أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الثلاثاء، 2 مايو 2017

السياسة‭ ‬والدين‭ ‬في‭ ‬مسرح‭ ‬أبي‭ ‬خليل‭ ‬القباني

مجلة الفنون المسرحية

السياسة‭ ‬والدين‭ ‬في‭ ‬مسرح‭ ‬أبي‭ ‬خليل‭ ‬القباني
دلع الرحبي

كان‭ ‬«أبو‭ ‬خليل‭ ‬القباني»‭ ‬رجلاً‭ ‬وحيداً‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬أتقنت‭ ‬إنكاره،‭ ‬إذ‭ ‬تجسد‭ ‬سيرة‭ ‬حياته‭ ‬العبارة‭ ‬القائلة‭: ‬لا‭ ‬كرامة‭ ‬لنبيّ‭ ‬في‭ ‬وطنه،‭ ‬وهذا‭ ‬قدر‭ ‬المبدع‭ ‬حين‭ ‬يقترف‭ ‬ذنباً‭ ‬ويسبق‭ ‬عصره،‭ ‬ولقد‭ ‬سبق‭ ‬«أبو‭ ‬خليل‭ ‬القباني»‭ ‬عصره‭ ‬وربما‭ ‬عصرنا‭ ‬أيضاً‭ ‬إذ‭ ‬يبدو‭ ‬المشهد‭ ‬اليوم‭ ‬وكأن‭ ‬قرناً‭ ‬ويزيد‭ ‬لم‭ ‬يمرّ،‭ ‬وكأننا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬البقعة‭ ‬المضطربة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬مازلنا‭ ‬نقف‭ ‬مشدوهين‭ ‬وفاغري‭ ‬الأفواه‭ ‬أمام‭ ‬الأسئلة‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬طرحها‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مئة‭ ‬عام‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نقنع‭ ‬بجواب‭.‬

ينتمي »أبو خليل القباني» (1833-1903) إلى زمن بواكير النهضة العربية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وهو واحد ممن ترجموا هذه النهضة إذ كان أول من أسس فن المسرح في دمشق، ليكون بديلاً عن فنون أخرى كانت شائعة آنذاك كالحكواتي وعروض الكراكوزاتي التي تحوي من الفحش والبذاءة الكثير.
إنها الشام أواخر القرن التاسع عشر

شام الحارات والأزقة الضيقة والزوايا والتكايا والفوانيس اليدوية المضاءة بالزيت. شام المقاهي والحكواتية والكركوزاتية والزكرتاوية. شام المآذن وحلقات الذكر والإنشاد والموالد ودروس الأموي. شام البيوت الدمشقية المتوارية خلف حيطان الحارات العتيقة. شام العربات والخيول والجنود العثمانيين والطرابيش واللفات والعمامات والملاءات والقمبازات والشالات. شام الأبواب والبوابات التي تغلق عند كل مساء.

في تلك الأجواء نشأ «أبو خليل» وضمن هذه الظروف ولد مسرحه. وحكاية مسرح «أبي خليل» تقتضي بالضرورة التطرق إلى حكايتين أخريين لتشكلا في الحصيلة ضلعي مثلت العلاقة بين المسرح والسياسة والدين.


المسرح والسياسة

لا يمكن أن يجري الحديث عن «أبي خليل القباني» دون أن يتم ذكر الوالي «مدحت باشا» (1822-1884) ومازال سوق «مدحت باشا» هو من أهمّ معالم مدينة دمشق، وهو سوق مغطى على غرار موازيه «سوق الحميدية» الذي تعود تسميته إلى السلطان «عبد الحميد» (سلطان البرين وخاقان البحرين) «بادشاهم جوق يشا».

وحكاية الوالي «مدحت باشا» مع الشام بدأت قبل أن يأتيها والياً، بل إن القدر الذي ساقه إلى دمشق وجمعه مع «أبي خليل» كانت قد بدأت فصوله الأولى في الآستانة عاصمة الخلافة، حيث كان هو «الصدر الأعظم» و»أبو الدستور» «وأبو الأحرار»، وقبل كل شيء «خالع السلاطين». وحكاية خالع السلاطين تلك كانت شوكة تنغز السلطان «عبدالحميد»، الذي لم ينس أبداً أن «مدحت باشا» السياسي البارع والداهية المحنك، هو الذي خلع السلطان عبدالعزيز -عمه- والسلطان مراد الخامس -أخاه- وقد يأتيه الدور فيخلع على يديه كسابقيه. وعليه، فإن العلاقة بين الرجلين كانت شائكة ومضنية، محورها الصراع الذي عنون وقتها في كونه صراعاً بين «الدستوريين» و»الحميديين» أو بين «المابين» «والباب العالي» أو بين «الأحرار والمستبدين» أو بين «الإصلاحيين والمستغلين»… وأياً كانت التسمية فإن السلطان «عبدالحميد» في إسناده منصب الصدارة العظمى إلى «مدحت باشا « بداية، ثم في إصداره المرسوم السلطاني بإعلان الدستور لاحقاً، لم يكن حراً تماماً، بل كانت الظروف الدولية والمخاطر المحيقة بعاصمة الخلافة بعد وصول المسألة الشرقية حداً أصبح يهدد بقاء الدولة العثمانية ومصيرها هي التي دفعت السلطان إلى تعيين هذا الرجل صدراً أعظم.

أما إعلان الدستور، فقد جاء نتيجة منطقية لتولي «مدحت باشا» منصب الصدارة العظمى، فالدستور كان قضية حياته، ولولا الدستور لما أقدم أساساً على عزل السلطان «عبدالعزيز″ ولما وصلت الخلافة إلى «عبدالحميد» الذي كان يؤرقه سؤال: هل يحدد الدستور سلطة السلطان أم لا؟ خاصة وأن واحدة من أهم البنود التي تحفظ عليها «عبد الحميد» هي تلك التي كانت تقضي بتغيير لقب الصدر الأعظم وتحويله إلى لقب رئيس الوزراء، اقتداء بالحكومات الدستورية في أوروبا، وهذا ما رأى فيه السلطان توسيعاً لصلاحيات هذا المنصب وانتقاصاً من سلطته المطلقة.

لم يكن السلطان وحده متخوفاً من مسألة الدستور، بل كان معه العلماء والمشايخ الذين كانت تؤرّقهم إمكانية دخول المسيحيين إلى مجلس النواب بعد منح البلاد الحياة النيابية، لا سيما وأنهم يعرفون حق المعرفة أن غاية أماني «مدحت باشا» هي التأليف بين العناصر المسلمة والمسيحية في البلاد العثمانية وإيجاد كتلة واحدة تعيش تحت سماء وطن واحد. لذا لم يكن مستغرباً أن يقوم المشايخ بتملق السلطان بقولهم إنّ «لا حاجة إلى دستور، بعد أن تولى العرش سلطان عاقل حكيم». وأيضاً فإن النفعيين من أرباب الرشوة رأوا في «مدحت باشا» عقبة تمنعهم من نهب خيرات البلاد، وها هو واحد منهم يصرح قائلاً «إذا كان كل شيء سيجري البحث فيه علناً في مجلس النواب، فلا سبيل عندئذ إلى التهام شيء!».

ورغم ذلك فقد نجح «مدحت باشا» في دفع السلطان إلى إعلان الدستور (12 كانون الثاني 1876). وكان يوم الإعلان يوماً من أيام العثمانيين المشهودة، زار فيه «مدحت باشا» بطريركية الروم والأرمن ليصبح بذلك أول صدر أعظم في التاريخ العثماني يزور فيه رؤساء الطوائف المسيحية في مراكزهم. ثم أتبع خطوته تلك باستصدار عفو من السلطان عن المبعدين السياسيين.

هذا هو «مدحت باشا» الذي كان يعارض إدارة الولايات العثمانية بالقوانين الموضوعة في الآستانة، والذي كان يحبذ توسيع صلاحية حكام الولايات ومنحهم شيئاً من الاستقلال. هذا هو «مدحت باشا» الذي حين استرد منه السلطان بعد ذلك الخاتم الهمايوني، عازلاً إياه من منصب الصدارة العظمى، تلقى الخبر برباطة جأش متفوهاً بعبارة وحيدة «أعان الله وطني». هذا هو «مدحت باشا» الذي حين وصل إلى دمشق والياً -بعد أن تم نفيه إلى لندن ردحاً من الزمن- استحق كل ما أقيم لأجله من احتفالات وزينات إذ ابتهجت لمجيئه القلوب واستبشرت بقدومه النفوس، وتفاءل الناس بخير عميم لا بد آتيها، طالما أن المصلح «مدحت باشا» واليها.

القباني القادم من باحات المسجد الأموي معتليا منصة المسرح التي ابتناها في باحات البيوت الدمشقية كان يحطم في الوقت نفسه الصورة النمطية لشيخ عبوس يفتي بتحريم الفنون
في ظل هذه الظروف المعقدة على الصعيدين العام والشخصي، وصل هذا الوالي المغضوب عليه من قبل السلطان إلى دمشق التي استمرت ولايته عليها (1878-1880). وما كان قرار تعيينه والياً بعد أن كان منفياً ومبعداً إلا ذريعة وحيلة لجأ إليها السلطان لتسكيت الرأي العام الدولي في الخارج، وأيضاً أنصار «مدحت باشا» في الداخل. وكان الأخير يدرك حق الإدراك أن السلطان «عبدالحميد» يضمر له ما يضمر وأن ولايته على الشام لن تطول.

لهذه الاعتبارات كان الوالي الجديد المفعم بالرغبة في اللحاق بركاب التطور والتجديد مصمماً على تحويل طموحاته الإصلاحية واقعاً ملموساً، وترجمة ميوله التنويرية إلى فعل حقيقي وممارسة عملية دون أن يأبه بالسلطان. لذلك حين وصل إلى «دمشق» كان كمن أحرق سفنه كلها في «الآستانة»، إذ وجد في الشام ضالته، وصارت على أيامه مدينة تمور بانبعاثات الصحوة والإصلاح والتجديد، إذ بدأ بتأسيس الجمعيات وتأمين الطرق والمواصلات وتطهيرها من الشقاة، والضرب على أيدي الخونة واللصوص، وإصلاح المحاكم، ونشر العدل، والقضاء على الرشوة، وفتح المدارس للذكور والإناث، إلى آخر ما هنالك. ولما كان ذات يوم يقوم بجولة يتفقد فيها أحياء دمشق، لفت نظره كثرة المقاهي التي تمثل فيها عروض «الكركوزاتية»، فراعه ما رأى وانتقد وجهاء دمشق وعلماءها على هذا المستوى المنحط، ولامهم على مشاهدة المناظر المخلّة، والاستماع إلى الألفاظ البذيئة التي كانت ترد في بابات وفصول كراكوز. وحين سأل عما إذا كان يوجد في المدينة من يقوم بتمثيل الروايات الأدبية سمع اسم الشاب «أحمد أبو خليل القباني» فأمر بإحضاره والتقى الرجلان، والرجال عند لقائها تلتقي أقدارها وهذا ما كان.


المسرح والدين

يسبق اسم «أحمد أبو خليل القباني» لقب الشيخ، ذلك أنه قد جنى ثمار العلوم على أفضل علماء زمانه، وجهابذة عصره، من أمثال الشيخ العالم «بكري العطار». كان التدريس في ذلك العهد يجري في الجوامع، حيث تقام حلقات الدراسة لشتى العلوم العربية من نحو وصرف وبيان وبديع ومنطق وفقه وفرائض. وفضلاً عن أن أبا خليل قد اعتاد أن يؤذن على مأذنة عيسى القائمة في جانب من جوانب الأموي، فإن ذلك الفتى الشاغوري -نابغة آل آقبيق قبل أن يكنى بالقباني- كان قد بلغ في علمه حداً جعل أحد الشيوخ من أساتذته يقول فيه «لو ظل هذا الفتى مثابراً على الدرس لتحدثت الشام عن علمه زمناً طويلاً».

وعلى ذلك فإن الشيخ «أبا خليل» القادم من باحات المسجد الأموي، ليعتلى منصة المسرح التي ابتناها في باحات البيوت الدمشقية لأقاربه ومعارفه، ثم في خانات دمشق «كخان الجمرك» «وخان العصرونية»، كان يحطم في الوقت عينه الصورة النمطية لشيخ عبوس متجهم يفتي بتحريم الموسيقى والتمثيل والغناء، منطلقاً من الثوابت الدينية نفسها التي يمتح منها معارضوه من الشيوخ وعلى رأسهم «سعيد الغبرة».

وهنا تماماً مكمن الخطر الذي جعل المؤسسة الدينية المتمثلة «بالغبرة» وأمثاله، يعلنون حربهم الشعواء ضد المسرح الذي أسسه، والذي لم يجرؤوا على مسّه أو النيل منه طيلة فترة ولاية «مدحت باشا»، ذلك أن الشيوخ على دين ولاتهم، وبالتالي فإن الدعم الذي قدمه الوالي «لأبي خليل» كان بمثابة حصانة سياسية له حمته من كل أذى أو سوء يمكن أن يطاله من أعدائه المتمشيخين. وحين دعا الوالي «مدحت باشا» مشايخ الشام ومن بينهم مفتي الديار الشامية والشيخ واعظ السجدة وكبار العلماء لمشاهدة التمثيل، امتثلوا.

إن لقب الشيخ الذي لا ينفصل عن اسم «أبي خليل» يرسم صورة مغايرة وجديدة كل الجدة لشيخ تقيّ يحب الفن ويستمع إلى الموسيقى ولا يحرّم التمثيل؛ شيخ يعتبر أن من حسبوا أن التقوى هي عبوس الوجه والتجهم، نسوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا»، وأن الذين جعلوا الحرام أصل التشريع، نسوا أن الأصل في الأشياء الإباحة، وأن الذين قالوا بأن كلّ ما سر به قلبك فهو حرام، نسوا بأن القلب بين يدي الرحمن، يقلبه كيف يشاء، وأن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله. لم ترق تلك الصورة الجديدة لرجل متدين يمتهن الفن للمشايخ الذين لم ترق لهم أصلاً إصلاحات الوالي «مدحت باشا» وعلى ذلك فِإن الرجلين كانا محط أنظار الفئة نفسها ممن كانوا يتحينون اللحظة التي سيرحل فيه الوالي «مدحت باشا» عن الشام، كي يوقعوا «بأبي خليل» وينقضّوا عليه انقضاض الوحش على الفريسة.

الفتى الشاغوري- نابغة آل آقبيق قبل أن يكنى بالقباني- كان قد بلغ في علمه حدا جعل أحد الشيوخ من أساتذته يقول فيه لو ظل هذا الفتى مثابرا على الدرس لتحدثت الشام عن علمه زمنا طويلا
وإذا ما تم الأخذ بعين الاعتبار مدى توسع النشاط المسرحي «لأبي خليل» مستفيداً من دعم «مدحت باشا»، وتحديه للتحفظات الدينية، والرفض المجتمعي للمشتغلين بالمسرح من الرجال، والنظرة الدونية إليهم، يمكن فهم مدى خطورة الخطوة السباقة التي خطاها «أبو خليل» بعد ذلك، حين استعان بممثلتين من النساء لتقفا على خشبة المسرح أمام جمهور واسع، في مدينة تحتجب نساؤها خلف حيطان البيوت، ووراء سواد الملايات.

إن عمل المرأة كممثلة على خشبة المسرح، يفترض الظهور المادي لا الاختباء، والحضور المباشر لا الاحتجاب، وهذا يتطلّب تحدياً مضاعفاً من أجل خلق وعي مجتمعي، يميز بين المرأة الممثلة التي تبدع، وبين المرأة الساقطة التي تستعرض.

فإذا كان المجتمع قد اعتاد أن ينظر إلى المرأة عموماً نظرة احتقار وهي معتكفة في خدرها، فأيّ تحدٍ صعب ذاك الذي خاضته أولئك الممثلات القلائل اللواتي كن السباقات في الصعود على خشبة المسرح، وبأيّ ألفاظ كن يوصمن؟ إن العلاقة بين حركة تحرير المرأة وحركة المجتمع، هي علاقة جدلية، ولقد ساعد موقف بعض المفكرين النهضويين من أجل ترسيخ المسرح، ومن أجل التأكيد للناس وللسلطات الدينية والأنظمة السياسية والتربوية والثقافية، بأن دور المسرح لا يقل أهمية عن دور المدرسة الموجهة. إلا أنه بين الدعوات لتحرر المرأة وبين الإصرار على بقائها في البيت، كان هناك نضال من نوع آخر، توجب علي المرأة الممثلة أن تخوضه للوصول إلى الخشبة، ولتحقيق المعادلة التي تجيب عن سؤال جوهري وعميق:

كيف تكونين ممثلة ومحترمة في الوقت نفسه؟

في مذكراتها كتبت «مريم سماط» -وهي إحدى الرائدات الأوائل من ممثلات المسرح والتي عملت مع «أبي خليل القباني» في عدد من عروضه- تقول «إنما كانت التبعة في ذلك على إفراط الأوانس في تبرّجهن، ومغالاتهن في سفورهن وزينتهن، مما يلقي الشك والريبة في خلد الصالحين من الأدباء، ويولج البشر والسرور في أفئدة ذوي القلوب المريضة من عشاق الغزل وفُساق النظر».

وبالعودة إلى الشيخ «أبي خليل» فإنه قد قبل التحدي بشكل مضاعف.

أولاً- لم يكتف بتقديم عروض مسرحية بين الفينة والأخرى، بل أسس فرقته التمثيلية التي ضمّت عدداً ضخماً من ذوي المواهب المتنوعة من مسلمين ومسيحيين، والتي تعرض بانتظام وبشكل محترف، وفق ريبرتوار وبرنامج مسرحي مستمر وغنيّ، يجذب إليه جمهوراً غفيراً وجد في المسرح ضالته المنشودة.

ثانياً- لم يأبه لكل المخاوف التي قد تأتي بما لا يُحمد عقباه، حين استعان بممثلتين وقفتا على خشبة مسرحه، وفي ذلك مغامرة وخيمة العواقب، لا على المرأتين وحسب، بل عليه هو شخصياً بوصفه صاحب فرقة تمثيلية هزت سكون المدنية مرتين: حين أسس فيها مسرحاً وحين جعل المرأة تقف على خشبته.

لقد قارب الشيوخ الأزهريون قبل ذلك فن المسرح، منذ بداية القرن التاسع عشر، إبّان الحملة الفرنسية على مصر، وكانت هناك محاولات دائبة من أجل أسلمة الأفكار المنشورة كي لا يشعر المصريون بالذنب الذي دائماً ما يؤرق عواطفهم الحساسة إزاء الدين.

وصف «الجبرتي» (1825-1756) في كتابه «عجائب الآثار» (1801) المسرح بأنه مجرد «فرجة على ألاعيب» «واللعب» كما جاء في قاموس «محيط المحيط» هو «العبث» «وترك ما ينفع بما لا ينفع″. إلا أن «رفاعة الطهطاوي» (1873 – 1801) خطا خطوة أبعد في كتابه «تخليص الإبريز في تلخيص باريز″ والذي أنجزه خلال إقامته في فرنسا، التي أرسل إليها بوصفه شيخاً أزهرياً وإماماً على طلاب البعثة العلمية التي أوفدها الوالي «محمد علي» إلى فرنسا (1826). تحفّظ الطهطاوي على فعل التسمية الأول «اللعب» لقصوره ولعدم وفائه بالمحتوى الدلالي للمسرح واستخدم عوضاً عن ذلك دال «الخيال» ليصنع بذلك فارقاً جوهرياً بين ألعاب «التسلي والملاهي» وبين «ألعاب الخيال» التي يقوم عليها التياتر. وعلاوة على ذلك فإن «الطهطاوي» أدخل مترادفات جديدة إلى اللغة العربية، نقلها من الفرنسية مباشرة مثل «سبكتاكل» و»تياتر» وكان لديه انطباع إيجابي عن المسرح، وأقرّ بأن دروساً في الأخلاق يمكن أن تعطى من خلال العروض المسرحية، إذ «بالعوائد ينصلح اللعب». ومع ذلك لم يشأ الطهطاوي أن يرتبط اسمه بترجمة نص مسرحي هو «أوبرا هيلين الجميلة» والتي كانت العرض الافتتاحي لمسرح الكوميدي بالقاهرة (1869). لقد كان هذا هو العمل الدرامي العربي الأول، الذي نشر بمصر والترجمة الحرفية الأولى لعمل درامي أوروبي باللغة العربية. امتثل «الطهطاوي» لأوامر «الخديوي إسماعيل» وترجم النص. لقد عمل بشكل فعال كمترجم ومراجع لترجمات مئات الأعمال العسكرية والتاريخية والقانونية والفلسفية والاجتماعية والعلمية والطبية والجغرافية، وكان يستند بقوة إلى سلطة تفويض من كل من المؤسستين السياسية والثقافية، لكنه حين اقترب من النص المسرحي، عاب على نفسه أن يكسر صورته النمطية المرسومة كشيخ حين يدرج اسمه على ترجمة عرض مسرحي يؤديه ممثلون وممثلات. لقد رأى في ذلك انتقاصاً من اسمه فضن به وأغفله.

لم تذون الكتب وجع الرحيل عن "دمشق" التي ترك فيها مسرحا احتلته العتمة بعد أن التهمه الحريق. لم توثق الكلمات وقفته الأخيرة أمام باب بيته مطاردا بمساخر الصبيان
من هنا يمكن قراءة الشيخ «أبي خليل القباني» الذي مزق الصورة القديمة، ليقدم صورة جديدة لشيخ لا يخجل من المسرح، يحترم المرأة، ويعرف كيف يصالح بين الدين والحياة.

لقد كان وحيداً في مدينة أتقنت إنكاره مرتين:

الأولى: حين استفرد به خصومه بعد رحيل الوالي «مدحت باشا» عن الشام، إذ تمت فبركة المضبطة التي رفعها «سعيد الغبرة» إلى السلطان «عبد الحميد» بعد أن ركب البحر، وشد رحاله إلى الأستانة، معترضا موكب السلطان المتجه إلى الجامع ليصلي صلاة العيد، وصارخا أن: «أدركنا يا أمير المؤمنين، فإن وجود التمثيل في البلاد السورية مما تعافه النفوس الأبية»….الى أخره . ومهما يكن من أمر مدى صحة هذا المشهد المسرحي المصطنع، فإن النتيجة كانت صدور القرار بإغلاق المسرح، ومنع «القباني» من عمله، وتضييق الخناق عليه، ومحاربته في رزقه، وإهانته وطعنه في كرامته و دينه بعد أن تم تأليب صبيان الحارات والأزقة، ليرددوا قرادياتهم المشينة بحق الرجل، مما دفعه إلى الاعتزال في بيته، ثم إلي مغادرة دمشق بعد أن ضاقت عليه بما رحبت.

والثانية : حين نشر نعي ابنه «خليل» المتوفى سنة 1940 والذي ورد في جريدة «الإنشاء» الدمشقية، خاليا من أية اشارة تفيد بأن المتوفى هو ابن الشيخ «أحمد أبو خليل القباني» رائد المسرح السوري.

هل انتصر المتزمتون اذن؟

في احدى رسائله إلي صديقه «يحيى أفندي تللو» كتب الشيخ «أبو خليل» يقول:

«أستودعكم الله أشواق قلبي الأسيف الحزين، ولعن الله الغبرة وأسكنه حضيض غور جهنم».

وفي ترجمة « سعيد الغبرة « جاء أنه فى أواخر أيامه:» أقبل على الدنيا ففتر أمره وتنزل قدره بين الناس.

بكى «أبو خليل القبانى» حين غادر الشام.

لم تحك المراجع عن اللحظة التي ضبضب فيها حياته في بقجة ورحل عن مدينته مكرها».

لم تدﱠون الكتب وجع الرحيل عن «دمشق» التي ترك فيها مسرحأ احتلته العتمة بعد أن التهمه الحريق.

لم توثق الكلمات وقفته الأخيرة أمام باب بيته مطاردا» بمساخر الصبيان وزعيق من أسروا المدينة وادعوا الغيرة على الدين.

ءالا أن التاريخ الذي يعيد نفسه لا يحتاج ءالى تدوين ، و لحظة» أبي خليل» تلك صار يعرفها كل من غادر مدينتة مكرها بعد أن احتلتها العتمة و التهمتها الحريق.

لم يخبرنا أحد كم بكى «أبو خليل « حين غادر الشام, لكننا نعرف جيدا أنه بكى كثيرا وفي بكائه ناداها : يامال الشام .

كل من غادر ذاق , وكلﱡ من ذاق نادى , وكلﱡ من نادى عرف.

ختاما: اعتمد المقال على أبحاث وضعها أو ترجمها: يوسف كمال حتاتة، قدري قلعجي، أدهم الجندي، عادل ابو شنب، فوزية حسن، فيليب سادجروف، سيد علي اسماعيل، سامح فكري حنا.

--------------------------------------------
المصدر : الجديد 

الاثنين، 1 مايو 2017

ما بعد التراجيديا في مولد (الميتامسرح)

مجلة الفنون المسرحية



ما بعد التراجيديا في مولد (الميتامسرح)

حاتم محمودي

لا شكّ في أنّ الإنسانية باتت -الآن- تقف على شفا جرف هار، وخاصّة بعد انهيار قيمها المطلقة والثابتة، منذ الجراحات الفلسفية صاحبة التأبين الميتافيزيقي للإله، مع “نيتشه”، وأفول النزعة الإنسانية مع “ميشال فوكو”، ومنذ الخلخلة العلمية المتمثلة فيما هو بيولوجي مع “داروين”، ونفسي مع “فرويد”، وفلكي مع “كوبرنيك”، ومنذ إعلان “البارتيّة” موت المؤلّف بتحقق البنيوية؛ ردّا على المناهج القديمة والكلاسيكية والإطاحة بالظاهراتية.
لقد تمّ تقويض كل التصورات التي حافظت لعصور على ذلك الزمن المجرّد المتعالي والثابت؛ منذ التركة الأرسطية، أو ما أطلق عليهم نيتشه “فلاسفة الانحطاط”، بوصفهم قتلة “ديونيزوس”؛ حتى أنه منذ ستينيات القرن الماضي، كان مع المفكّر والباحث الأميركي “أبيل” حديث عن “الميتامسرح”، كوريث شرعي للتراجيديا، ومن بعده النقد الفرنسي مع “مانفراد شميلنغ”، وبدرجة أقلّ “باتريس بافيس”.
تجدر بنا الإشارة إلى تحوّلات هذا المفهوم، فهو وإن كان رؤية فلسفية للعالم -وفق النقد الأميركي- فقد عُدّ ضربًا من ضروب التأريخ لسيرورة الفعل الأدبي داخل الفعل المسرحي عند الفرنسيين، وهو إن أطاح بالتراجيديا، فلأنّ مرتكزاته العلمية والفلسفية التي قوّضت ما هو ثابت ومطلق، قد أطاحت -بدورها- القيم الثابتة التي قامت عليها الأولى؛ ما يخوّله تصدّر الرّهان الحداثي -برمّته- على المستوى الفنّي، ولكن ثمّة ما يعتلي بالسؤال، فتلك المرتكزات كانت -في أوّلها- تجذيرًا وتأصيلًا للحداثة التي أعلنت فشلها، بعد استبدالها ما هو لاهوتي بصنم جديد هو العقل، وبعد فراغ المقوّم الحضاري الحاليّ من كلّ ما هو روحي وطقسي.

إنّ الإطاحة بالتراجيديا، مثّل فراغًا قويًّا وجراحات كبيرة، حملت المسرح؛ ليكون على وعي بأزماته، لكن يبدو أن “الميتامسرح” هو الآخر، وبوصفه نقدًا وتجاوزًا للراهن، ظلّ حبيس القراءات السطحية، منذ أن تمّ اختزاله -مع البنيويين- في النصوص المسرحية لا أكثر، ومنذ أن تمّ الإقرار باستبعاده من الأشكال “الفرجوية”، وهو اختزال يجعلنا نذهب إلى تقويضه بدوره. فقتل المؤلّف -بنيويًا- لا يزيح النصّ المسرحي بشكل نهائي، إنّما يخلق مركزية مضادّة، هي مركزية اللغة، وهو ما من شأنه أن يحافظ على القوالب الجمالية السائدة، مهما كان تفجير الوحدات الثلاث الأرسطية، أمرًا مهمًا.

يبدو لنا جليّا أن أزمة المسرح المعاصر كانت نتيجة التحوّل من الثابت إلى المتغيّر، وهي نتيجة ضرورية وحتمية إذا ما اتبعنا إرهاصات الحداثة وتمثّلاتها، ما دفع بالمسرح إلى البحث عن أشكال درامية جديدة عوض تلك السائدة أو القديمة، ولعل ما ذهب إليه “ليفي شترواس”، برفعه البنيوية إلى الحقول الأنثروبولوجية، هو ما سيفصح -نظريًّا- عن تلك العودة إلى البدائية من الأساطير والأشكال “الفرجوية”، وما هو طقسي وتعازيم ونذور؛ أي أنّنا إزاء نظرة إلى الحياة، بوصفها مسرحًا سلفًا، تمسرح بدورها “الآن” فنّيًا.

ثمّة جانب مهمّ، وجبت الإشارة إليه؛ فالعودة إلى الأصول تلك، خلقت -اليوم- ما يُطلَق عليه مسرح المثاقفة الآخر، بغية حلّه لمآزق مسرحه، لم يتعامل مع الطقوس الاحتفالية للشعوب والحضارات الأخرى، بهدف تناسج الأسيقة الثقافية؛ إنّما من موقع استثمارها لصالحه، وهو أمر يتعارض وعلّة “الميتامسرح” خاصّة؛ إنه يقوم على التناصّ/ تفاعل الفرجات، وعلى التجويف/ الفرجة داخل الفرجة، لا على الانتحال أو الاستثمار.

وللمحافظة على الرهان القديم/ السائد، ظلّت العديد من الدراسات -في قراءتها لمسرح ما بعد الدراما- مجرّد فؤوس تحاول شرخ أو جرح الصنم الجمالي الموروث منذ العهود الأثينية، وذلك بإقامتها حيّز القالب الجمالي دون حفرٍ “أنثروبولوجي”، من شأنه أن يعطينا تصورات جديدة عن مفهوم المسرح؛ لذلك، لم تبرح قاعات العرض، بل حاولت تغييرها، ولم تخن ما هو تقني؛ كالإضاءة والسينوغرافيا، إنما غيّرت في آلياتها، ولم تقوّض النصوص بل قوّضت سلطتها، أي: أنها مجرّد امتداد جدلي (ديالكتيكي) للماضي، ولم تحقق غير علاقة جديدة مع المتلقي، بعد تحرّرها من الإيهام، وتشغيلها للبعد التساؤلي عند المتلقي، وإمكانياته الإدراكية.

قد يعترض علينا مبحث آخر؛ ليقوّض ما ذهبنا إليه، ولكن الوعي بحجم المغالطات التاريخية الأولى، التي جعلت من المسرح رهان المركزية الثقافية، والتي صُدّرت إلى شعوب أخرى من الإغريق، وظلت سائدة، وهو ما يحملنا على تقويض وتفكيك مسرح المثاقفة من جهة، ومسرح ما بعد الدراما من جهة ثانية، ذلك أنّهما امتداد لتلك المركزية وليس هدمًا ونسفًا لها، بشكل كلّي، وأنّ ردم ذلك يبقى محفوفًا بقدرة وريث التراجيديا وتشغيله بالبحث في الأشكال الفرجوية -ما قبل مسرحية- بمناهج حديثة تتعالق هي الأخرى بدورها، وفقا للرؤية التي ذكرناها سلفًا مع ليفي شترواس.

مثلما تتحقق الأساطير وتتوالد لغويا (البنيوية) تتوالد أيضًا من أساطير أخرى (أنثروبولوجيا)، وبهذا الشكل نكون قد خرجنا من المأزق البنيوي، كما لو أنّنا نفتح نهجًا للاشتغال بـ “الميتامسرح” -في الأشكال الطقسية والاحتفالات والفرجات- خارج نطاق السيطرة الكولونيالية؛ بوصفها وجهًا من وجوه الحداثة المخاتلة.

----------------------------------------------
المصدر : جيرون 

الميتامسرح ..علاقة الأنا المؤدية بالآخر المتلقي

مجلة الفنون المسرحية

الميتامسرح‭
علاقة‭ ‬الأنا‭ ‬المؤدية‭ ‬بالآخر‭ ‬المتلقي

 أحمد ضياء 

يأتي‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬التسميات‭ ‬التي‭ ‬أخذت‭ ‬حيزها‭ ‬ومكانتها‭ ‬في‭ ‬العرض‭ ‬المسرحي‭ ‬فمنهم‭ ‬من‭ ‬يصفه‭ ‬بـ(المسرح‭ ‬داخل‭ ‬المسرح‭ ‬–‭ ‬الميتامسرح‭ ‬–الميتاتياترو–‭ ‬المسرح‭ ‬في‭ ‬المسرح‭ ‬–‭ ‬المسرحة‭ ‬أو‭ ‬التمسرح)‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الباحث‭ ‬يأخذ‭ ‬مصطلح‭ ‬(الميتامسرح)‭ ‬على‭ ‬الأغلب‮ ‬‭ ‬بديلاً‭ ‬عن‭ ‬كافة‭ ‬المجاورات‭ ‬الأخرى‭ ‬لما‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬ملامح‭ ‬كريولية‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬الاندماج‭ ‬مع‭ ‬العروض‭ ‬المتبعة‭.‬
وفي ظل صراعات قائمة بين النظريات المسرحية أتت النظرية الميتامسرحية لتأخذ حيزاً كبيراً بين أدراج الإخراج المسرحي إذ استطاع العاملون فيها تأسيس ركن جديد يوازي النظرية السابقة بالاعتماد على المتلقي بشكل كبير وجوهري، فأخذ المؤدي/المتلقي بعداً جوهرياً مغايراً لكافة الأنساق التي عرف بها فلم يعد هذا الشخص ساكناً أو راكداً في مكانه يستقبل العرض فقط بل إنه بدأ يعطي ارشادات نقدية للعرض وبالتالي دسّ نفسه ضمن إطار العرض ولئلّا يظل واقفاً فقط نراه يتعامل مع العرض على أنه مفتتح جمالي جديد يتيح التعبير عن كافة الخلجات التي تؤرق المتلقي وتجعله يغيب فيها.
ويحدث الاشتغال الميتامسرحي على المواصلة في العرض رغم أن المصطلح ينماز بمساعيه الكريولية التي من خلالها أسس مفهوماً جديراً بالرؤيا والتنظير وليس من اليسير ولوج المخرج في العرض المسرحي وإعطاء إرشاداته التي غالباً ما يقوم بها في أوقات البروفة وليس في العرض مما يوفر بعداً جديداً لكسر أفق التوقع لدى المتلقي حيث يجد أن هذه اللعبة المسرحية تمارس تماساً مغايراً مع المكان ومع الرحلة المسرحية. أخذ المؤدي على عاتقه إبراز كيف يتم الاشتغال على هذا الفعل الثقافي الجديد فهو هنا لاعب ومؤدّ ومتفرج في الوقت ذاته مما يوفر له الفضاء من فعل ارتجاليّ.

يستبعد المؤدي عن رأسه كل حالات التقمص التي تتملكه أثناء بدئه بالعرض ويحاول دائماً كسر الجدار الرابع الفاصل بينه وبين المتلقين مما يتيح بعداً آخر تشاركياً، ويتكون هذا الأمر بسبب إصراره الشديد على إفهام المتلقي بهذه اللعبة، ويعرض المؤدي مشاهد قريبة من الواقع ليسهّل عملية تفاعل المتلقي مع العرض وعلى هذا الأمر سار المؤدي في عملية حجاجية لإبراز كوامن المتلقي وعدم كبته لكافة المتعلقات الأساس مع العرض، ويتيح الميتامسرح إنتاج بذور مغايرة لضمان ديمومة الاستمرار بمثل هكذا عروض تحاول أن توفر أرض خصبة للاحتجاج والتغيير إذ تتّخذ من السلطة غالباً الند الموضوعي لها، ففي العرض الميتامسرحي لا توجد هناك فوارق بين الشخصيات بل تذوب الأسماء فيما بينها لتصبح الشخصيات بـ (الممثل، المخرج، الممثل1 ، الممثل2 …. إلخ) وهنا فعلاً انصهارياً لكافة المقاييس التي تحتفي بها النظرية الأولى للمسرح.

جاءت الميتامسرح بوصفها نظرية ند، مكللة بالعديد من الأجناس الأدبية ونتيجة لانصهار هذه المكونات اعتمدت الفضاءات الحداثية وما بعدها منطلقاً لبلورة الإنتاج في المسرح البديل، وهنا أتقنت هذه النظرية دخولها بين أفواج كبيرة من العروض والنصوص المتعلقة في إنشاء الميتامسرح.

وإذا ذهبنا نحو النصوص المسرحية فنجد أن هناك العديد من هذه النصوص ذات الوثبة الأولى والجذر المتين لهذه النظرية وهذه النصوص على سبيل المثال لا الحصر هي (الضفادع، لهاملت) حيث أسس كل من الكاتبين فانيس وشكسبير عالماً خاصاً بهما يحاكي الشخصيات الأخرى. فالضفادع استطاعات استحضار الكاتبين السابقين (أسخيلوس / يوربيدس) وزجت بهما في حوارية مع العرض وإذا أخذت البعد الفلسفي لهذا المكون نجده في (محاورات بارمنيدس) لأفلاطون أخذت الجانب الأول للحوارية ولكن برؤيا أو صبغة فلسفية، أما شكسبير فقد استدعى من خلال النص أو العرض ممثلين آخرين ليؤدوا مشهداً أمام هاملت وهنا تحول الفعل المسرحي إلى جانب جديداً ميتامسرحي أي أصبح الممثلون أنفسهم متفرجين ولا بد من التأكيد على هذه الحالة في سبيل أن يكون هذا الجزء من العرض بارزاً عن كل ما سبقه.

ثم أتى بيراندللو مكللاً ومحتفياً بنظريته الميتامسرحية هذه في النص وخاصة في نصه الشهير (ست شخصيات تبحث عن مؤلف)، وهنا التجأ المسرح نحو ذاتية الذات ومسرحتها متخلياً عن ركوده العميق في نمطية الاشتغال.

وللباروديا عنصر أساس في تكوين الميتامسرح، كونه يسمح في تبلور العديد من المنتوجات اليومية والمحسوسة في أذهان المتلقين حيث الشاكلة الأولى والأساس المتواجدة فيهم، وهنا ينبغي إفراد آليات جديدة للميتامسرح تكون بمعزل عن المسرح ومنها:

على المؤدي أن يدرك المرامي اللعبية التي يتصف بها العرض الميتامسرحي.

المتلقي حاضر فعلي في الميتامسرح ومن شأنه التعليق على الأحداث والتلاعب بكل الحيثيات الفكرية التي من شأنه أن يتلاعب معها ويناغيها.

المسرح داخل المسرح هو مرحلة التمكن من العرض والالتجاء إلى الارتجال كحدّ جديد.

الذات مقابل الذات أي أن المؤدي يمارس نقد الحياة أو المسرح من خلال المسرح ذاته ويعرّج على أهم المفاصل التي يجد أنها بحاجة إلى النقد.

ظل المسرح عقيم التوجه منكفئا على ذاته يراوح في مكانه، لذا فالميتامسرح مرحلة جديدة لكسر هذه الأنساق النمطية والنظم التي سارت عليها النظرية الأولى محاولاً وبكل جهده إيصال المتلقي إلى مكونات فكرية لا أشياء تغييبية للعقل.

يفرد الميتامسرح مكاناً خاصاً به حيث التجأ إليه أغلب المخرجين المعاصرين وذلك للديناميكية الواسعة وحرية الحركة التي يفرضها هذا الاشتغال.

المشاركة من أبلغ وأفضل وأعم الجوانب الميتامسرحية لكونها تتيح الاستمرارية ومد خيوط سميكة بين الأنا/الآخر، المؤدي/المتلقي.

التقديم للعرض على أنه جانب منفصل عن الواقع ومنه، ليأخذ مدى شعبيا ممسرحا يتضح الحديث فيه نحو ارتياح المتلقي لما يشاهده ويتعامل ومعه، وفي بعض الأحايين يثور ضده إذا أساء للإنسان وسلوكياته بشكل عام.

ينخرط العرض الميتامسرحي في المحسوس واليومي لأنه يصور الأعمال ويعلق عليها.

يتسنى للمتلقي السير مع المؤدي لإنتاج فعل مغاير، فيتسنّى للتمسرح مشاهد تبغي مغادرة الخشبة والانتقال إلى الصالة بشكل مستمر حتى تكون على تماس واضح مع المتلقي.

الأنا بوصفها الإطار العام لشخص المؤدي تحاول أن تضم أفقا تجانسيا بينها وبين الآخر المتلقي، الذي هو ند في الوقت ذاته لأنه يتصل بالعرض وبالمؤدين كافة لتتم اللعبة بوساطة متجانسة
ينماز الميتامسرح بجوانب غروتسكية تعمد إلى تطابق فعلي مع الواقع وانمساخه المتكرر من أجل إثارة السخرية الكثيرة من قبل المؤدي بالدرجة الأولى والمتلقي بالدرجة الثانية، وهنا يأتي دور ارتجال الشخصيات على نحو واسع وكثيف، وتعدد أو تشتت الموقف العرضي يتيح للمتلقي الولوج معهم مما يتيح قدرة للتعليق على مجريات الأحداث.

إن الربط بين (الأوتوبيوغرافية) أي العلاقة مع الغيرية، وبين الميتامسرح أسس جانباً أدائياً يتناول الأبعاد التي تسير وفق خط الانطلاق الرئيس من الخشبة، رغم أنه يحاول إبراز الهوية التي يحملها العرض، والمكان المكوّن منه، إلا أنه ينتج فضاء تشاركياً مزدوجاً ومتعدداً عبر الفعل اللعبي الذي ينتجه. فالإلماعة من أولى التشكلات التي يبغي المؤدي الذهاب نحوها في سبيل العمل على تمرسات الارتجال الجديدة فيما تخص فضاء العرض الركحي. وهنا تتجلى عناصر فعل اشتغالي يخص المتلقي بوصفه أحد الأركان المهمة في العرض.

فالأنا بوصفها الإطار العام لشخص المؤدي تحاول أن تضع أفقا تجانسيا بينها وبين الآخر المتلقي، الذي هو ند في الوقت ذاته لأنه يتصل بالعرض وبالمؤدين كافة لتتم اللعبة بوساطات متجانسة تختلف عن كافة المتطلبات التي ينحو إليها المؤدي، فالمؤدي ناقد قبل أي شيء يحاول أن يعرض كافة السبل التي يعانيها الشعب عبر أساليب إقناع وانتهاز المتلقين واستفزازهم من أجل أن يرتقوا سلم العرض، وهذه العلاقة بين الأنا والآخر تفعل عناصر المفاجأة لكلا الطرفين. المسرحة بديل جديد وموضوعي لكافة الإنتاجات السالفة لأنها تخرج من الأزمة وتمارس تواصلها ونقدها في نفس الموقف وهنا لا تقف الموضوعات عائقا أمام المؤدين لأن أغلب ما يطرح مستل من الألم الذي يعانيه الفرد وهنا تحدث المفارقة وكذلك الكوميديا المفرطة من أجل أن تأخذ الباروديا حيزاً واسعاً لدى المؤدي والمتفرج.

ينبغي أخذ بعض التعاريف الرئيسة في تكوين الميتامسرح وهي:

مسرحة المسرح تأتي بفعل مغاير إذ تستخدم الفنان ضمن أحادث ما يجري الآن، ويعرف ميشيل كوفمان الميتامسرح على أنه «حضور وتوجه للجمهور وهو عرض لما هو غائب أي (استحضار)» (1) . انفلات الانوجاد بأبعاد أساسية تأتي ضمن أولويات الاشتغال الحرفي للميتامسرح.

وفي ظل هذا التعريف يأتي باتريس بافيس على تعريف الميتامسرح « أي المسرح الذي يتناول موضوع المسرح» (2). يأخذ بافيس على عاتقه مهمة نقد المسرح من خلال المسرح ذاته.

ويعرف الباحث أحمد ضياء الميتامسرح «هو إشهارية العرض المسرحي بوصفه لعبة تتكشف في علاقة التواصل والحجاج المباشر بين الفضاء المؤسلب والمتلقين بعدّهم جزءاً من خطاب العرض الأدائي» (3). وهنا تكمن هذه اللعبة الإشهارية ضمن الفضاء اللعبي.

يكشف ليونيا آبل في خطاطته الرئيسة حول تسمية الميتامسرح من خلال معادلة ضرورية للتماهي مع هذا المنحى الأساس الذي ينحو به الآخرون وهي «الميتاتياترو = العالم منصة تمثيل + الحياة حلم»( 4). وعبر هذا الإنتاج الكثيف للمادة يسحب الميتامسرح البساط من كافة المتراكمات المجاورة ويحيلها إلى العرض وإلى الارتجال ويجد أن الإنسان بأبسط حالته مؤد ماهر غير أنه لا يعطي لهذا الأمر حيزاً كبيراً في حياته.

ويجد علي الراعي أهم الارتكانات إلى الميتامسرح أنه يحتوي على «القدرة الذكية لالتقاط الحادث الاجتماعي الذي يشغل الرأي العام.. يجذب الجمهور ويحوّل جانبا من اهتمامه بالحدث إلى اهتمام بالعرض المسرحي» (5). وهنا يعرب علي الراعي عن اشتغال المؤدي ضمن المرتجلة التي تؤسس تيار مغايراً لما هو معتاد.

الظاهرات المتناقضة هي الحل الوحيد الذي يبحث عنه المؤدي من أجل البروز أو التمايز للحصول على رضى الجمهور بأوقات يشعرُ المؤدي فيها أنه قادر الآن على امتلاك زمام الأمور والتخطي للنمط ويكون في انعتاق من مقولات المنطق والضبط الأرسطي وينتج عن ذلك حراك لفعل مثل الارتجال وسبر غوره لذا فإنه يعمد إلى «الارتجال على المسرح ليس فيه شخصيات جاهزة مسبقاً، فهي إما تتجدد كل يوم أو أن الارتجال يكون في اليوم الأول فقط للعرض، ثم يتحول الى نص أو على الأقل نص سيناريو» (6). في حال إذا استمر الإرتجال على نفس المنوال أو الطريقة باعتبار ضياع عنصر الإدهاش للمتلقي أو أن المؤدي جعل ممّا قام بارتجاله عملية كلائشية.

هناك العديد من الحقائق التي يستطيع من خلالها المؤدي الولوج ضمن إطار المسرح والمؤدين لأنه يقلّصها. ومن هذه الحقائق استخدام يعض التقانة، التي تساهم في سلب الجمهور كافة ارتحالاتهم المخيالية التي يغيبون بها في العروض النمطية، أي «إن حقيقة أدوار المؤدين تتغير من يوم إلى آخر في حين أن حقيقية الشخصيات تظل نفسها إلى الأبد. وعلى ذلك يكون المؤدون أقل حقيقية من الشخصيات التي هي مخلوقات خيالية فقط» (7). كونهم لا يجدون بالشخصيات التي يتلبسونها حقيقتهم الفعلية بل إنهم يعمدون إلى تأدية هذه المتطلبات عبر النظر إلى الاطار العام للشخصية من الخارج. المؤدي يأخذ على عاتقة مهمة نقل الجمهور والتفاعل معه ضمن لوحة العرض وصورته كما أنه يدعوه لممارسة هذا الأداء اللعبي المشترك مع الجمهور.

توضح الفوارق الميتامسرحية أن الارتجال لا يعني مجرد القدرة على التكيف والانسجام مع الظروف والمستجدات والمشكلات الطارئة، بل يعني أيضا أن يكون المؤدي أكثر انفتاحاً لاستخدام الاحتمالات والإمكانيات التي تقدمها البيئة من حوله، وعلى المؤدي بالدرجة الأولى أن يتصف بالشجاعة والثقة، وأن يعتبر عنصر المخاطرة من أهم عناصر الارتجال لأنه يعمل على إخراج وإبداع أحداث لا يمكن توقعها أو التنبؤ بها (8). ولا يمكن لنا أن نجد هذا الأمر إلا من خلال وجود فسحة معرفية يتمايز بها بعض المؤدين.

بالتالي فالمسرح داخل المسرح له مزيه خاصه به وخلافاً لكافة المسارح الأخرى وجب على المؤدي في هذا المسرح أن يكون ذا سرعة بديهية وفطنة للتماهي مع المواقف المرتجلة.

فالميتامسرح حسبما سلف وجدت لها موطئ قدم حيث استطاعت مد حبال بين المؤدي على الخشبة والمتلقي والإتيان بالمخرج إلى المنصة ليؤدي ويشترك باللعبة. وعلى هذا استطاعت أن تبلور وتوضح الإشكالية الحاصلة بين المسرح والميتامسرح. فالأنا والآخر تمتّن الفعل النقدي الحاصل عبر الفضاء الميتامسرحي وتفضح الواقع بكل السبل المتوفّرة له، وعلى هذا الأمر تتسم العروض الارتجالية الميتامسرحية بعدم الخطأ لتوفر مساحة شاسعة للكلام وعدم التقيد ضمن الإطار العام للعرض. كما يعتمد المؤدي أو فنان الارتجال على سرعة البديهة في تلافي الأخطاء إن وجدت/المفاجئة، من طرح موضوع خارج السياق من قبل المتلقين/المخاطبة، المباشرة للمتلقي وتوجيه الحوارات إليه/التجدد الدائم وعدم الوقوع بالرتابة لأن الحوارات أغلبها غير ثابته لاعتمادها على الارتجال/الدعوة إلى التمثيل كأن تخبر أحد المتلقين هل تفضلت لتمثل معي/سهولة تلقي الحدث فالقصة نمطية من أجل إشراك أغلب المتلقين في العرض، لئلّا تصعب عليهم الفكرة ففي العديد من الكوميديات المرتجلة أو الميتامسرح يبغي المؤدون أن ينحوا مع المتلقين خارج السياقات المعمول بها.

أخيرا تجدر الإشارة إلى أن البحث اعتمد على عدد من المصادر الموقعة بأسماء ماري الياس، رضا غالب، مارياديلكارمن بوبس ناييس، حياة جاسم محمد، بيم ميسون.


مصادر


-1 ماري إلياس، مفهوم المسرحة، (عمان: مجلة نزوى فصلية الثقافية ، ع: 56، 2008)

-2 باتريس بافي، معجم المسرح، تر: ميشال ف. خطَّار، (بيروت: المنظمة العربية للترجمة، 2015)

-3 أحمد ضياء هادي، الميتامسرح وتمثلاتها في العرض المسرحي العراقي المعاصر، رسالة ماجستير غير منشورة (العراق، جامعة بابل- كلية الفنون الجميلة، 2016)

-4 رضا غالب، الميتاتياترو: المسرح داخل المسرح، (القاهرة: أكاديمية الفنون، 2006)

-5 علي الراعي، مسرح الشعب (الكوميديا المرتجلة – فنون الكوميديا – مسرح الدم والدموع)، (القاهرة: مكتبة الآسرة، 2006)

-6 مارياديل كارمن بوبس نابيس، دراسات عن سيميولوجيا المسرح، تر: سمير متولي، (القاهرة: مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، 2010)

-7 حياة جاسم محمد، الدراما التجريبية في مصر والتأثير الغربي عليها (1960-1970)، ط1، (بيروت: دار الآداب، 1983)

-8 ينظر: بيم ميسون، مسرح الشارع والمسارح المفتوحة، تر: حسين البدري، (القاهرة: مركز اللغات والترجمة –)

----------------------------------------
المصدر :الجديد - العدد: 18، ص(94)

مسرحية "البلطجية.. اشتكوا " تأليف محمود القليني

انطلاق الدورة السابعة من مهرجان الشارقة للمسرح المدرسي

مجلة الفنون المسرحية

بمجموعة من العروض المتنوعة
انطلاق الدورة السابعة من مهرجان الشارقة للمسرح المدرسي

انطلقت صباح الأحد فعاليات الدورة السابعة من مهرجان الشارقة للمسرح المدرسي في مدن الشارقة والذيد وخورفكان.

وجاءت العروض المشاركة متنوعة في مضامينها وتطرقت إلى موضوعات اجتماعية وتربوية عديدة، كما جاءت أساليبها الإخراجية متعددة وثرية في حلولها وتقنياتها.  

في مدينة الشارقة شهد الجمهور أربع مسرحيات مدرسية، في مقدمها مسرحية "وردة الحب" لمدرسة الخان للتعليم الأساسي للبنات " الحلقة الأولى"، وهي من تأليف أمل حويجة وإخراج مها عبد الرضا واستند موضوعها إلى مسألة بر الوالدين عبر قصة تخيلية بسيطة لعصفورة ونسر، فيما تطرقت مسرحية "حريق في الغابة" لمدرسة اشبيلية الأساسية، بنات، الحلقة الأولى إلى المخاطر التي يتسبب فيها السلوك غير القويم للبعض في الساحات والمتنزهات السياحية العمومية، والمسرحية من تأليف وإخراج المعلمة حسيبة أحمد جومر.  

وقدمت مدرسة أسماء للتعليم الأساسي للبنات "الحلقة الأولى "مسرحية" فرح وهدية البحر" من تأليف أمل حويجة وإخراج المعلمة حياة أبراهيم العلي وقد تطرقت إلى المنافع التي يثمرها العلم من خلال سردية قصيرة عن "غريب" حلّ في قرية معظم سكانها من ممن لم يتعلموا وراح يخبرهم عن فوائد العلم. 

وقدمت مدرسة رابعة العدوية للتعليم الأساسي للبنات " الحلقة الأولى" مسرحية" القلم والممحاة"، من تأليف حنان دحلب وإخراج المعلمة شذى محمد صلاح والمعلمة حنان حسين دحلب وقد جاءت في قالب كوميدي وتناولت علاقة تنافسيّة بين القلم والممحاة: أيهما أهمّ وأفضل؟   

وفي مدينة الذيد جاء افتتاح فعاليات اليوم الأول الذي نظم المركز الثقافي بقصيدة ترحيبية ألقتها الطالبة مهرة محمد المزروعي من مدرسة الهلاليات للتعليم الأساسي والثانوي - بنات.

كما شهد حفل الافتتاح عرض أدائي لمدرسة الشفاء للتعليم الأساسي للبنات تحت عنوان "شعلة القراءة".

ومن ثم، قُدم العرض المسرحي الأول، وهو لمدرسة عبد الله بن أنس للتعليم الأساسي للبنين تحت عنوان "الفأس الذهبي" من تأليف المعلمة صان موسى يوسف. ودار موضوع المسرحية حول تركة ورثها ثلاثة أبناء، تناصف الابنان معظمها، ليبقى الفأس للابن الأخير، فراح يفكّر كيف يحصل على الأموال باستخدام هذا الفأس؟  

أما العرض الثاني فكان لمدرسة الثميد للتعليم الأساسي للبنين تحت عنوان "نحو القمم" تأليف المعلمة وضحة الكعبي، دارت حول الطالب علي الذي تعرض لحادث ليصبح مقعداً، لتبدأ قصة كفاحه نحو النجاح. 

والعرض الثالث كان لمدرسة الوادي للتعليم الأساسي– بنين تحت عنوان "الحالم وجرة السمن والعسل" دارت أحداثها حول رجل يحلم بالثروة دون جهدٍ وعمل، لتتبدّد أحلامه فور انكسار الجرّة. 

وفي مدينة خورفكان، استهل برنامج العروض بمسرحية لمدرسة باحثة البادية للتعليم الثانوي بعنوان "وهل ينتصر الملح؟" تأليف أمل حويجة، إخراج المعلمة حليمة إبراهيم بن أحمد النقبي، وقد تناولت في إطار رمزي دال الفرق بين المحبة الانسانية وتلك القائمة على المصلحة، وذلك عبر قصة ملكة تضطر إلى أن تقسم ملكها على بناتها الثلاث فتسألهن عن حبهن لها؛ وحين يأتي الدور على الابنة الصغيرة تقول لأمها ان حبها لها مثل حبها للملح؛ وتشعر الملكة بالارتياب تجاه محبة ابنتها الصغيرة! 

أما العرض الثاني فقدمته مدرسة سلمى بنت قيس للتعليم الثانوي، بعنوان "أنا والخوف صديقان"، تأليف زينة ظروف، إخراج المعلمة رباب عبدالعال محمود، وقد جاء في صورة لعبة رياضية: ثلة من الفتيات يجتمعن ويقترحن أن تكتب كل واحدة منهن مخاوفها، وما أن يشرعن في ذلك يتبين لبعضهن أن خوف الاخريات أكبر بكثير مما توقعن! 

--------------------------------------------------
المصدر : الشارقة 24 

لحضورهم الفاعل والمؤثر جمعية المسرحيين تمنح مسرح الشارقة الوطني جائزة الفرقة المتميزة

مجلة الفنون المسرحية

لحضورهم الفاعل والمؤثر
جمعية المسرحيين تمنح مسرح الشارقة الوطني جائزة الفرقة المتميزة


أطلقت جمعية المسرحيين في الإمارات جائزة الفرقة المسرحية المتميزة والتي تم منحها لفرقة مسرح الشارقة الوطني لحضورهم الفاعل والمؤثر.

بناءً على الخطط والمشاريع التي اعتمدها مجلس إدارة جمعية المسرحيين في الإمارات، وضمن استراتيجيته الخاصة بالاحتفاء وتكريم المبدعين، وتحفيز الفرق المسرحية المحلية على تقديم أفضل ما لديها عبر المشاركات الفاعلة في الاستحقاقات المسرحية المحلية والخارجية، أطلقت جمعية المسرحيين في الإمارات جائزة الفرقة المسرحية المتميزة، حيث تخضع هذه الجائزة لمعايير وضوابط فنية ومهنية، وتمنح سنوياً لفرقة مسرحية محلية جادت بالجهد والعطاء للوصول إلى المنجز. 

وبعد اجتماع اللجنة المكلفة باختيار الفرقة الأكثر تميزاً وحضوراً في المشهد المسرحي المحلي والعربي خلال الموسم 2016 – 2017، قررت اللجنة، أمس الأحد، منح الجائزة في دورتها الأولى، لفرقة مسرح الشارقة الوطني، لما حققته هذه الفرقة من حضور فاعل ومؤثر، ومنجزات مسرحية متميزة على الأصعدة المحلية والخليجية والعربية. 

وفيما يلي أهم منجزات فرقة مسرح الشارقة الوطني خلال الموسم 2016 – 2017:  

•      يناير 2016: شاركت الفرقة بمهرجان المسرح العربي 8 في الكويت 2016، بمسرحية "لا تقصص رؤياك"، ورشحت المسرحية لنيل جائزة أفضل عرض في المهرجان. 

•      مارس 2016: نالت الفرقة جائزة أفضل عرض، وجوائز أخرى في مهرجان أيام الشارقة المسرحية 2016، عن مسرحية "تحولات". 

•      مايو 2016: عرضت الفرقة مسرحية "النمرود" التي كتبها صاحب السمو حاكم الشارقة، في إسبانيا. 

•      يوليو 2016: شاركت الفرقة في الموسم المسرحي المحلي 12، بمسرحية "تحولات". 

•      سبتمبر 2016: شاركت الفرقة بمهرجان القاهرة للمسرح التجريبي والمعاصر 2016 بمسرحية "تحولات". 

•      أكتوبر 2016: نالت الفرقة جائزة أفضل عرض، وجوائز أخرى في مهرجان دبي لمسرح الشباب 2016، عن مسرحية "تجليات". 

•      نوفمبر 2016: شاركت الفرقة في مهرجان قرطاج المسرحي بتونس 2016، بمسرحية "تحولات". 

•      ديسمبر 2016: شاركت الفرقة بمهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي في دورته الثانية 2016، بعمل من تأليف صاحب السمو حاكم الشارقة، وحمل عنوان "داعش والغبراء". 

•      يناير 2017: شاركت الفرقة في مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي 2017، بمسرحية "اسكــوريـال". 

•      فبراير 2017: شاركت الفرقة بمهرجان الشارقة للمسرح الخليجي 2017، بمسرحية "غصة عبور"، ونالت عدداً من الجوائز المسرحية. 

•      مارس 2017: شاركت الفرقة بمهرجان أيام الشارقة المسرحية 2017، بمسرحية "غصة عبور"، ونالت عنها عدداً من الجوائز المسرحية. 

•      أبريل 2017: شاركت الفرقة في ملتقى فؤاد الشطي المسرحي الدولي الأول، بمعرض فني وفيلم توثيقي وكتاب تعريفي عن الراحل فؤاد الشطي. 

ستقوم جمعية المسرحيين في الإمارات بتكريم الفرقة في احتفالية خاصة.


---------------------------------------------------
المصدر : الشارقة 24

دور الفلسفة في تفعيل الاستيعاب العربي للمسرح الغربي

مجلة الفنون المسرحية

دور الفلسفة في تفعيل الاستيعاب العربي للمسرح الغربي

  رجاء البرومي

تشبع المسرح العربي بالفلسفات التي أثرت على المسرح الغربي، ونهل منها لتطوير إبداعاته المسرحية التي تحولنا من مجرد النقل والاقتباس إلى التجريب والابتكار على مستوى النص والعرض، الأمر الذي انعكس بدرجات متفاوتة على التواصل المسرحي العربي مع الجمهور، ودفع بالمسرحيين العرب إلى تكثيف جهودهم من أجل انتقاء الفلسفات التي تتوافق مع تجاربهم الإبداعية ،والتي لا تتعارض مع طموحات جمهورهم، الذي يختلف كثيرا عن الجمهور الغربي. 


إن انتقال النظريات الفلسفية والفنية من بيئة إلى بيئة أخرى، يخضع لمجموعة من العوامل والمؤثرات التي قد تفتح  جسور التواصل مع المتلقي ، أو تبوء بالفشل فتكون ثمارها عكسية.
ويطرح إدوارد سعيد إشكاليتين هامتين في هذا الإطار: 
* أولاهما: - هل تكتسب الفكرة أو النظرية قوة إضافية بحكم انتقالها من مكان إلى آخر، ومن زمن إلى آخر، أو أن الوهن يصيبها من جراء ذلك؟ 
* وثانيهما: - هل تصبح نظرية التي تنتمي إلى مرحلة تاريخية معينة وثقافة وطنية واحدة ،غيرها في مرحلة وموضع آخرين؟ 
وينبه إلى أن الإنتقال إلى وسط جديد لا يمر دون عراقيل، كما تستلزم العملية مسلسلا من التمثيل والتأسيس مخالفا للمسلسل الأصلي. وأن أي إحصاء يستهدف حصر عمليات زرع النظريات والأفكار، ونقلها وتداولها وتبادلها يصبح أمرا معقدا. 
ثم يضع أربع مراحل توضح الطريقة التي تسلكها أية نظرية خلال سفرها: 
أول مرحلة: نقطة الانطلاق؛ أو ما يبدو كذلك، وهي مجموعة من الظروف الأصلية التي رافقت ميلاد الفكرة أو دخولها ميدان الخطاب. 
ثاني مرحلة: المسافة المقطوعة، أو ذلك الممر الذي تجتازه الفكرة، عبر ضغط السياقات المختلفة، خلال انتقالها من نقطة معينة إلى زمان ومكان تصبح فيهما واضحة البروز. 
ثالث مرحلة:  [...]تخضع لمجموعة من الشروط يمكن تسميتها شروط القبول، أو أشكال المقاومة، كجزء لا بد منه لكي يحصل القبول،وهذه الشروط تواجه النظرية أو الفكرة المزروعة، وتمكن من إدخالها أو التساهل تجاهها مهما بدت غريبة(1)  
ورغم خطورة سفر النظريات والأفكار الفلسفية والفنية ،فقد غامر المسرحيون العرب بالتفاعل مع الإبداعات الغربية، وتقديمها في بيئة غريبة عنها. وأهم تلك النظريات الفلسفة الوجودية والفلسفة الاشتراكية، التي تشبع بها المسرح العبثي والمسرح الملحمي. 
و لقد أبرز محمد عوزري جانبا من التواصل بين المسرحيين العرب والغربيين من خلال حديثه عن التجربة المسرحية بالمغرب، كنموذج يعكس لنا خصوصية هذا التواصل، ويصف رواده بأنهم جيل الرفض؛ إذ يرى أنه مادام «رواد هذا الجيل الجديد جاءوا إلى المسرح، على العموم، من الجامعة، فإنهم سيبحثون عن مصادر الإلهام المسرحي في منابعها، وسيفرض هذا الجيل اقتباس كوميديا موليير ويتجه نحو ريبيرتوار آخر يمثله كل من بيرتولد بريخت، وهارولد بينتر، وبيتر فايس، وجان جوني، ولويجي بيرا نديللو، وأوغست ستريندبيرغ، وصامويل بيكت... أما المناقشات حول الإخراج فإنها ستتجه نحو عمل كل من كروتوفسكي، وبسكاتور، والمسرح الحي...وكل ذلك سيؤدي حتما إلى ظهور كتابة مسرحية جديدة.»(2) 
ونذكر على قائمة المتأثرين بالمسرح الغربي المتشبع بالفلسفة الاشتراكية، وتحديدا المسرح الملحمي البرشتي عبد الكريم برشيد الذي يصرح قائلا: «... ففي الاحتفال تختفي الأقنعة المجتمعية، وباختفائها تتحرر الذوات من الخوف ومن التمثيل الذي تعرفه كل يوم، ومن هنا تكون إيديولوجية الإحتفال مبنية على أسس من الاشتراكية، والوحدة، والعدالة والتحرر، ليس فقط بالنسبة لذلك الحيز المكاني الضيق والذي يسمى الخشبة، ولكن بالنسبة لكل الأرض التي تسع الإنسان.»(3) 
غير أن احتفالية عبد الكريم برشيد ستنسلخ من قوالب فلسفة المسرح الغربي، وتحاول البحث عبر مجموعة من الإبداعات تحمل بصمة هوية وذات لها خصوصيتها  الأصيلة، التي تخول للجمهور التواصل مع الاحتفالية المغربية وليس الغربية، من خلال مسرحياته «عطيل والخيل والبارود» و «امرؤ القيس في باريس» و «وفاوست والأميرة الصلعاء» و «الحكواتي الأخير». 
وفي نفس الإطار يتحدث خالد أمين عن صورة التواصل بين المسرح المغربي والمسرح البرشتي من خلال كتابه «مساحات الصمت» (غواية المابينية في المتخيل المسرحي) بقوله: «بالنظر إلى طبيعة الثقافة المغربية ونوعية المخاضات السياسية والثقافية التي شهدها المغرب خلال فترة السبعينيات، يمكن القول بان الكثير من المسرحيين المغاربة عثروا على ضالتهم في مفهوم التغريب البرشتي، فبرشت كان له الفضل في نحت مجموعة من النظريات البديلة في الخارطـة المسرحية المغربية والتي نلمس فيها الحضور البرشتي بقوة (مسرح النقد لمحمد مسكين، المسرح الجدلي، المسرح الثالث، المسرح الاحتفالي إلى حد ما)»»(4) 
ويلخص حسن المنيعي مراحل التفاعل بين المسرح المغربي والمسرح الغربي قائلا: «الواقع أن تراكمات المسرح المغربي منذ نشأته سنة 1932م، وإلى حدود الآن، تؤكد لنا أن الممارسة قد اعتمدت في الغالب على تجارب مسرحيته غربية بدءا بعملية الاقتباس، مرورا بعملية التشبع بمدارس ذات توجهات اجتماعية إيديولوجية رمزية، وأخرى عبثية ملحمية وتسجيلية، وصولا إلى الاسترشاد بمدارس وتقنيات تهتم بالفضاء المسرحي وعلاقته بجسد الممثل وبتكوينه الفيزيولوجي النفسي، وكذا بأبعاده الحضارية والثقافية.»(5) 
ثم يقدم لنا نموذجا من المسرح المغربي المتمثل في مسرح الصديقي الذي تواصل مع الأشكال المسرحية الغربية بفلسفاتها العديدة: «انطلاقا من المسرح اليوناني، مرورا بالمسرح الكلاسيكي، وصولا إلى المسرح الطليعي الذي لمسناه في رائعتيه «مومو بخرصة» و «في انتظار مبروك».(6) 
إن عمق الفلسفة البريشتية ومهارته في إنتاج إبداع مسرحي متميز خول له إمكانية اختراق أفق توقع المتلقي العربي، لأن الفن لا ينفصل عن الفكر ولا ينفصل أيضا عن واقع الإنسانية جمعاء. لذلك صرح برشت قائلا: «(لقد أصبح المسرح حقل نشاط للفلاسفة، أولئك الذين يسعون ليس فقط إلى توضيح العالم، ولكن إلى تغييره أيضا).»(7) 
ويعلق عبد الكريم برشيد على فلسفة برشت بالتأكيد على أن «المسرح ليس فرجة فقط، وإنما هو بالأساس فلسفة، فلسفة لتفسير العالم أولا، ولتغييره ثانيا. 
وتفسير العالم وتغييره، مهمتان صعبتان بلا شك، الشيء الذي يكشف عن خطورة هذا الفن الذي يسمى المسرح. 
وأن قياس المسرح المغربي –كفن يفسر ويغير- قياس قوته وفعاليته، لا يمكن أن تتم إلا من خلال عمليتين أساسيتين: 
- مقارنة هذا المسرح – كما هو كائن، هنا والآن- بما كان يجب أن يكون، أو بما هو كائن هناك.
- مقارنة هذا المسرح- كفن وعلم وصناعة- بالواقع التاريخي والحضاري للإنسان المغربي والعربي، ثم التساؤل بعد ذلك، إن كان هذا المسرح في مستو ى اللحظة التاريخية الراهنة؟ أو أكبر منها؟ أو أقل؟»(8) 
إن فلسفة المسرح الغربي تمكنت من أن تحفز المسرحي العربي على أن يجد ذاته من خلال الآخر، وأن يضع أسسا لفلسفة المسرح العربي، لأن التفاعل العلمي والثقافي والفكري لا يمكنه التطور والازدهار في عالم منغلق ومتقوقع، وهذا لا يعني الانمحاء بل ازدواجية التواصل بين المكون الداخلي والخارجي يغني التجربة الإبداعية، ويكسبها تنوعا افرز لنا المسرح الاحتفالي والطليعي والتجريبي والملحمي. وكلها حسب رأي فرحان بلابل متفرعة عن نهج واحد هو (تغيير ترتيب أركان الدراما). [...] وينبه على أنه يكفي أن يتذكر القارئ نصوص سعد الله ونوس ورياض عصمت وعلي عقله عرسان وممدوح عدوان ووليد إخلاصي وعبد الفتاح قلعجي وغيرهم من كتاب مصر، وأن يتذكر نصوص عز الدين المدني في تونس وعبد الكريم برشيد في المغرب وغيرهما من كتاب المغرب العربي(9) 
ويؤكد أيضا السعيد الورقي أن «النجاح الذي حققه المسرحان الملحمي والتجريدي كان له تأثيره على المسرح العربي خاصة منذ ستينيات الازدهار.»(10) وينفي بول شاول الخصوصية العربية عن كتابات المسرحيين العرب إذ يصرح قائلا: «وإن كانت المسرحيات مكتوبة أصلا بالعربية كمسرحيات أحمد شوقي وسعيد عقل وعبد الرحمان الشرقاوي وعزيز أباظة والفريد فرج وسعد الله ونوس ويوسف إدريس، إلا أنها، في العمق، استلهمت البنية التعبيرية الغربية في الشكل الكتابي. ولهذا، فهي، وإن كانت كتبت بالفصحى، إلا أنها امتدادات للمسرح الغربي، فأحمد شوقي وسعيد عقل وألفرد فرج مثلا، من متبعي المسرح الكلاسيكي الفرنسي والانجليزي، وسعد الله ونوس ابن الكتابة البرشتية، ويوسف إدريس غرف من بيكيت وخصوصا في «الفرافير.»(11) 
إن هذا الرأي يجعل المسرحيين العرب مجرد صدى للمسرح الغربي، ويلغي قدراتهم الإبداعية والفكرية، وإن كانوا قد تأثروا بالغرب، فهذا لا يعني أن فكرهم قد شل وأن ملكاتهم الجمالية والتخييلية قاصرة، كما أن اختيارهم لمرجعيات معينة لا يعني إلغاء لمرجعيتهم الأصلية.وإن كان الأمر كذلك فسنحكم على مسرح برشت بأنه مجرد صدى للمسرح اليابانـي والصيني يحكم أنه تشبع به، وعلى آرتو بأنه مجرد ناقل للمسرح الياباني والشرقي بصفة عامة ،وكذلك الأمر بالنسبة لآريان منوشكين ويوجينيو باربا. 
إن التفاعل الثقافي والحضاري لا يعني إلغاء للأصل، بل هو تحفيز لتطويره وخلق فلسفات تساير إيقاع التطور الذي تعرفه الإنسانية ، لبناء تواصل إيجابي مثمر.
وظهور مثل هذه الفلسفات والعلوم والنظريات الجديدة كان له أثر كبير في تحطيم معظم المعطيات الموروثة؛ ولا شك أن هذه التحولات الكبيرة في الأساليب الأدبية قد ساعد على رفع القيم الجمالية للمسرح الحديث من جانب، وإثراء الثقافة المعرفية على المستوى الإنساني من جانب آخر، في ترجمة وتجسيد المفاهيم النظرية بأطر جمالية جديدة تحقيقا لوظيفة الدراما كنشاط معرفي.(12)  
لكن يظل التعامل مع الموروث رهين بمجموعة من الاعتبارات التي نجملها في الأخذ بما هو إيجابي وترك كل ما هو سلبي وفق خصوصيات الإنسان حسب هويته وانتمائه، وأن لا نتجاهل هذه الخصوصيات أثناء تواصلنا مع الغرب ، ومادام «أن الثقافة والفنون إرث إنساني متبادل بين الشعوب والأمم، فقد كان للبيئة الفنية العربية ومنها العراقية حصة من هذا الإرث الإنساني، إسهاما في تنفيذ نشر الوعي الفني والثقافي في حدود البيئة العربية والمحلية بما يمكن التعبير عنه من خلالها،  كالواقعية[...]التي احتوت النصوص المسرحية في إطار موضوع القضية الاجتماعية، كمسرحيات يوسف العاني وطه سالم، وعادل كاظم (فكتب يوسف العاني مسرحية «إني أمك يا شاكر» وكتب طه سالم «قرندل» وكتب عادل كاظم مسرحية «الحصار». والتعبيرية في أطر سياسية واجتماعية فيما كتب جليل القيسي مسرحية «أيها المشاهد جد عنوانا لهذه المسرحية»، وكتب يوسف العاني مسرحية «الخرابة».(13) 
ومادام أن المسرح الغربي تشبع بفلسفات متعددة تنحو نحو التجريب من أجل التثوير والتطوير، فإن مجموعة من الأسئلة ستطرح نفسها بقوة وتظل المساحات البيضاء مجالا خصبا للاجتهاد والوقوف عند نقط القوة والضعف.
كما أشار تيودور أويزرمان فإن «بعض الأسئلة لا يمكن أن يجيب عليها الأشخاص الذين يطرحونها، وإنما يمكن أن يجيب عليها آخرون.»(14) 
إن المسرحيين العرب أثبتوا قدرتهم على خلق فضاء مضاعف لفلسفة المسرح الغربي، حيث تمكنوا من خلال قراءتهم لمختلف الإنتاجات الغربية أن يجيبوا عن الأسئلة والإشكاليات التي تطرحها قضية سفر النظريات المسرحية إلى البيئة العربية، وتمكنوا من أن يهيئوا مناخا خصبــا لترعرعها بشكل إيجابي ومن خلال براعتهم في التفسير والتأويل والتحليل –أي النقد البناء- وفق منهج مقارن يسمح بتجاوز حساسية الآخر، تمكنوا من نسج فضاء أرحب للحوار الفني والأدبي والحضاري، وفقا لفلسفات قد تتوافق ، أو قد تتخالف لكن تظل قاعدة أن الإختلاف لا يفسد الود، شعار الأدباء والفنانين والمفكرين في معظم أرجاء العالم،و الشاهد على ما نقول ثراء التبادل العلمي والثقافي والفني والأدبي عبر العصور والأزمان،لأنه مهما اشتدت حدة الصراع بين الأنا والأخر، فلابد من وجود وجه معاكس، يتمثل في توثيق الحوار. 
ومن رحاب المسرح يحدثنا محمد مصطفى القباج قائلا: «أكدت الأبحاث والمتابعات النقدية للنصوص والأعمال المسرحية الحداثية (بريشت- أونسكو- بيكيت...الخ) إن القضايا التي تطرحها هي من عمق الاهتمامات الفلسفية، وعلى الخصوص إشكالية اللغة وأزمة الجماليات التي تسببت في ميلاد ما أصبح يطلق عليه «المسرح المضاد» (Anti-théâtre) وإشكالية الصراع بين الأنا والآخر في منحاها الفلسفي.»(15) 
بحكم أن البعد الفلسفي كان حاضرا بقوة في الإبداعات المسرحية، بل أن المسرح كانت له القدرة على جس نبض المتلقي مع تلك الفلسفات، فإن عملية التواصل بين النص، والمنصة العرض ،وقاعة العرض أسست لفلسفة التواصل المسرحي الحر.  ومن بين مظاهر هذا التفاعل المسرحي ،  ما ورد في مقولة إسماعيل بن أصفية ، التي تضعنا أمام صورة تفاعل المتلقي العربي مع المسرح البريشتي، وتحديدا النقاد ، إذ يرى بأن: «نقاد المسرح العربي الذين تجلت في كتاباتهم تلك المقاييس النقدية المستمدة من آراء بريخت ونظريته، مثلوا ظاهرة تلقي الخطاب البريختي في النقد المسرحي، [...] كانوا جميعهم من ذوي الاتجاه اليساري، أمثال محمود أمين العالم، وأحمد عطية، ورجاء النقاش، ومحمد الشوباشي، ولويس عوض، وعبد المنعم تليمه وغيرهم، من النقاد الذين اكتفوا بالدعوى إلى اجتماعية الأدب، وضرورة الاهتمام بمشكلات المجتمع والتعبير عن قضاياه، واستجابوا للتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي جاءت بها ثورة 1952م.»(16)
ويؤكد إسماعيل بن صفية أيضا على أن «معظم الذين كتبوا مسرحيات ملحمية لاسيما الرواد منهم، كانوا يساريين أيضا أمثال رؤوف مسعد، نجيب سرور، ألفريد فرج، ميخائيل رومان، فأقبلوا على المسرح الملحمي لتقاطعه فكريا (باعتباره مسرحا اشتراكيا يدعوا إلى العدالة والمساواة)»( 17)  
ويربط كمال عيد بين الفلسفة الاشتراكية والتغيير الفني، إذ يرى بأن الواقعية الاشتراكية المتأثرة بالفلسفة الاشتراكية تنادي بتغيير الواقع، وعدم السكوت عليه. 
فهي لا تكتفي بالتغيير الفني، بل تنادي بالتغيير في أساس المجتمعات، وهي نفس فلسفة الكاتب الألماني برتولت برخت B.Brecht.(18) الذي تحدث عنه عدنان رشيد في مقدمة كتابة «مسرح برشت»  إذ قدم أهم المراحل التي مر منها هذا المسرح، وكيف استطاع أن يربط جسور التواصل مع المتلقي الغربي والعربي من جهة ،ومع الفلسفة الدياليكتية من جهة أخرى. وشرح علاقة برشت واهتماماته بالآداب العالمية الأخرى منذ شبابه، وكيفية تحوله إلى تبني فلسفة الديالكتيك (الجدل)، كما تناول شرح أبرز ملامح المسرح الملحمي والمسرح التعليمي، وقدمت بعض النماذج منها، كما شرح طريقة برشت في التمثيل والإخراج المسرحي التي طبقها في مسرحه (برلينرانسامبل) في برلين الديمقراطية، والذي أسسه عام 1949م بعد عودته من المنفى، وقد تتلمذ في هذا المسرح خيرة المخرجين والممثلين في أوروبا وألمانيا، وبعض المخرجين العرب وغيرهم حتى وفاة برشت في (أغسطس عام 1906).(19)  
ويؤسس لبداية تواصل المسرح العربي بالمسرح البرشتي بأوائل الستينات، حيث تم عرض مسرحياته وطبقت نظرياته وأساليبه في مسارح بغداد، والقاهرة، ودمشق، وبيروت، والكويت والأردن ودول المغرب العربي. 
ويكشف يونس الوليدي عن نموذج للتواصل المسرحي العربي بالمسرح البرشتي من خلال مسرحية بروميتيوس 91 لمحمد الكغاط، بقوله: «تأثر محمد الكغاط بمفهوم التغريب البرشتي في هذه الإرشادات المسرحية المتعلقة بتركيب الديكور وتغييره أمام الجمهور من أهم عناصر تكسير الإيهام بالواقع، وبالتالي من أهم مقومات التغريب عند بريشت.»(20) 
ويضيف قائلا: «وإذا كان الكغاط قد أشار في بداية اللوحة الثانية إلى أن ديكور بيت المحجور –أو بعبارة أخرى مع تشديد الحصار على العراق- سيصبح البيت أكثر ضيقا في اللوحة السادسة: «ينصرف بوشويكا»، يشرع مبارك في إغلاق كل منافذ الغرفة، ويمكن تضييق ديكور بيت المحجور إلى أقصى حدود ممكنة».»(21)  
واهتمام  محمد الكغاط  بأسطورة بروميثيوس يرجع إلى ما تتضمنه من قيم فلسفية متمثلة في البحث عن الحرية والخلاص من القيود، وفضح مظاهر الانتهاكات التي يتعرض لها الإنسان، علما أن مسرحية بروميثيوس 91 كتبت بعد قيام حرب الخليج، وتواصل المسرحيين العرب مع الأساطير اليونانية، كان من أجل ترسيخ فلسفتهم الذاتية تجاه واقعهم المعيش وتطلعاتهم لمستقبل أفضل، متأثرين برواد المسرح الغربي الحديث ،الذين أعادوا قراءتهم في المسرح اليوناني وقدموه في شكل تجريبي يتوافـق وفلسفتهـم في الإبداع والتفاعـل مع واقعهم، ونذكر من بينهم ألبيركامو، الذي يحدثنا عنه حنا عبود في كتابه «الدوائر المغلقة» قائلا: «فإذا نظرنا في الأساطير اليونانية، برزت أسطورة سيزيف التي كانت محور فلسفة ألبيركامو في العبث، كما كانت أسطورة بروميتيوس محور فلسفته في التمرد.»(22) 
واستطاع المسرح البرشتي أن يزود المسرحيين العرب بآليات تمكنهم من تقديم المسرحيات الأسطورية في قالب حداثي مغاير للفرجة الكلاسيكية والمتجسدة في تكسير الإيهام.ولم تقتصر إبداعات المسرحيين العرب المتأثرين بالمسرح البرشتي على الأسطورة فحسب، بل عرفت تنوعا وتعددا بتعدد القضايا السياسية والاجتماعية، ففي «مجلة المسرح خلال الستينيات كتب عدد من الكتاب المسرحيين في مصر مسرحيات تنتمي إلى الدراما الملحمية بدرجات مختلفة، والمسرحيات هي (لومومبا)أو(القناع) و(الخنجر) لرؤوف مسعد، كتبت عام 1965م،(اتفرج يا سلام) لرشاد رشدي، عرضت عام 1965م،(النفق) لرؤوف مسعد كتبت عام1966،(آه يا ليل يا قمر) لنجيب سرور عرضت عام 1967.(الزير سالم) لألفريد فرج عرضت عام1967،(بلدي يا بلدي) لرشاد رشدي، عرضت عام1968،(ليلة مصرع جيفارا) لميخائيل رومان، عرضت عام 1969»(23)  
إن تشبع المسرحيين العرب بالفلسفات الغربية، واجتهادهم في اختراق أفق المتلقي العربي، دفعهم إلى التسليم بالجوانب الإيجابية المطلقة لتلك النظريات دون الالتفات إلى سلبياتها، لان التفاعل مع الآخر سواء في المعسكر الشرقي أو الغربي والمغاربي، يقتضي بذل مجهود في تحليل الفلسفات المطروحة، والأخذ بالجوانب الإيجابية ومراعاة المجتمع والمحيط والحضارة التي ستتغلغل بين أوصالها. غير أن الجراح التي عانى منها المثقف العربي جراء الحروب الامبريالية من الدول الغربية والهزائم المتوالية دفعتهم إلى البحث عن: 
- الفلسفات الغربية الثائرة بعد الحربين العالميتين، الأولى، والثانية ،حيث ظهر الاتجاه العقلاني مع ديكارت، والوجودي الإلحادي مع سارتر، والإلحادي مع نيتش. 
- الفلسفات التي ظهرت في المعسكر الشرقي –أي الإتحاد السوفياتي سابقا-، والتي  أفرزت لنا الفلسفة اليسارية والاشتراكية. 
- وبين هذين العالمين كان هناك مثقفون عرب و مسلمون و مغاربيون، تعاملوا مع كلا الثقافتين لكنهم لم يطمسوا هويتهم وأصالتهم، واقتنعوا بأن التخلي عن مبادئ الإسلام كان سببا رئيسيا في تراجع الأمة العربية الإسلامية.
كما يصرح رينيه جرار René Girard في كتابه «العنف والمقدس» بأن: «وجود الفكر الديني في بدايات كل مجتمع بشري من الأساسيات والتي لا تقبل الشك. وقد يكون الموضوع الديني هو الوحيد، بين المؤسسات الاجتماعية، الذي لم يستطع العلم معرفة موضوعه الحقيقي، أو وظيفته الصحيحة، ونحن نؤكد أن الموضوع الديني وهدفه اوالية الضحية البديلة. ووظيفته تأمين استمرار وتجديد آثار هذه العملية أي أن يبقى العنف خارج المجتمع»(24).
ورغم تفاعل المثقفين العرب والمسلمين ومن بينهم المسرحيون بالفلسفات الغربية، إلا أنهم أدركوا أن الحضارة العربية الإسلامية غنية وقادرة على تجاوز أزماتها بالاجتهاد البناء والهادف، القادر على أن يترك بصمات الأصالة والحداثة في إبداعاته.
الأمر الذي حفز المسرحيين العرب للنهل من الرصيد الثقافي التراثي والحضاري، إذ ألف صلاح عبد الصبور مسرحية «مأساة الحلاج» المتشبعة بالفلسفة الدينية للمتصوفة في نموذج الحلاج، وتوفيق الحكيم بمسرحيته «أهل الكهف» التي يحدثنا عنها عبد الكريم برشيد قائلا:» لقد عاد توفيق الحكيم إلى القرآن الكريم واتخذ من آياته المتعلقة بأهل الكهف خيوطا نسج بها مسرحيته (أهل الكهف) ويقول صلاح عبد الصبور عن هذه الآيات القرآنية «إن معظم مشاهدها تتبع أسلوب الحوار.»(25) 
إن المسرحيين العرب والمسلمين أدركوا أن هدفهم يتمثل في التواصلهم مع الفكر والفن الأجنبي تواصل إيجابي قادر على الإنتاج، وأن لا يقتصروا فقط على الاستهلاك. وعلى حد تعبير محمد مصطفى القباج: «لسنا في حاجة إلى أن نستمر في تناول الموضوعات التي تتضمنها الأعمال والنصوص المسرحية، فليس هناك أي موضوع فلسفي لم يجد المسرح منفذا إليه أو ذريعة لمعالجته لا كنشاط تخيلي محض، ولكن كمشروع كاشف لوضع تاريخي في الزمان والمكان، وتوجه استشرافي كما ينبغي أن يكون عليه فعل أو حياة أو فكر أو كيان.»(26) 
أسهم عمق القضايا الفلسفية في المسرح الغربي على تعميق الرؤية لدى المسرحيين العرب ودفعهم إلى طرح إشكاليات تنبع من عمق الحضارة العربية الإسلامية، مما حول تواصلهم مع الآخر:
 j من        - مرحلة الاستهلاك. 
j إلى        - مرحلة الإنتاج.  
الأمر الذي يضعنا أمام فلسفة تواصلية مسرحية متداخلة بين حضارتين بدرجات متفاوتة: 
الفلسفة والمسرح الغربي        لفلسفة والمسرح العربي 
المستوى الأول: الإرسال                                التلقـي. 
المستوى الثاني: التلقي                                  الإرسال. 
يظل التواصل بين المسرحيين العرب والغربيين مشروطا بعملية الإرسال والتلقي التي تعرف قوة في المستوى الأول وتذبذبا في المستوى الثاني. 
ويعكس لنا المخرج المسرحي الألماني عزيز أحمد بيتر كرويش صورة معكوسة للتواصل بين المسرح الغربي والمسرح العربي، إذ استطاع أن يقدم مسرحية عربية للجمهور الألماني، واخترق أفق توقعه، وجعله يتجاوب معها تجاوبا إيجابيا، والمسرحية لألفريد فرج ترجمها للألمانية ناجي نجيب وعنونها «على جناح التبريزي وتابعه قفة»، كتبت عام 1968م، وهي تحكي عن «التبريزي» المفلس وتابعه قفة. 
ويحدثنا المؤلف عن مسرحيته قائلا: «وقد شاهدت «التبريزي» المفلس قبل أن أكتب يدعو «قفة» إلى مائدته الوهمية، بجد لا على سبيل المزاح... ثم يسافر الاثنان إلى مدينة على حدود الصين فلا يجدان مفرا من الزعم بأنهما أغنياء، وأن القافلة للتبريزي تتبعهما وتحمل ثروات فوق ما يتصور الذهن... قد حملها التبريزي خلفه، نفقة لسياحته هو وخادمه، مما أغرى التجار باقراضه، والوالي بتزويجه ابنته... وكل مال وصل إلى أيدي التبريزي تصدق به على الفقراء... والفقراء أصبحوا صناعا وحرفيين وتجارا... والقافلة لا تأتي بعد...»(28)  
ويكشف ألفريد فرج عن فلسفته في تأليف مسرحيته بقوله: «سيرة القافلة في الواقع لم يبتدعها التبريزي أوقفة، وإنما شاركه في ابتداعها كل من صدق التبريزي وقفة. ولكل إنسان خياله الخاص ورغبته الكامنة في إيهام النفس والغير باقتدار بوجود غير الموجود.»(29) 
أما المخرج عزيز أحمد بيتر كرويش فيقدم لنا فلسفته في تواصله مع مسرحية «على جناح التبريزي وتابعه قفة» من خلال حواره لمذيعة تلفزيونية حيث يصرح بأن: «كل ممثل سألني ما هي القافلة.. وكنت أجيبه، إن القافلة هي السلام العالمي، هي حرية الإنسان، هي الطعام والكرامة، وإذا كنت تؤمن بالغد، فأنت تعرف أن القافلة في الطريق...مع التبريزي، مع الأميرة، ومع قفة آخر الأمر، ومع كل المدينة[...]، ولما اعترف قفة لهم بعدم وجود القافلة حزنوا... ثم عادوا يصدقون ويفرحون.»(30)  
وتزداد فلسفته عمقا حين تطلب منه المذيعة أن يوجه خطابه للمتفرجين، إذ يبادر قائلا: «أريد أن أقول لهم، ها أنتم تتأملون وأنتم تضحكون، ها أنتم تضحكون وأنتم تتأملون، فهل رأيتم كيف يمكن أن يكون المسرح مفكرا وممتعا في الأدب العربي»(31) 
يظهر تواصل عزيز أحمد بيتر كرويش عمقا فلسفيا، تكون لديه من المزج بين ثقافتين غربية وعربية وإسلامية ،خولت له أن يقدم أعمال مسرحية ناجحة قادرة على اختراق أفق توقع المتلقي الغربي، وعلى حد تعبير يوسف سايفرت Josef Siefert فإن الفلسفة الغربية عاجزة عن تغذية طموحات المثقف العربي. إذ يصرح قائلا: «فعندما نتذكر أن معتنقي الإسلام لم يجدوا في الفلسفة الغربية ضالتهم، لأن الأسس التي تنبني عليها هذه الفلسفة بعيدة كل البعد عن الأسس الأخلاقية والروحية التي ينبني عليها الإسلام من جهة، ولأن هذه الفلسفة تعمل على إقبار أسس عقيدتهم وأخلاقهم من جهة أخرى. وعندما نتذكر كذلك أن النسق المفاهيمي الغربي لم يعمل على إيجاد أية نقطة الالتقاء بالمسلمين، فإننا نفهم بالطبع أن أسس الحوار بين الفلاسفة الغربيين والفلاسفة المسلمين لم تكتمل، أو لم تقم بعد.»(32)   
أدرك المسرحيون العرب خطورة الانصهار في حضارة مغايرة عنهم، واهتموا بالبحث عن قوالب عربية للمسرح العربي، وكان توفيق الحكيم من أهم المسرحيين العرب الذين استفادوا من النظريات الغربية، دون طمس المعالم العربية و الإسلامية، «وتعتمد فلسفته [...] على الإيمان بقصور العقل والاتجاه نحو الروحيات التي تجري في حياة الشرقيين وأعماق نفوسهم.(33)
غير أنه لم يقص الفلسفات الوجودية التي تشبع بها المسرح العبثي من أعماله، بحكم أن الاستفادة من الجوانب الإيجابية للإبداعات الغربية، لا يعني إقصاء للفلسفة العربية الإسلامية. «وقد أخذ هذا الاتجاه يعرف طريقه إلى العالم العربي بعد أن لفت إليه الأنظار توفيق الحكيم، عندما قدم مسرحية «الطعام لكل فم» ومسرحية «يا طالع الشجرة» وكتب لمسرحيته الثانية مقدمة حاول فيها أن يشرح مفهوم اللامعقول.»(34) 
إن التأمل في المسرح الغربي وفي فلسفاته زود المسرحيين العرب بالآليات التي خولت لهم التواصل مع المتلقي العربي أولا، ثم المتلقي الأجنبي ثانيا، وأدركوا أن قيمة إبداعهم لن تصل ذروتها إلا عن طريق ربط العلاقة بين الفلسفة والمسرح، فبحكم أن «العلاقة بين الفلسفـة والمسرح علاقة تبادل وتداخل. ومرد ذلك إلى أن المسرح إنتاج مركب، فهو لغوي ومعرفي وأدبي وتقني، ويشكل موضوعا للتفلسف بقدر ما يتناوله هو نفسه من موضوعات تمت إلى الفلسفة بصلة وثيقة»(35)
ويقدم سعد الله ونوس رؤيته الفلسفية العميقة تجاه الآخر والذي كانت ثمرة للتأمل عن قرب في التجارب المسرحية الغربية، إذ يخبرنا بأنه «لن يقول بان هناك تعارضا جذريا بين المسرح بمفهومه الأوروبي وبين هوية الثقافة العربية.[...]ولكن سينطلق من التساؤل التالي: 
هل هناك حقا مفهوم أوروبي عن المسرح؟.
ليخلص إلى أنه لا يمكننا أن نجد روابط حقيقية بين مسرح «الكوميديا فرانسير»، و «مسرح الشمس». وبالتالي لا يمكن أن نتحدث عن مفهوم أوروبي للمسرح، لأنه لا يمكن أن نضع آرتو وبيسكاتور، وبرشت، وغور دون كريغ، وغروتوفسكي والليفينغ تياترو ... و ... في نفس السلة؟[...]  ليخلص في النهاية إلى أن الواحد المتجانس، ليس واحدا أو متجانسا.(36)   
ويضيف قائلا: «لقد استوردنا مسرحا جاهزا وميتا، وغرسناه في بلادنا، وكانت لدينا سذاجة الاعتقاد بأن الشكل ليس إلا وعاء محايدا ومرنا يمكننا أن نضع فيه المحتوى الذي يتلاءم مع حاجاتنا وقضايانا. [...] وفي هذه الخدعة، ضيعنا، ومازلنا نضيع الكثير من الجهد والوقت دون الوصول إلى «مسرحنا». إن الشكل في المسرح، وخاصة في المسرح يفترض المضمون دائما، أو بتعبير أدق الموقف الفكري من الإنسان في سياق حركة التاريخ، بحيث أن كل تغيير في هذا الموقف – المضمون لابد أن يستتبع تغيرا في الشكل.»(37)  
وفي نفس السياق يحدثنا  عبد الرحمن بن زيدان الذي يرى بأن رفع الكفاءة الفكرية في التعرف على الآداب العالمية من حولنا، أمر حتمي وضروري تمليه طبيعة الغرب بخصوصياته الفلسفية والنفسية، والاقتصادية، وتفرضه –بالمقابل- خصوصيات الوطن العربي. إلا أن الأمر يحتاج إلى تحديد الموقف من المؤثرات الأجنبية، اقتباسا كانت، أو نقلا، أو موضوعا للسؤال النقدي المسرحي العربي، وهو يريد أن يكون منفتحا على التيارات المسرحية العالمية للتعامل مع أشكالها وتجاربها وأبعادها وخطاباتها الإنسانية.(38)
إن إهمال المزج بين المضمون والشكل في المسرح العربي وغياب الكفاءة في التواصل مع المسرح الغربي يولد قصورا ذاتيا يدفع بالبعض على حد تعبير نهاد صليحة «إلى استعارة تقنيات المسرح التجريبي الغربي التي تتطلب مهارات ليست متاحة للمؤدين العرب، وتقليد أساليب تدريب الممثل الغربية، في جانبها الجسدي والعملي، دون الاهتمام بجوانبها الروحية والنفسية، وأسسها الفكرية، فقلد البعض منهج جروتوفسكي، والبعض الآخر منهج بريخت، أو غيره، وكان التقليد في كل الحالات خارجيا صرفا.»(39) 
ويتطرق أيضا عبد القادر القط إلى الفروق بين المسرح الغربي والمسرح العربي ومدى تأثيرها على التواصل بين الثقافتين وقدم مسرح العبث كنموذج، إذ يرى أن «هذا الاتجاه لم يصادف نجاحا عند رواد المسرح العربي لأنه يعكس حاجات فنية ونفسية لبيئة تختلف جوهريا عن الوطن الغربي.[...] كما جاء تعبيرا عن ضيق الغربيين بحضارة تبدو لهم ثقيلة الوطء على وجدان الإنسان وذاتيته إذ صبته في «قالب» من الأوضاع الاجتماعية والمادية الصارمة،[...].»(40)
ويخلص إلى أن المجتمع العربي مازال يحاول أن يبني حضارته من جديد، ومازال أمام الإنسان فيه ألوان كثيرة من الطموح الواقعي الذي ينبغي أن يحققه، وما زالت مشكلاته وقضاياه واضحة محددة تدعو إلى شكل فني يلائم طبيعة تلك المشكلات.»(41)
وكما سبق وأشرنا، فإن معظم رواد المسرح العربي قد تشبعوا بالفكر الوجودي،على مستوى الشكل والمضمون في إبداعاتهم، محاولة منهم للبحث عن حلول للفشل الذي شل مجتمعاتهم. ونذكر من بينهم سعد الله ونوس الذي عكس هذا الاتجاه في مسرحياته، وتحديدا في الفترة الزمنية المحددة بسنة 1963م إلى 1965م متأثرا بكل من «سارتر» و «كامو»، وبحكم أن «رواد هذا الاتجاه قد عمدوا إلى استخدام أدوات مسرحية جديدة من خلال التهويل والتضخيم والمبالغة في رسم المناظر والشخصيات، كما استخدموا أسلوب المسرح داخل المسرح، على نهج الكاتب الإيطالي «لويجي بيراند يللو»، وعمدوا إلى التجريد والبعد عن محاكاة الواقع في صورته الخارجية، واتجهوا إلى البحث عن صورة الواقع في دخيلة النفس الإنسانية، وفيما تنطوي عليه أشكال الحياة، وسلوك الناس من حقائق كامنة تحت الحياة الظاهرية»(42)  
إن سعد الله ونوس قد اختار الاتجاه العبثي ليطرح من خلاله القضايا الشائكة والحساسة للأمة العربية والإسلامية، وكتب في هذا الإطار تسع مسرحيات هي: 
1- ميدوز تحدق في الحياة سنة 1962م. 
2- مأساة بائع الدبس الفقير سنة 1963م. 
3- الرسول المجهول في مأتم انتيجونا سنة 1963. 
4- فصد الدم سنة 1963م. 
5- جثة على الرصيف 1965م. 
6- الجراد سنة 1965م.
7- المقهى الزجاجي سنة 1965م. 
8- لعبة الدبابيس سنة 1965م. 
9- عندما يلعب الرجال سنة 1965م.(43)
وبالنسبة لعبد الواحد عوزري فإن الجيل المتأثر بالتيارات الغربية الحديثة وتحديدا في المغرب يعتبره جيل الرفض، إذ يصرح بأن «هذا الجيل الجديد الذي يقدم نفسه باعتباره جيلا بلا شيخ، ويعتمد فقط على روحه اليقظة، سوف لن يعترف بالنموذج المقدم والمبجل منذ استقلال البلاد، فهو قبل كل شيء جيل رفض ومواجهة.»(44) 
ثم يضيف قائلا: «ولأن رواد هذا الجيل الجديد جاءوا إلى المسرح، على العموم، من الجامعة فإنهم سيبحثون عن مصادر الإلهام المسرحي في منابعها... وسيرفض هذا الجيل اقتباس كوميديا موليير ويتجه نحو ريبيرتوار آخر يمثله كل من بيرتولد بريخت، وهارولد بينتر، وبيترفايس، وجان جوني، ولويجي بيرانديللو وأوغوست ستريندبيرغ، وصامويل بيكيت... أما المناقشات حول الإخراج فإنها ستتجه نحو عمل كل من كروتوفسكي، وبسكاتور والمسرح الحي... وكل ذلك سيؤدي حتما إلى ظهور كتابة مسرحية جديدة.»(45)
وفي المقابل نجد عقيل مهدي يوسف يعطي تصورا عن التواصل المشوه مع المسرح الغربي، إذ يعتبر أن مسرح اللامعقول أصبح من كلاسيكيات الدراما العالمية وينبه الشباب إلى أن اعتقادهم خاطئ فيما يتعلق بأن كل (جديد) هو (اللا معقول) ويضيف قائلا: «أو إن شئنا الدقة أكثر أنهم يعتبرونها الأساليب الوحيدة المعبرة عن الجديد المبتكر! لذلك يتفقون على صيغ ومعالجات تكاد تكون مكررة ومستنسخة إحداهما عن الأخرى... في كل كتاباتهم وعروضهم (مثل غموض الأفكار وتعثر بناء الجمل والصراخ الهستيري، والضحك الآني، واستخدام الصليب كرمز عن معاناة الإنسان وانسحاقه، ودوران المجموعة في متاهات الظلام، وهي تهذي في سيولة عالم مجنون، والغوص تحت ركام الأشياء من أثاث وملابس وأحذية وأنقاض.»(46)
ويذهب إلى أن الواقعية أكثر قدرة على تحقيق تواصل إيجابي في الوطن العربي الإسلامي ويقدم مسرح شكسبير كنموذج، ويستدل على قوله بأنه مسرح لا يخلو من الألغاز والأشباح والفلسفة السايكولوجية، وكذلك مسرح ستانسلا فسكي الذي يتوفر على طاقة إبداعية متميزة تتمثل في تكسير الجدار الرابع الوهمي واستخدام اليوجا والارتجال وتحريك جدران الديكور واستخدام تقنيات تظهر الشموع وهي تطير في الهواء وأشباحا تتراقص. 
ومع محمد نور الدين أفاية نجد أنفسنا أمام صورة أخرى من صور التواصل مع المسرح الغربي تظهر الجوانب الشائكة والحساسة والتي تتحدد في كون الغرب ليس وحده كلية ثابتة، فهو فضاء متعدد، تأسس، منذ بداياته الحديثة، على الاختلاف والتوتر والصراع. لذلك فإن سؤال الغرب بالنسبة للمثقف العربي كان دائما مصدر دهشة وحيرة وانفصال، فهو تارة تجسيد للعقل وتقدم للنزعة الإنسانية، وتارة أخرى قوة مسيطرة تعرقل نهضة الآخرين وتتحول إلى عنف وحشي وتدخل غاشم. إنه غرب الإخاء والمساواة وحقوق الإنسان، وغرب العدوان واللاتكافؤ والاحتقار والاستعمار.[...] لذلك نجد كتابات ومواقف فكرية من صميم هذا الغرب تدعو إلى نقده وتفكيك مقولاته وخلخلة نزعته المتمركزة حول العقل أو حول الغرب.(47) 
وإذا كان جون بيير مايكل Jean Pierre Miquel يرى أثناء حديثه عن طبيعة المسرح بأنه من الحماقة أن نعالج المسرح كما لو أنه عالمي يحكم أن الممثل يحمل بطبيعة الحال ثقافته الخاصة، وفقط داخل إطار ثقافته يمكن أن يحمل إلينا شيئا ما. وإلا سيحاكي ممثلين آخرين، يمثلون ثقافتهم الخاصة.(48) فإننا  يجب أن نراعي هذه الخصوصية، وأن نبحث عن الأبعاد الفلسفية داخل ثقافتنا وحضارتنا لندعم بها قضايانا الأدبية والفنية. 
ويضعنا أنتونين أرتو Antonin Artaud أمام قضية مهمة أيضا يجب أن ننتبه إليها أثناء تواصلنا مع الآخر، والتي نستخلصها من قوله: «نفهم أن هذه الأنتروبولوجيا المدخرة إلى التوق للماضي، يمكن أن تسخر المسرح مسكونا بالنوع البدائي والعودة إلى الأصول، متطلعا نحو الخارج ونحو الآخر كمحاولة لإيجاد دواء لأزمة الأشكال المسرحية التي هي في نفس الوقت مدركة كأزمة لكل الثقافة الغربية.»(49)  
إذن مادام الآخر يبحث عن حل لأزمته لدينا،ولدى المجتمعات الشرقية بصفة عامة التي تتوفر على طاقة روحية تفتقر إليها المجتمعات الغربية. فلا بد أن ندرك أننا يجب أن نجتهد في تفجير الطاقات الروحية والفكرية والجمالية الكامنة لدينا، وأن نبحث بدورنا لدى الآخر عن ما  يحقق لنا تميزنا وخصوصيتنا، دون أن ننصهر في القوالب الجاهزة. 

الهوامش
(1) إدوارد سعيد، عندما تسافر النظرية، مجلة بيت الحكمة، دار قرطبة للطباعة والنشر، الطبعة الثالثة، العدد الثاني، السنة الأولى، يوليوز 1986م، ص 139، 140. 
(2) عبد الواحد عوزري، المسرح في المغرب ،اتجاهات وبنيات، ترجمة عبد الكريم الامراني، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى، 1998م، ص 219. 
(3) محمد بهجاجي، ظلال النص ،قرارات في المسرح المغربي، دار النشر المغربية، الطبعة الأولى، 1991م، ص 62. 
(4) خالد أمين ،مساحات الصمت، غواية المابينية في المتخيل المسرحي، تقديم د.حسن المنيعي، منشورات اتحاد كتاب المغرب، الطبعة الأولى، 2004م، ص 30. 
(5) حسن المنيعي، المسرح... مرة أخرى، سلسلة شراع دار النشر المغربية، العدد التاسع والأربعون، 1999م، ص 54.
(6) نفسه، ص 56. 
(7) عبد الكريم  برشيد، الأزمة في المسرح المغربي أساسية أم  انعكاسية؟ مجلة البعث الثقافية، الطبعة الوطنية، العدد الثاني، أكتوبر 1980م، ص 7. 
(8) نفسه، ص 7-8. 
(9) فرحان بلبل، النص المسرحي الكلمة والفعل، من منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2003م، ص 19-20. 
(10) السعيد الورقي، تطور البناء الفني في أدب المسرح العربي المعاصر (في مصر)، دار المعرفة الجامعية الإسكندرية، 1990م، ص 267-268.  
(11) بول شاوول، المسرح العربي الحديث (1976-1989)، رياض الريس للكتب والنشر، لندن، 1989م، ص 25
(12) فؤاد علي خارز الصالحي، دراسات في المسرح، دار الكندي للنشر والتوزيع، أربد، الأردن، الطبعة الأولى 1999م، ص 83. 
(13) نفسه، ص 85-86. 
(14) تيودور أويزرمان، تطور الفكر الفلسفي، ترجمة سمير كرم، دار الطليعة، بيروت، لبنان، الطبعة الرابعة، 1988م، ص
(15) محمد مصطفى القباج، من قضايا الإبداع المسرحي، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 1420هـ 2000م، ص 25.
(16) إسماعيل بن اصفية، أثر بريخت في الخطاب النقدي المسرحي العربي، النادي الأدبي الثقافي، جدة، علامات ج 53، م 14، رجب 1425هـ - سبتمبر 2004م، ص 621. 
(17) نفسه، ص 621. 
(18) كمال عيد، فلسفة الأدب والفن، (بتصرف)، الدار العربية للكتاب، ليبيا، تونس 1398هـ - 1978م، ص 322، 323. (19) عدنان رشيد: مسرح العبث، دار النهضة العربية، بيروت، 1451هـ - 1988م. ص 7-8. 
(20)  يونس الوليدي، الميثولوجيا الإغريقية في المسرح العربي المعاصر، مطبعة أنفوبراتن الليدو، فاس، الطبعة الأولى، سنة 1998م. ص 220
(21) نفسه، ص 220
(22) حنا عبود، مسرح الدوائر المغلقة، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، سنة 1978م، ص 145 
(23) حياة جاسم محمد، الدراما الملحمية في مصر، عالم الفكر، م الخامس عشر، ع الأول، سنة 1984م، ص 84
(24) محمد مصطفى القباج، من قضايا الإبداع المسرحي، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 1420هـ 2000م، ص 17. 
(25) سعد الله ونوس، بيانات لمسرح عربي جديد، دار الفكر الجديد، سنة 1978م، ص 93-94. 
(26) نفسه، ص 94-95. 
(27)  عبد الرحمن بن زيدان، خطاب التجريب في المسرح العربي، مطبعة سيندي، مكناس، الطبعة الأولى 1997م، ص 16
(28) حياة جاسم محمد، الدراما الملحمية في مصر، عالم الفكر، م الخامس عشر، ع الأول، سنة 1984م، ص 84. 
 (29) رينيه جيرار، العنف والمقدس، ترجمة ،جهاد هواش وعبد الهادي عباس، دار الحصاد للنشر والتوزيع، دمشق الطبعة الأولى. سنة 1991م، ص 118. 
(30) عبد الكريم برشيد، حدود الكائن والممكن في المسرح الاحتفالي، دار الثقافة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى. سنة 1985م، ص 49-50. 
(31) محمد مصطفى القباج ، من قضايا الإبداع المسرحي، مطبعة النجاح الجديد، الطبعة الأولى 1420هـ - 2000م، ص 24
(32) ألفريد فرج، أضواء المسرح، دار الهلال، سنة 1989م، ص 283. 
(33) نفسه، ص 283-284. 
(34) نفسه، ص 285.
(35) نفسه، ص 285. 
(36) يوسف سايفرت، تفاعل الحضارات، دور الفينومينولجيا الواقعية في حوار الحضارات والديانات. ترجمة وتقديم: حميد لشهب، دعم من طرف الأكاديمية العالمية للفلسفة إمارة الليكتنشطاين، الرباط، 2004م، ص 47. 
(37) شوقي ضيف ،الأدب العربي المعاصر في مصر، دار المعارف بمصر، الطبعة الخامسة، 1961م ص 216. 
(38) حنا عبـود، مسرح الدوائر المغلقة، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1978م، ص143 
(39) نهاد صليحة، المسرح بين الفن والحياة، مطابع الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة 2000م، ص 16. 
(40) عبد القادر القط، من فنون الأدب المسرحية، دار النهضة العربية، 1978م، ص 307. 
(41) نفسه، ص 307. 
(42) خالد عبد اللطيف رمضان ،مسرح سعد الله ونوس ،دراسة فنية، الكويت، 1984م، ص 33، 34.. 
(43) نفسه، ص 35. 
(44) عبد الواحد عوزري ،مرجع سابق، ص 218. 
(45) نفسه، ص 219. 
(46) عقيل مهدي يوسف، متعة المسرح ،دراسة في علوم المسرح نظريا وتطبيقيا، دار الكندي للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، سنة 2001م، ص 47. 
(47) محمد نور الدين أفاية، المتخيل والتواصل ،مفارقات العرب والغرب، دار المنتخب العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الاولى، سنة 1414هـ - 1993م. ص 92. 
(48) Jean-Pierre Miquel , le théâtre et les jours, Flammarion, 1986, p 42. 
(49)            Monique Borie et Antonin Artaud ,Le retour aux sources,
 Editions Gallimard, 1989, p 12.  

------------------------------------------------
 المصدر : مجلة نزوى 

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption