أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 25 فبراير 2018

مسرحية "مابقات هدرة عادت بالمسرح الجزائري إلى المرتبة التي كان عليها أيام علولة وكاتب ياسين .. نحن بحاجة إلى سياسة حقيقية لممارسة الفعل المسرحي

مجلة الفنون المسرحية

 -  مسرحية "مابقات  هدرة عادت بالمسرح الجزائري إلى المرتبة التي كان عليها أيام علولة وكاتب ياسين
- نحن بحاجة إلى سياسة حقيقية لممارسة الفعل المسرحي


حوار: نسرين أحمد زواوي

يتميز المخرج المسرحي محمد شرشال بنظرة واعية للنهوض بالمسرح الجزائري، وعندما يطرح أفكاره يقدمها بجرأة وفهم لدينامكية الفعل المسرحي، المخرج محمد شرشال هو كاتب مسرحي وسيناريست، حاصل على شهادة الدراسات العليا في الإخراج المسرحي له العديد من الأعمال المسرحية منها "مسرحية بيت النار"، "ميلوديا"، "الهايشة"، "البركان "، "ما بقات هدرة"، كما له في الجانب التلفزيوني العديد من الأعمال جعلته في مقدمة كتاب السناريو بالجزائر منها سلسلة "جمعي فاميلي" بجزأيها الأول والثاني، سلسلة "دار البهجة"، وبرنامج الكاميرا الخفية "واش داني"، بالإضافة إلى كاتب سيناريو مسلسل "أكبادنا" الذي سيعرض في الدورة الرمضانية القادمة، في دردشة جمعتنا معه تحدث محمد شرشال عن شعوره بما حققه عمله الأخير من جوائز، عن رؤيته لواقع المسرح الجزائري ودور المؤسسات الثقافية، وعن أمنياته المستقبلية ...وغيرها من التساؤلات التي أجاب عنها بكل صدر رحب، وهذا نص الحوار:


نبدأ من أخر أعمالك،والتي توجت بجائزة أحسن عرض متكامل بمهرجان المسرح المحترف في دورته الأخيرة، ورشحت ضمن ثلاث الأعمال الأولى لنيل جائزة سلطان القاسمي، مسرحية "مابقات هدرة"، من أين بدأت فكرتها؟

مسرحية "مابقات هدرة" مشروع كان بداخلي منذ انتهيت من مشروع مسرحية "الهايشة" التي أخرجتها واقتبستها عن نص رينوسيروص لأوجين يونسكو، وأنتجها المسرح الوطني الجزائري، هذا العمل الذي نال جائزة أحسن نص مسرحي في مهرجان المسرح المحترف لسنة 2015، منذ تلك الفترة يراودني مشروع "مابقات هدرة"، وبما أنني من المخرجين الذين يهتمون بالممثل ويعتبرونه العنصر الأساس في العملية المسرحية هذا ما جعلني أبحث عن طريقة فنية وعن أسلوب ابرز من خلالهما أهمية الممثل، وهنا جاءت فكرة مسرحية مابقات هدرة، الذي تعتمد أساسا على أداء الممثل، العرض جاء في قسمين الأول يتضمن الحوار والنص المكتوب، والقسم الثاني استغنيت به تماما عن النص المكتوب، وتركت المساحة للممثل كي يقدم إبداعه، وهذه نظرتي للوصول إلى الفعل المسرحي الحقيقي، فتجربة ما بقات هدرة كانت بمثابة ورشة للبحث عن أسلوب جمالي يخصني أنا تحديدا.

العمل ترشح ما بين ثلاث عروض الأولى لنيل جائزة القاسمي قي الدورة 10 لمهرجان المسرح العربي، ماذا يمثل لك هذا التتويج إن صح التعبير؟

أولا، قبل مشاركتي في مهرجان المسرح المحترف في دورته الأخيرة، كنت على درجة من الواعي بنوعية العمل الذي اقترحته للمسرح الجزائري، لأنه عمل أنجز بطريقة أكاديمية، كما كنت أعلم أيضا أن العمل له قيمة فنية، فلما تحصلنا على جائزة أحسن عرض متكامل في مهرجان المسرح المحترف كان بالنسبة لي كرد اعتبار وإنصاف من طرف لجنة التحكيم التي عرفت كيف تقيم العمل، وعند مشاركتنا بمهرجان المسرح العربي بتونس، وبعد التجاوب الإيجابي الذي حصده العمل من قبل النقاد، والجمهور وحتى الفرق التي كانت مشاركة ضمن مسابقة المهرجان تأكد لنا أن الجائزة التي تحصلنا عليها في مهرجان المسرح المحترف كانت مستحقة، ضف إلى ذلك تنويه لجنة تحكيم مهرجان المسرح العربي التي رشحتنا لنيل جائزة القاسمي وكان هذا بطريقة علانية وبطريقة مكتوبة، لذلك أقول أن ما تحصلت عليه فهو شرف كبير بالنسبة لي، فأنا المحظوظين لأنه في أول مشاركة لي في هذا المحفل العربي الكبير، حققت هذا النجاح وهذا القبول وهذا الترحاب الذي لم أجدهما في بلدي، كذلك هو شرف للجزائر حيث استطعنا إعادة المسرح الجزائري إلى المرتبة التي يستحقها والتي كان عليها أيام عبد القادر علولة، كاتب ياسين، مالك بوقرموح، أين كان المسرح الجزائري في الصدارة دائما، لكن بعد العشرية السوداء مر المسرح الجزائري بأزمة حقيقة تسببت في تراجع مردوده وتراجع نوعية مشاركته في المهرجانات العربية، لكن الحمد لله بهذا العمل تمكنا من استرجاع للمسرح الجزائري مكانته على الأقل على المستوى العربي.

المشاركة في المهرجانات العربية غالبا ما تشكل أفقا جديدة، منها ما يتعلق بالتعرف عن تجارب الآخرين، وأخرى تتعلق بإنتاج أعمال مشتركة، هل هناك عروض على هذا المستوى؟

أجيب عن الشطر الأول من سؤالك، أكيد تعرفت على تجارب جميلة جدا، مثل تجارب المسرح التونسي التي وجدت فيها استعمال كبير للجانب التقني، تجارب المسرح العراقي، المسرح السوري، هذا الإطلاع فتح لي أفاق كبيرة من ناحية رؤيتي للإبداع، وأظن هذا هو التجاوب المطلوب، أما فيما يتعلق بالأعمال المشتركة فقد كانت هناك لقاءات مع جماعة من المسرحيين الخليجيين الذين عبروا لنا عن رغبتهم في إنتاج أعمال مشتركة بين الجزائر ودولة الإمارات عموما، وأظن إذا أتيحت الفرصة لمثل هكذا إنجاز فأكيد سأرحب بالفكرة وأبوابنا دائما مفتوحة لان المسرحي لا ينتمي لحدود قطر بلده بل يتسع إلى أكثر من ذلك، وأظن ما شد إنتباهم لتجربة مسرحية "مابقات هدرة" إلغائنا للنص وذهابنا لنوع من العالمية من خلال اعتمدنا على الفعل الحركي الذي هو مفهوم لكل الأجناس البشرية.

بعد هذه المشاركة، كيف تقيم مستوى المسرح الجزائري اليوم مقارنة مع المسارح العربية؟

أنا شاهد على العصر، وبما أنني في العقد الخامس من عمري، وممارستي المسرحية بدأت منذ نعومة أظافري، فقد حصل لي الشرف وان  شاهدت أعمال كبار المسرح الجزائري، فقد شهدت بأم عيني أعمال عبد القادر علولة كلها، وأعمال كاتب ياسين المسرحية، أعمال مالك بوقرموح، أعمال فوزية آيت الحاج، أعمال علال وولد عبد الرحمان كاكي، فأنا كنت موجود لما كان المسرح الجزائري في أوج عطاءه وازدهاره كنت حاضرا ومعاصرا لهذه الفترة، لما جاءت العشرية السوداء أيضا كنت حاضرا وشاهدت كيف تقهقر المسرح الجزائري في مستواه وفي طرق ممارسته هذه حقيقة ولا نستطيع إنكارها، في هذه الفترة كان هناك تسير اعتباطي للممارسة المسرحية وهذا ما سمح للدخلاء يغزونا العالم المسرحي، وبعدها جاءت البحبوحة المالية وأصبح المقصد للمال وليس للعمل الفني الإبداعي، فرغم بروز عدد كبير من المسرحيين في تلك الفترة  غير أننا لا نجد أعمال مسرحية رسخت لتلك الفترة، لان الممارسة المسرحية كانت بدون اختيار جمالي، وأصبح الاهتمام بالريع والربح السريع أكثر من الاهتمام بالعمل المسرحي ومضمونه، لكن في الفترة الأخيرة أرى نوع من الانتعاش في الحركة المسرحية هذا الانتعاش سمح ببروز بعض الأسماء استطاعت إعادة الجمهور إلى قاعات المسرح، الجمهور الذي بدأ  يثق في أعمالهم، فأصبحنا نشاهد مسرح راقي ملتزم به فرجة ومتعة بصرية وخير دليل على ذلك الأعمال التي تشارك في مهرجان المسرح المحترف، وبدون نظرة سوداوية أرى أنه مازال أمامنا طريق طويل لإعادة مكانة المسرح الجزائري، لأنه لا توجد لدينا بعد سياسة حقيقية للممارسة المسرحية وسياسة ثقافية بصفة عامة، فالمسرح الجزائري مازال يتما لم يجد بعد من يأخذ بيده ويوصله إلى بر الأمان، فكل ما هو موجود عبارة عن مبادرات لأسماء من الفنانين استطاعت أن تفرض وجودها بإصرارها وبكفاءتها وبقيمة الأعمال التي تقدمها، لكن هذه الأسماء بحاجة إلى محيط صحي الذي هو شبه منعدم في الجزائر، وهذا راجع لان الثقافة في الجزائر مازالت بعيد عن أولويات النخبة السياسية عندنا هذه الحقيقة ومازال التكوين المسرحي عندنا أيضا يتخبط في مشاكل كبيرة من أخطرها ضعف المؤطرين والمشرفين على التكوين المسرحي، المسرح هو فن التمكن، في كل دول العالم الممثل يكون جاهزا للاشتغال في أي عمل مسرحي، يعي جيدا كل ما يتعلق بالعمل المسرحي لكن في الجزائر هذا غير موجود.

تحدثت عن الريع والربح السريع، هل تعني أن المسرح في الجزائر يتوجه نحو المسرح التجاري؟

ياريت ذلك، المسرح التجاري يقوم على الجودة في العمل، واقصد الجودة بما تعنيه هذه الكلمة، ياريت نفكر من هذا المنطلق ونحاول ضمان الجودة لأعمالنا، نحن الآن في عصر التنشيط المسرحي هناك مسارح، ولان المدراء والقائمون عليها مجبرون بتقديم في نهاية كل سنة عمل مسرحي للكبار وأخر لصغار، فينتجون هذه الأعمال فحسب، دون مراعاة الجودة والقيمة الفنية للعمل المنجز، دون البحث عن كسب ثقة الجمهور، أتمنى قبل أن تعرض الأعمال فوق خشبة مسارحنا أن تعرض على لجنة تتألف أعضاءها من مختصين يقدرون العمل الفني ويقدرون الجمهور، يجب ان تكون الأعمال المقدمة بقيمة ترتقي بالذائقة الفنية للجمهور.

معظم أعمالك تقدمها في الطابع الكوميدي، هل هو اختيار مرغوب أم مقصود؟

كل من يعرفني يعرف أنني أميل إلى الأسلوب الكوميدي خصوصا في أعمالي الأخيرة، اعتمد على الكوميديا لأنها تعد من الدع أدوات النقد من جهة ومن جهة أخرى فانا لا أحبذ أسلوب البكائيات والترجيديا فوق الخشبة، لأنني من بين المخرجين الذين يودون تقديم لجمهورهم طبق مسرحي مليئ بالبهجة والمتعة البصرية، حقيقية كما يوجد في تراجيديا يوجد في الكوميديا لكنني أظن أن الإنسان المعاصر يعيش تراجيديته بشكل يومي فهو ليس بحاجة إلى أن يجدها أيضا على خشبة المسرح، لهذا فإنني أحبذ الكوميديا ولكن الكوميديا الراقية الهادفة وليس السهلة البسيطة والكوميديا العبثية بصفة خاصة. 
نجم محمد شرشال سطع بعد مرور 30 سنة، لماذا هذا التأخر؟
الاسم لا يصنع بين ليلة وضحها، الإنسان يصنع اسمه نتيجة تراكمات، اعتقد بعد 30 سنة بدأت أحقق النتائج المرجوة من كل تجاربي السابقة، معرفتي بالجمهور كانت مع نهاية كل عمل أقدمه فبعد كل عمل كان هناك شيء جديد، والحمد لله اسمي كان موجود بالساحة التلفزيونية، من خلال الأعمال الناجحة التي قدمنها، لكن في المرحلة الأخيرة وبالتحديد من مسرحية الهايشة أصبح لمحمد شرشال جمهوره الوفي، بالنسبة لي هذه مسؤولية، ومن واجبي احتفظ بهذا الجمهور من خلال احترامه وأن أقدم له الأجود.

بين محمد شرشال المخرج ومحمد شرشال السيناريست، أيهما الأقرب لك؟

كثيرون من يقولون ان لمحمد شرشال قلم جميل ومبدع، وهذا يشرفني، علاقتي بالكتابة كانت منذ الصغر، وأجمل ما كتبت في مسيرتي الفنية، نص "مابقات هدرة"، أعي جيدا أن حلاوة المسرح في الفعل الحركي وليس في الفعل اللفظي في مابقات هدرة كتبت الفصل الأول من أجمل نصوصي ولكني في الفصل الثاني ألغيت المؤلف الموجود بداخلي وقدمته قربان للمسرح، حلاوة المسرح من غير نص ومن غير ثرثرة حقيقة أنا ضد المسرح السردي لأن متعة المسرح في الفعل، لهذا قررت في أعمالي القادمة مواصلة تجربة مابقات هدرة، وسألغي النص وسألغي المؤلف محمد شرشال حتى يتمكن المخرج محمد شرشال ان ينفجر إبداعا.
عملك القادم هو عمل تلفزيوني خاص بالدورة الرمضانية القادمة، حدثنا عنه؟ وحدثنا عن رؤيتك للدراما الجزائرية بصفة عامة؟
فعلا، نحن بصدد تصوير مسلسل تلفزيوني جديد سيعرض في قناة جزائرية خاصة في الدورة الرمضانية القادمة، وهو مسلسل "أكبادنا" سناريو كتبته منذ سبعة سنوات وقدمته للتلفزيون الجزائري  الذي تماطل في الرد بخصوصه، لذلك قررت سحبه وعرضته على قناة خاصة، وستتولى شركت "اليت بلوس" إنتاجه، أما الإخراج سيكون تحت إشراف المخرج المصري مشير المنصوري ويجسد أدواره نخبة كبيرة من نجوم السينما الجزائرية على غرار أحمد بن عيسي، زياني شريف عياد، فريدة كريم ، سالي بن ناصر، حجلة خلادي، مراد أوجيت، محمد بوشايب ، زكريا بن محمد، وسيتم تصويره في ثلاثة مدن جزائرية، العاصمة، بومرداس، ومدينة مليانة، يحكي يوميات عائلات جزائرية بمختلف طبقاتها ومستوياتها الاجتماعية، أما فيما يتعلق برؤيتي للدراما الجزائرية لا استطع أن أقدم حكما بخصوصها فانا الابن غير الشرعي لها، لكن أتمنى أن نصل يوما تكون فيه الدراما الجزائرية تنافس الدراما التركية والدراما السورية وتعرض في التلفزيونات العربية، وهذا ما يجب ان نعمل عليه جميعنا، اتمنى أن تكون لدينا سياسية إنتاج وان تكون لدينا مدينة إعلام أسوة بالدول العربية الأخرى. 

طموحاتك ومشاريعك المستقبلية؟

أولا، يجب ان أعطي الفرصة لمسرحية "مابقات هدرة"، يجب ان تصل إلى عدد أكبر من الجمهور، من خلال الجولات الفنية، اتمنى ان تمس هذه الجولات جمهور الجنوب، ولا تكون محصورة فقط  بالمدن الساحلية ومدن الشمال، كما اتمنى من مسؤولين مسرح سكيكدة، ومن مسؤولين ولاية سكيكدة ومسؤولي وزارة الثقافة أن ينتبهوا لهذه النقطة من أجل تسهيل الأمور للانتقال والالتقاء بجمهور الجنوب، "مابقات هدرة" فتحت شهيتي لكي اذهب بعمق إلى الفعل الجسدي، فسأحرص ان يكون عملي القادم عملا صامتا مئة بالمئة.

  

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption