أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الثلاثاء، 28 أبريل 2020

Etienne Decroux و مدرسة التعبير الجسدي

مجلة الفنون المسرحية

  Etienne Decroux  و مدرسة التعبير الجسدي

فريزة شماخ

في الوقت الذي تتقاطع فيه الفنون وتصبح حدودها قابلة للاختراق، وبينما تتعارض و تختلط الاختصاصات  و المذاهب الفنية و الأدبية، تظهر كتابات مسرحية جديدة، من بينها مسرح قائم على لغة الجسد والحركة الدرامية، و التي يطلق عليها التعبير الجسدي، الذي يقدم مجموعة واسعة من الممارسات ذات أبعاد درامية و جمالية مختلفة.
التعبير الجسدي، فن الحركة بدلاً من فن الصمت. فن الممثل بالدرجة الأولى، فحضوره فوق كل شيء، و جسده قبل أي شيء، فهذه هي أداة عمله ودعم صورته وعواطفه.
التعبير الجسدي يعتبر تقنية ومنهجية طورها الممثل والمعلم الفرنسي إتيان ديكروكس Etienne Decroux (1898-1991)،  و تأخذ الجسد كوسيلة رئيسية للتعبير وتفسره على أنه نقطة البداية للخلق ، بهدف "جعل غير المرئي مرئي".  هو إذن نوع مسرحي يستكشف إمكانيات الحركة ، ووضع الدراما داخل جسم الإنسان المتحرك. على عكس البانتوميم ، فإن التعبير الجسدي لا يسعى إلى استبدال الكلام بالإيماء ، ولا يعتمد على الرموز المعروفة لدى الجمهور، بل يستند على القيم الجمالية للمنحوتات والشعر والموسيقى مع دراسة دقيقة للجسم المفصلي ، فهو مستوحى من الحركات اليومية ويعطي الجهد قيمة أخلاقية وجمالية و يمنح الجسم شكل وجودة حركية و فكريه. 
تسمح دراسة التعبير الجسدي للممثل بإظهار فكره من خلال الحركة.  فهو يسعى إلى إعادة بناء جوهر الدراما، لدمج مبادئ الفعل والوضع الدرامي في الجسم. عدم التوازن وعدم الاستقرار، السببية، الإيقاع و تعلم تقنية الجسم : جميعها مفاهيم يمكن أن تمنح السيطرة على الاداء. إن دراسة هذه التقنية تمنح الممثل السيطرة على حضوره، وضعه، حركته و كذلك افعاله على المسرح. كما أنه يضاعف إمكانياته، مما يسمح له بفعل ما يريد وليس فقط ما يستطيع. إنه بهذا باب مفتوح للخيال.
ولد Etienne Decroux عام 1898، وبدأ العمل في سن 13 عامًا، و امتهن عدة مهن فكان نادلا ثم رسامًا، سباكًا ، بناءًا  ...في سن الخامسة والعشرين ، قرر أن يأخذ دروسًا في التمثيل فتوجه الى مدرسة Le Vieux Colombier وتدرب على يد جاك كوبو في فرنسا، من ثم اصبح ممثل سينمائي و مسرحي عمل مع كبار المسرحيين و السينمائيين أمثال أنتونين آرتو ، تشارلز دولين ، لويس جوفيت ومارسيل كارني ... كرس الجزء الثاني من حياته لإنشاء مسرح حيث يكون المؤدي هو المركز وجسده أداة التعبير الرئيسية. ابتكر العديد من الإعمال ، وبحث في تعبيرات الجسد لسنوات عديدة وألقى دروسًا في مدرسة L'Atelier في باريس ، في Teatro Piccolo في ميلانو و أستوديو الممثل في نيويورك .كما أنشأ شركته الخاصة وقام بجولات في إيطاليا وسويسرا وبلجيكا وهولندا والسويد والمملكة المتحدة وإسرائيل.
لدراسة تعبيرية جسم الإنسان، اهتم Decroux بشكل كبير بحركات العمل. يمكن فهم بحثه على أنه تطور وشعرية الإيماءات اليومية للطبقة العاملة ، وتوضيح للجمال الميتافيزيقي للبشرية في حالات بذل الجهد و العمل.

كان Decroux يقول أن العمود الفقري لرجل يعاني من خيبة أمل في الحب مشابه لرجل يحمل كيسًا من الفحم.

من خلال دراسة دءوبة للمفاصل والحركات البشرية، أسس مفهومًا أصليًا للجسد: بالنسبة له، "العمال" هم القدمين والساقين والجذع. هناك يكمن تعبير الجسد وعلامات كفاح البشرية من أجل الاستقامة ، وجهدها الدائم ضد الوزن المادي والميتافيزيقي، وليس في الذراعين أو اليدين أو الرأس. 
التقنيات: 

"التسلسلات" (les gammes): هذه التمارين تقوم على عزل أجزاء مختلفة من الجسم.  وفقًا لـ Decroux  ، يمكن أن يتحرك العمود الفقري "في عارضة" : نتحرك ، على خطوط مستقيمة ، الأجزاء المختلفة من الجسم : الرأس والعنق والصدر والحزام والحوض. "الحلقية" (en retation) : نتحرك ، بإتباع الخطوط المنحنية ، للأجزاء المختلفة من الجسم. "الأكورديون" (accordéon): تنهار أجزاء الجسم المختلفة على نفسها وتمتد بعيدًا عن المركز.
تنقسم هذه اللعبة المفصلية الى عدة تسلسلات  للأمام ، للخلف ، جانبية ، "بالتناوب" و "بالتناوب على مستوى مائل"...
"التماثيل المتنقلة" (les statuaires mobiles) : يشير هذا المصطلح إلى تماثيل اليونان القديمة ، إلى سمو و واقعية مواقفها و إلى خطوط القوة التي تظهرها.

"الهيئة النمطية" (les figures de style) : هذه دراسات موجزة. تجتمع داخل أنماط تركيبات أطول (رسومات ثلاثية ، خطوات ، مفاصل...(
" الخطوات" (les marches) : تضم ذخيرة Decroux مائة خطوة، والتي يمكن اعتبارها اختلافات عن ألاثنتي عشرة خطوة أساسية الموجودة.
"الأوزان المضادة" (les contrepoids) : بالنسبة للعديد من كبار المصلحين المسرحيين ، يمكن اختزال حركة الممثل إلى عملية الدفع والسحب. من هاتين العمليتين المتعارضتين ، أنشأ Decroux أربعة أوزان متضادة: "المقص" (Rétablissement des éléments): هو إزاحة الوزن من خلال حركة فتح وإغلاق تشبه شفرة المقص
"القفز و السقوط على الرأس" (sauter pour tomber sur la tête) : هنا المؤدي يسقط على الرأس من خلال حركة مضبوطة للغاية ،ويعطي انطباع  بالسقوط على شكل حركة البطيئة.
"إزالة الدعم"(suppression du support): وضع الوزن على الساق الذي سيبدو أنه لا يدعم الجسم.
"الامتداد" " (cardeuse):هنا يقوم المؤدي بإزاحة الوزن من خلال حركة امتدادية.
الارتجال: كان Decroux  يقول: "ارسم صورة لرجل مفكر، بعد فترة ، ستصبح فكرة. العاطفة توجه الحركة ، والفكر يولد السكون ". بالنسبة للارتجال ، هذا يعني أنه يجب على المؤدي إسكات الأصوات التي تملأ العقل عندها فقط يمكن ان "يصطدم بفكرة" مرة أخرى. أثناء إتباع المسار الهادئ للفكر، وبينما يكون واع تمامًا ويقظ، يمس الممثل بالتالي سكونا مدهشا لتشبع به حركاته.
التركيبات: من خلال دراسة وكسر وتجزئة أفعال الحياة اليومية، يخلق الممثل حركات و التي، أثناء استحضارها وتكشفها، تبتعد عن فعل البداية. هذه هي الطريقة التي ابتكر بها  Decroux عدة وضعيات منها وضعية "النجار" المشهورة. 
هكذا، أي انطلاقا من الجسد، ومنه فقط، سيجد Etienne Decroux فنه الجديد من أجل إعادة رسم صورة و شكل مسرح الغد. العمل ضخم، حتى انه طوباوي ، ومع ذلك نجح في منح فنه تقنية حقيقية، تقنية ذات مبادئ أساسية مبنية على مفاصل الجسم ، والإيقاع ، والتفسير ، والأوزان المضادة ، لتحقيق الدراما الجسدية القادرة على العودة إلى أصول المسرحية البشرية الأساسية. هذا الفن  و الأسلوب الجسدي جعلا من Etienne Decroux مصدر إلهام للمسرح المعاصر، و أصبحت تقنيته دورة أساسية لأي فنان، ممثل أو راقص يرغب في تطوير إمكانياته الجسدية و إبداعه على الخشبة. 

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption