن يلتفت " تعالي ، يا زوجتي ،
إنني هنا كالعادة
الزوجة : يا للبرد " ترتجف " لا أدري ما الذي
تجده في هذا المكان
اوتو ـ نبشتم : لا شيء ، وهذا ما أجده الآن وإلى الأبد
الزوجة : لنمض ِ إلى الداخل ، الجو بارد ، لقد
أشعلت النار
اوتو ـ نبشتم : نحن في أول الصيف
الزوجة : أشعلت النار لأعد الفطور ، والحق أن البرد قارس ، قبل شروق الشمس
اوتو ـ نبشتم : لا تخافي ، يا زوجتي ، لن تمرضي ، وإذا مرضنا ، فلن نموت ، نحن كما
تعرفين خالدان
الزوجة : حمداً للإله انليل
اوتو ـ نبشتم : خالدان ولكن ليس في دلمون " صمت " إن دلمون بلا بشر ليست بدلمون " صمت أطول " أحياناً أتمنى لو أني لم أبنِ الفلك
الزوجة : لا تقل هذا ، فقد بنيت الفلك بمشيئة ايا
اوتو ـ نبشتم : وبمشيئة انليل أصبحنا مثل الآلهة ، وقدر لنا أن نعيش هنا ، عند فم الأنهار
الزوجة : لا تنسَ اور ـ شنابي
اوتو ـ نبشتم : اور ـ شنابي إنسان " صمت " ليتني اور ـ شنابي
فترة صمت ، الزوجة
تحملق في البعيد
الزوجة : اوتو ـ نبشتم
اوتو ـ نبشتم : ليتك تلزمين الصمت قليلاً
الزوجة : " تشير بيدها " انظر هناك
اوتو ـ نبشتم : " ينظر بلا مبالاة " ....
الزوجة : انظر ، انظر
اوتو ـ نبشتم : إنني أنظر
الزوجة : أترى ما أرى ؟
اوتو ـ نبشتم : هذا ملاحي اور ـ شنابي ، جاءنا كالعادة بالنبات من الغابة القريبة من حانة سدوري
الزوجة : انظر جيداً
اوتو ـ نبشتم : ما الأمر ؟ " يحدق ملياً " يا للآلهة ، هناك رجل في القارب مع اور ـ شنابي ، إن لم أكن واهماً
الزوجة : بل معه رجل ، وأي رجل " تشير بيدها ثانية " انظر إلى الشراع
اوتو ـ نبشتم : هذا ليس شراعاً ، إنها ثياب ، ينشرها الرجل بيديه ، جاعلاً إياها بمثابة شراع
الزوجة : ترى من يكون ؟ " تلتفت إليه " لابد أنه قدم إلى هنا لأمر هام
اوتو ـ نبشتم : مهما يكن ، فإنني سأطرد الأحمق اور ـ شنابي
الزوجة : ها هما ينزلان من القارب " صمت " انظر إليه ، يبدو أنه رجل قوي ، عظيم الشأن
يدخل اور ـ شنابي وجلجامش ،
جلجامش يتمهل مسوياً ثيابه
اور ـ شنابي : " ينحني " مولاي ..
اوتو ـ نبشتم : " يقاطعه غاضباً " فلتأخذك آلهة العالم الأسفل
جلجامش : عمت صباحاً ، يا ..
اوتو ـ نبشتم : " يقاطعه " اسكت أنت
جلجامش : " يسكت مندهشاً " ....
اوتو ـ نبشتم : " لاور ـ شنابي " لن تبقى على هذا الشاطىء لحظة واحدة " يصيح به " اذهب
جلجامش : مهلاً يا ..
اوتو ـ نبشتم : " يقاطعه ثانية " قلت لك ، اذهب
جلجامش : " ينظر مندهشاً إلى اور ـ شنابي " ..
اور ـ شنابي : ليتك تسمعني ، يامولاي
الزوجة : " لاوتو ـ نبشتم " مهلاً ، لنسمع اور ـ شنابي ، ونعرف من يكون هذا الرجل
اوتو ـ نبشتم : ومن تظنينه يكون ؟
الزوجة : من يدري ، لعله ليس من عامة الناس
اور ـ شنابي : إنه يا مولاي ، حفيدك
اوتو ـنبشتم : " منفعلاً " لا تقاطعني " يصمت "
الزوجة : ماذا ؟
اوتو ـ نبشتم : ماذا قلت ؟ حفيدي
اور ـ شنابي : نعم ، يا مولاي ، إنه حفيدك ، جلجامش
اوتو ـ نبشتم : " يحدق في جلجامش " جلجامش
الزوجة : ابن الأم المقدسة ننسون !
اور ـ شنابي : ملك أوروك ، وبطلها ، و ..
اوتو ـ نبشتم : " يشير له أن يصمت " حسن
اور ـ شنابي : " يتطلع إليه منتظراً " ....
اوتو ـ نبشتم : اذهب
اور ـ شنابي : " خائفاً " مولاي
اوتو ـ نبشتم : اذهب ، وانقل النبات ، الذي جئت به ، إلى الداخل
اور ـ شنابي : " يشرق وجهه فرحاً " أشكرك ، يا مولاي ، أشكرك
اوتو ـ نبشتم : هيا ، أسرع
اور ـ شنابي : أمر مولاي
يخرج اور ـ شنابي ، يحدق
اوتو ـ نبشتم في جلجامش
اوتو ـ نبشتم : أنت حفيدي جلجامش إذن ؟
جلجامش : نعم ، يا مولاي
الزوجة : أهلاً بك
، يا بنيّ
جلجامش : أهلاً بك
الزوجة : كيف حال أمك وزوجتك و .. اوروك ؟
اوتو ـ نبشتم : " ينظر إليها متضايقاً " ....
جلجامش : إنهم بخير ، يا مولاتي
الزوجة : ليتنا نذهب يوماً إلى أوروك ، فهي الآن ، ولا شك ، رائعة
اوتو ـ نبشتم : لا تنسي ، يا زوجتي ، إن حفيدنا جلجامش جائع ، بعد أن قطع كل هذا البحر إلينا
الزوجة : " متضايقة " أنت محق " تتأهب للخروج " سأذهب وأعد الطعام " تتجه إاى الخارج " أرجو أن تكون النار مازالت مشتعلة
الزوجة تخرج ، جلجامش
واوتو ـ نبشتم وحدهما
اوتو ـ نبشتم : جلجامش
جلجامش : مولاي ..
اوتو ـ نبشتم : علمت منذ فترة ، أن صديقك انكيو قد مات
جلجامش : نعم يا مولاي ، مات صديقي ، وخلي انكيدو ، وقد أرعبني الموت ، فجئت إليك
اوتو ـ نبشتم : " يهمهم " هم م م م
جلجامش : " يتأمله " إنني أنظر إليك ، يا مولاي ، فلا أجد هيئتك تختلف عني ، أنت تشبهني ، وإن كنت أسنّ مني ، فكيف دخلت مجمع الآلهة ، ووجدت الحياة الخالدة ؟
اوتو ـ نبشتم : هذا سرّ من أسرار الآلهة ، يا جلجامش
جلجامش : " ينظر إليه صامتاً " ....
اوتو ـ نبشتم : حسن ، أنت حفيدي ، وقد عبرت هذا البحر كله ، سأبوح لك .. بالسر
جلجامش : كلي آذان صاغية ، يا مولاي
اوتو ـ نبشتم : اجتمع الآلهة العظام في مدينة شروباك ، الواقعة على شاطىء نهر الفرات ، وقررت إحداث الطوفان ، واهلاك الناس ، وأشفق الإله ايا على الأحياء ، فخاطبني من خلال كوخ القصب قائلا : اسمع يا كوخ القصب ، وافهم يا حائط ، أيها الرجل الشروباكي ، قوض البيت ، وابن لك فلكاً ، واحمل فيه بذرة كل حياة ، فقد قررت الآلهة إحداث الطوفان ، فبنيت الفلك ، وحملت فيه بذرة كل حياة ، وحدث الطوفان ولم ينجُ من عبابه إلا من كان معي في الفلك ، ومضت ستة أيام ، وفي اليوم السابع ، خفت وطأة الفيضان ، وظهرت اليابسة ، ففتجت باب الفلك ، وخرج من كان فيه إلى الجهات الأربع ، وعندئذ صعد الإله انليل إلى الفلك ، وقال لي ، لم تكن يا اوتو ـ نبشتم ، قبل الآن سوى بشر ، ولكن منذ الآن ستكون وزوجتك مثلنا نحن الآلهة ، وستعيشان بعيداً عند فم النهر
جلجامش : مولاي ، مدّ يد العون لي ، أنت تعرف الحياة التي أبغي
اوتو ـ نبشتم : هذا صعب ، يا جلجامش ، بل يكاد يكون مستحيلاً ، أنت إنسان ، والخلود استأثرت به الآلهة وحدها
جلجامش : لكنك جدي ، وجئت إليك لتساعدني ، لا أريد أن أفنى ، أريد أن أحيا ، ويتجدد شبابي كلما كبرت
اوتو ـ نبشتم : " يفكر ملياً " جلجامش
جلجامش : " بأمل " مولاي
اوتو ـ نبشتم : لا " يحدق فيه " أخشى أن لا تستطيع ذلك ، وأنت في هذا الحال
جلجامش : أرجوك ، يا مولاي " متحمساً " من أجل الحياة المتجددة ، أستطيع أن أفعل أي شيء
يدخل اور شنابي مسرعاٍ ،
ويقترب من اوتو ـ نبشتم
اور ـ شنابي : مولاي
اوتو ـ نبشتم : نعم
اور ـ شنابي : مولاتي تقول ، الطعام جاهز
اوتو ـ نبشتم : اور ـ شنابي
اور ـ شنابي : مولاي
اوتو ـ نبشتم : خذ حفيدي ليغتسل ، ويصبح نظيفاً كالثلج ، ثم عد به إلى الداخل ليأكل ، ويرتاح ، استعداداً للعودة إلى أوروك
جلجامش : لكن يا مولاي ..
اوتو ـ نبشتم : اطمئن ، سأدلك على ما يجدد حياتك ، وستكون قادراً على الوصول إليه ، بعد أن تأكل ، وترتاح عدة أيام ، فهو موجود في .. المياه العميقة
جلجامش : المياه العميقة !
اوتو ـ نبشتم : والآن اذهب ، يا جلجامش ، واغتسل بسرعة ، وإلا نفد صبر زوجتي ، رغم أنها لم تعد من البشر
اور ـ شنابي : هيا يا مولاي جلجامش
جلجامش : هيا
يخرج اور ـ شنابي وجلجامش
اوتوـ نبشتميقف متأملاً
إظلام
المشهد الخامس
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
جزيرة ، اور ـ شنابي
يجلس قرب الشاطء
اور ـ شنابي : يا للصمت ، أين مني صوت سدوري ؟ " ينصت " لا أسمع هنا غير وشوشة المياه وحيح الموت " يتلفت حوله " هذه جزيرة المرأة الأفعى ، هكذا أسماها اوتو ، نبشتم ، وفي أعماق المياه المحيطة بها ، يرقد الموت ، ونبات الحياة " يتنهد " اوتو ـ نبشتم ، إنني أعيش مع عجوزين خالدين ، يا للإله شمش ، إنهما موت من نوع آخر " ينهض " تأخر جلجامش ، كم أخشى أن تغيبه المياهالعميقة ، قبل أن يحصل على نبات الحياة " يتطلع إلى البعيد " سدوري ، انتظريني ، لقد وجدت الحل ، إنني إنسان ، ولا حياة لي إلا معك " يشرق وجهه فرحاً " سنترك كل شيء ، الحانة ، والمياه العميقة ، وفم الأنهار ، و .. نذهب مع جلجامش ، ونعيش وسط الناس في أوروك " يصمت ناظراً إلى الخارج " ها هو جلجامش ، يحمل حزمة من نبات شائك ، لابد أنه نبات الحياة " يصيح متهللاً " نجح جلجامش ، وسننجح معه
يدخل جلجامش ، حاملاً
حزمة من النبات
جلجامش : " فرحاً " اور ـ شنابي
اور ـ شنابي : مولاي جلجامش
جلجامش : انظر ، إنه نبات الحياة
اور ـ شنابي : نعم ، إنه هو ، يا مولاي ، كما وصفه اوتو ـ نبشتم بالضبط
جلجاش : ذهبت إلى المياه العميقة ، مثلما علمني جدي اوتو ـ نبشتم ، وربطت بقدمي أحجاراً ثقيلة ، ونزلت إلى الأعماق ، حيث رأيت النبات الشائك ، فأخذت منه هذه الحزمة ، وقطعت الأحجار الثقيلة من قدمي ، وخرجت إلى سطح البحر
اور ـ شنابي : أهنئك ، يا مولاي ، فقد حصلت على الحياة التي تبغي
جلجامش : يا لروعة هذا النبات ، إنه يعيد الشيخ إلى عهد الشباب
اور ـ شنابي : بفضله ، يا مولاي ، سيتجدد شبابك إلى الأبد
جلجامش : " مفكراً " اور ـ شنابي
اور ـ شنابي : " متوجساً " مولاي
جلجامش : يبدو لي ، أن هذه الكمية من العشب ، لا تكفي
اور ـ شنابي : بالعكس ، يا مولاي ، فأنت لا تحتاج إلا إلى كمية قليلة منه ، كلما قاربت أيامك على النهاية
جلجامش : كلا يا اور ـ شنابي ، فلست أريده لنفسي فقط ، بل سأشرك فيه جميع الناس
اور ـ شنابي : لكنك متعب ، يا مولاي
جلجامش : لا بأس ، خذ هذه الحزمة " يدفع له النبات " لابد أن أذهب الآن ، وآتي بحزمة أخرى
اور ـ شنابي : " يأخذ الحزمة " مولاي
يخرج جلجامش مسرعاً ،
اور ـ شنابي وحده
اور ـ شنابي : يا إلهي ، الوقت يمر ، وما زال أمامنا طريق طويل " صمت " سينفد صبر سدوري " يتطلع إلى البعيد " هذه آخر مرة تنتظريني فيها ، يا سدوري ، أعدك " ينصت " يا للصمت ، إنني لا أرتاح لهذه الجزيرة ، إن صمتاً كصمت الأموات يخيم عليها " يتثاءب " قد يتأخر جلجامش " يتثاءب ثانية " إنني متعب " يتمدد ويضع العشب عند رأسه " غلأغفُ ريثما يعود
اور ـ شنابي يغمض
عينيه ، فترة صمت
صوت سدوري:أور ـ شنابي
اور ـ شنابي : " يتململ " ....
صوت سدوري: اور ـ شنابي
اور ـ شنابي : " يتمتم " سدوري
صوت سدوري: لا تنم .. يا اور ـ شنابي
اور ـ شنابي : " يتمتم " سدو .. ري
صوت سدوري: لا تنم .. يا اور ـ شنابي .. لا تنم
اور ـ شنابي : " يتمتم " سيأتي جلجامش .. ونبحر إليك .. يا .. سدو .. ر.. ي " يغط في النوم " خ خ خ خ
الصوت يتلاشى ، تدخل
المرأة الأفعى متلصصة
النرأة الأفعى : " بصوت خافت " هذا اور ـ شنابي ، ملاح اوتو ـ نبشتم ، إنه يغط في نوم عميق " تبتسم " لابد أنه متعب " تتلفت حولها " ترى أين رفيقه جلجامش ؟ " ترى النبات " نبات الحياة
صوت سدوري: اور ـ شنابي
المرأة الأفعى : " تأخذ النبات ، وتبتعد عن اور ـ شنابي ، تتوقف " مهلاً " تحدق في النبات " فلأجرب نبات الحياة هذا ، وأرى أثره
صوت سدوري: اور ـ شنابي
اور ـ شنابي : : " يتقلب " هم م م م
المرأة الأفعى : " تأكل نبتة " طعمه مر " صمت " فلنرَ أثره " تتلوى " يا إلهي .. جلدي يتمزق
صوت سدوري: اور ـ شنابي
اور ـ شنابي : " يتمتم " سدوري
المرأة الأفعى : إنني أتجدد " تخلع جلدها القديم " وأعود إلى الشباب ، فلأهرب بهذا النبات ، وأتجدد أبداً
صوت سدوري: استيقظ ، يا اور ـ شنابي ، استيقظ
المرأة الأفعى تتلفت
حولها ، وتلوذ بالفرار
صوت سدوري: اور ـ شنابي .. اور ـ شنابي
اور ـ شنابي : " يفتح عينيه " ....
صوت سدوري: اووور
اور ـ شنابي : " يعتدل " سدوري!
صوت سدوري: " يخفت بالتدريج " اووور
اور ـ سنابي : سدوري في الحانة ، تنتظر
صوت الريح : وووو
اور ـ شنابي : " ينهض " لابد أني كنت أحلم " يتلفت حوله " لقد تأخر جلجامش ، أخشى أنه .. " ينتبه إلى اختفاء النبات " يا ويلي ، نبات الحياة ، لقد اختفى " يركض هنا وهناك "اختفى النبات ، اختفى " يتوقف " لكن أين اختفى ؟هذه الجزيرة مهجورة ، لا يعيش فيها أحد ، فمن يمكن أن يكون قد أخذه ؟" يصمت مذهولاً " المرأة الأفعى ، نعم ، إنها هي " يهم بالإنطلاق " الويل لها " يتوقف ناظراً إلى الخارج " هذا جلجامش ، إنه قادم ، يا إلهي ، ماذا سأقول له ؟
يدخل جلجامش مهدماً ،
اور ـ شنابي يطرق رأسه
اور ـ شنابي : مولاي
جلجامش : اور ـ شنابي
اور ـ شنابي : مولاي
جلجامش : هذه المرة ، لم أستطع أن أصل إلى نبات الحياة " صمت " ضاقت أنفاسي ، وكدت أختنق ، لو لم أقطع الحجارة الثقيلة من قدمي
اور ـ شنابي : مولاي جلجانش
جلجامش : لا بأس ، يا اور ـ شنابي ، لعل ما حصلت عليه من نبات الحياة .. يكفي
اور ـ شنابي : " بصوت مختنق " مولاي
جلجامش : إنه يكفيني ، وربما يكفي الناس .. " يحدق فيه " ماذا دهاك ؟
اور ـ شنابي : نبات الحياة
جلجامش : نبات الحياة !
اور ـ شنابي : " يهز رأسه " ....
جلجامش : اور ـ شنابي
اور ـ شنابي : اختفى
جلجامش : مستحيل
اور ـ شنابي : هذا ما حدث ، يا مولاي
جلجامش : ليس هنا أحد اور ـ شنابي : " يلوذ بالصمت " ....
جلجامش : أين اختفلى ؟ " ينهض متحاملاً على نفسه " فلنبحث عنه
اور ـ شنابي : " يبقى جامداً " ....
جلجامش : " يسير متلفتاً " لعل الريح قد .. " يتوقف " يا إاهي " يرفع جلد المرأة الأفعى عن الأرض " اور ـ شنابي
اور ـ شنابي : " يقترب محدقاً في الجلد " ....
جلجامش : المرأة الأفعى
اور ـ شنابي : مولاي
جلجامش : لقد أخذت نبات الحياة
اور ـ شنابي : الذنب ذنبي ، يا مولاي
جلجامش : " يتقدم منه " اور ـ شنابي
اور ـ شنابي : " يتراجع " لقد غفوت
جلجامش : من أجل من كلت يداي ؟ من أجل من استنزفت دم قلبي ؟ لم أحقق لنفسي أو لغيري مغنماً ، وإنما حققته للمرأة الأفعى ، فقد جاءت هذه اللعينة ، وخطفت النبات
اور ـ شنابي : " يتراجع " لا عليك ، يا مولاي ، سأذهب الآن إلى المياه العميقة ، وآتيك بنبات الحياة
جلجامش : " يتوقف " اور ـ شمنابي
اور ـ شنابي : سأتيك به ، سآتيك به ، مهما كلفني الأمر
جلجامش : هذا جنون
اور ـ شنابي : " يتراجع باتجاه الخارج " سأغوص إلى الأعماق السحيقة ، وآتيك بنبات الحياة ، أو ..
جلجامش : تعال ، لا أريد هذا النبات ، تعا ، تعال
اور ـ شنابي يخرج مسرعاً ،
يتهاوى جلجامش على الأرض
صوت سدوري: اور ـ شنابي
أنين الريح : ووووو
صوت سدوري: اوووور
انين الريح : ووووو
الليل يرخي سدوله ، صوت
سدوري يمتزج بأنين الريح
إظلام
المشهد السادس
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
منظر المشهد الأول
الأمير زيوعند النافذة
الأمير : تأخرت الملكة ، لقد ذهبت المربية
تعلمها بحضوري ، منذ فترة طويلة ،
لعلها تتعمد التأخر " يسير منفعلاً " يا
إلهي ، ماذا تنتظر ؟ إن السنين تعدو "
يتوقف " اليوم رأيت جلجامش في المنام ،
ينظر إليّ محملقاً من بعيد ، يبدو أنه في
العالم الأسفل " يصيح " لا ، يا إلهي ، لا ،
لا " يصمت " لكني أحبها ، وأريدها ، و
.. " يرفع عينيه إلى أعلى " عشتار ، لق
ابتليتني ، فساعديني
تدخل المربية ، وتقف
مترددة خلف الأمير
المربية : مولاي
الأمير : " يلتفت إليها " لم تأتِ الملكة
المربية : لقد أعلمتها بحضورك ، يا مولاي ،
وستأتي بعد قليل
الأمير : " يحدق فيها " أيتها المربية ..
المربية : مولاتي عند الأمير الصغير
الأمير : أخبريني ..
المربية : إنها متعلقة به ، تكاد لا تفارقه ليلاً أو
نهاراً، يا للإله سين ، إنه صورة من أبيه
.. جلجامش
الأمير : لقد كلفتك بأمر ، له أهميته عندي ، فماذا
فعلت بشأنه ؟
المربية : مولاي ..
الأمير : قلت لك ، سأعطيك حتى ترضي ، إذا
أرضيتني
المربية : إنني مربية
الأمير : إنها تحبك ، وتثق بك كل الثقة
المربية : حمداً للآلهة
الأمير : عليك ، والحال هذه ، أن تخلصي لها النصح
المربية : إنني أحبها ، يا مولاي ، ولا أريد أن أفقدها
الأمير : ولكنك بهذا تفقديني
المربية : أنت رجل طيب ، يا مولاي ، ولن أفقدك مادمت صادقة ، ومخلصة
الأمير : لكني ، كما تعرفين ، لم أرد للملكة إلا الخير
المربية : لتباركك الآلهة ، إن مولاتي أقدر مني على معرفة ما هو خير لها " تنحني " الملكة قادمة ، يا مولاي ، عن اذنك
تقف المربية عند
الباب ، تدخل الملكة
المربية : مولاتي
الملكة : الأمير الصغير في غرفته ، ترعاه وصيفتي ، اذهبي إليه ، إنه ضجر اليوم، هيا اذهبي
المربية : أمر مولاتي " تخرج
الأمير : عمت صباحاً ، يا مولاتي
الملكة : عمت صباحاً ، أنت اليوم ، على ما يبدو ، مبكر
الأمير : إنني أبكر دائماً ، فأوروك أمانة في عنقي
الملكة : لتباركك الآلهة " تجلس "
الأمير : أشكرك ، يا مولاتي
الملكة : تفضل ، اجلس
الأمير : " يجلس " سمعتك ، يا مولاتي ، تتحدثين مع المربية عن أميرنا الصغير ، أرجو أم يكون بخير
الملكة : الشكر للآلهة " باشة " إنه ينمو بسرعة ، ومن يراه لا يصدق ، أن عمره لم يتجاوز السنة إلا بأشهر قليلة
الأمير : بلغني أنه بدأ يخطو
الملكة : " تضحك " وبدأ ينطق
الأمير : هذا رائع
الملكة : نطق ماما ، وأعلمه أن ينطق بابا
الأمير : لتحفظه آلهة أوروك
الملكة : أشكرك
الأمير : " بعد صمت " مولاتي
الأميرة : " تنظر إليه " ....
الأميرة : أميرنا ، حفظته الآلهة ، مازال طفلاً صغيراً ، وحتى يكبر ، ويصبح في سن الرشد ، أوروك بحاجة إلى ملك وملكة
الملكة : أوروك ، وفي هذه الظروف ، ليست بحاجة إلا إلى حاكم ، وأنت الحاكم الآن
الأمير : الأيام تمر ، يا مولاتي ، لنكن واقعيين
الملكة : " تنهض " أيها الأمير
الأمير : " ينهض هو الآخر " قبل أيام ، عاد رسلنا من جهات العالم الأربع
الملكة : جلجامش سيعود
الأمير : لقد مضت سنتان تقريباً على ذهابه
الملكة : سأنتظر جلجامش
الأمير : مولاتي ..
الملكة : سأنتظره
الأمير : إلى متى ؟
الملكة : إلى أن يعود
الأمير : وإذا لم يعد ؟
الملكة : " لا تجيب " ....
الأمير : إن سني العمر ، تذهب ، يا مولاتي ، ولن تعود
الملكة : " تبقى صامتة " ....
الأمير : إنني أريد أن أضمن حق أميرنا الصغير في عرش أوروك
الملكة : " تنظر إليه " ....
الأمير : أمن تعرفين الأميرة نبير
الملكة : أعرفها ، وأعرف أنها أميرة بحق
الأمير : إنها تنتظرني كما أنتظرك
الملكة : أيها الأمير ..
الأمير : إذا لم تدعيني أنتظر أكثر ، فإن حق الأمير الصغير ، سيكون أكثر ضماناً
الملكة : إنني أنتظر جلجامش
الأمير : أنت تجبرينني على الزواج من الأميرة
الملكة : تزوجها ، إنها جديرة بك
الأمير : فكري في الأمير الصغير ، مادمت لا تفكرين في نفسك
الملكة : أرجوك ، كفى الحاحاً ، لم أعد أحتمل
الأمير : إنني أحبك ، وقد أحببتك قبل أن يخطفك مني جلجامش ، وها هو جلجامش قد مضى
الملكة : " تلوذ بالصمت " ....
الأمير : مولاتي ، أفرحيني ، وأفرحي شعب أوروك ، واضمني العرش للأمير الصغير ، فهو سيكون ابني ، كما هو ابنك
الحارس : " يدخل " مولاتي
الأمير : " يصيح به " اذهب الآن
الحارس : " ينظر متردداً إلى الملكة " ....
الأمير : ما الأمر ؟
الحارس : بالباب رجل غريب الهيئة ، يصر على الدخول
الأمير : اطرده
الحارس : لكن ، يا مولاي
الأمير : ناد ِ الحرس ، وليأخذوه إلى السجن ، ريثما أنظر في أمره
يُدفع الباب ، ويدخل
جلجامش ، غريب الهيئة
الملكة : " تحدق في جلجامش " ....
الأمير : " يصيح بجلجامش " توقف
جلجامش : " لا يتوقف " ....
الأمير : " يمسك بمقبض سيفه " قلت لك ، توقف
جلجامش : " يتوقف " ....
الأمير : " يدور حول جلجامش " كيف دخل هذا الرجل القصر ؟ " للحارس " ناد ِ الحرس ، هيا بسرعة
الحارس : " يهم بالخروج " أمر مولاي
جلجامش : مهلاً ، يا بنيّ
الحارس : " يقف حائراً " ....
الملكة : " تتمتم مذهولة " جلجامش !
الأمير : " يقف قبالة جلجامش " من أنت ؟
جلجامش : انظر إليّ جيداً
الأمير : " مذهولاً من !
جلجامش : " ينظر إلى الملكة " ....
الملكة : مولاي ..
جلجامش : " يقترب منها " ....
الملكة : مولاي جلجامش
جلجامش : إنني مازلت جلجامش ، مادمت قد عرفتني
الملكة : " تغرق عيناها بالدموع " ....
الأمير : " يتمتم " جلجامش " يقترب منه " عفواً مولاي
جلجامش : تجولت في أوروك ، قبل أن أدخل القصر
الأمير : إنها أوروكك ، يا مولاي
جلجامش : أشكرك ، أيها الأمير ، فقد كنت عند حسن ظني فيك
الأمير : الشكر لك وللآلهة ، يا مولاي
جلجامش : لتباركك الآلهة " ينظر إلى الملكة "
الأمير : " ينحني وينسحب متراجعاً " ....
جلجامش : " يحدق فيها صامتاً " .....
الملكة : إنني كما ترى " تبتسم " بخير
جلجامش : نعم ، أنت بخير ، وأمي ؟ أمي المقدسة
الملكة : بكل خير ، لم تكن تشكو إلا من غيابك ، وها أنت عدت
جلجامش : سأزورها اليوم ، سأزورها بعد " يحدق في بطنها " ..
الملكة : جلجامش الصغير ؟
جلجامش : " يصيح فرحاً " الصغير ؟
الملكة : يشبهك
جلجامش : أريد أن أراه
الملكة : " تنظر عبر الباب " مهلاً ، ها هو قادم
جلجامش : " يتمتم " ماذا !
المربية : " تدخل حاملة الطفل " مولاتي
الملكة : يبدو أنه عرف بعودتك ، فجاء يرحب بك بنفسه " تشير إلى الطفل " انظر
جلجامش : " يلتفت إليه " صغيري ؟ " يحدق فيه ملياً " أنت محقة
الملكة : إنه صورة منك
المربية : مولاتي ، تأخرت وأردت أن .. " تتلفت محرجة " عفواً لأني جئت بالأمير
الملكة : بالعكس ، لقد جئت به في الوقت المناسب
جلجامش : " يسرع إلى المربية الواقفة عند الباب " هاتيه ، يا عزيزتي ، هاتيه
المربية : " تحدق فيه مذهولة " ....
جلجامش : هاتي ابني
المربية : " بصوت باك " ابني جلجامش
جلجامش : لم تعرفيني
المربية : لقد كبرت ، يا بنيّ
جلجامش : لا تكبري أنت ، ربي أولاً جلجامش الصغير ، كما ربيتني
المربية : " فرحة " ابني العزيز ، ابني ، ابني " تقدم له الطفل " تأمله
جلجامش : " يأخذ الصغير ويتأمله " ذهبت بعيداّ ، بحثاً عن الحياة المتجددة ، وها هي حياتي تتجدد هنا
جلجامش يناغي الصغير ،
الأمير يتأمل الملكة
الأمير : " بصوت خافت " مولاتي
الملكة : تنظر إليه " لقد عاد جلجامش
الأمير : لا تظني ، يا مولاتي ، إني لم أفرح
الملكة : إنني واثقة ، أنك لا تريد لي إلا السعادة
الأمير : كل السعادة " صمت " ربما كانت مشيئة الآلهة ، أن لا تكوني لي
الملك : إنني لك ..
الأمير : " ينظر إليها " ....
الملكة : أخت
الأمير : أشكرك " بمرارة " يا أختي
الملكة : سنبقى أخوة حتى النهاية
الأمير : نعم مولاتي ، حتى النهاية " ينحني قليلاً " عن اذنك
الملكة : تفضل
الأمير يتراجع حزيناً ،
ويقترب من جلجامش
الأمير : مولاي
جلجامش : " يلتفت " الأمير " يريه الطفل " انظر ، جلجامش الصغير
الأمير : إنه حقاً صورة منك ، يا مولاي ، فلتحفظه الآلهة لكم ولأوروك
جلجامش : أشكرك
الأمير : عن إذنك ، يا مولاي ، لابد أن أمضي الآن ، وأتركك ترتاح
جلجامش : أريد أن أراك قريباً ، فأنا مشتاق لأخبار أوروك وأهل أوروك
الأمير : إنني رهن اشارتك ، يا مولاي " ينحني " أستودعك الآلهة
جلجامش : صحبتك السلامة
الأمير : " يخرج " ....
المربية : مولاي ، أعطني الأمير الصغير ، سآخذه إلى فراشه
جلجامش : دعيه معي
المربية : " مازجة " أنا مربيته
جلجامش : " مازحاً " الأمر لك
المربية : " تأخذ الأمير الصغير " شكراً ، يا مولاي " للملكة " مولاتي
الملكة : خذيه إلى غرفته ، سألحق بك بعد قليل
المربية : أمر مولاتي
المربية تخرج ، يقترب
جلجامش من الملكة
جلجامش : عزيزتي
الملكة : " تحدق في عينيه " يا للحزن الذي أراه في عينيك، عزيزي ، لقد عدت إليّ
جلجامش : ليت اور ـ شنابي عاد أيضاً إلى سدوري
الملكة : سدوري !
جلجامش : قلت لها ، تعالي معي ، إن اور ـ شنابي لن يعود ، فقالت ، سأبقى هنا حتى يعود اور ـ شنابي
الملكة : من هي سدوري ؟
جلجامش : سأحدثك عنها فيما بعد " يقف عند النافذة " أوروك ، أوروك
الملكة : " تقترب منه " جلجامش
جلجامش : " يلتفت إليها " عزيزتي
الملكة : " مازحة " يقال أن وحشاً له ثلاثة رؤوس ، ظهر قرب النهر ..
جلجامش : " يقاطعها " لن يأخذني منك أي شيء بعد الآن ، فأنا ملك لك ، ولجلجامش الصغير وأوروك
الملكة تحضن جلجامش
بذراعيها ، إظلام تدريجي
ستار
0 التعليقات:
إرسال تعليق