(جنون الحمائم) تمثل المسرح العراقي في مهرجان الرحالة الدولي الثالث بالأردن من إنتاج الفرقة الوطنية للتمثيل بدائرة السينما والمسرح وتأليف وإخراج د. عواطف نعيم
مجلة الفنون المسرحية
(جنون الحمائم) تمثل المسرح العراقي في مهرجان الرحالة الدولي الثالث بالأردن من إنتاج الفرقة الوطنية للتمثيل بدائرة السينما والمسرح وتأليف وإخراج د. عواطف نعيم
كتب – عبد العليم البناء
يواصل مبدعو المسرح العراقي حضورهم الفاعل في فضاءات المسرح المحلي والعربي والدولي بمختلف تمظهراتهم فرقاً وعروضاً وفنانين وباحثين ونقاداً، مؤكدين مكانتهم المرموقة في في هذا الميدان الابداعي الرصين بما يحمله من رسالة سالمية وتطلعات ورؤى وخطاب جمالي وابداعي متماه مع هموم وطموحات الإنسان في أي مكان في العالم من أجل حياة حرة وسعيدة ورغيدة..
وفي هذا السياق تشارك مسرحية (جنون الحمائم) للفرقة الوطنية التمثيل بدائرة السينما والمسرح وبالتعاون مع المعهد الفرنسي في بغداد، في عروض الدورة الثالثة لمهرجان مسرح الرحالة الدولي للفضاءات المسرحية المغايرة، الذي يقيمه مسرح الرحالة في العاصمة الأردنية عمان، في المدة من 17 وحتى 21 تموز/يوليو المقبل
ومسرحية (جنون الحمائم) من إعداد وإخراج الفنانة د. عواطف نعيم عن(سوء تفاهم) لألبير كامو، وتمثيل الفنانين : د.عواطف نعيم، عزيز خيون، د. شذى سالم، مصطفى حبيب، وسينوغرافيا : د.علي السوداني، وموسيقى ومؤثرات : ضياء جبار، ومساعد إخراج: بهاء خيون، ومديرة مسرح : شيماء جعفر.
يستمد العرض حكايته من فكرة مسرحية (سوء تفاهم) للكاتب الفرنسي ألبير كامو، ولكن بقراءة عراقية وتصرف في صياغة الأحداث وبناء التحولات الدرامية للخروج بمعنى جديد انطلاقًا من ضراوة الحروب ومآسيها، وتفضح ممارسات العدوان على العراق وتدين عنف الحروب التي يدفع ثمن قساوتها النساء والأطفال والتي لا تخلف إلا الثأر والفواجع والقهرامتهان كرامة الشعوب وقمع حريتها وحقها في الحياة.
العرض فرصة لاكتشاف ابداعات جديدة. وقالت نعيم: حين تضيق من حولك مساحات الجهالة لابد من فسحة ضوء تنبع من وعي العقل الحالم.. عرضا مميزا مغايرا في محتواه وفي الأداء والاشتغال على فضاء المسرح من جميع عناصره".
العرض فرصة لاكتشاف ابداعات جديدة عبرابعاد ودلالات صارخة وصريحة ماكان لها أن تتجسّد لولا الأداء المحترف البليغ للممثلين في هذا العرض، وهم بلا شك – حسب رأي كثير من نقاد المسرح - "الكبيرة شذى سالم سيدة الأداء الرفيع في دور الأخت، والكبير عزيز خيون الذي عمِل بمستويين عاليين من الايهامي والواقعي موظفاً طاقاته المعهودة في الصوت والتلوين وانسيابية التحولات في دورِه رغم تعقدِها، وبالطبع المبدعة عواطف نعيم التي ملكت أسرارَ العرض، وهي مؤلفته وتدركُ بالضبط دلالاته، فضلاً عن الأداء الحذِر للإبن مصطفى حبيب الذي أسعده الحظ للتميّز بين هؤلاء المحترفين"، حيث تقدم المسرحية قصة حزينة تعكس واقع الحياة والصراعات التي يواجهها البشر، وقد استطاع الممثلون من خلال أدائهم المتميز نقل تلك المشاعر بشكل واقعي ومؤثر.
كما يعد هذا العرض البارز استحقاقًاً كبيراً للمسرح العراقي، وقد أثبت الممثلون والمخرجة من خلالها قيمتهم وأهمية ومكانة المسرح العراقي عبر خطاب جمالي وفكري في كل ما يظهر على خشبة المسرح في إطار عملية تكاملية تجمع الجمهور مع الخشبة بتناغم وموازنة ووعي يحفز الجانب البصري قبل أن يحفز الجانب السمعي لدى المتفرج ناهيك عن الجانب الفكري، من خلال تفعيل وتشغيل منظومة العرض البصرية والسمعية على الخشبة والتي يعد الأداء الدرامي أهم عناصرها، والتي تلامس هموم الناس وأوجاعها وتناقس مشاكلهم وأحلامهم بفهم واعي ورؤى فلسفية عالية تمتلك القدرة على الحياة بقراءة عراقية وبأداء عراقي وبجراح وأوجاع عراقية.
كما يمثل المسرح العراقي في ورشة (الصوت والجسد) الفنانان المبدعان العراقيان شمال أمين، كما من المؤمل أن تشارك نخبة من النقاد والكتاب والمخرجين والسينوغرافيين العراقيين والأردنيين والعرب في الندوة الفكرية (تجربة مسرح الفضاءات المغايرة في الوطن العربي - مسرحة الآثار)، والتي سيديرها الكاتب والمخرج المسرحي الأردني الدكتور "مخلد الزيودي لمناقشة تجربة مسرح الفضاءات المغايرة وما إذا كانت تحرر من مسرح العلبة أم عودة إلى أصل المسرح، أم تمرد على الشكل الغربي؟ بحث جمالي مبتكر أم تجسير للفجوة بين المسرح والجمهور ؟
نيل من هيبة المسرح وتقاليده أم ترسيخ لجذوره ؟ كما ستتناول الأوراق البحثية تجربة مسرحة الأماكن الأثرية ودورها في تحقيق فكرة السياحة الثقافية (جرش، قرطاج، بابل، بعلبك، بيت الدين، بصرى الشام، الأهرامات، مراكش، العلا، مدائن صالح، البترا، سوق عكاظ، الشارقة الصحراوي، الجنادرية، الصواري ..الخ وغيرها الكثير كما سيناقش الباحثون فكرة ذاكرة المكان والعلاقة معه في مسرح الفضاءات المغايرة، والفرق بين مسرح الفضاءات المغايرة والمسرح في الفضاءات المغايرة . وفي نهاية الندوة الفكرية سيقدم مجموعة من المخرجين والسينوغرافيين وستكون الأبحاث صالحة للتوثيق تمهيداً لنشرها في كتاب يحمل عنوان الندوة الفكرية، بهدف تدوين هذه التجارب المسرحية العربية المغايرة وحفظها من الضياع .
الجدير بالذكر أن مسرحية (جنون الحمائم)سبق أن عرضت يوم 11 كانون الثاني 2024 في مسرح المنصور في إطار مهرجان المسرح العربي الرابع عشر في بغداد 2024.
0 التعليقات:
إرسال تعليق