مسرحية "العذراء والرجل الخفى " تأليف : احمد إبراهيم الدسوقى
مجلة الفنون المسرحية
المؤلف احمد ابراهيم الدسوقي |
الشخصيات:
العذراء
الرجل الخفى
يرفع الستار .. يرى مشهد لاحدى الفتيات
العذراوات .. هي في الربيع الرابع عشر
من عمرها .. تضج بالانوثة .. كستنائية
الشعر .. يكلل راسها تاج من الجواهر
لامع اخاذ .. ترتدى رداء الاوربيات
الارستقراطيات .. عارى الصدر .. لونه
زهرى .. الزمان زمن القرون الوسطى ..
الحجرة داخل احدى القلاع .. الشموع
تضىء المكان .. الاضاءة خافتة .. الفتاة
جالسة على مقعد خشبى عتيق ..
امامها منضدة ممتدة عملاقة .. عليها اناء
ذهبى .. والى جواره قدح مزركش خاوى
.. تلهو باوراق التاروت .. الوحدة تنهشها ..
تراودها أفكار المراهقة .. تتحسس
شعرها .. وتمس اناملها جسدها .. كل
حين .. في حسرة
العذراء : ( في تالم )
انا وحيدة .. بلا وصيفات .. ولا خدم
.. خدم صبية ( تضحك في خجل )
ابى الدوق يحاصرنى من كل اتجاه
لا تخرجين بمفردك .. لا تضحكين .. لا
تنظرى للشباب .. لا ترقصين .. لا
خمر .. لا عربدة .. حتى التخيل ..
محرم على .. يا لها من حياة
قاسية ملؤها الحرمان والرغبة ..
الهو باوراق التاروت .. ( تصمت )
يا لها من أوراق مملة سخيفة
( تسمع صوت رجل رخيم يخاطبها )
الرجل الخفى : ( في تأكيد )
كلا .. كلا .. لست بمفردك عزيزتى
العذراء : ( في ذعر )
من .. من يخاطبنى .. لقد سمعت
صوت ما .. انه رجل .. شاب مثلا ..
برنس من البلاط الملكى .. لون
شعره اسود .. او بنى .. او اشهب
.. ممشوق القوام .. يرتدى حلة
المهرجانات .. ويحمل سيف فضى
.. ومعه حصان ابيض .. و و .. ما
.. ما .. هذا الهراء الذى أقوله .. لم
اسمع شيء .. لابد انه التخيل ..
نعم نعم .. انا اتوهم
الرجل الخفى : ( في تأكيد )
كلا عزيزتى لا تتوهمين
العذراء : (تنهض من مكانها وتتلفت
حولها مذعورة )
يا الله .. لقد عاد الصوت ..
الأرواح الشريرة تحومنى ..
أملاك مجنح انت .. ام شيطان
مقرن
الرجل الخفى : ( ضاحكا )
لست ملاكا .. ولا شيطانا .. انا
انسان .. رجل لكن خفى ..
من زمن اخر
العذراء : ( في توجس )
وهل .. هل تود ايذائى بحق الله
الرجل الخفى : ( في هدوء )
كلا البتة .. لست من بنى
الشر .. ساعرفك بنفسى
انا احد رعايا الدولة البيزنطية
.. عشت قبل عشرات القرون
.. امتهن مهنة العلماء .. فانا
عالم وطبيب وفلكى .. وقد
كتبت على السماء .. ان اظل
هائما في الازمان .. وتوقف
العمر بى .. كعقاب لى .. عند سن
الثلاثين .. بسبب عقار اخترعته ..
.. لانى كنت ملحدا بالله ..
والان امنت .. لكن بعد فوات
الأوان .. لقد حولنى العقار الى
رجل غير مرئى .. خفى .. أرى
البشر ولا يروننى .. لا
المسهم ولا يلمسونى .. كانى
من عالم وهم من عالم اخر .. أرى
الجميلات ومحروم منهن .. اتفجر
بالرجولة .. وعاجز امام رغباتى
وساظل هكذا حتى يرث الله
الأرض .. شيء ادنى من
الظل على الأرض .. شيء
كانه لم يكن
(يبكى الرجل الخفى .. ويسمع صوت نحيبه .. وترى دموعه تسيل بجوار العذراء .. قطيرات تلو قطيرات .. فتظل الأخيرة تضحك بهستريا .. وهى تتحسس شعرها وجسدها .. ثم تمسك بالقدح المزركش .. وتظل تملاءه بالدموع حتى يمتلىء .. وتجرعه بعد ذلك .. دفعة واحدة .. وهى تمزق ملابسها .. صارخة في ضحك وبكاء لا ارادى .. وقد مستها اللوعة والانكسار وخيبة الامل)
ستار
احمد إبراهيم الدسوقى
مصر - القاهرة 2017
0 التعليقات:
إرسال تعليق