أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الجمعة، 1 يونيو 2018

مهرجان لبنان للمسرح الدولي يتحدى التهميش

مجلة الفنون المسرحية

مهرجان لبنان للمسرح الدولي يتحدى التهميش

صور (لبنان) - العرب

المهرجان يُسهم في تأسيس ثقافة مسرحية تحقيقاً للإنماء الثقافي المتوازي في وجه التهميش الثقافي الذي تعانيه بعض المناطق اللبنانية.

وأعلنت إدارة مسرح إسطنبولي وجمعية تيرو للفنون إقامة الدورة الثالثة من مهرجان لبنان المسرحي الدولي في الفترة الممتدة من 23 إلى 27 أغسطس المقبل، في مدينتي صور والنبطية الجنوبيتين، بالتعاون مع وزارتي الثقافة والسياحة ومؤسسة “دروسوس”.

وفتح المهرجان أخيرا باب استقبال العروض للفرق المحلية والعربية والأجنبية الراغبة في المشاركة حتى الـ15 من شهر يونيو المقبل حيث سيقع الاختيار فيما بينها للتنافس على الجوائز.

وأكدت اللجنة المنظمة أهمية إقامة المهرجان الذي “أسس أول تظاهرة مسرحية دولية في الجنوب وفي مناطق مختلفة مع وجود ورش تكوينية وندوات ومناقشات، ما يُسهم في تأسيس ثقافة مسرحية في هذه المناطق، تحقيقاً للإنماء الثقافي المتوازي في وجه التهميش الثقافي الذي تعانيه بعض المناطق اللبنانية”.

وفي تصريح له قال مؤسس المهرجان قاسم إسطنبولي “أطلقنا عام 2014 مهرجان صور المسرحي الدولي، ونصارع من أجل البقاء والاستمرار من خلال المتطوعين وطلاب محترف تيرو للفنون، فنحن متمسكون بالحلم والأمل في ظل غياب السياسات الداعمة للثقافة في هذا البلد الذي تقفل فيه المنصات الثقافية دون أي مبرر منطقي، سوى كونها مساحات حرة ومستقلة ومجانية وغير سياسية”.

وتتنافس العروض في المسابقة الرسمية للمهرجان على جائزة أفضل ممثل وممثلة، وجائزة أفضل إخراج، وأفضل نص، وأفضل سينوغرافيا، وأفضل عمل متكامل، وستقام على هامش المهرجان عروض سينمائية وموسيقية ومعارض فنية.

ويعيد فريق مسرح إسطنبولي حاليا ترميم “سينما ريفولي” في مدينة صور بعد 29 سنة من إغلاقها عام 1988، وسبق له أن افتتح “سينما الحمرا” بعد 30 عاما من إغلاقها، و”سينما ستارز” في مدينة النبطية بعد 27 عاما، وأطلق مهرجان لبنان المسرحي والسينمائي الدولي، فضلا عن تأسيس “محترف تيرو” للفنون للتدريب المجاني على المسرح والسينما والتصوير والرسم في القرى والبلدات

الخميس، 31 مايو 2018

مسرحية "ريمان" تأليف : عزت عفيفي قطب

الأربعاء، 30 مايو 2018

قراءة في كتاب "مَفْهومُ الْمَسْرحِ في الخطاب التنظيري بالمغرب جماعة المسرح الاحتفالي ومسرح النقد والشهادة نموذجين "

الثلاثاء، 29 مايو 2018

إلهام واعزيز: المسرح المغربي قريب من المتلقي

مجلة الفنون المسرحية

إلهام واعزيز: المسرح المغربي قريب من المتلقي

أحمد الكرمالي* -  جريدة هسبريس


قالت الممثلة المسرحية المغربية إلهام واعزيز إن المسرح المغربي "فن يتطور تدريجيا" و"غني" بألوانه ورؤاه الفنية القريبة من اهتمامات المتلقي.

وأضافت واعزيز، في تصريح صحافي بالقاهرة، أن الإبداع المسرحي المغربي بدأ يرسخ حضوره بشكل لافت على الساحة الفنية العربية، سواء تعلق الأمر بالإنتاج وما يقدمه الجيل الجديد من أعمال مسرحية متميزة، أو ارتبط بقيمة البحث الأكاديمي المسرحي وتجذر الكتابة المسرحية المغربية.

ورأت أن تطور الفن المسرحي المغربي، "ينبع من كونه لم يعد يكتفي باجترار أدوات التشخيص المستهلكة، بل يعمل على إذكاء مجال الابتكار والتجديد، واعتماد تقنيات بارعة، وهو ما بدأ يتجسد تدريجيا فوق الركح وعلى مستوى الكتابة الدرامية".

وسجلت أن التجارب المسرحية المغربية، مقارنة بنظيرتها العربية، "ثرية" إن من حيث الأداء والتشخيص الدرامي أو من حيث صناعة الفرجة، مبرزة أن المسرح المغربي "لا يصنع تميزه وحضوره النوعي من محض الفرجة الأدائية ولكن من التشخيص والتنوع وتوقيع الفرجة المتكاملة".

وأشارت إلى أن الفن المسرحي الوطني يحظى بموقع ريادي على مستوى الوطن العربي، لأن المسرحيين المغاربة نجحوا في السنين الأخيرة في توقيع أعمال متميزة استطاعت أن تعزز مستوى الانجذاب الفرجوي ودرجة التلقي لدى الجمهور.

وأبرزت أن الفرق المسرحية الوطنية استطاعت في محافل مسرحية عربية عديدة أن تؤكد حضورها النوعي باستمرار، بإحرازها جوائز تقديرية رفيعة، وهو ما يؤكد بشكل لا يدع مجالا للشك أن "الركح المغربي بات يتجذر بشكل ملفت في الساحة الفنية العربية نظير إبداعات جيل جديد من المسرحيين".

وذكرت واعزيز، خريجة المعهد البلدي بالدار البيضاء، أن صناعة الفرجة المسرحية في المغرب تعتمد بشكل كبير على حرية الإبداع وتميز النصوص المسرحية التي تلامس قضايا ومواضيع راهنية عدة، مضيفة: "ليست هناك أية رقابة على النصوص المسرحية، نحن مثلا في فرقتنا (فضاء القرية للإبداع) المحدثة عام 2005، نقدم، على مستوى الكوميديا، مسرحا يصلح لكل زمان ومكان".

لكن إذا كان المسرح المغربي، تؤكد الممثلة المغربية، يحظى بموقع ريادي على الساحة العربية، بفضل وجود كتاب وممثلين مميزين، فإن ذلك "لا يعفينا من القول بأن هذا المسرح في حاجة إلى دفعة قوية ليسجل حضورا أكبر في المشهد المسرحي الدولي، وحصد مزيد من الجوائز في مختلف التظاهرات المسرحية".

وفي هذا السياق، شددت الممثلة المغربية على ضرورة تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في الفن المسرحي وعدم الاعتماد فقط على دعم القطاع العام (الوزارة الوصية)، مشيرة إلى أن هناك تجارب مسرحية عربية تعتمد على إنتاج القطاع الخاص، وقد تخطت حدود بلدان المشرق العربي، وخاصة المسرح المصري الذي يشرف عليه مسرحيون بارزون يعملون على تأطير وتكوين جيل من المسرحيين في بلدان عربية.

كما يتعين على الوزارة الوصية، تضيف واعزيز، إعادة النظر في مسألة منح الدعم للفرق المسرحية، مشيرة، بهذا الخصوص، إلى أن تقديم منح الدعم قبل إنتاج وعرض أي عمل مسرحي، "لا يحفز هذه الفرق على إنتاج أكبر عدد من الأعمال المسرحية، واستقطاب الجمهور من عدمه، مادامت قد توصلت مسبقا بالدعم قبل العرض".

من جهة أخرى، دعت الممثلة المغربية إلى تسويق الأعمال المسرحية الوطنية خارج المغرب والتعريف بها في مختلف التظاهرات الثقافية والفنية، وحتى الاقتصادية، وتوفير مجالات دعاية أوفر للترويج للإنتاج المسرحي المغربي.

كما شددت على أهمية تنظيم ورشات تكوينية مستمرة لمهنيي المسرح، وكذا الانفتاح على تجارب مسرحية عالمية عبر دورات تكوينية وحلقات دراسية لممثلين ومخرجين وكتاب، وتبادل الخبرات بين الفرق المسرحية.

وبخصوص واقع الممثل المسرحي المغربي، سجلت واعزيز أنه بالرغم من بعض المكتسبات الاجتماعية والمهنية التي تحققت لفائدة المهنيين، ومنها التغطية الصحية، إلا إن الممثل المسرحي "مازال يعاني من قلة الاشتغال بسبب نقص الأعمال المسرحية"، مشددة على أهمية مبادرة "توطين" العروض المسرحية بمختلف مسارح المملكة، التي أطلقتها الوزارة الوصية لتشجيع كل فرقة مسرحية على إنتاج أعمال مسرحية جديدة وعرضها بمنطقة تواجدها.

لكن هذه المبادرة، وإن كانت "فكرة جيدة"، تضيف واعزيز، إلا أنها "لا ترقى إلى طموح مهني القطاع باعتبار أن هذا العدد من الأعمال المسرحية غير كاف ولا يلبي انتظارات المهنيين".

وعن مشاريعها الفنية المقبلة، أكدت إلهام واعزيز، المتواجدة في القاهرة منذ حوالي سنة، أنها تعيش فترة "استراحة" استعدادا لأعمال فنية جديدة، لاسيما في المسرح، معتبرة هذه الفترة "وقفة تأمل وتفكير من أجل توقيع حضور نوعي في أعمال جديدة". وأشارت إلى أنها تسعى، بعد تجربة امتدت لنحو 19 سنة في مجال المسرح والتلفزيون، إلى الخروج من لبوس الصورة النمطية التي اعتاد الجمهور المغربي أن يراها عليها، وخوض تجربة مسرحية من نوع آخر لم تكشف عن مضمونها.

يشار إلى أن الفنانة واعزيز، التي ترأس الجمعية المغربية للفنون المحدثة سنة 2006، شاركت طيلة تجربتها المسرحية في نحو 14 عملا مسرحيا، كان أولها "رجل من الشمس" عام 1999 وهي آنذاك طالبة بالمعهد البلدي بالدار البيضاء، ومسرحية "حمان في سوق النسا" عام 2001، وكذا مسرحيتي "مكتب الحلول" و"واش عندك شي شهود" مع الفنان المسرحي مصطفى الداسوكين.

كما شاركت مع فرقة "فضاء القرية للإبداع" في مسرحيات عدة؛ منها "راس الخيط"، و"سبع الليل"، و"عينك ميزانك"، و"ذاكرة أسماء"، و"جيل الشو".

*و.م.ع

ناشئة الشارقة إبداع في الإيماء وفنون العرائس

مجلة الفنون المسرحية

ناشئة الشارقة إبداع في الإيماء وفنون العرائس

سامح بدر


بَرَع فريق ناشئة الشارقة المسرحي في صناعة وتقديم مجموعة من العروض الاحترافية في فن الإيماء "البانتومايم"، وفنون العرائس وخيال الظل، في معهد الشارقة للفنون المسرحية، وذلك بعد إتقان المهارات وامتلاك الأدوات التي أهلتهم إلى كتابة أفكارهم، وإضافة رؤاهم الإخراجية وإدخال تعديلات على النصوص لقصص  معروفة.

وقدم الناشئة عرضين بفن الإيماء، كان العرض الأول بعنوان " دوام" وجسد ناشئة كلباء من خلاله يوم في حياة موظف في عرض مميز بلغة عالمية يفهمها الجميع، فيما استعرض ناشئة واسط في المشهد الثاني حياة رجل فقير  يجتهد في السعى بحثاً عن لقمة العيش ويتعرض لمفارقات عديدة في الشارع وكان بعنوان "المهرج"، ونالا العرضان استحسان الحضور.

وطبق الناشئة ما تعلموه من تقنيات تحريك العرائس ووفنون التفاعل معها في عرضين متميزين حمل العرض الأول عنوان " ليلي والذئب" لفريق ناشئة واسط، وهي نفس القصة الشعبية المعروفة، ولكن بعد أن أعاد الناشئة صياغتها وأضافوا تعديلات على سيناريو النص، والبناء الدرامي لتسلسل أحداث القصة برؤية جديدة وفقاً لقناعتهم مستخدمين عرائس الطاولة لإنجاز العرض. كما قدم نفس الفريق مشهداً بعنوان "كرة القدم" واستعرضوا من خلاله الساحرة المستديرة الأكثر شعبية بين الشباب وهم يلعبوها.

وأبدع ناشئة خورفكان ودبا الحصن في تقديم عرض بعنوان "حفار القبور" مستخدمين العرائس المحمولة لإنجازه، إلى جانب مهارات العمل الجماعي الذي عزز الانسجام بينهم في انسيابية رائعة، خلقت رؤية فنية واحدة، وصلت إلى الجمهور الذي تفاعل معها بكل سهولة.

وتألق الناشئ طحنون عبيد من ناشئة دبا الحصن في مشهد القناع المحايد، الذي عبر من خلاله عن الحالة النفسية والوجدانية التي يعيشها، في علاقة متناغمة بينه وبين القناع، جسد فيها التعبير عن الذات من خلال تحريك القناع وإدراك أبعاده وفقاً لمشاعره.

وتميز عدداً من الناشئة في تنفيذ الصوت وتصميم الإضاءة المسرحية لعروض الناشئة بعد أن أتقنوا التطبيقات البصرية والصوتية في ورشة أساسيات التقنيات المسرحية التي قدمها الفنان محمد جمال، ليكون الناشئة وللمرة الأولى صناع وأبطال العرض من البداية إلى النهاية والمسؤولين عن كل مجرياته، ليس كممثلين فقط، وإنما كفنيين، وكتاب ومنفذي إضاءة وصوت بعد اختيار الموسيقا المناسبة.

وجاءت هذه العروض نتاجاً لورش تدريب برنامجي "الفنون المسرحية"، و"فنون العرائس وخيال الظل"، اللذين تنظمهما ناشئة الشارقة التابعة لمؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين خلال العام الجاري 2018، ضمن خطتها الطموحة لتعزيز مهارات أبنائها في مختلف ألوان الفنون المسرحية بمستوياتها المتقدمة، بالتعاون مع الهيئة العربية للمسرح، وجمعية المسرحيين في إطار الشراكة الفنية الاستراتيجية بينهم، والتي من شأنها رفع مستوى الثقافة المسرحية للناشئة، وتفعيل تواجدهم الفني محلياً وعربياً وعالمياً.

وفي الختام كرمت فاطمة مشربك مدير إدارة رعاية الناشئة في ناشئة الشارقة، الهيئة العربية للمسرح الشريك الاستراتيجي للمؤسسة وتسلم التكريم غنّام غنّام مسؤول التحرير والنشر في الهيئة، وتم تكريم كل من الفنان سعيد سلامة مخرج ومدرب فن الإيماء في فلسطين على تقديم ورشة فن الإيماء من الحركة إلى المشهد، والفنان الأسعد المحواشي أستاذ مادة فن العرائس بالمعهد العالي للفن المسرحي في تونس على تقديم ورشة فنون العرائس وخيال الظل من الفكرة إلى العرض، والفنان محمد جمال لتقديمه ورشة أساسيات التقنيات المسرحية، كما تم تكريم الشباب المشاركين في إنجاز  العروض من الناشئة المنتسبين والخريجين الذين أثروا العروض بإبداعاتهم، إضافة إلى كل من ساهم في إنجاح العروض وورش عمل برامج التدريب المسرحي وتكريم عدنان سلوم مخرج المسرح وفنون العرض.





الاثنين، 28 مايو 2018

دراسة في "عروض المسرح المدرسي بين التنظير والتطبيق المسرحي "

الأحد، 27 مايو 2018

مسرح محي الدين زنكنه ـ مسرحية الفصل الواحد أنموذجا ... قراءة تقويمية

مجلة الفنون المسرحية

مسرح محي الدين زنكنه ـ مسرحية الفصل الواحد أنموذجا ... قراءة تقويمية

صباح الانباري - النور


العنونة

   شاء الباحث غنام محمد خضر أن يبدأ عنوان كتابه بمفردة (مسرح)، وهي مفردة ذات دلالة عامة لا يغير من عموميتها إلصاقها باسم الكاتب المسرحي محي الدين زنكنه فهي تعني أن غناما سيتناول داخل متن كتابه مسرح محي الدين زنكنه بكليته ،المقروء منه والمنظور، لكنه خلافا لما أرادته العنونة اكتفى بالنصوص المقروءة حسب، مخالفا بذلك دلالة ثريا كتابه ومفتاح قارئه لمعرفة ما سيقرأ داخل الكتاب وهو الخطأ عينه الذي وقع فيه (البناء الدرامي).هذا من جهة، ومن جهة أخرى اختارت العنونة مسرحية الفصل الواحد لتكون أنموذجا والأدق هو أن يتم اختيار الأنموذج من جنس الشئ نفسه ولهذا نجد ضرورة استبدال مفردة (مسرح) بمفردة (مسرحيات) ليكون الأنموذج مختارا منها فيأخذ الكتاب والحالة هذه عنوانه الصحيح (مسرحيات محي الدين زنكنه ـ مسرحية الفصل الواحد أنموذجا).


على سبيل التقديم

ابتدأ د.فائق مصطفى تقديمه لكتاب غنام محمد خضر الموسوم بـ(محي الدين زنكنه ـ مسرحية الفصل الواحد أنموذجا) بإلقاء أضواء خاطفة على تاريخ المسرحية في العراق مؤكدا على أن البابليين عرفوا:

" نوعا من التمثيل المنظم في أعياد رأس السنة البابلية يدور على موت الإله (مردوك) ثم عودته ثانية الى الحياة"

 ليقفز من هذه الاحتفالية قفزة طويلة الى العهد العباسي الذي عرف كما يذكر

" فنونا مختلفة قامت على أكتاف بعض الرواد والقصاصين وتبلورت في ما يسمى ( مسرح الحكواتي ) "

 ومن اجل الدقة والموضوعية نقول أن ما اعتبره د.فائق مصطفى بدايات للمسرح في العراق لم تكن إلا نشاطات وطقوس وممارسات كرنفالية يمكن عدها ضمن الفعاليات والنشاطات والتظاهرات شبه المسرحية أو ما قبل المسرحية التي لم يتسن لها التحول بشكل طبيعي، أو بقفزة نوعية الى المسرح الدرامي فهي إذن نشاطات منقطعة الصلة بالمسرح،  وهي، وأشكال أخرى غيرها ـ لم يذكرها د. فائق مصطفى، وعدها، "شكلا من أشكال المسرح لأن المسرح ليس شكلا واحدا هو شكل المسرح الغربي "ـ ظلت ثابتة في قوالبها الجامدة وممثلة لمرحلتها كما أكد الباحثان د. جميل نصيف التكريتي في كتابه (المسرح العربي ريادة وتأسيس)، والأستاذ محمد غباشي الذي استنتج وجود "صعوبة منهجية في تسمية التظاهرات الدرامية السابقة مسرحاً بالمعنى المحدد للمسرح رغم احتواء بعضها على ألف باء المسرح  كالممثلين والجمهور والنص والملابس والديكور والأصح اعتبارها محاولات مسرحية أو أشكالا درامية فطرية كانت نتاج شروطها التاريخية ولم يكن بإمكانها أن تتحرر من بيئتها أو تتجاوز شروطها التاريخية لتصل الى المستوى الدرامي الذي بلغه المسرح الإغريقي مثلا "  وهنا لا نريد غمط جهد المبدعين من كتاب المسرح وناشطيه الذين قاموا بمحاولات كبيرة وجادة في تأصيل المسرح العربي كالمبدع الكبير قاسم محمد في تراثياته المسرحية والمبدع الكبير عبد الكريم برشيد في احتفالياته المسرحية. وذهب د.فائق الى أكثر من هذا حين أكد على أن:

" طائفة من النقاد والباحثين المبهورين بالحضارة الغربية لا يرون للمسرح إلا شكله الغربي، لهذا نجدهم ينكرون وجود المسرح في الثقافة الإسلامية القديمة"

 وهذا قول مجاف للحقيقة ولا يستند على أدلة واضحة إلا إذا اعتبرنا تلك التظاهرات مسرحا حقيقيا، وهي لم تكن كذلك لفطريتها وعدم تجاوزها لمرحلتها وعدم استجابتها للشروط التاريخية والاجتماعية التي أدت في بلدان أخرى الى ظهور المسرح وتناميه وتطوره. لقد نسي د.فائق مصطفى أن الإسلام لا يقوم على أساس وجود تناقضات بين إرادة الإنسان وإرادة الله كما هو حال الديانات القديمة وهذا يعد بحد ذاته سببا كبيرا حال دون ظهور المسرح في العصر الإسلامي كما أن الثقافة الإسلامية نظرت الى اغلب الفنون على أنها بدعة و ضلالة مآلها النار وقد كانت التعزية الاستثناء الذي كسر القاعدة ،فيما بعد، مع أن التعزية حالها حال التظاهرات الدرامية الأخرى لم تتحول الى المسرح وظلت جذرا لم ينمو له ساق ولا أوراق، وهذا رأي تبناه الأستاذ سامي عبد الحميد في معرض تناوله لمسببات عدم ظهور المسرح وتطوره في الأدب العربي الى جانب رأيه أن الشعر الغنائي عند العرب قد استحوذ على مساحة كبيرة جدا من اهتماماتهم الفنية والأدبية حد أنهم لم يفكروا بفن آخر غيره كالمسرح على سبيل المثال.

وعلى سبيل التقديم أيضا يذكر د.فائق مصطفى أن:

 "القس حنا حبش الذي ألف ثلاث كوميديات يعود تاريخها الى عام 1880لاجل ذلك لقب برائد المسرح الحديث في العراق"

ولأن د. فائق لم يطلع على هذه النصوص الثلاثة لذا اعتبرها (كوميديات) فعلاً وفي حقيقة الأمر أن مؤلفها حنا حبش قد كتبها بشكل بعيد كل البعد عن الكوميديا ،ولكن أغلب الظن أنه تأثّر بكوميديات (موليير) معتقدا أن كل ما يكتب في المسرح يمكن أن تطلق عليه هذه التسمية، ولمزيد من المعلومات سأقوم بنشر صورة المخطوطة كاملة في موقعي الشخصي على الشبكة العنكبوتية، بعد ان نشرت المسرحية الأولى منها وهي بعنوان (كوميديا يوسف الحسن) في موقع (مسرحيون)، ليتسنى للدارسين والباحثين الإطلاع عليها واعتمادها كوثيقة ،لا غبار، عليها من وثائق المسرح العراقي.

ويختتم د.فائق مصطفى سبيل تقديمه مبينا أهمية كتاب (مسرح محي الدين زنكنه ـ مسرحية الفصل الواحد أنموذجا) في نقطتين:

" أما الأولى فتكمن في دراسته ومعالجته لنوع متميز من أنواع المسرحية ، اعني مسرحية الفصل الواحد التي تتناول موضوعات صغيرة تسهل معالجتها في زمن قصير وشخصيات وأمكنة محددة "

 وهذه لا تنطبق على أي من مسرحيات زنكنه ذات الفصل الواحد لان زنكنه لم يكتب في هذا النوع على وفق المنظور التقليدي لهذا النوع من المسرحيات، ففي مسرحياته ذات الفصل الواحد تتسع رقعة الزمان والمكان لتشتمل على أزمان أخرى وأمكنة أخرى وتنويعات مختلفة في وحدة الموضوع، وهذا حال المسرحيات المحدثة التي تتخطى حاجز الزمان والمكان عبر تقنيات الكتابة والإخراج. ثم أن موضوعاتها ليست صغيرة تسهل معالجتها في زمن قصير وان مراجعة سريعة لنصوصه ذوات الفصل الواحد تثبت ما ذهبنا اليه. إن زنكنه على وجه التحديد لا يطرق الموضوعات السهلة في نصوصه ولا يتقيد بقصر زمن النص حتى في مونودرامياته التي تتجاوز مساحة المونودراما واستطراداتها بقدر كبير جدا كما في مسرحيته (تكلم يا حجر). ولي أن اسأل د. فائق هنا عن سبب اعتباره مسرحية الفصل الواحد نوعا متميزا، وبماذا تتميز عن مسرحيات الفصلين أو الفصول الثلاثة غير ما ذكر من الوحدات الثلاث وسهولة تناول الموضوعات؟.



المقدمة  و التمهيد      

    نخرج من (على سبيل التقديم) لندخل في (مقدمة) الباحث غنام محمد خضر التي ابتدأها بتعريف المسرحية معتبرا إياها جنسا "من الأجناس الأدبية النثرية" ناسفاً بهذا الاعتبار المسرحيات الشعرية، التي ما يزال بعض كتابنا ينولون على منوالها حتى وقتنا هذا ومنهم،على سبيل المثال لا الحصر، الكاتب المسرحي علي عقله عرسان والكاتب المسرحي عبد الفتاح رواس قلعه جي ،الذي هجرها أخيرا، فضلا عن استبعاده أن تكون المسرحية جنسا فنيا تمّ تجنيسه أدبيا بمرور الوقت. ويتخذ الباحث من مسرحية الفصل الواحد أساسا تقييميا لدراسة مسرحيات زنكنه و لهذا رأيناه يؤكد على أن الانباري لم يتناول في كتابه (البناء الدرامي في مسرح محي الدين زنكنه) مسرحية الفصل الواحد، ويبدو لي أن غنام لم يطلع على (البناء الدرامي) بشكل دقيق وارتضى لنفسه أطلاق أحكام غير عادلة ولا صحيحة عن هذا الكتاب ولنا أن نسأله هنا: ماذا تعتبر مسرحية (السر) التي تناولتها في كتابك، وهي أول مسرحية تناولها (البناء الدرامي) بالنقد؟ وماذا تعتبر مسرحية (العلبة الحجرية) ومسرحية (لمن الزهور) ومسرحية (حكاية صديقين) ومسرحية (مساء السلامة) أليست هذه كلها مسرحيات فصل واحد؟ أليست هذه خمس مسرحيات من مجموع ثمان تناولها (البناء الدرامي)؟.ولماذا ينبغي على (البناء الدرامي أن يعلن انه تناول ذوات الفصل الواحد ليستأثر بميزة مزعومة في زمن لم تعد الفصول ميزة؟

 ولم يسلم من التقييم هذا طالب الماجستير وليد مانع داغر الجنابي إذ يقول غنام عن رسالته الموسومة بـ (البناء الفكري والفني في مسرحيات محي الدين زنكنه) أنها:

"لم تخصص للمسرحية ذات الفصل الواحد أيضا"

 ليستأثر بالسبق في تناولها مع أن زنكنه نفسه لم يفكر وهو ينجز مشروعه في كتابة أي نص أن يكون في فصل واحد أو أكثر من ذلك مؤمنا أن النص يفرض هذا عليه من داخله وان المعالجة هي التي تفرض أو تفترض مساحة النص.ويقول الأستاذ غنام عن (البناء الدرامي) أيضا انه:

" شكل خللا منهجيا إيراد معلومات كثيرة عن قصص زنكنه ورواياته، لأن الكتاب لا يدور على أدب زنكنه كله وإنما يدور على جانب منه فحسب هو ما يخص مسرحياته"

وهنا اسأل الباحث عن حجم المعلومات الكثيرة التي وردت في الكتاب وخصصت لقصص زنكنه ورواياته ولكي أوفر عليه الوقت والجهد أدون هذه الفقرة من كتاب (البناء الدرامي/سيرة قلم مداده نسغ الحياة) ص10:

"....وان هذه الشخصية الجديدة هي التي خلقت مجموعة ( كتابات تطمح أن تكون قصصا) و سائر مسرحياته ورواياته " ثم أأكد على هذا من خلال تضمين ما ورد بهذا الصدد على لسان ناقدين هما الكبير علي جواد الطاهر والأستاذ حسب الله يحيى. وأسوق هذين السطرين من ص11 :

لقد حرم زنكنه،منذ طفولته، من حرية التعبير عن ذاته بسبب ظروف ذاتية وموضوعية، فمنح تلك الحرية لشخوص قصصه ورواياته ومسرحياته

ثم أقارن بين المسرحية عنده وبين القصة قائلا :

"أما في القصة فانه يقوم بتغليب قواعدها وشروطها..بمعنى انه يطوع عناصر الدراما لبلورة خطابه القصصي وبهذا تكون القصة،عنده، أكثر ميلا الى السردية منها الى الدراما كما في قصة (الشمس الشمس ،اضطراب في ألوان النهار)"

إن هذه الـ،(أما) تشير الى ما قلته عن المسرحية ولا مجال لذكره في هذه الصفحات . وفي معرض تناولي للحوار وردت الجمل الآتية:

"فنحن في القصة أو في المسرحية لا نحتاج الى أن نجعل الشخصية تقول كل شئ"

"إن الحوار في القصة القصيرة وحتى في الرواية لا ينبغي أن يأخذ إيقاعاً مغايراً لإيقاع السرد و إلا بدت القصة أو الرواية مليئة بالإيقاعات غير المتناغمة مع خطها العام"

وفي السياق نفسه أتناول واحدة من قصصه المسكونة بالدراما مستنتجا منها أن زنكنه

"يفهم ،وهذا مهم جدا الكيفيات التي تعمل على نقل هذه العناصر وتحويلها الى حيز آخر بغية تغليب حركية الفعل على سكونية السرد"

وأضرب مثالا تطبيقيا على هذا بقصة (السد..تحطم ثانية) والذي يوضح لمن يعيد النظر فيه أنه متخصص بالجانب الدرامي في هذه القصة ولم يتناولها بكونها قصة حسب وهذا كله يعني أنني لم أذكر مفردة قصة إلا لأبين علاقتها الدرامية بمسرحيات زنكنه. أما عن الرواية فقد وردت هذه الفقرة الختامية اليتيمة :

"إن زنكنه وعلى الرغم من كون المسرح هاجسه وشاغله الأول ،يدخر جزءً من طاقته الإبداعية لكتابة الرواية بين آونة وأخرى"

ثم اسمي الروايات التي كتبها وما كتب عنها وكل هذا ضمن موضوعة (سيرة مبدع مداده نسغ الحياة) فإذا كانت هذه المعلومات على الرغم من ارتباطها بالمنجز المسرحي فائضة من الناحية المنهجية كما يدعي مؤلف الكتاب فأولى بنا أن نغادر عقم المنهجيات وقيودها وسقمها ومحدداتها القسرية.

  

    وبعد المقدمة يأتي التمهيد لدراسة مسرحية الفصل الواحد من حيث طبيعتها وخصائصها، وفيه وجدت الباحث، وبسبب كون دراسته هذه هي في الأصل رسالة ماجستير أشرف عليها د.فائق مصطفى عام 2005 ، قد تعكّز كثيرا على مقولات نقاد المسرح ومنظريه، وهذا التزام منهجي ثقيل جعله ،على مدى خمس صفحات تمهيدية، يتعكّز على تنصيص خمس وعشرين مقولة ضاعت بينها مقولاته الخاصة وتحولت من وجهة النظر الخاصة الى مجرد آليات لعرض تلك المقولات. كما أن أغلبها تمت مناقشته وتحديثه من قبل نقاد محدثين ومنها ،على سبيل المثال لا الحصر، اعتبار المسرحية ذات الفصل الواحد مجرد "تمثيلية قصيرة" في الوقت الذي صار مصطلح التمثيلية رهناً بجنس فني محدد لا يلتقي والمسرحية إلا في كونهما تعتمدان التمثيل والتشخيص حسب. ومن اجل الدقة والموضوعية نورد هنا الكيفية التي حدد على وفقها الكاتب تمهيده لمسرحية الفصل الواحد، وحجم الجهد الذي بذله من اجل ذلك.



بعد الفقرة الأولى مباشرة يقول الباحث:

(تتميز المسرحية ذات الفصل الواحد بـ ) ثم يورد بعد الـ (بـ) تنصيصا من معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية و كما يأتي:

"الحادثة الفردية، أو الحوادث المركزة وبالتفاصيل القليلة ،والحوار الحي، والشخصيات المحدودة والذروة القريبة من النهاية، دون استراحة وتغيير كثير في المناظر . كما تتميز ـ وهذا مهم ـ بوحدة الأثر العام"

وفي الفقرة التي بعدها يقول :

(المسرحية ذات الفصل الواحد نوع من الكتابة النثرية) ثم يورد التنصيص الآتي من  مجلة الأديب :

"يماثل فن القصة القصيرة، ولا يختلف عنها إلا في كون القصة تعتمد السرد ، في حين تعتمد المسرحية على الدراما الجدلية"

اختصارا وعلى هذا المنوال يختتم الباحث تمهيده كما يأتي:

(أما النهاية فتحدد لنا مدى نجاح أو إخفاق المسرحية، وبما أن المسرحية ذات الفصل الواحد تركز على حالة إنسانية واحدة ، فالنهاية ينبغي أن) ويورد التنصيص الآتي:

"تكون قصيرة بل اقصر من البداية. وهي عادة ما تتكون من كلام أو اثنين أو أحيانا من حركة إيحائية تعبر بصورة مؤثرة عن ردود الفعل العاطفية للشخصيات"

لينهي استنتاجه الأخير قائلا:

(وبهذا نقول ان الحبكة في المسرحية ذات الفصل الواحد، إنما تجئ مختلفة عن حبكة المسرحيات الطويلة، من حيث القصر في سلسلة الأحداث وتطورها من البداية، ثم الذروة وحتى النهاية أو الانفراج.)

فإذا كانت الدراسة المنهجية تفرض على الطالب ركن وجهات نظره وراء كواليسها فان تقديم الدراسة بكتاب مطبوع مسألة لا تخضع لإرادة المنهجيات بل لما يريده الكاتب حسب. وكان الأجدر به أن يعيد كتابة تمهيده من جديد بعيدا عن الموجهات المنهجية الصارمة وقيودها الرسمية لنلمس جهده الشخصي وهذا هو الأكثر أهمية في التأليف.



الفصل الأول ـ المسرحية

        بعد التقديم والمقدمة والتمهيد يأتي الفصل الأول بعنوان (المسرحية) ليدخلنا الباحث في مدخل جديد، وما أكثر المداخل في كتابه، يتناول فيه هذه المرة تاريخ المسرحية في القرن الخامس (ق م) ويتوقف هذا التاريخ عند حدود معرفة الطليان بوحدتي الزمان والمكان. وبسرعة وعجالة يلقي الكاتب أضواءه الخجول على لغة المأساة وشخصياتها ثم يستنتج في نهاية مدخله القصير ما يأتي:

   "وبعد هذه النقاط التي حددها أرسطو من خلال تعريفه للمأساة أصبح هناك منهج يسير عليه كتاب المسرحية في بناء المسرحية، عرف باسم (البناء التقليدي للمسرحية أو البناء الارسطي"

ولا ندري لماذا اقتصر المدخل على القرن الخامس (ق م) حسب؟ وما علاقة ذلك القرن بمسرح محي الدين زنكنه ؟ وما حاجتنا لمدخل مثل هذا في كتاب مخصص لمسرحيات زنكنه؟ وهنا أعود لألقي تبعة هذا المدخل على كون الدراسة هي في الأصل رسالة ماجستير خضعت لإرادة المشرفين عليها ،والتزمت بالمحددات المنهجية للبحث حتى وإن كانت ،هذه المحددات، لا تؤدي وظيفة محددة.



المبحث الأول ـ الحبكة والصراع

  ومن مدخل (المسرحية) الى مدخل (الحبكة) وتعريفاتها المختلفة حيث يقوم الباحث بنقل تعريفات ووجهات نظر من سبقوه في العصور القديمة دون أن يخرج منها بتعريف ذي طبيعة استنتاجية. ومن تناوله للحبكة بشكل عام ينتقل الى الحبكة في مسرحيات محي الدين زنكنه، ويضرب مثالا على ذلك مسرحية (هو هي هو) ويقوم بشكل تطبيقي ،وللمرة الأولى، بتحديد مفاصل الحبكة ومساراتها وتصادم تلك المسارات في حبكة متماسكة مشتملة على قانون الوحدات الثلاث على حد قول الباحث. وفي النصف الثاني من مبحث الحبكة يتناول الباحث علاقة الموضوع بالحبكة فيقدم شرحا تقريريا لنص مسرحية (السر) ثم يعود ليعرض بعض جوانب النص (الموضوع) ليتوصل الى وجود علاقة وثيقة بينهما وكان الأفضل أن يوضح مسارات الحبكة فقط دون الدخول بتفاصيل الموضوع كي نرى الكيفية التي على وفقها تصادمت تلك المسارات داخل النص ،وكيف أن الحبكة حتمت ضرورة فرض هذا التصادم بشكل طبيعي.

  إن حبكة أي نص مسرحي جيد تعتمد على خبرة كاتبه فقط، وكاتب مثل زنكنه لا يحتاج الى أن يفكر بالحبكة ومساراتها كثيرا لأنه يتحكم بها من خلال خزينه التقني والمعرفي(الإبداعي). هنا يتخلص الباحث من الاستشهاد والتنصيص لينفرد صوته في الشرح والتحليل والتأويل.

وكما وضع الباحث مدخلا لمبحث الحبكة فانه فعل الشئ نفسه مع مبحث الصراع الذي قسمه على صراع خارجي وآخر داخلي .يقول مفتتحا المدخل أن:

"المسرحية جنس أدبي يقوم على الصراع"

وحقيقة الأمر أن المسرحية جنس فني، تكتب لتمثل من على خشبة المسرح، ولم تأخذ شكلها الأدبي المعروف إلا بعد أن قام برنادشو بكتابة مسرحياته كتابة أدبية بعد أن لاحظ أن فرصة مشاهدتها من على الخشبة وانتشارها فرصة ضئيلة. وفي تطور لاحق صار كتاب المسرحية يهتمون بالجانب الأدبي اهتماما متزايدا ًخاصة بعد أن صارت فرص القراءة أكثر من فرص المشاهدة، وقد أدى هذا الى كتابة مئات النصوص المسرحية القابلة للقراءة الأدبية من على الورق، والمشاهدة الحية من على خشبة المسرح. كما أدت هذه الأدبية الى وقوع عدد من كتاب المسرح في شركها الذي جعل أمر تنفيذ نصوصهم على الخشبة مستبعدا بشكل كبير.ويضرب الكاتب مثالا على الصراع الخارجي بمسرحية زنكنه (هو.هي .هو) زاعما أن القضية في حقيقتها هي :

"قضية الصراع بين الشك واليقين، أو الشرق والغرب ، أو الماضي والمستقبل"

وهذا زعم غير دقيق لأن قضية الصراع تدور ،فقط، حول مسألة الشك واليقين ولا علاقة للشرق والغرب بها لا من قريب ولا من بعيد، وليس ثمة ما يدل على غربية (جلال) وشرقية (دلير) فكلاهما يفهم الأمر بشكل متعقل وباتزان وواقعية. ولو استمر الكاتب على إبراز الصراع بهيئة هجوم ودفاع ،فقط، لكان قد حقق اقتراباً أكثر من جوهره الذي خطط له زنكنه بدربة ودراية عاليتين. وقد أحسن الباحث في تأويله لدلالة الزهور والأشجار وارتباطهما بحياة الشخصية لكنه يعود ليجعل المسألة ثانية بين الشرق والغرب إذ يقول أن:

"مريم تحلم بالانتماء الى الغرب، أما (دلير) فيتمسك بالشرق وبالماضي الأصيل ولهذا حصل افتراق بين مريم ودلير"

ان سلوك (مريم) وتصرفاتها المبنية على أساس سوء ظنها بالآخر، سواء أكان هذا الآخر زوجها السابق أو حبيبها اللاحق، وانطلاقا من حبها وتمسكها الجنوني غير المتوازن بابنتها (شلير) لا يعني إلا وجود خلل في حياتها أدى الى اضطراب شخصيتها والى عدم تمييزها بين أمرين أهونهما أكثراهما قسوة عليها. وهذا كله سلوك لا ينتمي في مظهره العام أو الخاص الى الغرب. وليست في النص ثمة أية إشارة الى هذا وفقط أراد الباحث التأويل بلا دليل سوى ما يراه أو ما يظنه مناسبا لهذه الحالة. لقد تذرع الكاتب ببنيتي "التحرر والاستقلال" للاستدلال على غربية (مريم) وكأن المرأة الشرقية لا تتحرر إلا على وفق الطريقة الغربية حسب، وهذا فهم غير منطقي ولا معقول وإسقاط ،لا مبرر له، لسلوك مألوف على آخر غير مألوف إذا أخذنا واقع الشخصية ،داخل النص، بنظر الاعتبار.

ويذهب الباحث الى أبعد من هذا عندما يزعم أن (دلير) قد انتصر على (جلال)

" انه انتصار الماضي ضد الدخيل ومرض شلير هو مرض الواقع والانحدار الحاصل وكل مرض زائل إذا كان الماضي أصيلا"

وهذا تخبط في التفسير واضطراب في التأويل لأن جلالا ليس دخيلا على حياة دلير فالمرأة أحبته وأرادت أن يكون لها زوجا وأبا لابنتها وهو متفهم لهذه الحالة ولم يقحم نفسه في قضية البنت مع أبيها لأنه يفهم فهما موضوعيا أن الصغيرة هي ابنته من الناحية الشرعية والإنسانية وبالتالي مرض الطفلة لم يكن مرض الواقع لان الواقع عبر عن نفسه من خلال السلوك العام للشخصيات الثلاث وهذا كله ينفي مسألة الدخيل والأصيل نفيا تاما لان القضية تكمن في تراكمية الشكوك واضطراب اليقين والانزلاق وراء الوساوس والأوهام لامرأة متعلقة بطفلتها بعد ان حرمت نفسها من الرجل الذي كان الى جانبها على الدوام.

إن الصراع في هذه المسرحية ،حسب ما أراه، يبدأ إشارياً من عنونتها (هو.هي.هو) فالشخصيات الثلاث غيّب زنكنه أسماءها من العنونة ،بشكل مقصود، محولاً إياها الى معادلة تشي بطبيعة الصراع الذي يواجهنا داخل متن المسرحية والذي تشكل (هي) بؤرته بينما يشكل (هو) و(هو) الآخر طرفيه.(هي) هدف الطرفين الذين يعملان من اجل الوصول إليه. وبين هذا وذاك تدخل (هي) في صراع معهما ليكون الصراع العام مركبا من الأطراف الثلاثة ومتداخلا بينهم ولا وجود لصراع الطرفين (هو) و (هو) مع بعضهما لوجود الفاصلة (هي) بينهما وبهذا يكون زنكنه قد عمل ،بخبرة لا تنقصه، على بيان مسار الصراع وشكله العام ابتداءً من ثريا نصه المسرحي وهذا أمر مهم للغاية.



أما بالنسبة للصراع الداخلي فيضرب الباحث مثالا على ذلك بمسرحيتي زنكنه (مع الفجر جاء، مع الفجر راح) و(العلبة الحجرية) وقد جاء تعليق الباحث على الصراع في هاتين المسرحيتين مقتضبا فتجنب بهذا الاقتضاب الوقوع بالأخطاء التقييمية. وهنا أود أن أشير الى ضرورة تصحيح اسم الناقد (ملفون ماكس) الذي ورد في التنصيص  المرقم (46) وصحيحه (ميلتون ماركس) كي يكون التنصيص دقيقا لا لبس فيه. وبهذا التصحيح نكون قد انتهينا من مطالعة المبحث الأول المتضمن على بنيتي الحبكة والصراع لننتقل الى المبحث الثاني المتضمن على الشخصيات الرئيسة والثانوية.



المبحث الثاني ـ الشخصيات

وفي مدخل هذا المبحث كما في المداخل السابقة يسقط الباحث ضحية أقوال نقاد المسرح ودارسيه فهو يربط الأقوال ببضع كلمات من عندياته وفي النتيجة يفقد المدخل هوية كاتبه، وتراني  أشدد على هذه النقطة المهمة لأنها وردت في كتاب مطبوع وتجاوزت كونها دراسة مقدمة لنيل شهادة الماجستير منذ عام 2005.ولا أظن الكاتب أدخل عليها التعديلات اللازمة والمتوائمة مع طبيعة الكتب النقدية المطبوعة. ومن الملاحظ أيضا أن الباحث اعتمد في تحديده للشخصية المقنعة بأبعادها الطبيعية والنفسية والاجتماعية على غيره من الكتاب ولم يأت بأي جديد في موضوعة الشخصية.ويقسم الباحث الوظائف على مجموعتين:

"أولا : الشخصيات الرئيسة

ثانيا : الشخصيات الثانوية"

في الشخصيات الرئيسة يتعكز الكاتب منذ البدء على ما قاله الأستاذ إبراهيم حمادة في وصفه الشخصية الرئيسة بأنها:

"الممثل الأول الذي كان يلعب الدور القيادي في الدراما الإغريقية ،ثم يلعب أدوارا أخرى في نفس المسرحية. أما الآن فهو الشخصية التي تلعب الدور الأساسي في المسرحية"

وهذا قول ضعيف لأن المسرحية الواحدة قد تتضمن على عدة شخصيات رئيسة  تتقاسم الأدوار الأساسية كما تتضمن على عدة شخصيات ثانوية تتقاسم الأدوار الثانوية وهذا التقسيم غير مقتصر على النص المكتوب حسب بل وعلى العرض أيضا لهذا لم أجد ضرورة لعبارة إبراهيم حمادة "المسرحية كنص مكتوب" ولعل جملة الباحث التي ذكرها بهذا الخصوص:

"كلما كانت الشخصيات متكافئة في القوة كان الصراع أقوى"

فيها ما يعزز فكرة وجود أكثر من شخصية رئيسة في المسرحية وقد يصل الأمر حد انتصار الشخصية الثانية (الشريرة) على الشخصية الأولى(الخيرة) وهذا النوع من الشخصيات هو الذي يستأثر بمساحات كبيرة في أغلب نصوص زنكنه باستثناء شخصياته المحورية.

وفي مفتتح حديث الباحث عن البطل الغائب يتعكز ثانية على ما قاله الأستاذ حمادة في الوقت الذي كان يمكن أن يكتفي بما قاله هو عن هذا البطل وهو قول واف وكاف حسب ما نراه. ويضرب مثالا على ذلك بمسرحية زنكنه (الأشواك) وبطلها الغائب (نوري) الذي اعتبره في الوقت نفسه بطلا محوريا من خلال تأثيره على سير أحداث المسرحية كلها وهذا استنتاج سليم.وعودة للشخصيات الأساسية نقول أن شخصية الدكتور، وشخصية صابر، وشخصية سهام هي في حقيقة الأمر شخصيات أساسية شكلت ثلاثة أقطاب متكافئة قادت المسرحية الى نهايتها.

وفي مفتتح حديثه عن البطل المثقف يتعكز على مقولة د. محمد عابد الجابري ويضيف من عندياته أنه:

"ينتمي الى الطبقة المثقفة في المجتمع كما يمثل تلك الطبقة من خلال طرح معاناتها ومشكلاتها"

وهنا سقط من حيث لا يدري بخطأ واضح عندما اعتبر أن المثقفين يشكلون طبقة واحدة لأنهم في حقيقة الأمر يمثلون فئة اجتماعية لا تكون متجانسة بالضرورة ولأن التجانس قانون الطبقات لذا من الخطـأ أن نطلق هذا المصطلح على أية فئة اجتماعية.ويضرب لنا مثالا على ذلك بمسرحية زنكنه (موت فنان) والفنان هنا ينظر الى الجمال نظرة مثالية خالصة أدت ،حال اكتشافه لما يسئ الى مثالية  وطهر الجمال، الى سقوطه ميتا، وبسقوطه تكون المثالية قد سقطت أيضا بينما ظل الواقع قائما. إن هذه المسرحية لا تعكس بالضرورة صراع القيم الجديدة مع القديمة كما زعم الباحث ،على لسان غيره، وإنما تقوم على مصادمة بواعث شخصيتين مختلفتين الأولى تنطلق ،في فهما لما يدور حولها، من سموها الذاتي ونبلها الأخلاقي، والثانية تنطلق من إحساسها بوطأة واقعها الاقتصادي القاسي عليها.ويستنتج الكاتب أن:

"التصارع بين القيم الشريفة والنبيلة والقيم غير الأخلاقية ،يعكس لنا وعي الكاتب لأزمات المجتمع"

وهذا استنتاج غير دقيق إذا أخذنا بنظر الاعتبار ظروف الشخصية الثانية والتي َتبيّن لنا من خلالها مسببات جنوح المرأة الى المقايضة  بجمالها.

وجريا على عادة الباحث نطالع ،في مفتتح قوله عن الشخصية الثانوية تنصيصا يحدد دورها في المسرحية بأن:

"يكون ظهورها على خشبة المسرح أقل من ظهور الشخصية الرئيسة"

وهذا تحديد ضعيف ولا يصح مع بعض الأعمال المسرحية فلو أخذنا مسرحية زنكنه (الأشواك) مثالا لوجدنا أن الشخصية الثانوية (المرأة) قد ظهرت على خشبة المسرح في الوقت الذي لم تظهر فيه الشخصية الرئيسة (نوري) على خشبة المسرح إطلاقا.ويكمل تنصيصه القائل أن:

"الشخصية الثانوية ذات موقف ثابت لا يتغير مع تغير الأحداث، إذن فان الشخصية الثانوية تكون ملازمة لحالة واحدة"

وفي واقع الحال أن  حالة الشخصيات ،الرئيسة منها والثانوية، يتغير على وفق التغيرات التي تطرأ على أحداث المسرحية (تكتيكياً)  ولا وجود لحالة ثابتة لا في الحياة ولا في المسرح. فالحياة على هذه الأرض ،كما قيل في الماضي، معناها التغير والكمال معناه كثرة التغير. 



المبحث الثالث ـ الحوار

في هذا المبحث يتخلى الباحث عن كتابة مدخل له خلافا لعادته التي سار عليها في المبحثين السابقين مستعيرا تعريف الحوار من الأستاذ عبد العزيز حمودة القائل ان الحوار هو:  

"أداة لتقديم حدث درامي الى الجمهور دون وسيط، هو الوعاء الذي يختاره، أو يرغم عليه الكاتب المسرحي لتقديم حدث درامي يصور صراعا إراديا بين ارادتين تحاول كل منهما كسر الأخرى وهزيمتها"

وبعد التعريف يستنتج ان:

"ما يميز المسرحية بوصفها - جنسا أدبيا - عن القصة والرواية هو الحوار لأن القصة والرواية تستخدمان الوصف والتحليل وهذا يكون عن طريق السرد، أما المسرحية فتعتمد اعتمادا كليا على الحوار"   

ضاربا عرض الحائط أن الرواية والقصة قد تستخدمان الحوار ،كما هو الحال في أغلب قصص وروايات زنكنه، بتقنية يقصد منها  إيصال أو توثيق مجريات حالة ما من حالات الشخصية المتحاورة. وإن كان ثمة فرق بين الحوارين فان ذلك الفرق يكمن في أن الحوار في القصة والرواية مقروء بينما يكون في المسرحية منطوقاً وهذا هو عين ما ذكرته في (البناء الدرامي) في الصفحة (13). ثم ينتقل بنا الى موضوعة الحوار في مسرحيات زنكنه ذات الفصل الواحد زاعما انه:

"جاء في أغلبها مطابقا لخصائص المسرحية ذات الفصل الواحد من حيث قصر الحوار وكثافته ثم من حيث وظائفه الدرامية"

ويضرب لنا مثلا على ذلك ما دار بين (الحارس) وبين (مسعود) من مسرحية (الشبيه) ناسيا أو متناسيا أن لمسعود هذا حوارات طويلة أو غير قصيرة كحواراته في الصفحة 242 و 243 الخ..وهذا يعني أن زنكنه لا يحدد استخدامه للحوار ،طولا وقصرا، على وفق المحددات التقليدية لأنه يؤمن أن نصوصه تبتكر محدداتها الخاصة التي طالما حفزت في نفوس المخرجين ،من أجيال مختلفة، رغبة العمل على إخراجها.ولا يقتصر هذا على مسرحيات زنكنه ذات الفصل الواحد حسب بل ويتعداه الى مسرحياته الطويلة أيضا.

وضمن موضوعة الحوار واللغة يتناول الباحث اللغة الفصيحة والعامية. وبعد طول شرح وكثرة تنصيص واستشهاد بنصوص يخرج بخلاصة مفادها أن:

النماذج التي استشهد بها كشفت عن أن لغة زنكنه جاءت خالية من التعقيدات والجمل الاعتراضية والشرطية الطويلة. وهنا أود أن أضيف أن زنكنه كتب واحدة من مسرحياته باللهجة العامية وهي مسرحية (الإجازة) التي قدمتها في بعقوبة فرقة نقابة الفنانين، وفي السليمانية فرقة المسرح الطليعي.

ويرى الباحث في موضوعة الحوار والصورة أن المؤلف المسرحي يمكن بوساطة الصورة أن:

"يعبر عن طبيعة الألفاظ، ويكشف عن علاقات جديدة كي تصبح اللغة مشخصة المعنى"

فالصورة عنده كما يقول جيرار جينيت:"هي أية هيئة تثيرها الكلمات الشعرية بالذهن شريطة أن تكون هذه الهيئة معبرة وموحية في آن"

ويضيف مستنتجاً:

"إذن يأتي استعمال الصورة الفنية في المسرحية النثرية ، وسيلة للإدراك العميق والمشاعر العميقة وتجسيد مواقف مهمة في المسرحية فتأتي الصور مكثفة لكنها تحمل معان عميقة"

أن الباحث هنا تناول صورة الملفوظ المسرحي ،فقط، من منطلق أدبي بحت، وأهمل الصورة المسرحية باعتبارها بنية أساسية من بنى النص المقروء والعرض المنظور وقدرة تلقيها ذهنيا في حالة القراءة وبصريا في حالة المشاهدة. هذه الصورة لا تثيرها (الكلمات الشعرية) أو (شاعرية الكلمات) لأنها تتشكل جماليا داخل منظومة العمل الدرامية نفسها، وعلى أساسها يمكن الوصول الى تفسير وتأويل ما تعرضه صور المسرحية ككل متكامل (جشتالت).ولا تخفى على أحد تجربة تناول الأعمال المسرحية نقديا من خلال منظومتها الصورية. الصورة إذن قيمة جمالية أو وحدة قيمية لمعرفة ما تروم إليه أية مسرحية متكاملة وهي ليست حكرا على مسرح دون آخر ،كمسرح الصورة على سبيل المثال، لأن القاعدة العامة فيها بنيت على أساس عدم وجود مسرح بلا صورة.



 الفصل الثاني ـ المسرحية التجريبية

   في مدخل )المسرحية التجريبية( قدم لنا الباحث تعريف النقاد، والمنظرين للمسرحية التجريبية وألقى الأضواء على تاريخها زاعما أنها:

"ظهرت حديثا على أيدي مجموعة من الكتاب الغرب أمثال بريخت، وبيراندللو، وبيكت وغيرهم "

ثم يستنتج بعد التعريف أننا:

"نستطيع القول ان التجريب يعني الاختلاف عن الأشكال والتقاليد المتوارثة"

وهذا الاستنتاج مأخوذ من كتاب هدى وصفي (التجريب في المسرح المصري).

وعلى النطاق العربي حصر التجريب أول الأمر بالرواية ثم بعد ذلك بالقصة القصيرة إبان ستينات القرن الماضي كما أشار الى ظهوره في المسرحية العربية والعراقية .ومن الأمور التي ساهمت في بلورة فكرة التجريب ،على حد زعم الباحث، ترجمة العديد من المسرحيات التجريبية الغربية.

الباحث في هذا الفصل، كما في الفصل السابق، ظل معتمدا اعتمادا كبيرا على مقولات غيره، ولم يخرج من معمعة (العبث) باستنتاج خاص من عندياته. وقد استخدم ،كعادته، الكثير من المراجع والمصادر المهمة التي درست مسرح العبث بشكل تفصيلي والتي نقل عنها ولم يأخذ عصارتها أو يمزج تلك العصارة مع ما لديه من أفكار في الموضوع نفسه .ما يهمنا ،في هذا المبحث، هو تعامله مع نص زنكنه الذي درسه كأنموذج متأثر بهذا التيار المسرحي إذ يقول:

"إننا لاحظنا كيف تأثر هذا الكاتب بمن سبقه من كتاب مسرح العبث وسار على نهجهم في مواضع عدة"

لاصقا بزنكنه تهمة التأثر والسير على نهج من سبقوه من كتاب مسرح العبث وكأن زنكنه كاتب مبتدئ مهيأ للتأثر بهذا المنهج أو ذاك فيسير ،من حيث لا يدري، عليه ،ومع كل ما لكتاب العبث من أهمية وقدرة عالية وشهرة واسعة ونجومية هائلة و..و ..الخ لا يمكن ان يسقط كاتب مثل زنكنه في مسقط التأثر بغيره. لنقل، بشكل سليم، انه أخذ من مسرح العبث ما يلائم نصه وتجربته الجديدة مطوعا إياه لخدمة نهجه الخاص وهذا هو ما فطن إليه ،قبلنا، الناقد الكبير ياسين النصير.وهذا هو عين ما فعله زنكنه مع المناهج الأخرى. إنه وهو يطوع هذه المناهج  لمشروعه الإبداعي، لا يريد أن يعلن عن نفسه ككاتب ضمن هذا المنهج أو ذاك لأن ما يفعله ،فقط، هو تطويعها  لمنهجه الذي عرف به ككاتب من طراز خاص.

لقد حاول الباحث في تناوله لنص زنكنه (صراخ الصمت الأخرس) أن يستدل على عبثيته من خلال الشخصيات ذاكرا أن زنكنه عمل على:

"أن لا يطلق عليهما أسماء معروفة ويكتفي في التمييز بينها بأن يعطي كلا منها رقما هي (الأول والثاني)، مجاريا بذلك العبثيين في تحويل الإنسان الى رقم" 

وهنا أود أن أوضح مسألتين: الأولى هي أن منح الشخصية رقما لا اسما ليس من باب تهميشها بل من اجل منحها صفة عامة فالأول هو كل شخص يحمل الصفات والمواصفات نفسها وكذلك الثاني والثالث..الخ وهذه الطريقة في التسمية غير مقتصرة على كتاب العبث دون غيرهم وسيجد الباحث ،إن أراد، عشرات النصوص التي استخدمت الترقيم بدل الأسماء ولم تكن أيا منها مسرحية عبثية فضلا عن أن مسرحية (في انتظار غودو) ،وهي الأشهر بين النصوص العبثية، لم تستخدم الترقيم بدل الأسماء إذ أطلق الكاتب على شخوص المسرحية أسماء من قبيل استراغون وفلاديمير.أما المسألة الثانية فتكمن في أن كتاب العبث واللامعقول لم يحولوا الشخوص الى مجرد أرقام بل وضّحوا أن الحياة ما بعد الحرب ،في أوربا، هي التي حولت الإنسان الى رقم حسب. وكذلك الحال مع زنكنه الذي اسقط تبعة ذلك على مجمل الحياة الاجتماعية والاقتصادية المتردية في عالمنا العربي.  في عالمنا ،دوما، ثمة عوامل مشتركة أو محبطات مشتركة كاليأس والسأم والضجر واللاجدوى والانتظار وان الكتابة عن أي من هذه المحبطات لا يعني تأثر كاتب ما بطرائق تناولها فألبير كامو ،على سبيل المثال لا الحصر،استنتج أن السأم هو "محصّلة لفعل الانتظار، وكلاهما نتاج واحد لانهيار العقل والجسد معاً سببه الروتين والعادة،" كما انه فطن الى لا جدوى الحياة فكتب واحدة من أهم أعماله (أسطورة سيزيف) فهل يعني هذا أن كاتبا مثل كامو قد تأثّر بغيره أو أثّر على غيره من كتاب العبث واللامعقول؟! التأثير يحدّث في حالة عدم اكتمال التجربة الإبداعية، وعدم بلوغها حد التفرد حسب.

وعودة الى نص زنكنه (صراخ الصمت الأخرس) نجد أنه اختار اللامعقول لأن ما يحدث على ارض الواقع العربي غير معقول بالمرة وغير إنساني وغير قابل للتصديق ومناقض تماما لما تروجه وسائل الإعلام في كل مكان.إن تلك الوسائل تقول بغنى الناس وتخمتهم، وفي واقع الحال أنهم يعانون من الجوع حد بحثهم عن اللقمة في المزابل. وتقول بسمو أنظمتنا عن الرذيلة وهي مغرقة في الرذائل وتقول بديمقراطيتها وهي مؤسسة على الخوف والترهيب. وربما هذا هو ما شجع مخرجا كبيرا كالراحل المبدع عوني كرومي على إخراج هذه المسرحية مبينا أن حجم المأساة التي يعيشها الناس في هذا الزمان أكبر من الحد المعقول.ولذلك نراه قد وضع على خشبة المسرح عشرات الأجهزة الإعلامية التي يتوسطها مقعد المرافق الصحية في إشارة الى ما تفعله تلك الوسائل بطرق قذرة جدا.ومن ثم فان المسرحية تلقي علينا أسئلتها الآتية :لماذا لا نكافح الجوع بدل ترك الجياع مجبرين على سرقة لقمة تفضي بهم الى قطع أيديهم ومن ثم أرجلهم؟ ولماذا لا يمنح الجائع حق الجهر بجوعه؟ ولماذا يخاف الناس البوح بمعاناتهم وهم يعيشون ضمن أنظمة تدعي الديمقراطية ولماذا ..ولماذا..وتكثر الأسئلة وتتناسل من داخل النص الى خارجه لتشتمل على مفاصل أخرى من حياتنا المضجرة. ولكل هذا ومن اجله اختار زنكنه هذا الشكل ليصب فيه فكرته عن (صراخ الصمت الأخرس).



     في مبحث المونودراما يستعرض الباحث أصل المصطلح المشكّل من مفردتي mono و drama وأهم الترجمات له فمنهم من ترجمه على انه (دراما الممثل الواحد)  0ne man showومنهم من ترجمه على أنه (المسرح الفردي) mono actor ومنهم من استحدث تسمية عربية له بدمج مفردتي (مسرحية) و (وحيد) لتصبحا (مسرحيد).وعلى الرغم من اختلاف التسمية إلا أن المعنى المراد من وراء هذه التسميات هو المسرحية التي يقوم بتمثيلها ممثل واحد. ويتفق الباحث مع الرأي القائل:

" إن بذورها وجدت منذ الدراما الأولى، ونلمحها في المشاهد التي كان البطل فيها في المسرحيات اليونانية القديمة ينفرد بالحديث مدة طويلة بينما ينصت الجميع له في صمت حتى ينتهي"

إن هذه البذرة يجب أن لا نعوّل عليها كثيرا لأنها ليست سوى نشاط درامي سابق لجنس المونودراما، وإن الظروف التي أدت إلى ظهور الممثل في المسرح الإغريقي كانت نابعة من الحاجة الماسة إليه. حاجة لم تتوقف عند حدود الممثل الواحد بل تعدته إلى اثنين وثلاث حتى أخذت المسرحية شكلها التقليدي. كما أنها افتقدت إلى أهم ميزات المونودراما ألا وهي أزمة الشخصية الوحيدة، فالأزمة في النصوص الإغريقية يتداخل  فيها ما هو فردي مع ما هو جماعي ومن أمثلة ذلك مسرحية (اوديب ملكا) إذ تتداخل فيها أزمة اوديب (البحث عن السر) مع أزمة الشعب المنكوب (جراء ذلك السر).المسألة هنا أشبه بمن يريد أن يثبت أن المسرح عندنا تشكل من النشاطات ما قبل المسرحية التي تحدثنا عنها في الصفحات السابقة. وبغض النظر عن كل مميزات المونودراما الحديثة تبقى ميزة استبعادها القسري للآخر هي من أشد ما تؤاخذ عليه.وهي لهذا تحاول التخفيف من حدة هذه المؤاخذة عن طريق احضار الآخر أو ما يعوّض عنه داخلها كما هو الحال في مونودراما زنكنه الموسومة بـ (تكلم يا حجر) إذ تظهر على المسرح شخصيتان على الرغم من أن الشخصية الثانية تظل صامتة إلى نهاية المسرحية فضلا عن استخدامه للصوت الحي لشخصية نسمعها ولا تظهر على خشبة الأحداث. أما في مسرحية (مساء السلامة أيها الزنوج البيض) فان زنكنه يستخدم ما يعوّض عن الآخر كالحضور الافتراضي للزوجة وغيرها. ثم أن المسألة في النهاية ليست مسألة "خرق أحادية الصوت " حسب ،بل هي التعويض الفني عن الآخر الذي غيبه النص.

 في ختام هذا المبحث يستنتج الباحث:

"أن هاتين المسرحيتين متشابهتان من حيث الموضوع "

ولا أعرف من أين جاء الباحث بهذا الاستنتاج غير الدقيق فلا تشابه بين الموضوعين ولا تشابه حتى بين الفكرتين والشخصيتين.

وعلى المنوال نفسه يتناول الباحث موضوعة المسرح الملحمي بالشرح والاستشهاد ومن ثم الانتقال الى ملحمية مسرحيات زنكنه التي يضرب لنا مثالا عليها بمسرحية (حكاية صديقين) ثم ليختتم دراسته باستنتاج عام مسك الختام فيه دعوة وجهها للإفادة:

"من هذه المسرحيات في تدريس مادة (العربية العامة) المقررة في كليات جامعاتنا،كنصوص أدبية"

نتمنى أن نكون قد حققنا ،بهذه القراءة، إضاءة الجوانب التي خفي بعضها عن باحثنا المثابر غنام محمد خضر أو التي فاته ذكرها في زحمة عنوانات مباحثه وموضوعاتها الكثيرة.وأن نكون قد وفينا ولو بجزء يسير من استحقاق كبير لكاتبنا المبدع الكبير محي الدين زنكنه علينا: كمتابعين، ونقاد، ومبدعين.

كتاب «تاريخ النقد الأدبي الحديث»

مجلة الفنون المسرحية

كتاب «تاريخ النقد الأدبي الحديث»

يحدد الناقد الأميركي رينيه ويليك مهمة النقد الأدبي بأنها دراسة للأدب بوصفه ظاهرة جمالية لها طابعها الخاص، فالعمل الأدبي ليس وثيقة اجتماعية أو تاريخية، وليس موعظة بلاغية، أو تأملاً فلسفياً، فالأدب قائم على الإلهام والخيال، ومن هنا يجب أن يبحث النقد عن النظرية التي تلهم العمل الأدبي.

ويعد ما سبق خلاصة موسوعة رينيه ويليك «تاريخ النقد الأدبي»، والتي أنجزها في ثمانية مجلدات ترجمها مجاهد عبدالمنعم مجاهد وصدر عن المركز القومي للترجمة أخيراً مجلدها السادس الخاص بالنقد الأميركي.

وهذه الموسوعة التي تغطي الفترة من 1750 إلى 1950 استغرق تأليفها سبعة وثلاثين عاماً، وفيها يتابع ويليك رحلة النقد الأدبي في تشابكه مع علم الجمال والفلسفة، بحثاً عن النظرية الأدبية، وغير غافل عن التطبيقات النقدية. والمجلدات التي تشملها الموسوعة هي: أواخر القرن الثامن عشر، العصر الرومانسي، عصر التحول، أواخر القرن التاسع عشر، النقد الإنكليزي، النقد الأميركي، النقد الألماني والروسي وأوروبا الشرقية، النقد الفرنسي والإيطالي والإسباني، والمجلدات الأربعة الأخيرة تغطي الفترة من 1900 إلى 1950.

محطات رئيسة في تاريخ المسرح الإماراتي

مجلة الفنون المسرحية


محطات رئيسة في تاريخ المسرح الإماراتي

الحياة 

بدعوة من مركز جمال بن حويرب للدراسات في دبي ألقى الكاتب عبد الإله عبد القادر مدير مؤسسة سلطان العويس الثقافية، محاضرة بعنوان «المحطات الرئيسة لتطور المسرح في الإمارات»، ورأى فيها إن الإمارات، ومن خلال الهيئة العربية للمسرح، تسعى إلى إعادة أمجاد المسرح العربي من جديد، بعد أن تلاشت قلاعها في بغداد، دمشق، بيروت القاهرة والقيروان، وذلك من خلال تنظيم مهرجانات مسرحية سنوية في العواصم العربية في متابعة وإشراف من هيئة الثقافة والفنون في الشارقة. في حين قال المستشار جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، رئيس المركز «إن المسرح الإماراتي بحاجة إلى مزيد من الاهتمام، ليواكب النهضة الشاملة التي تشهدها الدولة في شتى الميادين».


في البداية قدم الشاعر والإعلامي حسين درويش المحاضر، المؤرخ، الكاتب، والمسرحي، وألقى الضوء على أعماله ومؤلفاته، والمسرحيات التي ألفها وأخرجها، فضلاً عن حضوره في الحياة الثقافية العربية لأكثر من نصف قرن.

أزمة المسرح العربي

ومما قال عبدالقادر: «قبل أن نذهب إلى واقع المسرح في دولة الإمارات، وكيفية تطويره والنهوض به، لابد من إلقاء الضوء على حال المسرح العربي حالياً، الذي يعيش أزمة حقيقية يصعب التخلص منها حالياً.

معروف أن مراكز المسرح العربي التقليدي، كانت تنحصر في بغداد، بيروت، دمشق، القاهرة وتونس، ومن بعدها أصبحت الكويت مركزاً مهماً في منطقة الخليج. إلا أن هذه المراكز تضاءل دورها».

ثم استعرض عبد القادر، ملامح الأزمة التي يعانيها المسرح العربي والتي تتمثل في: انعدام الدعم وضعف موارده، فقر الإنتاج وضعف النص المسرحي، الابتعاد عن هموم الإنسان اليومية، عدم الاستقرار الأمني في معظم الدول العربية، تطور التقنيات، وتجاوزها لتقنيات المسرح، هيمنة الدراما التلفزيونية، والفضائيات التي أصبحت بديلة لكل إنسان، تغير مفاهيم الحياة، وتطور «ميديا النت»، وتطور تقنيات السينما، التي وفرت للإنسان بدائل جاهزة.

وانتقل المحاضر للحديث عن تاريخ المسرح في الإمارات قائلاً إنه لا يريد أن يقدم سرداً عنه، بخاصة بعد صدور كتب عدة، تتحدث عن انطلاقة المسرح في الإمارات، وكيف نشأ وتطور، إلا أنه آثر التركيز على محطات تعتبر المؤشر على ذلك، وبدأ بما ذكره الشيخ سلطان القاسمي، حاكم الشارقة عن حكاية «صندوق الدنيا»، وكان عمر القاسمي يومها تسع سنوات، إذ يقول: «إن رجلاً جاء من العراق، يحمل صندوقاً فيه صور متحركة، لكن الأهالي الذين لم يشاهدوا شيئاً كهذا سابقاً، ارتعبوا ظناً منهم أن فيه بعض الجن، وعندما وصل الأمر إلى الشيخ صقر القاسمي، حاكم الشارقة آنذاك، استدعى الرجل وأكرمه، وطلب منه العودة إلى العراق».

وأضاف عبدالقادر: إذا ما أردنا تحديد الإرهاصات الأولى لانطلاقة المسرح في الإمارات، فنعود إلى العام 1950، وإلى مدرسة القاسمية في الشارقة، التي تعتبر واحدة من أوائل المدارس النظامية، وفيها مجموعة من الأساتذة الأفاضل، منهم زهدي الخطيب، محمد دياب الموسى، وعلي بورحيمة، الذي قام بتأليف -وتمثيل- أول مسرحية في مدرسة القاسمية، عنوانها «الحطاب وبنت السلطان»، كما يروي الشيخ سلطان، غير أن هذه المسرحية أصبحت المحطة الأولى لانطلاقة المسرح، من دون أن يدري علي بورحيمة وقتها أنه يؤسس لحركة مسرحية في الإمارات، ستأخذ أبعاداً مهمة مستقبلاً. وفي العام 1955، قامت مجموعة من الطلاب بتقديم مسرحية «جابر عثرات الكرام» لمحمود غنيم، وكان على رأسهم الشيخ سلطان القاسمي، والراحل تريم عمران تريم، ومحمد حمد الشامسي، وكذلك الأخوان أحمد ومحمد ناصر وخلف الفندي ومحمود خير الله، وأخرحها فايز أبو نعاج، ثم أعيد إخراجها في العام 1957 على يد أحمد العدواني.

أما في دبي، فيذكر زهدي الخطيب أن أول مسرحية، شهدتها مدارس دبي، كانت في العام 1958، بعنوان «جامع الذهب»، كان سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي، يمثل فيها وكان معه جمعة غريب».

وأشار عبد القادر إلى أن قيام دولة الاتحاد فجر ثورة تعليمية في أنحاء الدولة، قادها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تعتبر مفصلاً أساسياً في الثقافة بصورة عامة، والمسرح والتعليم بخاصة. إذ استقدمت وزارة التربية والتعليم مئات بل آلاف المدرسين، كما استقدمت الفنان زكي طليمات من مصر، لوضع خطة تستهدف النهوض بالمسرح، وبخاصة المسرح المدرسي الذي كان عماد الحركة المسرحية في الإمارات.

وبعد طليمات، جاء صقر الرشود من الكويت، الذي يعتبر، رحمه الله، ثروة كبيرة، وفكراً مسرحياً، قل مثيله، وكان أحضر معه أستاذه إبراهيم جلال، الذي كان أول من أدخل العلم إلى المسرح، وأول من أدخل مسرح «بريشت» إلى المسرح العربي، ونقل شباب الإمارات إلى مهرجان دمشق الدولي. وقد حل محل صقر الرشود بعد وفاته بحادث سير في الكويت. وقد تشكلت معظم الفرق المسرحية في الدولة، بتواريخ متقاربة. حيث أصبحت فيها نهضة ثقافية ومسرحية.

وتطرق المحاضر إلى دور كل من المخرجين ابراهيم الشطي وجواد الأسدي في تطوير المسرح الإماراتي، لكن منهج الأسدي، الذي يعتبر مفجر طاقات الشباب، والذي أحضر معه أكثر من أربعين شخصاً، كان صعباً، فانفض المسرحيون من حوله، ولم يبق معه سوى ناجي الحاي وسميرة أحمد وإبراهيم جمعة.

وسط هذه المعطيات، انبثقت فكرة تنظيم مهرجان مسرحي محلي، «أيام الشارقة المسرحية»، التي لاتزال مستمرة حتى اليوم، بدعم لا محدود من الشيخ سلطان القاسمي، الذي أصدر أمراً بتشكيل الهيئة العربية للمسرح، وأنيط بها تنظيم مهرجانات مسرحية سنوية، في البلاد العربية، لتعويض ما نتج من غياب مهرجانات دمشق وبغداد والقاهرة وقرطاج.

الجمعة، 25 مايو 2018

إعلان انطلاق مركز للفنون الأدائية ومهرجان وطني للمسرح في اليمن

مجلة الفنون المسرحية

إعلان انطلاق مركز للفنون الأدائية ومهرجان وطني للمسرح في اليمن 

 وفاء السويدي - البيان 


كشف المؤتمر الصحافي الذي عقد أمس في مقر الهيئة العربية للمسرح بالشارقة، بمشاركة إسماعيل عبدالله الأمين العام للهيئة، ومحمد نصر شاذلي وكيل العاصمة اليمنية المؤقتة( عدن)، عن انطلاق مركز للفنون الأدائية ومهرجان وطني للمسرح اليمني هذا العام، وذلك تنفيذاً لمبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح، بتنظيم مهرجانات مسرحية تعنى بالمسرح المحلي في الدول العربية. ووقعت مذكرة تفاهم بعنوان ” من أجل مسرح يمني جديد متجدد”، بين اسماعيل عبدالله ومحمد نصر شاذلي (رئيس اللجنة العليا للمهرجان).

تنمية وتطوير

وفي إطار التكامل مع الجهود التي تبذلها الحكومة اليمنية من أجل تنمية وتطوير الفعل الثقافي عامة والمسرحي خصوصاً، وسعيا لتفعيل الاستراتيجية العربية للتنمية المسرحية التي أعدتها الهيئة العربية للمسرح والرامية إلى تنمية وتطوير الفن المسرحي بالوطن العربي، تضمنت بنود مذكرة التفاهم الاتفاق على التعاون بين الهيئة ووزارة الثقافة اليمنية لتنظيم الدورة الأولى لمهرجان اليمن الوطني للمسرح، الذي سيكون تظاهرة ثقافية وفنية تعنى بالأعمال المسرحية في عدن العاصمة والمناطق المحررة.

وبسؤال «البيان» إسماعيل عبدالله الأمين العام للهيئة عن مذكرة التفاهم قال: هي مبادرة تاريخية ومكرمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، للمسرحيين العرب، هذه المكرمات التي لم تتوقف منذ تأسيس الهيئة، ويتلقفها المسرحيون العرب بمزيد من الفرح والتفاؤل لمستقبل مسرحهم العربي، حيث إن هناك 14 دولة عربية لا يوجد فيها مهرجان مسرح محلي، والمبادرة تختص بتنظيم مهرجانات مسرحية محلية، حيث ينتظم عقد المسرحيين في كل دولة من خلال مهرجان محلي يلتقون من خلاله ويقدمون منتوجهم المسرحي ويتبادلون الرؤى وهو حلم الكثير من المسرحيين العرب.

وأشاد عبدالله بالتعاون الذي تبديه وزارات الثقافة والمؤسسات المعنية بالمسرح مع هذه البرامج، حيث انطلق قطار المهرجانات الوطنية الجديدة، إذ سيشهد عام 2018 انطلاق العديد من المهرجانات الجديدة.

ويشكل المهرجان مناسبة فنية وطنية للاحتفاء بالمنتوج المسرحي الوطني المتميز والأجود، كذلك سيسهم المهرجان في تعزيز الثقافة الوطنية وتشجيع الإبداع، كما يخلق فضاءً ثقافياً مسرحياً، وتقليداً سنوي يوحد جهود المسرحيين، وقد تم تحديد نهاية أكتوبر 2018 موعداً لتنظيم الدورة الأولى.

تأهيل وتدريب

كما اشتملت المذكرة على بند خاص باتأسيس لتخطيط برامج عمل مشتركة من خلال إنشاء مركز للفنون الأدائية، يكون منطلقاً للتأهيل والتدريب في مجالات مسرحية مختلفة، منها ما يتعلق بفنون العرائس والفرجة الشعبية.

كما سيتم العمل على تأهيل الفريق المحوري لتنمية المسرح المدرسي في عدن، حيث سيعمل هذا الفريق بمديريات التربية في عدن والمناطق المحررة بهدف تأهيل المعلمات والمعلمين المشرفين على نشاطات المسرح المدرسي، وقد حدد الطرفان هدفاً يتمثل في تنظيم مهرجان للمسرح المدرسي في عدن أبريل 2019.

دمعة عـين لك يا جمــال العَـبراق

مجلة الفنون المسرحية

طنجة تودع جمال الدين العبراق رائد من رواد المسرح المغربي

دمعة عـين لك يا جمــال العَـبراق
                                                           
نـــجيب طــلال
    

دمـــعــة:

هـا هي اليوم ورقة أخـرى من أصدقاءنا  ؛ تسقـط في هـدوء وتسلم روحها للواحد الديان ؛ من (طنجة) المبدع - جمال العبراق- بعد سقوط - الفنان - ع الهادي توهراش - من مراكش. غياب أبدي للطرفين؛ تاركيْن مخزون الذاكرة تعْـتصر وترتب صورها وأحداثها التي صنعتها الصُدف؛ صـدف اللقاء وحتمية العلائق .
فبين الصدفة والحتمية ؛ من أي زاوية وموقع يمكن أن أنطلق بقول يفـرض نفسه؛ بعْـد غياب أبدي؛ للمسرحي ؛ المبدع- جمال العـبراق-  إيفاء لوفاء الصحبة والمعاشرة أكثر من ثلاث عقـود ونيف؛ معاشرة تحمل توهجها وإشراقاتها وخفوتها حَـسب مقتضيات الظروف؛ وتفاعل الأحـداث التنظيمية والإبداعية ؛ 
هـل البوح سيستقيم في قول حق في سلوكه الإنساني وأخلاقه العالية وروحه الرحبة التي كانت ترسل المحبة وصدق الإخاء بين رفاقه وأصدقائه ومعارفيه المجاورين له في المدينة القديمة؛ والتي كان يفضل الوصول لسكناه بزنقة - الجديدة-  إلا باختراق جزء من السوق الداخلي؛ الذي كان يهيم في عشقـه . فأغلب الليالي كان الراحل عنا؛ يسرق جلسة في إحدى مقاهيها؛ ليلتقط فيها مشاهِـده وأحـداثه وحـركيته؛ ليس توظيفا لرؤية مسرحية؛ بل مقياس خاص : أين وصلت طنجة الساحرة لزوارها وله من حمقها وصوابها ؛ طنجة التي سكـََنتـْه وسَكناها ؛ إذ كان لا يفارقها إلا أسابيع ويعـود لها مُلهما هائما في عِـبقها ؟ يحتسي قهوته المفضلة بمقهى – زاكورة – وتلك لها ذكريات ؛ لا يعرفها سوى محمد الزايدي/ محمد الزين /عماد بوطالب /هشام أزرياح/ المرحوم : مكروم الطالبي / سعيد البشراوي/.../ ثم مقهى – ميتروبول – التي لا يتذكرها سوى الشاب اللطيف – الزبير بن بوشتى ؛والشاب الشيخ – عبدالسلام بوحديد – محمد الزين- عبد العزيز الناصري ؟
أم في جديته وصرامته وحُـرقته المشتعلة بين ضلوع ديونيزوس؛ الذي سحَـر العـديد منا بطقوسيته ؛ وصرخاته نحْـو الخصب وحُـب الحياة عبر صراع وجود ؛ وجود يغـتزل فعله في المذبح/ المسرح؛ فأصبحنا قربانا له قبل تقـديم القـرابين؛ ومعاقرة كؤوس الربيع ؟ فالراحل انغمس هـوسا في معانقة الركح ابتداء من 1978 على يَـد السينمائي - جيلالي فـرحاتي - في مسرحية (جدران الظلام)  ثـم مسرحية (لقمة الغذفان) ومن خلالهما تعـرف على الراحل مؤلف العملين -عبد المجيد الحمراني – الذي لم يعـد يذكره أحـد ، وهـو الذي دفع الراحل لإتمام دراسته الجامعية شعبة أدب فرنسي؛ فما أقسى النسيان ! وأفظعه ما تم في حـق محمد ديالنا- الذي ساهم في إظهار – طنجة -  في العديد من التظاهرات؛ أبرزها مهرجان مسرح الهواة ! وأفظع من نسيان النسيان :أن لا أحد يعرف المسرحي – عبد القادر بالمقدم -  في أواسط الأربعينات من القرن الماضي؛ حتى توفي بعد تقاعده بسنوات كمذيع بإذاعة طنجة ؟
أم سيستقيم البوح في تموقفات الراحل ، الصادقة والصارمة ، والتي كانت لا تقبل الديماغوجية ولا زيف الكلام؛ في العلائق والممارسة المسرحية وكذا في عملية التنظيم والتدبير؟ أومن خلال ممارسته تدبير جمعية ابن خلدون سنة (1990) بدون زيف ولا مظاهِـركاذبة ؛ بعْـدما انسحب من جمعية الستار الذهبي في 1989 رفقة /كريمة إمغران/ عبد العزيز الخليلي/ مكروم الطالبي/ محمد الزايدي/ مصطفى الزين/.../ إذ أعطى دينامية ؛ ودفعة جديدة ورصينة في الساحة المحلية والوطنية ؛ بعدما كانت الجمعية تعرف اهتزازات وتوقفات؛ بعدما أسسها عـبد السلام بولعـيش سنة(1973) ؟
أم القول الجلي سيكون فاعلا ؛ أثناء ركوبـه معـنا بحْـر التمرد وعَـدم الانبطاح. لمواجهة ومصارعـة الأمواج والعواصف الهوجاء ؛ التي أصيب بها مسرح الهواة آنـذاك ؟ فكان ملتقى طنجة الذي يحمل ملفات أسراره – مصطفى شوقي وعزالدين الشنتوف؛ تم الشبكة الوطنية للمسرح التجريبي ؟ وتلك حكاية أخرى ! 

عـــــــيْــــن:

بكل صدق أي موقع  متناول ؛تجاه الراحل عنا في غفلة ! يتقاطع بموقع آخر؛ ومشكلا نسيجا يحيط بكينونة وتصورات ؛ نتيجة انسجامـه مع ذاته ؛ التي لا يفرضها على الآخر؛ بل تتلاءم هكذا بالآخر؛ نتيجة طابع خاص والمتمثل في - رضى الوالدين- والذين عاشروه عن قرب يعرفون جيدا؛ علاقته بوالدته رحمة الله عليها؛ وبابن أخيه رحمه الله كذلك؛
فالراحل كان يحب الحياة بكل تلويناتها؛ ويبتسم لها رغم الإكراهات والمعاناة التي كانت تصادفه ؛ وبالمسرح كان يتنفس هواء حرقته؛ ويهيم في عوالم شخوصه التي كان يعتبرها جزء من كينونته – العقرب/ الكاهنة / حنظلة / هيروسترات/ فاوست/ للاجميلة/ .../
فالرحيل عنا- جمال العـبراق- وهَـب نفسه للفعل المسرحي؛ واختاره بحثا عن - لذة سيزيفية – وكٌـنه روح - ديونيزوس- ليس إلا . بحيث كان لا يفضل مصلحة أنانيته على مصلحة الجمالي والفكري والمعرفي والتنظيمي؛ بحيث كان ناكرا لذاته من أجل الإبداع ورونقه؛ ولم يفكر يومـا أن يهرول وراء وَهـْم الامتيازات و ثقافة الاستجمام. وهـذا مـا لامسته فيه ؛ يوم تعـرفت عليه بعَـيْد عرض – عُـرس الذيب – في جلسة خاصة نظمها الراحل – محمد تيمد – الذي عمل على  صقل شخصيته ومساهما في زرع إدراك خاص بأدوات جسده؛ لكي يوظفه كلغة ضاربة في بلاغـة الآداء. فمن هذا التأطير أو إن صح التعبير: التأثير. تولد لديه هاجز لكيفية – إدارة الممثل- وفق درامارتوجية التشخيص؛ فكان ينخـرط في كل تدريب وورشات التكوين التي كانت تُـقام في هـذا المجال؛ حتى أن تلقى تدريبا سنة1995  بأفينيون( مدينة المسرح) فـبدأ يعيد النظر في إدارة الممثل  كخطاب أيقوني منزاحا ومعْـزولا عن المكونات المجاورة للممثل؛ بحيث استطاع أن يمررهاته المفاهيم في فضاء- المسرح المدرسي- حينما كان ملحقا بقسم الحياة المدرسية بنيابة التعليم؛ لكن ليس كل الطرق سالكة في بلادنا؛ إذ اصطدم ما مرة بحائط البيروقراطية ؛ لكن الراحل بحكم تركيبته الجدية وصارمة تموقفاته  الفاعلة في حياته العامة والخاصة؛ غادر النيابة ليلتحق بالقسم مربيا ؛ جسورا وحنونا على تلامذته . ومسألة الانسحاب كانت تلاحقه دائما ؛ أبسطها ؛ حينما كان يزور نادي الستار الذهبي ؛ في نهاية الأسبوع أو العطل الموسمية ؛ ويصادفني رفقة – الصنهاجي / بوحـديد/ الناصري/ الزين/ الزريفي/.../ يترك دراجته النارية ؛ وينخرط في عوالم النادي؛ لكن حينما يصدر صراخ ( ما ) من جهة الدائرة الأمنية التي كانت مجاورة للنادي؛ يمتطي دراجته وينسحب ؛ وأكبر انسحاب كان من الجامعة الوطنية لمسرح الهواة ؛ لأسباب تتعلق برفض مقايضات طرفها كوسيط - رئيس الجامعة- وذلك بعد عودة جمعية ابن خلدون من مشاركتها في – تونس-  فتم التفكير في ملتقى مسرحي على غرار ملتقى الحمراء في بساطته وعمق اشتغاله ؛ فتأهب الاتحاد المسرحي بطنجة لذلك؛ من أجل المدينة والمسرح ليس إلا . لكن طبيعة الصراعات الجوفاء وذوي النوايا الحاقدة ؛ وبعض الأيادي الآثمة؛ التي كانت مدفوعة من لدن (الجامعة) توقف الملتقى في دورته الثالثة ؛ هنا تأجج الصراع ؛ ففكرنا سويا في تأسيس الشبكة الوطنية للمسرح التجريبي؛ باعتبار الراحل كان كاتبا عاما في الجامعة؛ ويعرف أسرارها وكيفية تحريك الخيوط من لدن رئاستها التي شاخت في الرئاسة؟ فتحقق ذلك؛ فأسندت الرئاسة للراحل؛ ولم يعد لي دور بقوة القانون؛ إلا الدعم والسند في الخفاء ؛ لكن الوزارة ارتأت أن توقف الصراع بين الشبكة والجامعة ؛  وفشل جهة حزبية استقطاب الشبكة كدرع تنظيمي لها إبداعـيا وثقافيا أنشأت [مسرح الشباب] في عهد– محمد الكحص- كاتب الدولة في الشباب، حسب التسمية الرسمية  أنذاك . 
ووجه الاختلاف بيني وبين الراحل؛ أنه استسلم للباب المسدود؛ وإن كنت رفقة – أحمد الدافري- الذي كان كاتبا عاما للشبكة؛ حاولنا الدفع بالشبكة الوطنية للمسرح التجريبي لإستغلال الفوضى والصراعات  التي كانت بين مختلف هياكل الوزارة، أهمها الصراع الذي دار بين الوزير والكاتب العام أنذاك ، وهـذا الأخير كان يرفض بقاء رئاسة الجامعة الوطنية لمسرح الهواة في يد من شاخت على يده – الجامعة – وكان هذا تلميحا في لقاء رسمي مع بين الكاتب العام للوزارة رفقة مدير الشباب والطفولة وقتئذ. لكن الخطأ الاستراتيجي؛ أننا تركنا عنصرا من – العرائش- كان يرفع مخططاتنا واجتماعاتنا لرئاسة الجامعة ؛ التي كانت تحاربنا بسلاحنا؛ فاتخذ الصراع فكريا /إعلاميا بيني وبين – محمد فراح- الذي كان كاتبا عاما للجامعة الوطنية . فقرر الراحل: الانسحاب من الشبكة ؛ إيمانا منه برفض الصراع بين الإخوة والأصدقاء والرفاق ؛ فاختار طريق ما يسمى( الاحتراف) في 2004 لينجز مسرحية للاجميلة للزبير بنبوشتى: تشخيص كنزة فريدو وحسنة الطمطاوي لكنه لم يجد ذاته في هذا الشق؟ كما وجَـده في / رحلة حنظلة / البحث عن متغيب/ العقرب والميزان/.../ فالتجأ بين الفينة والأخرى تأطير رواد – مسرح الشباب – والمشاركة في لجنه .حتى انهار في غفلة من ضبط نفسه ؛ ليعيش عوالم بين الموت والحياة أسابيع معدودة ؛ ليجد نفسه شبه فاقد للذاكرة في عـدة لحظات ؛ إنها معاناة أخرى عاشها في زمن النكران وعدم الإيفاء بأحقية  رجالات ضحوا من أجل الإبداع والرقي بتذوق فني سليم ؛ بما فيهم الراحل عنا – جمال العبراق- والذي غـادر قــبح المشـــهـــد !!

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption