الكوميديا السوداء وعلاقتها بالمسرح الرمزي والسياسي ( شر البلية مايضحك ) / جوزيف الفارس
مجلة الفنون المسرحيةالكوميديا السوداء وعلاقتها بالمسرح الرمزي والسياسي ( شر البلية مايضحك ) / جوزيف الفارس
قبل ان اتناول شرح ابعاد الكوميديا السوداء وعلاقتها بروافد المذاهب المسرحية ساتناول سيرة عالم من خاض تجارب الكتابة للكوميديا السوداء , اي ساتناول وبشرح مفصل عن عالم المؤلف لهذا المسرح , وادواته التي يعتمدها في تجسيد النص والذي يصب فيه افكاره ومعاناته ومشاعره فيه , فلو تناولنا وسائل هذا التجسيد لعلمنا انها تتكون من : اولا النص , وثانيا الممثل , وثالثا المخرج , اضافة الى عوامل اخرى قد تكون مساعدة في صناعة الكوميديا السوداء كالمكياج والازياء .
انما ماهي الكوميديا وما تعنيه في النصوص المسرحية ؟
فالكوميديا ( الملهاة ) هي نوع من انواع العروض الساخرة والمفرحة للمتلقي , تعرض نصوصها باسلوب ساخر وكوميدي فيها من البهجة والسعادة للمتلقي , وغالبا ماتنتهي بنهاية سعيدة , فهي نوع من انواع العروض المسرحية والتي تحسس المتلقي بالسعادة والبهجة والفرح , هذه الكوميديا نشأت من خلال الاحتفالية التي كانت تقدم وعن طريق الكورس ( الجوقة ) ولا سيما في العهد الاغريقي واليوناني حيث كانت تقدم بعض الاناشيد والتي تتضمن شعائر مفرحة ومبهجة احتفاءا للالهة في طقوس فيها من المهابة والاحتفالية لشعائر الخصوبة في اعياد الاله ديونيسيوس , والتي من خلالها تشعبت عدة روافد للدراما وفنونها , ان الشعراء ممن اشتهروا بمثل هذه العروض وبالذات اريستيفانوس والذي يعد من اشهر من اشتهر لمثل هذه العروض الطقسية معتمدا على تقديم اشعاره بالحان جميلة تؤديها جماعة المنشدين وبشكل جماعي يتخللها حوارات شعرية يتداولها بعض الاشخاص من المشاركين في تقديم هذه العروض الطقسية , حيث تطورت ومع الاحقاب الزمنية اللاحقة , فظهر مؤلفون اتخذوا من اساليب الكوميديا مسحة لنصوصهم المسرحية , حيث تناولها معظم المؤلفين الكلاسيكيين والذين اختصت اعمالهم بالسخرية والتهريج في العصر الاليزابيتي , حيث ممن تناول مثل هذه العروض شكسبير في مسرحيات ميلودراما تضمنت جزءا من الكوميد والماساة , وكذالك تناولها من بعده في فرنسا موليير وكذالك في العصر الحديث برناردشو , حيث تميزت هذه العروض بلمسات نقدية وساخرة غرضها الضحك واشاعة البهجة والفرح للجمهور المتلقي والسخرية من بعض الطبقات الارستقراطية والبرجوازية والانتقادات اللاذعة للعادات والسلوكيات لحياتهم الاجتماعية التي كانوا يعيشونها بعيدا عن معاناة ومشاعر الطبقة الفقيرة والمعدمة .
ولكن , هل تطورت الكوميديا في تلك المرحلة بمضامين تناولت من خلالها النقد للوضع الاقتصادي والسياسي والديني ؟
نعم لقد تناول معظم كتاب الكوميديا في العصور الماضية المواضيع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ايضا والهجاء لتلك الاوضاع المتدنية , وعرض البدائل من اجل تثبيت حقوق الانسان , اضافة الى انتقادات سياسة الكنيسة انذاك والاجتهادات التي كانت تتمخض عن بعض المجتهدين من رجال الدين المتخذين الدين غطاءا وستارا لتمرير اطماعهم وماربهم الغير الشرعية , اضافة الى هذا كانت النصوص تتناول الافكار والعادات والتقاليد البالية وعرضها باسلوب كوميدي فيها من السخرية كونها عادات وتقاليد لا تخدم واقع الحالة الاجتماعية ولا الحالة الاقتصادية التي يعيشها الانسان .
فالكاتب في تلك المرحلة وكمثل بعض كتاب نصوصنا في المرحلة الراهنة اشبه بالخياطين يفصلون شخصيات نصوصهم على بعض الممثلين والذين لديهم بعض مؤهلات الكوميديا مثلا في اصواتهم , او في بعدهم الطبيعي كالوجه والطول وقصر القامة والنحافة او ضخامة الجسم , ومن خلال هذا المنظور يبدأ المؤلف بتاليف نصوصه وكتابة حوارات مفتعلة وبعيدة عن صلب الكوميد غرضه من ذالك اضحاك الجمهور , اي بالمعنى الحقيقي ( الضحك من اجل الضحك ) ليس الا , مثل هذه الحالات اصبحت مستهلكة لتكرارها في العديد من العروض المسرحية فهي لا تجدي نفعا ولا تخدم الكوميد لاضحاك المتلقي .
ونوعا اخر من المحسوبين على المسرح الكوميدي والذين لا يحترمون حرفتيهم حينما يصبحون لعبة او دمية بين اصابع كتابات المؤلف ليستغل بعض مالديهم من المسحات الكوميدية في اجسادهم او في اصواتهم والتي تصبح فيما بعد مستهلكة لكثرة تكرارها في عروض اخرى , فمثل هؤلاء الدمى يسقطون من قائمة الاحتراف الكوميدي لكونهم يبقون على النمطية نفسها ومن دون تغيير او تطوير ولهذا يسقطون من حسابات الفن الكوميدي .
وهناك نوعا اخر من مؤلفي النصوص الكوميدية يعتمدون على قدرة وطاقة بعض المخرجين والذين اشتهروا في اخراج العروض الكوميدية , ولهذا فان مثل هؤلاء المؤلفين يقدمون في طبق جاهز مايحبذه مثل هؤلاء المخرجين وهم لا يعلمون انهم وقعوا في شباك التكرار والاعادة في معظم اعمالهم الاخراجية , ومثل هؤلاء المخرجين ايضا يقعون ضحية هؤلاء المؤلفين والذين يسيطرون على المخرجين ومن خلال نصوصهم المتشابهة ولهذا لا تجد اي ابداعا ولا ابتكارا في اساليب هؤلاء المخرجين , وانعدام الرؤيا الذاتية للمخرج نفسه والذي يعجز عن تحريك الممثل الكوميدي وفق مايراه مناسبا في اسناد النص الكوميدي ودعمه دعما كوميديا من خلال رؤية اخراجية يراها مناسبة لخدمة النص الكوميدي وبالاخير ستكون مشاهد مملة ومتكررة تؤدي بالنهاية الى فشل العرض المسرحي .
ولهذا فان الكوميد يعتمد في الطرح على المؤلف الذكي والذي يعرف كيف يجسد رؤيته الاخراجية وترسيخ مضمون افكاره ومن خلال حوار محبوك فيه من ملكة الكوميد في الطرح , ونحن حينما نتناول الكوميد في الشرح نتناولها ومن عدة اوجه وحالات, منها تعتمد على طرح النكته , ومنها تعتمد ايضا على المواقف المتناقضة المضحكة , واخرى تعتمد على قوة صياغة الحوار والذي يعالج من خلاله الموقف الكوميدي , وبعكسه سيكون الطرح ساذجا ولا يؤدي غرضه في اضحاك الجمهور – مثال على ذالك عند الكاتب برنارد شو حينما صاغ حوارا غايته السخرية والنقد الذي يجلب الضحك , مثلا :
الحسناء – انت تبحث عن المال , وانا ابحث عن الشرف .
الرجل المسن – كل امرىء يبحث عما ينقصه .
فلو تمعنا في مضمون هذين الحوارين لرايناهما يعتمدان على بساطة الطرح , ولكن مضمونهما عميق وفيه من المعنى الجارح للحسناء ونقد صارخ يجلب الانتصار في الاجابة لهذا الرجل المسن على الحسناء – وبالطبع فان مثل هذه الاجابة ستسر المتلقي ويكون رد فعله الضحك ومن خلال حوار ساخر محبوك بحبكة جيدة وفيها نوع من العبقرية في الاجابة وحالة من حالات الانتصار على الحسناء .
ومع تطور اساليب الطرح الكوميدي بانواعه وفرز تسمياته كي يكون معلوما لدى المشاهد ظهرت تسمية الكوميديا السوداء , ومثل هذه الكوميديا تعتمد بنصوصها على المواقف المضحكة الماساوية , وقبل الخوض في الكوميديا السوداء وروافدها لنتعرف على الضحك وانواعه , فاذا ما علمنا بان الضحك هو عبارة عن رد فعل انساني , ياتي من مشاعر البهجة والسرور نتيجة سماع نكتة او مشاهدة حالة من الحالات الغير المالوفة والتي تثير العجب والاستغراب , او قد ياتي رد فعل لبعض المواقف المخيفة والمرعبة , فعلى العموم فان الضحك هو وسيلة انسانية تاتي عن رد فعل المواقف للتعبير عن انتصار الشخص من مشاهد تشعره بالانتصار والتفوق , او للسخرية من بعض الشخصيات والتي تعتبر نفسها اعلى مقاما من غيرها ولا سيما حينما تقع في مازق لا يمكنها التخلص منه , فالتعبير عن الضحك انواع : منها الابتسامة ومنها القهقهة ومنها الضحك بالصوت المكتوم --- الخ .
واما ماطرح ضمن مسيرة الدراما العراقية ومن خلال روادها والذين اشتهروا بتناول اساليب طرح افكارهم بمضامين ساخرة واساليب كوميدية نقدية هي مسرحيات العاني , نصوصه تضمنت الكوميديا الماساوية السوداوية ومن خلال عرض احداث ماساوية نقدية عن هموم افراد المجتمع والتي تبنتها فرقة المسرح الفني الحديث وعن طريق نصوص الفنان الرائد المرحوم الاستاذ يوسف العاني .
لقد كانت الكوميديا الرمزية والسياسية من اهتمامات المسرحيون الرواد في العراق , لقد اهتموا بالمسرح الكوميدي , لكونه مسرحا يطرح من خلاله المؤلف شباكه الساخرة على بعض العادات والتقاليد البالية , ويسلط الاضواء على تعسف الانظمة الحاكمة بحق المجتمع وافراده , وبهذا استطاع المؤلف العراقي الدخول الى اعماق نفوس افراد المجتمع والى تناول همومهم ومعاناتهم , لقد كان المؤلف العراقي في النصوص الكوميدية يهرب عن اعين رقابة النصوص والعروض المسرحية وعن طريق عرض نصوص كوميدية هزلية وساخرة فيها من الماساة عن حياة شخصية ما تجلب الضحك والسخرية من خلال هذا الطرح , ومن خلالها يدخل المؤلف الى عالم الاسباب والتي ادت الى ماساوية هذه الشخصية باسلوب ساخر يحط من قيمة من كان السبب في نتائج هذه الحياة الماساوية , انها كوميديا سوداء يراد من خلالها معالجة اوضاع هؤلاء الافراد المنكوبين وعرض سوداوية شخصياتهم باسلوب كوميدي يجلب الضحك ولكن ليس الضحك من اجل الضحك , بقدر ما الغرض من الضحك هو تفاعل الذات الانسانية مع مايشاهده من العرض المسرحي الكوميدي ويحسسه بان القضية المعروضة امامه هي قضيته التي يعيشها في حياته الواقعية.
الفنان يوسف العاني والكوميديا السوداء الرمزية والسياسية
لقد اهتم المسرحيون في العراق ضمن حقبة ومرحلة من الزمن لمسيرة المسرح الكوميدي في العراق , لكونه كان مسرحا يستطيع المؤلف من خلاله الدخول الى اعماق نفوس افرادالمجتمع وتناول العديد من همومهم ومعاناتهم , لقد كان المؤلف العراقي وعن طريق النصوص الكوميدية يهرب من اعين رقابة النصوص والعروض المسرحية وعن طريق نصوص كوميدية هزلية وساخرة فيها العديد من المشاهد الماساوية عن حياة شخصية ما تجلب الضحك والسخرية وعن طريق المسرح في اغلب الاحيان , لم يتوانى عن طرح معاناة مثل هذه الشخوص والتي يشتقها من واقع المجتمع المساوي , انها كوميدية سوداوية العرض والتي سميت فيما بعد بالكوميديا السوداء .
فلقد انتهج هذا الاسلوب فناننا الكبير والرائد المرحوم يوسف العاني في عدة عروض مسرحية كوميدية ماساوية منها : شخصية دعبول في مسرحية الشريعة , فكانت هذه الشخصية تتفوه باقوال نابية على الحكومة هدفها الدخول الى السجن ليلتقي بالسجناء الوطنيين , وكذالك جائت مسرحية طبيب يداوي الناس باسلوبها الشعبي الذي تناول من خلالها ماساة الحياة الشعبية ومن خلال شخصيات نسج معالمها بواقعية ساخرة استطاعت ان تدخل الى قلوب افراد المجتمع .
ان موهبة العاني في كتاباته الساخرة والناقدة والسياسية تعود الى نشاته البغدادية في سوق حماده والتي كان سكانها يهتمون بالوطنية والسياسة والقيم الانسانية للشخصية البغدادية الاصيلة , ولهذا انبثق المسرح الكوميدي السوداوي من خلال مسرحيات العاني اضافة انها كانت متزامنة مع المسرح السياسي والرمزي في عروضه المسرحية ولا سيما في مسرحية الحشاش والشليلة ومسرحية الخرابة , كانت اعمالا تحريضية وسياسية في الوقت نفسه تحمل من الماساة والالم من اوجاع بعض النماذج الاجتماعية والمعاناة التي كانت تجشم على حياتهم , ولقد تعاطف الفنان يوسف العاني في تمثيله في فيلم سعيد افندي لكونها شخصية ساخرة وناقدة للاوضاع الماساوية والتي الف قصتها الاديب العراقي ادمون صبري في قصة مضمونها سياسي وانتقادات شيقة تحمل من الرموز في قصة رواية الفيلم حيث فيه اشارات لبعض اذناب السياسة انذاك وبشكل سافر وناقد حاله حال الفنان العراقي الاصل و المصري الجنسية نجيب الريحاني , وكذالك الفنان عبد المنعم مدبولي وبعض افلام الفنان انور وجدي ---- لقد اخذت هذه المسحة الكوميدية السوداء تنتشر باعمال معظم فنانينا في العراق وفي سوريا وبالذات عن طريق ملك الكوميديا السوداء والساخرة الفنان دريد لحام وفرقته في عدة عروض مسرحية وتلفزيونية وسينمائية اثارت اعجاب وتقدير من بعض الفئات السياسية والجماهير العربية السورية .
الفنان شارلي شابلن والكوميديا السوداء
اما على نطاق العالم فلقد بدأت الكوميديا السوداء في العروض السينمائية ومن خلال افلام الفنان شارلي شابلن , حيث تناول هذا العبقري في عروضه السينمائية الحدث والموقف وبشكل يجلب الشفقة والعاطفة على الانسان والتي كانت قضيته الشغل الشاغل لعرضها في افلامه الصامته , ولهذا توالت افلامه الكوميدية ومنها فيلم السيرك , سنة 1928 , وفيلم اضواء المسرح , وفيلم الدكتاتور العظيم , وبعدها فيلم حمى الذهب .
كان يعتمد شارلي شابلن على الفكاهة وعلى المواقف المضحكة والتي كانت تؤدي نتائجها الى الانتصار على بعض الشخصيات المعادية , كأن تكون شخصية رجل بوليس غبي يعاند معه في تهمة هو في غنى عنها ,او صاحب عمل يعمل على هضم حقوقه ومستحقات اجوره , فيحاول وباسلوب كوميدي ان يثار منه وباسلوب كوميدي يؤدي الى الانتصار عليه , او في معارك محتدمة مع بعض اللصوص او عصابة يحاول ايقاف سرقة مصرف ما , حيث يتصدى لهم بالعوجية ( الجاكون ) وملابسه المتعارف عليها الفضفاضة على جسمه النحيل , وحذائه الكبير الحجم , ومشيته التقليدية وخطواته التي تجلب الضحك على ماساة حالته , انه الانسان الفقير والرث الملابس المقهور والمظلوم والمحروم من الجاه والمال , هذه التناقضات الحياتية التي كان يعرضها شارلي شابلن في افلامه هي التي كانت تجلب الكوميديا على ماساوية مواقفه وحالاته التعيسة , فتارة يجعل المتلقي يضحك على ماساته , ومن خلال هذا الضحك هو يعمل على التنفيس والتطهير ومن خلال العديد من المواقف الكوميدية الماساوية .
الفنان نجيب الريحاني وشخصية كشكول بيه والسوداوية في كوميديته
ومن الجانب الاخر , الكوميدي للفنان العراقي المصري العربي نجيب الريحاني , حاله حال اي فقير الذي يعيش ماساته ومن ثم يضحك على حاله , وفي الوقت نفسه يشارك الجماهير بالضحك على الموقف والتناقض الذي يصادفه في حياته الماساوية .
هو من اصل عراقي لاب كلداني يدعى الياس ريحانه والذي استقر به الحال في مصر بعد ان كان يتاجر بالخيول , حيث عرف عنه انه فنان كوميدي فقط , الا ان اعماله لم تعرض الا كوميديا ماساوية سوداوية , شخصيته التي تاثر بها العديد من الفنانين المصريين منهم فؤاد المهندس , حيث عرف عن هذا الفنان انه تاثر بالريحاني باسلوب طرحه وتجسيد مدرسته الكوميدية مع اختلاف الشكل اي ( البعد الطبيعي ) , فلقد كان الريحاني يطرح اعماله المسرحية والسينمائية بشكل كوميدي وساخر , ولقد عرف عنه ان كوميديته تجلب السخرية على حالته الماساوية والتي تطرحها شخصيته في اعماله الكوميدية منها :تعاليلي يابطة , كشكش بيه في باريس , لو كنت ملكا , حكم قرقوش --- الخ . كذالك افلامه السينمائية والتي اضحكت الجمهور وفي الوقت نفسه شاركته ماساته التي كان يعرضها من خلال العديد من شخصياته في افلامه السينمائية منها : صاحب السعادة , كشكش بيه , وسلامه عايز يتجوز , وسلامه بخير , وسي عمر , واحمر الشفايف , وابو حلبوص , وغزل البنات .
لقد بدأ هذا الفنان في عرض مسرحياته وافلامه باسلوب ناقد وساخر من الحالات المتدنية في الاجهزة الادارية , وتناول بالنقد سلوك بعض المتنفذين في الاجهزة الحكومية ومن خلال حوار محبوك يتضمن السخرية , استطاع من خلاله ان يدخل قلوب المشاهدين ولا سيما في شخصية كشكول بيه وقرقوش .
لقد كان يعتمد في ازيائه على ملابس ضيقة ورثة وربطة عنق كبيرة وضخمة وواضعا في معظم الاحيان الطربوش على راسه , ويحتذي في اقدامه احذية ضخمة وممزقة لتترجم فقره , يصادفه فقيرا يطلب منه صدقة فياخذ مافي جيبه ويتصدق به عليه , وهو يضحك على حال بؤسه , انه جرىء في طرحه , ومتحديا جميع الاعراف والتقاليد , ولهذا اعتمد على عروضه الكوميدية الماساوية ومن خلال اختياراته لقصص وحكايات تجسد ماساة افراد المجتمع المظلوم والمهضومة حقوقهم .
ولهذا كان يضحك على نفسه في العديد من المواقف والاحداث التي تعتمد على الكوميديا السوداء , حيث نجح في جميع اعماله الفنية في المسرح والسينما .
لقد ابتدا الريحاني في تقديم اسكتشات كوميدية في احد الملاهي التي كانت تعتمد على النقد والسخرية , وعلى تجسيد حالة الشعب والمجتمع المصري ومعاناته من جور الاحتلال الفرنسي , ولهذا هو طرق ابواب الكوميديا السوداء من خلال شخصية كشكش بيه , هذه الشخصية تعرضت لمواقف كوميدية لخفة نكاتها وسخريتها وانتقاداتها لبعض المواقف والتي يتم اسقاطات احداثها على الواقع السائد انذاك تحت ظل الاستعمار الانكليزي بعد الاحتلال الفرنسي , من خلال هذا الاسلوب استطاع الريحاني تسليط الاضواء على ماسات شعبه والسخرية من الواقع الماساوي الذي يعيشه , كمثل ذالك المثل , او بالحقيقة هي حادثة حدثت في تاريخ دولة معاصرة لا يعجبني ذكر اسمها حينما كان الشعب يتأوه ويحتج في مسيرة مناهضة ضد النظام الحاكم ويطالب برغيف الخبز . فاستقبلتهم رئيسة النظام مستفسرة عن طلباتهم وعن اسباب تظاهراتهم , فاخبروها انه يشكون من قلة الخبز , فاجابتهم على الفور . (طيب اذا خبز ماعدهم خل ياكلون كيك ) , ولهذا يعد الفنان نجيب الريحاني صاحب تجربة جديدة في المسرح الكوميدي الماساوي الساخر غرضه ليس الضحك فقط , وانما تسليط الضوء على ماساة الشعب باسلوب كوميدي استطاع من خلاله تحريك مشاعر واحاسيس جمهوره ولا سيما من خلال مسرحياته وافلامه التي اشتهر بها مثل , فيلم لعبة الست , وفيلم ابو حلموس , وفيلم سي عمر , وفيلم غزل البنات , وغيرها من الافلام التي كانت تعتمد على الكوميديا الماساوية .
اما الرمز في المسرح الكوميدي السوداوي , فكانت تعرض بعض الدايلوجات الحوارية والناقدة والساخرة والتحريضية في الوقت نفسه على احدى الشخصيات المهمة في الدولة , متناولين سيرته ومن خلال شخصية مسرحية رمزية ترمز اليه من خلال وجودها في النص, متناولين سيرته وشخصيته الكاريكاتيرية التي يرسمها المؤلف بحذلقة كوميدية ويساعد على تجسيدها المخرج حينما يجسد البعد الطبيعي ويكيفه لاستقبال الذم والنقد والحط من قيمته ومن شخصيته من خلال لمسات المخرج والتي تساعد على اثارة الضحك والسخط عليه في الوقت نفسه .
0 التعليقات:
إرسال تعليق