أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الجمعة، 23 سبتمبر 2016

سيّدة المَسرح" نضال الأشقر تُطلِق إحتفاليّة " 20 سنة - مسرح المدينة"

مجلة الفنون المسرحية

أرادَتها جَمعة عائليّة تُعلِن من خلالها عن الإحتفاليّة المُرتَقَبة للمَسرَح الذي أسّسته قبل أكثر من 20 عاماً ليكون لبيروت وأهلها وكل من تمكّن من أن يعبر جسر الإبداع منبره الذي لن يخذله يوماً.
مساء اليوم أعلنت "سيّدة المَسرح"، نضال الأشقر خلال مؤتمر صحافي غير تقليديّ إحتفالها بال20 سنة الأولى ل"مَسرح المدينة" من 14 تشرين الأول حتى 26 منه، مُطلقة على التظاهرة الفنيّة عنوان، "مسرح المدينة – إحتفاليّة 20 سنة".
وسيتضمّن البرنامج حفلات غنائيّة وعروض مسرحيّة مُتنوّعة، بالإضافة إلى معرض صور يضمّ أرشيف "مسرح المدينة" وأبرز المحطّات التي مرّ بها خلال سنواته الطويلة، بدايةً في كليمنصو ولاحقاً في شارع الحمراء التاريخي.

-------------------------------------------
المصدر : جريدة النهار 

العرض البحريني "المزبلة الفاضلة" مصائر وحياة مؤجلة

عرض مسرحية "مرثية الوتر الخامس " يشهد حضور دولي كبير وتكريم مهران ومختار

الخميس، 22 سبتمبر 2016

انتهاء الجلسة الأولى لندوة " المسرح وتثوير الأبنية الجمالية " بمداخلات حول قلة العروض العربية بالمهرجان ودور الهيئة العربية للمسرح في تواصل المسرحيين العرب

مجلة الفنون المسرحية

انتهاء الجلسة الأولى لندوة " المسرح وتثوير الأبنية الجمالية " بمداخلات حول قلة العروض العربية بالمهرجان ودور الهيئة العربية للمسرح في تواصل المسرحيين العرب

انتهت منذ قليل فعاليات الجلسة الأولى من المحور الفكري الثاني تحت عنوان "المسرح وتثوير الأبنية الجمالية" Theater and aestheticism ، ضمن فعاليات المحاور النقدية لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي الدورة الـ "23"، برئاسة الدكتور سامح مهران، ، بحضور عدد من كُتّاب ونُقّاد المسرح المصريين والعرب، والمهتمين بشأن المسرح من بينهم د. حسن عطية مدير المحور الفكري بالمهرجان، ود. سيد علي إسماعيل، و د. جميلة مصطفى من الجزائر، و د. نوال إبراهيم من المغرب، وإيمان التونسي من السعودية، وسامي الجمعان، وعلي المهدي من السودان وغيرهم.
شارك في الندوة، الدكتورة آمنة الربيع، من عمان، بحثًا بعنوان "الجمالية المسرحية والتجليات السياسية في المسرح العماني.. محاولة تركيب وتحرير"، والدكتورة سكينة مراد من الكويت، بحثًا بعنوان "جمالية البنية المسرحية في المسرح الكويتي المعاصر.. الكاتبات نموذجًا"، والدكتور فضل الله عبدالله، من السودان، بحثًا بعنوان "البحث المتجدد عن الجمال"، وأدار الندوة الدكتور محمد شيحة من مصر.
بعد استعراض المشاركين أبحاثهم العلمية، استقبلت المنصة المداخلات، والتي عقّب خلالها د. سيد علي إسماعيل، حول استنكار د. محمد شيحة، رئيس الجلسة، عدم معرفة المسرحيين العرب مسرحيات بعضهم برغم ما المؤتمرات والمهرجانات المسرحية الكثيرة.
وقال د. سيد علي في مداخلته أن الهيئة العربية للمسرح، بالإمارات، التي يترأسها شرفيًا الشيخ سلطان القاسمي، تبذل جهدًا كبيرًا في جمع المسرحيات العربية واتاحتها للجمهور عبر وسائل الاتصالات المتعددة، وكذلك النصوص المسرحية والندوات، ويساهم ذلك بسكل كبير في رواج المسرحيات العربية.
كما شاركت المهندسة عزيزة السيرجي، أحد الحضور والمهتمات بالمسرح، بمداخلة حول قلة عدد العروض المسرحية العربية بالمهرجان، مشيرة إلى أن المشاركات العربية ٦ فقط ، ولم تشمل على سبيل المثال دولتي السودان وعمان.
كان من أبرز المسرحيين العرب الذين حضروا الندوة، د. حسن عطية مدير المحور الفكري بالمهرجان، ود. سيد علي إسماعيل، و د. جميلة مصطفى من الجزائر، و د. نوال إبراهيم من المغرب، وإيمان التونسي من السعودية، وسامي الجمعان، وعلي المهدي من السودان وغيرهم.
تقام الندوة ضمن 4 محاور فكرية تحت عنوان رئيس هو " الإبداع المسرحي والحركة النقدية .. فضاءات الحوار والتفاعل الخلَّاق"، وذلك خلال الفترة من 21 وحتى 24 سيتمبر الجاري بفندق بيراميزا، ويدير المحور الفكري بالمهرجان د. حسن عطية .
-----------------------------------------------------------------------------------
المصدر : فريق عمل الصفحة الرسمية لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي


بدء ندوة " المسرح وتثوير الأبنية الجمالية " ضمن المحور الفكري للمعاصر والتجريبي

فعاليات اليوم الخميس 22 سبتمبر لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي الدورة "23"

مجلة الفنون المسرحية

  فعاليات اليوم الخميس 22 سبتمبر لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي الدورة "23"  

تواصل العروض المسرحية لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي الدورة "23" وفيما يلي عروض اليوم الخميس 22 سبتمبر :

1- من عروض  اليوم  "آخر ليلة في مدريد  على مسرح الغد في تمام العاشرة مساءً



2- من عروض اليوم الخميس "الزومبي والخطايا العشر "على مسرح د. هدى وصفي بمركز الهناجر للفنون
في تمام الساعة العاشرة مساءً ..

عرض مسرحية "الزومبي والخطايا العشر" في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والمعاصر


"الزومبي" كامل العدد في ليلته الأولي يجذب الفرق الأجنبية في احتفاء بفن المسرح وحسن التنظيم

وسط إقبال جماهيري كبير مساء الأربعاء على مسرح د. هدى وصفي بمركز الهناجر للفنون، قدم فريق عمل مسرحية "الزومبي والخطايا العشر" ليلة العرض الأولى وذلك في إطار الدورة الـ 23 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والمعاصر والتي تستمر حتى 30 سبتمبر الجاري برئاسة الدكتور سامح مهران.
وقد لوحظ قبيل بدء العرض تزاحم الحضور لحجز بطاقات دخول العرض بمركز الهناجر للفنون برئاسة الفنان محمد دسوقي، 
ومن اللافت حضور بعض الفرق الأجنبية لنتابعة العروض المصرية بالمهرجان، والمسرحيين ومنهم د. محمد سعد، والكتابة صفاء البيلي، والفنان محمد السعداوي، والسينوغراف نهاد السيد، والفنان حازم مصطفى ..

الأربعاء، 21 سبتمبر 2016

المسرح وقضايا تكفير التفكير العقلانى أولى ندوات الفكرية على هامش مهرجان القاهره الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي

مجلة الفنون المسرحية

على هامش مهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر والتجريبى فى دورته الـ23، بدأت اليوم أولى الندوات برئاسة الدكتور حسن عطية، بعنوان " المسرح وقضايا تكفير التفكير العقلانى"، حيث انقسمت الندوة الأولى إلى جلستين، وإدارت الجلسة الأولى الناقدة زينب منتصر بحضور د.جميلة زقاى من الجزائر، محمد أبو العلا السلامونى من مصر، د.محمد المديونى من تونس، على عليان من الاردن بحضور العديد من المهتمين بالمسرح بمختلف الجنسيات.

وتحدثت د.جميلة عن التكفير ودحضه للتفكير بالمسرح الجزائرى بين علولة ومجوبى قائلة بأن التفكير والتكفير مصطلحان لا يصطلحان ولكنهما يتعايشان بحكم ما يشتملان عليه من دلالات متناقضة وأن التفكير يبقى بالرغم مما يحاك ضده من ألاعيب ومكائد من ذوى النفوس الضعيفة والتى تسخر كل ما بوسعها من اجل تقويض هذا التفكير حتى لو بإراقة الدماء لابراياء لا ذنب لهم غير حملهم لفكر متقد يستشرف جرائمهم الشنعاء.

كما تحدث أبوالعلا السلامونى عن الخلافة والتكفير، قائلا: إن ظاهرة التطرف والتكفير والإرهاب الدينى الذى يجتاح وطننا الآن ليس منذ أعقاب سقوط دولة الإخوان المسلمين فى ثورة 30 يونيو فقط ولكن منذ نشأة هذه الجماعة بعد سقوط الخلافة العثمانية فى تركيا على يد مصطفى كمال اتاتورك، وفكرة الخلافة هيا القاسم المشترك والغاية التى تنادت بها كل جماعات الإسلام السياسى القديم والمعاصر.

أما فى الحقد على المسرح تحدث الدكتور المديونى قائلا: إن المسرح كان موضوع حقد منذ نشأته فى البلاد الأوربية واختلفت تجليات هذا الحقد بين العصور وتنوعت منطلقاته.

وعن الخطاب المسرحى بين فطنة التفكير وفتنه التكفير " العلاقة الشائكة بين الفن والدين" تحدث على عليان عن بحث الدكتور عمر نقرش لعدم استطاعته الحضور قائلا بأن العلاقة الجذرية بين الفن والدين توصف من حيث المبدأ والغايات بالعلاقة المتوترة والغامضة تاريخيا على امتداد حضارة الأسلام حيث حكمها الجدال المتصاعد بين الذاتية والموضوعية، والكراهة والتحريم.

وأدار الجلسة الثانية الدكتور وائل غالى بحضور الدكتور أبو الحسن سلام من مصر، وزهراء المنصور من البحرين، الدكتور عبد الكريم عبود من العراق، ومحسن الميرغنى من مصر.

تحدث د.أبو الحسن عن المسرح بين المعرفة العقلية والمعرفة الظنية قائلا بأن اصحاب التفكير يرفع شعار " اكون أو لا أكون " اما اصحاب التيار الثانى شعار " يكون كما اكون او لا يكون "، فالعلاقة بين التفكير والتفكر والتكفير علاقة قديمة متجددة فى مجتماعات التخلف الاقتصادى والاجتماعى والعلمى والثقافى التنى تنشط فيها التيارات الأصولية والسلفية فى ظل انظمة التسلط الفردى والتبعية.

وعن المسرح وتكفير التفكير.. متى عرف الطغيان الحياة ؟ تحدثت زهراء المنصور قائله بان مصطلح الكفر فى الغالب بوقتنا الحالى مرتبط بمن يتراجع عن الدين الإسلامى، وقد يكون مبنيا على فتاوى واجتهادات التكفيرالتى طالت اشخاص معينين بسبب اعلان موقفهم من جزئية قد تتعارض مع اخرين يرتأون فى انفسهم وكلاء الدين الحقيقيين والغيورين عليه.

وتحدث الدكتور كريم عبود عن خطاب العرض المسرحى العراقى " مسارات التجربة بين سلطة التكفير وتنوع التفكير"، قائلا: إن مسارات التجربة المسرحية العراقية اشتغلت على تنوع أشكال التعبير فى خطابها السرحى من 2003 – 2016 بسبب تعدد رؤيا صناع العرض المسرحى وموقفهم من الأحداث التاريخية فى زمن التحولات، وأضاف أن الخطاب الدينى والخطاب السياسى لهذه الفترة والسلطة المهيمنة على خلاصة الإنتاج المسرحى.

وعن فكر التطهير وفقه التكفير أشار محسن الميرغنى إلى أن كافة صور التكفير والقمع والقهر والمصدارة باسم السلطة سياسية أو دينية أو اجتماعية يبقى المسرح بقدرته التطهيرية حائط صد رئيسى للمجتمعات المتحضرة ضد كل محاولات الترهيب والتخريب باسم التعصب أو العنصرية والرجعية .

-------------------------------------------
المصدر : جمال عبد الناصر - اليوم السابع 

النمنم يؤكد أن عودة المهرجان الدولي للمسرح التجريبي انتصارا لحب الحياة والحرية

مجلة الفنون المسرحية

أكد وزير الثقافة حلمي النمنم أن عودة المهرجان الدولي للمسرح التجريبي بعد غياب دام 6 سنوات هو انتصار على أعداء الحياة والحب والحرية.

جاء ذلك خلال افتتاح النمنم، مساء اليوم الثلاثاء، بدار الأوبرا، مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والمعاصر في دورته ال` 23 ، برئاسة الدكتور سامح مهران، بعد توقف دام 6 سنوات والذي يعقد في الفترة من 20 حتى 30 سبتمبر الجاري.

ونوه النمنم بالجهود التي بذلها الدكتور سامح مهران من اجل عودة مهرجان المسرح التجريبي بالتنسيق معه فور توليه منصب وزير الثقافة.

وقال وزير الثقافة “إن عودة المهرجان يعني الانفتاح مجددا على التجارب المسرحية في العالم ويعني التجديد والحوار، ونحن نحتاج إلى التجديد والحوار، ويعني الحرية وحب الحياة ونحن نحب الحرية ونحب الحياة”.

وتابع “نواجه في مجتمعاتنا أعداء حب الحرية وأعداء حب الحياة ونرفض بشدة ثقافة الموت وثقافة أعداء الحرية والمسرح هو عنوان لحب الحياة”.

ويعرض خلال المهرجان 31 عرضا مسرحيا، عربي وأجنبي والتي ستعرض على مسرح الأوبرا الصغير، مركز الهناجر للفنون، مركز الأبداع الفني، مسرح الغد، مسرح الطليعة، مسرح العرائس، مسرح ميامي، مسرح الفلكي، مسرح متروبول ومسرح وزارة الشباب والرياضة.

وتم تكريم 6 شخصيات عالمية، وهم المخرجة توارنج يجيازاريان من أمريكا، والمؤسسة لأعمال فرقة الخيط الذهبي، رئيس قسم الأخراج بأكاديمية المسرح بشنغهاي لوانج من الصين، والفنان المسرحي والسينمائي جميل راتب من مصر، بالاضافة إلى رئيس قسم التمثيل بكلية اريسبوايل فيمي اوسوفيسان من نيجيريا المخرجة مومبيكايوما من كينيا، ومحمد سيف الأفخم رئيس الهيئة الدولية للمسرح في الفجيرة.

كلباء للمسرحيات القصيرة: لجنة المشاهدة تبدأ أعمالها الخميس تختبر 12 عرضاً وتختار أفضلها للمنافسة

مجلة الفنون المسرحية

تنطلق، مساء غد الخميس، أعمال لجنة مشاهدة واختيار العروض المتقدمة للتنافس على جوائز الدورة الخامسة من مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة، الذي تنظمه إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، وتستمر أعمال اللجنة إلى، مساء الجمعة، الموافق 23 سبتمبر، وينتظر أن تعاين 12 عرضاً لتنتقي الأفضل منها للمشاركة في المهرجان، الذي سينظم في الفترة من 29 سبتمبر إلى 4 أكتوبر، بمسرح المركز الثقافي لمدينة كلباء. 

 وتضم لجنة المشاهد والاختيار: المخرج علي جمال، والناقد محمد سيد أحمد، والكاتب أحمد ماجد، وستبدأ اللجنة أعمالها من مسرح معهد الشارقة للفنون، وتنتقل في اليوم التالي إلى المنطقة الشرقية لتشاهد عروضها في مسرح المركز الثقافي لمدينة كلباء،  أما العروض المشاركة فهي: "مرتجلة آلما" ، و"فتاة في سن الزواج" للكاتب يوجين يونسكو، الأولى من إخراج شعبان سبيت، والثانية من إخراج أسامة شاكر، و"قصة حديقة الحيوان" لإدوارد آلبي ومن إخراج أحمد عبد الله راشد، "الورم" لسعد الله ونوس، من إخراج بخيت راشد الناشئ، و"العطش" يوجين أونيل من إخراج عادل سبيت، و"الجلادان" فرناندو آربال ومن إخراج علي عبيد، "الدب" لأنطوان تشيخوف ويخرجها محمود النجار، و"عرض زواج" للكاتب نفسه ومن إخراج علي سراج، و"سكن.. سكن بأي ثمن" كارولو مانزوني من إخراج أنس عبد الله، "طروادة تبحث عن قبرها" من وحي نصوص لشكسبير، ومن إخراج راشد دحنون، و"لا عزاء للآخرين" عن نص للكاتب جان بول سارتر ومن إخراج رامي مجدي. 

ويشترط المهرجان منذ تأسيسه أن تتكلم العروض اللغة العربية، انسجاماً مع توجهاته التعليمية والتثقفية، وأن تستند على نصوص مسرحية راسخة ولكتّاب من مختلف أنحاء العالم، وفيما يتعلق بالعروض فتنجز بأبسط الإمكانات من خلال الاشتغال على طاقة الممثل وحركيته، واستناداً إلى عدد من المكعبات والمجسمات لصياغة فضاء العرض، وتكوين عناصره الدلالية والجمالية الأخرى.   


وكانت إدارة المهرجان نظمت للمشاركين دورة تدريبية في الفترة من يوليو إلى أول سبتمبر، لتطوير قدراتهم ومهاراتهم، وشملت الدورة التي أشرف عليها أساتذة من الأردن والمغرب والعراق، محاضرات نظريّة وتدريبات عملية في مجالات "الإخراج" و" التمثيل" و"السينوغرافيا". 

ومهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة مكرس لهواة المسرح من شرائح المجتمع المختلفة، وهو جزء من برامج عديدة تنظمها إدارة المسرح بالدائرة، بهدف تعزيز الثقافة المسرحية واستكشاف الوجوه الإخراجية والتمثيلية الجديدة دعماً وتطويراً للساحة المسرحية المحلية والعربيّة.

-----------------------------------------
المصدر : الشارقة 24

رئيس «الدولية للمسرح»: اتُهمنا بالتقصير في إظهار الجوانب الإيجابية للخارج

مجلة الفنون المسرحية

 رئيس «الدولية للمسرح»: اتُهمنا بالتقصير في إظهار الجوانب الإيجابية للخارج


قال الأمير محمد سيف الأفخم، رئيس الهيئة الدولية للمسرح iti، إن مهرجان المسرح التجريبي، عائد بقوة إلى الساحة العربية والعالمية، وأن الإعلام الغربي شوه صورتنا وعلينا بتغيير المشهد.

وأوضح أنه سعيد بعودة المهرجان، وأن التواصل الثقافي العربي والأجنبي مطلوب بهدف الإطلاع على تجارب الآخرين واستفادتهم منا أيضًا في تبادل ثقافي، معربًا عن أسفه بتشويه الإعلام الغربي لصورتهم واتهامهم من الغيورين على الثقافة العربية بأنهم مقصرين في توصيل واظهار الجوانب الإيجابية والثقافية للعالم الخارجي.

وأضاف أنه سعيد بتواجده مع كوكبة من المسرحيين وتكريمه من الكاتب حلمي النمنم، وزير الثقافة، والدكتور سامح مهران، رئيس المهرجان.

جاء ذلك خلال فعاليات افتتاح مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي في دورته الـ23، بحضور عدد من الشخصيات العامة المصرية والعربية والأجنبية والإفريقية.

----------------------------------------------------------
المصدر : المصري اليوم 


الثلاثاء، 20 سبتمبر 2016

عوالم الفرجة السردية: اللغة والعلامات الرُّكحية

مجلة الفنون المسرحية

عوالم الفرجة السردية: اللغة والعلامات الرُّكحية 

لبروزيين عبيد

يعد مفهوم الفرجة من المفاهيم المخاتلة، يختلف معناها في اللغة والاصطلاح، فالتتبع الإتمولوجي لكلمة الفرجة في اللغة العربية، يحيلنا إلى معان عديدة، ودلالات متنوعة، فقد وردت في المعاجم العربية القديمة، وبالأخص في لسان العرب في ''باب فرج الفرج'' بمعنى ''الخلل بين الشيئين، والجمع فروج، والفرجة بالضم: فُرجَة الحائط وما أشبهه، يقال: بينهما فُرجَة أي انفراج. والفُرجة : الراحة من حزن أو مرض والفَرجة : التفصي من الهم'' . 
نلاحظ من خلال هذا التعريف، أنه لا وجود لمفهوم الفرجة بمعناه الحديث في المعاجم العربية القديمة، وإن كانت بعض الدراسات تتناوله من منطلق العصر الراهن، وهذا لا يعني أن العرب لم تعرف الفنون الفرجوية كما يحاول البعض أن يدعي، إلا أن سبب عدم وجود مفردة تدل عليها يثير العديد من الأسئلة المرتبطة بالسياق الثقافي، فربما تم تجاهلها نظرا للنظرة الدونية التي وسمت هذه الأشكال التعبيرية، أو إن الأشكال الفرجوية الموجودة إذ ذاك كانت تعرف بأسمائها فقط مثل "خيال الظل" و"الحكواتي"...إلخ. وبالتالي فعدم وجود كلمة الفرجة في "لسان العرب" لا يعني أن العرب لم تعرف أشكالا فرجوية كما لا يعني وجودها. 
أما مفهوم الفرجة بمعناه الحديث، فإنه لم يظهر إلا في المعاجم المتأخرة عن "لسان العرب"، وترد أول إشارة في المعجم الوسيط بمعنى ''الفرجة: الشق بين الشيئين، وانكشاف الهم، ومشاهدة ما يتسلى به (محدثة)''  فإضافة كلمة "محدثة" دليل على أن القاموس العربي لم يعرف الفرجة بمعناها الحديث، وإنما هو معنى مولد من خلال فعل المثاقفة. 
أما في المعاجم الاصطلاحية، فإن الفرجة spectacle فيها أكثر غموضا من المعاجم اللغوية، حيث نجد ''في اللغـة العربية الفرجـة بالمعنى العام هي الخلوص من الشدة والهـم، وهناك أيضا معنى يقترب كثيرا من العـرض تدل عليه المولدة السريانية الأصل فرجـة، وهي اسم لما يتفرج عليه من الغرائب، سميت كذلك لأن من شأنها تفريــج الهمــوم، ومنها فعل فرجة على شيء غريـب لم يره من قبل أي أراه إيـاه'' . 
وبعد أن أنكرت المعاجم اللغوية وجود كلمة الفرجة بمعناها الحديث في الإرث العربي القديم، يظهر في المعاجم الاصطلاحية المتخصصة، خصوصا عند ماري إلياس وحنان قصاب الحس في محاولة إثباتها في التراث العربي القديم من خلال المولدة السريانية حسب قولهما المتأثر بنظريات تأصيل المسرح العربي، بحيث يظهر في قولهما هاجس البحث عن السبق المعرفي لمواجهة الإرث الثقافي الغربي، أو المركزية الثقافية الغربية بتعبير جاك ديريدا، وذلك بمحاولة قول إن الفرجة كانت متداولة عند العرب منذ القديم دون تفصيل في ذلك أو حتى تقديم الكلمة السريانية.
ومن خلال المعنيين اللغوي والاصطلاحي، يظهر أن الفرجة تحتمل مجموعة من الدلالات المختلفة، لأنها اصطلاحيا ليست محصورة في دلالتها على شكل أو قالب معين، بل تضم فيما تضم "أنواعا عديدة من العروض، منها السرك والألعاب الرياضية، وعروض التزحلق على الجليد، وعروض افتتاح الألعاب الأولمبية وكل أنواع العروض الأدائية" . 
إن هذا التعريف المترامي الأطراف، يجعل الفرجة تختفي فيها الخصائص الجوهرية المميزة لها، فتصبح الفرجة إذن ـ حسب أصحاب المعاجم السالف ذكرهم ـ كل شيء مرئي ومشاهد، مما يجعل الباحث يتيه في دوامة بحثه عن ما يميز الفرجة عن غيرها. فهل يكفي تمييزها من قبل ماري الياس وحنان قصاب على أنها تحتوي على حيزين "حيز اللعب Aire de jeu وحيز المتفرجين"؟
ترتبط دلالة الفرجة ارتباطا وثيقا بالحضارة والثقافة والتاريخ، فما تعنيه عند جماعة من الناس في حقبة ما، ليس ما قد تعنيه عند الآخرين، وبالتالي فالعناصر السابقة هي التي تكسبها معناها، إذ ليس من الغريب أن نجد تمثلات الفرجة مختلفة بين سكان أفريقيا وأوربا، لأن الشكل الفرجوي في مكان ما، وزمان ما، هو الذي يسمح بتمثل الفرجة، وذلك وفق سياق تؤسسه مجموعة من العوامل، حيث نجد مثلا في الثقافة الغربية أن ''الفعل تفرج spectare يدل على 'المشاهدة مع الانتباه' وكلمة spectaculum تعني 'كل ما يثير للمشاهدة''' ، إذن فالكلمة تاريخيا كانت تضم عروض المصارعة وسباق العربات وكل ما يدخل في خانتهما، أو كل ما يشاهد ويبعث الإثارة في المتلقي. لكن سرعان ما ظهرت عروض جديدة تندرج بصفة عامة تحت الفنون الفرجوية artes du spectacle كـ(السينما والمسرح والأبرا والسيرك والحفلات الكلاسيكية وحفلات الروك)، مما يدل على أن الفرجة تتخذ معناها من السياق الثقافي والتاريخي معا. 
وقد ربطنا المفهوم بالتاريخ والسياق الثقافي لأنه يتحدد وفقهما، فـ''من الضروري رؤية متى وكيف يعني المسرح مثل ما تعنيه الفرجة، لأنه في روما قديما كانت كلمة spectaculum لا تخص المسرح فقط، ولكن أيضا كانت تعني الألعاب ومبارزات السيرك'' .
 وبالرغم من أن الفرجة تتحدد وفق المرجعين، الثقافي والتاريخي، إلا أنها كذلك محط اختلاف أصحاب المعاجم الاصطلاحية، إذ يعرفها "باتريس بافيس" بكونها "كل ما يعرض للمشاهدة (فالفرجة كونية تحت نوع كل ما يشاهده العالم، بارث، 1975) وهذا المفهوم النوعي يوظف في الجزء المرئي من العرض ((représentation وفي أشكال فنون العرضarts de la representation  (رقص، أبرا، سينما، الميم، السيرك ...)، إضافة للأنشطة الأخرى التي توظف مشاركة الجمهور (رياضة، شعائر، عبادات cultes تفاعل interaction)''  وهنا تتخذ الفرجة أشكالا مختلفة ومتنوعة يصعب على الدارس حصرها.
يستوجب جعل الفرجة مادة للدراسة التحقق من كيفية إنجازها، وتحليلها بمناهج نقدية تراعي قواعد الحقول العلمية (النظريبات النقدية) التي ينتسب إليها، ولتيسير فهمها ما كان من النقاد الفرجويين (أقصد نقاد المسرح والسينما بالخصوص) وأصحاب المعاجم إلا أن حاولوا تقسيمها، ليضيف "ميشيل كرفان" بعد أن أحس أن جغرافية مفهوم الفرجة مازالت غير مرسومة الحدود، وغير واضحة المعالم، فشرع يقسمها إلى فئتين كبيرتين: 
فنون العرض arts de la représentation.
فنون الخشبة arts de la scène.
   أو إلى:
فنون الخيال  arts de la fiction: (مثل المسرح والسينما غير الوثائقية، الميم...)
الفنون غير الخيالية arts non-fictionnels: (مثل السيرك، وسباق الثيران، والرياضة...) 
لقد حدد "ميشيل كرفان" الفرجة بهذا التقسيم، وأصبحت موضوعا محددا بعد أن كان غامضا وغير واضح المعالم، وإليه يرجع الفضل في تطور الدراسات الفرجوية. ويبدو أن "آن أبرسفيلد" تأثرت بطروحاته، فهي تتفق معه، حيث تقول: إن لكلمة الفرجة معنيين :
أ ـ تدل على تظاهرة أنتجها أناس أمام أناس آخرين يجدون فيها كل المتعة، كل رقصة وكل مباراة ملاكمة وكرة القدم وكل استعراض أو عرض هو بمثابة فرجة مثل تمثيل مسرحي. وليست سوى مبالغة في التعبير أو الكلمة إذا ما نحن اعتبرنا فلما أو تظاهرة تلفزيونية بمثابة فرجة، حيث هما صور وليس حـضورا آنيا للمرسلين ...
ب ـ تدل على التظاهرة المسرحية، كل ما يجعل من الممثل حضورا فعليا إلى جانب الديكور، الملابس والإنارة، الحركة وكلام الممثلين، الموسيقى والرقص... .
لقد أسهمت المعاجم الفرجوية، والمسرحية منها خصوصا، من تحديد مفهوم الفرجة، وإزالة الغموض الذي كان يكتنفها، سواء بتحديد عناصرها، صانع الفرجة ومتلقيها، أو أنواعها، أي الخيالية وغير الخيالية.
والفرجة التي سنتحدث عنها في هذه المقالة هي الفرجة المسرحية، التي تعتمد السرد والحكي باللغة الملفوظة أو عناصر السينوغرافيا أو حركات الممثل. وبذلك تختلف وسائط السرد في الفرجة حسب أهميتها، فيمكن أن يكون السرد بالصورة أو الإشارات والرموز أو الإيماءات...إلخ، لبناء حدث يتضمن بداية ووسطا ونهاية، ولكن اهتمامنا سينصب على السرد في العروض المسرحية بواسطة اللغة والجسد والسينوغرافيا.
اللغة:
تعد اللغة مجموعة من الرموز التي توافق الناس على إكسابها معان ودلالات مختلفة، ونقصد بها في العرض المسرحي اللغة الملفوظة التي ينطق بها الممثلون، فبواسطتها يتم سرد الأحداث والوقائع أو نقلها وسردها للمتلقي، ويمكن أن نقول بأن الفرجة هي التي تقوم بعملية السرد، أي معادلة للسارد في النصوص الأدبية، فالعناصر التي تكون الفرجة، مهما اتسقت أو اختلفت، تتضمن قابلية لتتحول إلى علامات دالة قابلة من خلال علاقاتها للقيام بعملية السرد، ومنه، يتم إنتاج نص فرجوي متكامل، وهذه العناصر هي: الإخراج والتأليف والتمثيل، والسينوغرافيا. وبالتالي يمكننا أن نقسم السرد في العرض المسرحي بواسطة اللغة –سواء كانت ملفوظة أم بصرية- في علاقته بالحدث إلى ما يلي:
شعرية الحدث: السرد الممكن
تجسد اللغة الأحداث والوقائع التي تسرد بطريقة أو بأخرى أمام الجمهور، وتنبني على محور الاختيار، أي اختيار مجموعة من الإمكانيات اللغوية المتاحة، بمعنى اختيار كلمة دون مرادفاتها، مثل اختيار صبي عوض طفل، أو جزء من الديكور عوض أجزاء مشابهة له، وفي هذه الحالة يتم إنزال سرد سابق (مرجع العلامة الواقعي) مكان سرد آني من خلال خطاب مكونات العرض المسرحي (مرجع العلامة المسرحي) وخصوصا الملفوظ الحواري، فعبارة "اذهب إلى حال سبيلك" يمكن أن تقال على خشبة المسرح بطرق مختلفة، تستند إلى مرجع واقعي، أي التداول اليومي للغة، ومرجع مسرحي، أي علاقتها بالعرض وبانفعالات الممثل. 
وعليه، تقوم اللغة في هذه الحالة باستحضار وقائع وأحداث ماضية، وتصاغ بطريقة تعتمد على قدرة المبدع على الوصف والتعبير والسرد وامتلاك تقنيات الكتابة، وتقدم على أنها تعرض آنيا، والمرجع المسرحي هو الذي يجعل العلامة المسرحية مفارقة للعلامة الواقعية، فتتضاعف في علاقاتها المتشعبة لتقدم على أنها انزياح، وهو ما يخلق العنصر الفرجوي spectaculaire، أي ما يجعل من الفرجة فرجة إذا اقتدينا بعريف الأدبية عند رومان ياكبسون والشعرية عند جون كوهين.
آفاق سردية: شعرية السرد الحواري
في هذه الحالة تكون لغة الحوار ساردة ومسرودة في نفس الوقت، ساردة لأنها تقدم حدثا آنيا (التعبير عن الحدث أو مكنونات الشخصية وطموحاتها...) ومسرودة لأنها تقدم كيفية بناء الأفعال السردية المتعلقة بالحدث والشخصيات، وهكذا تتحول المقاطع الحوارية إلى تقنية للسرد، قادرة على خلق آفاق شعرية رحبة، وهي لا تكتسب جماليتها إلا في علاقتها بعناصر السينوغرافيا.
لنأخذ مثلا اللغة الشعرية عند المسكيني الصغير، وهذا لا يعني أن نرصد مدى انزياحها عن اللغة اليومية، بل شعريته تكمن في استحضار بنية المسرحية أولا، وجمال العبارة ثانيا، ونقصد هنا بالجمال التوفق في استعمال الصور الشعرية التي تنقل الخطاب العادي إلى خطاب جمالي، كما هو شأن الانزياح اللغوي في هذا المقطع الحواري:
"ابن دانيال: ...لكنهم يَلعَقُون بشراهة كل أنواع الإهانات، يتمسحون بالصبر كالقطط الجرباء.. خوفا من قولة الحق.
    طيف الخيال: الحق سيف يا معلمنا الأكبر.
    ابن دانيال: من يرفع السيف المنتظر.. ويحصد هذا الطحلب الملفوف فوق الرؤوس.. شارات وعناوين باهتة" .
        وعندما نتأمل عبارة "يلعقون بشراهة كل أنواع الإهانات" يتضح فيها الانزياح الدلالي، فالناس لا يلعقون، والإهانات ليست سائلا يمكن لعقه، أو التشبيه في عبارة "الحق سيف" حيث شبه الحق بالسيف، وغيرها من الانزياحات الأخرى، وهذا ما يجعل لغته لغة شعرية بامتياز، وهو ما نقصده بشعرية السرد الحواري.
         شعرية اللغة الساردة المتعالية
لغة رواية الأحداث، تصدر عن الراوي/السارد، هي تقنية تعتمد في المسرح داخل المسرح غالبا، متعالية، لأنها تستقل بأسلوبها في تقديم الأحداث، وتجعل مسافة بينها وبين المرويّ، فهي تشتغل كلغة فوقية. إن اللغة وسيلة سردية وغاية، فهي وسيلة لطرح الأحداث وفق قالب معين، والفضاء الذي تتشكل فيه بشكل كرونولوجي أو غيره من أشكال السرد المختلفة، وغاية لأنها رسالة تركز على ذاتها، أي على كيفية نقل الأحداث والوقائع، وهذا ما يميز الخطاب الأدبي والفرجوي عن الخطاب اليومي العادي.

الهوامش
 - أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور الإفريقي المصري: "لسان العرب، باب فرج الفرج"، دار صادر بيروت، المجلد الثاني، دط، دت، ص 341. 
 - مجموعة من الكتاب، "المعجم الوسيط"، الجزء الأول، من أول همزة إلى آخر الضاد، المكتبة الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع، اسطنبول، تركيا، دط، دت، ص 679.
  - ماري إلياس وحنان قصاب: "المعجم المسرحي مفاهيم ومصطلحات المسرح وفنون العرض"، مكتبة لبنان ناشرون ط1، 1997، ص 36. 
 - نفسه، ص 36. 
 - Michel Corvin, Dictionnaire encyclopédique du théâtre, Bordas, Paris 1991, P 787.  
  -Ibid, P: 787.
  - Patrice Parvis, dictionnaire du théâtre, Edition sociales, Paris 1987, P P  369 -370.
 - Michel Corvin, Dictionnaire encyclopédique du théâtre, Bordas Paris,  P 371.
 -Anne Ubersfeld, les termes clés de l’analyse du théâtre, Edition du seuil, février 1996, P 78.
- المسكيني الصغير: "البحث عن رجل يحمل عينين فقط"، منشورات دار التوحيدي، ط 1، 2015، ص: 9.  

عرض "شتوية قاسية" يطرح قضايا وآلام المرأة

مجلة الفنون المسرحية
عرض "شتوية قاسية" يطرح قضايا وآلام المرأة


طرح العرض المسرحي اللبناني "شتوية قاسية" اخراج لارا حتي، الذي قدم على مسرح مركز الحسين الثقافي مساء  الاثنين ضمن مهرجان عشيات طقوس المسرحية في دورته التاسعة، قضايا المرأة، وآلامها في بعد وجودي.

قضبان حديدية صلدة اشبه بالزنزانة تموضعت على منتصف يمين الخشبة اول ما كشف عنه العرض المسرحي "شتوية قاسية" ليعلن منذ البدء عن تلك المرارة التي تختلج في صدور العديد من النساء في العديد من المجتمعات، لما يعانينه من قهر وتغييب لوجودهن بموازاة الرجال الذين مازالت الذهنية الذكورية تحكم نظرتهم اليهن لتنسحب الى باقي المجتمع وتؤسس لمفاهيم تجاوزها العصر والمنطق.

العرض المسرحي الذي اتكأ على الاداء التمثيلي والحركي العالي وثراء عناصر السينوغرافيا، وقوة النص العاطفية والتعبيرية مقتربا من مسرح ما بعد الدراما، استهل مشاهده بثلاث شخصيات نسائية تموضعت احداهن على كرسي في بقعة اضاءة بيضاء بمنتصف الخشبة وادتها المخرجة الممثلة لارا حتي بوصفها امرأة مسنة تسرد في "برولوغ" ذكرياتها المؤلمة كامرأة، الى الجمهور وشخصيتي فتاتين تموضعت احداهن جاثمة على يمين منتصف الخشبة ملقية برأسها على منضدة صغيرة ليست ببعيدة عن شخصية "المسنة" في الوقت الذي تموضعت اخرى على يسار الخشبة ليست ببعيدة عنها..

الرقص الدرامي ( تشكيل المعنى )

مجلة الفنون المسرحية



الرقص الدرامي ( تشكيل المعنى )

د. احمد محمد عبد الامير

إنّ للرقص الدرامي استقلاله الخاص والذي يعزى إلى تقديمه لنظام تخطيطي لما هو موجود، أي ما يرتبط بوجود الإنسان ونشاطه  . في نهاية القرن التاسع عشر، بدأ الاهتمام يتحول في المسرح من اللغة المعروفة أو التقليدية إلى لغة خاصة به وهي لغة الجسد، إذ بدأ المسرحيون الجدد يكتشفون ما للصورة والجسد من تأثير كبير في المشاهد. خصوصاً بعدما أخذت الطروحات الحداثوية بالاتساع المضطرد في مجالات الفن والأدب والمسرح والتي اقترنت عادة بالتمرد والتحرر المدفوع برغبة التحدي ، تحدي قدرة عناصر العمل المسرحي على ِالتوحد في وحدة فنية كاملة، لذا يمكن القول بأن فهم الرقص الدرامي كعمل حداثوي بوصفه شيئاً يحدث بصورة جمالية دائمة التحول أو بوصفه هدفاً أو واقعة مدركة تولد فائضاً من المعاني تنتجها آنياً جملة من العناصر المتفاعلة في العرض من خلال لحظة مسرحية هي بعض من لحظات العمل برمته ( ). والرقص عموماً، يعد أقدم الفنون وأعرقها، إذ يخاطب الآخرين بلغة الحركة للتفاعل مع المجموع والتعبير عن مظاهر الحياة. وعلى نحو يكون فيه المؤدي والمشاهد مشتركان معاً في إنتاج المعنى ضمن إطار الحدث ذاته، أو الطقس الروحي الذي يحيطهما من هنا أكتسب الرقص المعبر خصوصيته وهويته الثقافية التي تجسد صورة هذا المجتمع أو ذاك من خلال تقديمها على هيأة فعل معبر .  
يعرّف (ليفاري) الرقص بأنه: " رقص تكون فيه الحركة والموسيقى والديكور والملابس تابعه جميعها لسياق القصة والحبكة المسرحية " ( ). وينظر إليه على أنه: تأدية حركة بجزء أو أكثر من أجزاء الجسم على إيقاع ما للتعبير عن شعور أو معان معينة، وهي على أنواع وأصناف تنماز بخصوصية الأداء أو الوصف ( ). أما(سوزان لانجر) فتعرف الرقص الدرامي بأنه: " حركة أو نسق حركي فصل نفسه عن الحركة في عمومها بحكم تكوينه، إذ يكتسب هويته الفنية داخل سياق العرض ليتميز بذلك عن الحركة العادية "( ). ويعرّفه (مارتن) في كتابه (الرقص الحديث) بأنه: " التعبير من خلال الحركة الجسدية المنظرة في شكل دال عن مفاهيم وأفكار تتجاوز قدرة الفرد على التعبير عنها بوسائل فكرية عقلانية " ( ). ويعرف الرقص (جان لوي بارو) بأنه: " حالات الروح التي تترجم إلى تعبير جسدي " ( ).

ترى (سوزان فوستر) في كتابها (قراءة الرقص) ، الرقص الدرامي بأنه تجسيداً لخصائص داخلية وذاتية لكنها جمعية في نفس الوقت ( ) ، كما ويعرف بأنه التعبير من خلال الحركة الجسدية المنظمة في شكل دال عن مفاهيم وأفكار تتجاوز قدرة الفرد على التعبير عنها بوسائل فكرية عقلية ( ). (الأشقر) ترى بأنه: ابتكار معاني معبرة باستمرار ليعطي معنىً للوجود وعلى نحو يكون معه لغة مكثفة معاشة شعورياً ومفرزة بأفعال الوعي ( ). وبهذا المعنى يصبح العرض الدرامي الراقص تجسيداً أو خلقاً للواقع بفعاليته وديمومته ذاتها التي تحدث بشكل ملموس، لذا فقد تمتع بخصوصية شعورية الحياة نفسها ، بمعنى أنه مسرحة للواقع ، يقدم المعنى أو ينتجه في وعي المشاهد من خلال قيمة فكرته الفلسفية الأساس، والتي تنقل حالة شعورية وفكراً ذهنياً على نحو ما مع ملاحظة قابلية حركاته للتحول، الأمر الذي يجعل منه وبكل الأحوال قابلاً للفهم وفقاً للسياق الذي يرد فيه .
وهنا يعرّف صاحب المقال (الرقص الدرامي Drama Dance ) بأنه: نمطاً من الفن المسرحي الذي يركن إلى انسجام التشكيل الحركي تماشياً والإيقاع الموسيقي ليرسم صورة جمالية في وعي المتلقي، يلبي ويعتمد في الوقت ذاته عن حاجات نفسية ويخدم أغراضاً فلسفية وجمالية وشعورية، ليقدمها في عملاً أدائي تعبيري واحد .
على وفق ذلك، يعمل الرقص الدرامي على تفعيل الوعي وتعميق قراءته للواقع من خلال تقديمه بصورة جمالية، ذلك أن الأنشطة الاعتيادية تبدو ذات طابع غرائبي حينما تقدم في إطار فني يدفعنا بالنتيجة إلى إعادة اكتشاف ماهيتها من خلال تشكلها الظاهراتي. كما أن للرقص الدرامي وظيفة الإضاءة الرمزية للحقائق الإنسانية التي لا يمكن التعبير عنها لغوياً، وذلك من خلال المزاوجة بين الوظيفة التعبيرية والحركة الدالة. لذا يمكن القول بأن فن الرقص الدرامي ومن خلال حركاته المعبرة كدلالات وعلامات يساعد على احتواء تاريخ الإنسانية، من خلال إدراكه (تشخيصه) وإعادة إنتاجه (تجسيده) شعورياً كما يظهر لتجليات الوعي والوجدان، إذ يرتبط فيه التجسيد الخارجي بالتعبير الجسدي عن المشهد الطبيعي، أي أن خصائص الحركة الأدائية المعبرة تصبح بهذا المعنى متخطية لنمطية الأسلوب أو المنهج، أو حتى مجرد التعبير عن شيء معين، بل تصبح طاقة معبرة عن فلسفة كاملة يتلازم فيها التمظهر الخارجي مع المضمون .
وقبل الولوج إلى بحر التقنية وقراءة العرض الدرامي الراقص، لا بد لنا من تحديد بعض المفاهيم الخاصة بأنواع الرقص حتى يتسنى لنا الابتعاد وتحديد شكل النوع الذي سنتحدث عنه عن باقي الأنواع المرتبطة بجنس الرقص بشكل عام، ومن ذلك نورد الأنواع وفروقها، وكما يلي( ):
1. الرقص التجريدي ((abstract dance: رقص بحت لا يتقيد بفكرة أو قصة معينة .
2. الرقص التعبيري (action dance): رقص يعبر عن فكرة أو موضوع معين .
3. الباليه (ballet dance): نوع من أنواع الرقص الكلاسيكي الفني يتميز بالتنوع الجمالي والشكلي والمهارة والدقة الأدائية في التصميم والأداء التعبيري الخاص والفريد وهو معروف بثلاثة أساليب فنية أدائية مدرسة: الفرنسية، الايطالية، الروسية .
4. الرقص الفلكلوري :(folk dance) رقص جماعي تؤدية جماعات ما قد لا تكون متخصصة بالرقص تعبر رقصاتهم عن عادات وتقاليد مجموعة ما أو هوية ما إقليمية شعبية أو دينية. يعد من الأنواع القديمة في الرقص وأكثرها انتشارا وتنوعا ما بين الشعوب ويعد جزأ من موروثا ويعبر عن هويتها الثقافية وامتدادها التاريخي والثقافي وان لكل دولة عدد من الفرق من هذا النوع، للعراق مثلا ثلاث فرق تمثل فلكلور مدينة البصرة وإقليم الشمال والفرقة القومية للفنون الشعبية، ولمصر عدة فرق متخصصة في هذا المجال من الرقص وتعد (فرقة محمد رضا) من أشهرها محليا ودوليا إذ تجمع اغلب أنواع الرقصات المصرية من الساحل الشمالي إلى أسوان جنوبا. وهذا النوع من ابسط أنواع الرقص من حيث التدريب والأداء والتقديم لأنه محدود الشكل والتصميم ومقيد بالمنقول والمحفوظ في الذاكرة الجمعية ولا يعرف لها صاحب أو مؤلف بل هي ملك للجماعة وتعبر عنهم جيل بعد جيل. تعد أحيانا شكلا من أشكال الرقص الوطني أو القومي .

5. الرقص الوطني (national dance): رقصات جماعية تعبر عن ثقافة جماعات كبيرة تعرف بالتميز والتفرد لتعبر عن تلك الجماعات التي تمثل دولة ما من الدول وتميزها عن الدول الأخرى في شكل الأداء وتعبر عنها كإيقونة، وهي وتتشكل عن مجمل الرقصات الفلكلورية القديمة لتلك الدولة دون تمييز ما بين نوع فلكلوري ونوع آخر .
6. الرقص السلالي (الفلكلوري)(folklore): وهو من أقدم الأنواع وأعرقها ارتباطا بالتقاليد والخرافات والأساطير الموروثة قديما في العصور الغابرة والمختلفة وتعبر عن ثقافة ومحمول فكري مهم وتروي حكاية أسطورية كالنشوء والولادة والخصوبة والنماء أو تعبر عن موقف إنساني من الوجود، يقدم في المعابد والمناسبات الدينية المهمة كاحتفالات الأكيتوية. أمثالها الرقصات السلالية القديمة: الهندية، والهندوسية، والفرعونية ..
       كانت البوادر الأولى لولادة الحركة المقصودة لذاتها والمعبرة لدى الإنسان عندما ازدادت حاجته الملحة للتعبير عن تجربته ومعاناته لأقرانه الآخرين ، وذلك عندما بدأت بوادر وعيه الأول بذاته وتقلباتها بالتشكل، فأراد تبعاً لذلك نقل شعوره إلى إنسان آخر معلماً إياه تجربة مرت به أو لغيره أو لغز محير له، من هنا أصبح جسم الإنسان وعاءً يحوي لغته وإيماءاته وحركاته . وقد استمرت هذه الرغبة في التعبير وهذه الوظيفة في الأداء إلى اليوم، بل أصبحت لبنى أساس في احتواء كل المعاني التي يريد الفرد التعبير عنها ( ). من هذا المنطلق ، قال المهتمون بالنشاط المسرحي إن تطور فن التمثيل تأتى عن تنامي فن الرقص الدرامي، إذ كانت الحركة التعبيرية ناجحة في تحقيق ذلك كما كانت وسيلة اتصال شعورية مثلى وذلك أنها إيقاع وقصة وفعل، وهذا ما وطد علاقتها بالشعور الدرامي وجعل منبعها العاطفة، أما محتوى الحركة فيدرك آنياً من خلال تشكلها وتنوع إيقاعها، إذ من خلال هذا الشكل المتنوع يتكون لدى المشاهد صورة ومضمون الفكرة المعبر عنها كما تتضح وبالدرجة نفسها من خلال التتابع والتماسك الحركي مع بعضها البعض. إضافة إلى ذلك، فإن المشاهد يشكل معنى الحركة في وعيه كظاهرة فيما يتوصل إلى درجة من المعرفة يستقري من خلالها الحركة آنياً، أي أن ما يقرأه المشاهد هو ظاهر الحركة ليكمل هو بدوره الإحساس بها، وعندما يتوهج الإحساس يبدأ البحث عن المعنى برفع المعايير والمقاييس والتوصل تدريجياً إلى المعنى الأساس ( )، وهي طروحات ظاهراتية في الجوهر تتلاقى مع ما قال به (أنغاردن) من قصدية التوجه صوب الموجودات (العمل المسرحي) واستقراء ماهيته من خلال ما يقدمه من ظاهر يكون المضمون لصيق به في الأساس .

على وفق ذلك، يمكن القول أن الفلسفة التي تنقلها الحركة التعبيرية هي فلسفة العرض ذاتها ، والتي تسعى إلى إظهار تقلبات الذات والطبيعة وظواهرها، لذا يجب أن تخدم الحركة التعبيرية وتوظف لإظهار الفكرة الفلسفية التي أثارت الجدل دون أن تستثني علائق المعنى مع الوجود الذي إليه ترجع الفكرة، فالحركة يجب أن تحقق شكلاً درامياً على مستوى الحس (التعبير) والمكان والزمان ( ). تنشط الحركة التعبيرية من خلال خصائصها الإعلامية والإخبارية والابلاغية في فرز المعنى ومن خلال سلسلة أدائية تنسلخ عن بساطة التشكيل وتقليدية الأداء لتتعالى بذلك عن التمظهر السطحي البسيط ولتدخل في أفق جمالي يتسم بالتعدد والتنوع ، إذ تبدأ في الإفصاح مع بداية العرض. لذا يصبح المعنى كما أشار (أنغاردن) أول ما يتأسس في وعي المشاهد ( ) . 
طبقاً وطروحات الظاهراتية، تنتفي عن الحركة التعبيرية في العرض الدرامي الراقص الافتراضات المسبقة ذلك لو أن المشاهد بحث عن قصد مبدع العرض أو ما يسمى بالمعنى الأحادي لتحول تركيزه وانحسر على المعنى النفعي الذي ينسب عادة للعروض الإخبارية، ولأن الرقص الدرامي عرضاً غير إخباري فإن ذلك يعني أن له معنى خاص ينمو في بيئته هو . يختلف بالضرورة عن المعنى النفعي ذو اللغة الناقلة والتي تزعزعت عن عروشها في الرقص الدرامي الحديث الذي ابتكر لنفسه لغة تتطابق تلك التي حلم بها (رولان بارت)، لتصنع الاضطراب في يقينيات اللغة وتحررها من المعتاد، أنها تلك الحركة المعبرة الغير قابلة للنقل بقدر ما تبدو قابلة للتحرير والتساؤل والتوليد ، لذا فالرقص الحديث أصبح قادراً على الانفلات من سطوة الفكر ألمفاهيمي ، كما الظاهراتية. بمعنى آخر، له القدرة على أن يتمرد على الفهم والدلالة الأحادية التمركز ( )، وهو ما يسميه (دريدا) بـ( المركزية الفكرية ). على وفق ذلك، فالحركة التعبيرية في العرض الدرامي الراقص ليس من شأنها أن تحمل المشاهد على قنص المعنى فحسب، بل تهدف إلى زجه في فيض معرفي تساؤلي ينبثق من العرض ذاته ، أي أخذه في رحيل معرفي استكشافي لطبقات العرض الراقص، والمعبر عنه بلغة مشكلة إبداعياً لأجل تغير من بنية الذائقة أساساً لتصبح النتيجة فهماً ذاتياً يزيد من قيمة المضمون الوجودي للعرض، ويثري الأبعاد الجمالية التي أقصت اللغة التخاطبية واستبدلتها بلغة لم تزل عصية الفهم ولم تتوضح جلياً نوعاً ما حتى الآن، إذ من خلال هذه القراءة الاستكشافية لهذه اللغة وهذه الانفتاحات الثقافية تتشكل دلالة وتأويل الحركة التعبيرية انطلاقاً من فجواتها اللا محدودة وانتهاءً بلحمة هذه الفجوات. وأن هذه القراءة تعمل على تفتيت الفكرة التقليدية التي تنسب للعرض الدرامي الراقص معنى أحاديا ، لذا فهي أصبحت بالضرورة غير معنية بمهمة الكشف عن المعنى الثابت أو المخبوء، بل بقراءة نوعية تعيد إنتاج المعنى انطلاقاً من الحركة التعبيرية الراقصة ذاته 

من خلال (نتشه) عن أهمية لغة الرقص لديه إذ قال " أن الرقص مواجهة وانقلاب على الجسد الانضباطي وهو نفسه في لا انضباطيته هذه يمسرح حركة الواقع ويتمرد على يقينياتها، ولعل العرض الذي يغاير المألوف في اللغة المتداولة ومن قبلها في المجتمع يشكل خرقاً لما هو موثوق فيه من خلال الجسد, وهكذا تكون لغة الرقص ملحمة كوميديا الجسد وتراجيديته، إذ يتجلى المؤتلف والمختلف في جغرافيته بمنعطفاتها وأغوارها وبلاغتها " ( ). ولأن الجسد هو التعبير الأول في المسرح فأنه يتحول في انتقاله من الحياة الطبيعية إلى الخشبة إلى طبيعة أخرى مجازية، و تتحول أيضاً مختلف اللغات الأخرى من طبيعتها المادية إلى مستويات مجازية. والتعبير الجسدي في العرض الدرامي الراقص ينتمي إلى ذلك الفضاء المجازي الذي من خلاله يحول اللغة الدرامية إلى لغة واقعية لها خصوصية وبنية مميزة ( ) .
إنّ المعنى في الرقص الدرامي المحول في الحركة التعبيرية أساساً ليس بالشيء المعبر عنه لغوياً، بل أنه شيئاً فعلياً منتج، لذا تصبح العلاقة بين اللغة والمعنى هي علاقة إنتاج لا نقل. وفي هذا المضمار يقول عميد الأدب العربي (أدونيس) أن مضمون الفن كامن في العمق الذي يحفره الشكل، فإذ كان المضمون عميقاً فإن الشكل (الحركة التعبيرية هنا) هو الذي حفره وهو الذي أنتج (المعنى) وأوجده ( ). إضافة إلى ذلك، وبالاستناد إلى الفرضية التي تقول أن الحركة هي الموقع الحصين للمعنى في الراقص الدرامي والى فرضية أن كل حركة هي حركة دالة، تصبح لغة الرقص منتجة للمعنى متجاوزة في الآن ذاته لأي شكل محدد لها مسبقاً ولها بالمقابل شكلها أو تمظهرها الخاص بها. وهي طروحات تلتقي مع الفهم الظاهراتي للخطاب الجمالي لدى (أنغاردن) إذ من خلال هذا الشكل يُنتج المعنى الموجه بفعل القصد في الإنتاج، وفعل التأسيس القصدي في المشاهدة، بعد أن تتخذ موقعها في محيط الوعي الذاتي وتؤول بفعل فعل الفهم ومدياته . 
على الرغم من ذلك التلازم المعروف بين الحركة التعبيرية والمعنى، إلاّ أنه يمكن تحديد الفرق بينهما فالمعنى ثابت والحركة متغيرة ، وللحركة التعبيرية أكثر من تمظهر واحد ينتج معنى واحد مع ملاحظة، فارق القراءات المتعددة لها ، لذا يمكن القول إن اختلاف الدلالة مرده الحركة التعبيرية لا تنوع المعنى، أما من يقرر ذلك فهو المشاهد، إذ ينشئ المبدع أو المؤلف معنى في حين يُعَيّن المشاهد الدلالة، وهذه العلاقة بين الطرفين - بنية الفهم وبنية العمل كما يسميها (أنغاردن) - هي التي تحدد آلية التأويل ذاتها، كما أن لهذه المسافة دوراً في منح المشاهد فرصة التجول بالدلالة في آفاق أكثر رحابة واتساع، لتصبح هذه الدلالة هي الإشارة الخاصة التي تحول العرض من وجوده الممكن إلى وجوده الملموس ( ) . 
على وفق ذلك، تصبح عملية التواصل متجاوزة لنمط التبادل اللفظي بين (المرسل والمستقبل)، إذ حتى لو امتنعنا عن الكلام فإننا مع ذلك نرسل إشارات جسدية وقد عبر (فرويد) عن ذلك بقوله " عندما تصمت الشفاه تتكلم الأصابع " ( ). كما إن التواصل المعروف مع العروض الدرامية الراقصة لا يعني بالضرورة منحها دلالة محددة أو واحدة لها، بل يعني الالتهاء بإنتاج المعنى من خلال قراءة متفاعلة مشاركة في الإنتاج، وهذه المشاركة تحتم على المشاهد أن لا يعنى بموضوعة العرض فحسب بل بالحضور المادي أمامه كشكل تعبيري كما يتبدى له، وان لا يقف عند حدود التساؤل عن معنى هذه الحركة أو تلك، بل الإجابة عن كل ما تطرحه هذه الحركات أمام الوعي من تساؤلات، وما تفتحه أمام وعيه من آفاق تأويلية ( )، على اعتبار أن مبهمات الحركة التعبيرية تفسر دائماً بطرق مؤداها (الاختلاف) مرده هذا الإبهام لذا يكون معناها بالضرورة معنى مؤجل ( ) . لذا فعلى مصمم الحركة التعبيرية أن يطرح جانبا الحركة التي تشكل مادة الحياة اليومية بممارساتها الجسدية الاعتيادية، وأن يختار ذلك النوع الذي لا يخضع لضرورات الجسد أو يترتب عليها، بل ينتج عن حاجة نفسية أو عاطفية أو  جسدية، لذا فإن الرقص لا يمكن أن يكون مجرد توالي حركات، بل أنه حركة معبرة دائمة التحول ( ). إضافة إلى ذلك فإن الحركة التعبيرية تأتي على ثلاث أشكال، رد فعل بإزاء الشيء أو ضده أو تجسيداً لماهيته ( ) . 
فالرقص إذن هو لغة الجسد المؤداة بإيماءات وتحريض وتفعيل مع الروح، ولهذا فهو يشكل علاقة تواصلية مع الآخر المحيط به، والموجه خطابه قصدياً إليه، كما أنه وفي الآن ذاته محاولة للاستمرار في الواقع والتفاعل معه والتحاور جدلياً مع قضاياه الوجودية . والرقص بمعناه الواسع هو انتفاضة جسدية قد تكون أو تبدو غامضة أحياناً . لكنها تبقى بكل الأحوال انتفاضة يقيمها ويحكيها الجسد، إنه غوصاً في أعماق الذات ليساهم في إغناء كينونتها الإنسانية، إنه تعميق وتوسيع حدودها وثراء معناها: كما ويمكن القول بأن الرقص الدرامي (كوجيتو) ديكارتية، يؤكد عنفوان الإنسان من الداخل ما دام هناك تقويم متواصل لهذا الداخل وهكذا ( أنا أرقص إذن أنا موجود)، فالرقص توازن الروح مع الجسد وتوازن الجسد مع الواقع، وتوازن الروح مع الروح من خلال الجسد . 


المصادر والمراجع :
1. كاي ، نك : ما بعد الحداثة والفنون الأدائية ، ت : نهاد صليحة ، القاهرة : الهيأة المصرية العامة للكتاب، ط1 ، 1999 ، ص 30 .
2. ليغاري ، سيرج : فن الرقص الأكاديمي ، ت : أحمد محمد رضا ، القاهرة : دار الكتاب العربي للطباعة والنشر ، 1998 ، ص 29 .
3. ينظر: مجموعة من المؤلفين : مجموعة المصطلحات العلمية والفنية التي اقرها المجمع، المجلد 4 ، القاهرة: الهيئة العامة لشؤون الطباعة ، 1983 ، ص 119 .
4. كاي ، نك : ما بعد الحداثة والفنون الأدائية ، ت : نهاد صليحة ، مصر : الهيأة المصرية العامة للكتاب، 1999 ، ص 137 .
5. المصدر نفسه ، ص 131. للمزيد ينظر : عيد ، كمال الدين :أعلام ومصطلحات المسرح الأوربي ، الإسكندرية : دار الوفاء لدينا للطباعة والنشر ، ط1، 2005 ، ص 335-340 .
6. ليبهارت، توماس: فن المايم والبنتومايم ، ت : بيومي قنديل، مصر: الهيأة المصرية العامة للكتاب ، 2005، ص 82 .
7. كاي ، نك : المصدر السابق ، ص 114 .
8. المصدر نفسه ، ص 131 .
9. الأشقر ، أكرم : الرقص لغة الجسد ، بيروت : دار الفرات للطباعة والنشر ، 2003 ، ص 39.
10. ينظر: مجموعة من المؤلفين : مجموعة المصطلحات العلمية والفنية التي اقرها المجمع، المصدر السابق نفسه والصفحة نفسها .
11. سوريل ، ولد : الأوجه العديدة للرقص ، ت: عنايات عزمي ، القاهرة : دار غريب للطباعة والنشر، 1974، ص 28 .
12. كرومي ، عوني وآخرون : المصدر السابق ، ص 188 .
13. المصدر نفسه ، ص 191 .
14. العقود ، عبد الرحمن محمد : الإبهام في شعر الحداثة، الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، سلسلة كتب عالم المعرفة، ب . ت، ص 323 .
15. العقود ، عبد الرحمن محمد : المصدر السابق ، ص 328 .
16. الأشقر ،  أكرم : المصدر السابق ، ص 39 – 40 .
17. فريز ، سير جيمس : الغصن الذهبي ، دراسة في السحر والدين ، ت : أحمد أبو زيد ، القاهرة : الهيأة المصرية العامة للكتاب ، 1971 ، ص 45 – 46 .
18. العقود ، عبد الرحمن محمد : المصدر السابق ، ص 332 .
19. العقود ، محمد عبد الرحمن  : المصدر السابق ، ص 321 – 322 .
20. الغريب ، منى : الإيحاء والإيماءة ، بحث منشور على شبكة الانترنيت ، مجلة عرب ، ع 124 ، يونيو ، 2001 ، ص 3 .
21. أبو زيد ، نصر حامد : أشكليات القراءة وآليات التأويل ، بيروت : المركز الثقافي العربي ، ط4، 1996 ، ص33 .
22. العقود ، عبد الرحمن محمد : المصدر السابق ، ص 327 .
23. كاي ، نك : المصدر السابق ، ص 136 .
24. كرومي ، عوني ، وآخرون : المصدر السابق ، ص 188 - 190 .


عاصفة صينية فى افتتاح مهرجان القاهرة للمسرح المعاصر

مجلة الفنون المسرحية

وكأن القدر أراد أن ينصف الرجل الذى وُلد على يديه هذا الحدث المسرحى المهم المتوقف منذ ست سنوات، ففى هذه الأيام التى يحتفى فيها المسرحيون بميلاد الخوجة – كما يحب دوما أن يسمى نفسه - د. فوزى فهمى الرئيس الأسبق لأكاديمية الفنون والرئيس السابق لمهرجان المسرح التجريبى،
تنطلق الليلة بدار الأوبرا أولى فعاليات المهرجان بعد أن أضيفت صفة المعاصرة لاسمه، وكأنها مكافأة عملية تؤكد لأستاذنا أن البذرة التى زرعها قبل 28 عاما قد أتت ثمارها اليوم بإصرار إدارة المهرجان برئاسة د. سامح مهران على عودته فى ثوب جديد استكمالا لمسيرته..

وقد تم اختيار العرض الصينى «عاصفة رعدية» للمخرج شين داليان لافتتاح عروض المهرجان الليلة بمناسبة عام مصر الصين الثقافى، ليتوالى بعدها تقديم العروض العربية والأجنبية بالمجان للجمهور وحتى يوم 30 سبتمبر الجارى، على أن يكون ذلك بلا تسابق على أية جوائز، أسوة بأهم المهرجانات المسرحية العالمية، وهو ما أثار تحفظ كثير من أبطال الفرق المشاركة فى المهرجان لإلغاء فكرة التسابق باعتبارها حافزا ومشجعا لهم ومؤهلا عمليا للمشاركة فى مهرجانات دولية أخرى، ولكن فرحتهم بعودة المهرجان كانت أكبر دليل على استجابتهم للأمر، خاصة أن منهم من كانت ولادته الفنية خلال الدورات السابقة لنفس الحدث.

ومن المنتظر أن يكرم المهرجان فى حفل الليلة الفنان جميل راتب ومحمد الأفخم رئيس الهيئة الدولية للمسرح وعددا من أهم المسرحيين فى العالم، كما سيشاهد الجمهور 13 عرضا مصريا بعد اعتذار عرض «سيد الوقت» عن المشاركة، و17 عرضا أجنبيا وعربيا منها عرضان لتونس وعرضان للإمارات وعرض للبنان وعروض أخرى من أهمها عرض «خواريز» الأمريكى والذى ناقش فيه مخرجه المكسيكى الأصل جذور العنف فى بلدته المكسيكية «خواريز» مستعينا بالوثائق التى أسست لها أمريكا وحولتها لأساطير عبر شاشاتها التليفزيونية.

وفى الوقت الذى يعيد فيه المهرجان ترتيب أوراقه تواجه إدارته تحديات كبيرة أدت إلى استياء المسرحيين، منها تأخر إعلان جدول العروض بسبب ترتيبات وصول الفرق العربية والأجنبية حتى الأيام الأخيرة قبل انطلاق الفعاليات، وهو ما تسبب فى ارتباك بروفاتهم، على المسارح المخصصة لعروضهم، بينما يسعى مجلس إدارة المهرجان لترسيخ أقدامه مؤسسيا بتخصيص ميزانية مستقلة له، وهو ما سيعزز من استقراره ومصداقيته دوليا، بالإضافة لإقامة عدة ورش فنية مجانية لمتخصصين دوليين فى مجالات الحركة الجسدية للممثل ومناهج التمثيل الحديثة والعلاقة بين السينوغرافيا والإخراج والكتابة المسرحية، بجانب عقد مائدة مستديرة لرؤساء أهم المهرجانات المسرحية عربيا ودوليا لإنشاء بروتوكول تعاون فيما بينها، كما ستقام عدة ندوات يقودها د. حسن عطية تناقش أهمية صفة المعاصرة التى أضيفت لاسم المهرجان بدءا من هذه الدورة، بالإضافة لأهمية التجريب دون أن يكون تخريبا للذائقة الجمالية.

---------------------------------------------------
المصدر : باسم صادق - الأهرام 


الاثنين، 19 سبتمبر 2016

بيان رسمي لدائرة السينما والمسرح حول مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والمعاصر

مجلة الفنون المسرحية

بيان رسمي لدائرة السينما والمسرح حول مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والمعاصر

أصدرت دائرة السينما والمسرح التابعة لوزارة الثقافة العراقية بيان رسميا ردا  على  البيان الصادر من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والمعاصر بخصوص عدم إشراك عرض عراقي في المهرجان

وفيما يلي نص البيان :

بسم الله الرحمن الرحيم
م/ بيان
أطلعت وزارة الثقافة /دائرة السينما والمسرح على البيان الصادر من إدارة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي بخصوص عدم إشراك عرض عراقي في دورة هذا العام والذي يسمي الملاحظات والأعتراضات على هذا التغييب بانها (أتهامات متداولة) ومثلما تريد أدارة المهرجان النأي بنفسها عن ما أسمته (بالمزايدات) فأن دائرة السينما والمسرح وعبر فرقتها الأم الفرقة الوطنية للتمثيل والتي تأسست عام 1964 . والمسرح العراقي الذي يتجاوز عمره أكثر من مائتي عام أنما تؤكد بانها كانت ومازالت داعمة لهذا المهرجان وشاركت فيه بفعالية منذ الدورات الأولى وفازت أعمالها لأكثر من (8) دورات بجوائز هامة وترشيحات أهم .. وهي أيضا تستغرب من هذا البيان الذي يقلب الحقائق ويحاول تسسويق تبريرات بعضها غير صحيحة وبعضها يعد التفافاُ على خصوصية العرض العراقي الخارج من داخل البلاد ومعملها الفني .. وتود دائرة السينما والمسرح أن توضح للرأي العام ولأدارة المهرجان مايلي :-
1- أن العروض العراقيةالتي ارسلت وحسب الأصول الى إدارة المهرجان لم يكن من بينها عرض واحد للمونودراما وأنما هي عروض متنوعة الأساليب والأفكار وهذا يدعونا الى الأستغراب من قرار (لجنة مستقلة ومحايدة وتلتزم بمعيار الجودة الفنية والتنوع المشهدي).
2- تحاول إدارة المهرجان تمرير عرض سويدي شبابي لمخرج عراقي وهو عرض مبرمج ضمن العروض الأجنبية وتعطي نفسها الحق بتسميته على أنه عرض عراقي وتغيب العروض العراقية القادمة من داخل البلاد والتي تؤكد دائرتنا على أنها عروض حازت على جوائز مهمة ولها رصيد نقدي مهم .
3- لم تذكر دائرتنا أن الأمر مقصوداً ولم تدخل في تفاصيل خارجة عن واجبها المهني وأنما كانت تنتظر توضيحا لهذا التغييب والذي جاء مخيباً للأمال ولا يلبي حاجة مسرحيينا الى مزيد من الصدق والشفافية والتعامل الأبداعي .
نتمنى أن تعرف إدارة المهرجان أن التمثيل الحقيقي للمسرح العراقي عبر عروض مسرحية لها رصيدها التأريخي والفني الكبير .

قسم العلاقات والأعلام 
لدائرة السينما والمسرح

المسرح العراقي وطرائق العرض ما بعد 2003 تجارب جديدة وفنانون شباب أثّرا فيه

مجلة الفنون المسرحية


مرَّ المسرح العراقي بمراحل كثيرة، ابتداءً من المسرح الطقسي في الكنائس، وصولاً إلى المسرح التجريبي الذي ابتدأ مع ثمانينيات القرن الماضي، ومن ثمَّ مسرح الضوء الذي قدّمه الفنان صلاح القصب.. ومع كل مرحلة من مراحله هذه يطرح طرائق عرض جديدة ومغايرة عن المراحل السابقة، تبعاً للفنانين الذي يقدمونه، وتابعاً للمرحلة السياسية التي تؤثر فيه تأثيراً مباشراً.
مسرح ما بعد عام 2003 كانت له طرائقه الجديدة أيضاً، فطوَّر فنانون امتدادهم في العروض ورؤاهم، وظهر فنانون شباب كانت لهم طرائقهم في هذه العروض، وربما كان لاختلاف الكتابة المسرحية في العراق تأثير مباشر على ذلك، فكانت لنصوص علي عبد النبي الزيدي ومثال غازي وغيرهما تأثير واضح على تغير طرائق العرض أيضاً.. فضلاً عن إدخال تقنيات جديدة اهتمت بالجسد والسينوغرافيا والإضاءة، فكانت أعمال مثل «ساعات الصفر» لحازم كمال الدين التي عرضها عام 2003 التفاتة مهمة لتقنية الجسد ولأهميتها بالنسبة للفنان والمتلقي في الوقت نفسه، إضافة إلى أعمال أخرى قدمت مؤخراً مثل مسرحية «تحوير» للفنان مصطفى الركابي الذي أشرك العرض التلفزيوني والسينمائي في العرض المسرحي، ما أدى لتقسيم خشبة المسرح إلى أكثر من خمسة أقسام، كل قسمٍ يقدم وجهة نظر مغايرة للأقسام الأخرى. فما الجديد في طرائق العرض المسرحي العراقي؟ وما الذي اختلف في هذه الطرائق قبل عام 2003 وبعده؟

تحرر العرض

منذ تأسيسه قبل قرابة 140 عاماً لم يعمد المسرح العراقي إلى الانفتاح الكامل على المدارس والاتجاهات المسرحية وأساليب العرض، ما أوقعنا في أغلب الأحيان في ما يمكن تسميته بالتخندق أو التعصب الأسلوبي، في حين أن المسرح بطبيعته ميَّال إلى التنوع والتجديد في أساليب وطرائق عرضه. 
الفنان المسرحي حسين علي هارف يشير إلى أن المسرح العراقي بدأ بالمسرحيات ذات الطابع الديني والتبشيري في الموصل، واعتمد المسرحيات التاريخية ذات المضمون الوطني والقومي الحماسي خلال العقود الأولى من القرن الماضي حتى منتصف الخمسينيات، ثم تحول إلى المسرحية الشعبية ذات الطابع الكوميدي الساخر ولمضامين سياسية نقدية. ويبين هارف أن المسرح العراقي استمر في تلقي أساليب العرض متأثراً بالاتجاهات والفلسفات الوافدة كالوجودية والعدمية واللامعقول، فظهرت مسرحيات العبث والوجودية ذات الطابع الفكري والفلسفي إبان عقد الستينيات، وربما يكون الانفتاح الأكبر نسبياً على أساليب العرض قد شهده عقد السبعينيات الذي شهد تنوعاً أسلوبيا فيه، إذ بدأت بوادر المسرح التجريبي والانفتاح على المسرحيات العالمية والعربية وظهرت العروض ذات الطابع الملحمي (البرشتي) والاجتماعي والتاريخي والسياسي مع ظهور تأسيسي للمسرح الكوميدي الشعبي الذي ازدهر كثيراً في عقد الثمانينيات إبان الحرب العراقية الإيرانية.
أما بعد عام 2003، فيرى هارف أن المسرح العراقي وجد نفسه أمام نقطة تحول ثقافي واجتماعي وفي فضاء واسع من الحرية، لكنه أيضاً وجد نفسه أمام رقيب اجتماعي وتحولات سياسية وثقافية كبيرة قرر مواجهتها والاصطدام بها، من خلال أساليب عرض أكثر إمتاعاً وجرأة ووضوحا، فما عاد التشفير والإسقاط والترميز مجدياً، وما عاد خطاب المسرح الجاد وحده كافياً، وما عاد الحوار والكلمة والثرثرة على خشبة المسرح مؤثرة ومقنعة وهذا ما شجع على الانفتاح على أساليب عرض جديدة ومتنوعة ابتعدت عن التشفير والإسقاط باتجاه المواجهة المباشرة في نقد وتعرية الظواهر الاجتماعية والسياسية بكثير من الجرأة. وحسب هارف، فإن أبرز ما لجأ إليه المسرح العراقي من جديد في أُسلوب عروضه بعد عام 2003 التركيز على الشكل الفني والسينوغرافيا والجسد من خلال عروض الجسد والدراما دانس، وبالتالي تحرر المسرحيون العراقيون من فكرة التمسك بأحادية الأسلوب ونبذ الأساليب الأخرى، فالمسرح مسارح واتجاهات، ولكل أُسلوب عرض أهدافه وجمهوره والحاجة قائمة ومستمرة للمزيد من التنوع في أساليب وطرائق العرض المسرحي.

كوميديا سوداء

فيما يرى الفنان والمخرج كاظم النصار، أن ما تغير في المسرح هو النظر إلى المعطى النصي… مبيناً أنه لم تكن هناك مراقبة أو منع للطريقة ولا للأسلوب سابقاً، بل كان المستهدف هو النص والمضمون، ومن خلال هذا استطاع المسرحيون تمرير شيفرات معينة، غير أن الطرائق هي ذاتها والأساليب هي نفسها. ويوضح النصار أن الذي تطور فعلياً هو النظر إلى المشكلات العراقية وتقديمها من دون خوف، والحديث عن الملفات السياسية والظواهر وما يتبعها من تأثيرات اجتماعية، غير أن الذي طغى أسلوبياً اليوم يكمن في تجليات المسرح السياسي المباشر وغير المباشر وتراجع الهوس البصري، إذ ثمة تبدلات سياسية حادة جرت بعد عام 2003، ومن ثمَّ ما سمي بالربيع العربي، وثمة خيبة وانتظار مجهول يطغى على العروض وثمة مزج لأساليب متنوعة وطرائق عرض شرط توفر نظام ونسق يحكم تلك العروض.
ويعترف النصار أنه ليس هناك تبدلات حادة في طرائق العرض، «شخصياً انتقلت من الانشغال الكلي بالبنية البصرية إلى المضامين، شرط توفر معطى عرضي متطور، وصار همي أن أقدم الأزمة العراقية عبر أسلوب الكابريه السياسي، الذي لم أجرؤ سابقاً على تقديمه لأنه يتعامل مع المحاذير السياسية، لكن عبر أسلوب الكوميديا السوداء، الذي يوفر لنا فضاءً واسعاً لنقد الأوضاع بطريقة أفضل، فضلاً عن أن له مقبولية في التلقي العربي».
مأزق معلوماتي

غير أن المجتمع العراقي يسبق العروض العراقية بخطوة دائماً، وهو ما يكشف عنه المخرج المسرحي مصطفى ستار الركابي، مبيناً ذلك أن المخرج العراقي دائماً يتعامل مع العرض نتيجة لتجربته كفرد منتمٍ لمجتمع، أي أن ما يصل إليه المجتمع اليوم نراه غداً في قاعات العرض.. عكس أغلب التجارب العالمية التي تأخذ على كاهلها الخوض في أمور يغفل عنها الأعم الأغلب من المجتمع، لذلك، فإن التركيز على اختلاف طرائق العرض المسرحي قبل عام 2003 وبعده هو تركيز بالضرورة على القفزة الاجتماعية العامة، فالثورة المعلوماتية جعلت العرض المسرحي العراقي أمام مأزق صوري ومعلوماتي رهيب وأمام منافسة لم يعهدها من قبل وبشكل سريع صار المتلقي المسرحي أمام كمٍّ كبير من العروض العالمية، فلطالما اعتمد المتلقي المهتم على مادة مكتوبة عن عروض المسرح العالمي وكل المواد المكتوبة تخضع للقراءة نفسها وفق التخيل العراقي.. لذلك فإن أهم الدوافع للاختلاف يمكن تلخيصها بـ»طموح جديد للعرض المسرحي» إذ أصبح العرض المسرحي في محاولات مستمرة ليدرج نفسه كمادة مصورة يمكن تسويقها للعالم بعدما كان ينظر للتصوير بوصفه عملية توثيق للأرشيف والدراسة لا أكثر.. وهنا يخطو العرض المسرحي خطوة كان قد سبقه فيها المجتمع الذي انفتح على العالم، وصار يبحث عن مكانته بالنسبة إليه، أي أننا أمام طموح جديد للعرض المسرحي العراقي بعيد عن الطموح المحدود قبل عام 2003، طموح الشاشة، طموح التسويق، ومن هذا المنطلق نرى المخرج المسرحي العراقي منفتحاً، يحاول أن يطلق عرضاً مناسباً للشاشة باختلاف أنواعها.. ومن خلال الشاشة نحكم على العرض ونطوره وننطلق به إلى زي جديد يبدو أجمل في الشاشة ويشبه أزياء ممثل الدراما وإضاءة جديدة تبدو أكثر وضوحاً، وموسيقى جديدة تبدو أكثر تأثيراً بسماعها بسماعة الأذن، وكل مكملات العرض تخضع لتأثير الشاشة، كي يجد العرض لنفسه شكلاً آمناً يسوّقه للعالم، و»هنا أعود للمجتمع مؤكداً أنه سبق العرض المسرحي بهذه الخطوة ويمكن أن نرى ذلك من خلال متابعة طموح العراقي لتسويق نفسه عبر شاشة الهاتف للعالم ككل، وإدارة نفسه وشكله وتصرفه وفق معايير تسهل عليه التسويق كفرد».

تقنيات الانفتاح

وبحسب الشاعر والمسرحي عمر السراي، فإن العلم قد دخل بصورة أكبر على مستوى التقنيات المسرحية والعراقية منها على وجه الخصوص، فالانفتاح الذي شهده الفنان المسرحي وهو يتواصل مع العالم ويسافر، ويطلع أفاده في نقل تجارب واعدة وحديثة، فضلاً عن قدوم عدة فرق لتقديم مسرحيات على أرض العراق، فصرنا نشاهد نصوصاً بصرية تنافس بالسينوغرافيا النص الأساس المكتوب ورقياً، ولعلَّ جانبي الإضاءة والصوت من أبرز ما تم تطوره، فدخول عناصر موسيقية تجيد التأليف والتوزيع مستعينةً بالتقنيات الحديثة أفاد المسرح، كذلك دخول خبراء إضاءة من أكاديميين وفنانين جدد بانت خطواتهم واضحة في مجال العرض المسرحي، وعلى الرغم من فقر بعض المسارح العراقية للوسائل الحديثة، غير أن عملية التداخل الإجناسي بين استخدام تقنيات السينما والمسرح مجتمعين ظلَّ حلماً للفنان المسرحي، إلى أن استطاعت بعض العروض تجسيده، خصوصاً في اقتناص مشاهد الفعل ورد الفعل، وفي الإعتام الجزئي والظهور والتلاشي المتدرج، وهو ما لم يكن سائداً سابقاً، فضلاً عن وجود مسرحيات استطاعت أن تكون عروضاً للأداء الموسيقي مع الكيروغراف وأداء الجسد، حيث الموسيقى هي التقنية الأبرز بعيداً عن عوامل النص اللغوي، كل ذلك صار متاحاً بسبب التطور والانفتاح والاطلاع على تجارب حديثة أوروبياً وعربياً.

قوانين العشيرة

من جانب آخر، يقول الباحث في المسرح؛ حيدر الأسدي، إن المسرح منظومة كاملة وليس عرضاً عيانياً وحسب، بل ثمة مؤلف للنص ومؤد (ممثل) وثمة مخرج وهناك السينوغرافية، ولأننا بعد التغيير 2003 منحنا فسحة من الحرية والديمقراطية أثرت بصورة كبيرة على المضامين التي تطرحها النصوص المسرحية، وتغيرت المواضيع المسرحية بصورة عامة وظهرت عروض تتحدث بحرية عن كسر التابو بفضل فسحة الحرية التي منحت للمؤلفين، وبالتالي في الوقت ذاته انسحب الأمر على الأداء التمثيلي وتأثيث فضاءات الخشبة والرؤية الإخراجية، كما أن العديد من المشتغلين في ميدان المسرح حاولوا أن يسحبوا المسرح لرؤاهم التجريبية وظهر ما يصطلح عليه بمسرح الجسد الدرامي بفضل انفتاح الشباب العراقي على الفن العالمي والاشتراك في ورش عمل عربية، دخل ميدان المسرح والمكتبة المسرحية ما يصطلح عليه بمسرح الجسد أو الكريوغراف، وبات الأمر يشكل حضوراً طاغياً في أغلب العروض حتى تلك العروض التجريبية التي تعتمد على الحوارات أو عروض المونودراما. مضيفاً: ولعل أبرز الأخطاء التي دخلت مسرحنا ما بعد التغيير هي ضعف النصوص المنتجة والعروض المنتجة بسبب غياب الرقابة، ففضلاً عن إتاحة الحرية في مجال التعبير للمؤلفين، غير أن غياب الرقابة أخرج عروضاً مسرحية ركيكة لا تليق بمستوى ما قدمه رواد المسرح العراقي أمثال حقي الشبلي وإبراهيم جلال وآخرين، كما أن ما بعد التغيير شهد فتح كليات متخصصة في المسرح، ما أفسح المجال لانتشار واسع لدراسة الفنون، لكن هذا لم يقدم شيئاً للمسرح العراقي، ما أدى إلى سيادة الكمي على أساس النوعي، خاصة غياب العنصر النسوي في المسرح ما بعد عام 2003 بفضل السلطة العشائرية التي تهيمن على العوائل في العراق والتي تعد الفن ترفاً ومضيعة للوقت في غالب الأحيان. ويشير الأسدي إلى أن ما تغير حتماً هو إتاحة الفرصة للعديد من الفرق الأهلية لتقدم عروضها المسرحية، غير أن هذا كان على حساب النوعية التي بقيت غائبة طوال السنوات السابقة، إلا ما ندر من عروض مسرحية، كما يمكن تسجيل كثرة المهرجانات في الفترة الحالية عكس السابق وكثرة صدور كتب تخص الواقع المسرحي على عكس السابق أيضاً.

-------------------------------------------
المصدر : صفاء ذياب - القدس العربي 
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption