أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 29 يناير 2017

افتتاح مهرجان أوال المسرحي الدولي العاشر بمسرحية "جزيرة الجوري"

في حوار مع عميد المخرجين المسرحيين الفنان القدير سامي عبد الحميد: أنا لم أختر الإخراج بل هو الذي اختارني

مجلة الفنون المسرحية



في حوار مع عميد المخرجين المسرحيين الفنان القدير سامي عبد الحميد:

أنا لم أختر الإخراج بل هو الذي اختارني


حاوره ـ عبد العليم البناء:


لا يذكر المسرح العراقي الا ويذكر اسم الفنان القدير الأستاذ الدكتور سامي عبد الحميد شيخ المخرجين المسرحيين العراقيين إن لم يكن العرب بما قدمه من عطاء ابداعي حافل طوال مسيرته التي جاوزت الستة عقود لم يقف فيها عند حدود معينة فهو الممثل والمخرج والكاتب والناقد والاكاديمي والباحث والتدريسي والمترجم والمنظر والمفكر ليس فقط في مجال المسرح بل اتسعت تجاربه المتنوعة والمتعددة لتشمل السينما والدراما التلفزيونية والاذاعية وتتلمذت على يديه أجيال من الفنانين الذي نهلوا من علمه وتجاربه الفنية الكثير الكثير ليصبحوا فنانين يشار لهم بالبنان هذا الفنان الكبير الذي يعد واحداً من ابرز رموز الثقافة والفنون عراقياً وعربياً حمل شعلة الفن الوهاجة بكل جدارة واستحقاق دون أن ينافسه على مكانته أحد فكان ومازال متفردا في عطاءاته الإبداعية التي مازالت جذواتها متقدة برغم تجاوزه الستة والثمانين عاما من عمره المديد حيث قرن فيها الموهبة بالدراسة الاكاديمية الاصيلة داخل العراق وخارجه بعيداً عن الأساليب الكلاسيكية او التقليدية أو المألوفة ساعيا الى اثبات ذاته الإبداعية على أسس علمية ومنهجية صحيحة على عكس كثيرين من مجايليه وأقرانه ليبزهم ويتفوق عليهم بقدراته وامكاناته ونجاحاته التي تكرست في مختلف ميادين الفنون التي ولجها وفي مقدمتها المسرح (أبو الفنون) وتبوأ العديد من المناصب والمهام في المنظمات والاتحادات والنقابات محلياً وعربياً ودولياً محققاً النجاحات المتوالية هنا وهناك ليسهم في رفع اسم العراق عالياً في المحافل والملتقيات والمؤتمرات والمهرجانات والحلقات الدراسية والنقاشية والبحثية المتخصصة محلياً وعربياً ودولياً والتي كان يصول ويجول فيها بدراية وحنكة ومعرفة واسعة وشاملة نتيجة ما اكتنزه من خبرات وتجارب نظرية وتطبيقية متعددة ومتنوعة تبلورت عبر منجزه الإبداعي الرصين الذي جعل الجميع يرفعون لهم قبعاتهم اجلالا وتقديرًا وعرفاناً ووفاء لأصالته وعلمه وفنه وفكره .. هذا العلم العراقي الشامخ والفنان القدير والشيخ المفعم بروح وحيوية الشباب متطلعا الى تقديم المزيد من خبراته وتجاربه لاسيما على صعيد طلبة الدراسات العليا في الماجستير والدكتوراه واستمراره على العطاء في تأليف المزيد من الكتب الرصينة في مضامينها وتقديمها على طبق من ذهب لتكون في متناول كل المعنيين بالثقافة والفنون ومازال في جعبته الكثير من الكتب المؤلفة او المترجمة التي تنتظر الطبع وهو يسير بخطى حثيثة نحو العقد التاسع من عمره المديد ..مع هذا الفارس الإبداعي الذي لم ولن يشق له غبار كان لنا شرف محاورته والوقوف عند محطات مختلفة من مسيرته الطويلة والاصيلة فيها منطلقين من المحطة الأولى:

البدايات مع المسرح
* في عودة الى البدايات.. ما الذي يمكن ان نتوقف عنده في علاقتك مع عالم المسرح والخطوة الاولى في رحلة الالف ميل من مشوارك الابداعي الاصيل..؟
– أتوقف عند كلية الحقوق (القانون حالياً) وذلك عام 1948 حين إتفقت مع زميلي (محمد منير آل ياسين) على أن ننافس زميلنا (يوسف العاني) الذي كان يقدم تمثيلياته مع مجموعة (جبر الخواطر) مع طلبة في تلك الكلية وذلك بأن نشترك معاً في التمثيل في مسرحية شكسبير (تاجر البندقية) وقد اخترنا لإخراجها (الاستاذ ابراهيم جلال) وكان آنذاك مدرساً في معهد الفنون الجميلة. وأتذكر أن المسرحية قدمت في مسرح المعهد (مسرح قسم الفنون الجميلة بكلية الفنون الجميلة حالياً ) وشارك فيها طلبة كلية الحقوق ومنهم من أصبح من القضاة والمحامين المشهورين بعد تخرجهم. وبهذه الخطوة تجاوزت خطوتين سابقتين لم تكونا بأهمية خطوة كلية الحقوق وهما مشاركتي بتمثيل دور رئيسي في مسرحية (أنا الجندي) التي أخرجها مدرس اللغة العربية في المدرسة المتوسطة في سامراء ومشاركتي بتمثيل دورين في مسرحية (في سبيل التاج) لمصطفى لطفي المنفلوطي أخرجها مدرس الرسم في ثانوية الديوانية عام 1946.كانت خطوتي الاولى مهمة لكونها مهدت لدخولي فرع التمثيل بمعهد الفنون الجميلة بتشجيع من (ابراهيم جلال) مشيداً بموهبتي ومحبباً لنفسي الفن المسرحي.

*اذا كان الامر كذلك.. فهل كان سعيك لدراسة فن المسرح نابع من ضرورة صقل الموهبة بالدراسة الاكاديمية والعلمية..؟
– نعم فقد اعتقد (ابراهيم) بأن موهبتي تحتاج الى صقل والصقل لا يتم إلا عن طريق الدراسة وممارسة تطبيق تقنيات التمثيل على يد أستاذنا الأول (حقي الشلبي) وقد تم الصقل فعلاً وليس هذا حسب بل إن الدراسة في المعهد دفعتني للتزود أكثر بالمعرفة الفنية وبالذات ما يخص فنون المسرح ولذلك رحت أبحث عن المراجع الخاصة وأكثر من ذلك فقد قمت بترجمة عدد من الموضوعات ذات الصلة بالفن المسرحي ونشرت منها في مجلة (السينما) لصاحبها (كاميران حسني) والتي كانت تصدر أواسط الخمسينيات من القرن الماضي ومن تلك الموضوعات (طريقة ستانسلافسكي) اعتماداً على ترجمة لكتاب الناقد (ديفيد ماكمارشاك) كما نشرت موضوعاً عن الشاعر والمخرج الألماني (برتولد بريخت) وبذلك كنت سباقاً في تعريف المسرحيين العراقيين بقطبي التنظير لفن المسرح المتعارضين.

* في هذا السياق لم تتوقف عند حدود الدراسة المحلية فاتجهت الى دراسة فن المسرح في لندن (الاكاديمية الملكية لفنون الدراما).. ما الذي يمكن تأشيره في هذه المحطة المهمة..؟
– سبقني عدد من المتخرجين في فرع التمثيل بمعهد الفنون الجميلة بحصولهم على بعثات دراسية في أميركا وفي إنجلترا حيث درس كل من (جاسم العبودي وجعفر السعدي وابراهيم جلال وبدري حسون فريد وبهنام ميخائيل) في معهد غود مان بمدينة شيكاغو وكلهم درسوا فن الإخراج المسرحي وحصلوا على شهادة الماجستير. وكنت اتطلع للحصول على بعثة مماثلة ولكن ليس الى امريكا بل الى انكلترا لأنني كنت عارفاً بأنها مهد من مهاد الفن المسرحي في العالم ذلك الذي ربى أمثال شكسبير وبن جونسون وبرناردشو وبيترهول وبيتر بروك ولورنس أوليفيه وفينيسا ريدغريف وغيرهم من المبدعين المسرحيين وبالفعل فقد أتيحت لي الفرصة وحصلت على بعثة الى إنجلترا والى (الاكاديمية الملكية لفنون الدراما ) والتي تسمى مجازًا (مصنع الممثلين) وتخرج فيها أبرز الممثلين الانجليز. في البداية كانت البعثة مخصصة لدراسة الاخراج ولكن الغريب لم تكن آنذاك في عام 1959 مثل تلك الدراسة لا في المعاهد الفنية الانجليزية ولا في الجامعات واقترحت إدارة الاكاديمية أن أدرس (ادارة المسرح) وعن هذا الطريق أتعلم فن الاخراج المسرحي عبر مرافقتي لعدد من المدرسين المخرجين في الاكاديمية وبالفعل التحقت بدراسة ادارة المسرح وما أن انتهى الفصل الأول من الدراسة حتى وجدت نفسي أفضل دراسة التمثيل في تلك الاكاديمية وكان علي أن اجتاز امتحان القبول وذلك بتقديم مشهدين تمثيليين أحدهما جاد والآخر هازل أمام لجنة الامتحان وخوفاً من أن لا يتم قبولي في الاكاديمية لدراسة التمثيل فقد قدمت طلباً للالتحاق بمعهد آخر وهو المعهد الذي درس فيه الصديق (سعدون العبيدي) ومن حسن حظي أنني اجتزت الامتحان في كلا المعهدين وبالطبع فقد فضلت الأكاديمية على غيرها. تركزت الدراسة في الاكاديمية في النواحي العملية أكثر من النواحي النظرية وكانت المواد النظرية قليلة جداً ومنها مادة تأريخ المسرح التي لم تستغرق دراستها أكثر من فصل واحد في حين استمرت دراسة فن الإلقاء ودراسة تقنيات التمثيل وتربية الجسم فصول الدراسة الاربعة وفي كل فصل منها شاركت بتمثيل دور في مسرحية يخرجها أحد التدريسيين .وفي الفصل الأخير وهو فصل التخرج مثلت دورين رئيسيين أولهما في البانتومايم المعنون (سندريلا) وثانيهما في مسرحية الفرنسي أرمان سالاكرو ( المرأة المجهولة من آراس ) وشاركتني في التمثيل في هذه المسرحية المخرجة والممثلة اللبنانية (نضال الاشقر) حيث كانت زميلتي في الدورة الدراسية نفسها. وللحق أقول خلال دراستي التمثيل في الاكاديمية الملكية بلندن بقيت معلوماتي النظرية عن الفن المسرحي ضئيلة ولكن مشاهداتي الكثيرة للعروض المسرحية المتنوعة في لندن وفي مدن أوربية أخرى كنت أزورها خلال العطل الفصلية قد أضافت الكثير الى معرفتي بفن التمثيل.

لندن الانطلاقة الأولى
*وهل من حصيلة أخرى خرجت بها من دراستك اللندنية تحديداً..؟
– من ثمرات دراستي في لندن تأليفي لكتاب بعنوان (تربية الصوت وفن الإلقاء) وهو كما أعتقد أول كتاب يدخل المكتبة العربية يتعرض لتقنيات فن الإلقاء في المسرح وتربية صوت الممثل وقد اعتمدت فيه على كتاب أستاذ فن الألقاء في الاكاديمية الملكية (كليفورد تيرنوم).صحيح أن هناك عدداً من الكتب صدرت بالعربية تخص الإلقاء لكنها لم تتطرق الى التقنيات بقدر تطرقها الى الأصوات اللغوية كما أنني ترجمت كتاب الأستاذ (الكساندر دين) الذي عنونته (العناصر الاساسية لإخراج المسرحية) ومن لم يطلع على هذا الكتاب ويدرسه بدقة يكون قاصراً في معرفته عن فن الاخراج.

* وكانت لك جولة دراسية أخرى في امريكا (جامعة اوريغون) فما الاضافة التي تحققت هنا قياساً الى دراستك في (الاكاديمية الملكية لفنون الدراما) في بريطانيا ؟
– كانت جولتي الدراسية الثانية في قسم الكلام بجامعة اوريغون في الولايات المتحدة الأميركية عام 1975 حيث حصلت على سنة تفرغ علمي في تلك الجامعة لكوني أحد التدريسيين في اكاديمية الفنون الجميلة في جامعة بغداد وكان الهدف الأول من تلك الجولة أن أعد بحثاً علمياً يخص الفن المسرحي وكان الهدف الثاني أن أحصل على درجة (الماجستير) في الفن المسرحي لشعوري بأهمية تلك الدرجة والأعلى منها (الدكتوراه) لأعضاء هيئة التدريس في إحدى كليات جامعة بغداد. ولم استطع مواصلة دراستي في جامعة اوريغون وذلك بسبب تجاوز عمري الشرط المحدد لدراسة الدكتوراه.
وللعلم فقد كنت أحد التدريسيين الذين نقلت خدماتهم من معهد الفنون الجميلة الى أكاديمية الفنون الجميلة لسد النقص في الملاك التدريسي آنذاك عندما تم تأسيس الاكاديمية كإحدى الكليات الجامعية والتي تستوجب أن يكون عضو التدريس فيها حاملاً لدرجة علمية في حين كنت أنا وعدد من اساتذة الرسم والنحت لا يحملون مثل تلك الدرجة بل يحملون شهادة الدبلوم المهنية ولذلك فقد أصدرت رئاسة جامعة بغداد تعليمات سميت (تعليمات الترقيات الفنية) لتكون معادلة للترقيات العلمية فقد اضيفت كلمة (فن) لكل من الأستاذ والاستاذ المساعد والمدرس والمدرس المساعد ومازالت تلك التعليمات سارية المفعول في الكليات الجامعية الفنية برغم توفر العديد من اعضاء الهيئة التدريسية ممن يتمتعون بالدرجات العلمية (الماجستير) و (الدكتوراه).
عندما التحقت بجامعة اوريغون اكتشفت بأن معلوماتي بل ومعلومات اساتذتي (حقي الشلبي) و (ابراهيم جلال) و (جاسم العبودي) وآخرين، ضئيلة جداً في حقل الفن المسرحي وأن الجانب النظري لدينا ضعيف جداً مقابل الجانب العملي، ولذلك كرست كل جهدي ووقتي لزيادة المعرفة فقد كنت أقضي ساعات طويلة في مكتبة الجامعة أطلع على المصادر والمراجع التي تخص بحثي والتي تخص دراستي للماجستير.
وأضرب مثالاً على ما يتوفر في مكتبة تلك الجامعة من مصادر ومراجع لا تستطيع الاطلاع على معظمها خلال سنة فقد كان من متطلبات الحصول على درجة الماجستير أن أخرج عملاً مسرحياً مع طلبة قسم الكلام وحينها قررت أن اخرج مسرحية الأديب الراحل (جليل القيسي) المسماة (نجنسكي ساعة زواجه بالرب) وهي عن راقص الباليه الروسي الشهير (نجنسكي) وقد قمت بترجمتها الى الإنجليزية وذهبت الى المكتبة لأطلع على ما كتب عن ذلك الراقص المشهور وقد فوجئت بعشرات الكتب تتحدث عن (نجنسكي) ولم أستطع إخراج المسرحية تلك وذلك لعدم توفر عنصر يمثل الدور الرئيسي واستبدلتها بمسرحية جيكوف (الدب).
كانت الإضافة التي تحققت لي اثناء دراستي في جامعة اوريغون هي توسع رقعة معرفتي بالعلوم والفنون المسرحية سواء عن طريق المواد التي درستها أم عن طريق رجوعي الى المصادر. وكانت تلك الإضافة هي التي حفزتني على تأليف كتب منهجية تخص فن التمثيل وفن الإخراج شاركني في تأليفها الصديق (بدري حسون فريد) كما أنها شجعتني على ترجمة كتب فنية أخرى من الانجليزية الى العربية أذكر آخرها (كتابة المسرحية) و(فن الماكياج). ومن الإضافات الأخرى مساهمتي مع آخرين من التدريسيين في (أكاديمية الفنون الجميلة) وفيما بعد (كلية الفنون الجميلة) بإعداد المناهج الدراسية للأقسام العلمية سواء على مستوى الدراسات الأولية أم على مستوى الدراسات العليا. وللعلم فأنني ما زلت أحتفظ بالمناهج الأولى التي وضعت للدراسة في قسمي الفنون المسرحية والفنون التشكيلية.

الاخراج وسيلة للتعبير
* مع تبلور واكتمال ملامح الخطاب المسرحي لديك.. لماذا إخترت الاخراج إذن وسيلة للتعبير عن مكنوناتك الابداعية..؟
– أنا لم أختر الإخراج بل هو الذي إختارني فقد بدأت ممثلاً وكنت أريد أن أبقى كذلك ولكن الحاجة الى مخرج مقتدر هي التي دفعت فرقتي (فرقة المسرح الحديث) الى أن تعهد لي مهمة الإخراج بعد أن تخلى عنها رئيس الفرقة إبراهيم جلال أواسط الخمسينيات وكان أول عمل إخراجي لي مع الفرقة مسرحية أناتول فرانس والتي ترجمها الى العربية المؤلف المسرحي (سليم بطي) وهي (الرجل الذي تزوج إمرأة خرساء).
في ذلك الوقت لم أكن أعرف عن تقنيات الإخراج ونظرياته إلا النزر اليسير وما تعلمته من أساتذتي في المعهد وخلال التمارين على المسرحية كنت التمس من أستاذي إبراهيم جلال أن يحضر في التمارين ويعطي إرشاداته. وبعد تلك المسرحية الصعبة توليت اخراج مسرحية أسهل هي (المقاتلون) للكاتب العراقي (جيان) وهو اسم مستعار طبعاً وكانت هذه المسرحية قد فازت بجائزة مجلة (الآداب) اللبنانية وتتعرض للثورة الجزائرية ضد الإستعمار الفرنسي.. مثلت أنا والمتفانية (ناهدة الرماح) الدورين الرئيسين في المسرحية وذلك عام 1958وأعتقد بأنها أول مسرحية عربية تتعرض لثورة الشعب الجزائري وبطولاته.

*من الملاحظ أنك تجمع بين التمثيل والأخراج طيلة حياتك الفنية ولم يمنعك الاخراج عن الوقوف ممثلاً على خشبة المسرح بين يدي أساتذتك وتلاميذك على حد سواء؟
– لقد واصلت عملي الاخراجي لاعتقادي بأن معرفتي وقدرتي في هذا الفن لا تقل عما يمتلكه المخرجون العراقيون أيام بدأت بالمهمة الإخراجية. ويمكنكم ايضاً ملاحظة أن العديد من الممثلين العراقيين قد تحولوا الى الإخراج وتركوا التمثيل لإعتقادهم بأن التمثيل معيب وأن في الأخراج هيبة وسطوة أما أنا فعلى العكس رأيت في الإخراج مهمة مكملة للتمثيل. ويمكنني القول أنني الوحيد من الممثلين العراقيين ممن عمل مع فئات مختلفة من المخرجين من الشيب والشبان فقد عملت مع (حقي الشلبي) ومع (ابراهيم جلال) ومع (جاسم العبودي) ومع (جعفر السعدي) ومع (بهنام ميخائيل) ومع (محسن العزاوي) ومع (قاسم محمد) ومع (صلاح القصب) ومع (فاضل خليل) ومع (عزيز خيون) ومع (سنان العزاوي). ووجدت أن أولئك وهؤلاء يختلفون في التعامل معي كممثل فمنهم من يعتمد كلياً على مقدرتي ومنهم من يريد أن يثبت أنه أكثر مقدرة مني. ومنهم من يعطيني الحرية الكاملة في الأداء ومنهم من يقيد أدائي على وفق رؤيته وكنت أتجاوب مع الجميع إلا في حالات نادرة حيث كنت أقف معارضاً لتوجيهات هذا المخرج أو ذاك استناداً الى عدم قناعتي التامة بتوجيهاته ومع ذلك فكنت أنفذ ما يريد رغماً عني باعتبار أن المخرج هو سيد الانتاج المسرحي وهو المسؤول الأول والأخير عن نجاح العمل.

تجارب ومعطيات
*في ضوء الحصيلة الاخراجية الكبيرة والمميزة.. كيف تنظر لتجربتك هنا؟ وما أبرز المعطيات والمؤشرات التي يمكن الخروج بها ..؟
– تبلورت تجربتي وخبرتي في مراحل زمنية وعبر مرافقتي لأساتذة ومخرجين يحملون رؤى مختلفة ولهم تجاربهم المختلفة في سعتها وفي عمقها وتبلورت ايضاً من خلال مطالعتي للعديد من المصادر والمراجع باللغتين العربية والانجليزية. وتبلورت ثالثاً من خلال مشاهداتي للكثير من العروض المسرحية سواء في بلادنا العربية أم في بلاد الغرب أوروبا واميركا .. نعم تبلورت التجربة من خلال تراكم الخبرة والمعرفة والمشاهدة.
ما هو مدهش أو غريب أنني وبعد كل هذه السنين من الممارسة الفنية في الأعمال المسرحية والسينمائية والاذاعية والتلفزيونية لم أشعر بأن معالجاتي الإخراجية تطورت كثيراً برغم نجاحي في الخطوات الأولى. نعم لقد كان هاجس التجديد ومازال يراودني وربما أكون من المخرجين القلائل الذين ينتقدون أعمالهم أو أن يتقبلوا نقد الآخرين وعندما أراجع أعمالي السابقة أقول لنفسي لو تسنى لي إعادة إخراجها لكانت معالجتي الإخراجية لها تختلف تماماً عن السابق.

*وما الذي منعك من الإقدام على هذه الخطوة التي ستكون – حتماً – مثيرة للجدل والمقارنة ؟
– نعم لقد تطورت رؤيتي ومعرفتي كثيراً وصارت مديات مخيلتي أوسع وأكثر تعدداً ومع هذا فإن معالجاتي لعدد من المسرحيات ستبقى على حالها وربما لا أستطيع أن أستبدلها بما هو أفضل وأذكر على سبيل المثال إخراجي لمسرحية الأميركي أونيل (القرد الكثيف الشعر) مع طلبة اكاديمية الفنون الجميلة عام 1968ومع المسرح الحديث بمسرحية الاسباني غارسيا لوركا (بيت برناردا البا)عام 1979 أو حتى إخراجي لمسرحية العراقي يوسف العاني (المفتاح) عام 1968 ومسرحية شكسبير (هاملت) عام 1973 ومسرحية الفلسطيني معين بسيسو (ثورة الزنج) عام 1975 مع طلبة معهد الفنون الجميلة فكلها كانت مبتكرة. ثم جاءت بعد ذلك محاولاتي في المسرح التجريبي خلال التسعينيات من القرن الماضي وفي المقدمة المسرحيات القصيرة الثلاث (الى إشعار آخر) (الكفالة) و (شكراً ساعي البريد) والتي تصدت لظلم السلطة وتعسفها بحق المواطنين. وكانت معالجتي لمسرحية شكسبير (عطيل) والتي سميت (عطيل في المطبخ) قد أظهرت التميز في الابتكار والرؤية الجديدة عندما إفترضت أن طباخي أحد المطاعم والندل فيه يمثلون تلك المسرحية المشهورة. وكانت (ثيمة) الأسود والأبيض قد غطت جميع عناصر الإنتاج من لون البصل الأبيض ولون الباذنجان الأسود واللذين راح كل من (ياغو) و (رودريغو) يقطعانها تمهيداً لعمل طبخة ضد القائد المغربي (عطيل) غيرة وحسداً ومازلت اعدّ معالجتي تلك متفردة.

*في ضوء ذلك ما أبرز المعطيات والمؤشرات التي يمكن الخروج بها ويأخذها أي مخرج بنظر الاعتبار ..؟
– أستطيع الخروج بالمؤشرات التالية:
1. يمكن للمخرج المسرحي أن يكون مؤلفاً ثانياً للنص المسرحي ولا يتقيد بمعطيات المؤلف الأصلي عندما يكون غائباً.
2. يمكن للمخرج المسرحي أن يعالج أية مسرحية برؤية جديدة تختلف عن رؤيته السابقة.
3. يمكن للمخرج المسرحي أن يكون انتقائياً في عمله أي أن ينتقي الاسلوب الاخراجي لهذه المسرحية أو تلك بحسب طبيعتها واسلوب كتابتها وزمن عرضها للجمهور وكذلك أن ينتقي المكان المناسب لعرض المسرحية سواء في مسرح العلبة الإيطالي أم في مسرح الحلبة الإغريقي أم في مسرح اللسان الاليزابيثي أم في أماكن أخرى أكثر حميمية مثل بيت منتدى المسرح.

الخبرة والتخيل
4. يمكن للمخرج المسرحي أن يصنف كذلك بعد أن تزداد معرفته وتكتمل خبرته وتتسع مخيلته.

* لقد تنوع وتعدد منهجك الاخراجي فلم تقف عند إسلوب معين أو مدرسة محددة.. فما السر في ذلك؟ ولو خُيرت بينها.. فأيها الأقرب اليك والأصدق تعبيراً عنك..؟
– نعم لقد خضت غمار جميع الأساليب وتصديت لشتى المدارس المسرحية فمن ناحية التأليف المسرحي تصديت للمسرحية الواقعية كما هو الحال مع (الخان) ليوسف العاني وللمسرحية الواقعية كما هو الحال مع (الخرابة) ليوسف العاني أيضا وإلى المسرحية الملحمية مع (المفتاج) ليوسف العاني كذلك والى المسرحية الرمزية التعبيرية مع (القرد الكثيف الشعر) ومع المسرحية السياسية الشعرية مع (ثورة الزنج) والى المسرحية التاريخية مع (تموز يقرع الناقوس) والى تحديث المسرحية الملحمية كما الحال مع (الليالي السومرية) للكاتبة (لطفية الدليمي) تحديثا لملحمة كلكامش وللمسرحيات الشكسبيرية (هاملت) و(ماكبث) و(عطيل) و( حلم ليلة صيف). لقد قدمت ملحمة كلكامش بأكثر من معالجة واحدة كانت أولاها مع طلبة الفنون الجميلة وثانيها مع أعضاء الفرقة القومية للتمثيل وثالثها مع طلبة كلبة الفنون الجميلة ورابعها مع اعضاء الفرقة القومية أيضا وخامسها مع مجموعة من الشباب وقدمتها أولا في مسرح الاكاديمية الصغير ومن ثم المسرح القومي القديم وفي مسرح مدينة بابل الآثارية قبل ترميمه وفي قاعة الشعب وفي مسرح الطليعة.
وقدمت مسرحية (بيكيت) (في انتظار غودو) مرتين الاولى في المسرح الصغير في الجمعية البغدادية والثاني في مسرح بغداد المتواضع. وقدمت عروضا مسرحية في المسرح الوطني وفي منتدى المسرح وفي حدائق كلية الفنون الجميلة ولو خيرت حول أي منهج إخراجي أفضله على غيره لقلت لا أفضل هذا على ذاك فلكل منهج مناسبته وزمنه وهنا أعترف بأنني فشلت في إخراجي لعدد من المسرحيات أما بسبب اختياري غير الصحيح للنص أو بسبب الاستعجال بالمعالجة أو بسبب خطأ ما وقعت فيه أو بسبب سوء اختياري للممثلين.

*وما الذي كنت تراهن عليه وأنت تعرض تجاربك المسرحية هذه داخل وخارج العراق؟ وما الرسالة التي كنت تريد إيصالها..؟
– لم أكن أراهن على شيء سوى أن ارفع المستوى الفني لأعمالي شكلا ومضموناً وأن أسهمفي ترقية ذائقة الجمهور المسرحي وأن أضيف رصيدا لحركة المسرح في العراق. لم أكن أراهن على شيء عندما عرضت بعض مسرحياتي خارج العراق ومع هذا فقد نجحت ونالت استحسان الجمهور كما حدث عندما عرضت (ملحمة كلكامش) في مدينة الحمامات في تونس وعندما عرضت في مدينة المونستير التونسية أيضا. وعندما نجحت مسرحيتي (الكفالة) على مسرح بغداد نجاحا كبيراً وللعلم فأن تلك المسرحية تعرضت لسجين سياسي تنساه السلطة ولا تقدمه للمحاكمة لسنوات وعندما تكتشف أنها اخطأت بحقه تطلب منه أن يأتي بكفيل يكفله لكي يطلق سراحه ولكنه يعتذر حيث لا يدري من هو الذي يجرؤ على كفالته بعد كل السنين التي قضاها في السجن فيذهب أحد الحراس ليبحث له عن كفيل واذا بعائلته تتنكر له وبعد ذلك يقول أفضل أن أبقى رهين السجن طيلة حياتي ولا أخرج الى مجتمع تنكر للقيم النبيلة. وهكذا فالرسالة التي كنت وما زلت أريد إيصالها الى الجمهور هي الدفاع عن إنسانية الانسان وصون حريته والوقوف ضد كل أعمال الظلم والقهر والتعسف فالإنسان ولد حراً ولابد أن يبقى حراً وأردد القول العظيم: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم احرارا».

التجربة العراقية
* لا شك أن المشهد المسرحي العراقي انطوى على تجارب مماثلة لأساتذتك ولنظرائك من المخرجين فكيف تنظر لتجاربهم ؟ وأين تضع تجربتك قياساً لهم؟
– إن تجارب أساتذتي ونظرائي الإخراجية لا تخلوا من التجديد والابتكار وهنا أؤكد اطروحتي بأننا كلنا تجريبيون لم يتسن للبعض منا أن يرسخ أسس التقليد كما هو الحال في مسارح العالم المشهورة كالمسرح الانجليزي والمسرح الفرنسي والمسرح الروسي والمسرح الألماني فقد بدأنا من حيث وصلوا هم ومع أننا اقتبسنا الفن المسرحي عنهم فقد استطعنا أن نضع بصماتنا الى حد ما على البعض من أعمالنا.
كان من بين اساتذتي ونظرائي من يتقن تحليل النصوص المسرحية ويحسن تفسيرها ويحاول أن يكون أميناً على رؤى المؤلفين وكان منهم من يحاول أن يتخذ من نصوص المؤلفين منطلقات لفرض رؤاه الذاتية انطلاقاً من مبدأ التجديد على حد اعتقادهم ومن مبدأ أن النص المسرحي ليس كتاباً مقدساً لا يمكن التلاعب فيه أو تحريفه ومن مبدأ أن المخرج مؤلف جديد للنص المسرحي ومنهم من يدقق في تفاصيل المسرحية ويتعمق في تحليلها وهناك آخرون يهتمون بالشكل أكثر من اهتمامهم بالمضمون. وهناك من يتزمت بمعالجته الإخراجية ولا يسمح للممثلين أن يقدموا مقترحات بشأنها ، وهناك من يعمل العكس فيعطي للممثلين معه الحرية في الإبتكار والارتجال وأنا من بين هؤلاء حيث أعتمد كثيراً على ابداعات الممثلين وإن عجزوا حينها أتدخل وأرشدهم الى ما هو أصلح وفقاً لرؤيتي.
أذكر أنني في المسرحيات الثلاث القصيرة التي أشرت اليها سابقاً قد سمحت للممثلين أن يسهموا في إعادة صياغة النصوص وأن يرتجلوا بعض المواقف في أثناء التمارين وكنت أردد دائماً قولي تعدد الابداعات أفضل من اقتصارها على واحد.

* وكيف تنظر لتجربة المسرحيين الشباب؟ وهل استطاعوا أن يكونوا اوفياء لجيل الرواد ولرسالة المسرح في ظل موجات من المسرح التجاري اجتاحت وتجتاح المشهد المسرحي العراقي والعربي؟
– الشباب هم الدماء الجديدة التي تبقي العمل الفني حياً.. كنا نحن في زمن سابق شباباً وكنا كما هم الشباب هذه الأيام نرفض معالجات الشيوخ أو الرواد ونعارض أساليب عملهم ولكن عند مراجعتنا اليوم لما سبق نقتنع بأنهم كانوا على صواب . أنا نفسي كنت أعارض أستاذي (حقي الشلبي) في تعامله التدريسي والتدريبي مع الطلبة والممثلين وكنت أعتقد أن الكلائش التي كان يستعملها قد عافها الزمن وأصبحت من الماضي ولكن بعد حين وجدت أن ذلك التعامل قد علمنا الكثير من جماليات الفن المسرحي.
شباب المسرح اليوم ليسوا كما كنا حسب اعتقادي فهم أولاً ما عادوا يذكرون جميل من سبقوهم وخبرة الرواد وعطاءاتهم الثرة وهم ليسوا كما كنا نتلهف لزيادة رقعة معرفتنا في الفن المسرحي وهم لا يؤمنون بالتدرج بل تراهم يقفزون ولا يتقيدون بخطوات وئيدة. الكثير منهم يعتمد على مخيلته أكثر من اعتماده على ثقافته ومعرفته العلمية والكثير منهم من يستعجل الوصول الى النجاح والكثير منهم من يعتقد أنهم هم فنانو المسرح وليس غيرهم والكثير منهم من يستسهل العمل المسرحي. والأغرب من هذا أنهم راحوا يقلدون البعض الآخر في أعمالهم المسرحية أو في معالجاتهم حتى أن البعض منهم عدّ عمله يدخل ضمن ما يسمى (مسرح ما بعد الحداثة) أليس هذه قفزة مهلكة ؟!. أغلبهم رفض مسرح الكلمة وفضل مسرح الحركة وهو الأسهل في اعتقادي لأن مسرح الكلمة يحتاج الى تحليل دقيق وزمن أطول للتحضير. مع ذلك فلولا تجارب الشباب وابداعاتهم لتجمدت حركة المسرح عندنا أو لربما ماتت وأنصحهم أن يتواضعوا قليلاً وأن لا يتنكروا لمن سبقهم.

المسرح التجريبي والحداثة
* على ذكر التجريب أو الحداثة هنا لابد من وقفة عند المسرح التجريبي أو الحديث الذي تصدى له الكثيرون فمن منهم قد نجح ومن منهم قد أخفق..؟ ولماذا؟ وبماذا تنصحهم؟
– يدعي البعض بأنهم تجريبيون أو مستحدثون وهم على خطأ وأقول ليس كل ما هو جديد تجريبي ولكن المسرح التجريبي يجب أن يحتوي على ما هو جديد .المسرح التجريبي ليس إرهاصات ونزوات وإنما هو اتجاه يستند الى العلم فلا بد من فرضيات واجراءات ومن نتائج ولا بد من الاستمرار بالتجريبي وإلا لما أشار الدارسون الى عدد محدود من فرق المسرح التجريبي أمثال (المسرح الحي) و (المسرح البيئي) و (المسرح المفتوح) في أمريكا و(مسرح الشمس) في فرنسا و (المسرح الفقير) في بولونيا و (مسرح أودين) لباربا الايطالي في الدانيمارك. ويخطئ من يقيم مهرجاناً تحت عنوان (المسرح التجريبي) إذ حتى مهرجان القاهرة الدولي يسمى خطأ بالتجريبي حيث أن عدداً من عروضه لا تنتمي الى المسرح التجريبي . المسرح التجريبي يستوجب حضور التكريس وحضور المنهج وحضور الاستمرارية وهناك تقنيات معينة يستعملها غير تقنيات المسرح التقليدي ونذكر منها: الارتجال والعمل الجمعي والواقع المتحول واللعب وأن لا يكون هدف الفرقة التجريبية عرض عملها المسرحي الى الجمهور بل يمكن الاكتفاء بالتمارين فقط.
نعم ظهرت بعض الأعمال المسرحية في العراق تتصف بصفات المسرح التجريبي ومنها بعض أعمال صلاح القصب وبعض أعمالي ولكن هناك أعمال تقليدية ظهرت واتصفت بالحداثة وكانت أفضل من الأعمال التجريبية ونذكر على سبيل المثال مسرحية بريخت (البيك والسايق) التي أخرجها ابراهيم جلال ومسرحية (ترنيمة الكرسي الهزاز) التي أخرجها (عوني كرومي) ومسرحية (رحلة السندباد) التي أخرجها عزيز خيون ومسرحيتي (المفتاح) ولم ندع أنها تجريبية بالرغم من وجود عامل الإبتكار فيها. أنصح الذين يدعون التجريب أن يراجعوا أنفسهم وأن لا يطلقوا ذلك المصطلح على أعمالهم وهنا يجب التفريق بين المسرح التجريبي والتجريب في المسرح.

* وما الذي يمكن تأشيره من معالجات في هذا المجال للخروج بالمسرح العراقي من عنق الزجاجة في ظل تباين وعدم وضوح الرؤية وبما يسهم في الارتقاء بهذا المسرح العريق..؟
– استمر المسرح العراقي في تقدمه قياسا الى المسارح العربية الاخرى واحتل الصدارة في تنوعه وفي تعدد أساليبه وفي تحديث طروحاته ابتداءً من ستينيات القرن الماضي وحتى التسعينيات منه ولكن للأسف أخذ ينحدر تدريجياً لأسباب عدة أبرزها الحروب التي مر بها العراق والتحديات التي مورست على الاعمال المسرحية وتصاعد موجة المسرح التجاري ومن ثم ابتعاد المخرجين المعترف بقدراتهم على الساحة المسرحية والأهم من كل هذا هو عدم وضع خطط واضحة للعمل المسرحي لا في فرقة الدولة (الفرقة الوطنية للتمثيل) ولا في الفرق الخاصة (الاهلية) والتي غابت عن الساحة هذه الايام وكانت المنافس الخطر لفرقة الدولة.

معضلات المسرح العراقي
لكي يخرج المسرح العراقي هذه الايام من عنق الزجاجة كما ذكرت أقترح مايلي:
أولاً: أن تضع دائرة السينما والمسرح خطة واضحة لعمل الفرقة الوطنية على أن تحتوي الخطة عددا من المسرحيات العالمية المترجمة والعربية المؤلفة ومسرحيات أخرى باللهجة المحلية في كل موسم مسرحي. وثانياً: أن تضيف الفرقة عدداً من المخرجين الاوائل والرواد ليخرجوا بعضًا من أعمالها. وثالثاً: أن تؤسس فرقة موازية للفرقة الاولى يتكون ملاكها من الشباب ومن خريجي معاهد وكليات الفنون ويترأسها مخرج مخضرم أو خبير أو ناقد مسرحي معروف. ورابعاً: أن تساعد وزارة الثقافة على إحياء عدد من الفرق الخاصة مثل :(فرقة المسرح الفني الحديث ) و(فرقة المسرح الشعبي) و(فرقة المسرح اليوم) و(فرقة اتحاد الفنانين) وأن تشجع عدداً من المسرحيين الذين لم ينتموا لفرق الدولة لان ينتموا لعضوية تلك الفرق. وخامسًا: أن تطبق الوزارة قانون الفرق التمثيلية بعد تعديله بما يناسب المرحلة الحاضرة لكي لا يبقى الحبل على الغارب في تشكيل المجموعات المسرحية. وسادساً: أن تقام دورات تدريبية وتثقيفية للمسرحيين من شتى الأجيال وشتى الفئات فالخلفية الثقافية لفناني المسرح اليوم أصبحت ضرورة ملحة.

* لنعرج على التمثيل.. نجاحك في لعب شتى الادوار على خشبة المسرح كان مكملاً لنجاحك في الاخراج.. ما سر هذا النجاح..؟ وبماذا تنصح الممثلين الآخرين..؟
-أحياناً لا أعد نفسي ممثلاً مقتدراً ومع ذلك فقد أبدعت بتمثيل عدد من الأدوار حسب ظني ومنها (كريون) و(المتنبي) و(الملك لير) و(الملك) في (تفاحة القلب) و(الممثل فاسيلي) في (أغنية التم ) و(المواطن) في المونودراما (غربة) وأعتقد أن الإلهام وإتقان الحرفة كانت سبباً في النجاح. أنصح الآخرين بأن يكملوا حرفياتهم وأن يدربوا صوتهم وجسمهم وأن يوسعوا مخيلاتهم ودائرة ثقافتهم.

* على حد علمي وعلى عكس عدد غير قليل من المخرجين.. لم ألحظ اداءك لدور في مسرحيات من إخراجك إلا ماندر وكيف تنظر لمن يقوم بذلك..؟
– لا لقد مثلت في مسرحية (ليلة من الف ليلة) لفلاح شاكر وقد أخرجتها للفرقة القومية وأعتقد بأنني لم أكن متألقاً بدور (شهريار) لأنني لم أكن أراقب نفسي وأنا أمثل وكذلك الحال عندما مثلت دور (بوزو) في (في انتظار بوزو) لفرقة المسرح الحديث للسبب نفسه . المخرج قد يفشل اذا لم ينظر الى عمله من الخارج وعلى وفق مبدأ المسافة الجمالية حيث أن المخرج عندما يكون هو الممثل أيضا في العمل فسوف لا يلمس الاخطاء أو الضعف في المعالجة الإخراجية.

السينما والدراما التلفزيونية
* على ذكر التمثيل.. لقد خضت غمار التمثيل في السينما.. وكان الوجه الآخر لابداعك في التمثيل المسرحي.. وهكذا هو الحال مع الدراما التلفزيونية.. التي كانت لك فيها أدوار ما زالت راسخة بل ومميزة.. كيف تنظر لتجربتك هنا..؟
– كان دور (الطبيب) في الفيلم العراقي (من المسؤول) لعبد الجبار ولي أول تمثيل سينمائي لي وأعترف بأنني كنت مرتبكاً في ادائي للدور وكنت غير مقتنع بالفيلم ككل لافتقاره للحس السينمائي وتغلب النزعة المسرحية على الإخراج والتمثيل حيث لا تلعب الكاميرا دورها الأصيل في تصوير الاحداث والشخصيات. وكانت المحاولة الثانية قد جاءت في فيلم (نبوخذ نصر) التاريخي والملون والسكوب وكنت ايضا مرتبكا في تمثيلي لدور (الملك) ولم أكن مرة اخرى راضياً عن إخراج الراحل (كامل العزاوي) فقد اعتقدت أن إخراجه خطوة غير مؤهل لها ولكن عندما شاهدت الفيلم على شاشة التلفزيون الملون وبعد سنوات من عرضه على شاشة السينما دهشت للمستوى المقبول لإخراج مثل ذلك الفيلم التأريخي المركب وبالفضاءات الواسعة في تقنياته. وجاءت محاولتي الثالثة مع فيلم (المنعطف) من إخراج جعفر علي وقد لمست بعض التحسن في تمثيلي لأحد الادوار الرئيسة فيه حين إبتعدت قليلا عن الاصطناع واقتربت من التلقائية . وجاءت المحاولة الرابعة مع (الأسوار) من إخراج (محمد شكري جميل) وقد كنت متقدما في أدائي في التمثيل السينمائي. ولا أدري ماذا حصل في المحاولة الاخيرة في (الفارس والجبل) من اخراج (محمد شكري جميل) حيث لم اشاهد الفيلم وسمعت ما لا يسرعنه.
التمثيل في السينما ينبغي أن يكون طبيعياً بلا مبالغة ولا إصطناع وبالتالي يكون الدور مقنعاً لجمهور السينما وكذلك لجمهور التلفزيون في الدراما التلفزيونية وهذا ما تحقق في ادائي لدور (أبو عطية) في المسلسل المشهور (الذئب وعيون المينة) و(النسر وعيون المدينة) من إخراج ابراهيم عبد الجليل) وقبله في مسلسل (فتاة في العشرين) من إخراج (عمانوئيل رسام) .

* في ضوء تجاربك مع الشاشة الفضية والشاشة الصغيرة لنتوقف عند أهم سبل ومستلزمات النهوض بالسينما العراقية أولا .. والدراما التلفزيونية ثانياً..
– لا سبيل للنهوض بالسينما العراقية أو بالدراما التلفزيونية العراقية إلا بالرجوع الى الرواية العراقية التي يكتبها روائيون معروفون مثال (عبد الملك نوري) و(عبد الرحمن الربيعي) والكتاب الجدد. ولا سبيل الى النجاح إلا بوجود مخرجين يتقنون الحرفة ويعرفون كيف يوجهون الممثلين والمصورين والتقنيين الاخرين مخرجون لديهم الحس السينمائي ويعرفون تقنيات التصوير والمونتاج ويعرفون مبدأ الاستمرارية في اللقطات ودور الكاميرا وعدساتها في متابعة أدوار الممثل وتعبيرات وجهه وجسمه وأن لديهم خبرة في الفن التشكيلي ومعرفة بالعناصر الدرامية إضافة الى حسن الادارة والتنظيم والتوجيه. إذا اردنا للسينما والتلفزيون العراقي إن ينهضا وأن ينافسا غيرهما فلابد أن تكون لهما هوية مميزة كما هي الحال مع الفيلم الإيراني. هذه الايام السينما صناعة وفن وتجارة وعندما تتوفر شروط الحقول الثلاثة عندها ينهض الفيلم العراقي فأين هي وسائل الصناعة وأين هو السوق وأين هو الفن وترى من هب ودب يدخل حقله؟!.

التنظير الاكاديمي
* كان التدريس الاكاديمي قد شكل واحداً من أهم معالم عطائك المسرحي .. حدثنا عن هذه المهمة النبيلة وهل ما زلت تمارس دورها في خلق جيل مسرحي يرفد المسرح بالدماء الشابة بالصورة المطلوبة..؟
– منذ عام 1964 وانا أدرس في فرع التمثيل بمعهد الفنون الجميلة وقسم الفنون المسرحية بكلية الفنون الجميلة. درست فن الإلقاء ودرست فن التمثيل والاخراج في الدراسات الاولية ودرست موضوعات أساسية في الدراسات العليا.ألفت كتبا منهجية وأعددت بحوثا علمية وأشرفت على رسائل وأطاريح طلبة الماجستير والدكتوراه وساعدت العديد من طلبة الدراسات العليا بإمدادهم بالمعلومات والمصادر. وتخرجت على يدي وأيادي زملائي الاجيال من الطلبة وأصبح العديد منهم أساتذة ولم أقصر يوماً في واجباتي وكنت حريصاً لأن يتزود طلبتي بالمزيد من العلم وما زلت كذلك حتى اليوم. إني اشعر بالمتعة وأنا أدرس أو أبحث أو أشرف على الطلبة لا تقل عن متعة التمثيل والإخراج وأشعر أيضاً أن علمي يزداد جراء التدريس والبحث والإشراف وما زلت أريد المزيد.

* وما السبيل للارتقاء بهذا المفصل الأكاديمي الذي لا غنى عنه في المشهد الثقافي عامة والمسرحي خاصة؟
– الجواب حول هذا السؤال يستحق بحثاً علمياً ويأخذ ذلك وقتاً طويلا ولكن لنعترف آسفين أن المستوى العلمي الأكاديمي انحدر متراجعاً لا يمكن مقارنته بما كان في بدايات تأسيس الكليات والجامعات فقد حدث الكثير من الاستسهال وحدث الكثير من التغاضي والكثير من المجاملات والعلم يرفض الاستسهال والتغاضي عن الاخطاء والمجاملات.

*وماذا عن النقد.. الذي اجتاحته أسماء كثيرة..؟ وما المطلوب للفرز بين الغث والسمين بما يكرس أو يقدم لنا ناقداً حقيقياً..؟
– نعم هناك الكثيرون ممن يكتبون النقد المسرحي ولكن من بينهم القليل من هو كفوء لهذه المهمة والقليل منهم من هو حيادي في نقده.

*في ضوء كل ما ذكر أين تضع تجربة المسرح العراقي في المشهد المسرحي العربي الراهن؟
– ما زال المسرح العراقي في الصفوف الاولى للمسارح العربية وأخشى أن يتراجع الى الصفوف الخلفية إن بقي على الحال الذي هو فيه الآن ولأقول الحق فإن المسارح العربية عموماً قد تراجعت عما كانت عليه من مستويات عالية في مجال التأليف والإخراج والتمثيل وهناك أسباب كثيرة لذلك التراجع لا مجال لشرحها الآن.

واقع المسرح العربي
*في ضوء مهامك وعضويتك أو ترؤسك لعدد من المراكز والاتحادات والمنظمات المسرحية والفنية والمحلية والعربية والدولية والإقليمية كيف تنظر لواقع المسرح العربي الراهن..؟
– هناك اكذوبة تسمى اتحادات ومنظمات فنية في الدول العربية حيث تسابقت هذه الدول في تأسيسها واحتوائها وما أن تأسست حتى اكتفت بذلك ولم تقم بدورها الفاعل حقيقة لا في تنشيط الحركة الفنية في هذا البلد ولا في رفع مستوى العطاء الفني ولا في توثيق الروابط بين فناني هذا البلد والبلد الآخر لولا المهرجانات لما تعرف هذا الفنان في هذا البلد على ذاك الفنان في البلد الآخر .أين هو الاتحاد العام للفنانين العرب الذي أسسه الراحل (سعد الدين وهبة)؟ وأين هو (اتحاد المسرحيين العرب) الذي تأسس في بغداد وغيره من الاتحادات الفنية؟
واليوم ماذا فعلت (الهيئة العربية للمسرح) ومركزها إمارة الشارقة أكثر من إقامة مهرجان مسرحي سنوي ونشر عددا من الكتب الخاصة بالمسرح؟ هل تفقدت يوماً حال المسرح في هذا البلد أوذاك؟ هل تعرفت فعلا على المسرحيين الحقيقيين في هذا البلد او ذاك؟ وماذا سيكون مصيرها لو تخلى عن الاشراف عليها الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة؟ هل سيبقى لها وجود؟ ولولاه ولولا حبه للمسرح ومساهمته في حركته لما كان للهيئة وجود. وعندما نلتفت الى (المركز العالمي للمسرح) فهل سنراه بالقوة والتأثير الذي كان عليه في بدايات تأسيسه؟ فقد أخذت فاعليته بالتناقص مع مرور السنين ولو تطلعنا الى أعضاء مكتبه التنفيذي وأهميتهم المسرحية مقارنة بالاعضاء السابقين للمسنا مدى الضعف في تأثيرهم.

*مارست التأليف والترجمة لعشرات الكتب.. كيف تنظر لهذا الدور الابداعي..؟ وما الذي يمكن أن يلعبه في إشاعة الثقافة المسرحية خاصة والثقافة عامة؟
– ما زلت أمارس التأليف والترجمة وقد انهيت اخيراً ترجمتي لكتابين ضخمين باللغة الإنجليزية هما (ثلاثمائة سنة على الدراما والمسرح الاميركي) تأليف غارف بي ويلسون و (دليل اكسفورد للمسرح والعرض) إعداد دينيس كينيدي ولا أدري متى سأحظى بدار نشر تنشرهما .. كما ذكرت سابقاً الثقافة أصبحت من ضرورات أهلية الفنان المسرحي.

* لقد تنوعت عطاءاتك وإبداعاتك.. فهل لي أن اسأل عن سر ذلك؟ وبماذا تنصح من يريد أن يسلك هذا السبيل؟
– السر في الإبداع هو الحب والتكرس والموهبة والأصالة واللا زيف.

*مسك الختام ..كلمتك الاخيرة ..
– المسرح هو الواجهة الحضارية للبلد فكلما كان المسرح متقدماً في بلد ما معناه أن ذلك البلد متقدم في جميع نواحي الحياة الأخرى. المسرح هو ثقافة البلد بكاملها حيث يجمع الأدب والشعر والموسيقى والفن التشكيلي والعمارة إضافة الى العلوم الانسانية والعلوم الصرفة التي لها دورها في الانتاج المسرحي.. فأي عالم كبير وعظيم هو عالم المسرح إنه عالم الشرف والفضيلة والقيم النبيلة عالم التقدم نحو الافضل اقصد عالم المسرح الحقيقي وليس مسرح الترهات..

سامي عبد الحميد.. في سطور
----------------------------
الفنان سامي عبد الحميد الكاتب والممثل والمخرج من مواليد السماوة في العراق عام 1928 أستاذ متمرس في العلوم المسرحية بكلية الفنون الجميلة جامعة بغداد.
حاصل على ليسانس الحقوق ودبلوم من الأكاديمية الملكية لفنون الدراما في لندن وماجستير في العلوم المسرحية من جامعة اورغون الولايات المتحدة. رئيس اتحاد المسرحيين العرب وعضو لجنة المسرح العراقي وعضو المركز العراقي للمسرح ونقيب سابق للفنانين العراقيين والرئيس الحالي للمكتب التنفيذي للمركز العراقي للمسرح
الف كتباً عدة تخص الفن المسرحي منها : فن الإلقاء، فن التمثيل، فن الإخراج. ترجم كتبا عدة تخص الفن المسرحي منها : العناصر الأساسية لإخراج المسرحية الكسندر دين، تصميم الحركة لاوكسنفورد، المكان الخالي لبروك.
كتب عشرات البحوث من أهمها الملامح العربية في مسرح شكسبير، السبيل لإيجاد مسرح عربي متميز، العربية الفصحى والعرض المسرحي، صدى الاتجاهات المعاصرة في المسرح العربي.
شارك في مهرجانات مسرحية عدة ممثلا ومخرجاً أو ضيفاً منها مهرجان قرطاج، مهرجان المسرح الأردني، مهرجان ربيع المسرح في المغرب ومهرجان كونفرسانو في إيطاليا ومهرجان جامعات الخليج العربي وأيام الشارقة المسرحية.
حصل على الكثير من الجوائز والأوسمة منها : جائزة التتويج من مهرجان قرطاج، وسام الثقافة التونسي من رئيس جمهورية تونس، جائزة الإبداع من وزارة الثقافة والإعلام العراقية، جائزة أفضل ممثل في مهرجان بغداد للمسرح العربي الأول. من أشهر أعماله الإخراجية المسرحية : ثورة الزنج، ملحمة كلكامش، بيت برناردا، البا، انتيغوني، المفتاح، في انتظار غودو، عطيل في المطبخ، هاملت عربياً، الزنوج، القرد كثيف الشعر.
افلامه السينمائية
فيلم (من المسؤول؟ – 1956) إخراج : عبد الجبار ولي.
فيلم (نبوخذ نصر 1962) إخراج : كامل العزاوي. (أول فيلم عراقي ملون).
فيلم (المنعطف 1975) إخراج : جعفر علي.
فيلم (الأسوار 1979) إخراج : محمد شكري جميل.
فيلم (المسألة الكبرى1982) إخراج : محمد شكري جميل.
فيلم (الفارس والجبل 1987) إخراج : محمد شكري جميل.
فيلم (كرنتينا) للمخرج : عدي رشيد.
فيلم (بغداد حلم وردي) إخراج فيصل الياسري .
من المسرحيات التي مثلها:
مسرحية (المتنبي) للمخرج المسرحي الراحل إبراهيم جلال .
مسرحية (النخلة والجيران) للمخرج المسرحي الراحل : قاسم محمد.
مسرحية (بغداد الازل بين الجد والهزل) للمخرج المسرحي الراحل : قاسم محمد.
مسرحية (الإنسان الطيب) للمخرج المسرحي الراحل : عوني كرومي.
مسرحية (انسو هيروسترات) لمؤلفها العالمي : غريغوري غورين – إخراج : فاضل خليل.
مسرحية (قمر من دم) إخراج : فاضل خليل.
مسرحية (غربة): اخراج كريم خنجر.

مسرح الحرية بجنين يقدم عروضا جديدة لـمسرحية 'مروح عَ فلسطين'

مجلة الفنون المسرحية

مسرح الحرية بجنين يقدم عروضا جديدة لـمسرحية  'مروح عَ فلسطين'  

يطلق مسرح الحرية سلسلة عروضه في الضفة الغربية لمسرحية "مروح عَ فلسطين" بدعم من الصندوق الثقافي الفلسطيني. مسرحية "مروح ع فلسطين" التي من المقرر ان يطلقها "الحرية" من جديد، في السادس من شهر شباط المقبل ولغاية 23 شباط 2017، هي مثال لمسرح الشارع تم إنشاؤها في العام 2016 من انتاج مسرح الحرية كجزء من مشروع المسرح التفاعلي كأداة للتغيير الاجتماعي، وهو عمل فني من قصص حقيقية تم اقتباسها من السكان الأصليين في فلسطين في أماكن متنوعة من الأغوار الى المناطق المحاذية للجدار فالمخيمات وصولاً الى تجمعات البدو، يقدمها مجموعة من الممثلين المحترفين؛ هم خريجو مدرسة التمثيل في مسرح الحرية، حيث تدور أحداث المسرحية حول شخصية الشاب الفلسطيني جاد والمولود في الولايات المتحدة الامريكية، والذي قرر ولأول مرة بحياته زيارة موطنه، رغبة منه بمعرفة المزيد عن شعبه وهويته، ليكتشف أن الواقع يختلف كثيراً عما تراه في الأخبار. هذا العمل الدرامي الابداعي يثير مشاعر الضحك والتأثر وقد بنيت أساسا على محصلات مسرح الاعادة من خلال جولات باص الحرية التي انطلقت من العام 2011، معتمداً على روايات سردت على لسان المواطنين المحليين حول طبيعة حياتهم غير الطبيعية والمرتبطة بقصص القوة والمقاومة والصمود، سيتم عرضه في شهر شباط بدعم من الصندوق الثقافي الفلسطيني التابع لوزارة الثقافة الفلسطينية، الى جانب عروض خلال شهري آذار ونيسان بدعم من وكالة التعاون السويدية للتنمية الدولية – سيدا وبالتعاون مع شبكة الفنون الأدائية الفلسطينية. سيلعب الأدوار الرئيسية في المسرحية 6 ممثلين في مساحة صغيرة كمساحة فلسطين، وتعرض بأسلوب ساخر هزلي فكاهي ومأساوي مصحوبة بالموسيقى الحيّة، وقد طوّر المسرحية كتابياً الفنان الفلسطيني نبيل الراعي، وأخرجتها الفنانة البرتغالية ميكائيلا ميراندا، تم تقديمها في أكثر من 50 عرض مسرحي في مختلف أنحاء الضفة الغربية والمخيمات الفلسطينية في الأردن وخلال جولة مسرح الحرية في البرتغال في 2016، ومن المقرر عرضها في المهرجان المسرحي الدولي للرابطة الوطنية لفناني العروض الادائية في مدينة كراتشي الباكستانية خلال شهر آذار القادم، الى جانب تقديم طلب للمشاركة بالمسرحية في ملتقى الفنون العربية في مهرجان ادنبرج فرينج في اسكتلندا في آب 2017. هذا العرض المسرحي عرض في العام الماضي في مناطق مختلفة ولاقى إعجابا وترحيبا، فرشيد خضري من الأغوار  يرى أن مسرح الاعادة يعتبر أداة مسرحية رائعة تجسد التاريخ الفلسطيني بماضيه وحاضره، أما حافظ هريني من خربة توّانة في جنوب الخليل يرى أن هذا العرض هو صوت فلسطيني مسموع لتصل قصص الواقع الفلسطيني للعالم كله، فيما علق الصحفي البرتغالي "ريكاردو فيل" ويقول: إن العرض استخدم الجسد والكلام ليجسد واقعا يعيشه الإنسان في مكان يعاني ظروفا صعبة للوصول إلى قضايا عالمية كالسلام، والهوية، والتحرر .

-------------------------------
المصدر: سوا 

مسرح المضطهدين.. الثورة فوق الخشبة لا خارجها

مجلة الفنون المسرحية

مسرح المضطهدين.. الثورة فوق الخشبة لا خارجها

عبد الحق ميفراني


لم يتخلّف المسرح عن التطرّق إلى المضامين السياسية منذ نشأته، فحين كتب أرسطوفانيس مسرحية "الطيور" فكّر في كيفية تشكيل الدولة والصراعات داخلها.
استعاد المخرج المسرحي المغربي إبراهيم الهنائي هذه السنة أرسطوفانيس حين قدّم مسرحية "برلمان النساء"، وهو يرى أن تجربة المسرحي البرازيلي أوغستو بوال (1931 - 2009) تطرح علينا سؤالاً حول إعادة تغيير قواعد اللعبة المسرحية، فعلاقة المسرح بالسياسة ظلّت على الدوام حاضرةً في معظم التجارب العالمية، بل يمكننا أن نفكّر اليوم في كيفية حضور المضامين الأيديولوجية في المسرحيات.
استطاع الجانب السياسي أن يهيمن، في فترات متفاوتة، على تجارب عالمية وعربية. فتجارب وليم شكسبير وبرتولد بريشت في الغرب، أو في التجارب المسرحية العربية المعاصرة، كتجربة سعد الله ونوس على سبيل المثال؛ يُمكن النظر إليها كمراجع في "المسرح السياسي".
لكن يبقى السؤال بالنسبة إلى الهنائي، هو كيف نمرّر هذه المضامين السياسية من خلال الفرجة المسرحية؟ وهو سؤال رافق رائد المسرح السياسي إرفين بسكاتور (1893 - 1966) والذي عمل على تفادي النص والانتقال إلى الوثيقة لتمرير تجربة المسرح السياسي.
"
كيف نمرّر المضامين السياسية من خلال الفرجة المسرحية؟
"
يعود الهنائي إلى محطّة مفصلية؛ تجربة مسرح المضطهدين، كما أسّسه أوغستو بوال، ففي سنة 1973 قرّرت حكومة البيرو أن تحارب الأميّة من خلال المسرح، فكلّفت مجموعة من الشباب كان من بينهم بوال الذي وجد في تنقلاته بين بلدان أميركا اللاتينية، ثم إلى أوروبا، فرصة لتطوير فكرة "مسرح المضطهَد".
مواضيع هذه التجربة لصيقة باليومي، حيث يبتعد بوال عن المواضيع الميتافزيقية، غير أن الهنائي ينوّه إلى أن هذا لا يعني أي تقارب مع مسرح "الطبقة العاملة" إذ يؤكّد بوال أن المسرح لا يمكن أن يكون مسرح طبقة اجتماعية معينة.
في 2006، كتب بوال "نداء المسرح العالمي" وأعاد التأكيد على أن المسرح في الأساس سياسي وأداة تحرير من جماعة سياسية. من هنا قدّم تصوّراً آخر للمسرح حيث يعيش جسد الإنسان اضطهاداً، لذلك سعى بوال إلى تحرير الجسد حتى تتمكّن الأحاسيس من التعبير عن نفسها، والتحرّر من القيود.
ملمح آخر في تجربة مسرح المضطهدين، يثيره الهنائي، يكمن في كون المسرح تظاهرة اجتماعية حيث تقوم "الثورة" فوق الخشبة وليس خارجها، وبالتالي فإن المسرح يصبح تدريباً على الثورة.
رفض المسرحي البرازيلي أن تحمل أعماله أيّة سمة شعرية، فهو يُسائل الأسئلة، والممثّل معه أقرب إلى "الجوكر" لا يتقمّص الدور الوحيد، والنص متحوّل. ولعلّ التجارب التطبيقية التي مارس فيه هذا المسرحي نظرياته قد مكّنته من الاقتراب أكثر من فلسفته المسرحية.
قدّم الهنائي أربع مستويات وأقانيم أساسية لتمثّل هذا المسعى، من خلال المسرح اللامرئي، ومسرح الصورة، ومسرح المنتدى، ومسرح الجريدة، وهي جميعها أشكال مضادة للوظيفة الترفيهية للمسرح، وفيها يظلّ هاجس التغيير حاضراً بقوّة، فرهانها هو خروج المتفرّج من شرنقة الاستعباد والخضوع في سبيل الانتقال إلى مرحلة أخرى.
"
تجارب حاولت "مغربة" منظور أوغستو بوال للتغيير والتحرّر
"
استُلهمت تجربة "مسرح المضطهَد" في المسرح العربي، بل حاول بعضهم استنباتها في مناخات محلية. نجد أثر هذه التجربة أيضاً في مسرح الهواة في المغرب، حيث أن بساطة التقنيات التي يقترحها بوال في مسرحه تتيح لها التمدّد بعيداً عن المحترفين، هذا من دون أن ننسى حضورها في تجارب مسرحية مغربية حاولت "مَغرَبة" منظوره للتغيير والتحرّر وتشكيل جبهة الممانعة.
كان المسرحي محمد أمين بنيوب قد أثار مسألة جوهرية في تعريف المسرح كمؤسّسة اجتماعية لتشخيص القضايا المجتمعية، وطرح إشكالات جوهر الإنسان، حيث يُعتبر المسرح أرقى ممارسة للنضال الديمقراطي، استطاع أن يبلور منظومة تفكير تخصّ جوهر الإنسان ليظلّ السؤال: هل المسرح ضرورة اجتماعية في المغرب والعالم العربي؟
إذا كان بوال قد حاول تجاوز المنحى الأرسطي لإيمانه بضرورة تحفيز نزعة التغيير عند المتفرّج، فإن السؤال الذي يُطرح اليوم ومع تداعيات "الربيع العربي" والأوضاع السياسية الحالية، هو: كيف يُمكن للمسرح العربي استعادة "مسرح المضطهَد"؟ ووفق أية رؤية؟ ألا يجيب هذا المسرح على جزء من إشكالات المسرح العربي اليوم في اختياراته الجمالية؟ لكن، هل استطاع العالم العربي أن يبلور فرجته الخاصة التي تستجيب لإشكالات الواقع المجتمعي؟
لعلّ أهمّ ما يطرحه مسرح بوال هو توفيره الإطار الفني لتجاوز منطق "الخضوع" الذي نظر به البعض للمسرح، وحتى ميوله التحريضية تبدو قادرة على استحضار فعل مسرحي تنويري، وهي عناصر تبلورت جمالياً ومسرحياً بأشكال مختلفة في بلادنا بطريقة عفوية، إذ نعثر عليها في تجارب "مسرح الشارع"، والتي تنامت في المغرب السنوات الأخيرة، وفي الاشتغال على تقنيات الارتجال للتعبير عن قضايا راهنة وإيجاد صيغ جديدة للعرض المسرحي خارج أطر العُلبة.

استيراد أوغستو بوال

يوازي جميع خطوات المسرحي البرازيلي أوغستو بوال في تطوير فكرته "مسرح المضطهَد" اشتغالٌ نظريٌّ تبلور في قرابة 15 مؤلّفاً من بينها "تقنيات لاتينو- أميركية لمسرح شعبي" و"مسرح المضطهد وسياسات شعرية أخرى" و"الانتحار عبر الخوف من الموت" و"قوس قزح الرغبة". لعلّ محاولات تأصيله العربية تتغافل عن هذا الجزء المكتوب، وبالتالي فهي ربما تأتي بالجانب التقني وحده، ووقتها سيظلّ مجرّد "منتج مستورد".

----------------------------------------------------------
المصدر : العربي الجديد 

اختتام فعاليات مهرجان مسرح الطفل باللاذقية

مجلة الفنون المسرحية


اختتام فعاليات مهرجان مسرح الطفل باللاذقية

اختتمت في محافظة اللاذقية اليوم فعاليات مهرجان مسرح الطفل الذي بدأ في الحادي والعشرين من الشهر الجاري حيث تم عرض مسرحية “بلد الياسمين” لفرقة “اليسار” المسرحية على مسرح دار الأسد للثقافة بالتزامن مع عرض مسرحية “طبوش والعسل المغشوش” على المسرح القومي بمدينة اللاذقية.
وأكد مدير الثقافة باللاذقية مجد صارم في تصريح لـ سانا أن المهرجان يعكس أهمية دور الثقافة في حياة المجتمع والحرص على تقديم أعمال فنية مميزة للأطفال خلال العطلة الانتصافية بما يمكنهم من البقاء قريبين من المراكز الثقافية والاطلاع على الأنشطة التي تقام فيها كمكتبة الأطفال ومجلة اسامة ومركز الفنون التشكيلية.
وأوضح أن المديرية افتتحت في دار الأسد للثقافة بالتزامن مع المهرجان معرضا فنيا لرسومات أطفال في مركز الإبداع الفني ليتسنى لأكبر عدد من الأطفال متابعة الأعمال الفنية لاقرانهم بما يسهم في تشجيع الموهوبين من الأطفال.
بدوره أشار مدير المسرح القومي باللاذقية الفنان حسين عباس في تصريح مماثل إلى أن المهرجان يكتسب اهمية خاصة لدى الأطفال وذويهم لما يتضمنه من عروض مسرحية ونشاطات مميزة وتزامنه مع العطلة الانتصافية حيث يقدم لهم التسلية والمتعة والفائدة وفرصة التعرف عن قرب على المسرح لافتا إلى أن إدارة المهرجان حرصت على تقديم عروض نوعية ومميزة للأطفال.
ورأى سلمان شريبة مخرج مسرحية “طبوش والعسل المغشوش” أن المهرجان يسهم في تفعيل الحركة الثقافية الفنية وفرصة للعائلة والأطفال معا لحضور عروض مسرحية حيث تعمل وزارة الثقافة على تقديم عروض مجانية هادفة ومميزة بشكل سنوي لجمهور المهرجان.
من جهته اعتبر المخرج هاني محمد مخرج مسرحية “البحث عن بابانويل وفلة” أن الحضور الجماهيري الكبير الذي شهدته فعاليات المهرجان مؤشر على “أاهمية الثقافة في حياة السوريين ورغبتهم بمرافقة أبنائهم الى المسرح ليتذوقوا الفن” لافتا إلى أن مسرحية “البحث عن بابانويل وفلة” تحمل رسالة المحبة والسلام والعطاء والتاخي التي ترمز لها شخصية “بابانويل”.
مخرج مسرحية “بلد الياسمين” الفنان نضال عديرة أكد أن المهرجان حقق هدفه من خلال الحضور الكبير حيث شكل عامل فرح للأطفال مشيرا إلى أن المهرجان يمثل فرصة للتفاعل واللقاء بين المخرجين والممثلين للاستفادة من تجارب الآخرين فضلا عن الفائدة والمتعة التي يقدمها للأطفال.
وأوضح أن مسرحية “بلد الياسمين” تعكس الواقع الذي يعيشه السوريون حيث تتحدث عن بلد يحيي عيدا للياسمين يتم فيه توزيع الورود والألعاب على الأطفال وعقب العيد يحل به غرباء يحاولون السيطرة عليه فيحدث الصراع بين الخير الذي يمثله أصحاب الأرض وبين نقيضه المطلق الشر وما يمثل من مدعين وأمام تدخل أحد الحكماء يطلب من الطرفين رسم لوحة تعبر عن حبهم لوطنهم فيرسم أصحاب الأرض خريطة سورية محاطة بالياسمين وفيها كل مكونات الوطن تحت العلم الوطني في حين تمثل اللوحة الثانية الدمار والحرب.
وأوضحت نائب رئيس جمعية أسرة مسرح الطفل في اللاذقية منال نقار أن المهرجان كظاهرة سنوية تقيمها وزارة الثقافة يسهم في زرع البسمة على وجه كل طفل ويهدف إلى استقطاب الأطفال في العطلة الانتصافية مشيرة إلى أن الجمعية حضرت هذا العام بالمهرجان من خلال العرض المسرحي “البحث عن بابانويل وفلة”.
يشار إلى أن وزارة الثقافة تقيم مهرجان مسرح الطفل في الوقت نفسه بعدة محافظات حيث اقامت دورته الحالية في دمشق وحلب وحمص والسويداء وطرطوس وحماة واللاذقية والحسكة ومدينتي مصياف والقامشلي خلال الفترة من الـ 21 وحتى الـ 28 من الشهر الجاري ويترافق المهرجان مع مجموعة من الأنشطة الموازية التي تتضمن معرض دمى وورشات رسم وبوسترات خاصة بمسرحيات الأطفال القديمة.
-----------------------------------
المصدر : سانا

'حبلى' تستنجد بالكوميديا لنقل هموم المرأة الحامل الى المسرح

مجلة الفنون المسرحية


'حبلى' تستنجد بالكوميديا لنقل هموم المرأة الحامل الى المسرح


المسرحية اللبنانية ترافق ثلاثينية قلقة جدا بسبب رغبتها ان تعيش ابنتها المستقبلية حياة مختلفة عن حياتها مليئة بالمغامرة والحرية.

داخل إطار كوميدي مفرط يتوسل المبالغة الطريفة ليخدم اللعبة الفنية انطلقت في العاصمة اللبنانية عروض مسرحية "حبلى" التي تصور هموم المرأة في مختلف مراحل حياتها وصولا إلى مرحلة الحمل والأسئلة الوجودية المنبثقة منها.

المسرحية من كتابة وإخراج غبريال يمين وبطولة الممثلة اللبنانية ندى أبو فرحات التي تطل في الحقيقة على خشبة فسحة "مترو المدينة" الفنية في شارع الحمراء التاريخي وهي حامل بشهرها الخامس.

توضح النشرة التي يتم توزيعها في المسرح "أنها كوميديا سوداء تلقي الضوء على حياة كل فتاة ولدت ونشأت ودرست وعملت وتزوجت وحملت ولا تدري حتى الآن إن عاشت حياتها أم لا".

وعن شخصية "كلير" المحورية في العمل تقول النشرة "هي إمرأة في أواخر الثلاثينات عاشت حياة بسيطة عادية في كنف عائلة تقليدية ومتعلمة تزوجت متأخرة قبل أن يفوتها القطار وهي الآن حامل للمرة الأولى بشهرها الخامس.

إنها قلقة جدا على نفسها وعلى طفلتها الموجودة في رحمها. تريدها أن تبصر النور وتكمل حياة مليئة بالمغامرة والحرية والجمال دون تعقيدات المجتمع التي مرت بها هي نفسها عبر سنين طويلة جعلت منها إمرأة متقوقعة منعزلة بالرغم من انفتاحها الفكري واستعدادها لتغيير ما فرض عليها من قبل عائلتها وأصدقائها".

يروي غبريال يمين أن فكرة العمل غير التقليدية تعود لندى أبو فرحات التي عبرت له قبل فترة قصيرة عن رغبتها في اعتلاء خشبة المسرح وهي حامل.

ولكن الممثلة أرادت أن تطل على الجمهور من خلال قصصها الشخصية وأن تعالج أمام الجمهور تلك الانفعالات التي تتفجر خلال فترة الحمل ولا تقدر المرأة الحامل أن تكظمها نظرا لتلاعب الهورمونات في الجسد.

يمضي يمين قائلا "عارضت شخصيا هذه الفكرة وأكدت لها أن اعتلاء الخشبة من خلال قصصها الخاصة سيضع زوجها وعائلتها الكبيرة والأصدقاء في حياتها تحت المجهر كما أنها ستعرض حميمية يومياتهم أمام الآخرين وربما أزعجهم هذا التفصيل وجعلهم يشعرون بعدم ارتياح".

ولهذا السبب خلق يمين شخصية "كلير" التي مرت بعلاقات غريبة تفوق التصور بعض الأحيان حتى كادت تصبح مهزلة كوميدية في حياة إمرأة ومفروضة عليها.

وقال يمين "عملت جاهدا لكي تكون الأجواء خلال التمارين مريحة لا بل مضحكة وطريفة. أثناء العمل وأقصد هنا أي عمل وإن كان تراجيديا في مضمونه المطلوب أن يكون الممثل سعيدا ومرتاحا ويعيش لحظات حقيقية من الإبداع الفني الخالي من الاضطرابات".

وقالت ندى أبو فرحات "تمكن غبريال من أن يقنعني بوجهة نظره لاسيما وأنني في الحياة العادية إمرأة مرتاحة جدا مع ذاتي ومنفتحة إلى أقصى الحدود وربما كانت نوادري الصغيرة مملة وباهتة بعض الشيء إذا ما أطليت من خلالها إلى الجمهور الذي سيتفاعل حتما بشكل أقوى مع حياة أكثر تعقيدا وأكثر شربكة".

وقبل أن يستهل يمين كتابة النص جلس لساعات طويلة مع أبو فرحات ليفهم مرحلة الحمل من منظار إمرأة كما طلب من زوجته أن تنقل إليه بعض أحاسيس عائلتها خلال فترة حملها بنجلهما.

تمضي أبو فرحات قائلة "التمرينات كانت أقرب إلى علاج نفسي بالنسبة إلي. إذ تمكنت من أن أضع كل التناقضات الداخلية التي تعيشها المرأة الحامل داخل إطار التمرينات. أحيانا كنت أجهش بالبكاء فجأة وعندئذ كان غبريال يقول لي بهدوء: الآن هو الوقت المناسب لا بل الأفضل للتخلص من هذه الأحاسيس المفرطة. عندما يحين الوقت لإعتلاء الخشبة المطلوب ألا تتأثري بل هو الجمهور المدعو إلى التفاعل معك ومع القصص والنوادر".

يشاطر أبو فرحات الخشبة كل من أسامة العلي وزينب عساف وجويس أبو جودة. وعن هذه الشخصيات التي تشاهدها كلير وحدها ولا تعيش خارج رأسها تقول أبو فرحات "كلير ترى كل شخصية بطريقة مبالغ بها وأقصد بذلك بأسلوب كاريكاتوري".

انطلق العرض الأول مساء الأحد الماضي وأقبل العشرات على فسحة "مترو المدينة" الحميمية في اطلالتها ولم يتمكن كثيرون من مشاهدة العمل نظرا للعدد الهائل من الناس الذين سمعوا الكثير عن المسرحية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ومختلف الوسائل الإعلامية قبل العرض الرسمي بأسابيع طويلة ورغبوا تاليا في رؤية ندى أبو فرحات وهي تمثل خلال حملها.

قال كريستيان أبي نادر (25 عاما) في نهاية العمل "لم أضحك بهذه القوة منذ فترة طويلة. كل هذه النوادر والأحاسيس وهذا الجنون اللذيذ في عمل واحد؟ مسألة جميلة".

------------------------------------------
المصدر : ميدل ايست أونلاين

الانتقائية في تجربة سامي عبد الحميد المسرحية

مجلة الفنون المسرحية

الانتقائية في تجربة سامي عبد الحميد المسرحية

عبد الخالق كيطان

في الكثير من الأحاديث الجانبية مع الأستاذ سامي وجدته يركز على مفهوم يسميه: المسرح الانتقائي، وفي حوار طويل معه أجريته قبل سنوات أشار الأستاذ سامي الى تجربته بوصفها رائدة في هذا المجال، وأذكر أنه تحدث عن تجربة الفنان الراحل عوني كرومي بالصيغة ذاتها… واليوم، يعود الأستاذ للحديث عن المسرح الانتقائي في كتابه الجديد: نحو مسرح حي (بغداد 2006)… فما هو المسرح الانتقائي في فكر سامي عبد الحميد؟
يرى الأستاذ عبد الحميد أن الانتقائية تدعو إلى تعدد الابتكارات وإلى توسيع الخيال وفسح المجال للتجريب، وفسح المجال للتبسيط والاختزال وللتحول من التخصيص إلى الإعمام. ويواصل حديثه بالقول أن الانتقائية تحرر المخرج من قيود البناية المسرحية التقليدية.
وهو في مقاله الموسوم: الانتقائية هي الأرجح (الفصل الثاني من الكتاب) يقرر سلفاً، كما هو واضح من العنوان بأن المنهج الانتقائي الذي يدعو إليه يطلق العنان لابداع الفنان مما يجعله يتنفس أنسام الحرية، وهي جملة شعاراتية لا تؤسس حقيقة للمشروع الذي يريده هو شخصياً بالرغم من سياحته القصيرة على تجارب مخرجين أجانب عدهم البحث ضمن الرؤية الانتقائية..
يريد الفنان عبد الحميد بدعوته هذه التقعيد لتجربته الممتدة على مدى أكثر من نصف قرن، وهو المخرج المجرب الذي جالت مسرحياته المناهج المختلفة ولم تستقر على منهج بعينه، وهو في مقاله الطويل يذهب إلى المقارنة مع تجربة الفنان الدكتور صلاح القصب، صاحب مسرح الصورة المشهور، بوصفها تجربة أسلوبية ثابتة.. ونحن نعرف أن الأسلوب يؤدي إلى النمط والنمط معناه قبر التجريبي.
لقد تعامل الأستاذ عبد الحميد مع نصوص أجنبية وعربية ومحلية مختلفة، وكان في كل تجربة جديدة له يريد ابتكار رؤية إخراجية تناسب الظرف السياسي العراقي المشحون طيلة القرن الماضي، فهو كالماشي على حقول جمر، فتراه يوماً يميل إلى الواقعية، ومرة إلى التعبيرية ومرة إلى الرمز والكلاسيكية وهكذا.. وعلى صعيد التمثيل أيضاً كانت اسهاماته تتقلب حسب الأدوار التي يلعبها، وإذا كان الأمر مقبولاً بدرجة كبيرة في فن الممثل، على اعتبار أن الممثل صانع أوجه ماهر، فأنه لأمر مختلف حقاً في الإخراج، من دون أن نسقط في فخ الترويج للأسلوب الثابت المكرر.
لا تعني الانتقائية في تقديرنا التقافز بين المناهج المختلفة، بل تعني مطابقة العروض للضرورات، وقد نختلف في توصيف الضرورات، ولكننا سنتفق حتماً في أن لكل عرض، انتقائي بلغة عبد الحميد، شروطاً وظروفاً محيطة ما يبعد العمل عن فكرة المسرحة لصالح أفكار أخرى.. فعبد الحميد مثلاً عندما يشتغل مع طلبة الأكاديمية هو ليسه الذي يعمل مع المحترفين في الفرقة القومية، وعندما يقوم بإخراج مسرحية حدث موسمي هو ليس عبد الحميد الذي يقلقه مشروع مسرحية فيستغرق من وقته وفكره وجهده الكثير.. هكذا يبدو تنقله بين الأشكال المسرحية في الكثير من الأحيان محاولة للإمساك بنحو عصي ومستفز، وبالضرورة خاضع لاشتراطات ما حولية..
تجربة مثل تجربة الفنان عبد الحميد، وعلى هذه الرقعة الزمنية الطويلة، وبكل معاصرتها لأجيال من التجارب والاتجاهات المسرحية المختلفة ليست بالنتيجة تجربة عابثة أو غير مدروسة، فهو حينما يقدم عملاً بتوقيع مؤلف جديد، أو شاب، مبتدئ في المسرح، فإن النزعة التربوية هي التي تتحكم بعمل من هذا النوع، وعبد الحميد، كما نعرف هو أستاذ الدراما في أكاديمية الفنون الجميلة على مدى عقود، فما يمكن تسميته بالمهنة(التدريس) يقع في صلب يومياته التي اعتاد عليها هذا العمر الطويل.. وهذا ما قصدناه قبل سطور في حديثنا عن مطابقة الضرورات.
الأمر نفسه ينطبق على المخرج عندما يخوض في تجربة مختبر مسرحي مع مجموعة من المجربين، تراه في مثل العروض التي تنتجها تلك المختبرات يفكر بعقلية مجرب شبابي لا يأبه كثيراً للمتلقي واشتراطاته، ولا لتنظيرات النقاد واشتراطاتهم.. هنا أيضاً يكون عبد الحميد قاصداً في تجربته مطابقة الضرورات.
هل على المخرج المسرحي في ضوء ذلك أن يكون انتقائياً؟؟
إن جوهر ما يدعو إليه الأستاذ سامي عبد الحميد يقع في ضرورة أن لا يتوقف المخرج المسرحي عند مشروع بعينه، بل عليه أن يتنقل في عروضه بين المناهج والرؤى الإخراجية التي تطابق ضرورات تلك العروض.. ولا يؤمن الأستاذ بالعروض التي يخضعها مخرجوها إلى رؤية قبلية مما يمنحها سمة التكرار، كما يعتقد.
والأسلوب الثابت يؤدي إلى التكرار، هذا صحيح جداً، ولكننا لا نستطيع الإمساك بهذا الأسلوب في تجارب متحركة كما هي الحال في تجارب صلاح القصب، التي أرادها عبد الحميد انموذجاً لنمطية الأسلوب مقابل لا نمطيته عن الانتقائيين، ولو كانت تجارب القصب نمطية لما غامر أستاذنا، مثلاً، وشارك في الكثير منها ممثلاً برؤيته الشخصية التي جاءت لتكمل رؤى المخرج..
إن ما يمكن اعتماده مثلاً للنمط المميت بالمعنى الذي يريده عبد الحميد ينطبق على العشرات من النماذج المسرحية العراقية التي لا يذكر منها اليوم سوى تجربة واحدة أو تجربتين لافتتين، كما هي الحال مع الراحل عوني كرومي.. وبعيداً عن لغة الرثائيات الرخيصة وقريباً من الدقة العلمية فإن أثر كرومي المسرحي لا يتجاوز مسرحية: الإنسان الطيب، وترنيمة الكرسي الهزاز، ومحاولات أخرى لم تستطع بمجملها أن تؤسس لها خطاً إخراجياً يستطيع أن ينتج متأثرين في أقل تقدير.. يبدو أثر الدكتور عوني كبيراً في طلبته وزملائه من جهات أخرى، التدريس مثلاً، وجوانب حياتية شجية ليس مكانها هذا المقال.
وإذ يعتقد الأستاذ سامي بأن تجربة عوني كرومي الإخراجية كانت انتقائية فلأن الأخير تنقل هو ايضاً بين أكثر من منهج وأسلوب، ولكن اليوم، ونحن على وشك إسدال الستار على العقد الأول من القرن الواحد والعشرين فإننا نستطيع وبهدوء أن نذهب بتلك العروض إلى المتحف من دون عناء يذكر في الوقت الذي نكثر فيه من الجدال بخصوص تجارب صلاح القصب الواقعة في النمط الذي أشار إليه الأستاذ عبد الحميد..والسؤال الآن: هل ينطبق ما ذكرناه على تجربة الفقيد عوني كرومي على تجربة الأستاذ سامي عبد الحميد؟
نستطيع الإجابة بوضوح شديد بأن الأمر مختلف كلياً.. لقد ظلت أعمال الأستاذ سامي المتناقضة في أشكالها تعبر عن تجريبية عراقية حائرة طبعت حياة العراقيين، وأقصد الحيرة، طوال أكثر من نصف قرن بسبب التقلبات السياسية العراقية المجنونة والتي دفع ثمنها العراقيون بشتى شرائحهم، وبالتالي فإن ما نراه اليوم، على سبيل المثال من عقم في المشروع الثقافي العراقي هو بلا شك نتيجة حيرة العقود الماضية.. حيرة لم يفلت منها عقل كبير مثل عقل الأستاذ عبد الحميد، ما دفعه للبحث عن مناطق أخرى لتحقيق أحلامه المسرحية الكبرى فكانت إسهاماته المؤثرة في مجالات: البحث، التدريس، النقد، التنظير، التمثيل والإخراج المسرحي.. وذلك لم يتحقق لمخرج مسرحي عراقي كما تحقق لعبد الحميد دون سواه سواء من جيل الريادة الأول أو الثاني أو أجيال ما بعد الريادة.
تنقلات عبد الحميد بين المناهج المسرحية وفق هذا التصور كانت ضرورية بالنسبة للأجيال التالية من المخرجين، فهي تنقلات كانت بمثابة تنقلات جنود المشاة بحثاً عن حقول الألغام من أجل تمهيد الطرق لأرتال من الجنود القادمين.. كان سامي عبد الحميد يحاول في تجاربه المتعددة أن يكتشف ضمن منطق الضرورات آنف الذكر مناطق جديدة لم تكتشف من قبله، ولعل تجارب من قبيل: هاملت عربياً، المفتاح، تموز يقرع الناقوس، بيت برناردا ألبا، ثورة الزنج، إلى إشعار آخر، عطيل في المطبخ ألخ تعد اليوم علامات مهمة في تاريخ مسرحنا العراقي، وكل علامة من تلك العلامات كانت قد اشتغلت، ضمن نظم الأداء الصوري الإخراجي، على أشكال ورؤى قد تكون متناقضة، وهي كذلك حقاً، ولكن ما يربطها جميعاً هو ذلك الإصرار القوي عند الأستاذ عبد الحميد في العيش على الخشبة، لا جوارها، ولا أمامها، ولا خلفها… بل على الخشبة فقط.

--------------------------------------------
المصدر : الصباح الجديد 

السبت، 28 يناير 2017

مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي دعوة مشاركة 20-30 سبتمبر 2017

مجلة الفنون المسرحية

مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي دعوة مشاركة  20-30 سبتمبر 2017

مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي

                                 دعوة مشاركة
              20-30 سبتمبر 2017
الموعد النهائي لتلقي طلبات المشاركة 30 مايو 2017
يعلن مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي عن فتح باب التقدم للمشاركة في دورته  الرابعة والعشرين
والتي تنعقد في القاهرة في الفترة من  20 إلي 30 سبتمبر 2017 .
المهرجان تنظمه وزارة الثقافة المصرية ، وهو غير تنافسي ويهدف إلي خلق حالة من التواصل والحوار بين مختلف
الشعوب والجماعات عن المسرح وأشكال الأداء ، إضافة إلي تعريف الجمهور في مصر والمنطقة العربية بأحدث
 التيارات في المشهد المسرحي الأولي ، وإتاحة نافذة يطل منها المسرحيون حول العالم علي أحدث تطورات المشهد
 المسرحي في مصر والبلاد العربية .
يقدم كل عرض مشارك عرضين علي الأقل ، ويجوز للمهرجان في تنظيم ليالي عرض إضافية خارج القاهرة بعد
 التنسيق مع مسئولي الفرق المشاركة .
يتحمل المهرجان نفقات الإقامة كاملة والانتقالات الداخلية بحد أقصي 15 فرداً للفرقة الواحدة ، وتتحمل الفرقة المشاركة
 نفقات تذاكر الطيران ذهاباً وعودة وشحن المهمات والمعدات المسرحية الخاصة بالعرض المسرحي .
علي الراغبين في التقدم تعبئة نموذج طلب مشاركة مصحوباً برابط فيديو كامل للعرض ( بدرجة نقاء عالية الصورة والصوت)
 علي جوجل أو يوتيوب علي الموقع الرسمي للمهرجان cifcet.gov.eg
علماً بأن إدارة المهرجان تقوم بتشكيل لجنة مشاهدة واختيار للعروض التي يتم قبول مشاركتها .
وان الموعد النهائي لتلقي طلبات المشاركة 15 فبراير 2017
علي العنوان التالي :
مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي
مبني قطاع شئون الإنتاج الثقافي – ساحة  الأوبرا – الجزيرة – الجيزة
جمهورية مصر العربية

ماريو باسيل مع "ماريوكا" وضد فن الرايتينغ... ولماذا فشلت علاقته العاطفية؟

مونودراما البلياتشو توليف ضرغام عبد الرحمن عن مسرحية "العبرة في النهاية لوليم شكسبير

الجمعة، 27 يناير 2017

طبعات جديدة من أعمال رائد المسرح العربي «توفيق الحكيم»

مجلة الفنون المسرحية

طبعات جديدة من أعمال رائد المسرح العربي «توفيق الحكيم»

في سعيها لتوفير طبعات جديدة من أعمال رواد الفكر والثقافة والأدب في مصر والعالم العربي، أعادت دار الشروق طرح طبعات جديدة من خمسة أعمال لرائد فن المسرحية ومؤصلها الأول في الثقافة العربية؛ توفيق الحكيم (1898 - 1987)
الكتب الخمسة (بترتيب نشرها زمنيا): «أهل الكهف» (مسرحية 1933)، «يوميات نائب في الأرياف» (رواية 1937)، «عصفور من الشرق» (رواية 1938)، «الملك أوديب» (مسرحية 1949)، «عصا الحكيم» (مقالات 1953).

مسرحية «أهل الكهف» (أول مسرحية يكتبها توفيق الحكيم) من أروع ما كتب، وهي بإجماع مؤرخي الأدب ونقاده، أول مسرحية عربية في العصر الحديث بالمعنى الفني الكامل لمفهوم "المسرحية"، عنها يقول الكاتب الكبير بهاء طاهر: "كانت «أهل الكهف» مدخل جيل بأكمله إلى الفن الدرامي ـ جيل عرف الدراما عن طريق القراءة قبل أن يعرفها علي خشبة المسرح. ففي الأربعينيات وأوائل الخمسينيات لم يكن للحياة المسرحية وجود حقيقي. وكانت هذه القطع الأدبية الجميلة تلهب خيالنا باعتبارها نماذج سامية لفن مفقود".

أما روايته «يوميات نائب في الأرياف»، فواحدة من أشهر روايات الأدب العربي الحديث، عالجت واقع الريف وحياة الفلاحين، في النصف الأول من القرن العشرين، وما يتعرضون له من ظلم وإهمال في ظل الجهل والفقر والمرض. عقب صدورها بوقت وجيز للغاية، ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية، وبسببها أطلق على توفيق الحكيم لقب "ديكنز النيل".

وبصدور «عصفور من الشرق» عام 38، أضاف توفيق الحكيم ريادة جديدة إلى رياداته السابقة، بعد أن رسخ دوره كأحد آباء الرواية العربية والأب المؤسس لفن المسرحية، بأسلوبه السهل الممتنع، وقدرته المذهلة على الوصف والتصوير، فضلا عن الحوارات التأملية الشائقة التي برع في إنشائها.

ثم تأتي مسرحية «الملك أوديب» التي استعاد فيها توفيق الحكيم الأسطورة اليونانية الشهيرة؛ "أوديب" الباحث عن حقيقته، فكُتب عليه أن يخوض مسارًا مقدورًا يقتل فيه أباه ويتزوج أمه، وحينما يدرك مأساته يفقأ عينيه!

أما «عصا الحكيم» فمجموعة مقالات أدبية شائقة، نشرت متفرقة فيما بين 1946 و1951، رصد خلالها الحكيم بعينه الراصدة وأسلوبه السهل الرشيق، وصياغته الدقيقة، بعضا من المشكلات الاجتماعية والسياسية والإنسانية التي عاناها مجتمعنا المصري والشرقي في منتصف القرن الماضي. المدهش أن بعد ما يقرب من 65 عاما على نشر هذه المقالات تبدو المشكلات التي رصدها الحكيم وكتب عنها قائمة بذاتها كما هي تنظر إلينا وتبتسم في سخرية!

---------------------------------------
المصدر : الشروق 

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption