أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 15 مارس 2020

المسرح و ذهْـنية التحْـــريم (03)

مجلة الفنون المسرحية

المسرح  و ذهْـنية التحْـــريم (03)


 نـجـيـب طــلال

فــرقـــاء التـحْـريم:

من عجائب الأمور في مجتمعنا الإسلامي؛ أن قضية تحريم الفن عموما والتمثيل/ المسرح ( خاصة) أنتج فرقاء و جماعات توهج الجـدل بين الإباحة / التحـريم ؛ بحيث كل فريق يدلي بحججه وإثباتات الإباحة ( أو) التحْـريم بمقتضى نصوص الشريعة ، واستنادا لرأي أهل الإسلام وذلك من خلال التأويل والقياس، حتى أن البعْض كـفَّر البعْض أواتهمه بالجهل وممارسة الضلالة مثل صاحب [ إقامة الدليل على حرمة التمثيل] الذي جاء نتيجة جَدل مع زميل له في التدريس والذي أفتى بإباحة التمثيل؛ بحيث ينعَـته تارة بالجاهل: والمقصود تنبيه هذا الجاهل المفتي إلى بعض أدلة تحريم التمثيل دون التوسع في ذلك والله المستعان(31) وتارة ينعَته بالكافر والجاهل معا:... فتكون المصيبة بهذا التمثيل أعظم لأنه كُـفرلا يشك فيه إلا كافر أو جاهل بالدين كهذا المفتي... (32) فهـذا الاختلاف أو بالأحرى الصراع ؛ أساسا مرتبط بما يتملكه الفرد من رؤيته للحقيقة المطلقة :  والتي يلزم منها أن من ينكرها يُـتهم بالكفر والهرطقة . وهكذا كان حال الإسلام...من هذه الزاوية كفر المعتزلة الفلاسفة ومفارقة التكفير هنا أن المعتزلة قـد كفـر بعضهم بعضا (33) وهاته الصفة / التهمة ؛ كانت صَكا يوظف عند الحاجة حسب الدرجات والمقامات. لتحقيق المنع / التكفير بعْد الهجوم . من لدن مَن يدعون الوصاية من المتدينين والمؤثرين في دواليب السلطة . أو أحدهما شعَر بانفلاتها منه .

وهـذا لم يكن واردا بشكل مباشر ومستفحل في ذهنية التحريم المسيحي. كغطاء يخفي ما يخفي من الدسائس والضغائن بين الأساقفة أو الكهنة أو الأبرشية بحكم أن الكنيسة كمؤسسة دينية / لاهوتية . وهي التي كانت تملك الحقيقة المطلقة وتسعى لتوظيفها لتتسع رقعة النصرانية ؛ وخاصة أصحاب المذهب الكاثوليكي؛ الذين كانوا يهدفون لتوحيد العقيدة؛ مما كانت لهم مبررات تجاه تحريم – المسرح- بعْـد اتهامهم للعروض الرومانية  بالهرطقة / بـِدَع /لأنها تقـدم عروضا تهريجية ساقطة . مما دفعها إلى توظيف الشعائر والقيم الدينية وتفسير لبعض الطقوس والتعاليم النصرانية في الكنيسة . من خلال تقديم عروض مسرحية ( كانت) تخدم قيمها وأهدافها اللاهوتية. مثل الراهبة" روزفينا" في القرن العاشر الميلادي قامت بكتابة مسرحيات دينية من داخل الهيكل. وبالتالي: لم يكن الكثير من المصريين غير المسيحيين ، يعرفون حتى سنوات مضت أن هناك مسرحا داخل الكنيسة. حتى ثارت مشكلة مسرحية الإسكندرية التي تسبب انتشار سى دى لها فى إثارة غضبة البعض من سريعي الاشتعال فى الجانبين.  وبالطبع لم يكن وقتها أهم ما يشغل البال هو سؤال المسرح داخل المؤسسة الدينية ، بل كان كالعادة يسيطر سؤال الفتنة/التصالح بين كل ما هو إسلامي وبعض ما هو مسيحي.  ثم عاد النسيان يغطى هذه المعلومة غير العادية . لتجد الكثيرين لا يعرفون شيئا عن وجود مسرحا فى الكنيسة المصرية. بل إن كثيرا من المتخصصين لم يشاهدوا فى حياتهم عرضا مسرحيا واحدا فى كنيسة . بالرغم من أن عدد العروض المسرحية داخل الكنائس... يصل  للآلاف التي تتجاوز إنتاج كل الفرق المسرحية بأنواعها وقطاعاتها (34) ففي هذا السياق؛ نجد بعض فقهاء الاسلام يتحاشون مواجهة منظور المسرح الكينسي . ربما بناء على مفهوم التسامح الديني أو تهَـربا من السقوط في التناقضات بأن المسرح بدعة غربية (كفار) ولكنه مفصول عن الكنسية؛ مما يشيرون بنوع من التشبيه  للموضوع : فإن مما شاع في هَـذا العصر الذي قل خيره. وكثر شره بدعة التمثيل التي جاءتنا من الغرب وطغت علينا من عاداته وتقاليده.... فأنشئ في كل جماعي ما أسموه( فرقى التمثيل الديني) وهذا غاية العجب ! فمتى كان التمثيل دينيا؟ ومن ذا الذي جعله من الدين؟  ولكن غلبة الجهل والهوى تصير المنكر معروفا، وتجعل البدعة سنة ، والقبيح حسنا (35)  فبنوع من التأمل الرصين؛ نلاحظ ضربة مزدوجة للكنيسة التي تبنت المسرح الديني لأهدافها؛ وللفرق الإسلامية الذي تبنته للاستقطاب كبدعة مستقات من الكنيسة بطريقة غير مباشرة .

ولهذا فـذهنية التحريم الكنسي تجاه المسرح كان لموضوعه ؛ فلو كان لذاته لما أعادته للواجهة يمارس أنشطته أوهرطقته ؛ خارج الكنائس بغض النظر على استراتيجية فصل الدين عن الدولة فلا زالت بعض الكنائس تتخذ من المسرح منبرا لها: ... نحن نرعى كل أشكال المسرح الهادفة سواء الدينية أو الدنيوية... أنا أؤمن بالدور الفعال الذى يقوم به المسرح نظرا لقدرته الفريدة فى التأثير على اﻟﻤﺠتمع بالكامل.فالوعظ يخاطب فئة معينة والترنيمة تخاطب فئة أخرى. أما المسرح فيخاطب كل الفئات فهو له تأثير قوى على كل المشاهدين الذين يتلقونه .وهذا ليس غريبًا علينا فالكتاب المقدس ذاته نجـده يـعـتـمـد عـلى الـكـثـيـر من الحـكـايـات الـتى بـها الـكـثـيـر من تـقـالـيـد الـدرامـا المـسـرحـيـة لـيـكـون لـهـا تأثـير قوى وفـعال . وأنا أقـول لو أنه وجد مـسرحا فى عهد السيد المـسيح لكان تم استخدامه للتأثير في الناس وتوعيتهم لصلاح أحوالهم (36) بخلاف العديد من فقهاء الإسلام الذين حرموه لذاته وموضوعه ؛ علما أنه لا يوجد دليل شرعي صريح يحرم التمثيل؛ وبالتالي فالإباحة هي الأصل ما لم يرد دليل المنع. ورغم ذلك ففريق الإباحة قليل جدا، بخلاف أصحاب ذهنية التحريم ودعاته فهم كثر(جـدا ) وتساندهم المجاميع الفقهية ودار الإفتاء واللجن الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ولجنة الفتوى والأحزاب السياسية المتأسلمة والجمعيات المتفرعة عنها وعن بعض التيارات الدينية ؛ وهناك أفراد هنا وهناك يمتلكون ذهنية التحريم وليسوا فقهاء ولامنتمين للجماعات وغيرها ، بحيث لانراهم ولا نعرفهم ؛ لكنهم يعتبرون أنفسهم أوصياء على الدين ومشغولين بمحاربة الفن ؛ فحرّموه على أبنائهم وعشيرتهم... وكل هذا فأغلبهم يتمركز على قضية التحريم من خلال:... وأن الغثاء والخونة الذين توافدوا علي الغرب هم الذين جلبوا هذا الداء العضال ، من جملة الأدواء التي نكبوا بها الإسلام والمسلمين (37)



سـرطانـية التحـريــم :



مثل هاته الأحكام ؛ يلعب عليها أغلب فقهاء التحريم ؛ لتأجيج الفتنة من الزاوية السياسية ؛ بعيدا عما هو تراثي / ديني. خاصة إبان عودة الدين بشكل قوي إلى الواجهة، وذلك في إطار [الربيع العربي]الذي فرض بحتمية التاريخ  ظهور وصعود التيارات الإسلامية  في عدة دول عربية . مما أججت ذهنية التحريم خطاب التكفير وسعت لتجذير الطائفية وانتشار التطرف والعنف؛ فحينما نجد مثل هذا العنوان[ التنكيل أو التقتيل لمن أباح التمثيل] أو[زجر السفهاء عن إباحة تمثيل الصحابة والأنبياء] أليس هـذا تحريض للعنف والإرهاب ضد الفن والمسرحيين ؟  وأبعدها جعل قطيعة بين الشرق والغرب؛ متناسين المثاقفة والتثقاف وتداخل الحضارات؛ وأبعـد من هذا يتم تغييب (من) أين جاءت الحضارة الإسلامية ؟ فهذا التغييب القصدي له منطلقاته ؛ ابتدأت معالمه أثناء ظهور الصوفية والمتصوفة ثم: ازدياد لهيب الصراع الفكري والعقائدي في العقود الأخيرة ؛ لدواعي سياسية تتقاطع والفكر السلفي الوهابي. بحيث: تبلورت الحَميَّـة الدينية لرشيد رضا رائد الحركة الوهابية السلفية الجديدة ورئيس تحرير" المنار" الفكرة المحورية في هذه الكتابات، تسييس الإسلام .إذ كانت عقيدته أن الإسلام يتوقف عن الحياة إذا لم تؤسس الدولة الإسلامية العالمية (...)  من هذه الزاوية يعتبر الممهد للإخوان المسلمين، بل الممهد لحركة سلفية تدين البدع وتمجد السلف الصالح(...) وسرعان ما تأثرت الحركة السلفية الوهابية التي ظهرت في المملكة العربية السعودية بزعامة محمد بن عبد الوهاب ومهدت للسلفية في مصر والهند وأندونيسيا، ولكنها في النهاية ترتد إلى ابن تيمية وابن قيم الجوزية؛ وشعارها لا سلطان إلا سلطان القرآن والسنة؛ ولا عقيدة سوى التوحيد(...) وبظهور الإخـوان المسلمين تسيس الإسلام...( 38) مما نتج فيما بعد عن تمظهر جماعات وفئات دينية سياسية، تختلف درجاتها بين التطرف والتزمت والوسطية ...وإلى ما ذلك. من خلالها مارس أغلب رجال الدين دورًا مباشرًا في إنماء وتغذية ظاهرة الفكر الأحادي والتطرف ومحاربة الإبداع بشتى تلويناته وأنماطه وغيره من مفردات هوية المجتمعات المتمدنة .وارتباطا بهذا الوضع الذي أمسى معاشا في عدة محطات؛ فمن المغالطات أن نعتقد بأن المجتمع العربي/ الإسلامي يتكون من جماعات وفئات وطوائف دينية عقائدية. ولنا في تصريح الرئيس الجزائري الأسبق علي كافي شهادة  تدعم طرحنا: «بأن انتشار التطرف في الجزائر الذي ولّد العنف والإرهاب بداية التسعينيات يرجع إلى الشيخ محمد الغزالي»، الذي أمضى سنوات يُدرس ويدير الجامعة الإسلامية، في قسنطينة، ويخاطب الجزائريين، من التلفزيون الوحيد ـ وقتذاك ـ كل يوم اثنين. وهي حظوة لم يحصل عليها ولا واحد من رجال الدين الآخرين(39) وبالتالي فكل المظاهر الحضارية كالمسرح بكل مكوناته من ممثل/ حكاية/ ديكور/ معهد التكوين/..../ تم تحريمه وأمست الكتابات والمؤلفات التحريمية تستنسخ بعضها البعض؛ من خلال أول مؤلف مدون ومطبوع مصنف دعا علانية بتحريم التمثيل سنة (1928) [ إقامة الدليل على حرمة التمثيل] حتى أمسى مصدرا ينهل منه الفقهاء والشيوخ بطرق ملتوية ، مما تشكل ((التحريم)) كنوع من السرطان يتحرك هنا وهناك في صمت ، وبإضافات متنوعة . مرفقة بالشتائم والنعوت القدحية لممارسيه وحتى لعشاقه أو لجمهوره . ولكن له تأثيره القوي على ذهنية ( المواطن) بحكم طبيعة التخلف وكـذا من زاوية الإعتقاد الإيماني بسلطة الفقيه .وبالتالي: وقد تعلق بضلالهم وأصول فسادهم بعض الطائشين في هـذا العصر فقاموا بإحياء كتبهم وذكرهم يرتزقون بذلك ارتزاقا ويحسبون أنهم يحسنون صنعـا وهم في الحقيقة يفسدون الآمـة وعقيدتها(40) وبناء على ذلك وكما أشرنا سلفا؛ ليست هنالك دراسات سوسيولوجية في المجال ، ليفهم المرء ويستوعب عَمليا /عِـلميا. لماذا هنالك تراجعا خطيرا في عـدد المهتمين والممارسين والجمهور؟ ولماذا كل المشاريع الفنية/ المسرحية في العالم العربي تبوء بالفشل والانهيار؟ إذ الأغلبية ترجع الأمر لسياسة الدولة ؛ والموضوع لا صحة له من عِـدة جوانب ؛ وبالتالي فلماذا الآخرون لازال الإبداع ينمو ويزدهر؛ والمسارح تزداد ازدحاما عندهم ؛ وبدورهم عاشوا فترات التحريم والتكفير ؟ ولا نحاول هاهنا أن نقفز التعصب الديني في المجتمع الأوروبي؛ الذي تمثله الأصولية المسيحية ؛ التي تبرز ويتمظهر غضبها وسخطها على بعض الأعمال المسرحية؛ وخاصة التي تشوه في نظرها – المسيح أو مريم العذراء؛ فمثلا: أثار عرض مسرحية الإيطالي روميو كاستيلوتشي في باريس التي يتحدث فيها المخرج عن تفاصيل وجه المسيح سخطا لدى "الأصوليين" المسيحيين الذين يتوافدون على قاعة العرض كل يوم للتشويش على عرض المسرحية، وتلقى الفريق العامل في المسرح بعض التهديدات والشتائم من المحتجين الذين استطاع بعضهم الدخول إلى المسرح بالتذاكر والصعود إلى الخشبة لتعطيل العرض(41) فمثل هاته التهجمات وإن كانت بسيطة وثانوية فهي وقعت في بعض الدول كروسيا؛ من هنا نستشف بأن العلاقة بين الفن والدين هي علاقة شائكة؛ وإن تجاوزها العالم الأوروبي ؛ ولكن الأصولية تعيد إشكالية السؤال الشائك؛ رغم أن المسرح ليس دخيلا كما هو الشأن عندنا ؟ وفي تقديري ؛ فـقضية ( الدخيل) أمر مردود أمام كينونة المسرح كتجلي إنساني ؛ كوني؛ ولابد أن يكون ، انطلاقا من كينونة الإنسان وديمومته ووجوده. لكن الإشكالية انغمس العرب في النقاشات التافهة هل عرفنا المسرح أم لا ؟ تلك النقاشات والدراسات التي أغرقتنا في السراديب والمتاهات ؛ لتحقيق الأصل والتأصيل لهويته وانوجاده العربي ؛ وذلك بشكل تعسفي وبأسلوب الاجترار والتكرار السخيف .  وانضافت إليها أصوات ذات ذهنية تحريمية و التي تمارس عنفها لنفيه وكسرانوجاده وفعاليته وإخراس نغمته وتلويناته . وهذا لم تعـشه أوروبا أو الشرق الأدنى أو الأقصى وحتى إفريقيا إلا( نحن) العـرب ؟ علما أن المسرح فعل إنساني/ مدني/ حضاري/ لا يحتاج في الأصل إلى بطاقة انتماء سواء دينية أو جغرافية أو قومية. وبالتالي فالإبداع إبداع ؛ إيمانا بتلاقح الحضارات؛ لأنه كائن بكينونة الإنسان أيما انوجد؛ ولا يمكن أن يظل الفرد على حالة واحدة ، فمن خلالها يتمظهر التزمت والتَّحجُرالفكري ؛ الذي يتطور لمشروع إرهاب ( ! ) بل لامناص من خلق وتفعيل موازنة بين تغذية الروح ،كما يتغذى الجسد ؛ ولاسيما أن المسرح وتنويعاته مجال إنساني يمارسه الفرد ويشاهده الجمهور؛ لتحقيق متعـة ولذة جمالية وفكرية ؛ وفي حد ذاته يـعَـدّ متنفسا ليس بالمفهوم [الكاتتريسي] للهموم والكراهية والحقد وويلات الحروب؛ لكن حينما تصبح المتعة واللذة حراما ب[فتاوى ومجاميع] فالخاسرالأكبرهو المجتمع؛ باعتبار أن الفن أساسا مرآته . فأي تفسيريمكن أن يعطى ؟ : وقد سبق لبعض العلماء أن منعـوا إنتاج فيلم "الرسالة" للمخرج والمنتج الراحل مصطفى العقاد، وعندما ظهرللنور حَـرَّموا عَـرضه ! والواقع أننا نعتمد الآن على فيلم )الرسالة( اعتماداً كبيراً في التعليم والترفيه الملتزم (42) وفي إطاره هنالك تعليق جميل في الهامش( يشير) في المناسبات الدينية الإسلامية لا تجد الفضائيات شيئاً ترفيهياً تعرضه سوى فيلم: (الرسالة) أو (عمر المختار)!! إذ نحن أمام مفارقات رهيبة بين التطور الحضاري والتكنولوجي؛ وذهنية متحجرة ومتكلسة. وتأكيدا لذلك؛ تلك الضجة والجـدل العنيف والهجوم المضاد على مسلسل [عمر بن الخطاب] قبل إنجازه وقبل عرضه ورؤيته؛ حتى أن الأمر تطورلدعاوى قضائية كالتي رفعها محام كويتي يدعى "حامد سالم" ضد مجموعة "MBC" مطالبا بمنع مسلسل ((عمر بن الخطاب)) ووقف نشاط أي قناة فضائية تبثه مستندا إلي الفتاوي التي لا تجيز تمثيل أو تجسيد الصحابة . أو الحكم الذي قضت به محكمة القضاء الإداري في مصر، بوقف عرض المسلسل.وفي نفس السياق ؛ دعت رابطة علماء المسلمين إلى عدم مشاهدة المسلسل ومقاطعته وقد أصدرت عـدة فتاوى بتحريم مشاهدته. بحيث أن: قصة إظهار شخصية عمر على الشاشة والتي أقـَرھا علماء المسلمین الستة وعلى رأسھم الشیخ یوسف القرضاوي فـأنا واثق أن أي من العلماء الستة لم یقرأوا سيناريو المسلسل وإنما عرض علیھم ملخص وأجازوه..... وھذه جریمة كبرى ارتكبھا حاتم علي وولید سیف وام بي سي وتلفزیون قطر والعلماء الستة الذین أجازوا مسلسل عمر بن الخطاب (43) وبشكل أو آخر نستشف أن المتحكم في العملية التحريمية ، البعد المذهبي/ السياسي. صراع (الشيعة مع الشيعة) و(السنة مع السنة ) و(السنة مع الشيعة) و(الشيعة مع السلطة ) و(السلطة مع السنة ) فمن خلال الفنان- عبدالعزيز مخيون – الذي بعدما كشف أنه لم يشارك في مسلسل عمر إلا بعَـد موافقة القرضاوي مضيفا: استغرق تصوير دوري 12 يوما.. قضيت هذه الفترة في مراكش، حيث تم بناء مدينة مكة كاملة هناك.. والمثير بالنسبة لي هو المستوى الرفيع الذي لمسته بالإضاءة والتصوير والملابس والمكياج، أدركت أن الإيرانيين سبقونا بحوالي 50 عاما.. وبعْـد تفكير أدركت أنه أمر طبيعي أن يحدث ذلك لأننا توقفنا تماما عن تطوير أنفسنا... وأعتبر وجودي في مسلسل عمر بن الخطاب شرفا كبيرا لأنها تجربة غنية من حيث الإنتاج وغنية أيضا في مستوى التكنيك (44) فبناء على هَـذا التصريح نستشف الحضور[ الإيراني] وبدون أن نمارس التأويل أو التخريجات السياسية؛ فأبعاد التحريم منذ القرن ( 19م ) وهي تتراوح بين الديني/ السياسي . لأن واقعنا العربي/ إسلامي متشابك ومركب ومهجن حتى:أن السياسي أثرت على شريعة الإسلام  تأثيرا سلبيا بعيد المدى ,,, فإنه ما تدخل السياسة إلى العقيدة فتحولها إلى ايديولوجيا. وفارق كبير بين الإسلام دينا وبين الإيديولوجيا الإسلامية : فالدين رحابة وسماحة وإنسانية عادلة ورحمة وسلام أما الإيديولوجيا فهي شمولية ديكتاتورية وتحزب وجنوح وعنف وقتل وإرهاب (45) وهنا لو قمنا بتدوين ما يروج من أحداث ومواجهات وتعنيف للمبدعين باسم الدين ؛في أكثر من محطة عربية. لما اتسع المقام في المقال؛ فعلى سبيل المثال: نشر المذيع والإعلامي السوري "فيصل القاسم" الأربعاء 6 فبراير 2019 تغريدة على حسابه في موقع "تويتر" حول فيديو لجمهور عراقي يهاجم ممثلا في عرض مسرحي بمدينة كربلاء ذات الغالبية الشيعـية.ويظهر الفيديو الذي نقله "القاسم" عن موقع "سوشال" تحفز الجمهور لضرب الممثل الذي يؤدي دور أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب" (رضي الله عنه) بينما يؤدي مشهدا مزعوما باقتحام البيت على السيدة "فاطمة الزهراء" رضي الله عنها. فهذه الجرأة هل مردها الجهل أم الأحقاد المذهبية ؟ هنا فالآمر متداخل ومتشابك بحكم البنية المركبة على التحريم الذي يمارس قوته الخفية ؛ في الذهنية العربية بشكل عام . وإن كان باطن الفعل سياسي محض، والذي كانت تتحرك في إطاره التيارات السلفية منذ عقدين ونيف من الزمن؛ محدثة تفاعلات مريبة فرضت خوفا مضاعفا في المجتمع العربي وغيره . بحيث ثمة مبدعون / فنانون ابتعـدوا كليا عن المشهد الفني والمسرحي. فإذا تأمّلنا سرّ اعتزالهم أوعُـزلتهم أو هروبهم . لا محيد بأن هناك مؤثرات دينية / سلفية لامحالة في الموضوع ؛ بدعوى مخافة الله ورغبة منهم في التوبة والتفرغ للعبادة، بعد أن شعروا بالندم على ما أضاعوه من عمرهم في معصية الله حسب تصريحات العديد منهم ( ! ) وهنا من الصعب حصرهم في لائحة واحدة . وعلى سبيل المثال: اعتزل فضل شاكر في أواخر 2012 كي يتفضى للعبادة متأثراً بالشيخ اللبناني السلفي أحمد الأسير وشارك معه في اشتباكات عبرا في مدينة صيدا الجنوبية، والتي راح ضحيّتها 18 عسكرياً و11 مسلّحاً (46) فهاته صورة غنية عن حضور الديني في الاعتزال؛ طبعا لا يمكن أن نلغي من حساباتنا قضية التهميش والإقصاء والإستغلال وقـساوة العيش والمخاوف المتداخلة مع الديني وأبعد من هذا: فأنا أعلم أن الموهبة جريمة فى بلدنا يعاقب من يرتكبها وكذلك الاجتهاد والنجاح لهما أعداء ولا أحد ممن يتكلمون يبحث عن سبل للاجتهاد لكى يحصل على ما يريد.  فقط يتفرغون للحديث فى الفاضي فقط لهذا لا يحققون شيئا (47) هاته صورة تعكس هواجس المبدع العربي الصادق مع نفسه. الذي يدرك بخبرته أو إحساسه بأن هنالك دائما ضربات استباقية تصبح قرارات ومنهجية نافـذة ضد المبدع قبل الإبداع .



                                                                                                   يــتبـــع





الإحـــالات :



31) إقامة الدليل على حرمة التمثيل – ص - 10

32) نــــفـــســـها – ص- 18

33) الأصولية والعلمانية لمراد وهبة  سلسلة قضايا العصر(1)  ص 17 دار الثقافة / ط 1 /1995

34) روزفيتا مازالت تكتب مسرحها سرا في الكنيسة المصرية : لأحمد عامر- ص31- مجلة 

       مسرحنا ع/223  - بتاريخ/24/10/2011 /

35) إزالة الالتباس عما أخطأ فيه كثير من الناس لأبي الفضل عبدالله الصديق الغماري ص 31  ط 3

       /2004  مكتبة القاهرة – علي يوسف سليمان

36) حوار مع الأنبا مرقس راعي الفنون في الكنيسة المصرية حاوره خالد رسلان -  ص23 -  في

       مجلة  مسرحنا ع 223 / بتاريخ  24/10/2011

37) تقريظ فضيلة الشيخ العالمة:ربيع بن هادي المدخلي 18/3/1413 هـ

38) الأصولية والعـلمانية لمراد وهبة  سلسلة قضايا العصر (1)  ص73/74  دار الثقافة / ط 1 /1995



39) كرونولوجيا «تكفير الأدب» في الجزائربقلم سعيد خطيبي - القدس العربي بتاريخ17/11/2017

40) تنبيه القاري إلى فضائح أحمد بن الصديق الغماري لمصطفى اليوسفي ص4 مراكش/1996

41) مسرحية عن المسيح في فرنسا تثير سخط "الأصوليين" المسيحيين: المصدر فرنس 24

      الإخبارية بتاريخ  : 02/11/2011

42) فن التمثيل أحكامه وضوابطه الشرعية- لحذيفة أحمد عكاش– ص 7 / 2014 فقه الإعلام ج1

43) مسلسل فاشل بامتیاز ومغالطات تاریخیة بقلم عبدالله عيسى دنيا الوطن- بتاريخ 10-08-2012

44) تصريح للفنان مخيون: شاركت في «عمر» بعد موافقة القرضاوي المصدر: صحيفة الأنباء

       الكويتية بتاريخ- 2012/7/26

45) الاسلام السياسي لمحمد سعيد  العشماوي – ص 3-  ط/4 مكتبة مدبولي الصغير 1995

46) اعتزلوا في قمة عطائهم... مجلة - ياوافيد- لآية أبي حيدر- بيروت في04/03/2016

47 ) الموهبة في بلادنا جريمة حوار مع المخرج: أحمد عبد الجليل  حاوره  محمود الحلواني ص7 

        في مجلة مسرحنا ع 223 / بتاريخ  24/10/2011


السبت، 14 مارس 2020

مسرحية "حكاية رجل سعيد " تأليف هشام شبر

مجلة الفنون المسرحية  
الكاتب والفنان هشام شبر


مسرحية "حكاية رجل سعيد " تأليف هشام شبر

الخميس، 12 مارس 2020

الكوميدي الذي امتع الجميع انتهت حياته بتراجيديا موجعة

مجلة الفنون المسرحية



الكوميدي الذي امتع الجميع انتهت حياته بتراجيديا موجعة ....


شيء من رحلة الفنان والانسان والثائر الشهيد عبد القدوس قاسم ..

رحلته بدأت وانتهت بالاسئلة عن الوطن والمواطن ..

*عدي المختار 

اخر مرة اشترك فيها معي كانت في مسرحية ( في انتظار حمد ) والتي قدمت في منتدى المسرح ببغداد في ايام عراقية مسرحية التي نظمها المركز العراقي للمسرح عام 2014 ضمن فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العراقية, وقتها قال لي خلال البروفات المسرحية ( ان هذا العمل اجده ترجمة لي ) لان قصة كانت العمل تتحدث عن (حمد 9 الحاضر الغائب فينا والذي مل من افهام شعبة باليقظة الا انهم اهملوه ونال منهم شتى انواع العذاب والسخرية حتى قرر ان يرقص رقصته الاخيرة التي انتهت بموته الذي ايقظ الشعب فراحوا يبحثون عنه لكن بعد فوات الاوان , لذلك فرحلته كانت هكذا اسئلة في اسئلة تماما كاول عمل له معي عام 2005 في مسرحية ( استجواب) والتي كان يقتفي فيها اثر الاسئلة في زمن الدكتاتورية التي عاشها العراق خلال حكم البعث للعراق وبقي في هذا الاقتفاء حتى استشهادة في مساء يوم لثلاثاء الموافق 10- اذار – 2020 .

سيرته :
الشهيد الفنان عبد القدوس قاسم من مواليد العمارة 1980 خريج المعهد التقني في ميسان، وهو أب ل3 أطفال (ولدان وبنت)، من سكنة منطقة (الجديدة) وسط مدينة العمارة، ويعمل موظفا في اعلام السجن المركزي بالمحافظة”.
ولد يتيما بعد ان اعدم نظام البعث انذاك ابيه فعاش في كنف امه التي بقيت دون زواج لتربيته فتعلم من ارث الاب الدين والثقافة وصحوة الضمير ,كان يمتلك صوتا جميلا اهله في بداية شبابه لقرءة القصائد الحسينية الفصحى وحاله حال اي شاب حر كان يمارس معارضته للنظام سرا انذاك رغم الفقر والعوز الذي كان يعيشه حتى سقوط تمثال السلطة في ساحة التحرير عام 2003 فستبشر خيرا حاله حال كل العراقيين حينها , كان انسان بمعنى هذه الكلمة لمواقفه الانسانية التي قدمها طيلة حياته حتى انه يعود له الفضل في تفجير الطاقات الابداعية لسجناء سجن العمارة الذي قدمهم في معارض تشكيلية عديدة كنتاجات ابداعية لهم , كما وعرف بكتابته الساخرة والناقدة للسلطة مابعد 2003 حينما وجد ان التغيير لم يأتي بجديد حتى بات ايقونة كل التظاهرات التي خرجت في ميسان , اسس مع ثلة من المبدعين الشباب الرصيف المعرفي الذي قدم فيه جمله من الاعمال المسرحية , ومع انطلاق ثورة تشرين عام 2019 اسس مسرح اكتوبر بخيمة خاصة قدم خلالها جملة من الاعمال المسرحية الاحتجاجية مع ثلة من المسرحيين الشباب وبقي ثائرا منتقدا للواقع مثير للجدل والاسئلة عن ماألت له اوضاع العراق حتى لحظة استشهاده , فعاش كل حياته مبدعا في الفن محترفا فيه وثائرا من اجل المواطن في وطن اراده هو وثوار تشرين 2019 ان يكون وطنا مهاب امن ومستقر ومزهر بلا وصايا اقليمية او دولية وينعم فيه المواطن بخيرات وطنه وثروته الوفيرة ,هو صوت ثائر سيبقى ينبض بين الاجيال فكرا ووطنية .

البدايات :
التقيته عام 2005 وبالحاح طلبت منه دخول عالم المسرح لانه يمتلك كارزما تؤهله لذلك وبعد تفكير دام لايام وافق ودخلنا اول بروفات عملنا الجديد ( استجواب ) وهو عمل ديو دراما شاركه العمل فيه الصحفي والفنان ظاهر العقيلي وكان يتحدث عن تعذيب السلطة انذاك لمعارضيها وقدم العمل في نشاط ثقافي اقامته مؤسسة الهدى للدراسات الستراتيجية ليبدأ بعدها مشواره الثر في مجال المسرح والسينما والدراما وذلك لانه يمتلك عقلية وامكانيت الفنان الحقيقي المحترف , كان تراجيديا حد البكاء وكوميديا حد الامتاع فقدمنا سوية جملة من الاعمال حينها التي كان لها الاثر في تنشيط المسرح الميساني ,تنقل خلالها بين فرق مختلفة في ميسان وهي:
1- محترف ميسان المسرحي
2- نادي المسرح
3- النشاط المدرسي
4- فرقة شباب المستقبل 
5- فرقة معهد الامل المضيء 
6- فرقة محمد عطية للتمثيل 
7- فرقة الرصيف المعرفي
8- فرقة المسرح الجامعي  
قدم خلالها العدد من الاعمال المسرحية والدرامية كممثل استطاع ان يسجل له حضور حقيقي باحترافية ومثابرة اذكر البعض منها:
- مسرحية ( استجواب ) تاليف واخراج عدي المختار – ميسان 2005
- مسرحية ( سفينة النجاة ) تاليف عدي المختار واخراج محمد عطية- ميسان 2009 
- مسرحية (TAK TOO ) تاليف احمد شمس واخراج عدي المختار- ميسان  2010
- مسرحية ( في انتظار حمد ) اعداد واخراج عدي المختار- بغداد 2014
- مسرحية ( هيته قراطية ) تاليف عدي المختار واخراج محمد عطية ميسان  2011
- مسرحية ( مجيد علم دار ) تاليف عدي المختار واخراج محمد عطية- ميسان 2012
- مسرحية (HD ) تاليف خزعل الماجدي واخراج خالد علوان- البصرة 
- مسرحية (هل تسمعني اجب؟ ) تاليف ماجد درندش واخراج خالد علوان- بغداد 2015
- مسرحية (غسيل اموات ) تاليف سعد هدابي واخراج خالد علوان- بابل 2019
- مسرحية (أيها الآتي وداعا) تأليف حيدر الشطري واخراج محمد عطية الغريب – المغرب2014 
- مسرحية ( اللوح الثالث عشر) تاليف احمد العبيدي واخراج خالد علوان 
- مسرحية ( جمال الليل ) تاليف عمار نعمة واخراج خالد علوان 
- مسرحية ( ثامن ايم الاسبوع ) تاليف علي عبد النبي الزيدي واخراج خالد علوان 
- مسرحية ( سيرة المدعو حمد  ) تاليف واخراج ابو الحسن صلاح مهدي 
- اوبريت ( عرس الكصب) سيناريو عدي المختار – تاليف محمد ابو العز واخراج محمد عطية الغريب 2016
- اوبريت ( طف الاشرار ) تاليف محمد ابو العز واخراج محمد عطية الغريب 
- مسرحية ( عائلة عجوزية ) تاليف ماجد بو الامين واخراج محمد عطية الغريب 
- مسرحية ( شارة وطن ) تاليف محمد ابو العز واخراج محمد عطية الغريب
- مسرحية ( حشد من نور ) تاليف واخراج ابو الحسن صلاح مهدي
- مسلسل ( نزف جنوبي ) ﺗﺄﻟﻴﻒ مقداد عبدالرضا وﺇﺧﺮاﺝ: إياد نحاس – شبكة لاعلام العراقي 2013


* اعماله وانجازاته :
- مسرحية اطفال حسينية ( موكب العطاء ) تاليف واخراج عبد القدوس قاسم 2014
- مسرحية (الحايط والدنكة) تاليف واخراج عبد القدوس الحلفي2015
- مسرحية ( مثقف ) تاليف واخراج عبد القدوس قاسم عرضت في كرنفال يوم المثقف العراقي 2015
- جائزة افضل نص في المهرجان المسرحي الذي اقامه تجمع فنانوالعراق 2014 
- جائزة افضل فنان واعد في مهرجان التربيات الذي اقيم في البصرة 
- تنويه لجنة التحكيم لافضل ممثل في مهرجان المغرب2014
- كتب واخرج واشرف على (47) عملا مسرحيا عرض في  الرصيف المعرفي وفق مسرح الشارع في ميسان
- أقام لنزلاء سجن العمارة المركزي معرضاً تشكيلياً على ضفاف نهر دجلة وسط مدينة العمارة ضم 12 لوحة لاكثر من 30 فناناً تشكيلياً  باشراف رئيس قسم العلاقات والإعلام في سجن العمارة عبد القدوس الحلفي.
- شارك في الكثير من الحملات التطوعية في ميسان منذ عام 2003 حتى لحظة استشهاده 2020 .
- تاليف واخراج فلم كريم الحاصل على المركز الثاني لرابطة زوم للافلام السينمائية القصيرة في ميسان رابط الفلم :
تاليف واخراج فيلم عطر رابط الفلم : 

تاليف واخراج فيلم طعام على حبه رابط الفلم : 


نعاه الفن واهله :
مساء العاشر من آذار عام ٢٠٢٠اقدم مجهولون على اغتيله هو ورفيقه المحامي كرار عادل وسط مدينة العمارة ونعته ميسان  كلها لحبها له كانسان وكفنان وكثائر, نعاه كل من :
محترف ميسان المسرحي 
اتحاد الفرق المسرحية في ميسان 
فرع نقابة الفنانين في ميسان 
فرع نقابة الصحفيين في ميسان 
النشاط المدرسي 
اتحاد الادباء والكتاب في ميسان 
موقع (STAJETODAY ) 
المنظمات والمؤسسات والفرق التطوعية 
بيت المسرح / الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق 
ونعته نقابة الفنانين العراقيين – المركز العام ببيان جاء فيه: ( هي نفس الأيادي الاثمة التي اغتالت واختطفت 
 هي ذاتها التي تطلق رصاص الموت 
 هي من ادمت قلوب الآباء على فلذات اكبادهم 
 هي من أجرت دموع الأمهات وما زالت 
 وإذ يتواصل مسلسل القتل والاختطاف وإذ يزف العراق نجمتين من أبناءنا هذه الليلة في ميسان لتصرخ بغداد ويعلن دجلة الحداد كمدا على جريان الدم العراقي في طريق الحرية لن تعلن نقابة الفنانين العراقيين عن حزنها ولا عن شجبها للجرائم المتصلة من خفافيش الظلام بل نقول .
 لن نساوم على دمك يا عبدالقدوس قاسم الفنان المسرحي المتميز ولا دماء اخوتك من شهداء الثورة .
 لن نهادن .
 وسنكون أول من يطالب بمحاكمة دولية لكل الجرائم ومرتكبيها ونطالب كل النقابات المهنية العراقية بموقف مماثل وخاصة نقابة المحامين العراقيين.
 المجد والخلود لشهداء العراق 
النصر لشعب العراق وثواره 
ويا قلوب الأمهات والآباء صبرا فدماء ابناءكم هي مشاعل الثورة/ نقابة الفنانين العراقيين / العاشر من آذار عام ٢٠٢٠).

قالوا عنه :
نشرت في حياته مقالتين عنه نوردهما هنا للتوثيق 
عطر عبد القدوس قاسم .. وسينما الفديو
بقلم - غازي المشعل
منذ اخر فيلم عراقي انتج قبل ربع قرن من الزمان تقريبا وأُنتج بمواصفات الفيلم السينمائي المتعارف عليها ؛ وهو فيلم الملك غازي للمخرج الكبير محمد شكري جميل .. ومحاولات احياء وديمومة الفن السابع تسير بخطوات متعثرة .. وبسبب من التكاليف العالية للفيلم الخام وسعة كادره الانتاجي ومدة الانجاز ومتطلباته التي لا تعد ولا تحصى ..اضافة الى تاثير الوضع السياسي والامني .. فقد جرت عشرات المحاولات للولوج الى نوع يتقارب مع الفن السينمائي وذلك بايجاد بدائل كان من اهمها  سينما الفديو .
وفي مدينتي العمارة ؛ حيث يزدهي الابداع وتقام المهرجانات ( السينمائية ) فانني اتابع باستمرار - ما امكنني ذلك - نتاجات الفنانين في مجال سينما الفديو .. وقد لفت نظري مؤخرا فيلم عطر للمخرج الشاب عبدالقدوس قاسم والمشارك في مهرجان رابطة زوم لسينما الشباب الحسيني الثالث والفيلم حصل على ثلاثة جوائز وهي : أفضل ممثلة حنين علاء وأفضل ممثل عبدالقدوس قاسم وأفضل مونتير سامر العقابي.
فعلى مدى سبع دقائق ونصف قدم لنا عبد القدوس وكادر الفيلم حكاية غاية في البساطة بطريقة مباشرة تتلخص في بائع عطور مركزة ( اسنسات ) لديه محل يبدو ناجحاَ بعمله عكس شقيقه الذي يمتهن نفس المهنة ولكنه يبيع العطور في نهر الشارع ..زوجتاهما واولادهما في خلاف وعراك دائمين .. يجمعهما في لحظة عابرة عطر وردة اشترياها من بائع متجول ( لا اهمية للونها ) ويعودان الى البيت وقد انتهى الخلاف .. ثم يكتشفان ( عن طريق بائع الورود المتجول ) انها من مشتل يعود الى الروضة العباسية المطهرة لتنهمر دموعهما ويتعانقان .    
على عزف منفرد للعود استهل عبد القدوس التايتل الاول لفيلمه ؛ تلته لقطة كلوز مقربة الى بطل الفيلم الثاني ( محمد ) .. ثم تنتقل الكاميرا الى الشخصية الرئيسية للفيلم ( ابو حسن ) بائع العطر ..التي جسدها عبد القدوس نفسه .. مخالفا بذلك العادة التي درجت عليها غالبية افلام السينما بكل انواعها ؛ اي الانتقال من لقطة عامة الى لقطة خاصة ( كلوز ) .. ومنذ المشهد الحواري الاول للفيلم يوضح لنا الفيلم ان هناك خلافا وتقاطعا حادا بين البائِعَين ..دون ان بيبن لنا في هذا المشهد او المشاهد اللاحقة ( بطريقة الفلاش باك مثلا ) ما سبب هذا الاختلاف او التقاطع وما هي جذوره ؟ ..وجعلنا نخمن انه ربما كان ناتجاَ عن حسد العيشة او ضريبة النجاح ..او بسبب مشاكسات اولاد الاخوين او مناكفات زوجتيهما في البيت حيث انهما يسكنان داراَ واحدة كما اتضح في مشاهد لاحقة وهي امور عادية في الاسرة العراقية ولا تستدعي كل تلك النظرات والقلق الذي كان بادياَ على وجه الشقيق الاصغر.. ونظراته وتعبيرات وجهه التي كانت تنم عن قلق وحقد دفين ..وفي لحظة واحدة لا غير يتغير كل شيء ويجري التحول الى 360 درجة بمجرد ان اخذ بطل الفيلم وردة من بائع الورود المتجول واعطاها الى شقيقة ؛ الذي انفرجت اساريره ..وابتسم وتناسى كل شيء وهو يشم عطر الوردة .. وهنا اود ان اهمس باذن الفنان عبد القدوس - وانا اعرف انه محكوم بالزمن والامكانيات وعوامل اخرى : ان التغير المفاجيء في نفسية اخيه ؛ وبهذه السرعة القياسية لم يقنعني كمشاهد .. ولم يبرر لي تلك القطيعة السابقة ؛ او العلاقة الجديدة التي جعلتهما في لمح البصر يعودان الى البيت ويأكلان سوية مع زوجتيهما واولادهما وكأن شيئا لم يكن .. لقد كان الامر يحتاج الى تحليل اخر او اسباب مقنعة للتبرير او التغيير .
وفي قضية اخرى فان بطل الفيلم يسال بائع الورد المتجول عن ( مركّز عطر الورد ) وهو يعلم تماما بخبرته في السوق ان الورد الذي اشتراه طبيعي اما المركزات فهي صناعية ولذلك كان رد البائع فوريا : لا.. ولكن يمكنني ان اخذكم الى المشتل الذي يبيع هذا الورد !! اي بمعنى ان الحوار جاء تراكميا كما اراد واضع السيناريو وليس كما ينبغي ان يكون الواقع ..مع اقراري ان السينما ( والفن عموما ) لا تعبر بالضرورة عن الواقع تماماَ او تحاكيه بنسبة المئة في المئة .. اضافة الى ان عبد القدوس ( الممثل والمخرج والمؤلف ) وقع في  مايسمى اضطراب السرد وتسلسل الحدث في موضوع الحصول على مركّز العطر ..حيث انه في الليلة ( س ) ابتاع الورد .. ولا نعرف من اين وكيف ومتى حصل على مركز العطر ؟ .. وفي صبيحة اليوم الثالث اي بعد مرور 36 ساعة يقول لشقيقه : البارحة عندما سالني الناس عن اسم العطر !! اي انه بعد مرور عدة ساعات على حصوله على الورد الطبيعي فقد حصل على مركّزه وباع الى الناس منه لذلك سالته الناس عنه تعجبا .. وهذا يخالف المنطق ؛ وكان عليه ان لا يقع في هذا الحرج لو لم يشر الى الزمن : البارحة ؛ او لا يقول الى البائع : غدا نذهب الى صاحب المشتل .            
لقد اختار عبد القدوس زوايا تصوير مناسبة ..وانا اتفهم اختياره للتصوير من داخل محل بيع العطور او التصوير الليلي للسوق .. لاننا ( كشعب ) لم نعتد حتى يومنا هذا احترام كوادر العمل الفني وتركها تعمل بحرية ؛ او على الاقل عدم الاكتراث لما يقوم به الكادر لكي ينجز فيلمه بشكل مقبول .. وكان التصوير ذكيا بالانتقال بين البائِعَين دون قطع مع التعمية بالفوكس على القريب عندما يتحدث البعيد والعكس صحيح ؛ كما ظهر في لقطات المحل او البيت او في استخدام تحريك اللقطة من الاسفل الى الاعلى .. والشيء الوحيد الذي لم يكن التصوير موفقا فيه هو لقطة اظهار المرقد الشريف في اخر مشهد من الفيلم  .. وهي اعلى قمة كان يفترض ان يصلها الفيلم .. فقد بدت كاميرا التصوير مرتبكة واظهرت قفا وخلفية رأس كل من الاخوين بحركة نصف دائرية .. وكان المفترض ابراز مهابة وعلو وجمال القباب الذهبية ؛ حتى ان لوحة ( السلام على يامن وفى ببيعته ) ظهرت مرتين مرتبكتين ..رغم ادراكي لجدوى التركيز على وجهي الاخوين بلقطات مقربة وخصوصاَ عند نزول دموعهما وهما امام المشهد الشريف .
لقد قدم لنا كادر الفيلم لنا وجبة خفيفة من الفن الفيديوي او السينما البسيطة والمباشرة وليست الكلاسيكية التقليدية اي انه قدم ما تسمى بسينما الحقيقة وبالكاميرا المحمولة ؛ واحسب ايضا ان الفيلم انتمى الى فئة سينما الهواة او سينما العائلة ولم يقدم قصة متشعبة او متشظية ؛ منطلقاً من فكرة أن السينما أداة لتحليل الواقع .. وكان محور الفيلم مزيجا من الواقعية والرمزية التعبيرية نجحت في الدخول المباشر الى القلوب والاذهان دون مؤثرات خاصة ؛ عبر حوار سلس وحركات عفوية واحساس صادق من قبل جميع الممثلين حتى الذين ادوا ادوارا قصيرة - كالزوجتين والاولاد .. ومثلما كان عبد القدوس متميزا ببساطة اللغة والاداء فان بائع الورد كان قمة حقيقية .. واعتقد ان مستقبلا باهرا ينتظر هذا ( الولد الخطير ) الذي رأيت له عدة اعمال مسرحية بأبسط الامكانيات المادية ؛ ولكن بادوات تعبيرية راقية كالصوت والجسد والتعبيرعن المواقف .      
  لقد اقتطع تايتلا الفيلم : الاول والاخير ما يقرب من الدقيقة والنصف اي بين الربع والخمس من زمن الفيلم وهذا كثير على فيلم مدته تسع دقائق وكان يجب اختزالهما باي شكل .. في حين ان الانارة وخلفياتها كانت فيضية دائما لان نصف مشاهد الفيلم صورت ليلاَ سواء في المحل او في البيت ..والباقي كان في ضوء النهار القوي.. ولان عبد القدوس هو مؤلف الفيلم فان ( الاستمرارية الحوارية ) كانت مضطربة لديه بعض الشيء واعتقد انه كان ينتقي ويغير الحوار آنياَ وبالامكان ملاحظة ذلك بشكل جلي في جميع حواراته هو وليس غيره من ابطال الفيلم .    
  اما عن الاشتغالات الفنية الاخرى فاعتقد ان توزيع المخرج للادوار كان موفقا ..حيث ادى الجميع ما عليهم بعفوية وبساطة رغم قصر الادوار والحوارات ورغم ان غالبيتهم يقف امام الكاميرا للمرة الاولى ؛ كما ادار مصور الفيلم لقطاته ( الكلوز اوت والكلوز ان )    بشكل تقليدي كلاسيكي .. واعتقد انه لو توافرت له الكاميرا ذات القاعدة الدائرية او الكرين لكان توفيقه اكبر وخصوصا في مشاهد : مناكفة النساء ؛ والجلوس في المشتل ؛ والربط بين وجوه الممثلين الثلاثة والمشهد العباسي المطهر في اللقطة الاخيرة.. مع الاشادة بمصور الفيلم لنجاحه في  التوفيق بين عدسته وبين الممثل مما يدل على انه نجح في تحديد المسافة البؤرية بين العدسة والممثلين .. لكن المونتير استعمل دون مبرر احيانا القطعين : الحاد اي الصريح ؛ والتدريجي اي الاطفاء في غير مواقعهما المطلوبة .. اما الديكور فلم يكن له وجود ؛ على اعتبار ان الفيلم صور في مناطق واقعية ولان الديكور يتطلب - كما نعرف اضاءة خاصة وفنانين لا قبل لاسرة الفيلم على تلبيتها في ظروف الانتاج  ؛ سيما ان الفيلم ينتمي الى فئة الافلام القصيرة جدا .. كما لم يستعمل المونتير وكادر الفيلم اي مؤثرات خاصة لان الفيلم لم يكن بحاجة اليها اصلا .       
لم يكن في النص عرض تمهيدي ؛ ولا خط درامي متشعب ليتصاعد ولا تضاد ولا تقاطع ولا تناقض في المواقف .. ولذلك السبب فقد   
  استخدم عبد القدوس واستعمل ووظّف ابسط الوسائل ليكون التلقّي سلساَ ؛ علماَ ان المشاهد المتلقي لم يكن ليتوقع اية مفاجات او نهايات غير طبيعية في هذا الفيلم او غيره .. اضافة الى ان المخرج  ضرب ( بذكاء ) على الوتر الحساس ليضمن نتائج مقبولة واعني بالوتر الحساس هنا قضية قدسية الموضوع .. ومنزلة ومهابة وكرامات وشخصية الامام العباس عليه السلام .. واعتقد جازما ان تعديلات بسيطة على جو الفلم والسيناريو وحذف الموضوعة الزمنية - كما اشرت سابقا - واعطاء الفيلم جرعة من حيثيات الدراما واستثمار واستخدام ادوات وتقنيات حديثة ..كانت يمكن ان تكون مبهرة لجهد طيب..
كل هذه الملاحظات البسيطة لن تقلل من جهد طيب لفريق من الهواة المبدعين بلا ضجيج ؛ يتقدمهم انسان مثابر هو عبد القدوس قاسم ..وارجو ان يتخصص مستقبلا لعمل ابداعي واحد .. فاما التمثيل او التاليف او الاخراج .. واحسب ان هذا الانسان المتفرد سيقدم لنا عملا متميزا بمعنى الكلمة لو توافرت له الامكانيات المادية والتقنية والبشرية ؛ ولو حظي بدعم من مؤسسة او منظمة لا تبخل على ابداعه الكبير .

احذروا ..... ملك الكوميديا الجديد في ميسان المبدع عبد القدوس الحلفي
بقلم - عدي المختار
 خرج من معطف ميسان الحضارة الكثير ...الكثير من الطاقات  والمبدعين الذين باتوا اليوم يعدون علامات مهمة في مدونة الإبداع العراقي ومنها مجال المسرح الذي كانت ولا تزال ميسان رائدة فيه وتاريخها المسرحي موغل في القدم  وعلى طريقة المسرح العالمي الفخم اداءا وعطاءا , وأعطت ميسان لخشبة الكوميديا في العراق أهم رموز الكوميديا اليوم حتى باتت ميسان بؤرة الكوميديا ومهد انطلاقتها ومركز إشعاعها ولنا في ذلك قوافل من الأسماء اللامعة ولعل المثال الأكيد هو أن أهم أركان الكوميديا في العراق لا بل الكوميديا اليوم في العراق تقف على زوايا وقامات ميسانية مبدعة ...لذلك أرى من الأجدر لي أن أدق ناقوس خطر الكوميديا في ميسان بولادة نجم صغير بعمره وكبير بعطاءه الكوميدي وأطلق أبواق التحذير وبكل ثقة أقول احذروا الشاب الذي تربع بجدارة اليوم على عرش الكوميديا في ميسان بعد أن توج مسيرته المسرحية اليوم بعرض مسرحي كوميدي ( هيته قراطية) الذي عرض في منتجع جنة عدن اليوم في أول أيام عيد الفطر المبارك كان لي شرف كتابته وأخرجه المبدع محمد عطية الغريب ومثل فيه نخبة مبدعة من رابطة المسرحيين الشباب في مديرية شباب ورياضة ميسان .....
هذا الملك المهيب هو الرائع الفنان الشاب عبد القدوس الحلفي الذي بات صمام آمان لكل عمل مسرحي يسعى له أي مخرج ما ,فعفويته وسرعة بديهيته وحضوره الكاريزمي وتغطيته المسرحية لمساحة العرض بكل اقتدار كوميدي جعلت منه ملكا بلا منازع على عرش صاحبة الكوميديا لكن أي كوميديا ... كوميديا الموقف ,فهو حتى في خروجه عن النص يرتدي جلباب الخروج المسؤول في مايخرج به ...
كان عرضا ممتعا اليوم ...منحنى الآمل بان الكوميديا في ميسان عادت وبأبنائها بدلا من الاستعانة بنجوم بغداد فكان الحضور كبير وغير متوقع وإقبال العوائل على العمل ومشاهدته اكثر من مره شيء يبعث على الفرح والفخر ..
فعلى الجميع أن يحذر هذا الملك الجديد الذي احرق اخضر العدم ويابس الادعاءات واثبت حضورا ملفتا للنظر وبجدارة حتى استحق لقب ملك الكوميديا الجديد في ميسان فحذروه ...فحذروه ... اللهم اشهد أني قد بلغت .

























ملاحظة : 
اوردنا هنا جملة من اعماله وليس كلها لان ماقدمه من اعمل سواء ممثلا او كاتبا او مخرجا فهي الكثير الكثير لا يسعنا ان نوردها كلها ,الا انه يبقى فنان كبير وخسارة كبيرة للمسرح في ميسان .

*كاتب ومخرج عراقي 


الأربعاء، 11 مارس 2020

جمال ياقوت يقدم أول موسوعة بحثية عن الإنتاج المسرحي "موسوعة الإنتاج المسرحي" تتتبع الإنتاج المسرحي انطلاقا من وظائفه وموارده وعناصره، فتخطيط المشروعات الإنتاجية، ومرورا بنظمه من آليات وأنماط.

مجلة الفنون المسرحية


جمال ياقوت يقدم أول موسوعة بحثية عن الإنتاج المسرحي

"موسوعة الإنتاج المسرحي" تتتبع الإنتاج المسرحي انطلاقا من وظائفه وموارده وعناصره، فتخطيط المشروعات الإنتاجية، ومرورا بنظمه من آليات وأنماط.

صعوبات كثيرة الموسوعة جاءت في خمسة أجزاء

 الموارد تشكل أهم مدخلات عملية الإنتاج المسرحي بشقيها الفكري، والمادي

 المشكلة تكمن في الاختيار وليس في الإنتاج نفسه

تعد "موسوعة الإنتاج المسرحي" للمخرج المسرحي وأستاذ التمثيل والإخراج والإنتاج المسرحي د.جمال ياقوت، الأولى مصريا وعربيا التي تتبع الإنتاج المسرحي انطلاقا من وظائفه وموارده وعناصره، فتخطيط المشروعات الإنتاجية، ومرورا بنظمه من آليات وأنماط، فأسسه النظرية والتطبيقية لتنظيم المهرجانات، وانتهاء بتسويق منتجاته. وقد جاءت الموسوعة التي صدر منها الجزء الأول بعنوان "مقدمة في الإنتاج المسرحي" في خمسة أجزاء.
وقد أكد ياقوت صعوبة ما أقدم عليه من عمل بحثي كهذا حيث قال في مقدمته "واجهت صعوبات كثيرة أثناء إعدادي لبحث الدكتوراه في مجال الإنتاج المسرحي بسبب الندرة الشديدة للمراجع التي تناقش هذا الفرع المهم من دراسات الفنون المسرحية، كما لاحظت أن المعاهد والكليات المتخصصة لا تقوم بتدريس مادة للإنتاج المسرحي – عدا قسم الدراسات المسرحية بكلية الآدب بجامعة الإسكندرية الذي يدرس مادة الإنتاج المسرحي لطلبة الفرقة الثالثة في مرحلة الليسانس، ومادة الإنتاج والتسويق لطلبة الدراسات العليا في مرحلة الماجستير، كما يدرس قسم المسرح بجامعة عين شمس مادة الإنتاج بوصفها مادة اختيارية في مرحلة الليسانس. أما دون ذلك، فلا ذكر لهذا الموضوع المهم بين مواد الدراسة في المعاهد والكليات المتخصصة في منطقة الشرق الأوسط، أما في الغرب فهناك أقسام للإنتاج في المعاهد والكليات المتخصصة في فنون المسرح. هذه الأسباب وغيرها هو ما دفعني لكتابة هذا المرجع، وكان السؤال الأهم في هذا السياق، ما الموضوعات التي يمكن أن يطرحها الكتاب، والتي يمكن أن تؤدي إلى التعامل مع المسرح بوصفه صناعة تهتم بتحقيق الأهداف المرجوة من العملية الإنتاجية سواء كانت هذه الأهداف ربحية أو غير ربحية".
وقبل ذلك أوضح ياقوت أن للإنتاج – بصفة عامة - أهمية كبرى في مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفنية، إذ يُعدُّ "الإنتاج وسيلة لإشباع الحاجات الإنسانية (الطعام، الشراب، الملبس، المسكن، التعليم.. إلخ)، ومن الملاحظ أيضا أن الإنسان لا يستطيع أن يجد إشباعًا مباشرًا لهذه الحاجات من الطبيعة، ولكن الأمر يحتاج إلى قيام الإنسان بمجهود يؤدي إلى إيجاد سلع وخدمات بقصد إشباع حاجاته. كما أن الإنتاج مصدر للدخل؛ حيث تحصل عناصر العمل على أجر، ويحصل صاحب عنصر رأس المال على الأرباح الناتجة عن الاستثمارات ".  
وأضاف "إن الإنتاج يُعنى بتحقيق القيمة المضافة بواسطة العنصر البشري - بصفته أحد أهم مدخلات العملية الإنتاجية - على مواد أولية للوصول إلى منتج نهائي يحقق منفعة ما، هنا تبرز أهمية الإنتاج بوصفه الآلية التي تتغير بها ملامح المدخلات بهدف الحصول على منتجات صالحة للاستخدام. فالشجرة التي تقتطع من الغابات لا يمكن استخدامها بالصورة التي أوجدت عليها في الطبيعة، لكن الإنسان يقوم بعمليات تحويلية تتمثل في تقطيعها وتهذيبها حتى تصل إلى صورتها النهائية في صورة ألواح منتظمة من الخشب توجه لصناعات متعددة في مجالات الأثاث، أو البناء أو أي مجال آخر، ليستفيد منها أطراف كثيرة على مر المراحل الإنتاجية التي تتمثل في الزراعة في بلد المنشأ، والقطع من الغابات، والنقل إلى المصانع، وإعادة التشكيل في صورة ألواح ومراين في المصانع، والبيع لتجار الجملة، والشحن البحري لبلد آخر، والتخليص الجمركي، والبيع لتجار محليين، والبيع لتجار التجزئة، والبيع للمصانع في البلد المستورد للأخشاب، وإعادة التصنيع في صورة منتجات نهائية، وأخيرًا البيع للمستهلك النهائي.
وأشار ياقوت إلى أن الإنتاج بهذا الشكل – وما يشابهه في صناعات أخرى - يدر عوائد على أطراف كثيرة في كل مرحلة، العمال، والصناع المهرة، وشركات النقل، والتجارة، والمصانع، والمستهلك النهائي، كل هؤلاء يستفيدون من فكرة الإنتاج الذي تطور مع بدايات الثورة الصناعية، وزادت معدلات تطوره مع الثورة التكنولوجية؛ حيث استبدل العنصر البشري في السنوات الأخيرة بميكنة متطورة ساعدت في الحصول على منتجات عالية الجودة في أزمنة تشغيل قياسية، وهو ما أدى إلى تقدم دولة على أخرى اقتصاديًا. 
ويمكننا الاستدلال على أهمية الإنتاج بالنظر إلى بلد مثل الصين التي غزت العالم بكم هائل من المنتجات التي تقدم مستويات متباينة من الجودة، بدءًا من لعب الأطفال وحتى السيارات والطائرات والأجهزة التكنولويجة المعقدة. والمشكلة تأتي عندما نصدر أحكامًا عامة بأن المنتجات الصينية رديئة الجودة، استنادًا إلى المنتجات الصينية الرديئة التي غزت الأسواق العالمية في السنوات الأخيرة، وهو أمر يجافي الحقيقة، لأن المشكلة تكمن في رداءة اختيار المستورد الذي يبحث عن أرخص الأسعار بغض النظر عن الجودة، ويمكننا أن نتخيل المستويات المختلفة من جودة المنتجات الصينية عندما نكتشف أن غالبية المنتجات التي تباع في أسواق أميركا وأروربا – مثل الملابس والمفروشات - مصنوعة في الصين، وهي منتجات تتمسك بكل أسباب الجودة الراقية. 

الإنتاج يُعنى بتحقيق القيمة المضافة بواسطة العنصر البشري - بصفته أحد أهم مدخلات العملية الإنتاجية - على مواد أولية للوصول إلى منتج نهائي يحقق منفعة ما

المشكلة تكمن في الاختيار وليس في الإنتاج نفسه، لأن المستورد الغربي عندما يذهب إلى الصين يختار ما يناسب الذوق المحلي في البلد المستورد من حيث التصميم والخامات، وهو بالطبع سيكون مستعدًا لدفع القيمة الملائمة لهذا الاختيار حفاظًا على المواصفات القياسية التي تتناسب مع ذوق المستهلك في هذا البلد.
وأكد ياقوت على أن المقدرة التخطيطية والتنفيذية للجهاز الإنتاجي في هذه الدولة، يمكنها ـ بمنظومته العلمية -  من إنتاج  عدد هائل من السلع القادرة على مخاطبة مستويات اقتصادية مختلفة، وهذا هو بيت القصيد، لأن هذا التباين يمثل السبب الأهم لنجاح المؤسسات الإنتاجية في الصين، لأنها هنا تصبح قادرة على التعامل مع جميع أشكال القوى الاقتصادية على مستوى العالم. 
وقبل أن نبرح هذا الموضع، سوف أسوق تجربة عايشتها بنفسي، فقد سافرت في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2013، إلى لندن لمشاهدة بعض العروض الموسيقية في منطقة الويست إيند  (West End)وقررت أن أشترى لاب توب ماركة   APPLEلكني لم أجد جهازا بلوحة مفاتيح باللغة العربية، فقمت بشراء الجهاز بالمواصفات المطلوبة – عن طريق التليفون -  من خلال الشركة الأم في انجلترا، وعندما أرسلوا لي رقم الطلبية عبر بريدي الإلكتروني، لتتبع وصولها إلى لندن، اكتشفت أن الطرد غادر الصين إلى كوريا إلى ألمانيا إلى لندن. وبغض النظر عما إذا كانت الصين تقوم بتصنيع الجهاز أو تجميعه، فإننا أمام ظاهرة اقتصادية تشير بوضوح إلى تقدير الصينيين لقيمة العمل والإنتاج، وهو ما وضعهم على قمة الهرم الاقتصادي العالمي.
ورأى أن الاهتمام بوضع استرتيجيات للإنتاج والتسويق يعكس رغبة المؤسسات الإنتاجية في التعامل مع الإنتاج بوصفه علمًا يعتمد على التخطيط والبحث عن أمثل الطرق لتحقيق الأهداف في المجالات المختلفة، ولا يخفى على الكثيرين منا ندرة الدراسات التي تهتم بالجانب الإنتاجي في مجال الفنون عامة والمسرح خاصة في عالمنا العربي، ويرجع ذلك إلى أننا لا نتعامل مع المسرح بوصفه صناعة، قد يكون للإنتاج السينمائي حظ أفضل في الاهتمام بهذا النوع من الدراسات ذلك لأن العالم – بما فيه دول الشرق الأوسط – تتعامل مع السينما بوصفها صناعة تحقق الكثير من الأهداف سواء الربحية أو غيرها، أما المسرح، فما زلنا للأسف نتعامل معه على أنه نشاط ترفيهي أو خدمي، حتى في ظل بعض تجارب المسرح التجاري المحدودة في العالم العربي.
الجزء الأول من الموسوعة ضم ثلاثة فصول رئيسة الأول: الإنتاج المسرحي، الوظائف والموارد وركز فيه ياقوت على ثلاث وظائف أساسية مرتبطة بعملية الإنتاج المسرحي، وهي: المنتج، ومدير الإنتاج، ومدير تخطيط الإنتاج. حيث نعرض لأنواع المنتجين الرسميين وغير الرسميين، من يهدفون لتحقيق الربح أو لا يهدفون لذلك، كما نعرض لمهام ومواصفات مدير الإنتاج، ومدير تخطيط الإنتاج، كما يسعى هذا الفصل لشرح مفهوم الإنتاج بصفة عامة، وما يرتبط به من مفاهيم مثل الموارد الاقتصادية بأنواعها المختلفة؛ طبيعية، بشرية، ومصنعة، وهنا نتعرض لأنواع رأس المال الذي ينقسم لشقين هما: رأس المال المتداول الذي يتضمن النقدية السائلة وما في حكمها، ورأس المال الثابت، الذي يتضمن الأصول الثابتة مثل المباني والأجهزة.
وعرض ياقوت في الفصل الثاني "عناصر الإنتاج المسرحي" لعناصر العملية الإنتاجية في المسرح والتي تقدمها عنصر الموارد التي تشكل أهم مدخلات عملية الإنتاج المسرحي بشقيها الفكري، والمادي، فنعرض للموارد البشرية التي تعمل في مجال الإنتاج المسرحي وهي: المنتج، والمؤلف، والدراماتورج، والمخرج، والممثلون، ومصممو العناصر المرئية مثل: الديكور والإضاءة والملابس والماكياج، ومصممو الاستعراضات، وكذلك نعرض لمصصمي العناصر المسموعة مثل: الشاعر، والمغني، والمؤلف الموسيقي، وكذلك يعرض الفصل لأفراد الشؤون المالية والإدارية، ومنفذي الأعمال الإبداعية، والأشغال المادية، وأخيرًا نعرض لوظائف المخرج المنفذ، ومدير خشبة المسرح، ومساعدي المخرج، وفريق الإدارة المسرحية. 
أما العنصر الثاني من عناصر الإنتاج المسرحي فتمثل الأدوات التي يستخدمها كل مدخل بشري من المدخلات السابق الإشارة إليها، وكذلك يعرض هذا الفصل لأدوات تنفيذ المدخلات المادية للعرض المسرحي مثل الديكورات والملابس وخلافه. 
والعنصر الثالث الذي عرضه ياقوت  كان العمليات التحويلية التي يقوم بها كل مدخل باستخدام الأدوات. ولأن العمليات التحويلية تمثل عصب عملية الإنتاج المسرحي؛ فقد تم تقسيم هذه العمليات إلى مرحلتين: هما المرحلة التخطيطية، والمرحلة التنفيذية، في المرحلة التخطيطية يعرض المبحث للأعمال الذهنية التي تشكل بنيان العرض المسرحي لمجموعة المبدعين وهم على سبيل الحصر: المؤلف، والدراماتورج، والمخرج، ومصممو العناصر المرئية والمسموعة للعرض المسرحي، وكذلك الممثلون. كما نعرض في هذه المرحلة للعمليات التحويلية الإدارية التي يقوم بها  المنتج، وأقسام الشؤون المالية والإدارية والتسويق. 
ما في المرحلة التنفيذية التي يتم فيها العمل على أرض الواقع بصورة مادية من أجل إخراج العرض المسرحي للنور، فنعرض لها من خلال ثلاثة محاور: المحور الأول يهتم بالعمليات التي تخص العناصر الفكرية، وتتضمن أعمال المنتج، والمؤلف، والدراماتورج، والمخرج، ومصممي العناصر المرئية، أما المحور الثاني فيختص بالعناصر المادية من ديكور، وملابس، وإضاءة، وماكياج، وعرائس. وأخيرًا المحور الثالث ويهتم بالعمليات التحويلية التي تتم على العناصر الإدارية على مستوياتها الثلاثة، منتج، وشؤون مالية، وتسويق.
ثم عرض ياقوت  للعنصر الرابع من عناصر الإنتاج المسرحي وهو المنتج النهائي الذي يمثل الهدف الذي تسعى العملية الإنتاجية للوصول إليه في النهاية، ومن هنا نعرض لطبيعة الجهات المستفيدة من  عملية الإنتاج المسرحي – وهي العنصر الخامس - وأخيرًا يعرض هذا الفصل للعنصر السادس من عناصر الإنتاج المسرحي وهو طبيعة الاستفادة الناجمة عن القيام بالفعل الإنتاجي لكل مستفيد.
أما الفصل الثالث فتعرض فيه ياقوت لأهم العوامل التي تؤثر في عملية الإنتاج المسرحي، وأهمها، المقدرة التمويلية، والتسويقية، ومدى رواج المسرح بوصفه وسيطًا تثقيفيًا أو ترفيهيًا، والحالات السياسية والاقتصادية، والاجتماعية، وقدر الضرائب والعوائد الحكومية على الفنون،  ورواج السياحة الفنية، ومدى احترام حقوق الملكية الفكرية، وأخيرًا الانفتاح الثقافي خارج الحدود الإقليمية للبلد.
 

الثلاثاء، 10 مارس 2020

جمال ياقوت يقدم أول موسوعة بحثية عن الإنتاج المسرحي

مجلة الفنون المسرحية


جمال ياقوت يقدم أول موسوعة بحثية عن الإنتاج المسرحي

"موسوعة الإنتاج المسرحي" تتتبع الإنتاج المسرحي انطلاقا من وظائفه وموارده وعناصره، فتخطيط المشروعات الإنتاجية، ومرورا بنظمه من آليات وأنماط.ا
الموسوعة جاءت في خمسة أجزاء
 الموارد تشكل أهم مدخلات عملية الإنتاج المسرحي بشقيها الفكري، والمادي
 المشكلة تكمن في الاختيار وليس في الإنتاج نفسه

محمد الحمامصي 

تعد "موسوعة الإنتاج المسرحي" للمخرج المسرحي وأستاذ التمثيل والإخراج والإنتاج المسرحي د.جمال ياقوت، الأولى مصريا وعربيا التي تتبع الإنتاج المسرحي انطلاقا من وظائفه وموارده وعناصره، فتخطيط المشروعات الإنتاجية، ومرورا بنظمه من آليات وأنماط، فأسسه النظرية والتطبيقية لتنظيم المهرجانات، وانتهاء بتسويق منتجاته. وقد جاءت الموسوعة التي صدر منها الجزء الأول بعنوان "مقدمة في الإنتاج المسرحي" في خمسة أجزاء.
وقد أكد ياقوت صعوبة ما أقدم عليه من عمل بحثي كهذا حيث قال في مقدمته "واجهت صعوبات كثيرة أثناء إعدادي لبحث الدكتوراه في مجال الإنتاج المسرحي بسبب الندرة الشديدة للمراجع التي تناقش هذا الفرع المهم من دراسات الفنون المسرحية، كما لاحظت أن المعاهد والكليات المتخصصة لا تقوم بتدريس مادة للإنتاج المسرحي – عدا قسم الدراسات المسرحية بكلية الآدب بجامعة الإسكندرية الذي يدرس مادة الإنتاج المسرحي لطلبة الفرقة الثالثة في مرحلة الليسانس، ومادة الإنتاج والتسويق لطلبة الدراسات العليا في مرحلة الماجستير، كما يدرس قسم المسرح بجامعة عين شمس مادة الإنتاج بوصفها مادة اختيارية في مرحلة الليسانس. أما دون ذلك، فلا ذكر لهذا الموضوع المهم بين مواد الدراسة في المعاهد والكليات المتخصصة في منطقة الشرق الأوسط، أما في الغرب فهناك أقسام للإنتاج في المعاهد والكليات المتخصصة في فنون المسرح. هذه الأسباب وغيرها هو ما دفعني لكتابة هذا المرجع، وكان السؤال الأهم في هذا السياق، ما الموضوعات التي يمكن أن يطرحها الكتاب، والتي يمكن أن تؤدي إلى التعامل مع المسرح بوصفه صناعة تهتم بتحقيق الأهداف المرجوة من العملية الإنتاجية سواء كانت هذه الأهداف ربحية أو غير ربحية".
وقبل ذلك أوضح ياقوت أن للإنتاج – بصفة عامة - أهمية كبرى في مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفنية، إذ يُعدُّ "الإنتاج وسيلة لإشباع الحاجات الإنسانية (الطعام، الشراب، الملبس، المسكن، التعليم.. إلخ)، ومن الملاحظ أيضا أن الإنسان لا يستطيع أن يجد إشباعًا مباشرًا لهذه الحاجات من الطبيعة، ولكن الأمر يحتاج إلى قيام الإنسان بمجهود يؤدي إلى إيجاد سلع وخدمات بقصد إشباع حاجاته. كما أن الإنتاج مصدر للدخل؛ حيث تحصل عناصر العمل على أجر، ويحصل صاحب عنصر رأس المال على الأرباح الناتجة عن الاستثمارات ".  
وأضاف "إن الإنتاج يُعنى بتحقيق القيمة المضافة بواسطة العنصر البشري - بصفته أحد أهم مدخلات العملية الإنتاجية - على مواد أولية للوصول إلى منتج نهائي يحقق منفعة ما، هنا تبرز أهمية الإنتاج بوصفه الآلية التي تتغير بها ملامح المدخلات بهدف الحصول على منتجات صالحة للاستخدام. فالشجرة التي تقتطع من الغابات لا يمكن استخدامها بالصورة التي أوجدت عليها في الطبيعة، لكن الإنسان يقوم بعمليات تحويلية تتمثل في تقطيعها وتهذيبها حتى تصل إلى صورتها النهائية في صورة ألواح منتظمة من الخشب توجه لصناعات متعددة في مجالات الأثاث، أو البناء أو أي مجال آخر، ليستفيد منها أطراف كثيرة على مر المراحل الإنتاجية التي تتمثل في الزراعة في بلد المنشأ، والقطع من الغابات، والنقل إلى المصانع، وإعادة التشكيل في صورة ألواح ومراين في المصانع، والبيع لتجار الجملة، والشحن البحري لبلد آخر، والتخليص الجمركي، والبيع لتجار محليين، والبيع لتجار التجزئة، والبيع للمصانع في البلد المستورد للأخشاب، وإعادة التصنيع في صورة منتجات نهائية، وأخيرًا البيع للمستهلك النهائي.
وأشار ياقوت إلى أن الإنتاج بهذا الشكل – وما يشابهه في صناعات أخرى - يدر عوائد على أطراف كثيرة في كل مرحلة، العمال، والصناع المهرة، وشركات النقل، والتجارة، والمصانع، والمستهلك النهائي، كل هؤلاء يستفيدون من فكرة الإنتاج الذي تطور مع بدايات الثورة الصناعية، وزادت معدلات تطوره مع الثورة التكنولوجية؛ حيث استبدل العنصر البشري في السنوات الأخيرة بميكنة متطورة ساعدت في الحصول على منتجات عالية الجودة في أزمنة تشغيل قياسية، وهو ما أدى إلى تقدم دولة على أخرى اقتصاديًا. 
ويمكننا الاستدلال على أهمية الإنتاج بالنظر إلى بلد مثل الصين التي غزت العالم بكم هائل من المنتجات التي تقدم مستويات متباينة من الجودة، بدءًا من لعب الأطفال وحتى السيارات والطائرات والأجهزة التكنولويجة المعقدة. والمشكلة تأتي عندما نصدر أحكامًا عامة بأن المنتجات الصينية رديئة الجودة، استنادًا إلى المنتجات الصينية الرديئة التي غزت الأسواق العالمية في السنوات الأخيرة، وهو أمر يجافي الحقيقة، لأن المشكلة تكمن في رداءة اختيار المستورد الذي يبحث عن أرخص الأسعار بغض النظر عن الجودة، ويمكننا أن نتخيل المستويات المختلفة من جودة المنتجات الصينية عندما نكتشف أن غالبية المنتجات التي تباع في أسواق أميركا وأروربا – مثل الملابس والمفروشات - مصنوعة في الصين، وهي منتجات تتمسك بكل أسباب الجودة الراقية. 

الإنتاج يُعنى بتحقيق القيمة المضافة بواسطة العنصر البشري - بصفته أحد أهم مدخلات العملية الإنتاجية - على مواد أولية للوصول إلى منتج نهائي يحقق منفعة ما

المشكلة تكمن في الاختيار وليس في الإنتاج نفسه، لأن المستورد الغربي عندما يذهب إلى الصين يختار ما يناسب الذوق المحلي في البلد المستورد من حيث التصميم والخامات، وهو بالطبع سيكون مستعدًا لدفع القيمة الملائمة لهذا الاختيار حفاظًا على المواصفات القياسية التي تتناسب مع ذوق المستهلك في هذا البلد.
وأكد ياقوت على أن المقدرة التخطيطية والتنفيذية للجهاز الإنتاجي في هذه الدولة، يمكنها ـ بمنظومته العلمية -  من إنتاج  عدد هائل من السلع القادرة على مخاطبة مستويات اقتصادية مختلفة، وهذا هو بيت القصيد، لأن هذا التباين يمثل السبب الأهم لنجاح المؤسسات الإنتاجية في الصين، لأنها هنا تصبح قادرة على التعامل مع جميع أشكال القوى الاقتصادية على مستوى العالم. 
وقبل أن نبرح هذا الموضع، سوف أسوق تجربة عايشتها بنفسي، فقد سافرت في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2013، إلى لندن لمشاهدة بعض العروض الموسيقية في منطقة الويست إيند  (West End)وقررت أن أشترى لاب توب ماركة   APPLEلكني لم أجد جهازا بلوحة مفاتيح باللغة العربية، فقمت بشراء الجهاز بالمواصفات المطلوبة – عن طريق التليفون -  من خلال الشركة الأم في انجلترا، وعندما أرسلوا لي رقم الطلبية عبر بريدي الإلكتروني، لتتبع وصولها إلى لندن، اكتشفت أن الطرد غادر الصين إلى كوريا إلى ألمانيا إلى لندن. وبغض النظر عما إذا كانت الصين تقوم بتصنيع الجهاز أو تجميعه، فإننا أمام ظاهرة اقتصادية تشير بوضوح إلى تقدير الصينيين لقيمة العمل والإنتاج، وهو ما وضعهم على قمة الهرم الاقتصادي العالمي.
ورأى أن الاهتمام بوضع استرتيجيات للإنتاج والتسويق يعكس رغبة المؤسسات الإنتاجية في التعامل مع الإنتاج بوصفه علمًا يعتمد على التخطيط والبحث عن أمثل الطرق لتحقيق الأهداف في المجالات المختلفة، ولا يخفى على الكثيرين منا ندرة الدراسات التي تهتم بالجانب الإنتاجي في مجال الفنون عامة والمسرح خاصة في عالمنا العربي، ويرجع ذلك إلى أننا لا نتعامل مع المسرح بوصفه صناعة، قد يكون للإنتاج السينمائي حظ أفضل في الاهتمام بهذا النوع من الدراسات ذلك لأن العالم – بما فيه دول الشرق الأوسط – تتعامل مع السينما بوصفها صناعة تحقق الكثير من الأهداف سواء الربحية أو غيرها، أما المسرح، فما زلنا للأسف نتعامل معه على أنه نشاط ترفيهي أو خدمي، حتى في ظل بعض تجارب المسرح التجاري المحدودة في العالم العربي.
الجزء الأول من الموسوعة ضم ثلاثة فصول رئيسة الأول: الإنتاج المسرحي، الوظائف والموارد وركز فيه ياقوت على ثلاث وظائف أساسية مرتبطة بعملية الإنتاج المسرحي، وهي: المنتج، ومدير الإنتاج، ومدير تخطيط الإنتاج. حيث نعرض لأنواع المنتجين الرسميين وغير الرسميين، من يهدفون لتحقيق الربح أو لا يهدفون لذلك، كما نعرض لمهام ومواصفات مدير الإنتاج، ومدير تخطيط الإنتاج، كما يسعى هذا الفصل لشرح مفهوم الإنتاج بصفة عامة، وما يرتبط به من مفاهيم مثل الموارد الاقتصادية بأنواعها المختلفة؛ طبيعية، بشرية، ومصنعة، وهنا نتعرض لأنواع رأس المال الذي ينقسم لشقين هما: رأس المال المتداول الذي يتضمن النقدية السائلة وما في حكمها، ورأس المال الثابت، الذي يتضمن الأصول الثابتة مثل المباني والأجهزة.
وعرض ياقوت في الفصل الثاني "عناصر الإنتاج المسرحي" لعناصر العملية الإنتاجية في المسرح والتي تقدمها عنصر الموارد التي تشكل أهم مدخلات عملية الإنتاج المسرحي بشقيها الفكري، والمادي، فنعرض للموارد البشرية التي تعمل في مجال الإنتاج المسرحي وهي: المنتج، والمؤلف، والدراماتورج، والمخرج، والممثلون، ومصممو العناصر المرئية مثل: الديكور والإضاءة والملابس والماكياج، ومصممو الاستعراضات، وكذلك نعرض لمصصمي العناصر المسموعة مثل: الشاعر، والمغني، والمؤلف الموسيقي، وكذلك يعرض الفصل لأفراد الشؤون المالية والإدارية، ومنفذي الأعمال الإبداعية، والأشغال المادية، وأخيرًا نعرض لوظائف المخرج المنفذ، ومدير خشبة المسرح، ومساعدي المخرج، وفريق الإدارة المسرحية. 
أما العنصر الثاني من عناصر الإنتاج المسرحي فتمثل الأدوات التي يستخدمها كل مدخل بشري من المدخلات السابق الإشارة إليها، وكذلك يعرض هذا الفصل لأدوات تنفيذ المدخلات المادية للعرض المسرحي مثل الديكورات والملابس وخلافه. 
والعنصر الثالث الذي عرضه ياقوت  كان العمليات التحويلية التي يقوم بها كل مدخل باستخدام الأدوات. ولأن العمليات التحويلية تمثل عصب عملية الإنتاج المسرحي؛ فقد تم تقسيم هذه العمليات إلى مرحلتين: هما المرحلة التخطيطية، والمرحلة التنفيذية، في المرحلة التخطيطية يعرض المبحث للأعمال الذهنية التي تشكل بنيان العرض المسرحي لمجموعة المبدعين وهم على سبيل الحصر: المؤلف، والدراماتورج، والمخرج، ومصممو العناصر المرئية والمسموعة للعرض المسرحي، وكذلك الممثلون. كما نعرض في هذه المرحلة للعمليات التحويلية الإدارية التي يقوم بها  المنتج، وأقسام الشؤون المالية والإدارية والتسويق. 
ما في المرحلة التنفيذية التي يتم فيها العمل على أرض الواقع بصورة مادية من أجل إخراج العرض المسرحي للنور، فنعرض لها من خلال ثلاثة محاور: المحور الأول يهتم بالعمليات التي تخص العناصر الفكرية، وتتضمن أعمال المنتج، والمؤلف، والدراماتورج، والمخرج، ومصممي العناصر المرئية، أما المحور الثاني فيختص بالعناصر المادية من ديكور، وملابس، وإضاءة، وماكياج، وعرائس. وأخيرًا المحور الثالث ويهتم بالعمليات التحويلية التي تتم على العناصر الإدارية على مستوياتها الثلاثة، منتج، وشؤون مالية، وتسويق.
ثم عرض ياقوت  للعنصر الرابع من عناصر الإنتاج المسرحي وهو المنتج النهائي الذي يمثل الهدف الذي تسعى العملية الإنتاجية للوصول إليه في النهاية، ومن هنا نعرض لطبيعة الجهات المستفيدة من  عملية الإنتاج المسرحي – وهي العنصر الخامس - وأخيرًا يعرض هذا الفصل للعنصر السادس من عناصر الإنتاج المسرحي وهو طبيعة الاستفادة الناجمة عن القيام بالفعل الإنتاجي لكل مستفيد.
أما الفصل الثالث فتعرض فيه ياقوت لأهم العوامل التي تؤثر في عملية الإنتاج المسرحي، وأهمها، المقدرة التمويلية، والتسويقية، ومدى رواج المسرح بوصفه وسيطًا تثقيفيًا أو ترفيهيًا، والحالات السياسية والاقتصادية، والاجتماعية، وقدر الضرائب والعوائد الحكومية على الفنون،  ورواج السياحة الفنية، ومدى احترام حقوق الملكية الفكرية، وأخيرًا الانفتاح الثقافي خارج الحدود الإقليمية للبلد.

مفهوم النص المسرحي

مجلة الفنون المسرحية 
   مفهوم  النص المسرحي 

 وائل زكريا مصطفى 

النص المسرحيّ هو عبارة عن قصّة مكتوبة تُقدم وتُجسد على خشبة المسرح وتشمل الأحداث والشخصيّات والحوار بينها .. والنص المسرحي يوضح طبيعة إرتباط الأشخاص بالمكان والزمان عبر سلسلة من المشاهد المترابطة والمتلاحقة ويُعتَبر النص المسرحي البناء الدرامي هو الذي يحدّد سير العرض المسرحي وأساليب الإخراج والتمثيل والتصميم فهو الإيحاء الذي يُسهّل على المخرج تصوّر المكان والزمان كما يَمدّ الممثل بالتصوّر المبدئي للحالة التمثيليّة التي سوف يتقمّصها أثناء قراءة دوره التمثيلي في النص وحفظه كما يتيح النص المسرحي المجال للجمهور لفهم فكرة وغاية المسرحية و أهدافها وكثيراً ما يقرّر النص المسرحي نجاح العمل المسرحي برمته أو تعثره وفشله عند المشاهد الأولى و أهم  العناصر للنص المسرحي هي الحبكة وهي البناء القصصي للنص والتنظيم الشامل لكلّ تحركات أبطال النص المسرحي وعندما نقول حبكة أي الترابط الذي يحفظ بُنية النص للأشخاص وهم أبطال الحكاية التي تروى على خشبة المسرح ويتمّ اختيار الممثلين و تحديد أدوارهم من قِبل المخرج  بناءً على قدراتهم المتفاوتة في الأداء وطبيعة الأدوار الموجودة  فلكل نص مسرحي هدف وفكرة و رسالة يسعى لها الكاتب أو المؤلف بالدرجة الأولى ويؤمن بها المخرج  ويجسدها الممثلون ولا ننسى أن المؤلف هو المخرج الأول للنص 

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption