"الحلم، تلك اللحظة الفنية الفارقة " ندوة المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء في دورته الثانية والثلاثين ..
مجلة الفنون المسرحية"الحلم، تلك اللحظة الفنية الفارقة " ندوة المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء في دورته الثانية والثلاثين ..
أحمد طنيش
تعيش البيضاء حلم مسرحها الجامعي، وقد حافظت على المعتاد المهرجاني، رغم أن هذه الدورة تقام عن بعد، فإنها لم تضح بإحساس القرب، من تم نظمت عروضها المسرحية التي تواصل البث والتواصل مع الجمهور الواسع عبر المعمور، كما تتواصل الورشات التكوينية مع المستفيدين من شتى الأقطار، وكنا يوم الأربعاء 23 دجنبر 2020 مع محطة ندوة المهرجان، في محور الدورة "المسرح والحلم".
أدار الندوة الأستاذ قاسم مرغاطة، من كلية الآدب بنمسيك، من مقر المهرجان كلية الآداب بنمسيك، التي تبث تواصلها عبر الشبكة العنكبوتية مع مبدعي العالم، وشارك في الندوة من الجانب المغربي ومن كلية الآداب بنمسيك، الأستاذ ميلود بوشايد، والأستاذ، هشام زين العابدين، والأستاذ يوسري حسن رئيس تحرير منبر إعلامي مختص في المسرح، والأستاذة لينا الأبيض، لبنانية أمريكية من جامعة السربون شعبة الفن والتواصل المسرحي، والأستاذ الوهابي الحسيني، مدير مركز وطني وأستاذ جامعي، تونس، وأستاذ هشام زين العابدين جامعي من لبنان.
بسط المسير بمداخلته التأطيرية مدخل الندوة بالإشارة أننا الآن في المراحل التاريخية العصيبة التي تمر منها الإنسانية، إذ يقف الإنسان أمام أسئلة جديدة لم يسبق أن طرحها أو فكر فيها: قد يقف عاجزا من شدة الصدمة... قد يقف حائرا من هول الخطر... قد يقف شاكا مترددا من درجات غياب المعرفة.
و بعد حين ...يدرك الإنسان ان الحياة مساحات لانهائية من المغامرات والمفاجآت، وقد تكون في غالبيتها نقيضة لأحلام الإنسان ورغباته بعد عام تقريبا، فقدنا الكثير من إنسانيتنا، وسقطت الكثير من الأوهام....
بعد عام مر كئيب حزين، والعالم يدور في فلك الوباء والموت والسقوط....
بعد عام من الهلع و الخوف والرعب، يظهر قليل من أمل ضوء خافت صغير يصعد من عالمنا العلمي و المعرفي و تظهر مع بصيص الأمل، وما يزال الجميع في رعب وفي خوف ومثلما تبدو الحاجة للعلم كبيرة وضرورية، يكون الحلم بالآتي حاجة أكثر إلحاحا بالضرورة.
بقدر ما عاش الإنسان في سنة هزيمته الطبيعة، بقدر ما قاوم هذا الإنسان من أجل الاستمرار والحلم. لكن أحلام الشعراء والفنانين والمسرحين ... ليست مثل أحلام بقية البشر، وعليه نحلم بالإنسان إنسانا مبدعا، إنسان في كينونة مفتوحة على الجمال والخيال...لذلك اختارت الدورة الثانية والثلاثون من المهرجان الدولي للمسرح الجامعي في خطها الفني والفكري لهذه السنة مشروع المسرح و الحلم.
لم يعد يسعفنا الانغلاق على ذواتنا أو هوياتنا أو لغاتنا... تعلمنا مع الجائحة أن وباء العالم واحد... وأحلام العالم واحدة...بعد التوطئة العامة التي ربطت الوضع العام بمحور الندوة جاءت المداخلات التي تمحورت حول مقاربة الحلم من داخل الحلم، واتخذت الحلم كأفق واستراتيجية وملاذ ومستقبل كذلك، فتم التصريح أن الأحلام تعتبر ظاهرة من الظواهر الإنسانية التي تحتضن أنساقا تعبيرية نفسية ، ثقافية، فنية و جمالية لذلك تم توظيفها في مجموعة من المجالات الفكرية والإبداعية وفي العديد من النصوص والخطابات التي تستهدف تحقيق نوع من أنواع التواصل التفاعلي مع المتلقي وذلك نظرا لما تختزنه هذه الأحلام من شحنات و طاقات، تجعل هذا المتلقي يشعر بأنه قادر على تعويض كل ما لا يستطيع تحقيقه في واقعه اليومي المعيش، كما أن الحلم يتم توظيفه في العمل المسرحي ويقود العمليات الفنيه والتقنيه لكون أن للحلم دلالات وابعاد منفلتة من المنطق ومن عنصري الزمان والمكان.
كما تمت مناقشة علاقة الحلم بالمعنى وبالمستقبل وحينها كان تفكيك العلاقة الجدلية للحلم كمخيال بالإبداع عموما، تم سار النقاش حول فلسفة الحلم التي تقود الرؤية والتصور، كما تقود المعنى والمبنى، لكون المسرح يلعب هذا الدور لخلق الحلم الذي يكسر روتينية اليومي ويحول الحياة إلى أمل وجمال. وربطت بعض المداخلات السؤال الوجودي لمطلب الحلم مع الرغبة في البحث عن التوازن بين العلوم الجافة أو الحقة وبين الفنون والإبداع، كمتنفس.
كما تم ربط العلم بالعالم الافتراضي، لكون كل الأحلام في أصلها استحضار وأمل وأفق افتراضي، فحتى الواقعية والطبيعية هي حلم وافتراض إبداعي، بل حتى هذه الندوة في أهم أبعادها حلم. ولأن المسرح في روحه وفلسفته وإبداعه حلم، من تم يجعلنا المسرح نحلم ونستهلك الحلم ونتواطأ معه وبه وبداخله، هي فرضية تنبهنا أن حلم المسرح ومسرح الحلم سفر في اللاشعور وفي العوالم الممكنة واللاممكنة وهذا ما يبرر وجود مدارس كبرى في المسرح تمعن في الحلم لدرجة أنتجت اتجاهات كالعبث واللامعقول..
ختم اللقاء من طرف ذ.عبد القادر كنكاي رئيس المهرجان وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك- الدار البيضاء، جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء؛ بالوقوف على أن المسرح في كل تجلياته وإبداعه وتواصله حلم يبدأ بفكرة حالمة تترجم على الورق ويأتي دور فاعلين فنيين وتقنيين يحملون أحلامهم المحولة لحلم الورق إلى حلم حركة ودينامية وفعل من خلال رؤية المخرج والسينوغراف ومصمم الإنارة والموسيقى والملابس وباقي الملحقات، وصولا إلى حلم الممثل أن يلبس روح الشخصية وتلبسه لإيصال حلمه وحلم الشخصية التي حلم بها باقي من أرسل له الفكرة والتصور، وصولا إلى محور كل حلم هؤلاء الحالمين والممثل في الجمهور، المتلقي لكل تلك الأحلام بحلم خاص لكل فرد من الجمهور.
قدم الأستاذ عبد القادر كنكاي، حلمه بأن كلية الآداب بنمسيك باسم مهرجانها على استعداد بأن يتم ترجمة هذه الندوة إلى كتاب يوثق لهذه الندوة والدورة الحالمة، وسيحتفى بهذا المنجز خلال الدورة 33 من المهرجان في السنة المقبلة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق