أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الاثنين، 25 ديسمبر 2017

مسرحية "عجوز الأرض الحمقاء " تأليف أحمد إبراهيم الدسوقى

مجلة الفنون المسرحية




الشخصيات : 
عجوز الأرض
مذبح وثنى
كهنة الموت الوثنيين
الموت
الشيطان 


يُرفع الستار

تُرى عجوز شمطاء .. هى عجوز الأرض .. حماقة البشر .. فى اللهو بالحياة .. فى ليلة الويلات والزلات  .. العجوز يائسة من الدنيا .. تجر نفسها جراً .. قادتها قدماها التعستين .. عبر ألوف السنين .. إلى معبد وثنى محرم مهجور .. وسط الأحراش .. تهابه كل المخلوقات .. الإنسان والحيوان .. المردة والجان .. الجبال والوديان .. الأراضى والسهول .. المعبد هو طريق مختصر .. يوصل للجحيم .. لا يطئه إلا .. الحمقى المرضى .. الكفرة  المافونين .. المغيبين التائهين .. الضالين المعوجين .. من كفروا بالحياة .. طالت أو قصرت .. ضاقت أو اتسعت .. أعطت أو اخذت .. صمتت أو ثرثرت .. شحت أو اغدقت .. قست أو دللت .. العجوز فقدت كل معانى الحياة .. كفرت بكل شىء جميل .. يؤرقها سوء حالها .. وبؤسها وشقائها الأرضى .. متناسية أن الحياة .. هى أعظم نِعم السماء .. رداء جميل .. لا يضاهيه شىء .. فكم من المخلوقات .. فى العالم الآخر .. تنتظر بعثاً جديد .. بعد موتٍ وذبول .. تنكس عجوز الأرض رأسها .. وقد إستسلمت لشيطانها .. تخر أمام مذبح المعبد الوثنى .. تخاطبه دامعة .. فى شبه حُجة .. متوسلة فى تذلل .. يائسة من الحياة .. متجردة من رداء المخلوقات البديع .. تعريا للموت 
العجوز  :( فى يأس من الحياة )
أيها المذبح الوثنى .. أحب الموت أتوق اليه .. ألا تستدعه
من أجل عجوز مسكين مثلى .. تستجديه فى نهاية عمرها
.. ترى فيه فتى عرسها .. تتجرد 
              من رداء الحياة .. تتعرى 
إشتهاءاً له
المذبح  :( فى دهشة وحكمة أزلية )
يا عجوز الأرض الحمقاء .. إحذرى .. إنه الموت .. هل هو نزهة خلوية .. إنه موت .. فناء وذوى .. ليس عرساًقط .. إنه
مأتم أسود .. كأسٌ يمر على 
كل المخلوقات .. إنه صاحب الثكالى .. وصانع الأيتام  .. ونديم الأرامل ..وجليس العجائز .. مشتت الجماعات ومفرق الأحباب .. عندما يلجالبسيطة .. تعلن حالة الحداد
وترتدى الأرض السواد
العجوز  :( فى حماقة وعدم تقدير         للأمور)
لكنى أٌحبه .. أشتاق إليه .. إنه
أملى الأخير .. فى السعادة الأبدية .. أريد أن أزف له .. فى 
                 شيخوختى البالية 
المذبح  :( فى تعجب من عباراتها )
بالله عليك يا حمقاء البشر.. أتظنينه فارس أحلامالصبايا العذراوات .. يأخذكعلى حصانٍ أبيض .. 

أيتها المأفونة الملتبسة .. فيم أسبابكِ يا ضالة البشر 
العجوز  :( تشرح فى إبتآس )
لأنى وحيدة الأرض.. لا أجد قطرات الندى .. على أوراق حياتى .. غصن شجرة جاف .. بلا أطفال يدركون شيخوختى .. بلا زوج يخمش أنوثتى.. بلا ماليضمن قوتى .. بلا ماض مشرق.. بلا حاضر مبهج.. بلا مستقبل مثمر .. يمتطينى مرضٌ عضال .. شاذ شذوذ السوء .. فى ليلة حالكة .. بلا أملٍ للشفاء .. عالمى كله داكن ..  مكللبالسواد 
المذبح  :( فى تحذير وشبه صراخ )
يا عجوز الأرض اليؤس .. الويل والثبور .. وعظائم الأمور .. حذارى .. حذارى .. ستخلدين فى الجحيم .. الموت لا يلهو معه أحد .. هو الذى يختارك .. ولا يختاره أحد .. عناقه مؤلم .. عسله مر .. فراشه الجحيم  .. لا تنتحرى بحق السماء.. الإنتحار محرم فى الدياناتالسماوية .. زبانية الجحيم .. سيسوقوك إلى الخلود فى النار 
العجوز  : ( وقد غيبها اليأس وشملتها الحماقة )
أنا كلى إصرار .. سيدى المذبح .. وحججى قوية .. وصبرى على الشدائد .. فاق الجبال 
( تنادى بأعلى صوتها وقد أشرعت يديها )
هيت لك أيها الموت .. هيت لك أيها الموت.. لابد أنك أفضل من الحياة .. لا مانع من عناقك .. أيا خاتمة هلمى .. أيا العالم الأخر .. إدنو منى .. لقد سئمت رداء الحياة .. بمرها وشقائها .. تلك اللعينة .. التى تستعذب عذابات البشر 
المذبح  :( ضاحكا فى مرارة )
يالتجديفك وهرطقتك .. حسنا .. حكمتِعجوزَ الأرض .. الحكم الأخير .. على وجودكِ فى الدنيا .. لكن إعلمى حمقاءَ البشر .. لقد إستبدلت رداء الحياة .. بعناق الموت .. والأخير لا يأمره بشر .. تأمره السماء فحسب .. وعقابك سيكدس تلالاً فى الجحيم .. يا حماقة البشرية .. وآخرا إعلمى وحاذرى  .. سنستدعى لكالآن الموت .. حسب رغبتك .. من جبلِ الظلمات.. سنوقظه من سباته .. سنؤرق مضجعه.. وهو لا يغادر أمنا الأرض.. خاوى الوفاض .. لقد وضعت نفسك .. فى كتاب الكفر بالحياة .. ولن تستطيعى التراجع .. يا مخلدة الجحيم 
يُشير المذبح .. بكلتا يديه المتصخرتين .. آمرا كهنة الموت بالولوج .. وقد حكمت عجوز الأرض .. على نفسها بالموت إنتحاراً.. فيدخل كهنة الجحيم الوثنيين .. فى أرديتهم الجنائزية .. ويسمع صوت خافت .. يعلو ويعلو تدريجياً .. لترانيم جنائزية قبلية وثنية .. وقد طفقكبير الكهنة.. الوثنى المفزع .. بنظراته المخيفة .. وعيناه الحمراوين .. يمسك ببلطة ضخمة .. نصلها حاد يلمع .. هو المسافة القصيرة جداً .. بين الحياة والموت .. ثم يلتف تدريجياً .. كهنة الجحيم الوثنيين .. حول العجوز وهى مستسلمة .. يهمهمون بلغات غير أرضية شيطانية ..ليست مفهومة .. فى لحظاتٍ .. تقشعر لها الأبدان .. وتفزع الأرواح .. ثم يمسكوا بها .. ويقتادوها لحتفها .. فتفيق فى لحظة الموت .. وتتراجع وتنتفض .. بعد أن لاح لها الشيطان .. ضاحكاً شامتاً .. متملصاً من فعلتها .. متبرئاً من وسوساته اليها .. وقد جسد لها صورة الجحيم .. وهى تُخلد فيه .. بعد كفرها بالحياة
العجوز  :(فى ذعر المتشبث بالحياة )
كلا .. كلا .. الحياة ..سرالوجود .. عدت إلى رشدى .. ثبت إلى الله .. الشيطان .. الشيطان خدعنى .. لا أريد أن أزف إلى الموت .. وا سماءاه الرحمة .. وا إلاهاه المغفرة .. لقد عدت الى عقلى .. سأتحمل الحياة بكل سوئاتها
لا .. لا .. لا
المذبح  :(يقهقه فى إندهاش )
وبماذا يفيد الندم .. بعد العدم .. لقد  أصدرتِ الحكم على نفسكِ .. ولا تراجع فيه .. وتم إستدعاء الموت الزؤام .. من جبل الظلمات .. وصرت مغنمه .. إنها ليلةعرسك الأسود .. يا حمقاءالبشر .. وها أنت تزفين للموت.. ككافرة من بنى البشر
يُظلم المكان .. وتصرخ الشياطين الكافرة .. وتبكى المخلوقات المؤمنة .. وتهتز الأرض .. وترتج الموجودات .. ويسمع صوت ضرب عنق العجوز .. وسط صرخاتها .. وولولاتها وندمها .. على تفريطها فى حياتها .. وهمهمات الكهنة الوثنيين ..أداة الكفر .. ثم يقرقع الموت .. سيد العظات .. الذى لا يمزح مع أحد .. ويعلو صوت ترانيمالمذبح الجنائزية .. فى شبه شماتة .. على حمقاء البشر .. بعدما قدموها كقربان دامى .. لعدو البشرية الأوحد .. إبليس الرجيم .. بعدها تتقاطع ضحكاتهفى الأصداء .. تسمعها كل الأرض الثكلى .. شامتاً فى العجوز .. الذى وسوس لها .. وإستسلمت له .. نكاية فى البشرية بأسرها .. وفى جدها آدم النبى .. عدوه اللدود .. ثم بعدها .. يسمع صوت نشيج خافت لبكاء الدنيا .. تئن وتتوجع .. مفجوعة على أحد حمقاها من البشر ..  الذى شَردعن القطيع .. وطلب لقاء الموت .. كفراً بالحياة .. التى هى رداء البشرية .. متعرياً لسيد العظات الأكبر .. الموت 


ستار

أحمد إبراهيم الدسوقى
2017 القاهرة مصر

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption