مسرحية "تحوير " / تأليف علي عبد النبي الزيدي
مجلة الفنون المسرحية
مسرحية "تحوير " / تأليف علي عبد النبي الزيدي
ملاحظة : لايجوز اخراج هذا العمل الا بعد اخذ موافقة المؤلف عن طريق الايميل إعلاه ، او في صفحته على الفيسبوك .
علي عبد النبي الزيدي
--------------------------------------------
المصدر : النور
الكاتب العراقي علي عبد النبي |
مسرحية "تحوير " / تأليف علي عبد النبي الزيدي
الشخصيات
الزوج .
المحقق .
الجار .
الطبيب الجراح .
الأب
المكان : صالة بيت .. أرائك توزعت بشكل منظم في مساحتها ، نرى بوضوح باب الغرفة الأولى وضع على الجانب الأيمن ، وباب آخر وضع في الجانب الأيسر من المكان ، طاولة ...
•- يظهر/ المحقق / وهو يحمل جهاز تسجيل صوت كبير الحجم ، يضعه على الطاولة ، نرى ايضا بيده ملف كبير الحجم .
•- الزوج يجلس على كرسي وهو يضع يديه على وجهه .
•- يضغط المحقق على زر التشغيل الخاص بالمسجل .
صوت الزوج : أخيرا ...
صوت الزوجة: أخيرا يا زوجي .
الزوج : أخيرا يا زوجتي .
صوت الزوجة: عدتَ الى بيتك سالما .
الزوج : ( ينظر الى تفاصيل جسده ) ربما !
صوت الزوجة: عدتَ لكي نكمل أحلامنا معا .
الزوج : ربما ربما !
صوت الزوجة: أعرفُ بأنك عدتَ من أجل زوجتك وحبيبتك وووو ( تحاول أن تتذكر ) وو ...
الزوج : ( يقاطعها ) ووو ... ربما ربما ؟
صوت الزوجة: ما بك ؟ قلت لك .. لقد عدت لي يا روحي .
الزوج : ( يصرخ بها ) وأنا أقول لك ربما ، ما بها ربما ؟ كلمة معبرة .
صوت الزوجة: لا عليك ؟ ( تستدرك ) ولكنني لن أسمح لك بالخروج مرة أخرى من غرفة نومنا !
الزوج : ( مرتبكا ) نـ نـ .. نومنا ؟!
صوت الزوجة: ( بخجل ) أأأ .. أعني بيتنا .
الزوج : ( بجنون ) أنا كنتُ كنتُ كنتُ .. كنتُ في المقهى عندما ... !
صوت الزوجة: ( تقاطعه ) أعرف بأنك كنتَ في المقهى عندما ...
الزوج : ولا أتذكرُ شيئا .. سوى أن رجلا دخل المقهى وصاح الله أكبر وانفجر بوجوهنِا.
صوت الزوجة: ( تضحك ) وأنت ماذا صحت يا زوجي الحبيب ؟
الزوج : لم يمهلني الرجل لحظة واحدة لأقول فيها حتى .. آخ !
صوت الزوجة: ( تضحك أكثر ) وماذا صاح زبائن المقهى ؟
الزوج : لم يمهلهم الانفجار لحظة واحدة ليقولوا حتى .. آخ آخ آخ ...
صوت الزوجة: ( تضحك بقوة ) وصاحب المقهى ماذا صاح ؟
الزوج : لم يمهله لحظة واحدة لكي يوزع الشاي على زبائنه ويصيح بعدها آخ .
صوت الزوجة: وماذا ( تصيح ) ماذا صاحت أمهاتهم ؟
الزوج : لم يمهلهن الرجل أن يصرخن : يبووووووووي .
صوت الزوجة: يبووووووي ، يبوووي عليهم ، ويبوووي على الدنيا ويبوووي على الأمهات اللواتي لا يعرف سوى اليبوووووووي على أولادهن ...؟ ويبوووي على وطن لا شيء فيه سوى اليبوووووووووي ... ( تغير الموضوع مباشرة ) المهم عندي إنك عدت لي أخيرا .
الزوج : أخيرا . ولكن زبائن المقهى لم يعودوا .
صوت الزوجة: تعني الذين لم يمهلهم .. أن يقولوا آآآآآآآخ ؟
الزوج : ( يضحك ) تقطـّعوا ، كلهم تقطـّعوا ، أنا الوحيد الذي خرجت هكذا بعدما قاموا بتصليحي !
صوت الزوجة: ما بك ؟ كان البيتُ مظلما دونكَ لستةِ أشهر .
الزوج : ما بكِ ؟ وكان المشفى مظلما دونكِ لستةِ أشهر .
صوت الزوجة: ( بخجل ) ووو .. واشتقت إليكَ لستة أشهر .
الزوج : ( بتهكم ) كنت أتسلى في غرف العمليات لستة أشهر !
صوت الزوجة: تتسلى ؟ وكنت أحترق من أجلك لستة أشهر .
الزوج : ( يصيح ) كنت ميتا لستة أشهر .
صوت الزوجة: ( تصيح ) وكنت ميتة هنا لستة أشهر .
الزوج : أحبك أبدا .
صوت الزوجة: وأحبك أبدا .
الزوج : اشتقت إليكِ .
صوت الزوجة: واشتقت إليك .
الزوج : اشتقت ( بخجل ) اشتقت لغرفة نومنا .
صوت الزوجة: ( بخجل ) هكذا ؟ ( مؤكدا ) نعم .. هكذا . الليلة .. ستحتفي بك هذه الغرفة احتفاءا يليق بعودتك يا روحي ، أيها الفارس الذي عاد من ...
الزوج : ( يقاطعها ) من المشفى .
صوت الزوجة: اسكت .
الزوج : ( يضع يده على فمه ) سكت . ادفعيني الى غرفة حبنا .
) يضحكان معا ... )
( يوقف المحقق جهاز التسجيل بغضب )
المحقق : ( منهارا ، يضع ملف القضية على الطاولة ) ما ما ما ما .. ما هذا ، ما هذا يا ربي ... ؟!
الزوج : ما ما ما ما ما ... ؟
المحقق : ( بصعوبة ) قـ قـ قـ ... قل شيئا بدل هذه المامات .
الزوج : لا أستطيع .
المحقق : أريد أن أفهم .
الزوج : قلت لك ما ما ما ما ؟
المحقق : أنا المحقق في قضية زوجتك التي رفعتها لمحكمتنا وهي تطلب التفريق بينكما ، ويجب عليك أن تعترف لي الان !
الزوج : أعترف ؟ ولكنني ...
المحقق : ( يقاطعه ) زوجتك تقول ...
الزوج : ( يقاطعه ) أنا أحبها ، أقسم لك بأنني أحبها .
المحقق : والحب سيد الأدلة . والآن .. قل ماذا حدث .
الزوج : ( يحاول أن يتكلم ) أنا ، أنا .. لالا .. لا أدري لا أدري لا أدري ...
المحقق : لا تدري ماذا ؟
الزوج : ( بخجل ) لا أعلم !
المحقق : عليك أن تعترف وبهدوء .
الزوج : كـ كـ .. كنت في غرفة العمليات .
المحقق : ( يردد ) كان يا ما كان في غرفة العمليات .
الزوج : مـ مـ مـ .. مخدرا .
المحقق : وعندما صحوت ؟
الزوج : التزمتُ الصمت .
المحقق : وهل تعرف ماذا فعلوا بك في صالة العمليات ؟
الزوج : عرفتُ متأخرا !
المحقق : ولكنه .. ولكنه ليس هو ( مؤكدا ) ليس هو تماما كما أكدت زوجتك في إفادتها .
الزوج : ( بخجل ) نعم . لقد بُترَ في الانفجار .
المحقق : بُـتر ؟ ووضعوا لك شيئا جديدا ؟
الزوج : لا علاقة لي .. الطبيب الجراح فعلها ووضع هذا الشيء لي !
المحقق : الجراح ؟ ومن أين جاءك بهذا الجديد ؟
الزوج : لا أدري .. ربما من بقايا الجثث التي تقطعت معي في انفجار المقهى ! وربما من بقايا اصدقائي ، وربما استعاروه ، أو هو من بقايا ...
المحقق : ( يقاطعه ) في حياتي كلها لم أحقق في قضية مخجلة كهذه ...
الزوج : حاول أن تستوعب ما حدث .
المحقق : وماذا أستوعب أيها الزوج الفاضل ؟
الزوج : ( بخجل ) أرجوك .
المحقق : كيف تسمح لنفسك العودة لزوجتك برجولة شخص آخر؟
الزوج : وهل سمحت لي المقهى أن أبقى برجولتي الأصلية ؟
المحقق : (ساخرا) أنا بحاجة أن أصرخ من أجل شيئك الميت الذي لا تعرف أين هو الان.
الزوج : قال الله أكبر ولم يعطن فرصة لأقول أشهد بأنني زوج عاشق .
المحقق : ( يصرخ به ) إنه ليس هو ، هل تعرف ماذا يعني بأنه ليس هو ؟ كيف لزوجتك العيش مع بقايا جثة صغيرة تلتصق بجسدك ؟
الزوج : لا تصرخ ..الجيران قد يسمعون .
المحقق : هل تخجل ؟ ولماذا لم تخجل عندما عدت لزوجتك بـ ... ( يصيح به ) كان عليك أن ترفض .
الزوج : أرفض ؟! كيف أرفض وقد كنت مخدرا وبسابع أنين ؟
المحقق : بعد أن صحوت .. كان يفترض أن تقول لهم بأن ما وضعتموه بديلا لما بتر مني .. ليس لي ، هو لشخص آخر ، وكان يفترض بك ان ترفع قضية تزوير بجسمك ، ولكن قد عجبك الوضع فسكت .
الزوج : خجلت .. خجلت والله ، ماذا يمكن أن أقول ؟ سكتُ وهم أيضا سكتوا.
المحقق : وماذا تريد من زوجتك أن تفعل وقد تزوجتك على سنة أحلامها ، ماذا تفعل وقد تحولت انت الى زوجين .
الزوج : تسكت .. ويبقى هذا الأمر سر بيننا كزوجين .
المحقق : ( يصيح به ) كيف وشيئك مستعار ؟
الزوج : لا ترفع صوتك أرجوك ، سيسمعون ، لا تجعل مني لافتة في عرض الشارع .
المحقق : زوجتك رفعت ضدك قضية تزوير بجسدك وتطالب بالتفريق بينكما والتعويض المادي والمعنوي عن الصدمة التي حصلت لها عندما دخلتما الى غرفة الزوجية و...
الزوج : لا علاقة لي .. صحوت من التخدير فوجدت هذا التزوير بجسدي .
المحقق : اسكت ( بسخرية ) زوج وضعوا له عضو جديد دون أن يدري .. بدلا من عضوه الذي بتر وأختفى بين مجموعة كبيرة من الأطراف والعيون والأنوف والقلوب والأصابع والأسنان والأعضاء التي ضاعت ! هل تريدني أن أصدق بهذه الحكاية ؟
الزوج : لم تكن سوى شظية ساخنة كما يبدو .
المحقق : كل شيء يمكن أن يتغير إلا هذا أيها الزوج! اللهم احفظنا من التائهات .
الزوج : لست مسؤولا عن ما حدث ، صاح : الله أكبر فاختلطت أعضاءنا وأطرافنا وعيوننا وأرواحنا وقلوبنا وأحلامنا معا ، وكنا نعتقد بأنه صاح الله وأكبر لكي يدعونا للصلاة جماعة أو للحب جماعة ، أو لشرب الشاي جماعة .
المحقق : إنك لا تدرك أن في جسدك ينام الحرام .
الزوج : هم وضعوا الحرام في جسدي .
المحقق : زوجتك الفاضلة .. كانت تتحدث معي وتقول في كل لحظة .. ( يقلد طريقتها ) سخام يسخمني .
الزوج : سخام يسخمها ويسخمني فعلا ؟
المحقق : لا أستطيع وأنا المحقق الرجل أن أستوعب هذا التغيير الذي طرأ في في في ...
الزوج : نحن الآن أمام أمر قد وقع وانتهى .. ماذا أفعل ؟
المحقق : ربما يكون شيء الرجل الذي وضعوه في جسدك على دين آخر !
الزوج : دين آخر ؟ ربما .. لا أعرف .
المحقق : عليك أن تتذكر بأنك مسلم .
الزوج : وكيف لي أن أنسى .
المحقق : ولكنك نسيت رجولتك في المقهى وجئت دونها لزوجتك .
الزوج : لم أزل رجلا .
المحقق : رجلا ؟ ( يبتسم ) صح .. ولكن بشيء لا تملكه .
الزوج : الرجولة ليس بهذا الشيء أيها المحقق .
المحقق : ( يصرخ به ) والموضوع لا يتحمل شعارات جديدة تملأ هذا البيت الذي تحول الى فراش بارد بغيابك بحسب أقول الزوجة الوفية لك ، ولا يتحمل أن تقول لي بأنني كنت ضحية ويكفي ، ولا يتحمل أن تقول لي أي شيء تافه من أجل أن أترك هذه القضية ، لا .. كل هذا لا يهمني !
الزوج : إهدأ .. قلت لك قد يسمع الجيران صوتك .
المحقق : لا يعنيني .
الزوج : ستكون فضيحة .
المحقق : فضيحتك .
الزوج : ( يصرخ به ) توقف ، أتوسل إليك أن لا تتحدث بصوت عال .
المحقق : صلـّحك المشفى بطريقته الخاصة ، حورّك مثل أية سيارة يحوّرونها عندنا من الجهة اليمنى الى اليسرى ، ورموك في بيتك .. معتقدين بأنه المكان الأنسب لوقوف السيارات العاطلة عن الحياة !
الزوج : ( يصرخ بها ) صوتك عال جدا سيسمعه سابع جار .
المحقق : ( تصيح به ) من أنت ؟
الزوج : مواطن .
المحقق : لست مواطنا ، لأنك ببساطة لا يمكن أن تتساوى مع مواطن يملك رجولته الأصلية وليست الاستنساخ !
الزوج : تعني أن المواطنة يجب أن تتوفر فيها الـ ...
المحقق : بالتأكيد ، وإلا كيف تكون مواطنا صالحا دون ألـ ...
الزوج : ولكن على أقل تقدير ما زلت زوجا .
المحقق : لا يمكن أن تقترب من زوجتك ، أو تضع جسدك البارد على جسدها الساخن ، هي الآن كأنها متزوجة من زوجين وروحين وقلبين !
الزوج : هم غيروا ملامح هذا الجسد ، قطعوه على طريقتهم ، ورمموه على طريقتهم ، وصنعوا منه مزيجا غريبا على طريقتهم ... جعلوا شيء أحدهم يعيش في جسدي ، لا أعرفه ولا يعرفني ، لا أشبهه ولا يشبهني على طريقتهم !
المحقق : إنك زوج غارق بالحرام .
الزوج : أنا رجل صالح لم يعرف الحرام يوما.
المحقق : وكيف يكون الحرام الآن أيها الرجل ، وأنت تريد النوم مع زوجتك بشيء هو أصلا لرجل آخر.. ألا تخجل ؟
الزوج : ( يصرخ ) عليك أن تحترم نفسك قليلا أيها المحقق .
المحقق : وعليك أن تحترم رباط الزوجية بالحلال أيها الزوج .
الزوج : تزوجتها على سنة الله .
المحقق : تزوجتها على سنة الله بملامحك القديمة وليس بهذا الطارئ على جسدك.
الزوج : كنت أرتشف قليلا من الشاي .. ولم أكن أعرف أن الشاي يمكن أن يكون محرما هو الآخر .
المحقق : أنت تدنس هذا البيت بالمنكر .
الزوج : هي زوجتي منذ سنوات بالمعروف .
المحقق : ( تصيح به ) قبل أن يبتر عضوك التناسلي كانت زوجتك ، ولكن في هذا الوضع الجديد .. الموضوع يختلف .
الزوج : لم يتغير أي شيء سوى ...
المحقق : نعم تغير هذا الـ سوى ...
الزوج : لا أريد أحدا أن يعرف بما حدث لي .. أرجوك .
المحقق : هي الآن تعيشها وضعا نفسيا صعبا .
الزوج : أنها زوجتي وحبيبتي وعمري .
المحقق : ( بحزم ) توقف .. أريد أن أدخل الى غرفتكما لوحدي .. من أجل المعاينة كما يتطلبه التحقيق مني في هذه القضية الشيئية الـ ...
الزوج : ( يشير له للغرفة ) هذه هي الغرفة .. يمكنك الذهاب لها .
المحقق : شكرا لك ... ( يدخل الى الغرفة )
الزوج : (لوحده ، ينظر الى عضوه التناسلي ) يبدو أنك ستتحول الى أزمة كبيرة في حياتي ، ولو عدت للبيت دونك لكان ذلك أقل فضيحة لي ( يصيح به ) من أنت ؟ لمن ؟ قل شيئا أرجوك ، لمن ؟ من من زبائن المقهى الذين تقطعت أجسادهم ؟ قل أي شيء ، يمكن أن تؤشر لي اذا كنت لا تستطيع الكلام ، ما بك ؟ إنك لا تدري بأنني الآن في ورطة كبيرة بسببك شكلك الذي يختلف عن شكل الذي بتر في انفجار المقهى ( يضحك معه ) تبدو سعيدا ، بالتأكيد .. فبدلا من أن تدفن مع الأطراف التي تقطـعت وضعوك في جسدي ، أنت في قمة سعادتك لأن حياة جديدة كتب لك بدلا من أن يأكلك الدود ، أما أنا فكما تسمع سأتحول الى نكتة في أفواه الناس بسبب وجودك الشائك في حياتي ، وسيطلقون لقبا جديدا عليّ ، أظنهم سيلقبونني أبو ... ( يضحك بقوة ) الناس كلهم سيجدون ضالتهم في حكايتي الغريبة ، وأنت ستضحك معهم ، وسيأتي أحدهم ليقول لي ان هناك فسادا إداريا في جسمك ، وأتحول الى سارق للمال العام ، وأحاكم بتهمة التزوير بأعضاء الاخرين ( يصيح بالعضو ) هل ستقبل بهذه الفوضى أيها الـ ... ؟ كن رجلا حقيقيا وقل لمن أنت ؟ لا تصمت أرجوك ...
( يدخل الجار الى المكان مسرعا وهو يحمل مجموعة كبيرة من الكتب )
الجار : ( صارخا ) ماذا يعني كل هذا ، ماذا يعني كل ذلك ، ماذا يعني كل ذاك ( يضع الكتاب في وسط المكان ) ماذا يعني كل ... ؟
الزوج : ( يقاطعه ) ماذا يعني ؟
الجار : لا أصدق ؟ ولا أريد أن أصدق .
الزوج : ماذا أيها الجار ؟
الجار : كنت أعتبرك مثالا للرجل المؤمن !
الزوج : اشاعات ؟
الجار : الساكت عن التزوير الجسدي شيطان أخرس .
الزوج : كيف عرفت بحكايتي ؟
الجار : لي آذان طويلة يا جاري .
الزوج : ( يصيح ) انتهى أمري .
الجار : ستحرقنا بنارك ( يردد ) أستغفر الله استغفر الله استغفر الله .
الزوج : كيف تسمح لنفسك الدخول الى بيتي أيها الجار ؟
الجار : أنا آمر بالمعروف وانهي عن المنكر ومن حقي الدخول الى أي بيت فيه منكر .
الزوج : وكيف ستنهي عن المنكر ؟
الجار : ( يصرخ به ) بالجلد ( يستدرك ) أعني أن موضوعك لا يمكن السكوت عنه ( خاطبا ) أنت الآن بمثابة المرتد عن دينك .
الزوج : مرتد ؟!
المحقق : ( يخرج من الغرفة مسرعا وهو يحمل شرشف ابيض ) مرتد ؟ ( للزوج ) هذا الشرشف الابيض فيها اشارات لوقوع الجريمة .
الزوج : أقسم لك أيها المحقق .. لم يحدث بيني وزوجتي أي شيء .
الجار : تعني أيها المحقق بين هذا المرتد وزوجته ؟
الزوج : أنا أصلي حتى صلاة الليل وصلاة الغفيلة وصلاة الخوف وصلاة الشكر بل أصلي صلاة الوحشة على روحي ، فكيف أكون مرتدا ؟
المحقق : هذا الشرشف أيها السادة ...
الجار : ( يقاطعه ) نعم مرتد .. وكيف يكون الارتداد عن الدين أيها الزوج الذي كان فاضلا ، والمرتد بحسب هذه الكتب ( يتصفح كتابا ) هو الذي يرتد ارتدادا فهو مرتد . في جسدك شيء مجهول الهوية ، وربما ليس بمسلم ، وتريد مني أن أسكت ، لن أجاملك على حساب ديني ، إنها من علامات الساعة ، هي فتنة آخر الزمان ، الرجال يغيرون بأشيائهم بحسب الموضة .
المحقق : الشرشف أداة فاضحة لوقوع الـ ...
الزوج : ( للجار ) هل تعني بأن ما في جسمي من علامات وقوع الساعة ؟
الجار : قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ...
المحقق : أنا قلت مع نفسي إن الموضوع فيه ثغرة حرام شرعي ، وهي في نفس الوقت ثغرة حرام قانوني ، قلبي قال لي بأن الزوجة ستعيش مع المنكر ، وهي امرأة عفيفة لا تقبل بهذه الخطيئة .
الجار : النساء العفيفات لا يقبلن بدنس مستعار .
المحقق : رجل حكيم فعلا .
الزوج : وما تهمتي ؟
الجار : تهمتك أنك تحمل الحرام بطوله وعرضه وتمشي معه كأنك لم تفعل شيئا ، أعوذ بالله من نفسك الأمارة بالسوء .
الزوج : هو صاح الله وأكبر .
المحقق : وانفجر بوجوههم .
الجار : هذا كله ليس مهما .. المهم الآن هذا الحرام الذي تحمله .
الزوج : الطبيب الجراح هو الذي أجرى لي عملية التغيير .
المحقق : لا يمكن أن تعيش الزوجة المصدومة مع زوج في جسده علامة من علامات آخر الزمان .
الجار : هذه هي الفتنة التي طالما أشارت لك الكتب المعتبرة ( يتصفح بعض الكتب ) والفتنة في اللغة جاءت من المفتون ، أي من شيء رأيته ففتنت به ، فصرت مفتونا ، وتأتي الفتنة أيضا في باب ...
الزوج : ( يقاطعه ) هم حملوني من المقهى الى غرفة العمليات ، نجحوا بتجربتهم وأنا تحولت الى فتنة .
الجار : ومن يعلم بأن هذا الذي يلتصق بجسدك على أي مذهب !!
الزوج : مذهب ؟!
المحقق : ( يردد باستغراب ) على أي مذهب ؟
الجار : الموضوع على قدر كبير من الخطورة والطائفية .
الزوج : قلت لكم لا أدري .. والله لا أدري .
الجار : هذا الشيء المجهول يجب أن يبتر من جسدك !
المحقق : وهذا هو قرار القاضي كما أعتقد .
الزوج : يُبتر ؟ ماذا فعل المسكين حتى يُبتر ؟
الجار : وجوده في جسدك هو الحرام بعينه ، فلا يجوز أن يجري دم المسلم بشيء غير مسلم كما هو معروف شرعا أو قد يكون على مذهب آخر وهذا خروج فقهي ، وهو أيضا ليس بملكك ، لرجل آخر كما تعلم ، الموضوع خطير جدا أيها الأخوة ، اللهم إلطف بنا وارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء .
المحقق : ليس هناك من حل سوى أن تبتره كما يقول هذا الرجل.
الجار : ( للمحقق ) أنا جارهم على الجهة اليمنى ، ومن واجبي الفقهي التصنت على بيوت الجيران ، أو ما أسميه بالتصنت الشرعي .. من أجل تطبيق شرع الله سبحانه وتعالى .
المحقق : أنت جارهم من اليمين ، وهذا واضح من أفكارك اليمينية .
الجار : أنا يمينيٌ بالفطرة ، وأرى أن كلمة طلاق .. هو من طلق زوجته تطليقا ، أي هجرها تهجيرا ، ويمكن أن نفسر كلمة الطلاق بـ ...
الزوج : ( يقاطعه ) ماذا فعلت ؟ ولماذا عليّ أن أطلقُ زوجتي ؟
الجار : هذا أمر لا يحتاج الى تفكير ونقاش وجدل .
المحقق : ولا يمكن السكوت قانونا على هذا الامر ، ستكون فوضى ، وسيأتي الرجال ليقدموا طلبا للمحكمة بتغيير اشيائهم بحسب الموضة والمزاج ، والدستور قد أكد أيها الأخوة في المادة عاشرا .. الفقرة جيم منه تحديدا .. إن الدفاع عن الأرض والعرض واجب مقدس وفقدان الأشياء الخاصة بالرجال على أرض المعركة هو انتصارا للوطن وهزيمة لأعداء الانسانية .
الزوج : أنا كنت في المقهى ولم أكن في أرض المعركة .
المحقق : المقهى هي أرض المعركة .
الجار : بدليل رائحة البارود والدخان الذي خرج منها .. وهو بارود ودخان شرعي .
الزوج : لا أصدق أن زوجتي رفعت قضية تفريق بيننا ، إنها تحبني وأحبها.
الجار : عندما قرأت هذا الخبر في احدى الصحف اليومية لم أصدق ، ولكن عندما ظهرت زوجتك في نشرة اخبارية وهي تشكو حالها منك بدأت أصدق هذا الموضوع .
الزوج : ( منهارا ) يا ربي .. زوجتي ظهرت في نشرة إخبارية ؟
المحقق : هذا جزء من حرية التعبير .
الزوج : كان يمكن أن تظهري في موجز للأخبار يا زوجتي ، ولكن في نشرة اخبارية مفصلة .. هذه هي الفضيحة مفصلة .
الجار : ( للزوج ) اخجل من نفسك ، هذا العضو الجديد الذي وضعوه لك ليس بملكك ، ولا يجوز أن تستخدمه حتى للتبول ، فكيف يمكن أن تستخدمه كزوج !
الزوج : ماذا تريد أن تقول ؟
المحقق : ( يضحك ) وماذا يريد أن يقول ؟
الجار : الأمر واضح يا جاري .. أولا .. دم المسلم يجري في عروق عضو بلا هوية .. هذا حرام ستدخل من جرائه النار وبئس المصير ، أما ثانيا .. من قال لك أن ورثة هذا الرجل الذي وضعوا لك عضوه سيقبلون بذلك ، ألا ترى معي إنك تحتاج الى براءة ذمة من الورثة ؟! وثالثا .. ربما يكون على مذهب آخر .
المحقق : ( للزوج ) أنت في ورطة طائفية .
الزوج : ولكنني لا أستطيع أن أظل دونه كأئنا من يكون ؟
الجار : ( يضرب احد الكتب بيده بقوة ) والوراثة .. جاءت من كلمة إرث ، يرث ، فهو موروث ، وهذا الشي الذي يختبيء الآن في جسمك .. موروث .
المحقق : ( للزوج ، يفتح له ملف القضية ) اقرأ افادة زوجتك ( يقرأها بصوت حزين ) كنت انتظر زوجي بفارغ من الحب .. ولكنه عاد لي بفارغ من الموت والتزوير .
الزوج : حتى في افادتها للمحكمة كانت على قدر كبير من الرومانسية.
الجار : عليك أن تبتره وتعيده الى الورثة وهم يتصرفون به على طريقتهم .
المحقق : هم الورثة الشرعيون له ؟
الزوج : أعيده الى الورثة ؟ أبتره مرة أخرى ؟ انتحاري آخر ؟ ( للجار ) وهل تعتقد بأنك تفهم بمثل هذه الأمور ؟
الجار : هذا هو تكليفي الشرعي .
المحقق : والزوجة شرعا ما هو موقفها أيها الجار ؟
الجار : لا تدعه يقترب منك .. فهو محرم عليها الآن .
المحقق : ولكنه يقول بإفادته بأنها زوجته شرعا .
الجار : قبل البتر وليس بعده .. ولا أستطيع أن اتحدث بالتفاصيل.
الزوج : لا يمكن أن أوافق على بتره مرة أخرى .. لا يمكن .
الجار : هذه سرقة أيها الجار .
المحقق : اللصوص يسرقون الاموال والذهب.. وأنت لم تجد شيئا تسرقه إلا هذا كما تؤكد زوجتك في افادتها ؟
الزوج : أنا زوجها وحبيبها ، كنا أجمل زوجين في هذه الدنيا .
الجار : هذه هي الدنيا .. لعب ولهو .
المحقق : ( يشير الى الملف الكبير ) هي لا تستطيع أنا تكون زوجة وحبيبة لقلبين وروحين و...
الزوج : ( يؤكد صارخا ) لماذا عليّ أن أعيدها ألف مرة .. بأنني كنت مخدرا في صالة العمليات ، مخدرا مخدرا مخدرا ...
الجار : وهذا ليس عذرا فقهيا .
الزوج : لا يمكن أن أعيش دون رجولتي .
المحقق : وهل هذه رجولة كما تعتقد ؟
الزوج : هي ليست برجولة فقهية كما يراها الجار العزيز .. ولكنها رجولة .
المحقق : تحوير .
الجار : إنك تلبس ثيابا مسروقة ، وهذا رجسٌ من عمل الشيطان .
المحقق : هذا هو حظ زوجتك العاثر ، مكتوب في جبينها أن تعيش مع زوج .. هو في حقيقته زوجان ، هي امرأة متزوجة من زوجين .
الزوج : أنا واحد ، صدقوني أنا واحد ؟
المحقق : القانون لا يحمي الزوج المحور .
الجار : ( صارخا بها ) يظل الحرام حراما في كل الأحوال ( يتصفح كتابا ) وكلمة تحريم الشيء جاءت من المصدر حرام ، حرم يحرم فهو على رأسه في النار وبئس المصير .
المحقق : ( لم يفهم ) أنا أيضا كنت أقول كذلك .
( يظهر الطبيب الجراح في المكان ، يحمل حقيبته الطبية ، يبدو في الخمسين من عمره )
الجراح : ( للزوج ) جئت في موعدي المحدد أيها المريض .. أحب دائما أن أكون في مواعيدي الطبية .
الجار : من هذا ؟
الزوج : إنه الطبيب الجراح الذي أجرى لي العملية .
الجار : أعوذ بالله .
الجراح : دعني أيها المريض أجري بعض الفحوصات الاخيرة عليك ، يهمني جدا أن تكون على خير ما يرام .
المحقق : هذا هو الجراح أخيرا .
الجراح : علم الجراحة أيها السادة .. يعني أن تعيد صناعة الأشياء بطريقتك الخاصة ، صياغة جديدة ، تهدم شيئا وتبني شيئا آخر ، تبتر عنوانا معينا في جسم ما وتضع بديلا عنه ...
المحقق : ( بتهكم ) خاصة اذا كان اختصاص الجراح .. بتر ، تركيب ، ترتيب ، تكبير ، تصغير ، تحوير.. كما حدث مع هذا الزوج الفاضل .
الجراح : ( بفرح ) آآآآ .. نعم ، لقد كانت تجربة فريدة وناجحة ومتقنة مع هذا الرجل الذي دخل الى صالة العمليات دون ... وخرج منها بـ ...
الزوج : ( بخجل ) دكتور .. ارجوك .
الجار : إذن .. أنت هو الجراح .
الجراح : الحياة الجراحية هي التي ...
الزوج : ( يقاطعه ) نريد أيها الطبيب أن نعرف مصدر هذا الشيء الذي وضعته في جسدي!
الجراح : ليس مهما يا عزيزي .. المهم أن العملية قد نجحت .
المحقق : ( للجراح ) لا تخف .. العملية نجحت جدا .
الجار : اللهم أسألك الستر .
الجراح : ( للزوج بهمس ) ما بك ؟ ماذا حدث ؟ قل لي .. يشتغل أم لا ؟
الزوج : ( بخجل ) يشتغل يشتغل .
الجراح : ( يضحك ) كما أنا سعيد لهذا الخبر ، وهل جربته ؟
الزوج : وهل تركوني أجربه ؟
الجراح : ستجربه وتنجح .. أنا واثق من تجربتي .
الزوج : ولكنني في ورطة شرعية .
الجار : وفقهية .
المحقق : وقانونية .
الجراح : ( للزوج ) التحوير خير من لا شيء .
الجار : هذا كله من فعل الشيطان الرجيم .
الزوج : ( للجراح ) كنت أريد أن أقول لك ...
الجراح : ( يقاطعه ) لن أسمح لمرضاي التدخل في شؤوني الطبية ، فأنا واثق أن الشيء الذي يعيش بأمان في جسدك الان .. يشتغل بطريقة صحيحة ، كن شجاعا وقل لهم بأنه يشتغل بطريقة صحيحة .
الزوج : قلت لك أنا في مأزق شرعي .
الجار : ( مؤكدا ) وفقهي .
الجراح : ستجربه وتنجح .. وتفند كل الاشاعات التي تتحدث عن تجاربي ، أنا بانتظار لحظة النجاح الساحق بعد أن تخرج من غرفتك هذه ( يشير الى الغرفة ) لتتحدث معي عن نجاحي .
الجار : ( يشير الى المحقق ) لن تدخل معه أية زوجة الى الغرفة .. فهو محرم عليها .
المحقق : أنا محقق في قضية تحوير خطيرة .. وسأطلب شهادتك ايها الجراح.
الجراح : وأنا رهن اشارة القانون .
الجار : ليسمع الجميع ، اذا دخلت زوجته معه الى الغرفة .. سأضطر الى تفسيقهما معا ، وأعلن عن ارتكابهما جريمة الزنا ، وهي من الكبائر كما تعلم .
الجراح : لا يعني شيئا أمام تطور علم الجراحة .
الجار : ( للجراح ) ولكنك وقعت في خطأ شرعي .
الجراح : من هذا ؟
الزوج : جارنا .
المحقق : الشرعي ...
الجراح : الثياب التي تراها أنت طويلة .. أراها قصيرة ، والوجوه التي تعتقد بأنها جميلة .. أنا قد أراها قبيحة أيها الجار الذي لا أعرفه ولا أريد أن أعرفه .
الجار : ما أره قبيحا عليك أن تراه قبيحا ، والثياب الطويلة تظل بعينيّ وعينيك طويلة رغما عنك .
الجراح : أعتقد بأنني أحتاج أن أتنفس بعض الأوكسجين الصالح للحياة.
الجار : الاوكسجين الشرعي الذي أتنفسه عليك أن تتنفسه وتصمت .
المحقق : ( للجراح ) انت وضعت في جسم هذا الرجل شيء لا يملكه .
الجار : ومحرم عليه .
الزوج : وانا الآن في معركة شرعية .
الجراح : لا عليك ولا عليكم ، سينسى الجميع هذه الواقعة مع الزمن .. المهم أنك تتمتع بصحة جيدة ، وشيئك يشتغل بشكل ممتاز .
المحقق : شيء ليس له .
الجراح : أعرف ، وأعرف لمن ايضا .
المحقق : تعرف ؟ هذا سينفعني في مجريات القضية .
الجار : وتعرف الورثة أيضا ؟
الزوج : ( بفرح ) تعرف لمن ؟ هذا يعني بأنني يمكنني الذهاب الى الورثة لطلب براءة الذمة منهم .
الجراح : ( للزوج ) الموضوع ليس كما تتوقع .
المحقق : ماذا تعني ؟
الزوج : ماذا تريد أن تقول ؟
الجار : سأحترق بنار ذنوبكم .. ارحمنا يا رب .
الجراح : ( للزوج ) بحسب الفحوصات الطبية .. هذا العضو الجديد الذي وضعته لك .. هو للرجل الذي صاح الله وأكبر وفجّر نفسه .
المحقق : ( يصيح ) تنبطحوا ...
( ينبطح الجميع )
الجار : ماذا سيحدث ؟
المحقق : سيفجر نفسه .. انه انتحاري .
الجار : اشهد ان لا اله الا الله ...
المحقق : ما هذه الورطة ؟
( يهدأ الجميع ، ينهضون )
الزوج : ( يردد بخوف ) للرجل الذي صاح الله أكبر وفجّر نفسه في المقهى ؟ كيف ؟ لالالا ، لا يمكن ...
الجراح : هذا ما حدث .. وقد كنت مضطرا لذلك .
الجار : ستنقلب الدنيا ، ألم أقل لكم بأنها من علامات الساعة ؟ صدقوني .. إنها الفتنة الكبرى ، أللهم ألطف بنا يا رب ، سينقلب عالي الدنيا سافلها ، وكلمة دنيا .. جاءت من كلمة دنا يدنو دنوا .. فهو مدنون ، ولا أريد أحدا أن يسألني عن كلمة مدنون لأنها جاءت بلساني هكذا ليس إلا .
المحقق : مدنون ؟!
الزوج : هل يعقل بأن ما أحمله الآن في جسدي هو للرجل الذي صاح الله وأكبر وفجّر نفسه بنا ؟ ( يصرخ ) هل يعقل هذا ؟ للإرهابي ؟!
المحقق : ماذا سأقول للمحكمة الموقرة ؟ وكيف سأشرح الأمر ؟
الجار : ما الذي جعلني أدخل الى هذا البيت الغارق بالحرام ؟
المحقق : ( مع نفسه ) إنه للإرهابي اللي قتل العشرات في المقهى .
الزوج : وأنا الآن أحمل رجولة إرهابي ! ( ينظر لعضوه ) أرهابي ؟! أنت لإرهابي ؟ ( يضربه ) لقد قتلت أصدقائي أيها اللعين ( يضربه بقوة أكثر ) اسكت أيها المجرم ، بدلا من أن تقدم للمحاكمة وضعوك في جسمي ، اسكت .. ماذا فعلنا لك حتى تفجر نفسك بوجوهنا الطيبة ( يضرب العضو بقوة أكثر ويصرخ ) سأظل أضربك العمر كله حتى تموت ، فأنا أطلب الثأر منك أيها الصغير البليد الذي لا ينفع سوى للبول ... ( يستمر بضربه )
المحقق : إنه لا يستحق الحياة في جسمك .
الجار : بل يجب أن يعدم في الساحة العامة .
الجراح : ( للزوج ) كنت مضطرا أيها السادة الى تغيير مسار الأحداث .
الجار : إنه حرام وسرقة وتدخل في عمل الله سبحانه وتعالى .
الجراح : هي من أنجح العمليات التي أجريتها في حياتي .
المحقق : أحدكم يقول لي .. ماذا يمكن أن أفعل في هذا الموضوع المعقد كمحقق اختلطت عليه الاوراق ، لإرهابي ؟ لإرهابي أيها الزوج ؟
الجار : يُبتر ، يُبتر وينتهي الأمر ، أو تنقلب الدنيا .
الزوج : لا .. أرجوك ، قل شيئا آخر ، لا يمكن أن أبقى دونه ، هو عنوان رجولتي في نهاية الموضوع .
المحقق : ليست رجولتك .. بل رجولة قاتل تركها في المقهى ورحل .
الجار : كن رجلا مؤمنا ووافق على عملية البتر .
الزوج : أريده أن يبقى معي من أجل أن أضربه كل لحظة .. من أجل الثأر لأصدقائي الذين قتلهم .
الجار : البتر إجراء شرعي لابد أن يحدث .
الجراح : وأنا لا مانع عندي من إجراء عملية البتر أبدأ .
المحقق : وأنا لا مانع عندي من إدانتك أيها الزوج .
الزوج : حاولوا أن تفهموا بحاجتي إليه ، كيف أعيش دونه ؟
الجار : اللهم إنني بلغت فاشهد .. هذا العبد الذي خلقته في أحسن تقويم يحمل في جسده الدنس وبقايا قاتل ومجرم ، اللهم إنني ...
الزوج : ( يقاطعه ، بحزم ) أيها الجار أخرج من بيتي حالا .
الجار : واجبي الشرعي يحتم عليّ أن أحذر الأمة منك ومن أمثالك الذين يعيشون بجسدين .. طاهر ومدنس ، أيها الزنديق ( يخرج من المكان مسرعا وهو يردد ) اللهم اخسف أرض هذا البيت بأهله ولا تعذبنا بما فعل السفهاء منا ...
المحقق : اللهم إن زوجة هذا الرجل التي أحقق في قضيتها .. امرأة بائسة لا ذنب لها سوى أنها زوجة لهذا الرجل المخالف للقانون الوضعي ( يشير للزوج )
الزوج : تحوّلت الى زنديق بقدرة قادر .
الجراح : وأنا ما زلت على عهدي .. مستعد لعملية البتر أيها الزوج المحترم .
المحقق : ( للزوج ) وافق أرجوك .. أريد أن أنتهي من هذه القضية الشائكة .
الزوج : ( بحزم ) لن أوفق .. وعليك أيها الطبيب أن تخرج من بيتي حالا .
الجراح : سأخرج .. ولكن تذكّر بأنني على أتم الاستعداد لإجراء عملية البتر مرة أخرى وأخرى وأخرى ... ( يخرج من المكان )
المحقق : إعلم إن قضيتك خاسرة .
الزوج : كن في مكاني ماذا تفعل .
المحقق : لالالا .. أنا لا أجلس أصلا في مقهى .
الزوج : صعب أن أتخلى عنه .
المحقق : سيصيبك هذا العضو بعدوى القتل وستصرخ الله أكبر وتفجّر نفسك في داخل البيت أو في مقهى أو ساحة عمال .
الزوج : لا يمكن .. أنا زوج طيب .
المحقق : لا يمكن الوثوق بك بعد الان .. وسأحيل أوراق زوجتك الى القاضي لتأخذ العدالة مجراها .
( نسمع طرقات على الباب الرئيس )
الزوج : ما هذا ؟
المحقق : طرقات .
الزوج : الفضائح بدأت تطرق باب بيتي .
المحقق : سأفتح الباب ( يذهب مسرعة )
الزوج : ( لوحده ) بلمح البصر تحولت من زوج طيب الى رجل قاتل ، وبلمح البصر نست زوجتي زوجها الذي يحبها كثيرا ، وبلمح البصر تغيرت ملامح هذا الجسد دون أن أدري ، وصار المقتول قاتلا ، ولكنني سأرفض عمليات البتر التي يهددونني بها ، ولا علاقة لي بهوية هذا الشيء الذي التصق بجسدي ...
الأب : ( يظهر مع المحقق وهو يحمل كفنا ) هذا هو كفنه !
الزوج : كفن من ؟
المحقق : لمن هذا الكفن ؟
الأب : له .
الزوج : ومن هو ؟
الأب : لا تعلم ؟ تخجل هه ؟
المحقق : ماذا تريد أيها الرجل ؟
الأب : ( يصيح ) أين ابني ؟ اشم رائحة إبني هنا في هذا المكان ( يصرخ باحثا ) ابني .. أخرج من هنا حالا ، أمك تسأل عنك ...
الزوج : من هذا أيضا ؟
المحقق : لا أدري .
الزوج : من أنت ؟
الأب : أنا أب فقد إبنه الوحيد .
الزوج : وما علاقتي بهذا الموضوع ؟
المحقق : ( مؤكدا ) نعم .. ما علاقته ؟
الأب : ( يبكي ) وحيدي ...
الزوج : ما به ؟
المحقق : قل شيئا مفهوما أيها الرجل .
الأب : المدينة تتحدث عن بيتكم ، وعن الرجل الذي قام بسرقة عضو إبني ، وهو كل ما تبقى من جسده الذي تقطّع بعد أن صاح الله أكبر في المقهى !
الزوج : إبنك ؟
المحقق : إبنه ؟
الأب : أنا أب لا يملك سوى الحزن والبكاء على وحيده الذي رحل دون موعد .. بعد أن ترك البيت يرتدي السواد من أجله .
الزوج : اطمئنك أيها الأب بأنك ابنك الآن في جهنم .
الأب : أعرف ذلك .
المحقق : ( للأب ) وماذا تريد الآن ؟
الأب : وماذا يمكن أن يريد أب مثلي ؟
الزوج : لا ندري .
الأب : بيتكم تتحدث عنه المدينة .
المحقق : ( للزوج ) فعلا .. المدينة كلها تتحدث عنك .
الأب : ( للزوج ) وهل أنت من يتحدثون عنه ؟ ( يشير له ) هل أنت هو ؟
الزوج : نعم .. أنا هو .
الأب : ( يقفز صارخا على ساقي الزوج ويعانقهما بقوة ) إبني إبني .. هذا كل ما تبقى منك ( يشمه ) انه عطر إبني .
الزوج : ( يتخلص منه ) ابتعد أيها الرجل ، ابتعد أيها المجنون .
الأب : دعني أعانق ابني الوحيد ، آه كم أنا مشتاق له ، إنه ابن عاق ولكنه عزيز على قلبي وقلب أمه ، ومن حقه أن يكون له قبر نزوره ( للزوج) وأعتقد إن ما تحمله في جسمك مكانه الحقيقي في قبر وليس في ...
الزوج : ( يقاطعه ) ولكنني ...
الاب : لا تقل ولكنني .. عليك حالا أن تعطني عضو أبني التناسلي لكي أقوم بإجراءات الدفن المناسبة له .
المحقق : أضم صوتي الى صوتك أيها الأب .. وحالا .
الزوج : أما أنا فلا أضم صوتي لصوتيكما .
الأب : ليس أمامك سوى الموافقة .. فما تحمله ملك لعائلتنا .
الزوج : هذا استلاب لرجل لا ذنب له بما حدث .
الأب : وما ذنبنا نحن ؟
المحقق : ( للزوج ) وما ذنب زوجتك التي تريدها أن تعيش مع زوج آخر تحت سقف واحد ؟
الأب : ( للمحقق ) تقصد بقايا إبني ؟
المحقق : نعم أيها الأب .
الأب : إن رائحة ابني تملأ المكان .
الزوج : أنا أعاقب بجريمة تقطّعت أجزائي فيها .
الأب : وأنا مضطر أيها الرجل لرفع شكوى ضدك أتهمك فيها بالسرقة .
الزوج : لم أسرق أحدا .
الأب : من جسدك أدينك .
الزوج : افعل ما تشاء .. لن أتنازل عن أي شيء في جسدي .
الأب : سنرى من يرفع الراية البيضاء في نهاية المشوار وبالقوة ...
( يغادر الأب مسرعا )
المحقق : ( يحمل الملف الكبير ) سنلتقي قريبا أمام القضاء ( يغادر مسرعا )
الزوج : ( لوحده ، يضحك ) الذي صاح الله وأكبر بيننا .. موجود هنا الآن بالقرب مني ، أتحسس كرهه لي ، وحقده على قلبي ( يشير الى عضو التناسلي ) أي مهزلة هذه أن يلتصق الجلاد فيك وأنت لست سوى ضحية ؟ هو بقايا من قاتل فجّر نفسه في وجوهنا ويريد الحياة في جسدي ( يضحك بقوة ) هذه ليست سوى فوضى الحياة التي جئنا إليها مرغمين تجرّنا الآمال التي لم يتحقق أي أمل منها ! ويأتي أحدهم ليقول لك لا تبتئس .. ستتحقق كل آمالك في الآخرة ! ( يضحك أكثر ) كل شيء هنا في الحياة يدعو الى الضحك بقوة وبصوت عال . زوجتي تركت البيت وخرجت ، وجاري لم يدع أحدا إلا وأخبره بقضيتي ، والجراح لا يعنيه سوى أن العملية نجحت نجاحا باهرا ، وهذا يطالب بإرثه مني ، وأنا لا أملك سوى الضحك على نفسي ... ( يستمر بضحكه )
( قطع )
المكان : مقهى ، يبدو كل شيء فيها مهدم ومحترق تماما ، الطاولات والكراسي وسواها .
الزوج : ( يتفحص المكان ، يبحث في أجزاء المقهى ) أين هو ؟ أين أنت ، أخرج حالا ، قلت لك أخرج حالا ، ما بك ؟ ألا تسمع ؟ ( يهدأ ) كنت أجلس هنا في هذه المقهى ، أرتشف قليلا من الشاي ، أو ألتقي فيها بأصدقائي القدامى ، هي لحظات نحاول أن نجعلها من فرح بالرغم من كل شيء ، لكنهم تحولوا الى أجزاء هنا بعد أن صاح الله أكبر ، تناثرت أشلاءهم ولم يخرج أي أحد سواي على قيد الحياة .. ولكنني خرجت بلا رجولة الى المستشفى وتركته هنا ، لا أعرف أين بالضبط ، ربما يكون هناك ( يشير الى زاوية ) أو هنالك ( يشير الى زاوية أخرى ) لا أعرف ( يصيح ) أين أنت يا رجولتي ؟ أضعتك هنا وتوهموا فوضعوا لي شيئا غريبا عن جسدي ودمي ( يصرخ ) قلت لك أين أنت يا هذا ، أين ؟ أخرج حالا ، فجسدي لم يعد يحتمل غريبا يسكن فيه ، ويعيش على دمه ( يصيح بقوة ) عليك الخروج حالا يا رجولتي يا شيئي يا ... ، فالدنيا كلها ترفض هذا البديل القذر الذي يسكنني ، أين أنت ؟ ( يبحث في بقايا المقهى ) أين ؟ أخرج أرجوك ( يخرج سكينا ) سأقطعه أن لم تخرج حالا ، وتؤكد لي بأنك ما زلت حيا ( يصرخ ) قلت لك أخرج وإلا سأقطعه وتنتهي كل هذه الغربة التي أعيشها في جسدي ( يرفع سكينه صائحا في المقهى ) أخرج ، أخرج ، أخرج ...
( انتهت )
ملاحظة : لايجوز اخراج هذا العمل الا بعد اخذ موافقة المؤلف عن طريق الايميل إعلاه ، او في صفحته على الفيسبوك .
علي عبد النبي الزيدي
--------------------------------------------
المصدر : النور
0 التعليقات:
إرسال تعليق