أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

‏إظهار الرسائل ذات التسميات بحوث ودراسات مسرحية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات بحوث ودراسات مسرحية. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 24 يوليو 2017

"الابعاد الذاتية للشخصية الدرامية في النص المسرحي العراقي " في رسالة ماجستير

الأحد، 16 يوليو 2017

مداخل نظرية في أسس سميولوجيا المسرح

مجلة الفنون المسرحية

مداخل نظرية في أسس سميولوجيا المسرح

د. كريم بلقاسي و د. نبيلة بوخبزة

  مقدمة:           

    على الرغم من تأخر ظهور المنهج السميائي في النقد المسرحي، فإنه استطاع  أن يخلق لنفسه زاوية متمركزة للنظر إلى الظاهرة المسرحية، و أن يصوغ أسئلته و قضاياه  الخاصة، متوسلا بجهاز مفهومي دقيق. و قد انصرف اهتمام هذا المنهج إلى تحليل النص الدرامي و العرض مركزا على تنظيمها الداخلي، و على دينامكية العمليات الدلالية التي يشارك فيها كل من الممارسين و المتفرجين. فسيميولوجيا المسرح منهج ينصب على تحليل النص/ العرض و يهتم بالتنظيم الشكلي للنص أو الفرجة، كما يعنى بديناميكية سيرورة الدلالة و بإنتاج المعنى بواسطة تدخل الممارسين و الجمهور[1].

    و نشير إلى أن المرحلة السيميولوجية الأولى ركزت على تأسيس سيميولوجيا المسرح فصادفت عدة صعوبات منهجية مرتبطة أساسا بتصنيف العلامات، الطابع الآلي لسيميولوجيا التواصل، الدلالة الإيحائية، و العلاقة بين النص و العرض..و نحن في هذا الإطار سنركز على الاتجاهات الجديدة لسيميولوجيا المسرح، و هو ما يهتم به موضوع بحثنا.

    أ- الإخراج و السيميولوجيا: بعد الناقشاتالنظرية الأولى للنقاد السيميولوجيين الذين اقترحوا نموذجا متكاملا، لكنه شديد العمومية و التجريد، تمت العودة إلى مساءلة براغماتية أكثر للموضوع المسرحي، مثلما كان الأمر في بداية حلقة "براغ"  اللسانيةمع "هونزل" وَ "فلترو فسكي" وَ "بوكاتريف". هكذا أصبح يتعين على كل اشتغال دال أن يجري تفسيره في السياق الخاص بالعرض المدروس، كما غدا الإخراج فعلا سيميولوجيا يحرص على محو آثار اشتغاله، بدرجات متفاوتة، لكنه لا يفتأ يفكر في تركيب علاماته و قراءتها.

    فالمخرج ذا النزوع السيميولوجي (مثل دومارسي) يفكر بواسطة مجموعة متوازنة من العلامات، و يعي مقادير المواد التي يستخدمها، كما أنه يكون ذا حساسية بتواتر العلامات الموظفة، و كذا بالتناسب القائم بين الأنساق: الموسيقى "التشكيلية" القول "الفضائي" و الإيماء المناسب للإيقاع الخفي للنص إلخ[2] . و يبقى أمام السيميولوجيا أن تكشف عن الصور البلاغية المتحكمة في إنتاج المعنى باعتباره ناتجا عن أنساق العلامات. و يشكل التقابل بين الاستعارة و المجاز نقطة انطلاق جيدة بالنسبة لهذه البلاغة، و إن كان عليها ألا تقتصر عليهما. 

    ب- تنظيم أنسقة العلامات: تبحث السيميولوجيا عن التقابلات بين العلامات التي تنتمي إلى أنسقة متباينة، كما أنها تقيم تعارضات ثنائية بين الشفرات، و تقترح تراتبية بين المواد في هذه اللحظة أو تلك من لحظات العرض. فالإخراج يركز على بعض العلامات مهملا بشكل حتمي أخرى، كما أنه يعين لحظات الوقف في العرض بواسطة نسق الإنارة، و يعزل المقاطع. يضاف إلى هذا أنه يرصد بشكل خاص مفاصل الأنسقة الركحية، و يتلذذ بإدراك مظاهر التفاوت بينها، و من قبيل التناقض الذي يمكن أن يقوم بين النص و النسق الموسيقي أو التنغيم  و كذا الديكور الذي يمتنع عن التعبير، طالما أن النص و اللعب لم يقوما بتوضيحه إلخ.

    و تهتم السيميولوجيا بخطاب الإخراج، أي بالكيفية التي تتوالى بها مقاطع العرض و كذا بالحوارات و العناصر البصرية و الموسيقية. فهي تبحث في تنظيم "نص الفرجة" أي في بنيته و كيفية تقطيعه. إنها تذكرنا بالفكرة الحدسية القائلة إن فهم العرض يعنى القدرة على تقطيعه وفق كل المعايير: السردية و الدراماتورجية و الإيمائية و الإيقاعية.

    و بذلك فهي تقع على المستويين الاستبدالي (أي تحليل النسق بكامله في كل لحظة من العرض) و التأليفي (تطور هذا النسق على امتداد العرض). إنها تعطى لنفسها حرية البحث عن التشكيلات الجديدة و الموضوعات، أي عن العناصر المتكررة أو المترابطة التي يسمح بمعرفتها بقراءة منسجمة للفرجة. 

    و أخذ علم الجمال منزلة كبيرة في الخطاب الفلسفي الحديث مع "كانط" و "هيجل" و بدأت التصورات السيميائية للجماليات تتبلور في كثير من الأبحاث. و لا سيما المتعلقة بجماليات الخطاب البصري سواء تعلق الأمر بالصورة الفوتوغرافية أم بفنون العروض المسرحية  و ما اتصل بها من إضاءة و سينوغرافية و إخراج و ديكور، و ما إلى ذلك مما يخرج عن فضاء العلامات اللسانية مثل السينما و الفنون التشكيلية و العمارة لتأخذ تعبيرا أيقونيا تارة و رمزيا تارة أخرى. فتناول "موكاروفسكي" الفن بوصفه واقعة سيميائية لا تنحصر في المحاكاة السلبية للواقع، ولكنه حامل لدلالات في العمل الفني. لقد سبق له أن أرسى أسس التصورات اللسانية و النقدية و الجمالية ضمن ما يعرف بحلقة براغ اللسانية التي أسهمت في إخصاب حقل السيميائيات، و نذكر هنا خطاطة "جاكوبسون" التي أشارت هنا إلى الوظيفة الشعرية التي تعد في جوهرها جمالية إذا أرجعناها إلى أصول الجماليات الأرسطية، و ذات طبيعة محايثة لا تحيل إلا على داخلها، و لا تحيل على شيء خارجها.1

    و على الرغم من ذلك فإن "جاكوبسن" لا يدعو إلى انفصال الفن؛ بل إلى استقلاليته، و لا ينطلق من المصادرة التي ترى أن الفن مكتف بذاته، و يقر بأن الفن ينتمي إلى النظام الاجتماعي و يتسم بالتغيير في علاقاته مع القطاعات الأخرى داخل البنية الاجتماعية، و يخضع إلى التطور الجدلي.

      إنها تشد انتباه المتلقي بنظمها و بنيتها التركيبية. فوقعها الجمالي كامن في العالم الذي تكونه الكلمات كما قال "بول فاليري" و بلغة سيميائية إنه كامن في عالم العلامات الدالة. إذا نظرنا إلى السيميائيات المسرحية نجدها تندمج في عالم السيميائيات الخاصة التي تنتظم لدراسة الخطابات المتعددة الشفرات، إذ نجد اللغة المسرحية تستدعي انساقا متباينة من العلامات المتمثلة في اللسان و المحكي و المكان و الحركات و الضوء و الديكور و الجمهور، و لا غرو أن تعد سميائيات المسرح ملتقى للعلامات. 

    إذ قيست لغة الجسد بالعلامات اللسانية نجدها تنطوي هي الأخرى على بعد عالمي يتباين بتبيان المواضعات الاجتماعية و القيم الثقافية، إذ أن الجسد الإنساني واحد، ويستجيب للإكراهات الطبيعية، ولكن أجزاءه العضوية المحدودة عددا كما هو الشأن بالنسبة للسان الذي يتألف من أصوات لسانية محدودة ينتج دلالات متباينة وغير متناهية، وذلك بتقطيع حركاته وفق ما تمليه الطبيعة الفيزيائية الخاضع لها وكذالك الطبيعة الثقافية .

    ينتج الإنسان العلامات، ويمنحها دلالات خاصة سواء أكانت عاطفية أم روحية أم رياضية بمجرد أن يقوم بتحريك جسده ضمن الأبعاد الثلاثية للفضاء تحريك تبعث منه الأوامر والأفكار والسيرورات الحسية، وقد تتحول هذه الحركات وفق شفرات معينة ومدروسة أحيانا إلى فنون أبرزها الرقص التعبيري الذي ينطوي بدوره على سيميائيات التواصل.

     وسيميائيات الدلالات، و سيميائيات الثقافة، و لكن تبق حركاته لا تتوافر بالضرورة على الخصوصية العالمية لدلالة، وتبعا لذالك يصعب جدا تنظيم المعنى تنظيما نسقيا داخل خطاب الجسد.1

    و هكذا تبقى سيميائية "موكاروفسكي" واضحة المعالم في كونها رفضت النظرات الجمالية الوثوقية التي تربط الفن في مجرد المحاكاة و التسجيل الحرفي للواقع، وانطلقت في مقاربتها السيميائية للخطابات الفنية من منطلق أن للعلامة الفنية وظيفتين: الوظيفة الاستقلالية و الوظيفة التوصيلية؛ بيد أن طرح "موركارفسكي" لم يتسم بالعمق الذي يجعله يقدم إضافة نوعية إلى تراث التفكير الفلسفي في مجال الفن. و على السيميائية أن تفكر مليا في بناء تاريخ للأشكال مستقل قائم على متصورات تعاقبية في إطار النسق المفتوح الذي لا يقبل أن تسجنه الثقافة المعمارية.

    ج- التطورات الأخيرة: لم تعد الاتجاهات المعاصرة تنجح إلى الانعزال و الإقصاء بل أصبحت السيميولوجيا تعيد إلى مجالها المنهجي تدريجيا كل ما سبق أن أقصته. و بهذا أصبحت تعنى بإشكالية الخطاب و أفعال الكلام و نظرية العوالم الممكنة و مقتضيات الخطاب و السوسيو-سيميائيات. إن هذه التطورات الأخيرة تشهد على تطويع المناهج اللسانية الصرفية و على الرغبة في إنشاء شعرية أو بلاغة للأشكال المسرحية، مع عدم الاقتصار على خصوصية النوع المسرحي، و محاولة استيعاب كل التحليلات الفرجوية.

    و يبدو أن سيميولوجيا المسرح -في معناها الواسع- ليس علما جديدا، أو مجالا بكرا للبحث، بقدر ما هي دراسة تمهيدية، و إبستمولوجيا "لعلوم الفرجة"، أي أنها تفكير حول العلاقة بين مشروع دراماتوروجي و تحقق ركحي.

    و تعزز الاهتمام بالقراءة المحايثة للمسرح في الغرب مع ظهور المنهج السيميائي في عقد الستينات، إذ اعتبر المسرح "موضوعا سيميئيا متميزا".

    و هكذا تناول النقاد السيميائيون قضايا جوهرية في الخطاب المسرحي كطبيعة العلامة في المسرح و العلاقة بين النص الدرامي و العرض و خصوصية التلقي المسرحي، و مستويات التحليل في العرض المسرحي.. و غيرها من القضايا النظرية و التطبيقية المتعلقة بفهم التركيبة الجمالية و الفكرية لهذا الفن.

    فالمسرح حسب "سوزان بنيت" يتطلب نموذجا تواصليا أكثر تعقيداً. فالعرض المسرحي - على نقيض النص المكتوب - يكون متاحا لجمهوره في فترة زمنية محددة، و هو عملية تفاعلية تعتمد على حضور المتفرجين و الذين من خلالهم يؤتى الحدث المسرحي أثاره، و يختلف العرض المسرحي عن العمل المكتوب و ذلك أنه يدخل في علاقة مباشرة مع جمهور المتلقين - تلك العلاقة التي تتخذ شكل القبول من جانب الجمهور أو التعديل أو الرفض، و قد انعكس هذا التعقيد الذي تتسم به العلاقة بين العرض و الجمهور على متخصص السيميوطيقا الذي شرع يولى اهتمامه بنماذج التواصل المسرحي.

    فقد عمد السيميوطيقيون أساسا إلى استكشاف كثافة العلامات التي يطرحها أي عرض مسرحي، و العلاقات المتداخلة بين هذه العلامات، و اهتموا على وجه الخصوص بالعناية التي أولها التراث الأوروبي للعلامات التي تصدر عن الممثل، و يؤكد كل من جيرارGirard و أويليهOuellet و ريجولRigault في كتابهم "عالم المسرحL’univers du theatre " على أن العلامات التي يتلقاها المتفرج نادرا ما تنفصل و تتباعد عن سياق ما.

     فالكلمات عادة ما يصاحبها تعبيرات بالوجه، و ما إلى ذلك؛ و تقوم العلامات من خلال عدد لا نهائي تقريبا من التراكيب المحتملة بإستثارة و تكرار و استبعاد و تصحيح و معارضة و تشكيل علامات أخرى و ذلك بشكل متزامن، و مثل هذا التعقد و التواتر للعلامات يناوئ مركزية الكلمة. 

    إن إمكانية التحول السريع للأشياء على الخشبة، و ذلك من خلال التحول الإشاري و التضميني للعلامات ليست إلا مستوى واحد من عملية معقدة تطرح نفسها للتلقي الجماهيري، فالعلامات يجب أن يتم تلقيها من خلال ما يسمى بالإحتمالات التوفيقيةcombinatorial possibilities (أي الجمع بين دلالات العلامة في جميع مشاهد المسرحية).

    و ذلك على حد قول "إريكا فيشرليخت" ففي المشهد الأول من مسرحية "مشعلو الحرائقthe fire raisers"  يتم الجمع بين السيجار (باعتباره علامة) و علامات أخرى (مثل وقت الفراغ لدى بيدرمان، و زجاجة النبيذ و الحضور المادي للخادمة) للإشارة إلى سياق برجوازي، الأمر الذي يؤدي إلى إحداث تطور في القصة و إحاطتها بإطار إيديولوجي، كما تؤدي العلامة بين مجموعة العلاقات و التكوين الاجتماعي للجمهور.1

    و علاوة على ما سبق فقد وجه دارسو السيميوطيقا بعض الاهتمام إلى جمهور المسرح باعتباره ظاهرة اجتماعية، كما رأينا في حالة العلامة التي تطرح فوق الخشبة و التي يصعب دراستها بمعزل عن العلامات الأخرى فوق الخشبة.

    و يرى الناقد المسرحي "كلير إيلام" أنه يوجد في عملية التلقي ميل نحو الإدماج و التوحيد يسلم أثنائها الفرد ذاتيته للجماعة و ذلك أثناء فترة العرض. و ينظر "بافيس" إلى عملية الإرسال و التلقي باعتبارهما طرفان في حلقة تأويلية يستلزم كل منهما وجود الآخر.

    فيوضح "بافيس" أن القراءة هي مجموعة الإجراءات التفسيرية التي تؤدي إلى تلقي العرض ففي أسلوب ''الاتصال من خلال القراءة/الكتابة''، لا يمكن أن نعتبر القراءة مرحلة ثانوية و لكن تظهر كوجه آخر لازم للكتابة.

     لأن القراءة الساذجة (-التي تتم دون وعي بالآليات المرتبطة بها-) مرفوضة باعتبارها تشويهاً، لأنها تطمس -تلقائيا- وسائل إنتاج العمل و تطمس قراءته، مثلما تطمس الجماليات الكلاسيكية عملية بناء المعنى نتيجة لدورها الإيهامي.

    إن هذه القراءة المستنيرة بين طيات النص كي ندركها، يمكن أن تكون هي "اللغة الشارحة"، الوصفية و المفسرة، و التي يمكن أن تكون عنصراً واحداً، أو عدة عناصر من العناصر التالية:1

$11.      منظومة أنشئت من خلال النقد.
$12.      صورة انعكاس ذاتي داخل العمل الفني نفسه.
$13.      أسلوب أدبي يميز العمل الفني ببصمة مؤلفه.
$14.      صورة المتلقي و حالة التلقي. "توجيهية التلقي".
       و لأن النص يعنى العرض في هذه الحالة، فلا بد أن نضيف إلى تعبيراتنا العشوائية عن القراءة النصية، تحولات المعنى التي تحتل مكانها عند كل مستوى من مستويات التمثيل. فإذا بقيت في نهاية القراءة خيارات درامية أو مسرحية ظاهرة، فإن المخرجون يعتمدون إخفاء خيارات أخرى و لا يمكن قراءة التجسيد شفاهيا باعتباره نصا، رغم وضوحه وضوحا عيانيا. 

     و في النهاية يقطع " الإفصاح المسرحي Inunciation Théâtral " (إيقاع التمثيل - الإيماءات تحديد أماكن الممثل - الحضور...الخ) الحدث و التمثيل و النص، و ذلك وفق شبكة لا تصلح إلا للإخراج. 

    ف "التجسيد Iconization أو تقديم النص بصورة مرئيةMise en vue" هو الأساس و ليس مدلولات النص: يكتشف النص بكل قابليته للكسر و يتهدد دائماً، و كأن الإيمائية هي التي تقطع تواصله في أي وقت، و هي التي تقود المتلقي إلى إيقاع التلقي.     إن الفن الروائي (النص+ المنظومات المختلفة للسرد+ السرد+ الأفكار التي يحملها بداخله) يقع دائما تحت رحمة التقطيع أثناء التمثيل: الحدث- الواقع المادي للمتلقي- حضور الممثل. إن المسرح هو فقط الذي يقدم هذه العلاقة المبهمة أثناء العرض: اللغة- الفكر- الخيال، يجسدون و يحضرون لمشاهدتهم فضلا عن فهمهم.

    و تظهر هذه العلاقة في فن القص و ذلك من خلال:

أ- القراءة الأفقية: و تتمثل في تلقي مطيع للنص و السرد و الأحداث و الأفكار.

ب- القراءة الرأسية: و تتمثل في تلقي مستخلص من الأحداث، و من عاطفة متأججة بحضور الممثل، و من الفعل التأويلي لتفسير العرض. 

         و توجد طريقتان مختلفتان لفهم معنى العمل الفني (النص الدرامي أو العرض المسرحي):

$11.      تفسير البنية الداخلية: و هو ما يسمى بالتناول السيميوطيقي طبقا لمنهج "بنفنست".
$12.      تتبع علاقة العمل الفني بالإشاري: و هو يعنى أن فهم النص ليس مسألة بحث عن قصد خفي ورائه، بل تتبع حركة المعنى في اتجاه العالم الإشاري، أو تتبع التفسير في عالم مفتوح أمام النص، لكي نفسر وسائل انتشار الوسائط الجديدة التي يطرحها النص بين الإنسان والعالم.
    و يطرح "ماركو دي مارينيس"Marco de Marinis رؤيتين دراميتين للمتفرج  أولهما ترى فيه طرفا سلبيا لا يعدو أن يكون هدفا للأفعال و العمليات التي يضطلع بها المخرج و المؤدون و المؤلف إن وجد، أما الرؤية الثانية فتنظر للمتفرج باعتباره طرفا فاعلا يضطلع بعمليات التلقي المتمثلة في الإدراك و التأويل و التقييم الجمالي و الاستجابة العاطفية و الذهنية.

    و يذكر "ويلفريد باسو"Wilfried Passow أنه في إطار الدائرة الاتصالية توجد مستويات مختلفة من التفاعل؛ حيث يقول:1

يمثل التفاعل المسرحي أهمية محورية بالنسبة للمسرح و هو تفاعل ينقسم إلى عدة مستويات أولها: التفاعل بين المشاهد و الذي يتم في إطار العالم المتخيل (و يمكن تسميته بالتفاعل المشهدي المتخيل).

    و ثانيهما: التفاعل بين الجمهور و هذا العالم المتخيل (و يمكن تسميته بالتفاعل بين الجمهور و الخشبة في حيز عالم الخيال)، و يوجد مستوى ثالث يتمثل في التفاعل الذي يحدث بين أعضاء الفرقة المسرحية (و يمكن تسميته بالتفاعل الحقيقي فوق الخشبة). أما المستوى الرابع فيتعلق بالتفاعل بين الجمهور و الممثلين (و هو التفاعل الحقيقي بين الجمهور و الخشبة). أما المستوى الأخير فهو يرتبط بالتفاعل بين أفراد الجمهور و بعضهم البعض.  

    و إذا انتقلنا إلى الحقل النقدي المسرحي العربي، و جدنا أن ظهور المنهج السيميائي كان متأخرا، فإن النقد المسرحي لم يلتفت إلى الحداثة النقدية إلا في عقد التسعينيات، باستثناء بعض المقالات التي كانت تظهر على صفحات بعض الدوريات، و هي في معظمها مترجمة عن الغربيين، إذ لم يعرف النقد المسرحي العربي المنهج السيميائي، و ضل منشغلا بالبحث عن المضامين الاجتماعية و البيوغرافية و النفسية في النصوص الدرامية على وجه الخصوص أو منصرفا إلى الخوض في قضايا تتصل بتأصيل الفن المسرحي في تربية الثقافة العربية.

    و لا يمكن الحديث عن المنهج السميائي في الوطن العربي إلا في عقد التسعينات حيث ظهرت دراسات تعرف بهذا المنهج، و تحاول تطبيقه في قراءة بعض النصوص الدرامية و العروض المسرحية.

    و قد تناول الباحث المغربي الراحل "محمد مسكين" في كتباته النقدية و التنظيرية جملة من القضايا التي تقع في صميم البحث المسرحي، و مكونات التواصل المسرحي، و مسألة الوحدات الخطابية التي تؤلف العمل المسرحي، و قضية اللغة الواصفة في النقد المسرح و غيرها من القضايا: [3]

      1- تفكيك الخطاب المسرحي:

    لقد اهتمت السيميئيات منذ ظهورها بتفكيك الخطابات التي تشتغل عليها من خلال التمييز داخلها بين مستويات مترا تبة (hiérarchiques) و هرمية، مؤلفة من وحدات تربطها علاقات:

$1-        توزيعية، داخل المستوى الواحد.
$1-        إدماجية، بين وحدات مستويين يتضمن أحدهما الأخر.   
    هكذا ميز "بارث" داخل خطاب السرد مثلا بين مستوى الوظائف، و هو أدناها، و مستوى الأفعال، و هو أوسطها، ما دامت وحداته تتحصل من تركيب الوظائف فيما بينها، و أن نظم تلك الوحدات يسفر عن وحدات المستوى الأعلى الذي هو مستوى السرد. فميز فيه بين ثلاثة عناصر هي: "الشخصية و الحدث و الحوار". و هي لا تحدد باعتبارها جواهر مستقلة و إنما انطلاقا من العلاقات الوظيفية التي تربط بينها. " فالحدث و الحوار كعنصرين دالين يأخذان وظيفتهما من خلال ارتباطهما بالشخصية".

    أما الشخصية فهي عنده علامة، مؤلفة من دال و مدلول، و هي تستمد هذا المدلول من الواقع و التاريخ، في حين أن الحدث هو صورة و إشارة بالمفهوم السيميائي في نفس الوقت.  إنه صورة لأنه يدل مباشرة على الشخصية، إنه أداة كشف و توضيح. و هو إشارةindice لأنه لا يملك أهمية من ذاته، و لكن من علاقته بالشخصية.

    و يتحدد الحوار عنده باعتباره "صيغة"، أي الشكل الخطابي الذي يميز الفن الدرامي في مقابل صيغة الحكي التي تميز الرواية و القصة. فالحوار هو الأساس الأنطولوجي للكتابة المسرحية، لأن الكتابة المسرحية تفرض الحوار كلغة.

    و ما يهمنا نحن أن هذا الفكر التفكيكي، الباحث عن الوحدات و العلاقات، يستلهم روح المنهج السيميائي.

    فالعرض المسرحي منظومة معقدة و متشابكة العناصر، بحيث يصبح تحليل تأثيرها على المتلقيين أمرا معقدا بذاته إلى حدِّ كبير. و لذلك يجد الناقد نفسه مضطرا إلى فصل كل عنصر من عناصر العرض الأخرى، كي يدرسه و يحلله على حدة، ثم يعيد تجميع كل هذه العناصر لتوضيح مدى التفاعل فيما بينها، و هل أدى هذا التفاعل إلى وحدة درامية استشعرها المتلقون، أم أن التفاعل تحول إلى نوع من التشتت أفقد العرض المسرحي شخصيته المتميزة؟ خاصة و أن هذا التفاعل لحظي، أي يتم استشعاره و استيعابه لحظة بلحظة في أثناء العرض. و هو استيعاب لابد أن تتوافر فيه شروط ثلاثة هي: حدة التركيز، و قوة الدفع، و تصاعد التحولات.1

1.حدة التركيز: و هي قدرة العرض المسرحي على إثارة الانفعالات الحادة، و إضاءة مناطق معتمة في عقل المتلقيين و وجدانهم، و فتح منافذ جديدة على حقائق الحياة الغامضة في محاولة جادة و ممتعة لفهمها و استيعابها.

    فالعرض المسرحي تجربة تمتاز بأنها تمتلك القدرة على التركيز، و التجميع و التفاعل و الحدة و البلورة، و التنوير، و إثارة الانفعالات الصحية و الصحيحة، و غير ذلك من الطاقات التي تعجز حياتنا اليومية عن إمدادنا بها.

2.قوة الدفع: و تتمثل في قوة الحوار و منطقيته، و حيوية الشخصيات و مصداقيتها و إثارة الدهشة نتيجة للتطورات المتجددة بأسلوب يمكن أن يمزج بين الحتمية و المفاجأة.

    و التلقي يمكن أن يرتفع إلى أعلى درجاته عند وقوع المفاجآت المثيرة، خاصة تلك التي تتولد من السياق الدرامي و لا تفرض عليه من الخارج، إذ يشعر المتلقي أن استيعابه للسياق لم يمنع دهشته لمفاجآت جديدة صادرة عنه.

3. تصاعد التحوّلات: و التي تعني أن الأحداث السابقة لم تكن مجرَّد تراكمات متكلسة وميتة بلا نتائج، بل هي خلايا حية متفاعلة في جسم المسرحية بصفة مستمرة، بحيث لا تمر لحظة على أحداث المسرحية و مواقفها إلا و هي في تصاعد متجدد نتيجة للتحولات الجارية التي لا تهدأ.

    فالمتلقي يشعر دائما أنه يسير في طريق بلا عودة منه، لكنه طريق مثير حافل بالانحناءات و التحولات و الاكتشافات التي تلقي أضواء متجددة على أحداث الماضي و مواقفه و تواصل تجمعها و تفاعلها و تصاعدها حتى تصل إلى قمة التحول الأخير في المسرحية.

    ففي بداية العرض المسرحي يتلقى المتفرج التفاصيل الأولى للمواقف الخطوط الأساسية للشخصيات و هي تفاصيل قد تكون مثيرة في حد ذاتها لكنها لا تتجاوز هذه الحدود في هذه المرحلة المبكرة من العرض المسرحي.

    و مع تصاعد الأحداث و تطوُّر السياق يدرك التلقي أن استيعابه المبكر لتلك التفاصيل قد اكتسب أبعاداً أشمل، لأن تأثيرها يزداد و يتضاعف من موقف لآخر. و بالتالي فإن متابعة العرض المسرحي كتجربة جمالية و سيكولوجية، هي ثراء لتجربة الإنسان في حياته الشخصية و تعميق نظرته اتجاه الآخرين.

 3- لغات الخشبة و مسألة اللغة الواصفة:

    يوظف العرض المسرحي أنساقا علامية متعددة و متباينة من حيث مادتها  التعبيرية، و حجم وحداتها، و قنوات إدراكها.. فإذا كان المسرح الكلاسيكي يسيد النسق اللفظي، و يجعل الأنساق السمعية البصرية الأخرى في مرتبة ثانوية، فإن المسرح الطليعي حاول أن يعيد الاعتبار لتلك الأنساق، و ذلك حين أسند لها وظائف دلالية و جمالية لا تقل أهمية في نقل منضمون المسرحية السردي و الفني عن اللغة اللفظية.

    و قد اقتدت السيميائيات المعاصرة بالطليعة المسرحية  في الاهتمام بكل أنساق العلامات البصرية منها و السمعية و بوأت النسق اللفظي مكانه الطبيعي داخل الأنساق الأخرى.    

    و للإشارة فالقصد بهذه اللغات ليس فقط تلك المعروفة، كإيماء الممثل و لباسه و تصفيف شعره و الديكور و الأكسيسوار و بعد الفضاء.. بل أضاف إليها أنساقا أخرى، تستطيع اختراقها جميعا   و التعبير من خلالها و هي المواد و الأشكال و الألوان.

    يقول أمبرتو إيكو: " إن المسرح النقدي يجب أن يعتمد على الجانب المرئي في خطابه الإبداعي، من خلال مخاطبة عين المتلقي عبر أشكال و مواد جديدة (خيوط، أسلاك، زجاج، ورق، حجر، جلد، عظام، قصب..) يجب أن يتحول الفضاء المسرحي إلى نسق من العلامات و الدلالات يتحول فيها اللون لغة تؤسس علاقة فاعلة مع الشخوص و الأحداث".

     إن العرض بهذا المعنى لا يقتصر على كونه دالا كبيرا لمدلول كبير هو الحكاية المسرحية بحيث يعمل المتفرج على ترجمة مكوناته المادية إلى مدلولات تخيلية، تتحصل له من خلالها المتعة الجمالية الخاصة بالفن المسرحي، و إنما هو لعبة رمزية أيضا، تتبادل فيها العلامات الوظائف و المواقع و تؤسس لشفراتها الخاصة التي تجعل الفرجة أثرا مفتوحا بتعبير "أمبرتو إيكو"، مليئا بالمفاجئات و الاكتشافات و التحولات. بهذه التحولات التي تجعل المتفرج كائنا يقظا، مشاركا في بناء المعنى، لا مجرد مستهلك خامل للحكاية.

    و كل ما سبق ذكره، يسهم بقدر كبير في خلق لغة ركحية مادية و حسية، تخاطب حواس المتفرج، و تؤسس لجمالية تشكيلية مسرحية، لا تقتصر فيها الدوال على مرجع تخييلي غائب (حكاية المسرحية)، بقدر ما تحيل في المقام الأول على ذاتها، و على وجودها المادي الشاخص.

    و قد كان الباحث "أمبرتو إيكو" يدرك ما كانت تطرحه هذه الجمالية من تحديات أمام الناقد. و يأتي على رأس هذه التحديات قضية اللغة الواصفة أو الميتالغة (Le métalangue)ذلك بأن توظيف الخشبة لكل هذه الأنساق العلامية، يجعل من الصعب على المحلل الإحاطة بها كلها، و وصف مكوناتها بواسطة لغة طبيعية/لفظية.

    و يقول في هذا الصدد: "إن الوحدات المكونة للكولاج المسرحي، هي علامات و رموز و دلالات. من الصعوبات التي تواجهها السيميولوجيا التشكيلية غياب المصطلح الوصفي. خاصة و أن التعامل يتم مع لغة لا تعتمد الكلمات، و لكن تخلق قواعدها الخاصة في التواصل من خلال الألوان و الأشكال و الظلال و المساحات.."

$11-                  شفرات التلقي المسرحي:
     يشير "باتريس بافيس" في "قاموس المسرح" أن المسرح عبارة عن مجموعة من العلامات  يتم إرسالها بصورة مباشرة و مقصودة للجمهور. فمن الضروري تفكيك بعض شفرات التلقي1:

$11.      الشفرات البسيكولوجية:
    أ- إدراك الفضاء: حيث نختبر كيف يقدم الفضاء المشهدي الواقع الفني، كيفية استخدام المنظور*، ما هي الزوايا المتاحة للمشاهدة، إلى أي مدى وفق العرض المسرحي من وجهة نظر المتفرج؟ 

    ب- ظاهرة التجسيد: ما هو نوع اللذة التي يجلبها العرض المسرحي للمتفرج؟، كيف تم تضمين عنصر الوهم و الخيال في العرض المسرحي؟        

    ﺟ- بناء التجارب الداخلية(الجمالية و النفسية الاجتماعية): ما هو أفق توقع المواضيع المطروحة في العرض المسرحي؟، لا يوجد أسلوب عام لتلقي العمل الفني.

$12.      الشفرات الإيديولوجية:
$1أ‌-                    الشفرات الخاصة بالمسرح: فترة أو حقبة معينة، نوع مسرحي معين، جنس محدد، نمط من اللعب الدرامي.
$1ب‌-                الشفرات العامة للحكي.
$1ت‌-                الشفرات التي تربط بين ما هو جمالي و ما هو إيديولوجي.
$1ث‌-                ما الذي ينتظره المتفرج من العرض؟
$1ج‌-                  ما الواقع الاجتماعي للمتفرج الذي يبحث عنه ثانية في العمل المسرحي؟
$1ح‌-                  ما هي الصلة و العلاقة الموجودة بين أسلوب التلقي و البنية الداخلية للعمل الفني؟
$1خ‌-                  كيف يمكن أن نعثر من خلال عمل درامي إخراجي على شفرة إيديولوجية تمكن جمهور اليوم من قراءة عمل قديم(يتعلق بفترة زمنية ماضية)؟
$1د‌-                   هل يمكن التمييز بين أنماط مختلفة للاتصال المسرحي؟
   كما تضيف جمالية التلقي دراسة عنصر آخر في تحليل الخطاب المسرحي، ألا و هو أفق التوقع - الانتظار- و هو مفهوم جمالي يلعب دورا مؤثرا في عملية بناء العمل الفني و الأدبي و في نوعية الاستقبال، و من فكرة أن المتلقي يقبل على العمل و هو يتوقع شيئا ما.

    و في المسرح، يأخذ توقع الجمهور منحيين1:

1- منحى درامي: يتجلى في توقع تسلسل ما للأحداث في المسرحية في المسرحية و طريقة معينة لحل الصراع، و بالتالي فإن عنصر التشويق يبنى انطلاقا من هذا التوقع.

2- منحى جمالي: يتجلى في توقع أسلوب و شكل ما للعرض و صبغة معينة للعمل: مضحك  أو مأسوي أو تهكمي أو عبثي..

    و أفق التوقع جزء من عملية التلقي يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالرضا حين يتجاوب العمل مع توقع المتلقي، و إلى الشعور بالخيبة لأن العمل يصدم توقعاته و يعاكسها، أو إلى الشعور بالمفاجأة حين يقدم العمل شيئا جديدا لا يعرفه المتفرج.

    و لقراءة هذه الشفرات التي تطرحها خشبة المسرح، يرى "بافيس" أهمية تجديد اللغة الشارحة المتضمنة في النقد المسرحي، و أن نجد شبكة وصفية و تفسيرية مناسبة للمكونات المتباينة للعرض المسرحي قد تتدخل على المستويات التالية:2

    أولا: تحلل البنيات الدرامية و الفن الدرامي نص الإخراج طبقا لمعالجة الزمان و الفراغ و تجسيد الشخصيات في العالم الدرامي، و الترتيب التعاقبي لفصول القصة.

    ثانيا: يتم تحليل تلقي العرض المسرحي عموما من وجهة نظر نفسية: كيف أتفاعل شخصيا مع الإخراج، بالنسبة لمواقف الشخصيات؟ و ما هي العواطف التي تحركني، بداية من التوحد الكامل حتى أكثر الأبعاد النقدية برودا و رتابة؟ و كيف يحدث التطهير، أو الإدراك المكتسب..إلخ.

    ثالثا: في النقد المكتوب طبقا "لنقد التذوق" فإن الإلحاح يكون بشدة على العناصر التي تؤكد نجاحها. و هذا النوع من النقد هو أسلوب تنقيطي و انطباعي، لدرجة أنه يتم انتزاعه من العرض انتزاعاً؛ دون الاهتمام بمنطقه الداخلي، و من خلال بضعة لحظات في العرض، فيبنى حكما سريعا و زائفا.

    رابعا: التفسير طبقا لنظرية أو جماليات تضع المسرحية أو الإخراج في الخلف، حيث تصبح إطار عاما لنظرية خطاب، و نموذج لعلامة تم توظيفها (سيميولوجية) للفن المسرحي الذي يتسم بفترة أو بكاتب معين.    

   تركيب:

    و من جانب التلقي تستطيع السيميائيات أن تطور قدرة المتفرج على التفاعل مع الإبداع   و قدرته كذلك على صناعة مفاتيحه الخاصة التي يلج بها عالم الفرجة عوض اقتناء مفاتيح نمطية تدعى أنها قادرة على قراءة كل الفرجات.         

    و بما أن المسرح يحمل عدة علامات و دلالات من طبيعة أيقونية، من إشارات، أضواء، فساتين، ألوان... فكل هذه العناصر تحتوي على العديد من الإشارات البصرية بداخلها. و يرى "رولان بارث" أن الصورة الأيقونية كرسالة تتكون من ثلاثة عناصر أساسية: مصدر الرسالة، القناة التي تمر عبرها الرسالة و المتلقي. يمثل جانب المصدر في المسرح المبدعون للعمل الفني من مخرج، تقنيين و كل من يختار الجانب السينوغرافي للعرض و الجانب الفني من حوار و لغة.    أما القناة فهي الوسيلة الإعلامية التي تنقل الرسالة للمتلقي و هي المسرح(الركح كفضاء زمكاني).

   فكون المسرح يقدم نشاطا إنسانيا يصبح الفضاء المسرحي هو مكان هذا النشاط. ذلك المكان الذي يرتبط بالضرورة بالفضاء المرجعي للفاعلين من البشر.

     بمعنى آخر للفضاء المسرحي هو صورة (صورة مفزعة- سلبية) من الفضاء الواقعي و المسودة العكسية له1. فالمكان المسرحي هو موضع المواجهة بين الممثلين و الجمهور في علاقة ترتبط ارتباطا وثيقا بشكل الصالة و شكل المجتمع مع إمكانية المرور من مكان إلى آخر.

    و يرى رولان بارث أن هناك مرحلتين أساسيتين لقراءة الصورة الأيقونية، و هي المعنى الإشاري أو التعييني(Denotation meaning)، والمعنى الإيحائي أو التضمين Connotation meaning)( فالمعنى الاشاري هو المرحلة الأولى من الرسالة وفيها يتم وصف العلاقة في الإشارة بين الدال وهو المفهوم الطبيعي للإشارة ومثالها الصورة الأيقونية و المدلول وهو المفهوم الذهني لفحوى الرسالة و مثالها ما يعنيه موضوع الصورة بالنسبة للمشاهد.يوجد معنى واحد واضح ومحدد ومباشر هنا هي الصورة ذاتها.

    تلك الصورة الواضحة التفسير والتي لا يمكن الاختلاف عليها. الإيحائية وتعني العلاقة بين الإشارة و الموضوع والشخص المفسر أو الشخص الذي يتدخل في المعنى الإيحائي للصورة عن طريق اختياره لتقنيات المعالجة أو التأطير أو طريقة العرض أو الإخراج النهائي للصورة.

    لفهم المعنى الإيحائي الرسالة المصورة لابد من معرفة الواقع الثقافي و المعرفة الاجتماعية اللذين يفسران الاختلاف في النظر إلى الرسالة المصورة بين مجتمع وآخر.

    و أثبتت "نكران بنفنست" من منطلقها اللغوي، لتبادلية العلامات من نظم سيميوطيقية حيث يمكن في المسرح استبدال علامة حركية بعلامة أيقونية، كما يمكن أن تحل اللغة محل المنظر والضوء محل الإشارة اللغوية، كذلك إمكان التوحيد بين نظامين للعلامات على المسرح (الصورة و الكلمة و الأيقونة و الرمز) توحيداً يعتمد على التعارض الجدلي بينهما من خلال وحدة بوليفونية.

    و تقصر السيميولوجيا في المسرح أثر معطيات النص والعرض على الفنان أولاً ثم المتفرج بعد العرض شريطة أن تكون له خبرة محددة. حيث أثبتت الدارسة السيميولوجية للمسرح قدرة العلامة على التحول والمزج بين الأنظمة و الدلالات الرمزية و الأيقونية و الإشارية.

    إن النظرية الحداثية في المسرح بكل فروعها (السيميولوجية والشكلية والأسطورية والنفسية البنيوية الأدبية والأيديولوجية البنيوية) تعول على المتلقي وعلاقته بالنص وصولاً إلى معنى النص سواء فشلت في ذلك أو نجحت، قصرت وسائلها عن ذلك أو وصلت إلى ما تبتغيه.

    فعبء الدلالة النقدية الحداثية على التلقي متعدداً ومنتجا لتعدد الدلالة أو مقصراً عن بلوغها بحكم أن كل قراءة هي إساءة قراءة- وفق التفكيكية.

    إن الحداثة تترك للمتلقي حرية إنتاج مدلولات النص من جديد، أو إشراك القارئ في إنتاج الدلالة الغائبة عن النص، تأسيساً على فكرة موت المؤلف أو وجوده و وجود النص.

    فالتفكيك، وهو العمود الفقري لنظرية ما بعد الحداثة، ينفي وجود معنى في النص نفسه  على اعتبار أن كل قراءة إنما هي إساءة قراءة وأن المعنى بذلك لا نهائي لأن القراءة إساءة لا نهائية استناداً إلى نظرية الاختلاف عند الفرنسي "دريدا" وعدد من أصحاب ذلك الاتجاه في أمريكا.

   إذ يرى البنيويون أن معنى النص متعدد بتعدد حالات التلقي، فمعنى النص المسرحي عند كل قارئ له مختلف باختلاف القراء والعرض متعدد المعاني بتعدد كل متفرج يتلقاه.

    إن سيميولوجيا المسرح تهتم بالبحث عن كيفية صناعة المتفرج المسرحي للمعنى اعتماداً على العلامات (الرموز والإشارات والدلالات). ومن الكتابات الهامة التي تناولت المسرح من المنظور السيميولوجي  كل من الباحثين "كير إيلام" و "مارتن إسلن فأما "كير إيلام" في كتابه "العلامات في المسرح و الدراما"، فيرى أن العلاقة بين عالم الواقع، وعالم المسرح مشروطة بمدى قدرة المتفرج على الانتقال من عالم الواقع إلى عالم الاحتمال. وهو ما يعني في رأينا إلقاء عبء تحصيل الرسالة على المتفرج، قدرته على فهم الإشارات المسرحية في مجموعها من خلال نسق مسرحي يصل به إلى المغزى العام للعرض. وذلك يتطلب متفرجاً ذا طبيعة خاصة لدية خبرة ذوقية ومعرفية وربما نقدية أيضاً1.

    فكل إشارة لها نظامها ووظيفتها الخاصة بها وعلى المتفرج أن يحولها بعد ذلك إلى دلالات تتجمع وتتراكم حول هدف واحد وهذا يحتم عليه دوام الانتباه والتيقظ لاستقبال كل إشارة على حده واستخلاص المعلومة ذات المغزى من الأداء المسرحي. كما يتحتم عليه ترتيب المعلومات كيفما يشاء وصولاً إلى المغزى الذي يكونه لنفسه على المدى الزمني للعرض وبشكل مفاجئ ومتقطع. وهو ما يعني في رأينا تعدد الدلالات والمعاني بعدد المتفرجين النابهين ذوي الخبرة النقدية.

    إن الترادف يعمل في النص أو في العرض على جمع الإشارات المسرحية في نظام مسرحي يجانس أو يقارب بين الشفرات المسرحية والشفرة الحضارية ويوحد بينها. لأن الشفرة في المسرح هي ما يعكسه كل نظام مسرحي من نظم ومواقف حضارية.     و هذا يتحسب على النص المسرحي البنيوي وفق الاتجاه الماركسي الذي يهتم بالأنساق الحضارية والتاريخية والاجتماعية.

     ويُرى اختلاف الإحساس الجمالي المتحصل من قراءة النص المسرحي عن الإحساس الجمالي المتحصل من مشاهدة عرض ذلك النص نفسه. وهو أمر ينسحب على الاتجاه البنيوي اللغوي والأسلوبي في إطار كل من نسق النص ونسق العرض بالإضافة إلى النسق النوعي العام وفق الاتجاه الأدبي أو الفني الذي ينتمي إليه النص أو العرض (طبيعي/ملحمي/تعبيري/ واقعي/عبثي/تسجيلي/رمزي…الخ).

إن مجموعة الإشارات المسرحية في النص أو في العرض المسرحي تتحد لتكون أنموذجاً حضارياً، لا للواقع نفسه بل لما هو محتمل في الواقع. ولو أننا رجعنا إلى ما أرشد إليه "لاجوس أجري" في فن كتابة المسرحية لاكتشفنا أن عالم الاحتمالات هو الأساس فيما يرى لكتابة الحدث المسرحي.1

    كما أن قراءة فكر "بريخت" ومسرحه الملحمي تدلنا على أنه يحض المتلقي على النظر إلى كل معطيات مسرحه (مضموناً وشكلاً) على أساس من الاحتمالات عبر مسافة تبعيدية يحرص على وجودها بين مسرحه ومتلقي هذا المسرح بالمشاركة الإدراكية التي لا تخلو من العاطفة المحايدة.

    و يرى أن الإقناع بواقعية النص أو العرض/ الافتراضية لا يتم من خلال الوساطة القصصية، بل من خلال الإطار المكاني "هنا" والإطار الزماني "الآن" والإطار الحواري و"أنت"، وهذا نفسه الذي وجد عند "جاري" و"أرتو " و"عند نجيب سرور" ثم عند الاحتفاليين "المغاربة" و"المشاركة" من بعد حيث المسرح عندهم يرتكز على (نحن/ هنا/ الآن).2

    ويرى أن عالم المسرح عالم يقف متماثلاً مع عالمنا وغير متماثل معه في آن واحد. ولو رجعنا "ألفريد فرج" في دليل "المتفرج الذكي" إلى المسرح لرأيناه يكشف عن عقد يبرمه المسرحي مع المتفرج على قبول الإيهام على أساس من احتمال وجود الحدث والشخصيات على ما رسمه فنان المسرح وبذلك يصدق المتفرج ما هو مصنوع وموهم على أنه واقع حقيقي يتحلى بالصدق.3

    يعرض لرأي "جورج مونان" الذي يرى أن الاتصال المسرحي يتم على نحو ما يتم الاتصال اللغوي بين المتحدث والمستمع فالرسالة اللغوية تلغي الحاجز بينهما وكذلك يتوحد كل من الممثل والمتفرج. ونرى أن عملية التواصل المسرحي لا يمكن أن تكون مباشرة وموحدة بين الممثل والمتفرج وإلا كان المتفرجون جميعاً على درجة واحدة من الاستجابة.

    ويرى "إيلام" أيضا أن رسالة المسرح لا يمكن أن تختزل إلى وحدات منفصلة يمثل كل منها إشارة حركية لها معناها الخاص، كما أن الأداء المسرحي يمثل وحدة يبحث المتفرج من خلال عناصرها المتفرقة عن قيمتها المحددة. وأن تولد المعنى على خشبة المسرح يكون من الثراء والانسياب بحيث يصعب إرجاعه إلى عناصر متفرقة تعلن عن نفسها.

     و أما "مارتن إسلن" فيأخذ عند مناقشته لعملية "خلق العلامات الدرامية للمعنى على المسرح في مجال الدراما" في كتابه "مجال الدراما: كيف تخلق العلامة الدرامية المعنى على المسرح و الشاشة". على السيميولوجيين غموض لغتهم والتجريد الشديد في أسلوبهم ونتائجهم في الوقت الذي تتبلور فيه مهمة النقد السيميولوجي في التساؤل حول كيفية صنع العمل الإبداعي (الدرامي) ومحاولة تقديم أكثر الإجابات واقعية عن طريق فحص العلامات، وتوضيح دور العرض.1

    وهذا ما دعاه إلى تأليف كتابه هذا. لذا يبحث في كيفية توظيف العلامات الدارسة في خلق الاتصال بين الشخصيات الدرامية وبعضها البعض وبينها وبين المتفرج من خلال العرض المسرحي. وذلك في أسلوب أكثر سلاسة وأقل إلغازاً عن الكتابات السيميولوجية المتعددة التي صدمته لغتها وأسلوبها وتعقيداتها النظرية دون تمثيل.

    يقصر "إسلن" أهمية المنظور السيميولوجي في المسرح على معطيات النص الدرامي عند عرضه على الفنان الدرامي، وفي أثناء عرضه مسرحياً، وبعد العرض على متفرج محدد لديه قدرة نقدية ما.

    فيرى "إسلن" عند مناقشته لمعنى العرض المسرحي أن كل عناصر العرض الدرامي لغة الحوار والمنظر والإيماءات والملابس والماكياج وتلوين الصوت بالنسبة للممثلين، مثلها مثل العديد من العلامات الأخرى، يسهم كل منها بطريقته في خلق "معنى" العرض.

    وحين يرى أن خيال المتفرج هو الذي يقوم بتوليد الأثر النهائي والمعنى الأخير حيث يكون المعنى هو غاية التجربة فعلاً وليس مجرد التسلية التافهة فهو يقترب من اتجاه استجابة التلقي التي قام بها "ريتشاردز" في المنهج النقدي التجريبي الذي طبقه على عينات من المتلقين للشعر من خلال قصيدة محددة مع فشل منهجه آنذاك، وهو يقترب أيضاً مما أسماه "كروتشه" النقد التوليدي، ساخرا، ويتعارض مع الاتجاه التفكيكي الذي ينفي وجود أثر نهائي للعمل الإبداعي انطلاقا من فكرة الاختلاف المرجأ التي يصورها "جاك دريدا" تأثراً بها "هيديجر".

    و"إسلن" في مناقشته لعلامات الدراما (الأيقونة/ المؤشر/ الرمز) يربطها بالإطار الخاص بالعرض والممثل والمرئيات والتصميم والكلمات والموسيقات والصوت، بوصفها علامات ليخلص من ذلك إلى أن البنية بوصفها دالاً تربط العلامات بالمؤدين وبالمتفرجين وكفاءاتهم الاجتماعية والشخصية وصولاً إلى تدرج المعنى في العرض المسرحي تحقيقاً لأثره.

    ويخلص "إسلن" إلى أن السيميولوجيا (رموز العلامات) في اعتمادها على السيميوطيقا (أنظمة العلامات) قد أتاحت لنا بعض المناهج والأدوات التي يمكن باستخدام الوسائط الدرامية أن نشق بها مدخلاً ملموساً عملياً وواقعياً لفهم الدراما وتذوقها النقدي. وباختبار الوسائل والعلامات التي تنقل الدراما بوساطتها المعلومات الأساسية التي تتشكل من خلالها الحكاية الدرامية شيئا فشيئاً، والتي من خلاله ترسم الشخصيات وزمان الأحداث ومكانها.

    كما يلقي الضوء قوياً على العملية التي يتسنى لكل من الفنان المسرحي والمتفرج من خلالها أن يفهم الخط الأساسي للفعل الدرامي، بل للأرضية الأساسية التي تنشأ عنها المستويات العليا والمعقدة والمتباينة لمعنى العرض في النهاية أمام الجمهور.

    وفي تأصيله للاتجاه السيميولوجي يرى أن سيميوطيقا الدراما بشكلها الحالي تدين إلى عمل النقاد الشكليين الروس الذين بدءوا في تطوير أساليب لدراسة الجوانب الشكلية للأعمال الأدبية عن طريق تحليل دقيق للطريقة التي تنتج بوساطتها هذه الأعمال تأثيراتها الفعلية، إذ شرع أنصار هذه النزعة، خاصة في براغ في الثلاثينات من هذا القرن الماضي، في تطبيق هذا المنهج على الدراما، تأثراً برائدين هما "فردينان دي سوسير" (1857/ 1913م) والفيلسوف الأميركي "تشارلز س. بيرس" (1839/ 1914 م).

    عند انتقاله للحديث عن سيميولوجيا المسرح يخطئ "إسلن" القول أن المسرح والدراما على وجه العموم، بوصفه نظاماً من العلامات، يمكن معالجته مثل اللغة وصرفها وبنفس الصرامة العملية التي تعالج بها اللسانيات "اللغات اللفظية". ويرى أن ذلك القياس مضلل، لأن تعقيد العرض الدرامي يصدر عنها عدد كبير جداً من "الدوال" في آن واحد في سياق العرض مع ثبات بعض الدوال تبعاً لثبات المنظر المسرحي أحياناً أو تغير التلوين الصوتي في الأداء التمثيلي و في تعبيرات الوجوه من لحظة إلى أخرى، وهو ما يستحيل معه التوصل إلى وحدة أساسية مشابهة لوحدة المعنى الأساسية في اللسانيات.

    ويرى أن للمرئيات والتصميم بوصفها علامات الدراما أربعة نظم أساسية هي: 
1- الديكور: ودوره في إنتاج المعلومات والمعنى في العرض المسرحي؛ فهو نظام العلامات الخاص بالبنية التحتية (بالإضاءات) التي تحدد حركة الممثلين وتؤثر في أدائهم ومشاعرهم.

$12-                  وظيفة المنظر: وهي وظيفة معلوماتية أيقونية تحدد المكان والزمان والأوضاع الاجتماعية للشخصيات.

$13-                  الملحقات المسرحية: (الأثاث والأدوات والآلات وسائر الأشياء المستخدمة في أثناء العرض).

4- الضوء: ويلعب دوراً متزايداً أبداً بين النظم الدرامية البصرية، فهو يؤدي وظيفة أيقونية واضحة (تصوير الليل والنهار وإلى جانب عرض جوانب رمزية كتوجيه انتباهنا إلى نقاط بؤرية في الحدث، أو حالة نفسية للشخصية).

5- النص الدرامي: وهو العنصر الوحيد من الحدث الدرامي الذي يترك أثراً دائما للأجيال القادمة. فالدراما بدون أثر مكتوب لم تخلف أي أثر على الإطلاق من ورائها. لهذا يعده النقاد والدارسون العنصر الأساسي للدراما بما يتضمنه من عناصر هامة منتجة للمعنى المعجمي والدلالي والمرجعي (سياسياً واجتماعياً، فكلمات الحوار وسيط اتصالي إنساني ناقل للحقائق والمعلومات العاطفية، كما تتميز بوساطتها الشخصيات، إذا لكل شخصية مفرداتها ولهجتها ومصطلحات مهنتها، والحوار ينتج المعنى في الدراما على عدد من المستويات).

6- السياق الدرامي: ودوره في فهم التعبيرات اللفظية والأفعال (ما وراء اللفظ أو الفعل).
7- النص الفرعي (Subtext): ٍوهي مقولة مألوفة للغاية منذ أكد "تشيكوف" على النسيج المعقد للمعنى الذي يشكله النص الدرامي. فالشخصيات خاصة في مسرح تشيكوف نادراً ما تقول ما تعنيه فعلاً.

8- الموسيقي والصوت: و تعد من علامات الدراما بما تشكل من نظام دلالي.

    يخلص "إسلن" في النهاية إلى وضع قائمة لنظم العلامات المشتركة بين جميع الوسائط الدرامية:

أ- نظم التأطير: وتقع خارج نطاق الدراما (المعمار/ الجو).

ب- نظم العلامات المتاحة للتمثيل: (الشخصية/ توازن الأدوار/ الإلقاء/ التعبير/ الإيماء/ لغة الجسد/ الحركة/ الملابس/ الماكياج/ تصفيف الشعر).

ﺟ- نظم العلامات المرئية: (التصوير المكاني/ المرئيات ونظام الألوان/ الملحقات/ الإضاءة).

د- النص: (بمعانيه المعجمية والمرجعية والدلالية/ الأسلوب/ النوع "نثري، شعري"/ السمات الفردية/ البنية الكلية/ الإيقاع/ التوقيت).

ﻫ- نظم العلامات المسموعة (موسيقى/ أصوات غير موسيقية).

      وفي استعراضه للعلامات على المسرح يحدد أن العلامة الأيقونية علامة بصرية وسمعية مباشرة.

    ويرى أن العرض بأكمله أيقونة، والعلامة الإشارية تشير إلى شئ ما (أسهم/ لافتات/ حركة ما/ إيماءة) وتستمد معناها من علاقة تجاوز مع الشيء الذي تصوره. كما أن الضمائر الشخصية (أنت، هو) هي علامة مؤشرة. أما العلامات الرمزية فتستمد معانيها من التراث، فهي صفات متواضع عليها، وهي تشكل معظم حديث البشر، وهي اعتباطية بعضها إيماءات وبعضها تقاليد في الأزياء وغيرها.

    و العلامات المسرحية في مجملها أدوات تستخدم إراديا لإقامة التواصل بين النص المسرحي والمخرج وبين المخرج و الممثل و بين المخرج و المصمم و بين الممثل و زميله و بين العرض و الجمهور و بين العرض و النقاد.

      فالوعي الواضح بالطريقة التي يعمل بها العرض وكيف يمكن أن يفشل، ولماذا، على أساس تحليل جميع الوسائل التي يوظفها صانعوا العرض سيسهم مساهمة كبيرة في المناقشة النقدية للعرض الدرامي، تجنباً للانطباعية المجردة التي تكتنف كثيراً من النقد الدرامي والذي يكتبه كل محرري الصحف اليومية والأكاديميون.

    كما أن أهمية العلامات للمتفرج تكمن في أن الفن كله، وفي الدراما بوجه خاص كثيراً ما يقوم على تقاليد مشتركة بين الفنان وجمهوره ومن ثم ينبغي أن تغدو هذه التقاليد مهارة مكتسبة يتم تعلمها في نهاية الأمر للحصول على أقصى درجة من المتعة.

    و في مجال تصنيفه للعلامات المسرحية، يرى "إسلن" أنه من المنطقي  البدء في تصنيف علامات العرض المسرحي بالممثل لأنه المركز الذي تتمحور حوله الدراما بمؤداه. حيث يرى أن الممثل هو العلامة الأيقونية الأولى (علامة لإنسان) مستنداً إلى "أمبرتو إيكو" ومقالته "سيميوطيقا العرض المسرحي".

    كما يخلص "إسلن" إلى أربع ركائز حول الممثل:

$11-                  أنه العلامة الأيقونية الأولى/ لأنه علامة لإنسان/ وهو رأي اقتبسه من أيكو.
$12-                  أن اختيار الممثلين هو أهم النظم السيميوطيقية الأساسية المولدة للمعنى من خلال جاذبية الأداء وتوازنه.
$13-                  طريقة نطق الممثل لكلمات الحوار لها أهمية قاطعة بالنسبة لمعنى الدراما بما يصاحبها من إيماءات.
$14-                  حركة الممثل في الفراغ المسرحي لها دور هام في تحديد معنى الدراما.
    ويطابق "إسلن" نظمه بنظم "أرسطو" الستة حول التراجيديا فيجدها متطابقة معه (عنصر لفظي وعنصر بصري وعنصر موسيقي سمعي وثلاثة عناصر هي حبكة، شخصية، فكر) كما أنه زاد على أرسطو ونظمه نظم التأطير والتمهيد الخارجي.

    و في الأخير يمكن القول بالنظر إلى الكتابات السيميولوجية في مجال الدراما والمسرح وقراءتهما يحيلان إلى الأداء وإلى عناصر العرض من سينوغرافيا وعلامات في مستويات تشكيل الفراغ المسرحي والعملية المسرحانية كلها، حيث أن الحوار هو لغة الشخصيات  في المسرح بينما في الإرشادات فإن المتكلم هو المؤلف.

    فالعلامات في المسرح لا يمكن إدراكها كل على حدة منفصلة ومتمايزة فكل علامة هي جزء من كل عضوي متفاعل يدعم بعضه بعضاً لخلق معان جديدة من خلال المفارقة أو التوتر الداخلي بين علامتين أو أكثر يتم بثها في وقت واحد. والمعنى الكامل للعرض المسرحي ينشأ دائما عن التأثير الكلي لهذه البنى المعقدة والمتعددة الطبقات التي تتألف من نسيج الدوال التي يتوقف بعضها على البعض الآخر.

    والحاجة إلى قراءة سيميولوجية نقدية تستلزم من المتفرج تنظيم العلامات المتعددة والمتعاقبة تنظيماً جمالياً ومكانياً. كما تستلزم من الممارس المسرحي تحويله للعلامات غير اللغوية عن طريق المضاهاة لأن العرض يتضمن سلسلة معقدة من المراسلين يرتبط بعضهم البعض بعلاقات حميمة وسلسلة من الرسائل ترتبط برباط وثيق ومعقد وفقاً لشفرات شديدة التحديد، ومن المتلقين المتواجدين في نفس المكان، وتداركه لا يتحقق بنفس السهولة التي يتحقق بها إدراك النص المسرحي الذي تتطلب قراءته تتبع الترتيب الزمني. وهنا يصدق قول "آن أوبر سفلد" إذ ترى أن المسرح ليس لغة وأنه لا وجود لما يمكن أن نطلق عليه لغة مسرحية.

    و إن كل الكتابات السيميولوجية حول المسرح تهتم بالمتفرج بوصفه صانع المعنى (معنى العرض المسرحي) لأن المسرح وإن قام على النص لا يتحقق إلا من خلال العرض.

  خلاصة:

    و هكذا نستطيع أن نخلص إلى القول بأن العرض المسرحي، أصبح يمثل مشروعا تعاونيا، بعد أن كان ينظر إليه كوحدة منفصلة قائمة بذاتها، لا تطلب من الجمهور إلا أن يلعب دور التلقي فقط.   و هكذا أصبح للجمهور دورا نشطا يؤديه و تم الاعتراف بأهميته المركزية في العملية الدرامية و نختم هدا الجزء بتأكيد "برتولد بريخت" Bertold Brecht قائلا: "إن متلقي أي رسالة ليس سلبيا على الإطلاق".

    يتضح من خلال ما تقدم أن المسرح يعد شكلا اتصاليا، يشمل جميع العناصر الأساسية للاتصال بل يمكن القول بأنه يمثل شكلا معقدا أو مركبا من أشكال الاتصال. و إذا كان كذلك فالأداة البحثية التي يمكن استعمالها في تحليل اللغة الركحية ما هي إلا أدوات التحليل السميولوجي، و التي يمكن أن ينهلها الباحث من مقاربات علمية جادة خاصة مقاربة "باتريس بافيس" و "ألسن" و "كير إيلام".

المراجع:

باللغة العربية:

$11-      السلاوي محمد أديب: الإحتفالية في المسرح المغربي الحديث، دائرة الشؤون الثقافية و النشر، العراق، 1983.

$12-      إلياس ماري و قصاب حنان: المعجم المسرحي، مكتبة لبنان، ط1، لبنان، 1997.

$13-      أوبير سفيلد آن: قراءة المسرح، تر: مي التلمساني، أكادمية الفنون، مصر، 1994.

$14-      ايجري لابوس: فن كتابة المسرحية، تر: دريني خشبة، مكتبة الأنجلوالمصرية، مصر، 1998.

$15-      إيلام كير: العلامات في المسرح و الدراما، تر: سيزا قاسم، دار الياس العصرية، مصر، 1987.

$16-      بافيس باتريس: لغات خشبة المسرح، تر: أحمد عبد الفتاح، هيئة الآثار المصرية، مصر، 1992.

$17-      بنيت سوزان: جمهور المسرح، تر: سامح فكري، مركز اللغات و الترجمة، مصر، ط2، 1995.

$18-      راغب نبيل: فن العرض المسرحي، الشركة المصرية العالمية للنشر، مصر، ط1، 1996.

$19-      فرج ألفريد: دليل المتفرج الذكي إلى المسرح، دار الهلال، مصر، 1969.

$110-  يوسف أحمد: الدلالات المفتوحة – مقاربة سيميائية في فلسفة العلامة، المركز الثقافي العربي، لبنان، ط1، 2005.

$111-  http.www.wedd/index.php?categoryid=20&lrp2aricle.www.google. لعماري محمد : المنهج السيميائي في النقد المسرحي، تاريخ المعالجة الالكترونية 22/12/2006، على الساعة.13h12     

$112-  http://www.adabihial.gov.sa/articles php? action=show&id=تاريخ المعالجة الالكترونية 15/08/2007 على الساعة 12:20, أبو الحسن عبد الحميد سلام، نظرية العامل في النقد المسرحي

باللغة الأجنبية:

$11-      Pavis Patrice: Towards a semiotics analysis in : the drama, notes review, T84, 1979.

$12-      Pavis Patrice: Dictionnaire du théâtre, Ed scolaire, Paris, 198

الهوامش


[1]Patrice Pavis: Dictionnaire du théâtre, Ed scolaire, Paris, 1980,p364.   

[2] Patrice pavis : Towards a semiotics analysis in : the drama, notes review, T84, 1979p 18.

1أحمد يوسف: الدلالات المفتوحة – مقاربة سيميائية في فلسفة العلامة، المركز الثقافي العربي، لبنان، ط1، 2005، ص133.

1أحمد يوسف: مرجع سبق ذكره، ص 134.

1سوزان بنيت: مرجع سبق ذكره، ص ص 98،99.

1 باتريس بافيس: مرجع سبق ذكره، ص ص100، 101.

1سوزان بنيت: مرجع سبق ذكره، ص ص102، 103.

[3]http.www.wedd/index.php?categoryid=20&lrp2aricle.www.google.

محمد العماري: المنهج السيميائي في النقد المسرحي، تاريخ المعالجة الالكترونية 22/12/2006، على الساعة.13h12     

1نبيل راغب: مرجع سبق ذكره، ص ص240، 241.

1Patrice Pavis :Dictionnaire du théâtre, P291.

* يقصد بالمنظورperspective  حسب باتريس بافيس الطريقة التي يظهر بها العمل الفني للمتلقي نتيجة لتعدد وجهات النظر.

للتوسع في هذا المفهوم أنظر كتاب لغات خشبة المسرح لباتريس بافيس الصفحة 105.

1إلياس ماري و حنان قصاب: مرجع سبق ذكره، ص56.

2باتريس بافيس: مرجع سبق ذكره، ص89.

1آن أوبير سفيلد: قراءة المسرح، تر: مي التلمساني، أكادمية الفنون، مصر، 1994، ص177.

1كير إيلام: العلامات في المسرح و الدراما، تر: سيزا قاسم، دار الياس العصرية، مصر، 1987، ص142.

1 لابوس ايجري: فن كتابة المسرحية، تر: دريني خشبة، مكتبة الأنجلوالمصرية، مصر، 1998، ص 453.

2محمد أديب السلاوي: الإحتفالية في المسرح المغربي الحديث، دائرة الشؤون الثقافية و النشر، العراق، 1983، ص115.

3ألفريد فرج: دليل المتفرج الذكي إلى المسرح، دار الهلال، مصر، 1969، ص130.

1 http://www.adabihial.gov.sa/articles php? action=show&id=تاريخ المعالجة الالكترونية 15/08/2007 على الساعة 12:20, أبو الحسن عبد الحميد سلام، نظرية العامل في النقد المسرحي

------------------------------------------------------
المصدر : https://revues.univ-ouargla.dz

الجمعة، 23 يونيو 2017

"توظيف تقنيات اداء الممثل في عروض المسرح التفاعلي العراقي " في رسالة ماجستير

الاثنين، 19 يونيو 2017

المسرح الإفريقي التقليدي.. جذوره ووظائفه

مجلة الفنون المسرحية

المسرح الإفريقي التقليدي.. جذوره ووظائفه

د. عمر عبد الفتاح

المسرح فنٌّ وثيقُ الصلة بالنفس الإنسانية، فهو أحد وسائل تعبير الإنسان عن آرائه ومعتقداته وعلاقاته، وهو أقرب وسائل التعبير الإبداعية تمثيلاً للواقع، وأكثرها ارتباطاً بالمجتمع.

تهدف هذه الدراسة إلى إلقاء الضوء على المسرح الإفريقي التقليدي، وبيان جذوره وأصوله القديمة، ومظاهره وتجلياته في المجتمعات الإفريقية، وأهم سماته في المضمون والشكل، والوظائف والأدوار التي يقوم بها في المجتمعات الإفريقية.

أولاً: نشأة المسرح الإفريقي التقليدي وجذوره:

على الرغم من أنّ إفريقيا لم تعرف المسرح بمعناه الحديث إلا في فترة متأخرة نسبيّاً؛ فإنها عرفت المسرح بمعناه التقليدي منذ عصورٍ تسبق التاريخ نفسه، ولا نقصد بالمسرح التقليدي هنا المسرح بوصفه نصّاً مسرحيّاً أو بناءً وخشبة عرض وممثلين، ولكننا نقصد بالمسرح التقليدي: الدراما، والأداء التمثيليّ بشكلٍ عام، سواء كان هدفه الترفيه، أو التوجيه، أو التثقيف، أو كان مجرد أداءٍ طقسيٍّ اجتماعيٍّ أو دينيّ.

جذور المسرح الإفريقي التقليدي

إذا عُدنا للوراء في محاولةٍ لتتبع البدايات الأولى لنشأة المسرح؛ سنجد أنّ هناك ظاهرتين تعدّان بحقٍّ توطئة وتمهيداً للفنّ المسرحيّ.

الظاهرة الأولى: الطقوس الدينية: هي الطقوس الدينية والاجتماعية؛ حيث كانت هذه الطقوس تؤدى في شكل حركات تعبيرية في شكل درامي ذات مضمون ديني.

والظاهرة الثانية: الرقص: يعد الرقص من أقدم الوسائل التي عبر بها الإنسان واتخذ منه شكلاً ترفيهياً يعبر به عن انفعالاته، أو شكلاً إعلانياً عن وقائع ومشاهد درامية .

وقد أخذت هاتان الظاهرتان شيئاً فشيئاً في التحول التدريجي من المحيط الديني-في المكان والأداء- إلى المحيط الاجتماعي العام ومن التعبير عن أشياء محدودة إلى التعبير عن مختلف مناحي وشئون الحياة باعتباره مظهراً من مظاهر التعبير عن الحضارة الإنسانية(1).

وتعود نشأة المسرح التقليدي في أفريقيا إلى عصور موغلة في القدم ففي شمال أفريقيا شهدت أرض مصر القديمة ظهور هذا اللون الدرامي منذ فترة طويلة أرجعها البعض إلى ما يزيد على ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد.

فالدراما في صورتها الأولى ولدت على أرض مصر، وقدامى  الإغريق تلقوها عن مصر وأضافوا إليها، وكل ما يذكر للمسرح بقديمه وحديثه فمرده إلى مصر التي بذرت بذوره ورعته إلى أن استوى على سوقه.

وإذا كان المسرح كفن درامي نشأ  في مصر شمال أفريقيا وأثبتته النقوش والكتابات المدونة على جدران المعابد، فإن ذلك لا يعني عدم ظهور النشاط الدرامي في بقية أنحاء القارة الأفريقية. فقد ظل المسرح في تلك المناطق ولمدة طويلة نشاطاً شفوياً مرتجلاً مثله مثل الأدب الشعبي. ويجب أن ندرك أن عدم وجود الأدلة التاريخية لا ينفي وجود هذا النوع من المسرح، فقد عرفت الحضارة المصرية القديمة في الشمال الكتابة والتدوين منذ وقت مبكر، في حين أن الثقافات الأفريقية في الجنوب لم تعرف الكتابة والتدوين إلا في وقت متأخر.

وليس هناك مجال للشك في أن جميع أنحاء أفريقيا شهدت تقديم عروض يختلط فيها التمثيل بالطقوس الدينية،  وفي كثير من بقاع القارة الأفريقية كان للمسرح أصول اجتماعية أيضا، فقد نشأ للسمر والتسلية، وهو بذلك يؤدي دوراً جمالياً يقوم على المتعة والفائدة. وهكذا فإن المسرح الأفريقي التقليدي لم ينفصل عن الحياة الجماعية فمهمته هي توصيل ما يريد التعبير عنه. ويشير فرانسواز ليجيه إلى شدة الصلة بين المسرح الأفريقي التقليدي والمجتمعات الأفريقية فيقول: "لقد قدم المسرح كل ما يعبر عن موروث هذا الشعب سواء في شكل رقصات وملاحم أو احتفالات شعبية أو كل ما يدور في الحياة من مناقشات فارغة ومواقف وأنماط مختلفة من الناس. وبهذا المعنى يمكن القول أن أفريقيا قد عرفت المسرح التقليدي منذ زمن قديم للغاية، فارتباط الأفارقة بالطقوس والشعائر الدينية أمر ثابت، وممارسة الأفارقة للرقص لا تحتاج لتعليق. 

شواهد ودلائل قِدم المسرح الإفريقي التقليدي

هناك العديد من الشواهد التي دونها العديد من الرحالة والمؤرخين ضمن أعمالهم، تدل على مدى قدم نشأة هذا اللون الفني الدرامي التقليدي في إفريقيا.

فابن بطوطة ذكر هذه الدراما التقليدية في رحلته في القرن الرابع عشر الميلادي، وتعددت إشاراته إلى الرقص، والأقنعة، وإلقاء الشعر بطريقة تمثيلية، بل إنه روى عن سلطان مالي القديمة اهتمامه بالشعر والتمثيل، وكيف أنه شهد في مجلسه مطارحات ومدائح شعرية، كما شهد تمثيلية أسماها: (الأضحوكة).

كما أشار المستفرق الفرنسي ديلافوص إلى بعض نماذج لهذه الدراما في غربي القارة(2).

كذلك أشار الكاتب أولوداه أوكويانو، من جمهورية بنين بغرب القارة، في سيرته الذاتية المنشورة عام 1789م، أي بعد نحو خمسة قرون من رحلة ابن بطوطة، إلى تلك المظاهر الدرامية، حيث قال: «نحن نكاد نكون أمّة من الراقصين والموسيقيين والشعراء»، وبعد أن عرض لبعض الاحتفالات العامّة، في مملكة بنين القديمة، أشار إلى مشاهد الحياة الواقعية التي يمثّلها الشباب في تلك الاحتفالات، مثل «المآثر العظيمة، أو العمل الملحمي، أو القصة المحزنة»(3).

مثل هذه الشواهد القديمة يتضح منها، ويتأكد، مدى قِدَم وجود المسرح الإفريقي التقليدي وترسّخه في البيئة الإفريقية، ويتضح لنا مدى تنوّع هذا النوع الدرامي ما بين رقص، وغناء، وإلقاء شعر، واستخدام للأقنعة، بالإضافة لأنواع أخرى من الأداء الدرامي.

هذه الشواهد تدل أيضاً على أنّ المسرح الإفريقي التقليدي قدّم أشكالاً وأنواعاً من الأداء المسرحي؛ تتشابه بشكل أو بآخر مع أشكال الأداء الدرامي للمسرح الأوروبي الأصل، فإشارة ابن بطوطة إلى وجود الأعمال الكوميدية التي أطلق عليه اسم: (الأضحوكة)، وإشارة الكاتب الإفريقي أولوداه أوكويانو إلى أنواع أخرى من الأداء الدرامي كـ «القصة المحزنة، والمآثر التاريخية، والأعمال الملحمية» تستدعي المقارنة بين هذه الأنواع الدرامية الإفريقية التقليدية من ناحية، وبين الأنواع الدرامية الحديثة، كالملهاة والمأساة والملحمة، من ناحية أخرى، ما يدفع الباحث لإدراجها تحت نفس التصنيفات، أو على الأقل إدراجها بوصفها جذوراً وإرهاصات لها.



ثانياً: مظاهر المسرح الإفريقي التقليدي وتجلياته

من أهم تلك المظاهر ما يُعرف بـاسم: (الإنشاد)، حيث تُنشد جلائل أعمال الأسلاف والعظماء ومآثرهم، كما يوجد أيضاً نوع من العروض يُعرف بـ (المناظرات) الكلامية التي تدور عادة بين اثنين، مثل حدّاد القرية وقصّاصها، ويقوم الجمهور بدور الحكم، وينال الفائز مكافأة من الخاسر.

وهناك أيضاً ما يمكن أن يُسمّى بـ (مسرح العرائس)، وهو لونٌ من العروض المسرحية يُسمّى عند قبائل البامبارا في غرب إفريقيا باسم: (شدو الطير)، ويشبه الأراجوز عندنا، ويقال إنه منقول من شمال القارة، ولكنه معروف في السنغال، مثلما هو معروف في النيجر ونيجيريا، وغيرهما من أنحاء الغرب(4).

كذلك رصد بعض الباحثين عدداً من مظاهر الأداء المسرحي التقليدي وأشكاله في منطقة جنوب إفريقيا حين قال: «اتخذت الدراما في المجتمعات الناطقة بلغات (السوثو) و (النغوني) أشكالاً تقليدية، اقترنت بالمجتمعات الرعوية والزراعية في إفريقية، ولم تكن الفعاليات شبه المسرحية للطقوس الدينية التطور الوحيد، لكنّ أشكالاً أخرى مثل: (الانتسومي) لدى (الكسوزا)، و (الانكابنسكواني) (السرد الشعبي) لدى (الزولو)، و (الديبوكو) لدى (السوثو)، و (الايزيبونغو) لدى (النغوني)، قد احتوت هي الأخرى على عناصر درامية متطورة. وأسهم (البوشمن) و (الهوتنتوت) في صقل تجارب مسرحية فيها عناصر (المايم) والموسيقى، حتى إنّ (كريدو موتوا) و (هـ. آي. آي) قالا بوجود مسرحٍ ملحميٍّ متطور في المجتمعات التقليدية القديمة»(5).

وقد تناول معظم الباحثين مظاهر المسرح الإفريقي التقليدي وتجلياته في معرض حديثهم عن المسرح الإفريقي بشكلٍ عام، وتناولوها بشكلٍ موجز ودون تفصيل كبير، ولكننا نجد أنّ المؤرخ الثقافي إي. تي. كيربي E.T. Kirby يحدد بشيء من التفصيل سبعة أشكال أداء، تمثّل طرق الأداء النموذجية للمسرح الإفريقي، والتي تبيّن كيف أبدعت الغريزة الإنسانية أحداثاً مسرحية مميزة(6).





وهذه الأشكال المسرحية السبعة هي:

1 - عروض القصّ (الحكي):

يتميّز المسرح الإفريقي، القديم والحديث، إلى حدٍّ كبير، بتركيزه على الحكي أو رواية القصص، فالراوي أو «القاص» يتمتع بمكانة أساسية في العديد من عروض الأداء المسرحية الإفريقية، فمن المعتاد أن نجد أنّ «الجريو» girot، أو «المعالج»، الذي يرتجل قصةً ما بمصاحبة الغناء والرقص. وكثيراً ما يقلّد الرواي السمات الصوتية والجسدية لكثيرٍ من الشخصيات في قصته، على الرغم من أنه من حينٍ لآخر نجد الآخرين يتدخلون للقيام بدور  شخصيات معيّنة، وربما تميّز الأقنعة ونوع الملابس الشخصيات. وفي كثير من الأحيان يوظّف كتاب المسرح الأفارقة المعاصرون «رواة القصص» في أعمالهم الدرامية، وعلى سبيل المثال: نجد أنّ مسرحية (الموت وفارس الملك)(7) تُبرز بوضوح شخصية «منشد المدائح».

2 - العروض التمثيلية البسيطة:

يرتجل البوشمان عروضاً تمثيلية؛ يُعدّ صيد الحيوانات فيها بمثابة الحبكة الأساسية، فعلى سبيل المثال: يرتدي أحد الرجال خوذة مصنوعة من عصا متشعبة، ويجسّد دور الظبي، في حين يقوم بعض المقلدين الآخرين بقتله، وتقوم مجموعة من الصبية الصغار بتجسيد دور الكلاب التي تصاحب الرجال، وتعد رقصات الصيد هذه بمثابة عروض وظيفية (فهم يوفرون الطعام للقبيلة)، وروحية في ذات الوقت (حيث يعترفون بأعلى السلطات في الطبيعة)، وهناك عروض تمثيلية أخرى أكثر اجتماعية بشكلٍ واضح.

وهذه الأعمال الدرامية المرتجلة تمثّل الشكل الأساسي للمسرح، وهي أشبه بألعاب التقليد التي يؤديها الأطفال أثناء تعلّمهم لدورهم في المجتمع.

3 - العروض الطقوسية:

الطقوس الأفريقية غالباً ما تكتسي بهالة من السحر. وتوجد أمثلة عديدة على مثل هذا النشاط الطقسي في جميع أنحاء أفريقيا اليوم. فاللوجا Loga في وسط أفريقيا لديهم طقوس شعائرية مطولة يتم فيها استعراض المنتجات اليدوية الهامة عبر القرية بينما تنشد الأمثال. وتقود القرويين راقصة طوافة وتتجه بهم نحو كوخ شعائري تم تشييده خصيصا، ثم يقوم المشاركون بتسلق سقف الكوخ بينما تُنشد ثمانية أمثال. ويقع "السحر" عندما تُطرد الأرواح الشريرة من الكوخ وتتلبس الأرواح الخيرة أجساد اللوجا.

4 - عروض تقديس الأرواح:

يتمكن «الوسيط»، الذي يُعتقد أنّ الأرواح تتلبسه، من الاستيلاء على «الشخصية» أثناء شرودها، أو في لحظة عدم تمام وعيها، ويقوم «الوسيط»، الذي يرتدي أزياء لافتة ويتحدث بـ «لغة الأرواح»، بحركات وإيماءات غير معتادة، بحيث توهم بأنّ الروح، أو أنّ الإله نفسه، موجود في الواقع، ويحدث تفاعل درامي قوي بين الشخصية والجمهور، والجزء الأكبر من هذا التفاعل يكون مرتجلاً من قبل «الوسيط». وهذه العروض شائعة جدّاً بين الناس في غرب أوغندا، حتى إنّ العالم الأنثروبولوجي جون بيتي John Beattie يشير إليها تحت اسم: (المسرح الوطني التقليدي)، وفي بعض مجتمعات شرق إفريقيا نجد أنّ الروح التي تُدعى shave، والتي تُعرف عن طريق القميص الأبيض والقبعة والحزام، تتلبس العديد من الوسطاء، ويتميز طقس الشرود أو النشوة مع الأرواح بالشرب والرقص والحوار. وتجدر الإشارة إلى أن الرقيق الأفارقة جلبوا معهم عروض تقديس الأرواح إلى الأمريكتين، وعلى سبيل المثال: لا يزال الماكومبا Macumba في البرازيل يستخدمون عروض الأرواح في احتفالات الشفاء.

5 - عروض التنكر:

 تطورت عروض التنكر عن الاحتفالات التي كانت تقوم بها الجماعات والتجمّعات السرية لتكريم الموتى، والتي ربما لا تزال الشكل الأكثر تمثيلاً للمسرح الإفريقي الأصلي، وتتميّز عروض التنكر بالأقنعة المتنوعة والملونة، والأزياء الفضفاضة (التي غالباً ما تكون مصنوعة من الخوص أو العشب)، كما تتميّز بالرقص المفعم بالحيوية، وغيرها من أوجه التنكر وأشكاله، وفي كثير من الأحيان يقوم السرد الدرامي بالربط بين هذه الأنشطة، فحفلات التنكر لدى الإيبيبيوIbibio ترتجل عروضاً تمثيلية هزلية، وتعدّ الأزياء المستخدمة في الكرنفال في ترينيداد من بقايا تلك الحفلات التنكرية التي جلبها الرقيق الأفارقة إلى الأمريكتين.

6 - العروض الاحتفالية:

تجري العروض الاحتفالية، مثلها مثل العديد من العروض المسرحية الأصيلة الأخرى في إفريقيا، بمرافقة الغناء والرقص وقرع الطبول. ويحتفل الدوجون Dogon في غرب إفريقيا بمهرجان الموتى في كلّ عام، وفي هذا الاحتفال يتمّ ذكر مآثر الأجداد، وتجري طوال الليل معارك وهمية، ورقصات أكروباتية بهلوانية، واستعراض للأسلحة، وذلك بهدف تعليم الدوجون احترام ماضيهم، وتوقير أسلافهم، وقبول حتمية الموت.

7 - العروض الكوميدية:

لعل الأنشطة المسرحية الأقرب شبهاً للمسرحية، بالمعنى الذي نفهمه من هذا المصطلح، هي العروض الكوميدية التي تُؤدَى في الساحات المفتوحة في قرى العديد من القبائل الإفريقية، وربما تطوّرت هذه العروض عن العروض التمثيلية البسيطة، أو عن عروض التنكر، لتصبح مسرحيات ذات حبكة واضحة وشخصيات محددة.

وبرغم أننا لا يمكننا الجزم بحدوث التطور بهذا الشكل؛ فإنّ وجود مثل هذه المسرحيات القصيرة playlets الكوميدية تشير إلى العملية التي تطورت بها الدراما بمعناها الرسمي في جميع أنحاء العالم.

ومن قبيل الصدفة أنّ كثيراً من الشخصيات التي تظهر في هذه الكوميديات تعدّ نسخاً إفريقية للشخصيات الهزلية الشعبية التي وجدت في روما القديمة، وفي إيطاليا النهضة، وفي الأوبرا الصينية، وفي المسرحيات الهزلية اليابانية kyogen. ويقدم الشعب الناطق بلغة الماندي في غرب إفريقيا عروضاً كوميدية تصور الزوجة المخادعة، والزوج الساذج، والمحارب المتباهي، واللص المحتال، وعلى الرغم من أنهم يظهرون أمامنا في عروضهم مطليين بالطين أو بالرماد الأبيض، فإنّ ممثلي هذه القرية ليسوا أقلّ جاذبية لجمهورهم من الكوميديين الإيطاليين أو المهرج (تشو) من الأوبرا الصينية.

وتستخدم الأعمال الكوميدية الحوار، وفي كثير من الأحيان تستخدم الارتجال، وربما يرافقها المطربون والأوركسترا.

وغالباً ما يلعب الرجل دور المرأة، الأمر الذي نجده في كلّ أنواع المسرح بالعالم، خصوصاً في تلك الثقافات التي لا تسمح للمرأة بأن تمارس التمثيل.

وكما هو حال الكوميديا في كلّ مكان؛ نجد أنّ المسرحيات الإفريقية تصوّر الجوانب الاجتماعية لحياة القرية، ففي أحد الأعمال الكوميدية نجد الزوج يعمل في الحقل مع زوجته، ويقوم بحرق كومة من سيقان النباتات التي يختفي عشيق زوجته تحتها، وينتهي العمل بمطاردة هزلية.

ومثل جميع عروض الكوميديا الجيدة؛ فإنّ المسرحيات تكون موجهة «لإظهار التصدعات في المظهر الزائف للإنسان»(8)؛ بحسب عبارة والتر كير Walter Kerr.

وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه المظاهر والممارسات المسرحية لم تندثر؛ فلبعضها وجود في بعض المجتمعات الإفريقية حتى الآن، ففي السنغال لا يزال «الجريو» Griot أو «الراوي» يدور في أنحاء القرى والمدن، ويلتف حوله الجمهور في حلقة ليشاهدوه، وهو يروي ويغني ويعزف على قيثارته أحداث الحكايات والأساطير الإفريقية، ويقدّم ذلك بحركات راقصة وتمثيلية تناسب ما يرويه(9).

وكما يذكر جان بلييا فإنّ شباب الماندنج، في غرب إفريقيا، لا يزالون يقومون بالتعبير عن رغبتهم في الزواج من خلال عروض زاهية غنية بالإبهار، ويسخرون فيها من المتزوجين الذين يكبرونهم في السنّ.

كذلك فإنّ الرابطة التي تهتم بالشؤون الدينية عند اليوروبا ما زالت تعمل على تنظيم أعمال درامية مبنية على الطقوس التي تمجد بطولات الأجداد، بمضمون له شكل وصفي طريف، يؤديه بعض المهرجين واللاعبين بمهارة، ويرتدون الأقنعة التي تمثّل الحيوانات وشخصيات المجتمع اليورباوي(10).

وفي مالي يوجد نمط من أنواع المسرح الشعبي يُطلق عليه: (مسرح كوتيبا)، ينظّمه الشباب مرّة كلّ سنة، ويعطي لهم فرصة لانتقاد كبارهم، وهذه هي المناسبة الوحيدة في السنة التي يستطيعون فيها أن يفعلوا ذلك دون خطورة، فيجهرون برأيهم في المجتمع، ولا يستطيع الكبار أن يعارضوهم(11).

وفي شمال نيجيريا نجد ما يعرف بمسرح الأوو Owu الذي تقيمه جماعة نجواNgwa ، والإجو Ijo، وهو أشبه بمهرجان تمثيلي، يقدّم فيه أكثر من خمسة عشر عرضاً دراميّاً مختلفاً، يعتمد على التنكر بشكل كبير، وتمثل هذه العروض كلّ أرواح ومخلوقات النهر، وكلّ الرجال والحيوانات على الأرض، وتقوم بتوظيفها خلال تلك العروض، وتتضمن عروضاً تنكرية لكلٍّ من المعالج التقليدي والعراف owu dibia، والكائنات المائية الصغيرةowu wmuazu ، وأسماك القرش owu ofirima، والوحش صاحب رأس الكبش owu igirima، والفراشة owu utam، والتمساحowu aguiyi ، وعروس البحر owu mamiwota، والمتباهي owu nganga، وزعيم عروض التنكر owu mgbolo.

وتمثّل هذه العروض الدرامية كلّ ما يتصل بالحياة في النهر أو على الأرض، اللذين يمثّلان مصدر إمداد الشعوب بالطعام والبركة، وتقدّم هذه العروض مرّة واحدة كلّ ثلاث سنوات، وتستمر لمدة سبعة أيام، وخلال هذه الأيام السبعة يقوم الصيادون بصيد القرش والتمساح والوحش، ويتم قتلهم في اليوم السابع، وهكذا يتم عرض نضال هذه الجماعات من أجل البقاء عبر إعادة تمثيل الأسطورة، باستخدام العروض التنكرية والرقص والأداء التمثيلي، في حضور المشاهدين من أهل القرية والقرى المجاورة، ويتمّ كلّ ذلك وسط ساحة سوق القرية الفسيحة(12)، ولا يختلف الأمر في غالبية أنحاء إفريقيا عن ذلك، فلا تزال هذه المظاهر باقية في مثل حفلات الحصاد، والختان، والزواج، وغيرها من المناسبات. 



ثالثاً: سمات المسرح الإفريقي التقليدي:

يتميّز المسرح الإفريقي التقليدي بسماتٍ عديدة، تميّزه عن نظيره الحديث ذي الأصول الأوروبية، سواء من حيث المضمون والموضوعات التي تناولها، أو من حيث الشكل.

أ - من حيث المضمون:

يتميز المسرح الإفريقي التقليدي بارتباطه الشديد بالحياة اليومية، فهو يعبّر عن فرحة المجتمع وآلامه وهمومه وتطلعاته وآماله، ويشير فرانسواز ليجيه إلى مضمون الأعمال التي يتناولها المسرح التقليدي فيقول: «لقد قدّم المسرح كلّ ما يعبّر عن موروث هذه الشعوب، سواء في شكل رقصات أو ملاحم أو احتفالات شعبية، أو كلّ ما يدور في الحياة من مناقشات فارغة، ومواقف وأنماط مختلفة من الناس»(13).

ويتميّز هذا المسرح أيضاً بوجود الأساطير والحكايات التاريخية، والتي كانت تشكّل موضوعاته الأساسية(14)، وقد كانت معظم الأعمال تدور حول الأساطير والحكايات والخرافات والعادات والبطولات وأمجاد الأسلاف والأخلاق والسلوك(15)، وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ الأسطورة في المسرح الإفريقي رمزٌ للحياة، إنها أسلوب يعمل على تأكيد النظام الاجتماعي، وقد اعتمد المسرح الإفريقي على الأسطورة والمفاهيم الشائعة حتى يستطيع تحقيق استمراريته وفعاليته.

ويمكن تفسير ذلك بأن الأسطورة الإفريقية تعكس الشعور بالقلق، أو بالفرحة، أو الشعور بآلام المجتمع الإفريقي وآماله العميقة، إنها رمزٌ يثير ويوجّه الطاقة النفسية(16) لأفراد المجتمع؛ ليتمكنوا من متابعة حياتهم والاستمرار فيها وفقاً للتقاليد والعادات والقيم الموروثة عن الأجداد.

وثمّة سمة أخرى تميّز المسرح الإفريقي التقليدي، وهي الرمزية، وقد عبّر الشاعر الناقد الإفريقي الجنوبي مازيس كونيني عن تلك السمة في دراسة له بعنوان: (مدخل إلى الأدب الإفريقي)، حيث يقول: «إنّ التعبير الدرامي الإفريقي يعتمد على الرمزية... وقد تتخذ الرمزية أشكالاً متباينة وفقاً للتاريخ الثقافي لكلّ طائفة اجتماعية بالذات، ففي بعض الجماعات تُستخدم الأقنعة لتبرز المعنى وتلقي عليه الضوء، وللأقنعة نفسها لغة راسخة القواعد، بحيث يمثّل كلّ نمط من الأقنعة مجموعة من القيم»، ولكن هذه الرمزية ليست غامضة، وإنما هي من قبيل المجاز والإيحاء؛ حتى لا يكون التعبير فجّاً، خصوصاً في التراجيديا (المأساة) ذات الموضوعات الجادة(17).

ويشير د. علي شلش لبعض السمات الأخرى التي تميّز موضوعات المسرح الإفريقي التقليدي، فيذكر أنه كان واقعيّاً في معظمه، كوميدي النزعة، يخدم قضايا اجتماعية، ويتسم بطابع تعليمي، ولا ينكر المتعة والتسلية(18).

ب - من حيث الشكل وطريقة الأداء:

المسرح الإفريقي التقليدي قدّم هذه الموضوعات في شكل مشاهد وتابلوهات بسيطة، شديدة الاختلاط بالرقص والغناء والموسيقى في حوارها، شديدة الرغبة في مشاركة الجمهور.

وكانت عادةً ما تُقدّم في المناسبات الاجتماعية المختلفة، مثل البلوغ، والحصاد، وإعلان الحرب، مثلما تقدّم في أمسيات الحياة اليومية(19).

ويتميز المسرح الإفريقي التقليدي بعدد من السمات الشكلية التي تميّزه عن نظيره الحديث، ويشير بيشنس أومولولا Patience Omolola لبعضها فيقول: «يقدّم الفنانون التقليديون عروضهم في الأماكن العامة، ويكمن تفرد عروضهم في اعتمادها على الذاكرة، بالإضافة إلى استخدامهم للغة الجسد، وتوظيفهم للطقوس، إلى جانب مشاركة الجمهور»(20).

كذلك شكلت العرائس والأقنعة جزءاً من كيان المسرح الإفريقي التقليدي، فقد كان تقمّص شخصيات الأسلاف بارتداء الأقنعة ظاهرة واضحة في الشعائر الدينية لقبائل اليوروبا، كما أنه في التقاليد الدينية لقبيلة الإيبو، حيث يقوم المشتركون في احتفالاتها بتعديل هوياتهم عن طريق ارتداء الأقنعة والملابس المختلفة(21).

كما تميّز المسرح الإفريقي التقليدي بوجود كوريفيه (رئيس الجوقة)، وهو الذي يقود الحركة، يسانده في ذلك كورس، كما أنّ الجمهور الملتف حول مكان العرض المسرحي كان يشارك فيه، وهو بذلك يقوم بدور المشاهد والمؤدي(22).

ويعدّ الرقص إحدى السمات الشكلية البارزة للعروض الدرامية الإفريقية التقليدية، وهو غالباً ما يكون مصاحباً لكافة أنواع العروض الإفريقية، دينية أو اجتماعية، كأداء تعبيري، ووسيلة للبوح عمّا في النفس من مشاعر وأحاسيس، ويكاد ألا يخلو عرض درامي تقليدي من مواكبة الرقص له.

ويشير د. على شلش لبعض السمات الشكلية الأخرى للمسرح الإفريقي التقليدي، منها أنه: مسرحٌ مجاني للعاملين فيه والمتفرجين عليه، وأنّ الديكور فيه طبيعيٌّ يوحي بالبساطة والثقة، وأنه مسرح لا يعرف البهرجة والمغالاة في الأزياء، وإن كان للأزياء أهمية خاصة لأنها مرتبطة بالشعائر والأسلاف(23).

أما أسلوب التعبير وطريقته؛ فيرتكز غالباً على فكرة المكان الدائري، والذي يجمع ما بين الكلمة والغناء والحركة، وكانت هذه الطقوس والممارسات تتطلب بالطبع مكاناً وفضاء يأخذان مسحة مقدسة بوجود كاهن؛ حيث يُفترض وجود الآلهة، ولذا يجب أن يكون مكاناً يجتمع فيه حشد، وعادةً ما يكون ذلك المكان على شكلٍ دائري(24).

ويشير جيمس أمانكولورJames Amankulor  إلى سمةٍ أخرى مميزة، فالعروض التقليدية ربما تستمر لساعات معدودة كالعروض المعاصرة، وربما تستمر لأمسية كاملة أو ليوم، والمثير أنها قد تصل لأسبوع أو أكثر في بعض الأحيان، كما يحدث في عروض الأووOwu  التي يقيمها شعب نجواNgwa  والإجو Ijo في شمال نيجيريا(25).





رابعاً: وظائف المسرح الإفريقي التقليدي

يتميّز المسرح الإفريقي التقليدي بأنه مسرحٌ وظيفي في الأساس؛ ويشير د. علي شلش لبعض تلك الوظائف والأدوار، فيذكر أنّ المسرح الإفريقي التقليدي يعتبر مرآة للحياة متصلة بالطبيعة الكونية، وأنه يعدّ أداة للمحافظة على تقاليد الجماعة وقيمها، وأنه أداة تعليم وتثقيف(26)، ويقول الباحث عليون ديوب: «شكّلت العروض المسرحية التقليدية رابطة اجتماعية، وسلاحاً فكريّاً، ووسيلة للوعي الجماعي، وفي أحيان أخرى علاجاً، أو وسيلة قهر، حيث كانت عروض المسرح الأولى مستوحاة من العروض الدينية التي تخضع لها الجماعة»(27).

ويؤكد جان بلييا دور المسرح الإفريقي التقليدي في تشكيل الوعي الجماعي للجماعات الإفريقية قائلاً: «إنّ هذا المسرح يعكس بقوة الوعي الثقافي والسياسي والديني في هذا الوقت للشعوب الإفريقية»(28)، كما يؤكد بابا كار وظيفة المسرح الإفريقي التقليدي في التثقيف وتشكيل الهوية، والنظر إليه كأداة للحفاظ على وجود تلك الشعوب، فيقول: «كان المسرح الزنجي الإفريقي التقليدي ذا دورٍ بارز في التثقيف، وتحديد الهوية، والتكامل الاجتماعي، فقد كان المسرح في المجتمع التقليدي الإفريقي بمثابة «بلازما الوجود» لهذا المجتمع»(29).

ويمكن توضيح أهم الوظائف والأدوار التي يقوم بها المسرح الإفريقي التقليدي، التي أشار إليها الباحثون، فيما يأتي:

الوظيفة الدينية:

هي أقدم وظيفة قام بها المسرح الإفريقي التقليدي، وقد أشار إليها العديد من الباحثين، ومنهم جان بلييا حين قال: «ليس هناك مجال للشك في أنّ «إفريقيا التقليدية»، من السنغال إلى زائير، مروراً بمالي وساحل العاج وجمهورية البنين ونيجيريا، تقدّم عروضاً يختلط فيها التمثيل بالطقوس الدينية»(30).

الوظيفة الاجتماعية:

وربما تكون هذه الوظيفة إحدى أهم وأبرز وظائف المسرح الأفريقي التقليدي الذي لا ينفصل مطلقاً عام عن الحياة الإجتماعية، فمهمته هي توصيل ما يريد المجتمع التعبير عنه. فالمسرح هنا ليس مجرد ظاهرة ولكنه تعبير عن حياة الانسان، والإنسان لا معنى له، ولا يمكن تصوره خارج المجتمع. ومن سمات الإنسان الأفريقي ارتباطه الوثيق بمجتمعه، ولذلك نجد أن أفراد المجتمع يتشاركون سويا في مختلف المناسبات والاحتفالات الاجتماعية كالزواج ومراسم الدفن والبلوغ والختان ومواسم الحصاد ورحلات الصيد وأمسيات الحياة اليومية وغيرها من المناسبات. وتأتي الدراما لتعبر عن هذا الترابط وهذه الممارسات الحياتية.

الوظيفة التثقيفية والتعليمية:

وهي إحدى وظائف المسرح المهمّة، حيث يعرض القصص التعليمية والأخلاقية، والحكايات التاريخية عن الأبطال والأسلاف وبطولاتهم وأعمالهم الجليلة، بهدف توعية الجمهور، وتوجيهه نحو المبادئ والقيم والأخلاق النبيلة، من أجل ترسيخ الانتماء للجماعة العرقية، أو للقبيلة التي ينتمون لها، والاعتزاز بتاريخهم وماضيهم البطولي.

الوظيفة الترفيهية:

وهي وظيفة أساسية من وظائف العروض المسرحية والتمثيلية بشكلٍ عام، في الأمسيات الليلية، للتسلية والإمتاع.

الوظيفة العلاجية:

وهذه الوظيفة لا تتمتع بالانتشار والشهرة كباقي الوظائف السابقة، ويتم فيها توظيف بعض العروض الدرامية في العلاج، وبخاصة العلاج النفسي وطرد الأرواح الشريرة، وقد أشار عليون ديوب لأهمية هذه الوظيفة بقوله: «فضلاً عن كونه (المسرح الإفريقي التقليدي) وسيلة للترفيه، فعليه مهمات أساسية، أكثرها أهمية تتركز في أهدافه التعليمية والعلاجية»(31)، ومن أمثلة تلك العروض العلاجية طقوس (الزار) المعروفة في شرق إفريقيا عامّة، وفي إثيوبيا بشكلٍ خاص.



الخاتمة

«لقد وصل المسرح الإفريقي التقليدي إلى حدّ الكمال، مثله في ذلك مثل مدارس المسرح العريقة»(32)، بهذه الكلمات وصف الباحث السنغالي موريس سونار سنجور المسرح الإفريقي التقليدي، فهل يمكن قبول هذا الوصف المثالي للمسرح الإفريقي التقليدي؟

بالرغم من كلّ مميزات هذا المسرح التقليدي؛ فإنّ المسرحية باعتبارها شكلاً فنيًا مستقّلًا لم تصل إلى مرحلة متطورة كاملة في إفريقيا التقليدية(33)، وكذلك الحال بالنسبة للأداء المسرحي، ولذا لا يمكن القول بأنّ المسرح الإفريقي التقليدي قد وصل لمرحلة الكمال والمثالية، فعلى الرغم من ثرائه وتعدد وظائفه، وعمق وقوة تأثيره، فقد ظلّ مرتبطاّ بمجتمعه البدائي، وتوقف عند تلك الدرجة، ولم يتطور كنظيره الأوروبي الإغريقيّ الأصل.

وفي هذا السياق؛ لا يمكن إلقاء اللوم فقط على كاهل المجتمعات الإفريقية التي لم تنمّ وتطور مسرحها بشكلٍ مستمر ليصل لمرحلة النضج والكمال، بل إنّ هناك جزءاً كبيراً من المسؤولية عن إعاقة تطوّره يقع على عاتق الغرب وسياساته الاستعمارية، فقد حارب الاستعمار هذا النشاط الدرامي الاجتماعي وأعاقه عن التطور، واعتبره ممارسات متخلفة، وقام النظام الاستعماري، في معظم القارة، بفرض لغاته ونُظمه التعليمية وأحكامه القيمية، ومفاهيمه، وتصوراته الجمالية عن الأدب والمسرح، على جموع الطلاب والدارسين، وفرض أشكالاً ونماذج مسرحية غربية، مثل: موليير وشكسبير، عن طريق إحضار فرق مسرحية أوروبية من الفرق المتجولة، لتعمل على رفع التذوّق الفنّي للشعب الإفريقي وتعليمه اللغة الأجنبية(34)، وبذلك تم تبنّي المسرح الأوروبي بشكله وموضوعاته باعتباره الصورة المثلى والمثالية.

ومن ناحية أخرى، تبنت بعض المؤسسات والإرساليات المسيحية محاربة هذا اللون الدرامي وأعاقته وقامت بتشويهه ومحو الطابع الثقافي له، وأحلّت محلّه أشكالاً جديدة للتعبير، من الأعمال الدرامية المستوردة الشكل والمضمون، وفرضتها على الأفارقة بوصفها الشكل الأمثل للتعبير الدرامي، وبذلك تمّ إحلال مشاهد مأخوذة من التوراة محلّ الطقوس الإفريقية، في صورة عروض مسرحية، مثل قصة آدم وحواء– عليهما السلام-، ويوسف– عليه السلام- وإخوته(35)، ويفسر د. علي شلش لجوء الإرساليات في محاربتها للدراما التقليدية إلى الدراما الأوروبية التعليمية الحديثة والدينية بوجهٍ خاص، بأنها كانت تهدف من ذلك إلى امتصاص طاقة الإفريقيين الدرامية وحبّهم للدراما من ناحية، ونشر اللغات الأوروبية، وتدعيم عملية التحول إلى المسيحية من ناحية أخرى(36).  

وبرغم هذا التوقف؛ فإنّ المسرح الإفريقي التقليدي أدى دوراً كبيراً ومؤثّراً في نشأة الدراما الإفريقية الحديثة المكتوبة وتأسيسها، فقد كان، وما زال، نبعاً مهمّاً من منابع الدراما الحديثة التي نشأت واستوت على سوقها في مختلف أقطار القارة، سواء الدراما المكتوبة باللغات المحلية، أو الدراما المدوّنة باللغات الأوروبية.

ولا يزال كتّاب المسرح الأفارقة، في أرجاء القارة الإفريقية، حتى اليوم، يستلهمون من تراثهم وتقاليدهم الدرامية التقليدية التي لا تنضب الكثير من الموضوعات المتميزة، والأقوال المأثورة، والأمثال الموروثة، والشخصيات الفريدة، والصور والأخيلة، وأشكال الأداء المتعددة، الأمر الذي يمكّنهم من تقديم مسرحٍ يمتاز بطابعه الإفريقي الأصيل في إطارٍ مسرحيٍّ معاصر، يعيدون به اكتشاف ذواتهم الإفريقية، ويستعيدون به توازنهم المفقود خلال الحقبة الاستعمارية، ويؤكدون فيه هويتهم الإفريقية وقيمهم الإنسانية.



الإحالات والهوامش:

(*) أستاذ مساعد بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية – جامعة القاهرة.

(1) حسين، إلهامي (1977): "تاريخ المسرح"، سلسلة كتابك، عدد 151، دار المعارف - القاهرة، ص ص (5 – 6).

(2) شلش، علي (1979): "الدراما الإفريقية"، سلسلة كتابك عدد 100، دار المعارف - القاهرة، ص 25.

(3) شلش، علي (1993): "الأدب الإفريقي"، مرجع سابق، ص 100.

(4) شلش، علي (1993): "الأدب الإفريقي، مرجع سابق، ص 104. وكذلك شلش، علي (1979): "الدراما الإفريقية"، مرجع سابق، ص ص (22 - 23).

(5) انظر: "المسرح في جنوبي إفريقيا"، مقدمة ترجمة مسرحية "البقاء"، لمزيد من التفصيل راجع: سلسلة من المسرح العالمي، مسرحية "البقاء"، تأليف جماعة العمل الدرامي 71، ترجمة صخر الحاج حسين، العددان 310-311، يوليو – أغسطس 1998، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – دولة الكويت، ص ص (122 – 123).

(6) Michael L. Greenwald, Roberto D. Pomo and Roger H. Schultz (2000): "The Longman Anthology of Drama and Theatre: A Global Perspective", Addison Wesley Longman Publishers, New York, pp.1252.http://wiki.archmereacademy.com/sandbox/groups/bmanelskidrama03701/wiki/eb66a/attachments/bc713/African%20Theatre%20History.pdf?sessionID=f84622dc7584a0db5425494784f833894a71514

(7) تعد مسرحية "الموت وفارس الملك"Death and the King’s Horseman" " إحدى أشهر مسرحيات الكاتب النيجيري الشهير وول شوينكا، صاحب جائزة نوبل في الأدب لعام 1986، والتي صدرت في عام 1975عن دار نشر: اير ميتيون  Eyre Methuen بلندن. وقد تمت ترجمتها للغة العربية، ونشرت ضمن سلسلة من المسرح العالمي الصادرة عن وزارة الإعلام بدولة الكويت، العدد 218 لعام 1987م، ولمزيد من التفصيل راجع : وول سوينكا (1987): "الموت وفارس الملك"، ترجمة علي حجاج، سلسلة من المسرح العالمي، عدد 218، وزارة الإعلام – الكويت.

(8) Michael L. Greenwald, Roberto D. Pomo and Roger H. Schultz (2000): "The Longman Anthology of Drama and Theatre: A Global Perspective", Op. Cit. ,pp. 1252-1253.(9) شلش، علي (1979): "الدراما الإفريقية"، مرجع سابق، ص 19.

(10) بلييا، جان (1995): "دور المسرح في التنمية الثقافية في إفريقيا"، في "قضايا المسرح الإفريقي: مجموعة أبحاث (1995): ترجمة فيفي فريد، الطبعة الثانية، أكاديمية الفنون– وحدة الإصدارات، مسرح (5) - القاهرة، ص 16.

(11) الخضر، عبد الباقي: "المسرح الإفريقي... لحظات من الانطلاق". http://www.startimes.com/?t=9587372

(12)  Amankulor, James Ndkukaku (1976): "Traditional Black African Theater", Ufahamu- Journal of African Studies,   University of California ,Volume 6, Issue 2, 1976.pp.34-35.https://escholarship.org/uc/item/62h239n3(13) ليجيه، فرانسواز (1995): "المسرح الإفريقي والمسابقات المسرحية بين الدول الإفريقية"، مرجع سابق، ص 146.

(14) سنجور، موريس سونار (1995): "المسرح السنغالي"، في "قضايا المسرح الإفريقي: مجموعة أبحاث (1995): ترجمة فيفي فريد، الطبعة الثانية، أكاديمية الفنون – وحدة الإصدارات، مسرح (5) - القاهرة، ص 33.

(15) شلش، علي (1993): "الأدب الإفريقي"، مرجع سابق، ص 101. وكذلك بلييا، جان (1995): "دور المسرح في التنمية الثقافية في إفريقيا"، مرجع سابق، ص 16.

(16) ديوب، عليون أونج (1995): "تأملات حول المسرح الإفريقي قبل الاستعمار المعاصر"، مرجع سابق، ص ص (104 ، 105).

(17) شلش، علي (1979): "الدراما الإفريقية"، مرجع سابق، ص ص (23 – 24).

(18) شلش، علي (1993): "الأدب الإفريقي"، مرجع سابق، ص 101.

(19) شلش، علي (1993): "الأدب الإفريقي"، مرجع سابق، ص 101. وكذلك بلييا، جان (1995): "دور المسرح في التنمية الثقافية في إفريقيا"، مرجع سابق، ص 16.

(20) Omolola, Patience (2006): "Traditional African Theater: The Case Study of The Gambia and Senegal", Performing Language: International Conference on Drama and Theatre in Second language Education, February 3rd - 5th, 2006, University of Victoria - CANADA.http://web.uvic.ca/~hnserc/IAPL/en/conference/pre/abpre/200616.pdf(21) انظر: مقدمة ترجمة مسرحية "هرج ومرج في المنزل"، بقلم نايف خرما، ص 5، لمزيد من التفصيل راجع: سلسلة من المسرح العالمي، مسرحية "هرج ومرج في المنزل"، تأليف كويسي كاي، ترجمة نايف خرما، العدد 199، أبريل 1986م، وزارة الإعلام - الكويت، ص 5.

(22) سنجور، موريس سونار (1995): "المسرح السنغالي"، مرجع سابق، ص 33.

(23) شلش، علي (1979): "الدراما الإفريقية"، مرجع سابق، ص 21.

(24) ديوب، عليون أونج (1995): "تأملات حول المسرح الإفريقي قبل الاستعمار المعاصر"، مرجع سابق، ص 104.

(25)  Amankulor, James Ndkukaku (1976): "Traditional Black African Theater", Op. Cit., p. 35.https://escholarship.org/uc/item/62h239n3(26) شلش، علي (1993): "الأدب الإفريقي"، مرجع سابق، ص 104. وكذلك شلش، علي (1979): "الدراما الإفريقية"، مرجع سابق، ص 23.

(27) ديوب، عليون أونج (1995): "تأملات حول المسرح الإفريقي قبل الاستعمار المعاصر"، مرجع سابق، ص 104.

(28) بلييا، جان (1995): "دور المسرح في التنمية الثقافية في إفريقيا"، مرجع سابق، ص 16.

(29) با، بابا كار (1995): "المسرح الزنجي الإفريقي ونظام ثقافي جديد"، في "قضايا المسرح الإفريقي: مجموعة أبحاث (1995): ترجمة فيفي فريد، الطبعة الثانية، أكاديمية الفنون – وحدة الإصدارات، مسرح (5) - القاهرة، ص 172.

(30) بلييا، جان (1995): "دور المسرح في التنمية الثقافية في إفريقيا"، مرجع سابق، ص 16.

(31) ديوب، عليون أونج (1995): "تأملات حول المسرح الإفريقي قبل الاستعمار المعاصر"، مرجع سابق، ص 105.

(32) سنجور، موريس سونار (1995): "المسرح السنغالي"، مرجع سابق، ص 33.

(33) انظر: "حول الأدب المسرحي الإفريقي"، مقدمة ترجمة مسرحية "الموت وفارس الملك"، لمزيد من التفصيل راجع: سلسلة من المسرح العالمي، مسرحية "الموت وفارس الملك"، تأليف وول سوينكا، ترجمة علي حجاج، العدد 218، نوفمبر 1987، وزارة الإعلام - الكويت، ص 6.

(34) بلييا، جان (1995): "دور المسرح في التنمية الثقافية في إفريقيا"، مرجع سابق، ص 17.

(35) بلييا، جان (1995): "دور المسرح في التنمية الثقافية في إفريقيا"، مرجع سابق، ص 17.

(36) شلش، علي (1993): "الأدب الإفريقي"، مرجع سابق، ص 100.


--------------------------------------------------------
المصدر : قراءات أفريقية 
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption