أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأربعاء، 29 مارس 2017

فلسفة الفن و علاقتها بميلاد الجمالية

مجلة الفنون المسرحية

فلسفة الفن و علاقتها بميلاد الجمالية

الصديق الصادقي العماري

الجمال أحد الأسس الثلاثة التي قامت عليها منظومة القيم الخالدة؛ وهي الحق والخير والجمال، والإنسان دائما يسعى بفطرته إلى إشباع رغبته في التذوق الجمالي في كل شيء، فهو دائم البحث عن الجميل، وإذا وجده انتقل إلى ما هو أجمل منه في سلم الجمال، وليس للأمر حدود. فالإنسان دائما يحرص على أن يرى الأشياء الجميلة، ويسمع الأصوات الجميلة، ويلمس كل جميل ويحسه و يتذوقه، كما يحاول أن يظهر بالمظهر الجميل، وهو لهذا يقف أمام المرآة زمنا طويلا يصلح من شعره، ويتأمل وجهه وهندامه، كما يبحث عن الجمال في السكن والأكل والشرب، حيث يزين بيته، ويتفنن في عرض طعامه وشرابه. نستطيع أن نقول إن الإنسان يميل بطبعه إلى الجمال.
والجمالية لم تنشأ نتيجة اتفاق معين، أو إجماع محدد، و إنما جاءت نتيجة مسار طويل وتراكمات عديدة، من خلال محطات تاريخية غنية، وفي كل محطة تتولد و تنضج أفكار وقناعات معينة لدى الباحثين والمفكرين و الفلاسفة على وجه الخصوص، لها علاقة بالأوضاع الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و الثقافية وغيرها، والتي تدخل بشكل مباشر في بناء الفن و العمل الفني و تمظهراته الجمالية.
فمنذ العصر اليوناني وصولا إلى العصر الحديث، مرورا بالعصور الوسطى وعصر النهضة، عرفت الجمالية مجموعة من التحولات و التلوينات منها من يختفي، ومنها من يتولد، ومنها من يظهر من جديد. و حتى بعد ولادتها، أي الجمالية، في منتصف القرن الثامن عشر استمر الجدل والنقاش حول المفاهيم التي تؤسس لها و التي لها علاقة بالمحسوس و الذوق والمخيلة....، حيث بدلت جهود كبير من أجل تجاوز ما كان سائدا من قبل حول السيطرة التامة للعقل في جميع المجالات.
 لكن لكي نكون منصفين، لم يقتصر الفن والجمال على الموضوعات الفلسفة بالمعنى الحصري والمنهجي للكلمة، بالرغم من أن الفلسفة اعتبرت أم العلوم منذ نشأتها، حيث كان الأدب حاضرا بشكل كبير في اهتمامات الفلاسفة، وقد كان الفيلسوف شاعرا و فنانا وموسيقيا وكاتبا وقصاصا...وبالتالي يظل الفن و الجمال في علاقة وطيدة مع الأدب من خلال ما تعكسه النصوص الشعرية و النثرية و القصصية...، من حيث اللغة، و الفكرة أو الموضوع، و أسلوب الكاتب أو السارد، و الرسالة الفنية بكل جمالياتها.
مما يدفعنا لطرح مجموعة من الأسئلة نذكر من بينها: ما معنى الجمالية؟ وما علاقة الفن بالجمال؟ وهل هناك إمكانية لنحدد بدقة العناصر الجمالية في العمل الفني؟ هل يمكن فصل الموضوع الفني عن السياق الثقافي؟ وهل يمكن أن نفكر في الإنتاج الفني الإبداعي انطلاقا من وظيفته التأثيرية فقط؟ هل بمقدورة العمل الفني أن يطرح قضايا نظرية تتجاوز التفكير في غايته الإنتاجية، إلى تدارس ومناقشة إشكالات لها علاقة بهذا العمل و محدداته؟
إن الحديث عن الجمالية يدفعنا أولا إلى الحديث عن الفن، على اعتبار أن الجمالية تستمد جذورها التاريخية من سيرورة الفن والعمل الفني، ذلك لأن ″الجمالية بقيت في الغالب متكتمة حيال الفن الذي هو في طور التشكيل، و متحفظة أمام الأعمال الجديدة، ميالة في الغالب إلى الاهتمام بالأعمال الإبداع الفني المعترف بها، والمقر بوصفها من الأعمال الخالدة، بدل أن تتحدث عن قيمة الأشياء الجديدة،....يعود هذا الحذر، واقعا، إلى بدايات الجمالية الفلسفية″[1].
فقد عرف موضوع الفن والعمل الفني والجمال، منذ البدايات الأولى، جدلا كبيرا منذ الفترة اليونانية، حيث ارتبط لفض الفن art بالأعمال اليدوية و المعمار والشعر و الموسيقى والنحت والتصوير وغيرها، وتعددت الأفكار والاتجاهات حول الفن وطبيعته وموقعه ونوعية رسالته من خلال نظرية محاكاة الطبيعة، وهو الأمر الذي أكده ″مارك جيمينيز″ في كتابه ⁽ما الجمالية؟⁾ بقوله : أن لفظ الفن (art)-الوارث منذ القرن الحادي عشر لأصله اللاتيني (ars)، والدال على : نشاط ومهارة- لا يعين في الغرب، حتى القرن الخامس عشر، سوى مجموعة الأنشطة الموصولة بالتقنية، والمهنة، والخبرات، أي بمهام يدوية في صورة أساسية.[2]
 فمن الفلاسفة من اعتبر الفن ومنه الشعر وهم وزيف و تشويه، لأن الفنان يقلد الطبيعة، العالم الحسي المتغير الخالي من الحقيقة، في مقابل عالم المثل، عالم المعقولات، المجرد الثابت الذي يغير و لا يتغير، هو أفلاطون الذي طرد الفن، ومنه الشعر، من جمهوريته إلا الشعر التمثيلي لأنه، في نظره، يمجد بطولات الآلهة ويغرس القيم و المبادئ ويعبر عن الحقيقة. فبالنسبة له الفن يبعد عن عالم المثل بمقدار درجتين، أي محاكاة الطبيعة التي هي محاكاة لعالم المثل.
أما أرسطو، صاحب كتاب ″فن الشعر″، انتقد أفكار أفلاطون مشيرا إلي افتقارها إلي الواقعية و يرى أن التناسق و الانسجام و الوضوح هي أهم الخصائص التي تميز الفن الجميل،  وهي خصائص موضوعية يمكن تلمسها في الأشياء و الموجودات من خلال نسبها و أحجامها و تناسقها. كما يري أن هناك جمالا حقيقيا في العالم، وهو مصدر وعينا الجمالي و اعمالنا الفنية، والفن في رأيه محاكاة تنشأ عن ميل الإنسان الفطري إلى التقليد و ميله إلي تحقيق الإيقاع بما يبعثه من متعة.
و في العصور الوسطى تمثل الجمال الفني في كل ما يوحي بالحقيقة الروحية، حيث كان الفن خاضعا لسيطرة الكنيسة منذ انقسام الإمبراطورية الرومانية حتى عصر النهضة، ولما كانت الطبيعة تكشف عن العناية الإلهية فقد وجد فلاسفة العصور الوسطى سواء عند القديس ″أوغسطين″ و القديس ″توما الأكويني″ أو غيرهما على التوحيد بين الجمال و التناسب و النظام الذي يرضي الحس و العقل ويوحي بالتأمل في عظمة الخالق. فمظاهر العمل الفني عند المبدعين المسيحيين، تجلت بصورة عامة في الارتباط الروحي بالحياة الأخرة. ومن أهم الفنون التي ازدهرت خلال هذه الفترة نذكر : الفن البيزنطي والفن الرومانسكي و الفن القوطي و الفن القبطي...الخ. و قد ˝عرف القديس ⁽توما الأكويني⁾ الجميل على أنه «ذلك الذي لدى رؤيته يسر»، وأكد  ⁽أوغسطين⁾ قبله أهمية تناسق الأجزاء وتناسب الألوان في الأشياء الجميلة˝.[3]
وكان لزاما على الفن والفنان انتظار عصر النهضة وهو العصر الذهبي والفتح العظيم على الإنسانية جمعاء في جميع مناحي الحياة. ففي هذا العصر تعددت الفنون وتشعبت و أصبحت للفنان قيمة اعتبارية اجتماعية، حيث أصبح التركيز ليس على الطلبيات الفنية و كثرتها بقدر ما التركيز على كفاءة و مهارة الفنان الإبداعية، و مدى قدرته على إنتاج عمل فني بشكل جمالي. وقد بلغ الفن في هذا العصر ذروته مقارنة مع ما كان عليه من قبل، ″لقد سادت نظرية المحاكات التفكير الجمالي و النقدي، خلال عصر النهضة، بفضل التأثير الذي أحدثه كتاب″الشعر˝ عندما ترجم عن اليونانية عام 1498م، وكشف فيه أرسطو عن وظيفة الفن، على اعتبار أنه تقليد للطبيعة في تسامي، فليست مهمة الفنان، ومن هذا المنطلق، تقف عند حد نقل المظهر الحسي للأشياء، والموضوعات كما هي عليه في الواقع، بل يتعدى ذلك ليصل إلى خلق صورة أو نموذج يخضع للقوانين الطبيعية″.[4]
فعصر النهضة هو العصر الذي تحول فيه الفنان من دور الرمزية الميتافيزيقية إلى تصوير العالم التجريبي بطريقة أكثر وعيا، وبهذا كانت الآراء العلمية عن الطبيعة والإنسان قد وجدت طريقها إلى محتوى الفنون، حيث أصبحت المعرفة عقلية وتجريبية، و أصبح الموضوع الجمالي بمثابة كشف عن ملامح الواقع، وقد اتحد تركيبه مع محتواه. ˝إذا كان الفن في العصور الوسطى انعكاسا لتعاليم الكنيسة، وتعبيرا عن ذوق الطبقة الإقطاعية، نجد فن عصر النهضة متشبعا بالمفاهيم التي تدور حول الإنسان والقيم الإنسانية˝، وبالتالي أصبح للفنان في هذا العصر مكانة متميزة، حيث أبدع في صنع الفن والجمال، و أصبحت صورته أكثر تعقيدا بل متعددة الجوانب، و أصبحت حياة الإنسان الروحية أكثر اكتمالا.
وقد ارتبط ظهور الجماليةAesthetica ، في القرن الثامن عشر، بإصدار كتاب ″اليكسندر بومغارتن˝ بعنوان ″الجمالية‟ عام  1750م، الذي حاول من خلاله وضع أسس علم الجمال كعلم جديد، عين له موضوعا داخل مجموعة العلوم الفلسفية، في تجاوز لما كان يعرف من قبل بفلسفة الفن أو فلسفة الجمال. علم الجمال أو الاستاطيقا علم حديث النشأة انبثق بعد تاريخ طويل عتيق من الفكر الفلسفي التأملي حول الفن والجمال، وبهذا المعنى يعد علما قديما وحديثا في والوقت نفسه. و ″أصبح هدف هذا العلم محاولة وصف وفهم وتفسير الظواهر الجمالية والخبرة الجمالية″[5]. فاليونانيون لم تكن لديهم معرفة في ذاته ولذاته، ولكن كانت اهتماماتهم بالفن من حيث علاقته بالخير أو دلالته على الحقيقة. فان مجال الاستيطقي the Aesthetic هو منطقة من البحث كانت ممتعة وخصبة عند اليونان، ليس لأنهم لم يعرفوا هذه الكلمة وإنما أيضا لأنهم لم تكن لديهم كلمة مرادفة لمفهوم الفن الجميل.
توصل بومغارتن بواسطة الفكر، أن هناك نوعا خاصا من النظام و الإتقان لا يخضع بشكل كلي للإدراك العقلي. فإذا كان العقل يدرك ويفسر الموجودات تفسيرا منطقيا و مجردا، فهناك في المقابل ظواهر أخرى مؤثرة في النفس البشرية يصعب تفسيرها، لكنها، مع ذلك، تستحق اهتمام وتقدير الفلاسفة. فإدراك الجمال يعتمد على الأحاسيس الفردية و الذاتية التي يصعب أن نصوغ حولها أحكاما عامة ومتفق عليها، لكنها مع ذلك تستحق أن تتم دراستها في فرع أو تخصص فلسفي ”علم” يهتم بدراسة الطرائق التي نرتبط بها بالواقع بواسطة الحواس على غرار ارتباطنا به منطقيا من خلال العقل.
 ″هذه هي طريقة بومغارتن، عندما اعتبر أن الملكة الجمالية تنتسب إلى نظام المعارف، وهي ملكة متدنية من المعارف،.....وهو ما أطلق عليه هذا التعريف: ≤ملكة منطقية متدنية من الإدراك المعرفي≥. إنها فلسفة الجمالات و الحوريات، ولا تقوى على منافسة العقل، غير أنها توفر معرفة مماثلة لمعرفة العقل. إنها علم المعارف و التمثيل الحسيين، ما يتعين من الآن وصاعدا تحت تسمية :الجمالية.″[6]
عادت أفكار النسبة والتناسب والتوازن والاعتدال إلى الظهور مرة أخرى خلال عصر النهضة الأوروبية، ثم كانت الرومانتيكية بعد ذلك بنزلة رد الفعل الحساس المضاد تجاه هذا الاعتماد الصارم على العقل ومن ثم انطلقت قوى الخيال والعاطفة من قيودها. فقد ظهر العديد من الفلاسفة الذين حاولوا مواجهة الاتجاهات التي تتأسس على العقل وحده في تفسير وفهم الفن و الجمال، فقد حاول إيمانويل كانط أن يبلور نموذجا نقديا متميزا من خلال دراسة وتحليل النماذج السابقة، ″وقد تمثلت الخطوة العظيمة لكانط مقارنة بالسابقين عليه أو المعاصرين له في أنه ذهب إلى ما وراء التحليل الإمبيريقي للإحساس الجمالي متجها نحو التحديد الخاص لعلم الجمال باعتباره مجالا خاصا للخبرة الإنسانية يماثل في أهميته وتكامله المجالين الخاصين بالعقل النظري والعقل العملي (أي المجال  المعرفي و المجال الأخلاقي)″.[7] و بالتالي التأكيد على أن التجربة الحسية هي منطلق أي معرفة إنسانية، أي اتصال حواسنا بالأشياء التي لن نعرف منها إلا ظاهرها. وهو يؤكد بذلك على أن التجربة الحسية وحدها غير كافية، لأن الإحساسات التي نتحصل عليها من التجربة لا يكون لها معنى إلا من خلال قدرات قبلية في العقل، هي أولا الحدوس الحسية القبلية التي تضع الإحساسات القادمة من التجربة في سياق بشري متصور، ثم تنتقل هذه الإحساسات المتصورة في سياق زمني و ومكاني إلى الفهم أو العقل الفعال المكون من مقولات الكم و الكيف والعلاقة والجهة التي تعطينا القدرة على صياغة الأحكام.
″طرح كانط أسئلة جوهرية حول طبيعة الفن. وأنكر أن الفن يقع ضمن مفاهيم الضرورة أو الحرية، وأنكر كذلك أن الفن هو شكل من أشكال الفهم العقلي أو السلوك الأخلاقي.″[8] وبالتالي إضافة حجة قوية على تفرد الفن واستقلاليته، من خلال نفيه أن الحكم الجمالي والذوق الجمالي من الأمور المتسمة بالموضوعية. ورغم إقراره بأن الأحكام على الجمال أحكام ذاتية، فإنها  في رأيه أيضا أحكام عامة يشارك فيها كل فرد يمتلك ذوقا جيدا.  ولذلك اقترح كانط فيما يتعلق بالجمال ميدانا للذوق لا تتحكم فيه المفاهيم العقلية. اقترح كانط وقدم أيضا نظرية حول»الجليل «حيث يتجلى»اللانهائي «الذي يتجاوز المفاهيم العقلية المحددة في الفن، ومن خلال»العبقرية «تلك القدرة على الإنتاج بمعزل عن القواعد والقوانين.[9] تركت هذه الأفكار حول العبقرية في المدرسة الرومانتيكية في الفن والأدب، وكانت آراؤه حول »الجليل «مهمة بالنسبة ل ”هيجل‟، و ”فريدريك نيتشه‟ الذي ”بدا له الفن مثل زينة الوجود ‹الرخيصة›، مثل زخرفة بسيطة مرشحة لجلب شيء من الفتنة في حياة مستبعدة من قبل ما هو وظيفي‟[10]،  كما أنها أثرت بشكل عام في عدد من الكتابات التالية له في أوروبا بشكل العام.
غير أن أفكار ”إمانويل كانط‟ لقيت معارضة شديدة من طرف الاتجاه الرومانسي مع هيغل الذي رأى أن تصور كانط (الشيئ لذاته و الشيئ في ذاته) ميكانيكيا وآليا مما أفقده المعنى والدلالة.
وفيما يتعلق بمصطلح الإستطيقا  Aesthetic ويعني علم الجمال، فقد تتبعه ”عز الدين إسماعيل‟ في كتابه "الأسس الجمالية في النقد العربي"، فقال إن معناها في البداية كان علم المدركات الحسية، ثم تطور إلى علم المعرفة الحسية، ثم إلى علم المعرفة الحسية الغامضة، وأخيراً إلى علم الجميل أو علم الجمال.[11] ولم يستقر أمر علم الجمال وتعريفه بعد لأن أمر الجمال نفسه لم يستقر، فكل فيلسوف ومفكر وناقد له نظرته للجمال ينطلق فيها من بيئته وخلفيته العلمية والثقافية والعقدية وما إلى ذلك. ونظريات الجمال لا تزال غامضة يصعب تحديدها، فالقانون الأوحد للجمال أنه ليس للجمال قانون. وذلك لأن الجمال من القيم المطلقة التي لا يمكن تحديدها أو حصرها، ولهذا يأتي تعريف كل ناقد أو فيلسوف مختلفا عن تعريفات الآخرين، لأن كل واحد منهم ينظر إلى الجمال من زاوية لا يراه منها الآخرون، وبالتالي يعبر كل واحد منهم على قدر ما يتجلى له الجمال في الأشياء، غير أن هذا لا يمنع من أن نتطرق لبعض التعاريف ونحاول صياغة تعريف يمكن أن يشتمل على بعض محددات الجمال.
 لذلك، الإجاب عن السؤال: ما الجمالية؟ صعبة ومعقدة لتداخل التعارف وتعددها وتشعبها. وعلم الجمال الحديث، كما نعرفه اليوم، فيمكن أن نتتبعه بدءا من القرن الثامن عشر عندما ابتكرت هذه الكلمة لأول مرة من خلال الفيلسوف جوتليب بومجارتن. ومن حيث فقه اللغة فإن الجماليات كانت تعني دراسة الإدراك الحسي،  لكن ولع بومجارتن بالشعر خاصة والفنون عامة جعله يعيد تعريف حدود هذا الموضوع على أنه «نظرية الفنون العملية أو علم المعرفة الحسية [12]« وقد سار على هذا الدرب لأنه كان يعتقد أن اكتمال الوعي الحسي يمكن أن يوجد في أنقى حالاته خلال الإدراك الفائق للجمال.
كانت أجنحة من يدركون الجمال تتحرك ذهابا وإيابا بين الأرض والسماء، بين  الجمال  المادي والجمال المعنوي، كما أصبحت كلمة «الجمال « لدى البعض أيضا غير ضرورية، لكن هذه الكلمة ظلت تستخدم، كما ظلت أنواع خاصة من المشاعر مرتبطة بها، نشعر بها عندما تقال هذه الكلمة أو عندما نسمعها أو نقرأها، كما أنها تظل معنا عندما نقرأ أو نشاهد عملا فنيا. إن الجمال يرتبط لدى الكثيرين المشاعر الحسية المتميزة التي يستثيرها بداخلنا الموضوع الجميل.
إن الإحساس الجمالي كما يستشعره المشاهدون هو إحساس سار أو ممتع، وقد يكون بصريا في الأساس أو سمعيا، ثم يمتد ليشمل جسد الفرد كله. والجمال ليس متعلقا بالشكل المنفصل أو المنعزل عن مضمونه، لكنه يتعلق بالتركيب الخاص للمستويات المتنوعة من المعنى والتأثير الشامل والإحساس الشامل بالحياة في تألقها وتدفقها الدائم. كما أن الجمال يمكن إدراكه وتذوقه في مجالات و أشكال وموضوعات مختلفة ومتنوعة، فهو عابر للتخصصات و الفضاءات و المظاهر، يستقر حيث يوجد مواصفاته و أنواعه و مميزاته. «إن الجمالية وفق معناها الحالي، و أيا كانت الخصوصية أو التنوع المميزين لها منذ بومغارتن، لا يمكن أن تختصر بأي من العلوم المحددة التي لجأت إليها أحيانا، مثل علم النفس، وعلم التحليل النفسي، وعلم الاجتماع، والإناسة، والسيميولوجيا أو اللسانية»[13].

v  بيبليوغرافيا
مارك جيمينيز، ما الجمالية؟، ترجمة د. شربل داغر، المنظمة العربية للترجمة، بيروت-لبنان، ط1، 2009م
شاكر عبد الحميد، التفضيل الجمالي (دراسة في سيكولوجية التذوق الفني)، عالم المعرفة العدد 267، مارس 2001م
محسن محمد عطيه، الفن و الجمال في عصر النهضة، عالم الكتب-القاهرة، 2002م،
إسماعيل، عز الدين. الأسس الجمالية في النقد العربي، عرض وتفسير ومقارنة، القاهرة، دار الفكر العربي-القاهرة، ط3، 1974م،



[1] مارك جيمينيز، ما الجمالية؟، ترجمة د. شربل داغر، المنظمة العربية للترجمة، بيروت-لبنان، ط1، 2009م، 21.

[2] مارك جيمينيز، ما الجمالية؟، مرجع سابق، ص 44.

[3]  شاكر عبد الحميد، التفضيل الجمالي (دراسة في سيكولوجية التذوق الفني)، عالم المعرفة العدد 267، مارس 2001م، ص8.

[4] محسن محمد عطيه، الفن و الجمال في عصر النهضة، عالم الكتب-القاهرة، 2002م، ص 14.

[5] شاكر عبد الحميد، التفضيل الجمالي ، مرجع سابق، ص 8.

[6] مارك جيمينيز، ما الجمالية؟، مرجع سابق، ص 30.

[7] شاكر عبد الحميد، التفضيل الجمالي، مرجع سابق، ص 93.

[8] شاكر عبد الحميد، المرجع نفسه، ص 94.

[9]  شاكر عبد الحميد، المرجع نفسه، ص95.

[10]مارك جيمينيز، ما الجمالية؟، مرجع سابق، ص21.

[11] إسماعيل، عز الدين. الأسس الجمالية في النقد العربي، عرض وتفسير ومقارنة، القاهرة، دار الفكر العربي-القاهرة، ط3، 1974م، ص14.

[12]شاكر عبد الحميد، التفضيل الجمالي، مرجع سابق، ص15.

[13]  مارك جيمينيز، ما الجمالية؟، مرجع سابق، ص 32.

-- 
*الصديق الصادقي العماري
باحث في المسرح وفنون الفرجة
Addkorasat1@gmail.com

212648183059+
يشتغل بمهنة التدريس
باحث في علم الاجتماع و الأنثروبولوجيا
.المسرح وفنون الفرجة بالكلية المتعددة التخصصات الرشيدية
.مهتم بقضايا التربية والتكوين و سوسيولوجيا التنمية
.مدير و رئيس تحرير مجلة كراسات تربوية-الرشيدية
.رئيس جمعية الشباب للتربية والدراسات والأبحاث الاجتماعية-أرفود
.كاتب عام المركز المغربي للتأهيل والإنصات-أرفود
.فاعل ومكون و ناشط جمعوي
.رئيس منتدى القراءة و البحث العلمي-أرفود
رئيس منتدى القراءة و البحث العلمي-الريصاني
.عضو المكتب الوطني للمنظمة المغربية للصحافة الإليكترونية-فاس
.أستاذ مرشد بالمؤسسات التعليمية-الرشيدية
مراسل صحفي، مقدم برنامج: فنون الفرجة الشعبية، بإذاعة صوت ورززات
.مؤلفاتي المتواضعة:
        -التربية والتنمية وتحديات المستقبل:مقاربة سوسيولوجية
        -البنيات الأسرية و تأثيرها على التحصيل الدراسي للتلميذ:دراسة ميدانية
        -إشكالية إدماج تلاميذ التربية غير النظامية في المدرسة الإبتدائية
        - سوسيولوجيا التمايز وأشكال التدبير المعقلن
..مواقعي..................... 
كراسات تربوية
www.korasat.com
..............
منتديات كراسات تربوية
www.korasatform.com
..................
نحن على الفايسبوك هي:
https://www.facebook.com/sadiki.amari.seddik

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption