أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 1 سبتمبر 2019

الجمهور يتفاعل في مختبر كيميا جمالياً

مجلة الفنون المسرحية

جمهور يتفاعل في مختبر كيميا جمالياً

 د.حازم الحربى :

كنت هناك في ارض انهكتها الحروب، سوريا، سوريا اليوم ليست كما العام الماضي وغداً ليست كما اليوم، حظرت عرضاً مسرحياً اسماه صانع العرض د.عجاج سليم  ( كيميا ) الذي اعده واخرجه عن نص ( مجالات) للكاتب الروسي ( الكسندر اوبرازتسوف) .
العرض قائم على الجدلية القائمة في النفس البشرية ما بين الخير والشر وما بين الحب والكراهية تلك الثنائيات التي ولدت منذ بداية الخلق، شكل العرض لدى المتلقي عبر اداء الممثل وعناصر العرض الاخرى شكلاً جمالياً جعل من المتلقي لا يغادر سلسلة الاحداث داخل العرض المسرحي الذي تجاوز الساعة من الزمن، تنامي الاحداث والصراع وايقاع العرض المتصاعد كان سبباً رئيسياً في ذلك، وبكل تجرد وجدت في هذا العرض محاكياً لمشاكل داخل بلدي العراق كما هو الحال في سوريا او معظم البلدان التي دخلتها الحروب والبعض منها تنتظر تلك المأسي، ناقش العرض موضوعة مهمه وهي الانسجام وفقدان المحبة ما بين بنوا البشر وعدم التسامح ونشر روح الكراهية، تلك الثقافة الدخيله على مجتماعتنا ومن مخرجاتها التفكك الاسري اذ نجد في هذا العرض المسرحي سلطة المراءة على الرجل والجعل منه ذاك الخانع الذي لا يحرك ساكناً مما ينعكس سلباً على بنية المنظومة الاسرية وهي نتاج عدم التفاهم والتوافق بين الزوج والزوجة ولهذه المشكلة تجارب كثيرة في المجتمعات العربية، اما ان تكون سلطة الرجل هي المهيمنة او العكس فبالتالي كليهما تنتج مشاكل داخل الاسرة، شاهدنا ذلك الرجل ذو الملابس الرثة من الخارج في شكلها، و الذي يحمل في طياته مضامين لتجارب حياتيه جعلت منه قديس العرض الباحث عن المحبة والسلام التي فقدها اثناء حياته.
تناول مخرج العرض مفردة الحب بشكل مركزي واصبحت كلمة تداولية حتى انها لم تغادر مخيلتي .. الحب .. تلك الكلمة التي هوت في واقعنا وللاسف وذلك بسبب ما صنعت لنا الحروب من حقد وكراهية فيما بيننا، قالها صناع العرض الحب يصنع حياة رغيدة رغم الظروف القاسية وعكسها تنتج لنا ما يحمد عقباه، ان تكاملية عناصر العرض المسرحي انتجت لنا شكلاً جمالياً جعل مسافة جمالية وكأننا على خشبة المسرح نتحدث لهم ويتحدثون لنا صناع العرض، ان تشاكل المنظومة البصرية والسمعية في داخل العرض جعلت من ايقاع العرض في تصاعد حتى تحية الجمهور وحتى دموع مخرج العرض متفاخراً بمجموعته الجميلة، ان ما قدمه صناع العرض كما اسميهم تجربة مهمه بوجود مجموعة من اصحاب التجربة المسرحية وكذلك ممثلين شباب واعدين حقاً يمتلكون منظومة جسدية وصوتية تكاملت مع عناصر العرض الاخرى مشكلة سنغرافيا وسنفونية جميلة في دار الاوبرا بدمشق .




السبت، 31 أغسطس 2019

المركز الثقافي في جامعة البصرة يكرم الفنان محمود أبو العباس

مجلة الفنون المسرحية

المركز الثقافي في جامعة البصرة يكرم الفنان محمود أبو العباس

اعلام المركز الثقافي :

نيابة عن السيد رئيس جامعة البصرة سعد شاهين حمادي كرم مدير المركز الثقافي في جامعة البصرة الأستاذ الدكتور عبد الكريم عبود عودة الفنان المسرحي محمود ابو العباس بدرع الجامعة وشهادة تقديرية. 
وقال مدير المركز الثقافي " ان التكريم يأتي نتيجة الدور الفاعل والمساهمة الفنية لأبو العباس بتأطير ورشة التمثيل ( طاقة الممثل الخلاقة ) والتي اقامها المركز الثقافي كخطوة اولى نحو انطلاق مشروع المسرح والمدينة.


"إنجاز" يحتفي بــ"ناشئة الشارقة" :شمل تكريم الفائزين بجوائز محلية وعالمية في الروبوت

مسرحية " *مانغلستو " تأليف :**حيدر علي الاسدي

مجلة الفنون المسرحية
الكاتب حيدر علي الأسدي 



مسرحية " *مانغلستو " تأليف :**حيدر علي الاسدي 
                                     
                           (للأطفال  )

الخميس، 29 أغسطس 2019

الفنان الشاب محمد خباز.. مشروع مسرحي يعالج قضايا الشباب

مجلة الفنون المسرحية

الفنان الشاب محمد خباز.. مشروع مسرحي يعالج قضايا الشباب

حمص-سانا

تجربة مسرحية ثرية أسس لها الشاب محمد خباز على أكثر من مستوى فالشاب الذي بدأ يلاحق شغفه منذ أن كان طالبا في المرحلة الإعدادية ما لبث أن خاض مجال التمثيل والإعداد والإخراج مؤسسا لمشروع فني متكامل خرج إلى الضوء قبل عامين ليتصدر المشهد الفني في حمص وسط جهود مكثفة للارتقاء به إلى أفضل مكانة ممكنة.

محمد الذي يدرس في كلية العلوم قسم الكيمياء بدأ رحلته في هذا المجال كما أوضح لـ سانا الشبابية في الصف السابع حيث شارك مع منظمة اتحاد شبيبة الثورة في اكثر من عمل مبينا أنه لم يكتف بالموهبة الفطرية لديه بل عمد إلى اكتساب الخبرات عبر “كورسات” ودورات متتالية في مجال الإخراج المسرحي والسينمائي والمسرح التفاعلي والسيناريو استثمرها جميعا في أعمال مسرحية لاحقة مثل “جوليا” و”أسوأ عرض مسرحي” و”كائنات من ضوء” حيث شاركت الأخيرة بمهرجانات عدة منها “مهرجان حمص المسرحي” و”مهرجان دمشق الثقافي” و”يوم المسرح العالمي”.

بالتعاون مع عدد من أصدقائه الشغوفين بالمسرح أسس خباز فرقة “حبق” للفنون المسرحية منوها بأن هذه الفرقة هي مشروع إبداعي يهتم بقضايا الشباب ويسلط الضوء على هواجسهم ومشكلاتهم انطلق في العام 2016 عبر عمل من تأليفه وإخراجه بعنوان “حلال المشاكل” وتم تقديمه على خشبات مسارح حمص وفي العام 2017 قدمت الفرقة عرضا آخر من تأليفه وإخراجه أيضا بعنوان “جمهورية زيكو”.

وأشار خباز إلى أن عام 2018 شهد العديد من النجاحات للفرقة حيث قدمت أربعة أعمال هي “هاملت” و”أوديب ملكا” و”بستان الكرز” و”نسينا الزمن” على أكثر من مسرح أما في العام 2019 فعرضت الفرقة عملين آخرهما بعنوان “ليلة الإفراج” وهو مونودراما من تأليفه وإخراجه وشارك من خلاله في مهرجان جامعة البعث ونقابة فناني حماة.

ويطمح محمد بأن تصل فرقة “حبق” إلى مرتبة متقدمة في خضم الحراك المسرحي القائم بما يتناسب وحجم الطموح الذي يملكه والحب الذي يكنه لهذا الفن الراقي خاصة أنه يعمل من خلالها على تقديم عروض تعالج قضايا المجتمع والشباب وتسلط الضوء على ابرز الظواهر المعاصرة.


قراءة في المونودراما الشعرية (أمي) لعادل البطوسي

مجلة الفنون المسرحية

قراءة في المونودراما الشعرية (أمي) لعادل البطوسي 

*سعاد خليل :

عند قراءتي لنص هذه المسرحية المونودرامية الشعرية للكاتب المبدع عادل البطوسي والذي اختار لها عنوانا لأعظم كلمة بعد كلمة الله (أمي) تضاربت بداخلي أحاسيس مختلفة ممزوجة بالحزن، وتدافعت دموعي علي خدي وأنا أقرأ سطوره التي خطها وسطرها بكلمات طاهرة وأشعار مؤثرة :
إني أسمع همس وداعتها ..
بوح براءتها ....
وأشم عبير أمومتها في كل الأركان ..
هنا ...
هنا ....
هنا ...
عادل البطوسي صاحب مسرحيات شعرية وأعمال منذ زمن، عرف الكلمة المنغمة المعطاءة في عفوية صادقة محببة وحزينة، منذ طفق يحبو في درب الشعر، فالحرف الشعري وزخم الكلمة قد فاض وغمر اعماقه، ووفائه لأمه تدفق في قصائد وأعمال شعرية ونثرية ومسرحية،  ولا أريد أن أتحدث هنا عن إبداعاته في كتابة النصوص  أو المسرحيات الشعرية ..
عادل البطوسي في كتاباته في الآونة الأخيرة يصف أمه ويصورها بأدق تفاصيلها وهو الذي أصدر عنها ولها (موناليزا الشرق ـ رحيل السيدة الورد) وغيرهما من الأعمال التي أحببتها وتصورتها كما رسمها، عشت معه كل لحظات آلامها وعذابه وهو يعيش مرضها، هذا المبدع الكاتب الشاعر حتي لا أخلط بين مواهبه الإبداعية المتنوعة ولا تأخذ كلمات سريعة جانبا من  الأعمال التي تحويها كتاباته ولغته المميزة التي يعبر بها، وفي هذه المسرحية المونودرامية الشعرية (أمي) لا يملك القاري والمتلقي الا أن يشاركه مشاعره وأحاسيسه كل من قرأ سطوره والمرارة التي أنتجت نزيفه الدامي وتعلقه بأمه التي أحبها وترجم عليها كل من قرأ سطوره ومفرداته وعمق مشاعره فأنا كل ما أردت أن أنهي خواطري نحو كتاباته والوقوف عندها يشدني ثراء حبه لأمه فيزيدني تماديا وتطفلا لقراءة المزيد مما تخطه أنامله من أوجاع وأحزان مدموجة بمفردات غاية في الأناقة الكتابية فهو يملك الرؤيا الكتابية للشعر، والصراحة مع النفس وسخطه علي المرض اللعين الذي أفقده أمه الحبيبة مما جعله يقترب من الإنسان المسكون بالجراح ...
إني أحيا في شرنقة الغيم وحدي ..
أمطر دمعا ..
أمطر وجعا ..
أشعر بصدق العبارات وكأني أسمع الكاتب يرددها وهو يبكي، يبكي ملاذه الصادق، يبكي ملاذه الدافيء، ولكن هذه مشيئة الله، أشعر بوجدانية قلمه التي يزخر بها فؤاده ويفيض بها قلبه، وجدانية البطوسي مزيج من الحسرة والحزن والإلهام والمحبة، من خلال هذا النص الذي يخترق الوجدان ويجعلنا في معايشة مع الحدث بكل تفاصيله المؤلمة ومعاناته العمميقة بأسلوب صادق حزين سلس يتغلغل في النفس، وقدرته علي تسليط ومضات إبداعية من خلال الصراع مع المرض، والقدرة علي خلق الكلمات وتصوير حالة الوجع والغوص في عمق الظرف الموجع ..
هذه ................
عذرًا لتوقفي عن الكتابة، غرقت عيناي في ملح دموعي فهذا النص مكتوب ولا يحتاج من يكتب عنه، لقد أبدع البطوسي بكلماته وشعاع انعكاسها علي النفس وقدرته علي إخراجها حية مرتعشة علي الورق ...

*فنانة وباحثة ومترجمة من ليبيا

من عروض مهرجان “عشيات طقوس المسرحية” 12 ..مسرحية” سأموت في المنفى” ..خيار التمسك بالهوية..طريق العودة..ولو بعد حين

مجلة الفنون المسرحية

من عروض مهرجان “عشيات طقوس المسرحية” 12 ..مسرحية” سأموت في المنفى” ..خيار التمسك بالهوية..طريق العودة..ولو بعد حين

 رسمي محاسنة : صوت العرب  

عودة الى فلسطين في العام 2011، لعرض مسرحية ” عائد إلى حيفا”،عودة حقيقية إلى فلسطين، وعودة فنية بعرض مسرحي، بعد ان امتدت ظلال العمر طويلا. من هنا تتولد شرارة العرض “المونودراما” المسرحي” سأموت في المنفى – بدل فاقد” للفنان “غنام غنام”، هذا العرض الذي جاء في افتتاح مهرجان طقوس المسرحي 12، في قاعة “فخر النسا” بالمركز الثقافي الملكي، في حلقة القاعة التي امتلأت بالجمهور.هذا الجمهور الذي من المؤكد مختلف عن اي جمهور عربي شاهد العرض، جمهور لم يكن يحتاج إلى تفسير لأسماء وشخصيات وأماكن وأحداث، فهي معلومة لدية، لذلك كان هذا التماهي مع العرض، واحيانا الاشتباك معه، فهو جمهور بشكل او باخر جزء من الحكاية، شاهدا عليها كان، أم ضحية.

يطرح “غنام غنام” كثير من الاسئلة المتداولة، لكن أيضا غائبة عن الغالبية، ويتساءل عن الخروج الأول من” كفر عانا” إلى أريحا، يتساءل عن سر خبث التسمية” لاجئين”، لاجئين وهم في نفس بلدهم “فلسطين”،فهي هنا مصطلح يختبيء خلفه مشروع “الاقتلاع” الذي حققه المشروع الصهيوني، فكان خروج عائلة “غنام” من اريحا،وعمره 12 عاما.

العودة إلى أريحا مع فريق المسرحية كان لها مذاق خاص،مدارج الطفولة، البيت، المدارس، قصر هشام ونجمته، وكل تلك التفاصيل المختزنة في ذاكرة غنام” الطفل”،وكيفما تحرك هناك شواهد من الواقع والميثولوجيا، هناك زيتونة” سيدي احمد البدوي”، في ” الولجه”،وكل حكايا الأجداد،حيث كل حكاية تنسف اكاذيب الصهيونية بأنهم جاءوا الى ارض بلا شعب.فالزيتونة التي هي هنا الآن، كانت زيتونة فلسطينية ، وايضا هنا منذ خمسة آلاف عام.
ويركز العرض على” الذاكرة” فهذه التداعيات تفيض من مخزون كبير، والعدو الصهيوني يعمل بكل ادواته لمسح الذاكرة الفلسطينية، وبذكاء يحكي “غنام” عن قصة تلك الحقيبة التي وضع بها حجرا، وقبضة من تراب فلسطين،وكتب، وصور مسجلة على ذاكرة الكترونية، وعند وصوله الى عمان، يكتشف ان الحقيبة فارغة،وهنا يقرأ” غنام” الفعل الصهيوني بشكل مختلف، فالحجر والتراب الذي ألقاه في الأرض، هو حكما عاد الى حضن امه” فلسطين”،ووجود الكتب والاسماء اغاضت الجندي الصهيوني، أما الذاكرة فإنها تجعلنا اكثر حرصا وتمسكا بالذاكرة بكل تفاصيلها، وان يبقى سلك الذاكرة الفلسطينية متوهجا من جيل الى جيل.

اذن هنا أساس الحكاية، حيث يدرك “غنام” بأن الطريق مسدود أمام ماتبقى من العمر، وأن هامش أمل العودة محدود في هذا الراهن الفلسطيني والعربي والإقليمي، وهو يرى كل يوم في نشرات الاخبار ان الخبر الفلسطيني قد تراجع الى ما قبل النشرة الجوية، مرة بقصد، ومرة بفعل ضغط أحداث الإقليم التي تم توضيبها اصلا لأبعاد القضية الفلسطينية عن المشهد العام. وهنا اهمية التاكيد على “الهوية” والتمسك بها،وهي هنا ليست شعارا، او ترفا فكريا، انما خيار وحيد، سيفضي حتما الى التحرير.هذا الاعتزاز بالهوية الفلسطينية، يرادفه اعتزاز باردنيته،ويرى”غنام” ان على كل مثقف عالمي ان يعتبر نفسه فلسطينيا حتى تتحرر فلسطين، هي القضية الأكثر مظلومية، وهي القضية الأكثر وضوحا بالحق.

ويستحضر “غنام” العام 1972، يعود الى لحظة عالية كان يمكن الامساك بها، عندما أعلن المرحوم الملك حسين عن مشروع المملكة العربية المتحدة،دولة فلسطين وعاصمتها القدس،وكيف أننا اجهضنا المشروع، وهو مع كل أشكال الوحدة” العربية”، التي تحفظ وتضمن اسم “دولة فلسطين”.
ويتردد اسم” كفر عانا” كثيرا في العرض، البلدة التي طردوا عائلة” غنام ” منها،والتي عانى فيها الوالد” صابر” من ظلم ذوي القربى، ومن ظلم الاحتلال ، “كفر عانا” التي طمس الاحتلال ملامحها، لكنها منقوشة على شواهد قبور أهلها، ويتوسع العرض في هذه الحالة التراجيدية، حيث الاسم هو تعبير عن اسم قرى وبلدات ومدن فلسطينية، موثوقة على شواهد قبور اهلها،وكل واحد له حكاية، تشبه بشكل او باخر حكاية”غنام وعائلته”، حكاية الأخ الأكبر”فهمي” الذي غاب طويلا في المنفى، وعندما عاد،عاد ليموت،وليزيد من جرح الام والعائلة، وهناك حكاية “صابر”الذي الذي احترق قلبه بسبب التحقيق مع ابنه” ناصر” مثلما حرقته نار الحديقة،وحكاية الرجاء الذي ربما لن يتحقق، وهوطلب الأب من ابنه ان يدفن في بلده.

الجرح الفلسطيني النازف يداهمك في أي لحظة،في صالة الانتظار بمطار بيروت، يسمع” غنام” النداءات المتتالية،كل شركة طيران وطنية، تنادي على الركاب للعودة الى بلدهم،الا “فلسطين”..كل النداءات حاضرة ،ماعدا نداء” تعلن الخطوط الوطنية الفلسطينية عن رحلتها الى القدس”..
حكايات متداخلة،تستحضر الماضي” فلاش بالك” حسب مصطلح السينما،وظبها” غنام” لدرجة ان الأمور تختلط على المتفرج، هل الذي امامنا هو” غنام غنام”، ام شبيه آخر،وهل “غنام” نفسه يرى هذا الخط الفاصل؟،لأنه لولا لعنة الاحتلال واللجوء، لما كنا شاهدنا العرض اصلا، وربما لم نعرف “غنام”، وربما انا شخصيا لم ازاملة طالبا في ثانوية” جرش لمدة ثلاث سنوات.انه سؤال في الوجود،ربما يهرب الكثيرون منه، ولايجدون القدرة على البوح بهذا الشرخ العميق الذي خلقه الاحتلال البغيض.بعد “ملهاة” الدفن،يبوح”غنام” بهذه الاسئلة، حتى “يقينية” الموت، تصبح مطروحة للسؤال عن حقيقة الذي مات، هل هو “غنام” الاصلي، ام “غنام” بدل فاقد.
لم يكن العرض بحاجة لأكثر من كرسي عادي استخدمه” غنام” في وظائف متعددة،لكن قدرة “غنام” على السرد،بهذا التدفق، حافظ على إيقاع العرض، الذي سيطر عليه صعودا وهبوطا،حسب الحالة الشعورية، وحسب الحدث،وتوظيف الاغنية والقصيدة، وهرب بالجمهور إلى لحظات كوميدية، لإخراجهم من أجواء اللجوء التراجيدية،والهروب من البكائيات التي لازمت كثير من الأعمال التي تناولت القضية الفلسطينية، وبدون شعارات فاقعة،في مكاشفة مع الذات، وتعرية المسكوت عنه، باسئلة حول عودة، ومصير.. يبدو انه مايزال بعيد المنال…لكنه ممكن،ومرتهن بالهوية

«سأموت في المنفى» يفتتح مهرجان «طقوس» الأردني

مجلة الفنون المسرحية

«سأموت في المنفى» يفتتح مهرجان «طقوس» الأردني

افتتح عرض «سأموت في المنفى» للممثل والكاتب والمخرج غنام غنام، مساء الأحد الماضي، مهرجان «طقوس» المسرحي الأردني في دورته الثانية عشرة.
واصل غنام في عرضه الذي جال دولاً عربية عدة تقديم ما يشبه سيرته الذاتية الفلسطينية، من خلال شخصية تسرد محطات المعاناة والنزوح واللجوء والانتقال من الوطن الأصلي.
أدّى غنام في قاعة فخر النساء بالمركز الثقافي الملكي في عمّان بأسلوبه «الحكواتي» العرض، معتمداً على تشخيص الممثل للحالات، من دون تقنيات مرادفة، مع ديكور يرتكز على كرسي فقط، يحوّله إلى حقيبة وجسر وكفن، إلى جانب حمل «كوفية» بمثابة خريطة التمسك بفلسطين عبر الأجيال، وذلك ضمن ما يشبه حلقة دائرية شكلت فضاء العرض، محاطاً بحشد جماهيري وصل مبكراً وتفاعل إلى درجة البكاء.
انطلقت فعاليات المهرجان بتكريم الفنان العراقي د. سامي عبدالحميد، والكاتب الأردني الدرامي جبريل الشيخ، بحضور هزاع البراري أمين عام وزارة الثقافة، وعدد من المسؤولين والدبلوماسيين والفنانين.
وذكر المخرج د. فراس الريموني مدير المهرجان أن الدورة الحالية تحتفي بفن «الفرجة الشعبية» وتشارك فيها 9 عروض وهي: «قهوة زعترة» فلسطين، «حلاوة الكلام» مصر، «الباب» السعودية، «الكواغيط» الجزائر، «دبوس» تونس، «المقامة الواسطية» العراق، «قصة الأمس» و«حلمي امبارح: للمكفوفين» الكويت، إلى جانب «سأموت في المنفى».
ويترأس د. صلاح القصب لجنة التحكيم، ويتضمن المهرجان ورشتين حول لغة الجسد.

------------------------------------
المصدر: عمّان: الخليج

الأربعاء، 28 أغسطس 2019

مسرحية " الغروب " تأليف : سرحان الركابي

مجلة الفنون المسرحية


الكاتب سرحان الركابي 

"النهار" راعي رسمي لمهرجان المسرح التجريبي

عرض مسرحية (غسيل لن يجف)المرأة التي فقدت زوجها

مجلة الفنون المسرحية

عرض مسرحية لن يجف)المرأة التي فقدت زوجها

تم عرض مسرحية (غسيل لن يجف) من اخراج حيدر كامل  وتأليف مهند بربن في مهرجان المسرح المدرسي والمسرحية  تدور حول المرأة التي فقدت زوجها في ظل ظروف الحرب والظلم , لأنه كان رافضا للظلم والوضع المتردي الذي ساد البلاد , والمحور الاساسي للمسرحية يهدف الى ابراز الاساليب اللانسانية التي تم استخدامها في ظل الصراعات السياسية والعمود الذي جرى عليه اعدامات ابناء شعبنا العراقي من اجل السلطة والانظمة الديموقراطية . 

شارك في اعداد المسرحية نخبة من المشرفين والفنيين في قسم النشاط الرياضي والمدرسي , حيث كان الاشراف العام للأستاذ فلاح حسن والاشراف الفني للسيد سلام سلمان , اما مساعد المخرج عزة مانع والاضاءة لبيب حبيب , والموسيقى حسين شمخي , في حين اشرف على الديكور حيدر مكي وحسين عبد الحميد .















الثلاثاء، 27 أغسطس 2019

مسرحية " حالة خاصة " وجدلية الفن والسلطة

الاثنين، 26 أغسطس 2019

مسرحية «نساء فينيقيا» ضمن 20 إصدار جديد عن المركز القومى للترجمة

مجلة الفنون المسرحية

مسرحية «نساء فينيقيا» ضمن 20 إصدار جديد عن المركز القومى للترجمة

سمية أحمد

صدر حديثا عن المركز القومى للترجمة برئاسة الدكتور أنور مغيث 20 عنوانا جديدا و متنوعًا حيث صدرمن سلسلة ميراث الترجمة «أصول التاريخ الأوروبى الحديث: من النهضة الأوربية الى الثورة الفرنسية « تأليف هربرت فيشر وترجمة زينب عصمت راشد و أحمد عبد الرحيم مصطفى، «سير جيمس فريزر والخيال الأدبى ..مقالات فى التأثير والتأثر» تحرير روبرت فريزر وترجمة أحمد صديق الواحي و تقديم ومراجعة رمسيس عوض، «كيف تحيا فى رفاه: خطوات أربع نحو حياة أكثر هناءة وعافية» تأليف باميلا أ.هايس وترجمة راقية جلال الدويك، «ثورة لم تتم: كارل ماركس وابراهام لينكولن « تأليف روبن بلاكبيرن وترجمة عزة خليل ومراجعة السيد إمام، «الدليل العملى للترجمة الأدبية» تأليف كليفورد لاندرز وترجمة خالد توفيق .
كما صدرمن سلسلة روائع الدراما العالمية مسرحية «نساء فينيقيا» تأليف لوكيوس أنايوس سينيكا وترجمة أحمد عبد الله السماحى وفتح الله الشيخ، ومن سلسلة روائع الدراما العالمية «البؤس والنبل « تأليف سكاربيتا و ترجمة وتقديم حسين محمود، «من الشاطئ الاّخر طه حسين : كتابات طه حسين الفرنسية « جمعها وترجمها وعلق عليها عبد الرشيد الصادق محمودى، الجزء الرابع من «الموسوعة الدولية للعلوم الاجتماعية: المؤرخون وفلاسفة التاريخ « من تحرير ديفيد إل.سيلز وترجمة مجموعة من الباحثين ومراجعة وتقديم أحمد أبو زيد.
أما من سلسلة الابداع القصصى صدرت المجموعة القصصية «الشباب وبريق الميدوزا» تأليف ويللا كاثر وترجمة إيزابيل كمال، ومن التراث العربى اليهودي «تفسير سفر الامثال وشرحه بالعربية لسعدي بن جاؤون الفيومي ونقله إلى العربية أحمد محمود هويدى، ومن سلسلة العلوم الاجتماعية للباحثين كتاب «الأمة تصويرا ونحتا: الرواد ونهضة الفنون الجميلة والتطبيقية فى مصر 1908-1938» تأليف نادية رضوان وترجمة ايمان فرج، «المسيحية القبطية فى ألفى عام» تأليف أوتو ميناردوس وترجمة مجدى جرجس، «دعاء ومناجاة..حوار غير عادى» تأليف نيل دونالد والش وترجمة عايدة الباجورى، «ما الحياة: كيف تدب الروح فى الكيمياء» تأليف اّدى بروس وترجمة حسين ثابت، «غريزة الموسيقى: كيف تخلق الموسيقى ولماذا لا نستطيع الاستغناء عنها « تأليف فيليب بول و ترجمة أحمد موسى، أيمن عامر، دينا الليثى وراقية الدويك، «موطنون وسادة: التاريخ الاجتماعى للفكر السياسى الغربى من العصور القديمة إلى القرون الوسطى « تأليف الين ميكسنز وود وترجمة محمد فتحى خضر، «مصر فى القرن التاسع عشر أو محمد على ومن خلفوه إلى الاحتلال البريطانى فى العام 1882» تأليف د.إيه.كاميرون وترجمة صبرى محمد حسن، «روسيا والغرب..لمن الغلبة» تأليف ألكسندر رار وترجمة محمد نصر الدين الجبالى.

-----------------------------------------
المصدر: جريدة مسرحنا 

الجمعة، 23 أغسطس 2019

ناشئة الشارقة يتعلمون أساسيات الكتابة الإبداعية

مجلة الفنون المسرحية


ناشئة الشارقة يتعلمون أساسيات الكتابة الإبداعية

الشارقة: 23 أغسطس 2019

تناغماً مع سعيها إلى تدريب منتسبيها الموهوبين على الأساليب المتطورة في الكتابة الأدبية؛ نظمت ناشئة الشارقة التابعة لمؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، ورشة تدريبية بعنوان "الكتابة الإبداعية"، بهدف إثراء معارف الناشئة وتطوير مواهبهم، واكتساب الأدوات التي تساعدهم في التعبير عن أفكارهم.

أسهمت الورشة التي أقيمت في مركز ناشئة كلباء بمشاركة 36 ناشئاً، وقدمتها الدكتورة مريم الهاشمي، أستاذ مساعد في كليات التقنية العليا في الإمارات، في تسليط الضوء على مفهوم الكتابة الإبداعية، وتنمية المهارات الأساسية المطلوبة لتأهيل الناشئة للدخول إلى عالم الإبداع الأدبي والفكري.
وتعرف الناشئة المشاركون إلى أهمية القراءة باعتبارها إحدى أهم الأدوات اللازمة في عملية الإنتاج المعرفي، وكيفية البحث عن المعلومات المهمة للكتابة، والفرق بين كتابة التقارير والقصص والروايات، وسبل تحويل الأفكار إلى أعمال إبداعية مكتوبة تراعي قواعد الكتابة الأدبية.
وتدرب المشاركون على كيفية رسم الخريطة الذهنية للعمل المراد كتابته من خلال المناقشة الجماعية، وتعلموا أهم تقنيات الكتابة ومهارات التحليل والوصف، التي تنمي حسهم الإبداعي وتؤهلهم للكتابة من زوايا سينمائية مختلفة يصطحبون القارئ من خلالها في رحلة عبر المعاني والكلمات.
وتعرف المشاركون إلى أهمية تدوين الأفكار، والتفكير بطريقة إبداعية، إضافة إلى محفزات الكتابة التي تقودهم إلى الشهرة والانتشار وتمكنهم من المشاركة في الجوائز المتخصصة على المستويين المحلي والعالمي. وأبدى الناشئة تفاعلاً إيجابياً في كتابة تفاعلية للتعبير عن رؤاهم؛ لتطبيق مهاراتهم المكتسبة من الورشة.

نبذة عن ناشئة الشارقة
تعتبر ناشئة الشارقة، التابعة لمؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، مؤسسة شبابية تركز على الإبداع والابتكار والاكتشاف المبكر لمواهب الناشئة في الأعمار من 13 إلى 18 عاماً والعمل على رعايتها بشكل مستمر، وتهيئة البيئة الجاذبة للشباب لممارسة الهوايات وتعلم المهارات عبر مراكزها الثمانية المنتشرة في مختلف مدن ومناطق إمارة الشارقة، وتزودهم بالخبرات التي تنمي حسهم الوطني وتساعدهم على القيام بأدوارهم للنهوض والارتقاء بالمجتمع الإماراتي. 

الخميس، 22 أغسطس 2019

تغطية بروفات عرض مسرحية "كيميا " سيناريو وإخراج الدكتور عجاج سليم عن نص الروسي ألكسندرأوبرازتسوف (مجالات)

الأربعاء، 21 أغسطس 2019

أسماء مصطفى فراشة المسرح الاردني ترفع وتعالج (أدرينالين) السرطانات المخفية

مجلة الفنون المسرحية

تعرض في منتدى المسرح الاربعاء والخميس المقبلين
أسماء مصطفى فراشة المسرح الاردني ترفع وتعالج (أدرينالين) السرطانات المخفية

عبد العليم البناء :

سيكون الجمهور والمعنيون بالمسرح على موعد مع مسرحية (أدرينالين) أداء ونص وإخراج الفنانة الاردنية أسماء مصطفى في باحة منتدى المسرح التجريبي التابع لمديرية المسارح في دائرة السينما والمسرح مساء يومي الاربعاء والخميس المقبلين 28و29/8/2019 (أدرينالين) .
(أدرينالين ) ستكون فاتحة الموسم المسرحي لمنتدى المسرح وهو يحتضن ابداع (فراشة المسرح الاردني) وهي تختزل العالم وعالم المرأة تحديدا من وجع سرطان الثدي، هذا الوحش الذي يرعب نساء الأرض جميعهن، وهو السرطان الأكثر نسبة الذي يصيب النساء، " فسرطان (أسماء ) الذي تتحدث عنه بكل جرأة في النص والأداء واللباس والديكور البسيط، والرقص على الأوجاع أكثر توحشًا في عالمنا العربي الذي تسرطن بأنواع السرطانات كافة التي بذرت في أرضنا وثقافتنا وحياتنا في هذا الزمن"، فتحكي عن امرأة مصابة بالسرطان، تواجه في رحلة علاجها الكثير من التحديات، وتكتشف الكثير من الأمراض الاجتماعية الموازية بخطورتها وبشاعتها لمرض السرطان.
أسماء مصطفى ، بجرأة تسجل لها ، ترفع (أدرينالين) السرطانات المخفية في المجتمع كله، ومن أجل ذلك جالت بمسرحيتها وهي من نوع المونودراما في أكثر من بلد عربي لتعالج قضية المرأة في مجتمع شرقي وعربي، في عصر الحروب والثورات، ونتاجها وأثرها الإيجابي والسلبي على المرأة، عبر (الكوميديا السوداء)، بـ"أسلوب يطرح الأسئلة الوجودية لقضية إقصاء المرأة وتهميشها ضمن مجتمع ذكوري عنصري لا يزال ينظر للمرأة على أنها مصدر الشر والغواية، وبالاعتماد على لغة الجسد وتجربة رقص البوتو، أي الرقص الاحتجاجي والإصغاء للعالم الداخلي".
وبعد أن أبدعت في لبنان، وتألّقت في أربيل، وأدهشت في المغرب، وحفرت في مصر، وابدعت في تونس وحلقت عاليا في مهرجان البصرة الدولي للمونودراما ونافست في مهرجان الكويت المسرحي للمونودراما، هاهي تحط الرحال في بغداد في منتدى المسرح التجريبي على ضفاف دجلة الخالد لكي تقدم ابداعها أمام أقرانها ونظرائها من أهل المسرح العراقي على طبق المسرح الجاد.



مسرحية " تدوير نفايات " .تأليف هشام شبر

مجلة الفنون المسرحية
الكاتب والفنان المسرحي هشام شبر



بنية الحوار المسرحي بين الكلمة والفعل: البحث عن المعنى في سياقات متحركة

مجلة الفنون المسرحية



٭بنية الحوار المسرحي بين الكلمة والفعل: البحث عن المعنى في سياقات متحركة


 مروان ياسين الدليمي


في موضوع كتابها الموسوم «بنية الحوار المسرحي واشتغالها بين الكلمة والفعل» هناك سؤال جوهري، شكَّل منطلقا أساسيا في مشروع الباحثة الأكاديمية سهى إياد العزاوي، كانت قد طرحته على نفسها ليكون مرتكزا جوهريا تستدل من خلاله على مسارات بحثها: «هل من مساحة خصوصية للحوار، يمكن  من خلالها إعادة وصهر أشكال وصور وأفعال درامية وفق ارتكاز تحليلي وقاعدي؟ الهدف من السؤال أن تصل في جهدها العلمي بالكشف عن كيفية اشتغال الكلمة وتوليدها فعلا دراميا، يستند إلى ما تمخض عن الإطار النظري من مؤشرات باعتماد النص المسرحي العراقي عينة تطبيقية، وهذا الخيار التطبيقي لوحده يعزز أهمية مشروعها، طالما قد وضع النص العراقي في مركز الاهتمام والبحث، بما يستحقه من قراءات نقدية أكاديمية.
هذا الإصدار في الأساس كان مشروعا علميا سبق أن نالت عنه سهى العزاوي شهادة الماجستير من كلية الفنون في جامعة بغداد، لذا جاء الكتاب بتنظيم أكاديمي رصين. الفصل الأول منه كُرِّس لتحديد الإطار المنهجي للبحث، والتطرق إلى مشكلته والحاجة إليه وأهميته إضافة إلى أهدافه وحدوده، ومن ثم تحديد المصطلحات، وهنا لا بد من الإشادة بجهد المؤلفة في توظيف التداولية في دراستها، إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار غياب هذا التوظيف في الدراسات المسرحية الأكاديمية خاصة في العراق.

الكتابة فضاء مُركّب

الفصل الثاني حدد الإطار النظري للبحث، وقد احتوى على أربعة مباحث، الأول حمل عنوان «قراءة النص» وفيه تؤكد المؤلفة على أن فك شيفرات النص يحتم الاعتماد على ضابط ارتباط وظيفة الكلام البشري بالنسق الذي تتركب عليه أجزاؤه، بحيث تغدو القيمة الأساسية لكل خطاب بشري ليس في طبيعته الذاتية، إنما في كيفية تركيب عناصره، وبتقبله بالمعيار نفسه الذي ركبه عليه صاحبه، ثم تستعرض لنا ما جاءت به الألسنية من فرضيات وأطاريح لتفسير الظاهرة اللغوية، لأجل رصد الوقائع، مشيرة إلى أنهم قد اعتمدوا على بنى الجمل صوتيا وتركيبيا، وفي هذا السياق أخذت اللسانيات تتعامل مع الظاهرة اللغوية «لا بوصفها ظاهرة في التاريخ ثبتتها النصوص القديمة، صيغة وتركيبا ودلالة، ووقفت شاهدة عليها، ولكن بوصفها آنية تشد التاريخ إليها وتتجاوزه، في الزمان والمكان، إلى خارج النصوص، وهذا يعني أن للدلالة في الألسنية عدة معان للعبارة، ويمكن لهذا المعنى أن يكون متغيرا في ما بعد، ويجعله السياق أكثر دقة.

ليس هناك من نص بِكر، وإنما هو نسيج من الاقتباسات والانحدارات الثقافية، وأن داخل أي نص تستطيع التعرف على نصوص سابقة وحالية، وهو ما دعاه بالتناص

وهنا تضع العزاوي شروطا ثلاثة للعلاقة اللسانية التي وضعها سوسير:
1- أن تكون العلاقة اللسانية دالة على المعنى .
2- أن تكون مستعملة في مجتمع لساني يفهمها
3- أن تنتمي إلى نظام من العلاقات اللغوية .
وتتابع الباحثة قراءتها في هذا النسق فتورد لنا ما عبّر عنه رولان بارت حول قراءة النص بإشارته إلى أنه ليس هناك من نص بِكر، وإنما هو نسيج من الاقتباسات والانحدارات الثقافية، وأن داخل أي نص تستطيع التعرف على نصوص سابقة وحالية، وهو ما دعاه بالتناص، فالكتابة من وجهة نظر بارت فضاء مركب وحيادي ومنحرف وسلبي، وما يكتب هو مكتوب أصلا، ولكن نظام الكلمات هو الذي تبدّل .

اصطفاء لغة الحوار

جاء المبحث الثاني مخصصا للحوار، فيضع أمامنا جُملة واضحة ربما تبدو للوهلة الأولى لا تقبل النقاش: «لا يوجد في الحوار المسرحي حوارا نفعيا وآخر غير نفعي». فالحوار الدرامي، كما عبرت عنه، ليس بالحوار المُقتطع من الحياة، ولكنه يبدو طبيعيا، وتضيف إلى ذلك، فهو في النص المسرحي أكثر تجريدا أو شكلية من الأحاديث اليومية الاعتيادية لأن الكاتب الدرامي يعمد على الدوام إلى اصطفاء لغة ذات أسلوب تصعيدي مصاغة بتؤدة تتجاوز ما يفعله أي إنسان خلال أحاديثه اليومية، بالنتيجة فإن حوارات الشخصيات في المسرحيات الواقعية تكون أدق وأوضح وأبلغ تعبيرا من الأحاديث اليومية نفسها، بالتالي ينقل الحوار وهم الكلام الحقيقي أو الواقعي. ونظام الحوار الدرامي يرتكز على النظام اللغوي والنظام اللغوي التداولي والنظام اللغوي الخاص بالكاتب، ومن ثم النظام اللغوي الخاص بالنص. وبخصوص الحوار في النص المسرحي يشير الكتاب إلى أنه يأخذ أشكالا عدّة، فقد يكون بين شخصين وأكثر، أو بين الشخص وذاته، أو يتحدث إلى ما حوله من الأشياء أو حواره مع ربه. أما عن أهمية الحوار فهناك تأكيد على أنها تكمن في آلياته الوظيفية والفكرية والجمالية المتعددة، فهو العنصر الأهم في أداء الوظيفة الدرامية للنص منذ المسرح الإغريقي، وحتى المسرح الطليعي بمختلف مدارسه. ويبقى الحوار لسان حال الشخصية والناطق عنها والكاشف عن مراحل تطورها وأفكارها، فيعمل على الارتفاع بها من المحسوسات والجزئيات إلى الأمور الكلية الشاملة، ومثلما هناك فرق كبير بين حوار مكتوب في النصوص الكوميدية عن المكتوب في التراجيديا، فإنه يختلف بشكل واضح بين النصوص، حسب المدارس الفنية، التي يتم صياغته وفق تقنياتها، فالحوار في النص الكلاسيكي يختلف عنه في التعبيري والبرشتي (الملحمي) وفي مسرح العبث واللامعقول. أيضا يكشف الحوار عن أنواع من الصراعات، أبرزها صراع أفقي مرتبط بالكيان الاجتماعي، وصراع عمودي يتجسد في صراع الشخصية مع ذاتها، وبهذا الخصوص يتم اقتباس كلمة الناقد الأراديس نيكول: «إن الحوار هو موضوع المسرحية بأكمله وجميع الشخصيات المسوقة، فلا يمكن تصويرها والكشف عن مكنوناتها إلا باللغة».

المسرح والشعر

في المبحث الثالث نبذة تاريخية حول نشأة النص الشعري، ليعود بنا إلى الطقوس الإغريقية التي كان يتم فيها الاحتفال بالإله ديونيسيس، ومن تلك البذرة نمت شجرة الدراما بأسلوب شعري حمل بين طياته روحا درامية، أفضت بالتالي إلى ولادة النص المسرحي، فالشعر إذن كما تشير إلى ذلك هو الوعاء الذي صب الإنسان فيه أفكاره منذ قديم الأزل، فكان المعادل بين اللغة والحالة الشعرية، وتقلّب وتحوّل وانتقل بينهما وبين الدراما، التي تُبنى على الصراع وتجسيد الفعل، فالشعر يحمل قيمة تعبيرية عالية، وبهذه التعبيرية يبتعد المسرح عن الحياة بمعناها اليومي قليلا، أو كثيرا. وهنا لا تجد المؤلفة تفسيرا عميقا لهذه العلاقة المركبة بين الشعر والمسرح، سوى أن الأرواح هي التي تتحدث في المسرحية، وهو ما أعطى للمسرح أساسا فلسفيا، وفي هذه المسألة تَخلُص إلى أن العمل الشعري ذا الطابع الدرامي إنما هو بناء على مستويين، مستوى الفن ومستوى الحياة ذاتها، ثم تواصل بحثها في السياق التاريخي لِتقلب أوراق مسرح عصر النهضة الأوروبية الذي شهد ولادة الكلاسيكية الجديدة في فرنسا، ومن بعد ذلك ما حصل من تحول كبير في القرن التاسع عشر، حيث تحول الحوار من الشعر إلى النثر على يد هنريك أبسن ومدرسته الواقعية لاعتقاده أن الحوار الشعري بعيد عن الشخصية الناقلة لوهم الحقيقة.

المسرح الشعري ليس قائما على الشعر، وإنما على المفاهيم التي يقوم عليها الشعر، ويشتغل بها، وإن الشعر في الدراما الشعرية ليس أسلوبا للتعبير، وإنما هو جزء أساس وضروري في بنائها العاطفي والفكري.

ومن هذه المدرسة الواقعية ولد الكثير من الاتجاهات في التأليف أعلنت بدورها الثورة على الواقعية، ولأجل أن تكتمل تفاصيل الصورة في هذا المنحى يتم التطرق إلى نوع من الكتابة المسرحية يعتمد فيها بعض الكُتَّاب على تقديم نصوص ذهنية تتصارع فيها الأفكار، ولتتصف حواراتها بالازدواج ما بين أفكار عميقة وحوارات درامية مؤثرة في تكوين صورة حسية، وأبرز مثال على ذلك في الأدب العربي من وجهة نظرها نصوص الكاتب المصري توفيق الحكيم.
وخلاصة ما تصل إليه في موضوع الشعر والمسرح والعلاقة بينهما، أن المسرح الشعري ليس قائما على الشعر، وإنما على المفاهيم التي يقوم عليها الشعر، ويشتغل بها، وإن الشعر في الدراما الشعرية ليس أسلوبا للتعبير، وإنما هو جزء أساس وضروري في بنائها العاطفي والفكري.
تناول المبحث الرابع من الفصل الثاني موضوع اشتغال الحوار بين الكلمة والفعل، وهنا تجد سهى العزاوي أن تراكيب واستعمالات البنية والحوار ونمط العلاقة من حيث الاشتغال والمفاعلة بينهما وبين الفعل والكلمة تتعالق بشكل كلي مع التداولية، ولهذا عنيت بتحديد مفهوم التداولية التي جاءت، حسب ما أشارت إلى ذلك كردة فعل على التوليدية التي جعلت من المعنى مركزا داخل النص، أي أن التوليدية تعاملت مع اللغة بوصفها بنية مجردة ذهنية يمكن عزلها عن وظيفتها ومستخدمها، بينما عملت التداولية على الانفتاح على علاقة النص ومستخدمه، أي أن المعنى يتشارك ما بينه وبين فعل الاستخدام، حيث أن التداولية تدرس المعنى الثابت في سياقات متحركة وتقوم على بحث العلاقة بين اللغـــــة ومتداولـــها، فهــــي تســـمح بتحلـــــيل عمليات الكلام ووصف وظائف الأقوال اللغوية وخصائصها لدى التواصل اللغوي، وتدرس علاقة العلامة بمتحدثها، أي أنها تركز على المحور العملي للمعنى، أي الاتجاه الوظيفي. وتضيف إلى ذلك أن التداولية تفــــترض وجود متكلم ومُخاطب ولهذا يلاحظ أن عموم تعاريفها ترتبط بمفـــــهوم الاســـتعمال، وفي الوقت نفسه تؤكد المفهوم الضمني والدلالة الخفية أو البنية العميقة، ولهذا عملت على دراسة كيفية تفاعل الخصائص اللغوية والعوامل النصية في تأويل الملفوظات، مؤكدة على المقاصد وما بعد تأويل العلامة، بذلك ترى أن العلامة أصبحت هي المرتكز الذي تستند إليه التداولية وصولا إلى مقصد المؤلف، كما تهتم أيضا بدراسة الموقف الكلامي فتوكد القصد الإخباري والقصد التواصلي، بمعنى أسلوبية التفسير.
وفي مكان آخر تضيف العزاوي أن التداولية بوصفها تحليلا نقديا يبحث عن حالة اللاتطابق بين ما ننطق به والسياق الذي يرد فيه الكلام، وحالة اللاتطابق هي التي تحرك في المتلقي حالة التواتر عندما يحاول إقامة علاقة بين ما يراه داخل العمل الفني والمخططات التي اكتسبها عبر وعيه الجمالي. مضيفة أن هذا تأكيد على أهمية تشكيل الصورة الذهنية الجمالية الناتجة من سياق الحوار النصي، وكذلك في المواءمة بين هذا السياق ومخططات القارئ، فالتداولية تركز على العلاقة بين العلامة والمتلقي.
أما بخصوص إجراءات البحث التي استعرضها الكتاب في الفصل الثالث فقد اعتمدت العزَّاوي على نصوص مسرحية عراقية منشورة ضمن الفترة 1938 – 2003 . واختارت عينات بحثها من نصوص مسرحية نثرية وشعرية، ووقع اختيارها على نموذجين، النص الأول بعنوان «مملكة الاغتراب» وهو نص نثري للمؤلف فلاح شاكر، والنص الثاني «نوح لا يركب السفينة» وهو نص شعري للمؤلف محمد علي الخفاجي.
الفصل الرابع من الكتاب يتعلق بجملة من النقاط تمثل خلاصة ما توصلت إليه المؤلفة من نتائج واستنتاجات وتوصيات ومقترحات.

٭ «بنية الحوار المسرحي واشتغالها بين الكلمة والفعل»: سهى إياد العزاوي.. الطبعة الأولى 2019.. دار الإبداع للطباعة والنشر والتوزيع – صلاح الدين.. عدد الصفحات 280

الثلاثاء، 20 أغسطس 2019

مسرحية كين أو فوضى وعبقرية.. عن اللعب والأنا والعلاقة بين السلطة بالفنانين

مجلة الفنون المسرحية

مسرحية كين أو فوضى وعبقرية.. عن اللعب والأنا والعلاقة بين السلطة بالفنانين

د. محمد سيف 
لقد واجهت مسرحية (كين)، التي تتكون من خمسة فصول وست لوحات، لمؤلفها الروائي الفرنسي ألكسندر دوماس، مصيرا مذهلا تمثل في إعادة كتابتها بالكامل من قبل جان بول سارتر، الذي أعطاها بعدا آخر مثيرا، استنطق من خلاله المعاناة الوجودية الحقيقية والمتخيلة للممثل وتأرجحه المستمر بين نفسه كذات وما يلعبه من شخصيات. كتبت المسرحية في عام 1836، تحت عنوان (فوضى وعبقرية)، ويعتمد متنها الحكائي على حياة الممثل الكوميدي البريطاني إدمون كين (1787- 1833)، الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة كممثل لأعمال شكسبير. إنها تضع حياة هذا الأخير على المسرح، هذه الحياة التي كانت من ناحية محبوبة من قبل الجمهور، وكذلك المجتمع الإنجليزي الراقي - الأمير دي كال، الذي كان يعامله كصديق - ومن ناحية أخرى، الحياة الهامشية والمستبعدة إلى أبعد ما يكون. كان العالم ينظر إلى هذا الممثل العظيم، على أنه مجرد فنان، وكين نفسه، على الرغم من مداخيله الكبيرة، لم يستطع التخلص من ميوله وتذوقه لحياة العالم السفلي، والملاهي السيئة السمعة.
تجري أحداث الفصل الأول لمسرحية ألكسندر دوماس في صالون إيلينا دي كوفيلد، حيث يناقش الأمير دي كال آخر مغامرات كين الطائشة، واتهامه باختطاف الفتاة الثرية آنا دامبي. فيصل كين نفسه، وبحجة أن يشرح أنه لا يعرف الآنسة آنا، يعطي سرا موعدا للكونتيسة كوفيلد. في الفصل الثاني، يستقبل كين، في منزله، آنا دامبي، التي تأتي لكي توضح له أنها ترفض الزواج الذي فرضته عليها أسرتها من اللورد مويل، وتريد من الآن فصاعد أن تكسب لقمة عيشها من خلال أن تصبح ممثلة. كين يرسم لها صورة مرعبة عن هذه المهنة، التي يجب على الممثلة أن تبيع نفسها لكي تنجح، وحيث يكون الممثل دائما ضحية مؤامرات سرية وعلنية، لا حصر لها، هذا بالإضافة إلى نظرة المجتمع السيئة إليه، وإن التمثيل مجرد وهم - ولكن بالمقابل، إنه لا يتخلى عن مهنته، حتى لو منحوه العالم بأسره!
يدور الفصل الثالث في حانة، حيث يرى كين وصول آنا، يتبعها اللورد مويل. يتصدى كين لهذا الأخير، الذي يرفض القتال معه، لأن اللورد لا يتقاتل مع بهلوان مشعوذ. كين يزدريه بخطبة مسهبة عنيفة. ونرى في الفصل الرابع، كين في مقصورته، يستقبل، أولا، زيارة إيلينا، التي تخبره بأنها على استعداد لترك كل شيء من أجله، ثم زيارة الأمير دي كال. علما بأن هذا الأخير زير نساء كبير، فيتوسل إليه كين بألا يحاول إغواء إيلينا، التي يحبها حبا جما. وبعد رفض وتردد في عدم اللعب، يدخل كين أخيرا الخشبة، ولكنه تنتابه حالة من الجنون والتهور، فيهين الأمير وحاشيته، ويتوقف العرض.
في الفصل الخامس، يحبس كين نفسه في بيته، ويستقبل زيارات متتالية من قبل آنا وإيلينا وزوجها والأمير دي كال، وإلى آخره... ويتضح أن إيلينا قد استعادت ذكاءها ولم تعد ترغب في التخلي عن وضعها الاجتماعي والفرار معه، في حين أن آنا، التي تحبه بصدق، مستعدة لكل التفاني من أجله. وهنا يتدخل الأمير دي كال وينقذ كين من السجن. بعد ذلك، ينفي الممثل نفسه إلى أمريكا مع آنا.
هذه هي قصة مسرحية ألكسندر دوماس، التي كتبها بشكل رائع تكريما للمسرح، ولشغف الممثل بفنه. وإنها أيضا، دفاع عن الوضع الاجتماعي المتواضع للممثل كين، الذي كان يعيش بشكل سيء للغاية المواقف الكاذبة التي وجد نفسه فيها. وهنا يذكرنا كين بألكسندر دوماس نفسه، كممثل، وكاتب وجد نفسه وحده، عرف المجد العالمي، والثروة، وصداقة الكثير من عظماء العالم، ولكنه، مثل كين، لم يؤخذ أبدا على محمل الجد، وهو المتحمس للسياسة، ولكنه لم ينتخب؛ والأكاديمية الفرنسية رفضته بسخرية بحجة أنه كاتب عادي جدا.
إن هذه المسرحية المنسية، إذا جاز لنا القول، استأنفها جان بول سارتر، وأعاد كتابتها، وصنع منها دراما قوية وصلبة بعد أن خلصها من الكثير من الحشو، مثلما يقول الناقد والكاتب الفرنسي روبرت كيمب، فأصبحت رائعة. وعلى الرغم من ذلك، فإن سارتر لم يدع أبوة المسرحية الجديدة. وقد قدمتها طبعة Gallimard Kean، كعمل لألكسندر دوماس، في تأليف لجان بول سارتر. علما بأن مؤلف (الوجود والعدم، ونقد العقل الجدلي، والجدار، والغثيان، وثلاثية الطريق إلى الحرية، والذباب، والغرفة المغلقة، والعاهرة الفاضلة، وإلى آخره من المؤلفات والدراسات)، قد قام بتحويل وتغيير النص الأصلي إلى حد كبير، بطريقة مثيرة. لقد طور سارتر في الواقع، بعض العناصر التي تم ذكرها بإيجاز فقط من قبل دوماس. خصوصا انجراف كين نحو الجنون، وفقدان هوية الممثل الذي لم يعد يعرف أين هو الحقيقي وأين اللعب. في عمل دوماس، كان يعاني كين بشكل أساسي من وضعه الاجتماعي، وفي كتابة سارتر، لم تعد لديه هوية. وفي نهاية المطاف، إن شغف اللعب الذي ينعش حياته يغزوه كليا، مما يمنح سارتر، فرصة أن يجعله يصاب بدوار الهاوية.
يحكي العمل قصة كين الممثل الإنجليزي الشهير، الذي حقق نجاحا كبيرا في مسرح دروري لين الملكي، الذي كانت تهرع إليه جميع أنحاء لندن، في أوائل القرن التاسع عشر، لتهتف له. امرأتان تقعان في حبه: الكونتيسه إيلينا، زوجة سفير الدنمارك، وأنا دامبي، وريثة برجوازية شابة تكون على استعداد للتخلي عن كل شيء من أجل الانضمام إلى فرقة، هذا الغاوي المليء بالديون، والسكير، وزير نساء. ولكن في شخصية كين غالبا ما يختلط فيها الذاتي بالموضوعي، الإنسان بالممثل، بحيث يصبح من المتعذر علينا معرفة فيما إذا كان هو نفسه حقيقة أم الشخصيات المختلفة التي يلعبها؟
في إحدى الليالي، أثناء لعبه لشخصية عطيل، يترك اللجام لعواطفه الجياشة، ينفجر أمام الجمهور والأمير دي كال، منافسه الذي كان يلاطف الكونتيسه إيلينا في مقصورته، ويقوم بتعرية قلبه، كاشفا الغطاء عن حبه لهذه الأخيرة. فتتعالى صيحات الاستهجان، لأول مرة من قبل الجمهور، لهذا الممثل العظيم، ويتردد صداها في كل مكان، ومع ذلك فنحن في حاجة ماسة، لمواصلة الاهتزاز والمتعة، رغم الصعوبات، والمد والجزر، لأن كين دوماس ليس أكثر ولا أقل من جوهر المسرح نفسه! لا سيما أن الأمير دي كال لم يكنّ له الاحتقار، رغم الفارق الطبقي. لكن كين إنسان مفرط، ويسخر من كل ما هو طارئ، ويطلق العنان لعواطفه، ويمنح نفسه بسرور للوقاحة والكرم والاحتقار. وهذا ما صوره سارتر في كتابته الجديدة للنص، لدرجة أننا لم نعد نعرف من خلالها، من هو كين؟ وماذا يجسد على وجه التحديد. هل يلعب نفسه، أم روميو، أم هاملت، أو غيرة شخصية عطيل خاصة؟ وإلى أي مدى تلتهم هذه الكائنات الشكسبيرية شخصيته؟
اجتمعت، في هذا العمل، الذي قدمه مؤخرا المخرج الألماني فرانك كاستورف، على مسرح الأوديون، مجموعة كبيرة من الألوان، الضحك والعواطف، واختلطت فيه الكوميديا بالمأساة دون خجل، أو تردد، وعالجت جميع الموضوعات الرئيسية. البحث عن المطلق، الغزل، السلطة، والجنون. لقد كان بمثابة نداء ناري لكل أنواع المقاومة، وترنيمة محمومة بالحرية، ومزيج بين حمى خيال دوماس الصارخ وحداثة هاينر مولر الجريئة؛ مثلما كانت فيه إشادة وإطراء لشكسبير وبيراندلو مبكرة. إنه قدم لنا، أولا وقبل كل شيء، تنوعا مبهجا، ووهاجا حول الفن الكوميدي، من خلال مروره بفن الممثل؛ قدم لعبا حقيقيا، من خلال لعب المرايا التي طوره المخرج بشكل دائم إلى أقصى الحدود، بوضع الممثلين في قلب تركيبة ميكافيلية قليلا، في آلية لعب حقيقية، ودفعهم بلا حدود حتى الثمالة لتذوق جميع ملذات الخشبة.
لقد قدم هذا المخرج الألماني عرضا مذهلا واستفزازيا على خلفية موسيقى الروك الجامحة، جامعا فيه بين الروائي الرومانسي ألكسندر ديماس والمؤلف الماركسي هاينر مولر. موليا اهتمامه بالدرجة الأساس إلى النسخة الأصلية، على الرغم من اكتشفها لأول مرة، من خلال نظرة وإعداد سارتر لها. ربما لأن نص دوماس يمنح الجسد حضورا أكثر، من خلال تجاوزات الممثل إدموند كين، في حين أن نص سارتر يحيلها إلى رؤية اجتماعية وسياسية أكثر. بالنسبة لي، يقول المخرج: (إن إخراج هذه المسرحية هو معرفة فيما إذا كان كين هاملت، أو على العكس من ذلك، هاملت هو كين). وهكذا، يلتحق المخرج فرانك كاستورف، بفكر كين نفسه، الذي يعتقد أن الفن يكون مثيرا للاهتمام فقط عندما ينضم إلى مجال الاستثناء.
إن ما يثيره في شخصية كين، هو طبيعتها الفريدة وغير العادية. فكين ممثل أسطوري، يشبه إلى حد كبير فناني البوب، مثل الشاعر والمغني الأمريكي جيم موريسون أو أرثر رامبو. إنه نجم ساطع قد أتى من الحضيض، إن صح التعبير، عرف الجوع، وقد اضطر لوضع قواعد لعبه الخاصة به من أجل الوصول إلى المكانة التي وصل إليها، عن طريق انتشال نفسه من بيئته الأصلية، وهذا ما أكسبه قوة حيوانية، إن صح التعبير. وبفضل هذه القوة استطاع أن يكسر جميع العقبات التي واجهته، ويتجاوز كل الحدود، ويكشف الغطاء عن ماهية الفنان الحقيقية.
إن “كين” أو “العبقري والفوضى” مسرحية غير عادية، وهي في عصر مثل عصرنا، حيث يتم تصوير كل شيء بشكل درامي، وتقدم كل شخصية سياسية نفسها كشكل من أشكال المنتجات الفنية، تجعلنا نتساءل عما إذا كان المسرح - بعد أن أصبح كل شيء ممسرحا - لا طائل منه أو غير مجدٍ. ولهذا السبب ربما، اختار المخرج فرانك كاستورف المواجهة بين مسرحية دوماس مع مسرحية هاملت ماشين لهنري مولر، ربما لأن، هذا الأخير، كشف في مسرحيته، عن قفا الميدالية، أي عن الجانب الآخر للفنان. إنه يظهر لنا الممثل - كثوري من شأنه أن يفقد التزامه السياسي - الذي فقد جمهوره. الممثل الذي يستمر في اللعب، ويعيش بشكل مفرط، لكنه لم يعد يرى في الصالة سوى «جثث محشوة (...) لا تحرك أياديها للتصفيق». فهاملت ماشين أو ماكينة، مسرحية تنتمي إلى مسرح ما بعد الدراما، تحتفل بالميتا مسرح وموت المسرح. يقول الممثل: «لقد كنت هاملت، ولم أعد الآن». من الذي يتحدث إذن؟ ومن هذا «الأنا» الذي لم يعد شخصية مسرحية مشهورة؟ وإلى من يوجه كلامه؟ (بعد انتفاضة أكتوبر 1956، في المجر، حاول مولر، أن يكتب هاملت، في بودابست، ولكنه لم ينجح. وإن هاملت ماشين أو ماكينة، بمثابة إقرار بالفشل، بالأمل الشيوعي، والفكري، والفشل في المسرح الذي لم يعد من الممكن وجوده بنفس الطريقة، لأنه لم يعد يعالج: “أنا لست هاملت. لم أعد ألعب دورا. كلماتي ليس لديها ما تقوله لي. أفكاري تمتص دماء الصور. مأساتي لم تعد تحدث. خلفي وضع الديكور، وأناس لم تعد تهمهم قصتي، ولا تتعلق بهم”). وهكذا، مع مسرحية هاملت ماشين، صار المتفرج يبني معناه الخاص. وعندما كتب مولر هذه المسرحية، كان يفكر بفشل وسحق الثورة المجرية، ويتساءل من خلالها عما يبقى عند سحق كل شيء. لا سيما نحن نعلم اليوم في أوروبا ما بعد عام 1989 - سقوط جدار برلين وآذن بنهاية الشيوعية - إن ما تبقى هو الرغبة في شرب الكوكا كولا، والرغبة الطوباوية في العيش في بلد قائم على قيم المساواة والإخاء.
وكما هو الحال دائما في العروض البرلينية، المولودة في ألمانيا الشرقية عام 1951، يتم إجراء الكثير من التعديلات على النص الأصلي، أو إلى ما بقي منه. وأهم الإضافات في هذا العرض، هو مسرحية هاملت ماشين لهاينر مولر. ولكن هناك أيضا اقتباسات من نصوص غوته، كلايست، لسينغ وماركس وإعلانات عن المنتجات المضادة للتجاعيد. ونصوص عن التعذيب الذي يتعرض له الأطفال في العمل أو قمع المظاهرات، ونصوص أخرى مكتوبة من قبل فرانك كاستورف نفسه.
إن الكتابة المسرحية اليوم، سواء كانت ركحية أو نصية، لم تعد تسعى لنقل رسالة. لذا، يتساءل Michel Beretti: بأي طريقة سنكون أكثر قدرة من الآخرين على تقديم إجابات للأسئلة التي تطرحها حالة العالم؟ إن الأمر يرجع إلى المشاهد لتغيير المجتمع، مثلما يقول بريشت. ونفهم من هذ القول والتساؤل، يمكن للمسرح أن يشترك في طرح الأسئلة فقط، في المكان المشترك الذي هو المسرح، حيث تجتمع فيه مجموعة صغيرة من الناس عن طريق الصدفة. ولكن حتى لو تم طرح أسئلة صحيحة، (لماذا سنكون أكثر كفاءة من الآخرين في الإجابة عليها؟ وهل سيتم سماع هذه الأسئلة إلى الحد الذي لا نعرف فيه حقا إلى من يوجهها المسرح؟). وهذا ما يؤكد ضمنيا، على أن مفهوم أو فكرة مسرح ما بعد الدراما، غير واضحة بالنسبة للكثير من المختصين. لأن عروضه، بمثابة انقطاعات دقيقة زمنية بدون مستقبل، مثلما تقول فلورنس دوبون.
في عرض فرانك كاستورف، كين يترك ملابسه القديمة. ويعيش في ديكور اليوم: قطعة من القماش المشمع الضخمة التي تبدو وكأنها بقعة لوح للتزلج، وهو مكان مثالي بدرجة كافية للانزلاق على الأرداف، ولكن أكثر من ذلك على أوهام: وهم الاعتقاد بأن الصراع الطبقي ميت وأنه يمكن قبول الفرد في المجتمع الراقي عندما يكون المرء مشعوذا؛ وهم التفكير في أن تحرير الشخص يمكن أن يؤدي إلى تحرير الآخرين؛ وهم تخيل أن غضب الحياة يمكن أن يتغلب على الاكتئاب. هذا ما يشير إليه كين إلى الشخصيات الأخرى، وعشاقه، ونسائه الأنيقات اللائي يحبهن، وأصدقائه من الناس، والوريثة الثرية التي تحبذ الزواج من الأرستقراطي لإعادة بناء صحتها المالية، تحت طائلة المثل الذي يقول: «إن الجبن تفوح منه رائحة كريهة، لكن المال لا رائحة له».
في ديكور سريري في أجواء غير منظمة، تنخرط مخلوقتان عاديتان، معزولتان في خدرتهما المصنوعة من الخشب الرقائقي، في محادثة صالون في زاويا قائمة. إلقاؤهما مفرط، إيماءاتهما مستعارة، وشكواهما جامدة؛ هاتان السيدتان تنتظران، في غرورهما الرائع المصطنع، بقية الضيوف. ولكن العرض لا يمكن أن يبدأ من دون السيد ك، كين، إدمون كين بكل تأكيد. كين الإلهي، المخلوق الخارق، القادم من عالم آخر، والخارج من بطن أخرى، الذي يعرف كيف يكون مرغوبا به. كونه ممثلا محبوبا، وذات حضور ماجن، ومنتصر في مسرح دروري لين الملكي في لندن، إنه السير كين المحبوب الذي لا يعرف الشفق. المحمي والمغرر به من قبل كبار القوم - الأمير دي كال - إدموند كين عبقري الفوضى، وبطل هذه الدعارة السعيدة الذي يشبه إنكلترا المشوهة في القرن التاسع عشر. إنه، أمير الدنيوية الفاسقة، والوحشية، الذي يحترق رغبة في جميع سيدات وكونتيستات المملكة، كين في حركاته المميزة السوداوية الأنيقة، تذوب رغباته الجنسية في الشمبانيا.
على خشبة المسرح، يسعى علم الدنمارك وإنكلترا، المرفوعان أمام بعضهما البعض، لسرقة أضواء العرض؛ من منهما ستكون مملكته الأكثر فسادا. وهل أن هاملت هذا، هو دنماركي أم أنه...؟ (أنا هاينر مولر!)، وهو يصرخ في ميكروفونه، على أنغام الغيتار الكهربائي. في عموم مملكة كين يا سيدي غير الموقر، والمنفلت، كل الطرق المسرحية مسموح بها. ولا توجد وسيلة أخرى للفرار.
أداء الممثل، ألكسندر شير يسكن شخصية إدموند كين، إن لم يكن كين الذي يسكنه. شير، يركض، يقفز، يغني، يصرخ وينزف. إنه استثمار مادي جدير بالأداء الحقيقي. إضافة إلى ذلك الصمت الذي نرى من خلاله الطاقة اللازمة أيضا للممثل التي ينقلها لنا دون كلمات. فشير يضاعف من النظرات نحو الجمهور، يلعب ويعطي. الالتزام لديه بمثابة سخاء! ويبدو أنه لن يتوقف. وهذه هي متعته. لقد كان حالة استثنائية، جعلتنا نتساءل دائما هل ما زال يلعب؟ لا سيما أننا كنا مبتهجين في هذه التبادلات (غير المتوقعة؟) مع الجمهور. بحيث بدا لنا كين قريبا منا، ومعاصرا لنا جدا. ما هي مهنة الممثل؟ أداء الأدوار فقط، لجميع أولئك الذين يتوجه لهم الفن؟ استثمار كيان للعب شخصية كين؟ أم جزء من حقيقة مضطرب وخاسر من كثرة لعب الأدوار؟ إن المخرج فرانك كاستورف يجعل من الممثل، من خلال شخصية كين، مثل إسفنجة تجتاح العالم وتبتلعه من جميع النواحي، الجنس، الروك أند رول، وبما في ذلك السياسة.
إنها مسرحية حول «اللعب»، و«الأنا»، والعلاقة بين السلطة والفنانين.

-------------------------------------------------
المصدر : مسرحنا - العدد 624 صدر بتاريخ 12أغسطس2019

الاثنين، 19 أغسطس 2019

افتتاح المهرجان القومي للمسرح الـ 12 بتكريم مجموعة من الفنانين

مجلة الفنون المسرحية


افتتاح المهرجان القومي للمسرح الـ 12 بتكريم مجموعة من الفنانين   

كُرم المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته ال 12 الفنان لطفي لبيب، خلال افتتاح المهرجان القومي للمسرح المصري، كما كرم الفنانة هالة فاخر، ويوسف شعبان، وسلوى محمد علي، وسوسن بدر، وعلي الحجار، الذي غنى على المسرح، والفنان توفيق عبدالحميد، الذي بكى خلال تسلمه الجائزة.
كما تسلم عمر الفيشاوي، تكريم اسم والده، في حضور والدته الفنانة سمية الألفي، في أول ظهور لهما بعد وفاة الفنان فاروق الفيشاوي.
وبدأ حفل افتتاح الدورة 12 من مهرجان المسرح القومي المصري، في دار الأوبرا المصرية، بحضور الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة المصرية.
قدمت حفل الافتتاح الإعلامية جاسمين طه زكي، وبدأت مراسم الحفل خارج المسرح بعروض كرنفالية مسرحية وموسيقية على جانبي السجادة الحمراء التي يمر عليها نجوم المسرح المصري وأعضاء لجان التحكيم والفنانون المكرمون وضيوف المهرجان من المسرحيين. وصعد الفنان أحمد عبدالعزيز، رئيس المهرجان، وألقى كلمته، خلال الافتتاح.

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption