نجيب طــلال :”التكريم حق من الحقوق لمن يستحقه عن جدارة واستحقاق فعل نبيل ظاهريا في المهرجانات المغربية و سامي حسب النوايا”
مجلة الفنون المسرحيةنجيب طــلال:”التكريم حق من الحقوق لمن يستحقه عن جدارة واستحقاق فعل نبيل ظاهريا في المهرجانات المغربية و سامي حسب النوايا”
1- كيف تبدو لك التكريمات التي تقيمها جل المهرجانات المغربية هل هي ظاهرة صحية أم مجرد بحث عن الاضواء ؟
* مبدئيا الشكر واجب لكم ولمنبركم، الذي يسعى بين الفينة والأخرى ، إثارة مواضيع تغري للنقاش والتأمل. فقضية ” التكريم” موضوع جد حساس، ومغري لنقاش وتحاور مستفيض، لما له من علاقة بالبعد الإنساني والأخلاقي وتداخل المالي بالنوايا وإثارة ما بعد التكريم لبعض النوايا في سياق الموضوع. بمعنى أن التكريم حق من الحقوق لمن يستحقه عن جدارة واستحقاق فعل نبيل ظاهريا في المهرجانات المغربية و سامي حسب النوايا، من حيث ترسيخ القيم الإنسانية والاجتماعية . والقرآن الكريم ، باعتباره قول الله تعالى طرح مسألة ” التكريم ” بصيغة التقدير والسمو و إعطاء الإنسان الكرامة اللائقة به ككائن حي تمييزاً عن سائر المخلوقات- *ولقد كرمنا بني آدم. وحملناه في البر والبحر…*إلى آخر الآية الواردة في الاسراء. وفي هذا الباب هناك فرق بين التكريم والتفضيل الواردين في السورة. هذا على المستوى العام. أما من زاوية الخاص، فالتكريم كان محصورا في الوظيفة العمومية وما شابهها. إذ يتم لحظة نهاية الخدمة كالالتفاتة طيبة ؛ من لدن الإدارة والمؤسسة أو زملائه، تقديرا له ولتضحياته وجهده في مسار عمله، وهاته الالتفاتة رمزيتها نفسية ، تشجيعية. أكثر منها مادية، لأنها أمر أو حركة تبعث في نفس “المكرم” إحساس بوجوده، وبوجود من قدر عمله، وتفعيل كينونته. فالتكريم مسلك وأسلوب حضاري بامتياز. ولكن العديد يحصر التكريم في مفهوم الاعتراف، بل هنالك أنواع: منها ما يكون ردا للاعتبار، ومنها ما يكون خطوة للاعتذار لخطأ مهني؟، ومنها ما يكون للتشجيع والتحفيز للجد والعطاء المثمر. لكن في المجال الفني والإبداعي كان هناك “التتويج” وليس «التكريم « وبالتالي فالمهرجانات العربية لم تكن لها فقرة أو نية لتكريم مبدع ما في السابق، فشخصيا لا أدري تاريخ تسريب مفهوم التكريم في المهرجانات، بهذا الزخم الذي أمسينا نراه ونسمع عنه.
2-في رأيك هل يتم تكريم من يستحق ام ان الامر فيه نقاش؟
المضحك في بلادنا، كل شيء أضحى للنقاش، ولهذامسألة يستحق أو لا يستحق، تعود بي الذاكرة أن هنالك العديد من الصحف والمجالات الخليجية، أثارت هذا النقاش، وطبعا الآراء والمواقف تختلف، لكن في المغرب لم يثر هذا السؤال لأسباب. وها أنت أثرته لأسباب. ما أراه جليا، كان التكريم يتم على فطرته، وسجيته كاحتفاء وعرس استثنائي ، مقاربة بفطرة وحسن نوايا المشرفين على التكريم، و المكرم كذلك. لكن الآن، تغيرت البوصلة واختلطت المعايير والمفاهيم المعترف بها وفق رؤية ومنهجية؛ تجعل من التكريم مستحقا لمن يستحقه فعلا ؟وبكل صدق فالتكريم فقد شرف التكريم، لأنه ارتبط بمنظور سياسي ومصلحي وتحضر فيه حسابات خاصة بعضها حزبي وبعضها شللي/ لوبي، مما طفت اللاعدالة في التكريم، واللا شفافية في الإختيار، وأضحى سؤال التفضيل سائدا في الكواليس، مما ظل يتردد في بعض المجالس – لماذا هذا، دونما هــذا؟ وتجاوزه إلى كيف؟- والأخطر هناك من تكرم في بلادنا أكثر من ستين مرة ، هل هو المبدع الوحيد في المملكة المغربية؟ وهنالك أحداث كثيرة عشتها في المجالات التي كنت أشتغل فيها، فهناك بعض المنبطحين نالوا تكريمات، وبعض العاملين والفاعلين الحقيقين، تهمشوا حتى في تكريمهم المستحق، السبب أن ذاك كان فاعلا وليس منفعلا…
3- هناك من يقول عن عدد منظمي المهرجانات يضعون ضمن برامجهم فقرة للتكريمات من اجل جذب نجوم كبار لا غير هل انت متفق مع هذا الرأي؟
مسألة النجم/ النجوم فيها مغالطة كبيرة في رحاب الفن والإبداع، ليس هنالك نجم له مواصفات النجم وهنا أحدد قولي عن بلادي، في مصر وحتى سوريا هنالك فعلا “نجوم” في المسرح والسينما والطرب. لكن السؤال المنطقي، تكريم الفنان أو كما أشرت جذب نجوم كبار. هو في الواقع وفي خلفية التكريم ونوايا المنظمين: من أجل جلب الجمهور. وهذا رهان خاطئ في المجتمع العربي عامة، لأنه في الأصل تسويق لوهـم التكريم والإنصاف . لأن هنالك عروض فيها نجوم، ولا وجود للجمهور المراهن عليه، سواء أكان عملا كوميديا أو تجاريا بالأحرى. وهنالك أمثلة متعدة؛ من قلب الجمهورية المصرية الشقيقة…
4نجد من بين المكرمين فنانين شباب ما زالوا في بدايتهم الفنية ألا ترى أن التكريم فقد مصداقيته ولم يعد يحتفى بالعطاء والتجربة أم بحدث معين ؟
هاته إشكالية خطيرة، خطورتها انعكست عن البنية الثقافية والإبداعية والتربوية كذلك. بحيث تم تمييع وإسفاف مفهوم ومنظور التكريم، كمحصلة مجهود مضني من العطاء في مسار ومجال “المُكرم” وفي هذا المسلك شباب لم يمض عن حضورهم سوى أربع سنوات من الممارسة، وأعرفهم جيدا يكرمون، و بعضهم يفرض نفسه كمساومة بين المشاركة في العمل أو الانسحاب إن لم يكرم، وهناك من يدفع زميلته في لائحة المكرمات، ولم تشارك إلا ( كومبارس) في فليم سينمائي ومصممة ملابس في مسرحيتين (؟) فعبر سؤالكم، فالتكريم لم يفقد مصداقيته فحسب، بل ساهم في ظهور تجار التكريمات، حتى أمسى التكريم وجه من أوجه الفساد، وفي الوجه الثاني ساهم في اغتيال الكفاءات ونسف الرؤى الجادة، وذلك لتوسيع دائرة التفاهة والرداءة وتزييف الواقع ! وكذا قلب الحقائق ! فمن المسؤول عن هذا الزيف الذي أصاب ما يسمى” التكريم” في مقتله ! بغض النظر على علله وألاعب بعض الهيئات والجمعيات في كواليسه؟ كلنا مسؤولون عن هذا التردي والابتذال.
Views: 54








0 التعليقات:
إرسال تعليق