أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 20 مايو 2018

قراءة في كتاب "الدراما الرقمية والعرض الرقمي " تاليف سباعي السيد

دعوة إلى حضور و تغطية المؤتمر الصحفي للإعلان عن إطلاق مهرجان اليمن الوطني للمسرح

مجلة الفنون المسرحية

دعوة إلى حضور و تغطية المؤتمر الصحفي للإعلان عن إطلاق مهرجان اليمن الوطني للمسرح


تهديكم الهيئة العربية للمسرح أطيب التبريك و التهاني بمناسبة حلول شهر رمضان الفضيل، و يشرفها في إطار تنفيذ مبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي،

عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح، و التي كلف الهيئة من خلالها بالعمل على تنظيم مهرجانات وطنية للمسرح في الدول العربية التي لا تتوفر على مهرجانات تعنى بالمسرح المحلي؛ دعوتكم لحضور و تغطية المؤتمر الصحفي الذي يعقد في مقر الأمانة العامة للهيئة العربية للمسرح، للإعلان عن اتفاقية تنظيم مهرجان اليمن الوطني للمسرح، بالتعاون مع وزارة الثقافة اليمنية، هذا و سيكون المؤتمر بحضور

الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، السيد اسماعيل عبد الله.
وكيل العاصمة المؤقتة (عدن)، السيد محمد نصر الشاذلي.
الموعد يوم الأحد 20 مايو 2018، الساعة  10:00 مساءً.

المكان مقر الأمانة العامة – الهيئة العربية للمسرح – الشارقة

الجمعة، 18 مايو 2018

فتح باب المشاركة بمهرجان الأردن المسرحي الدورة 25

مجلة الفنون المسرحية

فتح باب المشاركة بمهرجان الأردن المسرحي الدورة 25

المملكة الأردنية الهاشمية- عمان

تعلن وزارة الثقافة / مديرية الفنون والمسرح  بالمملكة الأردنية الهاشمية  عن فتح  باب التقدم  للفرق  الأهلية  والخاصة  والأفراد ، للمشاركة  بمهرجان  الأردن  المسرحي  الدورة 25  والتي ستنعقد في الفترة  من (4 تشرين ثاني  الى 14 تشرين ثاني  2018 )

شروط المشاركة في مهرجان الأردن المسرحي الدورة (25)
أن تكون الفرقة المتقدمة للمشاركة تمارس عملها بشكل احترافي.
  1. يقدم المهرجان عروضا لمسرح الكبار المتنوعة ولا يستقبل عروض المونودراما.
  2. أن يكون العمل المسرحي من إنتاج آخر عامين .
  3. أن لا يزيد فريق كل مسرحية مشاركة  عن (12) شخص، على أن لا يزيد عدد الفنيين والاداريين عن (4) أشخاص والالتزام بالعدد المقرر حين إرسال الدعوة وتوضيح العدد ذكورا وإناثا وارسال أسمائهم من ثلاث مقاطع وكشف بالأسماء الفنية للمشاركين لإدراجها في كتيب المهرجان  .
  4. على الفرق الراغبة بالمشاركة تعبئة هذا النموذج وإرساله بالبريد الإلكتروني متضمنا روابط  فيديو العرض كاملاً ولا يقبل العرض بناءً على الصور الفوتوغرافية أو مقاطع فيديو .ولن يقبل أي عمل مسرحي دون مشاهدته كاملاً من قبل لجنة المشاهدة وضبط الجودة .
  5.  تتحمل الفرقة المشاركة نفقات قدومها من وإلى بلدها وأن تضمن تأكيد مشاركتها .
  6. تتحمل الفرقة المشاركة نفقات شحن الديكور الخاص بها ومستلزمات العرض.
  7. سيكون هناك تحكيم للعروض المشاركة تعلن في حفل الختام وتتنافس الفرق على :ذهبية المهرجان لأفضل عرض والجائزة الفضية والبرونزية ويمكن إستحداث جوائز أخرى بناء على قرارات لجنة التحكيم التي تعتبر نافذة ولا يجوز الطعن بها.
  8. آخر موعد لقبول طلبات المشاركة 1/7/2018 وسيتم إبلاغ الفرق التي يقع عليها اختيار المشاركة فقط قبل موعد المهرجان بشهر  ويحق لإدارة المهرجان إختيار العروض المناسبة لأهداف المهرجان بناءً على تنسيب لجنة المشاهدة وضبط الجودة.
  9. يحق لإدارة المهرجان رفض مشاركة أي عرض لا يتناسب وطبيعة المهرجان دون إبداء الأسباب.
  10. يحق للفرق التي تقدمت للمشاركة في الدورات الماضية  أن تتقدم للمشاركة  ولكن ليس بنفس المسرحيات التي تقدمت بها سابقاً.
  • ملاحظة هامة : لا تعتبر هذه الإستمارة بطاقة دعوة للمهرجان وإنما استمارة معلومات عن العروض وطلباً للمشاركة .
  • للمراسلة :  mohammad.dmoor@culture.gov.jo 
  • موقع الكتروني  : www.culture.gov.jo

  • في حال إرسال أقراص ممغنطة بالبريد العادي أو المسجل وفي حال تم إرسالها بالناقل السريع فلا يتحمل المهرجان أية تبعات جمركية أو تبعات مالية  :
عمان- الأردن- ص.ب 6140 الرمز 11118
مهرجان الأردن المسرحي الدورة (25)
جبل اللويبدة – شارع الأخطل – بناية رقم (5) - مقابل نقابة الفنانين
موبايل 00962799029684 مدير المهرجان :محمد الضمور
موبايل 00962796822049 المساعد     : محمد المومني


  • برجاء تعبئة بيانات العرض في الاستمارة  أدناه.

الخميس، 17 مايو 2018

مسرحية بوابة 7 انتقالة مسرحية مذهلة تقدمها الكاتبة عواطف نعيم

مجلة الفنون المسرحية

مسرحية بوابة 7 انتقالة مسرحية مذهلة تقدمها الكاتبة عواطف نعيم

الرافدين 

انعطافة مهمة احدثها المخرج ( سنان العزاوي) وكتيبته في مسيرة المسرح العراقي اليوم .. على مدى ساعة ونصف هو الزمن الذي استغرقه العرض المسرحي (بوابة7) تسمر الجمهور الكبير الذي ملأ صالة العرض وممراتها الوسطية والجانبية والذي كان قد حضر منذ وقت مبكر وهو في غاية شوقه لمشاهدة العرض … وعند بدأ العرض صار واضحا انسجام الجمهور مع ما تم اعداده من جو جمالي عكس الدهشة والانبهار من مشاهد الشاشة العملاقة في عمق المسرح مضافا لها جماليات التشكيل البصري لسينوغرافيا العرض التي لعبت دورا كبيرا في تحفيز الفعل الادائي للشخوص بدراما الافعال ضمن الامساك بالايقاع من اللحظة الاولى حتى اخر دقائق العرض . والمغايرة الادائية و الاخراجية فرضت وجودها على منظومة العرض وفق مفاهيم الحركة وتوالياتها تساوقا بين مجموعة العرض بدءا من لعبة الكراسي و انتهاءا بذات اللعبة وبواقعية سحرية منحت الفكرة كل المساحات المتاحة وبمختلف الاشكال الهندسية حيث عكست التقابلات الثنائية نوع الصراع حين بدأت رحلة المهاجرون السبعة الى ما وراء البحار بحثا عن الامان الذي افتقدوه في بلدانهم بسبب احتدام الصراعات المحلية التي فرضت هيمناتها على حياتهم بكل مؤثرات الخوف الناجم عن وحشية الاحداث .. فعراقيان احدهما داعشي ومتهم بقتل شباب سبايكر وشقيقه من مجندي الجيش السابق وتونسي علماني ومصري من الاخوان المسلمين ومغربي مهرب السلاح للدواعش وصحفية فرنسية تعادي التطرف الاسلامي وسورية من الرقة سبيت بعد اغتصابها من قبل الدواعش جميعهم التقوا في محطة (بواب7) في بلاد المنافي زجهم المخرج العزاوي في منطقة الاشتغال الافتراضي ضمن صراعات تفجرت بينهم واتهام بعضهم للبعض الاخر وكأن كاتبة النص ( الدكتورة عواطف نعيم ) قد جمعتهم بكل دراية بنفوسهم الموبوءة بالخوف وفوبيا الذات والشك واحقاد واقعهم المرير وبانقسام قاس شتت في اعماقهم خصوصية البيء التي قدموا منها ..انها مذبحة الدم التي سلبت الانسانية باكملها فتكا واستباحة للحياة بفعل ضربات الارهاب المنظم للنيل من السلم الاجتماعي لكل المجتمعات الانسانية وبتخطيط قوى غاشمة عكستها العناصر السمعية والبصرية والسينمائية المستخدمة سواء على شاشة العرض او في السبوتات التي تزامن الاحداث ورنين الهاتف وكاميرات التصوير التي تسجل تحركات الشخوص وتملي عليهم ارادتها بممارسة رقابية لصيقة وكان المخرج اراد ان يشير الى الاجندات الخارجية المريبة التي تتحكم بالاوضاع وفقا لمصالحها العليا كان تكون حكومات او مافيات او اطراف تستغل اوضاع الشعوب وهي ترزح تحت وطأة الاحتراب الداخلي للبلدان .. هذا ما بثه العرض في منظومته الايقاعية التي استمرت بلا توقف او ان يصيبها اي هبوط ، وكان نظير جواد مبدعا في تجسيد شخصية العراقي فيما ملأ علاء قحطان مساحاته باداء مبهر ثم شاهدنا حيدر خالد بايقاعاته المتصاعدة في غاية الروعة اما ياسر قاسم بسحنته المصرية كان مقنعا حد انبهار الجمهور بادائه السلس وكان وسام عدنان وهو يرسل ملامح الداعشي في قمة عنفوان تعبيراته المقلقة وبات واضحا براعة المخرج العزاوي في صناعة الممثل بتقنية متفردة حين قدم الشابتين اشتي حديد واسراء العبيدي لاول مرة على خشبة المسرح الفكري الجاد فظهرتا باحترافية عالية وسط تعاطف الجمهور معهما بكل حب .






مسرح السعودية تجربة شبابية استقطبت 50 موهوبا

مجلة الفنون المسرحية

مسرح السعودية تجربة شبابية استقطبت 50 موهوبا


سلطان الحارثي - الوطن 


أوضح المشرف على المحتوى في «مسرح السعودية» ياسر مدخلي، أن فكرة إنشاء مسرح وطني في المملكة، بدأت من خلال اهتمام الرئيس التنفيذي لشركة رايتكس عدنان كيال بتبني مبادرة لتهيئة الوسط الفني بكوادر موهوبة، من خلال تدريبها على يد مجموعة من الخبراء في الفنون المسرحية المختلفة من خارج المملكة وداخلها، مما جعله يتواصل مع الناشطين في هذا المجال، وكنت حينها أجهز لمشروع مسرحي مع إحدى المؤسسات الثقافية، وتواءمت الأهداف والتوجهات، وفي أحد الاجتماعات طرح فكرة استقطاب التجربة الناجحة «مسرح مصر» التي يقدمها الفنان أشرف عبدالباقي مع المنتج صادق الصباح، وبالفعل تواصل عدنان معه واستطاع تحقيق تأطير هذه المبادرة الجريئة والمؤثرة، ولذلك لاقت دعما ومساندة من نائب أمير منطقة مكة المكرمة الأمير بندر بن عبدالله، وتلا ذلك توقيع اتفاقية مع وزارة الثقافة والإعلام والهيئة العامة للترفيه، ليصبح المشروع مبادرة تحت مظلة مجلس مبادرات شباب منطقة مكة المكرمة.

توقيت صعب

أكد الفنان المصري أشرف عبدالباقي لـ«الوطن» أن التوقيت الذي ظهرت فيه فكرة «مسرح السعودية» توقيت صعب، خصوصا مع ظهور السينما والأوبرا، لكن كثافة الحضور وامتلاء جميع كراسي المسرح من مختلف أطياف المجتمع، وتجاوبهم مع الطرح، جعلنا فخورين بنجاح التجربة في مرحلتها الأولى ومستمرين فيها، مشيرا إلى أنه كان متوقعا أن يجد صعوبات في تنفيذ «مسرح السعودية»، وذلك لخصوصية المملكة، ولكنه لم يجد شيئا من ذلك، ووجد مجتمعا عاشقا للمسرح، وكانت الصعوبة الوحيدة التي واجهته هي تنوع اللهجات المحلية السعودية، ولكنه تغلب عليها بمساعدة المشرف على المحتوى ياسر مدخلي، ومع بدايات اختبارات تجارب الأداء كان الهدف اختيار 20 موهبة، ولكن لكثرة المواهب المتقدمين تم اختيار 50 موهبة مع العلم أن كثيرا من الذين تقدموا ولم يحالفهم الحظ في اختيارهم ضمن الفريق كانوا موهوبين في التمثيل.

12 ساعة يوميا

بين عبدالباقي أن كل عرض مسرحي يجهز في 3 أيام، 12 ساعة عمل من البروفات يوميا، مؤكدا أن فريق الكتابة والإخراج يراعون العادات والتقاليد السعودية، والفرق بين اللهجات والحساسية التي قد تكون موجودة بين اللهجات، كما راعينا توزيع الأدوار والشخصيات، بحيث لا يكون هناك إسقاط على لهجة معينة أو منطقة معينة في المملكة، ونوعية المتلقي الذي أمامهم.

الإشراف على المحتوى

أوضح المشرف على المحتوى الكاتب ياسر مدخلي أن العروض المسرحية تعتمد على الارتجال والتدريب المكثف، حيث يتم تجهيز العرض في ثلاثة أيام فقط، لذلك فدوره متنوع في الإشراف على المحتوى من الجوانب الرقابية والاجتماعية والمسرحية، من خلال رصد الملاحظات على أداء المواهب ومساعدتهم في تنوع اللهجات وأداء المحتوى المسرحي المحلي بشكل أفضل.
فالمسرح التجريبي له جمهور محدد يتسم بالتخصص ويهتم النقد المنهجي والصناعة الاحترافية التي تميل للتحديث والتغيير والنزعة الرمزية واللغة الشاعرية والأداء الأكاديمي المميز، والمسرح التجاري ليس أقل أهمية لكنه يستوعب الجماهير بكافة أطيافهم ومستوياتهم الثقافية، ويناقش قضايا المجتمع مهتما أكثر بالقوالب الكوميدية والأساليب التي تجذب الجماهير بشكل عام، وهو ما ننشده في أهدافنا الإستراتيجية ليكون المسرح ضمن أجندة العائلة في المجتمع السعودي.




المسافـــة الجماليــــة والرؤيــــة الفلسفيـــــــة لـ الإخراج المسرحي

مجلة الفنون المسرحية




المسافـــة الجمالية  والرؤيــــة الفلسفيـــــــة لـ الإخراج المسرحي

حمبد صابر

في ضوء تطور الفكر الانساني، واتساع آفاق المعرفة في البحث عن ماهية الوجود والذات وسبر اغوارها في مدى ارتباطها بأحداث عصرها وظواهر واقعها المتغير برزت مفاهيم بعلاقة الفن والفلسفة والمجتمع تحاول الربط بين التجربة الابداعية وفلسفتها وأثر المجتمع والاحداث فيها.
 فثقافة المخرج وفلسفته هي جزء فعال من ثقافة بيئة انسانية وهي في الواقع حصيلة اجتماعية للأفكار والفلسفات والمعتقدات فالتراث الفلسفي له القدرة على الحركة والتطور، ولا بد في مثل هذه الحالة من وجود منهج فلسفي يؤطر التجربة الاخراجية والابداعية، ان نسق العمل الفني  هو في الواقع نسيج التجربة من الناحية الفنية والنسيج هذا هو جزء من خبرة المبدع .... وظهرت دراسات وبحوث تهتم بعلاقة الاثر الابداعي بالمجتمع والمتلقي وبرزت نظريات حديثة منها نظرية جمالية التلقي ومدرسة المتفرج واستجابة القارىء ومفهوم التأويل للعمل والاثر الفني والقراءة المنتجة للنص وتحاول هذه النظريات التمييز بين النص الادبي من حيث هو علاقة ملموسة والموضوع الجمالي مجسماً وقد قادنا هذا الى ولادة مصطلح جديدة هو المسافة الجمالية وهي تلك العلاقة بين المتلقي وفعل التقويم وافق الانتظار ويعني هذا المفهوم البعد القائم بين تقديم الاثر الفني نفسه وبين تلقيه والاستجابات الخاصة للمتلقي. ان تلك المتطلبات هي جزء من الثقافة والمعرفة التاريخية التي تؤسس بنية الاتصال الجمالي بين فلسفة المخرج واسلوبه في العمل وجماليات التلقي ان هناك علاقة بين التجربة الفنية الخلاقة وما يسمى بالفكرة الفلسفية وهذه العلاقة بلا ريب هي محور رئيسي من محاور فلسفة الفن وعلم الجمال ويجب ألا يغرب عن البال ان الحديث عن الفكرة الفلسفية لا يعني ربطها بالمفهوم الخاص الضيق للفلسفة وتاريخها فبين الفلسفة والفن اختلاف يرتبط بالمنهج واللغة والاسلوب والتطور والنتيجة علماً ان هناك توافقاً وانسجاماً ما بين الذهن الفني لدى المخرج والذهن الفلسفي مع حتمية وجود الاختلاف في الوظيفة العقلية والنظرة الى الكون مع ان الفنان يستقي من الفلسفة جوهرها وماهية الجوهر والوجود .
 لاشك ان مثل هذا التوافق والتركيب بين هاتين الذهنيتين هو جزء من الفكرة الفنية الفلسفية التي تبدو جوهرية في اي عمل ابداعي فالتجربة الفنية تعامل التركيب والتحليل والمفاهيم في موضوعات شتى يستمدها الفنان المبدع من تأملاته الخاصة ببيئته واتساع معرفته ونظرته الى الكون والحياة، فهو المخلوق الوحيد الذي يستطيع ان يصوغ ويصور ويجسد بوسائله الفنية مجموعة من الافكار والقيم كفكرة التردد عند هاملت والغيرة عند عطيل والغطرسة عند كريولانس والطموح الدموي والطغيان عند مكبث والحمق عند لير.
 وتخرج هذه الافكار من التجربة احساساً من وجدان خاص لتعانق وجدان المجتمع على شكل عمل ففي دراسي له رموزه الخاصة والمؤثرة في المتلقي فتطور الفكرة في العمل الفني لايأتي الا عن طريق الدراسة والتأمل العميق والانغماس الشديد في اعماق روح التجربة قولاً وفعلاً والتعبير عنها بلغة ذات خصائص فنية متميزة فالحركة في اللغة المسرحية لا تستطيع امتلاك أية دلالة وحدها إلا عن طريق نسق التواصل والاسلوب وبنية العمل وتركيبه اي وضوح الوظيفة الدلالية للعلاقة القائمة بين اللغة والحركة والمعنى اي الكيفية الاخراجية للوحدة الكلية في نسق وانسجام فني فكري دلالي معبر ومؤثر.
 ان العملية الاخراجية هي رؤية فنية للنص أي قراءة جديدة لعملية التأليف وبصورة أدق هي خلق حياة جديدة وجمع مجموعة من المحاور داخل مناخ خاص محدد بزمن معين فهي فعل حقيقي لمعنائية المسرح الذي يحدد وجود اشخاص يتحركون داخل بنية لغوية بحضور محاورين مشاركين وعملية لازمة للنص وملتصقة بأسس التمسرح.
 ان الاخراج كتابة صورية داخل الفضاء فهو حوار حسي، حوار مع النص الادبي وحوار ينتهي في الاخير باعطاء تركيبات ابداعية فيها شيء آخر من الصياغة والصناعة وهو حوار مع الممثل وحوار مع المتلقي فهو شرط العرض المسرحي ووجوده بالفعل فالمخرج مركب للنص لا مجرد مفسر بصري لبنائه وحواره وحركة الشخوص ضمن الحيز الادبي انه جهد استقرائي فالمخرج المسرحي يبدع صورة كلية لاتترجم الحوار الى فعل حركي انتقالي، بل يقوم بعملية كيميائية شاملة لخلق الخطاب المسرحي فالمرور من الادب الى المسرح هو عملية فضائية تسبح في المخيلة حيث يكون لفاعلية الخيال دور في الرسم والبناء الصوري الذي يشغل المساحة الخالية لا بوصفها ساحة للعب بل حيز تتكثف فيه صور العرض كقيم درامية تقود الى بنية وجوهر الصورة باعتبارها علامة تحول ودلالة تتغير في ضوء البعد الفلسفي والجمالي للعرض المسرحي يفجر كوامن النص وتلعب فجواته على رأي (ان اوبر سفيلد) المجال الواسع لفعل المخرج الابداعي لسد وملء اشغال تلك الفجوات وصولاً الى نص العرض، حيث يكون الدور الفاعل لعملية التلقي وفعل الاتصال المسرحي فالاخراج المسرحي هو الصيرورة والانتقال بالأشياء من داخلها وليس من خارجها الى فضاء التصور الخيالي الذي يحيل الواقع الى واقع فني آخر لا يعمل على النسخ والانعكاس للأشياء والعلاقات اذ يؤسس جسر الحلول ويدفع اللغة لتحل في أجساد الممثلين والتشكيل الحركي فالكتابة المسرحية هنا كتابة عبر الجسد والتشكيل أي حالة التمسرح والاسلبة بمنطق يحكم العلاقات المرئية بوصفها ( الكل المعطى) والتشكيل النهائي لصورة العرض المسرحي باعتباره (مفهوم الشيء في ذاته) دون الركون الى مرجعية اللغة ذلك لأن العودة الى ثنائية الشكل والمضمون والنص والعرض تجعل من الاخراج مجرد تابع الى أدبية النص وسلطته فالاخراج في ضوء ذلك يعد خلقاً وتأسيساً يعيد للإخراج المسرحي دوره الفلسفي متجاوزاً المفهوم الحرفي التنفيذي لمكونات النص الادبية وعناصره الدرامية.

الأربعاء، 16 مايو 2018

صبري وعبد الحافظ: مسرح القاسمي رؤية للواقع واستشراف للمستقبل

مجلة الفنون المسرحية

صبري وعبد الحافظ: مسرح القاسمي رؤية للواقع واستشراف للمستقبل

meo

قدم الشيخ د. سلطان بن محمد القاسمي العديد من الأعمال المسرحية التي استلهم من خلالها التاريخ العربي والإسلامي لكي يضيء الكثير من الأحداث التي تجري على الأمة العربية والإسلامية الآن، ويكشف آليات وقوانين الانتصار والنهوض بالأمة وعودتها إلى درب الريادة والتقدم والوحدة، من هذه الأعمال  "كتاب الله: الصراع بين النور والظلام"، "داعش والغبراء"، "علياء وعصام"، "الحجر الأسود"، "طورغوت"، "الإسكندر الأكبر". 
وكانت تجربته هذه محور الندوة التي استضافها جناح مؤسسة بحر الثقافة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الـ 28، وجاءت بعنوان "إعادة قراءة التاريخ في الأدب.. مسرح سلطان القاسمي"، شارك فيها الكاتب د. محمد حسن عبدالحافظ، والكاتب والشاعر عبدالفتاح صبري، حيث ناقشا خلالها إشكالية تحويل التاريخ لأعمال أدبية من دون الإخلال بالنصوص الأصلية.
في البداية قال عبدالفتاح صبري إن إشكالية معالجة التاريخ إبداعيا نالت قسطا واسعا من الدراسات والبحوث، لكن التاريخ له أضابيره وأبحاثه وأدواته ومنهجه الذي يؤطر لكتابته، والأدب من زاوية أخرى ليس معنيا بالتاريخ ولا  تطبيقه ولا نقل القصص الحقيقية للمتلقي، بمعنى أنه لكل محور منهج، فالتاريخ له منهجه العلمي الذي يبحث في الدلالات والأفكار والمقاربات قارئا مختلف المصادر والروايات والوثائق ليصدر بالنهاية معلومة مؤكدة وموثق بأن هذا الملك أو تلك المعركة حدث فيها كذا أو نتج عنها كذا. فالتاريخ منهج أكاديمي يهتم فقط بالتدوين والمعلومة المؤكدة الموثقة، أما الأدب فيقدم رؤية وإبداع صاحبه، ويستلهم لحظة تاريخية أو شخصية أو واقعة أو قيمة أو مفصلا تاريخيا يمكن الاستشهاد به على ما يجري الآن في الواقع، لكنه لا يقدم حقيقة، يقدم قصة أو استشهاد من زاوية إبداعية لها مقاييسها ودراميتها الجمالية والفنية، فالأدب بمختلف أجناسه من رواية أو قصة أو مسرح أو شعر ليس معنيا بأن يقدم الحقيقة التاريخية.   
وأضاف "إذا أخذنا تجربة الشيخ د. سلطان القاسمي فهي تجربة فريدة في استلهام واستقراء التاريخ والمعالجة بمخيلة فنية وجديرة بالتأمل والدراسة لما تحمله من رؤى وأفكار، وبالطبع هذه التجربة تختلف عن أي تجارب أخرى في الإطار ذاته كون الشيخ القاسمي حاكم وصاحب سلطة وله في السياسة، وأيضا لديه الإمكانية لطرح أي قضية بحرية وجرأة دون توجس أو محاذير من المكبلات القانونية والمجتمعية. 
ومن هنا فإن فرادة تجربته تأتي من كونه مبدعا وحاكما في ذات الوقت ويقدم رؤية المؤسسة الحاكمة حينما تكتب، لقد استهلهم التاريخ واستحضره واستطاع أن يقول إن هذه الأمة المنهزمة الآن، نستطيع أن نأخذ لحظات تبصيرية في التاريخ العربي والاسلامي كانت لحظات انكسار وانهزام، نستطيع أن نستحضر هذه اللحظات لإعادة التوازن لهذه الأمة والنهوض بها برؤية تكشف مواطن الخلل وتعالجها، وبالتالي فإن كتاباته تحمل نوعا من الأمل وسعيا إلى إشاعة هذا الأمل سواء في كتاباته المسرحية التي دائما ما تنتهي بالانتصار وإشاعة روح الأمل، ففي مسرحياته العشرة يوظف الرؤية التاريخية في استعادة الأمل والتأكيد على أن هناك من يستطيع أن يقود نحو انتصار الأمة والنهوض بها". 
ورأى د. محمد حسن عبدالحافظ أن الشيخ د. سلطان القاسمي يشكل حضورًا فريدًا على المستويين الفكري والثقافي في العالم المعاصر، وهو، بحكم وعيه وتكوينه وجمعه بين العلم بوصفه مؤرخًا والسلطة بوصفه حاكمًا، يمثل تجربة استثنائية تجسدت ملامحها في مجمل أعماله، لاسيما المسرحية، إذ استهدف بها إنارة المستقبل بضوء الماضي، والكشف عن تحديات العصر ببصيرة، والوقوف على مكامن الضعف والقوة في مسيرة الحضارة العربية والإسلامية. 
وقال انتهج القاسمي مسلك المسرح السياسي، بأقنعة تاريخية، واتخذ منه وسيلة لتحريك الواقع، وإضاءة الراهن، واستشراف المستقبل، وإعادة قراءة التاريخ والإفادة من عبره، على نحو ما جاء على لسان الشاهد في مسرحية "القضية" متحدثًا عن التاريخ: أناس لم يقرؤوه فلم يستفيدوا منه، وأناس قرؤوه ولم يفهموه، وهؤلاء لم يستفيدوا منه أيضًا.. وأناس قرؤوه وفهموه ولم يعملوا به، وهؤلاء لم يستفيدوا منه أيضًا (بل أهدروه عمدًا)، وأناس قرؤوه وفهموه وعملوا به، وهؤلاء يستفيدون من التاريخ..". 
ويستهدف القاسمي بمشروعه المسرحي إيصال رسائل إلى جمهور عريض، بل دفعه إلى التفاعل العضوي لتحريك الواقع نحو مستقبل مختلف عما حدث في الماضي. وتمتد رؤية القاسمي ومشروعه المسرحي إلى وعيه الباكر، منذ شارك في المسرح المدرسي بشخصية "جابر" في مسرحية "جابر عثرات الكرام"، سنة 1955، وكان القاسمي آنذاك في المرحلة الإعدادية، ثم كانت نقلة أخرى في الاتجاه ذاته في فرع آخر هو الكتابة، حيث كتب نص "نهاية صهيون" سنة 1959. وبما أن القاسمي قد قرأ التاريخ قراءة واعية واستوعب معطياته، فإنه قد شكل بذلك ظاهرة أدبية فريدة في التعامل مع التاريخ وتوظيفه دراميًّا، مستندًا على إلمامه بتفاصيل كل واقعة تاريخية تناولها، ومعطيات تلك الواقعة وطبيعة عصرها الذي تنتمي إليه، وبذلك رسخ منهجه في تأصيل المسرح السياسي العربي ومسرحة التاريخ.
وأضاف د. عبدالحافظ أن الشيخ القاسمي ذهب إلى أن حركة تجديد وتأصيل المسرح العربي توزعت بين تيارات عدة: الأول: يرى أن النتاج المسرحي العربي يفتقر إلى الرؤية الدرامية التي هي شرط الإبداع المسرحي، وأن الوعي الدرامي يتعارض مع العقلية العربية الإسلامية، وانطلاقًا من هذا المنظور يرفض المنتمون لهذا التيار الاعتماد على أشكال الفرجة العربية، وعلى المأثور الشعبي، ويعدونها غير كافية لبناء مسرح عربي. 
الثاني: ينفي صفة الكونية عن المسرح الغربي، ويؤكد ارتباطه بحضارة المدنية القامعة للإنسان، ويرى أن المسرح العربي المعاصر هو نسخة شائهة من المسرح الغربي، ويدعون إلى التخلي عن تقليده وبناء مسرح عربي اعتمادًا على أشكال التعبير في الموروث الثقافي العربي الإسلامي مثل: فن الراوي والحكواتي المقتبس من السير الشعبية العربية.
الثالث: يرى أنه من الخطأ البحث عن ظواهر مسرحية في التراث العربي مقننة بضوابط المسرح اليوناني القديم والأوروبي الحديث، وأنه من الضروري إعادة قراءة التراث العربي للبحث عن منطقه الداخلي وعن الضوابط التي تحكم صور الفرجة العربية الممكنة، ولا يرى مدعاة لقطع الصلة بالمسرح الغربي لتحقيق هوية المسرح العربي، ويدعو أصحابه إلى العودة للأصول وإعادة الاعتبار إلى الموروث الثقافي العربي وإلى تقاليد الفرجة الشعبية دون انقطاع عن الروافد الغربية والإنسانية.
وأكد أن الشيخ د. سلطان القاسمي يقف إلى جانب التيار الثالث الذي يرى فيه أنه يشكل الأصلح للعالم العربي، حيث تمثل هذا التيار بنتاجات سعد الله ونوّس المسرحية، وتجارب الفرجة الاحتفالية في المغرب، وتجارب متعددة في المسرح المصري كمسرح الجيب التي ارتبطت بـ سعد أردش و كرم مطاوع، والمسرح المفتوح عند بهائي الميرغني وحازم شحاته وعبده طه، ومسرحة التراث لدى يوسف إدريس وألفريد فرج ودرويش الأسيوطي على سبيل المثال. 
إن التاريخ، في أعمال القاسمي المسرحية، قناع أكبر لرموز دلالية تومئ لأحداث وأشخاص معاصرين، ولا غرابة في أن نجده يستحضر التاريخ ويصطفي مشاهده وفق خطين متوازيين:
الأول: أقنعة الأحداث التاريخية، ويتبدى هذا في مسرحية "القضية" التي ركزت على الأسباب الجوهرية لسقوط غرناطة. ومسرحية "الواقع.. صورة طبق الأصل" التي تسلط الضوء على الأصول التاريخية للقضية الفلسطينية، وتحديدًا ملف القدس، ومسرحية "الحجر الأسود" التي ترصد جذور التطرف خلال فترة الحكم العباسي. 
الثاني: أقنعة الشخصيات التي تنتمي إلى حقب وأزمنة تاريخية مختلفة، كمسرحية "عودة هولاكو" التي تدور حول شخصية هولاكو المغولي، الذي استهل عمليات غزو العالم الإسلامي بدءًا من بغداد عبر إيران، ثم الموصل، ثم الشام، كما وضعت المسرحية يدها على الضعف الداخلي والخيانة الداخلية (العلقمي ثم ابنه) التي سهلت مرور المغول. ومسرحية "الإسكندر الأكبر" التي تدور حول غزوه للعالم، وانتهاء أحلامه عند بوابة بابل في العراق، حيث دفن. وينسحب قناع الشخصية التاريخية على مسرحيات "شمشون الجبار" و"النمرود" و"طورغوت". 
وأوضح أن هناك ما يجمع بين الخطين كمسرحية "داعش والغبراء". وفي لجوئه إلى عالم المسرح كملاذ للكتابة الإبداعية، استند القاسمي على عدد من المرجعيات الفكرية والجمالية النابعة من التاريخ العربي بشكل خاص، حيث وظفها توظيفًا دلاليًّا عبّر عن الواقع العربي الراهن بكل مأساويته، محاولًا إعادة قراءة التاريخ وقراءة الذات الجمعية العربية التي تحفل بالمعاناة والألم.
ولفت د. عبدالحافظ إلى أن الشيخ د. سلطان القاسمي أحكم بنيان نصوصه المسرحية، ورصفها بثقافته العربية الأصيلة وبمعرفته بالتاريخ العربي، فوثق العناصر التي انتقى منها مواضيعه لمسرحة التاريخ، فاختار التاريخ من المعطى الموجود، وإحضار الواقع المنسي بعوالمه المسدودة وإدراجه في الكتابة الدرامية لفهم دروسه وعبره وأحداثه معناه فهم التاريخ وفهم الوجود العربي في هذا التاريخ. 
والقاسمي يجعل من التاريخ في مسرحه عاملًا مساعدًا يعين على كشف الواقع التراجيدي العربي، وما العودة إلى التاريخ العربي الإسلامي إلا لتقديم رؤية واحدة وقضية مشتركة  ترصد تراجيديا التاريخ الاجتماعي العربي، وما يحدث للشعوب المغلوبة من قتل وسلب ونهب واستنزاف. 
وبما أن القاسمي قد وظف في مسرحه وقائع تاريخية اشتملت على أحداث وشخصيات أثرت في حركة التاريخ، فإن أعماله المسرحية تندرج تحت ما يسمى بمسرح الوثيقة السياسية، وتأخذ توصيف "التراجيدي – ملحمي"؛ لأنها تخوض في غمار البحث في موضوعات تاريخية واسعة أفقيًّا وعميقة عموديًّا من أحداث رئيسة مرت في حياة الأمة الاسلامية – العربية، ثم تتوغل هذه التآليف في كشف هذه الأحداث، عبر مراحلها المختلفة، عارضة ومحللة محنها المصيرية وكاشفة بقوة لحظة الانهيار الهائل لمراكز الحضارة العربية الإسلامية. 
وخلص عبد الحافظ إلى أن الشيخ القاسمي اتخذ من التاريخ مادة لبناء جل نصوصه المسرحية، ولم يكن التاريخ غاية في حد ذاته، بقدر ما تعامل معه بوصفه وسيلة ملهمة من شأنها أن تحقق له القدرة على الخلق الدرامي الكاشف عن معاني الأحداث التي يريد أن يتمثلها، ضمن رؤية تنبثق من رؤيته للواقع واستشرافه للمستقبل.

الثلاثاء، 15 مايو 2018

قراءة في كتاب "المسرح الامازيغي"تأليف د. جميل حمداوي

صونيا ..ثائرة المسرح الجزائري

مجلة الفنون المسرحية

صونيا ..ثائرة المسرح الجزائري

  محمد شرشال - الجمهورية 

كنت أتمنى أن أزورك في مرضك الذي طال ، إلا إنني احترمت رغبتك في الابتعاد عن الأنظار كي يحتفظ محبوك و الأصدقاء بصورة المرأة القوية و الممثلة الملتزمة الصامدة..اخترت أن تبقي جميلة فكان لك ذلك حتى في موتك..
كنت أحاول أن أرفض كونك تتعذبين و تقاومين لوحدك ذاك المرض الخبيث، كنت أمنّ نفسي برؤيتك حين تشفين، لقد أبلغتني ابنتك سامية أنك نويت دعوتنا كلنا لبيتك لنحتفل بشفائك. 
كم آنت قوية يا صونيا حتى في موتك.. !!، حتى في طريقة مغادرتك لعالمنا البائس..حين سمعت خبر وفاتك سيدتي أحسست بشيء يتمزق داخل أحشائي. لقد أحسست باليتم كله و بالحزن كله..
وداعا صونيا الممثلة التي أحببنا و صفقنا لها.. وداعا صونيا مديرة معهد برج الكيفان التي كانت لا تنام من أجل أن يكون طلبتها في أحسن حال
..وداعا مديرة مسرح سكيكدة و عنابة التي كان الكل يحبها لشهامتها، انضباطها، حرفيتها و حسن تسييرها.. وداعا صديقتي، سنحتفظ لك دائما بالصورة الجميلة التي أردت لأننا لم نرى لك يوما صورة بشعة و مؤلمة، ستضلين إلى أن نلحق بك تلك المرآة القوية ، صونيا التي نحب..إلى رحمة الله التي وسعت كل شيء. لك الجنة و الخلد ..أنا حزين جدا لأجلك صونيا 

مسرح اللحظة

مجلة الفنون المسرحية

مسرح اللحظة

عز الدين جلاوجي - الجمهورية 


المسرح ابن الفنون المدلل ، لأنه نتاج تلاقح عدد كبير من الفنون التي نشأت قبله، إنه فن يتخلق من هذا التلاحم الجميل و البهي بين الكلمة المبدعة والرقص و الإيقاع و الموسيقى و الرسم و النحت وغير ذلك مما قد يتمرد على الحصر .
ومادامت هذه الفنون هي ابنة الإنسان، وبمعنى أدق هي ابنة الحياة،لأنها ولدت من رحم الإنسان، الحي المتفاعل مع الحياة،فهي فنون حية، وهي إذ تشكل المسرح، تجعل منه النموذج الأرقى للحياة،  فلا مسرح دون حياة، ولا حياة دون مسرح، ونكاد نجزم أن الإنسان مسرحي بطبعه،  وهو أي المسرح أقرب إلى وجوده وحقيقته، ولك أن تتأمل تصرفات الصبيان في لعبهم، فلا يحلو لهم ذلك، إلا إذا تقمصوا الأدوار وتماهوا معها حد نسيان ذواتهم، ولا يعدو أن يكون هذا الكون إلا خشبة مسرح كبرى ونحن فيه ممثلون تارة ومتفرجون تارة أخرى . 
وبمثل أن الحياة كلها هي مسرحية كبرى فإن كل لحظة فيها يمكن أن تكون مسرحية أيضا ، نعم تكاد تكون كل لحظة فعل بشرى مسرحية قائمة بذاتها، إن الإنسان يفكر ويحلم ويندفع للفعل، وهو حينما يفعل فإنما هو يمسرح أحلامه و أفكاره، وقد تقول اللحظة واللحظات القليلة ما لا يمكن أن تقوله الأزمنة الطويلة، كأن هذه مضغوطة في تلك ، وكأن لا بلاغة إلا في الإيجاز على  حد قول أسلافنا . 
من هذا المنطلق راودتني فكرة كتابة ما أسميته" مسرح اللحظة" أو مسرديات قصيرة جدا، المصطلح الأول للفعل ، والثاني للقراءة، حتى نزيل إشكالية مصطلح مسرحية، و الذي يربكنا ويوقعنا في اللبس فلا نعرف أن ننصرف إلى النص المكتوب أم إلى العرض على الركح، مع ما أقمته بينهما من فروق في الكتابة ، الأولى تجنح إلى اعتماد الإرشادات  الإخراجية، مخاطبة الدراماتورج و المخرج و الممثل ، بمعنى أنها ترتبط بالركح، والثانية تنصرف إلى القارئ، وقد سميتها الإرشادات القرائية، ثم استعضت عنها بتوسعة في تقنيتي الوصف والسرد، دون أن أجرح كبرياء المسرح، فكانت المسردية مصطلحا قائما بذاته يجمع بين السرد و المسرح، ويهيئ النص للقراءة ابتداء من المستوى البصري ، إلى استحضار تقنيات السرد، مع مراعاة خصوصية المسرح وبهذا يكسب المسرح أيضا قراءه وقد خسرهم لقرون من الزمن، في ظل دكتاتورية مارستها الخشبة على النص، ومارسها المخرجون على الأدباء.
ولا عجب، فالفنون كالكائنات الحية، بمثلما يمكن أن تعمر طويلا يمكن أن تنقرض سريعا، وعن بعضها تتوالد.
إن الرواية التي صار لها اليوم شأن عظيم ولدت من رحم الملحمة و الحكاية الشعبية، في حين انقرضت الأولى وكادت الثانية، و القصيدة الحرة ولدت من رحم القصيدة العمودية، و معا مازالا تصارعان  البقاء، و المقامة التي أبدعتها عبقرية بديع الزمان الهمذاني وجدت بعده شيوعا كبيرا ودخلت حتى حضارات ولغات أخرى،  ثم انقرضت اليوم كأن لم تكن، ومع الانفجار الإلكتروني الذي حققته حضارة اليوم صار المسرح في خطر، كما السينما قبله، أو على الأقل خبا وهجهما الذي تمتعا به قرونا من الزمن، فلا مانع مطلقا من أن نبحث عن أشكال جديدة للتعبير عن الإنسان و الحياة .
ومن هنا يمكن أن نشير إلى أن " مسرح اللحظة " مسرديات قصيرة جدا دافعان الأول ذاتي وهو رغبتي الملحة والدائمة في خوض تجارب إبداعية جديدة، وهو هاجس كلن له حضوره في كل أشكال الكتابة لدي، قصة ورواية ومسرحا، إيمانا مني أن الإبداع الحق هو ما كان تجريبا أي تجاوزا للمألوف، إنه إضاءة مستمرة للمظلم في مجاهيل التخييل لدى الإنسان، ومساءلة دائمة لجهود الأسلاف في هذا المضمار، كما أن له أسبابه الموضوعية التي منها وجوب البحث عن فتوحات جديدة في فن المسرح، وقد صار مهجورا من أكثر الناس،ليس من المنطقي أن تصرف على مسرحية مئات الملايين ثم تعرض المرة و المرتين ، ويطويها النسيان إلى غير رجعة، الواجب يدعونا اليوم أن نقدم مسرحا يظل مرتبطا بنا ونظل مرتبطين به دون أن يرهقنا ودون أن نرهقه، ومن هنا جاءت فكرة المسردية من قبل، وجاءت فكرة مسرح اللحظة/ مسرديات قصيرة جدا بعد ذلك. 
مسرح اللحظة " هو مسرح يقتنص اللحظة التي يمكن أن تقول الزمن الطويل، محاولا أن يختصر كل ما يقيمه أيضا، إن عل مستوى الشخصيات أو على مستوى السينوغرافيا ،ومعنى ذلك فهو مسرح يتمرد على الخشبة يمكن تقديمه في أي مكان، في الشارع و البيت و المقهى و الشاطئ وحتى القطار و الطائرة، كما يمكن أن يقوم به كل من امتلك شيئا من الجرأة و الموهبة، إنه مسرح الإنسان كيفما كان و أينما كان .
ومعنى ذلك أن من خصائصه التي يجب أن يقوم عليها التكثيف مكانا وزمانا ولغة ومشهدا وعرضا، وشخصيات لا تتعدى الثلاثة في أقصى تقدير مع إمكانية الإستعانة بالمؤثرات الصوتية ، يجب أن يتحول إلى هاجس الجميع، بمعنى لا يفترض مختصين احترافيين أو هواة، إذ يمكن أن يقدمه افراد الأسرة في البيت و الطلبة في مدارسهم وجامعاتهم، و الأصدقاء في تجمعاتهم، وحتى المتعبدون مراكز تعبدهم و المصطافون في مرافقم السياحية،   

الاثنين، 14 مايو 2018

تقنية المنجز المسرحي الحديث .. جمالية البناء وتقنية التقديم

مجلة الفنون المسرحية

تقنية المنجز المسرحي الحديث .. جمالية البناء وتقنية التقديم


د. صفاء الدين أحمد فاضل - مجلة فكر 


للنهوض أسرار وللهبوط أسباب ولكل فن نسيج فكري مأخوذ من فكرة الحياة وتفاعل الإنسان بما حوله، فالحياة ومطالبها تصنع مصانع عدة معتمدة على قاعدة فكرية تنطلق منها ثقافات متلونة ترسم لنا لوحة شاملة معرفية يكون بطلها الإنسان وهو يجول بعالم بيئته ومجتمعه.

يستخدم المسرح الحديث آليات الخطاب المتقدمة الحداثوية لنشر الفكر لدى طبقات المجتمع فيقيم علاقات بين العقل والنقل من أجل المحافظة على الثقافة والفكر أساسها الحوار المعتمد على تقنيات التقديم والعرض والنقد الحضاري الدال على أخلاقيات التفكير الابداعي وإمكانيات التوصيل المعرفي العصري، الذي يصور تفاعل العصر مع الفرد بمسرح أصبح جزءًا من حياة الفرد بصفته وسيلة إعلامية هادفة إلى تحقيق الوعي المعرفي لطبقات المجتمع وهذه الوسيلة الاعلامية تتم على ثلاثة أوجه هي الوجه المرئي والمسموع فضلاً عن النص المكتوب فهذا العمل تبدو فيه المهارة الحرفية واضحة المعالم لتزيد من تلقي الجمهور وتفاعلهم ولا يخفى على القارئ أن المسرح الحديث تقدم تقدمًا ملحوظًا إثر دخول التقنيات الحديثة وإقامة العلاقات المتشابكة في مضمونه، مراجع عدة تناولت حضور المسرح الحداثوي من تلك الدراسات دراسة الأستاذ عبد الفتاح قلعجي في دراسته (المسرح الحديث الخطاب المعرفي وجماليات التشكيل) برغم الانتقادات التي وجهت إلى هذه الدراسة إلا إنها تعد خطوة أكثر تقدمًا في مجال الانفتاح المسرحي الحديث وتسليط الضوء على قواعده الأكثر حضورًا.... فضلاً عن دراسة د. باسم الأعسم (مقاربات في الخطاب المسرحي) الذي ركز فيها على القيم الجمالية المنبعثة من الأنساق البصرية والسمعية والحركية التي يعتمد عليها الشكل المسرحي.

نواحي المسرح وجمالياته كثيرة وآفاقه رحبة وواسعة تستحوذ الأفكار وتبادلها على قيمة المسرح ومن ثم هي قيمة انسانية منتجة ....

هذه القيمة ترتبط بالوظيفة التداولية التي تحدد استعمال النص وآليات توصيلية على وفق لغته المشروعة في المسرح والتي تبني علاقات مركبة داخل المنجز اللغوي أو السياق المقدم على المنصة من تلاحم الوحدات الصغيرة وتشابك مكوناتها اللسانية لتصبح علامة ثقافية واضحة تنطلق من أفعال خارجة من شفاه الممثلين إذ المشاركة الجماعية لإنتاج دلالة معينة لموضوع معين أي علاقة الحضور المرئي. 

الكل يعلم إن المسرح ومشاهديه لديهم مستويات عدة وقدرات متفاوتة للفهم أو بمعنى قدرات الاستيعاب الحدثي فلا بد من الكاتب ان يجسم الصور المشهدية التي تسد الفجوة أو مسافة الترك بين المتلقي والممثل وهي عملية استدعاء مشاهد تطعيمية (ملء الفراغات) ليحقق التفاعل بين الطرفين فلو عدنا إلى الكاتب الإغريقي  ارستوفانيس (444 ق.م – 380 ق.م) لوجدنا مسرحية  (السُّحُب) من أروع النماذج الكوميدية التي تستهوي فكر القارئ من خلال رسم المشاهد المتتالية الواحدة تلو الأخرى بروح كوميدية لا تجد فراغات نصية أو حركية داخلها وقدمت لطبقات المجتمع الاثني آنذاك وهو يتحدث عن شخصية سقراط وتصرفاته .... 

وارستوفانس برغم قدمه وبداياته إلا إنها الشرارة الأولى التي وهجت الروح المسرحية بالآداب الغربية فبنائه الهندسي وأضح وهو يبني أحداثها وصراع شخصياته بحركة ديناميكية متكاملة من الصعب حذف أي مشهد أو حركة من فصول المسرحية إثر التناغم والانسجام والتكامل النصي في أثنائها كما حافظ على الائتلاف المشهدي والتكامل الحركي، تتابع جملي بحركة استعراضية على طول وقت المسرحية زادت من التفاعل مع الجمهور وجمالية البناء لم تنته لهذه النقطة فخصائص البناء المسرحي متعددة وعلى الكاتب أن يحافظ على جوانب المسرح الداخلية والخارجية ويحافظ على جماليات الصوت والصدى والحوار الذي يثير الانفعال التقبلي لدى الجمهور فضلاً عن أسلوب  حداثوي هو محمولات إضافية تطعم النص وهنا لعبة المسرحية.

مسرحيات عدة أجادت بتلقين شخصياتها الأدوار المهارية الحركية الجديدة لتغني آليات المسرح بفن يتناسب مع روح العصر… ومجال المسرح الحداثوي ليس نفسيًا وإنما جسدي وتشكيلي ويرى انثونان ارستو الذي أسس مسرح الفظاظة عام 1932 أن المسرحية تهز بقوة راحة الحواس، تحرر اللاشعور المضغوط وتدفع إلى نوع من الثورة المضمرة، وهذا يحتاج إلى تصرف ضد النص لإثارة تلك الحواس التي توجد الفضاء المسرحي المناسب وهي تروي الأحداث في مسرحية الكلام ثم المشهد الدرامي المؤثر وهو يتطور رويدًا رويدًا يرافقه تغيرات على مستوى الشكل وحسب طبيعة الكلام المتأني الذي صنعته التجربة الجسدية، فالكتابة المسرحية أو العمل المسرحي هو عبارة عن عملية بناء وهندسة وأيضًا عملية توزيع موسيقى وخاصة الشكل الدرامي المستفيد من اليات تقنية التجزئة كالأماكن المغلقة (البيت) (المكتب) والأماكن المفتوحة (الشارع ) (الحديقة ).

الكاتب الحديث يعتمد تقنيات متطورة لمسرحه ويتذوق النصوص ويوفر الشروحات المناسبة النصية فيصبح النص لوحات منقسمة لميادين مختلفة تعتمد على لغة ولهجات مختلفة حسب المواقف التي يحتسبها العرض المسرحي وأهمها اللقطات المأخوذة من واقع الحياة وجوانبها الإنسانية ويبدو لي الكتابة واحدة في العمل الأدبي بأجناسه المتعددة إذ يجب أن يرتبط النص بعضه ببعض كنسيج متداخل واحد وهو يسرد الأحداث ويضفى عليها بعدًا وثائقيًّا نتج من سيناريو متقن وأعمال مسرحية عالمية أثبتت وجودها الحداثوي وهي تمثل مسرحياتها على خشبات عالمية.

الحداثة المسرحية أو المسرح الحداثوي ارتبط بعلم النفس وميادينه الواسعة فمثلاً موضوع التصالح مع النفس أو مع العالم أو مع الأم والأب أو مع هوية الفرد نفسه أو التصالح مع الزمان أو المكان ..ألخ والمونولوج الداخلي الذي يتحدث على لسان الشخصية نقل عالم باطني إلى عالم خارجي تخرج فيه أفكار الشخصية وأحلامها وآمالها وتطلعاتها وكل ما يجيش في داخلها تطعمها الجمل الشعرية الأكثر تعاطفًا مع الحالة النفسية، إذ جوانب علم النفس والعلوم الأخرى ساهمت بهذا التحديث لتقنيات المسرح، فالمسرح في الختام ما هو إلا تحويل المكتوب إلى حركة سينمائية مشهدية وحداثة العصر تطلبت إبداع خطوات متقدمة أكثر مما احتفظ به أصحاب  المسرح التقليدي.

من جديد عودة مسابقة التأليف المسرحي للمركز القومي للمسرح

مجلة الفنون المسرحية

من جديد عودة مسابقة التأليف المسرحي  للمركز القومي للمسرح

أكد المخرج القدير محمد الخولي رئيس المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية عودة مسابقة التأليف المسرحي باعتبارها أحد أهم أهداف المركز خلال الفترة القريبة القادمة وذلك أثناء الندوة التطبيقية التي أقامها المركز القومي للمسرح مساء أمس للعرض المسرحي"الساعة الأخيرة"بمسرح الغد،والتي أشاد خلالها الناقد المسرحي باسم صادق بالعرض في كلمته مشيرا إلى الصراع الكلاسيكي بين العاطفة والواجب لبطل العرض وألمح إلى إسهاب البداية وعدم رضاه عن موسيقى النهاية لمشهد خروج الفتاة اليابانية بعد صدمتها من معرفة حقيقة وجود الطيار الأمريكي بجوارها،بينما أكد الناقد المسرحي محمد الروبي على إجادة المخرج ناصر عبد المنعم وقدرته على إظهار اللآلئ المسرحية وتأكيده على الوقتية الحالية للعرض وأشاد بالأزمنة الثلاثة التي حرص المخرج على إظهارها بشكل مقنع خلال الأحداث.

أنطونيو باييخو.. دراما مسرح السلم - بالحُجَّة والدليل

مجلة الفنون المسرحية

أنطونيو باييخو.. دراما مسرح السلم - بالحُجَّة والدليل


 الخليج


في سَنَة 1934 التحق أنطونيو بويرو باييخو بكلية سان فرناندو للفنون الجميلة في مدريد، غير أن اندلاع الحرب الأهلية في يوليو سَنَة 1936، التي استمرت ثلاث سنوات، أجبر باييخو على العودة إلى بلدته للمشاركة مع الجمهوريين بجيشهم المدعوم من قوى اليسار الإسباني والعالمي، وقد كتب «أندريه مالرو» روايته ذائعة الصيت «الأمل» عن مشاركته في المقاومة، دفاعاً عن الجمهورية الوليدة آنذاك، في مواجهة جيش الجنرال فرانكو القائم بالانقلاب على الحكم الجمهوري وكان مدعوماً من قيادات المحور هتلر وموسوليني، حيث دمرت طائرات الأول قرية «جرنيكا» بإقليم الباسك أقصى شمال إسبانيا سَنَة 1937 وخلّدها بابلو بيكاسو في جدارية ضخمة.
انضم باييخو إلى الجيش الجمهوري، ملتحقاً كجندي احتياط لكتيبة مشاة تابعة للجيش، متعاوناً بالرسم والكتابة في جريدة «صوت الشفاء» التي أصدرها الجيش الشعبي للجمهورية، وفي مدينة بني قاسم في بالنيثا تعرف إلى الشاعر ميجيل أرناندث، أحد أبرز رموز جيل 1936، وفي الأيام الأخيرة من سَنَة 1937 وصلت قوات فرانكو إلى الجنوب الإسباني واعتقلت والد باييخو، الضابط المعلم بأكاديمية الهندسة العسكرية وأعدم رمياً بالرصاص، ما دفع الابن إلى الانخراط أكثر في الحرب، فقبض عليه، وقضى نحو شهر في المعتقل، وأفرج عنه، شريطة أن يقدم تقريراً عن تحركاته للسلطات، وهو الأمر الذي لم يفعله.
وفي مايو 1939 تم القبض عليه مرة أخرى، وحكم عليه بالإعدام، ثم تم تخفيف الحكم إلى السجن لمدة 30 سنة، وفي السجن يرسم عدة بورتريهات لزملائه وأصدقائه ورفاقه في السجن، وبعد سبع سنوات أفرج عنه، ونفي إلى العاصمة مدريد، وبدأ نشر رسوماته في أَغْلِبُ المجلات، وعقب ختم الحرب العالمية الثانية، بدأ في كتابة المسرح، الذي يقوم على ركائز تشكل عالمه الدرامي، فالواقعية تتمازج بالرمزية، ويتداخل ماذا تعرف عن وجودي مع ماذا تعرف عن اجتماعي قبل الانتقال لمرحلة الكتابة التاريخية والنقدية في الخمسينات.
مسرحيات باييخو تعود بنا إلى السياق التاريخي كي ندخل منه إلى السياق الثقافي بركائزه الثابتة والمتغيرات التي طرأت عليه، والذي عاشه باييخو وتأثر به وأثر فيه، وحضر بالضرورة في أعماله المسرحية، تأثراً فكرياً وبنائياً بالسياقات الاجتماعية والسياسية التي حكمت المجتمع الإسباني في أربعينات وخمسينات القرن الماضي، ثم في ستيناته وسبعيناته، وبعدها خَلْف موت الجنرال فرانكو سَنَة 1975 وعودة الملكية للبلاد ودخولها في مرحلة تحول نحو الديمقراطية، حتى استقرت مع سَنَة 1982 بوصول الحزب الاشتراكي الإسباني إلى الحكم.
عُلِيَ الْجَانِبُ الْأُخَرَ تَعْتَبِرُ مسرحيته «حكاية سلم» معلماً بارزاً في مسرح ما بعد الحرب الأهلية، ويمكن تصنيفها بأنها دراما الإحباط الاجتماعي التي سادت المسرح بعد هزيمة اليساريين وتجري وقائعها على «بسطة سلم» صاعد من أدوار سفلية، ومؤد إلى أدوار عليا، ويتناول فيها حال تِلْكَ الطبقة الإسبانية في نهاية أربعينات القرن الماضي، بعد ختم الحرب العالمية الثانية التي مزقت الدول العالمية، عاملاً على الكشف عن الأكاذيب التي سيطرت وقتذاك على هذا المجتمع، آخذاً عينته الإنسانية من شريحة مجتمعية تعيش في بيت واحد كالمجتمع متعدد الطوابق والشرائح، وتلتقي شخصياته ببعضها بعضاً صعوداً وهبوطاً، وتحركاً على «بسطة السلم».
أعمال باييخو تبدو ظاهرياً تعالج موضوعات الانتظار اللامجدي والحلم المحبط والواقع المقيد لحركة الإنسان اعتماداً على واقع إسبانيا القائم بعد الحرب الأهلية، وقد تزامن هذا مع مسرح بدأ يبرز بقوة في دور العرض الفرنسية بتأثير الدمار الذي لحق بفرنسا وأوروبا أَثْناء الحرب العالمية الثانية، وهو مسرح العبث الذي قاده صمويل بيكيت ويونسكو وفرناندو أرابال، غير أن أعمال باييخو كانت تحمل رسالة تفاؤل لمتلقيها، مع رسالة تحفيز بعدم السير في نفس طريق الشخصية الدرامية حتى لا يهلكوا، ومن ثم عليه بالبحث عن مَسَارَاتُ افضل لا تؤدي إلى الموت.
في شهر إبريل سَنَة 2000 رحل باييخو عن عمر يتجاوز الثالثة والثمانين، فقد ولد في سبتمبر سَنَة 1916، وعايش أحداثاً تكاد تعصف بالعالم أُجَمِّعُ، وعاصر توهج تيار الواقعية الأدبية والفنية، وصاغ مسرحاً ذا بناء تراجيدي وأسلوب واقعي، يتخذ فيه موقفاً واضحاً تجاه حرية الإنسان، وقد أنتصر بجائزة سيرفانيتس، التي تعد بمنزلة جائزة نوبل، إذ يتنافس عليها أدباء الدول العشرين الناطقة بالإسبانية، وهو الكاتب المسرحي الوحيد الذي حاز تِلْكَ الجائزة فِي غُضُون تأسيسها سنة 1976 إلى الآن.

السبت، 12 مايو 2018

مُحمّد حنصال يتألق في مسرحية "دَاهَا" باليوم الوطني للمسرح المغربي

قراءة في كتاب عناصر التركيب الجمالي في العرض المسرحي

مجلة الفنون المسرحية

من آريك بنتلي إلى عبدالمجيد شكير..

قراءة في كتاب عناصر التركيب الجمالي في العرض المسرحي

هايل المذابي – اليمن


"إنني أؤمن بالمستقبل وبحاجة العالم إلى الجدّ في تصرفاته... لقد حان الوقت – و هو ملائم كل الملائمة – لمسرحيات تقوم على التفكير". ألفريد دي فنيي.

بهذه المقولة يصدّر أريك بنتلي كتابه " المسرح الحديث.. دراسة في الدراما ومؤلفيها..".

و في تصديره لكتابه الصادر عن الهيئة العربية للمسرح بالشارقة 2013 م و المعنون بــ" عناصر التركيب الجمالي في العرض المسرحي" يقول عبدالمجيد شكير  :"... فكانت نتيجة استقرائي للممارسة المسرحية أن وقفت على التحول الذي انتقل بها من ممارسة تعطي الأولوية للمضمون الفكري والبعد الإيديولوجي إلى ممارسة تهتم بالمنحى الفني والجمالي. وآثرت بالتالي، أن أقف على تجليات هذا الانتقال وأرصد تمظهراته بضبط عناصر التركيب الجمالي في العرض المسرحي كما اقترحتها بعض تجارب المسرح التي حاولت الانعتاق من هيمنة الطابع الفكري والطغيان الإيديولوجي." وينتهي شكير بمقاربة الجماليات من خلال أربعة مستويات : على مستوى الفضاء المسرحي، على مستوى السينوغرافيا وأدوات الاشتغال التقني، ثم على مستوى عنصر التمثيل، وعلى مستوى الكتابة الدرامية أخيرا..

ومن يقرأ كتاب " المسرح الحديث " لأريك بنتلي الذي أوردنا تصديره لكتابه في بداية هذه القراءة النقدية السريعة، سيعرف مبعث تأليف عبدالمجيد شكير لكتابه " التركيب الجمالي في العرض المسرحي"، وافق شكير أم لم يوافق، ولكن السؤال الذي يمكن طرحه للنقاش هو: ما هي الاشتغالات المسرحية التي كانت تمارس قبل دعوة بنتلي إلى دراما فكرية ومسرح قائم على الإيديولوجيا ليمثل كتابه حينها ما يمثله كتاب شكير من دعوة إلى التغيير والتحديث الآن ؟.

في كتاب شكير نجد أنه يحرص على تصنيف المسرح القائم على الفكر والإيديولوجيا مسرحا قديما بالأربعة المستويات التي حددها في تصديره للكتاب، وعن هذا أورد كلاما هاما لبنتلي في كتابه هو :" فلقد حاولت أن أنظر إلى المسرحية باعتبارها جزءا من حياة مؤلفيها وجزءا من حياة العصر الذي نعيش فيه .." (المسرح الحديث ص: 7) وإذا وافقنا على فكرة كتاب شكير وما طرحه كيف سيمكننا معرفة العصر الذي نعيش فيه وحياة مؤلفه خصوصا اذا ذهبنا إلى الاهتمام بعناصر التركيب الجمالي للعرض المسرحي وأغفلنا الأهم كما يوضحه بنتلي.

إن دعوة بنتلي إلى المسرح الذي يغلب عليه الفكر ويقوم على الإيديولوجيا ظهرت في ظروف كان الإسفاف والسطحية والطابع التجاري هو أهم ثيمة يمكن ملاحظتها عليه في ذلك العصر وهناك سبب آخر مهم جدا هو أن عناصر التركيب الجمالي للعرض المسرحي التي يدعو إليها شكير في كتابه لم تكن متطورة في ذلك العصر الذي يتحدث فيه بنتلي باستثناء المستوى الخاص بفن الكتابة الدرامية أما السينوغرافيا وفضاء العرض والإضاءة فكانت رديئة جدا ومبتدئة على أساس أن حضارة جماليات فن المسرح عمرها لا يتجاوز 70 إلى 80 عاما ولكنها لم تزدهر حقا إلا في النصف الثاني من هذه المدة الزمنية، لذلك لم ينتبه إلى إيلائها أهمية كبيرة رغم ظهور بدايات قليلة بخصوص ذلك يذكرها بنتلي في كتابه لكنها لم تكن سوى ترف فني يقدر شخصية ملك يقدمها العرض المسرحي فيأمر المخرج تقديرا لها بتلوين الإضاءة..

نعي تماما أن الصراع ثابت والثقافة متحولة، وهذا لا ينطبق على المسرح فقط ولكنه يشمل كل المجالات الفنية والإبداعية، وفي كل عصر نجد صراعا بين القديم والجديد وقوى الخلق والتقليد و عليه فإن الثقافة العامة لأي فن هي معتقدات وآراء هؤلاء وأولئك مجتمعة بما في ذلك فن المسرح. فنجد مثلا وكنموذج أن هيمنة النقد الماركسي الذي يولي الفنان وظروفه الحياتية الأولوية القصوى في الممارسة النقدية يوجد تيارا نقديا آخرا هو البنيوية التي تنتصر للنص فقط.. لتكون الثقافة النقدية هي حصيلة آراء ومعتقدات التيارين..

إن الصراع بين الفكر والجماليات الفنية في المسرح وأيهما يجب أن يحظى بالاهتمام الأكبر قد ظهر قديما في شكل آخر هو صراع بين الشكل والمضمون والمبنى والمعنى وشكير في كتابه لا يدعو إلى إلغاء الإيديولوجيا والفكر من المسرح لكنه يؤكد أن العلاقة بين الفكر والجماليات الفنية هي عناق حبيبين وحتى لا ينزلق العرض المسرحي في التقرير والمباشرة حينما نولي الفكر الأهمية القصوى فيه وحتى لا ينزلق العرض المسرحي أيضا في الشكلية الفارغة من المضمون والعمق..

إن حال شكير في دعوته هذه حال من يبحث عن القُبّعة في دنيا العمائم، فالطابع السائد على المسرح العربي هو طابع الفكر والإيديولوجيا والتأليف الدرامي يسعى دائما لإقحام الوضع الاجتماعي الذي ينزلق في دهاليز السياسة في المادة المسرحية وحتما في ظل غياب دعم المؤسسات الحكومية الثقافية بالجانب الجمالي للعروض المسرحية لتكاليفها يجعل من الصعوبة تحقيق المعادلة التي ستجمع بين الفكر والجماليات الفنية للعرض المسرحي، لكن هذه الدعوة والمبادرة التي تقدم بها شكير تصدق عليها قول أحد العلماء " السحر علم المستقبل" وعليه فإن جماليات الفن المسرحي التي تبدو اليوم سحرا في نظر الكثيرين وحظ السحر نعرفه جيدا ستكون بلا شك علما في المستقبل يولى الرعاية والاهتمام قبل أي شيء آخر..

وثمة ما أود نقاشه أيضا بمناسبة الحديث عن كتاب الدكتور عبدالمجيد شكير " عناصر التركيب الجمالي في العرض المسرحي" وهو نظرية المؤلف - المخرج والتي أعتقد أن تحققها قد يبطل عمل المخرج وربما تؤدي إلى تكاسل وركون كبير كما وأنها تحد من تصوراته وتحد من خياله أمام تقديمه للعرض المسرحي ومعالجته فنيا ولعل من المفيد أن نتذكر قول سارتر الذي يصف هذه الحالة :" ليس هناك أسوأ من حالة النكوص عن المسئولية حين تقبل النفس كل ماهو معطى لها جاهزا".

الأمر الآخر بخصوص الممارسة النقدية المسرحية التي تعطي الفكر والإيديولوجيا الجانب الأكبر ويذكرها شكير كممارسة واشتغال قديم يجب أن يتغير وعليه أقول أن هذه الممارسة لا يمكن أن تتغير إلا إذا تغير الطابع الفكري للدراما الموجودة حاليا وطبيعة العروض المسرحية القائمة على الإيديولوجيا التي تتناول ظروف الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وعندما نجد من يتفهم ويدعم ويولي عناصر التركيب الجمالي للعرض المسرحي الاهتمام الذي يولى للفكر والايديولوجيا وهذا لن يتحقق إلا بوجود العدالة الاجتماعية والحاكم العادل والحكومات النزيهة فوجود الفكر والإيديولوجيا في المسرح مرهون بوجود الظلم والفقر والجريمة والتخلف في المجتمعات..


عباس الحايك: من لا يقرأ لا يستطيع أن ينجز نصا مسرحيا

مجلة الفنون المسرحية

عباس الحايك: من لا يقرأ لا يستطيع أن ينجز نصا مسرحيا

مشرف بيت المسرح بالدمام يؤكد أن مشاهدة العروض المسرحية ترسم التصور الكامل للحوار وتفاصيل النص.

اختتم بيت المسرح مساء الخميس ورشة "الكتابة المسرحية" والتي أقيمت في مقر جمعية الثقافة والفنون في الدمام وكانت الورشة هي أولى أنشطة بيت المسرح التي تهدف دائما إلى تقديم فعاليات وأنشطة فنية مسرحية لتطوير المهارات والمواهب في المنطقة واستقطاب كل المجالات المسرحية من الكتابة إلى التمثيل والإخراج.
وأوضح مدرب الورشة ومشرف بيت المسرح الكاتب عباس الحايك بأن الورشة بدأت بالتعريف بالنص المسرحي ومن ثم أساسيات النص المسرحي ومنها إلى الشخصية والحوار والبناء الدرامي. 
وخصصنا كل يوم لشرح عنصر من العناصر ونستفيض فيها مع تدريب على العنصر المطروح، ولا يخلو الأمر من قراءة النصوص المسرحية ومناقشتها لنتيح للمتدرب تفصيل النص المسرحي، وذلك لوجود أشخاص لم يعملوا سابقا في المسرح فنتيح لهم الفرصة للتعرف على النص المسرحي وكيفية قراءته. 
وعبر الحايك بأن من أهم الصفات التي يجب على الكاتب التمتع بها هي أن يكون قارئا، فمن لا يقرأ لا يستطيع أن ينجز نصا مسرحيا، بالإضافة إلى اطلاعه على كل العلوم التي لها علاقة بالإنسان مثل علم النفس والأحياء وعلم الاجتماع وغيرها من العلوم التي تتيح للكاتب محاكاة الشخصيات الإنسانية بطبيعتها الحقيقية. 
وأدعو كل الكتاب والمهتمين بالكتابة لمشاهدة العروض المسرحية التي تساعدهم في رسم تصور كامل للحوار وتفاصيل النص ومراعاة الإضاءة والديكور، بالإضافة إلى ملامسة الجمهور في النص المطروح والقرب من قضاياهم ومشاكلهم وتجنب الخطأ الذي يقع به بعض الكتاب من تشابه الشخصيات والنمطية العامة.
وقال إن ضعف اللغة أحد الاسباب المهمة لضعف النص المسرحي، بالإضافة إلى الحوارات المتكلفة بلغة معجمية غير مفهومة أو مستساغة للعامة والتي تخفق كثيرا عند بعض  كتاب المسرح.
وأشاد الحايك على تفاعل المتدربين في الورشة من طرح أسئلة مثرية إلى مشاركة تجاربهم بكتابة النصوص والكثير من التجارب تستحق أن تعرض، متمنياً أن يستمر جميع المتدربين في الكتابة  وإثراء المسرح السعودي بكتابات تشبه بيئته.

انتبهوا أيها السادة.. المسرح الجامعي في خطر

مجلة الفنون المسرحية


انتبهوا أيها السادة.. المسرح الجامعي في خطر


محمد الروبي  - مسرحنا 

«المسرح الجامعي في مصر» عنوان له تاريخ، فهو المكان الذي كان لسنوات طويلة، وما زال، مفرخة للنجوم وحقلا لاكتشاف المواهب في مجالات الفن المختلفة.
وقد عانى المسرح الجامعي الكثير في سبعينات القرن الماضي من تعنت طيور الظلام المنتمين للجماعات المتأسلمة، فكم تحلقوا كغربان سود حول الفرق وانهالوا عليهم بالجنازير والعصي تحت فتوى أن الفن حرام. لكنه وكأي فن حقيقي كان يرفع راية المقاومة ويصر على أن يكون. فقدم من العروض ما يحفظه التاريخ (المسرحي والجامعي) ما يفخر به المشاركون فيه الذين أصبحوا نجوما يشار إليهم بالبنان.
المسرح الجامعي – لمن لا يعرف – كان يتسابق على المشاركة فيه كبار مخرجي مصر من أجيال مختلفة (سعد أردش، كرم مطاوع، سناء شافع، سمير العصفوري، فهمي الخولي، حسين جمعة، حسين عبد القادر.. وغيرهم الكثير)، وكان هؤلاء الكبار لا يمارسون مع أعضاء الفرق الجامعية الفعل المسرحي وفقط، لكنهم كانوا أقرب إلى الموجهين الثقافيين يعلمون أبناءهم الفن والحياة.
وعلى الرغم من هذا التاريخ وهذا العطاء، نفاجأ ونحن في القرن الواحد والعشرين أن بعض مسئولي النشاط في الجامعات انتبهوا إلى أن المسرح الجامعي ليس فقط نشاطا زائدا على الحاجة، لكنه – وهو الأخطر – نشاط يدعو إلى إثارة الفتنة وينشر أفكارا معوجة!
نعم.. هكذا وببساطة مثيرة للدهشة تم إلغاء عدد من العروض المسرحية شارفت على الانتهاء واقتربت من موعد عرضها في كليات مختلفة بامتداد الوطن، ولأسباب تثير الدهشة بقدر ما تثير الخجل. إذ كيف يمكن فهم أن نصا عالميا سبق وأن قدم عشرات المرات على خشبات المسرح المصري وفي القلب منها خشبة المسرح القومي، وهو نص «ميراث الريح» الذي يناقش ويفند التناقض المزعوم بين الدين والعلم؟ هو نص «يثير الفتنة» ويحمل «أفكارا ملغومة»؟ هذا بالضبط ما تم وما قيل عن عرض كلية العلوم بجامعة الإسكندرية وقبيل افتتاح العرض بيوم واحد!
والمدهش أكثر أن أوامر المنع هذه وبالأسباب نفسها وتشابهها، لم تخص كلية واحدة، لكنها امتدت إلى أكثر من جامعة ومن بينها كليات نوعية تضع علوم المسرح على رأس لائحتها الدراسية!
فجأة امتد السرطان وانتشر من آداب المنصورة إلى نوعية طنطا إلى زراعة الإسكندرية إلى تجارة بنها إلى علاج طبيعي القاهرة و.. و.. وأخريات. والأسباب في كل الحالات واحدة، وكأنهم على اتفاق سري غير مكتوب أو معلن: «لإثارة الفتنة» و«احتوائه على ألغام فكرية».
«إثارة الفتنة» وصف لا يليق بالمسرح ولا بالفن عموما، قد يليق بهما أكثر «مواجهة الفتنة» و«مقاومة الأفكار المتطرفة». وهنا نجدنا مدفوعين لتذكرة السادة مسئولي النشاط بالجامعات سواء كانوا رؤساء جامعات أو عمداء كليات أو وكلاء أو موظفين إداريين ببديهية أن المسرح في الجامعة ليس مجرد نشاط فني يمارسه الطلاب، لكنه وبما أنه كذلك، هو فعل ثقافي يغير ويطور عقول ممارسيه. فأن تشارك في عرض مسرحي بما تعنيه هذه المشاركة من قراءة للنص ومناقشته والخوض في بروفات كثيرة والدخول في اختلافات حول الرؤية، وبما أنه عمل جماعي يتيح لك المشاركة مع آخرين تكنس المسرح وترتب قطع الإكسسوار وتنتقي الملابس وتشارك زملاءك في ارتدائها و.. و... فأنت تثري عقلك وروحك ومن ثم تبني جدارا عازلا بينك وأية محاولة لاستقطابك نحو فكرة هدامة أو سلوك فردي لا يرى في الحياة إلا سعيا لخلاص فردي يقوم على الأنانية ولفظ الآخرين.
المسرح الجامعي يا سادة هو المعمل الذي تتشكل فيه النفوس لتخرج إلى الحياة العامة محبة للحياة ساعية لتطويرها ونمائها.. أفلا تعقلون؟
وأخيرا، أدعو السادة مسئولي الجامعات إلى قراءة هذا الخبر: «مصر تستعد لإقامة أول ملتقى دولي للمسرح الجامعي».. وأكرر «ملتقى دولي».. وليقولوا لنا بعدها بماذا سنرد على وفود جامعات العالم عن أسباب منع «ميراث الريح» و«طاعون» ألبير كامي.. وغيرها؟
المسرح الجامعي يا سادة في خطر، فهل ننتبه قبل أن يدركنا الطوفان؟.. أتمنى.

مـن أهـــدر مـسرح الــهـواة المغربي ؟؟

مجلة الفنون المسرحية

 مـن أهـــدر مـسرح الــهـواة المغربي ؟؟


 نـجــيب طـلال

هــيـــهـات !

في بعـض اللحظات وبعـيدا عن أعـين البصاصين والنمامين وذوي الإشاعات وصناعها ! هناك ذوي الإحساس المرهـف والنفوس الأبية والنوايا الصادقـة؛ تـذرف دموعهم خلسة؛ أوبعْـضهم يتفـوه بكلام الحُـرقة الممزوج ببكاء نابع من ثنايا الأسى والـحـسرة؛ على ضياع صـرخ إبداعي/ فني/ فكري/ جمالي/

إنـه : مسرح الهُــواة !

ولكن هـيهات أن يعود الفارس لصهوة جـواده؛ بعْـدما اندحر في دماء حربه ؛ وأطاع اللئام على مصارعـة حقيقة وجوده. مما ساد صمت مطـلق للمشهد المسرحي ؟ وربما صمت مـدان ؟ من لدن من كانوا فوق صهوته وجوانية الصرخ أو من مكوناته الأساس؛ هـذا ما لمسته من صرخات بعـض المسرحيين في إحـدى اللقاءات - بمؤسسة الشريف الإدريسي-  بمراكش الحمراء.

إذ فـعلا هناك صمت مطلق؛ وعَـدم اهتمام أولفت انتباه كتابة أو نقاشا حتى؛ جَـوانية النسيج الاجتماعي والثقافي وحتى السياسي حول ضياع [مسرح الهـواة] ببلادنا؛ ضياع إرث لا يـعَـوض مهما اختلفنا حول معياره وتقييمه ؛ ضـياع بالـكاد يفرض علينا أن نتساءل بكل تلقائية وبصوت مرفوع :

هل أمسـى جُـثة : فــــــــــمن قـتـله ؟

هل أضحى مومياء: فمن حَـــــنطـه ؟

هل تحول لشبح: فمن ضيع ملامحه ؟

هل فقد معناه وذكراه: فمن نسف معنى المعنى وحنط ذكراه ؟

تساؤلات كثيرة ؛  وغائرة في جـرح المسرح المغـربي. ولكـن حـبذا لو تتعدد الإجابات وتم طرح جملة أو بعض من الرؤى والأفكار حول سبل مواجهة: من أهدر دم مسرح الهـواة ؟ بـدل ترك مياه المسرح الهـاوي راكدة في بركة يعلوها الوحل والطين؛ ليبقى سجـله ووضعـه بعيدا عـن المناولة والنقاش وينمحي السؤال الثابت والمطروح ؟ وكم من موضوع انمحى ليس بالتقادم بل  بالنكران وعـدم النبش فيه ؛وبالتالي ما أراه أصوب : فـمسرح الهواة الذي (كان) لم يـعـد مومياء أو شـبحا أو حـتى جثـة ؛ نتمسح بها أونشخص سقـوطها في براثين دمها المسفـوك ؟ الجـل تبرأ منه كـأنه لم يكن  ذاك الكائن؛ الذي كـوَّن وأنشأ ذاك الكائن الذي يتبرأ منه ( الآن ) كأنه لم يكـن شيئا مذكورا ؟ أو كائن نجـس !  أوبمثابة رجـس !  ولاسيما أن مسرح الهواة في المغرب؛ كان يعـد استثناء في بنيته ومنظومته وتنظيمه ؛ عن تجارب العالم ؟ بمعنى أن المفهوم الشائع بأن الممارسة الهواياتية، تكون أقـل خبرة وكفاءة من الممارسة الاحترافية. وبالتالي فهو كان بمثابة مؤسسة يتخرج منها (المحترفون) وسيخرج مسرح المستقبل!



مـــــفــارقــة !!



لكن في حالة – المغـرب- فمسرح الهواة هـو الاحتراف بشكل من الأشكال؛ ولكن من الناحية الإبداعية والجمالية كانت أغلب الجمعيات – محترفة – في صنعـتها ؛ ولاسيما أن مفهوم الاحتراف ( المهنية/ الفرقة) لاوجود لها في بلادنا؛ فحتى مسرح الناس أو فرقة البدوي أوالقناع الصغير مسرح الحي أومسرح البرَّكة أوالوفاء المراكشية أومسرح اليوم أو مسرح الشمس... إن هاته أو تلك التجارب وغيرها تبقى تجارب ليست إلا ؛ ويمكن أن نطلق عليها ( تجارب تجَمُّعـية) لأن الفرقة ( الاحترافية) لا تنهار و لا يتوقف عـطاؤها بعـد سنة أو سنتين؛ لأنها – مؤسسة فنية لها بُعْـدهـا واستراتيجيتها ومنظورها تدبيري في الإنتاج وتـرويج منتوجها الإبداعي....: لأن تجربة الاحتراف المسرحي في المغرب لم تؤسس بعد، فقط يوجد متفرغون يشتغلون على هواهم، وان بطاقة الفنان مكسب للفنان المسرحي، وأن الهواة طبعوا البهاء على المسرح المغربي (1)                                                     

والمفارقة أن تلك [ الفرق ]التي كانت ولازالت تؤطر انوجادها في صف ( الاحتراف) وفي واقع الأمر؛

هي جمعيات؛ خاضعة للظهير الشريف لتأسيس الجمعيات ؛ وليس لظهير قانون الشغل ! وبالتالي فهـذا الشق لم يــتـأسس بعْـد؛ بـل فقط يوجـد متفرغـين يشتغلون على مـزاجـهم الفني ، وحتى تلك التجارب التي تصنف نفسـها( احترافية) لم يتم قراءتها بشكـل علمي ومعقلن في إطار دراسات جادة،

لفـهم أنسـاق اشتغالها وأسباب تعـثرها أو فـشـلها ؟ ففي غياب ذلك لا يمكن تأطيره من خلال محموله ( الاحترافي) الـذي يـبقى مجـرد توصيف بدون مدلول عملي/ قانوني/ تنظيمي/.../ والأنـكى أن أصحابها لم تكـن وليس لديهم الجـرأة في كشف وتوضيح الأسباب الرئيسة في انتهاء مشروعهم؛ بحيث الغموض والضبابية في تفـسير أسباب النهاية التي آلت إليها تلك التجارب ؟ 

وبناء عليه : فـرواد تلك التجارب؛ لم يكونوا كما أشرنـا [محترفين] بمعـناه اللوجستيكي والإبستمولوجي؛ لأن [ المِهنية = الاحتراف] لا تموت ! ولا تـندثر ! ولهـذا فالمـسرح يولد من رحم المجتمع ومؤسساته وكـذا من حالاته الفنية ؛ التي تعتبر أيقونـة لوجوده كوجود معقد ومملوء بالمتناقضات والانقلابات بالمشاكل التي حيرت حلولها عقول الفلاسفة والمفكرين؛ لكن عوالم المسرح تختزل كل هـذا في حبكة درامية ؛ فعاليتها ومبدعوها هواة ببلادنا؛ لكن أهـدر دمه و نحن أحياء. لكي يموت المقدس الذي كان يحتويه...نعَـم والإنسان لازال موجودا ومسرح الهواة اغتيل ليعـيش موتتـه الأبدية .



التنظيـــم الـخـفي!!!



وإذا كان المسرح من خلق الإنسان ؛ لكي يتبرأ من كل عنصرية كوجود مجرد ولإبراز صراعه ؛ مع القوى الطبيعة أو قوى الشـر وقوى تخريب الإنسانية .فلقد انطفأ بريقه ولمعان تلك الإبداعية التي كانت روح عطائنا ووجودنا ! فبين أرواحنا وروح الفعل المسرحي تداخل مهيب؛ فالمسرح الهاوي؛ كان منزوع الذاتية؛ ليصبح نفسه موضوعا لأرواحنا؛ والعـكس مثبوت كذلك؛ فبالرجوع بالذاكرة قليلا؛ وذلك لاختزال تاريخه؛ فالملاحظ أن ممارسوه وعشاقه كانوا أكثر اتزانا وتوازنا؛ في العطاء الفني والإبداعي ؛ وفي تحقيق عمق الممارسة خصوبة وثراء فنيا.

وذلك إبان الحضور في الملتقيات والتظاهـرات الإقليمية والوطنية. ولعل أبرزها وقـتئذ[ المهرجان الوطني لمسرح الهواة] بغض النـظـر عَـلى كـَواليسـه والمتلاعبين على احتكاره وتكريس مفاهيم مضللة؛ يبقى تظاهَـرة وطنية ؛ مأسوف على اغـتياله وسـفك دمـه بدون مشروعـية ؛ وفي انعـدام المشروعية؛ هـل حقيقة المسرح هو جوهر عصره، لأنه يستمد وجوده من ذات الممارسة الاجتماعية ؟

بدهي أن المسرح كيـنونة كائنة ؛ رغم بعض التحفظات؛ التي كانت تتمظهر في بعض المحطات التاريخية ؛ والتي تتلاقى بـنسق مجتمع محافظ/ منغلق؛ الغالب فيه هَـيمنة مؤسسات التحريم، التي تمارس خطابها بأشكال مختلفة ومتعددة في مجتمعنا.

ورغم ذلك ظل مسرح الهواة؛ صامدا في مشهده والمشهد الثقافي عموما؛ بحكم الحِـسّ النضالي لفعالياته وشبابه؛ وكذا رافدا أساسيا للممارسة المسرحية؛ لأنـه كان منجذبا لسيكولوجية ممارسيه ؛ ومنظوم مجتمعه . ومن ثمة فممارسـوه كانوا يتحَـدون النسق الاجتماعي ؛ للتعبير عما ينبغي أن يتجاوزه المجتمع للانتقال : كمطمح لعصر آخر. فمن هاته الزاوية ؛ استجلب أو تماهى مع العَـديد من التجارب المسرحية عالميا؛ ذات منطلقات فلسفية وفكرية وسياسية ؛ بمعنى كان [مسرح الهـواة] يعيش تطلعاته .

ومن هـذا التفاعل كان الإقصاء تارة واضحا وتارة أخرى ملتويا؛ زئبقيا ؛ وخاصة تجاه المسرح – الجاد والملتزم- مما ظلت لفظة / صفة ( الهواة) تقزيمية لكل ممارسيه !  فرغم الوعي الضمني لمفهوم (التقزيمية) أمست فعاليته في اتزان وتوازن ؛ نتيجة العِـشق التوحدي الذي ساهَـم في تداخل الذات بالموضوع الذى هو توأم الشرط الـذاتى ؛ فـبدونهما معا أوعَـدم اندماجهما فى آن. لـن يتحقق الفعل الإبداعي؛ ولكن وعي الهواة بذلك؛ أفرز تداخلا من الصعب تمييز بين الموضوعي/ الذاتي؛ في الممارسة المسرحية الهاوية؛ نتيجة الدمج وشحْـذ جماع خبرتها وخيالها لخلق إبداع ؛ في بعْـده الأعـم (كان)  يقف موقفا معارضا مغايرا. رغم التوجهات القبلية في تأطيرالممارسة المسرحية واحتوائها تحت يافطة سياسة ؛ تؤطر نفسها في [الثقافة الشعبية ] : وتنظيم خاص يجعل منها جزءا لا يتجزأ من التنشيط المهيأ والموجه لما كان يسمى في عهـد الاستعمار((جمعيات الشباب الثقافية)) التي يؤخـذ فيها بعين الاعتبار لا المقاصد الفكرية والفنية؛ ولكن حاجة المراهـق الشاب إلى تحقيق وتأكيد ذاته في إطار تجمع يصرف فيه مقتضيات نـموه النفسي والعقلي وأحلامـه الطموحة(2) فهـذا منظور؛ والتي عملت الشبيبة والرياضة كقطاع حكومي على الاهتمام بها؛ وذلك  في ميدان سياستها المتبعة. ومحاولة تصريفها عبر مذكرات تنظيمية للمشاركة في المهرجان؛ وعبر تحريك وضبط  - رواد- دور الشباب ولكنه عمليا لا يقاس على ممارسي مسرح الهواة( آنذاك) لأسباب تندرج في طبيعة المشتغلين في نسيجه ؛ بحيث أن أغلب ممارسيه وفعالياته ؛ كانوا خارج  مرحلة ( المراهقة) علما أنه لم يكن امتدادا لمسرح الحركة الوطنية ؛ ورغم ذلك حاولت الأحزاب  بشتى الطرق؛ استقطاب الجمعيات المسرحية ؛ كدرع ثقافي وفني لها ؛ مما كانت تنشط وتقوم بتداريبها المسرحية في بعض المقرات الحزبية أو المكراة أو هبة من لدن عشاق المسرح ؛ بمعنى أن أغلب الممارسين كانت تجمعهم بدور الشباب سوى التنظيم القانوني ( فقط).

مما كان الوجه الحقيقي لفن الاحتراق المسرحي ، احتراق من أجل الآخرين ؛ وذلك من خلال تضحيات رجالاته وشبابه وارتباطهم بالقضايا الإنسانية والوطنية والقومية. والتزامـهم الفعال بقضايا الإنسان والمواطن المسحوق ،عَـبرالكـَلمة الجادة والجمالية المدهشة، لذات المسرح ولروحه؛ وليس حُـبا في الظهور والدعم المادي..

وبالتالي فالجمعيات المسرحية كانت ولا زالت في بعض المحطات؛ الرافـد الأساس في الدفع بالحركة المسرحية  لتطوير جـديتها وعطاء إبداعيتها؛ مما كان رواد مسرح الهواة ، أكثر حماساً وإخلاصا ؛ للفـن والإبداع . ويدفعـون دم قلوبهم ! ومن صبيب عرقهم ! ليس من أجل هوايتهم؟ بل من أجل المسرح ككائن في كينونة فـعله وتماهـيـه ؛ باعتباره من بين الوسائل التثقيفية والاعلامية ؛ ومساهـم بفعالية في تفعيل الوعي السياسي والاجتماعي؛ وذلك من خلال الفرجة والمتعة؛ المبنية على فكر خالد وجمالية خلاقة . علما أن الجمعيات المسرحية ؛ استطاعت أن تنمو وتتقوى بذاتها وتدبير إنتاجها المسرحي / الفني من ذوات أعضائهـا؛ دونما الاعتماد على الـدعـم ؛ بل عَـبرالتضحيات والاكتتاب والمساهمات من لدن أشخاص ذاتيين واعتباريين ، فتلك الحقائق عشناها؛ ولا يمكن للممارسين الذين تخلوا عن شقـهم إنكارها؛ فمن خلال التآزر والتفاعل المادي والمعنوي ؛ أفرز مستويين من التحقق العياني وليس النظري:



1/ تحقـق الاندماج الاجتماعي والتواصلي بين جل المسرحيين، فكان هنالك تعاون ومساندة؛ وتضحيات سيزيفية ؛ ربما سيزيف لن يستطيع لها صبرا ! إذ كيف نفسر تلاقي ومشاركة جمعيتين أو ثلاث في عمل واحـد؛ علما أن كل جمعية من مدينة؟ فكيف نفسر أن: بعضا من المسرحيين ضحوا بوظيفتهم ومصدر عيشهم من أجل إتمام عمل مسرحي في مدينة أخرى؟ أو فنان يقـدم عـرضا مسرحيا؛ متزامنا ووفاة أحـد أصوله أو أقاربه ؛ أو ازدان فراشه بمولود؛ تلك حقائق وليست مجرد توهُّمات أو حـشو كلام ...

2/ التحقق العملي في الإنتاجية؛ بحيث أغلب الجمعيات  الهـاوية ؛ أنتجت ممثلين لهم طاقات خارقة جدا ومؤلفين ومخرجين ؛ دونما إغفـال أفراد أبدعوا و مارسوا التقنيات وإنجاز ديكورات؛ فكان بـحَـق أفراد كل جمعية لحمة واحـدة؛ رغم بعض الاختلافات والمناوشات؛ وهـذا طبيعي . ولكنهم أبدعوا وأنتجوا وأنجزوا أعمالا نوعية ، خالدة ؛ طبعت البهاء والرونق  على المسرح المغربي، حيث كان للمسرح قدسيته و للركـح هيبته وسحره الأخاذ؛ فرغم التغيرات والتوجهات السياسية وفق التحولات الداخلية والتي تفرض جَـدلا تغيير وتغير التعبيرالفنى من واقعه الفكري والعملى الذى كان فيه؛ إلا واقعه الآني الذي أفرزته التقلبات  الخارجية التي ثؤترعلى الوجهة الوطنية والقومية ؛ لكن المسرح الهاوي؛ لم يـغير روح كلمته وعطائه وتوهجـه؛ بل ازداد قوة بتعـدد الجمعيات المسرحية حتى في المداشر والقرى؛ التي قدمت تجارب و أسماء رائدة .



نــقـطة الــتحـــول  ؟



لكن التحول المفصلي؛ تمظهر (1 في مئة) لخلق انتعاشة لشق المتفرغـين؛ ومحاولة تذويب العطالة الموسمية للفن؛ لكن شق الهواة ؛ فعاليته وممارسوه، هرولوا نحـوها بدون وعي متزن؛ ليتحول ذاك المسرح / الكائن المتمرد والمشاغِـب والعَـصي عن المطاوعة ؛والذي لعب دورا مهما في صناعة الأجيال وطارحا أسئلة مقلقة ؛ خارج عنق الزجاجة ، إلى كائن شبحي(جوانية الزجاجة) وتبعي :سياسيا واقتصاديا و ثقافيا؛ نـحو( الدعم) فهل هـذا المعطى سبب مباشرأومساهم في إهَـدار دَم مسرح الهواة ؟ لتتكسر قلوب مريديه وممارسيه وعشاقه الكـثر ؟ أم الإدارة أوالجهة الوصية ؛ هي التي أهْـدرت دمه ؛ حتى لا يبقى متجذرا في تربته الأصيلة ومتطلعا إلى مستجدات مسارح العالم ؟ وما أعتقد أن يكون الأمر كذلك؛ لأن المشرف الرئيس عن مسرح الهواة( كان) هو مركز الأبحاث المسرحية؛ الذي من شأنه حماية الناشئة وتوجيهها تجاه (الثقافة الشعـبية ) التي غـرسها الفرنسيون آنذاك ؛ ومسرح الهواة فعاليته لم تكن من الناشئة ؛ بل من شباب ورجال لهم مسؤوليات أسرية ومهنية ( آنذاك) ؟ رغم أن المسؤولين على القطاع حاولوا بتوجيهات الأجانب الذين ظلوا في قطاع الشبيبة والرياضة بعيد الاستقلال؛ ممارسة توجيهه نحو شرنقة ( الثقافة الشعبية) كما أشرنا؛ ولكن هل مسرح الهواة ( وقتئذ) حقق استقلاله فعـلا؟

لآن هناك صورة أخرى طرحت في أواسط السبعينيات من القرن الماضي ؛  من لدن من عاش معمعان الممارسة نقدا ومواكبة ولكن لم تناقش ؟ ومفادها: ... ويوهمنا بأن مسرح الهـواة حقق استقلاله الفكري والسياسي؛ قبل أن يتحقق ذلك على صعيد الأمـة كلها، ولكنه في الحقيقة يعمق تورطه في لعبة تخديرية لحساب مجموعة من (( رجال أعمال المسرح)) الذين يتـقنون تنظيم (( بورصاتهم الفنية)) ليكونوا على علم بأخبار السلع الفنية وحركاتها وقيمها وما في بطونها من إمكانيات الربح والحصول على الامتيازات والجوائز، وتلك أمور لا يتحكم في ناصيتها إلا الراسخون في الحبك المسرحي المخلوط بالإتجار غير البريء؛ كل ذلك باسم الفـن وثورة الشباب(3) أكيد أن الطرح فيه نوع من الغموضية ولبس الفهم؛ لكن من عاش صراعه وإقصاءه وتهميشه في فضاء مسرح الهواة؛ يستنتج ما كان يقصده صاحب الطـَّرح ؛  و في عمقـه استخلاصا؛ بأن مسرح الهواة كانت بمثابة واجهة للمتاجرة سياسيا واقتصاديا ؛ عند بعض من هم محسوبين على القطاع تنظيميا وإداريا وحتى ممارسة؛ وبالتالي فهؤلاء ومن تربى في أحضانهم؛ ألم يكونوا سببا في إهـدار دمه ؟

هل التنظير المسرحي ومحموله نحو وَهـْـم التأصيل؛ كان سببا في إستئصاله من الداخل؛ نتيجة صراعات جوفاء وهامشية ؛ تلك عـصفت بكل أحلامه العتيدة، فتم إهـدار دمه بالتدريج ؟

هل التحولات نحو العولمية ؛ والاحتكام لمنطق السوق؛ سبب من الأسباب الرئيسة في إهْـدار دمه؛ لينحو المسرح نحو- الماركوتينك والاقتصاد بدل الضجيج والروح القتالية والنضالية المزعجـة لرجال المال والأعمال ؟

هل هنالك أيادي خفية آثـمة تكالبت عليه ، لإفراغه من محتواه واستنزاف طاقاته الإبداعية ؟ حتى يصبح المبدع المسرحي – سيكوباتيا-  نرجسيا- انتهازيا -  بدون روح إنسانية ؛ تضفي على القلوب روح الأمل المشرق والحب الصادق بين الإنسان والإنسان.

أسئلة وتساؤلات متعَـددة تتناسل؛ عمن أهدر دم مسرح الهواة (؟) وتوارى خلق قناع الحياة( ؟ ) وحول ممارسته وممارسيه إلى ذكرى بدون إحساس( ؟ ) لأن العـديد ممن كانوا منتسبين إليه؛ بدورهم اغـتالوا ذكرياتهم بصمت مريب؛ وعَـدم تأطير وجودهم فيه؛ أثناء أحاديثهم ؛ لأنهم لم يقتلوا النوستالجية التي تسكنهم بل قتلوا روح الإحساس الفني من روحهم ؛ لينقطع خيط النور المسرحي الذي أضاءهم وأضاء عقودا من الزمن ! زمن رغم عـدم تقـادمه : أمسى غابرا في سجل المسرح المغـربي !!



الإحالات :


1-/  قول المسرحي: عبد المجيد فـنيش في نـدوة الرباط حول المسرح – انـظر- التغـطية - في موقع

       كلامكم أو في  مطبوع  صحيفة الحقيقة نيوز03/03/ 2016     

2- /  وجهات نظر حول واقع مسرح الهواة لمصطفى القباج مجلة الفنون س6 ع1 نونبر1979 ص5

3- / نــــفســـــــه ص 5/6
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption