أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الثلاثاء، 21 أغسطس 2018

مسرحية " غفـــران " تأليـــف: فـريدة عمــارة

مجلة الفنون المسرحية

الشخصيــات:
غفــــــــران
والدها
والدتهـــــــا
أخـــــــــوها
ريتـــــــــــا
تــــــــــــالا
العرافــــــــة
المرشدة السياحيـة
بــائـــع السمـــــك
زوج غفــــــــــران
الخــــــادمــــــــــة
نــرميــــــــــــــــن
شيــــــــــــــــــراز
سـهـــــــــــــــــى
السكــريتـيـــــرة
بعــض السيــاح من مختلف الجنـسـيات
مجموعـة من رجال الطوارق
البعـض من الناس الماريــن في الشارع

الفصل الأول:

المشهـد الأول:

( غرفة النوم في الفندق وهي مظلمة قليلا يتخللها شعاع ضوء النهار من ستارتي النافذتين وبها سريرين وفي الوسط على الأرض يوجد حقيبتين مفتوحتين والأغراض فيها غير مرتبة وبعض الأحذية المرتمية على الأرض بشكل عشوائي ويوجد في الغرفة منضدة تزيين بها مرآة وتحتوي على مستحضرات التجميل وعطور وأمامها مقعد وعلى الجنب هناك كرسي ملقى عليه ملابس الفتاتين بشكل عشوائي وعلى اليسار باب تخرج منه غفران تحمل دلو، مكنسة وبعض أدوات التنظيف تكاد تخرج من باب الغرفة حتى تستيقظ إحدى الفتاتين وتطلب منها إزاحة الستائر وفتح النوافذ ثم تستيقظ الفتاة الأخرى).
ريتــا: (تتثـائب) ما حال الجو عندكم 
غفـران: رائــــع
تــالا: لما تسألين عن الجو، ألم تعجبك شمس الجزائر .
ريتــا: بلا إنهــا مشرقــة وجميلـــة.
تــالا: أصبحـت تتحدثيــن مثل الأطفــال.
ريتــا: أنا أمزح فقط ( تخاطب غفران) لقد اختارت أختي الذهاب إلى أروبا وأنا رفضت لا أحب الضباب إنه يدعوني  للنوم مطولا ( تتثائب ) .
غفـران: أنا أستسمحكــم ســوف أغادر.
ريتــا: لا تخـرجي أكملي عملك ونظيفي الغرفة نحن ذاهبتان للاستحمام وربما نخــرج فيما بعد.
غفـران: تبـدو زيارتكــم الأولى للجــزائر.
تــالا: نعم لقد وصلنا البارحة فقط وكنا متعبتــان فقررنا النوم وأخذ قسط من الراحة تعالي اجلسي بجانبي.
غفـران: أحسنتم بزيارة الجزائر، من أين أنتم لم تقولوا لي .
تــالا: مــن لبنـــان.
غفـران: أي ناحيــــة.
ريتــا: من صبــدا.
غفـران: وهل هـي جميلـة.
ريتــا: إنها مدينة سيـاحية وتقـع على الساحـل وتصنف كمدينة تاريخية لأنها تمتاز بطابع معماري جميـل.
غفـران: مـاذا تعنــي صيــدا؟ 
ريتــا: اسمعـي، اسمهـا مشتـق مـن كثـرة السمــك فـي شواطئهـا أمـا باليونانيـة فتعني صيدون، وبالعبرانية صيدو،  وهناك من يفسـر صيدا علـى أنها سيدة البحار، وأيضا نحن نملك بعض أدوات الصيد نذهب بها إلى الشاطئ  لنروح عن أنفسنا.  
غفـران: أيكما تصطاد أكثــر؟
ريتــا: مرة أنا ومرة هيا على حسب نسبة الحظ في ذلك اليوم.
تـالا: وأيضـا ورد ذكـر مجيء السيـد المسيــح إلى مدينــة صيـدا في مواقـع عديـدة مـن أصحـاح إنجـيـل لوڤـــا ومرقس   ومتــــى.
غفـران: أفهم منكما أنها مدينة مسيحيــة.
ريتــا: هذا صحيــح.
غفـران: إذن أنتـم مسيحيتــان.
ريتــا: ديانتـنا هي المسيحيــة.
تـالا: وهل عندك مشكلة مع الديانات الأخرى.
غفـران: لا يا عزيزتي أنا لا أعاني من أي إشكال أو حقد أنا مسلمة ومسالمة ( ترفع يدها اليمنى ) وأحترم كل الديانات  حتى أني أحب سماع صوت قرع الأجراس في الكنيسة، ومرحبا بكما في بلدي وسررت بلقائكما.
ريتــا: هذا من دواعــي سروري.
غفـران: ألا تجـدون مضايقات في بلدكــم بشــأن هذه الديــانــة؟
ريتــا: قطـعــا.
غفـران: ولمــا؟
ريتــا: لأن الدستــور اللبناني يكفـل لكل الطوائف الدينيــة في لبنــان حــرية العبادة وممارسة  الشعائر الدينية.
غفـران: هذا جميل لأنكم تملكون الحرية الدينية.
ريتتــا: هذا ما يميزنا عن سائر المسيحيين في العالم العربي.
تــالا: نحن نمتلك الحرية في بناء الكنائس ولدينـا أيضـا مدارس وجامعات وغيرها من المؤسسات التعليمية وجمعيات خيـرية ومراكز التأهيل الاجتماعي.
غفـران: وهـل لديكم إذاعة خاصة بكم.
تــالا: نعـم نمتلك محطات تلفزة أرضية وفضائية ومحطتـي إذاعــة تبث البرامج الروحيـة والاجتماعـية.
غفـران: لقـد تخيلتهــا من خلال كلامكمـا عنـها.
تــالا: إذا أردت المجيء تعالي معنا ونحـن نعرفــك عليهــا.
غفـران: شكـرا، ماذا تشتغليـن في بلــدك.
تــالا: مصممــة أزيــاء.
غفـران: رائـــــع.
تــالا: أستـوحي أفكاري من كل شيء جميل أراه من حـولي، لقـد أحضرت عدة فساتين من تصميمي الخاص سوف أهديـك فيما بعد واحد إنـه يليـق بالبحـــر.
غفـران: أنا لا أعـرف تصميم الأزياء ولكنـي أعتـرف بهـا.
تــالا: إنهـا مهنـة وحرفـة وفنا ومهارة ودائما أستـوحي أفكـاري من كل ما يحيط بي أو أراه بالصدفة كمـا أنـي أستـوحي كثيـرا من مختلف ثقافات الشعوب خاصة القديمة.
غفـران: وهل تجنيــن المال منهــا.
تــالا: بالإضافة إلى المال الذي تكسبينه منها فأنت أيضا تستمتعين وتتثقفين لأن العالم الذي نعيش فيه مليء بالمفاجآت  والأسرار، ما عليك إلا الاجتهاد حتى تصلي إلى مبتغاك.
غفـران: يا ليتني أذهب معكما ولكني لا أقدر.
ريتــا: ولما لا؟
غفـران: لأنه لديا بعض المشاكل في حياتي الخاصة.
ريتــا: ما نوعهــا؟
غفـران: أريد أن أحكي لكم ولكني أخاف من ردة فعلكم.
ريتــا: لا تخافي نحن نقدر كل الحالات  ولا نفرق بين الناس ( متحمسة للموضوع ) هيا أحكي لنا فكلنا آذن صاغية  .
غفـران: ( بحزن وأسى ) أنا لا أسكن هنا في جنوب الجزائر بل أسكن في شمالها.
تــالا: إذا في مدينة سياحية.
غفـران : نعم مثلكمـا.
ريتــا: وماذا بعــد
غفـران: ( تتنهد تنهيدة عميقة ) أنا خريجة سجــون.
ريتــا: أتقصـدين بأنك جـربت السجـــن
غفـران: للأســــــــــف.
ريتــا: متـى ولـمـاذا؟
غفـران: ( في ابتسامة مصطنعة ) لقد خرجت في هذا الشهر فقط.
ريتــا: ولما أتيت للعمل هنا في الجنوب أليسا بعيدا.
غفـران: لأنه أحدا لم يشأ مساعدتي غير سائق سيارة الأجرة هو من اتصل بصاحب هذا الفنـدق وطلب منـه يد العـون.
ريتــا: هل كنت متزوجــة.
غفـران: تزوجت من ثلاث رجال في حياتي.
تــالا: عنـدك أولاد؟
غفـران: الأولى راحيـل مع زوجي الأول ومع الثاني أمنية والثالث أنجبـت معـه روعــة.
تــالا: وما مصيرهــم الآن.
غفـران: لا شيء، عندما دخلت السجـن احتفظوا بهم وأنسوهم في شيء اسمـه الأم، وربمـا نسوني ولم يعودوا  يتذكـروني.
ريـتــا: وهل قصدت بيوتهم عندما خرجت من ذلك السجـن.
غفـران: للأسـف لم أفعـل.
ريتــا: على الأقل كنت ترين وجوههم.
غفـران: ليس سهلا، أن أراهم مجددا.
ريتــا: جربي فقط لن تخسـري شــيء.
غفـران: ( بتحسـر ) عنـدما خـرجت قصدت بيت والدي ولكن رفضوني وأغلقوا الباب في   وجهــي.
ريتــا: وبعـــــــــــــــــد. 
غفـران: وأيضـا قصدت بعض الأقارب والأصـدقاء فحصـل معـي نفس الشيء.
تــالا: وكيف دبرت أمورك حتى وصلت إلى هنا.
غفـران: لقد أعارني ذلك الرجل الذي حكيت لكم عنه بعض المال.
تــالا: سائـق التاكســـي.
غفـران: أجل، أعارني بعض المال واتصل بصاحب هذا الفندق وأعطاني العنوان، على الأقل قدم لي بعض المساعدة رغم أنه لا يعرفني ولا يقربني، وللأسف أصبحت أشتغل منظفة غرف.
تــالا: لما تقولينها بحــزن ماذا كنت تشتغليــــن.
غفـران: مغنيـــة.
تــالا: تقصـدين مطـربـــة.
غفـران: نعــــم.
تــالا: وما هي تهمتـــك؟
غفـران: أحدهم خبأ لي المال المزور في حقائب سفــري.
تــالا: ألـم تعـرفيـــه؟
غفـران: وكيف أتعـرف عليه وأنا خرجت للتو من ذلك السجن اللعين.
تــالا: وهل كانت مدة حكمــك طويلــة.
غفـران: ( تبكــي ) أجــل.
ريتــا: أنا آسفـة بشأنك ولكنــك لسـت وحـدك لا تـحـزني.
غفـران: ( تمسـح دموعهـــا ) ما ذا حل بك أنت الأخــرى؟
ريتــا: أنا حدث معـي نفس الشيء مع بعض الاختلاف في قصتـي عن قصتـك.
غفـران: كيــف؟
ريتــا: أنت خريجة سجــون أما أنا خريجة مستشـفى المجانيــن.
غفـران: مجانيــن، مجانيــن، ولكـن هذا لا يبدوا عليك.
ريتــا: أنا الآن لا أخبرك غيـر الحقيــقـة.
غفـران: وهـل كنت متزوجــــــة.
ريتــا: تزوجت من رجل واحد وأنجبت ثلاث أبناء: جورج، ومايا وطونـي.
غفـران: أسماؤهـم جميلــة.
ريتــا: شكـرا لك.
غفـران: ( بحـيـرة ) وكيف دخلت ذلك المستشـفى؟
ريتــا: (تتعلثــم ) إنها قصـة طويـلــة.
غفـران: أنا أقدر معاناتــك.
ريتــا: يبدوا عليك عانيت كثيرا في ذلك السجـن.
غفــران: مهما تكلمت وشرحت لن تتصوري تلك الحياة القاسية التي جربتهــا.
ريتــا: ذلك المكـان بالذات مختلط بالمجـرمات ماذا كنت تتوقعين أن تلتقـي ملائكـة داخل فنــدق ذو خمس نجوم.
غفـران: هذا صحيح، أتذكر تلك الأيام القاسية التي دمرت لي إرادتي ورغبتي في الحياة ومرات كنت أجيب صديقاتي بالايماءات فقط وكأني فقدت القدرة على الكلام.
تـالا: كل أيامك هناك كانت مصيبة +  مصيبــة.
غفـران: هكـذا كنت أعيش مع أنـاس من مختلف الأعمار ومختلف الوضعيات، كل واحدة تريد أن تثبت نفسها وتفرض سيطرتها وتتحكم في الآخرين وعندما لا ينجحون يتخاصمون، لقد استغربت لأمرهن حتى في السجـن وهنّ مسلوبات الحرية يبحثـن عن السلطة.
تـالا: إن أخـت لما دخلت المستشفى كانت على عكسك تماما.
ريتــا: أجل أنا دخلته ولم أكن أتذكر شيء فقط عندما بدأت أشعر بالتحسن بعد العلاج المطول تعرفت على بعضهن.
غفـران: ولما دخلت المستشفى.
ريتــا: لعدة أسباب منها زواجي الغير مستقر وثانيا المشاكل التي تحملتها من أجلي أولادي والضغوط النفسية وأيضا ضعف شخصيتي وقلة حيلتي.
غفـران: وهل رأيت أولادك بعد خروجــك.
ريتــا: عندما خرجت كان صعبا لأن أهل زوجي رفضوني عندما قصدتهم.
غفـران: ولمــا؟
ريتــا: لأني أصبحت وصمة عار وأم مجنونة ويستحون بمقابلتي أمام الناس والمجتمع.
غفـران: هذا هو حالنــا.
ريتــا: ولكني لم أسكت رفعت عليهم قضية في المحاكم وأصبحت أراهم كلما أريد ذلك.
غفـران: وزوجــك؟
ريتــا: ما بـه؟
غفـران: هل طلقـك أم ما زلتـي على عصمته.
ريتــا: لقد أدخلني المستشفى وذهب مسرعا ليبحث عن الانفصال عني. 
غفـران: أنا عندما خرجت بحثت عن زوجي الثالث ولكني لم أجده قيل لي بأنه مسافر.
ريتــا: أنت لا تعرفيـن إذا طلقك  أم لا.
غفـران: لم يكن لديا الوقت الكافي للبحث عن أخباره.
تـالا: من الأحســـــن لك نسيانـــــه.
غفـران: أنا لا أريده بل أريد رؤية ابنتي التي لا أعرف أين أخذهـــــا.
تـالا: من يدري ربما تسمح لك الفرص الأخرى بذلك.
غفـران: عندما أكون أفكر في بناتي تنتابني زوبعة في ذهني وتختلط كل الأحداث عندي ولا أستطيع ترتيبها.
ريتــا: أنا أيضا عند خروجي شعرت بنفس ما أصابك، ولكني لم استسلم بل طلبت من أختي تالا الخروج والسفر حتى ترتاح نفسيتي.
تـالا: أنا اخترت أروبا ولكن هي رفضت.
غفـران: حتى هنا ستجدين بعض الراحة إذا لم تفكري في ماضيك.
تـالا: هذا صحيح عليك الاستمتاع بهذه الرحلــة.
ريتــا: آمل هذا ولكنك لم تحك لنا عن حياتك مع الغناء كيف كانت .
عفـران: حياتي السابقة عندما اتذكرها أحزن كثيرا خاصة في ذلك السجن اللعيـــن.
ريتــا: ولمــاذا؟
غفـران: تعرفيـن حياة الفنانيـن مليئـة بالمعجبيـن والأصدقاء والحفــلات والأسفـار وخاصة الصدف الجميلــة.
ريتــا: حياة رغيــدة.
غفـران: لقد تزوجت في الأول من رجل محامي ولكنه وقف لي في نصف الطريق وغير رأيه.
تـالا: ولمـاذا؟
غفـران: طلب مني التوقف عن الغناء بحجة أنه حرام وطلب مني ارتداء الحجاب والسفر معه من أجل الحج.
تـالا: وهل وافقــــت.
غفـران: طبعا لا، كيف أستغني عن مشواري الفنـي ونجاحاتي.
ريتــا: أكملي ماذا بشأن زوجك الثـاني.
غفـران: الثاني مهندس ديكور لقد إلتقيتـــه في إحدى الحفلات التي كنت أحييها، تعرفنا على بعض وقضينا أيام جميلة  وفي الأخير انتهت قصتنا بالزواج.
تـالا: وزوجـــك الثالث.
غفـران: بالنسبة للثالث فهو رجل أعمال تزوجنا وأنجبنا بنت وكان يحسن معاملتي في الأول ووعدني بعدة أشياء ولكنه تخلى عني في نصف الطريق وأصبح غريبا عني وغير من طريقة معاملته لي واستمر الحال هكذا حتى دخلـت السجـــــن.
تـالا: ربما هو من كان وراء التهمة اللعينة التي أصابتـــك.
غفـران: أنا أيضا فهمت هكذا ولكن عند مكوثي في السجن لم يجرؤ أحد على زيارتي.
تـالا: حياتك تشبه سيناريوهات الأفلام فيها نوع من التشويق.
ريتــا: إنها تصلح لأن تجسد كفيلم سينمـائــي.
غفـران: أنا لم أتمناها لنفسي ولكنها أصبحت هكذا رغما عني.
ريتــا: كل ما يحزن هو انقلاب حياة الإنسان من الأحسن إلى الأسـوأ.
غفـران: وعندما تقضين فترة الأسوأ يتبرأ منك الجميع ولا تجدي مالا أو مأوى يسطرك من نظرات الناس القاسية فأنا  الآن رغم تغيير شكلي أصبح الناس يتعرفون عليا ويتهامسون أمامي كأني قتلت قتيل.
تـالا: لا تكترثي لهم فكري فقط في كيفية بناء نفسك وحياتك من جديد وتقتربي من أزواجك السابقين حتى يسمحوا لك برؤية بناتك لأنه لا زال أمامك فرص أخرى فلا تفوتيها.
غفـران: يا ريت ولكنهم نسوني وعودوا بناتي على غيابي ولا أدري ما زرعوه في عقولهم ضدي.
تـالا: كل مشكلة ولها حل يجب أن تدقي الباب عليهم أكثر من مرة وتفرضي نفسك عليهم ربما دخول حياة بناتك هو الحل لبعض مشاكلهم الحالية لأنهم بدون شك يفتقدونـــك.
ريتــا: تالا على حق، فزوجات أزواجك السابقين هم غريبات بالنسبة لك وأنت لا تعرفيهم وربما لا يحسون معاملة بناتك لذا من الأحسـن لك هو اختراق حياتهم ومراقبتهــــــــــــم.
غفـران: أنا أتألم كثيرا من أجلهم ولن استسلم سأقاوم حتى الدقيقة الأخيرة في حياتي.
ريتــا: أنا عند خروجي من ذلك المستشفى ورؤيتي لأولادي للمرة الأولى وجدتهم تغيروا وكبروا وحتى نظراتهم كان فيها بعض التساؤلات.
تـالا: وكأنهـم كانـوا يسألــون أيـن كنت، من أنت؟ 
ريتــا: لقد خفت أن يقولوا لي لقد تعودنا على غيابك فارحلي.
تـالا: هذا يقتصر على حسب ما حشوه لهم في رؤوسهم من كلام ضدك.
غفـران: ( تخاطب تالا ) أتعرفين شيء يا تالا أنا وريتــا أصبحنــا الآن غير محترمتــان.
ريتــا: بل أصبحنـا منبوذتــان في المجتمع والواقع معــا.
غفـران: أنت دخلت المستشفى بسبب عقدك النفسية أما أنا عندما خرجت من السجن أصبحت أعاني العقد النفسية.
ريتــا: أنت بعد إطلاق سراحك جربت حضك في منطقة أخرى في بلادك وهربت من الأعين الفضولية والألسن الجارحة، أما أنا فلا أزال أقطن تلك المنطقـة التي جننت فيها.
تـالا: هيا غيروا الموضـوع لقد لو ثتم لي يومي، قولي لنا يا غفران ماذا تفعليـن عندما تنتهيــن من تنظيف الغرف.
غفـران: لا شيء أجلس أمام النافذة وأبقى أراقب النجوم وأعدها كأني أنتظر قدوم شخص ما كنت أعرفه في الماضـي.
ريتــا: ( تضحك بشدة ) تعدين النجوم احترسي ربما تصا بين بالجنــون مثلي، حتى انحرف عقلي عن طريقه الصحيح.
غفـران: أنا عندما سجنت أشعلت ضجة كبيرة وأصبحت صوري محتلة الجرائد والمجلات والكل سمع بي وأنت كيف اشتهرت بعد دخولك تلك المصحة العقلانية.
ريتــا: لا أتذكر لقد فقدت عقلي لعدة أعوام، لا أتذكـر اسألي تـــالا هي تعــرف.
تـالا: اسمعا إذا لم تغيرا حديثكما سوف آخذ أول طائرة إلى لبنــان وأرجع لقــد سئمـت من كلامكـما التافــه إنــه يثيـر اشمئزازي، ما بكما نحن في منطقة سياحية لماذا لا تستغلان الفرصة وترحما   أنفسكما.
غفـران: أنت على حــق الذي مضى لــن يرجــــــــــع.
تـالا: والذي ظلمكما لن يطلب السمــاح لا تنتظرا هـــذا.
ريتــا: لا تغضبي يا أختي بعد قليل نخرج لجبال الطاسيلي ونكتشف سرها وسحرها   ( تلتفت إلى غفـران ) ويجب أن  تذهبي معنا لا تناقشيني.
غفـران: ( في حيرة ) أنا أذهب معكما لم أنهـي عملـي وحتى مزاجي لا يسمح لي بالتسكــع خارج هذا الفنــدق.
ريتــا: أصبحت تتخذين من هذا الفنـدق مخبأ من الأفضـل لك ألا تعـودي نفسـك على هذه العادة السيئــة.
غفـران: إنها عادة سيئـة فعلا ولكني أجد فيها راحتــي.
تـالا: أنت تختبئين من الناس لا أكثــر.
غفـران: لأن الناس لا يرحمون مهما شرحت ومهما أظهرت براءتك.
ريتــا: لا تعودي الناس على تبريرات مواقفك فليذهب إلى الجحيم الذي يريد بك سوءا أو يصر على موقفه اتجاهــك.
تـالا: تعلمـي شيء اسمــه التجــاهل.
ريتــا: ( تنهـض من فراشها وتفتح حقيبتهـا وتخرج كتابــا عن المسيحيــة وفستان من تصميم تـالا وتهديهمــا لغفــران).
غفـران: ما هذا كتاب والله جاء في وقته حتى أنا سئمت من نفس التفكيـــر سوف أشغــل نفســي به لعلي أرتاح قـليلا.
ريتــا: أنه عن المسيـحيـة.
غفـران: ليس لديا مانع هذا سيساعدني على معرفتهــا والغوص في خباياها.
تـالا: إنه كتاب جميل أهدانا أياه أحدهم في مطار لبنان.
غفـران: ( تقــرأ العنــوان ).
          أرنـــــــــــي
          أيـن قال المسيــح.
          " أنا الله فاعبـــدوني"
          خادم الرب الأخ يوسف رياض. ( ثم تفتح الكتاب وتقرأ بصوت عالي )
- تقــديم
           1. هذا ما قالــه المسيــح.
           2. المزيد من أقـوال المسيــح.
           3. أعمال المسيـح قالت.
           4. الآيات المؤيدة للاهوت المسيح.
           5. المسيـــح قبــــل السجـود.
           6. أهميــة هــذا الحــق.
تـالا: إذا أعجبــــك ....
غفـران: أموت شـوقا لقراءته كلـــه. 
ريتــا: أهديناك إياه من أجل التثقيف فقط.
غفـران: بدون شك.
          ( تنهض ريتــا و تـالا ويحملان الملابس والمنشفات ومواد الاستحمام ويتجهان للحمام بينما تبدأ غفـران في تنظيف الغرفة وترتيب السريريـــن ).



المشهد الثاني  :

( تجتمع كل من تـالا وريتــا وغفـران في جبال الطاسيلي مع المرشدة السياحية وبعض السياح الآخرين من مختلف الجنسيات وخلفهم جدران منقوشة عليها حقب مختلفة من التاريخ مثل رسومات لحيوانات وناس تظهر انشغالاتهم اليومية وكل الرسومات تعبر عن المراحل الأربع التي مرت بها تاريخ الطاسيلي وأمام السياح يجلس مجموعة من رجال الطوارق يحظرون الشاي على النار ويلبسون لباسهم الخاص بهم ).
المرشدة السياحية: مرحبا بكم وأتمنى لكم أوقات ممتعة، في الأول أود التكلم عن النشاط السياحي لهذه المنطقة الثمينة   ثم أشرح لكم المراحل التي شاهدتها عبر التاريخ، لقد تم تصنيفها من طرف مسؤولية جزائريين  كحديقة وطنية  محمية وتم تصنيفها من طرف اليونسكو كإرث حضاري عالمي وتم إعادة إحياء  هيبتها العالمية وذلك بإدراجها في مختلف المزارات والمعارض السياحية العالمية وهي تعتبر مع 
جبال الهڤــار قلب توجه السياح المحليين والأجانب لما تملكــه من مواقع تجذب السياح لأنها تملك 
أكبر  متحف للنقوش الحجرية.
سائـــــــح الأول: وماذا تعني كلمة طاسيلي.
المرشيدة السياحية: إن كلمة طاسيلي أو طاسيلي نعاجر هضبة من الأنهار وسلسلة جبلية موقعها هو ولاية إليزي في الجنوب  الشرقي للجزائر وهي هضبة قاحلة حصوية، والآن أطلب منكم التقدم قليلا لأشرح لكم  المراحل الأربع التي مرت بها المنطقة.
تـالا: أنا فرحة جدا لم أتوقع منظرها هكذا.
ريتــا: إنها تسلب العقل، إنها أجمل من الخيال.
غفـران: كنت أعرف أنها ستعجبكم ( يتعانقون ويأخذون صورة )
المرشدة: ( تقف أمام الجدار الذي يمثل المرحلة الأولى وتبدأ في الشرح ) هذه الرسومات تعبر عن الحقبة الباندة أوالبابلسية أي تعني مرحلة الصيد البري قبل 5000 قبل الميلاد بحيث تجسد النقوش المجسدة على الأحجار ذات لأشكال الضخمة الحيوانات التي تعرضت للانقراض في تلك الحقبة مثل البقر الوحشي، الفيل، وحيد القرن فرس النهر، الزرافة والضباء وهذا يدل على عدم وجود الحيوانات الأليفة وعيش الناس على الحيواناتالضخمة وتظهر  هنا أيضا أشكال الرجال المسلحين بالعصى والرماح والفؤوس والأقواس، ( يجتمع السياح أمام الرسومات ويلتقطون الصور بكثرة وهم فرحيــن).
غفـران: ( محدقة في تالا ) أحس كأني مرتاحــــــة.
ريتــا: وأنا أيضا وكأن شيء ثقيل إنزاح عن قلبي.
تـالا: لقد بدأتما تعجبـانـــــي
المرشدة: ( من جديد تطلب منهم التقدم قليلا لتشرح الحقبة الثانية ) الحقبة الثانية وهي البوفيدية أي رعاة القطعان   من4500 إلى  2500 قبل الميلاد.
سائـــــح الثاني: وبماذا تتميـــز.
المرشدة: توحي لنا هذه الحقبة بوصول القطعان إلى شمال إفريقيا لأن غالبية النقوش والرسومات تعود إلى هذه الحقبةومشاهد أخرى تجسد الناس منهمكين في أشغالهم اليومية وتجسد نماذج أخرى لقطعان الحيوانات والأغنام وأحياناتبين الرعاة بالقرب من قطعا نهم وهي أكثر إعجابا بفضل استخدام اللون الصلصالي الأحمر والصبغات  البيضاء و يعتقد ان الرسامين كانوا من الرعاة.
 سائـــــــح الثالث: إذا الرعاة هم من كانوا يرسمون يومياتهم.
المرشدة: نعم هذا ما قاله التاريخ عندهم ( يبدأ السياح في التقاط الصور بمختلف الوضعيات ).
غفـران: ( تخاطب تالا و ريتــا ) أنا أسكـــن هنا ولكني لم أفكر يوما في زيارة هذا المكان.
تـالا: الأماكن الجميلة دائما نتركها في الأخير.
ريتــا: ليت أولادي موجودون معـــي.
تـالا: اسمعي لا تعكري لي يومي بشكــواك دعينــا في سلام من يسمح لك بأخذهم.
ريتــا: أنا لا أشتكي بل تمنيت لو أنهـــم موجودون هنــا.
المرشدة: ( تطلب منهم التقدم أمام رسومات أخرى لتشرح لهم الحقبة الثالثة ) تسمى هذه الحقبة بالخيول حوالي 1200   قبل الميلاد وهنا نلاحظ على الصخور بشرا مسلحين بأسلحة صغيرة وعربات تجرها الخيول ويعتقد أن  الحصان كان قد بدأ  استخدامه في الصحراء حوالي 1200 قبل الميلاد، كما تعتبر جودة هذه الرسومات هزيلة بالمقارنة مع الحقبة السابقـــة حيث تبدوا أشكال البشر أقل حجما ( يقترب كل السياح لالتقاط الصور ).
غفـران: إنها تصلح لتصوير الفيديو كليبــات.
ريتــا: أنت على حق يجب على كل الفنانين الاشتغال فيها.
تـالا: إنها مصدر إلهام وحتى ثقافات هذه الشعوب عريقــة وغنيـة.
غفـران: أنت على حق رغم بساطة مستواهم المعيشي إلا أنهم تعاملوا مع الطبيعة بشكل جيد وروضوا كل الصعوبات.
المرشدة: ( تطلب من السياح الاقتراب من الرسومات الجديدة التي توحي بالحقبة الرابعة ) في هذه الحقبة بالذات  شهدت عملية  التصحر في شمال إفريقيا فعوضوا الجمال في مكان الحصان لأن الجمل هو صديق الصحراء  خاصة  في فن الرسم على الصخور  لذلك تسمى بحقبة الجمال، كما تظهر لنا هنا صور الخيول ونقوش لأنهار وحدائق وحيوانات برية وسط هذه المروج الضخمة  ومراسيم دينية وهنا هذه الصور توحي ببعض الآلهات  القديمة.
سائـــــــح الرابع: متى اكتشفتم هذا الإرث الحضاري.
المرشدة: للأسف لقد كان الوصول إلى اكتشاف هذه الكهـوف صعبا ومتأخرا نتيجة لوقوعها في قلب منطقة جبارين  حيث الصحراء قاحلة والمناخ شديد الحرارة .
سائـــــــح الخامس: ومن يسكن في هذه السلسلة الجبليـــــة.
المرشـدة: يسكـن هنا فرع من الطوارق ويتمركزون في عاصمـة الطاسيلي جانت وفي 1982 أدخلت اليونيسكوا الموقع في قائمة التراث العالمــي.
غفـران: إذن هذه الكهوف صنعت الشهرة العالمية.
المرشدة: هذا صحيح لأن كل رسوماتها جميلة وتعبر عن الإنسان القديم الذي كان يعيش هنا.
           ( يأخذون الصور من جديد بمختلف الوضعيات ثم يجلســون مع الطوارق لشرب الشاي وأخذ            الصور معهم ثم يحضر أحد الطوارق آلة العود ويبدأ في الغناء والكل يستمتع ويصفق ).

المشهــد الثالث  :

( المكان هو صالون تجلس على الأرض   أم غفـران تصلي وعند الانتهاء تبدأ في الاستغفار فتسمع دق الجرس فينهض أخ غفـران من على الأريكة ويضع الجرائد التي كان يقرأها على الطاولة فيفتح الباب نسمع في الأول أصوات العتاب ويدور حوار طويل بينهم ).
أخ غفـران: ( يسمع صوت الجرس فينهض ليفتح ) من هنا تعالوا لتشاهدوا غفـران ما اللذي أتى بك، هل تريدين سماع نفس الاسطوانة.
غفـران: أعرفـها لا تكلف نفســك.
الأخ: وبما أنك حفظتها ما الذي أتى بك، أنت لم تعودي تلزمينا أنت عار على العائلة  صمعتك أصبحت في الأرض لقد ........
غفـران: مهما حصل معي، فأنا من لحمكم ودمكـم وأنتم أهلي أيـن أذهب، أريد العيش معكم.
أم غفـران: ( تنهي صلاتها وتنهض لتدخل معهم في الحوار فتعانقها وتسلم عليها مع دموع الفرح ) إبنتي ماذا حلا بك أين تعيشين أين تناميــن.
الأخ: ( يدخل بينهما ويبعد الأولى عن الثانية رافعا صوته ) هيا أخرجي لا مكان لك هنا لست منا لقد انتهت مدة الزيارة (يدخل أب غفـران من الخارج يحمل أكياس الخضر والخبــز ويضعها على الأرض).
الأم: تعالى تقدم اسمع ابنك ماذا يقول لأختـــه.
الأب: ( ينظر إليها بغضب ) ألا تخجلـيــن من نفسك أتريديـــن قتلـي أمْ قتل أمك بجلطة قلبية ماذا يقول الناس علينا إذا رأوك خارجة من بيتي هيا أسرعي قبل أن يراك أحد، بيتي نظيف لا مكان لأمثالك عندي.
غفـران: يا أبي اسمعني أنا لم أخطأ بشيء ولست مجرمة أحدهم دس لي المال المزور في حقائب سفري أنا لم أفعل شيء والله صدقوني.
الأب: والذي فعلتيه من قبل أليس كفيلا بطردك.
غفـران: ليس العيب فيمن يخطأ بل الكارثة الكبرى لمن لا يدرك خطأه ولا يتوب وأنا تبت والله تبت أريد عفوكم أريد رؤية بناتي.
الأخ: ( يضحك ) بناتك هل جننتي من سيتعرف عليك بعد مرور كل هذه السنين هيا أخرجي لا نريدك، لا نريدك ألا تفهميـن.
الأم: لا تطردها إنها أختــك.
غفـران: إذا كان الله سبحانه وتعالى يغفر لما أنتم تحقدون.
الأخ: كفاك تبريرات حقيرة هيا بسرعة إلى الخارج.
الأب: ماذا سنغفر فأنت مجرمة، أتعرفين معنى مجرمة إنك خريجة سجون وتاريخك مليء بالشبهات والرجال وكل لياليك كانت في الملاهي مع الفاجرات أمثالك أنت تغنين وهم يرقصون والرجال يستمتعــون بمشاهـدة المجون  الذي كنت تصنعيــه وكل أموالك حرام في حرام.
الأخ: لقد نصحناك كثيرا وادعيناك لارتداء الحجاب والتوبة والامتناع عن الغناء ولكنك رفضت، أتعرفين لماذا لأنه قلبك تعلق بتلك الحياة القذرة.
الأم: ( بانهيــار ) أسكتـوا جميعكم ظالمين إنها ابنتي أنتم لم تنجبوا ولا تعرفــون قلب الأم.
الأب: اسمعي إما تدخليـن وتغلقـين على نفسك  وإما تذهبيـن معها لقد طفح الكيل إلى متى تبقيـن تدافعيـن عنها، هل أنت راضية على ما فعلتــه.
الأم: هيا لم تفعل شيء بل أعداؤها هم من ورطـوها.
الأب: لو كانت تعرف رجالا صالحين وناس مؤمنين لما وقع لها ما وقع.
الأخ: إن السجــن كان عقوبة لك من الله ليذكرك بها وترجعي إلى الطريق الصحيح. 
غفـران: لا تتدخل في حياتي لست صغيرة لكي تريني كيف أمشي، هذا يكفي وبما أنك ذكرتني بالشعر سوف أعطيك بيتـا جميـلا أنسيت المخدرات التي كنت تستمتع بها في شهر رمضان في إحدى المقاهي ليلا وبلغ صاحب المقهى عليكم الشرطة ولو لا أبي ومعارفه لدخلت السجــن أنسيـت.
الأخ: أغلقي فمك وإلا........
الأب: ( يمسك يده ويدفعــه للوراء ) لا شأن لك هذا كله حدث منذ سنين وقتها كان صغيرا وأصحابه هم من ورطوه ابني لا يتناول الممنوعات.
غفـران: حاضر إذا لم تعجبكم هذه القصة سوف أحكي لكم واحدة أخرى أجمل منها.
الأخ: ماذا تريدين قتلك، لقد خرجت من السجن وأنا سأدخله بسببك هيا انصرفي يا مجرمة.
غفـران: لن أخرج هذا بيت أهلي مثلي مثلك.
الأب: انسينا لسنا أهلك هيا ارحمينا لقد بدأ ضغطي يرتفـع.
غفـران: اسمع يا أخي وسندي لا تحسب نفسـك حلو المعشــر فأنت أيضـا أخطــأت في حياتك.
الأخ: أنا رجل ومهما أخطأت أبقى رجل.
غفـران: أنسيـت عندما خبأت في غرفتك رجل هارب من العدالة وكنت تعطيه الماء والأكــل خلسة حتى اكتشفت أمرك الخادمــة.
الأخ: سـوف أقتلك.
غفـران: أحقا تريد قتلي لماذا لأنه لم يعجبك الكلام اسمع إذا لم يعجبك ما سمعت فابتلعه في صمت هذا أحســن لك لأنـي أمتلك الكثير من أفعالك المخلة بالحياء.
الأم: لا تتعبي نفسك معه ومع والدك فقلوبهم قاسية مثل زبر الحديد ( مترجية لهم ) إغفروا لها أرجوكم أعاهدكم لن ترجع لتلك الطريق ألم تروا كيف أصبح حالها إنها تثير الشفقة وتحتاج لعائلتها وإلى الدفيء ولبناتها.
الأخ: ما بك يا أمي ماذا فعلت لك حتى تقفين في صفهــا.
الأب: كلامك أصبح غير منطقــي.
الأم: بلا كلامي كله واضح وصريح.
الأخ: أمي إذا رجعت هذه التافهة إلى بيتنا سوف أحلق ذقـني وأخرج أو أهجـر هكذا لن تعرفي عني أي خبـر.
الأم: احلق ذقـنك أو شاربك أو حتى شعرك لن تخيفنــي.
غفـران: ( تأخذ حقيبتها وتخاطبهم ببأس شديد ) لا تقلقوا بشأني أنا آسفة على إزعاجكم لقد فهمت كامل رفضكم لي وعدم مسامحتي وهذا آخر شيء كنت أتوقعه منكم، لن أفكر فيكــم ولن أتلفظ بأسمائكم مرة أخرى، لقد طلبت المغفرة من الله عدة مرات في الأسحار وإذا كان الله يغفر الذنوب جميعا فلن يهمنــي أمركم. ( تخرج منزعجــة)
الأم: ( موبخة لابنها ) ما بك أنت لا تكـل ولا تمـل كيـف تخاطب أختـك التي تكبــرك سنا هكـذا، إنها مكسورة مهزومـة  لم تجد ملجــأ غيرنا نحن، يجب أن نرأف على حالها إنها في الأخير أم والأم قلبهــا ضعيف.
الأخ: أمي لا تسمحي لدمـوع التماسيــح التي أظهرتها تسيطــر عليك هي تحن لحياة الفن فقط تريد خداعنا مرة أخرى  وما إن تقف على رجليها ترجع إلى حياة الليل التي تحبها، لأن تفكيرها يتلائم مع تفكير جمهورها ومعجبيها.
الأم: وما بها حياة الفن أليست أحسن من حياة الروافض أو حياة الإرهاب هي على الأقل لا تقتل ولا تنحر ولا تدعوا للجهاد في سبيل الله إنها تغني فقط للشباب ولا تدعوهم للالتحاق بالجبال لتجنيدهم، ومهما كانت تهمتها لا تحشر أنفك بيننا لديك حياتك الخاصة ابتعد عنهــا.
الأخ: ( مخاطبــا والــده ) هل تتذكر عندما سجلت نفسها في معهد الموسيقى ونصحتك بالوقوف في طريقها وأنت كنت تدللها وترضخ لرغباتها لو منعتها لما وصلت صومعتنا للأرض.
الأب: لا تذكرني بتلك الأيام القديمة فلو كنت أعلم بأننا سنصل إلى كل هذا لذبحتها وشربت من دمهــا.
الأخ: لقد كانت تخرج في أول الليل وتدخل في آخره بحجة العمل.
الأم: إلى ما تلمحــان، الموسيقى لم تقتــل أحد (تشير إلى رقبتهــا ).
الأب: هيـا أغـربـي عـن وجهـي لقـد أصبـح سمـاع صوتـك يزعجنـي هيـا أطلبـي مـن الخادمـة إحضـار الـدواء والمـاء لقـد ارتفـع  ضغطــي.
الأم: ( تخرج ) حسبيا الله ونعم الوكيـل، حسبيا الله ونعم الوكيـل ( يجلس كل من الأب والابن على الأريكــة ).
الأخ: لا تفكر فيما حصل ولا تتعب نفسك، لقد لقنـاها درســا قـاسيـا لن تنســاه أبــدا.
الأب: إنها لا تفهم، بأن اسمها قد محي من هذا البيت.
الأخ: لقـد تذكـرت عندما دخلـت السجــن، أثارة ضجة كبيرة في البلد فأصبحت صورها وأخبارها تجتاح الصحف والمجلات  .
الأب: عندما أدخل للمسجد لأصلي تصيبني بعض النظرات القاسيــة تشبه السهام المسمومة لن أنساها ما دمت حيا.
الأخ: لا تكتـرث لها فلتذهب للجحيم أتمنى لها الموت حتى نرتاح من أخبارهــا.
الأب: ترى أيــن ذهبـت الآن؟
الأخ: ( يرفـع يده بغضـب ) فلتذهب إلى حيث لا نسمع أخبارها.
الأب: إنها مجنونة وإذا أرادت شيئا أصرت عليه حتى أخـذته.
الأخ: ماذا تقصـد هل تعود مجددا.
الأب: لا، لم أقصـد هذا ولكنها ستذهب حتما لأزواجها السابقين لترى بناتهــا.
الأخ: لقد أظهروا لها رفضهم  . 
الأب: لقد أصبحوا يستحون منها، لأنها لا تصلح أن تكون أُمًا.
الأخ: لقد فات الأوان كل أزواجها عودوا بناتها على غيابها.
الأب: حتمــا لن تتعرف عليها بناتها لقد نســـوها.
الأخ: يا إلهي ما هذا اليوم المشؤوم ليتني خرجت في الصباح إلى مكان ما ولم ألتقي بوجههـــا.
الأب: بعد خروجها من السجـن لاحظت شيئا غريبا عليهــا.
الأخ: وما هــــو؟
الأب: لقد أصبحت قوية جدا وتجيد التمثيل باحتــراف.
الأخ: أرادت خداعنا ببراءة الأطفال التي تبدوا في عينيهــا.
الأب: بــــراءة مصطنعــة.
الأخ: كانت تضن أننا سوف ننسى ببساطة كل الحقد الذي أصبح يسكن قلوبنا.
الأب: إنها تضننا لعبة بين يديها.
الأخ: عادت وكأن شيئا لم يكــن.
الأب: كان من الأجدر بها حمل الزهور بين يديها.
الأخ: لا تمزح يا أبي فمزاجي لا يسمح لي بالضحك.
الأب: تبا لها  لم نسمع ولم نـرى منها إلا المشاكـــل.
الخادمة: ( تحضر مسرعـة تحمـل الماء والدواء، خذ يا سيدي أتمنـى لك الشفــاء.
            ( يتناول دواءه ببطء كأنه يبتلع شيء خشــن صعب البلــع)
الأخ: يجب أن ترتاح قليــلا.
الأب: كيف لي أن أنام وجفوني لا تريد أن تغلق، أنا خائف من الأيام القادمة أختك لن تتركنا في حالنا سوف ترى.
الأخ: سوف نقاومهــا حتى النهايــة.
الأب: أنا لا أريد مشاكل أخرى ( يسمعون دق على الباب ينهض الأخ متعب ليفتح الباب فيجد أحد أزواج غفـران فيدخلــه )
الزوج: السلام عليكــم.
الأخ: وعليكم السلام تفضــل بالدخــــول.
الأب: تفضــل يا ابنـي كيـف حالك.
الزوج: الحمد لله ولكــن اليوم بالذات تعكــر مزاجــي.
الأب: ولما ؟
الزوج: ابنتــي راحيــل سمعــت بخروج غفـران من السجـن.
الأب: وماذا بعــد؟
الزوج: للأسف تعرضت للإهانـة في المدرسة من طرف صديقاتهــا.
الأخ: كيف أهانـوها؟
الزوج: لقد حملوا مجلة قديمة فيها صورة غفـران  و صنعوا من أنفسهم قراء ومعجبيــن.
الأخ: وماذا قالـوا؟
الزوج: أصبحوا يقرؤون بصوت مرتفع حتى كتشفوا لها خروج والدتها من السجـن.
الأب: وهل قالت لهم شيء.
الزوج: لا، لم تفعل بل تظاهرت بأنها لم تسمعهم ولكن عندما وصلت للبيت أصبحت تبكي ليل نهار وتطلب لقائها.
الأخ: إيـاك وأن تسمع لهــا.
الزوج: ولكنها مصرة على رؤيتها.
الأخ: قل لها أي شيء أنها مسافرة أو شيء كهذا.
الزوج: لا أستطيع ماذا لو التقت صدفة، فمنذ قليل رأيتها مارة في الشارع.
الأب: لقد كانت هنا وأثارة الكثير من المشاكل.
الزوج: وأين ذهبـت؟
الأخ: وما أدرانا نحن؟
الأب: تذهب إلى حيث تذهب، لا يهمني أمرهـا فهي لم تحافظ على شرفنا.
الزوج: أنت على حـــق.


الفصل الثاني: 

المشهــد الأول:

( في الصالون تجتمع كل من زوجات أزواج غفـران السابقيـن ويوجد فيها أغراض لتصميم الديكور)
نرميـن: ( تحمل طوق من الذهب الأبيض وتخاطبهم ) أنظروا ماذا اشترى لي زوجــي.
شيـراز: ( باندهاش ) إنه جميل هل اشتريته من هنا أنا لم أرى هذا التصميم من قبل.
سهـى: رائع يليق بك.
نرميـن: طبعا جميل لأني دائما أتابع الموضة وأعرف ماذا أختار.
شيـراز: اشتريته من سفرك الأخير هذا صحيح.
سهـى: وهل كنت مسافرة.
نرميـن: نعم كنت في السينغافــورة.
سهـى: سينغافورة مرة واحدة لقد بدأت تبتعديــن.
نرميـن: أن أبتعـد واستمتع والحساد يحسدوني.
سهـى: أنا لم أحسدك راقبي كلامك.
نرميـن: وماذا تقصدين  إذا؟
سهـى: أنا قصدت أن السينغافورة بعيدة جدا.
نرميـن: زوجي طموح ولا يبتعد عليه شيء.
شيـراز: وهذه السفرية كانت من اختيارك.
نرميـن: لا أكذب عليكم، زوجي صاحب الفكرة.
شيـراز: وكيف جائته الفكرة.
نرميـن: لقد تعرف في الفيس بوك على صديق أروبي، يقيم هناك فدعاه للمجيء عنده.
شيـراز: وهل هو أيضا مهندس ديكور.
نرميـن: نعـم إنـه كذلك.
شيـراز: وهل السينغافورة جميلـة.
نرميـن: أكثر مما تتخيلــون جنـة على الأرض إنها قريبة من ماليزيــا.
سهـى: قارة آسيا جميلة ويغلب عليها الغطاء النباتي وكذلك الجزر إنها تشتهـر بها كثيرا.
نرميـن: إنها تتميز بخضرة لا توصف وحتى البناء والعمران فيه لمسة جميلة.
شيـراز: لقد شوقتيني وأصبحت أغار منـك.
نرميـن: لا تغـاري يا صديقتي فزوجك يملك ثروة كبيرة وسمعت أنك كنت مسافرة إلى لبنان.
شيـراز: لقد سافرت ورجعت وندمت كثيرا.
سهـى: ولما ندمت هل أردت الاستقرار هناك.
نرميـن: ما الذي حصل معك بالضبط.
شيـراز: ألم تسمعـوا؟
سهـى: نسمــع ماذا؟
شيـراز: لقد خرجت غفـران من السجـن.
نرميـن: تقصـدين بأنهم أطلقوا سراحـها.
شيـراز: أجـل أصبحـت حـرة.
نرميـن: أين تسكن ماذا تشتغـل كيف تدبر أمورها.
شيـراز: لقد سألت عنها فقيل لي أنها سافرت غلى الصحراء حتى تبتعد عن العيون وتعاود بناء ما فقدتــه.
نرميـن: لقد زرعـت في قلبي الروع.
سهـى: وأنا أيضا ( تضع يديها على قلبهـا ) أحس كأن شيء ثقيـل أصاب قلبي.
نرميـن: يجب أن نحترس منها ماذا لو أرادت التحرش بأزواجنا.
شيـراز: للأسف ولسـوء حظنا أزواجنا كانوا أزواجهـا قبل أن يعرفونا.
نرميـن: ترى هل ستعود للغنـاء مثل الأول.
سهـى: لا أعرف ولكن الآن يبدوا مستحيلا عليها.
شيـراز: في رأيك من سيشتغل مع خريجة سجون.
سهـى: لقد كنا مرتاحين نعيـش في سلام حتى خرجت لنا هذه الحية اللعينة من تحت التبـن.
شيـراز: إنها حرباء تتلون كثيرا حتى تخطف كل الرجال.
نرميـن: بل حية كبيرة تغير جلدها كلما صادفها رجل جديد.
سهـى: أموت أو أدفع المال إلى الذي يخبرني عن الخلطة السحرية التي تصنعها غفـران من أجل الإيقاع بالرجال بكل بساطة.
شيـراز: إنها تشتغل في الليل وفي الملاهي الليلية وتغني لبنات الليل ماذا تنتظرين منها.
حتى أزواجنا غدرت بهم وتزوجتهم وأنجبت معهم وورطتهم وابنتها التي أربيها أصبحت تتكلم عنها وتذكرها  كثيرا في البيت ومرات تلمح إلى العيش معها.
نرميـن: وهل زوجك يسمح لها بهذا وأين سمعت بخبرها.
شيـراز: لقد كانت تمشي في المدرسة حتى سمعت زميلاتها يمسكون بمجلة قديمة ويقرؤون بصوت مرتفع بعض الأخبار عنها.
نرميـن: وماذا قالت.
شيـراز: لقد بكت كثيرا وطلبت من والدها رؤيتهـا.
سهـى: وماذا فعـل لها؟
شيـراز: لقد تركته ذاهبا إلى بيت أهل غفـران ليستفسـر عنها.
نرميـن: ( تضحك ) لقد سمعنا شيئا خطيرا عن زوجك.
شيـراز: ( باستغراب ) وما به زوجي؟
نرميـن: عندما دخلت غفـران السجن قال الناس بأنه استحوذ على كل أموالها الموجودة في البنــوك.
شيـراز: وما دخلك أنت والناس في حياة زوجي.
سهـى: زوجك لم يطلق غفـران لا زالت على عصمته لا تناقشيني في هذا.
نرميـن: إذا لا زالت غفـران زوجتـه لا تقـولي هذا أمامي لقـد أصابنــي الحـزن.
شيـراز: للأسف نعـم.
سهـى: إذا احترسـي ربما يفكر في إرجاعها للعيش معك وتصبحيـن تملكين ضرة.
شيـراز: لن تحلم بهذا.
نرميـن: ولكنها تركت عندكم ابنتها وحتى أموالها في خزينة زوجك.
سهـى: نحن ارتحنا منها فأزواجنا طلقـوها.
نرميـن: لحسن حظنا لم تعد تربطنا بها أية علاقــة.
شيـراز: ولكنها تركت عندكم بناتها سوف تفاجئكم يوما ما بزيارة.
نرميـن: حتى أنت تركت عندك ابنتها الصغرى.
شيـراز: ( تفتح حقيبتها وتخرج مرآة وقلم حمرة وتضعه على شفاهها )هل أعجبكم اللون اشتريتـه من سفري الأخيـر.
نرميـن: ( بسخر ة ) إنه جميل ولكن لماذا تتبرجين أين تنوين الذهاب.
شيـراز: يجب عليا الاعتناء بمظهري وسوف أغير كامل شكلي حتى لا يفكــر زوجي في تلك الحية اللعوبة    ( تضحك كل من نرميـن وسهـى )
نرميـن: ( تخرج مرآة من حقيبتها وتلمس شعرها بيديها ) لقد أصبح لون شعر تقليدي سوف أشتري صبغة أخرى حتى أصبح أكثر أنـاقـة.
سهـى: ( ترفع يديها وتحدق في أظافرها ) يجب أن أغير أظافري إنها تنكسر بسرعة وحتى الطلاء الذي استعمله مللت منه سأشتري ألوان أخرى جذابــة.
نرميـن: يجب عليها الاعتناء بمظهرنا حتى نحافظ على أزواجنا.
شيـراز: لقد اشتريت ملابس جميلة من لبنان ولكني خبأتها للمناسبات.
نرميـن: ( مبتسمة ) أخرجيها يا غبية ماذا تنتظرين فأنت الآن تقفين أمام عتبة حلبة المصارعة مع ضرتك غفـران .
سهـى: ( بخبث ) يجب أن تنجحي في المصارعة وإلا انتصرت عليك تلك المغنية خريجة السجون.
شيـراز: ( بانزعاج ) كفا سخرية من فضلكما هذا يكفي توقفا فرأسي يؤلمني.
سهـى: نحن لا نسخر منك كلامنا كله نصائح في محلها الصحيح.
نرميـن: ( تمسك يد الزوجة الثانية ) اسمعي يا عزيزتي نحن عندما تزوجنا كنا ميسورات الحال وتأقلمنا بسرعة مع معيشة أزواجنا ليس مثلك أنت.
شيـراز: إلى ماذا تلمحيـــن؟
سهـى: صديقتي أنت كنت فقيرة وبعد زواجك كان زوجك قد استولى على ثروة غفـران، ومن يعلم ربما هي الآن حاقدة عليك وأنت لا تملكين الخبرة الكافية من أجل التصدي والمواجهة.
نرميـن: ( بجدية ) وأنت لم تنعمي بحياة جيدة في صغرك وغفـران لن تنسى تعبها وشغلها الصعب في الليالي الطويلة وهنا لن تعيشي في سلام بقية حياتك.
سهـى: هذا صحيح فأنت كنت فقيرة في الماضي وتنقصك الحيلة وتعرفت على الدنيا فقط عندما تزوجت وأخذت مكان غفـران الغبيـــة.
شيـراز: ( تقف من مكانها وتعاتبهم بصوت عالي ) كفى لقد أصبحتم تسخرونا مني في وجهي ماذا تحسبان أنفسكما.
سهـى: لأنك مهما سافرتي ومهما تعرفت على الدنيا لن تشبهينا نحن الاثنين، هل فهمت مقصودي أم أشرح لك ثانية.
نرميـن: عندما تزوجت سمعنا بأنك فقيرة جدا وتعملين كمنظفة في إحدى الملاهي الليلية ولا تعرفين حتى سعر طلاءالأظافر .
(  تبدأ شيـراز في شدّْ شعر سهـى بغضب أما نرميـن فتدخل بينهما من أجل إنهاء الشجار العنيف ويبقى الحال هكذا بعض الدقائق حتى يسمعون صوت جرس الباب فيهدؤون  و   يرتيبون أنفسهم و يجلوس من جديد وتذهب نرمين لفتح الباب فتدخل العرافـــة ).
العـرافـة: مساء الخير: مساء الخير يا بناتي كيف حالكم؟
الجميــع: مساء النور بخير وأنت؟
العـرافـة: الحمد لله على كل حال رغم المرض، لأن رجليها أصبحت لا تساعداني اليوم خرجت بصعوبة من المنزل، ولكن ما بكم كأن شيء يحدث معكن قبل قليل.
نرميـن: لا تكترثي لقد حصل سوء تفاهم فقط هيا ارتاحــي.
العـرافـة: أنا مستعجلة يا ابنتي اذهبي إلى المطبخ وأجليبي الفناجيـن والقهوة ولكن من فضلك اطبخيها ثقيلة لأني أريد تفلها ثقيل ليس مثل المرة الماضية وأسرعي قليلا فلديا مواعيد أخرى في بيوت أخرى.
نرميـن: حاضر يا خالتي لا تقلقي انتظري سأعــود.
العـرافـة: من أنتـــم؟
شيـراز: نحن صديقاتها.
العـرافـة: أين تسكنــــون.
سهـى: بعيد من هنا قليلا.
العـرافـة: هل لديكم أولاد.
سهـى: نعـــــــــم.
العـرافـة: هل تشتغلـــــون.
شيـراز: لاǃǃ يا خالتي ما هذا هل هو تحقيق.
العـرافـة: لا ترفعي صوتك احترميني قليلا فأنا أكبر منك.
سهـى: سامحيها يا خالتي هي لم تقصد إهانتك فقط تتعرض لبعض الضغوط النفسية وليست مرتاحة   في  حياتها  . 
العـرافـة: أنا قارئة الفنجان هل تريدان هذا، واكشف الطالع بصورة جيدة.
سهـى: ( بفرح وسرور ) أجل نريد، إقرائي لنا نحن أيضا.
شيـراز: وأنا أيضا فلديا بعض المشاكل في حياتي وأريد معرفة مصيــري.
العـرافـة: لا تخافي يا ابنتي سوف أكشف لك كل شيء سيء حتى تحذري.
( تدخل نرميـن تحمل الفناجين والقهوة وتبدأ في إفراغ ثلاث (3) فناجين ثم تشرب كل واحدة حتى تنهيه وتقدمه للعـرافـة).
نرميـن: تفضلي يا خالتي لقد أنهيت، كم يعجبني حديث العرافات إنه يعطيني طاقة ايجابية رغم ما يقولنه عن التنجيم والتبصير بأنه حرام.
العـرافـة: ( تقلب الفنجان يمينا وشمالا وتبدو على وجهها علامات الحيرة والغرابة وتبدأ في الكلام لكن من دون صوت تتمتم فقط، وهنا لا بد من تشغيل موسيقى فيها قلق لإثارة المشاعر، وبعدها يسمعون جرس الباب فتنهض نرميـن لفتحه فتجد غفـران فيبدأ الصراخ يعم المكــان ).
نرميـن: ما الذي تفعلينـــه؟
غفـران: أنا لم   اتي عندك لا تخافي لقد سألت عن شيـراز، وقالت لي خادمتها بأنها هـنا.
نرميـن: إذن انتظريها في الخارج لن أسمح لك بدخول بيتي مرة ثانية.
شيـراز: ماذا أسمع غفـران دعيها تدخل لما تبحثين عني ليس بينـي وبينـك أي حسابـــات.
غفـران: بلا يوجد حسابات فأموالي كلها مع زوجك وبناتي كلهم معكم هيا بسرعة أريد رؤيتهــم.
شيـراز: إذا كان أزواجنا لا يرغبون فنحن أيضا لن نسمح لك.
نرميـن:   ماذا تريدين من بناتك ترى هل سيتعرفون عليك بعد كل هذا الغياب.
شيـراز: من الأحسن لك هـو نسيانهـم.
نرميــن: لقد سمعنا أنك سافرت للصحراء وعندك شغل جديد هيا ارحلي وأسسي حياة جديدة هناك.
غفـران: لن أرحل ولن تحلموا بغيابي عن بناتي.
نرميـن: ماذا تريدين أن أطلب لك الشرطة.
غفـران: أطلبي ما تشائين.
نرميـن: هيا انصرفي بناتك بخير معنا وتعودوا علينا.
غفـران: تعودوا عليكم، هذا ما يظهر لك فقط قولي أرجوك هل يتمتعون بحناني معكم، هل يزورون بيت أهلي وهل ينعمون   بالحياة الصحية والرياضية والثقافية.      
سهـى: لا دخل لك في هذه الأمور.
العـرافـة: ( تخاطب غفـران ) يا ابنتي لا تغضبي يبدو عليك تعب وحزن شديد تعالي اجلسي بقربي سوف أسكب لك القهوة وأقرأ لك فنجانك.
شيـراز: ( تخاطب العرافة ) هل جننتي يا خالتي دعك   منها إنها إمرأة متسكعة في الشوارع فنجان ماذا الذي تقرئيه.
غفـران: ( تحاول ضربها ) أنا متسكعة يا خطافة الرجال لقد إستوليتي على زوجي ومالي وحتى ابنتي وتخاطبيني بكل وقاحة. 
شيـراز: لو عرف زوجي أنك هنا لقام بقتلك إنه لا يطيق سماع سيرتــــك.
غفـران: هذا بفضلك أصبح ينساني وأصبحت ابنتي متعلقة بك.
نرميـن: ( بغضب شديد ) هذا يكفي أخرجي ......
( يحاول الجميع دفعها للخارج فتسقط على الأرض وتبدأ في التظرع ).
غفـران: أنا أم يا ناس أنا أم أريد رؤية بناتي خذوا كل شيء خذوا أموالي خذوا موهبتي في الغناء إلا بناتي، ارحموني ذا كان الله يغفر الذنوب جميعا وتقبل توبتي لما أنتم تحقدون ولا تغفــرون لو كنت أعيش بين المسحيين لساعدوني ورأفوا بحالي . ليس مثلكم انتم .
شيـراز: هل جنينتي تريدين أن تدخلين المسحية فمنذ ثواني قليلة خرجت من جهنم السجن وتريدين تغير دينك وتدخلين جهنم يوم القيامة إسمعي عند حل آخر لك  ما رأيك أن تمتنعين عن الغناء وتبدئين في تأليف كتاب جميل عنك عنوانه " غفـران تبحث عن المغفـرة "  وعندما يقرأه الناس سوف يتعاطفون معك ويغفرون لك حتى يصل الأمر بهم إلى إرسال الإعجابات  الحقيرة على صفحتك الخاصـة في الفيس بوك.
( يضحك الجميع ويدفعون غفـران إلى الخارج ويغلقون الباب ثم يحملون فناجينهم ويعطوها للعـرافـة ونسمع موسيقى تشبه دقات القلب وتبدأ العـرافـة في كشف الطالع وهنَّ حائرات ويتبادلنا النظــرات ).  
  
              
المشهد الثاني:

( المشهد في الشارع تجلس غفـران أمام الطريق تبكي والمارة من ورائها منهم أطفال على الدراجات ونساء مع رجالهن وغيرهم من المارة حتى يدخل بائع السمك يحمل عربة وينادي بصوت عالي ).
بائع السمك: سردين سردين إنه جديد من البحر لقد اصطدته منذ لحظات فقط هيا اقتربوا.
امرأة: كم سعره يا سيــدي.
البائـع ( 500 ) دينار جزائري.
المـرأة: أوه ( 500 ) دينار إنه غالي جـــدا.
البائـع: ولكن البحر مضطرب وبالكاد اصطدناه هذه الكمية القليلة.
المـرأة: شكرا لك لا أريــد.
الرجـل: كم سـعـره؟
البائـع: 500 دينـار.
الرجـل: والله غريب أمركم نحن نسكن في منطقة سياحية وسعره مرتفع إذا كنت تبيعه في الجنوب كم سيصل سعره.
البائـع: هيا السمك جديد وجيد تعالوا وجربوه ( يحمل الجريدة ويلوح على السمك من أجل طرد الذباب فيرفع رأسه حتى يرى غفـران تبكي فيقترب منها ليسألها  ) يا سيتدي ما خطبك؟
غفـران: ( تبكي ) وما دخلك أنت.
البائـع: سامحيني ولكني أشفقت عليك.
غفـران: لا أريد شفقتك ولا شفقت الآخرين.
البائـع: أنا آسف ( يذهب إلى سمكـه ثم يرجع حائرا كأن سؤال في فمه ) يا سيـدتي وكأني رأيتك من قبل أو أعرفك هل هـذا صحيـــح.
غفـران: ( تستدير وتكف عن البكاء وترفع رأسها وتحدق فيه قليلا ثم تضحك معه ) ألست عمر.
البائـع: لقد عرفتني ( يقفز في مكانه من شدة الفرح   ثم يعانقها ويجلس بجانبها ) ماذا تفعلين هنا، كيف حالك ما الذي حلَّ بك بعد إطلاق سراحــك.
غفـران: ( بحزن ) لا شيء من بيت إلى بيت لا أحد يريد فهمي أو مساعدتي.
البائـع: وأين تعيشيــن؟
غفـران: في جنوب الجزائر لقد ساعدني أحدهم وأصبحت أعمل في الفندق وأنام فيــــه.
البائـع: المهم أنك لازلـت بخيــر.
غفـران: أي خير يا عمر أي خيـر .
البائـع: لمــاذا؟
غفـران: لقد فقدت كل شيء حتى بناتي.
البائـع: لا زالوا لم يتعودوا على وجودك وسيأتي اليوم الذي يتفاهمون معك فيه، اسمعي أريد أن أحكي لك حكاية ولكن لا تغضبي مني.
غفـران: ( بحيرة ) أغضب أنا أصلا من دونك أعيش حياة الغضب.
اللبائـع: عندما دخلت السجن امتلأت صفحات الجرائد والمجلات بصورك وأصبح الناس يلفون الأغراض عندما  يبيعونها بصورك.
غفـران: لم أفهم هذا ماذا تقصـد؟
البائـع: أنا مثلا كنت ألف السردين بأوراق الجرائد التي تحمل صورك.
غفـران: وتقولها لي في وجهي وبكل وقاحـة.
البائـع: حتى محلات العطارة كانت تلف الأعشاب والتوابل بأوراق المجلات التي تحوي صورك.
غفـران: ( تضحك بشدة ) إذا أصبحت مصدر رزق لكم، هكذا كان الزبون يفرح عندما يفتح ما اشتراه ويراني أنا  وأخباري.
البائـع: ( يضحك ) سامحيني يا غفـران أنت تعرفيني جيدا كل ما في قلبي على لساني وعندما وجدت هذه القصة مضحكة أردت أن أغير لك هذا الجو اللئيم.
غفـران: دعك مني هيا احكي لي عن نفسك لماذا تحولت من سائق إلى بائع السمك.
البائـع: ( يرفع رأسه إلى الأعلى وكأنه يتذكر شيء ) السمك يا غفـران غالي الثمن ويعيش في البحر ويحتوي على الأوميجا 3 وهو مفيد للقلب والمخ معا. 
غفـران: لا تستهزأ يا عمر لم أسألك عن هذا لا تغير الحديث.
البائـع: ( بحزن شديد ) بعدما سجنتي   أنا أيضا وقعت لي بعض المشاكل، وطردني صاحب العمل وأخذ مني سيارته.
غفـران: لماذا؟
البائـع: ( في يأس شديد ) تعرفين ذلك السيد الذي كنت أشتغل عنده كان قاسي القلب ومتشدد كثيرا، وفي بيته يملك بنت أبشع منه لا تفوت نهارا إلا أشعلت النار وسمعنا الصراخ والشتائم من الخارج.
غفـران: وبعدǃ
البائـع: دائما تطلب مني إيصالها إلى الأماكن المشبوهة وأنا أوافق.
غفـران: لأنه ليس لديك حل آخر.
البائـع: نعم. ومرة طلبت مني إيصالها فوقعت لها مشكلة مع صديقاتها وجاءت الشرطة ووقع ما وقع.
غفـران: وماذا حل بك؟
البائـع: لا أريد أن أحكي لك عندها بدأ والدها في الصراخ فرميت المفاتيح على الأرض أمامه وهربت وأقسمت أني لن أشتغل مرة أخرى عند أحد، وبدأت حياة جديدة مع السمـك.
غفـران: وهل تجني المال من هذه المهنة.
البائـع: الحمد لله على الأقل أصبحت أشتغل عند نفسي.
غفـران: حسن بما أنك كنت تشتغل سائق وأصبحت بائع السمك أنا سأحكي لك حكايتي.
البائـع: تفضـــلي.
غفـران: أنا كنت مغنية مشهورة وبعد خروجي من السجن أصبحت منظفة الغرف في الفندق.
البائـع: ( بانزعاج ) منظفة منظفــة.
غفـران: أنظف الغـرف.
البائـع: هذا ليس مناسبا لك إنه ينقص من شأنك أمام الناس.
غفـران: ماذا تقصـد؟
البائـع: ربما يزور هذا الفندق أحد معجبيك في الماضي ويتفاجك بمنظرك.
غفـران: لا تقلق بشأن هذا حتى أني أصبحت لا أكترث لأحد مهما كان.
البائـع: لماذا لا تشتغلين في مصلحة الاستقبال هكذا أفضل لك.
غفـران: ( تمسك رأسها ) رأسي يوجعني لنغير الحديث.
البائـع: أنا آسف، وإذا لم تجدي عند من تنامين الليلة فتعالي عندي فأمي وزوجتي لا يمانعان يحبون كل من يزورهم.
غفـران: لا شكرا أعرف كيف أدبر شؤوني لأنه كل من يراني يشمئز ويخاف مني.
البائـع: لا تعطي للأمور أكثر من حجمها فأنت تبالغين.
غفـران: إنه قدري ماذا أفعـــــل.
البائـع: ( يريد الكلام ثم يصمت كأنه متردد ) غفـران بما أني التقيتك سوف أستغل الفرصة لأخبرك عن شيء خطير يخصك.
غفـران: وما هو؟
البائـع: عندما اتهموك وحاكموك سمعت أن هناك فتاة كانت تواعد زوجــك ( يوقف الكلام ).
غفـران: ولما سكــت أكمــل.
البائـع: قالوا بأنها صاحبة الفكــرة.
غفـران: أيــــة فكرة؟
البائـع: قالوا بأنها كانت تريد زوجك وكانت حاقـدة عليك ولم تستسلم حتى أخذته منــك.
غفـران: وكيف فعلت كل هذاǃ
البائـع: ربما هي من طرحت الفكرة على زوجـك.
غفـران: أوضح أكثــــر.
البائـع: ( يصرخ ويقوم من مكانه غاضبا ) هي من أمرته بإخفاء المال المزور لك في حقائب سفرك بعدما أقنعته بأنك كنت تواعدين أحد معجبيك الذين يتردد على سهراتك. 
غفـران: ( تضحك ) يا إلهـي ما هذا الحلم المزعــج.
البائـع: هل في الأمر ما يضحك.
غفـران: والله كلامك صحيح ومنطقي ولكني شككت في زوجي وحده لا في هذه الفتاة التي تتحدث عنها.
البائـع: صدقيني أنا لا أشعل نار الفتنة مع زوجك، أنا أقول الحقيقة.
غفـران: الحقيقة ظهرت منذ زمن بعيد ولكن سنوات السجن هي التي منعتني من أخذ حقي بيدي.
البائـع: أريد إخبارك شيء آخـــر.
غفـران: تفضــــــــل.
البائـع: عندي عنوان مكتب زوجك إذا أردت أعطيني ورقة وقلم لأكتبــه، ولكن إذا سألك لا تخبريه عني فأصحــاب السلطة لا يشفقــون على الفقــراء أمثالـــــــي.
غفـران: لا تخف ( تفتح حقيبتها وتناوله ورقة وقلـــــــــم ).
البائـع: أنا أستسمحـك لا  يوجد زبائن سوف أغير الشارع.
غفـران: تفضــل وأشكــرك كثيـــرا.
البائـع: لا تشكريني على واجبي، أنا في الأول لم أكن أريد إخبارك ولكن لم تعجبني حالتك عندما قلت لي بأنك تنظفين الغرف في الفندق فقلت في نفسي ربما    تنتقمين منه وتحاكميه حتى يعطيك حقك لأني سمعت بأنه أخذ كل ثروتك وزوجته الحقيرة تلعب بها في الأسفار ومحلات العطور والملابس كأنها هي من تعبت عليه وجمعته.
غفـران: أنا أشكرك مرة ثانية فلولاك لم يكن لديا حل آخر.
البائـع: لا تشكريني يا صديقتي فرغم الفارق بيننا فأنا أعتبرك مثل أختــــي.
غفـران: أي فارق تتحدث عنه أنا الآن فقيرة وأحد لم يغفــر لي الخطـأ الذي لم أقم حتى أنا بارتكابــه بل ألسقـوه في ظهـري ودفعت الثمن غاليا وحرمت من بناتي.
البائـع: لا تفقدي الأمل ربما يتغير حالك بين ليلة وضحاها.
غفـران: أريد بناتي فقط فالمال الذي جمعته لم أفرح به في الماضي ماذا سأصنع به الآن.
البائـع: ( يستدير يمينا وشمالا ) حان موعد ذهابي وفقك الله.
غفـران: ( تبتـسـم ) هل أنت خائـف.
البائـع: لا. لا يـا غفــران ولكنـي إنسـان بسيـط ولديـا زوجتـي وأولادي وأمـي وأخاف أن يصيبنـي مكــروه ولا أحــد يعتني بهم.
غفـران: لا تخف سرك في آمان، لن أذكر اسمــــــك.
البائـع: مع السلامة يا أختي أتمنى لك السعادة وأن تنجحي في حل كل مشاكلك     ( يخرج مسرعا وخائفـا ).



المشهد الثالث:

( المكان هو مكتب يجلس فيه زوج غفـران وأمامه السكرتيـرة تضع رجل فوق رجل وترتدي ملابس جريئة وماكياج قبيح ولون شعرها أشقر وتمسك بيده ويتكلمان بصوت خافت ويضحكان حتى تدخل غفـران غاضبة ومنفعلـة ).
غفـران: ( تدخل فتلحظ مشهدهما المخل بالحياء تصفق عليهما فينتبهان لوجودها ) هذا جيد إنه منظر رومنسي  من اين اشتريت هذه الجارية الرخيسة هل من سوق سمرقند اضن هذا لست مخطاة. 
زوجهــا: ( يقف ثم يصفق هو الآخــر ) من هنا غفـران لا أصدق عينيا تعالي اقتربي مني أنا مشتاق لك ( تخرج السكرتيرة مسرعة إلى الخارج ) .
غفـران: ( تحمل مزهرية وتكسرها على الأرض بغضب ) تبا لك.
زوجهـا: لماذا كسرتهـا ماذا فعلة لكِ إنها ذكرى من سفري الآخـير.
غفـران: اخرس يا ناكر الجميل لقد بدلتني بحثالــة وبسببـك فقدت كل شيء.
الزوج: إنها مشكلتــك ما دخلي أنا.
غفـران: ألا تعرف بأن كل مشاكلي من صنعــك أنت.
الزوج: ينهض من مكتبه ويقترب منها فيحدق فيها جيدا ثم يقعدها على الكرسي ويسرح لها شعرها بيديه ثم يشمه ) لقد اشتقت لـرائحتــك. 
غفـران: إياك وأن تلمسـني بيـديك.
الزوج: ولما لا فأنا لازلت زوجـــك.
غفـران: لما لم تطلقني فأنا لا أريدك.
الزوج: لا أستطيـــــــــــــــــــــــــع.
غفـران: بحكم ماذا؟
الزوج: بحكم الأيام التي قضيناها معا وبحكم الحب الذي بيننا والأيام الجميلة أتذكـرين ......
غفـران: ( مقاطعة له ) إخرس لا أريد سماعـــك.
الزوج: أنا لم أخطأ في شيء، أردت إسعادك فقط.
غفـران: لقد قتلت كل شيء في داخلي أنا أتألم من رأسي حتى قدمـيا.
الزوج: إنه ابتلاء بسيط ولقد مر والحمد لله ( يتكلم بصوت خافت في أذنها ) يجب أن تعيشي البقية.
غفـران: أريدها على حساب حياتــــك.
الزوج: أتريدين قتلــي؟
غفـران: تمنيت هذا السجــــــــــن.
الزوج: أنت حقودة، مهما كان فأنا زوجك ووالد ابنتــك وكنت من معجبيك في الماضي.
غفـران: ( تصـــرخ ) أنت من حطمتنــــــي صحيح.
الزوج: وأنت من خدعنـي صحيـــح.
غفـران: أنا لم أخدعــك هل رأيت هذا بأم عينــــــــــك.
الزوج: ( يشعل سيجارة ) ولكن في تلك الأيام أذكر جيدا معجبيك الذين كادوا أن يؤدوا بي إلى الجنـــــون.
غفـران: ولكنك عرفتني وأنا أغني وكنت معجبا بي قبل زواجنا لماذا غيرت رأيـــــــك.
الزوج: لأنك أثرت الشكوك عندي بغيابك عن المنزل لعدة أيام وفي عدة مرات كما أنك كنت تتجاهليني أحيانا وتحبين عملك فوق كل شيء ووقتك كله للموسيقى والغناء ( يرمي الولاعة على الأرض بغضب شديد ).
غفـران: ماذا كنت تنتظر مني   اصنع نفسي خادمة لك، عجبا لأمركم أنتم الرجال، تزوجت بثلاث ولم أعجب واحد منكم ترفضون عملي وتسمعوني كلمات الاعتزال حتى أفقد صوابي، من قال لكم تزوجوا بفنانـــــــــــة.
الزوج: لأن الفنانـات يتمتعـن بميـزات خاصـة لا تملكهـا البقيـة فـي كلامهـن أو إحساسهـن وحتـى فـي ممـارسـة الفــــن هــذا مـا يوقـيعنــا فـي حبكـــن.
غفـران: لأنك مجنون لا ترى النساء إلا بمنظار الجنون.
الزوج: أنا مجنون وأعاشر النساء المجانين هل عندك شك.
غفـران: عندما كان جنوني صعبا عليك ولم تتحمله تخلصت مني بتلك الطريقــة الرخيســة.
الزوج: جنونك صعب وتفكيرك صعب حتى نظرات عينيك صعبة وتؤدي إلى هلاك الكثيرين.
غفـران: ( تنهض من على الكرسي بغضب ) أين ابنتي؟
الزوج: دعي ابنتنا في الأخير سوف تريها الآن أريد الاستمتاع بهذه اللحظة معك لا تحرميني منها.
غفـران: ( تبكـي ) لماذا حصل معي كل هذا ماذا فعلت في حياتي أهكذا تجازيني.
الزوج: ( يضع السيجارة على المكتب ويبدأ في تدليك كتفيها )لا تبكــي أمامي فأنا أيضا أحزن لحزنــك وأبكــي.
غفـران: أنت أرخس حتى من الذي يبيع الجواري في سوق النخاسين، هل حقا بكيت مرة في حياتـــك.
الزوج :  ومن قال لا يبكي الرجال، الله يعلم يا وفية كم ضاقت الدنيا عليا، أخطأت باسم الكبرياء فجرحت سيدة وفيـه، يا ويلنا نحن الرجال من نحن من غير النساء، عودي عزيزتي سامحيني، سيذوب قلبي من حنيني، من قال لا يبكي الرجال، أبكي نعم أبكي لمن أبكيتها مر البكاء، أبكي إذا نفع البكاء، أني أمام الناس أعلنها ........
غفـران: ( تنهـض من الكرسي وتتحرك كأنها مخدرة ثم تصرخ ) كفى كفى أرجـوك أنت تكـذب ، أنت أقبح رجل قابلته على هـــذه الأرض.
الزوج: ( يقاطعهـا ) أولا أنا لا أكذب، ثانيا ليس كلامي بل كلام شاعر النساء لقد حفظته في ليلة عمياء عندما جن جنوني واشتاق لجنونــك ولكن للأســف......
غفـران: أين ابنتي أسألك للمرة الثانية خذني إليها.
الزوج: لا أستطيع الآن فكل جوارحي في اتصال معك لا تحرميني من هذا الإحساس.
غفـران: تبا لك ولاحساسك هذا إن كنت تملك أصلا إحساس ( تحمل حامل الأقلام من المكتب وترميه على الأرض ).
الزوج: ( يصرخ ) كفى عن هذا لقد أزعجتني لماذا ترمين أغراضي لقد خربت لي مكتبي.
غفـران: أوه حقا لم يعجبك مظهر مكتبك ( ترمي الأقلام بقدميها وتبعثرها ) لماذا لم تكترث لأمري ، لماذا لم ترحمني لماذا لم تزرني أنت وابنتي في السجن.  
الزوج: هيا أخرجي لم أعد أتحمل ماذا فعلوا لك في ذلك السجن هل غسلوا مخك، أصبحت لا تطاقين.
غفـران: لا يا عزيزي، خرجت قوية، قوية جدا وسوف أنتقـم منك اليوم قبل الغد.
الزوج: لا أظن، أنت مرهفة  الإحساس، كيف تجرئين على القتل، ( يرن هاتفه يحمله من المكتب ويرميه على الأرض)لا أريــد إزعاجك من أيا كان، أريدك أنت وحدك فقط.
غفـران: أتذكر يوم تعرفنا على بعض أول مرة ( تمسك رأسها من شدة الوجع ثم تحمل كرسي وترميه على الأرض ).
الزوج: أذكر تلك الليلة الجميلة كأنها حدثت منذ ثواني فقط لقد كنت ( يمسك يدها ويقوم بتدويرها ) كنت تلبسين فستان مخملي  وحذاء ذو كعب عالي لقد سلبت لي عقلي.
غفـران: كنت مغفلة في ذلك الوقت.
الزوج: ( يدفعها فتقع على الأرض ثم يجلس بجانبها فينزع معطفه ويحل ربطة عنقه ) ما رأيك أن ترجعي لي.
غفـران: ( تبكي ) اذهب إلى الجحيـم.
الزوج: عندما غبتي عني أصبحت أعاني أتعرفين مما عانيت ( يرفع رأسـه للأعلى كأنه يفكــر ).
غفـران: ( تصرخ ) أتمنى لك الموت حتى أرتاح من مكرك وخداعك وظلمك.
الزوج: من الوحدة، لأني تعلمت شيء في هذه الدنيا وهو أنه ليست كل أنثى هي حقا انثى  .
غفـران: أنت أصلا وحش كيف تحس بالأنثى.
الزوج: ( يضحك ) لا يا عزيزتي أنا إنسان وعندي إحساس قوي وأحس بالمرأة من عيونهــا.
غفـران: وهل جربته مع الثانية التي أخذت مكاني وابنتي.
الزوج: هي لم تأخذ شيء لا تقلقي أخذت حضني فقط لكنها لم تنجــح ولم تتقن اللعبــــة.
غفـران: ( تمسح عيونها وترتب نفسها ) ما رأيك أن نقضي الليلة معا.
الزوج: ماذا أسمع أعيدي من فضلك وهل هذا يريد سؤال، يحق لنا طبعا فلا زلتي زوجتي، اسمعي رغم ما يقولنه عنك بأنك إثم كبير ولكني مصر على ممارسة هذا الإثم ( ينهض يلبس معطفه ويحكي لها ) أتعرفين شيء في الماضي شاهدت مسلسل أمريكي عنوانه هامسة الأشباح لا أظن أنه يوجد من لم يراه إنه جميل جدا، هكذا كانت  حياتي أثناء غيابك كنت أهمس خيالك وأحاكيك عندما أستيقظ فجأة في الليل من دون سبب وأحن لك ولا أجدك، أجد فقط تلك المرأة الخرقاء بجانبي، إنها أكبر غلطة اقترفتها في حياتي. 
غفـران: ( تنهض وتذهب لفتح حقيبتها من أجل أخذ منديل ثم تخرج سكين وتخبأه ورائها   بينما هو مستدير يلبس عطفه تعانقه و تقول ) أما أنا في ذلك السجن في كل ليلة كنت أستيقظ في ساعة متأخرة فتصحو معي الأنثى التي تسكن داخلي و تبدأ في عتابي و خصامي و السخرية مني حتى   وصلت الوقاحة بها و قالت لي لماذا نجحت في الفن و  لم تنجحي في الحب  ولكي أهدأ من روعها اكذب و أقول  أنا لا أحب الفن انه هواية فقط أروح   بها عن نفسي  هكذا كانت تمضي أيامي  مع ذلك المستبد  الذي تعمد و أتقن أذيتي . (بينما هو يعدل ربطة عنقه ويبتسم تقوم بذبحه فيسقط على الأرض تحاول الخروج ثم ترجع تخاطبه وهو يتألم)  اذهب إلى الجحيم يا مفتري لقد أخذت ثأري منك لا يهمني الآن إن أدخلوني السجن أم مستشفى المجانين هذه هي نهايتك يا ظالم ادفع الثمن مثلما دفعته أنا ( تخرج مسرعة ).
السكرتيــرة: ( تدخل تحمل أوراق بين يديها وتبتسم وعندما ترى المنظر ترمي الأوراق وتبدأ في الصراخ ثم تحمل  الهاتف وتجرب بعض الأرقام ) ألو الشرطة تعالوا بسرعة هناك جريمة في مكتب سيدي حصلت منذ قليل  هناك امرأة كانت عنده تكسـر الأغراض وتتكلم بصوت عالي هي هي من قتلته لست أنا.   ( تنهي المكالمة وتجلس بجانبــه وتبقى تبكي مع موسيقى حزينــة تعبر عن المشهـــد ).                               

ستار 

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption