أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الجمعة، 13 أبريل 2018

المسرح التربوي

مجلة الفنون المسرحية


المسرح التربوي 

المسرح هو ذلك العالم الذي شغل أذهان وعقول كثير من الناس ووصلوا به ووصل بهم إلى أن أصبحوا علماء في الفنون وعلماء في الأداب في كل بقاع الأرض منذ بدأ التاريخ، أو منذ بدأ الإنسان الحياة على هذا الكوكب، وليس من العسير إدراك السبب في ذلك؛ فالمسرح كما لا يخفى علينا هو المكان الذي يستطيع أن ينطق بكل لغات البشر وبكل أحاسيسهم، ويعرض الماضي والحاضر وتخيلات المستقبل، فهو المكان الذي لا يقف عند حد معين، وهو قابل للتغير طبقًا لما هو معروض عليه من مادة فنية بإحساس ينبثق من الفنان المبدع.

وفى دراسة بعنوان: «المسرح التربوي»، للأستاذ الدكتور أحمد حسن جمعة، أستاذ المسرح المتفرغ بأكاديمية الفنون، يستعرض المسرح التعليمي والمسرح التربوي، ودور مؤلف النص المسرحي التربوي.


دور المؤلف في المسرح التربوي

المؤلف المسرحي هو ذلك الأديب الذي تقوم على أكتافه مسئولية النص المسرحي المكتوب. وتختلف المؤلفات المسرحية من مؤلف لآخر ومن نص إلى نص آخر كما سبق القول.

وعلى ذلك لا يوجد مؤلف مسرحي يكتب لمجرد الكتابة، بل لا بد ولأن يكون لدى المؤلف فكرة يحاول الكتابة عنها، أو أن يكون له هدف يراه هو وحده في خياله قبل أن يظهره في شكل نص مكتوب، فإن الفكرة والهدف الكامنان داخل رأس المؤلف هما الأساس، ثم تأتي بعد ذلك الوسيلة التي يظهر بها هذه الفكرة وهذا الهدف، فإن الفكرة والهدف يسبقان الوسيلة إلا وهي اللغة التي يكتب بها النص المسرحي سواء كانت لغة عربية أو لهجة عامية تابعة لبيئة معينة أو قرية معينة أو شعرًا أو نثرًا... وهكذا.

ولكن هل جميع النصوص المسرحية تتناسب مع كل المشاهدين على اختلاف ثقافاتهم وأعمارهم وبيئاتهم... إلخ. أم أنه يجب ان يراعى المؤلف المسرحي لمن يكتب هذا النص المسرحي فإن كان المؤدون على المسرح من الممثلين المحترفين وكان الجمهور من الكبار وأصحاب الثقافات العالية أو حتى المتوسطة. جاء النص موافقًا لهؤلاء المشاهدين. أما إذا كان الجمهور من صغار السن فهنا يجب أن يقف المؤلف وقفة مع النفس ليراجع نفسه. ما هو النص المناسب لهؤلاء الصغار؟ ثم هل يقصد بالنص المسرحي مرحله عمرية محددة؟ وأيضًا هل هو نص تعليمي؟ أي أنه ينتمي إلى المسرح التعليمي، أم أنه نص مسرحي لمسرحة المنهاج؟ أم أنه نص تربوي؟ ولذا فإننا هنا بصدد أن نكتب عن موقف المؤلف المسرحي للمسرح التربوي لأن في مثل هذه النصوص المسرحية ما هو هام ومهم.

وعليه فإذا كان المؤلف المسرحي للمسرحية التربوية غير قادر على أن يكون النص له هدف تربوي فمن الأفضل إلا يكتب لمسرح الأطفال؛ ذلك لأنه إذا لم تكن عند المؤلف القدرة على صياغة نص مسرحي تربوي يتناسب مع المرحلة السنية فيفضل إلا يقترب من هذا الفعل ذلك لأن النص المسرحي التربوي لا بد وان يكون له عائد إيجابي على المشتغلين على المسرح وأبضًا على المشاهدين من نفس المرحلة السنية.

والمسرحية التربوية يجب أن تحتوي على كل العناصر المتضمنة المسرحيات عمومًا، فيجب أن تحتوي على مقدمة وتعريف بالشخصيات ثم تبدأ المشكلة الأساسية في الظهور ومنها يظهر الصراع ويكون النسيج الدرامي به وضوح للعمل حتى تصل المسرحية إلى الذروة وتضح الأزمة ويزداد الصراع حتى نصل إلى نهاية المسرحية. التي لا بد وأن تنتهي بنهاية سعيدة وبانتصار الخير على الشر، وحتى يشعر المشاهد الصغير وأيضًا المؤدي الصغير أن الشر بشتى أشكاله لا بد وأن ينهزم أمام قوى الخير، وحتى يصبح الأمل عاملًا من العوامل المهمة في المسرحية التربوية.

والطبيعي أن المسرحية التربوية تنقسم إلى فصول ومن الممكن أن يشتمل الفصل على مشاهد، وأن كل مشهد به عدة مواقف ولا بد للمؤلف أن يعطي كل جزء في العمل المسرحي حقه وأن يبتعد عن الإطالة أو التقصير. وكذلك يجب على مؤلف النص المسرحي للمسرحية التربوية حسن اختيار الألفاظ والعمل على وجود هدف تربوي من هذه المسرحية والموضوعات التي يمكن أن تحتويها المسرحية التربوية ليس بالقطع كل ما سوف أذكره هنا ولكن على المؤلف أن يتناول ما يريد أن يظهره ويؤكد عليه من حيث الناحية التربوية. وهذه السلوكيات والقيم التي ينتج عنها إيجابيات تصل للطالب المؤدي أولًا ثم الطالب المشاهد ثانيًا وهي:

الإيمان بالله وحب الخير للنفس وللغير على السواء.
الولاء والانتماء للأسرة والوطن.
تنمية الإحساس بمسئوليات حقوق المواطنة.
احترام المجتمع ومعاييره وعاداته وتقاليده وترسيخ هذه العادات والتقاليد.
الانسجام والتوافق الأسري والالتزام بقيم العائلة.
القدرة على نقد الذات لتحسين الأداء.
القدرة على التعاون مع الأسرة والزملاء.
تجنب الأفعال الخاطئة والشريرة.
الابتعاد عن الكذب والالتزام بالصدق والابتعاد عن النفاق والرياء.
طاعة المعلمين وأولى الأمر.
الصبر على الشدائد؛ كأن يصاب المؤدي بموت عزيز أو الوقوع في أي شدائد.
النظافة بكل أشكالها: نظافة اليد وعدم الغش– نظافة الملبس– نظافة اللسان والابتعاد عن الألفاظ البذيئة.
الابتعاد عن الغيرة والحقد والأنانية.
الالتزام بالأمانة.
تشجيع الطلاب على العمل الجيد وإثابتهم على ذلك، حتى يبتعدوا عن الأعمال السيئة فنكون سببًا لمعاقبتهم.
تجنب الشرور والمال الحرام وبث روح القدوة الحسنة والالتزام بالنماذج المشرفة في الشرف.
احترام الكبير والعطف على الصغير؛ واحترام بعضهم البعض.
حب العمل واحترامه وتنمية الرغبة في التعلم والتطور– وحب الاستطلاع.
تنمية الإحساس بالإخاء والتسامح، وأن ممارسة ذلك ليس من قبيل الشفقة أو التفضل بل فضيلة إنسانية لازمة وملزمة.
إقامة العدل والمساواة وعدم التحيز.
تنمية النزعات الوجدانية تجاه الأحداث العالمية بما يؤدي إلى التعاطف الإيجابي والتعاون في الشدائد للتخفيف من آثار الكوارث.
الاهتمام بنظافة البيئة وحمايتها من التلوث الناتج من المجتمع، ومحاولة تثقيف الأقربين.
الابتعاد كل البعد عن مظاهر العنف بكل أشكاله.
تنمية الخيال العلمي والذي يتناسب مع المرحلة السنية.
هذه النقاط ليست هي كل ما يجب أن يكتب عنه مؤلف النص المسرحي بل هناك المزيد من النقاط لم أذكرها؛ ذلك أن العلم والمعلومات لا يقتصر عليها فرد. ولكن المهم أن يكون النص المكتوب للمرحلة السنية يتوافق تمامًا معها وأن يكون هدفه التربوي واضحًا.

من هم الممثلون على المسرح التربوي؟ هذا السؤال كثيرًا ما يسأله المتخصصون، ولنا هنا إجابة واضحة من خلال بعض الأسئلة

أولًا: لماذا المسرح التربوي؟

ثانيًا: ما هو العائد من المسرح التربوي؟

ثالثًا: لمن يقدم هذا المسرح التربوي؟

وغيره من الأسئلة.

 

أولًا: لماذا المسرح التربوي؟

يجب أن تكون المسرحية التربوية نموذجًا ومثلًا أعلى لبث مجموعة من القيم يكون الناتج والعائد منها له إيجابية واضحة في تغيير السلوك السيء إلى سلوك حسن، ومع استمرار تنمية السلوك الطيب سيصبح المجتمع كله بعد ذلك يحمل هذا السلوك، فالمجتمع هو مجموعة أسر والأسرة ما هي إلا مجموعة أطفال ذكور وإناث وهم النواة التي بعد ذلك تكون اليد المنتجة لهذا المجتمع. ومن أجل هذا لا بد من تكاتف كل الجهات المسئولة عن تنمية السلوك الجيد لتربية ونمو الوازع الأخلاقي في الطلاب على مستوى جميع مراحلهم السنية، ومنها المسرح وباقي أنواع الفنون.

ثانيًا: أن العائد من المسرح التربوي إذا نجح في مهمته مضافًا إليه أن المؤدي على المسرح ينمي هوايته ويرى بعد ذلك المسألة الفنية بعيون أخرى أكثر إدراكًا ووعيًا عما كان يراها قبل ذلك- فقد دخل المعمل المسرحي نفسه وأصبح هو الذي يؤدي بعد أن كان هو المشاهد وبالتالي سيكون العائد عليه بعد ذلك عائدًا إيجابيًا؛ أما بالنسبة للسؤال الثالث وهو لمن يقدم المسرح التربوي؟ فقد أوضحت ذلك في دور المخرج. ولكن أفضل أن أضيف هنا هل يقدم المسرح التربوي من خلال ممثلين محترفين أم يقدم من أطفال؟ أم يقدم باشتراك الكبار المحترفين مع الصغار؟

لو افترضنا أن هناك دور (جد) مثلًا كما في مسرحية ما. هل يكون الجد من الصغار؟ ام يجب ان يكون رجلًا كبيرًا في السن. إن كان طفلًا فسيكون عبارة عن أضحوكة بين زملائه وإن كان كبيرًا في السن وممثلًا محترفًا، هنا سيكون بالنسبة للصغار نموذجًا، خاصة إذا كان ممثلًا مشهورًا فستكون نظرة الصغار له نظرة إعجاب أكثر فهو كان معروفًا لهم من خلال شاشات التليفزيون وهنا هو معهم ويستطيعون أن يكلموه ويكلمهم، وبالتالي سيحاول كل منهم أن يؤدي دوره بإتقان ويحاول كل منهم أن يظهر نفسه لينال رضا الممثلين المحترفين المشهورين الذين يعملون معهم في المسرحية. إذن على هذا المسرح يشترك الكبار المحترفون مع الصغار الناشئين.

 

دور المخرج في المسرح التربوي

يختلف دور المخرج في المسرح التربوي عن دوره في مسرح المحترفين في عدة مهام. فهو ليس فقط مخرجًا وظيفته نقل النص المسرحي المكتوب إلى عمل مسرحي مسموع ومرئي بإبداع فني جمالي. بل يشتمل على ذلك ويضاف إليه بعض المهام الأخرى التي من شأنها أن يكون هذا الإبداع في الإخراج يتمتع بنواحٍ تربوية كي يتحلى بها المؤدون على هذا المسرح، وهو مسرح الصغار وعلى ذلك لا بد لمخرج هذا النوع من المسرح أن يُلِم إلمامًا تامًا بسيكولوجية المرحلة السنية التي يقدم لها هذا النص المسرحي المكتوب لهذه المرحلة النسية على المسرح بممثلين أطفال ولجمهور أيضا من نفس مرحلة سنهم وغيرهم. ذلك أن معرفة المخرج بهذه السيكولوجية سينتج عنها عرض فني يتخطى السلبيات، بل ويكون له عائد إيجابي على الطالب المؤدي وأيضًا على الطالب المشاهد.

وفى واقع الأمر فإن الطالب المؤدي ستكون الاستفادة بالنسبة له من خبرات المخرج ومساعديه أكثر بكثير من الاستفادة العائدة على الطالب المشاهد، لأن العلاقة المباشرة بين المخرج ومساعديه والطلاب المؤدين ينتج عنها فهم الطالب لآراء المخرج وملاحظاته والاستجابة لها على الفور.

ومن أجل هذا سنوضح بعض النقاط التي ستعود على الطالب المؤدي بأسلوب جديد تربوي وسلوك أكثر تطورًا من خلال مخرج المسرح التربوي. وهي تتمثل في الآتي:

نحن نعرف أن المسرحية المكتوبة لا يعرف الطالب المؤدي مضمونها إلا عندما يوزع المخرج الأدوار على الطلاب. هنا تبدأ تدريبات نسميها تدريبات المنضدة. وهي التي يكون فيها كل طالب معه نسخه من النص المسرحي، وهو يعرف دوره الذي كلف به، وتبدأ التدريبات بقراءة كل طالب لدوره في حضوره المخرج ومساعديه إن وُجد له مساعدين. وهنا يمكن لأي طالب أن يسأل المخرج أسئلة تدور حول شخصية الدور الذي سيقوم به، وعلى المخرج أن يشرح لكل طالب أبعاد هذه الشخصية وما يجب أن تكون عليه. وهذه الأسئلة في حقيقة الأمر ليست ضياعًا للوقت بل هي من صميم العمل. حتى يمكن أن يتولد عند الطالب المؤدي مزيدًا من معرفة الدور الذي سوف يؤديه والانفعالات المتوافقة مع كل موقف. وفي واقع الأمر فإن المخرج هنا ليس بالمعلم الذي يطرح معلومة وعلى الطالب ألا يتناقش معه. بل بالعكس فإن لغة الحوار بين المخرج والطالب المؤدي سينتج عنها مودة وألفة ينتج عنها حب للعمل.
ومن أجل أن يتحقق ما جاء في النقطة السابقة يجب أن يراعي المخرج أن يكون أسلوب التعامل بينه وبين الطلاب يبتعد تمامًا عن التخويف أو التهديد حتى يحبب الطلاب في العمل المسرحي.
في بعض المراحل السنية خاصة عند دخول الطلاب مرحلة البلوغ (سن المراهقة) ينتاب بعض الطلاب من الجنسين شيء من الخجل والانطواء وعدم الثقة بالنفس، ولذا فإن الأداء التمثيلي يعتبر نوعًا من العلاج لمثل هذه الحالات وخروج الطلاب من هذه الأزمة النفسية. وبالتالي فإن العمل المسرحي بما فيه من مواجهات متعددة وهي: أ- مواجهة الطالب بأداء دوره أمام المخرج ومساعديه. ب- أداء الطالب لدوره في حوار مع زميله في الموقف. ج- مواجهه الطالب المؤدي لدوره في العمل الجماعي المشترك للمسرحية ككل. د- مواجهة الطالب المؤدي لدوره أمام جمهور المشاهدين. كل هذه المواجهات قادرة على أن تخرج المنطوي إلى المجتمع فيكون عنصرًا من العناصر الفاعلة في المجتمع بعد ذلك ويكون عنده ثقة في نفسه. يعمل المخرج على تنمية احترام الطالب المؤدي لعنصر الوقت، لأن العمل المسرحي من أوله إلى آخره مرتبط بزمن العرض، ولذا فإن كل دقيقة في العمل المسرحي تتقدم بالأداء حتى يصل إلى نهاية المسرحية. ومن هنا يتعلم الطالب المؤدي الحرص على الوقت وألا يضيعه في أشياء لن تعود عليه بفائدة. فكل دقيقة وكل ساعة وكل يوم يجب أن يعطى للتطور والتقدم والارتفاع بمستوى الأداء. سواء العلمي أو الحرفي أو الفني.
على مخرج المسرحية التربوية أن ينمي عند الطلاب المؤدين للمسرحية حب العمل واحترامه وبذل كل الجهد وكل ما يؤهله إلى الارتفاع بمستوى الأداء الحرفي والفني على المسرح.
المخرج في المسرح التربوي عليه أن يربي عند الطلاب المؤدين الالتزام بالمواعيد وأن يعلمهم ثقافة المهنة، وأن العمل المسرحي كي يتم لا بد وأن يكون كل مشترك فيه في مكانه ويكون مستعدًا، فالمؤدون لا بد وأن يكونوا في ملابسهم الخاصة بالدور وأن يكون المؤدي حافظًا لدوره ويعرف تمامًا تحركاته على خشبة المسرح. ودخوله وخروجه. وعلاقته بالآخرين وهكذا.
وأيضًا جميع المشتركين من عمال ديكور وإضاءة وجميع المشتغلين بعناصر العرض المسرحي وباختصار كل المهنيين حتى يتم العرض كما أراده المخرج ويظهر بشكل جمالي، ولذا فإن تعود الطلاب المؤدين على الالتزام بالعمل المسرحي سيصبح بالنسبة لهم سلوكًا جيدًا، ويصبح هذا السلوك أحد السمات الأساسية في التربية الحديثة.
إن من مسئولية مخرج المسرحية التربوية ومساعديه هي تعليم الطلاب المؤدين كيفية المحافظة على ملابس الدور الذي يؤدونه وأن تكون دائمًا في مكانها الذي تحدد لكل دور وأن يتم (تعليق) الملابس الخاصة بالدور بعناية بغرفة الملابس حتى تبقى دائمًا نظيفة لإمكان استخدامها في اليوم والأيام التالية.
وهذا السلوك وهذه التربية ستصبح بالتدريج نمط سلوكي متميز، ستشعر به الأسرة التي سوف تلاحظ التغير إلى الأفضل الذي وصل إليه ابنهم بعد أن مارس العمل المسرحي، وأصبح مهتمًا بملابسه بعد أن كان مهملًا ولا يبالي.
من المعروف في مرحلة سن المراهقة أن الطلاب يميلون إلى المزاح والاستهزاء بعضهم لبعض، ولذا فمن الممكن أن يكون بالمسرحية دور لابن شخصية ذات سلطة ونفوذ، ودور آخر لابن شخصية خادم مثلًا، من هنا نجد أنه من الممكن ان يستهزء الطالب القائم بدور ابن الشخصية الكبيرة من الطالب ابن الشخصية الأخرى. ولذا وجب على المخرج أن يبدل الأدوار بين الطلاب حتى لا يستهزئ طالب بطالب آخر. كما أن تبادل الأدوار يعطي فرصة أكبر للطلاب لاكتساب الخبرات الأدائية المسرحية، ويساعدهم على كثير من الحفظ. وهذا أيضا من سمته ألا ينفرد طالب دون آخر بالدور الرئيس ويتملكه الغرور.
إن فن التمثيل المسرحي يعطي المؤدي القدرة على الحفظ، فهو من خلال النص المكلف به يجب أن يحفظه حفظًا تامًا بل ويحفظ أيضا مفاتيح الجمل التي يقولها الممثل (نهايات الجمل التي تسبق حديثه) ونلاحظ أيضا في المسرح التربوي أن المؤدين من خلال التدريبات يكادون يحفظون النص المسرحي كله وهذا يجعل الطالب عنده سرعه الحفظ لما يدرسه من مواد دراسية تهتم بالحفظ. والحفظ عند الصغار عملية هامة جدًا، فهم يحفظون آيات قرآنية وأشعار ونثريات وقوانين علمية وغيرها ويستطيعون استدعاء هذه المعلومات من ذاكرتهم وقت اللزوم. وبالتالي تصبح عندهم ذخيرة علمية ومعرفية مختزنة في ذاكرتهم. كما يوسع بها آفاقه المعرفية والثقافية والعلمية.
فن التمثيل المسرحي يعلم المؤدي لغة الحوار التي يفتقدها كثير من الناس، ولغة الحوار توضحها في أن المؤدي أو المتحدث يجب أن يكون فردًا واحدًا، أما المستمعون فمن الممكن أن يكونوا مجموعة أو اقل. ولذا يجب أن يحترم الجميع المتحدث وألا يقاطعونه حتى يفرغ من كلامه. ثم بعد ذلك يتحدث الآخر ويكون المتحدث السابق هو المستمع أو أحد المستمعين، وأيضًا لا يقاطعه أحد حتى يفرغ من كلامه أيضًا.
إن من مهام مخرج المسرحية التربوية أن يوضح للمؤدين الصغار كيفية الالقاء المسرحي، فلا يصح أن يتحدث المؤدي بسرعة ويصبح كلامه غير مفهوم للمشاهدين وإن علو الصوت أو انخفاضه لا بد وأن يكون تابعًا لمتطلبات الموقف، كما أن مخارج الحروف ووضوحها له جاذبيته الخاصة، وضبط إيقاع المسرحية له أيضًا تشويقه الذي يعود على المشاهدين بالاستمتاع من المسرحية.
إن العمل المسرحي هو عمل جماعي ويشترك فيه العنصر البشرى المتمثل في المؤدين للتمثيل أو المغنيين أو الراقصين. والذين يوصلون النص المسرحي للمشاهدين. والعناصر البشرية الأخرى التي نعتبرها خلف الكواليس ومنهم مهندس الديكور ومصمم الملابس وعمال الورش التابعين لهم وعمال الإضاءة.... الخ. هذه العناصر هي عناصر لها أهميتها على خشبة المسرح وعلى ذلك يجب أن يوضح مخرج المسرحية التربوية للطلاب المؤدون على خشبة المسرح كيفية المحافظة على العمل كفريق واحد له هدف واحد هو توصيل المعلومات التي داخل النص المسرحي للمشاهدين. ولذا فلا يسمح أن يتغيب أحد عن التدريب وبالتالي ينمو عند الطلاب المؤدين حب العمل في هذا الفريق الذي ينتمي إليه وهو مشترك معهم في توضيح الرؤية المسرحية التي يراها زملاءه المؤدين من نفس المرحلة السنية كما سيشاهدها أيضًا أولياء أمور الطلاب وأقاربهم وأعضاء هيئة التدريس بالمدرسة والإداريين والعمال، ويصبح العمل هنا ليس فقط مشاركة أعضاء الفريق مع بعضهم؛ ولكنها مشاركة اجتماعية. ومن هنا يعرف أولياء أمور الطلاب أن الأداء المسرحي يهم الطالب وأن الهواية التي يميل إليها الطلاب يجب أن يمارسوها حتى يمكن تنمية العقل والحس والوجدان وأيضًا تربية الجسم والارتقاء بالسلوك الاجتماعي.
يجب على مخرج المسرحية التربوية أن يكتشف المواهب عند الطلاب فيعطيهم الفرصة للأداء ومتابعة هذا الأداء بما عنده من خبرة مسرحية تمكنه من اكتشاف الطالب الموهوب وتشغيله وتوجيهه حتى يفرغ كل ما عنده من طاقة في مجال هوايته ولنفترض أنها التمثيل.
ومن الممكن أيضًا أن يكون أحد الطلاب المشتركين في العرض غير موهوب في هذا النوع ولكنه موهوب في نوع آخر من الفن؛ فمثلًا قد ينشغل أحد الطلاب بفن الديكور المعلق على المسرح فبملاحظة المخرج لهذا الطالب يستطيع أن يعطي فكره لولي أمر هذا الطالب عن ميول هذا الطالب.

ذلك لأن كل جيل لا بد وأن يوجد فيه كل مهنة ففي كل زمان يوجد المحامي والمحاسب والطبيب والصيدلي... إلخ كما يوجد أيضًا الشاعر والمؤلف الموسيقى والمغني والممثل والمخرج، ولذا فان جميع القيادات وأيضًا الأسر يجب ملاحظة ومتابعة أبنائهم والتركيز على ما يهون حتى يعملوا بموهبتهم ويحسنوا الأداء فعندما تكون صنعة الإنسان هوايته فهو لن يمل من العمل ولن يبخل بالجهد في سبيل الوصول بهمته إلى أعلى المناصب والدرجات.
--------------------------------------
المصدر :المنتدى العالمي للتربية 

 
 


0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption