أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الخميس، 3 أغسطس 2017

مسرحية "وعاد السندباد " تأليف : عدي المختار

“على خصر موجة” مسرحية تحاكي واقع اللاجئين السوريين، على مسرح ثانوية مجدل شمس

مجلة الفنون المسرحية

“على خصر موجة” مسرحية تحاكي واقع اللاجئين السوريين، على مسرح ثانوية مجدل شمس

جولاني : 

برعاية مركز الرواق الثقافي، عرضت في قاعة ثانوية مجدل شمس، مساء أمس، مسرحية “على خصر موجة”، بحضور حشد كبير من الأهالي، وخاصة من الشبيبة.
تحاكي المسرحية مأساة اللاجئين السوريين الذين توزعوا في أصقاع الأرض بعد اندلاع الأحداث في سوريا، وتمثّل فيها مجموعة من طللاب المدرستين الإعدادية والثانوية، الذين شاركوا في ورشات تعليم التمثيل، من خلال دروس التعليم اللامنهجي في المدارس، والتي تقام بالتنسيق والتعاون مع مركز الرواق للثقافة والفنون (نهاد رضا، بريسّا أيوب، ريتا أيوب، سناء أبو جبل، ليان حلبي، مايا العجمي، مارسيل الجوهري، يزن القضماني ومادلين محمود).
وعن المسرحية يقول مدير مركز الرواق، الكاتب معتز أبو صالح:
“على خصر موجة تحكي قصة مجموعة، كانت تعيش بسلام، وفجأة تنتابها محنة الحرب الغامضة، مما يزعزع وجودها، فتتبعثر وتركب البحر الى عناوين مجهولة.
خلال هذ الرحلة القصرية، تعلن هذه المجموعة عن هويتها، منهم من حلب، منهم من حمص، من الرقة، اللاذقية وغيرها من المدن والبلدات، ونراهم بعد ذلك مشردين في بقاع الأرض، مصير تراجيدي، لكن المسرحية تختتم برقصة الأمل التي تنبء عن إرادة جديدة.
يؤدي المسرحية مجموعة من طلاب ثانوية وإعدادية مجدل شمس بالاشتراك مع الممثل نهاد رضا. تأليف وتدريب وإخراج سعيد سلامة، وإضاءة نعمة زكنون.


















كتاب "خطاب الصورة الدرامية "تأليف : حسن عبود النخيلة

كتاب "لغة العرض المسرحي" تأليف : د. نديم معلا

المسرحي إبراهيم الحسيني : جذرية الإبداع تخترق الحدود إلى المتلقي العالمي

مجلة الفنون المسرحية

المسرحي إبراهيم الحسيني : جذرية الإبداع تخترق الحدود إلى المتلقي العالمي

حاورته :نجوى المغربي - كتابات 

حين يتحرك النص المكتوب.. ويضحك أو يبكي, يضئ ويظلم, يجرجر ملاحم الماضي أو يبقر بطن الحاضر.. نسميه مسرح. في الماضي البعيد بدأ بترانيم المعابد وصراع الخير والشر، ماراً بملاحم العمالقه وأساطيرهم، وصولاً إلى بوابات عصرنا ونمنماته المختلفة التي أجادها المجددين أمثال “إبراهيم الحسيني”.. الذي أعتلى ظهر النص وملك نواصيه حتى لا يرهق المتلقي في اللهاث وراء الفكرة والمضمون.. فجمع بين الدراما والكوميديا في حدوتة شيقة تلائم شرائح المجتمع الثقافية المختلفة, فجاءت أعماله لتحصد الجوائز أولاً بأول حتى أنني أقول أن ما كتبه أيقظ حتى “الجوائز النائمة”.. لذا حاورته  لتلمس بعض من ملامح ابداعه وفنه..

 من سبق الآخر نصك المسرحي أم تفاعل الجمهور ؟

كلاهما جاء في الوقت المحدد له.. أعتقد أن شغف الجمهور واستعداده لتلقي السمين كان مشجعاً لسؤالك الذي يحمل العديد من أوجه الإجابة.. فالجمهور كان مشتاقاً ليجد نفسه وينظر إليه والنص كان محققاً لذلك بأجود ما يكون من عناصر فعالة.

 جماليات الفصحى والعامية في البناء المسرحي.. هل احداهما تطيل عمر النص زماناً ومكاناً لتحقق هدفها الأكبر للإنسان فى كل.. وأى منهما كما فعلت “جنة الحشاشين” و”كوميديا الأحزان” ؟

حين يحتاج النص لتحولات اللغه لابد أن يستجيب حتى الإتساق التاريخي والشعبي.. هكذا أرى فالتجريب عشقي, والتجربه المكتوبة ليس لها أن تثري إلا إذا آثرت وأثرت. وفي “جنة الحشاشين” كانت محاولة مني لرؤية آثر تحولات اللغة وجمالياتها على البناء المسرحي فقصة العمل تدور حول واقع تاريخي.. كتبت 23 مشهداً منها بالعامية ثم تصورتها بعد ذلك بالفصحى فكانت النتيجة مذهلة لـ27 مشهد يصور فكرة التصادم بين انسانية الشاعر وتملق السياسي والتعصب الديني، وذلك من خلال ثلاث شخصيات مهمة فى التاريخ الإسلامي كأبطال العمل “عمر الخيام” ومن يمثل نظام الملك ورجل السياسة و”حسن الصباح” مؤسس جماعة الحشاشين التاريخية المشهورة التي كانت تتخذ من الدين ستاراً للوصول لأهدافهم السياسية, وحصد العمل بجدارة “جائزة ساوريس 2003” مرتين.. مرة للعامية وأخرى للفصحى عام 2011.

 “الحسيني” الناقد المسرحي وصاحب “كوميديا الأحزان”، المعروضة على أهم مسارح الغرب واميركا لسبع سنوات متصلة، الحكاية المتسقة بكل خطواتها مع الإبداع ذاته.. هل تعتقد أن المتلقي الآن أكثر وعياً وظمأ للإبداع الإنساني بعيداً عن الإسم واللغة والهوية لصانع العمل مروراً بالمسارح عالمياً وعربياً ووصولاً للقائمين على الجوائز ؟

إنطلاق الحكاية وعناصرها عبر وعائها الإنساني كالسهم نحو أهم مسارح العالم في “برادواي” بأميركا وغيرها كان خير شاهد ودليل على جذرية الإبداع في الكتابة والهدف منها والإقتراب قدر الإمكان من عوالم البشر الخفية بعد بعثرة الأقنعة للكتابة عن قيمة وانسان وحكاية تجمعهما, لذا كان الإحتفاء بحكاية الأحزان ومنحها مزيداً من الحيوية والطاقة، عبر أروقه المتلقى العالمي سواء بالعرض المبهر كنص شباك أو بترجمتها أو بإحتفاء المتلقي والمتخصص والجهات الإعلامية بها.

 النصوص الكوميدية السهلة بمعنى الاستخدام المسئ للمسرح.. أين الثقل المسرحي.. أم هذا منطق الوقت الحالي ؟

“نظام” العمل الثقافي داخل مصر لا يتعدى داخل أروقتة, ولا يؤثر على المحيط الخارجي كما هو منوط به, ومنطق الثقافة والصعود للكاتب عندنا يأتي بالصدفة.. لابد من ارتفاع الوعي الثقافي داخل المجتمع المصري والوصول للهدف من وجود كل الأشكال والمؤسسات الثقافية لدينا, حينها فقط ستقدم النصوص المسرحية الهادفة والكوميدية وسيطرد تباعاً ذوق الجمهور – المربى ثقافياً – كل ما هو تافه وبلا قيمة.

 تتهم “العولمة” بانعدام الضمير كثيراً ونصيبنا منها نحن العرب لا يتعدى المزيد من قوى الإستهلاك والإستهلاك فقط.. كيف تنجو بنصوصك من حالات سهام المادية ولوثة العصر ؟

بتظافر جهودي وحدي.. وبألا يشغلني أي نص عن الآخر, وايمان راسخ بأن من لديه شغف بالسؤال الثقافي الكبير لابد ألا يتوقف عن خطط الإبداع.

هل هناك أزمة مسرح ؟

هناك أزمة فكرة ونص وإبداع وتربية ثقافية يجب أن تزور المتلقي المنعزل بفعل فاعل وبفعل الظروف, أما ما يوجد الآن فما هو إلا تضليل ثقافي, ونصوص غارقة في التراجع والهزل, على الرغم من وجود قضايا كثيرة وجادة يمكنها أن تتمسرح وبإمتياز.
(كتابات): ماذا تقدم الورش المسرحية للمستهلك المسرحي والكاتب باعتباركم أحد روادها في العالمين العربي والعالمي ؟

تقدم تنقية خالصة لأي تشوه أو لبس قد يعيق أو يؤخر التنمية الإبداعية, كما أنها محرض وداعم في ذات الوقت للتجديد والحوار بين المبدع ومدربه, علاوة على خبرات منتقاة تقدم على مرحلتين للمتلقي المبدع المباشر ولهيئة الثقافة في دولته أو مكانه من خلاله، وهي ما تمثل العملية الثقافية برمتها في عالمنا, نحاول دعم الحركات الشبابية المسرحية في دولنا وخاصة دول الخليج والمغرب العربي لبناء نهضة مسرحية فنية حافلة في بلادها.


 ما رأيك في تجارب “أفلمة” النص المسرحي ؟

النص المسرحي قابل دائماً للتحليق بعناصره وعناصر مضافة أخرى ببراعة, فهو كجنس واقع بين الأدب والسينما قبل أن تتم تأديته على الخشبة, إلا أن النص المسرحي يتفوق على ما سواه كون الصورة هي من تكون في خدمتة, فقراءة مسرحية مكتوبة تفي بحاجه القارئ لمراحل كبيرة عن رؤيتها, عكس الفيلم الذي لا تكفي ولا تفي بأي حال قراءة سيناريو له عن رؤيته ومشاهدته, لكن هناك بعض النصوص المسرحية التي تتراجع قليلاً أمام الصورة المشهدية بوجود ممثلين معينين ويجب أن يتم بإخلاص شديد للنص بلا شك, وإذا ما أخذنا “روميو وجوليت” كمثال نجد النص حين نقل للسينما اقترب من المشاهد والصور, كذلك حين تمت تأديته كعروض بالية حيث الإعتماد كلية على الصورة والموسيقى والإخراج والآداء, هنا اختفى النص تماماً واستبدل بالراقصات وتمت المحاورة بالرقص وهناك نصوص آخرى كـ”هاملت” و”أوثيلو”, وفي كل الأحوال “أفلمة النص المسرحي أو عرضه كـ”باليه” هو إعادة قراءة للنص ضمن ما يوضع أو يحذف من أدوات جديدة.


 كل نص مسرحي عليه إيصال رسالة لمتلقيه ماذا أوصلت من رسائل ؟

هو مستخلص كبير حسب الفضائل والعادات والتقاليد والنظم والقوانين والمسموح والمحظور، وفي النهاية أعتقد أنني فتحت شبابيك كثيرة كلها على حرية وأمل وحب وفرص جديدة لمبدعيين جدد من جيل المسرحيين.


نبذة عن الكاتب والناقد المسرحي: “إبراهيم الحسيني”.. حصل على العديد من الجوائز العربية والخليجية والعالمية المتنوعة، فلم يترك عمل له إلا وحصل على جائزة أو جائزتين.
ترجمت مؤلفاته المسرحية لأكثر من خمس لغات عالمية.

عرضت المسارح العالمية بأوروبا وأميركا أعماله لسنوات، ورحب بها الوسط الإعلامي والنقدي المتخصص، وتمت بشأنها توصيات الإهتمام والتحليل والدراسة وحصدت الجوائز.

يعد الكاتب والناقد المسرحي من أغزر المؤلفين إنتاجاً والذي تنوع بين المسرح والنقد والسيناريو والشعر.

الأربعاء، 2 أغسطس 2017

“الفجيرة للثقافة والإعلام” تطلق مسابقة نصوص المونودراما

مجلة الفنون المسرحية

“الفجيرة للثقافة والإعلام” تطلق مسابقة نصوص المونودراما

الفجيرة اليوم : 

أعلنت هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام بدء تلقي المشاركات في مسابقة نصوص المونودراما 2017- 2018 ابتداء من اليوم الثلاثاء الأول من شهر أغسطس، وحتى 31 ديسمبر 2017، وبعدها سيتم قراءة النصوص المشاركة وفرزها من قبل لجنة عربية، وصولاً إلى الإعلان عن الفائزين ومنحهم الجوائز.

وأكد مدير إدارة الشؤون الثقافية في الهيئة فيصل جواد، أن الهيئة حريصة على ديمومة المسابقة بحسب توجيهات رئيسها سمو الشيخ الدكتور راشد بن حمد الشرقي، لما تمثله المسابقة من تنشيط حركة التأليف المسرحي ورفد المكتبة العربية بنصوص مسرحية ذات خصوصية عالية، وذلك لانحسار كم النصوص في المونودراما فضلا عن ظاهرة أزمة النص المسرحي.

وأضاف أن الهيئة تهدف إلى تحفيز الكتاب والمبدعين في الوطن العربي لإظهار طاقاتهم الإبداعية وتحفيزهم للكتابة في واحد من أصعب أنواع الفنون المسرحية وهو المونودراما، و قررت أن تكون لجنة التحكيم في المسابقة مفتوحة على أكبر عدد من أساتذة المسرح، وارتأت أن تجدد بدءً من الدورة هذه بعض الاسماء في اللجنة على أن يستمر تجديد الأسماء في الدورات المقبلة.

وبإمكان المشاركين رفع مشاركاتهم عبر البريد الإلكتروني  monodrama@fcma.gov.ae ، وحددت هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام عددا من الشروط أبرزها :

-المسابقة ستكون مفتوحة لكل الكتاب الراغبين في المشاركة من كافة الأعمار.

-العربية الفصحى هي اللغة المعتمدة لقبول النصوص.

-لا يقل عدد كلمات النص عن 3000 كلمة ولا يزيد على 3500 كلمة.

-يتوافق النص مع القواعد الأساسية للكتابة الدرامية.

-الكاتب حر في اختيار موضوعه، وله ملامسة القضايا الكبرى، مع مراعاة طبيعة المجتمع العربي وعدم الدعوة إلى ما ينافي العادات والتقاليد، وما لا يمس الثوابت الدينية ولا يدعو إلى العنف والتطرف.

-أن لا يكون النص قد اشترك في مسابقات أخرى.

-يقر المتقدم بأن النص الذي يتقدم به هو من تأليفه وإبداعه وحده، وليس له شريك فيه، وأنه ليس مقتبسا أو معدا عن عمل آخر له أو لغيره.

-يتحمل المتسابق وحده مسؤولية أي ادعاء أو مطالبة من الغير في ما لو فاز بأيٍ من جوائز المسابقة.

-يحق للمتقدم، الذي لم يفز بأية جائزة، التصرف بعمله بعد إعلان النتائج وفق ما يراه.

-الهيئة لا تلتزم بإعادة النصوص إلى أصحابها سواء فازت أو لم تفز.

-الأعمال الفائزة بالجائزة تصبح ملكًا لهيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، ولها وحدها حق إنتاجها والتصرف بها وفق ما تراه.

-تحتفظ الهيئة للفائزين بحقهم الأدبي في وضع اسمهم واضحًا على أعمالهم حين إنتاجها على أي صورة من الصور.

-لا يحق للكتاب الفائز التصرف بنصه والمشاركة في أي منشط دون الرجوع للهيئة.

-لا تستقبل الهيئة أي عمل سبق أن تقدم لها في أية دورة من دوراتها.

-لا يحق لأي عمل فاز بأي جائزة أخرى التقدم لهذه المسابقة.

-يحق للهيئة طباعة النصوص العشرة الأولى دون أن يترتب على الهيئة أي استحاقات مادية.

يرفق المتسابق بخط يده إقرارا بالموافقة على شروط المسابقة كاملة وبقرارات لجنة التحكيم.

وبإمكان المشاركين رفع مشاركاتهم عبر البريد الإلكتروني: monodrama@fcma.gov.ae

مسرحية "حكمة الغراب "تأليف: إيمان الكبيسي

متاهةُ العلامات في العرضِ المسرحي

مجلة الفنون المسرحية


 متاهةُ العلامات في العرضِ المسرحي


أحمد شرجي 

 هو الكتاب الذي  اشتغل عليه منذ أكثر من سنتين، وهو الإصدار الثالث ضمن مشروعي النظري  (سيميولوجيا المسرح)، والذي يتناول تمظهرات العلامة من الناحية الثقافية،  حيث تضطلع ثقافة العرض المسرحي بدور مهم في قراءة العلامات اللغوية  والبصرية. وتبدأ عملية انتقال العرض المسرحي من سياقه الأصلي إلى سياق  ثقافي جديد وحاضن، انطلاقاً من قراءة النص المسرحي.
ويستمد المخرج علاماته الجديدة من ثقافته الخاصة، استناداً إلى المجتمع الذي يعيش فيه والثقافة التي تتشكل من العادات والتقاليد والمعتقدات المجتمعية. يكتب النص المسرحي داخل ثقافته الخاصة تاريخياً وزمنياً. وتشكل عملية إنتاجه الحديثة انزياحاً عن ثقافته الأصلية، إذ تفكك شفرات المؤلف وعلاماته اللغوية والبصرية، وتركب علامات بديلة تنتمي للثقافة الجديدة، وتخضع كل العناصر المسرحية الأخرى من إضاءة، وديكور، وأزياء، وموسيقى، وممثل، وماكياج للعملية ذاتها.
وهنا نتساءل: هل يتشكل العرض وفق الثقافة التي أنتج داخلها، أم تبعاً لثقافة النص؟. وفي حال انتقال العرض المسرحي إلى سياق  ثقافي مغاير، هل يستطيع المتلقي قراءة العلامات اللغوية والبصرية والسمعية للعرض بقصديتها الإرسالية؟ أو تدور العلامات في متاهة حقيقية، نتيجة ذلك الانتقال؟. وما هو تأثير ثقافة الممثل الأصلية على العرض؟. وهل يمكننا أن نتحدث عن سيميولوجيا العرض المسرحي في المسرح الحديث؟ أم أن السميولوجيا ذات خصوصية أدبية؟. وهل تخضع العلامة المسرحية لمبدأ الاعتباطية اللغوية؟ أم لاتفاق صناع العرض المسرحي؟. 
تُركب العلامات داخل العرض المسرحي بناء على ثقافة العرض، ويلتقطها المتلقي بيسر بحكم انتمائه إلى الثقافة نفسها، وعندها يشرع في وضع تأويلاته الخاصة تبعاً لمرجعيته الثقافية. إن العرض المسرحي عملية”ترحيلية". فالنص يرحل إلى ثقافة المؤلف، ويزيح المخرج ثقافة الأول ويحمله ثقافته الخاصة، ويستقبل المتلقي العرض بصفته جزءاً من الثقافة المجتمعية. ولذلك، قد لا يشتغل العرض ثقافياً وعلاماتياً إذا رُحلَ إلى ثقافة مغايرة لثقافته الأصلية. فالعلامات تشتغل بدينامية داخل ثقافتها، وحين تنتقل إلى سياق ثقافي آخر تغترب ثقافياً. إن للعلامة ثقافتها الخاصة، وترتبط بالمرجع اللغوي والثقافي التي ولدت فيه، وتصبح صعبة القراءة والتأويل إذا انتقلت إلى ثقافة أخرى. وبالتالي، تشكل الثقافة والعلامة وجهين لعملة واحدة داخل العرض المسرحي. وهو ما يحفزنا على التساؤل: هل يخضع العرض المسرحي ثقافياً للنص أم للعرض؟ وماذا عن ثقافة الممثلين، خاصة حين يتعلق الأمر بفريق مسرحي متعدد الثقافات (تجارب بيتر بروك Peter Brook مثلا)؟. وهل يمكن تطبيق النظام الألسني (اللغوي) على العرض المسرحي؟ بمعنى آخر: هل يمكن تحليل العرض المسرحي وفق قواعد لغوية؟. وهل استطاع المنهج السيميولوجي مسرحياً التوصل لآليات اشتغالية قارة، بعيدا عن تصورات اللسانيين؟.
ونرى بأنه يصعب السيطرة على البعد الثقافي للعرض المسرحي، لأنه يرتبط بثقافة منتجيه من جهة، وبالمتفرج من جهة ثانية، بوصفه الشريك الحقيقي لعملية التواصل. فهو المرسل إليه ومتلقي الرسالة، ويضع مقارباته الثقافية والاجتماعية بناءً على ما يرسله العرض. ولا يمكن التسليم بقدرة المتفرج على فك شفرات العرض وتحديد معناه، وفق قصديته الإرسالية، لأن العرض يرسل عدداً وافرا من العلامات في الوقت نفسه. وهو ما أشار إليه الفرنسي رولات بارت Roland Barthes، حين وصف العرض المسرحي بأنه”آلة سبرنطيقية". وهنا نتساءل: هل السيميولوجيا نظرية متكاملة تستطيع تحديد مسارات العرض المسرحي؟ أم  أنها مجرد فرع علمي؟ فهل يحتاج صناع العرض المسرحي لـ(عقد قار) مع المتلقي من أجل إفهامه قصدية العلامات التي تبثها المنظومة العلاماتية؟. والموضوعة حتمت اختيار عروض تطبيقية من خلال نص واحد قدم في ثقافتين مختلفتين لغوياً وعقائدياً واجتماعياً ودينياً، وهما الثقافة الهولندية والثقافة العراقية، وتوفر ذلك في نص فلاح شاكر(في اعالي الحب)، والذي ترجم وقد داخل الثقافة الهولندية من قل مخرج هولندي، وقدمه في العراق الدكتور فاضل خليل.
وانتظر اصداره نهاية هذا العام عن مركز بحثي عربي  مهم.

-----------------------------------------
المصدر : المدى - ملحق اوراق

*الثنائيات في نص مسرحية " المئذنــــــــة"

الثلاثاء، 1 أغسطس 2017

مسرح الشارقة يحط رحاله في مالمو ضمن جولة عالمية أمتدت عشرة سنوات

مجلة الفنون المسرحية

مسرح الشارقة يحط رحاله في مالمو ضمن جولة عالمية أمتدت عشرة سنوات


يزور السويد حاليا، مدير المسارح في دائرة الثقافة في إمارة الشارقة أحمد رحيمه، والفنان أحمد الجسمي مدير مسرح الشارقة وذلك لتقديم عرض مسرحية  ( النمرود )، وهي المسرحية التي حظيت بإهتمام غير مسبوق من الجمهور والنقاد العرب حيث عُرضت في عدد كبير من البلدان العربية والأوربية من بينها مصر ولبنان وسوريا وتونس ورومانيا وأيرلندا وأسبانيا وهنغاريا وألمانيا .

وقريبا يمكن للجمهور العربي والسويدي أن يشاهد هذا العرض ضمن العروض المستضافة في فعاليات مهرجان مالمو الصيفي وذلك يوم الأثنين 14 آب/ اغسطس 2017 على مسرح البلاديوم  حيث يستضيفها مسرح بلاحدود في مالمو بالتنسيق مع مؤسسة موسيقى الجنوب في سكونه : Gränslösa Teatern & Musik i Syd

المسرحية من تأليف الشيخ د. سلطان بن محمد القاسمي وإخراج الفنان التونسي المنصف السويسي الذي يُعد من أشهر مخرجي المسرح العربي المعاصر والذي فارق الحياة في العام الماضي ، ويمثلها نخبة من نجوم المسرح الإماراتي من فرقة مسرح الشارقة الوطني من بينهم النجم المسرحي والتلفزيوني الفنان أحمد الجسمي .

تستلهم المسرحية مادتها الأدبية من قصص وأحداث تاريخية لتسقطها على الواقع الأليم الذي تشهده المنطقة العربية ، حيث تدور حكاية المسرحية حول النمرود بن كنعان حاكم وملك بابل وآشور الذي ورد ذكره في الكتب السماوية وذكرته المدونات الآثارية وصورت قسوته وتعسفه وطغيانه ضد شعبه ، حتى أن أهل البلاد لم يشهدوا زمناً أشد قسوة من ذلك الذي شهدوه معه من جراء ما لحق بهم من عُسف وقتل وأضطهاد .

غير أن مصير نمرود لم يكن أقل قسوة عليه من قسوته على شعبه ، إذ أبتلي بمرض عضال أحتار به الحكماء ولم يجدوا له سبيل للشفاء غير أن يتعرض الملك للضرب على رأسه مراراً وتكراراً ، ولكي تكتمل سخرية القدر من ذلك الطاغية يكون شفاؤه الوحيد هو بضربه من قبل ضحاياه بطريقة مهينة  ومثيرة للضحك والسخرية . وهكذا تجمع المسرحية بين المضامين السياسية والفكرية الجادة والأجواء الساخرة والممتعة التي تُقدم الحكمة والمعرفة عبر أداء ممتع يجمع بين الجدية والكوميديا .

يفخر مسرح الشارقة الوطني الذي يحط رحاله قريبا في مالمو بأنه من المسارح الرائدة في دولة الأمارات العربية وأكبرها في إمارة الشارقة حيث بدأ مشواره الفني عام 1978 وأستقطب خير الخبرات المسرحية الخليجية والعربية من المخرجين المسرحيين ، وعمل على نشر الوعي الفني والثقافي في المجتمع الأماراتي وإحياء دور المسرح في ما تشهده البلاد من تطور في المجالات كافة وخصوصا في التنمية الأجتماعية وإحياء مضامين العدالة الأجتماعية والتآخي بين فئات المجتمع العربي بكل أطيافه الأثنية والدينية  وبث رسالة التسماح ومواجهة الطغيان والتطرف وما نتج عنهما من أزمات وحروب وأقتتال . ويأتي عرض هذه المسرحية للجمهور العربي والسويدي ضمن جولة جديدة يوقم به المسرح في مدن عالمية مختلفة تهدف لتقديم صورة عن الثقافة والفنون العربية التي تعمل على مواجهة التطرف والطغيان الأرهاب وتنتصر لحقوق الأنسان في حياة كريمة وتدعم  الجالية العربية في المهجر لمواجهة التُهم الذي يحاول المتطرفون من كل الجاهات ألصاقها بثقافتنا العربية .
الفنان أحمد أبو رحيمة

أحمد أبو رحيمه مدير مسارح الشارقة: تربطنا بالسويد علاقة نريد لها أن تتطور ولا تنقضي بزوال هذا الحدث الثقافي

 في حوار مع الأستاذ أحمد ابو رحيمه مدير المسارح في دائرة ثقافة الشارقة حدثنا عن مغزى عرض هذه المسرحية في مالمو لجمهور الجالية العربية والجمهور السويدي معاً قائلاً :

ـ إن العمل الثقافي بما له من شرف ورفعة، لا يقيَّم إلا بناءً على اتساع دائرته وتعدّي أثره للمزيد والمزيد من الجمهور الذي يستجيب له ويتفاعل معه ، وهذا ما تعمل دائرة الثقافة بالشارقة إنطلاقاً منه وحرصاً عليه وإدراكاً منا أن المسرح هو لغة الجميع وما ذاك إلا ركن أصيل من الأركان التي تقوم عليها رؤيةٌ متكاملةٌ خطّها ورسم معالمها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى – حاكم الشارقة، والتي نفخر بأن نعمل وننجز ضمنها.

وما يميز مسرحية “النمرود” التي كتبها سموه ، وأخرجها المخرج القدير الراحل المنصف السويسي، وأنتجها مسرح الشارقة الوطني، أنها استطاعت وبجدارة أن تشكل أداة مثلى لتحقيق هذه الرؤية، ووسيلة ناجحة لبدء حوار ثقافي تلو الآخر.

كان دائماً لدى هذا العمل الفني القدرة على التخاطب مع مختلف الأجناس والأعراق، بلغة فنية هي أجدر على التواصل، وإنه لشرف لنا أن نكون خلف هذا العمل المسرحي على مدار عشرة أعوام، نشهد خلالها نجاحاته في العديد من البلاد العربية والأوروبية، وشرف آخر أن يكون هو حادينا لإقامة روابط إنسانية وفنية جديدة .

وها نحن أمام كسب ثقافي جديد وتأكيدٌ آخر لذات الرؤى يسجلها اليوم هذا العرضُ المسرحي الفريد في السويد التي يربطنا بها حوار ثقافي متواصل وعلاقةُ ودٍ ساميةٍ، نرجو أن تتوطد من خلاله، فلا تفتر ولا تنقضي بزوال الحدث بل تتطور وتتواصل .
الفنان أحمد الجسمي

الفنان والنجم المسرحي والتلفزيوني الأماراتي أحمد الجسمي :

 التمثيل أمام الجمهور الأجنبي حافز للأجتهاد.

عن سؤالنا له:  ماذا يعني لكم دوركم في هذه المسرحية، وكيف إستطعتم تجسيد هذه الشخصية التاريخية  والعثور على روابط بينها وبين الشخصيات السلطوية المعاصرة التي تقود مجتمعاتها نحو الحروب والدمار ، أجاب الفنان أحمد الجسمي قائلا:

–  إن أي فنان لديه في مخزونه الفني مجموعة من الشخصيات المختلفة سواء كانت تراثية  أو اجتماعية تمكنه من لعب أدواء مختلفة بحسب ما تتطلبه الشخصية في العمل الفني، لكن التصدي لأداء الشخصيات التاريخية مثل هولاكو أو صلاح الدين أو النمرود في الاعمال التاريخية سواء كان العمل مسرحياً أو تلفزيونياً، يحتاج أن يؤديه الممثل بشكل مختلف فهو بحاجة إلى الوعي والثقافة وأدوات تمكنه من اداء الشخصية التاريخية المطلوبة بدقة متناهية، خصوصاً إذا كان العمل قد كتب بلغة مسرحية راقية .

وقد مثل دوري في مسرحية النمرود إضافة كبيرة وقيمة تضاف إلى رصيدي الفني، من خلال والقراءة والإطلاع والبحث الشخصي للوصول إلى الباعث الذي يمكنني من اداء الشخصية المسرحية التي اقوم بها والغوص في تاريخها الذي يتعدى البحث في شخصية بعينها، بل يتسع ليشمل العديد من النماذج السلطوية عبر التاريخ التي تمتلك قواسم مشتركة من الظلم والجبروت، وهناك بعض الرموز في زمننا الحاضر متفقة مع النمرود نهجاً ومصيراً، لأن الحق والعدل هو من ينتصر ويسود وإن طال مكث الظلم والطغيان .

ثم سألناه عن تجربة التمثيل لجمهور غير عربي، وهل يؤثر ذلك على حضوره فوق خشبة المسرح ، فأجاب:

ـ اعتبره محفزاً لي كي اجتهد أكثر من أجل ايصال فكرة العرض وفلسفته إلى الجمهور غير العربي، باعتباره متذوقاً لهذا الفن الراقي، وهذا ما يميز الفن والمسرح بأنه لغة عالمية يفهمها الجميع، لذا مثل هذا العرض المسرحي انتصاراً للفن بشكل عام وللمسرح بشكل خاص وهو ما لمسناه من خلال الحفاوة التي قابلنا بها الجمهور وهو دليل على وصول رسالة العرض بفهم وسعادة كبيرة .

ونحن من خلال عروض مسرحية النمرود العالمية نفخر بأننا نمثل المسرح العربي على العديد من المسارح العالمية والأوروبية طوال فترة امتدت عشرة اعوام، وهذا دليل على نجاح هذا العمل الأمر الذي جعله عملاً مسرحياً عالمياً بأمتياز .


------------------------------------------------
 المصدر :الكومبس – مكتب مالمو

الاثنين، 31 يوليو 2017

مهرجان أفينيون المسرحي الحادي والسبعون ينتصر للمرأة

مجلة الفنون المسرحية

مهرجان أفينيون المسرحي الحادي والسبعون ينتصر للمرأة

محمد يوسف - العرب 

مضى شهر يوليو، وودعت أفينيون آلاف المسرحيين بعد التقاءات، على مدار الشهر الماضي، في فعاليات الدورة الحادية والسبعين من مهرجانها المسرحي الشهير. والذي يعرف مدينة أفينيون خارج أيام المهرجان، يدرك أن المدينة أثناءه تلعب دوراً آخر؛ تصير فضاءً مسرحياً يشغله ممثلون وعازفون ومهرجون ومتفرجون، على عكس الكآبة والرياح اللتين تشغلان أزقة المدينة خارج أوقات المهرجان.


 اختتمت الدورة الحادية والسبعون من مهرجان أفينيون المسرحي بمدينة أفينيون الفرنسية، الذي تشارك فيه فرق مسرحية تدعى من مختلف أصقاع العالم، حيث يحاول المهرجان دعوة أبرز الإنتاجات المسرحية الفرنسية والعالمية إلى فعالياته.

حققت هذه الدورة من المهرجان أرقاما مهمة في عروضه الرسمية “الإين”، فقد بلغت مجمل العروض المشاركة في هذه الدورة 59 عرضا، وبيعت فيه 112 ألف تذكرة دخول، بينما وزعت بالمجمل 152 ألف بطاقة دخول، إذ هناك بعض العروض المجانية.

إضافة إلى العروض الرسمية كان الجمهور على موعد مع عروض “الأوف” أفينيون الذي انطلقت دورته الأولى في عام 1969 متأثراً بروح الـ68 وبات مع مرور السنين يقترب أكثر من روح المؤسس جان فيلار الذي كان يرى المسرح خدمة عامة كالغاز والكهرباء والماء. ويسمح الأوف للجميع بالعرض وكثيراً ما تتحمل الفرقة المشاركة أعباء التكاليف ومهمة اجتذاب الجمهور، وقد تجاوزت عدد الأعمال المشاركة هذا العام الألف عمل.

عروض متنوعة

تحت عنوان “المرأة القوية” وبإشراف وبرمجة المدير الفني للمهرجان الرسمي الكاتب والمخرج أوليفيه بي، الذي يشغل منصبه منذ أربعة أعوام، قُدمت في دورة هذا العام عروض تميزت بتنوعها الجغرافي وبتنوع موضوعاتها وتعدد الهويات الفنية لصناعها. كما تجدر الإشارة إلى أن دورة هذا العام شهدت حضوراً ملحوظاً للأعمال القادمة من القارة الأفريقية وبخاصة العروض الراقصة، حيث عرضت ستة أعمال من مالي وساحل العاج ورواندا وبوركينا فاسو وجنوب أفريقيا. أما عن المشاركات العربية في البرنامج الرسمي، فاقتصرت على عمل “بكيت دمعاً من دون عين” للكريوغراف التونسي رضوان المؤدب، الذي عمل مع عشرة راقصين، ورسم حركتهم على موسيقى الأغاني التراثية التونسية التي أداها الفنان محمد شبيل.


سيتحولون إلى أشباح في البيت السجن
وفي الحديث عن أبرز سمات دورة هذا العام، نلاحظ غياب الأسماء البارزة التي كانت تتواجد بشكل مستمر في المهرجان كتوماس أوسترماير ووجدي معوض وساشا فالس وروميو كاستيلوتشي وغيرهم، وذلك على حساب حضور أسماء أخرى شكلت روح دورة هذا العام كـ: تياغو رودريغيس، وكيتي ميتشل، وسيمون ستون، وسوتاشي مياغي، وغيرهم.

بالتوازي مع الثيمة الرئيسية للمهرجان، كانت البداية من اليابان مع عرض “أنتيغون” الذي كان بمثابة تحفة بصرية قدمت في ساحة الشرف داخل قصر الباباوات (المسرح الأبهى في أفينيون). في عرض المخرج سوتاشي مياغي ستكون المملكة الإغريقية عائمة على سطح من الماء، وعليها تتوزع كتل الممثلين والعروش والموسيقيين الذين يؤدون تراجيديا سوفوكليس. لا تعديلات كبيرة على النص الأصلي، إلا أن الخشبة تم تجهيزها لتبدو الحكاية وكأنها تروى ضمن مشهد طقسي غير منته، الفضاء أشبه بمعبد كبير تشغل الظلال خلفيته الكبيرة، كما خففت رشاقة حركة الممثلين من هول المأساة المقدمة.

حاول المخرج الياباني الاستفادة من جماليات الرؤية الخاصة التي توفرها ساحة الشرف في قصر الباباوات، ذاهباً نحو الأقصى في التجريب للاستفادة من موروث ثقافته البصري والموسيقي، موظفاً في المسعى ذاته القدرات الصوتية الهائلة لممثليه لتبدو أنتيغون وكأنها حكاية يابانية أساساً.

أحد اكتشافات “أفينيون” لهذا العام، كان الاسترالي سيمون ستون (32 عاما)، مخرج فيلم “الابنة”(2016) المأخوذ عن مسرحية “البطة البرية” لهنريك إبسن. قدم ستون عمل “IBSEN HUIS” المأخوذ عن أعمال الكاتب النرويجي ليروي باللغة الهولندية، وعبر ساعات أربع تقريباً، حكاية تمتد من ستينات القرن الماضي حتى لحظتنا الراهنة يندد فيها بالنفاق الاجتماعي والرياء الذي يحيط بكل المجتمع وبالقضايا التي شغلت كاتب “بيت الدمية”.

عبر ديكور شديد الواقعية شغل الزجاج جزءًا كبيرا منه، زج الشاب الاسترالي بأبطال إبسن داخل ذلك البيت (السجن) ليتحولوا مع مرور العرض إلى أشباح تعيد قراءة إبسن ضمن إحداثيات اللحظة الراهنة من عالم اليوم.

نساء ثائرات

جاءت دورة أفينيون هذا العام لتقدم صورة للمرأة يتقاطع ويتداخل فيها السياسي مع الاجتماعي والثوري، سواء أكانت هذه البطلة متواجدة في المأساة أو في النصوص المسرحية الشهيرة أو في واقعنا السياسي المعاصر (كالعرض الذي كتبت نصه وزيرة العدل السابقة كريستيانا توبيرا).

على النحو السابق تتبعنا حكايات بدأت ولم تنته مع آخر ستار أسدل في المهرجان “أنتيغون” الذي تعد بطلته أولى الشخصيات النسائية الثائرة في التاريخ حيث دعت إلى تحدي السلطة والقوانين والأعراف المعمول بها، مروراً بنورا هنريك إبسن التي شكلت ركلتها لباب بيتها وقرارها بالخروج إحدى بدايات الطريق لتحرر المرأة في القرن الماضي، وليس انتهاء بكريستينا فيدال العاملة بالمسرح (ملقنة) والتي أخرجها البرتغالي تياغو وردريغيز لتروي عن هامش سكنته خلال ربع قرن في الكواليس.

كيف نكتب للطفل العربي

مجلة الفنون المسرحية

كيف نكتب للطفل العربي

 عايدي علي جمعة - الجديد 


تبدو الخطورة الكبيرة لمرحلة الطفولة وأثرها الكبير على الإنسان بعد ذلك في مراحل حياته المختلفة. وقد كان للاكتشافات الكبيرة لعلم النفس دور كبير في معرفة هذه الحقيقة. ومن هنا تبدو العناية بالطفولة. ومن مظاهر هذه العناية بمرحلة الطفولة الاهتمام بالكتابة للأطفال. فوجدنا اتجاها عالميا واضحا يتوجّه للأطفال. ولم يكن وطننا العربي ببعيد عن هذا التوجه. فظهر كتّاب كبار كرّسوا جانبا مهما وحقيقيا من إبداعهم لمخاطبة هذه الفئة العمرية إيمانا منهم بأحقيّتها في الفهم ووجودها الحقيقي على خريطة الحياة. ومن ثم يثار السؤال ذو الأهمية الفائقة وهو ماذا نكتب وكيف نكتب للطفل العربي؟

وهنا من المهم لمن يتصدى للإجابة على هذا السؤال أن يضع باعتباره ضرورة أن تكرّس الكتابة للطفل نفسها لكلّ ما يمكن أن يساهم بطريقة فعالة في تحرير الطفل العربي من القيود الحديدية للعلاقات المكبّلة والمنتهكة لحقوق الإنسان.
ولذا يجب النظر إلى طبيعة المشاكل المهيمنة في الدول العربية بصورة عامة وفي كل بيئة عربية بصورة خاصة. تلك المشاكل التي تكشف بالأساس عن حالات قهر بصورة أو بأخرى للإنسان العربي، لأن أطفال اليوم هم رجال الغد.

وهنا نستطيع أن نستشهد بتحليل مفكر تونسي هو الدكتور عبدالوهاب بوحديبة في كتابه “المتخيل المغاربي” (1994)، لقصة من قصص الأطفال التي كانت منتشرة في تونس، حيث تحكي هذه القصة -وهي قصة كانت منتشرة أيضا في ريف مصرـ عن ماعز تركت أولادها وأغلقت الباب عليهم وذهبت للسوق بعد أن أوصتهم بالحرص الشديد من فتح الباب لأحد، لأن الثعلب المكار سيلتهمهم إذا فعلوا ذلك. ولكن الثعلب المكار جاء وقلّد صوت الأم وطلب منهم فتح الباب ففتحوه وهم يظنّونه أمهم فأكلهم. وحينما عرفت الأم ذهبت إليه تحت الشجرة ووضعت قرونها في بطنه واستخرجت الأطفال منه.

يرى الدكتور عبدالوهاب بوحديبة أن القرون للأم هنا هي المعادل التعويضي لرمز الرجولة عند الرجل وضرب هذه القرون في بطن الثعلب/الرجل هو اعتراض من الأمّ التونسية على قهر الرجل التونسي لها، فكانت النتيجة السعي الحثيث في تونس من أجل مساواة المرأة بالرجل. لأن الأطفال الذين تشربوا هذه الحكاية منذ الصغر ما لبثوا أن أصبحوا كبارا فاعلين في المجتمع ولهم كلمتهم.

ولذا يحسن في الكتابة للطفل العربي الاهتمام بالعلاقات الإشكالية الموجودة في المجتمع. وهذا الاهتمام يكون من وجهة نظر ثائرة وناقدة لكل ما هو مكرّس للقهر.

ويرى الدكتور مجدي يوسف في محاضرة له بعنوان “قصص الأطفال العرب في عصر هيمنة ديزني” وهي المحاضرة الافتتاحية في “مؤتمر أدب الأطفال في العالم” بجامعة ريجينسي بورج بألمانيا في عام 1996 أن الطفل العربي كان متفاعلا بشكل إيجابي كبير مع ما يقدم له من موضوعات وقصص كانت الأمهات تحكيها للأطفال مباشرة. ولكن ظهور التلفزيون الذي جاء بثقافة ديزني حول استقبال الطفل من استقبال إيجابي متفاعل للقصص التي ترويها الأمهات والعمات والجدات إلى استقبال سالب لها على الشاشة. وبدا طرزان رمز الرجل الأبيض هو النموذج للبطل المخلّص، فانبهر الأطفال بهذا النموذج.

ويليق بالكتابة للأطفال في الأساس احترام الطفل، لأن الطفل قليل التجارب. وهذه التجارب التي يتمتع بها الكبار ويتيهون بها على الأطفال هي أحجار تقيّد فتنة الدهشة و التجريب للعالم الموجودة بقوة في نفس الطفل. والفنان الحق هو الذي يبذل كل طاقته من أجل أن يرى العالم كطفل.

وهنا فإن الحوار التفاعلي الخلاق مع الأطفال هو الأساس في أيّ كتابة لهم. ومن خلال هذا الحوار التفاعلي الخلاق تبث قيم التسامح وحب العدالة والحفاظ على البيئة والنظرة العلمية للكون وحب الوطن والعمل الدؤوب واحترام الآخر. وهذه عملية تحتاج أن يتشرّبها الأطفال من تصرّفات الكبار، وليس من كلامهم.

وتحسن ملاحظة أن لغة القمع والقهر للأطفال تأتي بنتيجة عكسية. فقد رأيت طفلا يحبس عصفورا في قفص وحينما يقال له “أطلق العصفور من القفص” كان يرفض تماما. وحينما قيل له “أتحب أن تُحبس في حجرة ولا تخرج أبدا” قال لا. ثم أطلق العصفور على الفور. ومن هنا فإن مسألة الإقناع للطفل تبدو ذات أهمية كبيرة.

ويحدث الإقناع من خلال اللغة التي تتم مخاطبة الطفل بها. وهنا يبدو مهمّا بذل الجهد الفائق من كلّ كاتب للطفل كي يكتشف اللغة التواصلية مع الأطفال الذين يتوجّه لهم بالكتابة.

وتبقى مسألة الشكل الكتابي الذي يجب تقديمه للطفل، لأن هذا الشكل في غاية الأهمية. وهنا تظهر مسألة التصوير الفني لما يقدم للطفل، أو الكتابة الفنية. ومن الملاحظ أن اعتماد الكتابة على قصة سردية مكتملة له جانب كبير من شحذ عملية الفهم لدى الطفل. وهذه القصة السردية المكتملة قد تكون في قالب قصصي أو قالب مسرحي أو قالب شعري أو غير ذلك من فنون الأدب، مع نصب فخاخ من الأسئلة الشاحذة على إعمال الطفل لعقله.

ويجب أن نعترف بأن ما يوجّه للطفل من كتابة هو من صنع الكبار. وهنا تظهر إشكالية حقيقية وهي أن الطفل لا يكتب للطفل وإنما الكبير هو الذي يكتب للطفل.

ومن هنا فإن كتابة الكبير للطفل يكون منظورها المهيمن هو تهيئة الطفل ليكون رجل المستقبل. وهذا المستقبل هو تصوّر الكبير له في لحظة الكتابة، وليس الواقع أو تصوّر الطفل.

كما أن التركيز الكبير على تهيئة الطفل للمستقبل تجعل قيم الكبار وتصوّراتهم هي المهيمنة في الكتابة، والنتيجة هي جعل حلقة الطفولة حلقة في السلسلة العمرية للإنسان. فيغيب الانغماس التام في مرحلة الطفولة ذاتها.

ترى هل يسمح الكبار بمنح الفرصة كاملة للأطفال لكي يكتبوا هم كتابتهم؟ وكي يخرجوا ما في نفوسهم على الورق؟

سيظهر رأي يقول بأن الطفل عاجز عن الكتابة ولكن مواجهة هذا الرأي تتحدد من خلال عمليات التسجيل الأمين لأفكار الأطفال ورؤيتهم للعالم.

ففي جانب الرسم مثلا نجد خيال الطفل يسجل انطلاقا فنيا فائقا، ولكنه يقمع من التقاليد التي يتمسك بها الكبار.

وهنا نقترح بأن تظهر إلى النور مؤسسات مهمتها مراقبة الأطفال من بعيد وتسجيل أفكارهم ورؤاهم عن العالم.

وقد رأيت طفلا في القرية كان يتحدث عن أبيه الذي يملك طائرات كثيرة في الدور الثاني من بيته، وقد صدّقه الأطفال وكل طفل يتقرّب إليه كي يركب معه في الطائرة ويمر بها على الحقول. ولو تم تسجيل الحوارات التي دارت حول ما قاله هذا الطفل لكانت لدينا قصة مكتملة ومشوقة، تكشف عن رؤية هؤلاء الأطفال للعالم.

ولكن ستظهر إشكالية حقيقية في هذا الجانب، وهي ما مدى حضور الجانب الأخلاقي في عمليات التسجيل والمراقبة دون أخذ إذن من نقوم بالتسجيل لهم ومراقبتهم؟

فلو أخذنا رأيهم في التسجيل والمراقبة فإن مرحلتهم العمرية لا تجعل من هذا الرأي فيصلا نهائيا في الموضوع.

ويجب الاهتمام بوجود رقابة هادفة على ما يقدّم للأطفال من برامج. فقد لوحظ في الكتابات التي تتحول إلى برامج للأطفال في عالمنا العربي حضور العنف والدمار بصورة فائقة تجعل المهتمّين بالأطفال في غاية القلق من هذه الكتابات المتحولة إلى برامج. لأنها تبث قيم العنف الشديد في نفوس بريئة، وهذا البثّ لا يستطيع الطفل التخلص منه بسهولة حتى بعدما ينضج ويكبر فتكون النتيجة ما نشاهده في عالمنا من عنف غير مبرر.

وفي النهاية يحسن لدى من يكتبون للأطفال -من وجهة نظري- عدم التكيف مع النظام القيمي السائد حتى ندع للأطفال فرصة التجريب إلى أقصى درجة.

المسرح مابعد الحداثي خلخلة القناعات وتعليق المعنى

مجلة الفنون المسرحية

المسرح مابعد الحداثي خلخلة القناعات وتعليق المعنى


عواد علي - الجديد 


رغم أن أعمال تيار مابعد الحداثة، في الفنون بشكل عام، تراوغ محاولات التصنيف والتحديد دائماً، فإن المسرح مابعد الحداثي هو، ببساطة شديدة، ذلك المسرح الذي يقوم على خلخلة القناعات، وتقويض القواعد والفرضيات العقلانية التي طرحتها الحداثة، واستحالة تحديد المعنى، والتلاعب الواعي بالصور الخيالية، وأنماط تصوير الواقع، وبالرموز والمعاني، واستخدام فن الكولاج، وتدمير استقلالية العرض المسرحي. وقد ظهر بتأثير من أساليب الفن، أو التصميم المعماري مابعد الحداثي، وسمات «المفارقة» «والدلالات المتناقضة» في السرد الروائي، وتقنياته التي كسرت الحدود الفاصلة بين الأجناس الأدبية، وبين التاريخ والرواية، وكذلك من نظرية رقص مابعد الحداثة وتجاربه التي تطورت في فترة ستينات القرن الماضي.
بعض نقاد المسرح في الغرب، وخاصةً باتريس بافيس، يرى أن مفهوم «المسرح مابعد الحداثي» مفهوم غامض، فاقد الذاكرة، سريع الزوال، يتسم بعدد من النزعات، أبرزها:

نزعة اللاتسييس: إن مابعد الحداثة تستوي في نظر بعضهم بلاتسييس الفن، وغياب منظور تاريخي، وعودة لقوة المحافظين الجدد الذين يرحبون بتطوير العلم الحديث مادام هذا يتخطى مداه ليحرز تقدماً تقنياً ونمواً رأسمالياً، وينصحون بسياسة نزع الفتيل من المضمون المتفجر الخاص بحداثة ثقافية، أو إبقاء السياسة بعيدة ما أمكن عن متطلبات التبرير الأخلاقي-العلمي.

نزعة الإحكام والشمولية: إن التحدي في وجه العمل الفني، كشمولية، لم يصبح نصيراً لمابعد الحداثة، وقد لاحظت نظرية بريشت في المسرح الملحمي أنه «ليس ثمة ما هو أصعب من قطع عادة معاملة عرض ككل»، لكن هذا التفكيك لا يمكن أن يتحقق إلاّ عندما يصبح المرء معتاداً على إعادة مركز العمل وإكماله ووضعه في وهم الشمولية.

نزعة إفساد الممارسة بالنظرية: لكي يجري تذوّق العرض المسرحي بافتراض أنه لا يمكن استيعابه أو تفسيره، لا بد من فهم طريقة أدائه لوظيفته، وهكذا كانت الشخصية المجردة والمبدئية والمنهجية لكثير من العروض، أو التمييز بين أداة الإنتاج والتلقي، وبين النشاط التأويلي الذي يقوم به المتلقي. إن فن مابعد الحداثة يستخدم ويعيد استثمار النظرية في إنتاج المعنى قي كل مكان وكل لحظة في الإخراج، ويصبح النص والإخراج العمود الفقري في الممارسة الدالة، ويشقان سلسلةً من المسارات تتناقض ويتقاطع بعضها مع بعض، ثم تنفصل مرة أخرى رافضةً دلالةً شاملةً أو مركزيةً.

وبناءً على ذلك فإن مسرح مابعد الحداثة، حسب بافيس، يرفع النظرية إلى مرتبة النشاط العابث، ويقترح القدرة على إعادة تمثيل الماضي بدلاً من التظاهر بإعادة خلقه وامتصاصه كميراث وحيد. وفي ضوء هذه النزعات يمكن اعتبار الفرق بين الحداثة ومابعد الحداثة المسرحية كما يأتي: لم تعد مابعد الحداثة تشعر بالحاجة إلى إنكار أي دراماتورجيا، أو رؤية عالم (كنقيض لمسرح العبث مثلاً)، إنها تعطي لنفسها مهمّة إحداث تفكيكها الخاص كطريقة لتجسيد نفسها لا في تراث شكلي أو موضوعي، بل في وعي ذاتي متأمل للنفس، ومن ثم بأدائها لوظيفتها كما لو أن كل الأشكال والمضامين قد فقدت أهميتها بالنظر إلى الوعي بالأداء الوظيفي والتلفظ. أما العلاقة بين مسرح مابعد الحداثة والميراث الكلاسيكي فإنها تمضي، ليس عن طريق التكرار أو رفض المضمون، بل من خلال ابتكار نوع من العلاقة التي يمكن مقارنتها بذاكرة كومبيوتر.

من أبرز أشكال المسرح مابعد الحداثي ما اصطلح عليه بـ»المسرح مابعد الدرامي»، في منحاه العام، وتفرعاته العديدة مثل «مسرح الهيستيريا الوجودي» الذي أسسه ريتشارد فورمان في نيويورك، وهدفه مسرحة عمليات التفكير في مجموعة من الصور عالية التعقيد لإنتاج مسرح تجريدي يقوم المشاهد فيه بممارسة الاستغراق الذهني وسط هيستيريا وجودية تطلقها الصور المتلاحقة، في حين يقف الممثلون مجرد متحدثين خلف إطارات لإيصال الأفكار! وكذلك أعمال زميله روبرت ويلسون التي تميزت بكونها خاليةً من أيّ بناء سردي، ومفتقدةً إلى أيّ نقطة يمكن اعتبارها بدايةً أو نهاية فعلاً أو ردة فعل، شيئاً من خطاب مكتوب أو شفاهي.

إن هذا الشكل المسرحي ينهض على التشظي والتنافر والتقويض انطلاقاً من مفهوم جاك دريدا للطريقة التي تعمل بها اللغة، ولوظائف العلامات ونسق عملها (عبر علاقات الاختلاف والإرجاء التي يستحيل معها تحديد معنى الدوال بصورة نهائية). وهو أيضا وليد التفتت الاجتماعي للمجتمعات المعاصرة، والتشابك العالمي للأسواق ووسائل الإعلام، حسب توصيف الفيلسوف الفرنسي ليوتار للوضع مابعد الحداثي.

لقد نظّر لمفهوم «المسرح مابعد الدرامي» الباحث والناقد المسرحي الألماني هانز- تيز ليمان (أستاذ الدراسات المسرحية في جامعة غوته بفرانكفورت) عام 1999 في كتاب له بالعنوان نفسه لخّص فيه عدداً من الخصائص والسمات الأسلوبية التي ميزت المسرح الطليعي منذ أواخر الستينات من القرن الماضي. ورغم أن المفهوم ليس جديداً بشكل جذري (إذ أن المسرحي الأميركي ريتشارد شيشنر استخدم المصطلح أول مرة عام 1970 لوصف الأحداث)، فإن ليمان طوره ليصبح نظريةً شاملةً.

شهدت الثقافة المسرحية العربية في السنوات الأخيرة سجالاً فكرياً حول مفهوم «مابعد الحداثة» ومرجعياتهما بشكل عام في المسرح، والمظاهر والرؤى التي أفرزتها تجاربها في المسرح الغربي، وعلاقتها بالتصوّرات الفلسفية والأحداث والتحوّلات

تجارب عالمية

منذ بداية ثمانينات القرن الماضي ظهرت عروض مسرحية تدور في فلك النماذج الفنية التي أتت بها مابعد الحداثة، مثل: العروض التي قدمها المخرج والكاتب الكندي (الصيني الأصل) بنج تشونج (1946-) في الولايات المتحدة الأميركية، والتي اتسمت بـالتنافر والتشظي، وتوظيف وسائط فنية متعددة تطرح كل واحدة منها قضية منفصلة. وعروض المخرجة الأميركية اليزابيث ليكومبت (1944-) مع فرقتها «ووستر»، ابتداءً من عام 1978، التي جمعت بين عناصر، صوتية وبصرية، شديدة الاختلاف والتباين، مستقاة من مصادر متنوعة (أعمال درامية، وأفلام سينمائية) في كولاج مسرحي مثير، يدمر أفق التوقعات المعتاد. والعروض الأخيرة للفنانة الأميركية جوان جوناس (1936-)، التي تتناول قصصاً مألوفةً، وأساليب وأنواعاً فنيةً معروفةً، وتوظّف عدداً من الوسائل المتنوعة بطريقة تبدو وكأنها تتعمد تدمير قدرة هذه الوسائل والأساليب على الانتظام والتآلف في وحدة فنية كلية.


نحن والمسرح مابعد الحداثي

شهدت الثقافة المسرحية العربية في السنوات الأخيرة سجالاً فكرياً حول مفهوم «مابعد الحداثة» ومرجعياتهما بشكل عام في المسرح، والمظاهر والرؤى التي أفرزتها تجاربها في المسرح الغربي، وعلاقتها بالتصوّرات الفلسفية والأحداث والتحوّلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عاشتها المجتمعات الغربية، والتيارات الفنية التي تنضوي تحتها، وجذورها في تجارب بعض المسرحيين المتمردين وتنظيراتهم. وقد نظم مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، في سياق هذا السجال، ندوةً رئيسةً عام 2004 بعنوان «المسرح في زمن مابعد الحداثة». ومن بين الآراء والتصورات التي يستند إليها ذلك السجال:

-1 إن مصطلح «مابعد الحداثة» لا يوجد أكثر غرابة وفوضى واضطراباً وتشويشاً وضلالاً وغموضاً منه في تاريخ الحركة الفنية والأدبية العالمية، والدليل على ذلك، حسب أصحاب هذا التصور، كثرة المسمّيات التي أطلقت عليه، مثل: «مجتمع الاستعراض» طبقاً لجي ديبور، و»المجتمع الاستهلاكي»، كما وصفه هنري لوفيفر، و»مجتمع مابعد الصناعي»، الذي صكه دانييل بل، و»ما بعد الاقتصادي»، حسب هيرمان كاهن، و»مابعد المادي»، طبقاً لرونالد انجلهارت. لكن هذه المسميات التي يستشهد بها هؤلاء المسرحيون هي لمفكرين سوسيولوجيين واقتصاديين، لا لمنظرين أو باحثين مسرحيين، حاولوا تخطي مفاهيم علم اجتماع الحداثة ونظرياته، وقاموا بتأويل أعمال ماركس، وتكريس التوجه الكوني (العولمي)، والإفادة من ثورة المعلوماتية، وبشّروا بمجتمع خالٍ من الطبقات والثقافات المهيمنة (مجتمع الموجة الثالثة)، وبنهاية الأيديولوجيات الكبرى.

-2 إن الحداثة نوع من الشكوكية تجاه ما وراء السرد، إذ تضع في الصدارة ما هو غير صالح للتقديم في التقديم نفسه، ويوضع الفنان أو الكاتب المابعد حداثي في موقع الفيلسوف، فالنص الذي يكتبه، والعمل الذي ينتجه لا يكونان محكومين، أساساً، بقواعد مسبقة، ولا يمكن أن يحكم عليهما على وفق حكم معين.

ويتسم هذا التصور بكونه تصوراً عاماً وبدهياً لطبيعة العمل المسرحي مابعد الحداثي، من دون أن يوضح كيفية خرقه للقواعد المسرحية المتعارف عليها. وإذا كانت تلك ميزته الأساسية، فإن عشرات الأعمال الفنية التي تصنف ضمن حركة الحداثة قد فعلت ذلك منذ أكثر من نصف قرن.

-3 إن المسرح مابعد الحداثي له تاريخ صلاحية محدد، فهو يتنكر للمسرحيات الكلاسيكية، ويتميز بكونه ضد المعنى، ومن أهم سماته: «الكولاج»، و»البارودي»، و»المحاكاة التهكمية»، وإلغاء الفواصل بين الثقافة العليا وثقافة الجماهير وخلط فنونهما معاً، ويركز على ثقافة تتسم بعدم التماسك والتشظي حين يردد مريدوه أن العالم بلا معنى، وأنه مشتت ومتجزئ. وعلى النقيض من ذلك يعد المسرح الكلاسيكي مسرحاً خالداً، لا تنتهي صلاحيته، ويفصل بين الثقافة الرفيعة والثقافة المنحطة.

ومن غير أن ننحاز إلى المسرح مابعد الحداثي يمكن الرد على أصحاب هذا التصور الأخير بملاحظتين أساسيتين أولاهما: أنهم يتناسون أن الكثير من النصوص الكلاسيكية نجحت في العروض المسرحية المعاصرة بفضل القراءات الجديدة لها، سواء المتشظية أو غير المتشظية، والرؤى الإخراجية الحداثية، أو مابعد الحداثية التي صاغتها، والأنماط المختلفة لتلقيها، ومن ثم فإن تلك النصوص اكتسبت صلاحيةً جديدةً بفعل إعادة إنتاجها بوصفها مواد أوليةً، أو خامات قابلةً لاكتساب خصائص مغايرة لطبيعتها الأولى في المختبرات والمشاغل الإخراجية، وفعاليات القراءة والتلقي. أما الملاحظة الثانية فهي أن مصطلح «المعنى» عندهم يفتقر إلى الدقة، أو يشوبه اللبس، فمابعد الحداثة لا ترفض ما يوحي إليه الخطاب الأدبي أو الفني من مدلولات تنتجها إمكانيات التأويل، بل ترفض المدلول المركزي أو الشامل الذي يقترحه منتج الخطاب، وتحل محله عدداً لا نهائياً من المدلولات التي يشكّلها القارئ أو المتلقي، وتدعو إلى تعليق المعنى بدلاً من تحديده، وذلك لأن الخطاب الأدبي أو الفني، من وجهة نظرها، يشق، في ممارسته الدالة، سلسلة من المسارات تتناقض ويتقاطع بعضها مع بعض، ثم تنفصل مرة أخرى رافضة دلالةً قارةً أو مغلقةً.


تجارب عربية

قُدّمت في المسرح العربي تجارب عديدة يمكن إدراجها في سياق المسرح مابعد الحداثي، نذكر منها، تمثيلاً لا حصراً، بعض تجارب المخرج العراقي صلاح القصب، المعروفة بـ»مسرح الصورة»، مثل: (عزلة في الكرستال، الحلم الضوئي، وأحزان مهرج السيرك)، وعروض المخرج الأردني محمد بني هاني (أحلام مقيدة، الثقب الأسود، وسمفونية وحشية)، ومجموعة من تجارب المخرج البحريني عبدالله السعداوي مع فرقة الصواري (سكوريال، الكمامة، الرهائن، القربان، الكارثة، والساعة 12 ليلاً)، وبعض عروض المخرجة الأردنية مجد القصص، مثل (سجون، بلا عنوان، وأوراق الحب).

يُعد صلاح القصب رائداً في هذا الاتجاه، فتجاربه التي تابعناها منذ أوائل ثمانينات القرن الماضي تقوم على شبكة من التكوينات الجسدية، والأشكال الحركية والإيمائية والسينوغرافية المركبة، الغامضة، المصممة على وفق علاقات إيحائية متغيرة، تصاحبها إيقاعات صوتية بشرية مختلفة، كالتمتمات، والصرخات، والتأوهات، والهمهمات. وتستغني أحياناً عن الحوار استغناءً تاماً، أو تكتفي بالقليل الجوهري منه لإعلاء الجانب البصري في العرض. إن من أبرز ما تميزت به هذه التجارب:

-1 عدم ترابط الأفعال المسرحية، وتقاطع حلقاتها باستخدام أسلوب الهدم والبناء المتكرر للفعل، أو الحافز الواحد، بحيث لا تنمو الأفعال نمواً طبيعياً.

-2 التوكيد على أنماط السلوك التي يفرزها اللاشعور عند الشخصيات، لذا تبدو مفتتة، شعورياً ووجودياً، وعلامات قابلة للتكرار، والموت والانبعاث.

-3 ابتداء لوحات العرض من شكل فوضوي وقلق وملتبس وانتهائها إلى شكل منتظم ومستقر قابل للتأويل والاستنطاق.

-4 نزوع لوحات العرض إلى أن تكون حلماً متدفقاً يثير الدهشة بغرائبيته، وكشفه عن المسكوت عنه، والمطمور في داخل الإنسان.


أحزان مهرج السيرك

في عرض «أحزان مهرج السيرك»، الذي أعده عن سيناريو سينمائي قصير للكاتب والشاعر الروماني ميهاي زامفير، جرّد القصب اللوحات المسرحية من ملامحها الأيقونية، مقدِّماً تجربةً ذات أجواء غريبة تتداخل فيها مستويات عديدة من أشكال التعبير البصري السيريالي والفانتازي والرمزي، في نسيج شديد الكثافة، تفتقر فيه اللقطات والصور إلى الحد الأدنى من المعقولية، فلا وجود لأيّ حبكة، ولا استمرارية للفعل، ولا زمان وفضاء تاريخيين، بل ذاتيان ونفسيان، حيث تبدو معظم المرئيات والكائنات في فضاءات سحرية وحلمية، مقتطعةً من سياقها الطبيعي، موضوعةً في مواقع اعتباطية مدهشة، متنقلةً بحركات سائلة كما لو كانت كائنات أسطوريةً.

الحداثة وما بعد الحداثة.. تناقضات من التمثيل إلى العرض

مجلة الفنون المسرحية

الحداثة وما بعد الحداثة.. تناقضات من التمثيل إلى العرض

صميم حسب الله  - المدى


كثيرة هي الدراسات التي تناولت دراسة مفاهيم الحداثة وما بعد الحداثة ، سواء  بوصفها مناهج نقدية أو بوصفها أساليب اشتغال  كما هو حاصل في الدراسات المسرحية التي اختارت الحداثة وما بعد الحداثة التي باتت تمتلك خاصيات متنوعة على مستوى النص أو العرض ، بمعنى أن العديد من الدراسات كشفت عن وجود علامات فارقة في نصوص الحداثة وأخرى ترتبط بنصوص ما بعد الحداثة ، وبالرغم من أن كلا المصطلحين لم يستقرا على تصورات مفاهيمية محددة وقارة إلا ان الدراسات المسرحية لم تزل تنهمر علينا كما السيل الجارف ، والعديد منها يزيد من غموض المصطلحات بدلاً من أن يفك الاشتباكات الحاصلة فيها ، وبخاصة بما يتعلق بـ(التفريق بين الحداثة – وما بعد الحداثة).
وفيما يتعلق بالدراسة التي بين أيدينا والمعنونة (من التمثيل إلى العرض - مقالات حول الحداثة وما بعد الحداثة، تأليف : فيليب أوسلاندر، ترجمة : د.سحر فراج إصدارات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي- 14)، فهي إبتداءً تسهم على نحو فاعل في زيادة الغموض والتعقيد ، وذلك يعود إلى انها تلغي الحدود الفاصلة بين المصطلحين ،بالرغم من أن عنوان الكتاب يحيل القارئ إلى وجود مفصلين في الدراسة أحدهما يتعلق بدراسات الحداثة والآخر حول مابعد الحداثة ، إلا الخلط بين المصطلحين بدا واضحا حتى أننا نعتقد أن العنوان لايرتبط بطروحات الكتاب ، وقد أكد المؤلف ذلك من خلال توجيه الشكر "إلى تاليا رودجرز على اقتراحها إياه "(1)  وقد تبين لاحقاً ان العنوان لايرتبط بفلسفة الكتاب وإنما يرتبط بمسيرة المؤلف الشخصية  والذي يشير إلى ذلك بقوله :" توحي عبارة من التمثيل إلى العرض بمسار النمو الذي اتبعته اهتماماتي ، حيث تطورت من التزام في الأساس بالمسرح إلى مفهوم أوسع للعرض وانواعه (ارجو الا يكون من التطاول أن اوحي بأن العديد من دارسي المسرح من أبناء جيلي يشتركون معي في هذا التطور الفكري) "(2)، ومن هنا نجد ان الخصوصية التي يفترض ان تكون حاضرة في أفكار المؤلف، بل إنها كانت تعتمد على الأفكار التي يتداولها المسرحيون في تلك المرحلة.  
 وفي إشارة أخرى  أراد المؤلف لها ان تكون علمية في تحديد ضرورات اختيار العنوان فإنه يؤكد " ان عبارة العنوان توحي بالتطورات والمناقشات داخل الحقل الاكاديمي الامريكي الذي يحيط بتطور دراسات الأداء كحقل علمي بمنأى عن دراسات المسرح ولذا فإنني سأبدأ مناقشتي بتلك  المجادلات(...) فإن عنوان هذا الكتاب يعبر عن مفهومي للعلاقة بين الدراسات المسرحية والدراسات الأدائية على انها علاقة اتصال وليست علاقة انفصال "(3)
ويبدو ان المؤلف أراد تدعيم الفكرة التي طرحها حول أهمية العنوان فراح يؤسس مفهوماً عن اختلاف المسرح عن الأداء ، معتمدا في ذلك على تقسم المسرح إلى قسمين " الاول هو المسرح الجماعي الذي ينقل المشاهدين إلى حالة من الانسجام الوجداني بعضهم مع بعض من خلال احتفائهم بهويتهم المشتركة ككائنات بشرية(...) اما المفهوم الثاني فهو المسرح المقدس ويعتبر مسرحاً علاجياً صمم من اجل تحقيق التجدد الروحاني من اجل الكشف عن الاشياء المادية النفسية المكبوتة"(4).
ان المؤلف يدور في حلقة مفرغة من المعلومات التي عفا عنها الزمن وانتهى منها ، ذلك أن المؤلف يعمل على إعادة انتاج الاشكال المسرحية السابقة إبتداءً من ستانسلافسكي وانتهاءً ببيتر بروك، ولا جديد في تلك الطروحات سوى انها معلومات للذكرى ،  كما يفعل الامر ذاته مع بعض المفاهيم التي باتت ثابتة في الوعي المسرحي ، كما جاء في مفهومه عن التطهير الذي يعتقد به اكتشافا مابعد حداثيا حينما يقول " أن التطهير لم يكن التأثير الوحيد الذي يوقعه العرض على الجمهور، فالكاتب والمؤدون والجمهور على السواء يدركون التطهير كنتيجة لمشاعرهم في العمل الفني، ويكون هذا نتيجة لأن العقل الكلاسيكي لم يكن ليميز بين الكاتب والنص والاداء والجمهور كخواص للنقد المعاصر "(5) وعلى الرغم من بداهة المعلومة التي طرحت بخصوص التطهير إلا أن المؤلف يقع في مغالطة مفادها عدم امتلاك المتلقي الكلاسيكي  القدرة على التمييز بين (الممثل والمؤلف والجمهور) اعتقد أن هذه مغالطة كبيرة .
وفي الفصول الاخرى من الكتاب والتي حملت عنوانات فاعلة إلا أنها لم تكن تمتلك مضامين معبرة عنها ذلك ان تلك العنوانات كانت تشير إلى مسرح مابعد الحداثة ، إلا ان المضامين كانت تشير إلى دراسات مسرحية ، بمعنى ان الاشتغال النظري هو الذي كان حاضرا في هذا الكتاب على العكس من طروحات المؤلف في البداية حول اختلاف (المسرح عن العرض) ، فهو يعمل على توظيف دراسة سابقة بشكل او بآخر كما يفعل العديد من الكتاب العرب  ومنهم دراسات   (يوسف عبد المسيح ثروت) ، والتي يعد هذا الكتاب على شاكلتها ، بوصفه كتاباً تجميعياً لعدد من المقالات  على طريقة الاستعراض وليس على طريقة التحليل النقدي الذي يقدم قراءات جديدة ومغايرة لتلك الأفكار التي تشكل بمجملها المفاهيم المعاصرة المتمثلة في طروحات الحداثة ومابعد الحداثة.

7 عروض مسرحية تمثل مصر بمهرجان القاهرة للمسرح التجريبى وتكريم مخرج صينى

مجلة الفنون المسرحية


7 عروض مسرحية تمثل مصر بمهرجان القاهرة للمسرح التجريبى وتكريم مخرج صينى


تزخر الدورة الـ24 من مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى والمعاصر التى ستنطلق يوم 19 سبتمبر بالكثير من العروض المسرحية التى تم اختيارها والعديد من الدول المشاركة، وقد كشفت إدارة المهرجان عن مشاركة متميزة لـ40 دولة أجنبية وعربية من بينها: أمريكا – روسيا – المانيا – السويد – أسبانيا – فرنسا – البرازيل – الهند – أوغندا – نيجريا – تونس- العراق – المغرب – والأردن والأمارات والبحرين .

كما تشهد هذه الدورة مشاركة متميزة للصين بعرض "حب التاسعة والنصف" لأهم مخرجى الصين المعاصرين "مونغ جينغ هوى" وتشارك أمريكا بعرض "وفاة بائع متجول" للكاتب آرثر ميللر لفرقة "مسرح ميتو"، والتى قدمت عروض على مسرح "بام "ببروكلين الذى يعد من أهم مسارح الولايات المتحدة الأمريكية والعالم .

كما تتميز هذه الدورة بمجموعة من الورش التدريبية التى يشارك فيها شباب المسرح المصرى ويقوم بالتدريب فيها خبراء مسرحيون من عدة دول منها ألمانيا – لبنان – فرنسا – نيجريا – سويسرا – الصين.

مهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر والتجريبى يرأسه الدكتور سامح مهران، وتديره الدكتورة دينا أمين والمنسق العام للمهرجان هو المخرج الكبير ناصر عبد المنعم الذى كشف لليوم السابع عن تفاصيل جديدة تتمثل فى أسماء لجنة اختيار العروض المصرية المشاركة فى المهرجان، والتى ستختار 7 عروض مسرحية منها العرضين الفائزين فى المهرجان القومى للمسرح المصرى، و5 عروض أخرى تقدمت للمشاركة وقد تكونت اللجنة من الكاتب المسرحى الكبير محمد أبو العلا السلامونى، وعضوية كل من الفنانة سلوى محمد على والدكتورة سامية حبيب والكاتب المسرحى إبراهيم الحسينى والناقد ياسر علام.

وأشار المخرج الكبير ناصر عبد المنعم إلى أن إدارة المهرجان تدرس حاليا عددا من الأفكار الجديدة، وتتناقش فى أسماء المكرمين بالدورة المقبلة وكل ما يخص المهرجان من تنظيم وأنه متفائل جدا بهذه الدورة، ويتمنى من المسرحيين أن يساندوا المهرجان لأنه مهرجان مصر ومن أهم وأقدم وأعرق المهرجانات المسرحية.

-------------------------------------------------------
المصدر : جمال عبد الناصر - اليوم السابع

حوار مع رئيس مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي د. سامح مهران : مسرح ما بعد الحداثة أنتج ما يسمى بموت الناقد

مجلة الفنون المسرحية

حوار مع رئيس مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي د. سامح مهران : مسرح ما بعد الحداثة أنتج ما يسمى بموت الناقد

حاوره: أحمد الطراونة - الرأي

قال المخرج المسرحي والاكاديمي المصري د.سامح مهران: انه ورغم الاشتباك الآني الخجول مع الفعل المسرحي إلا ان ما بعد الحداثة انتج ما يسمى بموت الناقد، لأننا إذا اعتبرنا الممثل جسدا سيميائيا أو وسيطا، فأن ذلك يعني أن ما يقدمه مفتوح على مجموعة من المعاني، وبالتالي انتفاء دور الناقد.

ويضيف مدير مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي ان المسرح مستهدف، وان التمويل الخارجي انتج ما يسمى بالاستعمار الخطابي.

ويرى رئيس كلية الفنون السابق ان المسرح لايعاني المعظلات، كما يدّعي البعض، لأن هنالك من يصطنع هذه المشاكل، ويحاول أن يبرر فشله.

وأكد رئيس أكاديمية الفنون المسرحية السابق والذي يعد شخصية ثقافية اكاديمية متنورة ان الأكاديميات الرسمية ضد الخروج عن هذه الأكاديمية، وحتى تاريخيا وفي فرنسا كانت الأكاديميات ضد الأشكال التي تخرج عليها وتدرس بعيدا عنها، لاعتقادهم أن الخروج عنهم هو خروج عن المألوف.

وفيما يلي  الحوار:

مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي، مؤسسة ثقافية جذرية أسهمت ولا تزال في خلق الوعي وتجذيره. هل هذه الصفات المهمة لهذا المهرجان كانت وراء اغتياله للحظة من الزمن؟ أم أنه كان محط صراع بين من يحملون مشعل التنوير وسواهم ؟
ـــ في العصور الماضية كان المسرح مستهدفاً لأنه تميّز من جهتين: حضور الممثل كوسيط سيمولوجي أو كجسد سيمولوجي، وحضوره بجسده الفعلي. ولعل حضوره بجسده الفعلي قد يثير بعض الغرائز لدى المتلقين، إذ هو محط أنظارهم، ومن هنا هاجمه رجال الدين، وأعني هنا المسرح بشكل عام وليس التجريبي فقط، خاصة وأن التجريبي يثير هذه القضية أضعافا مضاعفة عن المسرح العادي، لأنه يستنبط القيمة من فعل التجربة ذاتها، ولا قيمة سابقة على فعل التجربة، إضافة إلى أن المسرح التجريبي يقول إن الهويات ليست فعلا متجذرا في تراث، ولكن متجذر في الـ(هنا والآن)، وهذه خطورة المسرح بشكل عام أيضا، إلا أن التجريبي يؤكد على القيمة التالية لفعل التجريب والتي تنطلق من الجسد المادي للممثل، لذلك هنالك اهتمام بالجسد المادي وليس هنالك اهتمام بالهوية المتجذرة بالتراث، أي أن المسرح التجريبي ليس حاملا لعالم سابق التجهيز. وعندما استعدنا مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي لم يكن هدفنا أن ندخل في صراع مع أي جهة لأننا في إدارة المهرجان الحالية نميل إلى سياسة التفاوض وليس إلى سياسة التصادم، ومن خلال سياسة التفاوض نستطيع أن نقف بالمهرجان من جديد ونعيد له الألق الذي اختفى خلال سنوات غيابه.
• هل هنالك تجريب حقيقي على صعيد المسرح العربي ؟ وهل استوعب المسرحي العربي فكرة التجريب وأعاد إنتاجها وقدم أعمالا مهمة في هذا السياق ؟
ــ هنالك تجارب مفصلة، فتجربة مسرحية «الطوق والأسوارة» سنة 1996 التي فازت بجائزة الإخراج للمهرجان التجريبي وكانت من إنتاج مسرح الطليعة، من خلال هذه المسرحية وضعنا كل الموروثات على محك التساؤل، وهنا أريد القول إن المسرح يعبر حقولا بربرية، وهو معني بتساؤلات تستدعي بالضرورة أدوات مغايرة للتعامل معها، والنص التجريبي مفتوح على احتمالات لأنك إذا ألغيت الجسد السيمولوجي حامل المعنى تفكك الثقافة بشكل عام، فتصبح أمام تفسيرات مغايرة تماما وفقا لثقافة المتفرج ومرحلته العمرية وانتماءاته الماقبلية والآنية وذلك بسبب التأويلات المربحة للعملية المسرحية.
• هل تقصد أن التجريب يعمل على اخضاع المقولات التراثية، ام انه فحص لكل ما هو قبل الان ؟
ــ منذ عصر النهضة كانت هنالك مقولة هي (هنا والآن) وقد أثرت على الفن بشكل عام، وهي تؤكد أنك معني بسياق، وأنه لابد من ربط المسرح بالسياق الحاوي، إلا أنه يمكن أن ينفتح المسرحي على ثقافات أخرى كما فعل بريخت مثلا ليغني الأداة المسرحية ذاتها.
• هل هنالك باحث حقيقي ينظر للحالة المسرحية العربية ؟
ــ أنا ضد هذا المنهج، لكنني مع التفاعل، وأنا ضد أن يكون هناك شكل مسرحي، فالأشكال لا توجد من فرد، إنما هي حصيلة تطور، كما هي الميلودراما والتي نشأت مع ظهور الطبقة البرجوازية في أوروبا، والتي انتهجت أسلوب المصالحة بين الطبقات، كما حدث في مسرحية فقراء نيويورك والتي تنتهي بالتصالح مع الشرير من أجل أن يتقدم المجتمع، والمصالحة هي شكل من أشكال التسامح، يعني أنه لا يوجد شكل جاهز وإنما الشكل هو حصيلة تطورات اجتماعية وثقافية وغيرها، وأنا ضد البحث عن شكل مسرحي عربي رغم أن لدينا أنماطا مختلفة من الأشكال المسرحية وغيرها والتي لم توضع في سياقاتها لكي تكشف سوءات المجتمع، وضمن إطار ساخر مثلا، وتدفعه للتطور، وما يميز المسرح في فترات سابقة وما بعد الحداثة هو تكنيك الخفاء أي أنه يتم اللجوء إلى بنية استعارية مصحوبة بمحاكاة ساخرة والتي تعمل شكلا من أشكال الإفاقة لهذا المتفرج فتعيده إلى التفكير فيما يرى.
• هل لايزال المسرحي العربي مبهورا بالنصوص الغربية ولايزال يعيد اجترارها بعيدا عن طرح قضاياه الملحة على خشبة المسرح ؟
ــ لا أميل كثيرا إلى ذلك لكنني أميل إلى فكرة أن الأشكال لا تأتي بقرار أو رغبة في التنظير وإنما بمحاورة ثقافية، فالمتابع للمسرح المصري في الستينات وفي سياق التفريق بين الكوميديا والتراجيديا يرى أن هنالك أحداثا ما قبل رفع الستارة، أو ما يسمى بالوضعية الأساسية، كقتل والد هاملت والذي يحدث قبل رفع الستارة، ثم الوضعية الاستهلالية، لذلك فإن حل الصراع من ناحية البنية في التراجيديا يتم بين التناقض بين الوضعيتين الأساسية والاستهلالية، ولعل المسرح المصري في الستينات كان يجد أن حل الصراع هو بتكرار الوضعيتين كما حدث في مسرحية «بلدي يا بلدي» لرشاد رشدي إذ تبدأ بظهور الفرنجة وتنتهي بعودة الفرنجة، وبذلك لا نستطيع القول إنه تماهى مع الغرب وإنما هنالك حساسية عالية بين الوعي واللاوعي، وهذا يقود إلى ما يسمى بالازدواجية الأيديولوجية أي أن المسرح المصري والعربي بالعموم تعامل مع التقنيات الخاصة بالعرض باعتبار أنها حلية وليست حوامل لأيديولوجيته، وهذه كانت قضية، إلا أن الأجيال الجديدة من المسرحيين الآن أصبحوا على درجة جيدة من الوعي فيما يخص هذه المؤثثات المرافقة للعرض.
• هل ترى أن هنالك استنساخا للمهرجانات العربية، أم أن هنالك عجزا لدى إدارات المهرجانات لخلق فضاءات جديدة ؟
– لعهد قريب كان المشتغلون بالمسرح هم خريجو المعاهد الفنية، أما الأجيال الجديدة فأغلبهم جاءوا من مراكز اجتماعية ومراكز حقوق الإنسان وليس لهم علاقة جذرية بالدراسات المسرحية المتعارف عليها، وبالتالي فإن بداياتهم كانت في فضاءات غير تقليدية والمهرجانات الآن تستوعبهم، وهذا جزء من الثقافة الرسمية التي بدأت باستيعاب الثقافة الخارجة عن الثقافة الرسمية في المهرجانات، وذلك كمحاولة لاحتوائهم للفضاءات الرسمية عبر المهرجانات وهذا هدف سياسي غير منظور، لأن هؤلاء جاءوا من فضاءات مجهولة وغير معروفة للمسرحيين الذين نعرفهم كما هي حركة المسرح المستقل في مصر، وكما هو في بعض الدول المختلفة ولديهم أفكار متطورة عن الحريات وعن الدولة المدنية وحقوق الإنسان وغيرها، لذلك أتصور أن أي حركة مسرحية مهما كانت، تقود إلى غنى وتطور الفكر المسرحي.
• حقوق الإنسان، تقود إلى ما يسمى بالتمويل الأجنبي تحت عناوين كبيرة كحقوق الإنسان مثلا. هل ترى أن هذا التمويل يأتي من فراغ ؟
– كنتُ طرحت قبل فترة فكرة «الاستعمار الخطابي»، وهذا جزء من الاستعمار الخطابي، فأنا كمسرحي عربي لست معنيا بقضية الشواذ جنسيا، لأن لدي من القضايا الكبيرة والمهمة وأهم كثيرا من هذه القضايا الصغيرة، وأن تملى علي معالجات بعينها هذا هو الاستعمار الخطابي، ولست ميالا للعديد من القضايا التي يتم معالجتها بطريقة مفرطة في التناول، كالعنف المبالغ فيه والجسدية المبالغ فيها، وأنا لست ضد تناول السائد في المجتمع ولست مع الاستكانة له، لكن إذا كان ولابد علي أن أتناوله بقدر محسوب بعيدا عن الحدية في الطرح حتى لا يفقد المسرح أتباعه .
• بين فكرة «الاستعمار الخطابي» و»مسرح النخبة» كيف سيكون المسرح جماهيري ؟
ــ المحاكاة الساخرة هي شكل سهل الوصول، وقادرة على تناول جميع ما هو جاد بشكل ساخر، والمحاكاة الساخرة تستدعي ممثلا وليس مؤديا والفرق كبير بين الاثنين، فالمؤدي يمتلك سيرة ذاتية تشتبك مع المواقف والأشياء المعلنة وتمزج الذاتي بالموضوعي فيدخل كذات وليس كحامل للمعاني أو حامل سيميولوجي، وهذا يبين أنه يتماس مع الموضع من خلال ذاته هو، فيحمل قاموسا من النكات الشعبية والأمثال الساخرة والرقصات الشعبية الخاصة بالبيئة التي يمثلها والأفكار والآراء، وهذا يأتي بارتجال من خلال الدخول والخروج الذكي والربط ليوصل الفكرة للذين هم أقل ثقافة، إضافة إلى الصورة التي توصل الفكرة بأقل جهد لأن الصورة قادرة على إيصال ما تريده أفضل من الخطاب.
• هل تأثر المسرح بالإعلام وفكرة الصورة التي تحدثت عنها ؟
ــ طبعا، كان «قرامشي» يعمل على ثقافة الأميين، وعندما تربط كلام «قرامشي» بما قاله «دينس ددرو» والذي قال إنه لابد من وضع الحقيقة في حيز التحقق المرئي، لذلك فقد تعارض الملفوظات الإشارة أو الحركة أو الإيماءة، والصور تعبر عن علاقات اجتماعية أيضا كما قال «جي ديبور»، لذلك فهي توصل أسرع بكثير من كل المقولات، وهذه تضع المتفرج البسيط أمام تساؤلات ولا تعطيه إجابات وتدفعه للبحث عنها أيضا وأن يكون جزءًا من هذه الإجابات من خلال تطوير وعيه وأن يصل إلى قناعة ما تجاه ما هو مطروح.
• إعادة كتابة التاريخ من خلال المسرح، أو إعادة طرح ما سلف بصورة أكثر وعيا ونضجا، هل يسمح السياسي للمثقف أن يمسك الخطاب في الشارع من خلال المسرح، أم أن هنالك صراعا حقيقيا بين المسرح كمثقف جذري معنوي وبين المؤسسة الرسمية أو السياسي الذي يعي فكرة إلى أين يذهب المثقف بالشارع ؟
ــ المسرح هو حلبة صراع على مستوى الجسدية وعلى مستوى الخطاب وعلى مستوى المعنى، وفي العالم كله السياسي يتبع المسرح إلا في العالم العربي، فلو استسلم المثقف للسياسي لضاع المسرح، لكن المسرح يعمل فلترة للفعل السياسي، فالمسرح منذ بداياته وعلى زمن آرسطو وأوديب كان يكرس للمدينة والبنية البطريركية باعتبارها فكرة سابقة آنذاك، لذلك فقأ أوديب عينيه لأنه لم ير واقع المدينة الجديد، وعندما نحلل أوديب نرى أن قتل الأب عودة للمجتمعات الأمومية والزواج من الأم عودة للمجمعات الأمومية، فحل المسألة بنموذج سفنكس، فمن أين أتى بهذا النموذج، من خلال العمق الانثربولوجي للمجتمع، حيث يمثل سفنكس الآلهة مزدوجة الجنس التي ترعى الانتقال من المجتمعات الأمومية إلى المجتمعات الذكورية، ونموذج للاستعمار الثقافي الدياني المصري، وبالتالي الخلاص منه هو خطوة للأمام مقابل خطوتين إلى الخلف وبالتالي يمكن القول إن اوديب هو من سلفيّ ذلك الزمان، وهذا ما قصدته بالسياق الحاوي فيما سبق، ويؤكد على أن المسرح هو لعبة انحياز، وكان هنالك صراع زمني عند سفوكليس في لحظة نادرة جدا في المسرح العالمي، صراع بين الزمن الدائري (زمن القبيلة والعشيرة والاسطورة) ومع الزمن الغائي أو زمن المدينة، وكلما عدت إلى الوراء كلما تقدم زمن المدينة إلى الأمام فهذا صراع لرؤيتين للزمن الدائري والغائي.
• ضاع المسرح في سياقات الصراع بين السياسي والمثقف، المسرح العربي هل لديه فعل مسرحي حقيقي يطهّر الذهنية العربية من الزمن الدائري واخذها للزمن الغائي ؟
ــ الرؤية غائمة، فأنت إما أن تكون متماهيا تماما مع الغرب أو ترتد إلى الجذور، وهذه رؤى حدية، لذلك لابد من انتهاج أسلوب التفاعل وهو يعني الإضافة، لأن هنالك قرارات صعبة في لحظة تاريخية معينة يجب على الناس أن يتفاعلوا معها ليتابعوا صيرورة التطور وأن يتنازلوا عن جزء من تراثهم ليكون في نفس اللحظة قادرا على الإضافة إلى التراث العالمي وإلا سيكون خارج السياقات.
• شخصية «حبّاك» التي خلقتها لمقاومة الفساد، هل لاتزال موجودة رغم ما أهرق من دم على أسوار المدينة العربية ؟ وهل لايزال يمتلك قدرا من المقاومة للسائد الطاغي ؟
ــ حبّاك موجود في كل لحظة وفي كل مكان، وهو يعبر عن الشخصية المصرية التي تملك خفة الدم والتي تعمل مقالب في السلطة، وهذا أحد أسئلة الشعب المصري، ولذلك نحن في المسرح نمد الخطوط على استقامتها، وقد حققنا نجاحا كبيرا بهذه المسرحية، ومع الضغوط الاقتصادية يقاوم المصري ذلك بالسخرية، لذلك فحبّاك موجود وسيبقى.
• المسرح يعاني بعض المعظلات، مخرج ونص وتمويل، بحكم خبرتك الإدارية والأكاديمية والإبداعية هل أنت مع ذلك ؟
ــ أنا ضد هذا الكلام، لكن هنالك من يصطنع هذه المشاكل، ويحاول أن يبرر فشله، النص موجود والإخراج موجود والممثل موجود لكن للأسف قنوات التواصل هي الضائعة والتي تفقد التواصل بين هذا الفعل المسرحي وجمهوره، وقد شاهدنا عرض «الشقف» التونسي – مسرحية تونسية عرضت في مهرجان شرم الشيخ للمسرح الدولي- وهو عرض أكثر من رائع لأنه يمس العصب العاري، ولا ينفصل عن مجتمعه، ويلتحق بمجتمع آخر ليعرض هذا الصراع بين ثقافتين وبمنتهى البساطة، وهذا بتكلفة بسيطة، ونحن مصرّون على صيغ قديمة لابد من التحرر منها وإعطاء فرص جديدة لكل الشباب، لذلك لابد من الابتعاد عن الفكرة التاريخية والتواري خلفها لاسقاطها على الواقع، فالواقع مليء بما فيه وهو ليس بحاجة لاسقاطات.
• إذا كيف ترى من يذهبون للبحث عن النص العالمي ليحقق حضورا عاليا ؟
ــ المسرح مثله مثل أي ساحة أخرى للصراع بين القديم والجديد، فالقديم لم ينسحب بشكل كامل والجديد لم يحقق الاكتمال بعد، إضافة لذلك فالمشهد النقدي غير موجود أيضا إلا من بعض الأصوات، إلى جانب طغيان النظريات التقليدية في تدريس المسرح نفسه وكأن التقليدية هي التي يجب أن تقاس عليها جميع النصوص، لذلك أنت بحاجة لحساسية أخرى وثقافة أخرى، ومن هنا ألغيت الحبكة من العديد من النصوص والأعمال، لأن الحبكة تعني أن ثمة حتمية تاريخية، ولأن فكرة الحتميات التاريخية قد انتهت فإن الحبكة قد انتهت.
• المشهد النقدي في الوطن العربي غير قادر على متابعة المشهد المسرحي العربي سواء على مستوى التنظير أو على مستوى التطبيق، أنت ماذا ترى ؟
ــ أنا معجب جدا بمركز دراسات الفرجة في المغرب، سواء على مستوى التنظير والبحث والتطبيق وغيره، وتقدم الباحثون المغاربة في المراكز الثلاثة الأولى لمسابقة البحث العلمي التي أجرتها الهيئة العربية للمسرح وقد كنت حينها رئيسا للجنة التحكيم، لكن كل مركز من هذه المراكز الشبيهة يخدم منطقته فقط وهذه مشكلة حينما يختصر نشاطه النقدي فقط في النشاط المسرحي الخاص بمنطقته.
• هل ثمة ما يبرر الظهور على استحياء للأكاديمي العربي في المشهد النقدي المسرحي ؟
ــ الأكاديميات الرسمية هي ضد الخروج عن هذه الأكاديمية، وحتى تاريخيا وفي فرنسا كانت الأكاديميات ضد الأشكال التي تخرج عليها وتدرس بعيدا عنها، لاعتقادهم أن الخروج عنهم هو خروج عن المألوف.
إلا أن الهيئة العربية للمسرح قد انتجت العديد من البحوث النقدية وأسهمت في إيجاد العديد من الكتب النقدية، التي تربط التنظير بالتطبيق، إضافة إلى خزانات المسرح العربي كخزانة المسرح الأردني.
• لكن هل هنالك حركة نقد آنية تشتبك مع الفعل المسرحي على الخشبة ؟
– دعني أقول إن ما بعد الحداثة قد أوجدت ما يسمى بموت الناقد، لأننا إذا اعتبرنا الممثل جسدا سيميائيا أو وسيطا، فإن ذلك يعني أن ما يقدمه مفتوح على مجموعة من المعاني، وبالتالي انتفاء دور الناقد، لم يعد هذا الناقد وسيطا أو موجها لي، فانفتاح النص على تعددية معانيه أوقف مهمة الناقد كسلطة فكرية أو ذهنية على النص أو المخرج، لذلك هذا ما عنيته بموت الناقد.

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption