مسرحية " أجراس الخطر " تأليف محمود القليني
مجلة الفنون المسرحية الشخصيات :
دكتور إبراهيم الفلكي ..........................رئيس الوكالة .
دكتور مصطفى الوزان .........................نائب رئيس الوكالة
ميادة ............................................السكرتيرة
فريق العلماء بالوكالة .
بروفسير فياض
دكتور شكري .
دكتور مجدي .
دكتورة فاتن .
دكتورة سامية.
شخصيات عامة .
وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات .
دكتور فاضل السمري ......................عالم فلكي
مندوب القنوات الفضائية العالمية
مندوب الاتحاد الأوربي
عالم فيزياء أمريكي
عالم فضاء بريطاني
عالمة أحياء فرنسية
المكان : مقر وكالة الفضاء المصرية .
الزمان : الحاضر .
الفصل الأول
المشهد الأول :
في مكتب رئيس الوكالة الفضائية ، الدكتور( إبراهيم الفلكي ) يجلس إلى مكتبه ، الحوائط خلفه وحوله معلق عليها صور للمجموعة الشمسية ، ولكواكب ونجوم ومسارات ، وعلى يمينه شاشة كبيرة الحجم موصولة بجهاز لعرض صور التي تلتقطها أجهزة رصد الوكالة الفضائية . يدخل نائب الدكتور (مصطفى الوزان ) حاملا مجموعة من الأوراق .
د.إبراهيم الفكي : ( ينهض ساخرا ) ما أهمية هذا الاكتشاف الذي جعلتني أقطع إجازتي السنوية وأحضر بتلك السرعة يا دكتور مصطفى ؟!
د.مصطفى الوزان : ( يضع على مكتبه مجموعة من الأوراق ) غير معقول يا دكتور(إبراهيم) ..لن تصدق ما اكتشفناه ...غير معقول بالمرة .. كل من في الوكالة لا يصدقون ..اكتشاف سيزلزل الوكالة بل العالم كله والعلماء و..
د.براهيم الفلكي :( مقاطعا في حدة ) هون على نفسك يا صديقي .ما الذي اكتشفتموه ؟!وما هذا الاكتشاف الذي سيزلزل الوكالة والعلماء ؟ّ!
د.مصطفى الوزان : (يتلفت حوله مضطربا ) لا لن تصدق ما سوف أقوله لك ..وكيف تصدق وأنا نفسي لا أصدق .
د.إبراهيم الفلكي : ( منفعلا ) أتريدني ان أقبل يديك لتخبرني (محتدا ) ما الأمر يا دكتور مصطفى ؟!
د.مصطفى الوزان : ( مشيرا إلى مجموعة الأوراق الموضوعة على المكتب ) لقد اكتشفنا كوكب الأرض .
د.إبراهيم الفكي : ( محدقا في وجهه ومشيرا إليه ) اجلس يا دكتور مصطفى ..على ما يبدو أنك أجهدت نفسك في العمل أثناء غيابي ...على كل لقد قطعتُ إجازتي وسأكتفي بما أخذتُه ...عد إلى بيتك ..والأفضل أن تمر على أطباء الوكالة يفحصونك فحصا شاملا ( يدق على جرس أمامه ) سأبلغ السكرتيرة أن تجهز الأرواق الخاصة بعلاجك والإجازة .. مع السلامة يا دكتور مصطفى .
السكرتيرة : ( تدخل وتنقل النظر بين الاثنين ) بماذا تأمر يا دكتور إبراهيم ؟
د.إبراهيم الفلكي : (مشيرا إلى دكتور مصطفى ) جهزي الأوراق لعرض الدكتور مصطفى على أطباء الوكالة ، وبعد ذلك يأخذ اجازة أسبوعا أو اثنين ؛ لأنه أجهد نفسه في العمل كثيرا .
د.مصطفى الوزان : ( يبعد السكرتيرة عن طريقه في حدة ) أتظنني مجنونا ..ها هي الأوراق أمامك ...ممضاة من أكبر العلماء في الوكالة ...وقاموا
بمراجعتها عشرات المرات .
د.إبراهيم الفلكي :(يرفع نظره إلى أعلى متعجبا ) يا ليتني لم أخذ الإجازة ..أغيب عن الوكالة أياما فإذا بالوكالة كلها تدخل في مرحلة من الجنون ( ينهض متجها إلى السكرتيرة معنفا ) وأنت لماذا لم تتصلي بي لتخبريني بالأمر ، ألم أحذرك أن لا تخفي عني أي شيء ؟
السكرتيرة : ( مذعورة ) أنا لم أخف شيئا ..أنا..
د.مصطفى الوزان : ( ينحي السكرتيرة جانبا ) وما شأنها بما نحن فيه ؟!
د.إبراهيم الفلكي : ربما لو أخبرتينني منذ أيام كنت أتيتُ وأنقذتُ الموقف .
د.مصطفى الوزان : ( مصرا ) أقسم لك ما أقوله حقا وصدقا ..لقد اكتشفنا الأرض .
د.إبراهيم الفلكي : ( يسير في أرجاء المكان ويدق بقدميه على الأرض ) كيف تكتشفون شيئا نحن نعيش عليه وفيه ...منذ ملايين السنيين وموجود منذ مليارات السنين ...الاكتشاف يكون لشيء كان مجهولا .
د.مصطفى : أنا لا أتحدث عن الأرض التي نعيش عليها .أنا أتحدث عن أرض أخري غير أرضنا .
د.إبراهيم الفكي : ( يجلس ممسكا رأسه ) تقصد اكتشفتم كوكبا يشبه الأرض ..عليه ماء وهواء ؟
د.مصطفى :ليس هذا فحسب ، بل هو الأرض بكل المواصفات والظروف والأحوال .
د.إبراهيم : ( ينظر في الأوراق أمامه ) ولكن هذا مستحيل ..لابد أن هناك خطأ !
د.مصطفى : أقول لك كل علماء الوكالة اجتمعوا أكثر من مرة. وناقشوا إمكانية هذا الاحتمال أن يكون هناك في الفضاء البعيد كوكب آخر للأرض .
د.إبراهيم :( ينهض ويسير مطرقا في أرجاء المكان ويعود إليه ) تقصد توأمنا ؟
د.مصطفى : تقريبا .
د.إبراهيم : ( منفعلا ) تلك مصيبة ..كارثة ....
د.مصطفى : ( مندهشا ) مصيبة ...وكارثة ؟!
د.إبراهيم : لا أقصد ...أقصد أن هذا الاكتشاف لو كان صحيحا كما تقول سيحدث زلزالا ...بل أنه سيغير كل النظريات وكل الفرضيات ..أنا مازلت غير مصدق ..ولكن من أول من اكتشف ذلك ؟
د.مصطفى :البروفسير ( فياض )
د.إبراهيم : (صائحا ) المجنون ؟!
د.مصطفى : ( محذرا ) أنت الوحيد الذي تطلق عليه هذا الوصف بينما كل العلماء يقولون عليه أنه عبقري .
د.إبراهيم : ( يطوي الأوراق من على مكتبه متأهبا للانصراف ) الآن فهمت كل شيء ...سوف أخرج من الوكالة لأستكمل إجازتي ( متوعدا ) وأحذرك لو حاولت الاتصال بي ثانية .
د.مصطفي : ( يعترضه ) ولكن علماء الوكالة ينتظرون بالخارج يريدون الاجتماع بك حالا.
د.إبراهيم : ( يعاود الجلوس إلى مكتبه ) ما عدا البروفسير ( فياض ) و..
د.مصطفى : ( مقاطعا ) إنه في مقدمتهم ولابد أن تقابله وتتفاهم معه .
د.إبراهيم : ( متعجبا ) أنت تتحداني يا دكتور مصطفى وتفرض على من أقابل ومن لا ..
د.مصطفى : ( يومئ إلي السكرتيرة ) أتفضلي يا أستاذة ( ميادة ) على مكتبك .
ميادة : ( تشير إلى الدكتور إبراهيم ) ربما يريد الدكتور شيئا .
د.إبراهيم : تفضلي أنت وسوف نتحدث لاحقا ( يلتفت إلى دكتور مصطفى بعد خروج ميادة ) إلى متى سنظل متحملين شطحات وجنون البروفسير (فياض )؟ أأنت معي أم معه يا دكتور مصطفى .؟ ولا أدري سر دفاعك عنه ووقوفك دائما في جانبه؟!
د.مصطفى : أنا مع مصلحة الوكالة ، ولا تنس العلاقة الوثيقة التي تربط البروفسير ( فياض ) بوكالات الفضاء العالمية ، وأن أغلب الأجهزة المتطورة والاعتمادات المالية التي ترسل للوكالة بسبب مركزه ومكانته لديهم ، وربما ما تقول عنه وعن شطحاته وجنونه هو ما لفت نظر وكالات الفضاء الأجنبية له .
د.إبراهيم : ( يقلب الأوراق التي أمامه ) نعم ، فكل الدراسات والمقالات التي ينشرها في المجلات العلمية الأجنبية رغم غرابتها إلا أنها تعتبر نظريات وفرضيات ولكن هذه المرة اكتشاف كوكب الأرض ! حتى لو كان هذا الكلام صحيحا هل جميع المراكز العلمية والمراصد والوكالات الفضائية والعلماء الحاصلين على جوائز نوبل والعلماء المشهود لهم بالكفاءة لا يكتشفون هذا الأمر والبروفسير ( فياض ) في وكالتنا المتواضعة هو من يكتشف هذا ، ألا ترى هذا الأمر غريبا ؟!
د.مصطفى : كل ما فكرت فيه أنت ،أنا أيضا فكرت فيه و قلبت الأمر على جميع الوجوه وجلست مع البروفسير (فياض) جلسات طويلة ، واجتمعت مع علماء الوكالة بدون أن يكون معنا البروفسير (فياض) تارة وهو معهم تارة أخرى .
د.إبراهيم : وصدقت ما يقولونه ؟!
د.مصطفى : ( يرفع الأوراق من على المكتب عاليا ) أصدق أو لا أصدق .. الأمر أمر علم ، وأدلة وبراهين ( ناظرا نحو الباب ) وأظن أن انتظار العلماء قد طال .
د.إبراهيم : ( يسوى ربطة عنقه وينظم محتويات سطح المكتب ،ثم يضغط على ذر الجرس) ادخلي من طلب المقابلة من العلماء والدكاترة ؟
د.مصطفى : ( يرتدي النظارة ويرفع ورقة إلى مستوى نظره) الكثير كان يريد حضور الاجتماع ولكني اكتفيت بالدكتور ( شكري مراد ) ودكتور ( مجدي مهران ) ودكتورة ( سامية الروبي ) ودكتورة ( فاتن السمان ) .
د.إبراهيم : ( متعجبا ) وما سبب اختيارك هؤلاء بصفة خاصة ؟!
د.مصطفي : حسب تخصصهم الدقيق ،وأظن معهم ما يؤيد نظرية البروفسير ( فياض وربما يكون فيهم من يعارضه
ميادة : ( تدخل ومعها أجنده تطالعها ) جدول الأعمال اليوم ..
إبراهيم : (مقاطعا ) دعي هذا الآن واسمحي بدخول السادة الدكاترة المنتظرين بالخارج .
ميادة : ( تتجه نحو الباب ) فليكن يا دكتور إبراهيم ..
[ يدخل العلماء تباعا، ويتقدم الدكتور إبراهيم مصافحا إياهم ]
د.إبراهيم : ( متعجبا متطلعا نحو الباب ) أين البروفسير ( فياض ) ؟!
الجميع : ( في صوت واحد متطلعين نحو الباب مندهشين ) كان معنا بالخارج !
د.مصطفى : ( يسرع نحو الباب متطلعا خارج المكتب ويعود مندهشا ) إنه ليس بالخارج ..أين ذهب ؟
د. شكري : ( مبتسما ) ربما يكون في قاعة المرصد الكبير .
د.فاتن :(مشيرة إلى رأسها ) أو يراجع نظرياته التي استحدثها وفرضياته التي افترضها .
د مجدي : (يومئ إلى من حوله ) وربما اكتشف خطأ أو خللا ويخشى مواجهتنا به .
د سامية : ( تسوى شعرها ) وربما يكون خارج الوكالة ، في لقاء مع أحد .
د فاتن : ( تربت على كتفها ) أنت تعلمين أن بروفسير ( فياض ) لا يفكر في مثل تلك الأمور .
د سامية : (تبعد يدها عنها ) لماذا .. أليس رجلا مثل بقية الرجال ؟!
د.إبراهيم : ( يتقدم ويقف وسطهم ) دعونا من البروفسير ( فياض ) ، ولننتهز فرصة تأخره عن الحضور لنتحدث بكل حرية ما رأيكم فيما يقوله وفيما اكتشفه ؟
د مجدى : ( يرفع النظارة من على عينيه ) من اي ناحية تقصد ؟
د.إبراهيم : هل رأيتم ما رأه ؟ هل رأيتم كوكب الأرض الذي اكتشفه ؟
الجميع : ( في صوت واحد ) نحن لم نر شيئا .
د.إبراهيم : ( يعود إلى مكتبه محدقا في وجه دكتور مصطفى مشيرا إلى الواقفين أمامه) أسمعتَ ما يقولون.. أنهم لم يروا شيئا ؟!
د.مصطفى : ( مشيرا إليهم محتدا ) ولكنكم لم تخبروني أنكم لم تروا شيئا!
الجميع : ( في صوت واحد ) ولم نخبرك أننا رأينا شيئا .
د. إبراهيم : ( يقف مشيرا لهم بالصمت ) إذن وصلنا إلى قرار .
د.مصطفى : ( متعجبا ) أي قرار تقصد ؟!
د . إبراهيم : أن كل ما قاله البروفسير ( فياض ) لا أساس له .
د . شكري : ( يرفع مجموعة من الأوراق بيده عاليا ) لا ، كلام بروفسير (فياض ) مقبول نظريا إلى أن يقدم دليلا .
د.إبراهيم : ( متعجبا ) مسألة توأمة الأرض .. أهذا كلام مقبول نظريا ؟!
د مجدي : نعم ، فما يحدث للإنسان ينطبق على الكواكب والنجوم .
د . إبراهيم : ( متعجبا ) كيف يحدث هذا ؟
د . مجدي :كما يولد توأم للإنسان قد يولد كوكبان أو نجمان متشابهان في كل شيء .
د .فاتن : والاحتمال القائم أن في نفس ولادة كوكب الأرض أو تكوينه في مكان ما في مجرة درب التبانة وفي نفس الوقت ولد أو تكون كوكب آخر خضع لنفس الظروف ومر بكل الأحوال التي مر بها كوكبنا .
د . شكري : أو حدث انفجار لكوكب الأرض في بداية تكوينه نتيجة لظروف داخلية أو لاصطدام جرم ضخم به ، نتيجة لذلك انقسم كوكب الأرض إلى قسمين ، واتجه كل قسم في مسار مختلف .
د .سامية : وسواء كان الأمر حسب نظرية الدكتورة (فاتن) أو حسب نظرية الدكتور (شكري) فأظن أن هناك رابطا خفي يربط الكوكبين مثلما الخيط الخفي الذي يربط بين التوأمين عند الإنسان .
د.إبراهيم : بمعنى ؟
د . سامية : بمعنى المصير المشترك ..إذا حدث مكروه لهذا سيحدث مكروه لذاك .
د.إبراهيم : وهل الفرضان أو النظريتان للدكتور (شكري) و دكتورة (فاتن) يؤديهما العلم ؟
د .سامية : لا بالطبع .
د.إبراهيم : ( يدق على سطح المكتب في انفعال محتدا مشيرا إلى رأسه ) عجبا ! إذن لماذا تصدعون رأسي بنظريات لا يؤيدها العلم ؟!
د سامية : تلك النظريات لا يقبلها العلم وفي نفس الوقت لا يرفضها .
إبراهيم : ( يربت على كتف الدكتور مصطفى ) أتفهم شيئا مما يقال يا دكتور (مصطفى) ؟!
د مصطفى : ( يشير إلى الأوراق على سطح المكتب ) حينما لا يتوافر للعلم دليل نفي أو دليل إثبات فيقف موقفا محايدا من تلك النظريات فلا يرفض ولا يؤيد ، مثل موقف العلم من نظريات نشأة الكون ونشأة الأرض .
د . شكري : إلى أن يتوافر مع الزمن دليل نفي أو دليل إثبات .
د سامية : مثل الذي سيقدمه البروفسير ( فياض ) .
د.إبراهيم : ( منفعلا ) البروفسير ( فياض ) لم يقدم أي شيء ، وأنا لا أدري كيف استطاع أن يقنعكم بترهاته تلك ويشغلكم ويشغل الوكالة ..أنا أرى أن يذهب كل منكم إلى عمله ( يتناول ورقة وقلم )وسوف أحيل البروفسير ( فياض ) إلى التحقيق ، وتلك ليست آخر شطحاته غير المعقولة ( يشير إلى الدكتور مصطفي ويسر في أذنه ) ألم اخبرك أنه مجنون ؟!
د .مصطفى : ( يبتعد عنه ممتعضا) لننتظر حتى يعود .
د.إبراهيم : ( يشير إليه بالقلم ) يروفسير ( فياض ) لن يعود ، حتى لو عاد فلن أسمح له بالدخول .
فياض : ( يدخل مندفعا إلى المكتب حاملا جهازا إلكترونيا ويتعثر ويسقط على الأرض ) لقد نجحت في التقاط رسائلهم ..لقد نجحت .
د .شكري : ( يسرع لمساعدته في النهوض ) أي رسائل تلك ؟ وتلقتها ممن ؟!
فياض : ( واقفا في مواجهتم رافعا الجهاز الإلكتروني ) رسائل من ساكني كوكب الأرض .
د.إبراهيم : ( ساخرا ومشيرا إلى النظارة والأقلام التي سقطت من فياض) أي كوكب هذا الذي تتحدث عنه ؟! ألتقط أولا ما سقط منك.. يا بروفسير الاكتشافات العجيبة !
فياض :( غاضبا ) كف عن سخريتك بي أيها الجاهل.
د.إبراهيم : ( مندفعا نحوه غاضبا ) أنا جاهل أيها المجنون .لن تستطيع أن تخدعني كما خدعتهم .
د.مصطفى : ( يعترضه معاتبا ) ما ذا تقول يا دكتور إبراهيم ؟! أنت مدير هذه الوكالة ، ولا داعي أن تصف البروفسير (فياض) بهذا الوصف .
د .إبراهيم :( عائدا إلى مكتبه ويحكم ربطة العنق) وهل يصح أن يصفني بالجاهل ، وليس معنى أنني لا ألاحق المجلات العلمية بمقالاتي وأراسل المراكز العلمية والهيئات بالخارج بالأبحاث أن يصفني بالجاهل ، أنا في غنى عن كل هذا، يكفيني فخرا أنني مدير أكبر وكالة فضاء في الشرق الأوسط والجميع يشهد لي بالكفاءة والمقدرة في إدارة الوكالة .
د . شكري : ( يجذب فياض ويناوله النظارة والأقلام، ويحيط به زملاؤه ) ليس معنى أننا وافقناك من حيث المبدأ على ما تقول أن تتمادى وتزعم أنك تلقيت رسائل من ساكني الكوكب الذي تقول عنه إنه تؤام الأرض .
د .سامية : لا تنس أنك للآن لم تطلعنا على ما توصلت إليه .
د . مجدي : ورغم غرابة ما أخبرتنا به وقفنا معك وأيدناك .
د. فاتن : أنت الآن مطالب أن تقدم لنا الدليل والبرهان على اكتشافك هذا وفورا حتى لا تعطي للأخرين مبررا يسفهوا مما توصلت إليه .
فياض : (يضع النظارة على عينيه في اضطراب وينظر حوله حائرا ) وكيف هذا ؟
د. شكري : ( يربت على كتفه ) على الأقل أن ترينا ما رأيته .
فياض : ( يتلفت حوله في قلق ) لقد حاولت مرارا ولكنني لم أستطع .
د. سامية لماذا ألم تقل أنك رأيت توأم كوكب الأرض كما تقول من خلال التلسكوب الإلكتروني ؟!
فياض : ( متوترا ) نعم ، ولكن..
د . فاتن : ( تتقدم وتقف أمام فياض في مواجهة الزملاء مدافعة ) بروفسير (فياض) معه حق في كل ما قاله ، وأنتم تعرفون أن ما يمكن رؤيته في ظروف معينة قد لا يمكن رؤيته إذا تغيرت تلك الظروف ولو بقدر طفيف جدا و ..
د . شكرى : ( مقاطعا في حدة ) دكتورة (فاتن) نحن نعرف مدى تعاطفك مع البروفسير ( فياض ) ولكن نحن في موقف علمي بحت وأنت خير من تعلمين أن القضايا العلمية أبعد ما تكون عن المواقف الإنسانية وما يصحبها من مشاعر .
فياض : ( مشيرا إلى د فاتن ممتنا ) بالضبط كما تقول د (فاتن) ، رصد الكوكب لا يتم إلا في حالات نادرة قد لا تتكرر مرة أخرى بسبب حركة كوكبنا وحركة الشمس بل وحركة المجرة وتغيرات كثيرة أخرى
د مجدي : ولماذا لم تصور الكوكب أو تحدد مكانه ؟!
فياض : ( حائرا ) تحديد مكانه ورصده تم في فيمتو ثانية وحينما شغلت جهاز التصوير كان كل شيء قد تغير وتبدل واختفى الكوكب من على عدسة المرصد ( يرفع الجهاز الإلكتروني ) ولكنني نجحت في التقاط إشاعات كهرومغناطيسية بعد بحثها ودراستها تبين أنها رسائل مرسلة من سكان كوكب الأرض.
د . فاتن : ( تصفق مشجعة ) ممتاز يا بروفسير( فياض ) ..هذا يُعد انجاز علمي غير مسبوق !
د. سامية : ( ساخرة ) أي انجاز هذا ؟! البروفسير( فياض) في مأزق علمي ..وأي رسائل تلك التي يتحدث عنها ؟
د. إبراهيم : ( يتقدم ويربت على كتف بروفسير (فياض) مشيرا إلى د . سامية ) أنا معك يا دكتورة ..بروفسير ( فياض ) في مأزق علمي ، والحمد لله أن الخبر لم يتسرب إلى أي وكالة بالخارج وإلا الوكالة كلها هنا ستكون في مأزق علمي ...ولابد من إجراء تحقيق مع البروفسير نظير الوقت والجهد الذي بدده بدون أدنى فائدة .
د. مصطفى :( يتقدم ممسكا بيد بروفسير فياض ) انا لا أتفق معك يا دكتور (إبراهيم) ..حتى ولو بروفسير (فياض ) أخطأ ، فما فعله محاولة علمية وكثير من العلماء أخطأوا، وأعظم الاكتشافات تمت بعد المرور بمراحل أخفاق وفشل لنعطي للبروفسير( فياض) فرصة .
د . شكري : من رأيي أن نمنح البروفسير ( فياض ) فرصة يطلعنا على ما سجله ..إنه يقول إنها رسائل من تؤام كوكب الأرض .
د .إبراهيم : ( ساخرا ) تقصد الكوكب الخفي مثله مثل اللهو الخفي .
د .مجدي : ( يربت على كتف بروفسير فياض )..العلم يتسم بالتسامح والكرم ، ونحن علماء لابد أن نتخلق بخلق العلم ، لذلك أنا من رأي الدكتور (شكري) لنعطي للبروفسير (فياض) وقتا يفسر لنا أمر الرسائل التي نجح في إلتقاطها.
د .مصطفى : ( مفكرا ) هناك شيء لم ننتبه إليه .
د . مجدي : ( مستفسرا ) ما هو ؟
د . مصطفى : إذا كانت رسائل مرسلة لنا فهم- أقصد سكان الكوكب- يعلمون بوجودنا .
د . مجدي : وقد تكون مرسلة إلى غيرنا .
د . مصطفى : أيا ما كان الأمر ، فإن الرسائل تدل على جهة إرسال مرسلة منها وجهة إرسال مرسلة إليها .
د . مجدي : باقي أن نعرف مضمون وفحوى الرسالة .
د . مصطفي :إذن ما على البروفسير(فياض) إلا أن يطلعنا على تلك الرسالة .
د . إبراهيم : (ساخرا ) أخشى ألا يكون للرسائل وجود مثل الكوكب .
د . فاتن : المهم يا بروفسير (فياض) بأي لغة أرسلوا تلك الرسائل ؟!
فياض : ( يجذب منضدة إلى وسط المكان ويضع الجهاز الإلكتروني عليها ) إنها عبارة عن إشارات كهرومغناطيسية وومضات طيفية ، استعنت بمتخصصين في محاولة فك شفرات تلك الإشارات والومضات وأخبروني بنجاحهم في ترجمتها وحينما أرسلوها على جهازي واتصلوا بي رجعت إلى مختبري فورا ونقلتها على الجهاز .
د .شكري : ( متعجبا ) كأنك لم تستمع لتلك الرسائل إلى الآن .
فياض : (متوترا ) أول مرة استمع إليها مثلكم .
د . مجدي : إذن أدر الجهاز لنسمع .
د . فاتن :(تقدم له منديلا ورقيا مشجعة ) اطمئن يا بروفسير ، وتمالك أعصابك .
فياض : (يجفف عرقه و يمد يده المرتعشة لتشغل الجهاز ويفرق نظرات زائغة على الواقفين حوله ) معك حق ، لابد أن أتمالك أعصابي .
[ تصدر عن الجهاز أصوات متداخلة وحشرجات وصفير حاد ،وتتوقف الأصوات بعض الوقت تستأنف أكثر حدة وعلوا ، ثم يسود صمت عميق ]
د .إبراهيم : ( يسير بخطوات بطيئة بين الواقفين مربتا على أكتافهم ويقف وسطهم ) ليذهب كل منكم إلى عمله أيها السادة وكفى ما ضيعناه من وقت وجهد ، نجتمع غدا صباحا لإعادة النظر في تشكيل مجلس إدارة الوكالة ولمناقشة بعض القرارات المصيرية للوكالة .
فياض : ( يجثو على ركبتيه أمام المنضدة التي عليها الجهاز ويحيطه بكلتا يديه )لم أتصور أن تخذلني ..أيمكن أن يكون شيطان قد صور لي كل هذا وأوقعني في هذا الفخ ؟!
د . فاتن : ( تقترب منه وتربت على كتفه ) لكل عالم هفوة ..وكل هذا لا يقدح في تاريخك العلمي المشرف .انهض يا بروفسير وارفع رأسك .
[ يصدر الجهاز الأصوات مرة أخرى ، وتتضح نبرات الصوت شيئا فشيئا ]
فياض : ( يقترب بأذنه من الجهاز محاولا ضبطه مشيرا إلى من حوله ) الصوت ..الصوت يتضح إني أسمعه ..انصتوا ...انصتوا .
الصوت :( يترد الصدى في أرجاء المكان ) رسالة ( صمت ) إدارة ...الأزرق إلى البشر(شوشرة ) ...الأرض ( صمت ).... نظرا لاقتراب كوكب الأرض ( صمت ) ولما كان هذا الانفجار ....( صمت ) يدفع الكوكب بقوة نحو مصيره المفجع ، (شوشرة) ...القرارات التالية ( صمت )...ساكنو الأرض بإصلاحات ( صمت ) المصير المحتوم ، وسيقوم (شوشرة) الأزرق ( صمت ) رسائل مستقبلية إذا لم يقم البشر ( صمت ) ... إذا لم.... ستتولى (صمت ) رفض ...الأرض ...التعاون ( صمت مطبق ) .
فياض : ( ينهض ممسكا بالجهاز بصوت مبحوح مندهشا ) الرسالة انتهت
د.فاتن : ( مشيرة إلى الجهاز بذعر ) أظن أنها رسالة مخيفة .
د.سامية : ( تضع يده على صدرها ) تتحدث على انفجار ومصير مفجع لساكني الأرض..
د إبراهيم : ( ساخرا ) أين تلك الرسالة ؟! إنها كلعبة الكلمات المتقاطعة ..أنا لم أفهم أي شيء !
د . مصطفى : ( متحيرا ) هناك شيء تريد الرسالة قوله ولكن الفجوات ..
د . شكري : ( مقاطعا ومشيرا إلى دكتور مجدي ) نعم ، هناك فجوات ولكن في الإمكان ملؤها ، أو خطوط مقطوعة يمكن وصلها ..أليس كذلك يا دكتور (مجدي) ؟
د . مجدي : ( مفكرا ) أنا أتفق معك ..واظن أنكم تتفقوا معي أن الرسالة في مجملها رسالة تحذير من انفجار كوني .
د .شكري : تقصد تحذير من انفجار كوكب الأرض ؟
د.مجدي : هناك كارثة على وشك الحدوث ..انفجار من داخل الأرض أو اصطدام جرم سابح في الفضاء بالأرض .
د .فاتن أنا أتفق معك في الجزء الأول من كلامك وإن كنت أختلف معك في الجزء الثاني .
د .مجدي :كيف هذا ؟!
د . فاتن : اتفق معك بشأن الكارثة ، ولكنها ليست كارثة كونية ، بمعنى أن تلك الكارثة في الإمكان تلافيها وتجنبها.
د .مجدي :( متعجبا ) وما أدراك ؟!
د . فاتن :أي رسالة تحذير ... تعتبر إنذارا لتجنب خطر ما .
د . مجدي :وهذا الخطر في الإمكان تجنبه .أو العمل لمنعه .
د. سامية :إذن الكارثة أو الخطر الذي تتعرض له الأرض من صنع البشر وليس خطرا أو كارثة كونية طالما يمكن منعه وتجنبه .
د . مصطفى : ( محدقا في وجوه الجميع بقلق ) هناك من يرى ما لا نراه ،ويعلم ما لا نعمله .
د. إبراهيم : ( يتحسس رأسه ) ربما تكون رسالة من السماء .
د شكري : ( ضاحكا ) إنها بالفعل من السماء ، ولكن ليس كما تفكر .
د .فاتن : ( تشير إلى البروفسير( فياض) الذي يتابع نقاشهم في صمت وتفكير ) أظن الذي يمكنه الإجابة على كل تلك الأسئلة هو البروفسير( فياض) .
الجميع : ( الجميع في صوت واحد ) البروفسير (فياض) !
د . مصطفى : ( مشيرا إلى فياض مندهشا ) الجميع تحدث وأنت صامت !
د. شكري : ( يربت على كتفه ) والمفروض أن نصمت كلنا وتتحدث أنت .
فياض : ( يرفع النظارة إلى عينيه ) أخشى أن تتهموني بالجنون و..
د. فاتن : ( مقاطعة ) لست أول العلماء الذي يُتهم بالجنون ، أغلب الحقائق العلمية والاكتشافات لم يكن يصدقها أحد ..( تشجعه ) .تحدث يا بروفسير ولا تخش شيئا .
فياض : ( يحدق في وجوه المحيطين به بقلق ) ما رأيته بأم عيني وقد لا أراه مرة أخرى ولا يراه غيري هو توأم الأرض ، وحينما تقرأون الرسالة بتمعن وبالقناعة التي لدي أن تلك رسالة من أهل ذلك الكوكب الذي يسمى بالكوكب الأزرق كما ذُكر في الرسالة ، وهذا الاسم أحد أسماء الأرض ، وهم أناس متقدمون عنا بمراحل في كل شيء ،كما يظهر من الرسالة .
د شكري :(مشيرا إلى الجهاز في يد بروفسير فياض ) ولكن ما الانفجار الذي ذٌكر في الرسالة ؟ ومما يحذروننا ؟
فياض : ( مفكرا ) أظن يحذروننا من انفجار كوكبنا الأرضي .
د.سامية : ( تحتضن د .( فاتن) في ذعر) إذن تلك نهاية كوكبنا الأرضي ، ألا يمكن النجاة من هذا المصير المروع .
د .شكري :كلنا يعلم أن الكون بما فيه الأرض بدأ بانفجار وسينتهي بانفجار ..ولكن متى سيحدث هذا ؟ لا أحد يعلم .
د . فاتن : ( تربت على كتفها ساخرة ) ليس أمامنا سوى الهجرة إلى كوكب آخر .
د . سامية : ( مشيرة إلى بروفسير فياض ) فلنهاجر إلى الكوكب الأزرق ..أليس توأم الأرض ويصلح للحياة على سطحه ؟
د . مجدي : كل ما يقوله بروفسير (فياض) اجتهادات واحتمالات دعونا نسمع ما يقوله .
د . شكري : أنا أختلف معك يا دكتور (مجدي) ..أخشى أن ما يقوله بروفسير (فياض) تعدى مرحلة الاجتهادات والاحتمالات وما تقوله الرسالة لها أساس علمي فكوكب الأرض طرأت عليه تغيرات كارثية تنذر بعواقب لا يعلمها إلا الله في المستقبل القريب وأظن الكل يعرفها والكثير من العلماء حذروا منها .
د .مصطفى : (مستفسرا ) ولكن إذا كان الأمر كما يقول يروفسير (فياض) فلماذا أرسلوا تلك الرسالة ليحذرونا ؟ وما المصلحة التي ستعود عليهم ؟
فياض : ليست مصلحة ولكن الضرر .
د.مصطفى : ( مندهشا ) الانفجار الذي تتحدث عنه الرسالة على كوكبنا أم على كوكبهم ؟!
فياض : على كوكبنا وهم سيتأثرون به .
د . مجدي : ( يمسح على رأسه ) الآن فهمت . فبحكم أن كوكبهم توأم للأرض فأي ضرر يلحق بالأرض سيتأثرون به .
د. فاتن : أو الانفجار في الفضاء سيؤثر عليهم .
د . شكري :إذن قد نفهم من الرسالة أنها تحمل نوعا من التهديد لأهل كوكب الأرض .
د .إبراهيم : (محتدا ) وهل سببنا لهم أي ضرر ليهددونا ؟
د سامية : مجرد أن نضر أنفسنا هذا يضرهم أيضا . فليس الأرض هو الكوكب الوحيد في الفضاء .
د مصطفي : صارت الجيرة جيرة كونية بين الكواكب ولم تقتصر على أهل الكوكب الواحد
د.شكري : (مفكرا ) لغموض الرسالة أو لعدم وضحوها الوضوح الكافي هذا يجعلنا نضع العديد من الاحتمالات .
د . مجدي : الاحتمال الأول ؟
د .شكري : إنهم يسعون لإنقاذ كوكب الأرض من الدمار شفقة بنا أو لتجنب ضرر قد يتأثرون به بحكم أنهم جيران في الكون أو بحكم أنهم تؤام لكوكبنا .
د . سامية : الاحتمال الثاني ؟
د .شكري : إنهم غزاة من كوكب أخر يريدون السيطرة والهيمنة على الأرض وتلك الرسالة سيعقبها رسائل في كيفية الخضوع والتسليم لهم .
د .فاتن : ( ساخرة ) هذا الاحتمال دخل بنا في مجال الخيال العلمي .
د .سامية : ( ضاحكة ) خيال علمي يمله حتى الأطفال .
د . شكري : وهل كان أحد منكم يتخيل أن يكون للأرض تؤام ؟!
د .مصطفى : ليس هذا فحسب بل تكون هناك رسائل مرسلة .
د . إبراهيم : لا تنسوا أن كل ما بأيدينا وكل ما جاء به بروفسير (فياض )احتمالات ..ليس هذا فحسب بل احتمالات واهية .
د مجدي : أنا أختلف معك يا دكتور (مصطفى) ما جاء به بروفسير (فياض) تؤيده نظريات علمية عديدة .
د مصطفى : في هذا المرة أنا أختلف معك وأؤيد دكتور( إبراهيم) ..والدليل أننا لا نستطيع أن نخبر أي مركز علمي أو وكالة فضاء عالمية بما توصل إليه بروفسير فياض .
د . شكري : (مشيرا إلى الجهاز في يد بروفسير فياض ) والرسالة و ..
د .مصطفى : ( مقاطعا ) الرسالة تقبل التأويلات والتفسيرات فهي كما قيل كلعبة الكلمات المتقاطعة بل لم ترق إلى تلك اللعبة .
د فاتن : ( مفكرة ) إلا إذا ..
د . سامية : ماذا تقصدين ؟
د .فاتن : ( مشيرة إلى فياض ) إلا إذا نجح بروفسير (فياض) في استقبال رسائل أخرى توضح لنا ما لم نستطع فهمه .
د . شكري : تقصدين يقومون بإرسال رسائل أخرى .؟
د .فاتن : الأمر في غاية الخطورة وأظن أنهم لن يكتفوا بإرسال رسالة واحدة ..سواء كان الأمر يتعلق بتحذيرنا من دمار كوكبنا أو بالسيطرة والهيمنة على كوكب الأرض .
د .مصطفى : إذن نحن في انتظار رسالة أخرى .
د . شكري : أو العديد من الرسائل .
د .مجدي : ( يربت على كتف بروفسير فياض )ما رأيك يا بروفسير ؟
فياض : ( يحدق في الجهاز الإلكتروني بيده ) أنا من رأيك وأشعر أني سألتقط رسالة أخرى توضح الكثير مما لم توضحه الرسالة الأولى .
د .إبراهيم : ( يتجه نحو الباب مخاطبا د .مصطفي ) وإلى أن يستقبل بروفسير (فياض) سأكمل إجازتي ولا تتصل بي مرة أخرى ، ودعني أكمل إجازتي ، وإن كنت أشك في الأمر برمته .
إظلام .
الفصل الأول
المشهد الثاني .
يجلس البروفسير( فياض) إلى مكتبه وبجواره دكتورة فاتن ، على المكتب مجسم للكرة الأرضية وفي فضاء الحجرة مجسمات للمجموعة الشمسة ،وعلى الحوائط رسوم لكواكب ونجوم ، وفي جانب شاشة عرض كبيرة تعرض حركة الكواكب والنجوم في الفضاء المتسع ، العديد من الأجهزة الإلكترونية في كل مكان ، وفي جانب آخر أرفف مكتبة تحوي العديد من المراجع والكتب .
فياض : (مطرقا ) لن أنسى وقوفك جنبي ومساندتك لي يا دكتورة (فاتن) .
د . فاتن : ( في أعجاب ) أنت إنسان نبيل تستحق كل المساندة والتشجيع ، وتاريخك العلمي المشرف ..
فياض :( مقاطعا في أسى ) كل تاريخي العلمي في مهب الريح ، وكما سمعتي وصف رئيس الوكالة لي بالمجنون .
د . فاتن : (تقترب منه وتمسك بيده ) أنت تعلم أن البعض هنا يغيرون منك ويحسدونك على ما وصلت إليه من مكانة علمية على مستوى أكبر المراكز العلمية هنا في الخارج ومقالاتك وأبحاثك تنشر في كبرى المجلات العلمية على مستوى العالم.
فياض : (يبتعد عنها حزينا ) وكل هذا لا يشفع لي هنا .
د. فاتن : ولكنك أنت الذي أعطيت لهم الفرصة ليحرجوك علميا .
فياض : معهم حق ..فما وصلت إليه يعتبر اكتشافا أجوف .
د فاتن : ( مبهورة ) ولكنه كفيل أن يخلد اسمك مع أعظم المكتشفين و ..
فياض :(مقاطعا في أسى ) بل كفيل أن يمحى اسمى من سجل العلماء ..بل أخشى أن أعاقب لو نشرت أي أخبار عن هذا الأمر .
د . فاتن : والرسالة التي التقطتها ؟
فياض : ( يشير إلى الجهاز الإلكتروني ) بل قولي رسائل عديدة .
د . فاتن : ( مندهشة ) هل التقطت رسائل أخرى ؟!
فياض : ( يقلب الجهاز بين يديه ) نعم وبعضها أكثر وضوحا من الرسالة الأولى .
د . فاتن : ( تحدق في الجهاز الإلكتروني ) ولماذا لم تخبر الزملاء ؟!
فياض : ( يوليها ظهره ) أرفع عنهم الحرج ، وأوفر على نفسي الكثير من الهجوم .
د . فاتن : ( تواجهه ) وضميرك العلمي ؟!
فياض : ( يبتعد عنها ) وهذا ما يعذبني ..أدرك أن كوكب الأرض مقبل على كارثة محققة ولكنني اقف مكتوف الأيدي ...( يقترب منها ) أنا لا أنام .
د فاتن : ( مفكرة ) أهم يرون كوكبنا ؟
فياض : ليس هذا فقط بل يعلمون كل شيء عنا أكثر مما نعلم عن أنفسنا وعن كوكبنا بدليل أنهم علموا بأمر الدمار الذي سيلحق بالأرض .
د .فاتن : ( مندهشة ) كيف تسنى لهم ذلك ؟!
فياض : أنهم أكثر تقدما وعلما منا بمراحل كثيرة .
د .فاتن : ( تربت على يده ) ألم تفكر أن ترسل لهم رسالة ؟
فياض : ( شاردا ) أرسل لهم رسالة ؟!
د .فاتن : ولأنهم أكثر منا علما كما تقول سيتمكنون من التقاط رسالتك .
فياض : (يمسح على رأسه مندهشا ) لماذا لم أفكر في هذا من قبل ؟ ولكن ماذا أقول لهم وبأي لغة سأخاطبهم ؟.
د . فاتن : أرسل لهم بأكثر من لغة ، وبأكثر من طريقة ، استعن بخبير لغات قديمة ، وطالما هم أكثر تقدما وتطورا أظن سيتمكنون من فهم رسالتك ، أو استخدم نفس الرموز التي استخدموها حينما أرسلوا رسالتهم
فياض : نعم ، ولكن كان لديهم مبرر ليرسلوا لنا رسالة تحذير من الدمار الذي سيلحق بكوكبنا ، أما أنا فماذا سأطلب منهم ؟
د . فاتن : ( تدور حول نفسها مفكرة ) لنفترض أنك لم تر كوكبهم ووصلتك رسائلهم ماذا كنت ستطلب ؟
فياض : (يعصر جبينه )أطلب دليلا على صحة رسائلهم .
د .فاتن :إذن أطلب هذا الدليل .
فياض : وماذا تظنين سيكون هذا الدليل ؟
د فاتن : إذا كانوا جادين في تحذيرنا من خطر محدق بنا فلن يتوانوا عن إرسال دليلا وهذا سيعطيك مصداقية ليس أمام الزملاء في الوكالة فحسب ، بل أمام المؤسسات العلمية ومراكز البحوث في العالم كله ووكالات الفضاء العالمية
فياض : وما شأني بهؤلاء ؟
د . فاتن : ( مندهشة ) عجبا لك يا بروفسير ؟! ألن تبلغ العالم كله إذا وصلتك تلك الرسائل
فياض : ( يتحسس رأسه ) معك حق ..أنا لا أفكر كما يجب ..لا أدرى ماذا حدث لي مؤخرا ؟!
د . فاتن : لأنك أجهدت نفسك طوال الأيام السابقة ولا تنام .
د . سامية : ( تدخل ومعها لفائف تحملها ) أنا الذي أعرف ما الذي يبعد النوم على البروفسير .
د فاتن : ( متطلعة إلى ما تحمله مندهشة ) ما هذا يا دكتور (سامية) ؟!
د . سامية : (تقترب من البروفسير ) إنها مجموعة من الفطائر أعدتها للبروفسير فهو ينسى نفسه وقد يمضى يومه بدون طعام .
دفاتن : ( تمد يدها إلى ما تحمله ) أتدرين أنا ايضا في حاجة إلى تلك الفطائر فلم أتناول طعاما طوال اليوم .
د . سامية : ( مستنكرة ) والبروفسير و ..
د فاتن : ( تقاطعها وفمها مملوء بالطعام ) إنه في حاجة إلى شيء آخر غير الطعام .إنه في حاجة أن ينال قسطا من الراحة بعد الإجهاد الذي تعرض له ( تومئ إلى البروفسير ) تفضل أنت يا بروفسير (فياض) ولتفعل ما أتفقنا عليه ، وأنا سأكل تلك الفطائر ( تمسك بيد الدكتورة سامية ) وتصحبها إلى الخارج تعالي يا دكتورة (سامية) ..أريد أن أحدثك في موضوع هام ولكن بعد أن نأكل تلك الفطائر اللذيذة .
إظلام .
الفصل الأول
المشهد الثالث .
إضاءة :
مكتب د . (إبراهيم) رئيس الوكالة الفضائية .
د . إبراهيم :( يدخل غاضبا متجها إلى مكتبه ووراءه السكرتيرة تحمل ملفا ) اكتبي خطاب استقالتي لأوقع عليه فورا ، سأترك تلك الوكالة طالما لا استطيع الحصول على إجازة كما يحصل عليها أصغر موظف هنا ..( يرفع إصبعه مهددا ) لقد حذرتكم أكثر من مرة لا تزعجوني بأمور الوكالة طالما أنا في إجازة ..لا يعقل ضغط عصبي وأنا في الوكالة وضغط عصبي وأنا خارج الوكالة ..ماذا يحدث لو انتظرتم حتى أنهي إجازتي السنوية ؟!
السكرتيرة : ( تفتح الملف وتخرج محتوياته على سطح المكتب ) وتلك الرسائل والفكسات التي وردت إلى الوكالة من أكبر مراكز البحوث العلمية والوكالات الفضائية حول العالم ؟
د . إبراهيم : ( محدقا باندهاش في الرسائل ) ما كل تلك الرسائل ؟! وماذا يريدون ؟ !
السكرتيرة :يخبروننا انهم سيرسلون علماءهم وخبراءهم لدراسة ما توصل إليه البروفسير (فياض ) .
د . إبراهيم : ( يدق بانفعال على سطح المكتب محتدا ) ومن الذي أخبرهم بما توصل إليه البروفسير (فياض ) ؟
السكرتيرة : ( مذعورة ) أظن اكتشاف بهذه الخطورة كما يقولون عنه لن يظل سرا .
د . إبراهيم : ( ساخرا ) أي خطورة تلك التي تتحدثين عنها ؟! رسالة غامضة لم نخرج منها بشيء ،وكوكب لم يره أحد غيره ولا وجود له في الحقيقة و ..
السكرتيرة : ( مقاطعة باندهاش ) كأنهم لم يخبروك عما اُستجد ؟!
د . إبراهيم : ( يخرج من وراء مكتبه متعجبا ) أحدث شيء جديد لا أعرفه ؟!
السكرتيرة : يقولون إن البروفسير ( فياض ) استقبل رسائل جديدة وبعض الصور للكوكب التوأم
د . إبراهيم : ( مندهشا ) لم يخبرني أحد عن هذا الأمر .
السكرتيرة : لقد حاول دكتور (مصطفى) الاتصال بك أكثر من مرة ولكنك لم ترد عليه .
د . إبراهيم : لأنني حذرته ألا يتصل بي حتى أكمل إجازتي ..( مفكرا ) ولكن ما رأي علماء الوكالة فيما توصل إليه البروفسير ( فياض ) ؟
السكرتيرة : بحكم أنك رئيس الوكالة والمسؤول ا لأول فكل الأمور بيدك وهم ينتظرون رأيك ؟
د . إبراهيم : ( يجلس إلى مكتبه مفكرا ) وما الجديد الذي استقبله البروفسير (فياض) ؟!
د . مصطفى : ( يدخل دكتور (مصطفى) مندفعا في لهفة نحو الدكتور إبراهيم ) كدت أيأس من حضورك وعودتك إلى الوكالة و .
السكرتيرة : ( مقاطعة ومشيرة إلى الدكتور إبراهيم ) لم يحضر اليوم إلا ليقدم استقالته .
د . مصطفى : ( يدق على سطح المكتب منفعلا ) الوضع في غاية الخطورة ..والوكالة في مأزق لم تتعرض له من قبل ومصيرها سيتحدد اليوم . إما سندرج في مصاف الوكالات العلمية المعترف بها عالميا او أننا سنغلق أبواب الوكالة ونسرح العلماء والخبراء ، وفي تلك الحالة لن نكون في حاجة إلى تقديم استقالتنا .
د. إبراهيم : ( مشيرا إلى السكرتيرة ) لقد أخبرتني ( ميادة ) عن بعض المستجدات التي حدثت أثناء غيابي عن الوكالة ولكنني لم أقدر أن الوضع بتلك الخطورة ، ولكنني للآن لم أعرف ما حدث أثناء غيابي .
د مصطفى : ( يلتفت إلى السكرتيرة منزعجا ) ألم تخبريه بما حدث للآن ؟
السكرتيرة : ( تفتح الملف وتخرج ورقة ) كنت سأقرأ له التقرير .
د . مصطفى : ( يأخذ الورقة ويرفعها امام د . إبراهيم ) رسائل وصور أرسلها أهل الكوكب ( يلتفت إلى السكرتيرة ) إذا كان علماء الوكالة انتهوا من فحص ودراسة الرسائل والصور أحضري الملف هنا فورا .
السكرتيرة : ( تخرج مسرعة ) سأرسل في طلبه على الفور .
د إبراهيم :( مذعورا ) الأمر بمثل تلك الخطورة ؟!
د . مصطفى : الخطورة أن الأمور كلها خرجت من أيدينا .
د إبراهيم : ( منزعجا ) في يد من ؟
د . مصطفى : في يد عشرات العلماء والخبراء من مختلف مراكز البحوث الفضائية والوكالات العالمية الذين سيحضرون في أي لحظة هنا وهؤلاء لا يتحركون إلا ومعهم وسائل الإعلام العالمية .
د.إبراهيم : ( يخرج من خلف مكتبه ويدور في المكان ممسكا رأسه ، ويقف في مواجهة د. مصطفى ) وماذا سنقول لهم ؟
السكرتيرة : ( تدخل حاملة الملف ) لقد انتهي الدكاترة من دراسة الملف وها هو .
د مصطفى : ( يأخذه ويناوله لدكتور إبراهيم ) هنا كل الرسائل والصور التي أرسلها أهل الكوكب التوأم للأرض .
د . براهيم : ( يعيد إليه الملف مشيرا إلي ميادة ) سأجعل (ميادة) تقرأ التقرير الذي كتبته ، أنا الآن لست في حالة تسمح لي بقراءة كل هذا الملف .
د . مصطفى : ( يضع الملف على سطح المكتب ويدق عليه بيده ) رسائل هذا الملف تؤكد أنها مرسلة من كوكب غير الأرض ، وتؤكد أن كوكبنا مقبل على كارثة ، والرسائل تحمل لهجة تهديد وتحذير بالإسراع في عمل إصلاحات شاملة لمحاولة تجنب تلك الكارثة وإلا أهل هذا الكوكب سيتدخلون بالقيام بعمل تلك الإصلاحات بأنفسهم ولن يكون ذلك إلا بالسيطرة على كوكب الأرض .
د . إبراهيم : ( مذهولا ) إذن هذا غزو صريح للأرض !
د . مصطفى : إلا إذا ..
د . إبراهيم : ( مضطربا ) إلا إذا ماذا ؟
د مصطفى : إلا إذا وافق أهل الأرض على القيام بالإصلاحات .
د . إبراهيم : وما هي تلك الإصلاحات التي ستجنب الأرض الكارثة .؟
د . مصطفي : ( يفتح الملف ويخرج العديد من الأوراق ) قائمة طويلة مثل إغلاق المصانع الملوثة للبيئة ، وقف جميع التجارب على أسلحة الدمار الشامل ، حل جميع المشكلات بين الشعوب والبدء في تسريح الجيوش ، وضع خطط قصيرة الأمد وطويل الأجل لتنظيف البر والبحر والجو ، العمل فورا في تشجير الصحراء ، وقف الزحف على المساحات الخضراء والحفاظ على الغابات و
د . إبراهيم : ( مقاطعا مندهشا ) تلك الإصلاحات الجميع ينادي بها ليل نهار .
د . مصطفي : نعم ، ولكن لم تُنفذ .
د . إبراهيم : ولكن هل هذا ما يجعل كوكب الأرض مقبلا على كارثة ؟! تلك الأمور منذ ازمنة ولم يحدث شيء ؟
د . مصطفى : ولكنها لم تُحل ولم تُعالج ، وبتراكمها على مر مئات السنين ستمثل كارثة ، ولا تنس أننا بدأنا نلمس التغييرات التي بدأت تطرأ على كوكب الأرض من ارتفاع درجة الحرارة وارتفاع نسبة التلوث وزيادة تفشي الأوبئة والأمراض .
د إبراهيم : ( ساخرا ) وهم حريصون على مصلحة كوكب الأرض ؟!
د.مصطفى : حريصون على أنفسهم ، وعلى كوكبهم بحكم الجيرة الكونية .
د . إبراهيم : أهم قريبون منا لتلك الدرجة ؟!
د . مصطفى : أو نحن القريبون .
د . إبراهيم : ( مفكرا ) ولم لا يكون العكس هو الصحيح يا دكتور مصطفى ؟
د . مصطفى : ماذا تقصد ؟
د . إبراهيم : أن يكون كوكبهم هو المقدم على كارثة تدميرية ويريدون الانتقال إلى الأرض؟
د مصطفى : وتلك الإصلاحات التي يطالبون بها ؟
د . إبراهيم : إذا قمنا بها فهي عبارة عن تهيئة كوكبنا ليناسبهم .
د . مصطفى : وإذا رفضنا ؟
د . إبراهيم : حجة لهم للغزو وللسيطرة .
د. مصطفى : وبهذا نكون مقدمين على مرحلة غزو الكواكب
د إبراهيم :وما كان خيالا يصير واقعا ( يحدق في أوراق الملف ) أرى بين الأرواق بعض الصور و ..
د . مصطفى : ( يخرج عددا من الصور ليريه إياها ) ارسلوا عددا من الصور لكوكبهم وهو
يشبه إلى حد ما كوكب الأرض إلا أن اللون الأزرق غالب عليه .
د . إبراهيم : ( يسير مطرقا في المكان واضعا يديه خلف ظهره ، ثم يلتفت إلى د . إبراهيم
مشيرا إلى رأسه ) أتصدق كل تلك الترهات يا دكتور إبراهيم و ...
د مصطفى : (مقاطعا في غضب ملوحا بيده ) لقد تجاوزنا مرحلة التصديق او التكذيب ..ليس أمامنا من خيار سوى أن نعرض عليهم ما توافر لدينا من معلومات وأدلة ، والحكم لهم بعد ذلك .
د إبراهيم : ألم تقل ان كل ما لدينا تسرب إليهم ؟
د . مصطفى : اكيد ليس كل ما توافر لدينا ، ثم هم يريدون مناقشة البروفسير (فياض) ومعه علماء الوكالة .
د إبراهيم : ( يخرج قلما من جيبه ويبسط ورقة بيضاء على سطح المكتب ويكتب ) إذن يحال
الأمر برمته إلى لجنة من علماء الوكالة المختصين لبحثه ودراسته على وجه السرعة وإعداد تقرير لعرضه على من سيأتي من العلماء والخبراء ومندوبي المراكز العلمية والوكالات الفضائية .
د . مصطفي : ( متعجبا ) ولكنك لم تذكر البروفسير (فياض) ؟!
د إبراهيم : إذا كانوا سيصدقون كل هذا فلماذا ننسبه إلى فرد واحد من أفراد الوكالة .
د . مصطفي : إذن إلى من ننسبه ؟!
د إبراهيم : إلى علماء الوكالة كلهم . ..إلينا نحن .
د مصطفى : ( يحدق في وجه د . إبراهيم مندهشا ) أتدري ما الذي حرك مراكز البحوث ووكالات الفضاء العالمية ؟
د . إبراهيم : ماذا في ظنك ؟
د. مصطفى : شيء واحد .
د إبراهيم : ما هو ؟
د . مصطفى : ( مشيرا إلى الصور ) احتمالية أن يكون هناك توأم لكوكب الأرض ..وشخص واحد في الوكالة هو الذي يقدر أن يجزم بذلك .
د إبراهيم : من تقصد ؟
د .مصطفى : بروفسير (فياض) .
د إبراهيم : ( منكسا رأسه ويخط بقلمه أسفل الصفحة ) ليكن البروفسير (فياض) على رأس مستقبلين الوفود الذين سيحضرون .
د . مصطفى : ( يأخذ الوقة من يد د . إبراهيم ) سأذهب إلى لجنة العلماء على وجه السرعة
ليستعدوا فبيدهم مصير الوكالة .
إظلام .
الفصل الثاني
المشهد الأول .
إضاءة :
شاشة عرض مقسمة إلى جزأين ، الجزء الأيمن صورة كوكب الأرض تدور في الفضاء شديدة الوضوح ، والجزء الأيسر صورة لكوكب الأرض تدور في الفضاء ويغشاها الضباب ويغلب عليها اللون الأزرق ودورانها أكثر سرعة من حركة كوكب الأرض في الجهة اليمنى . وعلى جانبي الشاشة يجلس مجموعة علماء الوكالة يشاهدون الصورتين .
د .مجدي : ( ينهض غاضبا ويوقف ما يعرض على الشاشة ) للمرة العشرين نشاهد الصورتين ونسمع الرسائل المرسلة إلي البروفسير( فياض ).
د . سامية : ( محتدة مشيرة إلى الشاشة ) ألم تلاحظوا أننا تركنا كل أعمالنا وأبحاثنا وصار البروفسير ( فياض ) شغلنا الشاغل ؟
د . فاتن : هذا شيء طبيعي يا دكتورة (سامية) .
د . سامية : ( ساخرة ) وما الذي جعله طبيعي ؟!
د فاتن : لخطورة وأهمية الاكتشاف والرسائل التي تحذر من دمار كوكب الأرض و ..
د شكري : ( يتقدم ويقف في مواجهتهم رافعا موجوعة من الأوراق) واضح أنكم لا تقدرون خطورة ما نحن مقدمون عليه .
د . مجدي :( مندهشا ) أي خطورة تقصد ؟!
د . شكري : ( ينظر في ساعته ) ما هي إلا ساعات وستجد مندوبين من جميع الوكالات الفضائية ومراكز البحوث والمؤسسات المهتمة بالفيزياء وعلوم الفضاء ومعهم عدد من الإعلامين والصحفيين يملئون مكاتب وقاعت الوكالة هنا .
د . سامية : ( متعجبة ) وما الخطورة في ذلك ؟!
د. شكري : إن كل ما توصل إليه البروفسير (فياض) وكل ما تناقشنا فيه تسرب إلى الخارج وتناقلته وسائل غير متخصصة وغير علمية وأضافت وحرفت وضخمت لتنفرد بسبق صحفي وإذا قرأتم تلك الأخبار حتى في وسائل الإعلام الأجنبي ستصدمون فأغلب ما نشر يفتقد الأساس والتفسير العلمي و ..
د . مجدي : (مقاطعا ) نريد ان نعرف من المسؤول عن تسريب الأخبار ؟
د . سامية : ربما يكون البروفسير (فياض ) و ..
د . شكري : ( مقاطعا في غضب ) بغض النظر عن المسؤول نحن الآن أمام خيارين .
د . سامية : ما هو أول الخيارين ؟
د . شكري : أن نكون كلنا فريقا واحدا ومعنا بروفسير (فياض) وعلى رأي واحد فيما توصل إليه ، وأننا مشتركون معه في كل شيء .
د . مجدي : وما نتيجة هذا الخيار ؟
د . شكري : أننا سندخل في معركة علمية شرسة لإثبات وإقرار ما قاله به بروفسير (فياض) .
د . مجدي : أنت بذلك تطالبنا أن نفعل المستحيل ، إذا كان هو نفسه يعترف أن الكوكب التوأم لا وجود له .
د . شكري : لا ، هو لا يستطيع للآن تحديد مكانة بالضبط وهناك فرق بين عدم وجود الشيء والجهل بمكانه .وأظن أننا كعلماء فيزياء وعلوم فضاء هنا قد قمنا بدورنا وهناك آخرون يجب أن يقوموا بدورهم .
د . سامية : وماذا كان دورنا ؟
د . شكري : قدمنا لهم مبدأ أو فكرة أو اقتراح وجود توأم للأرض ومعنا صور ورسائل من أهل كوكب توأم الأرض تؤكد كلامنا إلى حد ما .
د فاتن : ودورهم ؟
د . شكري : أن يبحثوا ويجدوا في البحث عن توأم الأرض وأظن يتوافر لهم من الأجهزة والإمكانات ما لا يتوافر لنا .
د . مجدي : ( ساخرا ) هذا الكلام غير علمي بالمرة .
د . فاتن : بل أرى ما يقوله دكتور( شكري) يقبله العقل والمنطق .
د . مجدي : مع أن العقل والمنطق شيء والعلم شيء آخر .
د شكري : ( ينظر في ساعته قلقا ) معذرة يا دكاترة الوقت يداهمنا وقد نفاجئ بحضور مندوبي الوكالات الأجنبية
د . سامية : ولكنك لم تخبرنا عن الخيار الثاني ونتيجته .
د . شكري : أن نتبرأ من كل ما قاله بروفسير (فياض )، وفي تلك الحالة ستفقد وكالتنا مصداقيتها كمؤسسة علمية لها سمعة عالمية ، وبالتالي سنفقد مبرر وجودنا وبقائنا وكل واحد منا وبقية علماء وخبراء الوكالة يبحثون عن عمل آخر ، فما حدث سقطة علمية لن يغفرها لنا أحد . .
د مجدي : ( مترددا ) أنت خيرتنا ألا نختار .
د . شكري : كيف ؟
د . مجدي : لأن الخيار الأول لا بديل له ..ولكن هل بروفسير (فياض ) وافق أن يشركنا معه في ما توصل إليه وأننا سنواجه مندوبي الوكالات العلمية الأجنبية كفريق عمل واحد ؟
د. شكري : رحب بالفكرة ، بل عرض أن ينسب كل ما توصل إليه إلينا وبمساعدتنا وعوننا له .
د . فاتن : إنه أنبل شخص قابلته في حياتي .
د . مجدي : ( متعجبا ) ولكن ألم يكن من الأولى أن يحضر اجتماعنا هذا ؟!
د . شكري : لم يحضر لأنه مشغول بتحديد أمرين في غاية الأهمية لو نجح قد يكون لهما أثر عظيم .
د . سامية : ما هما ؟
د . شكري : الوقت الذي رأي فيه توأم الأرض والاتجاه أو المسار الذي سار فيه .
د . مجدي : وماذا سيفيدنا هذا ؟
د . شكري : لا تنس أن هناك وكالات فضائية لها مراصدها المتقدمة وأقمار صناعية تملأ الفضاء الخارجي تسجل كل شيء ، فربما واحد من تلك الأجهزة رصدت شيئا في الوقت الذي حدده البروفسير فياض ( يتلفت حوله قلقا ) باقي شيء واحد .
د. سامية : ما هو ؟
د. شكري : الرسائل التي أرسلت إلى بروفسير (فياض) .
د . فاتن : وما شأنها ؟
د . شكري : ألا ترون أنها تشتمل على طلبات من المستحيل تنفيذها ؟
د . مجدي : نحن للآن لم نعرف رد فعل العالم على كل ما توصلنا إليه ، ينتهي دورنا كما قلت أنت بأن نضع كل ما لدينا أمام المؤسسات العالمية ومراكز البحوث والوكالات الفضائية ، أما تنفيذ ما في الرسائل فهذا اختصاص من بيدهم إدارة شؤون العالم .
السكرتيرة : ( تدخل ومعها العديد من الأوراق) لقد وصلت أول الوفود من أكبر وكالة فضائية من أمريكا .
الجميع : ( في صوت واحد ) وصلوا هنا في الوكالة ؟!
السكرتيرة : لا ..وصلوا المطار وأرسلوا فاكسا أنهم سيحضرون إلى هنا بعدما يستريحون بعض الوقت في الفندق .
د . شكرى : ( مضطربا ) هيا ليس أمامنا وقت نضيعه ...لنذهب إلى البروفسير فياض لنرى إلام توصل ؟
د مجدي : ولنتفق على ما سوف نقوله أمام العالم .
د . سامية : ( مذعورة ) أشعر أنني سوف انفجر في البكاء لو سألني أحد عن أي شيء .
د فاتن : ( ساخرة ) أنسيت أنك عالمة ومتخصصة في فيزياء الفضاء ؟!
د . سامية : ( تمسح عينيها ) لم أنس ، ولم أنس أنني امرأة أول مرة سأقف أمام العالم .
د فاتن : ( قلقة ) على رأيك ..كل ما أفكر في هذا الموقف أشعر أن قدمي ستخونني .
د . مجدي : لتنسيا كل شيء إلا أنكما عالمتان ومشتركتان في أعظم اكتشاف سيزلزل العالم .
د شكري : الخوف أن يزلزلنا نحن .. هيا نتوكل على الله .
إظلام .
الفصل الثاني
المشهد الثاني .
في مكتب الدكتور (إبراهيم الفلكي) رئيس الوكالة ومعه معاونة الدكتور( مصطفى الوزان) .
السكرتيرة : ( تدخل مذعورة ) سيادة وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات و ..
د. إبراهيم : ( يرفع سماعة الهاتف مفزوعا ) سيادة الهاتف على الوزير ..أقصد سيادة الوزير على الهاتف ..( ملوحا لها بيده ) حولي المكالمة على هاتفي الخاص بسرعة يا ميادة .
السكرتيرة : ( مرتعشة مشيرة إلى الباب ) إنه موجود بالخارج ..سيادة الوزير .
د . إبراهيم : ( منتفضا واقفا مشيرا إلى الدكتور مصطفى ) وزير التعليم العالي والبحث العلمي ، هنا بنفسه ..انجدني يا دكتور مصطفى ، لم يحدث من قبل أن جاءنا وزير وفي هذا اليوم بالذات ( يدور حول نفسه ) ماذا أفعل يا دكتور مصطفى ؟!
د . مصطفى : ( يدفعه نحو الباب ) وهل ستترك الوزير بالخارج ينتظر ( مشيرا إلى السكرتيرة محتدا ) ماذا حدث لك ؟ ليتفضل بالدخول على الفور .
د إبراهيم : ( مسرعا نحو الباب ) أنا الذي سأخرج إليه .إنه الوزير يا دكتور مصطفى .
الوزير : ( يدخل غاضبا ووراءه دكتور إبراهيم ) ما الذي يحدث هنا في الوكالة يا دكتور إبراهيم ؟!
د إبراهيم : ( منحنيا أمامه) يا اهلا وسهلا يا سيادة الوزير شرفت الوكالة بمقدمكم الميمون .
الوزير : ( يصافح دكتور مصطفى ) العالم كله ليس له من حديث سوى ما يحدث في الوكالة ...والوزارة آخر من يعلم ؟!
د مصطفى : ( مشيرا إلى المقعد ) تفضل يا سيادة الوزير ..استرح .
د إبراهيم :( معتذرا ) ولماذا كلفت نفسك بالحضور ؟ فرض وواجب أن نحضر عندكم في الوزارة ،ونمثل بين أيديكم .
الوزير : ( يجلس واضعا قدما فوق الخرى متأملا ما حوله ) جهات عليا اتصلت بي صباحا وطلبت تقريرا وافيا عما يحدث ، وحينما حضرت فوجئت فالوكالة كخلية النحل قنوات فضائية عالمية ومندوبين من أكبر مراكز البحوث العلمية في العالم وعلماء وخبراء من كافة التخصصات ...كل هذا ولم تكلفا أنفسكما أن ترسلا لي عما يحدث ..أنتما لا تقدران موقفي أمام الجهات العليا حينما اتصلوا بي ؟
د . إبراهيم : ( مطرقا ) يا سيادة الوزير ..
الوزير : ( مقاطعا في حدة ) لا ..أنا مستاء جدا ..أهذا إهمال منكما أم استهتار بأمر الوزارة ؟!
د . إبراهيم : ( معتذرا ) لا هذا ولا ذاك ، نحن أيضا لم نكن نعلم أن هذا سيحدث و..
الوزير : ( منتفضا ) أنتما أيضا لم تكونا تعلمان ؟! إذن ماذا تفعلان هنا ؟! العالم كله لا حديث له إلا عن اكتشاف توأم الأرض والرسائل المرسلة من أهل الكوكب وأنتما لا تعلمان ..ماذا تسميان هذا ؟!
د . مصطفى : ( مهدئا ) دكتور (إبراهيم) لا يقصد ، وإنما كنا ننتظر حتى نقف على حقيقة الأمر ونرسل لسيادتكم تقريرا عن كل شيء ولكن حدث ما لم نكن نتوقعه .
الوزير : ( مندهشا ) ما معنى هذا ؟!
د . إبراهيم :شخصا ما في الوكالة سرب كل شيء لوسائل الإعلام والوكالات الفضائية في الخارج ، وفجأة وجدنا الوكالة كما رأيتها .
الوزير : ولماذا لم تخبروننا بهذا الأمر قبل أن يحدث التسريب هذا ؟!
د . مصطفى : ماذا يحدث لو أرسلنا إلى الوزارة شيئا لسنا على يقين من صحته وأعلنته الوزارة واتضح بعد ذلك أنه لا أساس له من الصحة ؟
الوزير : تلك كارثة وفضيحة علمية من العيار الثقيل
د . مصطفى : إذن موقف الوزارة للآن لا غبار عليه .
الوزير : ( متعجبا ) كيف ؟!
د . مصطفى : يوجد في الوكالة الآن علماء وخبراء ومندوبين من أكبر الوكالات الفضائية في العالم ومراكز البحوث والجامعات ..سيحكمون على ما توصل إليه علماؤنا ، إذا أقروا ما توصلوا إليه تقره وتؤيده الوزارة وتتبناه .
الوزير : وإذا ظهر غير ذلك ؟
د .مصطفى : يتحمله علماء الوكالة وتتبرأ منهم الوزارة .
د . إبراهيم : بل ونحيلهم إلى التحقيق والمساءلة أن نشروا وأذاعوا أخبارا ومعلومات غير صحيحة بدون الرجوع إلى الوزارة .
الوزير : ( ينهض متجها نحو الباب ) ارسلا لي تقريرا عن كل هذا ولكن على وجه السرعة ( محذرا ) لن اغادر مقر الوزارة حتى يصلني التقرير ( يشير إليهما ) أبقيا مكانكما فوراءكم عمل ضخم .
د . إبراهيم : ( يتقدم من النافذة ليطل منها ، ثم يعود إلى مكتبه مفكرا ) لابد ان يصل التقرير إلى الوزير في أسرع وقت ، يا دكتور مصطفى ،لقد رأيته كيف كان غاضبا وثائرا .
د . مصطفى : ( ينظر إلى ساعته متجها نحو الباب )أظن بدأت اللقاءات والاجتماعات ولجان المناقشة بين ممثلي الوكالات ومراكز البحوث وعلمائنا في الوكالة ..وفي النهاية سيعقدون مؤتمرا صحفيا ..سأذهب ولأرى ما يحدث وبعد ذلك سأكتب تقريرا عما تم
إظلام
الفصل الثاني
المشهد الثالث :
.قاعة الاجتماعات في الوكالة ، مندوبو الفنوات الفضائية وعدد من العلماء والخبراء في كافة التخصصات العلمية والوكالات الفضائية ورؤساء منظمات أهلية وحكومية من مختلف أنحاء العالم وصحفيون لأكبر الجرائد والمجلات العلمية المتخصصة في الفيزياء وعلوم الفضاء .في أركان القاعة يجلس عدد المراسلين وأمامهم أجهزتهم الإلكترونية ، حالة من الغضب ونفاد الصبر تسود القاعة ومناقشات حادة بين الجميع ، يدخل دكتور إبراهيم الفلكي ووراءه دكتور مصطفى الوزان .
د . إبراهيم : ( يتوسط الجميع مشيرا إليهم بالهدوء ) لماذا الغضب والثورة ..نحن هنا لنجيب عن كل أسئلتكم ..وكل ما تطلبونه سيجاب ،ولا تنسوا أننا في صرح علمي و ..
مندوب القنوات الفضائية : (غاضبا ) كيف لا نغضب وقد منعتم أن تجري أحاديثا مع بقية
علماء الوكالة ، ثم أن المؤتمر الصحفي لفريق العلماء مكتشف توأم كوكب الأرض كان مقتضبا .
مندوب الاتحاد الأروبي : ( محتدا ) كان يجب أن تُمنعوا من تغطية أخبار المؤتمر العلمي .
مندوب الفنوات الفضائية : ( ساخرا) وبأي حق تمنعنا ؟!
مندوب الاتحاد الأوربي :( يرفع جهاز الهاتف لأعلى ) وردتني الآن أنباء أن المظاهرات
والاحتجاجات تفجرت في جميع البلدان الأوربية وأمريكا .والتي نتج عنها تعطل جميع المرافق في تلك الدول .
مندوب القنوات الفضائية : وما شأننا بتلك المظاهرات والاحتجاجات ؟!
مندوب الاتحاد الأوربي : تلك المظاهرات والاحتجاجات لم تحدث إلا بعد إذاعة ونشر الرسائل
المشكوك في أمرها من هنا .
مندوب القنوات : نحن ننشر كل ما يتداول في الوسط العلمي أما التقييم العلمي لما يحدث فهذا دور العلماء والخبراء وليس دورنا .
مندوب وكالة ناسا : ( يرفع عددا من الأوراق ) وأنا مندوب من وكالة ناسا أرسلت لعلمائها الصور والرسائل وكلهم أجمعوا على أن كل ما جاء به فريق علماء الوكالة هنا لا أساس له من العلم وهذه الفكسات التي تثبت ما أقول .
[ تحدث حالة من الهرج والفوضى ويتجمع الصحفيون حول المندوب يلتقطون صورا له وللفكسات التي بيده ]
عالم الفيزياء : ( يقف فوق المقعد رافعا يده ليراه الجميع ) أنا عالم فيزياء عملت سنوات طويلة في وكالة (ناسا) ، وليس من حق علمائها مصادرة أي اكتشاف ، فالفضاء أوسع من أن نحصره في تلك الوكالة ، فما المستبعد ان يكون هناك شمس كشمسنا وأرض كأرضنا ، نحن لا نعلم عن الفضاء الخارجي إلا جزء ضئيل للغاية .
عالم الفضاء : (يقف فوق المقعد ويخلع معطفه ويلوح به )وأنا كعالم فضاء أقول لك أن تلك الصور والرسائل لا تصلح وثيقة يقام عليها نظرية علمية .
عالم الفيزياء : ولم لا ؟
عالم الفضاء : لأن أي وثيقة يمكن تزويرها ..ثم ما تفسيرك أن جميع المحطات الفضائية الموجودة في الفضاء الخارجي لم تسجل أو ترصد ما سجله فريق الوكالة هنا ؟!
عالمة أحياء : ( تمد يدها لتقف بجانب عالم الفيزياء على الكرسي الذي يقف عليه ) وأنا كعالمة أحياء لا يعنيني مصدر الرسائل ، إن كانت أرسلها سكان كوكب توأم الأرض أم لا ،إنما يعنيني أنها تتفق مع الواقع المفجع الذي يعيشه سكان كوكب الأرض ، والرسائل لا تحذرنا من شيء سيحدث بل هو حادث ، كوكب الأرض يمر بمرحلة دماره ، وأخشى أننا حتى لو قمنا بعمل إصلاحات فلن تغير من الكارثة والدمار الذي سيحل بكوكبنا .
مندوب الاتحاد الأوربي : ( يرفع يده بالهاتف صارخا فيمن حوله ) عدد كبير من المصانع
توقف عن العمل بسبب إضراب العمال ، والمطارات ومحطات نووية ، والمظاهرات تطالب بحل الجيوش وتسريح الجنود .الجميع يطالب بتنفيذ ما جاء في الرسائل لمحاولة انقاذ كوكب الأرض من الدمار . وحالات من الفزع والخوف بدأت تنتشر في مدن أوربية كثيرة .
د. إبراهيم الفلكي : ( ينتحي جانبا بدكتور مصطفى مندهشا ) أتسمع ما أسمعه يا دكتور مصطفى ؟!
د .مصطفى : ( متعجبا ) أنا لا أصدق أذني ، لم يسبق أن كان لاكتشاف علمي كل هذا الأثر ، على ما يبدو نحن فقط الذين قللنا من قيمة هذا الاكتشاف .
د .إبراهيم : ( مشرا إلى العلماء ) لاتنسى أن هناك من العلماء من يشكك في صحة الاكتشاف . ووكالة ( ناسا )في أمريكا قالت رأيها وأظن سيكون له أثره في التقليل من شأن الاكتشاف .
د . مصطفى : لا أظن .
د.إبراهيم : كيف ؟!
د . مصطفى : الاكتشاف لم يعد في متناول العلماء بحيث يحكمون على أنه صادق أو زائف ، الاكتشاف أصبح بالنسبة للناس على الأقل في العالم المتقدم حقيقة واقعة ، لأنه وضع أمامهم الحقيقة التي يتجاهلونها .
د .إبراهيم : ( متعجبا ) أي حقيقة تقصد ؟ !
د .مصطفى : المصير المفجع لكوكب الأرض .
د إبراهيم : ( ملوحا بيده ساخرا) هل ستتحدث كما يتحدثون ..وكأنك تصدق ما يُقال ؟
د . مصطفى : ( ينظر في ساعته ) دعنا من هذا الآن ..مع تلك المستجدات أظن التقرير الذي كتبته به قصور شديد .
د . إبراهيم : ( مفزوعا ممسكا بكتف د . مصطفى ) ألم ترسل التقرير للآن ؟! ألم تره كيف كان ثائرا و..
السكرتيرة : ( تتحرك بين الموجدين باحثه عنهما ، تتجه مسرعة نحوهما) دكتور (إبراهيم) ...الوزير ينتظرك في المكتب .
د . إبراهيم : ( منزعجا ) أحضر لي التقرير فورا لأذهب إلى الوزير في الوزارة أنا في موقف لا أحسد عليه .
السكرتيرة : ( مذعورة ) أنا ينتظر في مكتبك هنا في الوكالة .
د مصطفى : أذهب أنت لمقابلته وسوف أبقى هنا مع العلماء والمندوبين .
د . إبراهيم : ( يمسك به ويجذبه معه ) لن أقابله إلا وأنت معي ..أشعر أن عاصفة ستنقض فوق رأسي ..على الأقل نقتسم تلك العاصفة .
إظلام
الفصل الثالث
المشهد الأول
إضاءة .
في مكتب رئيس الوكالة .
د . إبراهيم : ( يدخل مسرعا نحو الوزير مصافحا منحنيا ) معذرة يا سيادة الوزير على تأخرنا عن إرسال التقرير
د مصطفى : ( يقدم التقرير للوزير ) كنت اود ان احضره بنفسي لمقر الوزارة ولكن سيادتكم شرفتمونا للمرة الثانية اليوم .
الوزير : ( ينحي التقرير جانبا محتدا ) لم احضر للتقرير ولكن لشيء أهم واخطر ( مشيرا إلى شخص يقف بالباب) نسيت ان أعرفكما بالعالم الفكي الكبير ( فاضل السمري ) حضر من أوربا منذ يومين وهو صديقي منذ أيام الدراسة في الجامعة وكان في زيارتي في مكتبي وعرضت عليه أن يحضر معي إلى الوكالة فلم يمانع .
د.مصطفى : ( مصافحا ( فاضل السمري ) ) تفضل يا أستاذ (فاضل) ..شرفت الوكالة بحضوركم .
د . إبراهيم : ( يأخذ التقرير من يد د. مصطفى متجها إلى الوزير ) قلتم أنكم حضرتم لشيء أهم واخطر من التقرير و ..
الوزير : ( مقاطعا في حزم منتفضا ) طبعا الأخبار وصلت لكما عن الأثر الذي تركه الاكتشاف والرسائل المرسلة من الكوكب الآخر ، وأغلب قادة الدول اتصلوا برئيس الوزارة ودعاني للاجتماع به وأنا حضرت من عنده إلى هنا .
د. إبراهيم : ( قلقا ) خير إن شاء الله يا سيادة الوزير .
الوزير : ( يقترب من د إبراهيم ويدق على صدره بإصبعه ) المطلوب شيء واحد كي ننهي تلك المهزلة كما قال رئيس الوزراء .
د . مصطفى : ( متعجبا ) أي مهزلة تقصد يا سيادة الوزير ؟!
د . إبراهيم : ( ينحي د . مصطفى بعيدا ) ما المطوب منا بالضبط يا سيادة الوزير ؟!
الوزير : (يسير خطوات مطرقا ، ثم يقف في مواجهتهم ) كما خرج فريق العلماء الوكالة وأذاع خبر الاكتشاف والرسائل يخرج ويعلن تكذيبا لكل ما أذاعه .
د . مصطفى : ( متعجبا ) ولكن هذا مستحيل و ..
الوزير : ( مقاطعا ) طبعا الأمور العلمية الدقيقة ليس من حقي ولا من حقكما الجدال بشأنها ( مشيرا إلى الأستاذ فاضل السمري )لذلك استعنت بالأستاذ (فاضل )، وحينما أطلعته بكل شيء أخبرني أن كلام علماء الوكالة لا أساس له من الصحة وكلامهم يتعارض مع العلم و..
فاضل : ( رافعا يده معترضا ) لا ..انا لم اقل هذا الكلام يا سيادة الوزير .
الوزير : ( متفاجئا ) إذن ماذا قلت ؟!
فاضل : ( يقف في مواجهتهم ) أنا وإن كنت لا أوافق فريق العلماء هنا على مسألة توأمة كوكب الأرض إلا أنني أرجح أن الرسائل مصدرها من داخل كوكب الأرض نفسه .
الوزير :إذن أنت ترفض أن تكون الرسائل من خارج كوكب الأرض
فاضل : هذا رأيي.
الوزير : ( ملتفتا إلى د. إبراهيم ومصطفى ) إذن على فريق العلماء الدعوة إلى مؤتمر صحفي ونفي كل ما قالوه وأعلنوه .
د . مصطفى : ( متحرجا ) أظن قد لا يقبلون هذا الأمر .
الوزير :(متعجبا ) ولم لا وهناك اختلاف بين أكبر الوكالات الفضائية في العالم بشأن ما أعلنوه ؟!
د . مصطفى : كل هذا لا مبرر له ليخرج فريق العلماء لينفوا ويكذبوا ما أعلنوه وإلا فيما أعلنوه ؟!
الوزير : ( محدقا في وجهيهما ) قادة الدول الأوربية أرسلوا برغبتهم في هذا التكذيب ورئيس الوزراء وعدهم بذلك ، وأنتما تعلمان معنى معارضة تلك الرغبة أو رفضها .
د . مصطفى : نحن نقدر رغبة كل هؤلاء وأنهم يريدون إنهاء المظاهرات والإضرابات والتقليل من سقف المطالبات الإصلاحية ولكن أتظن يا سيادة الوزير أن نفي العلماء عندنا لما أعلنوه سيقضي على كل هذا ؟
الوزير : ( محرجا ) أنتم تعلمون مدى هيمنة تلك الدولة واعتماد أغلب المراكز العلمية عندنا عليهم ، ومن ناحية أخرى أننا لا نريد أن نكون سببا في غضبهم .سواء كان للنفي أثر أم لا ..المهم أن ننفذ ما طلبوه (ملتفتا إلى فاضل السمري ) وما رأيك يا أستاذ فاضل ؟
فاضل : ( مترددا ) أظن أن الأمر خرج من نطاق العلم إلى مجالات أخرى و..
الوزير : ( ينهض مقاطعا ناظرا في ساعته ) ورائي كثير من المهام في الوزارة ، سأذهب الآن وأنت يا أستاذ (فاضل) لتعرض كل أرائك على فريق العلماء ، وأنا منتظر قراركم الذي سأبلغ به رئيس الوزراء ولتعلموا أن هناك أمورا كثيرة معلقة على هذا القرار ..سلام عليكم .
إظلام .
الفصل الثالث
المشهد الثاني .
إضاءة .
في مكتب البروفسير ( فياض ) .
د. شكري : ( مندهشا ) وما رأيناه في الفضاء الخارجي ؟!
فاضل السمري : ( يقف في مواجهة الجميع ) من الذي رآه ؟
د . مجدي : ( مشيرا إلى من حوله ) كلنا ، فنحن نعمل كفريق واحد .
فاضل السمري : ( يرفع إصبعا من أصابع يده ) واحد فقط من رأى وأنتم وافقتم وأقررتم على ما رأه .
بروفسير فياض : ( يتقدم خطوة مترددا )أنا من رأي .
فاضل السمري : ماذا رأيت ؟
بروفسير فياض : توأم الأرض .
فاضل السمري : ( محدقا في وجهه ) طالما لم يره غيرك فإنك لم تره .
بروفسير فياض : ( متعجبا ) كيف ؟!
فاضل السمري : ( مشيرا إلى عينه ) لأنك رأيته بعين الخيال ولم تره بعين الحقيقة .
بروفسير فياض : ( محتدا ) أنا عالم وأستطيع أن أفرق بين الخيال والحقيقة .
فاضل السمري : ( ساخرا ) وماذا تفيد حقيقة الجميع حولك يعتبرونها خيالا ووهما .
بروفسير فياض : ( متعجبا ) وهل الخيال والوهم بقادرين أن يحركا الملايين حول العالم هكذا ؟!
فاضل السمري : لم يحركهم اكتشافك وإنما حركهم الخوف .
د . مجدي : ( متدخلا ) ولماذا لم يحركهم الخوف من قبل ؟!
فاضل السمري : ( يسير بضع خطوات في المكان ثم يلتفت إليهم )لأنهم يعملون على تخديره وتنويمه ، وأنتم من جعلتموه يفيق ويستيقظ .
د . مجدي : أنت بهذا تبخسنا حقنا في اي إنجاز علمي .
فاضل السميري : الانجاز العلمي يقاس بما يحدثه من أثر ويحققه من نتائج وأظن أن أثر كلامكم يزداد ويتسع كل دقيقة .
د . فاتن : والنتائج ؟
فاضل السمري : لقد بدأوا في تحجيم النتائج ثم تبديدها .
د سامية : ( متعجبة ) كيف ذلك ؟!
فاضل السمري : بأن تخرجوا وتنفوا كل ما قلتم .
د . شكري : ولكن هذا لن يغير شيئا !
فاضل السمري : محاولة لتخدير الخوف وتنويمه .
د. مجدي : وما علاقتنا بذلك ؟!
فاضل السمري : أنتم الوسيلة لهم إلى ذلك .
بروفسيرفياض : بدلا من ذلك ليصلحوا ما أفسدوه، وينفذوا الاصلاحات التي ذكرت في الرسائل ، وأظن لو فعلوا ذلك فسوف تنتهي المظاهرات والإضرابات .
د . مجدي : ( مفكرا ) لا أظنهم سيقومون بذلك ، لأن ذلك سيتطلب منهم تضحيات لا حد لها .
بروفسير فياض : إذن الذين أرسلوا الرسائل سيقومون بتنفيذ تلك الاصلاحات على طريقتهم .
فاضل السمري : لا أظن .
بروفسير فياض : ( متعجبا ) لماذا ؟!
فاضل السمري : الناس في كوكب الأرض سيفعلون كل ما يريد مرسلو الرسائل وأكثر.
د . فاتن : كأنك تصدق أن هناك من أرسل الرسائل ؟!
فاضل السمري :إذا فرضنا أن الرسائل حقيقة فهي مرسلة من داخل كوكب الأرض وليس من خارجه ، ومن مخلوقات تعيش معنا على الكوكب الذي نعيش عليه .
الجميع :( في صوت واحد ) وما دليلك على ذلك ؟!
فاضل السمري : ( مفكرا ) أولا الاصلاحات التي تطالب بها الرسائل لا يعرفها إلا من يعيش بيننا ، ولا يكوي بنارها إلا من هو موجود على كوكب الأرض ، ثانيا الرسائل مرسلة بلغة قريبة جدا من لغتنا حتى بعد أن تم حل رموزها .
بروفسير فياض : ( ساخرا ) تقصد بالمخلوقات العفاريت والجن ؟!
فاضل السمري : ( يقترب من فياض مربتا على كتفه ) ليس بالضرورة أن تكون عفاريت أو جنا ، المهم أنها مخلوقات كائنات تعيش معنا على كوكب الأرض ويشغلها مصير الكوكب ، لأن مصيرها مرتبط بمصيره .
د . فاتن : ولكن العلم لا يقر ولا يعترف بتلك الكائنات والمخلوقات .
فاضل السمري : إذا كان لا يقر ولا يعترف فهو لا ينفي ، فهو كما لا يملك دليل إثبات فهو أيضا لا يملك دليل نفي . ثم لا تنسوا أن هناك منظمات وجماعات في جميع أنحاء العالم تطالب منذ عشرات السنين بتلك الإصلاحات وتحذر من المصير المفجع الذي تتجه إليه الأرض ، أنتم ( مشيرا إلى البروفسير فياض ) أو أنت يا بروفسير بقصد أو بدون قصد بحق أو بدون حق نجحت في تحقيق ما فشل الأخرون في تحقيقه جعلت جميع أجراس الخطر في العالم تدق بدون توقف ، وهذا ما لن يغفروه لكم .
د . مجدي : ( يحدق في وجوه من حوله ) وماذا تقترح علينا أن نفعله الآن؟
فاضل السمري : للأسف أنتم لن تفعلوا شيئا وإنما سيُفعل بكم .
د . شكري : كيف ؟
فاضل السمري : سيتعاملون معكم بمبدأ من أشعل النار يطفئها .
د. مجدي : تقصد أن ننفي ونكذب ما قلناه .
فاضل السمري : ( مشيرا إليهم ) وهل أمامكم غير ذلك ؟!
الجميع : (في صوت واحد ) وإذا رفضنا .
فاضل السمري : ( ناظرا في ساعته ومتجها نحو الباب ) أتمنى أن تقدروا على مواجهة نتيجة رفضكم ( رافعا يده ) سلام عليكم .
د . مجدي :(شاردا ) ما رأيكم في كلامه ؟
د. سامية : لقد أغلق كل الطرق أمامنا .
د فاتن :بل أنه فتحها على مصراعيها .
د . شكري : ( مندهشا ) كيف ذلك ؟!
د . فاتن : وضع أمامنا كل الاحتمالات وكذلك كل البدائل .
د. سامية : ماذا تقصدين بكل البدائل ؟!
بورفسير فياض : ( قلقا ) هل في نية أحدكم أن ..
د مجدي : ( مقاطعا ) لقد خرجنا على العالم بخير اكتشافنا كفريق واحد ، واظن العالم لن يقبل أن يصدق نفينا وتكذيبنا إلا كفريق واحد .
د . شكري : دعكم من مسألة أن نخرج وننفي ما قلناه .ألا تلاحظوا أن كل المظاهرات والاضرابات والاحتجاجات لم تحدث في أي بلد من بلادنا وحدثت في أمريكا وأروبا وبقية الدول المتقدمة علميا .
د . مجدي : أظن لارتفاع درجة الوعي عندهم .
د سامية : ولاهتمامهم بحالة كوكب الأرض .
د فاتن : او لإدراكهم الحقيقة المفجعة التي يتجه إليها كوكب الأرض.
بروفسير فياض : والأهم أنهم هم المسؤولون عن الكوارث والمصائب و..
د . مجدي : كيف ؟!
بروفسير فياض : كلكم تعلمون أنه منذ قرون ولم تبدأ الثورة الصناعية إلا عندهم ، ومنذ ذلك لم تتوقف المصانع وما تبع ذلك من بناء المدن وما تبع ذلك من القضاء على الغابات وتلويث مساحات كبيرة من البحار والمحيطات و
د . مجدي : ( مقاطعا ) أي أنهم سبب المشكلة و..
د فاتن : ( مقاطعة في حدة ) نحن الآن من يعاني من مشكلة صعبة ماذا سنفعل الآن ؟!
د سامية : معك حق نحن في مأزق ولا ندري كيفية الخروج منه .
د . مجدي : ( مترددا ) جميعنا نعرف كيفية الخروج .
الجميع : ( في صوت واحد ) كيف ؟!
د . مجدي : أن نفعل ما يريدونه .
الجميع : ( في صوت واحد) أن نتراجع عما قلناه .
د . مجدي : ليس أمامنا غير ذلك كما قال ( فاضل السمري ).
د . شكري : ولكن هذا بمثابة انتحار لنا إن فعلناه .
بورفسير فياض : ( بأسى ) الانتحار ألا نفعل .
د . فاتن : ( مندهشة ) أنت الذي تقول ذلك وتطلبه ؟!
د . سامية : كنا نظن أنك أول من يعارض ذلك .
بروفسير فياض :(يسير خطوات في المكان ويلتفت إليهم ) لقد فكرت طويلا ووصلت إلى قرار.
الجميع : ( في صوت واحد ) ما هو ؟!
بروفسير فياض :سأعتبر كل ما رأيته وسمعته خيالا ووهما كما قال ( فاضل السمري) .
د. مجدي : ( مشجعا ) وأنا أؤيدك في هذا القرار.
د. شكري :هذا أسوأ قرار تتخذه يا بروفسير (ملتفتا إلى دكتور مجدي ) وأنت يا دكتور كيف توافقه على ذلك ؟!
د . سامية : أنا أوافق البروفسير (فياض) وأضم رأيي إلى رأي الدكتور مجدي .
د . فاتن : ( متعجبة ) لا أصدق ما أسمعه ، بعد ما وصلنا إلى ما وصلنا إليه وأكبر المراكز العلمية في العام سعت إلينا سعيا ، وكان لا ذكر لنا ، تريدون منا أن نتراجع عما حققناه(تتجه إلى البروفسير ) حتى لو كلنا تراجعنا المفروض أن تبقى أنت متمسكا بإنجازك العلمي
د . مجدي : ( مشيرا إلى البروفسير )بروفسير فياض قام بدوره و ..
د. فاتن : ( مقاطعة )أي دور تقصد ؟
د . مجدي : قام بتبليغ العالم الرسائل التي وصلته، وأظن الذين أرسلوا الرسائل لا يريدون منه أكثر من ذلك، وقادة العالم والمسؤولون أحرار قاموا بدورهم بعد ذلك أم لم يقوموا .
د سامية : وأظن دور البروفسير ينتهي عند ذلك ونحن معه .
د . شكري : أنتم واهمون لن يتركونا حتى ننفذ ما يريدونه كما قال (السمري) .
البروفسير فياض : ماذا تقصد ؟!
د .شكري : ينتظرون أن نعلن أمام العالم أجمع أننا أخطأنا ولا يوجد أي شيء يهدد كوكب الأرض.
البروفسير فياض : ( مفزوعا ) محال أن نعلن ذلك نحن ..
د . شكري : ( مقاطعا ) ويا ليتهم يكتفون بذلك .
د .مجدي : ( مندهشا ) وهل هناك شيء بعد أن نعلن خطأنا؟!
د. شكري : الاعتذار .
د . سامية : الاعتذار عن ماذا ؟!
د . فاتن : ( ساخرة ) الاعتذار عن خطأنا طبعا !
البروفسير فياض : الخطأ الكبير هوما فعلناه .
د . مجدي : ( مندهشا ) أي خطأ تقصد ؟!
البروفسير فياض : تضامنكم معي وتكويننا فريقا واحدا .
د . شكري : وما الخطأ في ذلك ؟!
البروفسيرفياض : على الأقل لن تكونوا معي في هذا المأزق .
د . مجدي : نحن لم نفعل ذلك مجاملة لك وإنما تضامنا معك لأننا واثقين من صدقك
د . سامية : وواثقين أن ما توصلت إليه حقيقة وليس وهما او خيالا و..
د . فاتن : ( مقاطعة في حدة ) دعونا من كل هذا ..ماذا سنفعل الآن ؟!
البورفسير فياض : ( محدقا في وجوههم ) سأهرب .
الجميع : ( في صوت واحد مندهشين ) تهرب ؟!
د فاتن : وإلى أين ؟!
البروفسيرفياض : إلى الحقيقة .
د مجدي : كيف ؟!
البروفسير فياض : سأخرج وأخبر العالم بكل شيء متحملا كل ما يترتب على ذلك .
د .شكري : ( مشيرا إلى من حوله ) ونحن ؟!
البروفسير فياض : ( مصرا ) الحقيقة أن لا ذنب لكم .
د مجدي : ( متعجبا ) وهل وتضامنا معك تسميه ذنبا ؟!
البروفسير فياض : ( ساخرا ) لأن ما قمت به في نظرهم خطيئة .
د . فاتن : وبعد إعلانك حقيقة ما حدث ؟!
البروفسير فياض : الحقيقة فاصل عما قبلها وعما بعدها ، لأن لها سياقها الخاص بها .
د. مجدي : ( ينقل بصره فيمن حوله ) نحن مشفقون عليك .
البروفسير فياض : ( يربت على كتفه ) أتوقع ما ينتظرني ، ولكن لابد أن تقال الحقيقة رغم كل شيء .
إظلام .
الفصل الثالث
المشهد الثالث :
في مكتب رئيس الوكالة ، يدخل الوزير مندفعا وراءه( فاضل السمري) .
الوزير : ( غاضبا رافعا مجموعة أوراق في يده ) أهذا ما أتفقنا عليه يا دكاترة ، ما حدث لن يتسبب في إغلاق الوكالة فحسب بل في إبعادي عن الوزارة
د . إبراهيم : ( مذعورا ) خير يا سيادة الوزير ما الذي حدث ؟!
د. مصطفي : ( مشيرا إلى المقعد ) تفضل يا سيادة الوزير استرح لقد نفذنا كل ما أمرت به .
الوزير :( مشيرا إلى فاضل السمري ) إنهم لا يعرفون ما فعله البروفسير (فياض ) ، أخبرهم عن المأزق الذي وضعنا فيه .
فاضل السمري : ( يأخذ الأوراق من يد الوزير ويلوح بها ) ليس مأزقا ولكنه فضيحه أو كارثة والله أعلم ما سيكون نتيجة ما فعله البروفسير.. حقيقة أنا مشفق على الجميع مما قد يحدث .
د . إبراهيم :(مذعورا ) نحن لا نفهم شيئا ..ماذا فعل البروفسير ؟!
الوزير :البروفسير أرسل فاكسات إلى كبرى القنوات الفضائية في العالم والصحف ومراكز الأبحاث والوكالات الفضائية بحقيقة ما حدث .
فاضل السمري : بحقيقة اكتشافه والرسائل التي وصلته والمعارضة والضغوط التي تعرض لها لمحاولة تغيير ما أعلنه وتضامم فريق العلماء هنا في الوكالة وأشياء أخرى كثيرة عن سوء إدارة الوكالة ولم تنج الوزارة ولا الوزير من هجومه ونقده .
د . إبراهيم : ( مضطربا ) ولكننا لم نعلم شيئا عن كل هذا !
الوزير : ( محتدا ) لأنكم نامون ، العالم كله لا حديث له إلا عن البروفسير( فياض) الذي يعمل معك تحت سقف واحد ومكتبه بجوار مكتبك وأنت أخر من يعلم و ..
السمري : ( مقاطعا ) سيادة الوزير ..المهم الآن ماذا سنفعل ؟
الوزير : ( يمسك برأسه ) لا أدري ماذا سأفعل ..إنه عمل جنوني
د . إبراهيم : ( يشير إلى د . مصطفى ) هذا ما كنت أقوله دوما وكان الدكتور( مصطفى) يلومني .
الوزير : ( مندهشا ) ما الذي كنت تقوله وعلام كان يلومك ؟ّ!
د . مصطفى : ( يشبك ما بين أصابعه ) كان يصف البروفسير بالجنون وكنت ألومه على هذا.
الوزير : ( مفكرا ) لقد وجدنا ما كنا نبحث عنه ، وأظن سيخرجنا من هذا المأزق .
السمري : ( متعجبا ) ماذا تقصد يا سيادة الوزير ؟!
الوزير : أن البروفسير (فياض) مجنون ، وأن ما أقدم عليه نوبة من نوبات جنونه .
السمري : أظن من الصعب وصف البروفسير (فياض) بالجنون مع تاريخه وانجازه العلمي ليس داخل مصر فحسب بل عالميا .
ا لوزير : لكل جواد كبوة ولكل عالم هفوة فلنعتبر ما حدث منه هفوة .
السمري : نعم ، ولكن من الذي سيتولى إعلان ذلك ، وهل الأوساط العلمية ستقتنع بما يعلن .
الوزير : ( متضايقا ) يقتنعون أو لا يقتنعون ..هذا شأنهم المهم أن نخرج من هذا المأزق ،أما من يتولى إعلان ذلك فليس أمامنا إلا علماء الوكالة .
د . مصطفى :كيف يعلنون ذلك وهم من تضامنوا معه وأقروا بما توصل إليه ؟!
د. إبراهيم : وكيف يبررون ذلك أمام العالم ؟!
الوزير : ( متحيرا ) هم من وضعونا في هذا المأزق وعليهم أن يجدوا حلا .
السمري : ولكن إن فعلوا ذلك فهذا تضحية بالبروفسير .
الوزير : يضحوا بالبروفسير من أجل انفسهم ومن أجل بقاء الوكالة وبقائنا ، وأن كل هذا يستحق التضحية .
د مصطفى : أو تظن أن هذا سيجدى نفعا ؟!
الوزير : ماذا تقصد ؟
د . مصطفى : أخشى إن ضحينا بالبروفسير أن نضحي بكل شيء بدون أن ندري
الوزير : لنكن واقعيين ..جميع مراكز البحوث والوكالات الفضائية والمراكز العلمية في العالم تمول وتعتمد في عملها على ما يخصص لها من أموال من الحكومات ومؤسسات ومراكز مالية ، ومنها تلك الوكالة التي تعملون فيها وأي نتائج أو كشوف علمية تعارض رغبة هؤلاء أنتم تعملون نتيجة هذا .
د . مصطفى : وما جدوى ..
الوزير :(مقاطعا )أعرف ما تفكر فيه ، هم يشجعون النتائج العلمية التي تحقق مصالحهم أو على الأقل لا تتعارض وتلك المصالح ، ومحال أن ينفقوا الملايين لتأتي النتائج وتكون سببا في إغلاق مصانعهم أو إيقاف مشاريعهم .
السمري : والتهديدات و ...
الوزير :( مقاطعا ) التهديدات تظل في حكم الاحتمال طالما لم تحدث .
د . مصطفى : والمظاهرات والاضرابات في أمريكا وأروبا .
الوزير : (ساخرا ) المظاهرات في هذا الزمن بمثابة موضة ، ثم أن الناس ليس في أيديهم شيء ..الأمر بيد الحكومات ومراكز السلطة .
السمري : ألا يعلم البروفسير( فياض) كل تلك الحقائق ؟
د . مصطفى : البروفسير (فياض) كل تفكيره منحصر في البحث العلمي ، ولا يقيم وزنا لأي شيء آخر .
السمري : أنت يا سيادة الوزير لم تقابل البروفسير وجها لوجه ما رأيك لو تحدثت معه ؟
د. مصطفى : ومع بقية العلماء .
الوزير : إن كنتم ترون أن ذلك يحقق فائدة فلا مانع أرسل للبروفسير وبقية العلماء .
د إبراهيم : ( يرفع سماعة الهاتف ) ليتفضل البروفسير (فياض) والسادة العلماء في اجتماع عاجل مع سيادة الوزير .
صوت السكرتيرة : هم بالباب وكانوا على وشك الدخول .
د . إبراهيم :( متعجبا ) فليتفضلوا .
[ يدخل العلماء ويقفون واجمين ]
د . إبراهيم :( متعجبا ) أين البروفسير فياض ؟!
د . مجدي : ( بأسى ) لقد رحل .
د . مصطفي : ( متعجبا ) رحل ..إلى أين ؟!
د . فاتن : بعد أن تواصل مع مراكز البحوث والوكالات العالمية ( ترفع ورقة ) ترك لنا تلك الرسالة .
الوزير : ( متعجبا ) وما في تلك الرسالة ؟!
د فاتن : أنه سيعتزل العمل ويترك العالم ويذهب إلى مكان لا يعلمه أحد .
الوزير : ربما تكون حيلة أو مناورة للخروج من المأزق .
السمري : أظن أن البروفسير ليس في مأزق بل نحن .
الوزير : ربما يعدل على قراره إذا حاولنا ...
د . مجدي : البروفيسور(فياض) إذا قرر أمرا محال أن يعدل عنه .
د . شكري : ( بأسى ) أظن ملف البروفسيور فياض أغلق للأبد .
د . فاتن : ( متحسرة ) لقد كان يلمح لنا في أثناء حديثه .
د . سامية : وللأسف لم نفهم ما كان يقصده
د . مجدي : أو فهمنا ولكننا لم نأخذ الأمر على محمل الجد.
الوزير : لم فعل ذلك ؟! خسارة أنه ثروة علمية لا تعوض .
السمري : أظن لأنه وصل إلى طريق مسدود .
د . شكري : ولم بتعود أن يتراجع أو يقبل بأنصاف الحلول .
د . فاتن : كالشهاب أما أن ينطلق في مساره او يفنى ويندثر .
الوزير : المهم . .هل اختفاء البروفسير سيسهل مهمتنا أو يعقدها ؟
السمري :(مشيرا إلى مجموعة العلماء ) أظن خير من يجيب على هذا هم السادة العلماء الذين كانوا يعملون مع البروفسير .
د فاتن : لم نكن نعمل معه ولكن وراءه وتحت يده
د. مجدي : نعم كان الأستاذ وكنا بمثابة التلاميذ نتعلم منه ونقتدي به
د . شكري : وقد تعلمنا منه دروسا كثيرة وجليلة .
د . فاتن : وكان أهمها الدرس الأخير .
الوزير : ( متعجبا ) ماذا تقصدون بالدرس الأخير؟!
الجميع : ( يتقدم كل منهم رافعا ورقة في يده في صوت واحد ) تلك استقالتنا من الوكالة .
د . مصطفى : ( متأثرا ) كنا نظنكم من ستسدون الفراغ الذي تركه البروفسير وتواصلون مسيرته
د . فاتن : لا أحد يحل محل البروفسير.، وأظن أن أجراس الخطر التي جعلها تدق لن
تصمت أبدا .
د مجدي : وكما وصل إلى طريق مسدود سنصل إلى ما وصل إليه وإن طال الزمن .
الجميع : ( يضع الاستقالات على مكتب رئيس الوكالة وفي صوت واحد منصرفين ) سلام عليكم .
د . مصطفى : ( يلحق بهم ) انتظروني .
د إبراهيم : إلى أين أنت ذاهب يا دكتور مصطفى ؟!
د مصطفى : أظن أنهم على صواب في قرارهم هذا ومن قبلهم كان البروفسير( فياض)
السمري : ( يسير خطوات في المكان ويقف في مواجهة الوزير ود. إبراهيم ) الآن فقط عرفت مانحن فيه من تخلف علمي وعرفت أيضا سبب تعاسة كوكب الأرض.. والآن اسمحا لي بالانصراف .
الوزير : ( ينهض ) انتظر لأذهب معك .
السمري : لا يا سيادة الوزير ..طريقنا يختلف عن طريقك ولا أظن أنهما في يوم سيلتقيان.
إظلام .
تمت








0 التعليقات:
إرسال تعليق