أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

‏إظهار الرسائل ذات التسميات المسرح في أفغانستان. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات المسرح في أفغانستان. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 10 يوليو 2020

المسرح يداوي جروح الحرب في "بلد الصدمات".. هنا أفغانستان

مجلة الفنون المسرحية

الخميس، 9 يوليو 2020

المسرح الأفغاني: وجه آخر لأفغانستان المنسية

مجلة الفنون المسرحية


المسرح الأفغاني: وجه آخر لأفغانستان المنسية

 *عثمان بوطسان - القدس العربي 



لا يمكن الحديث عن أدب وثقافة أفغانستان بدون الحديث عن المسرح، باعتباره من الفنون المتجذرة في تاريخ الثقافة الأفغانية منذ فترة طويلة. يرتبط المسرح ارتباطًا وثيقًا بالحياة المشتركة واليومية للأفغان، بمعتقداتهم الأسطورية والدينية وطرق تفكيرهم. ويعتبر من الأنشطة الفنية الأكثر انتشارا في المنطقة، يستوحي مواضيعه من السياقات الاجتماعية، التاريخية، الجغرافية والثقافية لأفغانستان والبلدان المجاورة والبعيدة. أصبح المسرح اليوم تقليدًا بين الأفغان، وهذا ما يؤكد وفرة المسرحيات التي تم تنظيمها أو إصدارها.
يعود السياق المسرحي في أفغانستان إلى فترة حكم الملك أمان الله خان (1919 ـ 1929) عندما انتشر هذا الفن لأول مرة ودخل مرحلة جديدة مع إنشاء «جامعة نانداري» في عهد محمد ظاهر شاه (1933 ـ 1973 تأسس المسرح الأفغاني المعاصر خلال فترة أمان الله خان، وبفضل محمود ترزي، سيتم تعميمه في جميع أنحاء البلاد. كان من بين أهداف حكومة أمان الله تعزيز التقدم والحداثة من خلال نشر ثقافة المسرح، الذي كان يعدُّ أفضل وسيلة لتشجيع الناس على التحديث وتجنب الإيمان بالخرافات. ولتحقيق ذلك، استعان أمان الله بالعديد من وزراء حكومته وشخصيات ثقافية، الذين شاركوا في الأنشطة المسرحية كعلي محمد (وزير المحكمة)، محمود ترزي (وزير الخارجية)، محمد كبير لودين (وزير الأشغال العامة)، سيد عبد الله (وزير العدل)، فايز محمد زكريا (وزير التربية والتعليم)، محمد سروار جويا، محمد حسين ضياء سروار سابا، عبد الرؤوف رشيدي، عبد الجبار رسام، محمد حسن سليمي، عزيز خان شرخي، غلام ساخي سامان، قاري دوست محمد، وشخصيات سياسية وثقافية أخرى. ساهمت هذه الأسماء في بناء وتشكيل أسس المسرح الأفغاني عن طريق الترجمة، أو الكتابة أو اللعب على الخشبة.
ومن بين الفنانين والكتّاب المسرحيين، الذين ساهموا أيضا في تأسيس وازدهار المسرح الأفغاني نذكر: عبد الرشيد جاليا، عبد الرحمن بينا، غلام عمر شاكر، أكرم نغاش، عبد القيوم بازيد، ضياء قري زاده، مقدس نجاه، غلام علي أوميد، محمد يوسف كوزاد، علي نعيمي، عبد الرؤوف بنوا، أكبر نماد، أكبر نديم، عبد اللطيف نشأت، علي محمد زاره، مالك خليل، رحيم سربان، براق شافعي، سيد مهدي شفا، أسد الله مهربان، عظيم فايز، نجيب عرام، موسى أريزو، هارون يامس تنفير، قادر فاروق، كريم جاويد، محمد يعقوب مسعود وغيرهم. فقد كان بعضهم من الكتاب المسرحيين أو المخرجين، والبعض الآخر كانوا ممثلين.
تميز المسرح الأفغاني بشكل رئيسي خلال هذه الفترة، بهيمنة الشخصيات الذكورية والغياب التام للنساء في المسرحيات التمثيلية. وتعكس هذه الهيمنة، صورة مجتمع تقليدي يتميز بعمق بالرغبة في تعزيز دور الرجال، والقضاء على الفردية الأنثوية، من خلال طمس هويتها المتقلبة وهشاشتها وتناقضاتها. وبالتالي، لم يكن للمرأة الحق في لعب دورها على خشبة المسرح، بسبب وضعها في نظام القيم الاجتماعية الأفغانية. وكانت مسرحية «الوطن الأم» التي كتبها غلام حضرت كاشان من مسرحيات «Paghman»، التي لأول مرة، سيلعب فيها شاب دور امرأة على خشبة المسرح الأفغاني. استمر هذا التقليد واستمر معه غياب النساء عن المشهد المسرحي، حتى بدأت النساء في أخذ أدوارهن على الخشبة. كان عبد الغياس ومحمود فاروق أفندي، من بين الممثلين الأفغان البارزين، الذين لعبوا دور النساء في المسرحيات. تعد مسرحية «أبناء أريانة» واحدة من المسرحيات المكتوبة في ذروة المسرح الأفغاني، التي كتبها عبد الرحمن باجهوك. كانت واحدة من المسرحيات الأولى، التي تم إصدارها بشكل مستقل، حيث لم يكن فيها أي دور للمرأة. بحسب باجهوك، كان الغرض من كتابة المسرحية ونشرها تعزيز الوحدة الوطنية. سيستمر غياب المرأة عن الخشبة المسرحية إلى تأليف خوشان لمسرحية «ولاء المرأة» وستكون واحدة من الأعمال المسرحية الأولى التي وجدت فيها الشخصية الأنثوية مكانها وصوتها.
كان الشعب الأفغاني ولا يزال متمسكًا بالثقافة المسرحية، أصبح المسرح ممارسة فنية مرتبطة بالحياة اليومية، يتم تقديمها في المهرجانات والشوارع والمدارس. ساهم حضور العديد من المعلمين والطلاب الذين التحقوا بمدارس الدراما بشكل غير مهني، بشكل كبير في نمو هذا الفن في أفغانستان. كانت مدارس غازي الثانوية، مالالاي، عائشة دوراني، سورية، وزرقونة، وبيبي مهرو، الاستقلال، ربيعة بلخي، الأميرة مريم، ومدرسة حبيبي الثانوية من بين المدارس الأولى التي تولت زمام المبادرة، وشجعت الفن المسرحي. كانت سميه ميرزاد، الأخت الكبرى لصالحة فاروق اعتمادي، واحدة من الطلبة الذين كتبوا المسرح بشكل مبكر، فقد كتبت مسرحيتها الأولى عندما كانت في الصف السابع في مدرسة مالالاي الثانوية. تم تمثيل مسرحيتها الموسومــــــة بـ «الملكة» في ثلاثة مشاهد، واستقبلها الجمهور بشكل جيد للغاية.

إن المواضيع الجديدة التي يعالجها المسرح، يحظرها المجتمع في أفغانستان، لذلك يخاطر المسرحيون بحياتهم للكشف عن الواقع المرير لبلدهم. فالنشاط المسرحي أكثر من مجرد فن بالنسبة للأفغان، إنه نوع من التمرد والتحرر في الوقت نفسه.

وبالتالي فإن المسرح المدرسي سيشارك في ازدهار المسرح في أفغانستان، خاصة بين الشباب. وهذا ما يدل على أن المسرح الأفغاني لم يكن حكرا على نخبة أو فئة معينة. كان الفنانون والهواة، كبارا وأطفالا يمارسون كتابة المسرح ويلعبون أدورا على الخشبة.
تخلق المسرحيات الأفغانية اليوم نقاشات حادة وجدلا واسعا، لأن تمثيل الصورة الحقيقية لأفغانستان يصدم الجمهور ويزعج المنتسبين إلى جماعات طالبان. يحاول رواد المسرح التطرق إلى كل المواضيع، التي تتربط بشكل مباشر بالحياة الأفغانية من قبيل: الفقر، البؤس، الحرب، تعليم الفتيات، الحب، المنفى، السجن، الانتحار، إلخ. فإذا كانت الرواية الأفغانية شهدت ازدهارًا ملحوظًا منذ عام 2000، إلا أن المسرح لم يمارس كثيرًا حتى السنوات الأخيرة. ويُفسر ذلك حقيقة أن الفنانين الأفغان، لم تكن لديهم الحرية الكافية للتمثيل على خشبة المسرح، في بلد أصبح يصنف هذا الفن من بين المحرمات بعد وصول طالبان إلى الحكم. لذا، فمعظم المسرحيات تُلعب خارج أفغانستان، من قبل فنانين أفغان فروا إلى أوروبا أو أمريكا. يُقدم المسرح المعاصر وجه أفغانستان الدموي ويرجع الفضل إلى استمراره إلى فرقة مسرحية تسمى «مسرح أفتاب، مسرح الشمس» التي تقدم مسرحياتها بشكل رئيسي في فرنسا وألمانيا. بفضلها، يحتل المسرح الأفغاني اليوم مكانه بين الفنون الأفغانية الشائعة في أوروبا. يمكن تعريف المسرح الأفغاني على أنه الفن المستخدم لإدانة الظلم، لتمثيل الأحداث الدموية، أو المتعلقة بالواقع اليومي الأفغاني. إذا كان الأدب الكلاسيكي يعرّف المسرح على أنه عالم الأقنعة، فإن الأفغان يرون في المسرح الوسيلة للتعبير عن التزامهم تجاه وطنهم، ووسيلة لفضح الظلم الاجتماعي، والدفاع عن حقوق المرأة، ومناهضة الحرب والعنف بكل أشكاله.
إن المواضيع الجديدة التي يعالجها المسرح، يحظرها المجتمع في أفغانستان، لذلك يخاطر المسرحيون بحياتهم للكشف عن الواقع المرير لبلدهم. فالنشاط المسرحي أكثر من مجرد فن بالنسبة للأفغان، إنه نوع من التمرد والتحرر في الوقت نفسه. فهو بمثابة اللوحة، والإيحاءات المستمدة أساسا من الوجود الإنساني، ومرآة ملموسة تسمح للمتلقي بفهم الشعور الوجودي لشعب يعاني من ألم دائم. ففي السياق الاجتماعي والثقافي والجيوسياسي الحالي، لا يزال العالم يتجاهل الصورة الحقيقية لأفغانستان. بالتأكيد، فقد كان هذا البلد ولا يزال نقطة تقاطع مجموعة من الثقافات. لذا، يجب النظر إلى مسرحه على أنه ثورة فكرية قادرة على تغيير كل الأفكار النمطية، التي أزالت أفغانستان من المشهد الثقافي والأدبي العالمي.
ومن بين الممثلين الرئيسيين للمسرح الأفغاني الحديث والمعاصر نذكر: هارون أماني، عارف بنوهار، طاهر بيغ، صبور دلاوار، مجتبى حبيبي، مصطفى حبيبي، سيد أحمد هاشمي، فريد أحمد جويا، شفيق كوهي، آصف مودودي وغيرهم. يقدم هؤلاء الفنانون والكتاب المسرحيون أعمالهم في فرنسا وألمانيا وفي باقي البلدان الأوروبية، التي تهدف إلى إسقاط القناع عن الحرب والعنف والتعصب الديني في أفغانستان. في مقابلة مع صحيفة «La Croix» ، قالت الفنانة شوهرا سباغني إنه ينظر للمسرح بصورة سلبية في أفغانستان، ويضيف هارون أماني، أن مجرد القول بأنه كاتب مسرحي يمثل مشكلة في بلده. فالمجتمع الأفغاني ليس منفتحًا على هذا النوع من الفن اليوم، لأن التعصب الديني الذي تمارسه طالبان يحظر الفنون مثل، المسرح والرقص. يقول هارون أماني: «في المرات القليلة الماضية التي ذهبت فيها إلى أفغانستان، تجنبت بعناية الحديث عن هذه المسألة. لم أخبر أحدا عن وظيفتي. قلت إنني عملت في ورشة خياطة في باكستان! حيي في كابول غير آمن للغاية. في النهار، يبدو هادئًا، يشغله الحرفيون، في الليل، تسيطر عليه جماعات طالبان المنحدرة من الجبال». على الرغم من كل هذا، يستمر النشاط المسرحي الأفغاني في النمو رغم كل المشاكل المترتبة على التلقي المسرحي. يستمر المسرح في معالجة الموضوعات التي لا يمكن تحملها، والتي يضحي اليوم مجموعة من الفنانين بحياتهم من أجل التطرق لها. وهكذا فإن المسرح الأفغاني جزء من التيار الثقافي الملتزم والمدافع عن قضايا الشعب الأفغاني المضطهد. يُعرَّف المسرح الأفغاني بأنه انفتاح على العالم، وهو شكل من أشكال المقاومة ضد اللاإنسانية والتعصب الديني. ويعبر عن الهوية والأزمة الوجودية للنساء والرجال بحثا عن أنفسهم في فوضى وخراب الحرب.

٭ كاتب وباحث مغربي

السبت، 18 أبريل 2020

المسرح يبلسم الجروح في أفغانستان

مجلة الفنون المسرحية

المسرح يبلسم الجروح في أفغانستان

المصدر:AFP

في بلد محافظ شهد عقوداً من الحرب والنزوح والفقر، يأمل منتجو المسرحية أن يساهم عملهم في زيادة الوعي حول الإجهاد النفسي، والتأثيرات الطويلة الأمد للأحداث الصادمة.

وبينما كانت تدور المسرحية حول فتاتين تكافحان للخروج من صدمة تعرضتا لها قبل فترة طويلة، بدأ الطالب الأفغاني حسين يبكي، إذ تسبب أداؤهما في تأجيج ذكريات اعتداء كاد يودي بحياته.

وقال الشاب (22 عاما)، الذي نجا من تفجير انتحاري في كابول أودى بحياة 57 شخصا في 2018 "لم أستطع التوقف عن البكاء".

وأوضح جبرائيل أمين الناطق باسم منظمة "بيس أوف مايند أفغانستان" الراعية للمسرحية "كل شخص في هذا البلد تأثر بطريقة أو بأخرى بصدمة نفسية بسبب الحرب أو العنف المرتبط بها".

وتابع "المسرح وسيلة جيدة لرفع مستوى الوعي، حيث يشهد الناس الألم الذي ربما لم يعرفوا أن كثيرين حولهم يتشاركونه معهم".


وقد وجد مسح أجراه الاتحاد الأوروبي في عام 2018 أن 85 في المئة من الأفغان اختبروا حدثا صادما واحدا على الأقل أو كانوا شهودا عليه، في حين تظهر بيانات لوزارة الصحة أن ما يقرب من 50 في المئة من الأفغان يعانون محنة نفسية.

ولفت بشير أحمد سارواري، رئيس إدارة الصحة النفسية في الوزارة "لاشك أن الحرب والعنف المرتبط بها هما أبرز العوامل في الاضطرابات والصدمات النفسية في أفغانستان".

ومع استمرار معاناة العديد من الأفغان سرا، يلجأ المهنيون في مجال الصحة العقلية حالياً إلى وسائل غير تقليدية لزيادة الوعي، بما في ذلك مشاريع فنية عامة وعروض مسرحية.

من جهتها، قالت الممثلة جميلة محمودي التي تؤدي دور ضحية هجوم إرهابي في المسرحية، إن الأداء ساعدها على تقبل نجاتها من تفجير انتحاري، فقد حاربت الشابة البالغة من العمر 21 عاما اضطراب الإجهاد الناتج عن الصدمة عدة أشهر.

وأضافت "أشعر بسلام في الوقت الذي أقوم فيه بتأدية الدور الذي مررت به وعاشه آلاف الآخرين في الحياة الواقعية".

الاثنين، 11 أبريل 2016

وليام شكسبير في افغانستان: المسرح ملعب تنس... والجمهور "ارتعش"

مجلة الفنون المسرحية

وليام شكسبير في افغانستان: المسرح ملعب تنس... والجمهور "ارتعش"

على وقع هدير طائرات الهليكوبتر المحلقة قرب مقر حلف شمال الأطلسي القريب، أوصل الممثل البريطاني نعيم حياه حياة "هاملت" وصراعه الى جمهور مرتعش في #كابول.

ونعيم ضمن فريق عمل أشهر مسرحيات وليام شكسبير التي تعرضها شركة "بريتينز جلوب ثيتر"، وتسافر بها الى بلدان عدة حول العالم، من رواندا إلى أنتيجوا، وحتى ليتوانيا، في إطار جولة عالمية لمدة سنتين تهدف الى زيارة كل بلدان العالم.

ورغم هذه المواقع الغريبة المحيطة بالمسرح، قال السفير البريطاني دومينيك جيريمي إن العمل الذي ارتجل على خشبة مسرح أقيمت على ملعب تنس السفارة البريطانية في كابول ليلة الأحد كان "أحد أكثر المواقع غير الاعتيادية لتمثيل هاملت".

ولا تبدو قصة أمير الدنمرك الحزين الغارق في رحلة من الشك والثأر لمقتل والده غير ذات صلة بالبلد الذي أخذ حظه من الاغتيالات والخيانة خلال 30 عاما من الحرب. ومن الممكن أن يشكل الشعر الخماسي التفعيلة المنظوم من 400 عام، فضلا عن التقاليد المسرحية الخاصة بدراما شكسبير حائلا حتى أمام الجمهور في البلاد الناطقة بالإنجليزية.
لكن عبد القادر فروخ -وهو ممثل أفغاني معروف شارك في الفيلم السينمائي لرواية خالد حسيني الشهيرة "ذا كايت رانر" العام 2007، قال إن تراث الشاعر امتد كثيرا إلى خارج بريطانيا. وأضاف: "شكسبير لم يكن شخصا عاديا. عندما كنت شابا درسته في المسرح الأفغاني. لديه تراث عريق، وأنا فخور بأن أقول بأنني أديت دور عطيل لشكسبير."

وسبقت العرض المسرحي لهاملت الأحد -والذي كان قرب موقع هجوم صاروخي في الليلة السابقة- تعليمات بشأن ما يجب فعله عند حصول طارئ أمني. وقوبل العرض بترحيب حار من الجمهور الذي كان خليطا من الديبلوماسيين وكبار الشخصيات والطلاب الأفغان. وقال طالب الفنون المسرحية مسعود هوناردوست: "هذا فعلا أمر جديد بالنسبة الينا. كنت في انتظار اليوم الذي أرى فيه أجانب يؤدون مسرحية لشكسبير في أفغانستان."

------------------------------------
المصدر: رويترز 

الاثنين، 27 فبراير 2012

مجلة الفنون المسرحية

رحلة شكسبير الأفغانية إلى مسرح غلوب البريطاني



بي بي سية:

يأمل الممثلون الأفغان في إعادة تعريف شكسبير، وكذلك الوعي العام بالشأن الأفغاني، وذلك عن طريق المشاركة في واحد من أهم مهرجانات المسرح عبر العصور.

في بيت يقع في احد الشوارع الاكثر هدوءا بمدينة كابول، تقوم شابتان أفغانيتان بقراءة أعمال شكسبير لأول مرة.

فإحداهما تعمل ممثلة مسلسلات تلفزيونية، وهي تعمل في مجال التمثيل لاعالة زوجها وأبنائها السبعة، والأخرى تقوم بالبحث عن كل ما يتعلق بشكسبير عبر الإنترنت للتعرف على أعماله.

وتشكل الإثنتان جزءا من محاولة للقيام بأداء مسرحية”كوميديا الأخطاء”لشكسبير على على مسرح”غلوب”في لندن.

وفي إبريل القادم ستغادر الفتاتان أفغانستان وذلك للمرة الأولي لتتجها إلى لندن للقيام بالتمثيل على خشبة المسرح التاريخي لشكسبير.

ويأتي ذلك ضمن المشاركة في فعاليات الأولمبياد الثقافي البريطاني الذي يدشنه مسرح”غلوب”(الكرة) والذي سيقدم مسرحيات شكسبير بنحو 37 لغة، لفرق مسرحية من دول مختلفة.

وتشمل هذه الأعمال”العاصفة”من بنغلاديش، ومسرحية”سيمبيلن”من جنوب السودان، بالإضافة إلى مسرحية”خاب سعي العشاق”والتي ستعرض بلغة الإشارة البريطانية.

وسينتهي المهرجان الذي يستمر لمدة ستة أسابيع بعرض مسرحية”كوميديا الأخطاء”من قبل الفريق الأفغاني.

العائلة المفقودة
وتبدأ المسرحية في مطار كابول وبعودة أحد الآباء إلى وطنه أفغانستان بحثا عن أبنائه المفقودين والذين فقدهم – ليس في حادث تحطم سفينة كما كان يقصد شكسبير – ولكن في عاصفة رملية.

وتعتقد السيدة كورني جابر أن المواضيع التي تتناولها مسرحيات شكسبير وطيدة الصلة بالوضع بأفغانستان، حيث تقول”ستبدأ المسرحية بوالد يبحث عن عائلته المفقودة وسيتحدث إلى الناس هنا. فبعد 30 عاما من الحرب يعود الناس للبحث عن أقاربهم المفقودين، والعائلة تمثل أمرا مهما جدا، ولا يمكنك العيش بدون عائلتك.”

وتضيف جابر”الاوضاع الاجتماعية في انجلترا في عصر النهضة اقرب الى الوضع في أفغانستان المعاصرة أكثر من أي مكان أخر في أوروبا. فكل الرموز الثقافية في مسرحيات شكسبير لها مدلول في أفغانستان، وبالطبع فإن الشعر يعد مكونا أساسيا في الثقافة الأفغانية.”

وليست هذه هي المرة الأولى التي تتبنى فيها جابر أعمال شكسبير في أفغانستان، ففي عام 2005 أخرجت مسرحية ”خاب سعي العشاق” في حديقة قديمة في كابول.

وقوبل العرض باستحسان كعمل يتضمن اختلافا كبيرا عن الثقافة الشائعة فقد ظهر في المسرحية رجال ونساء يمسكون أيدي بعض، وقد ظهرت النساء في بعض الأوقات بدون غطاء الرأس.

ولكن جابر تصر على أنها لم تأت إلى أفغانستان كثورية، وتقول”أنا لست أحد أعضاء الحركة النسائية، وأنا لا اقوم بذلك لأجعل هذه النساء حرة، ولكنني أهتم بما أحتاج إليه من الناحية الفنية لأخبر القصة.”

تهديد بالقتل
وكانت أكبر التحديات هي إيجاد نسوة يرغبن في المشاركة في العمل المسرحي.

وكانت اثنتين من النساء اللاتي شاركن في مسرحية ”خاب سعي العشاق” قد اضطرتا لمغادرة البلاد، حيث تعيش إحداهن الآن في كندا وستظهر في العرض المسرحي ”كوميديا الأخطاء” بجانب ممثلتين أخرتين من مدينة كابول.

وتحاول جابر إيجاد ممثلات بالاعتماد على البحث من خلال المعارف والأصدقاء، وليس عن طريق الإعلان، حيث أن العديد من النساء اللاتي يذهبن للاختبار في مجال التمثيل يتعرضن للمضايقة والإهانة أو يتلقين تهديدات بالقتل بسبب مجال عملهن.

وتقول إحدى الممثلات ”أفغانستان مجتمع تقليدي، حيث هناك العديد من الناس يعانون من الأمية، ولا يفهمون فكرة المسرح. فأنا أتعرض للتحرش في الشارع، والناس يدعونني بالشاذة والعاهرة. ويقولون لي أنت أمرأة ويجب أن تمكثي بالبيت، وهم لا يفهمون الأمر.”

ومثل العديد من الممثلات، اعتادت عبيده – وهي ممثلة تعمل في كابول - أن تقوم بالتدريس في المدينة، وقد بدأت التمثيل عندما لم تتمكن من دعم عائلتها براتبها غير الكافي."

وتضيف عبيده ”ابنتي كانت مريضة جدا، وكنت أقوم بالتدريس في ذلك الوقت، ولكنني لم أستطع أن أحصل على ما يكفيني من المال، ولذا قلت لزوجي إن ابنته مريضة جدا وعليه أن يأخذها إلى المستشفى، ولكنه قال لي اذهبي إلى الجحيم أنت وابنتك، وقال لي أن انتظر حتى تتزوج فيقوم زوجها بالانفاق على علاجها. وإذا كان مقدرا لها أن تموت قبل ذلك، فدعيها تموت.”

وعن عملها في مجال التمثيل تقول عبيده ”شخصيتي في الأفلام التي أقوم بها تختلف تماما عن شخصيتي الحقيقية. فأي شخص يشاهدني في التلفاز يعتقد أن لي حياة جيدة جدا، ولكن المال الذي أحصل عليه من التمثيل يذهب في مصاريف الأبناء الدراسية وفي الإيجار السكني والفواتير الأخرى.”

"باريس صغيرة"
وكانت حركة طالبان قد حرمت التمثيل المسرحي، وحتى بعد 10 سنوات من سقوط نظام طالبان، لا تزال الحركة المسرحية ضعيفة في أفغانستان.

وكان مسرح كابول القومي يقدم عروضا لمسرحيات شكسبير ومولير، وكان من أكبر المسارح في أسيا، ولكنه تعرض للدمار خلال الحرب الأهلية في التسعينات ولم تتم إعادة بنائه أبدا.

ويتذكر ميرويس صديقي مدير مدرسة أغا خان للموسيقى في مدينة كابول أيام الأمجاد التي شهدتها المدينة فيقول ”أعمال شكسبير ليست شيئا جديدا على أفغانستان، فعندما كنت صبيا، اعتدنا أن نذهب إلى المسرح القومي في مدينة كابول، وشاهدنا أعمال شكسبير. كانت المدينة عبارة عن باريس صغيرة، حيث كان الناس يغادرون المسرح في الساعة الثانية صباحا. لقد كان عالما مختلفا.”

"أمور حساسة"
ويقدم المسرح القومي الآن عروضا للأطفال بجوار ما تبقى من حطام المسرح بعد تعرضه للدمار. ويدير المسرح الآن شابور صدقات المتخصص في مشروعات الفنون الأجنبية.

ويقول صدقات ”حينما يقوم المخرجون بعمل عرض مسرحي فهم يراعون تقاليد المجتمع، ويعملون بطريقة تراعي الأمور الحساسة الخاصة بالمجتمع.”

ويضيف ”يحتاج المخرجون للعمل مع الأشخاص الذين لديهم معرفة جيدة بالنواحي الثقافية على أرض الواقع، وإلا سيخاطرون أكثر بصرف الناس عن المسرح.”

ويوضح صدقات ”العديد من المخرجين يأتون إلى هنا، وعندما يغادرون ينتهي المشروع الذي جاءوا من أجله. فهم يقومون بتعيين ممثلين بعقود مؤقتة، ويقوم هؤلاء بدورهم، ولكن حينما يرحل المخرج، ينتهي الأمر، ولا يتركون خلفهم شيئا.”

وتنوي كورني جابر أن تعود بمسرحيتها إلى كابول بعد جولة في كل من الهند وبريطانيا وألمانيا.

ولكن الوضع الأمني المتدهور يعني أن المسرحية ربما لن تصل إلى أفغانستان في الوقت الراهن.

وبالنسبة للممثلين المشاركين في المسرحية، فإن تغيير وجه أفغانستان في الخارج أهم من العودة إلى أرض الوطن.

ويقول شاه محمد، أحد الممثلين بالمسرحية ”إن الأشياء الوحيدة التي ترتبط بأفغانستان عند الناس هي المخدرات،والحرب والإرهاب.”

ويضيف ”إن السبب الذي دعانا إلى عمل هذه المسرحية هو أن نري العالم أن أفغانستان ليست هي التي يظنها الناس، ففيها أناس موهوبون، وثقافة ثرية. ورغم الحرب، فإن الحياة فيها مستمرة.”
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption