أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

‏إظهار الرسائل ذات التسميات أصدارات مسرحية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات أصدارات مسرحية. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 14 يونيو 2017

توقيع كتاب "الاداء السينمائي للممثل في العرض المسرحي"

السبت، 10 يونيو 2017

صدور مسرحية «الطريق إلى قانا» لجلال خوري منارة المسرح اللبناني

مجلة الفنون المسرحية

صدور مسرحية «الطريق إلى قانا» لجلال خوري منارة المسرح اللبناني

*د. فَرهاد رجبي

صدرت أخيراً في إيران الترجمة الفارسية لمسرحية «الطريق إلى قانا». يُعتبر جلال خوري من الكتّاب الذين يركّزون في مسرحياتهم على البنى الفكرية ويحاول إلقاء الضوء على هذه البنى مع التركيز على الحوار والمنطق

المسرحية «الطريق إلى قانا» للمخرج والكاتب المسرحي اللبناني جلال خوري )، ترجمتها الدكتورة فاطمة برجكاني الحائزة دكتوراه في المسرح من «معهد الدراسات المسرحية والسمعية المرئية والسينمائية» في «جامعة القديس يوسف» ودكتوراه في اللغة العربية وآدابها من «جامعة بيروت العربية».

صدرت الترجمة عن «دار نشر طنين» في طهران بعنوان «راهِ قانا».
تظهر أهمّيّة عمل المترجِمة في أوجه عدة، أوّلها أنّ الناطقين باللغة الفارسية يكتشفون الأفكار القيّمة لكاتب قدير في مجال النصّ المسرحي، ويتعرّفون إلى التجربة المميّزة الموجودة في المسرح العربي. وكون المسرحية باللغة العربية العامية بمعظمها، إلى جانب اللغة الفصحى، فذلك يزيد من أهميّة جهود المترجمة.
لهذه الأسباب، وتقديراً لخالق الأثر المسرحي هذا وجهود الترجمة، نحاول كتابة أسطر عن العمل مع التأكيد على الأسس الدلالية للمسرحية.
العقل الانساني هو الذي يكشف عن خفايا الأمور محاولاً إظهار الحقيقة. ويتّخذ العقل لذلك وسائل مختلفة كتحكيم المنطق وطريق الحوار المجدي. يبدو أنّ مسرحية «الطريق إلى قانا» في أحد وجوهها تُعتبر مشهداً نرى فيه صراع العقل للوصول إلى الحقيقة. من جانب آخر، يمكن دراسة هذا الأثر من زاوية البعد المعرفي الإبستمولوجي، من أجل الحصول على نظرية ماهيّة المعرفة وطرق الوصول إليها من مسير الفلسفة، التي تنسجم مع حوارات هذا العمل المسرحي.
يُعتبر جلال خوري من الكتّاب الذين يركّزون في مسرحياتهم على البنى الفكرية. يحاول إلقاء الضوء على هذه البنى مع التركيز على الحوار والمنطق. والأمر الآخَر الذي يدفعنا إلى التأمّل هو أنّ الكاتب يأخذ الإحساس في الاعتبار إلى جانب الفكر. وهكذا يستوحي الكاتب من الواقع والمشاعر الإنسانية، ويستفيد في الوقت نفسه من الإمكانيات الفكاهية والنظرة الفلسفية والصوفية، ليجعل من مسرحيته مشهداً لبلورة الأفكار الإنسانية المتعالية.
من الميزات البارزة في هذا النصّ المزج بين ثقافات مختلفة، حيث تلتقي الحضارات الغربية والهندية والشرق أوسطية التي هي مناطق بعيدة عن بعضها جغرافياً، وتجد هذه الحضارات الثلاث فرصة الحوار من خلال النصّ.
إنّ «الرجل الأوّل» هو شخصية جاهدة من أجل الوصول إلى حقيقة الأشياء والتاريخ. والشخصية الثانية هي رجل من رواسب الأزمنة البعيدة، يحمل إرث التجربة الإنسانية على مرّ الأزمنة. أمّا الشخصية الثالثة «نانسي»، فهي قسّيسة أميركية تنتمي إلى الإنجيليين المحافظين، إلى جانب الشخصية الرابعة (براديب) أي زوج نانسي من أصل هندي الذي يظهر في صراع مع زوجته في سبيل بلوغ الحقيقة. تحدث الوقائع في الفترة المعاصرة في جنوب لبنان، إلا أنّ الخليط الزمني والجغرافي من المكوّنات الرئيسية للأحداث والشخصيات في المسرحية.
كما أنّ الشخصيّتين الرئيسيتين في المسرحية لا تحملان اسماً لتكونا ممثلَين للإنسان المطلق من دون أيّ حدود يرسمها اسم معيّن أو ثقافة معيّنة.

يُعتبر الوصول إلى الحقيقة أهمّ رسالة للأديان السماوية والبشرية عبر التاريخ، وحاول كلّ منها تحديد مسار يوصله إليها. وبطبيعة الحال، يؤمن أصحاب كلّ دين، بأنّهم على الطريق الأصحّ، مستلهمين في ذلك ما تلقّوه من تعاليم دينية. ومن الممكن إيجاد تحوّل في هذه المسيرة بمرور الزمن أو بناء على التفسيرات المتعدّدة. يدرك خوري هذه الحقيقة بشكل دقيق ويحاول في الحوار بين الرجلين أن يضع مبدأ التعرّف إلى الحقيقة ليس على أساس كلام الآخرين أو نقل أفكارهم المتناسب مع افتراضاتهم المسبقة، بل على أساس التلقّي الداخلي لكلّ إنسان.
في سبيل محاولات الوصول إلى الحقيقة، يمكن اعتبار عنصرَي الزمان والمكان في المسرحية من العناصر الرئيسة التي تأخذ أبعاداً فلسفية. الزمن يُعتبر ظاهرة واحدة، ومن غير الصحيح تقسيمه إلى الجديد والقديم: «الجديد يا معلمي عتيق ولو ظاهر وبريق».
كما أنّ من الميزات الأخرى البارزة في ما يتعلّق بمقولة الزمان، هو التشابك العجيب بين الأحداث التاريخية الأسطورية (كمنشأ المسيح والدور التاريخي لقانا) والتيّارات العالمية المعاصرة كسيطرة الإنجيليين المحافظين والقضية الفلسطينية والحروب والصراعات المعاصرة و.... إضافة إلى ذلك، يحاول المؤلِّف أن ينظر إلى عنصر المكان بشكل مطلق، لذلك لا يقيّد نفسه بتسمية الأماكن: «هالمطرح إطار... (يبحث في كلامه) رؤبة أسرار، كل واحد بيلاقي فيه الّي جايبو معو».
نستنتج من خلال البناء الدلالي العميق للمسرحية أنّ جلال خوري بإدراكه العميق لأهمّ الهواجس والتحديات الإنسانية، يعتبر معرفة الحقيقة وكيفية الحصول عليها أبرز محاولة فطرية للإنسان، الأمر الذي يشغل بال البشرية في الماضي والحاضر. هذه المحاولات وإن ظهرت بأشكال وأساليب مختلفة، إلاّ أنّها مشتركة في أنّها تشغل ذهن الإنسان الباحث عن الحقيقة.
فهنيئاً للقرّاء الإيرانيين بقراءتهم الممتعة لترجمة هذا العمل المسرحي، خاصّة أنّها جاءت مرفقة بالنصّ العربي للمسرحية، ممّا يزيد فرصة العمل العلمي الأكاديمي للمتخصّصين وفقاً للغتين العربية (الفصحى والعامية اللبنانية) والفارسية.

* أستاذ مشارك في «جامعة گیلان» (إيران)

---------------------------------------------------
المصدر :  الأخبار 

الأربعاء، 7 يونيو 2017

كتاب "المسرح والفلسفة "تأليف د. أحمد الطوالة

الثلاثاء، 6 يونيو 2017

«المسرح القصير».. من ثوابت أرسطو إلى شريحة الحياة

مجلة الفنون المسرحية

«المسرح القصير».. من ثوابت أرسطو إلى شريحة الحياة

زينب أبو سيدو

هل يمكن عرض مسرحية مدتها ربع ساعة أو أقل؟ خصوصا في عصر السرعة والمدونات القصيرة «تويتر» واللقطات العابرة المعبرة، كثيرا ما تترك الفواصل الساخرة التي تقدم في البارات والمقاهي، أثرا كبيرا، فالهزل يتحول الى فرصة في غاية الأهمية لهدم شيء كبير، والضحك أصبح السلاح الوحيد في مواجهة الضغوط التي يعاني منها الجميع، ولا مجال للحديث عنها بجدية وبإسهاب، فالوقت في غاية الضيق، ولا بد من التركيز الشديد على الكلمات والفعل، حيث يتحول المشهد الى قنبلة في غفلة من الجميع، فيتفاعلون معها بعمق.
وكيف يستقبل المشاهد المسرحية القصيرة؟ بهذا السؤال وغيره من الاسئلة المهمة، يفتتح الكاتب السوري، منتخب صقر، دراسته حول «المسرح القصير» وهو عنوان الكتاب الصادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، سلسلة المسرح العالمية، عدد (سبتمبر - نوفمبر 2015) في 259 صفحة، موردا اربعة امثلة من مسرحيات اوروبية ترجمها، اثنتين للفرنسي فيليب منيانا، واخرى للسويسري هيرفي بلوتش والرابعة لجان لوك لاغارس.
يستعرض الكاتب افكار وبدايات هذا الشكل المسرحي والظروف التي اوجدته كطريقة مغايرة للتعبير المسرحي، فمع نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين دخلت اوروبا مرحلة ازمة الانسانية الاوروبية، كما اطلق عليها بعض الفلاسفة، وراح المشتغلون في الفن يبحثون عن روح جديدة للاشكال الفنية، ومنها المسرح الذي كان عليه ان يتبع «ذوق وحاجات روح العصر الحديث»، بحسب تعبير الكاتب المسرحي السويدي اوغست ستريندبرغ.
وهنا بدأ البحث كالعادة بتراث المسرح، والاشكال الغريبة فيه، فاسترعت الانتباه الاشكال المسرحية القصيرة التي ظهرت احيانا في اوروبا، كالكوميديا الهزلية التي كانت تعرض في المهرجانات والاسواق الشعبية في القرون الوسطى، والمسرحيات القصيرة في نصوص الاديب الروسي انطون تشيخوف الذي حول العديد من نصوصه القصصية القصيرة الى نصوص مسرحية.
هذا النوع من المسرحيات القصيرة بدأ يعرض على الخشبة، ثم سرعان ما تأكد حضوره تحت مسمى المسرح القصير او مسرح الحبكة الواحدة، ليتطور الى تشكيلات اخرى منها السكيتش، اضافة الى تركيزه على التكثيف والابتعاد عن الذهنية، مهتما بالتشويق والاثارة تماشيا مع روح العصر.
في هذا النوع من المسرح لا يوجد حدث محدد بل هو مشاهد منفصلة ومأخوذة من الحياة الواقعية، وخروج كامل على قواعد المسرح الكلاسيكي.

يؤكد الكاتب انه قبل نهاية القرن العشرين بدأ الكتاب الشباب بالاهتمام بالمسرح القصير، وباتت المسرحية القصيرة، تماما كالفيلم القصير لا بد من المرور بها قبل كتابة المسرحيات الطويلة.
على مستوى المسرح العربي يعتبر الكاتب ان الفضل في كتابة المسرح القصير يعود الى توفيق الحكيم ويحيى حقي وخليل هنداوي، ثم سعد الله ونوس، والفريد فرج ووليد اخلاصي، والعديد من الاسماء الاخرى مثل عصام محفوظ، وعبدالغفار مكاوي، وشاكر السماوي، وعبدالكريم المناع وآخرين.

-----------------------------------------------------
المصدر : الأنباء 

الأحد، 4 يونيو 2017

صدور عدد جديد من فصلية "المسرح"

مجلة الفنون المسرحية

السبت، 3 يونيو 2017

صدور مسرحية "خيانة آينشتاين"عن سلسلة المسرح العالمي

الخميس، 1 يونيو 2017

صدور طبعة ثانية من كتاب "ذكريات" لسيدة المسرح العربى سميحة أيوب

الجمعة، 26 مايو 2017

فصل من كتاب "نظريات حديثة في الأداء المسرحي، من "ستنسلافسكي الى بوال" تأليف جان ميلنج وجرهام لي وترجمة إيمان حجازي

الخميس، 25 مايو 2017

"المثاقفة بين العرب و أوروبا.. مسرح شكسبير نموذجاً" كتاب جديد للناقد اليمني هايل المذابي عن دار نور للنشر بألمانيا

الأربعاء، 24 مايو 2017

قراءة في كتاب «مسرح الشمس» تأليف بياتريس بيكون فالين

مجلة الفنون المسرحية

قراءة في كتاب «مسرح الشمس» تأليف بياتريس بيكون فالين

محسن النصار 

مسرح الشمس الفرنسي اسست لوجوده.(اريان منوشكين) الفرنسية في آيار-1964 ، ونما وتطور واثبت وجوده بفرقة مسرح الشمس حيث قدمت الفرقة مجموعه من العروض المسرحية ورؤية اريان منوشكين في التسمية المسرح من ( ان المسرح مكان انطلاق لرؤية الاشياء رؤية اخرى ومكان ليس للاخفاء او الخفاء ) وهي تهدف لخدمة المسرح نفسه الذي ياخذ على عاتقه (لديها ) ان يكون صرخة مدويه رافضة للخطيئة في الواقع الانساني الملوث وبالتالي استنهاض انسانية الانسان وهي تريد تغيير الواقع عبر فهمه . ففي مسرح (منوشكين) نجد تعدد جنسيات الممثلين وهم ينتمون ل (35 ) جنسية ومن ثقافات متعددة .
وتقوم أعمالها الاخراجية على الأبداع الجماعي وهي تمنح الفرقة وقتا للتأمل والابتكار والاقتراح والتجريب فعروضها هي عبارة عن تاسيس جماعي تقوم هي باخراجه ، وبهذا يكون العمل الاخراجي معتمدا في مسرح الشمس على الخبرات والتجارب التي يمتلكها اعضاء فرقتها والعمل المسرحي هنا يتكون عبر التمارين التي تستغرق زمن اعداد العرض الا ان طريقتها لا تشمل منصة المسرح حسب بل يتعدى ذلك الجمهور الذي ياخذ دورا فاعلا قبل العرض وبعده لانها تريد منه التعايش مع كل تفاصيل العرض وفوق هذا تقدم للجمهور الطعام بيديها وبذلك فهي تهدف الى تحرير الجمهور وفق اقامة علاقة معه فهو ينتقل قبل العرض الى منصة التمثيل ويدخل غرف الممثلين لتزيل ما يسمى بجدار الوهم .لاتريد لهذا المسرح ان يكون بديلا عن الواقع ولا يشابه الواقع وتقول اريان منوشكين "اذا استطعنا الوصول الى نوع من التوازن يصدق فيه المشاهد ما يراه مع علمه انه مسرح نكون قد وصلنا الى حالة مثالية في العرض وهي تؤدي الى حالة من التوازن المثالي بين المسرح والواقع"
حاولت منوشكين الاستمرار بنهجها طوال اربعين عاما وتوظيفها للتقنيات المسرحية الذي شكل دعامة جمالية تثير متعة التلقي بمنح الشكل الفني اهمية بالغة تصل حد الابهار ليشعر المتلقي ازاءه بالتأثير الشعوري والجمالي من خلال الأستفادة من تجارب برشت وبيتر بروك وكروتوفسكي .
وتعدّ تجربة «مسرح الشمس» الفرنسي تجربة طليعية مؤثرة في المسرح العالمي. ولمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيسه، صدر عن دار «آكت سود» في باريس، كتاب فخم مرفق بصور ووثائق، عنوانه «مسرح الشمس»، أعدت نصوصه الباحثة الفرنسية بياتريس بيكون فالين، وهو شهادة مهمة عن المراحل التي قطعها المسرح والأسس الإبداعية والفكرية التي قام عليها منذ بداياته. تروي المخرجة ومؤسسة «مسرح الشمس» أريان منوشكين في هذا الكتاب الجميل، كيف عشقت فن المسرح وهي طالبة جامعية وقررت أن تهبه حياتها، وهذا ما دفعها الى تأسيس فرقة «مسرح الشمس» التي ما زالت الى اليوم تقدّم عروضاً استثنائية معتمدة على نصوص كتّاب كبار من بينهم شكسبير.
تقول أريان منوشكين إنّ والدها كان منتجاً سينمائياً من أصول روسية، وقد أرسلها الى جامعة أوكسفورد في بريطانيا لإكمال دراستها والتمكّن من اللغة الإنكليزية. وهناك، فوجئت بأن الجامعات الإنكليزية تضم فرقاً مسرحية ممتازة، وهذا ما لم يكن موجوداً على الإطلاق في فرنسا. انبهرت بما شاهدته من عروض، وهذا ما دفعها الى المشاركة في فرقتين مسرحيتين جامعيتين، الأولى تقدّم عروضاً حديثة، والثانية تركّز على التراث الكلاسيكي. في هاتين الفرقتين، عملت منوشكين كممثلة ومساعدة مخرج، كما عملت في إعداد الديكور والأزياء... وكانت تشعر بسعادة كبيرة، فقررت تكريس حياتها للمسرح لأنه مكان فريد يقوم على العمل الجماعي، ولا تشعر فيه أبداً أنك وحيد حتى لو قدمت عرضاً يقوم على ممثل واحد.
في تلك المرحلة أيضاً، التقت المخرج البريطاني الشهير كين لوش، وشاركت في إحدى مسرحياته. وبعد عودتها الى باريس لمتابعة دراستها في جامعة «السوربون»، طلبت منه أن يقدم لها النصائح التي ستساعدها حتى تتمكن من تأسيس فرقة مسرحية جامعية. فأرسل إليها رسالة طويلة فيها مجموعة من الاقتراحات والآراء، ومن أهمها «أنّ على المسرحي أن يعمل مع الناس ومن أجل الناس». بعد ذلك، قصدت أريان منوشكين حارس جامعة «السوربون»، وطلبت منه أن يعيرها قاعة فارغة تؤسس فيها مسرحها الجديد، فلبّى طلبها، وهذا الأمر من المستحيل أن يحصل اليوم مع التشدد في مراقبة حركة الطلاب وضرورة الحصول على تأشيرات من الإدارة لفتح أو إغلاق صالة. هكذا، وفي مثل هذه الأجواء، التقت مجموعة من الهواة في إطار جامعي، وقامت لاحقاً في منتصف الستينات من القرن الماضي، بتأسيس ما يعرف بـ «مسرح الشمس». في هذه المرحلة أيضاً، سافرت أريان منوشكين الى الدول الآسيوية حيث أمضت أكثر من عام، وبعد عودتها درست المسرح في معهد الممثل جاك لوكوك، وهو معهد مسرحي تأسس عام 1956 وما زال مستمراً الى اليوم. وعن تجربتها مع الممثل جاك لوكوك، تقول إنها تعلمت منه «أن الجسد هو القاعدة الأساسية لعمل الممثل، قبل الذاكرة والأداء والصوت والكلمات...».
يكشف لنا الكتاب الجديد أيضاً، كيف عثرت «فرقة الشمس»، عام 1970، على المكان الذي استقر فيه المسرح وما زال يقدم فيه عروضه حتى اليوم، ويعرف باسم «الكارتوشري»، وهو يقع في «غابة فينسان» بالقرب من باريس. وكان هذا المكان في الأصل ثكنة عسكرية هجرها الجيش الفرنسي، وعندما علمت أريان منوشكين بذلك قصدت هذه الثكنة المهجورة وقررت الاستقرار فيها مع الفرقة، ثم توجهت بعدها الى بلدية باريس حيث حصلت على إذن بإجراء تمرينات الفرقة في الثكنة التي جرى إعدادها وتجهيزها حتى تتلاءم مع هدفها الجديد. وبعد شهر، تمكنت الفرقة من تقديم عرضها الأول عند نهاية عام 1970، وكان بعنوان «1789»، وهو مستوحى من الثورة الفرنسية. وعلى رغم البرد الشديد، حضر الجمهور واستمر عرض هذا العمل الأول لمدة ستة أشهر.
اختار «مسرح الشمس»، منذ تأسيسه، مبدأ المشاركة الجماعية في الإنتاج والعمل كجمعية تعاونية قائمة على مبدأ المساواة بين مختلف أعضاء الفرقة. وتعتبر أريان منوشكين أنّ مسرحها نشأ وترعرع في الأجواء الثقافية التي تلت الحرب العالمية الثانية، وكانت متفائلة وعكست التطلع الى مجتمع أكثر ثقافة وعدلاً وأخوّة. ويتوقف الكتاب عند البعدين السياسي والأيديولوجي لهذا المسرح الذي أراد، منذ البداية، أن يكون مسرحاً شعبياً ويعبّر عن الواقع الاجتماعي بكل تعقيداته من أجل تجاوزه واستنهاضه والمساهمة، من خلال لغة سمعية وبصرية متينة، في تحريره من أشكال العبودية التي تكبّل البشر.
يتميز «مسرح الشمس» كما هو معروف، بانفتاحه على التقاليد الفنية في العالم أجمع، ومنها التقاليد المسرحية في الصين واليابان والهند، وهو يضم ممثلين من مختلف الجنسيات والثقافات (أكثر من ثلاثين جنسية) يمدّون الفرقة بتجاربهم وخبراتهم، ويعتمدون على التدريبات اليومية الارتجالية تحت إشراف المخرجة أريان منوشكين. نشير أخيراً، الى أن صدور الكتاب الجديد يتزامن مع استمرار عرض مسرحية «ماكبث» لوليام شكسبير على خشبة «الكارتوشري»، بعد أن قامت أريان منوشكين بترجمتها واقتباسها بما يتناسب مع الإطار المعاصر الذي اختارته المخرجة للتعبير عن هموم عصرها، والذي ينقل المشاهد من أجواء القرن السابع عشر الى القرن الحادي والعشرين.
ونجد التأثير الكبير للمسرح الملحمي لبرشت في مسرح الشمس من خلال التعامل مع الجمهور ومحاولة كسر الجدار الرابع لفسح المجال امام الممثل والمتلقي على حد سواء في اقامة علاقة فاعلة فيما بينهما ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل تعداه في فلسفة التغيير التي تبناها برشت نفسه وهي تتجه -اريان منوشكين- بذات الاتجاه الذي يبتغيه برشت ، وقد يكون الوضع السياسي والاجتماعي للاثنين هو الذي حدد افاق اتجاهاتهما الا ان عملية التغيير والتعامل مع الجمهور ارسى دعائمها برشت قبل منوشكين نفسها وعمل على اقامة تلك العلاقة اغلب المخرجين الذين مر ذكرهم مع اختلاف اساليب الطرح وشكل العرض الامر الذي دعاهم الى البحث عن اماكن بكر تخدم هذه العلاقة التي يجب ان تراعى بين الممثل والمخرج . وتظهر الاهمية الكبيرة لمسرح الشمس خلال ايجاد الرؤية الجديدة للمسرح الفرنسي ومحاولة اريان منوشكين وفرقتها من جعل مسرح الشمس ذو تأثير عالمي كون المسرح له تأثير كبير على الذاكرة الجمعية في المجتمع الأنساني .

السبت، 20 مايو 2017

كتاب دراسة المسرح .. أبحاث ونصوص مسرحية معاصرة

مجلة الفنون المسرحية

كتاب دراسة المسرح .. أبحاث ونصوص مسرحية معاصرة

كتاب دراسة المسرح .. أبحاث ونصوص مسرحية معاصرة للباحث الأكاديمي والفنان المسرحي العراقي عباس عبد الغني الكتاب يقع في 150 صفحة من القطع الكبير صادر  عن دار المعرفة للنشر والتوزيع في المملكة المغربية- الرباط. ومن تقديم الناقد المصري الكبير سباعي السيد الذي تناول من خلاله التحليل التالي:

“في كتابه دراسة المسرح، يقدم الناقد والمخرج المسرحي الأستاذ عباس عبد الغني دراسة وافية للعناصر البنائية المكونة للدراما من الحبكة والشخصيات واللغة والفكرة، مستشهداً بنماذج من المسرح العالمي من شكسبير وابسن وبرخت وغيرهم.

 كما يقدم كاتبنا دراسة تحليلية للبنية الدرامية لنصوص عدد من كتاب المسرح العراقي مثل معد الجبوري و طارق فاضل و محمد عطا الله، حسين رحيم، مناقشاً اتساقها واختلافها عن  نظرية أرسطو في الشعر الدرامي.

وينتقل الباحث والمخرج عباس عبد الغني إلى دراسة توظيف لغات خشبة المسرح في التعبير عن الرؤى الإخراجية المختلفة في موضوعة أثيرة كالحب والكراهية، فيقدم لنا تحليلاً دقيقاً ومتعمقاً للوسائل التي يلجأ اليها الإخراج لتجسيد الرؤية الإيديولوجية والجمالية للمخرج، وذلك من خلال نماذج تطبيقية متعددة من المسرح العراقي المعاصر.

ويقدم لنا الكتاب مقارنة شائقة بين الرؤى الدرامية والإخراجية المختلفة  لأنتيجون من سوفوكليس فيما قبل الميلاد الى جان أنوي في القرن العشرين، وما بين المخرج الروسي ألكسندر تايروف والعراقيين سامي عبد الحميد، و عادل كريم وغيرهم.

ويتنقل بنا الكتاب عبر عدد من المباحث والفصول بين اشكاليات بحثية عديدة ومتنوعة ،  تتعلق بالحركة في المسرح، والمسرح التربوي، ومسرح جروتوفسكي الفقير.

يضم الكتاب، فضلاً عن الفصول النقدية النظرية والتطبيقية، مجموعة من النصوص المسرحية القصيرة التي أبدعها المؤلف، وعلى سبيل المثال يتحدث نص ست سنوات عن الواقع المرير الذي عاشه العراق ولا يزال،  من تمزق ودمار بسبب الاحتلال والانقسام الطائفي والعرقي، ويحلم بغد أفضل لعراق جديد قوي نحلم به، وتتجلى في هذه النصوص الأولوية التي تتمتع بها الصورة المسرحية التي سوف يعبر عنها المؤلف في بيانات ما أسماه “بالسينمسرح “أو الكيرودراما كما يطلق عليها في البيان الثاني. وذلك من خلال تجربته الإبداعية في توظيف السينما كمكون أساسي  في المسرح في مسرحيته انتقام هاملت.

ويقول المؤلف ان (السينمسرح) تؤطر الرؤى المسرحية بديكور سينمائي له فضاءه اللامحدود تجعل من وعي المخرج اثيراً واعياً وواسع المساحة فغرق (اوفيليا) في (انتقام هام..لت) تم تصويره سينمائياً ليخدم الرؤية البصرية للعرض بدل ان يلقى على لسان راوي ينقل الحدث سردياً فلا تجعل من المستلم- المتلقي- في تجاوب تام مع الدراما لكن التجاوب الأيجابي يكون بصرياً وهنا تجعل الكيرودراما المتلقي يستلم الحدث بحاستين سمعية وبصرية .

وعلى صعيد التمثيل- يضيف المؤلف – تمنح (الكيرودراما) الممثل جانبا اكثر ثراءً في الحركة عبر تجلي السينمسرح لحركته بتنسيق وإيقاع وتوازن وحيوية. وقد صاغ المخرج في (انتقام هام..لت) تمارينه بعد دراسة عميقة للمدارس المسرحية العريقة في العالم بدءاً من المسرح الإغريقي ومسرح شكسبير والمسرح الإسباني وصولاً إلى المسارح اليابانية وتقاليد الكوميديا ديل آرتي وذلك من أجل تقوية مهارات  ممثليه  الجسدية والإيقاعية.

الثلاثاء، 16 مايو 2017

كتاب "الإخراج وفن المسرح: الطليعية الأولى في الإخراج المسرحي في أوروبا "، تأليف د. قاسم بياتلي

الجمعة، 12 مايو 2017

تجاعيد الفراغ.. الأفكار المتساقطة من ذاكرة هزاع البراري

مجلة الفنون المسرحية

تجاعيد الفراغ.. الأفكار المتساقطة من ذاكرة هزاع البراري


 "مثُل كذبة.. يخدع الكحل أفق العين.. نظرتك قنديل.. وشارع يتراكم فيه السؤال.. لا قمرَ يمر.. وحدَه المساء.. يجرُّ أذيالَ الليل"... أبيات من كتاب "تجاعيد الفراغ" للروائي هزاع البراري.

ويقول هزاع البراري، في كتابه الصادر حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون" في عمان، إن الفراغ بالنسبة للكاتب ليس إلا تجاعيد تحتوي بين ثنياتها نثار الأفكار المتساقطة من الذاكرة، التي تشبه النوى الصغيرة اللذيذة التي تختفي داخل القشرة الصلبة الصماء، التي توحي بالفراغ، وفقط الفراغ.

وأوضح أن النصوص التي استنبتها في "تجاعيد فراغه" تشبه أزهار الربيع متعددة الألوان، التي تبشّر دائما بحقول الربيع.

"تجاعيد الفراغ" كتاب جديد خارج سياق كتابات الروائي والكاتب المسرحي هزاع البراري، يجمع ما بين جزالة الشعر ورحابة السرد الروائي.

يُذكر أن، هزاع البراري يشغل حاليًا منصب أمين عام وزارة الثقافة، وعضو رابطة الكتاب الأردنيين، و عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وعضو مؤسس لفرقة طقوس المسرحية، وعضو مؤسس لجمعية حسبـان الثقــافيـة.

حاز البراري على جوائز عدة منها: جائزة عويدات اللبنانية لأفضل رواية في الوطن العربي لعام 2001، وجائزة محمـد تيمـور المصـريــة لأفضـل نـص مســرحـي عـربي 2004، وجائزة أفضـل تأليف مسـرحي عـن مسـرحية "ميشع يبقى حيــاً"، في الاردن لعام 2001، وجائز الدولة التشجيعية في الآداب عن كتابة السيناريو لعام 2008، وجائزة أبو القاسم الشابي التونسية لأفضل نص مسرحي عن نص "قلادة الدم" 2009م، وجائزة مهرجان المسرح الأردني 2009 لأفضل نص مسرحي عن مسرحية "ميشع يبقى حياً".

وصدر للكاتب البراري عدد من الروايات والأعمال المسرحية، منها: "الجبل الخالد" (رواية )، "حواء مرة أخرى" (رواية)، "الغربان" (رواية)، "الممسوس" (مجموعة قصصية)، "العُصاة" (نصوص مسرحية) ، "قلادة الدم" (مسرحية)، "تراب الغريب" (رواية)، "أعالي الخوف" (رواية)، ونشر العديد من الأعمال الدرامية بثت في الإذاعة والتلفزيون، ومنها: "دروب الحنة"، و"نقطة وسطر جديد"، و"أزمنة الحب والحنين"، و"قصة وحكاية" (إذاعي)، و"صور اجتماعية" (إذاعي)، و"دفن المرحوم" (تمثيلية إذاعية).

وفي المسرح قدّم عددا من المسرحيات في مهرجان المسرح الأردني، منها: "العرض المجهول"، "حلم أخير"، "مرثية الذئب الأخيرة"، "العُصاة"، "الناي والنهر"، "قلادة الدم"، "هانيبال".

--------------------------------------------
المصدر :ايمان بحيري - العرب نيوز 

الخميس، 11 مايو 2017

المفاهيم الطقسية في‮ ‬المسرح نحن مجانين ويائسون ومرضي

مجلة الفنون المسرحية

المفاهيم الطقسية في‮ ‬المسرح نحن مجانين ويائسون ومرضي

تأليف‮: ‬توماس كرومبيز
ترجمة‮: ‬أحمد عبد الفتاح ‬


في‮ ‬كتابة‮ »‬من الطقس إلي‮ ‬المسرح والعودة‮« ‬عام‮ ‬1974‮ ‬حاول‮ »‬ريتشارد شيشنر‮« ‬أن‮ ‬يشرح الصور الحاسمة التي‮ ‬جعلت من الطقس شيئًا جذابا في‮ ‬عيون الفنانين في‮ ‬القرن العشرين‮. ‬إذ رأي‮ »‬شيشنر‮« ‬أن‮ »‬الفعالية‮ ‬Efficacy‮« ‬هي‮ ‬السمة المميزة للطقس،‮ ‬وعلاقة المجتمع بالسماء المانحة للشفاء،‮ ‬أو الكفاءة الاجتماعية لطقوس مثل حفلات الزفاف وطقوس التحول التي‮ ‬تغير المكانة الاجتماعية لبعض المشاركين فيها‮.‬
وبعد أجيال فناني‮ ‬الطليعة الذين حاولوا إعادة اكتشاف الفعالية الأسطورية للطقس بشتي‮ ‬الطرق،‮ ‬ربما‮ ‬يمكننا الآن أن نطرح سؤال ما إذا كانت النزعة الطقسية ما تزال هي‮ ‬البديل المذهل لإعادة الاكتشاف المستمر للمسرح،‮ ‬فعرض مسرحي‮ ‬مثل الذي‮ ‬قدمه‮ »‬جان فابر‮« ‬في‮ ‬مهرجان أفينيون عام‮ ‬2001،‮ ‬أو عرض‮ »‬مائة واثنين وعشرين حركة‮« ‬الذي‮ ‬قدمه‮ »‬هيرمن نيتشي‮« ‬في‮ ‬مسرح‮ »‬بورج‮« ‬الشهير في‮ ‬فينا عام‮ ‬2005،‮ ‬قد ألقيا بشكوكهما علي‮ ‬مفهوم المسرح الطقسي‮  ‬باعتباره وسيلة نقدية لتقديم الحقائق الخفية أو المكبوتة في‮ ‬المجتمع‮.‬
فالنزعة الطقسية‮ - ‬بمعني‮ ‬الإخراج الفني‮ ‬للطقوس‮ - ‬أصبحت جزءًا لا‮ ‬يتجزأ من مجموعة من العروض المسرحية‮. ‬ويري‮ »‬رولاند بارث‮« ‬أن الطليعة لا‮ ‬يمكن أبدًا أن تكون أسلوبًا للاحتفال بموت البرجوازي،‮ ‬لأن ذلك الموت مرتبط أيضا بالطبقة البرجوازية‮«.‬
وفي‮ ‬العروض التي‮ ‬قدمها‮ »‬فاير‮« ‬و»نيتش‮« ‬تحولت أغنية البجعة البرجوازية إلي‮ ‬حشرجة موت الفرسان وعذاري‮ ‬القرابين‮. ‬وبدأ التوجه النقدي‮ - ‬الذي‮ ‬تم تدشينه فعلا‮ - ‬في‮ ‬الانحدار تدريجيا إلي‮ ‬تدني‮ ‬طقس‮. ‬ولكن التدني‮ ‬لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يظهر دون أن‮ ‬يكون مرتبطا بأكلاشيه واسع الانتشار‮. ‬فقد أكذ هذان المخرجان أن النزعة الطقسية نفسها هي‮ ‬مقولة ذات إشكالية‮. ‬وما الذي‮ ‬نفهمه بالضبط عندما نسمع كلمة‮ (‬طقس‮) ‬تقال في‮ ‬فنون الأداء‮.‬
ولسوف أبرهن أن هناك مفهوما رئيسيا للطقسية المسرحية‮ ‬يتم تفعيله حاليا،‮ ‬وأن هناك علي‮ ‬الأقل بديلين قابلين للتطوير،‮ ‬يمكن أن‮ ‬يوجدا في‮ ‬تاريخ المسرح والنظرية المسرحية في‮ ‬القرن العشرين‮. ‬وربما‮ ‬يمكن الاصطلاح علي‮ ‬المفهوم السائد بأنه‮ »‬الطقس الساخن‮ ‬HOT TITUAL‮« (‬المبني‮ ‬علي‮ ‬أساس التناظر الوظيفي‮ ‬في‮ ‬النظريات الاجتماعية الكلاسيكية التي‮ ‬تقوم علي‮ ‬دور الاحتفالات التي‮ ‬تتسم بالفوران في‮ ‬أصل الأخلاق‮ - ‬وعلي‮ ‬سبيل المثال أعمال‮ »‬دوركهايم‮«. ‬وسوف نطلق علي‮ ‬بديل المفهوم الأول‮ »‬الطقس المعتدل‮ ‬Minimalist Ritual ‮« ‬،‮ ‬والثاني‮ »‬الطقس الديني‮ ‬Liturgical Ritual‮«.‬
ويقوم مفهوم‮ »‬الطقس الساخن‮« ‬علي‮ ‬أفكار معينة عند الطليعة التاريخية،‮ ‬وفقا لما هو مفهوم وممارس عند الطليعة بعد الحرب العالمية الثانية،‮ ‬أو الطليعة الجديدة‮.‬
وقد أثقل هذا الالتفاف التاريخي‮ ‬نظريات طليعة ما قبل الحرب العالمية الثانية الأصيلة‮. ‬إذ استلهم الطقس الساخن‮ (‬علي‮ ‬الأقل جزئيا‮) ‬من كتابات‮ »‬أنطونين أرتو‮«. ‬ولكن هذه الكتابات لم تكن مقرؤة منذ الستينيات وحتي‮ ‬الآن في‮ ‬عروض كم هائل من مسرح ما بعد الحرب‮. ‬وقد تضمن مسار الطقسية هذه ما‮ ‬يسمي‮ »‬المسرح البدني‮« ‬عند جماعات مثل‮ »‬المسرح الحي‮«‬،‮ ‬و»جماعة الأداء‮« ‬و»مختبر جروتوفسكي‮« ‬وعدد كبير من تلاميذ ذلك المخرج البولندي‮. ‬وسرعان ما قوي‮ ‬الظهور الفوري‮ ‬لفن الأداء البدني‮ ‬الذي‮ ‬قدمه كل من‮ »‬إيفز كلاين‮« ‬و»بوكو أونو‮« ‬و»أتوميوله‮« ‬و»هيرمان نيتش‮« ‬و»ماريانا إبراموفيتش‮« ‬و»كارولي‮ ‬شنيمان‮« ‬وآخرين‮.‬
ورغم ذلك أدت تيارات جديدة في‮ ‬الموسيقي‮ ‬والفنون البصرية إلي‮ ‬فهم آخر مغاير للطقس‮. ‬وهذا التيار الطقسي‮ ‬أسميه‮ »‬الطقس المعتدل‮ ‬Mininalist Ritual‮« ‬والذي‮ ‬تأصل في‮ ‬مجال التغير السريع‮. ‬إذ تحول فنانون مثل‮ »‬جون كاج‮« ‬في‮ ‬الولايات المتحدة،‮ ‬و»جوزيف بيوز‮« ‬و»بين فيتور‮« ‬و»مارسيل بروذرس‮« ‬في‮ ‬أوروبا،‮ ‬إلي‮ ‬مفهوم الأحداث الطقسية الأقل ارتباطا بالحشود والجماعات شبه الديونيسية‮. ‬وقد كانت هذه الأحداث‮ ‬غير ذات العنوان والمناسبات تقوم علي‮ ‬ظواهر المصادفة والمواد المرتجلة والفكاهة بدرجة هادئة توصف‮ ‬غالبا بأنها مرتبطة بمفهوم التأمل في‮ ‬الطقوس البوذية‮. ‬وأود أن أفحص هذه السمة الخاصة أكثر من خلال الأعمال النظرية للباحث الاجتماعي‮ ‬والفيلسوف الفرنسي‮ »‬جورج باتاي‮« ‬فمن المعروف أن‮ »‬باتاي‮« ‬هو الأكثر ارتباطا بمفهوم سخونة الطقس،‮ ‬مع أنني‮ ‬سوف أصل في‮ ‬النهاية إلي‮ ‬أنه كان الأقرب إلي‮ ‬المفهوم المعتدل في‮ ‬الطقس‮. ‬
والمفهوم الثالث للطقس كان أقل أهمية،‮ ‬ولم‮ ‬ينجح في‮ ‬البقاء إلي‮ ‬اليوم،‮ ‬وقد تم تقديم هذا المفهوم من خلال العروض الحداثية ما بين الحربين،‮ ‬ويقوم علي‮ ‬الطقوس الكاثوليكية‮. ‬ومن خلال اكتشافي‮ ‬للمفاهيم الطقسية البديلة،‮ ‬سوف‮ ‬يكون سؤالنا الاسترشادي‮ ‬هو‮ »‬لماذا‮ ‬يبدو الطقس في‮ ‬فنون الأداء اليوم،‮ ‬بالطريقة التي‮ ‬نتوقع أن‮ ‬يبدو لنا عليها؟‮ ‬
وكنقطة انطلاق لوصف حضور الطقسية في‮ ‬كتابات‮ »‬أنطونين أرتو‮«‬،‮ ‬لا‮ ‬يمكننا أن نتفادي‮ ‬أكثر مفاهيمه المسرحية اجتماعية،‮ ‬وهو‮ »‬التطهير الجمعي‮« ‬تحديدا‮. ‬فالأصل في‮ ‬كتابات‮ »‬أرتو‮« ‬أن نظرية‮ »‬مسرح القسوة‮« ‬تنطوي‮ ‬أيضا علي‮ ‬مبدأ تطهيري‮. ‬إذ تنبع ضرورة الإسقاط علي‮ ‬الشفاء من تشخيص النهاية الثقافية التي‮ ‬تقول إن الثقافة الغربية تضمحل بفعل الأزمة المعبر عنها في‮ ‬العبارة التالية‮: »‬نحن مجانين ويائسون ومرضي‮«. ‬وفي‮ ‬هذا الشأن‮ ‬يمكن أن‮ ‬يوضع رأي‮ »‬أرتو‮« ‬داخل إطار السحر والإفتتان بالفلسفة الشرقية‮.‬
وفي‮ ‬مقال‮ »‬المسرح والثقافة‮« ‬الذي‮ ‬يتصدر كتاب‮ »‬المسرح وقرينه‮« ‬عام‮ ‬1938،‮ ‬باعتباره مقدمة تمهيدية مبشرة،‮ ‬نجد أن أرتو قد أشار إلي‮ ‬هذه الأزمة بشكل‮ ‬غامض،‮ ‬إذ نتج الانقسام بين‮ »‬الثقافة‮« ‬و»الحياة‮« ‬من طاقة سلبية لم تعد تجد صمام الأمان في‮ ‬الثقافة،‮ ‬ولكن تم التعبير عنه في‮ ‬جرائم مقصودة وزلازل وانفجارات بركانية وحوادث قطارات‮. ‬وقد أشار‮ »‬جوردال‮« ‬إلي‮ ‬أن الحلول التي‮ ‬قدمها‮ »‬أرتو‮« ‬لهذه المشكلة لابد أنها كانت موجودة مع نظام العلاج الذي‮ ‬كان‮ ‬يتلقاه علي‮ ‬يد الدكتور‮ »‬رينيه الليندي‮«‬،‮ ‬حيث كان لابد من مقاومة الشر بما‮ ‬يساويه،‮ ‬والذي‮ ‬هو في‮ ‬هذه الحالة‮ »‬التعزيز المسرحي‮«: ‬صهر كثافة الحدث المسرحي‮ ‬والممثل والمتلقي‮ ‬معا في‮ ‬وحدة واحدة تسمح للطاقة السلبية أن تمر من خلال أسلوب علاجي‮ ‬مؤثر‮.‬
لقد اهتم أرتو بالمسرح الجماعي‮ ‬Masstheater‮ ‬وبدأ في‮ ‬اتخاذ خطوات عديدة لتنظيم وإعداد مثل هذا الأداء،‮ ‬ولذلك فإن الصورة الجمعية للتطهير المنسوب إلي‮ ‬أرتو‮ ‬يجب أن تبرز‮. ‬وأن‮ ‬يكون المسرح وسيلة للتطهير المتبادل،‮ ‬ومن أجل التهدئة الاجتماعية والسياسية وفي‮ ‬بعض مواضع كتابه‮ »‬المسرح وقرينه‮« ‬يقر أرتو المسرح العنيف باعتباره رادعا للجماهير‮. ‬إذ‮ ‬يعترف‮ »‬أرتو‮« ‬بالمبدأ المثالي‮ ‬المتعلق بفاعلية المسرح،‮ ‬والتي‮ ‬هي‮ ‬وفقا لفريدريك‮ »‬شيللر‮« ‬يمكنها أن تترك انطباعًا عميقًا في‮ ‬المشاهدين‮.‬
وتأثرت صورة الأفكار السائدة عند‮ »‬أرتو‮« ‬بالطريقة التي‮ ‬نشروا بها هذه الأفكار بعد وفاته عام‮ ‬1948‮. ‬لكن أسطورة‮ »‬أرتو‮« ‬التي‮ ‬سبق قراءتها في‮ ‬كتاباته التي‮ ‬قدمها قبل الحرب العالمية الثانية،‮ ‬قد تطورت فعلا خلال السنوات الأخيرة‮. ‬لقد صار أرتو العقدة المتعلقة بالطراز البدائي‮ ‬للنظام الاجتماعي‮ ‬في‮ ‬حد ذاته‮.‬
فقد صاغ‮ ‬في‮ ‬كتاباته المتفرقة مطلب تحرير الفرد من القيود التي‮ ‬فرضها عليه النظام الاجتماعي،‮ ‬كما أثرت فترة العلاج النفسي‮ ‬الطويلة،‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يتلقاه،‮ ‬في‮ ‬فهم حياته وأعماله‮.‬
كما تلاءمت أسطورة‮ »‬أرتو‮« ‬بسهولة مع الطليعة الجديدة التي‮ ‬تطورت أعمالها بعد الحرب العالمية الثانية،‮ ‬وكان للثقافة المضادة‮ - ‬بعد الحرب‮ - ‬مصالح مشتركة مع أفكار‮ »‬أرتو‮«‬،‮ ‬فاكتشفت الغموض،‮ ‬وظننت أن الأحلام والمخدرات والأنشطة التلقائية والتصادفية‮ ‬ينبغي‮ ‬أن تلهم الفن‮. ‬وكان النقد القوي‮ ‬الذي‮ ‬وجهه أرتو للمجتمع الغربي‮ ‬هو المسئول الأول عن الجاذبية التي‮ ‬صادفتها أعماله عند رجال مسرح مثل‮ »‬جيرزي‮ ‬جروتوفسكي‮« ‬و»بيتر بروك‮« ‬و»جوليان بيلك‮« ‬وجوديث مالينا‮. ‬وهذه الجاذبية عززت في‮ ‬المقابل فرضية أن العروض الطقسية فيما بعد الحرب كانت تجسيدا حقيقيا لنظريات أرتو‮. ‬إذ صارت النزعة الطقسية مفهومة تدريجيا،‮ ‬مثل الحاجة إلي‮ ‬أحداث مسرحية جمعية وعلاجية حطمت النظام الاجتماعي‮ ‬القائم واستبدلته بتجربة مجتمعية صادقة ومكثفة‮. ‬وبذلك تحقق مفهمومي‮ ‬الأزمة الاجتماعية والتطهير المنسوبين إلي‮ ‬أرتو من خلال ظهور المسرح البيئي‮ ‬والمسرح البدني‮ ‬من خلال مفهوم سخونة الطقس في‮ ‬فنون الأداء‮.

-----------------------------------------------------
المصدر : مسرحنا 

الأحد، 30 أبريل 2017

كتاب يرصد دور الحبيب بورقيبة في نهضة المسرح التونسي

مجلة الفنون المسرحية

كتاب يرصد دور الحبيب بورقيبة في نهضة المسرح التونسي

يشير الكاتب عبد الحليم المسعودي أن بورقيبة كان يشيد في المقالات التي كان ينشرها في جريدة الحزب الحر الدستوري بالمسرحيات التي كانت تقدمها فرقة “المستقبل التمثيلي”.

في كتابه ”بورقيبة والمسرح- قراءة في أطياف بيان تأسيسي” يقدم الباحث التونسي عبدالحليم المسعودي عرضا مفصلا ودقيقا عن رؤية الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة للمسرح، وهو الذي حرص منذ بدايات تأسيس الجمهورية الأولى في أواسط الخمسينات من القرن الماضي، على جعل المسرح فنا تربويا، ووسيلة مهمة في بناء المجتمع الجديد اعتمادا على المقولة الشهيرة ”أعطوني مسرحا أعطيكم شعبا عظيما”.

وكان بورقيبة قد عشق المسرح وهو لا يزال تلميذا في المدرسة الصادقية. وكان يُقْبل بحماس على العروض التي تقدمها الفرق المسرحية التي تفاخر بالهوية الوطنية، وتنشر خطابا نضاليّا مناهضا للاستعمار.

في البعض من خطبه، تعرض بورقيبة لقصة غرامه بالمسرح، وبالممثلة اليهودية فائقة الجمال حبيبة مسيكة التي أحرقها أحد عشاقها مدفوعا بنار الغيرة في شتاء عام 1930.

وكان يفاخر بأنه تمكن من أن “يختطف قبلة المسك” من وجنتها وهي على الركح في مسرحية ”لوكراس بورجيا”.

وقد ازداد الحبيب بورقيبة عشقا لتلك الشابة ذات العينين الزرقاوين التي فتنت بيكاسو وكوكو شانال، عندما تحدّت السلطات الاستعمارية، وقدّمت عرضا مسرحيا بعنوان “شهداء الحرية” يتعرض لكفاح الهولنديين ضدّ الهيمنة الإسبانية.

في باريس التي استقر فيها من عام 1924 إلى عام 1927، لم يكن الحبيب بورقيبة المغرم بالأدب الفرنسي، والذي كان يحب أن يردّد عن ظهر قلب قصائد كبار الشعراء الفرنسيين من أمثال فيكتور هوغو، ولامرتين،

وألفريد دو فينييه، ينقطع عن التردد على المسارح الكبيرة، مُعتبرا المسرح “فنّا جميلا” يساعد على تهذيب الأذواق، ونشر القيم النبيلة.

وكان يبدي إعجابه برموز المسرح الفرنسي في ذلك الوقت من أمثال لوي جوفيه، وجاك كوبو، وشارل دولاّن، وجان لوي بارو. كما اكتسب معرفة عميقة بالمسرحيات الكلاسيكية الشهيرة التي ألفها موليير، وكورناي، وفيكتور هوغو، وادموند روستان وغيرهم.

المسرح كان وسيلة لتعميق الشعور بالهوية التونسية في زمن كانت النزعات العشائرية والقبلية لا تزال معششة في عقول الكثيرين
وعندما عاد إلى تونس، لم تمنعه نشاطاته السياسية، وتنقلاته في أرجاء البلاد بهدف بعث حزب وطني جديد من متابعة الحركة المسرحية، مقبلا بالخصوص على المسرحيات المحرضة على النضال الوطني، وعلى حثّ المجتمع على التخلص من الجهل والتقاليد البالية التي تعيق خروجه من الظلمات.

ويشير المسعودي في كتابه، الصادر عن دار”آفاق”، إلى أن بورقيبة كان يشيد في المقالات التي كان ينشرها في جريدة الحزب الحر الدستوري الذي أنشأه في مطلع الثلاثينات من القرن الماضي، بالمسرحيات التي كانت تقدمها فرقة “المستقبل التمثيلي”.

وتحت تأثير المسرح، كان بورقيبة الزعيم والمناضل الوطني يلجأ في الخطب التي كان يلقيها أمام الجماهير إلى الوسائل والتعابير المسرحية بهدف التأثير عليها. وحافظ على هذا الأسلوب المسرحي في الخطب التي ألقاها بعد الاستقلال. لذلك كان يبدو وهو يلقي خطبه وكأنه ممثل مسرحي بارع.

ويخصص عبدالحليم المسعودي الجزء الأكبر من كتابه الذي استند فيه إلى العديد من الوثائق السياسية والفكرية والأدبية والفلسفية، للخطاب الذي ألقاه الزعيم الحبيب بورقيبة في السابع من نوفمبر 1962، والذي أشار فيه إلى أن المسرح وسيلة أساسية لبناء المجتمع الجديد، و”نموذج صغير للوطن الذي يمثل رقعة فسيحة نتعايش في أرجائها”.

وعن ذاك الخطاب الشهير، كتب المسعودي يقول “خطاب بورقيبة فعل رياديّ. وهو خطاب أقل ما يوصف به أنه ‘بيان‘ أو ‘مانيفستو‘ مسرحي.

كما أنه بيان تأسيسي لمرحلة جديدة يكون فيها المسرح مبشرا ورائدا لقيم التنوير والتمدن والانفتاح على العالم”. وفي خطابه أظهر الزعيم بورقيبة أن للمسرح قدرة فائقة وعجيبة على تهيئة المجتمع لتقبل أفكاره الإصلاحية الداعية إلى حرية المرأة، والتصدي للتعصب الديني والعقائدي، ومقاومة الجهل والتخلف.

كما أن المسرح وسيلة لتعميق الشعور بالهوية التونسية في زمن كانت النزعات العشائرية والقبلية لا تزال معششة في عقول الكثير من التونسيين.

لذلك أطلق بورقيبة في خطابه المذكور الدعوة إلى أن يخرج المسرح من دائرة الهواية ليصبح احترافا قائلا “لا نقبل أن يترك أمر المسرح لمجرد الموهبة والهواية والاجتهاد الفردي، فالفن المسرحيّ يتطلب التعليم والتهذيب والدرس. وقد أنشئت من أجله الكليات لتدريب ذوي المواهب وإفادتهم بما سبقهم من تجارب”.

فتحت مدارس ومعاهد لتدريس المسرح. كما تكونت فرق مسرحية في عواصم الجهات. وكانت فرقة الكاف، عاصمة الشمال الغربي، أولى الفرق المسرحية التي لعبت دورا أساسيا في تطوير المسرح التونسي رغم الصعوبات والعراقيل التي واجهتها.

وفي مدينة قفصة الجنوبية، قام شبان متخرجون من معاهد المسرح في تونس، وفي بلدان أوروبية، بتأسيس فرقة مسرحية

مساهمة هي أيضا، وبقدر كبير، في تطوير المسرح على مستوى المضمون، وفن الإخراج. ويعود الفضل في ذلك إلى رجاء فرحات، وفاضل الجعايبي وفاضل الجزيري ورؤوف بن عمر.

وفي نهاية السبعينات من القرن الماضي، ظهرت مسرحيات تنتقد النظام السياسي في تونس. عندئذ أخذ بورقيبة يظهر نفورا واضحا من هذه المسرحيات. وأحيانا كان يجاهر برفضه المطلق لها، معتبرا إياها “تخريبية” و”عبثية”.

--------------------------------------------------

المصدر : حسونة المصباحي - جريدة العرب 

الأربعاء، 26 أبريل 2017

قراءة في كتاب " اللغة الجسدية للممثل " تأليف د. مدحت الكاشف

الجمعة، 21 أبريل 2017

صدور كتاب " الرؤية السياسية في المسرح الخليجي دراسة نصية "

الأربعاء، 19 أبريل 2017

كتاب "الجمهور بين المواجهة والمجابهة تاريخ العلاقة بين الجمهور والمسرح "

السبت، 15 أبريل 2017

قراءة في كتاب الطيب الصديقي… قصة مسرح



مجلة الفنون المسرحية

 قراءة في كتاب الطيب الصديقي… قصة مسرح

عزالدين بوركة

متعة بالغة هي تلك التي تصاحبك عند قراءة كتاب «الطيب الصديقي: قصة مسرح»، هذا الكتاب الذي جاء في تَشاكُل شيّق يجمع بين العمل الصحافي المتسم بصفة السبق، والتأريخ لسيرة ذاتية لفنانٍ تقاطعت أواصر مشروعه الجمالي أكثر من حد، تجعل من الانتباه الكامل لتجربته فضيلة أساسية لفهم مسار التجربة المسرحية المغربية، هي نفسها، منذ خطوتها الأولى نحو الوجود والكينونة، إلى وقتنا الحاضر.
وهو الكتاب الذي وَقّعَهُ «حسن حبيبي» بحسن اشتغال كبير، حيث تَمَثّل عبره اقتناص لحظات أساسية ركيزة، وأخرى حميمة في مشوار/ حياة الطيب الصديقي.
طالما نظر كثيرون، وهذا واقع، للصحافة الثقافية الوطنية (المغربية) بعدم ارتياحٍ بيّنٍ، نظرا للمنابر الإعلامية التي تتضاءل أعدادها يوما عن آخر، وقلة المتخصصين، وهو ما يعكس ضبابية الرؤية لعدد غير يسير من تجارب الحقل الثقافي المغربي، وندرة السجالات المؤثرة داخله، فحتى على مستوى الحوار الصحافي تجد أنها تتسم بشكلٍ عائم عموما وغائم، لم يجرها الصحافي إلا ليقول: «هذا نصنا.. وهو كلّ شيء».
كتاب «الطيب الصديقي: قصة مسرح» يأتي في حلّة أنيقة ومُبَوّبٌ بشكلٍ مفصّل ودقيق. حسبك داخله أنك تتجول في ربوع حياة الطيب الصديقي، كما تراه. شخصيات وأمكنة، محطات وتجارب.. فهذا الرجل الرحب كان الحوار وإياه جدير بكتاب، لما يُخلّفه شخصه بحضوره الصاخب، وإبداعه إلى جانب مواقفه من صدى ونقاشات تتخذ شكلاً أفقيا في غالبها. حسن حبيبي، الحاصل على الدكتوراه في اللسانيات الاجتماعية في جامعة السوربون، تحت رئاسة رئيس الشعبة – آن ذاك- المفكر الإسلامي الراحل محمد أركون، وتحت أيادي تدريس ثلة من الباحثين والمفكرين المستشرقين أمثال برهان غليون وجمال الدين بن الشيخ وآخرين.. هنا يضع جانبا صرامة الجامعي ليمهد لاطمئنان البوح، الذي كان سِمَة تساءل الطيب الصديقي، وأسئلته التي لم يتخل عبرها عن دربة الأكاديمي، التي طالما اعتدنا تلمسها في مُجمل ما نشرهُ من كتابات، في عدة ملاحق ثقافية وإعلامية مغربية وعربية، جريدة الاتحاد الاشتراكي على سبيل المثال، أيام دراسته خارج ربوع المغرب. أسئلة دقيقة وحميمية تامة هي ثمرة اللقاء الذي جمع حسن حبيبي بالطيب الصديقي، وهو اللقاء/ الحوار (النديّة إن أردنا المبالغة)، الذي يصير له كبير الإفادة لمُجمل الباحثين في تاريخ المسرح المغربي، الذي وجد الطيب الصديقي نفسه أحد أعمدته. فقد واكب الرجل الحركة المسرحية الحديثة في المغرب منذ انطلاقها بعد الاستقلال، وعاشها عن قرب عبر كل تحولاتها وازدهارها وانتكاساتها، حيث أنه ساهم بقسط كبير في التعريف بالمسرح المغربي، سواءً داخل العالم العربي أو خارجه، ولا يزال يواصل عطاءه بالحماس نفسه الذي ابتدأ به، وإن أصابه من وهن العمر، ما أصابه في السنتين الأخيرتين، لم يتخل يوما عن دفاعه المستميت عن حق الفنانين المغاربة في رد اعتباري يكفل لهم كرامتهم الاجتماعية، وأيضا توقه ليرى مسرح «موغادور» مضاءً كلّ ليلة بالمجازات والأحلام، وهو بذلك يسير فيكبر، ثمّ يستأنف الضوء الهارب ممسكا بالجمر، على حد تعبير محمد بهجاجي، الذي قدّم الكتاب في ورقة أنيقة استحقت فاتنيته.
كتاب «الطيب الصديقي: قصة مسرح» إلى جانب شقه السيري (سيرة ذاتية) الممتع، الذي عرى لإضاءة كاملة عن الحدائق الخلفية الظليلة لحياة المسرحي الطيب الصديقي، جاء بشهادات ومواقف أعمال وانكسارات وتطلعات، هي صميم اهتمام ما تشتغل عليه الحركة النقدية التي تتخذ من الحقل المسرحي مضمارَ اشتغالها.
الصديقي الذي كان يرفض أي مقاربة لتجربته المسرحية، فهو لم يدع (على حسب تعبيره) مسرحا أفضل، وإنما انتصر للمسرح، كان طوال الحوار مبددا لتصورات كثير مسبقة، هنا يبدو مُخَلْخِلا للقيم المتواضع عليها، شابا وأكثر حيوية متفائلا بشكل ثائر، حتى أمام أشد الأوضاع حلكةً. فوضع المسرح المغربي اليوم هذا الذي تتخبطه سياقات جد مؤسفة، سواء على مستوى المسارح أو منح الدعم وضآلتها للفرق، أو عن الوضع الهامشي واللامعقول للفنان داخل المجتمع مما يدفع قويا نحو ضآلة، فضلا عن رداءة أغلب الأعمال الدرامية المطروحة على الجمهور. يقول عن ذلك في (الصفحة 18) من الكتاب: «دعني أقل لك [والكلام موجه للمُحاوِر حسن حبيبي] بأن أغلب الأعمال الدرامية في مغرب اليوم، هي أعمال غير مريحة يجب أن نعترف بذلك، في أغلب الحالات هناك اعتماد على نصوص هشة وممثلين غير أكفاء وملابس غير مناسبة وديكور ينقصها الخيال، لكن وعلى الرغم من ذلك نكاد نقرأ أن المسرح أفرز الكثير من المتألمين واليائسين والانتحاريين والحالمين، هؤلاء هم رفقائي في الألم وشركائي في لحظة الحلم، ولعلّ سعادتي الكبرى أني جعلت من الممثلين الذين اشتغلوا إلى جانبي متواطئين معي في هذا الحب، وليسوا أعداءً متربصين، إن موليير والمجذوب وشكسبير وبديع الزمان وأبي حيان التوحيدي واليونانيين، يساعدوننا أن نحيا حياة سعيدة، ما سيساعدننا على أن نرحل ونموت في سلام. لنقرأهم ونمارسهم فحتما سنخرج من هذه التجربة أقوياء، وفي أدمغتنا كثير من رياح الحرية».
فيكون بالتالي هذا الكتاب قد استحقّ بالفعل ما يمكن أن نصطلح عليه، بـ»جينالوجيا المسرح المغربي»، من حيث أن الطيب الصديقي الذي وجد نفسه فيه ـ أي المسرح- مؤسسا فاعلا أساسيا، ضمن جيل الرواد الأوائل، حيث كما يقول محمد البهجاجي في كلمته حول الكتاب، لم يكتف الصديقي بأن يستعرض تراكمات الفعل المسرحي المغربي، بل يقرأ هذا الفعل من زاوية النظر الفكري الثاقب، والممارسة الصعبة القاتلة أحيانا. ولذلك نتتبع تاريخ المسرح المغربي، بفعل هذه القراءة المركبة، بتواز مع مسار التحولات السياسية والثقافية للمغرب، في محاولة للإجابة عن علاقة الفن بالبنيات الاجتماعية وبسؤال السياسة والمجتمع بدور الفرد والجماعة في صياغة الأفكار. لأن الصديقي لم يكن يفكر في المسرح بصوت واحد، أو من جهة مفردة، بل إنه يفكر فيه كمهندس للأشكال، كحكاء عريق، كشاعر فنان ومفكر قلق، وكساحر يلعب بالكلمات والحدوس والمعاني مثل السحرة والرواة الأزليين.

---------------------------------------------
المصدر: القدس العربي 

الخميس، 13 أبريل 2017

صدور مجموعة من النصوص والدراسات تزامناً مع أيام الشارقة المسرحية 27

مجلة الفنون المسرحية

صدور مجموعة من النصوص والدراسات تزامناً مع أيام الشارقة المسرحية 27

تزامناً مع الموسم المسرحي الذي تعتبر أيام الشارقة المسرحية في دورتها 27، جزءاً منه والتي تنظم برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في الفترة 18_28مارس 2017، أصدرت إدارة الدراسات والنشر بدائرة الثقافة بالشارقة سبع عناوين مسرحية جديدة .

تتنوع موضوعات الكتب جوانب عدة في فنون المسرح، الكتابان الأول والثاني نصوص حائزة على جائزة الشارقة للتأليف المسرحي 2015/2016 وهي (غصة عبور) لتغريد الداود، (أحلام ممنوعة) لنعيم فتح مبروك،( العجين) لحميد فارس، وأحتوى الكتاب الثاني على النصوص (مدينتي ) لخالد إبراهيم جاويش، (اللعبة) لعائشة صالح الشويهي، ( أزرق) .

أما الخمسة عناوين الأخرى فتضمنت دراسات مسرحية، الكتاب الأول حمل عنوان ( تعددية نصوص العرض المسرحي للدكتور منصور النعمان الذي تحدث فيه عن الأنساق التي تتكون منها نصوص العرض حيث أنها تشكل أنظمة تفرض كينونتها وقد تتزاحم هذه النصوص فيما بينها بتخصصاتها المختلفة لغوية، بصرية، سمعية أدائية، انفعالية . وبالتالي تتفاعل ديناميا ليتشكل خطاب العرض 

أما العنوان الثاني فهو (اصابع الياسمين.. ومسرحيات أخرى) لأحمد الماجد جاء أيضاً على شكل دراسات مسرحية و أحتوى على أربع نصوص مسرحية هي (الجلاّد، أصابع الياسمين، بُقع وصاحُبك).

أما الكتاب الثالث فهو (سينمائية العلامة في المسرح الإماراتي المعاصر) للدكتورة ميثاء ماجد الشامسي وجاء مضمونه في ثلاثة أبواب هي (المقاربة السينمائية وفن المسرح)، ( سيمياء العلامة في المسرح الإماراتي واتجاهاته، (تطبيقات سيمياء العلامة على المسرح الإماراتي)، كما ضم الكتاب ملاحق أكاديمية وملاحق صور أيضاً.

الكتاب الرابع بعنوان ( طقوس الأبيض ..ومسرحيات أخرى) لمحمود أبو العباس الذي احتوى على سبعة نصوص مسرحية إلى جانب مسرحية طقوس الأبيض وهي (مساء الورد)، ( خذوا.. وجوهكم)، (سجل كلثوم اليومي)، (الغرق في الأحواض الزجاجية )، (حافة الاقتراب)، ( أبو النون)، (لا يستقيم الظل ).

العنوان الخامس (ألف ليلة وديك... ومسرحيات أخرى) لطلال محمود وتضمن مسرحية (عنمبر)، (المسرحية) إلى جانب ليلة وديك .

وتهدف هذه الإصدارات التي تلقي أقبالاً من المسرحيين والعرب إلى توفير رؤى نظرية وتخصصية بما يحقق الفائدة للمسرحيين سواء كانوا ممثلين، مخرجين، فنيين. وتقوم الدائرة بإهداء الإصدارات المسرحية للمعاهد والكليات المتخصصة في الوطن العربي بما يثري المكتبة المسرحية والمشهد الثقافي والفكري بشكلٍ عام .

------------------------------------------------------------
المصدر : وكالة انباء الشعر 
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption