الجمهور يتفاعل في مختبر كيميا جمالياً
مجلة الفنون المسرحية
جمهور يتفاعل في مختبر كيميا جمالياً
د.حازم الحربى :
كنت هناك في ارض انهكتها الحروب، سوريا، سوريا اليوم ليست كما العام الماضي وغداً ليست كما اليوم، حظرت عرضاً مسرحياً اسماه صانع العرض د.عجاج سليم ( كيميا ) الذي اعده واخرجه عن نص ( مجالات) للكاتب الروسي ( الكسندر اوبرازتسوف) .
العرض قائم على الجدلية القائمة في النفس البشرية ما بين الخير والشر وما بين الحب والكراهية تلك الثنائيات التي ولدت منذ بداية الخلق، شكل العرض لدى المتلقي عبر اداء الممثل وعناصر العرض الاخرى شكلاً جمالياً جعل من المتلقي لا يغادر سلسلة الاحداث داخل العرض المسرحي الذي تجاوز الساعة من الزمن، تنامي الاحداث والصراع وايقاع العرض المتصاعد كان سبباً رئيسياً في ذلك، وبكل تجرد وجدت في هذا العرض محاكياً لمشاكل داخل بلدي العراق كما هو الحال في سوريا او معظم البلدان التي دخلتها الحروب والبعض منها تنتظر تلك المأسي، ناقش العرض موضوعة مهمه وهي الانسجام وفقدان المحبة ما بين بنوا البشر وعدم التسامح ونشر روح الكراهية، تلك الثقافة الدخيله على مجتماعتنا ومن مخرجاتها التفكك الاسري اذ نجد في هذا العرض المسرحي سلطة المراءة على الرجل والجعل منه ذاك الخانع الذي لا يحرك ساكناً مما ينعكس سلباً على بنية المنظومة الاسرية وهي نتاج عدم التفاهم والتوافق بين الزوج والزوجة ولهذه المشكلة تجارب كثيرة في المجتمعات العربية، اما ان تكون سلطة الرجل هي المهيمنة او العكس فبالتالي كليهما تنتج مشاكل داخل الاسرة، شاهدنا ذلك الرجل ذو الملابس الرثة من الخارج في شكلها، و الذي يحمل في طياته مضامين لتجارب حياتيه جعلت منه قديس العرض الباحث عن المحبة والسلام التي فقدها اثناء حياته.
تناول مخرج العرض مفردة الحب بشكل مركزي واصبحت كلمة تداولية حتى انها لم تغادر مخيلتي .. الحب .. تلك الكلمة التي هوت في واقعنا وللاسف وذلك بسبب ما صنعت لنا الحروب من حقد وكراهية فيما بيننا، قالها صناع العرض الحب يصنع حياة رغيدة رغم الظروف القاسية وعكسها تنتج لنا ما يحمد عقباه، ان تكاملية عناصر العرض المسرحي انتجت لنا شكلاً جمالياً جعل مسافة جمالية وكأننا على خشبة المسرح نتحدث لهم ويتحدثون لنا صناع العرض، ان تشاكل المنظومة البصرية والسمعية في داخل العرض جعلت من ايقاع العرض في تصاعد حتى تحية الجمهور وحتى دموع مخرج العرض متفاخراً بمجموعته الجميلة، ان ما قدمه صناع العرض كما اسميهم تجربة مهمه بوجود مجموعة من اصحاب التجربة المسرحية وكذلك ممثلين شباب واعدين حقاً يمتلكون منظومة جسدية وصوتية تكاملت مع عناصر العرض الاخرى مشكلة سنغرافيا وسنفونية جميلة في دار الاوبرا بدمشق .
0 التعليقات:
إرسال تعليق