د. هدى وصفي: التجريب يغير خريطة المسرح
مجلة الفنون المسرحيةد. هدى وصفي: التجريب يغير خريطة المسرح
القاهرة - الخليج
الناقدة د. هدى وصفي إحدى الشخصيات التي أثرت في حركة المسرح المصري والعربي خلال الثلاثين عاماً الماضية، حيث كان لها دور بارز في حركة التجديد المسرحي في مصر من خلال إدارتها لسنوات لمسرح «الهناجر» و«المسرح القومي»، وقدمت جيلاً كاملاً من المبدعين، وقد حصلت على عدة جوائز عالمية منها وسام فارس من الحكومة الفرنسية، وكان آخرها جائزة الدولة التقديرية في الآداب.
* تجربتك في مسرح «الهناجر» من أهم التجارب في المسرح الحديث، كيف تقيّمين هذه التجربة؟
- يرى البعض أن التجربة لا تتصل بذات الإنسان وحده، وإن كانت تنبع منه أولاً، وتجارب الآخرين لا تجدي نفعاً، إن لم تكن لها الأثر الفاعل على ما يطلع على تلك التجارب، من هذا المنطلق حاول مركز «الهناجر» للفنون وخشبته المسرحية أن يضعا أمام «المجهر» الفني تجاربه باختلافها وتباينها ومحاورها المتنوع مع مختلف التجارب المسرحية.
يمنح مسرح «الهناجر» – عن وعي – الفنان المسرحي ترف التجريب، وثراء التناول وتعددية التأويل، وهو في ذلك كان يحتضن التجربة تلو الأخرى، التي يقوم بطرحها على الجمهور والنقاد، لاختيار جوهرها، ومسايرتها لذوق المتلقي من عدمه، وتضع على الجانب الآخر مداخل جديدة للرؤى المسرحية كي تعبر عن هموم الفنان ومشروعاته الجامحة أحيانا، وكذلك تضع أسسا لاختبار التيارات المسرحية الجديدة والتحاور معها.
آليات وتقنيات
* كنت أول من حاول إقامة الورش في مصر لتدريب المسرحيين الجدد على آليات وتقنيات العمل المسرحي، إلى أي مدى حققت هذه الورش الفنية المرجو منها؟
- هذه الورش لم تكن معملاً للتفريخ أو لتفجير جهود المبدعين فحسب، بل كانت محاولات للكشف عن المكنون فيهم، التجريب يعني – أيضاً – تغيير الخريطة الإبداعية المسرحية داخل مجموعات أو جماعات أو ورش، ومن هنا كان طرحنا لفلسفة الورشة في مركز «الهناجر»، إن الإجابة النظرية لم تعد أساس التجريب، بل إن سؤال الورش لا يتعلق بكيفية التعامل مع الكلمة، ولكن بكيفية التعامل مع العرض المسرحي.
وكان تعاملنا مع هذه الفكرة ليس باعتبارها ترفاً ثقافياً، وإنما بوصفها حاجة أساسية تعبر عن الرغبة الملحة لشباب المسرحيين، ممثلين ومخرجين ومؤلفين ونقاد ومهندسي ديكور، في تحصيلهم المعرفي والواعي بمفردات اللغة المسرحية، والسيطرة على أدواتها.
ولا نزعم أن الورشة المسرحية فكرة وليدة هذا المركز، أو أنها استكشاف جديد، وإنما هي تواصل لمشروع كان يتم تارة في فترات زمنية متباينة لمسرحنا ويتوقف تارة أخرى.
الإضافة أننا أخذنا على عاتقنا محاولة الاستعانة بخبراء عالميين في شتى مجالات العمل المسرحي، للإفادة من تجاربهم من ناحية، واستكشافاتهم الجديدة في عالم الفن المسرحي، وعندما يتعاملون مع الشباب من ناحية أخرى.
* منحت الفرق المسرحية المستقلة فرصة ذهبية للحضور على خشبة مسرح الهناجر «ما الذي دفعك لذلك، رغم أنك كنت تديرين مؤسسة فنية رسمية؟
- الفن كلٌّ لا يتجزأ، وأنا أخذت على عاتقي فكرة التجديد المسرحي – منذ البداية – ورأيت أن شباب المسرح المستقل – وقتها – لديهم القدرة على التجديد فأعطيتهم الفرصة، وقد تم ذلك عبر عدة مسارات: المسار الأول، زيارات فرق الهناجر المسرحية والتي تمت عند اشتراك هذه الفرق من شباب المبدعين في لقاءات مسرحية عربية ومهرجانات دولية لها أثر كبير في التعرف على ثقافة الآخر بإحداث حوار معه، وخلق نوع من التبادل بين مختلف التجارب المسرحية، وعبر هذا الحوار الفني تشكلت لديهم القدرة على تصنيف لتجربتهم المسرحية، وقد تم ذلك وفق حاجات كل فرقة من هذه الفرق.
أما المسار الثاني، الذي استفادت منه هذه الفرق المسرحية، فقد تم من خلال زيارات الفرق الأجنبية لمركز «الهناجر» لتقديم فنونها المسرحية، وتم المسار الثالث، من خلال اللقاءات مع أجيال مختلفة المناهج والتيارات والمدارس، وأعتقد أنه خلال الفترة التي أمضيتها في رئاسة مركز «الهناجر» نجحنا في العثور على هوية تختلف في المقصد والهدف عن هويات فرق الدولة المسرحية الأخرى حتى أكثرها طليعية وهو مسرح «الطليعة».
قامات
* لك – أيضاً – تجربة مهمة في إدارة المسرح القومي لسنوات، ما أهم ملامح هذه التجربة من وجهة نظرك؟
- المسرح القومي هو أهم المسارح العربية – على الإطلاق – بحكم التاريخ والتجربة، وبحكم القامات الفنية التي مثلت على خشبته، فرواد الفن في عالم العربي بدأوا من على هذه الخشبة ثم ارتقوا بعد ذلك سلم النجومية، وقد حاولت فترة إدارتي للمسرح القومي أن أعيد لهذا المسرح العريق جماهيريته، فبدأت باستعادة كبار النجوم ليمثلوا على خشبته مثل عزت العلايلي وحسين فهمي ومحمود ياسين وفاروق الفيشاوي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق