أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الثلاثاء، 13 فبراير 2018

"فاطمة السمحة": تجريب في حكاية تراثية

"الخادمتان": لعبة المهانة ما زالت مستمرّة

الاثنين، 12 فبراير 2018

قراءة في عرض ( remember ) لكوريا الجنوبية .. المخرجة hwa تشعل حريق ذاكرة اغتصاب النسوة ..

مجلة الفنون المسرحية

قراءة في عرض ( remember ) لكوريا الجنوبية .. المخرجة hwa تشعل حريق ذاكرة اغتصاب النسوة ..

 يوسف الحمدان

بعد أن تسيدت في ذاكرتنا روح الطقس والأسطورة والسحر والموروث المتخم بأزيائه واكسسواراته وألوانه الحارة الفاقعة والمذهبة في العروض المسرحية الكورية التي تسنى لنا مشاهدتها في مهرجانات ومناسبات مسرحية دولية عدة ، تأتي مسرحية ( تذكر ) أو ( remember ) من كوريا الجنوبية لمؤلفتها ومخرجتها ( ha kyoung hwa ) والتي عرضت ضمن مهرجان أوال المسرحي الدولي 2018 ، لتقترح على متلقيها رؤية مسرحية أخرى متحررة من تلك الروح الفضفاضة التي عهدناها في أغلب العروض المسرحية الكورية ، ومتواشجة مع قضايا الإنسان في همه الإنساني الصعب والذي يتعذر نسيانه بسهولة ، خاصة ما إذا اتصل هذا الهم بالحروب وما تبعها من اعتداءات يصعب على الذاكرة نسيانها أو تجاهلها ، مثل الاعتداء على الفتيات واغتصابهن في معسكرات العدو ، وهو المحور الذي طرقت من خلاله المخرجة (ha kyoung hwa ) أبواب الذاكرة بقوة ، إذ لا يزال الشعب الكوري الجنوبي ، وخاصة النسوة اللواتي شهدن هذه الكارثة ، لا يزال يتذكرها ويحذر منها ومن تكرارها .

في هذه المسرحية تشعل المخرجة ha kyoung hwa حريق الذاكرة ، ذاكرة الاغتصاب ، عبر استذكار واحدة من اللواتي نجون بأعجوبة من هذا الاغتصاب الدامي والبشع ، حادثة ما قبل الاغتصاب ، حيث البراءة النقية تحتل مكانا أثيرا في نفوس وعلى سلوك الفتيات في حياتهن اليومية ، وما حدث بعد الحرب واستعمار إحدى الدول المجاورة لكوريا من انتهاكات غير عادية لحقوق الإنسان وخاصة النسوة اللواتي اغتصبن عنوة في معسكرات المستعمر ، ويطلق على هذه المرأة الناجية التي تستذكر الحكاية عبر إنشادها لموشح الأموات ، يطلق عليها ( امرأة المواساة ) .

ويأتي هذا الاستذكار الصاخب من الداخل ، عبر ومضات بليغة لحالات صعبة تطفر بين حين وآخر في الظلمة الاستحضارية والنور الفاضح والشاهد على عذابات النسوة المغتصبات اللواتي تعرضن لاعتداءات بشعة آلت بأغلبهن إلى الموت ، لتشكل هذه الومضات مشهدية متواترة الزمن والذاكرة في العرض .

وتأتي الموسيقى والمؤثرات المؤلفة خصيصا لذاكرة العرض ، بوصفها محورا حيا ومؤازرا لدور الشخصيات في هذا العرض ، وبوصفها مشحاذا للذاكرة الجميلة والمؤلمة ، ولاعبا أساسيا في تحديد الانتقالات المشهدية الزمنية والمكانية .

وقد وفقت المخرجة ha kyoung hwa أيما توفيق ، باستعاضتها للموسيقى والمؤثرات بديلا عن الشخصيات التي ارتكبت جريمة الاغتصاب البشعة ، وبديلا عن هوية العدو المستعمر ، وذلك كي تصبح مثل هذه القضية في متناول كل من تعرض من النساء للاغتصاب في بلدان كثيرة عانت من جرائم الاستعمار ، ويمكن أن تلامس الكثير من النسوة في هذا العالم وليس في كوريا الجنوبية فحسب .

وقد تمكنت الممثلات المؤديات لهذا العرض الاستذكاري المؤلم ، من أن يقدمن عرضا مؤثرا بوصفه قضية تبنينها وآمنّ بها ، وكما لو أنهن محترفات ولسن هواة ، فكان الاشتغال على الذاكرة المحفز الأساسي لتشكيل الروح والجسد المقاومين والمستباحين في هذا العرض ، واللذين من خلالهما تتشكل اللعبة الصعبة المرتكزة على بساطة أدائية لا حدود لها ، بعيدة عن أي تصنع أو افتعال أو مبالغات .

أداء ينسل في الروح من خلال مشهديات وامضة مبرقة ، يبدو عفويا وتلقائيا في لحظات ويبدو إيمائيا مركبا متداخلا ومتشكلا من خلال هذه العفوية والتلقائية في أحيان أخرى ، ويبدو أحيانا كرقصة الذبيح على جمر الحزن والفتك ، حيث تتشكل من كل هذا المزيج الأدائي الهائل كوريغرافيا الفدح ، وخاصة في مشهدية الهلع الذي أربك أرواح الممثلات وأجسادهن لحظة استشعارهن بقدوم العدو ، ولحظة الاغتصاب التي مزقت هذه الأرواح والأجساد وطلتها بدم السفك المجرم البشع ، ولحظة القتل المادي المضاعف لقتل الروح وهدرها .

وأعتقد أن هذه المسرحية ، وإن لم تتخللها لغة منطوقة ، فإنها بالإمكان أن تصل قضيتها إلى المتلقي وتلامس روحه .

وقد كانت المخرجة hwa موفقة في استخدام الأبيض في زي النسوة ، ذلك اللون الذي اكتساهن نقاؤه وسلامه أطفالا فصبايا فموتى ، إنه اللون الشاهد على جريمة الاعتداء على الإنسانية بوصفها قيمة مثلى ينبغي ألا تمس أو تخدش ، وكانت اللحظة التي تمزق فيه أزياؤهن البيضاء ، تشعرك وكما لو أن الاعتداء على هذه الأزياء هو اعتداء على أجسادهن وأرواحهن نفسها .

هذا الأبيض المخترق والملوث بدم العدو المغتصب ، تحيله المخرجة hwa مقبرة موشّاة بالزهور التي نثرتها امرأة المواساة على جثثهن كشاهد على الجريمة البشعة التي ارتكبت في حقهن ، ولتنهي هذه المأساة بوثيقة بصرية صامتة حية لضحايا الاغتصاب وهن يتجمعن في كتلتين حول كرسيين تعرشتا مقعديه امرأتين من الضحايا ، رامية من خلال هذه الوثيقة إلى ضرورة تذكر هؤلاء النسوة الضحايا اللواتي لم يزلن يعشن بعد في دواخلنا وذاكرتنا .

كل هذه الجريمة تحدث في فضاء مسرح عار إلا من كرسيين وسقالة ومطوية ورقية كبيرة ، تاركة كل فسح هذا الفضاء للذاكرة ، وقد كان استخدام الكرسيين للشهادة على ما حدث ، ولتوظيفه كمخدع مفضوح لحالات الاغتصاب ، الذي تستر عورته مطوية ورقية مزقت الحسرة والفجيعة أوراقها ليبدو كل شيء شاهدا بفضحه على الجريمة .

إنه مسرح القضية الذي أتقنت المخرجة ( hwa ) تشكيل أركان مقومات شكله وهويته في هذا العرض ، وهو مسرح نسوي بامتياز من حيث تناول القضية ، ومن خلال من تصدى لها من النسوة في هذا العرض ، فتحية لفراشات عرض ( تذكر ) ، فقد تعلمنا منها كيف نتعامل مع الذاكرة بوصفها قضية ، ومع البساطة بوصفها فنا ..

الجسد والمرايا.. قراءة في نماذج من النصوص المسرحية لغنّام غنّام

مجلة الفنون المسرحية


الجسد والمرايا.. قراءة في نماذج من النصوص المسرحية لغنّام غنّام

حاتم التليلي

نظّم  مخبر “بحوث في التنوير والحداثة والتنوّع الثقافي”/ ورشة بحث الجماليات المعاصرة، ندوة حول “صـورة الأرض في المـمارسات الفـنية الفـلسطينية المـعاصرة”، بإشراف: د. أمّ الزّين بنشيخة المسكيني، شارك فيها أكاديميون وجامعيون ومسرحيون من تونس وفلسطين وفيما يلي مداخلة الباحث حاتم التليلي محمودي حول تجربة الفنان الفلسطيني غنّام غنّام.

الجــــــــــــــــــــــــــــــسد والمـــــــــــــــــــــــــرايا قراءة في نماذج من النصوص المسرحية لغنّام غنّام
تـــــــــــأصـيل: المـسرح من الأرض إلى مغالطات المدينة

منذ قدم قديمه، قبل أن يُمَأْسَسَ، وحتّى قبل نشأة المدينة – ربّما منذ عشرة آلاف عام مضت بعد أن ضرب جفاف مروّع منطقة الشرق بأسرها، فعمّت المجاعات وساد الفناء-، ولد ذلك الفنّ – الذي صار فيما بعد اسمه مسرحًا-، من رحم الأرض، صيغةً عُلْيَا عن غوائل الحياة ورعب الفلاح القديم وخوفه من الجدب:  منذ تلك الأزمنة السحيقة، الإنسان يبحث له عن الخصب، لذلك كلّما عمّت المصائب؛ علت الأصوات البشريّة بالنّواح والأغاني الجنائزيّة الحزينة، حيث لا ثمّة غير الاندثار والهلع والخوف من الانقراض، وكلّما قدم ربيع، ما، بعد فصل من الأمطار، علت طقوس الاحتفال والانبعاث والولادة.
المسرح ابن الطبيعة، أمّا ما قيل في شأنه من أساطير فهي محلّ تشكيك، فعلى الأغلب إنّ إلهه (تمّوز) أو (أدونيس) أو (إيزوريس) أو (دموزي) كان آدميّا، وإلا كيف نقرأ هذه الشذرة التي اقتطعها (فاضل الربيعي) من “كتاب الفلاحة النبطية” لصاحبه (ابن وحشية): “إنّ هذا الشهر المسمّى (تمّوز)، فيما ذكر النبط ما وجدت في كتبهم، اسم رجل، كانت له قصّة عجيبة طويلة، وقتل، وزعموا، قتلات قبيحة بعضها بعقب بعض” . ألا يمكن أن يكون نفسه الاله الاغريقي (ديونيزوس) وهو القادم إلى اليونان من أحراش شرقية بعيدة كما تمّ التّأكيد مع (إيكار السقّاف) ؟ ألم تكن نهاية هذا الاله الأخير مماثلة للأوّل وهو الذي مات مشويًّا، قربانًا بائسًا وشهيدًا كما وصفه (المسكيني) في كتابه “الهوية والحرية” ؟  ليس المسرح ابن المدينة كما ساد الاعتقاد، ولكنّه ابن الأرض وطفلها في أوّل المطاف، وإن شئنا الاعتراف بأنّه وليد المدنيّة والتحضّر، علينا أوّلا الاعتراف بأنّه الضدّ النّوعي لتلك الطقوس الأولى والاحتفالات القائمة على انفعالات الطبيعة.
لقد كانت الأرض ركحه الأوّل، ذلك الفضاء المفتوح على السماء والأصقاع، فيما بعد صار هذا الركح مغلقًا منذ نشأة المدينة، أو لنقل بإيعاز  سياسي، منذ تلك اللحظة التي أشرف فيها (بيزاستراتوس) على مهرجان ديونيزوسي بالكامل، ومن ثمّ كان أن رفعت الاحتفالات الجمعية من الساحات العامة إلى أفضيتها وقاعاتها ، مرورا بقصائد الشعراء الغابرين، إلى أن حلّت فلسفة القرن الرابع قبل الميلاد  فأرست جملة من القواعد والضوابط لهذا الفنّ.
صحيح أنّ هذا الفن يهدم نفسه ويتجدّد باستمرار، ولكنّ منعطفاته الفكرية والجمالية وتقاطعاته مع الحالة السياسية والاجتماعية لا يمكن أن تفصله عن كلّ فاصلة قد تقطعه مع جذوره الأولى، وإلا كيف نفسّر عودته الآن إلى ينابيعه الأولى رغم حيف التقنية والديجتال؟ إن ارتباطه العميق كفنّ حيّ بالذّات الآدمية هو ما سيجعله قرين الأرض دائمًا، محاكيًا جسدها الكوكبي وفقًا لمنظورات هذا الانسان الذي يسكنها، ووفقًا لآلامه العظيمة، بوصفه حفيد ذلك الاله الغابر، ودمه الذي شربت شقوقها حرارته، منذ (أوزريس) في مصر الفرعونية، و(دموزي) في بلاد الرافدين، و(أنكيدو) المطعون بقرن الخنزير، مرورا بـ(اليسوع) معلّقة أوصاله على الصليب وجسد (الحسين) المبتورة أطرافه، ووصولا إلى الجسد الفلسطيني: لم تُقَطَّعْ أعضاء جسده فحسب، وإنّما مُزِّقَتْ أرضه إلى خرائط فاستحالت كما حدّث عنها القرآن “فراشا مبثوثا”.
ماذا إذن بوسع الفن المسرحيّ الفلسطيني أن يقول الآن لهذا الآدمي؟ كيف يمكنه مسرحةُ هذه الأرض؟ أيّ صورة يمكن أن يقدّمها أمام هذا الحيف؟ لقد تحوّل الجدب القديم إلى آلة استيطانية حديثة تتحرك بأشداق كلب الجحيم (سربروس) لتعذّب الأرواح البريئة وتشرّدها، مثلما تحوّل الخصب القديم إلى مجرّد بيان غاضب يلقيه رهط من السياسيين المتخاذلين. نقرأ لـ(شمعون ليفي) في كتابه “المسرح الاسرائيلي، الأنا والآخر ومتاهة الواقع” ما يلي:”في السنوات الأولى للاستيطان اليهودي في أرض إسرائيل (فلسطين) أشبع الأدب العبري، نثرا وشعرا ومسرحا ونقدا بمصطلحات المكان، وبالذّات الأرض”، ونقرأ أيضا لنفس الكاتب من نفس الكتاب “في المرحلة الأولى من إقامة المسرح الاسرائيلي حيث كان الربط بين الماضي والحاضر، كان الفضاء هو البطل الحقيقي، ويمكن الاشارة إلى أمرين ملحوظين في هذه الفترة: في المسرحيات الرائدة لم تكن صراعات بين الشخصيات، ويتبين أن الطرف الآخر للصراع المسرحي كان المكان/الفضاء”  ، إنّ ما نستنتجه هو كيف قامت السرديات الإسرائيلية على مغالطات فكرية وسياسية عديدة، هي الآن تنعكس على راهن الفن المسرحي الإسرائيلي واشتغاله، لا سيّما من حيث موضوعاته وخلفياته وخرائط هويته بصفته يتحرك ضمن دائرة مُأَدْلجةً ومرسومة له سلفًا، هذا ما  يدعونا الآن إلى التساؤل عن الدور الذي لعبه المسرح الفلسطيني ضمن معادلة النوائر والنزاعات هذه؟ أي صورة للأرض انعكست في مراياه وهي التي انعكست في مرايا المسرح الاسرائيلي كما لو أنّها حقيقة تاريخية تقول بمشروعية التواجد الصهيوني وأحقيته التاريخية؟  كيف يمكن أن نقوّض، مسرحيًّا،  ذلك الادّعاء القائل بالأحقّية الاسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، إذ لم يعد يخفى علينا سبيُ الفنّ وتوظيفه سياسيّا ومعرفيّا وأنتروبولوجيّا لتكريس جملة من المغالطات التاريخية.
جسد الأرض في مرايا الجسد الكتابي
نحن في هذا السياق، سوف لن نذهب إلى تفكيك المسرح الاسرائيلي ذاته، وإنّما سنحاول البحث في التجربة المسرحية الفلسطينية، من خلال نصّي”صفير في الرّأس، صلاة للقدس” و”سأموت في المنفى، بدل فاقد” للفنّان المسرحي (غنّام غنّام)، القاطن حاليا بمدينة الشارقة، مسئول على الاعلام والنشر بالهيئة العربية للمسرح، منهما نسلّط الضوء لا على رمزية الأرض بما هي الآن تمثل جسدًا مُمزَّقَةٌ أوصالهُ في مرايا المشهد السياسي،  وإنما على امكانية تقول بمدى قدرة الفنّ المسرحي والتجربة الفلسطينية بالخصوص، على تقويض مزاعم السرديات الكولونيالية الخاطئة ومشروعيتها في استباحة تلك الأرض.
كتب النصّ الأوّل سنة 2012، أمّا شخصياته ففلّاح فلسطيني وصحفي فرنسي من أصول فلسطينية وضابط صهيوني، وتدور أحداثه برمّتها عن كيفيّة صمود ذلك الفلاح في وجه حملات الاستيطان وتشبثه بأرضه إلى أن تمّ ايقاعه في المكيدة، مكيدة الأعداء الذين هجّروه عن بيته،  أما الثاني فقد كانت صياغته النهائية في سنة 2017، قائم على ممثل واحد، بوصفه نصا مونودراميا، وبطله الكاتب (غنام غنام) نفسه، يدلي بسيرته وسيرة الأرض الفلسطينية، كما يدلي بسيرة عائلة كاملة وزّعت قبورها خارج الأراضي الفلسطينية وفي مدن شتّى نتيجة الملاحقة والهروب من سياسات التوحّش والاستيطان والقتل والتشريد والسجون الاسرائيلية وغيرها العربية، لهذا كانت صرخته واضحة المعالم منذ عتبة النص “سأموت في المنفى”، وعلينا أن ننتبه إلى تلك العبارة التي رافقت هذه العتبة “بَدَلُ فاقِدٍ” (بَدَلْ فاقِد) ، بما هي تحيل إلى  “تعبير حكومي في بلاد المشرق للوثيقة التي تستخرج بدل وثيقة مفقودة أو ضائعة أو تالفة”: فاقد هويّة إذن أم فاقد أرض وتاريخ وأهل؟ وما نجاعة هذا (البدل) إن كان لا يتعدّى وثيقة ما من خلالها نكتشف تلك الاجراءات والحلول الوقتية والترقيعية لمهاجر أو لاجئ، لا لشيء إلا لكي يبقى حيّا؟ وهل ثمّة في المقابل بدل للأرض؟ حتما لا، إنّها مجرّد وثيقة لتقنين ومأسسة المنفى: كأّنه لم يعد ثمّة أمل، كأنّه ثمّة اقرار نهائي لا مفرّ منه بضرورة نسيان الوطن، وكأنّه ثمّة اقرار نهائي أيضا بضرورة العيش خارج الخرائط والمدن، وكأنّه ثمّة ما يوحي بمولد الانسان الفلسطيني الجديد، ذلك الانسان الذي يجرّ تاريخه على طريقة (سيزيف) ليصبح في النهاية انسانا كوكبيّا لا ملّة ولا هوية له. وعلى العكس، إنّه انسان يبدو في نظر من أفقدوه كينونته انسانا مسقطا على الزمن والمكان: جسدٌ  مراياه أرضٌ تُشْطَبُ عنوة من الذّاكرة.
ما يمكن أن ننتبه إليه أوّلا، هو تلك الممارسة الميتانصية التي بني عليها كلّ من النصين، بوصفها “عملية إدماج للبعد النقدي داخل العمل الإبداعي”  وشكلا من أشكال تعالق نصّ بنصوص أخرى، صار يمكن تنزيلها ضمن أطر الخطاب الواصف أو الشارح، بما هو خطاب يسمح “للمتكلم في أيّة لحظة أن يعلّق على تلفظّه الشخصي داخل هذا التلفّظ” ، إنّ ما يدفعنا إلى القول بأنّ “صفير في الرأس، صلاة للقدس” و”سأموت في المنفى” نصان ميتامسرحيان – يمكن فيما بعد قراءتهما من منظورات عديدة مثل التجويف والمرآوية وقاعدة التأمّل الذّاتي كإحدى الآليات التي قام عليها الميتامسرح منذ أن تمّ اعلانه وريثا شرعيا للتراجيديا مع (ليونويل أبيل) في مطلع الستينات من القرن الماضي، وبوصفه نتيجة جراحات علمية وفلسفية قوّضت القيم المطلقة ونسّبتها- ، أنّهما “مثابة شبكة خلافية، ونسيج من الآثار تشير بطريقة لا نهائية إلى شيء غير نفسها، أي إلى آثار خلافية أخرى، وهكذا فإن النص  يتخطّى كلّ الحدود  المخصّصة له”.
فبقدر ما ثمّة انعكاس لرؤية المؤلّف ومنظوراته إزاء العالم والقضية التي يعالجها، ثمّة نقدٌ مُمَسْرَحٌ من داخل النص المسرحي نفسه وهو ما يحيل إلى موقف جمالي، وثمّة أيضا في كلّ من النصين نوع من المضاعفة اللعبية وذلك من خلال تقنية التضمين، بمعنى رفد خرافة فرعية داخل خرافة أصلية، وهو ما يمكن الاصطلاح عليه بالمسرح داخل المسرح.
ما لا يمكن إغفاله، أن الميتامسرح كرؤية أنطولوجية وفلسفية للعالم – نسبة إلى قراءة أبيل-،  كان موعدا مع وقوف الإنسانية على “شفا جرف هار”، وخاصّة بعد انهيار قيمها المطلقة والثابتة وبعد أن تمّ تقويض كل التصورات التي حافظت لعصور على ذلك الزمن المجرّد المتعالي والثابت، فلم يكن ثمّة غير الاستلاب وتخريب المفاهيم والالتباس والتعقيد والفوضى، لقد أجبرت أسسه وخلفياته الفكرية الانسان ليكون على عدم ثقة بنفسه. الأنكى من ذلك، هو مسلوب الإرادة، شكّاك وهدّام، وأمام قوى وحشيّة لا براء له منها غير أن يخبط في دهماء المعنى.
ربّ أسئلة ستلاحقنا الآن: من سيكون هذا الانسان الفلسطيني/ “البدل فاقد” للفلسطيني الأصلي؟ كيف ينتسب إلى أرض بدل فاقدها هو المنفى؟ ألا يمكن القول بأن تلك الأرض أرض اسرائيلية نسبة إلى هذه المغالطة المروّعة التي تشرّع إليها هذه العبارة اللغوية؟ كيف يمكن مسرحة هذه الفاجعة كتابيا؟ أو لنقل على لسان (غنّام غنّام): لقد “صار هناك فلسطينيون وليس هناك فلسطين”، وليكن: إن هذه العبارة “بدل فاقد” تحوّلت الآن إلى مرايا لذلك الجسد الجغرافي الضائع.
أن نبحث الآن عن صورة تلك الأرض من زاوية الوظائف الميتامسرحية ورهاناتها، فمعناه استنطاقنا لأصولها من منظور الجسد الكتابي في النصين، بالبحث في دلالاتها التاريخية والأنثروبولوجية: تصاحبنا في هذه النقطة شخصية الفلاح (صبري غريب) التي نقرأ عنها في “صفير في الرأس، صلاة للقدس”، ومعناه تفكيك ما تعرّضت له من تخريب سياسي وتهجير قسري لأهلها من خلال الحفر في شبكة العلاقات بين الشخصيات وأفعالها ومنظوراتها، هذه المرّة ستصاحبنا شخصية نفس ذلك الفلاح وابنه (سمير) الذي مات شهيدا مقابل الضابط الصهيوني من نفس النص، وشخصية (صابر غنام)، أب (غنام غنام)، من نص “سأموت في المنفى”، ومعناه أيضا الهجرة في مراياها بوصفها انعكاس الهوية في قلوب الذين شرّدوا قسرا خارجها، ربما ليس ثمّة شخصية مسرحية أكثر تعبيرا على ذلك من شخصية (غنام غنام)، البدل فاقد عن (غنام غنام الأصلي) من النص الثاني، ومعناه أخيرا رمزيتها الانسانية خارج دائرة الانتماء، نقتطع هذه الرمزية من زاويتين، الأولى تمثلها شخصية الصحفي الفرنسي من أصول فلسطينية، أما الثانية فتمثلها الممارسة الميتانصية للنصين حدّ السواء، بما توفرا عليه من آثار عديدة، حيث تضافرت فيهما أكثر من لغة على غرار اللجة الفلسطينية، وتعالقت فيهما نصوص بأخرى، تاريخية وشعرية وقانونية وشذرات عديدة من النصّ القرآني أيضا، فولدت نوعا من التسامي النصي، أفضى إلى كتابة كونية.
أرض وتاريخ
نقرأ في نص “صفير في الرأس، صلاة للقدس” حوارا بين شخصيتي الصحفي الفرنسي (سمير) والفلاح الفلسطيني (صبري غريب) ما يلي:
(صبري : بتعرف إنه أول بيت للبني آدم في أريحا؟
سمير : شعب من القبرات يبني أعشاشه في تربته.
صبري : هذا الحكي قبل عشر آلاف سنة..أريحو مدينة القمر.
سمير : شعب من القبرات يبني أعشاشه في تربته
صبري : سألت مرة شيخ مقرئ الأقصى عبد الله يوسف ألله يرحمه.
سمير : شعب يتلوا أناشيده على ضفاف الشريعة.
صبري : قال لي ابونا ابراهيم عليه السلام يمكن عمره أربع آلاف سنة.
سمير : شعب من القبرات يبني أعشاشه في تربته و يتلوا أناشيده على ضفاف الشريعة.
صبري : يعني أبو جدهم عمره أربع آلاف سنة ، معناته الريحاوي اللي بنى أول بيت على الأرض أعتق منه بست آلاف سنة، و زيتونة سيدي أحمد البدوي في قرية الولجة زرعها فلاح فلسطيني قبله بألف سنة.
الأرض، والفلاح، وشجرة الزيتون، والنبوّة، أضلاعُ تاريخٍ تحاول المزاعم الاسرائيلية طمسه، صار ممكنا الآن تفنيدها بتسليط الضوء على ذلك “الريحاوي” الذي عمّر تلك الأرض، أمّا ما يؤكّد صحّة هذه المعلومة التي أوردها (غنّام غنّام) على لسان شخصية (صبري غريب)، فتلك المفارقات لقد كرّست الدولة الإسرائيلية جهودَها كي تطمس حقائق تاريخية كبيرة لتبرّر احتلالها فلسطين، وتمّ تقويضها بشكل نهائي، ربما في هذا السياق نستدلّ ببحوث العراقي (فاضل الربيعي) وكتبه: “القدس ليست أورشليم” و”فلسطين المتخيلة” و”حقيقة السبي البابلي” وغيرها من المقالات التي استندت إليها مؤخرًا منظمة (يونسكو) كقرائن تنسف نهائيًا مقولة العلاقة التاريخية لليهود بالمسجد الأقصى وحائط البراق . لقد ذهبت “إسرائيل” إلى تشغيل “المظلومية”، لا “مظلومية” محرقة الهولوكست فحسب، وإنما سردية السبي البابلي أيضًا، فادّعت أنها ضحية النوائر، ومن ثمّ تجاهلت كونها قبيلة عربية بائدة من أصول يمنية مثلها مثل عديد القبائل الأخرى، وهذا ينم عن حقيقة تقول إنه ليس ثمة “إسرائيل واحدة” بل ثمة “إسرائيل أخرى” أيضًا، الأولى بائدة مثلها مثل القبائل اليمنية القديمة، أما الثانية فكيان كولونيالي واستعماري، التجأ إلى تشغيل الأولى واستثمارها تاريخيًا؛ كي يجد مشروعية التواجد.
أرض وتـخريب
كيف تمّ – منذ معاداة العُرُوبِيين التَتْريك إلى العمالة لبريطانيا وصولًا إلى استنبات الورم الصهيوني هناك-،  تخريب تاريخ فلسطين وتهجير أهلها؟ يكشف لنا (غنّام غنّام) عن عاملين مهمّين ساهما في ذلك، ففي النص الأوّل “صفير في الرأس، صلاة للقدس” نكتشف عامل الغطرسة والقوّة من خلال حملات التهجير والاستيطان والقتل والتنكيل التي مارسها الاسرائيليون ضدّ الفلسطينيين، نكتشف ذلك من خلال شخصية ذلك الفلاح (صبري غريب) ومقتل ابنه، ثمّ تشبثّه ببيته إلى أن تمّ ايقاعه في مكيدة لا براء له منها، فصار لزاما عليه المغادرة والالتحاق بصفوف المهجّرين، لقد تمّ اتهام ابناءه باغتصاب فتيات يهوديات وعربيات ومن ثمّ سجنهم، هكذا تمّت مساومته بين موتهم أو الرحيل. أما في النص الثاني “سأموت في المنفى”، بوصفه نصّا يؤرّخ لمحنة شخصية عايشها الكاتب، فنكتشف مع شخصية “صابر غنام” و”ناصر غنام”، حجم الخيانات العربية…
لقد مات صابر محروقًا ومشويًّا وشهيدًا مثله مثل ذلك الاله المسرحي (ديونيزوس) بعد أن التهمته النّار في مدينة جرش وهو الذي غادر (كفر عانا) إلى (أريحا) صغيرا بعد أن تمّ التحيّل عليه من الأقرباء ليسطوا على ما تركه له أبيه، هذا الرجل الذي نكتشفه من خلال ما قال عنه (غنّام غنّام) “اشترى بارودة ألمانية ليدافع عن أرض خسرها بالخديعة قبل أن يخسرها بالاحتلال”،  أما ابنه (ناصر) فقد كان رهين الاعتقال في أقبية مخابرات جرش، يتساءل المؤلّف المسرحي هنا عن أبيه الذي مات بعيدا عن مجمل أبناءه “من قتل صابر؟ نار الحاكورة أم نذالة المحقق؟ أم تلك المنافي التي أخذتنا بعيداً عنه فيبس مثل شجرة مهجورة؟” لصالح من مات (صابر غنام) بهذا الشكل؟ يا لوطأة ذلك اللحم المشوي الذي تفوح رائحته، ألم يكن ربّ اليهود (يهوه) إلها (أوموفاجيّا) إلى حدّ بعيد، عاشقا لتلك الرائحة مثلما تحدثت عنه (التوراة) كما نقرأ في هذه الشذرة “ونزلت نار من قبل الربّ، وأحرقت الشحم والذبيحة الكاملة التي على المذبح” ، فكم من (يهوه) الآن يتحالف ضدّ الجسد الفلسطيني ويتقدّس بالقرابين منه؟
أرض ومنفى
نقرأ في نص “سأموت في المنفى” ما يلي: “أنا غنام البدل فاقد عن غنام، حين أموت في المنفى، يكون غنام الأصلي قد مات، وظل البدل فاقد معلّقا في الفراغ”، لقد دفن كلّ من الأخ (فهمي) والأم  (خديجة) والأب (صابر) في مكان غير مكان الآخر، ولم يعد ثمّة بدل فاقد عن الأرض إلا المنفى، وليس ثمّة من يحمل ذاكرتها غير القبور، نقرأ أيضا تلك الشذرة النصية التي تصف (غنام غنام) وهو في مقبرة (سحاب): “قلّبت بصري ورحت أنظر للشواهد في المقبرة، من العبّاسية، من اللد، من رام الله، من جنين، من بيسان، من الطنطورة، من بئر سبع، من أريحا.. يا الله، فلسطين بمدنها وقراها توزعت على شواهد القبور”.
يتساءل هذا المنفي، ابن (كفر عانا)، وهو الذي ولد في (أريحا) ومنها التجأ إلى (جرش) فـ(عمان) وصولا الآن إلى (الشارقة) في دولة (الامارات) عن أين سيكون قبره هو الآخر؟ إنّها لأعنف تراجيديا يشهدها العالم أن يكون المنفى بدل فاقد عن الأرض، وأن تكون القبور بدل فاقد عن فلسطين، وأن لا تعرف حتّى أين سيكون قبرك في المستقبل بوصفك أيضا بدل فاقد عن كينونتك الحقيقيّة، وأحيانا يتمّ حرمانك من الموت بالصياغة التي تريدها كما وقع مع الفلاح (صبري غريب) وهو الذي أراد أن يموت “غزّا”، بمعنى أن يغرس في الأرض ويظل رأسه في العراء مطلّا على القدس، وهو الذي أراد أن يكون قبره أيضا بين جذري شجرة زيتون فإذا به يُرَحّلُ من بيته نهائيا ويتمّ استبعاده من مسقط رأسه (بيت إجزا).
في كتابه “الشيطان هو الضجر” نقرأ لـ(بيتر بروك) ما يلي: “نمارس المسرح حيثما نكون، المسرح في كل مكان، كل واحد منا ممثل، إذن، نستطيع أن نفعل أي شيء أمام أي انسان، هذا هو المسرح”، ويضيف بالقول في موضع آخر: “يمكنني أن أتناول أي مكان خال، فأسميه مسرحا عاريا” ، أما أن ننتبه إلى فضاء اللعب الذي ستدور فيه أحداث “سأموت في المنفى”، فيمكننا مراقبة (غنام غنام) وسماعه في أوّل النص/ العرض وهو يخاطب الجمهور: “لن أستعمل إضاءة مسرحية خاصة، فلا شيء مثل الوضوح بيننا، و لن استعمل المؤثرات و الغناء المسجلين (…) أنتم الآن معي في قاعة المطار”، ليس ثمّة بهذا الشكل ركح اعتيادي كالذي تعرفه المسارح اليوم، أما الأرض، ركح المسرح الأوّل، فهي غائبة أيضا، هذا ما يوحي بدلالتين، الأولى نقد ممسرح ضدّ المسرح نفسه، أما الثانية فنوع من الاقامة في “الفضاء الخالي” كتدليل على ضياع الأرض نفسها، وضياع الفضاء الفلسطيني برمّته، ويبقى الحلم عالقا في الفراغ نتيجة أوّل طعنة حاسمة لحقت بالفلسطينيين، هكذا يردّد في آخر النص: “أنا الذي ولدت عام 1955 دعوني أختار يوم وفاتي :  إنه  15 /5 /1948”.
الأرض والإنـسان والهوية
ثمّة مفارقة مدهشة من حيث تسمية الشخصيات، فالصحفي الفرنسي (سمير) من أصول فلسطينية يحمل نفس التسمية لابن الفلاح (صبري غريب)، مات الثاني مقتولا من قبل الضباط الاسرائليين فإذا بالعائلة تسمّي معظم أبناءها بنفس الاسم كنوع من اختراق الموت والانتصار على الحيف والظلم والإصرار على سكنى الوجود الفلسطيني، أما الأوّل الذي نكتشف أبعاده في “صفير في الرأس، صلاة للقدس”  فقد أدلى بالقول “يمكن لمثلي أن يعرف الإجابة عن سؤاله الذي لم يكن يؤرقه ” أنا لا أشعر بالانتماء”، فهل صارت فلسطين لا تعني شيئا لبعض أبنائها، أولئك الذين ولدوا في المنفى وشرّدوا؟ للوهلة الأولى قد يبدو لنا ذلك، ولكن النهاية تقول بالعكس، فـ(سمير) رغم جنسيته الفرنسية الحالية لم يسلم هو الآخر من الاعتقال، لقد دافع عن (صبري غريب) ضد الضابط الصهيوني. هذا ما يكشفه الحوار التالي.
(الضابط : إذا بدك مستعد أجيبلك السفير الفرنسي لهون، بس أنت هيك بتعمل أزمة دبلوماسية.
سمير : السفير ما بلزمني.
الضابط : لأنك مستعد تخون فرنسيتك)
وهذا ما يمكن اكتشافه حين نتحدث على لسانه الآن: “في فلسطين، يمكن للمرء أن يعرف سر الكون و سر الإنسان، أسرار الأرض و أسرار السماء”. لقد تحوّلت تلك الأرض إلى مركز لكل الأشياء، تجتمع فيها التناقضات والمفارقات برمتها، أما ما يؤكد ذلك فالممارسة الميتانصية لعوالم الكتابة المسرحية في النصين، فبقدر ما تم توظيف المعجم الديني في نص “صفير في الرأس، صلاة للقدس”، كان النص الثاني “سأموت في المنفى” عبارة عن نهر متدفق من الأصوات: ثمّة  رَفْدٌ لنصوص عديدة، أغاني فلسطينية شعبية، وقصائد لمحمود درويش وأحمد شوقي، ومقاطع من المواثيق الدولية ووعد بلفور، إضافة إلى حضور اللهجة الفلسطينية والعربية الفصحى معيّة شذرات من اللغة العبرية والفرنسية والانجليزية، هذه الكتابة القائمة على التسامي النصي، ستحيل حتما  إلى نوع من الرمزية الكونية لتلك الأرض، ولكن من يسكنها الآن؟ من يقيم في جلدها منذ أن تمّ طرد ذلك الفلاح؟  رغم أننا نعرف الاجابة سلفا، إلا أنه سيبدو لنا جليّا، أن شيطان (بيتر بروك) سيظل يؤرّق، مسرحيّا،  ذلك الورم الصهيوني، ما دام ثمّة كُتَّابٌ وشعراء ومسرحيون في كلّ مكان في العالم يهتفون باسم فلسطين، بعد أن صار ممكنا اللعب في أيّ “فضاء خال” و”مسرح عار” باسمها.

مسرحية «البيت» تسخر من عداوات الأشقاء القاتلة في «مسرح مونو» حين يصبح الماضي خنجراً مسموماً

مجلة الفنون المسرحية

مسرحية «البيت» تسخر من عداوات الأشقاء القاتلة في «مسرح مونو»
حين يصبح الماضي خنجراً مسموماً

سوسن الأبطح - الشرق الأوسط


التعلق بالبيت العائلي، الذكريات الحميمة الملتصقة بكل زاوية وتفصيل، الحنين إلى الأيام الخوالي، كل ذلك مقروناً بالجشع أو اللامبالاة، العقد النفسية المتراكمة، ضغط الحروب الذي لا يوازيه شيء، فقدان روح الأخوة، التناقضات القاتلة داخل الأسرة الواحدة، كلها أمور شديدة التركيب استطاعت أرزة خضر، في نصها أن تجمعها، وعملت المخرجة كارولين حاتم على وضعها على الخشبة بعد ترجمة النص من الإنجليزية إلى المحكية اللبنانية.
العمل يجوب المناطق اللبنانية تحت عنوان صغير ودالّ هو «البيت» ويستقر في بيروت في 14 من الشهر الحالي، ليعرض في «مسرح مونو». فقد جاب كل من حمانا، و«جامعة اللويزة» في زوق مصبح، و«مركز الصفدي الثقافي» في طرابلس. وهو يذكّر بأعمال سابقة عرضت في بيروت، كانت البيوت محورها لا سيما القديمة منها، أبرزها مسرحية بيتي توتل صفير «آخر بيت بالجميزة» التي تذهب بالمتفرج إلى قصص المنازل القديمة الجميلة التي تهدم في حي الجميزة العريق بعد أن اجتاحته ملاهي السهر، وتدخلنا ببراعة إلى معاناة إحدى العائلات وهي ترى نفسها تفقد منزلها وسط هذا الجشع المخيف. أمّا مسرحية «البيت» فهي تنظر إلى حكايا البيوت الأليمة من الداخل إلى الخارج، وليس العكس. هذه المرة العائلة نفسها هي التي تتصدّع وتستدعي الخراب من الخارج. إذ تسعى الأخت الصغرى ريم (جيسي خليل)، للتخلص من بيت العائلة القديم بأي ثمن بعد وفاة الوالد وبالكاد مرّ 40 يوماً على فقد الوالدة، وسط معارضة شقيقتها نادية (يارا بوحيدر) التي أبدعت وتميزت بدور لم يكن سهلاً، وشقيقها نبيل (طارق يعقوب) الهارب من جو «هالنسوان المهسترين».
«فكرة أنّ هذا البيت لم يعد موجوداً تجعلني أطير» تقول الأخت الصغرى، وفي مكان آخر تضيف تجعلني «أستريح». تتخيل الصبية ريم، بما يشبه التشفي، (أوتوستراد) طريقاً سريعاً، يخترق البيت من وسطه ويجعله نثاراً، وأنّ كل شيء انتهى وبات بمقدورها نسيان طفولتها البائسة خلال الحرب.
الخشبة ذات الستارة المفتوحة التي تسمح لنا عند الدخول إلى المسرح أن نرى الأشقاء يجلسون بانتظار انطلاق العرض، تجعل الحياة هنا وكأنّها بدأت قبل وصولنا. ثم نرى الأختين تتحدثان في أربعين الأم التي غادرتهما. التوتر يرتفع تدريجياً، نحتاج إلى أن نتابع الحوارات التي تأتي في بعض الأحيان مكرورة وطويلة، لنعرف أنّ العلاقة ليست على ما يرام. لا بدّ أن ننتظر مرور الثلث الأول من المسرحية الطويلة نسبياً (نحو ساعة ونصف) لنستشف كم أنّ المشكلة عصية على الحل. وأنّ كلا من الإخوة يعيش في عالمه الخاص الذي ذهب إليه بمفرده. الأخ الذي تزوج ويتهرب من نزاع الشقيقتين، نادية التي لازمت البيت مع والدتها، وهي طيبة، تعيش على الحنين، بينما ريم التي غادرت المنزل باكراً تُظهر نفوراً من أجوائه وتعتقد أنّ عليها فعل المستحيل كي تتخلص منه كعبء يجثم على صدرها.
كنبة كبيرة في الواجهة وأخرى صغيرة إلى يسارها وكرسي إلى اليمين، طاولة في الوسط كي تكتمل غرفة الجلوس، ومشجب معاطف إلى يسار الخشبة، بينما خُصّصت طاولة مرتفعة صغيرة تصطف عليها مشروبات قليلة ومأكولات أقل لتناولها كلما اشتد وطيس الشجار ورغب الأشقاء بتهدئة الأجواء. وعند اللزوم تستعين نادية بفراش على الأرض لتستلقي عليه وتستريح.
الموسيقى التي تميل إلى الجنائزية لا نسمعها إلّا في أوقات قليلة حين تحتدم الأجواء أو أغنيات قديمة تعود إليها نادية طالما أنّها تعيش في الماضي، ويصمت الكلام. زمن المسرحية ممتد، حيث إن ريما تذهب إلى قطر في عمل لأشهر، وتعود والمشاهد مستمرة والصراع بين الأشقاء لا يزال محتدماً بين نادية التي تربط علاقتها بكل شيء بالحنين، وريما التي تحلم بزوال الماضي بأسره. بعد أن تفشل ريم في إقناع الورثة ببيع البيت وتقسيم الحصص، تفجرّ كل ما لديها، حقدها، حساباتها مع والدتها الكئيبة دائماً التي كانت تقول لها «لو ما كنت غنوجة كان بيك بعدو عايش»، محملة إياها مسؤولية مقتل والدها وهو يناولها كوب ماء، وقد أرهقتها بمحاسباتها ومحاصرة سلوكها.
لحظات قاسية لتصفية حسابات داخل العائلة الصغيرة، لنكتشف كم أنّ كل بيت ينطوي على أسرار، على صمت كل فرد عمّا يعتمل في نفسه من الآخر من دون أن يصارحه. الحفاظ على أحاسيس الأخوّة لم يعد أمراً بديهياً، والحب بين أقرب الناس أيضاً. هذا على الأقل ما تنتهي إليه مسرحية تخلط الحزن بكثير من المرح، والاجتماع سيكولوجيا النفوس ومآسي الحرب، وتعقيدات المشاعر الإنسانية العميقة حين تصطدم بما استجدّ من علاقات مبنية على المصالح الضيّقة والآنية.

الأحد، 11 فبراير 2018

مسرح للمضطهدين يبدأ رحلته من الموصل

مجلة الفنون المسرحية

مسرح للمضطهدين يبدأ رحلته من الموصل

تلفزيون  الآن - وسام يوسف

مسرح المضطهدين أسلوب فني جديد إعتمدت من خلاله مجموعة من المسرحيين في الموصل على تقديم عروض مسرحية تحمل هموم الناس وتعكس تطلعات الشباب وأحلامهم.

العرض المسرحي الذي يقدمه ممثلون موصليون يحاول توجيه تأثيرات إيجابية إلى المجتمع العراقي وبثَ الأملِ فيه لاسيما بنفوس ضحايا الإرهاب وذلك بطريقة تختلف من حيث الشكل والمضمون عن المسرح المعروف لدى الناس.

ما يميز هذا النوعَ من المسرح هو تفاعلُ الناس مباشرة مع القضية المطروحة , فالممثلون يتقمصون شخصياتٍ من روح المجتمع الذي يعيشون فيه ويقضون ساعات طويلة بمناقشة طبيعة كل شخصية وما تحمله من أبعاد إيجابية مؤثرة قبل عرضها على خشبة مسرح المضطهدين.

تفاعلٌ كبير حظي به هذا النوعُ من العروض المسرحية بعد أن جرى تقديمه في عدد من المدن العراقية ما دفع هذه المجموعة من الممثلين الى الإجتهاد والخوض أكثر في مشاكلَ مجتمعاتهم بهدف عرض حلولها بأسلوب مسرحي جديد.

دعوة للمشاركة في المهرجان الدولي إكلان للطفل في دورته السادسة من 10 إلى 14 ابريل 2018 تحت شعار : " طفولة تبتسم .. ترسم الفرحة بالألوان "

المسرح في المقهى.. مغامرة صفق لها الجمهور طويلا

مجلة الفنون المسرحية


المسرح في المقهى.. مغامرة صفق لها الجمهور طويلا

ساوس24

المسرح هو الحياة عينها، لذلك لا يجب أن يظل سجين القاعات المسرحية، وعليه أن يعرض على الناس أينما كانوا في الشارع، في المقهى فضلا عن المسارح القليلة أصلا ببلادنا. هذا هو الأفق الذي اشتغل عليه الفنان طارق بورحيم رفقة فرقة مسرح سيدي يحيى الغرب، عندما مَسْرَحَ على ديوان “رماد اليقين” للشاعر محمد بلمو، حيث أعد ثلاث صيغ، واحدة للقاعات المسرحية والثانية للمقهى والثالثة للشارع.

كان الموعد مساء الأحد الماضي، ضمن فعاليات الملتقى الوطني السابع للمقاهي الثقافية الذي احتضنته مدينة سيدي يحيى الغرب، بمقهى المامونية، مع العرض التجريبي لمسرحية “رماد يقين” في مغامرة جديدة كان الكل يتساءل عن مبناها وفحواها، ليس فقط بالنسبة للفضاء (المقهى) الذي لم يكن قط مكانا للعرض المسرحي، ولكن أيضا لعملية تحويل ديوان شعري إلى عرض مسرحي. لذلك عم الصمت مع انطلاق العرض، في انتظار الحصول على أجوبة للأسئلة التي راودت رواد المقهى.

لقد عرف العرض التجريبي للمسرحية انتباها كبيرا وتجاوبا لافتا من قبل الجمهور الذي وقف وصفق بحرارة للفرقة المسرحية الشابة على أدائها المتميز وهي تمسرح مقاطع شعرية من الديوان، وتقدمها في قالب مسرحي أبدع فيه المخرج كما أبدع فيه الممثلون.

المسرحية من درمتورجيا وإخراج الفنان طارق بورحيم، يشخصها كل من أحمد البرارحي، شيماء عكور، علي بومهدي، حمزة بومهراز، سينغرافيا: عبد الحق السالمي، تصوير: أنور حريبلة، المحافظة عبد الله الحيمر، المؤثرات الصوتية: إلياس رخيلة، التواصل والإعلام: بوعزة الخلقي، إدارة الإنتاج: سناء التطواني.

هذا وستقدم الفرقة عرضها الأول في نهاية هذا الشهر بمدينة القنيطرة على خشبة المسرح هذه المرة في بداية جولة مسرحية بمختلف المدن المغربية.

  

فتح باب الترشيح للمشاركة في الدورة 25 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي

مجلة الفنون المسرحية

فتح باب الترشيح للمشاركة في الدورة 25 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي

سبتمبر 2018 – اليوبيل الفضي
الموعد النهائي لتلقي طلبات المشاركة 15 إبريل 2018

يعلن مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي عن فتح باب التقدم للمشاركة في دورته الخامسة والعشرين والتي تنعقد في القاهرة فى سبتمبر 2018
المهرجان تنظمه وزارة الثقافة المصرية ، وهو غير تنافسي ويهدف إلي خلق حالة من التواصل والحوار بين مختلف الشعوب والجماعات عن المسرح وأشكال الأداء ، إضافة إلي تعريف الجمهور في مصر والمنطقة العربية بأحدث التيارات في المشهد المسرحي الدولي ، وإتاحة نافذة يطل منها المسرحيون حول العالم علي أحدث تطورات المشهد المسرحي في مصر والبلاد العربية .
يقدم كل عرض مشارك عرضين علي الٔاقل ، ويجوز للمهرجان في تنظيم ليالي عرض إضافية خارج القاهرة بعد التنسيق مع مسئولي الفرق المشاركة .
يتحمل المهرجان نفقات الإقامة كاملة والانتقالات الداخلية بحد أقصي 15 فرداً للفرقة الواحدة ، وتتحمل الفرقة المشاركة نفقات تذاكر الطيران ذهابا وعودة وشحن المهمات والمعدات المسرحية الخاصة بالعرض المسرحي .
علي الراغبين في التقدم تعبئة نموذج طلب مشاركة مصحوبا برابط فيديو كامل للعرض بدرجة نقاء عالية الصورة والصوت
برجاء العلم أنه في حالة قبول مشاركتكم سيتم جدولة العرض في يومين من أيام المهرجان خلال الفترة المذكورة . لذا
يرجي مراعاة عدم الارتباط بأي نشاطات أخرى طوال فترة المهرجان . برجاء تعبئة استمارة المشاركة الإلكترونية مصحوبة ب-رابط فيديو العرض كامل
dpi – صور رقمية بجودة عالية لا تقل عن 300
– ليس من حق الفرقة تغيير العرض عن القرص المدمج المرفق
ارفاق كتيب العرض مع الاستمارة



E.mail:info.cifcet.ar@gmail.com – info.cifcet@gmail.com
Website: cifcet.gov.eg / Tel: 0020227364535       


السبت، 10 فبراير 2018

المسرحي حسن المؤذن : تميّز المسرح التونسي لا يقاس بتقييم لجان التحكيم

مجلة الفنون المسرحية

المسرحي حسن المؤذن : تميّز المسرح التونسي لا يقاس بتقييم لجان التحكيم


 ليلى بورقعة   - المغرب 

كما يرسم الشاعر حسن المؤذن وحي اللحظة بحبر الكلمة ونبض القصيدة، فإنه يجسد الفكرة على ركح الفن الرابع بتعابير الوجه ولغة الجسد...

وهكذا قضى المسرحي حسن المؤذن حوالي 35 سنة من محاورة الخشبة واقتناص الومضة العابرة من الهواجس والأحلام، الآلام والآمال ... وأخيرا جاءت مسرحية «في العاصفة ...» لتضرب بين الرجل ومسرح العرائس موعدا جديدا ومتجددا مع الإبداع في حضرة أب الفنون.

• هذا المساء سيكون لك لقاء مع عشاق الفن الرابع على نخب مسرحيتك الجديدة «في العاصفة...»، حدثنا عن هذا العمل؟ 
«في العاصفة ...» هي مسرحية عرائسية عن نص «الملك لير» لوليام شكسبير نستعد لتقديم عرضها الأول اليوم على الساعة السادسة مساء بالمركز الوطني لفن العرائس بالعاصمة. 
احتفالا بمرور 25 سنة على تأسيسه، أنتج المركز الوطني لفنّ العرائس مسرحية «في العاصفة...» لتكون أول عمل موّجه للكهول أو الكبار في تاريخ المركز. وهي مسرحية مقتبسة عن واحد من أهم نصوص شكسبير ألا وهو نصّ «الملك لير». وإن أقوم 
بدراماتوجيا وإخراج هذا العمل المسرحي انطلاقا من المدونة الشكسبيرية الخالدة والصالحة لكل العصور فهذا لا ينفي توفر صياغة درامية جديدة ورؤية مختلفة تنزاح عن التناول المسرحي المعتاد لنص «الملك لير». وأعتقد أنه من النادر إخراج مثل هذا النص في مسرح العرائس على الأقل في تونس.

• لماذا هذه العودة دائما وأبدا إلى مدونة شكسبير، هل مرّد ذلك فقر وضعف في النصوص الجديدة أم استسهال النص الجاهز والناجح مسبقا؟ 
إن المسرحي في كل العالم يتغذى من المدونة المسرحية العالمية ولا يخضع للحدود الجغرافية والفواصل الزمانية والمكانية... وكما هو من المهم الاشتغال على نص مبتكر وجديد فإن الاشتغال على المدونة العالمية الكلاسيكية والمعاصرة يبقى عنصرا حيا في المسرح. وفي عملنا الجديد «في العاصفة...» قمنا بشبه إعادة كتابة لنص شكسبير وفقا لسياقات الآن وهنا ...

• إن كان مسرح العرائس متجذرا في الماضي البعيد ومنخرطا في مسار الموروث الفني الشعبي... فهل يحتل مسرح الدمى المكانة التي يستحق في تونس؟ 
منذ نهاية السبعينات انطلقت تجربة مسرح العرائس في تونس وكانت ثمرتها انجازات مهمة ونجاحات قيّمة ...مما أسس قاعدة محترمة من الجمهور العريض. وإن كان المسرح العرائسي الموجه للأطفال يجد المتابعة والاهتمام ... فللأسف فإن مسرح العرائس الموجه للكبار بقي حلقة مفقودة في مسار هذا الفن المهم والممتع. وأعتقد أن سدّ هذا الفراغ هو من مسؤولية المؤسسات المختصة وأيضا من واجب المبدع المسرحي تطوير واقع وخطاب مسرح الدمى.

• بعد أن كان التميز حليف المسرح التونسي في السنوات الأخيرة، كان الإخفاق قدره على ركح أيام قرطاج المسرحية وكذلك مهرجان المسرح العربي بتونس... لماذا فشل مسرحنا في الصعود على منصة التتويج؟ 
أعتقد أن مدى نجاح المسرح التونسي لا يقاس بتقييم لجان الانتقاء أو التحكيم .. .وكل مسار مسرحي في بلد ما يمرّ بفترات من الانعراجات والمنعطفات كمـــا يشهد محطات مضيئة ومزدهرة. وحسب رأيي فإن المسرح التونسي بما سجله من تراكمات منحته التميز في فترة ما بحاجة إلى مسافة من البعد بينه وبين زخم الأحداث التي نعيشها اليوم حتى تكون الرؤية واضحة وصادقة وثابتة. وفي سياق الجوائز والتتويجات، لابد من التأكيد على أن الأسماء الاعتبارية والمهمة في مسرحنا التونسي كثيرا ما تعرض أعمالها خارج المنافسة والمسابقة. في المقابل نجد موجة من الشباب تسعى إلى افتكاك المكانة والصدارة ولكن هذه التجارب بحاجة إلى مزيد من النضج حتى تكون في مستوى اللحظة.

• إلى أي مدى تصح مقولة القطيعة بين المسرحيين الميدانيين والمنظرين في المسرح من الجامعيين والأكاديميين... ؟ 
المسرح لا يبدعه إلا المبدعون. إن المسرح في حاجة إلى ما يسمى بالنقد الحي الذي لا يخضع إلى معايير الدراسات الأكاديمية التي نقرأها في الكتب عن المسرح. ومقابل انحسار النقد المسرحي في تونس بسبب غياب الأقلام المعروفة والمختصة في النقد نجد صعود موجة الأكادميين ليس فقط على مستوى المداخلات في الندوات الفكرية عن الفن الرابع بل أيضا على مستوى إدارة التظاهرات وعضوية اللجان المسرحية... ولكن تبقى مقارباتهم ميتة لأن المسرح كيان حي وفي حاجة إلى النقد الحي.

• هل كان مشروع قانون الفنان والمهن الفنية في مستوى الانتظارات أم جاء مخيّبا للآمال؟ 
اطلعت على مسار مشروع قانون الفنان والمهن الفنية منذ بدايته وفي توارث ملفه من وزير إلى آخر ما بعد الثورة. وإن كان مشروع هـذا القــانون عموما بادرة محمودة تعكس الاستفاقة المتأخرة بضرورة إيلاء الفنان المكانة التي يستحق في مجتمعه وبلده... فللأسف كانت نسخته المقدمة إلى مصالح مجلس النواب محل جدل كبير باعتبار أن الساحة الفنية غير متجانسة وتشقها حسابات ومصالح متضاربة ولكن وهو الأهم احتواء هذا المشروع على عديد الثغرات والنقائص التي هي بحاجة أكيدة للتعديل حتى لا تبقى مفاهيمه هلامية وفصوله ضبابية...

• وأنت كاتب عام النقابة الوطنية لمحترفي الفنون الدرامية، هل من أثر وصدى للنقابات المسرحية؟ 
لابد من الإقرار بأن واقع النقابات غير متجانس كما هو الحال في القطاع السينمائي الأفضل تنظيما سواء على المستوى الجمعياتي أو على مستوى المنظمات المهنية ... وكثيرا ما تعيق ظروف داخلية وأخرى خارجية عمل النقابات المسرحية على غرار اتحاد الممثلين الذي لا يفعل شيئا بسبب الخلافات الشخصية داخله والصراعات خارجه... وإن تشترط النقابة الوطنية لمحترفي الفنون الدرامية التفرغ للمهنة فإن عدد المتفرغين في السنوات الأخيرة أصبح لا يتجاوز ربع المشتغلين في القطاع والحال أن الوزارة تسند بطاقات الاحتراف ولا تسحبها إذا التحق أصحابها بمهن أخرى ! وعموما تشكو النقابات المسرحية في علاقتها فيما بينها من تشابك الاختصاصات وتقاطع المصالح...

• وقد اشتغلت مستشارا فنيا لمؤسسة المسرح الوطني طيلة عقود ومع أكثر من مدير، كيف تقيّم مردود هذه المؤسسة اليوم تحت إدارة المسرحي فاضل الجعايبي؟ 
جمعتني علاقة العمل مع مؤسسة المسرح الوطني قبل الثورة في عهد المدير محمد إدريس وأتاحت لي هذه الفرصة معرفة المسرح الوطني من الداخل ... وبعدها انقطعت العلاقة نسبيا لتعود مع المدير فاضل الجعايبي. وللأمانة أقول إن الجعايبي من أفضل المدراء الذي تداولوا على إدارة المسرح الوطني. وحين تسلم المخرج فاضل الجعايبي دواليب الإدارة لم ينجح فقط في تسديد ديون المؤسسة بل حقق الرهان في الرفع من الدخل المالي الذاتي للمؤسسة من 25 %إلى 35% في سابقة من نوعها في مؤسسة المسرح الوطني. ويرى فاضل الجعايبي ضرورة أن يتم تعيين مدير المسرح الوطني على أساس تقديم الترشحات القائمة على مشروع فني . وأن تكون مدة هذا التعيين ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة لضمان التداول على تسيير المؤسسات المسرحية العمومية.

• ولكن تعيين المخرج فاضل الجعايبي على رأس المسرح الوطني كان مخالفا للصيغة التي ذكرت وجاء بقرار من الوزير مراد الصكلي؟ 
لم يأت هذا التعيين من فراغ بل كان نتيجة لمشروع فني اقترحه الجعايبي واشترط توفر مقومات نجاحه... وأعتقد أن الفاضل الجعايبي باشتغاله وفق عقد أهداف واضح المعالم نجح في استقطاب الكفاءات والمراهنة على التكوين ببعث مدرسة الممثل والتعاون مع مسارح مهمة على مستوى دولي غلى غرار بلجيكيا والمانيا وفرنسا...

• ما بين المسرح وتونس، هل من إرهاصات، من ارتسامات...؟ 
المسرح التونسي في علاقته بالمجتمع والسلطة محكوم بثنائية الشدّ والجذب، التناغم والتنافر ... ولأن المسرح هو الكلمة الحية فإن قوته تتأتى من علاقته العضوية بقضايا المجتمع. وكما البلاد في مرحلة البناء الديمقراطي مما يفترض التعدد والتعايش فإن الوضعية نفسها مطروحة على مستوى الخطاب الفكري الذي يتطلب التنوع والاختلاف والابتعاد عن سلطة النموذج. فمن الضروري أن يكون لكل فنان صوته الخاص به وحده ومن المهم ألا يتغذى المسرح من لحمه حتى لا ينتهي وذلك بالانفتاح على الفنون الأخرى من شعر ورسم ورواية... ويبقى المسرح عنوان الجمال والحب... والحياة.


أولى جولات عروض " أوبريت أرﯕانة "لفرقة مسرح تافوكت

الكاتبة المسرحية والشاعرة أطياف رشيد : ما تتركه الحروب في النفس أعمق وأكبر من أن ينسى

مجلة الفنون المسرحية

الكاتبة المسرحية والشاعرة أطياف رشيد : ما تتركه الحروب في النفس أعمق وأكبر من أن ينسى

سماء الشريف - الشبكة الإعلامية السعودية

أطياف رشيد ناقدة وكاتبة مسرحية، وشاعرة من بلاد الرافدين جعلت الكلمة سلاحها ولسانها الذي تتحدث به لتكتب للإنسانية ولتتحدث عن قضايا المرأة والمجتمع وتتفاعل بإحساس الكاتب الذي يجمع من كل شيء ويعيد صياغته بأسلوبه الخاص وزاويته المتفردة .

نرحب معنا بضيفتنا الأنيقة فكراً وحضوراً الأستاذة أطياف رشيد
س/أطياف رشيد الكاتبة المسرحية ، الشاعرة ، الإنسانة والمرأة .. أين تجدين نفسك في هذه العوالم المتعددة والفضاءات العميقة ؟ ولماذا ؟..
ج//انا كاتبة مسرحية وشاعرة وهو يعني اني ابنة الانسانية فمن اجل ان اعرف كيف ابني عوالم شخصيات نصوصي وارسم افكاري التي اختارها واتبناهابعناية واعبر عنها بدقة واخلاص لابد من وجود هذه الميزة التي هي دليلي في رؤية تفاصيل الحياة . فالكاتب يمتلك مجسات خاصة في ملامسة روح الواقع وصراعاته وتقلبات الاوضاع الاجتماعية والسياسية من حوله..وحتى عند التحليق في فضاء الخيال لا تغيب العاطفة والاحساس لان الادب في اهم عناصره هو اللمسة الروحية والعاطفية والا اصبح جامدا لا حياة فيه كأي كتاب علمي ... وبهذا انا اجد نفسي في الفضاء الانساني امتلك خياراتي في بناء وجهات نظري و مواقفي ...واجد ان كل تلك الفضاءات التي ذكرتها ،الكاتبة والشاعرة والمرأة والانسانة ماهي الا عالم واحد هو العالم الانساني .وان كل تلك العوالم نشاط انساني يمتلك من الغنى والثراء المعرفي ومضات تشحذ الخيال وتوقد الافكار وتبني المعاني السامية . فكوني كاتبة مسرحية وشاعرة هو الوجه الاخر لكوني انسانة وامرأة. 

س/ التنوع الثقافي وحضارة بلاد الرافدين .. وحقبة من الحرب والكثير من الذكريات .. كيف صقلت فكر وشخصية المرأة المثقفة والكاتبة أطياف رشيد ؟.. 
وهل تحمل في داخلها حزناً أم صراعاً تترجمه بالقصيدة داخل المونودراما ؟..
ج//هذا سؤال فيه اكثر من مفصل ففي شقه الاول فالارث الثقافي وغنى العراق بالمبدعين وقراءاتي المبكرة للادب والنقد العراقي والاساطير والتاريخ اثرى قلمي بغزير المعاني والصور ووافر التعبير واخصب الخيال فاتحا امامي ابواب واسعة من الصور .فالادب العراقي باجناسه المتنوعة مثل معينا لاينضب مكنني من الامساك بقوة بخيوط حرفة الكتابة الادبية ..التنوع في مصادري الثقافية اتاح لي فهم اكثر ونظرة اعمق الى تفاصيل الحياة بعين فاحصة متساءلة ، ان اكتب بحبر الروح وقلم الفكر . الصراعات وحقب المعاناة في بلدي والتي اتمنى ان تنتهي ..هواجسي وقلقي ..توتر الاجواء والهموم والمعاناة الانسانية بالاضافة الى ما احمله من معرفة يتداخل ويتواشج في روحي مستفزا كل مشاعري ويدفع بالافكار والرؤى الى مساحات مفاهيمية اشاكس فيها الراكد في لحظة تماهي واكتشاف عظيم . اترجمه بالقصيدة حينا والنص المسرحي حينا اخر . والنص المسرحي سواء في المونودراما ام في النص متعدد الشخصيات دائما هناك جزء من الكاتب يكون حاضرا فنحن نكتب لنعبر عن افكارنا واستفهاماتنا في الوجود وعن الانسان . في كل نص كتبته هناك جزء مني حاضر يمثلني ويمثل ترجمة غير مباشرة للصراعات وماخلفته من حزن واسى في نفسي. 

س/ ماذا تعني لغة الحوار في نصوصك ؟ وكيف تبدأين النص ؟ ومتى يصل إلى النقطة ؟ 
ج// الحوار هو الجسر الى القاريء . المتضمن كل دقائق حياة الشخصيات وتاريخها وآمالها واحلامها .ويعبر عن مكنوناتها ..وهو ابضا الحامل للفكرة .فكرتي ورؤيتي التي تتجلى من خلال حوار الشخصيات..ولنقل ايضا الذي اريد ان اصل اليه ..اما كيف ابدأ النص في الحقيقة ليس هناك مقياس معين لبدء كتابة نص ما..فعندما تشتعل فكرة ما في ذهني اشعر بثقلها وتبقى تدور في رأسي يتجاذبها الخيال حينا والالتزام بحرفية المشهد او الصورة او اللوحة او الاغنية ..تتوقد في ذهني وتحفز مكنونات الذاكرة والافكار والخيال وكل مرجعياتي المعرفية..وكل فكرة لها سياقها الخاص الذي ابدأ او انتهي به .ففي نص مسرحية الرحلة (?200 ) مثلا حاولت ان يكون الحوار قصيرا مكثفا ،حاملا للمعنى ومثيرا للاسئلة ايضا لدى القاريء / المتلقي حول ماهية الرحلة وهوية الشخصيتين الذين يسافران معا على متن طائرة كل لهدف خاص ولكنهما يلتقيان في نقطة ،وهما طرفي نقيض اصلا فأحدهما هو الضحية والاخر هو القاتل . وانا اجد في النهايات المفتوحة اهمية كبيرة ليس لانها تكون منفتحة على اكثر من تصور وقراءة .بل ايضا تفعل دور القاريء في مناقشة الاسئلة والحالات الانسانية ثم تكوين وتصور نهايات حسب قراءته .. ان بداية النص هي العتبة الاولى التي يقدم بها النص /الحكاية ملامح الحيواة التي تعيشها لكنه بنفس الوقت لا يقول كل شيء انما سيرورة الفعل وسياق الحكاية المتطور والمتحرك الى امام ،رغم وجود العقبات والازمات التي هي المساعد في نمو الحدث والايقاع الداخلي للنص حتى يصل الى الحالة التي اسميتيها حضرتك بالنقطة واعتقد انك تعنين الذروة في البناء الدرامي.

س/المرأة بكل تجلياتها بكل صورها وحالاتها تحرص أطياف رشيد على تصويرها بكل أنواع الصراعات المتعددة بين قوة وضعف .. هل تفعلين ذلك لكونك امرأة ؟.. أم واقع ومشاهدات 
أم قضية تؤمنين بها ؟ وهل هناك فرق بين أحوال المرأة وصراعها قديماً وحديثاً ؟..
ج//الصراعات التي نعيشها اليوم تؤثر على المجتمع كله ..لكن المرأة تتحمل الجزء الاكبرمن هذه المعاناة وتتحمل وزر هذه الصراعات الدامية التي تعصف بحياتنا . وانا اتلمس بشكل كبير هذه المعاناة في واقعنا المليء بمشاهد مؤلمة خلفتها تلك الصراعات واجد نفسي استشعر كل هذا الكم المتراكم من الحيف والاضطهاد والويلات التي جرتها الحروب على حياة المرأة .وعندما اكون قريبة جدا بمشاعري وغضبي على هذا الواقع وبفكري من اجل تغيير هذا الواقع فأنها اذن اصبحت قضية انسانية مسؤلة انا عن قول كلمتي فيها . وهناك نصوص كتبتها تدورحول هذا الموضوع .المرأة الكاتبة والمثقفة لا تبتعد عن واقعها بل هي ابنة هذا الواقع لكنها تملك الادوات التي تميزها وتمكنها من التعبير والتاثير والتغيير وليس النقل والتصوير فقط . فصراع المرأة في مجتمعاتنا ليس صراع بسبب الحروب والنزاعات السياسية والارهاب فحسب انما هو صراع ضد الجهل وانتشار البلادة والسطحية وانعدام فسحة الحرية .لهذا فان احد اهم تأثيرات الكتابة هي فعل التغيير .

س/ المسرح ولد من رحم قصيدة .. مارأيك في هذه المقولة ؟.. 
وكيف تكتب أطياف النص المسرحي ولغة القصيدة ؟.. ج// هذه مقولة صحيحة بدليل ان اول كتاب نقدي عن المسرح هو فن الشعر لارسطو .حيث كان المسرح قصائد للطقوس الدينية وقد تطور فن المسرح لاحقاكماهو معروف للذوي الاختصاص والمثقفين ومرت كتابة المسرحية بمراحل من التغيير والى مذاهب ومدارس..كتابة النص المسرحي عندي لاتختلف عن كتابة القصيدة إلا بالشكل فهما وليدا لحظة رؤية والتقاطة ما لفكرة او مشهد فيرتسم في تلك اللحظة شكل النص الذي تمثلته تلك الرؤية كنص مسرحي او شعري ففي مسرحية الرحلة مثلا ارتسم في ذهني كل شيء ،جو العلاقة بين الشخصيتين وماضيهما وحواراتهما فلم يكن بأمكاني ان اكتبها شعرا لانها هكذا ولدت في فكري بينما قصيدة (معي او قبالتي) والتي تعبر عن نفس الفكرة لكنها تكونت بطريقة اخرى..

واقول فيها 
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
_ هل ترى ؟
_ نعم
_ تتفتح في السماء النجوم
_ النجوم دمامل السماء
_هل ترى ؟
_ نعم
_ ظلالنا تراقص النهر
_ يغدر النهر بالظلال .. فيغرقها
_ هل ترى ؟
_ نعم
_ تنزلق محملة بالأحلام الضفائر
_ كأفعى تلتف على بعضها
مبشرة بالذنوب
_ قد رأيتُ الشمس
تدغدغ أجفان الفصول
_ نارا تغازل قشا
_ والغمام ؟
_ بروقا
_ والظلام ؟
_ توجسا
_ فالقلب ؟
_ شرور
_ اجهل ما ترى
فهل تراني ؟
_ نعم
_ وكيف تراني ؟
_ وكيف تراني ؟
استعنت بهذه القصيدة بالشكل الحواري للنص المسرحي وكثفت فيها الصورة الشعرية لكنها قصيدة وليست نصا مسرحيا .

س/ماذا تركت الصراعات التي مرّ بها العراق في نفسك ؟.. وهل لذلك أثر فيما تكتبين ؟.. وهل هناك نص يمثل تلك الفترة على اختلافها ؟..
ج// ان ما تتركه الحروب في النفس اعمق واكبر من ان ينسى والصراعات على ارض العراق متواترة منذ زمن ليس بالقصير لذلك لها اثر كبير في روحي كأنسانة وفكري ككاتبة .وهذا التاثير لابد ان ينتقل الى الكتابة سواء في اللغة والمفردات ام في اختيار الموضوعات .فلا يمكنني ان اتجاوز مشاهد القتل والدمار دون ان يكون لها اثرا على كتاباتي.واغلب نصوصي يمثل هذه الفترة والتي هي مازالت مستمرة ولن تنتهي حتى ينتهي الارهاب وتقتل الطائفية المقيتة ويقضى على الفساد السياسي الذي يعززمن دوام هذا الواقع المتوتر من اجل مصالحه الخاصة.. في كتابي القادم والذي يضم نصوص مسرحية جديدة اقتراب اكثر لقضايا الانسان العراقي وحكاياته اليومية التي تعبر عن هذه المرحلة 

س/ ما الفكرة التي قام عليها نص " الإشارة " ولماذا ُترجم إلى الإنجليزية ؟
ج// نص الاشارة نشر ضمن الكتاب الخاص بهرجان بينالي فينيسيا 2015 والذي رعته مؤسسة رؤيا للثقافة المعاصرة باللغة الانكليزية .وقد تضمن الكتاب الذي حمل عنوان الجمال غير المرئي لمحات عن تجارب رواد الفن التشكيلي العراقي وشهادات لكتاب عراقيين معروفين ونصوص ادبية منها شعرية بالاضافة الى نص الاشارة ..وقد نشرت النص بعد ذلك في صحف وفي الميديا وتفاجأة لنشره في موقع جامعة فرانكلين ايضا..وقد قدم ايضا على خشبة المسرح وحصد جوائز عديدة. في النص يمتزج في لحظة الحلم والواقع ويتماهيان معا .الحلم الذي امتلاء بتفاصيل الواقع الدامي وصور التفجيرات والدمار .ثم يرتبط بلحظة صحو على مشهد طفلة ذاهبة الى المدرسة بشرائط ضفائرها الذهبية والملونة.وهذا التداخل بين الحلم والواقع هو ما يمنح النص بعده الانساني والدلالي حيث تغالب الشخصية الامها من اجل ان تستمر في الحياة.ونجد في صورة الطفلة امل في المستقبل. واعتقد ان هذا النص يتجاوز حدود المحلي الى العالمي بما يملكه من اشارات تكاد تلامس كل انسان في هذا العالم . 

س/ ستارة زرقاء شفافة .. مادلالة الاسم على المحتوى ؟.. وكيف ناقش الكتاب القضايا اليومية التي تخص العراق حتى لامس الواقع ؟
ج// نعم ستارة زرقاء شفافة هي مجموعة نصوص مسرحية صدرت عام 2015 عن دار تموز في سوريا .ونص ستارة زرقاء شفافة هو احد النصوص الاثنى عشر التي تضمنها الكتاب. وهي تناقش فكرة الخيانة ،كيف ومتى تصبح الخيانة حقيقة مرفوضة وكيف تكون سبيلا للحياة ..النص لايبرر الخيانة قدر مناقشته للفكرة والموضوع . تقول شخصية المرأة في احد حواراتها :
))عجيب كيف تكون الخيانة موتا للصمت وحياة للحب ...ياله من ضوء يراود القلب فيقلب الموازين لتكون الخيانة هي الحياة وما هو مشروع موت اكيد ..اليوم انتهت خيانة روحي .))ولكن طبعا هي وجهة نظر . واختياري لها كعنوان للمجموعة لدلالاتها التي تتماشى مع الفكرة الكلية للمجموعة التي تحث على البحث عن الحرية واكتشاف الحقيقة، هي الستارة التي تفصلنا عن رؤية حقيقة انفسنا وحقيقة الاخرين المحيطين بنا 

س/قيل عنك أنك : "تنتقلين في نصوصك بين الرمزية والوضوح والمباشرة والجرأة .. فمتى تكتبين رمزاً ومتى تعتمدين المباشرة ؟ .. وهل ذلك مرتبط بالموقف أم الرقابة أم أسلوب كتابة ؟
ج// بداية لا اعتقد ان هناك من يصف نصوصي بالمباشرة لاني لم اسمع بهذا الرأي ولا انا اكتب بهذه الطريقة . المباشرة تقتل روح النص وهو ليس اسلوبي .اما عن الرمزية نعم في بعض نصوصي المسرحية والشعرية يحضر الرمز بصورة مركزة . الكتابة عندي مشروع معرفي وانساني وجمالي ولا تعنيني مسالة الرقيب ابدا..انا اكتب حينما تتوهج في داخلي فكرة ما اثارتها مشاهد معينة او حالة شعورية ما او نظرة طفل او حكاية اسمعها في سيارة الاجرة .كل كتاباتي تمتلك تلك النزعة نحو تحريك الراكد وتعمق الرغبة في الحرية والخلاص من القمع والاضطهاد .

س/ الناقد مبدع مثقف متربص بالنص يختلف في نظرته وتعامله مع العمل الأدبي عن المبدع المؤلف .. فكيف تتخلصين من ذلك لحظة ميلاد النص ؟.. وإلى أي درجة تتعاملين كناقدة مع نصوصك الخاصة ؟
ج// النظرة الفاحصة التي يتمتع بها الناقد تجعله يعيش حياة النص ويعيد خلقه ..متعمقا في ثناياه . وعندما يكون الناقد مؤلفا شاعرا او مسرحيا او روائيا ،تلقي معارفه بمفاتيح الكتابة بظلالها على الكتابة الادبية .ولكن لا بد من وجود لحظة يفصل بها بين حرفته كناقد عن تلقائية الكتابة الادبية وسلاستها . انا اجد اني استطيع ان استفيد من خبرتي النقدية ودراستي الاكاديمية للمسرح ولكن دون المساس بسلالسة النص ودون ان يتحول الى آلة مركبة حسب القواعد دون روح . فلحظة ميلاد النص هي لحظة شاعرية وعاطفية وحسية وفكرية ،وهي لحظةخارج التقنين . وبعد ان ينتهي النص من ميلاده تأتي مرحلة القراءة الثانية من المؤلف لنصه ..مرحلة الحذف او الاضافة والتغيير. تعاملي مع نصوصي كناقدة يمنحني قوة في الكتابة لمعرفتي في اساسيات حرفة الكتابة المسرحية وابعادها لكنه لا يسلب مني لحظة الخلق والاكتشاف ولذة ابداع مولود جديد .وهذه المعرفة والقوة تتحول تلقائيا الى امر اعتيادي في ممارسة الكتابة .

السيرة الذاتية للكاتبة أطياف رشيد : 
من مواليد بغداد 1969
بكالوريوس كلية الفنون الجميله قسم الفنون المسرحيه
عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق
عضو في رابطة المرأة العراقيه
صدر لها : 
مجموعة شعريه بعنوان لا املك اجنحة لكنني احلم 2007
ستارة زرقاء شفافة نصوص مسرحيه عن دار تموز سوريا 2015
نشرت عدد من الدراسات والمقالات النقديه في المسرح
حصلت على شهادات تقديريه كثيره منها شهادة تقديريه من المركز العراقي للمسرح
شهادة تقديريه من رابطة المرأة العراقيه
فاز نص مسرحية بث تحريبي في مسابقة مؤسسة النور..دورة الدكتورة آمال كاشف الغطاء
اختير نصها (الاشارة ) ليكون ضمن الكتاب الخاص بفعاليات الجناح العراقي في بينالي فينيسبا 2015 والمترجم الى الانكليزيه ونشر ايضا في موقع جامعة فرانكلين السويسرية ومواقع ادبية اخرى.
كتبت نصوص شعريه ومسرحيه للاطفال. ونشرت لها نصوص مسرحية في مجلات ادبية ومسرحية متخصصة عراقية وعربية.
قدمت مسرحيتها:
(الرحلة) على خشبة معهد الفنون الجميله بنات .من اخراج لبنى علاء وتمثيل ملاذ سالم
)الاشارة) في مهرجان ينابيع الشهاده 2016 بعنوان انعاش للمخرج محمد زكي والذي فاز كعرض متكامل.
ذكر اسمها في معجم الاديبات والكواتب العراقيات في العصر الحديث للباحث جواد عبد الكاظم 2014.. بتسلسل 16
كتب عن نصوصها المسرحيه في كتاب المسرح العراقي (محطات وجرود) للباحث دكتور عامر صباح المرزوك.
لها مقالات ادبية ضمنت في كتب منها كوثاريا 
ترجمت بعض قصائدها الى الانكليزية والفرنسية 
كتب عن نصوصها المسرحية نقاد منهم الدكتور فارس الفايز /جامعة سومر
دكتور جبار صبري 
علي عبد النبي الزيدي
احمد طه.
مشاريع مستقبليه : كتاب نصوص مسرحيه تحت الطبع
كتاب في النقد المسرحي تحت الطبع

الجمعة، 9 فبراير 2018

120 عرضا مسرحيا يختارها مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي في تصفيته الأولي

مجلة الفنون المسرحية

120 عرضا مسرحيا يختارها مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي في تصفيته الأولي
اختيار 26 عرضا من مصر ومن تونس 19 وومشاركة 30 دولة عربية واجنبية وافريقية

أبراهيم الحسيني

اختارت لجنة مشاهدة مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي برئاسة الفنان والمخرج مازن الغرباوي 120 عرضا مسرحيا من 30 دولة في التصفية الاولي لاختيار العروض العروض المصرية والعربية و الأجنبية المتأهلة للمشاهدة النهائية ووقد اختارت اللجنة 105 عرضا مسرحيا أساسيا سيخوضون تصفية أخري وهناك 15 عرضا مسرحيا علي قائمة الاحتياطي . 
كان لدولة مصر نصيب الاسد من العروض المتقدمة للمشاركة فقد تقدم 26 عرضا مسرحيا منها مسرحيات ( ماساة الحجاج) و(البعث) و(مونولوج الوداع) و(الزيارة) و(جلسة سرية) و(نساء بلا غد) و(مسافر ليل ) ومن الأردن اختارت اللجنة عرضين هما ( بيانو بيانو ) و ( ولدت لأكون ) أما دولة الجزائر فقد اختارت اللجنة منها 8 عروض مسرحية منها ( ارهاب ) و( العب ) و( خيمة الشيخ الضو ) و( زوج مثالي ) و( صرخة ألم ) و( عطيل ) ومن المملكة العربية السعودية عرضان تم اختيارهما في التصفية الاولي هما ( الحقيبة ) و( سجينا صدق ) وكان للعراق نصيب كبير من المشاركات فقد اختارت اللجنة من دولة العراق الشقيقة 12 عملا مسرحيا منها مثلا ( الارملة السوداء ) و( انفرادي ) و( أيتها الآتي وداعا ) و( بدلا من السمك ) و( فوبيا ) و( هذا ارضي ) .
دولة الكويت اختارت منها اللجنة 5 عروض مسرحية متميزة منها ( الماثولي ) و( عطسه ) و( مذكرات بحار ) و( يوميات أدت للجنون) ومن المملكة المغربية انتقي لجنة المشاهدة 6 عروض مسرحية منها ( العشاق ) و( الي المفقود ) و( مزبلة الحروف ) وتقدم أيضا من دولة تونس عدد كبير من العروض المسرحية واختارت لجنة المشاهدة منها 19 عملا مسرحيا في التصفية الاولي ومن هذه العروض المسرحية التي تم انتقائها (الأرامل ) و( الرهوط ) و( حياة ) و( طوفان ) و( فريدم هاوس ) و( فلنرقص في تونس ) و( بلوك 74 ) و( ايرما تسونامي ) ومن سلطنة عمان 4 عروض مسرحية هي ( بوابة رقم 5 ) و(خيوط من أحلام) و(فكر) و(لقمة عيش) ومن سوريا ثلاثة عروض هي ( اختطاف ) و( المطرود ) و( النفس ) ومن دولة فلسطين ثلاثة عروض مسرحية هي ( ثلاثة في واحد ) و( مروح ع فلسطين ) و( كوابيس ) ومن لبنان عرضان هما (يلى خلق علق ) و( درس عمومي ) ومن ليبيا ( ألوان بياعه ) و( الرحلة ) و( زيارة ذات مساء ) و( كسور موزونه ) 
أما العروض الاجنبية فقد انتقت اللجنة من المكسيك 4 عروض مسرحية هي ( أزول ) و( الجوقة ) و( الطيور المهاجرة ) و( أمير الالوان السبعة ) ومن ايطاليا عرضان مسرحيان هما ( السجن الخشبي ) و( فن العلم ) وعرض واحد من بلجيكا هو ( امرأة الي امرأة ) ومن بوركينا فاسو ( الرغبة في الآفاق ) ومن بولندا ثلاثة عروض مسرحية هي (ومن بولندا ثلاثة عروض مسرحية هي (المرأه الحديديه) و(حلم الخادمه) و( ماجابار ) ومن سويسرا مسرحية (من إكسيل إلى إكسيل) ومن فرنسا تم اختيار ثلاثة عروض هي (إغلاق الحب) و( العادلون ) و( قصة حب ) ومن كندا عرضان هما ( أدرينالين ) و( انتجلد ) ومن نيوزيلندا ) مسرحية ( مانا واني ) . 
لجنة مشاهدة واختيار عروض مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي مكونة من الفنانة سلوى محمد على، والفنان محمد مهران، والدكتور أيمن الشيوى، والدكتورة عبير فوزى، والمهندس محمد هاشم، والمخرج سامح مجاهد، والناقد إبراهيم الحسينى مقررا.
ويذكر أن مهرجان شرم الشيخ الدولى للمسرح الشبابي يقام تحت رعاية الدكتورة ايناس عبد الدايم وزير الثقافة والمهندس خالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة، واللواء أركان حرب خالد فودة محافظ جنوب سيناء وهيئة تنشيط السياحة وتراس المهرجان شرفيا الفنانة الكبيرة سميحة أيوب وتديره الفنانة وفاء الحكيم وتديره تنفيذيا الدكتورة انجي البستاوي .











تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption