أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأربعاء، 8 فبراير 2017

مفهوم الفوضوية وتطبيقاتها في العرض المسرحي العراقي

مجلة الفنون المسرحية

مفهوم الفوضوية وتطبيقاتها في العرض المسرحي العراقي

سيف الدين عبد الودود عثمان
جامعة البصرة/ كلية الفنون الجميلة

الملخص 
يقوم بحثي الموسوم بـ( مفهوم الفوضوية وتطبيقاتها في العرض المسرحي العراقي) على استعراض لمفهوم الفوضوية في المنظور الفلسفس بعرض مكثف لاراء ابرز الفلاسفة بعرض مكثف لاراء ابرز الفلاسفة، وهم : وليم غوردن ، وماكس شترنز ، وبيار جوزيف برودون، وميشال باكونين ثم التخصصي المرتبط بفنون الاخراج المسرحي ، من خلال عرض اهن الافكار التي عرضها كبار المخرجين العالميين، ابرزهم : أندريه انطوان ، وجوليان بيك، وريتشارد فاغنر، ومن ثم عرض البحث هيكلية المنهج واجراءات البحث ، ثم اهم النتائج والاستنتاجات والتوصيات والمقترحات .
الكلمات المفتاحية: الفوضوية ، العرض المسرحي، الابداع.
Abstract
The research is marked by (the concept of anarchism and its applications in the Iraqi theater) on the review of the concept of anarchism in the foreseeable Filsevs display intensely to the views of the most prominent philosophers display intensely to the views of the most prominent philosophers, they are: William Gordon, Max Strnz, and Pierre Joseph Proudhon, and Michel Bakunin then associated with the art of directing Specialist theater, through the presentation of Ahn ideas presented by top international directors, the most prominent: Andre Antoine, and Julian Beck, and Richard Wagner, and then display the structure of the curriculum research and research procedures, then the most important findings, conclusions and recommendations and proposals.
Key words: chaotic, theatrical presentation, creativity.
1- مشكلة البحث:تناول عدد كبير من المفكرين والفلاسفة مفهوم (الفوضوية) عبر مراحل متنوعة ومتغيرة، على اختلاف وتنوع الأساليب في تناولها على وفق الفترات الزمنية المتغيرة، فهو من القضايا المهمة في بناء مذهب له أبعاد الفكرية والجمالية والفلسفية.
     إن لمفهوم الفوضوية تشعبات عدة تتخللها أبعاد من الغموض والفوضى،كله يرجع إلى كتاب الفوضوية الذين نظروا إليها بوجود فوارق كبيرة في تنظيراتهم الجمالية والفلسفية.
     إن انقياد المجتمع القديم أدى الى بلورة سياق جديد يكمن فيه الاعتماد على الجماعة من خلال دعوتها إلى تدمير الدولة للوصول إلى الفوضى ليتم تشكيل مجتمع جديد مختلف عن السابق.
     وهنالك بعض الدلائل على ظهور الفوضوية لدى الإغريق وحتى الصينيين،وذلك يرجع إلى تحديات السلطة من خلال الخلفيات السياسية والفلسفية الذي نسعى إلى تسميته ب(الموقف المبدئي للفوضوية) .
     إن تشكيل أفكار الفوضوية يرجع إلى المواقف من الدولة والمؤسسات للوصول إلى مفهوم الحرية ضمن مقاومة الدولة التي تسعى لأسلوب الإنتاج الأكبر ، حتى تطمح إلى الرقي و المحافظة على الملكية الفردية وهو أمر يؤدي إلى رفض كل صور السلطة المنظمة ، سواء  كانت اجتماعية أو سياسية أو دينية معتمده على أنها غير ضرورية ولا توجد فيها الرغبة لذلك أدى ذلك بالفوضوية إلى التسويف الذي يعد من علاماتها المهمة .
    ولم تظهر الفوضوية بوصفها مذهبا إلا في القرن التاسع عشر وذلك بالتوافق مع ظهور الاشتراكية والحرية ، وأصول الفوضوية ترجع إلى بدايات الثورة الفرنسية في عام 1798م ، حتى أصبحت للفوضوية أشكال ومظاهر مختلفة منها (الفوضوية المسيحية ، الفوضوية الفردية ،..) للانطلاق نحو الحرية الفردية في تنظيم المجتمع .
    فاختلفت التطورات والانبعاث لمفهوم الفوضوية على المستوى الجمالي والفلسفي عبر التاريخ ليرجع إلى توجهات الواحدة عن الأخرى أي أصبحت هنالك اختلافات في تناول الفوضوية ، حتى توصل إلى بعض المبررات لسن قوانين ذات صياغات تنظيمية واضحة ، وصولا إلى تنوع الفوضوية وذلك يرجع الى طريقة كل فيلسوف في تناولها وتركيبها بحسب ما تراه رؤيا الخاصة ، فأنتج ذلك تشعب مفهوم الفوضوية لتصبح له عدة اتجاهات وانساق بحيث لا يكون له أي استقرار فكري أو ذهني.
     أصبح المسرح له انساق الفوضوية في العملية الإخراجية وذلك من حيث تخبط المخرج في الرؤية وطريقة المعالجة ومدى قدرته وتعامله مع عناصر العرض المسرحي وفق توظيفها بأشكال متفاوتة لا تحمل أية معان أو دلالات لتصل إلى التشعب الذهني والفكري غير المدروس وخاصة في ظهور مدارس أو مذاهب أو تيارات عدة عززت مضمونها للفكر الفوضوي في العرض المسرحي وكذلك لانتشار الثقافات ضد الدولة وبقيام الثورات وبنسق الدولة ولظهور مجتمع جديد كان أوليات البناء الفوضوي وخاصة تحرير الفرد من المجتمع وكان أثرها في المسرح ولا سيما (المسرح الحر) .
    إن اشتغال المخرج المسرحي يرجع إلى تيارات مثل الدادائية والمستقبلية وغيرها ليتمكن من الوصول إلى أنساق الفوضوية بكل عناصر العرض المسرحي ، وقد كان للمخرجين العالميين ابلغ الأثر في تشكيل الفوضوية مما أدى إلى إنتاج بعض المسارح للإيحاء بالفوضوية وبالأخص في ( المسرح الحر) الذي كان يسعى إلى الثورة وتهديم كل الأطر الفنية والاجتماعية للمجتمع والدولة ومن ذلك اختلاف المخرجين في تعاملهم مع الفوضوية وطريقتهم في التعامل مع عناصر العرض المسرحي وبشكل يلائم الفضاء المسرحي ، ليؤدي إلى تنوع مفهوم الفوضوية وتطبيقها بالعرض المسرحي.
    وجد الباحث من الضروريات دراسة الفوضوية وطريقة تشكيلها في العرض المسرحي وصياغة التساؤل الآتي: هل بالإمكان دراسة مفهوم الفوضوية ؟ وكيف تطبق في العرض المسرحي ؟
2- أهمية البحث والحاجة إليه:تتجلى أهمية البحث في انه يتعرض لدراسة الفوضوية وكيفية تطبيقها في العرض المسرحي  ويمكن تلخيص الحاجة التي يبحث فيها البحث في الآتي :
ا- استفادة الطلبة والمخرجين في كليات الفنون الجميلة في التمعن لمفهوم الفوضوية ومدى انعكاسها على العرض المسرحي.
ب- إسهام المتخصصين في مجال الإخراج المسرحي في تطوير قدراتهم الذهنية والفكرية والجمالية والفلسفية.
3- هدف البحث:يهدف البحث إلى التعرف على مفهوم الفوضوية وتطبيقاتها في العرض المسرحي العراقي .
4- حدود البحث:
1- الحد الموضوعي: يتمثل الحد الموضوعي للبحث بدراسة مفهوم الفوضوية وتطبيقاتها في العرض المسرحي العراقي .
2- الحد الزماني : 2009 .
3- الحد المكاني:العروض المسرحية المقدمة  ب(المهرجان المسرحي العراقي الأول) لكلية الفنون الجميلة،جامعة بابل .
5- تحديد المصطلحات:
الفوضوية Anarchism: تعرف الفوضوية بأنها( نظرية سياسية تطالب بالحرية المطلقة، وهي تعتقد أن الدولة في عرف أصحاب هذه النظرية تمثل الشر الأعظم،وكل قهري مماثلة) .
   فقد تطرق لها جلال الدين سعيد بأنها( تنبني على رفض الدولة وعلى مشروع تأسيس مجتمع من نظر المشاعة الأملاك ونظر الطيب الإنسان الأصلي ونزوعه جهاز دولة متعال، ليردع بعضهم عن بعض) . ويرى شالوت سيمور-سميث بأنها(تقسيم الفوضوية كفلسفة سياسية برفضها للدولة التي تعدها شرا في جوهرها . ويرى الجناح اليميني من الفوضويين أن يحل المشروع الحر محل الدولة ليؤدي وظائفها في إطار الملكية الخاصة والحرية الفردية.أما الجناح اليساري فيحبذ الكيانات الجمعية بديلا عن الدولة) . وذهب جيل فيريول إلى أنَّ هذا المصطلح ينطوي (معنى آخر يرتكز على مفهوم التنظيم ويعود الى نوع من الانتحار لا يرتبط – ضمن مجال الصناعة والتجارة – بنظام قمعي، وإنما يرتبط بتصاعد الرغبة والشغف وبعدم تحديد الأهداف والقيم،فضلاً عن التعرض للخطر والريبة والفشل واليأس)  . ويؤكد مصطفى حسيبه (إذ ترجم للعربية "فوضوية"والأقرب هو" مجتمع اللا دولة"، وبذا اوحت الترجمة بان المذهب يؤدي للفوضى،وهو اختزال مخل للفوضوية كمدرسة وفلسفة تراجع مركزية الدولة ، وتعلي من شان الإدارة الاجتماعية القائمة على مركزية الفرد) .ويعرفها جميل صليبا بأنها (مذهب سياسي يدعو إلى إلغاء رقابة الدولة ، والى بناء العلاقات الإنسانية على أساس الحرية الفردية) .  
    أما التعريف الإجرائي للفوضوية فيمكن تمثيله في الآتي:هي عملية تقوم على التمرد على الثوابت المفروضة لتأسيس نظام اجتماعي يعتمد العلاقات الإنسانية على أساس الحرية الفردية أو الجماعية ضمن انساق يفرضها السياق الذي يظهر فيه المخرج،والمعالجات الإخراجية التي يقوم بها لتحقيق مركزية الفرد للوصول الى الرغبة والشغف في عدم تحديد الأهداف والقيم بطريقة تحقق المشروع الحر .
المبحث الأول /الفوضوية تاريخياً
     تعد الفوضوية من التيارات المهمة التي لها طابعها الفكري في بناء المنظومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تشكيل أنماط جديدة للواقع المعاش لتقوم في تأسيس أبعاد مهمة، وسوف نتطرق إلى بعض الرواد الذين لهم أثر كبير في تأسيس الفوضوية ومنهم:
1-وليم غوردون (1756-1836) : وهو من المؤسسين الأساسيين للفوضوية ولكنة يحمل العديد من التناقضات التي أنبنت من خلال أفكاره وفي الوقت نفسه كان يريد أن يصل إلى المنطق بعيداً عن التناقضات التي تفرزها الحياة من الضغوط المتنوعة والمتغيرة ، وابتعد عن الملكية الخاصة، وهو دائماً يبحث عن مخاطبة العقل بوصفه هو العنصر الفعال في بناء منظومة الحياة للوصول إلى الفردانية العقلانية ، وانه يميل لمفهوم أن الدولة تتكون من شراسة البشر التي فرضت عليها وفي الوقت نفسه ينبغي إيجاد حماية لهم ألا بان العقل وما يحمل من عناصر يستطيع أن يتغلب على كل الغرائز السيئة لتصبح الدولة غير ضرورية، وهو يبحث دائما عن تحسين الإنسان على أساس أن المجتمع يستطيع التطور مستقبلاً بالتجرد من العقوبات،كون العقل له القدرة على أخذ مكان الضغوطات الخارجية وكذلك ما يتركه السلوك الطاغي للوعي الفردي من القسوة وما يحمله الأفراد من إبعاد متنوعة ، فيصبح الفرد وما يجسده عقله المتغلبان على كل غرائزه فيصبح  (مقنتع بسلطان العقل والمنطق ،ويبحث عن حالة اجتماعية يضغط عليها إي تأثير خارجي وداخلي. وهو وعي الإخطار تواجه هذا المنطق إزاء قوه خارجية عنه، فقام بحملة تدمير، معلناً الحرب على القوى الخارجية التي تضطهد الفرد، وعلى الغرائز البشرية  التي تفسد صفاء العقل وتزرع الخلل في وظيفة الطبيعة) .
    إن للفرد حقوقا ووجبات يستطيع من خلالها  الوصول إلى فوضوية غريبة (الفوضوية العقلانية) فابتعد عن الواقع الثوري باحثاً عن صور اللاتناقض لحقيقة الواقع، عَدَّ(غوردون) الإنسان موهوبا ، تصرفات الدولة ينبغي أن تتعارض مع العقل والمنطق ، الوظيفة التي تحتم على الدولة هي حماية العناصر المعزولة عن المجتمع ضد هجمات أخرى تفرض عليهم وكذلك حماية المجتمع من هجوم مجتمع أخر، ويبحث عن إنشاء مجموعة لتقتدي بأي قانون إلاَّ بالعقل والابتعاد عن العنف.
2- ماكس شترنز (1806-1856):الأهداف التي يسعى إليها هو الصراع ضد الاستلابات بأنواعه ومنها استعدادات الملكية التي تنشا  ضد الدولة المبنية من الصراعات المتشكلة للقوى الفردية المتوجه نحو المجتمع والمنشاة من صراعات الإنسان مع نفسه ليعكسها على المجتمع ومن الاكتفاء الشخصي ،وينظر (شترنز) اإلى أنَّ هدف الدولة الحد من طاقة الفرد لتحويله من حالة إلى أخرى للوصول به إلى الترويض والإخضاع حتى يصل به الحالة إلى الحد من الذات ، والدولة لاتسع إلى حرية الفرد فإنها تبحث عن مصلحتها و نشاطها الخاص، فذلك وصل إلى (الفردانية الفوضوية) وهو يريد الوصول إلى الإنسان المثالي الذي يجتمع في كل الكمال ولكن لا يتحقق ذلك ، انه يتطلب الرجوع إلى الأنا الذاتية لا الاعتماد على الآخر البعيد عن كل شي مشترك للوصول إلى الفردية وانه (يفرض الفرد قوته وطاقاته وذاته، في المجتمع فرداً الشركة موجودة بالفرد وللفرد ، والمجتمع يُعَدَّ الفرد من ممتلكاته ، وهو موجود به ومن دونه والخلاصة : المجتمع مقدس ،والشركة مفيدة ،المجتمع يستهلك، والشركة أنت تستهلكها) .
    انه لا يمجد الحرية المطلقة بل يبحث عن الحقوق الفردية وكيفية الوصول إليها وتحقيقها في المجتمع وذلك من خلال التفرد، ولا يريد الإطلاق المنتشر بل يدعو للوحدة التي لا تقيدها أية قوانين، إذن الثورة التي اعتمدها هي ثورة داخلية من خلال الاتصال بالوعي  للتوصل إلى الانتشار في النظرة الفردية للتغلب على قوى الطغيان معتمدا على الوعي الذي يتكون قواه من جهلنا ضمن الدور الواضح للمبدعين، ويجب أن لا يفرض المجتمع على الفرد بل الفرد هو الذي يفرض على المجتمع من واجبات اجتماعية.
3- بيارجوزيف برودون (1809-1865) :أراد أن يشكل انعطافا في تكوين الفوضوية وذلك من حيث نشر  العدل  في الأوساط المتنوعة ليكون صمام أمان المجتمع  من نشرة الملكية الخاصة، لدى (برودون) إيمان كبير في بناء قوة كبيرة بالعدل، حيث شكل ثورة كبيرة وعنيفة،إلاَّ أنه يَعدُّ نفسه ليس هداماً وانه يتعامل مع الفوضى بوصفها عنصراً إيجابياً ، إذ يرى أنَّ العدل هو العنصر الكبير والفعال في بناء الفوضوية الايجابية ومن هنا جعل لها وسائل كبيره لتغير المجتمع من حال إلى حال آخر مما تنتجه الفوضوية من نسيج اجتماعي مغاير باحثاً عن  الحرية، (فحكم الإنسان للإنسان:استبعاد من هنا ،يعلن "برودون "نفسه فوضوياً "لا أحزاب،لا سلطة، بل حرية مطلقة للفرد والمواطن .أني اجهر بعقيدتي السياسية والاجتماعية".....أنها فوضى ايجابية لأتعود فيها الحرية بنت النظام ،بل أمه وهي فكرة خصبة ، متداولة في فلسفة هيغل التي تشبع منها برودون) .
   بحث عن الحرية وذلك بالتخلي عن كل العناصر والاهتمام في (الحرية الفردية)التي تترابط مع العدل للتأكيد على التناقض لأنه لا حل له .
4-ميشال باكونين(1814-1876): أراد أن يشكل ثورة كبيرة لتنتج فوضى عارمة وذلك بإزالة القوانين الموضوعة ليكون العالم الجديد الذي يريده حرا بعيدا عن القوانين المقيدة باعتباره ينشىء مصطلحا خاصا به هو (العاصفة) وتعني له (الحياة) إذن أراد أن يؤسس شكلا فوضويا له أبعاده وقوانينه الخاصة التي تتصل بالإلهة كونها العشق في الفوضى ، فأراد التغلب على  الحكومة من خلال الحقوق الشخصية التي تعتمد على الفرد لا الجماعة لتصل الى الاضطهاد والقسر في السلوك والتوجه للأخر بنظام استبدادي إلاّ أنه أراد أن يبحث عن الحياة الاجتماعية من اشتراكات جماعية تساهم في تشكيل متطلبات النظام الاجتماعي، وأسس جريدة معادية للحكومة لها نزعة فوضوية في (1878) لتنشا منها ثورة اجتماعية تتحلى بطابع لجماعات الإبداع بتصوراتهم الخاصة لذلك ( فبلنسبة لباكونيين و مريديه تحل الحقوق الشخصية تماماً محل حقوق الحكومة والتي تعد بطبيعة الحال حقوقاً قسرية ، و إنَّ الحياة الاجتماعية القائمة على المساواة هي الشكل الوحيد الصالح للنظام الاجتماعي ، كذلك  فان جميع القواعد الموضوعة لتحديد السلوك والتي تعبر عن كينونة ما being محددة مسبقاً) .  أراد أنْ ينسق الحكومة بشكل كامل ويتخلص من القوانين لتصبح هنالك فوضى عارمة لها انطباعها وشكلها الخاص ،ولكن يريد أن يْنشر التساوي بين الجماعية وبشكل متطابق يتحلى به جميع الناس ، إذن الفوضوية تكون أفاق للمستقبل.

المبحث الثاني/المخرج المسرحي والاشتغالات الفوضوية
     إن المخرج المسرحي له انطباعاته وأفكاره في الاشتغال المسرحي والدلالي عن طريق التعامل مع كل عناصر العرض المسرحي وفق معالجاته الإخراجية لكل عنصر من تلك العناصر، وهنا أظهر ثورة ضد كل القواعد القديمة ليصل به الحال إلى التمرد في التعامل مع عناصر العرض المسرحي ليحقق الحرية والعدالة البعيدة عن القوانين السائدة والمطروحة ليصل إلى شكل جديد ومغاير وفق فوضى عارمة بطريقته على تجسيد الفكر والتناسق المفرط مع كل عناصر العرض المسرحي،أن  التمرد على القواعد والسياقات والمناهج الإخراجية أدى إلى تشكيل منهج جديد ومغاير لكل الطرق الإخراجية لينتجا منهجا فوضويا متشكلا من مرجعيات (دادائية ،ومستقبلية وسريالية...) تستطيع أن تكون مغايرة إخراجية ومنهجية لها انطباعها المنهجي والفكري في تطوير قدرات الفنيين والممثلين للوصول إلى درجة كبيرة من الحرية والعدل المطلق في التعامل مع مفردات العرض المسرحي وطريقة تسخيرها بشكل فوضوي يخدم الأفكار المطروحة لينتج عرضا مسرحيا له شكله وفكره الخاص من بلورة السياق بمنهج مغاير للسابق من حيث توظيف كل الصيغ والتراكيب الجديدة، وسوف نتطرق إلى بعض المخرجين الذين كانوا قريبين من المنهج الفوضوي وكما يلي :
1-اندريه أنطوان (1858-1943): يعد من المخرجين الذين شكلوا انعطافا كبيرا في العملية المسرحية من تأسيس (المسرح الحر) إذ أراد التحرر من كل القيود والتقاليد السائدة والأشكال المسرحية المعروفة ليكون له منهجه واشتغالاته المسرحية الخاصة فابتعد عن المؤسسات الرسمية ليشكل له جمهور أخر حتى أصبحت له حركة جديدة في التعامل مع الشباب ، فهو يعد من المؤسسين للطبيعة وذلك بنقلها كما هي ليضع منهجية قريبة للواقع الاجتماعي من خلال الوصول للصدق الفني،إذ أراد التخلي من القديم ليصل إلى شكل مسرحي آخر حتى يبني التمرد على السابق فنراه(على وعي كامل بأن المسرح يحتاج بعض التغير ،في كل شيء من الكلمة الجديدة) .
     أراد (أنطوان) أن يجد شكلا مسرحيا مغايرا للسابق في كل مفاصل المسرح من النص إلى العرض لينشىء ثورة مسرحية فوضوية لها انطباعها وشكلها المهم في بلورة الفكر المسرحي،ونرى ذلك من طريقته في التعامل مع كل أركان المسرح ليكون له انطباعه  مع العناصر المسرحية ليرى فيها مقومات وأسس مسرحية لها شكلها الفوضوي من خلال المغايرات الجديدة التي فرضها على عناصر العرض المسرحي .إن مسرح(أنطوان) الطبيعي يبحث عن الروح الجماعية للثورة الفوضوية للمسرح الجديد وذلك من الاتصال مع الأوساط المسرحية بشكل جماعي وبدون أي انقسامات بين الإفراد لينتج نسيج مسرحي مترابط مع كل الاختصاصات المسرحي بشكل متوافق بقدرات مسرحية لها انطباعها الفكري الفوضوي المتجددة لبلورة أفكار تنسف السابق بقدرات متطورة من تناسق الاختصاصات المتنوعة في تكوين واحد ومنسجم ليصبح (فكرة"المسرح الحر"المنبثق من "الجماعات الخلاقة" المتحدة، وهي الفكرة – التي مقابل المسرح المحترف والتجاري اليوم- تفرض مبادئ جمالية فوضوية جديدة...إن المسرح الحر هو شكل من الاحتفال الجماعي يستفيد من تعدد المواهب في مجموعة من الإفراد الذين يجمعهم"حب واحد للاحتفال"المسرحي) .
      وضع هذا المخرج أسسا جديدة للأخلاق المسرحية ضمن تحولات بنتاج فوضوي مناهض للسابق ، إلاَّ أنه اهتم بالمخرج المسرحي بوصفه القائد للمنظومة المسرحية مما جعله يطلق عليه (مسرح المخرج) فكان له الأثر الكبير في هذا المجال حتى توصل إلى (المخرج المفسر) ليضع صيغة مسرحية لفن الإخراج المسرحي.
     فتعامل مع كل عناصر العرض المسرحي لينتج شكلا فوضويا بطابع مغاير للسابق بشكل مسرحي، بحث (أنطوان) للممثل إن يكون شاملاً مع كل عناصر الفن المسرحي ، تاركاً الممثل البطل بعيداً عن الفردانية  باحثاً عن روح الجماعة والشمول بكل مفاصل المسرح أي يصبح الممثل ملما بكل العناصر الفنية والتقنية في دعم النص المسرحي بكل قدراته الفوضوية في تعامله بشكل فيزيقي  مع كل مفردات جسده المسرحية ليصبح مطاوعا ومرنا تحت رهن الإشارة المسرحية ،تعامل مع كل عناصر العرض المسرحي على مستوى الإضاءة فأراد أن تكون طبيعية كما في الحياة.
     اشتغل (أنطوان) على المنظر المسرحي متمرداً فوضويا من خلال التخلص من السابق ليشكل له صيغ جديدة لها انطباعها الجمالي والفلسفي متحررا من التراتبية المسرحية والفكرية لينتج شكل له انطباعه الفكري ليستطيع إيهام المتلقي بالمنظر المطروح بكل تراكيبه الفوضوية بجانب جمالي متجدد للصيغ والأفكار المنتجة للفكرة ،فهو كان يصر(على استخدام ألواح جديدة لكل إنتاج بحجة أنَّ الألواح القديمة قد تخرب عامل الإيهام،وأصر على أن يكون تصميم المناظر لكي تكون بيئة تختلف من مسرحية إلى أخرى،وان تكون قريبة الشبه بالحياة)  .
     أراد أن يجمع كل عناصر العرض المسرحي بجانبها التشكيل لتصبح هي ثورة فوضوية تستطيع أن تصل رسالتها الفكرية بتتابع الإحداث المسرحية وفق المنظومة المسرحية المتواشجة لعناصر التشكيل المسرحي بارتباط فكري وجمالي.
2-جوليان بيك(Julia beck): وهو من المخرجين الذين أسسوا بمساعدة زوجته مالينا (malina) مسرحا ومن ثم شكلوا فرقة الليفنغ ثياتر (livin theatre) ، فاعتبر المسرح هو لغة لها طابعه المتجدد للوصول بالمتلقي للمشاركة المباشرة  للحركة ليصل إلى لغة الحركة الثورية ويتحقق من الجذور من حيث الأحاسيس والمشاعر بما يفرضه للمسرح من عمل أساسي . إن المنهجية التي اتبعها (بيك) كان يريد أن ينتج شكل مسرح متجدد يختلف عن الآخرين تحت شعار الفوضوية بما يفرضه من انطباعات وتجديدات في الاشتغال وفي التعامل مع المتلقي ودائماً يبحث عن مسرح مفتوح ومتنقل من مكان لأخر بمعطيات لاتحمل التحديد بل تنطلق إلى فضائات وأمكنة أخرى ، كل ذلك يجري من خلال بناء علاقة بين المسرح والفرد وكذلك المسرح والسياسة لتثوير المتلقي للوصول به إلى بلورة الأفكار وتحقيقها عبر وسائل المسرح المتنوعة بمايفرضه من تعابير متغيرة الاشكال(استطاع"ليفنغ ثياتر" أن يقدم إلى المجتمع شكل لا بديله للحياة الجمعية ، متأسسة على المبادئ الفوضوية والإباحية المشتركة ، والسلمية ، والحرية الفردية ، والاتحاد ، مبرهنا على أنَّ مثل هذا قابل للتحقيق في هذا المعنى، وان جوليان بيك تحدث عن مسرح "العربة "الثوري،الذي هو عبادة العالم شخص مليء بالمضادة والمعاكسة للقيم المعروفة اجتماعياً ) .
    واستطاع أن يجد معادلا بين الواقع الذي يعيشه الإنسان في المجتمع وبين المسرح ليصل لإبعاد تمكنه من بلورة الفكر فوضوياً بأبعاده النفسية والفلسفية والاجتماعية لتحقيق الجانب الاقناعي للفرد ليستطيع إن يتخلص من كل العادات التي يمارسها لينتقل بمرحلة جديدة وينبغي أن تْصبح له الرغبة في تحقيق ذلك وفق الإرادة والدافع الفوضوي لتحقيقها عبر وسائله المسرحية المتعددة والمتغيرة ، ليكون حاكم على الحياة الاجتماعية فتغيرها بشكل أفضل وأوسع ضمن الاشتغال المسرحي والروحي والحركي بعيداً عن الجاهزية المسرحية لنصل إلى أفضل النتائج.
      إن المسرح هنا يقدم خدماته للناس لكي يكون حافزا كبيرا لهم ليشكل ثورة تستطيع أن تغير واقعهم المعاش فيتحول إلى واقع آخر مغاير لتحقيق طموحات الناس وأهدافهم وأفكارهم لينتقلوا بحياتهم من شكل إلى أخر بما تطمح إليه روياهم للحياة من قدرات وأفكار مسرحية لها طابعها الفكري والفوضوي لينتج شكلا مسرحيا أخر فنرى ذلك مجسد بشكل فعلي فوضوي ليصل إلى الإبداع الجمالي من الاشتراكات بين جميع الناس ولا يبحث عن الانفصال، المسرح يصبح هو الرافد الحقيقي لذلك بعيدا عن الفردانية  باحثا عن روح الجماعة لتكون حركة المجتمع بشكل مباشر مدعوما بالمسرح للوصول إلى حرية الناس في تحقيق المطالب التي يبتغون الوصول إليها فتنتج عن ذلك ملاحظات عن الفوضى والمسرح تكمن (هدف المسرح هو خدمة احتياجات أنفسهم يحتاج الناس ثورة لتغيير العالم والحياة ذاتها لأنَّ الطريقة التي نحيا بها فيها الكثير من الألم وعدم الرضا في الحقيقة  الحياة مؤلمة للكثير من الناس لكل منا هذه فترة طارئة لذلك يشكل ونحرر أنفسنا جميعا ‘هذا ما تغذيه الفوضى في زماننا‘مسرح الفوضى هو مسرح الفعل) .
   بذلك ينبغي أن يكون المسرح قريبا جدا من الناس ليحقق أهدافه الفوضوية من سياقاته التكوينية في رفد الثورة المسرحية التي تتجسد من الانجازات المتنوعة والمتغيرة في رفد العرض المسرحي وما يطمح إليه المخرج من توافق وانتاجات فوضوية تسهم في بلورة الفكر الإخراجي الفوضوي بسلسلة تراتبية  للأحداث النصية والفكرية لبناء العرض معتمدا أولا على الفوضى ومن ثم على الفعل لتحقيق أفضل النتائج المسرحية معتمدا الوعي الإنساني للوصول إلى التحرر من كل القيود بعيدا عن العنف . 
      أصبح المسرح متغيرا في منظومته الفكرية والإخراجية نحو تحقيق أهدافه للوصول إلى الفوضوية المسرحية وطريقة تركيبها وبنائها في العرض المسرحي بما يفرضه من انطباعات تعيد تركيبة المجتمع ليعطي تصورا وفكرا آخر نحو تحقيق إبعاد لها شكلها وسياقها التنظيمي في بناء العرض المسرحي الذي يتشكل من الثورة المسرحية ، ليكون المجتمع ضمن الاختبار ولكن بما تملأ عليه من أفكار لها شكلها  ومغامرتها الجمالية لتصل إلى مرحلة الغرابة في كل المنظومة الفنية وما تعرضه من سياقات تجسيدية ليصبح هنالك سياق في العدوان الثقافي والسياسي في آن واحد  مما يفرضه (living) (وهذا"المسرح الصدفوي"مع جوليان بك، الإبداع الاجتماعي ،فيحتفظ المسرح بطابع عيد ، يتحول فوراً إلى عيد الثورة كما وصفه باكونين في مذكراته "مجتمع اختباري " نموذج لاعادة بناء المجتمع بشكل فوضوي . وما أعطى "living theatre"قيمة نموذجية وطموحاته الحيوية في تحركاته ، وملاحقته لثلاث ظواهر متوازية التحرك : الثورة عن طريق الفن ، وعن طريق الحركة المباشرة السياسية ، وعن طريق الفوضوية كتجربة معيشة) .
     بناء النشاط الإبداعي للعرض المسرحي لا ينفصل عن المستقبل ليكون المسرح من ضمن النشاط الحياتي للمجتمع لتحقيق الفوضى الموجودة من ذلك، إن المسرح في ديمومة مستمرة ويبقى في جانب التحضير المستمرمن دون توقف لينقل من لحظة  إلى أخرى للوصول الى اللحظة المسرحية وان جميع التجارب المسرحية تغير في إدراكنا وتحولنا من حالة إلى أخرى بحسب ما تقتضيه اللحظة المجسدة، إذ يكون الممثل له طابعة الحركي في تجسيد الواقع.
     إن العروض الفوضوية تهتم في المساحات المفتوحة لتصل إلى درجة الحد الفاصل بين العرض والمتلقي ليكون الممثل والمتلقي هما الأساس المهم في وضع المسرحية لينشأ كرنفال للفوضوية وأبعادها المتشكلة،إن المشتركات بين المتلقي والممثل مهمة في بناء العروض الفوضوية وما تحققه من أشكال ومفاهيم جديدة في تغير المجتمع وسوف نتطرق الى سبعة أسس قيمة في المسرح المعاصر :
• في الشارع : خارج الحدود الثقافية والاقتصادية للمسرح المؤسس.
• الحرية : العروض التي تقدم لطبقة العمال والطبقة العاملة والفقراء وأكثر الفقراء فقراً دون تذاكر لدخول للمسرح .
• المشاركة المفتوحة : اختراق وتوحد : إبداع جمعي .
• إبداع تلقائي : ارتجال : حرية .
• الحياة الجسدية .
• التغير : زيادة الإدراك الوعي : ثورة دائمة : ايدليوجية غير ثابتة (مرنة وحرة)
• الأداء كموقف يأخذه الممثل تجاه الحياة .
4- ريشارد فاغنر (Wagner Richard ) 1813-1883:إن اهتمامه في الدراما الموسيقية أسهمت في تكوين أبعاد مهمة  مما أفرزته شخصيته ليبني لها انساق فوضوية ثورية ذات انطباعات  لها تكوينها وإشكالها في رفد بناء الإنسان وذلك من حيث مزجه مع عدة فنون في بؤرة واحدة وفق الأشكال الفردية ليعكسها في شكل واحد ومتناسق باشتغالاته التي يتطلب أن ينسجها بفكره الفوضوي ليكون له منهج مهم في بلورة انطباعاته الفكرية ،ليصبح(فاغنر) مرجعاً مهماً للفوضويين وذلك بما بطرحه في منهجه ليستفيد منها الآخرون في أعمالهم الفنية، كانت بداياته في القرن الماضي حيث بدأ (فاغنر فوضوياً ، ورائداً ممهداً للثورة الفوضوية في الفنون .فكان الفوضويون أول من روج الفكر الفاغري.....  إنما يركز على الأثر الفرد الذي ينتجه هذا الفرد. من هنا إن فوضويته تتخذ طريق الارتكاز مع إن الحمية الثورة لدى فاغنر ، هي من المبادئ الفوضوية .ائتلف فاغنر مع  أفكار برودون وأخذ منه ومن با كونين) 
    طبيعة اللغة التي استخدمها لها انطباعها الإبداعي لتكوين شكلاًً موسيقياً جديداً لم يكن متداولا في تلك الفترة مما نتج من نظام فوضوي وذلك من التخلي عن التسلسل المنطقي للتأليفات النغمية وفق ما يفرضه من منطقية ليشكل لمنهجية فوضوية مغايرة للسابق منتجا انتقالات في المقامات على مستوى السرعة  والمرونة.
     عدَّ الفن  بمنزلة فن شامل من اشتراكات تستطيع أن تجمعها في بؤرة واحدة ليكون لها صياغتها الفوضوية وما تفرضه من عناصر التكوين والتأليف والإنتاج في شكل واحد تستطيع أن تدمج عناصر فن الدراما الموسيقية في فكرة فوضوية واحدة تحمل في داخلها الطابع الثوري بانسجام وتناسق عناصر عديدة منها (الموسيقى،الشعر، الدراما، الرقص، التمثيل...) كلها تشكل نسيجاً يجمع كل الانطباعات والمناهج المهمة في بلورة الفكر الإخراجي الفوضوي ليكون له شكل في التعامل مع العناصر بشكل فوضوي فلا (يمكن أن تغدو الأوبرا فناً صحيحاً إلا باستخدام كل الوسائل الممكنة لإذكاء الخيال ، ومعنى ذلك أنْ تتحول الأوبرا إلى الدراما: أي تصبح فناً جامعاً شاملاً ، ينطوي على الشعر والموسيقى والتمثيل والفن التصويري المسرحي معاً في مركب واحد.) 
إن الطابع الثوري الفوضوي الذي يسعى له(فاغنر) انعكس على عناصر العرض وما يتمتع به فكره في التعامل مع المفردات الفنية ليمارس الدكتاتورية في  فرض أشكال جديدة مغايرة للسابق من تعامل مع(الصالة والمناظر و...) لتكون شكل فوضوي له تشكيلاته وأنساقه الفنية في فرض صيغ ذات طابع منهجي جديد ومغاير.إن (فاغنر) كانت له مرجعيات أسهمت في انطلاقاته الفوضوية من حيث المسرح اليوناني ليشكل له بعدا مهما أخر لينتج له فن مستقبلي معتمد على المجموعة لا الإفراد من تمازج الفنون للوصول إلى الكمال إذ تعد هي الثورة الحقيقية بمسيرته نحو المجهول ليقوم في إعادة الخلق للسابق بشكل فوضوي مغاير ، واستفاد من الآخر في بناء انطباعاتها الإخراجية والفنية لينتج إحساس فوضوي جديد مرتبط بالمستقبل وقد كانت روح (فاغنر)الثورية المعارضة ، وقدرته على استيعاب الاخرين والتأثير فيهم قد مهدت السبل الى حرفهم عن التقاليد والاستسلام للخطاب الديني الصامت ورسخ ذلك قناعة (فاغنر) بأن الدراما هي السبيل لذلك .         
ما أسفر عنه الإطار النظري
• يعد (وليم غودون)  الفوضوية غريبة  فانحسر عن الواقع الثوري باحثاً عن صور متشابهة من الحياة ، ومن ذلك وصوله إلى المنطق من خلال مخاطبة العقل لتحقيق الفردية العقلانية.
• أراد(ماكس شترنز) أن يوضح الصراع ضد الاستلاب ليستطيع الوصول إلى القوى الفردية (الفردية الفوضوية) المنتجة من الإنسان المثالي الذي ينتج فيه كل الصفات للبحث عن الحقوق الفردية التي تتمثل بتركه الفرد على المجتمع.
• عد ( بيار جوزف برودون) الفوضى من العناصر المهمة والفعالة لتصبح ذات شكل ايجابي على أساس أن (الفوضوية الايجابية) من وسائل التعبير المجتمعي.
• رأى (ميشيل باكونين )  إن الحياة الجماعية المتشكلة من المساواة هي النظام الوحيد الذي يقام حول النظام الاجتماعي لتكوين فوضوية للناس.
• إن(اندريه أنطوان)|يبحث عن الروح الجماعية للثورة الفوضوية في المسرح من دون أنْ تظهر أية انقسامات بين الأفراد ليحقق تغيرا شاملاً للمسرح فينتج عن ذلك التحرر من القيود والتقاليد ليكون المخرج هو (القائد أم المفسر) مشكلاً المسرح الحر باحتفال  جماعي فوضوي ثوري.
• يعد(جوليان بك) من الذين أرادوا تثوير الملقين من خلال رسم أفكارهم ليشكل معادلا بين الواقع الإنساني للمجتمع وبين المسرح لبلورة الفكر الفوضوي وما ينتجه من أبعاد نفسية وفلسفية واجتماعية لتحقيق الجانب الاقناعي للفرد ليتخلص من العادات والتقاليد ، بعيد ا عن العنف ليحرر الناس جميعاً ،فهو يرى المسرح الفوضوي هو مسرح الفعل من خلال بناء المجتمع بشكل فوضوي.
• يعد(ريتشارد فاغنر) من الفنانين الذين مهدوا للثورة الفوضوية في جميع الفنون إذ ترك أثرا على الفرد من خلال المنطق الفوضوي،أراد أن يشكل نظرية مستقبلية ذات طابع ثوري ليعده بعد ذلك فناً جامعاً شاملاً.
الفصل الثالث/إجراءات البحث
    يهتم هذا الفصل في الإجراءات التي اتبعها الباحث لتحقيق الهدف الذي ابتغاه ‘ ومن ذلك  يمكن ستعرض الإجراءات البحثية في الآتي: 
1-مجتمع البحث:إن مجتمع البحث وطريقة تحديده تعتمد على العروض المسرحية التي يتحدد فيها (مفهوم الفوضوية وتطبيقاتها في العرض المسرحي العراقي) ، فان الباحث قام بإجراء استطلاع على العروض المسرحية وما يتطابق مع مشكلة وهدف البحث ، فتكون المجتمع من عروض كلية الفنون الجميلة ببابل (المهرجان المسرحي العراقي الأول) للمدة 11 – 14 ايار وكما مبين في الجدول الآتي :


ت اسم المسرحية المؤلف أو المعد المخرج السنة
1 ما يحتاجه العالم عباس رهك مرتضى هيثم 2009
2 السلام وأحلام العصافير لمى فؤاد لمى فؤاد 2009
3 أما – أو عبد الكريم السوداني سامي الحصناوي 2009
4 هوميروس في زمن العولمة جميل حمداوي سيف الدين الحمداني 2009
5 جب آت، جب آت ثائر هادي جبارة ثائر هادي جبارة 2009
6 ها... جرير عبد الله جرير عبد الله 2009
7 تداعيات البرتقال ناهض الخياط رحيم هادي 2009
8 سوناتا الهشيم حازم عبد المجيد حازم عبد المجيد 2009
9 مسرحيتان في عرض واحد صادق مرزوق وفاضل سالم صادق مرزوق 2009
10 حائط ذو الفقار خضير سعد علي 2009
11 غواية في ليلة ايلة للفجر رشا فاضل حسين كاظم العسكري 2009
2-عينة البحث :
ت عنوان المسرحية التأليف إخراج مكان العرض السنة
1 إما – أو عبد الكريم السوداني سامي ألحسناوي جامعة بابل 2009
تم أختيار عينة البحث قصديا على وفق ما يتوافق مع هدف البحث منطلقا من الأسباب الآتية :
• تطابق المؤشرات التي أسفر عنها الإطار النظري مع العينة المختارة لتكون أكثر فعالية من غيرها لتكون معياراً حقيقياً للتحليل.
• توفر الأقراص الليزرية ليستطيع الباحث من التمعن في  العينة.
• إن الدقة التي استخدمها الباحث في اختيار العينة أسهمت في التوصل الى بعض مفاصل الفوضوية وكيف تشكلت في تلك العروض.
• مشاهدة الباحث للعينة.
• المقابلات الشخصية مع كادر المسرحية.
3-اداة البحث : إراد الباحث بناء استمارة بحثه على وفق (استمارة استبيان )• التي تتكون من مؤشرات الإطار النظري وذلك لتوضيح بعض الأسس والمفاهيم التي تبحث في مفهوم الفوضوية التي تنعكس على العرض المسرح.
4- منهج البحث: إن المنهج الوصفي (التحليلي)،هي المنهجية التي اعتمدها الباحث في بحثه لمفهوم الفوضوية وما أنتجته على العرض المسرحي من تطبيقات، وما تتركه الفوضوية من اثر فني وفلسفي في العرض المسرحي،وان الباحث اتخذ من (دراسة الحالة) هي الطريقة في التحليل.
5-صدق الأداة : إن الصدق لأداة البحث تكون أداة للقياس المبنية من خلال الفقرات الخاصة لذلك ، ومن أهم الشروط للأداة هو الصدق، لذا وجد الباحث عرض فقرات الأداة على لجنة من الخبراء والمؤلفة من (خمسة خبراء)• لتحقيق صلاحيتها للوصول إلى مفهوم الفوضوية وما وصلت إليه من تطبيق في العرض المسرحي، وان اطلاع السادة الخبراء على الأداة وإجراء بعض التعديلات التي اقترحوها أدى إلى اكتساب استمارة الاستبيان صدقها الظاهر مما تحويه من فقرات .
مسرحية إما – أو
تأليف / عبد الكريم السوداني                                 اخراج / سامي الحسناوي
ملخص العرض :هناك شخص مختطف من قبل أشخاص في مكان ما، لا تُعرف أية تفاصيل عنه على مستوى (الزمان والمكان) ويروي وهو تحت الاعتقال أنَّ هناك بعض الأشخاص الذين اختطفوه على نفس المنهج ومنهم شخصية(جبار الحسون)وهو شخصية سيئة ولها انطباعها غير المقبول للناس فيقوم بمقارنته بنفسه وان أهل جبار قاموا بمراسيم( المأتم) حتى وصلوا إلى اليوم الثالث ليسمعوا أطلاقات نارية ، فتصبح حوارات بين(أب وابنه) أنَّ جبار على قيد الحياة وبعد فترة يدخل جبار إلى فاتحته وبقراءة  الفاتحة على نفسه ليروي لنا الإحداث والمشاكل التي يعاني منها العراقيون( بطالة ، قتل ،الخوف،الإرهاب،الجثث المجهولة...) فيتذكر أهله ويخاف من استفزاز الخاطفين وهم لا يمتلكون إلا المنزل ، يحاول أن يْهرب من المكان فلم يستطع تحقيق ذلك ، يتذكر أيام زواجه وخاصة  في زفة العرس باطلاقات نارية مستمرة ليصل به الحال إلى انه (عقيم) ، بعدها يصف العراق الأخضر وما فيه من مناطق جميلة وممتعة ، يصور لنا عائلة (أبو يعقوب) وهي عائلة مسيحية فلا يعرف ذلك إلا بعدما كبر وخطفوا ابنه وعلى الرغم من دفعهم الفدية قام الخاطفون بقتله ، ليناشد الأخريين بأصوات عالية لإنقاذه من هذا المكان ، وفي النهاية يبدأ مخاطبة ( إما – أو ) ليصل إلى معادل موضوعي بينهما لتنتهي المسرحية بموته . 
فضاء العرض:إن المخرج رسم العرض من اختياره لمكان يحتوي على فرضويات الإشكال والأدوات غير المنتظمة باحتوائه على دهاليز وممرات متغيرة وهو (قاعة التبريد) فشكل المكان نقطة انطلاقة العرض بما فرضه من أبعاد وانساق ساهمت في رفد العرض الفوضوي بما كونه من اطر سينواغرافية لها طابعها التشكيلي ضمن الأنابيب المتنوعة الحجوم والإشكال لتكون حافزاً للمتلقي في اندهاش للمكان المختار وما يحتويه من عناصر وأغراض التبريد من (الشكل واللون والمساحة) في صياغة مكان العرض لتشكل خلفية مكانية متجددة لفوضى العرض.
تحليل العرض:إن المخرج قبل بداية العرض لم يسمح بدخول المشاهدين إلى القاعة لتحفيزهم للمشاركة وذلك بإعطاء كل متلق صحيفة ليكون مشاركا في العرض منذ البداية فيشكل جزءا مهما من قراءة الصحيفة أولا مكان لجلوسه من حيث التمرد على كل الصيغ والإخبار التي وردت في تلك الصحف وان الممثلين يطلبون من المشاهدين الجلوس في أماكن محددة من القاعة على (علبة من الصفيح) ولكن يضعون فوقها الصحيفة إذا ارادوا، ليكون المتلقي مشاركا وفعالا حتى يصل  لمكان الجلوس المخصص بشكل عشوائي فوضوي في مستوى الجلوس.
     يبدأ العرض بجلوس الممثل في حالة من التألم من الجرذان وأصواتها المقيتة وفي نفس اللحظة تقوم مجموعة من الممثلين في الانتقال بشكل فوضوي من مكان إلى آخر بحركات فوضوية متغايرة السرعة والحالات والمستويات وهو مستمر في ترديد حواره (جرذان جرذان...)تتخللها إضاءة حمراء وزرقاء متغيرة من مكان إلى آخر ، ينتقل الممثل إلى مكان أخر في اليمين تتخلله إضاءة زرقاء ليقوم في التمعن في المكان بعدها تدعمه إضاءة فيضية ليلتمس عباءة لامرأة ثم يرى دمية صغيرة في الأرض ليرجع إلى مكانه السابق مخاطباً نفسه (ياترى أين انا الان وكم هو الوقت...) يريد أن يوصل للمشاهد أنه رجل مخطوف من بعض الأشخاص في مكان مهجور ولا يعرف مصيره ومكانه وفي إي وقت ، إلاَّ أنه يريد التحرر من كل القيود التي فرضت عليه من قبل المجتمع وأهله إلاَّ أنه يتعاطف معهم ومن ذلك فانه كان قريبا من(ماكس شترنز) أن يوضح الصراع ضد الاستلاب ليستطيع الوصول إلى القوى الفردية (الفردانية الفوضوية) المنتجة من الإنسان المثالي الذي تجتمع فيه كل الصفات للبحث عن الحقوق الفردية لما يتركه الفرد على المجتمع.
     بدأ يخاطب نفسه لتوضيح الشخصية المسالمة التي لها أبعادها المهمة في المجتمع ليقارنها بشخصية (جبار الحسون) الشخصية المؤذية وهو مندهش ، كيف لم يخبروه بأنة مؤذ ، إن فكره مشغول بأهله وما هم فيه من القلق عليه ، ومن خلال أدائه التمثيلي حاول استقطاب مشاعر وأحاسيس المتلقي ومايمتلكه من خبرة تمثيلية حول سحب الجمهور له عن طريق الإلقاء وطريقته النغمية  الواقعية لتحقيق اكبر قدر من الاستجابة الفنية والتفاعل التلقائي مدعوم بحركات وتكوينات لها تناسق السينوغرافي مع المكان، بعدها قام بوصف حالة (جبار الحسون) حول اختطافه وقتله ليروي لنا حالة جلب الجنازة ودفنها ومراسيم الفاتحة بكل تفاصيلها الدقيقة (القهوجي ، دفن الجثة...) معتمدا على الأداء الواقعي للشخصية إلاّ أنه اعتمد  مخاطبة الجمهور بشكل مباشر لا تكلف في الأداء ، إن الموت قد تفشى وانتشر بشكل واسع بحيث لا يمكن الحصول على (قهوجي) بسبب ما فرض على المواطن العراقي من إشكاليات ، بعدها يحول أداءه التمثيلي باللهجة العامية ليكون قريبا من المتلقي معززاً ذلك بحركة قريبة منهم بشكل مباشر يقول ( اللهم صل على محمد وال محمد)ليقوم الجمهور بترديدها بعده لينتج عن ذلك انسجام وتوافق بين الممثل والمتلقي في كسر الجدار الرابع فيهدم الفجوة التي بينهما.بعدهما ينتقل ليضيف النساء الى الحدث أثناء (المأتم) وهو يرتدي العباءة النسائية على رأسه ليقوم بتقليد النساء في طرحهم حول مقتل (جبار الحسون) بشخصية كوميدية لها انطباعها المؤثر في رفد وتغير حالته من المأساوية إلى الكوميدية ليتفاعل الجمهور ب(الضحك) ، إن تقليده لشخصيتين نسائيتين يحتاج  أنْ يأخذ أصواتا وأمكنة مختلفة من خلال تغير المكان المدعوم بالحركة وكذلك الأداء الحقيقي الذي يرتقي بالشخصية النسائية ضمن جذب الجمهور إليه ليصل إلى درجة عالية من التفاعل والاستجابة للجمهور حتى يوضح مقتل (جبار الحسون) وحرقه ليترك العباءة بعدها.
     أما اليوم الثالث من (المأتم) فيصف لنا الممثل وجبة العشاء الفاخرة بعدها تتعالى أصوات رصاص عالية قرب (المأتم) حتى يتحدث احدهم بقوله( جبار الحسون عمي ما مات) ليقوم بحركات  فوضوية وانتقاله من مكان إلى آخر معتمدا على فرديته في الانتقال ليستقر في خلف المسرح مدعوم بإضاءة وموسيقى صافية في تغير على مستوى الألوان والأصوات والحركات للشخصيات المسرحية المتنقلة من مساحة إلى أخرى.
     إن التحول للأداء التمثيلي لشخصيات (الأب والابن) للاستفسار عن القتيل هل أنه مات أم موجود ليصلوا إلى درجة من الفوضوية الفردية الانتقالية في التكلم لأن الشخصية المونودرامية أخذت أكثر من شخصية على مستوى(الأب أو الابن) فيرجع إلى الأسلوب السابق في استخدام المكان لأخذ أكثر من شخصية ، معتمدا الأسلوب والأداء للشخصية على الواقعية التي يتحلى بها الإنسان العراقي ، ينتقل إلى عمق المسرح آخذا (عقال مع كفيه) فيرتديهما فيأخذ شخصية (جبار الحسون) ليصف لنا كيف دخل في عزائه وهو يقرأ سورة الفاتحة على نفسه ، ضمن أداء طبعي للشخصية بجلوسه على ماكنة للتبريد ليوحي لنا أنه كرسي (المأتم) ناظراً إلى اليمين والى اليسار ، قائلاً (شنو تغير في حياتكم ،راح الخوف بداخلكم ،اصافيتو، حليتو مشكلة البطالة بالعراق ،قضيتم على الخوف بداخلكم ...) فهو يريد أن يوصل معنى أنَّ الفوضى هي التي تعم ولا يوجد حلول لكل المشاكل التي يعاني منها المواطن،اقترب من المخرج (جوليان بينك) حيث أراد تثوير المتلقي من خلال رسم أفكارهم ليشكل معادلا بين الواقع الإنساني للمجتمع المسرح لبلورة الفكر الفوضوي  مما ينتجه من أبعاد نفسية  وفلسفية واجتماعية لتحقيق الجانب الاقناعي للفرد ليتخلص من العادات والتقاليد بعيداً عن العنف ليحرر الناس جميعاً فيعتبر المسرح الفوضوي هو مسرح الفعل من خلال بناء المجتمع بشكل فوضوي،إن الأداء التمثيلي لشخصية(جبار الحسون)ساهمت بإعطاء دلالات وأصوات لها قدرتها التمثيلية في رفد الشخصية مما انعكس على التعامل مع الإيماءات لتصبح الشخصية أكثر تأثيرا ليكون انتشار اكبر على المجتمع و قدرة كبيرة في رفد الإبعاد المهمة لشكل وسياق المواطن وما يعانيه من مشاكل اجتماعية وإنسانية وما هي التغيرات التي طرأت عليهم ليصلوا إلى نتائج أخرى.
     بدأ يحرض المتلقين على القيام بفوضى أخرى جماعية في تحديد مصيرهم من شكلها الحالي إلى شكل مستقبلي آخر في تغير ظروفهم الاجتماعية التي يعانون منها في الوقت الحالي، ينبغي أن يْكون للفرد إنسانية  حتى ولو أخطأ فجميع الناس يخطئون ولهم مشاكلهم وسلوكهم الخاص على المستوى الايجابي أم على المستوى السلبي فيقوم الممثل بمخاطبة المتلقين بشكل مباشر مدعوم بحركة واقعية بسيطة من مسافة إلى أخرى محددة بالخط الفاصل بين المتلقين والممثل ليكون أكثر تأثيراً فيصف الحالات التي باتت مهمة ومنها (الجثث المجهول الهوية).
     إن تعامل الممثل مع الملبس في تغيير الشخصية ممهداً له الانتقال إلى شخصية أخرى فقام بنزع العقال ليبدأ الرجوع إلى نفسه في تذكار الأهل ويخاف على أهله إن يعطوه نقودا ليقوم الخاطفون بقتلة، إن الأداء التمثيلي بدأ في الشكل البسيط ليحقق تعاطفاً أكثر من قبل الجمهور معه للوصول الى أكثر استجابة لهم ، بعدها يقوم في البحث عن وسيلة للهرب من الجحيم بحركة بانتقال إلى خلف المسرح ويساره لمستويات متعددة في فوضوية متصاعدة للحركة تدعمها موسيقى وإضاءة متغيرة صاخبة في التصاعد الفني والأدائي للممثل ليصل إلى مستوى عال، بعدها تعضه الجرذان في انتقالات وحركات فوضوية من مكان إلى آخر في تشكيلات وتكوينات متصاعدة ليصبح العرض في ضجيج تصاعدية للأداء التمثيلي والحركي،هنا اقترب من (بياجوزيف برودون) الذي يَعَّدُّ الفوضى من العناصر المهمة والفعالة ليصبح لها شكل إيجابي باعتبار (الفوضوية الايجابية) من الوسائل المهمة لتغير المجتمع ، يخاطب نفسه في ابتعاده عن أهله فترة طويلة وان أهله لا يمتلكون المنزل،يتحول أداء التمثيل مخاطبا احد الأنابيب الكبيرة ليصف بأنه سخان كان يستخدمه في أيام زواجه وما تركه من ذكريات أليمة وخاصته  في زفة عرسه فكان هنالك أطلاقات نارية متغيرة الأصوات ليدخل المجموعة بحركة فوضوية وانتقالات متنوعة الأطوار والإشكال على مستوى المؤثرات السمعية و البصرية المدعومة بحركات وانتقالات متغيرة وان العريس يحمل (مفكا) يستخدمه في مواجهة خصومه والدفاع عن النفس مغيرا في الإضاءة والمؤثرات الصوتية المتسلسلة للفوضى العارمة  في العرض مع دخول المجاميع المصحوبة بتغير الإضاءة وتنوع الألوان (الأحمر،الأزرق ،الأبيض) لينتج تغيراً شاملاً للإضاءة والموسيقى لتصل إلى قمة الفوضى في كل عناصر العرض المسرحي على مستوى (الحركة،الإضاءة، الموسيقى) فاقترب هنا من (اندريه أنطوان) من بحثه عن الروح الجماعية من الثورة الفوضوية في المسرح دون إن تظهر إية انقسامات بين الإفراد ليحقق تغيراً شاملاً للمسرح ناتجا عن ذلك التحرر من القيود والتقاليد ليكون المخرج هو (القائد والمفسر) مشكلاً المسرح الحر باحتفال جماعي فوضوي ثوري، لتنتهي المعركة في مخابرته ب(بسطال الجيش)، لينتقل إلى موسيقى تراقب  فيقول (رجولتي، لقد خاب أملي،لأن لم اطارحها الغرام، التي تركتها على الساتر).
     ينتقل المتلقي من مشهد إلى آخر بقوله (اين ذلك هو البلد،أين ذلك النهر،أين ذلك البساط الأخضر...) يصور كيف كان المجتمع متحابا في البساط الأخضر بين جميع الناس في ألق متأتية من تعانق الناس بعضهم مع بعض ، حتى أنه يحن إلى مناطق بغداد واحدة تلو الأخرى في ترابط وطني له طابعه المهم ، لينقل في تذكر (السيارات المفخخة ، البنات...) ، فالبنات اللاتي يبحثن عن الحرية أصبحن رمزا للخلاص.
     يتذكر بعدها عائلة (أبو يعقوب) فلا يعرف أنها عائلة مسيحية إلاَّ بعد أن كْبر فخطفو ابنه وساوموه بدفع الفدية فدفعها بعد ما باع كل شي فقتلوا ابنه ، أن هذه الأفكار المتسلسلة ساهمت في تنمية الأداء التمثيلي المدعوم بعناصر العرض المسرحي معتمدا على المكان وما شكله من خلفية سينوغرافية لها سياقها الشكلي لتطوير الإحداث ليصل إلى قمة الاستجابة من قبل المتلقي والتفاعل من حيث التحقيق لعدة مرات،استطاع إنْ يصل إلى قمة الأداء التمثيلي لإيصال المشاعر إلى المتلقي بقولة(إما - أو)، مخافة على نفسه أن يكون مصيره مثل (يعقوب).
     بعدها يقوم بثورة ضد الظلم ليقوم بحركات فوضوية من مكان إلى آخر حاملاً بيده (قطعة حديد) يناشد الآخرين إن ينقذوه لأنه مخطوف فيقوم بضرب الأنابيب وفق مناشدات مستمرة بين الحين والأخر، فيهاجمه الجرذان ليضعوه في عربة وينقلونه من مكان إلى أخر بحركة دائرية، ينقلنا إلى مشهد أخر لحادث الشخصية (سعيد) وهو مختطف (إما - أو) يستدرج المتلقين على من يطلق النار على أخته ،اختلفت الإجابات بين المتلقين :
     بدأ يستدرج المتلقين في الاختيار (إما) بقوله (الاختيار في المأكل والمشرب ،الموت و الموت أو القتل أو القتل أو إما  أو) إما (أن تترك مدينتك، أن تترك زوجتك ،أن تترك طائفتك ) أو (ليقوم بسحب سلسله مخاطباً إياها بأنها(أو)إن الأرض بحاجة الينا،أصبح الاختيار صعبا جداً بين ( إما - أو)،بعدها تظهر الجرذان في حركات متتالية فيقوم بارتداء عباءة ويطلق بعض الكرات إلى الجمهور ثم يموت.
النتائج
• عمد مخرج مسرحية (إما  - أو) الى تشكيل الفوضوية الفردية، من خلال الأداء المتعدد لشخصيات المسرحية ومن الأداء التمثيلي الداخلي الذي انعكس على الأداء الخارجي بواقعية وبساطة في الأداء لا فيه تكلف ولا مبالغة.
• إن مخرج ومصممي مسرحية (إما  - أو) قد انطلقوا من الفوضوية في النص المسرحي وما يحويه من أفكار لتساهم في رفد الفوضى المجسدة لتكون له خلفية في النشاط الإبداعي والفني.
• اعتمد المخرج على إكسسوارات بسيطة متداولة في الحياة التي يعيشها الناس إلا انه استخدم في مشهد الحرب (مفك) بشكل بندقية فكانت لها أبعاد كبيرة على واقعية العرض ولكن أراد أن يوصل للمتلقي أنَّ الشباب (إما للقتال أو بدون عمل).
• إن المكان الذي اختاره المخرج يحمل عدة تصورات وأفكارا فوضوية للانطباعات والإشكاليات لتقوم في فرض مشاهد لمجموعة من الممثلين في حركات لها مستويات مختلفة من مكان إلى أخر لشغل الفضاء المسرحي وانطباعه الفوضوي المتعاشق مع فكرة النص المسرحي .
•  شكل الديكور أبعادا ذات دلالات متعددة مرتبطة بالواقع وما تحويه من أجهزة (تبريد) لتعطي انطباعا في الاعتقال والخطف الذي تحرض عليه ، إمَّا الموسيقى والإضاءة فكانت منساقة ومنسجمة مع فوضى العرض وما تحمله من دلالات وانساق منطلقة من اللون (الأحمر و الأزرق و الأصفر) الذي انعكس على المكان لما يحويه من عاكس(سلفون ابيض). 
الاستنتاجات
     اعتمد المخرج على الممثل الرئيس وفق تناسق في بناء الحركة وما تنتج من تواصل مع المتلقي لينتج فوضى تأتي بين الحين والأخر.
• استطاعت الموسيقى والإضاءة أن تدعم الفوضوية لتعطيها بعداً واقعياً قريباً من المتلقي.
• كسر الجدار الرابع ساهم في تثوير المتلقي ليعطي شكلا فوضويا ليغير من افكاره وتناسقه مع الغرض.
•  ساهم المكان في إعطاء فوضى عارمة على بنائية العرض لما قيد الممثلين والانتقال من مساحة إلى أخرى وفق تعدد المستويات.
التوصيات
1- التركيز على ظاهرة الفوضى وما تعكسه على العرض المسرحي.
2-البحث عن المخرجين العراقيين الذين تعاملوا مع هكذا عروض.
المقترحات
•  دراسة موضوع (بناء الفوضوية في أداء الممثل العراقي)
•  دراسة موضوع (تشكيل العناصر السينوغرافية للفوضى في العرض المسرحي)
قائمة المصادر والمراجع
اردش ،سعد.المخرج في المسرح المعاصر.(الكويت:سلسلة عالم المعرفة ،العدد 19، 1979). 
بيك ،جوليان.حياة المسرح وعلاقة الفنان بالصراع البشري.تر:إيمان حجازي (القاهرة:مطابع المجلس الأعلى للآثار ،2005)
أينز،كريستوفر. المسرح الطليعي (1892-1992).تر:سامح فكري (القاهرة:اكادمية الفنون ،وحدة الإصدارات،المسرح 18،مطابع المجلس الأعلى للآثار ،1996) .
الحاج ،كميل. الموسوعة الميسرة في الفكر الفلسفي والاجتماعي.ط1(بيروت: مكتبة لبنان ناشرون ،2000).
حسيبه، مصطفى . المعجم الفلسفي. (عمان : دار أسامة للنشر والتوزيع ،2012).
زكريا، فؤاد . ريتشارد فاكنر. (القاهرة : دار القلم،الدار المصرية للتأليف والنشر ، 1956).
سعيد، جلال الدين .معجم المصطلحات والشواهد الفلسفية .(تونس : دار الجنود للنشر ، 1994).
سميث، شارلوت سيمور.موسوعة علم الإنسان /المفاهيم والمصطلحات الانثروبولوجية . تر:علياء شكري وآخرون (القاهرة : الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية ،1998). 
سيف، محمد . المسرح والأفكار والتطبيقات التي تعارض التقاليد .(بغداد : مهرجان بغداد لمسرح الشباب العربي ،الدورة الأولى ،الزاوية للتصميم والطباعة ،2012).
صليبا، جميل . المعجم الفلسفي . ج2 ،ط1(قم دار ذوي القربى للنشر والتوزيع ، 1385ه) 
عبد الحميد ،سامي. ابتكارات المسرحيين في القرن العشرين/ تاريخ ووصف موجز لأبرز إعمال المؤلفين والمخرجين والمصممين . محاضرات ألقت على طلبة الدراسات العليا ، الفنون المسرحية ، كلية الفنون الجميلة ، جامعة بغداد .
عبد الله، علي. المسرح الموسيقي في العراق.ط1(بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ، أفاق عربية ،1995).
فيريول، جيل .معجم مصطلحات علو الاجتماع . تر:أنسام محمد الأسعد ، ط1(بيروت : دار البحار للطباعة والنشر ، 2011).
يستسلر، اندريه .الجمالية الفوضوية.تر: هنري زغيب، ط1(بيروت – باريس : منشورات عويدان للطباعة والنشر ،1982).

---------------------------------------------------------------------------
المصدر : جامعة بابل - العلوم الأنسانية المجلد 23 العدد4  2015

الثلاثاء، 7 فبراير 2017

المعادلة الكوانتمية في القراءة الفنية.. الطاقة.. الموجة.. التردد

مجلة الفنون المسرحية

المعادلة الكوانتمية في القراءة الفنية.. الطاقة.. الموجة.. التردد

صلاح القصب 

(3)
في كل المركبات على المستوى الكوني ، نجد المعدال الكوانتمي :
الطاقة = وتقابل مبدأ الجوهر 
الموجة = وتقابل مبدا التحليل 
التردد = وتقابل مبدأ المعيار النقدي 
وتحكم تلك المعادلات طبيعة المركب ، من خلال قوانين الإنشاء والتكوين ، وما ينبثق من الشكل في الفراغ مؤسسا فضاءات حقول الطاقة من الموجات المتقاطعة التي تخلق بتقاطعاتها العالم بلاستيكا تشكيلية، تدخل ضمن نطاق الحدس ، والحس بالحضور المادي، وتحقق الوعي الأول بالمكان.
المعيار المعادل للطاقة في العمارة = الكتلة:
معيار الإنشاء في المنظومة الكونية ثلاثة مستويات: الأفقي، والعموي، والمتعرج. وذلك المعيار في الإنشاء هو مبدأ الوعي بالمكان، أي هندسة الفراغ من خلال مستويات توزيع الكتلة. 
إن انبثاق الكتلة منذ بدء العمارة، انبثاق ديني في الميثيولوجيا، وقبل التطور الوعي بالشكل، ينبثق فطرياً في الكهوف وهو الملجأ المعماري الأول للإنسان، وهو احتواء، أسسته ثنائيات مثل : الخوف / الطمأنينة. الطبيعة اخذت باستمرار في تشكيل الوعي الأول للكائن، وعيا أخذ في مبدئه فطرية التحقق الجمالي لذلك المكان التأسيسي المعماري الأول، هو الكهف ضمن معادلات (طاقة - موجة – تردد) ، حيث أراد الإنسان أن يؤسس منظومة فنية هو الكهف ، كاحتواء طقسي يرمز لثنائية الخوف / الطمأنينة ، والتي تحقق المعادل الكوانتمي الأول وهو قوة الفكر في المركب، والتي تقابل مبدأ الطاقة في المركب، وتحليل عمليات الطاقة من خلال تقاطع حقول الموجات التي تعبر الفراغات ما بين مكونات المركب ، والمركبات الأخرى لشحن الفراغ بالطاقة بما يخلق الشكل بلاستيكا تشكيلية. بينما تردد الموجات يخلق معادلا للجدل الهندسي في الشكل، وهو معادل المعيار النقدي في الإنشاء. فبينما تقابل الموجة مبدأ قراءة التحليل ، وجدل الشكل في الكتلة بما يحقق المعمار ، فإن التردد هو الاستنتاج، وهو الموقف ، وهو التكوين المنطلق من خلال الحسي والحدسي. فمن الجوهر الأول للمكون الكوني الأرضي، انبثقت أول قراءة فنية، بمعنى أن المصدر الاول للفن كان الكهف. فالكهف هو احتواء، ورمز ، وطاقة ، من خلال استدارات الكتلة التي تأسس من خلالها. فبدأ الإنسان الأول يرمز ويؤسس ثقافته الأولى، فكانت رموزاً وكتابات بدأ ينقشها على واجهات الكهوف، فالمنتج الأساس في هذا الانبثاق هو من خلال (الطاقة – الموجة – التردد). 
فالطاقة كانت هي الجوهر وهي الاحتماء التأسيسي. وبتحليل هذا الجوهر من خلال معادلات الطاقة والتردد، نتوصل إلى أن تردداته كانت فلسفية حدس فيها الفعل الفني الجمالي الأول. وتحقق هذه المعادلة علاقة الإنسان الأول بالكون، وبالمحيط. حيث لم يكن هناك صمت بقدر ما كانت هناك الانفجارات الكونية، والبراكين والشهب. هذه المعادلات الترددية تتحرك من حقل إلى آخر، من حقل الفيزياء إلى حقل الثقافة والفعل الجمالي.
التردد في الحقل الثقافي، يعني انعكاسا لمعادلة الطاقة والموجة، فالتردد هو المعادل للمعيار النقدي والأصول المرجعية، وبعد التطور التاريخي بمعناه التراكمي، وهو ثقافي بالمعنى الأعمق، أي بمعنى الثقافة المستترة، المتعالية في تصوراتها وإنشاءاتها التكوينية، وهو التطور التأريخي، الذي استندت إليه العمارة . وكما أشرنا في المحاضرة انه الفن الأول الذي تأسس على فضاءات هذا الكون، فجاءت معمارية متقدمة أسست أشكالا وقراءات حضارية متقدمة هذه بدورها شكلت قراءة جديدة في المعيار التحليلي الفيزيائي. فالهرم كان أوجا معماريا متقدما، وهو انبثاق روحي فلسفي. فإنشائية الهرم من خلال دراستنا التحليلية لهذا المكون الهندسي استندت إلى الخطوط المستقيمة، وهو الانطلاقة اللانهائية، التي تجمعت في نقطة ارتكاز قممية، فكان الجوهر ديالكتيكا، اي متعدد القراءة. فهل يعني الانغلاق والنهاية؟ أم هو السر الذي تشكله قراءات ما بعد المنجز لمنطلق الحياة وديناميكيتها الخطوط شاهقة ذات حركة تصاعدية في الهرم؟ وهذا ما تراه عكس البناء والمكون الفني في الزقورة التي تحقق جدلها الهندسي بخطوط صاعدة ونازلة، والتي تعني أن الحياة مستمرة في تكوينها، عبر هذه الديناميكية، وهو جوهر فن العمارة عند السومريين، والعقل العراقي القديم. فهناك مساحات مفتوحة في تاريخ الحضارة العراقية القديمة، إن تلك الدراسة لهذين النموذجين من حضارة مصر القديمة، وحضارة وادي الرافدين القديمة قد انبثقت من خلال المعمار الكمي الذي شكلته معادلات الطاقة والموجة والتردد. 
الوعي بالمكان من خلال الفعل الجمالي والتأسيسي الفني بدأ عند الإغريق بإنشاءات الأعمدة الرخامية. وهي المكون المعمار الأول، من حيث الارتفاع، والاستدارة المفتوحة، ليؤثر ضمن موجة مستمرة، ويعطي بنية التردد المأخوذ من الجوهر الميتافيزيقي، وهي ليست إنشاءات اعتباطية، أو عشوائية، وخاصة في عصر الباروك من حيث أسلوب الاستشراق الروحي، الذي يختلف من بلد لآخر وميزته. والملاحظ على المعمار الباروكي هو الانكسار في الخطوط، وهي ترددات اختلاف الاسلوب، أو لون الإنشاء.

---------------------------------------
المصدر : جريدة المدى

الدورة السابعة لمهرجان الكويت الدولي للمسرح الأكاديمي ينطلق غداً ويحتضن 6 تجارب مسرحية عربية ودولية

مجلة الفنون المسرحية

الدورة السابعة لمهرجان الكويت الدولي للمسرح الأكاديمي ينطلق غداً ويحتضن 6 تجارب مسرحية عربية ودولية

الهاجري: رغم الصعوبات صارعنا أنفسنا من أجل استمرارية المهرجان
المطيري: سنقدم المونودراما والعرائس للمرة الأولى.. وأنور عبدالله أقدم أساتذة المعهد

عبدالحميد الخطيب

انطلقت مساء امس الأول أول أنشطة الدورة السابعة لمهرجان الكويت الدولي للمسرح الأكاديمي الذي ينظمه المعهد العالي للفنون المسرحية في الفترة من 8 إلى 15 الجاري، وذلك من خلال مؤتمر صحافي تحدث فيه كل من رئيس المهرجان عميد المعهد العالي للفنون المسرحية د.فهد الهاجري، مدير المهرجان العميد المساعد للشؤون الطلابية د.راجح المطيري وإدارة رئيس المركز الإعلامي الزميل مفرح الشمري، الذي وصف المهرجان بأنه واحد من أهم المهرجانات المسرحية في الخليج والوطن العربي، والذي بات يتبوأ مكانة مسرحية بارزة وثرية بأنشطته المتنوعة، والتي تستعرض تجارب مسرحية أكاديمية عريقة عربيا ودوليا.
من جانبه، قال رئيس المهرجان عميد المعهد العالي للفنون المسرحية د.فهد الهاجري: «أثمن دور اللجنة العليا للمهرجان ودعم واهتمام وزير التربية والتعليم العالي د.محمد الفارس، إلى جانب جهود الزملاء في مجلس إدارة المعهد العالي للفنون المسرحية وأعضاء هيئة التدريس وطلبة المعهد، واستذكر هنا أولى بوادر تحقيق هذا الحلم المسرحي الذي كان يراود الجميع من خلال انطلاق الدورة الأولى في عام 2010 بجهود ودعم من العميد السابق د.فهد السليم».
وفي رده على سؤال «الأنباء» عن سياسة «التقشف» التي أثرت على مهرجانات اخرى في الكويت، أجاب الهاجري: رغم الصعوبات إلا اننا صارعنا أنفسنا من أجل استمرارية المهرجان، وكان تحديا كبيرا ان نواصل في ظل وجود بعض العراقيل، مستدركا: المهرجان أثبت جدارته وحضوره عربيا وعالميا، وأصبح تظاهرة مسرحية أكاديمية تصقل وتعرف أبنائنا الطلبة على الكثير من الثقافات والتجارب المسرحية المتعددة، وسيستمر بعون الله رغم العوائق.
ومن ثم كشف د.فهد الهاجري عن شخصية المهرجان هذا العام وهو الكاتب والمخرج القدير عبدالعزيز السريع، وقال: إن اختيار تلك الشخصية الفنية الرفيعة والقامة الكبيرة المسرحية والدرامية تكريما لعطاءاتها وإسهاماتها التي أثرت الساحة الفنية ولا تزال، حيث قدم السريع العديد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية الخالدة، وهو شخصية تستحق هذا التكريم، مشيرا إلى أن لجنة المشاهدة تتابع عروض المهرجان وفق ما تراه من معايير.
وأضاف: إن إقامة المهرجان هو من أجل الطلبة ونتاج مثمر لتجاربهم خلال مشاركة كل الأقسام الموجودة في المعهد العالي للفنون المسرحية، إلى جانب تنمية قدرات ابنائنا من خلال إقامة عدة ورش فنية في تخصصات المسرح، مثمنا دور وزارة الداخلية المتمثل في اللواء عبدالله الهاجري مدير عام الإدارة العامة لشؤون الإقامة بدعمه من خلال سرعة إنجاز «الفيز» الخاصة بضيوف المهرجان، إضافة إلى دور العميد إياد الحداد مدير عام أمن المنافذ في المطار الدولي.
من جانبه، تحدث مدير المهرجان العميد المساعد للشؤون الطلابية د.راجح المطيري، وقال: إن هذه الدورة للمهرجان انتهجت نوعين مسرحيين للمرة الأولى والمتمثلين في مسرح المونودراما ومسرح العرائس ليتعرف عليهما الطلبة، وفي حفل الافتتاح سيتم تقديم عرض مسرحي بعنوان «ممثل الشارع» على خشبة مسرح حمد الرجيب في المعهد العالي للفنون المسرحية، وسيتصدى لإخراجه الفنان مشاري المجيبل.
وأشار المطيري إلى العروض الستة المشاركة في منافسات المهرجان، من الكويت عرضان مسرحيان هما «الرجل الذي صار» و«في انتظار» لفرقة المعهد العالي للفنون المسرحية، «توبا والملائكة» لأكاديمية المسرح بوارسو في پولندا، «طقوس الإشارات والتحولات» لفرقة المعهد العالي للفنون المسرحية في جمهورية مصر العربية، «حنين» لجامعة الحسن الثاني في المغرب، «لا أهتم» لجامعة بكولا في إيطاليا، مبينا حرص إدارة المهرجان على إشراك قسم الديكور في المعهد بالعرضين الإيطالي والبولندي، مستطردا: العروض المشاركة في المهرجان جميعها فازت بجائزة «أفضل عروض متكاملة»، وبالتالي مشاركتها في المهرجان سيكون مثمرا وجديرا بالاهتمام والمشاهدة من قبل الطلبة والجمهور المسرحي، مبينا أن اختيار شخصية الملحن أنور عبدالله للتكريم في المهرجان لكونه عضوا في هيئة التدريس في مادة التذوق الموسيقي، ويعتبر أقدم الأساتذة في المعهد العالي للفنون المسرحية، حيث إنه يعمل منذ عام 1985.
وأضاف: ستقام في المهرجان عدة ورش نقاشية بينها الكتابة المسرحية، الارتجال وسيتحدث خلالهما أبوالحسن سلام ود.عمر نقرش، إلى جانب الندوات التطبيقية التي تعقب كل عرض مسرحي، وإقامة لقاء مفتوح مع ضيوف المهرجان حول خصوصية المسرح الأكاديمي، إضافة إلى لقاء مع شخصية المهرجان الفنان القدير عبدالعزيز السريع الذي سيتطرق إلى مراحل مهمة من حياته كفنان مسرحي من الطراز الأول، وتجاربه في الدراما التلفزيونية وجوانب أخرى من هذه الشخصية المسرحية الكويتية العريقة.
تطرق المطيري إلى تكريم أربع شخصيات في حفل افتتاح المهرجان ممن خدموا المعهد العالي للفنون المسرحية وهم الملحن أنور عبدالله، د.مبارك المزعل، د.منى العميري، الفنان جمال الردهان، كما سيتم في حفل الختام تكريم د.موسى آرتي، لافتا إلى أن اللجنة العليا في المهرجان عملت واجتهدت ليكون المهرجان المسرحي الأكاديمي هذا العام بحلة متجددة، مثمنا دور اللجنة المكون من د.فيصل القحطاني، د.عبدالله العابر، د.علي حيدر، د.أيمن خشاب، مثمنا بالوقت نفسه دور وجهود لجنة المشاهدة د.عبدالله العابر، المخرج أحمد الخلف، د.شايع الشايع، مؤكدا أنه ليست هناك أي ملاحظات على العروض التي جرى اختيارها من خلال 55 عرضا متنوعا، لافتا إلى أن اختيار لجنة التحكيم المكونة من خمسة أساتذة سيتم كشفها في حفل الافتتاح.

--------------------------------
المصدر : الأنباء 

«المسرح القصير».. من ثوابت أرسطو إلى شريحة الحياة

مجلة الفنون المسرحية

زينب أبو سيدو

هل يمكن عرض مسرحية مدتها ربع ساعة أو أقل؟ خصوصا في عصر السرعة والمدونات القصيرة «تويتر» واللقطات العابرة المعبرة، كثيرا ما تترك الفواصل الساخرة التي تقدم في البارات والمقاهي، أثرا كبيرا، فالهزل يتحول الى فرصة في غاية الأهمية لهدم شيء كبير، والضحك أصبح السلاح الوحيد في مواجهة الضغوط التي يعاني منها الجميع، ولا مجال للحديث عنها بجدية وبإسهاب، فالوقت في غاية الضيق، ولا بد من التركيز الشديد على الكلمات والفعل، حيث يتحول المشهد الى قنبلة في غفلة من الجميع، فيتفاعلون معها بعمق.
وكيف يستقبل المشاهد المسرحية القصيرة؟ بهذا السؤال وغيره من الاسئلة المهمة، يفتتح الكاتب السوري، منتخب صقر، دراسته حول «المسرح القصير» وهو عنوان الكتاب الصادر حديثا عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، سلسلة المسرح العالمية، عدد (سبتمبر - نوفمبر 2015) في 259 صفحة، موردا اربعة امثلة من مسرحيات اوروبية ترجمها، اثنتين للفرنسي فيليب منيانا، واخرى للسويسري هيرفي بلوتش والرابعة لجان لوك لاغارس.
يستعرض الكاتب افكار وبدايات هذا الشكل المسرحي والظروف التي اوجدته كطريقة مغايرة للتعبير المسرحي، فمع نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين دخلت اوروبا مرحلة ازمة الانسانية الاوروبية، كما اطلق عليها بعض الفلاسفة، وراح المشتغلون في الفن يبحثون عن روح جديدة للاشكال الفنية، ومنها المسرح الذي كان عليه ان يتبع «ذوق وحاجات روح العصر الحديث»، بحسب تعبير الكاتب المسرحي السويدي اوغست ستريندبرغ.
وهنا بدأ البحث كالعادة بتراث المسرح، والاشكال الغريبة فيه، فاسترعت الانتباه الاشكال المسرحية القصيرة التي ظهرت احيانا في اوروبا، كالكوميديا الهزلية التي كانت تعرض في المهرجانات والاسواق الشعبية في القرون الوسطى، والمسرحيات القصيرة في نصوص الاديب الروسي انطون تشيخوف الذي حول العديد من نصوصه القصصية القصيرة الى نصوص مسرحية.
هذا النوع من المسرحيات القصيرة بدأ يعرض على الخشبة، ثم سرعان ما تأكد حضوره تحت مسمى المسرح القصير او مسرح الحبكة الواحدة، ليتطور الى تشكيلات اخرى منها السكيتش، اضافة الى تركيزه على التكثيف والابتعاد عن الذهنية، مهتما بالتشويق والاثارة تماشيا مع روح العصر.
في هذا النوع من المسرح لا يوجد حدث محدد بل هو مشاهد منفصلة ومأخوذة من الحياة الواقعية، وخروج كامل على قواعد المسرح الكلاسيكي.

يؤكد الكاتب انه قبل نهاية القرن العشرين بدأ الكتاب الشباب بالاهتمام بالمسرح القصير، وباتت المسرحية القصيرة، تماما كالفيلم القصير لا بد من المرور بها قبل كتابة المسرحيات الطويلة.
على مستوى المسرح العربي يعتبر الكاتب ان الفضل في كتابة المسرح القصير يعود الى توفيق الحكيم ويحيى حقي وخليل هنداوي، ثم سعد الله ونوس، والفريد فرج ووليد اخلاصي، والعديد من الاسماء الاخرى مثل عصام محفوظ، وعبدالغفار مكاوي، وشاكر السماوي، وعبدالكريم المناع وآخرين.

-------------------------------------------

المصدر : الأنباء 

مسرحيون تونسيون يردون على اتهامات نواب كويتيين

مجلة الفنون المسرحية


مسرحيون تونسيون يردون على اتهامات نواب كويتيين

مسرحية برج الوصيف تتعرض لاتهامات أخلاقية من قبل سياسيين كويتيين رغم نجاحها الفني والجماهيري ما أثار حفيظة عدد من الفنانين والمثقفين التونسيين.

 من جديد تعود الاتهامات المبنية على أسس أخلاقية لتوجه حمولاتها إلى الإبداع، فقد نعت نائب كويتي أعمالا مسرحية تونسية عرضت في الكويت خلال مهرجان الهيئة العربية للمسرح، العام الماضي، بـ”القذارات” وتساهم في “تدمير المجتمع الكويتي”، ما أثار حفيظة عدد من الفنانين والمثقفين التونسيين.

النائب وليد الطبطبائي اتهم وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب في الكويت الشيخ سلمان الحمود الصباح (المستقيل)، بمحاولة “تدمير المجتمع الكويتي”، وذلك بعد سماحه بعرض مسرحيات من قبيل “برج الوصيف” و”ليس إلا” دون رقابة، والتي اعتبرها خادشة للمجتمع والتقاليد بالكويت، مطالبا بسحب الثقة من الوزير في الجلسة المقرر عقدها في الثامن من فبراير الجاري.

من جهته أكد الفنان المسرحي التونسي الشاذلي العرفاوي مخرج مسرحية “برج الوصيف” أن تصريحات النائب “مبالغة وعدم فهم لمضمون المسرحية”، قائلا “نرحب بالنقد البناء لكن نرفض أن تكون المسرحية مطية لتصفية بعض الحسابات أيا كان نوعها”.

وأصدر المخرج المسرحي فاضل الجعايبي مدير مؤسسة المسرح الوطني التونسي، الاثنين، بيانا حول حملة التشويه التي قام بها بعض البرلمانيين الكويتيين.

يقول الجعايبي “في يناير 2016 كنت في الكويت كمدير عام للمسرح الوطني التونسي وكمخرج لمسرحية ‘العنف‘ وحللنا ضيوفا على دولة الكويت بدعوة من الهيئة العربية للمسرح لتقديم ثلاثة أعمال أنتجها المسرح الوطني التونسي ‘الضربة القاضية ‘ (في المسابقة) و‘برج الوصيف‘ و‘العنف‘ (خارجها)”.

يضيف الجعايبي “لم أتفاجأ حين أتاني ممثّل عن الهيئة العربية للمسرح وطلب منّي حذف مشهدين من مسرحيّتَي ‘الضربة القاضية‘ و ‘برج الوصيف‘، لكنني رفضت طبعا حذف أيّ كلمة أو حركة أو صورة من هاتين المسرحيتين، واقترحت إذا كانت المسرحيّتان مخلّتين بالحياء والأخلاق العامّة فنسحبهما من المشاركة. ووقع تقديم المسرحيّتين كاملتين”. لكن الطّريف، كما يقول الجعايبي، أنّ مسرحيّة “العنف” الّتي لم تكن معنيّة “باقتراح” الحذف الجزئي وقع حجب صورة منها في نشريّة المهرجان للممثلة فاطمة بن سعيدان، وتم تلويث صدرها بالحبر الأسود.

ويلفت مدير المسرح الوطني إلى أنهم كانوا سعداء كفنّانين وإدارة عامة بتقديم المسرحيات الثّلاث كما قدّمت في تونس وفي كافة أنحاء العالم، أمام جمهور كويتي ومثقّفين وإعلاميّين وسياسيّين كانوا مشدودين إلى ما حققته الحريات في تونس وعيا وفنا. كما لم يخف الجعايبي سعادة الوفد التونسي بالتقائه سواء في المسرح أو الفندق أو الشارع مع عدد كبير من الكويتيين والعرب والأجانب الّذين نوّهوا بتقدم المسرح التّونسي وجرأته. إضافة إلى سعادتهم بصفة خاصّة بردود فعل الشّباب الكويتي الّذين لم يسمعوا على لسان أحد منهم حرجا أو لوما أو مؤاخذة أو استنكارا أخلاقيّا لما شاهدوه، أو سمعوه في هذه الأعمال الثّلاثة، بل بالعكس.

يتساءل الجعايبي “أين المشكلة؟ وبعد عام من تقديم هذه العروض؟”. ليجيب “المشكلة سياسيّة لا ريب في ذلك. حيث يتعلّل السّياسيّون كالعادة بالعادات والتّقاليد والدّين والحياء والأخلاق لرمي الطّلاسم على النّاس، وإخفاء المشكلات الحقيقيّة، وهي توق المواطنين إلى حرّيّات أكثر وإلى الجرأة وتجاوز الضّيق والقمع والإحباط التي يعيشون فيها”.

يضيف “المسرح التّونسي ككلّ القوى الحيّة المستقلّة المتحرّرة من الرّواسب والتّبعيّات والتّحالفات والتّجاذبات (التّونسيّة منها والعربيّة ولا سيما الغربيّة) ماض للمساهمة بقسطه في تكريس دولة القانون والمؤسّسات في تونس، متحدّيا التّقاليد البالية والقوى المحافظة وحتى الظلاميّة، مدافعا عن حقّه وإن لم نقل عن واجبه في تطوير الفكر والفنّ المتحرّرين التقدميّين المعاصرين أشكالا ومضامين” .

ويؤكد الجعايبي رفضه القاطع لأن تدفع المرأة التونسية المستهدفة ثمن هذه الحملة التشويهية، لأنّها ركيزة أساسيّة في تحرّر المجتمع التونسيّ، ولربّما المجتمع العربي، تربويّا وثقافيّا بيتا ومدرسة وجامعة ومجتمعا مدنيّا ودستورا. كما يشدد على رفضه أن تُتَّهَم فنّانات وفنّانو تونس بالزّندقة والمجون في مواجهاتهم كمواطنين، يدفعون يوميّا إلى كسر حواجز التّخلّف وتهديدات الظّلمات باسم لا ندري أيّ قيم أخلاقيّة ملفّقة لا تواكب عصرها وهي في الواقع مطيّة وتعلّة لكل المتطفّلين السّياسويّين.

---------------------------------------
المصدر : جريدة العرب

الاثنين، 6 فبراير 2017

كوميديا لبنانية سوداء عن حياة المرأة الحامل

مجلة الفنون المسرحية

كوميديا لبنانية سوداء عن حياة المرأة الحامل

نص المسرحية مقتبس من واقع نساء كثيرات وما شعرن به وعانينه أثناء الحمل أو في الحياة اليومية.

في إطار كوميدي لا يخلو من المبالغة الطريفة، خدمة للعبة الفنية، انطلقت في العاصمة اللبنانية بيروت جولة من عروض مسرحية “حبلى”، التي تصور هموم المرأة في مختلف مراحل حياتها، وصولا إلى مرحلة الحمل والأسئلة الوجودية المنبثقة عن هذه الفترة الحساسة في حياة كل امرأة.

المسرحية نص وإخراج غبريال يمين، وبطولة الممثلة اللبنانية ندى أبوفرحات، التي تطل على جمهورها من خشبة فسحة “مترو المدينة” الفنية في شارع الحمراء التاريخي، وهي حامل في شهرها الخامس.

توضح نشرة هذا العمل المسرحي التي يتم توزيعها أثناء العرض على المتفرجين أنهم بصدد مسرحية تمثل “كوميديا سوداء، تلقي الضوء على حياة كل فتاة ولدت ونشأت ودرست وعملت وتزوجت وحملت، دون أن تدري إن كانت عاشت حياتها أم لا”.

وعن شخصية كلير المحورية في العمل، تقول النشرة إنها “امرأة في أواخر عقدها الثالث عاشت حياة بسيطة عادية في كنف عائلة تقليدية ومتعلمة، تزوجت متأخرة قبل أن يفوتها القطار، وهي الآن حامل للمرة الأولى بشهرها الخامس”.

إنها امرأة قلقة على نفسها وعلى طفلتها في رحمها. تريدها أن تبصر النور وتكمل حياة مليئة بالمغامرة والحرية والجمال دون تعقيدات المجتمع التي مرت بها هي نفسها، عبر سنين طويلة جعلت منها امرأة متقوقعة منعزلة بالرغم من انفتاحها الفكري واستعدادها لتغيير ما فرض عليها من قبل عائلتها وأصدقائها.

يقول مخرج العمل غبريال يمين إن فكرة المسرحية المبتكرة تعود إلى الممثلة ندى أبوفرحات، التي عبرت له قبل فترة قصيرة عن رغبتها في اعتلاء خشبة المسرح وهي حامل.

ولكن الممثلة أرادت أن تطل على الجمهور من خلال قصصها الشخصية، وأن تعالج أمامه تلك الانفعالات التي تتفجر خلال فترة الحمل، لكن المرأة الحامل تخفي أغلبها.

ويضيف يمين “عارضت شخصيا هذه الفكرة وأكدت لها أن اعتلاء الخشبة من خلال قصصها الخاصة سيضع زوجها وعائلتها الكبيرة والأصدقاء في حياتها تحت المجهر، كما أنها ستعرض حميمية يومياتهم أمام الآخرين، وربما أزعجهم هذا”.t

ولهذا السبب خلق يمين شخصية كلير التي مرت بعلاقات غريبة تفوق التصور بعض الأحيان، حتى كادت تصبح مهزلة كوميدية في حياة امرأة تجد نفسها في قلب أحداث مفروضة عليها.

من جانبها تقول الممثلة ندى أبوفرحات “تمكن غبريال من أن يقنعني بوجهة نظره، لا سيما أنني في الحياة العادية امرأة مرتاحة جدا مع ذاتي ومنفتحة إلى أقصى الحدود، وربما كانت نوادري الصغيرة مملة وباهتة بعض الشيء، بينما الجمهور يتفاعل حتما بشكل أقوى مع حياة أكثر تعقيدا”.

ونص المسرحية مقتبس من الواقع أيضا، واقع نساء كثيرات وما شعرن به وعانينه أثناء الحمل أو في الحياة اليومية.

وقبل أن يستهل يمين كتابة النص جلس لساعات طويلة مع أبوفرحات ليفهم مرحلة الحمل من وجهة نظر امرأة، ما ساهم في تقديم نص ثري ومتنوع للمشاهدين في قالب هزلي سهّل عملية نقل القضايا الوجودية المطروحة وغيرها إلى المتفرجين بسلاسة.

ويشاطر أبوفرحات الخشبة كل من أسامة العلي وزينب عساف وجويس أبو جودة. وعن هذه الشخصيات التي تشاهدها كلير وحدها، حيث تعيش داخل رأسها ولا وجود واقعيا لها، تقول أبو فرحات “كلير ترى كل شخصية بطريقة مبالغ فيها، وأقصد بذلك بأسلوب كاريكاتوري”.

----------------------------------------
المصدر : جريدة العرب

'الزمن والغرفة' عمل مسرحي ألماني فرنسي يخلط الماضي بالحاضر

مجلة الفنون المسرحية

'الزمن والغرفة' عمل مسرحي ألماني فرنسي يخلط الماضي بالحاضر

أبو بكر العيادي

كيف يمكن تنظيم عالم في عمل مسرحي يخلط الماضي بالحاضر، ويتقاطع أبطاله دون أن يلتقوا فعلا، ويبدو الوجود مثل كشكول فُكّت خيوطه عمدا؟ في المسرح الوطني للهضبة بباريس، ينجح ألان فرنسون في الربط بين الفضاء الزمني الهارب لدراما متشظية من تأليف الألماني بوتو شتراوس بعنوان “الزمن والغرفة”، ويضفي عليها نوعا من الإشراق.


الألماني بوتو شترواس (المولود بناومبورغ عام 1944) من أكثر المؤلفين المسرحيين الألمان حضورا على خشبات المسارح الأوروبية، وهو إلى ذلك ناقد مسرحي، مارس النقد منذ صغره في مجلة “المسرح اليوم” قبل أن ينتدبه مدير شوهبونه ببرلين المخرج العالمي بيتر شتاين.

بدأ شتراوس مسيرته بترجمة واقتباس نصوص لإبسن ولابيش وغروكي، ثم انتقل إلى التأليف، فكتب “ثلاثية الوداع”، و”كبير وصغير”، و”الأبواب السبعة”، تعكس كتاباته الحياة في مجتمعاتنا المعاصرة، وتحوم حول ثيمات الوحدة والانغلاق وعدم التواصل، وهي نفسها الحاضرة، تلميحا أو تصريحا، في مسرحية “الزمن والغرفة” التي يعرضها حاليا المسرح الوطني للهضبة بباريس.

ليس من السهل تلخيص هذه المسرحية، لأنها تبعثر قواعد السرد المتعارف عليها، ولا تستثير في الغالب أي انفعال، وكذلك لأن شخصياتها يمكن اعتبارها كائنات من لحم ودم تتحرك وتفكر، مثلما يمكن النظر إليها كمشخّصات جامدة لا توحي إلاّ بما نضفيه عليها.

تنفتح الستارة الوهمية على رجلين هما يوليوس وأولاف، وهما في وضع نقاش حول ما يشاهدانه عند أسفل الغرفة التي يوجدان بها، والتي لا نعرف بالضبط ما إذا كانت غرفة كما يوحي بذلك العنوان أم ردهة فندق.

“ألم تنظر بعد عبر النافذة؟”، يقول يوليوس وكأننا نسمع صوت بيكيت، فالرجلان هنا يذكران بفلاديمير وإستراغون وهما ينتظران غودو، وإن كانا يكتفيان بالنظر من النافذة، ويعلقان بالتناوب على ما يشاهدانه.

يتحدث يوليوس مثلا عن الثلج والقاذورات والحمام والمطرقة الثاقبة، معلقا إنه “يوم يمر في تخوم اللاشيء”، ثم يركز نظره على امرأة ذات جوارب سوداء مسرولة وصدار أخضر مذهّب، وما كاد يصف لصديقه ما رأى حتى رن الجرس وإذا المرأة ذات الجوارب السوداء المسرولة والصدار الأخضر المذهّب تطل وتسأل “تحدثت عني؟ ماذا قلت؟ وماذا تعرف عني؟”.

هذه المرأة التي لا نعرف عنها إلا أن اسمها ماري ستويبر، ستظل على مدى العرض تظهر (وتختفي) كصورة خيالية ممكنة عن المرأة العشيقة، والمومس، والحريفة، والمسافرة، وامرأة الأعمال، وحتى مجرمة في طور التكوين.

المسرحية تتحدث في نبرة جادة تتخللها السخرية المرحة عن الجنون وضياع علائم الاستدلال في عالمنا اليوم
من هنا تنطلق المسرحية في نسق محموم لا يكاد المتفرج يمسك بأطرافه، وكأنه أمام شاشة سمارتفون تتعدد فيها المشاهد في وقت قياسي، وينفتح الباب عدة مرات كي تدخل شخصيات مختلفة: الرجل الذي ذهب لاستقبال ماري ستويبر في المطار فأخطأها، والرجل الذي يؤكد أنه أضاع ساعته في هذه الغرفة بعد سهرة خمرية لم تقع، والمرأة التي تودّ أن ترى الرجل بلا ساعة الذي غازلها البارحة، وهكذا دواليك.

وفي الجزء الثاني تحتل ماري ستويبر مكان يوليوس وأولاف في صالون الغرفة، وتجلس عارية لتروي بدورها حكايات لم ترها من النافذة، بل ابتدعتها أو قرأتها في صحيفة، كحكاية الرجل الذي انتشل امرأة نائمة من فندق يحترق، وإذا بالباب يفتح فجأة فتظهر المرأة النائمة والرجل الذي أنقذها…

كذلك تدور الأحداث وكأن كل تلك “الشخصيات” تلتقي أو تتنافر، وتتقارب أو تتصادم، وتتجاذب أو تتدافع دون سابق تخطيط مثل هباءات متموجة داخل حقل مغناطيسي.

وسط تلك اللقاءات المتشظية، الهاربة دوما دون منطق ظاهر، تتحدث المسرحية في نبرة جادة تتخللها السخرية والنزوة المرحة عن الجنون وضياع علائم الاستدلال في عالمنا اليوم. وقد اختار بوتو شتراوس أن يحطم أسس البنية الكلاسيكية (تصعيد، ذروة، حدث مفاجئ، انفراج، مع الحفاظ على وحدة الزمن والفعل) ليتبع مسارا طريفا مسليا لا يخضع لخطية متواصلة، ويفتح على عدة احتمالات كالتأويلات والأحلام والسير الذاتية مع تشكيلات تفرضها الصدفة وحدها.

هذا الجهاز النظري، الذي نجده في الموسيقى والفنون التشكيلية وقلّ نظيره في المسرح، يهدف إلى تكثيف الزمن الحاضر، وجعل المشاهد مشحونة في بدايتها على أن تنتهي وفق تقنية القطع في السينما.

المسرحية غريبة، معقدة، وإن كنا نلمس فيها صورة عمّا صار عليه المجتمع الغربي اليوم، مجتمع دائم الحركة، كثير الاضطراب، عاجز عن فهم ذاته، تولّد لديه الإخفاقات والنقائص نوعا من العبثية الهاذية، التي تثير السخرية، وقد نهض لها باقتدار المخرج ألان فرنسون الذي اعتاد التعامل مع كبار المؤلفين المعاصرين أمثال صامويل بيكيت وميشيل فينافر وإدوارد بوند وبيتر هندكه، مثلما أدار بامتياز طوال أعوام المسرح القومي للهضبة قبل أن يؤسس فرقته الخاصة “مسرح سحب الثلج”.

لقد حاول أن يسهّل مقروئية نص لا زمنية له، نص فصل فيه كاتبه الحيز الزمني والحيز الجغرافي، والحال أنهما منذ أرسطو لا ينفصلان، هدفه الحديث عن فوضى العالم وفقدانه إنسانيته.

نص تبدو وجوهه الذكورية والأنثوية قد استلت بغتة من العدم، ثم أعيدت إليه بنفس السرعة المباغتة، بعد مواجهات ودية أو عدائية أو لا مبالية، كل ذلك في مكان محصور (غرفة) وغير محدد بزمن ولا هوية.

----------------------------------------------
المصدر : جريدة العرب

كتاب " فلاسفة ومسرحيون " تأليف د. عقيل مهدي بوسف

عرض لصباح الأنباري لكتاب "سيميولوجيا الممثل " تأليف أحمد شرجي

مشروع التوطين لمسرح المدينة الصغيرة بشفشاون

مجلة الفنون المسرحية

مشروع التوطين لمسرح المدينة الصغيرة بشفشاون

عزيز ريان

قدمت فرقة المدينة الصغيرة بشفشاون عرضها الجديد : الرحيق الأخير بمسرح الهواء الطلق بالقصبة. في إطار برنامج التوطين الذي أطلقته وزارة الثقافة بالمغرب .والتوطين يدخل في إطار الدعم المسرحي التابع لوازرة الثقافة الذي يهدف إلى تنشيط مواقع مسرحية تابعة للوزارة خلال ثلاث سنوات مع تنويع في الأنشطة،فقامت جمعية المدينة الصغيرة بوضع أربع خطوط عريضة لبرنامجها التوطيني الذي سيعتمد على:الأعمال المسرحية،الدورات المسرحية،الندوات المسرحية،ونشر كتب مسرحية.

العنوان أو ثنائية التذوق:

التسمية: الرحيق الأخير وسمٌ يجمع بين الشاعرية والإشارة الضمنية لحلاوة عسل الاستقلال والتحرر من الاستعمار الغاشم. وبين الأخير كعلامة دالة عن نهاية وتوقف لهيب ذل الاستعمار.

 لا توحي التسمية بمضمون العرض وتجعل المتلقي يطرح أسئلة عميقة حول ماهيتها وبعدها الفلسفي. ويساعد على التتبع بدون أي معرفة مسبقة لمحتواه.

 السبياع مؤلف شاب من مدينة شفشاون  شق طريقه بثبات داخل مشهد الكتابة المسرحية التي تعرف شحا عموما. ليس عمله الأول،إلا أن أحمد لأول مرة يخترق عوالم الكتابة التاريخية التي تثير لغطا غالبا بين مؤيد للعودة للماضي أو معارض للاسترجاع الغير المُجدي. وبين من يطالب بقراءة جديدة للتاريخ بشكل عام وضرورة اختراق للفنون الأدبية لهذا المجال كي يتخلخل ميزان الحقيقة والتدليس بالكرونولوجيات التي وصلت لنا.

ولقد اعترف الكاتب بصعوبة اختراقه لمجال الكتابة التاريخية والتي فرضت عليه(… أن تفكر في الإضافة الفنية والفكرية التي يمكن أن تقدمها لهذا التاريخ،وعليك ألا تبدو وطنيا ساذجا،أو عدوانيا متعصبا،بل عليك أن تكتب تاريخك وكأن تكتب تاريخ قبيلة غريبة عنك. وبالنهاية عليك أن تكون إنسانيا وكونيا…)

تسرد المسرحية قصة  فنان نحات فرنسي عصر الاستعمار الفرنسي بمدينة طنجة المغربية،والذي ضغطت عليه الحماية الفرنسية ليقوم بنحت تمثال لعقيد فرنسي قتله المغاربة وهو في نزهة رفقة زوجته الشابة.

رفض النحات إلا أن جبروت السلطة الاستعمارية أرغمته على الفعل،دون أن تترك له حرية الفعل والإبداع،فلا فن ولا خلق بحد السيف..نتعرف خلال العرض على ظروف فترة الإستعمار التي نقلها لنا التاريخ برغم إمكانيات التشكيك التي قد تلازم العصر.

لغة العرض بالفصحى،والتي حاول الكاتب تبسيطها بشكل ملحوظ لكي تكون في متناول المتلقي،هو الذي نتلمس اعتماده على تقنية الكتابة العبثية التي تعتمد على (الأحورة) القصيرة والمقطعة والمترابطة واللاعبة بالمعاني والمفردات.

المعروف أن المخرج ياسين أحجام ممثل ووجه فني معروف داخل المشهد البصري المغربي،حيث له صيت وحضور ملحوظ على الشاشة الصغيرة كممثل له آلياته.

بالرحيق الأخير نكتشف أحجام كمخرج اعتمد على تكسير مفاتيح النص المكتوب واعتماد تقنيات ميزونسية فكك بها النص وحاول ايصاله للمتلقي بكل مستوياته.

اعتمد ياسين على تقنية الكورال أو الجوقة التي عرفها المسرح الإغريقي،وساعد ذلك العدد الكبير للممثلين والطاقم( 11 شخص). وظف كذلك تقنية كسر الجدار الرابع بمسرح العبث والتي تعتمد إشراك الجمهور. وقد تعمد تكرارها لكي يخرج بالحضور مما يعرف على التاريخ من جفاف وروتين.

أضاف المخرج (مؤدي أو مؤدية) لكي يضيف جوا موسيقيا مساعدا على رمي ثقل الملل من الأجواء التاريخية.  وخفف صوتهما وحضور آلة القيثارة من تشابك الأحداث واشتباك الماضي بالحاضر. ناسبت خامة صوت دلال البرنوصي وحرفيته الفضاء المفتوح ،وأضفت على العرض أجواء احتفالية وفنية رفقة الصوت الشاب ليوسف الزباخ الذي رافقها في العزف والغناء.

عموما صعوبات العرض تعود لنوع فضاء الركح والغير المساعد،فمسرح القصبة هو مسرح وحيد متواجد بشفشاون مقاعده 600 مقعد وخشبته إجمال مساحتها 14 متر مربع(مرجع بحث :المشاكل المطروحة في المسارح وقاعات المراكز الثقافية في المغرب،وهو بحث تخرج الطالب أحمد بن ميمون من المعهد العالي للمسرح بالرباط،ص:79) إلا أن الواقع أن مقاعده لا تزيد عن 300 مقعد.

خشبة لا تناسب العروض المسرحية التي تعرض فوقها فقد صممت عن جدار الخلفية (Mur de lointaine) بحوالي متر مما ترك هوة سحيقة ودون أي إجراء وقائي وهذا يمثل الخطورة القصوى على الممثلين والتقنيين الذين قد يتعرضون لحادثة مميتة إن هم تحركوا بحرية أو تراجعوا إلى الخلف أثناء العرض وفي إنارة خافتة.(ص  82 من نفس بحث أحمد بن ميمون)

 نلمس إشكالية الإخراج المسرحي بالمغرب منذ عقود وذلك لتواجد جهة واحدة رسمية تعكف على تدريسه: المعهد العالي للمسرح بالرباط،وقد طالب المخرج ياسين في حوراه أن يتم خلق معاهد جهوية متخصصة في كل الأغراض المسرحية. وعن سؤالنا له عن تصوره الميزونسيني الذي اعتمده في العرض أكد ياسين 🙁 استقر المشروع المسرحي ” الرحيق الاخير” على هويته النوعية و هي “كوميديا تاريخية غنائية “،و قد انبنى تصوري لإخراج هذا العرض على تحدي كبير جدا و هو منافسة كل المنتوجات البصرية لعصر “سمارت- فون ” أي خلق مشاهد قصيرة طريفة خفيفة فيها مزيج من التمثيل و الغناء و الرقص التعبيري في كل مشهد لا تتجاوز مدته أكثر من دقيقتين  أو ثلاث على الأكثر بحيث يعتبر المشهد كوحدة جمالية مستقلة و مختلفة عن باقي مكونات العرض و يحمل جزءاً من حكاية العرض في تناغم شديد مع الايقاع و التسارع في منح المتلقي المزيد من التشويق و التحفيز لمتابعة العرض إلى نهايته ، نعتبر هذا العرض جديدا على مستوى الشكل و نقل المضمون .)

 الإخراج تأليف بصري سمعي جديد بحسب رؤية وتصور كل مخرج على حدة.ومن يتابع أعمال ونصوص السبياع يعرف جيدا أسلوبه التعبيري والحبكي ويتعرف بيسر على تعابيره ومعانيه. إلا أننا بالعرض نجد حضورا للمسة المخرج بشكل أو بآخر. وعن سؤال للمؤلف عن:” كيف ترى لعبة جر الحبل في تنفيذ النص بين الكاتب والمخرج بشكل عام؟ فلقد أجاب مؤلفنا بصراحة وهو يرمي بالنص كجمرة حارقة للمخرج:(قلت دائما في حصص مناقشة العروض، إن نص العرض المسرحي لا يمثلني إلا في تفاعلي مع طاقم العمل ومنه المخرج. أما نصي الذي يمثلني مائة بالمائة فهو الذي أنشره. أما لعبة جر الحبل، فأنا عادة أنصاع للمخرجين، ليس لأني منهزم، أو لأني ضعيف، بل لأني أعتبر أن الإخراج حالة طارئة تحدث على النص المسرحي وتنتهي، وما يبقى هو نص المؤلف الذي ينشر في كتاب، قد يأتي بعدها مخرج آخر طارئ دائما فيحقنه بجنونه، وأنا أنصاع عادة لهذا الجنون).

 الممثلون عرف أدائهم تنوعا على مستويات،بحسب المقاطع وتفاعل الحضور،وبحسب مدة حضورها فوق الركح.أبانوا عن قدرات مختلفة بحسب كل شخصية. مع تسجيل عودة مخلص بوشادر الذي غاب طويلا عن الخشبة. طبعا تبقى أهم ما يمكن تسجيله هو تذبذب مستويات الممثلين وخصوصا في طريقة النطق والأخطاء النحوية،مع ضعف الصوت عن البعض بسبب عدم تمرسه مع القاعات المفتوحة.

ويمكن اعتبار  دور النحات جورج الذي شخصه خريج المعهد العالي للمسرح بالرباط الشاب الشفشاوني منصف القبري،دورا محوريا باعتبار دوران كل الأحداث عليه. دون إغفال حضور كل ممثل أو ممثلة. ولقد بين منصف كيف اشتغل على الدور:”عند القراءة الاولى لنص “الرحيق الاخير” للكاتب المغربي أحمد السبياع،اثارتني شخصية “جورج النحات”,،في هذه الأثناء لم أكن أعرف بعد أي شخصية سأقوم بتجسيدها، وبعد القراءة الجماعية مع مخرج العرض الفنان ياسين أحجام تم بالفعل اختياري لتجسيد هذا الدور.”جورج النحات” لم يكن بالدور الهين، فقد تطلب مني مجهودا كبيرا خلال اعداده بطبيعة الحال تحت إدارة المخرج ياسين أحجام،الذي ساعدني ووجهني كثيرا حتى أستطيع تركيب هذه الشخصية على رؤيته الإخراجية، خاصة وأن “جورج” شخصية تختلف عن باقي شخصيات هذا النص بسبب حساسيته الفنية على غير الشخصيات الأخرى التي غالبيتها مُحاربة أو مخزنية، وأيضا تجسيد هذا الدور تطلب مني مجهودا جسديا كبيرا بحيث اعتمدت خلال اشتغالي على الشخصية، إضافة إلى تقنيات التمثيل،على الرقص والتعبير الجسدي”.

الدور برغم هذا لازال لبعض التفصيلات التي يتطلبها بالخصوص مع الحقبة الزمنية التي عاشها النحات وما صاحبها من عقائد فنية تتعلق بالفن والأزياء والإكسسوارات وطريقة التصرف.

السينوغرافيا اعتمدت على ديكور يوحي للظروف التاريخية بشكل مختصر ورمزي،يوفر الأجواء المناسبة للأداء.الإنارة لا يمكن التطرق إليها كي لا نظلمها لأننا في فضاء مفتوح ويقترب من طريق عمومي مضاء. أما الملابس التزمت بالظرفية التاريخية المعروفة وقتها،ببساطة جنت على بعض الشخوص.

الموسيقى توزعت بين عزف ومصاحبة أدائية حية للثنائي دلال البرنوصي وعزف منفرد للقيثارة،وبين مؤثرات موسيقية وسمعية ذكرت بالفترة التاريخية والحمولة الكبرى للاستعمار بالعالم العربي خصوصا. ولقد غنت دلال مقاطع إسبانية بدت مقحمة لمن يتقن اللغة بسبب معانيها وأبعادها البنوية.

إذن،الموسيقى المزدوجة لمحت من بعيد إلى ازدواجية أهداف الاستعمار: حيث السبب المعلن وهو التحرير ومساعدة الشعوب والسبب الخفي وهو استغلال المواد الأولية وخيرات البلاد.

الرحيق الأخير: تأليف أحمد السبياع ,إخراج: ياسين أحجام ,إنتاج: مسرح المدينة الصغيرة بشفشاون 2016

شفشاون المغرب

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption