الإدراك الجمالي للحركة التعبيرية في العرض الدرامي الراقص
مجلة الفنون المسرحية
الإدراك الجمالي للحركة التعبيرية في العرض الدرامي
الراقص
أحمد محمد عبد الأمير
كلية الفنون الجميلة / جامعة بابل
ملخص البحث
على
الرغم من حداثوية التجربة المحلية تجاه ثقافة اللفظ إلا أنها ذات اثر جمالي ومعرفي
بارز يواكب حركة التطور المسرحي المعاصر ويكثف الضوء نحو طاقات مجدة واعية . كما يعد الرقص الدرامي نمطاً من فنون الخشبة
الحديثة يركن إلى انسجام التشكيل الحركي عبر الحركة التعبيرية الراقصة ، ليرسم
صورة جمالية في وعي المتلقي ، يلبي ويعتمد في الوقت ذاته عن حاجات نفسية ويخدم
أغراضاً فلسفية وجمالية ، ليقدمها في عمل تعبيري. ويرتبط جوهر المدركات لدى
الظاهراتية وعلى نحو مستمر بتجربته العالم بالنسبة للشخص المدرك . فالمبادئ والقيم
ليست مفاهيم أو جواهر إدراكية مجردة، بل هي تجارب ملموسة لدى المدرك..
الفصل الأول للبحث أشتمل على مشكلة البحث الحالي التي
تتمحور في محاولة لتحديد آليات الإدراك الجمالي للحركة التعبيرية الراقصة ، عبر
طروحات الظاهراتية التي سعت أن تقيم جسرا لفهم وإدراك العالم بشكل عام وتأويل
دلالات العمل الجمالي بشكل خاص. أما هدف الدراسة تعرف إلى : آليات الإدراك الجمالي
للحركة التعبيرية الراقصة في الرقص الدرامي، ظاهراتياً، إلى جانب التعريف بأهم
المصطلحات الواردة فيه . فيما جاء الإطار النظري من مبحثين، عني المبحث الأول
بدراسة الظاهراتية، مفاهيمها وقوانينها ، والثاني عني بدراسة ظاهراتية الإدراك
الجمالي للحركة الراقصة. وفي ختام الإطار النظري، تمّ التطرق إلى ما أسفر عنه من
مؤشرات .
وتضمن الفصل الثالث إجراءات البحث، مجتمعه، عينته،
منهجية التحليل، ومن ثم تحليل عيناته المختارة من العروض درامية العراقية راقصة .
وانتهى البحث بفصل رابع، احتوى نتائج البحث التي يذكر الباحث أهمها : أسهمت العروض
الدرامية الراقصة في إثارة موضوعات متسامية للحقيقة التي تحدث في خبرته المشاهد عن
موضوعاتها ، إذ تجلت على نحو مادي وحدسي مباشرة ، الذي فعل الإدراك والتأويل
واسعاً في هذه العروض وذلك عبر استخدام المصممين لوسائل وأدوات مستمدة من الواقع ،
كما أمكن للحركة التعبيرية نقل محتويات الشعور والوجدان من واقع العرض إلى وعي
ووجدان المشاهد دون الحاجة إلى مبررات ، وهي تكون قد عملت على إنتاج المعنى لا
نقله ، معنىً خاص ينمو في بيئة العرض ، كذلك احتوى الفصل على أهم الاستنتاجات
والتوصيات والمقترحات التي أتى بها الباحث .
الفصل
الأول / مشكلة البحث
اشتق مصطلح علم الجمال أو الجمالية Aesthetics من الكلمة الإغريقية Aisthanesthai
والتي تشير إلى فعل الإدراك ،
وتعني أيضا الأشياء القابلة للإدراك وذلك في مقابل الأشياء غير المادية أو
المعنوية ، ولهذا عرف الجمال لدى قاموس (أكسفورد) بأنها المعرفة المستمدة من
الحواس([1]) .
كما أشارت الدراسات المتعلقة بعلم الإدراك ، وبالخصوص في فنون الأداء (المسرح ،
والسينما ، والموسيقى) ، إن الإدراك الجمالي لا يتم دفعة واحدة كما الحال مع
(العمارة ، والنحت ، والتصوير) ، بل بصيغة مباشرة وغير مباشرة ، لأنها تعتمد على
الإيقاع والزمن والتتابع والتشكل
والارتباط ، فتحتاج إلى إدراك الزمان والمكان المتخيلين للأحداث الدرامية الحاضنة
لتفاعل الشخصيات في عرض تمتزج فيه الموسيقى بالحركة الإيمائية مع الديكور والأزياء
في الفنون الأدائية : الرقص ، التمثيل الصامت بأنماطه المتعددة ، إذ تحتاج إلى
إدراك مرن يجمع هذا التحول الفاعل في العملية الإبداعية ، لتكون فعل القراءة
والإدراك عملا إبداعيا موازيا للإبداع الأول ومحيطاً به . والظاهراتية لم تتخذ لها
مساراً ضمن خارطة الجهود النقدية والجمالية إلاّ بظهور تغيرات فكرية نبهت الوعي
إلى وجود هوة بين الذات وعالمها المعاش يتوجب ردمها للوصول إلى الأشياء في ذاتها
للتأسيس لفهمها موضوعياً ، فوجدت الظاهراتية حيزاً لها بوصفها محاولة تهدف إلى
العودة إلى إدراك ما انتهت الذات إلى فقدانه .
التذوق الفني يبدأ بالإدراك ،
الذي يتمايز باختلاف الحواس إذ يكون البصري كليا ومن ثم جزئيا ، والسمعي يبدأ
جزئيا ومن ثم إلى الكل ، في حركة تمتد بين النشاط الأفقي عبر الزمن والعمودي عبر
مكوناته ، والى الأمام والى الخلف في وثبات إدراكية تجمع ثنايا التجربة الجمالة .
كما تشير عملية التذوق بالترابط مابين التعبير الجسمية والخبرة النفسية ، أي مابين
تراكيب الحركة والمعنى ، في علاقة بنائية تربط مابين القوتين والتي يطلق عليها
العالم (ليبس) بالتقمص ( أي الحياة الداخلية للعمل ) ([2]) ،
التي تتيح قراءة الحركة وإدراك فحواها، كما تمكن المؤدي من إتقان عملية الأداء
ودقة المبثوث من دلالات عبر إدراك هذه العلاقة الثنائية ، والتي يمكن تشبيهها
بالعملة ذات الوجهين . فهو أشبه بعملية الإسقاط النفسي والذهني الجمالي والمشاركة
الانفعالية والتخيلية والتي تتيح من معايشة التجربة ، والتي تشابه مفهوم التطهير
الأرسطي .
ويمكن للباحث القول بأن
الحركة التعبيرية الراقصة ما هي إلاّ ظاهرة جمالية ، على المتلقي العودة لها بعد
أن يعتق وعيه من الفروض المسبقة ليبتدئ مما هو معطى لخبرته مباشرة. ذلك أنه سيجد
فيه الماهية الجوهرية لما كان فعل القصد قد اتجه إليها . ليقوم هو بفعل تأسيسي
ينتهي إلى سلسلة أفعال هي من نسيج الوعي ذاته ، يصبح موضوعة العرض مؤسساً فيه – أي
الوعي – وعلى نحو لم يعد معه هذا الأخير بنية منفصلة عن الوعي ، بل أنه لا يكتمل
باكتساب المعنى إلاّ عبر أفعال الربط والإكمال والملء معتمداً في كل ذلك على إدراك
الماهيات عن طريق العيان والتحليل والوصف ([3]) .
لذا فإن مشكلة البحث الحالي
تتمحور في محاولة لتحديد آليات الإدراك الجمالي للحركة التعبيرية الراقصة، عبر
طروحات الظاهراتية التي سعت أن تقيم جسرا لفهم وإدراك العالم بشكل عام وتأويل
دلالات العمل الجمالي بشكل خاص ، للعرض الراقص الذي يعد مشاكسا وممانعا للخبرة
الجمالية ، لفرادة الحركة الإيمائية المجردة من كل إضافة أو مكمل حسي مباشر.
أهمية
البحث والحاجة إليه :
تتجلى
أهمية المبحث الحالي بالآتي :
1. يكشف البحث عن طروحات المدرسة الظاهراتية المهتمة بدراسة آليات الفهم
والإدراك الجمالي وإسقاطها (تطبيقها) في مجال قراءة الحركة التعبيرية الراقصة .
كما يثير الاهتمام بفاعلية التعبير الحركي (بصرياً / ذهنياً ) وإنماءه، إذ دون
إنماء هذا التعبير جمالياً وتقنياً .
2. يفيد المشتغلين بمجال التعبير الحركي ، وفنون الأداء والرقص ، والأكاديميين
المختصين بمجال الفنون.
هدفا
البحث :
تعرف
إلى : آليات الإدراك الجمالي للحركة التعبيرية الراقصة في الرقص الدرامي ،
ظاهراتياً.
حدود
البحث :
يتحدد
البحث الحالي :
موضوعياً :
الإدراك الجمالي للحركة التعبيرية الراقصة في العرض الرقص الدرامي ، ظاهراتياً .
مكانياً :
العروض المحلية الراقصة .
زمانياً :
يعنى البحث الحالي بالعروض الراقصة التي قدمت منذ عام ( 2000 – 2012 ) .
مصطلحات
البحث : الإدراك :هو : " عملية نفسية قوامها وعي الأشياء الخارجية
وصفاتها وعلاقاتها وبماله صلة مباشرة بالعمليات الحسية " ([4]).
ويعرف على أنه : " العملية التي يقوم الفرد عن طريقها بتفسير المثيرات الحسية
، إذ تقوم عمليات الإحساس بتسجيل المثيرات البيئية وصياغتها في صور يمكن فهمها
" ([5]) .
وهو أيضاً :" محصلة عمليات النظام العصبي المتعلقة بتنظيم ومعالجة المعلومات
التي يتسلمها عبر الحواس " ([6]).
وآخر يعرف بأنه: " عملية تأويل الإحساسات تأويلاً يزودنا بمعلومات عما في
العالم الخارجي من أشياء " ([7]) .
إجرائيا:
الإدراك عبارة عن تأويل الإحساس على ضوء ما يملكه الفرد من خبرات وتجارب سابقة
والتي تعتمد على النظام الحسي ، إذ إنّ عملية الإدراك تبدأ عادة بوجود تنبهات
خارجية نتقبلها عن طريق الحواس ، ثمّ تذهب هذه الأحاسيس إلى الدماغ فيقوم بتنظيمها
وإعطاءها المعنى المناسب حسب خبرة الشخص المدرك .
الفصل
الثاني / المبحث الأول
الظاهراتية ، مفاهيمها وقوانينها
يرتبط جوهر
المدركات لدى الظاهراتية وعلى نحو مستمر بتجربته العالم بالنسبة للشخص المدرك .
وما يترتب على هذه التجربة من معنى خاص به . فالمبادئ والقيم ليست مفاهيم أو جواهر
إدراكية مجردة، بل هي تجارب ملموسة لدى المدرك، رسمت من خلال فعل الوعي والفهم
بالتجربة الفعلية ( للعالم المعاش(*) )([8])،
لذا فالتجربة تقتضي بحسب ( هوسرل ) الانتباه إلى حقيقتها وفقاً للإحالة المتبادلة
بين الشعور والموضوع أمّا معرفة الماهية فلا يتم إلاّ عن طريق عملية استخلاص مباشر
من الموضوعات ذاتها . لذا نادت الظاهراتية بضرورة ترجمة العالم الخارجي ترجمة
تحيله إلى عالم ظواهري ، وهو بالتأكيد ليس الحقيقة ، بل الحقيقة التي تبدو كذلك أو
الحقيقة التي تنتهي إلى موضوعه ، فالعالم الظاهري هو عالم الشعور وعالم كل شيء من
الأشياء التي تمر كموضوع شعوري في ذاتها ([9]) .
حتى يصل التفكير
إلى مرحلة (الكوجيتو) خلال عملية الاستيضاح المتصل للمطالب المتعلقة بالتفكير
والملاصقة له. ولاستمرار التفكير لابد من دراسة العلاقات المتعددة التي نشأت نتيجة
لحوار الوعي أو الفكر مع موضوعه([10]) .
وهذا يدل على أن تحول المشاهد عن انحيازاته الشخصية الخصومية يحوله إلى متلقٍ
منفتح ، وهو ما يحقق المشاركة والتوحد للوعي المتأصل في العرض ذاته .
يرى الباحث بأن
الوعي سرعان ما يبدأ في قراءة العرض الراقص ويتحرر من الحكام المسبقة ، حتى ينتابه
العجب لأنه يكتشف أشياء لم يكتشفها كظاهرة جمالية ، ذلك أنها نتجت عن فعل القصد
لمبدعها وهي مقصودة القراءة لذاتها على الرغم من أنها تعود لشخص أو أشخاص آخرين،
وهو ما يحقق انسجاماً فريداً بين الوعي والمواضيع الخاصة به. وهذا يعني حصول
انفصال وقتي عن الهوية، للدخول في قراءة جمالية لا تخلوا من طابع شعوري مقصود.
سعت الظاهراتية
لأن تكون العلم الكلي الدقيق للمعرفة الإنسانية ، لذلك فأنها تحدد مقدماً نقطة
البداية لهذا العلم الكلي الذي يبدو في مجال محايد هو الشعور إذ تكتفي بدراسته
وصفياً دون محاولة تفسيره، للتوصل إلى إدراك الماهيات الكامن فيه وبالاعتماد على
الحدس . فالشعور نقطة البداية والأرضية المحايدة التي يجب أن تبدأ منها كل معرفة
وكان الهدف من تحديد تلك البداية القيام بعملية وصف دقيق للشعور الخالص، ومن هنا
تعرف الظاهراتية بأنها علم وصفي للشعور([11]) .
إنّ المسائل
التي تدور حولها الفينومينولوجيا تندرج تحت مقولات ثلاث هي ( القصدية، العيان
المقولي ، القبلية ). تعني القصدية التوجه إلى الشيء ، فالإدراك هو إدراك الشيء،
والتمثيل هو تمثيل الشيء وهكذا. وهذا الشيء ليس بالضرورة أن يكون موجوداً يمكن
مشاهدته أو لمسه إذ قد يكون موضوعاً معنوياً ذا كينونة يختلف.
يضاف إلى ذلك ، تفترض القصدية :
1. أن يكون الوعي وعي بشيء ما .
2. أفضل طريقة نتصور بها الوعي أنه يعيد الفعل الذي به يقصد أو يتخيل الفاعل
موضوعاً أو يعيه . وبذلك يدخل الموضوع في الحيز المعروف في شكل تصور أو بديهة أو
صورة ذهنية ([12]) .
أتت الظاهراتية بمفاهيم معرفية عدت متطلبات وثوابت رئيسة
هي :
1. الرد الظاهراتي : وهو عملية إحالة
الشيء إلى حقيقته الأولى بعد إن أضاف لها التاريخ طبقات وأوجه معنوية مختلفة (
لغوية– ثقافية– أيدلوجية ) ليست من صلب ماهية الشيء ([13]).وقد
حدد ( هوسرل ) نمطين في الرد الظاهراتي هما :
أ .الرد الظاهراتي المتعالي : ([14]) .ب.
الرد الصوري الماهوي : ([15]).
2. الماهية : هو معنى شيء ما ، الذي هو في ذاته ،
في تميزه من كل الأشياء الأخرى وتعارضه مع الحالات المتغيرة للشيء تحت تأثير ظروف
مختلفة فالجوهر لا يوجد في خارج الأشياء وإنما فيها ومن ([16]) .
منهج الظاهراتية
أراد ( هوسرل ) في منهجيته الظاهراتية أن
يبعد الفلسفة عن كل أنواع سوء الظن فيما يتعلق بالحقيقة التي تنطوي عليها المشاهد
المحسوسة نفسها ، لذا فقد حدد للظاهراتية أسس وسمات منهجية نوجزها بالآتي :
على
الرغم من أن آليات الظاهراتية قد اشتغلت على دراسة وكشف مضامين الشعور الخالص ،
أفعاله القصدية ومبادئه ذلك أنه يمثل مبدأ كل معرفة لديها كما أنه يتصف بالآنية ،
بمعنى أنه يقصي الفهم المسبق أو يتماهى في الظاهرة ويدون فعل الخبرة لغوياً ، إلاّ
أن طروحات منظريها بما فيهم مؤسسها ( هوسرل ) قد تباينت في تناولها لماهيات
الظواهر،فـ( هوسرل ) يرى بأن معرفة معطيات البيئة لا ينحسر على تعرف الماهيات
الموضوعية الملاصقة فيها،أو حتى التي ترسبت في الشعور نتيجة لتجارب عدة،بل أن لهذه
المعرفة فعلاً وهدفاً آخر هو درج فعل الإدراك ( الشعور ) مع موضوعه وجعله في تضايف
مستمر معه،ويتم ذلك من خلال حسر الاهتمام بالظاهرة المعطاة والتي علّقت الشعور
كبنية دالة وتمثل هذه الدلالة لدى ( هوسرل ) معنى موضوعياً . فهو معنى خالص نشأ عن
علاقة شعورية خالصة مع الأشياء ( الظاهرة )،لذا نادى ( هوسرل ) بالعودة إلى
الأشياء ذاتها ، ([17]).
لما كان ( هيدجر
) قد ميّز ( العرض المسرحي ) عما سواه،فهو بالضرورة يلزم المشاهد بأن يعزل هذا
العرض ويركز جل انتباهه على أسلوب وجوده،فهو عرض منزه عن الغائية ذو طابع وجودي
يعمق الإحساس بالواقع الإنساني ، تنبثق قيمته منه فحسب،أما المعنى فهو معنى
جمالياً،وأسلوباً من أساليب تكشف الحقيقة بعد أن ينتزعها العرض من أحجابها
وأستارها،وبهذا الوصف يقر ( هيدجر ) بأهمية الاتصال والتواصل مع العرض لفهم الوجود
ذاته،بأشكاله وماهياتها وجواهره المتجاوزة لحدود الحواس وبالاعتماد على ملكة
الشعور ذاتها،التي تحول ما هو مفقود إلى موجود محرراً بذلك ذاتها من عبودية العالم
المادي ([18]).لذا
يمكن للباحث القول بأن جمال العرض لدى ( هيدجر ) يتجلى بربطه الفريد بين موضوعاته
المطروحة وموضوعات العالم الإنساني وعلى نحو يقدم من خلاله العرض دلالة جوهرية
وجودية خالصة ، تصور الحقيقة بكل معانيها من خلال صراع الذات مع عالمها .
أما ( أنغاردن )
فقام بإحداث تغيرات إجرائية على المفاهيم الظاهراتية لدى ( هوسرل ) وذلك
بتطبيقاتها على العروض المسرحية ، جاعلاً من آلية التأويل قائمة على قوى الإدراك
والفهم من جهة وطبقات العمل من جهة ثانية ، أي من خلال تفاعل بنيتين هما ثابتة
ومتغيرة .
اشتهر (
ميرلوبونتي ) بربطه الفريد للخبرة بعلاقة الذات مع وجودها الذي يعده رافدها
المعرفي الأول ، ويعرف الخبرة بأنها عالم الوعي الذي يقوم بعملية كشف تأسيسي
للموجودات في جزئياتها الحسية . وتحديد معناها . فالمعنى والمحسوس يدركان في وحدة
واحدة هي الخبرة ، والخبرة مردها البدن . لذا يرى الإدراك الحسي خبرة أولية بصورة
كلية يرتبط فيها المعنى بالمحسوس . جعل( ميرلوبونتي ) كل المعارف الذاتية والخبرة
أصله الواقع المادي المرتبط فيه العقل بالجسد المتحرك ([19]).
فأفعال البدن لديه القدرة في تحديد المعنى ، ومن خلال هذه الخبرة يمكن للفرد من بث
الدلالات المحددة ومن قراءتها في ذات الوقت .
تبعاً لذلك
أرادت الظاهراتية من المشاهد العودة إلى العرض ذاته وأن يتحرر افتراضات الفهم
المسبقة ويشهد بنفسه انتفاء ثنائية الذات والموضوع وليمارس هو الأبوخية ، ويشاهد
أساليب تكشف الظواهر وإدراكها . فالراقص : انفعال روحي لا ينفصل فيه الروح عن
الجسد ، ولا يضاهيه انفعال ([20]) .
يحمل دائما دافعا لا يقاوم وشعورا نحو الصورة الحيوية للجسد ، يحمل عاطفة ملتهبة
وقسوة شديدة وألم وحب وضعف ([21]). كل
ذلك بحاجة إلى قوة حسية وذهنية ووجدانية لمجارات هذا الدفق المتواصل من الأحاسيس
والعواطف وفك شفراتها وتأويل دلالاتها وإدراك موضوعاتها .
المبحث
الثاني / ظاهراتية الإدراك الجمالي للحركة الراقصة
تكون
تجربتنا مع فن الرقص في الغالب حسية ومباشرة ، لكن صورة الرموز التي يتم تحقيقها
فوق الخشبة بواسطة أجساد الراقصين تنطبع أيضا فوق شبكة أعيننا([22]) .
وإنّ العرض الدرامي الراقص الذي يستوفي ويضم وحدة (الفن/الجسد) (الذات/الجسد) يكون
أكثر من غيره تجاوزاً للإطار الضيق للبعد العاطفي الوجداني بمعناه التقليدي . ويطيح
ببعض المبادئ والخبرات التي كان يعتقد بأنه تم الاتفاق عليها كالإيقاع والتجريد
والجاذبية ، وبالمقابل فإنه لا ينكب على الأبعاد الجمالية والبرهنة الدلالية ليأخذ
منها موضوعاً وشعاراً له ، ليبني على وفقها النتائج المتوقعة له. فالاكتفاء
بالإشارة التي تحدد آثار رسوخ الأسلوب الأدائي ، ثباته وتحولاته وبالنحو الذي يسمح
للمشاهد بأن يسقط فيه ما يشاء من دلالات لم يعد أمراً مُرضياً قط ، لأن ذلك يعني
فك شفرة الحركة التعبيرية الراقصة وإحالتها إلى مرجعها في حين أن المسألة التي
يطرحها فن الرقص الدرامي الآن هي مسألة معرفية ، أي كيفية تحول مجمل رقصات الممثل
إلى أكوان أو وحدات تترابط مع بعضها البعض وتنتظم لتظهر أشكالاً دلالية بارزة،
بمعنى آخر معرفة الطريقة التي يمكن فيها لتجليات المعنى من أن تنبثق من الإحالات
الراقصة التي يدركها([23]).
يعطى شكلين
متميزين للإدراك في حدود علاقة المشاهد بالعرض الدرامي الراقص :
الأول : يحدث عند قراءة أي عمل للمرة الأولى. الثاني:
يحدث عند استيعاب البنية الأساسية الخاصة بالعمل .
الأول قراءة فردية أما الثاني فهو نشاط إدراكي للتمكن من
استيعاب العوامل التكوينية الشكلية والمادية يضاف الى العناصر التي تتكون منها
طبقات العمل الفني ([24]) .
وإنّ الإدراك الجمالي على تختلف مستوياته ( حسي،عقلي، وجداني ) يتألف من
ثلاثة أنواع تركيبية،إدراك حسي ( انعكاسي
) يوطد العلاقة بين الذات وجسدها الخاص، وإدراك حسي(متعدي ) يوطد العلاقة بين
الذات والموضوع،وإدراك حسي ( تبادلي) يوطد العلاقة بين الذوات ([25]).
وعليه
يمكن للباحث القول بأن العرض الدرامي الراقص وعبر حركاته التعبيرية ما هو إلاّ فعل
تبدلي في علاقات القوى المؤثرة على المشاهد من خلال قناة الاتصال الأولى لديه (
الإدراك الحسي ) داخل الفضاء التوتري الذي يخلقه العرض بجملته هذا من جانب ، ومن
جانب آخر ، يتيح العرض لجسد المشاهد أن يبحث ويدافع عن كماله وسط تلك التحولات
الإدراكية الوجدانية الحاملة له والتي هي في ذات الوقت طاقة خاصة به .
يحدث
التنبيه إدراكاً عن طريق الحواس التي تؤلف الإحساس والإحساس هو الأثر النفسي الذي
ينشأ مباشرة من انفعال حاسة ما أو عضواً حساساً ما . تتأثر بعدها مراكز الحس في
الدماغ، أما الفرق بين الإحساس والإدراك هو أن الإحساس عبارة عن استجابة أولية
لأعضاء الحس بينما الإدراك هو الطريقة التي نفهم بها الموضوع ككل موحد، والإحساس
هو أبسط العمليات النفسية وينشأ نتيجة لتأثير الأشياء في العالم الخارجي على أعضاء
الحس . إذ كما يشير ( الكسسندر دين ) أن الحركة على خشبة المسرح أكثر جدلاً من
وضعها في الحياة اليومية ، وبالتالي فهي أكثر انتباها وإدراكاً وأقدر تصويراً على
الإحالة إلى فكرتها الموظفة لأجلها ([26]) .
يعمل الإدراك على أربع عمليات:(
الكشف،التحويل،الإرسال،تجهيز المعلومات )،إذ تقوم الحواس بعملية الكشف والتحويل
والإرسال.أما تجهيز المعلومات فيتم في مواقع مختلفة في الوعي والدماغ ([27]) ،لذا
فقد أصبحت هناك عوامل مؤثرة في الإدراك هي :
1. العوامل الخارجية :
تتعلق بتنظيم الأشياء كما ترد في السياق وهذه
العوامل هي :
أ. التغير والحركة :
إذ يميل
الإدراك وبفاعلية إلى تفسير الأداء الحركي ويزداد تركيزه أكثر من الأداء الساكن،فالحركة
التعبيرية ذات الإيقاع الحركي المتباين والمتنامي تثير المشاهد عبر نسقها أكثر من
الحركة الساكنة أو البطيئة،لكن إذا وظف السكون بشكل( تقني/جمالي ) يصبح ذو دلالة
فعالة في الأداء.ويعرف السكون لغوياً بأنه التوقف عن الحركة، لذا فهو فعل وفقاً
لسياق الحركة وهو قدرةً عند الراقص إذا سكن لغاية ما، فيتحول السكون من القدرة إلى
الفعل ([28]) .
ب. الشدة والتضاد :
إذ تكون شدة الجذب الحركة التعبيرية أثراً
فاعلاً في تحديد آلية ومستوى الإدراك (حسي،عقلي،حدسي ).فعلى سبيل المثال ، تعمل
الإضاءة المبهرة المصحوبة بإيقاع صوتي يتناغم مع الحركة التعبيرية. تعمل على تفعيل
الإدراك وتركيزه بشدة، أما في التضاد فيعمل الحوار . أو تعدد أنواع الرقصات كما
تفعل المصممة ( لينا يوسيفسون ) من جمع الرقص الغربي مع الإفريقي ([29]) .
ج. العدد والترتيب :
تميل الأشياء والمنبهات التي تقع في مجموعة
طبيعية أو ترتيب منتظم إلى جذب الانتباه وتوجيه الإدراك، وكما يتوقف عدد المثيرات
على وقف إدراكها أو المدة الزمنية اللازمة للإدراك .
د. تنظيم عناصر الموقف :
الإدراك يتوجه عادة نحو المنبهات أو الحركة
التعبيرية المنظمة أكثر من تلك المضطربة ([30]) .
2.
العوامل
الداخلية : وتصنف إلى :
أ.
الميول
والاتجاهات . ب .الخبرة السابقة ([31]) . ج.
التوقع . د.أثر القيم والتقاليد .ه. الحالة الجسمية والنفسية([32]) .
وضع علماء النفس والتربويين نظريات في
محاولة لتفسير قوانين الإدراك وهي :
1. أنموذج الهيكل :
يفترض أن الصور والأخيلة البصرية للأشياء
والمواقف المدركة تكون مطابقة لأنماط مثيراتها . ويتوقف المثير على مزاوجة أو
مطابقة صور المثير الذي نراه فعلاً بهياكل أو تركيبات مختزنة من أجل إيجاد أقربها
إليه.
2.
أنموذج القسمات
أو الخصائص البصرية البارزة :
يقوم هذا الأنموذج على افتراض أن الإدراك ذو
طابع تحليلي،إن لم يكن هو كذلك بحد ذاته،وإن المواقف والمثيرات يجري تحليلها إلى
قسمات أو خصائص بارزة تخزن في قائمة شكلية،سمعية،بصرية ...
3.
أنموذج التركيب
البنائي :
أن القائم بعملية الإدراك يكون أولاً تمثيلاً
أو صورة تجريدية للمثير ، تقوم أساساً على الخواص التنظيمية له، ثم يعمد إلى تكوين
افتراضات قائمة على توقعاته لما ينبغي أن يكون المثير عليه ، مع الأخذ بنظر
الاعتبار قواعد التشابه ، الاختلاف ، الاحتمال([33]).
أنواع التصاميم
(Choreography)
الراقصة تبعا لنوع الموضوع :
1.
التصميم المبني على مواضيع واقعية
كالتي قدمتها ( جراهام ) .
2.
المبني على تصاميم غير واقعية ،
وهدفها تجربة الحركة واستعراضها وليس السرد ، ورقصات الصدفة التي ابتكرتها الراقصة
( كينجهام ) .
3.
المبني على موضوعات تجريدية ، وهو
الرقص التجريدي التي تستمد من الواقع لكنها تشتمل على جوهر الخبرة الحقيقية ([34]) .
أساليب التصميم الراقص :
ترتبط بالإحساس الموجود بالقطعة تنظيم الإيقاع
والخطوط والشكل :
1.
أسلوب الجاز : ويتسم بالحيوية والطاقة والإيقاع
يشتمل بالرقصات التي تعرف بالمنعزلة وتكون لجزء واحد .
2.
أسلوب الغناء : ويعبر بالرقصة عن
أغنية ما .
3.
أسلوب هزلي : أو كوميدي لموضوعات
بسيطة بروح فكاهية .
4.
أسلوب هندسي : ذو خطوط وأشكال
هندسية وهي غير موضوعية هدفها التنويع من اجل الحركة ([35]) .
يحدث التنوع في الرقص بناءا على فهم
عناصر الرقصة وهي : المكان ، والزمن ، والطاقة ، والجسم . وأول من حدد عناصر
وتصنيف الحركة الراقصة هو الفيلسوف والراقص الانكليزي ( رادولف لابان 1879 - 1985
) وهي العناصر الديناميكية المؤثرة للحركة فيجعلها مؤثرة وهادفة ويكسبها جاذبية ،
وتحتل مكانة في التقييم الجمالي للأعمال الفنية ، وهي تشمل :
أولا-الوعي بالفراغ ، ويشمل الفراغ
الشخصي والعام ويتضمن : ( الاتجاه ، المستوى ، التركيز،المسار ) .
ثانيا-
الوعي بالجهد ويتضمن : ( الطاقة ، الزمن ، المدى ، الانسياب ) . ثالثا- الوعي
بالجسم . رابعا- العلاقات الحركية ويتضمن : ( مع الآخرين ، مع الأشياء ) ([36]).
الفصل
الثالث : إجراءات البحث
1.
مجتمع البحث :
تألف المجتمع الأصلي للبحث الحالي من ( 13 ) عروض درامية راقصة قدمت في
محافظتي بغداد وبابل، وللفترة من ( 2001 – 2012 ) ، والتي صممها فنانين وأكاديميين
، ملحق (1) .
2.
عينة البحث : تألفت عينة البحث الحالي من ( 2 ) عرضا دراميا راقصا
، ملحق ( 2 ) .
3.
منهج البحث : اعتمد الباحث على المنهج التأويلي الوصفي الذي أسسته
الظاهراتية كما اعتمد على أداة البحث التي تم بناؤها .
4.
أداة البحث : قام الباحث ببناء أداة بحثه بعد إن اطلع على الأدبيات
المتوفرة والمتعلقة بموضوع بحثه ، ثم حددها في محاور ، تقدم به إلى مجموعة من
السادة الخبراء(*) ،
وقد قام الخبراء بإجراء بعض التعديلات والإضافات ، فاتخذت الأداة شكلها النهائي
ملحق (3) .
5. صدق
الأداة : بعد تحديد الفقرات ووضعها في استمارة خاصة ملحق (3) .
عرفها الباحث على عدد من السادة الخبراء(**) في صيغة استبيان مفتوح لغرض استطلاع ومدى
صلاحياتها للتحليل . تم تفريغ الاستمارات في استمارة واحدة واستخرجت نسبة الاتفاق
بين الخبراء باستخدام معادلة ( كوبر Cooper ) ، فكان الاتفاق (87% ) ، وهي نسبة اتفاق جيدة .
6.
ثبات الأداة : تم استخدام طريقة الاتساق بين المحللين في تحليل العينة
(***) ، بعد تعريفه بإجراءات التحليل وضوابطه وتدريبه
على كيفية استخدام الأداة وقد تم استخراج معدل الاتفاق باستخدام معادلة سكوت (Scoot )، فكانت نسبة الاتفاق بين
المحللين ( 86,21 %) ، وهي نسبة يمكن الركون إليها .
7.
الوسائل الإحصائية :اعتمد الوسائل
الإحصائية الآتية : معادلة كوبر ( Cooper
) لصدق الأداة معادلة (سكوت Scoot
) في لثبات الأداة .
8. تحليل
العينات عينة ( 1
)
طقوس
بابلية . إخراج : طلعت السماوي مسرح الرشيد ، ( 2001 م
)
تدور فكرة العرض حول استعراض تاريخ الإنسانية وتجسيد أفعالها في حركات
تعبيرية تحول هذه الأفعال إلى ظاهرة إنسانية دون تحديد هويتها بالذات ، إذ يجهد
العرض عبر حركات معبرة في الإفصاح عن رحيل الإنسانية المعرفي والتاريخي في آن ،
وإن كان العرض يدور حول حياة العراقي بالذات ، إذ يبدأ العرض في أول مهد حضارة
للإنسانية ، بدءً بالروح البابلية ، من أنشطتها الاستكشافية ، حكمتها ، كفاحها
اليومي ، طقوسها الدينية ، إنها باختصار محنة رحلة الإنسانية بغض النظر عن هويتها،
أو دون تحديد هويتها .
يتمثل الجوهر التأسيسي في هذا العرض بقدرة المصمم على تحويل الأفعال
والأحداث التاريخية إلى (ظواهر) عبر سلسلة أدائية حركية معبرة في عوالم افتراضية
أثارة أفعال الوعي وأيقظت الشعور عبر تشكلها الصوري في ذهن المشاهد وعلى نحو
تجاوزت معه محددات الزمان والمكان بل حتى حدود المنطق المألوف . ليلج المشاهد في
عالم يسبق منطق الحدث التاريخي .
يبتدئ العرض بمثر صوتي يثري الإحساس بعبق التاريخ الماضي ، بحضارات عتيدة ،
يعقبه دخول راقص يرتدي أزياء بابلية وعلى نحو بدا معه نصفه الأعلى عارياً فيما غطى
نصفه الأسفل بقطع قماش مزكرشة ، يباشر الراقص بأداء حركات تعبيرية ، بدت مستوحاة
من التحف السومرية في محاولته لتقليد التصميم الهندسي للوحة السومرية وهو تصميم (
البروفيل ) الجانبي والجسد الشبه أمامي ، والحركات المعبرة المتقطعة والمتكررة
الواحدة تلو الأخرى . يستمر الراقص في تلوين الحركة التعبيرية المعبرة عن حب
البابلي والكفاح والعمل ، رغم قساوة البيئة ، وتعبه المتواصل إلاّ أنه بدا أكثر
حباً للحياة عبر قيامه بحركات تعبر عن حرث الأرض والبذر في حركات تعبيرية تتابعية
، ومن ثم استجداء الماء من السماء لإنباتها ومباركتها له ، وفي انتقاله حركية
يرتعد الراقص ، ليجسده وينحني إلى الأسفل باكياً معبراً عن حزنه الشديد بحركة
إدماجية وكأنه بذلك يجسد بكائيات تموز ، موسم القحط والعوز لدى البابليين . ومما
يلاحظ هنا هو استخدام الراقص لحركات تعبيرية لا زالت متداولة ومعبرة عن حاجة الذات
إلى الأمان والاطمئنان بضم ذراعيه إلى صدره والانحناء إلى الأسفل في حركة مركبة
تعبيرياً كما يلاحظ تكرار الراقص لوقفة الحكيم البابلي في أكثر من موضع أثناء
العرض ، مما أضفى على العرض جمالية متفردة هي دوران الراقص حول بقطعة الضوء التي
كان يرقص فيها في حركة تدور عكس دوران عقارب الساعة ، دوراناً بطيئاً تزداد سرعته
تدريجياً ، وكأن الذات تدور كما الأيام على عكس ما تشتهي وتريد وكأن المصمم أراد
أن يصف حياة ذات في لوحة مسرحية راقصة معبرة ، بشتى انعكاساتها ، سلبية كانت أم
ايجابية ، وعلى نحو بدا معه العرض وكأنه مشهد من المتحف التاريخي ، يصف ظاهراتية
الحياة البابلية .
العرض وإن احتوى على حركات تعبيرية تركيبية – كما في الحركات المعبرة عن
الطقوس الدينية والدوران حول بقعة الضوء – فإنه لم يقع في شباك الذاتية المحضة أو
الموضوعية المفرطة ، وأمكن له هذا الإفلات عبر مخططاته الهيكلية التي تملأ عبر فعل
القصد الذاتي ، أمكن للمشاهد أن يعطي المعنى ذاته للحركة وربطها بالفكرة العامة أو
الفلسفة الكلية للعرض بعد كل قراءة له ، أو أن يصل مجموعة مشاهدن إلى المعنى ذاته
للعرض ذاته ، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على أن القراءة الظاهراتية للعرض تعمل
بالضرورة على تحويله إلى وجود ملموس في وعي مشاهده ، وتعتمد عملية التحويل هذه على
:
1. محتويات المعنى التي تفرزها لغة العرض ، والتي كانت في هذا العرض محتويات
وجودية في الأساس انعكست عبر الحركات التعبيرية الدالة على حب استمرار الوجود .
2. الإشارات والدلالات ذات المدلولات والإحالات الجمالية ، والتي تمثلت بوقفات
الحكيم المتأملة وكذلك في الطابع الهندسي للحركة التعبيرية المستوحى من لغة
البابليين ذاتها ، والحركات الجمالية المعبرة عن مرونة الجسد ورشاقة الأداء .
إنّ قراءة هذا العرض ظاهراتياً يستوجب أن يراعى فيها بنى العرض الماهوية
والموضوعية كما يجب أن يراعى فيها فاعلية مدركات المشاهد وحواسه وقواه العقلية لما
له من أثر كبير في إنتاج المعنى عبر تفاعل الطرفين ، ولأجل ذلك لم تأتي الحركة
التعبيرية على تباين تشكلاتها وتعابيرها لتعكس تمظهرها الجمالي فحسب ، بل حملت
انعكاسات نفسية لعالم ضمني يستوحي من أعماق لا وعي الإنسانية كلها ، لذا ومن منطلق
ظاهراتي يمكن للباحث القول بأن الحركة التعبيرية هنا وعبر نمط تشكلها ما هي إلاّ
بحثاً في الجذور الأولى لوجودنا الإنساني في مرحلة أولى لاستحضار المحسوس من ثم
إدراكه جمالياً عن طريق ( التحديد الظاهراتي ) ، والذي هو إعادة صياغة وإيجاد
علاقة جديدة بين فكرة العرض الأساس وحاضره المحسوس والمعبر عنه أدائياً ، أي إيجاد
صياغة ظاهراتية بين التشكيل الدال للحركة التعبيرية والمشاهد ذاته ، عبر فعل القصد
الموجه إزاء العرض ، والذي يخلو من طابع خيالي تعالى على محددات الواقع وبالاستناد
إلى طروحات العرض التي تولد معان وجودية جمالية أكثر من كونها معان إنسانية محضة .
استطاع مصمم العرض وعبر التحكم بالحركة المعبرة أن يعالج الموضوع ماهوياً ،
فيلجأ إلى رد (الذات البابلية ) ظاهراتياً واختزالها في آن واحد . لذا أصبحت هذه
الذات تدرك لذاتها وفي ذاتها دون أن تمتلك بعداً خاصاً بها ، فهي إحالات دائمة ،
ومن هذه الإحالات يتحرك الوعي الجمالي الجديد بهذا الوجود المعاش الذي يطرحه العرض
متجهاً إلى ترسيخ الردود الصورية (الاستجابة المتجه للمعنى) في شكلها الظاهراتي
العميق عبر لغة العرض (لغة التشكل الأدائي المعبر).لذا يصبح العرض سلسلة صورية
ظاهراتية بناءة بطريقة خلاقة يحاول المشاهد من خلالها انتزاع ماهية الأداء المعبر
وتأسيسها كحقائق في وعيه ، بمعنى أن المشاهد يتعامل مع الذات المفترضة هنا عبر
إحالتها إلى حقيقتها الأولى بعيداً عن إضافاته التاريخية لها . ويتم ذلك عبر رد
فعل ظاهراتي متعالي يوضع هذه الذات المدركة عبر حركاتها المعبرة بين قوسين ويعلق
الحكم عليها مؤقتا بغية الانفلات من الانبهارية الناشئة عن مرونة الجسد ومن ثم
توجيه الانتباه إلى الشعور الداخلي وإلى فعل الإدراك ذاته ، كما يقوم برد ظاهراتي
صوري ماهوي ، إذ تمّ عبر إدراك الصورة العقلية والماهية الحقيقية للموضوع كما تظهر
في الشعور آنياً وحيث تتحقق المعرفة اليقينية الثابتة بتلك الحقائق المتعلقة
بالذات والحضارة البابلية أساساً ، أي بعد الارتداد في عالم العرض المحسوس إلى
عالم الشعور الداخلي الخالص .
عينة رقم ( 4 )
و . هـ . م .
اخراج : ذو الفقار إبراهيم . كلية الفنون الجميلة ، جامعة بابل ،(
2007 م ) .
تدور فكرة العرض حول صراع الأحزاب على مقاليد الحكم داخل الوطن المستلب ،
ويكون التحايل والخداع وسيلتهم لخداع الشعب والتراوغ فيما بينهم ، إذ يقدم كل حزب
شعاراته وخطاباته ، ووعوده التي تنتهي إلى اللاشيء ، ليعودوا فيتصارع بعضهم مع بعض
، لكن يبقى العرش خالياً . ينتظر شخصاً ما ، قد صُمم هذا العرش له أصلاً .
يبتدئ العرض بدخول راقص يؤدي حركات عشوائية في دلالة على أنه شخصية
بهلوانية ، يتحكم الطابع العبثي في فكرها المحرك أكثر من الانتظام والتوافق وعبر
حركات تعبيرية تراكبية ، بعضها مستمد من حركات الحيوانات ( قردة ).يفصح المشهد عن
أن الواقع الذي قدم لهذا الوطن واقع يعتمد العبث والتقليد الأعمى بعيداً عن
الاحتكام للعقل والمنطق يستمر الراقص الأول بأداء حركاته هذه ، فيما يدخل راقص آخر
، ليؤدي مع الراقص الأول الحركات التراكبية ذاتها،لكنها هنا بدت حركات تعبيرية
تبادلية الطابع،في دلالة على أن الواقع يتبادل العبث والفوضى دون نهاية.يدخل ثلاث
راقصون يؤدون مع بقية الراقصون حركات تعبيرية تتابع حركي بثبات دلالي تتطابق مع
حركات الجنود أوقات تدريبهم في ظل النظام السابق،إذ يتحركون في صفين متوازيين، ثم ينقسمون على خطين متقابلين،يبقى
القائد في المنتصف ، وهو يؤدي تحية العلم بأوج شموخه وعنفوانه وشجاعته ، وفي حركات
جمالية مرنة ينسحب الجنود ليجد القائد نفسه وحيداً ، يلوح بيده غاضباً ليعود
الجنود خانعين مرتعشين ، في حركة تعبر عن هشاشة الذات أمام السلطة . فيبدءون بشرح
أسباب الهروب ، يلوح الأول إلى الوراء بحركات يديه الراقصة في دلالة إلى أنه ذهب
والآخر يلوح إلى الأمام في دلالة إلى أنه ذهب في مهمة ،والآخر يتمرغ على الأرض في
حركات تعبر عن مرضه وهكذا . فيما يرفع القائد يده إلى الأعلى ويستقيم جسمه ليبدو
بهذا الأداء غاضباً جداً منهم ، فيما يقف الجنود خائفين .
مع إيقاع سريع يدخل الراقصون الواحد تلو الآخر وهم يحملون لافتات وشعارات
عدة تعبر عن هوية ومطلب كل حزب من الأحزاب الوافدة ، ليقفوا بصف واحد أمام
الجمهور، بخطوات راقصة يتقدم كل راقص حاملاً شعاره إلى الجمهور ليلف حول نفسه
ويرجع إلى الخلف ، يتقدم الآخر وهكذا في حركات تعبيرية تتابع حركي بثبات دلالي
تعبر عن الإفصاح عن رغباتهم في التعريف بغية استرضاء الشعب عبر إغوائهم بالشعارات
. وفي مشهد ذا طابع كوميدي يقوم أحد الراقصين بلصق مادة لاصقة على مؤخرته ويجلس
على الكرسي وحينما لاحظ بقية الراقصون ذلك حاولوا نزعه عنه فلم يتمكنوا،إذ أدوا
ذلك بحركات تعبيرية ذات طابع إدماجي إضافي، وحينما انتزعوه بالقوة ينخلع رداءه
الملتصق بالكرسي في دلالة على تعري الحقائق وانسلاخها عن جوهرها . وفي حركات تعبر
عن بروز الجسد ومرونة الأداء يقوم الراقصون بقذف الشخص الملتصق ليقوم أحد الراقصين
بأخذ الكرسي والهروب به في حركة تتابعية ثابتة في المكان ذاته . فيما يقوم
الراقصون بالجري الإيهامي خلفه في دلالة على سعي الجميع للحصول عليه . وفي حركة
سريعة يشكل الراقصون بأجسادهم وحركاتهم شكل شخص يمتطي دراجة ويجري خلف الراقص الذي
يحمل الكرسي ، وهكذا ، وبعد ذلك يظلم المسرح ليضاء على أجساد في رأسها كيس وهي
تحاول أن تجد طريقها إلى مكان ما فقد حوا العرض على فجوات أو مواقع للاتحديد عدة
في العرض ، منها الحركة التعبيرية التي تجمد فيها (الرئيس) ليحول إلى تمثال لا روح
فيه ، وهروب الجنود وعودتهم خانعين ليلقوا به إلى الماضي ، الشخص الذي حمل الكرسي
في حركة تتابعية اشتقاقية يثير تساؤلات حول المعنى النهائي لهذا الجري اللامجدي
وهكذا، إذ في مجمل هذه الحركات يجهد المشاهد في إضفاء معنى ما لا يتعارض مع المعنى
الأصيل لتلك الحركات ولا ينتهي بمجرد إضفاء المعنى القصدي من قبل المشاهد ،
وانقسام المعنى هذا يؤدي بالضرورة إلى إنشاء موضوعين القصدي الخالص بالأصالة، وهو
ما عناه أو قصده المؤلف ، أي الذي يتعلق بالقصد الدلالي للمؤلف ، والذي تجسد عبر
أفعال الوعي العيانية (الحركات التعبيرية) والموضوع القصدي الخالص المستمد والذي
يتعلق بالمشاهد ويكون ذا طابع تخطيطي يمتلئ عبر قصدية المشاهد ويحقق المعنى الذي
طرحه العرض.
لقد عني العرض بدراسة الواقعة الوجودية ودراستها دراسة
وصفية كما تتضح وتتبدى في الزمان والمكان بعيداً من الأسباب والمسببات والقوانين
التي أنتجت هذه الواقعة في محاولة للاستحواذ على المعنى أو الماهيات أو الدلالات
الجوهرية لها من خلال قراءة آنية تجريبية يتم إدراك المعنى فيها عن طريق الحدس، إذ
يرى في المعنى بنية تتشكل عبر اتحاد الشكل بالمضمون وتنتج بفعل فاعلية الإدراك
والفهم والتأويل لدى المشاهد عبر تحليله للأحداث التي يرويها بوصفه ظاهرة متشكلة
في وعيه أولاً وأخيراً ، إذ يقوم بهذا التحليل انطلاقاً من ترسبات العرض وأثره في
شعور مشاهده الأمر الذي يعمق آلية تعامل الوعي مع العرض عند استبطانه له محولاً
إياه إلى ظواهر وبالتعويل على القوى الشعورية القصدية المنتجة للعرض والمشاهدة له
والتي تقوم بعمليات ( رد ظاهراتي ) ذو طرفين ، إذ فيه يرد العرض إلى حقيقته الأولى
بعد تجريدها من محددات الزمان والمكان والتاريخ ، ومن ثم الوصول إلى الحقيقة أو
الماهية الجوهرية عبر الرد الظاهراتي المتعالي ، إذ يقوم المشاهد بوضع العرض بين
قوسين والانغماس فيه ومن ثم توجيه الانتباه إلى الشعور الداخلي والى فعل الإدراك
نفسه ، والثاني هو الظاهراتي الماهوي ، وفيه يتم إدراك الصورة العقلية والماهيات
الحقيقية كما تظهر يقظة في الشعور وحيث تتحقق المعرفة اليقينية الثابتة بكل إمكانياتها
الدلالية الاحتمالية، بعد الارتداد من عالم المحسوسات الخارجية إلى عالم الشعور
الداخلي الخالص .
الفصل
الرابع / النتائج :
1.
إنّ اليات الادراك الجمالي
الظاهراتي وإن كانت تعنى بكشف الماهية إلاّ أنها كانت تبتدئ من التجريب ، أي من
معاملة العروض الدرامية الراقصة كواقعة تجريبية آنية ، وذلك لوصف المظاهر الأدائية
للحركة التعبيرية وإدراك المعاني بالارتكاز إلى الخبرة الجمالية .
2.
أسهمت العروض الدرامية الراقصة في
إثارة موضوعات متسامية للحقيقة التي تحدث في خبرته المشاهد عن موضوعاتها ( الصراع
، الكفاح ، الرحيل .. ) ، إذ تجلت على نحو مادي وحدسي مباشرة ، الذي فعل الإدراك .
3.
تعد قوى الإحساس والإدراك والتفسير
والفهم ، والوجدان والشعور والمخيلة ، لبنات أساس في الظاهراتية ، وعدت أساس في
قراءة العروض الدرامية الراقصة ، إذ تعد رافداً معرفياً تمد قوى ( العقل والحدس )
بالتصورات المادية.
4.
إنّ لاشتغالات آليات الإدراك
الجمالي هذه عملت على إبراز الوجه الحقيقي للقراءة عبر كشفها للتحويل الحاصل في
بنية العروض الدرامية الراقصة هذه . والتحول الحاصل لعمليات الوعي بعد ارتدادها من
عالم العروض إلى العالم الداخلي للذات ، إذ أمكن لهذا التحول أن يقسم الموضوعات
المعطاة في عينة
5.
اتضح للباحث بعد تحليل عينة البحث
أن الادراك الجمالي تتطلب من يمارسها أو يحاول تأسيس معنى ما ، بناءً عليها أن
يقوم بعملية رد ظاهراتي ، أي أن يحيل العروض إلى حقيقتها الوجودية، وعبر الرد
الظاهراتي المتعالي الذي يقصي كل شيء ما عدا العرض ذاته ، والرد الظاهراتي الماهوي
الذي يستنبط الصورة .
الاستنتاجات :
1.
يؤسس فن الرقص الدرامي له أبعاداً
نظرية وتطبيقية لتحقيق أقصى فاعلية لفعل الإدراك من خلال تشغيل آلياته على عملية
ربط إرسالية العرض بهذا الفعل أساساً وبتوظيف المتوافر من التقنيات العلمية
والخدمة الاتصالية وعلى نحو يبرز معه ذلك البعد الوظيفي المعرفي المشترك بين وحدتي
العلم والفن والفكر بشكل عام
.
2.
تفرد العرض الدرامي الراقص وتميز
عما سواه عبر أداءه الحركي بالبحث عن التعامل الوظيفي والجمالي ، ليستدعي من خلاله
كل ما يمكن من صور معنوية افتراضية دون إقصاء سياقها الشامل ، يضاف إلى متابعته
لمدلولات المتغيرات الحاصلة في الحركة التعبيرية التي تعكس للمعنى إذ يعتبر فن
الرقص الدرامي ظاهرة تثير الكثير من الدهش وتعمل على جذب الانتباه عبر تزامن حركية
الأداء وحركية التعبير ليغدو حدثاً ينشط في ترك بصماته كأثر جمالي في وعي مشاهده .
التوصيات :
1.
استحداث مادة ( التصميم الحركي )
كمادة أساس لطلبة المرحلة الرابع ، وذلك لتأسيس عروض راقصة ، أو في أعدة تدريس
مادة ( التمثيل الصامت ) لتقرب المسافة المعرفية وتطوير الإمكانات ، يمكن لها أن
تمثل الوجه الجمالي والحضاري لكلية الفنون الجميلة .
المصادر
·
أوكسنفورد ، لين : تصميم الحركة ، ت
: سامي عبد الحميد ، بغداد ، دار الكتب للطباعة والنشر ، 1981 .
·
بارشون ، بوديل:فن الرقص
المعاصر،مترجم إلى اللغة العربية،السويد،المعهد الثقافي لنشر المعرفة، 2007 .
·
بيسك ، ليتز : الممثل وجسده ، ت :
الحسين علي يحيى ، القاهرة ، أكاديمية الفنون مركز اللغات ، 1996 .
·
توفيق ، محمد سعيد : الخبرة
الجمالية ، دراسة في فلسفة الجمال الظاهراتية، بيروت ، المؤسسة الجامعية للدراسات
والنشر ، ط1 ، 1992 .
·
تيري،وولتر:الرقص في أميركا،ت:اورخان
ميسر،بيروت،دار اليقظة العربية للتأليف والترجمة والنشر،د. ت.
·
الثقافة السويدية : الرقص في السويد
، منشورات المعهد السويدي 2005 .
·
حمدي ، صفية أحمد محي الدين :
التصميم ألابتكاري لعروض التعبير الحركي ، القاهرة ، مكتبة الانجلو المصرية ،2007
.
·
خضير ، ناظم ، الأصول المعرفية
لنظرية التلقي ، عمان ، دار الشروق للنشر والتوزيع ، ط1، 1997 .
·
دين ، الكسندر : أسس الإخراج
المسرحي ، ت : سعدية غنم ، مصر ، الهيأة المصرية العامة ، ب . ت
·
راجح, أحمد عزت : أصول علم النفس ،
مصر ، دائرة المعارف ، د . ت .
·
راي,وليم,المعنى الأدبي من
الظاهراتية إلى التفكيكية,ت : يوئيل يوسف عزيز,بغداد,دار الحرية للطباعة والنشر ،
ط1 ، 1987 .
·
الربدي,عبد الفتاح،الاتجاهات
المعاصرة في الفلسفة ، الهيأة المصرية العامة للكتاب، القاهرة ، ط1، 1985 .
·
صالح ، قاسم حسن : سايكولوجية إدراك
اللون والشكل ، بغداد ، دار الرشيد للنشر ، 1982 .
·
الطريحي ، فاهم ، وآخر : مبادئ في
علم النفس ، بغداد ، الدار الوطنية ، 2001 .
·
عاقل ، فاخر : معجم مصطلحات علم
النفس ، بيروت ، دار العلم للملايين، 1979.
·
عبد الحميد ، سامي وآخر : مبادئ
الإخراج المسرحي ، جامعة بغداد ، 1980.
·
عبد الحميد ، شاكر : التفضيل
الجمالي ، دراسة في سايكولوجية التذوق الفني، الكويت ، المجلس الوطني للآداب
والثقافة والفنون ، 2001 .
·
عبد الله ، إبراهيم وآخرون : معرفة
الآخر ، بيروت ، المركز الثقافي العربي ، 1990
·
العبيدي ، صلاح كاظم ، لغة الصمت ،
جريدة الصباح ، ع 464 ، بغداد، 2000 .
·
علي ، صلاح سليم:الظاهراتية
والمعالجة النفسية ، مجلة آفاق عربية,ع 6 ,دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد,1992
.
·
عناني ، محمد:معجم المصطلحات
الأدبية الحديثة,لبنان,مكتبة لبنان,ناشرون الشركة المصرية العالمية للنشر ،
لونجمان ، 1996 .
·
فونتاني,جاك:سيمياء المرئي ، ت:علي
أسعد ، سوريا ، دار الحوراء للطباعة والنشر والتوزيع ، 2002 .
·
كاي، نك:ما بعد الحداثة والفنون
الأدائية,ت:نهاد صليحة،القاهرة،الهيأة المصرية العامة للكتاب، ط1،1999 .
·
الكومي,محمد شبل:المذاهب النقدية
الحديثة,مدخل فلسفي,تقديم,محمد عناني,مصر,الهيأة المصرية العامة للكتاب,2004 .
·
ليفاري,سيرج:فن الرقص الأكاديمي,ت:أحمد
محمد رضا,القاهرة,دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، .
·
مجاهد ، مجاهد عبد المنعم :
الاغتراب في فلسفة الفن الجميل ، القاهرة،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،1997 .
·
موسى، بشرى صالح:نظرية التلقي،أصول
وتطبيقات،بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة،آفاق عربية ،1999 .
·
ويرل، ميلان، تدريب الإدراك الحسي
الفائق، ت: إقبال أيوب،مصر،سلسلة كتب الباراسايكولوجي ، د. ت .
·
وينتج ، نوف ، مقدمة في علم النفس ،
ت : عادل الآشول ، القاهرة ، دار ماكروميل للنشر ، 1983 .
·
يودين ، روزنتال ، الموسوعة
الفلسفية ، ت : سمير كرم ، مراجعة : جورج طرابيشي وآخر ، بيروت ، دار الطليعة
للطباعة والنشر ، ط2 ، 1980 .
الأطروحة
·
الحسيناوي ، فيصل عبد عودة :
إنشائية العرض المسرحي العراقي في ضوء المنهج الظاهراتي ، أطروحة دكتوراه ( غير
منشورة ) ، جامعة بغداد ، كلية الفنون الجميلة ، 2002 .
مجتمع البحث:ملحق (1)
ت
|
اسم العرض
|
إخراج
|
مكان العرض
|
تاريخ العرض
|
1
|
طقوس بابلية
|
طلعت السماوي
|
محافظة بغداد
|
2001
|
2
|
نار من السماء
|
علي طالب
|
محافظة بغداد
|
2002
|
3
|
اونزو
|
علي طالب
|
محافظة بغداد
|
2003
|
4
|
فوق تحت ، تحت فوق
|
طلعت السماوي
|
محافظة بغداد
|
2005
|
5
|
الأصلع
|
أنمار غازي
|
محافظة بغداد
|
2005
|
6
|
شك
|
أحمد محمد عبد الأمير
|
محافظة بابل
|
2005
|
7
|
الظل الأصفر
|
ذو الفقار خضير
|
محافظة بابل
|
2006
|
8
|
كرستال
|
أحمد محمد عبد الأمير
|
محافظة بابل
|
2007
|
9
|
و . ه . م
|
ذو الفقار خضير
|
محافظة بابل
|
2007
|
10
|
ما فوق السطر
|
ذو الفقار خضير
|
محافظة بابل
|
2007
|
11
|
السينما تحت أقدام شارلي
|
أحمد محمد عبد الأمير
|
محافظة بابل
|
2010
|
12
|
ندى المطر
|
طلعت السماوي
|
محافظة بغداد
|
2011
|
13
|
صفر + صفر =
|
طلعت السماوي
|
محافظة بغداد
|
2012
|
ملحق (
2 ):عينة البحث
ت
|
اسم العرض
|
إخراج
|
مكان العرض
|
تاريخ العرض
|
1
|
طقوس بابلية
|
طلعت السماوي
|
مسرح الرشيد بغداد
|
2001
|
2
|
و. هـ . م
|
ذو الفقار خضير
|
نقابة فنانين بابل / بابل
|
2007
|
أداة البحث بصورتها النهائية
آلية القراءة
|
البنى الأساس
|
عناصر الإدراك
|
تصلح
|
لا تصلح
|
المقترح
|
بنية عملية الإدراك الظاهراتي
|
مثير
|
||||
توجه شعوري( استجابة أولية حسية)
|
|||||
إدراك ( معرفة الشيء )
|
|||||
استجابة للفهم
|
|||||
قراءة تفسيرية
|
|||||
قراءة تأويلية
|
|||||
بنية العرض المسرحي الراقص
|
أولا. طبقات العرض
|
||||
الأداء الراقص
|
|||||
العالم الرمزي
|
|||||
طبقات المعنى المنتج
|
|||||
تعويض التفاصيل
|
|||||
ثانيا.
رقصة تعبيرية
|
|||||
أ. استبدال رقصة مع ثبات دلالي.
|
|||||
اشتقاق رقصة من رقصة أخرى.
|
|||||
تتابع رقص بثبات دلالي .
|
|||||
رقصة تجمع الشيء والإحساس
به .
|
|||||
رقصة ذات فجوة / إضافة رق
|
|||||
رقصة لا نهائية المعنى .
|
(*)هو فكرة مركزية في
الظاهراتية وهي لا تسعى إلى إدراك وحسب ، بل إدراكه بصورة أفضل من خلال نقد
البديهيات الناشئة عن الموقف الساذجة وبواسطة إزالة الافتراضات المسبقة .
(*)1. ا. د . محمد عبد الرضا
ابو خضير / كلية الفنون الجميلة / جامعة بابل .
2. ا . د . علي شناوة وادي /
كلية الفنون الجميلة / جامعة بابل .
(**)1. ا. د . محمد عبد الرضا ابو خضير / كلية الفنون الجميلة / جامعة بابل
.
2. ا . د . علي شناوة وادي /
كلية الفنون الجميلة / جامعة بابل .
(***)طالب دكتوراه / علي رضا
بقلي / كلية الفنون الجميلة / جامعة بابل .
0 التعليقات:
إرسال تعليق