أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 19 أكتوبر 2014

الملتقى العربي للمسرح بهانوفر.. رحلة ركحية في أعماق نون النسوة / بشرى عمور

مدونة مجلة الفنون المسرحية
الملتقى العربي للمسرح بهانوفر.. رحلة ركحية في أعماق نون النسوة / بشرى عمور

عرضت على خشبة مسرح بافيلون بمدينة هانوفر (شمال ألمانيا) وبشراكة مع مسرح الورشة، وعلى مدار أسبوع (من 6 إلى11 أكتوبر/تشرين الأول الجاري)، ثمان مسرحيات في إطار فعاليات النسخة الثانية للقاء المسرحي العربي والتي حملت تيمة (الربيع العربي- إنطلاقة المرأة).

بوعي متفتح و برهان حاد، استطاع هذا اللقاء أن يسجل نفسه كحلقة تواصل عربي- أوروبي من خلال أبي الفنون، حيث أنه أفلح في تأسيس فضاء مشترك للبوح تارة و للثورة تارة أخرى، حينما أخذ على عاتقه أن يكون جسرا لطموح متباين برؤى متقاطعة تعكس التحولات التي تغيم عن حياة المرأة وتجعلها دوما في حالة تساؤلات (متى وكيف يمكنني أن أعيش كما أريد؟؟). الملتقى حاول تسليط الضوء على بعض الأوضاع التي تعاني منها نون النسوة لكي يعبرن عن تطلعاتهن، احتياجاتهن، أوجاعهن. بحالات مختلفة عبرن عن رفضهن للعنف بكل أنواعه.
بالرغم أن الملتقى يُعني بإبداعات نسوية إلا أنه لم يقصي الرجل، حيث تبنى مبدأ المساواة متجاوزا تصنيف المشاركة بناء على القوة الطرحية للمخرج (ة) و لم يغلق دائرته عن عروض منجزة من طرف مخرجات كحاملات للحساسية النسائية بشكل مباشر، بل تبنى قضايا مختلفة ومتعددة من العروض التي تناقش وضعية المرأة من زوايا مختلفة .
يمكننا القول أن العروض الثمانية (“ليل جنوب” للمخرج ناصر عبد المنعم/ مصر، “ديالي” للمخرجة نعيمة زيطان/ المغرب، “حوارات من المهبل” للمخرجة مارتنا فان بوكسن / ألمانيا، “فيلم أبيض وأسود” للمخرج حاتم عودة/ العراق، “سينديانا” للمخرجة زهيرة بن عمار/ تونس، ” أيام تراقص الليل” للمخرجة سرين أشقر/ لبنان، ” كبوتشينو في رام الله” للمخرجة نولا تشيلتون / فلسطين و ” نساء شكسبير” للمخرج محمد الصادق/ ليبيا) جلها قدمت وفق رؤية كل مخرج وخلفيته الركحية، لترصد بعضا من واقع المرأة و معاناتها من ظلم الآخر، أكان فردا أو مجتمعا ووطأة الاستغلال و الاستبداد و القمع، كمحاولة لمناقشة مواضيع ذات ارتباط قوي بالمعانات والتطلعات التي تجسد الإيقاع الحياتي للمرأة، و تعكس تعايشها في ظل تقلبات الأوضاع الثقافية و الاجتماعية و السياسية.
عروض حملت بين ثناياها صورة مصغرة من بعض العادات و الثقافات لمجتمعين (العربي و الأوروبي)، كل نموذج قدم المرأة أنها مخلوق سخر لطاعة الآخر تسهر على تلبية رغباته و تحقيق أوامره دون تأفف أو معارضة أو حتى إذن. بأنها وسيلة وليست غاية، جرم تشارك فيه الوسط الصغير (الأسرة) وأيضا الكبير (المجتمع) اللذان اتفقا على حصرها في وظائف إجتماعية متكررة و نمطية، تعرقلها للوصول إلى أي مبادرة حرة وأحيانا تكبلها بقيود أفكار متكلسة ونظرات متحفظة أمام كل محاولة من شأنها أن تشعرها بأنها مخلوق حر له أحقية اختيار العيش بالشكل الذي يرتاح فيه وبه. أن يعبر عن ذاته بالطريقة التي تف الغرض المبتغى ايصاله. لا يحصرها لا هوية ولا دين ولا معتقد ولا قيم ولا أعراف.
وتجدر الإشارة أن نواة الملتقى اقتطفت من مشتل المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، الذي يترأس إدارته الفنية، المبدع المغربي الألماني عبد الفتاح الديوري (رئيس الملتقى العربي)، الذي أصر على ركب صهوة الرهان واستطاع أن ينظم هذا الملتقى رغم الظروف الآنية التي يتخبط فيها العالم العربي. ساعيا لتصحيح المفهوم المغلوط الذي تتبناه بعض وسائل الإعلام على أن عالمنا العربي ما هو إلا عالما يعمه الصراع و الإرهاب و الجهل. مما يصدقنا القول أن الملتقى حقق، من خلال إدارته، نجاحا في تأكيد دور الثقافة والفن في خلق جسر التعارف و تبادل التجارب وفتح الحوار البناء الذي قرب وجهات النظر سواء بين الفرق العربية المشاركة و نظيرتها الألمانية وهذه النقطة بالذات تمظهرت خلال الجلسات النقدية التي واكبت العروض طيلة أيام الملتقى والتي شهدت متابعة جيدة.
وغداة يوم الاختتام، وبعد اجتماع مصغر للجنة المنظمة، قررت هذه الأخيرة وبالإجماع على أن تكون الدورة الثالثة عام 2016 بهانوفر، بتيمة جديدة و مشاركة واسعة.

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption