مسرحية للأطفال "الساعات الخمس " تأليف :عبدالله جدعان
مجلة الفنون المسرحيةالشخصيات:
1/الصياد
2/تاجر الذهب
3/الملك
4/الخازن دار
المنظر (( فضاء خال ))
الصياد[ممسك بيده قطعة من قماش ووضع بداخلها جوهرة،يتحدث مع نفسه،كما لا
يبالي للمارة أو من يعترض طريقه ] حمداً لله قد رزقني بهذه اللؤلؤة الكبيرة
الحجم![آهات وتمنيات] ربما السمكة الآن قد استوت من على نار الحطب،
زوجتي ميمونة حتماً تنتظرني الآن لتناول السمكة معاً! لكن هي من أرادت
أن أبيع اللؤلؤة في السوق وأصرت قبل أن نأكل.
[يصطدم بتاجر الذهب دون قصد]
تاجر الذهب/ ما بك أيها الصياد حماد؟.. على ما يبدو إن عقلك لازال عند
شاطئ النهر؟
الصياد[باعتذار] عفواً أيها التاجر غسان،صحيح إن عقلي قد ذهب من رأسي.
تاجر الذهب [باستغراب] خيراً ،ما بك؟
الصياد/ رزقني الله بصيد سمكةٍ كبيرة الحجم،وأردت بيعها في سوق السمك.
تاجر الذهب [قلقاً ينظر إلى خارج المسرح]اختصر يا حماد، الناس في سوق
الذهب ينتظرونني .
الصياد[يكمل حديثه ببطء دون مبالاة] كما قلت لك اصطدت سمكة كبيرة
تاجر الذهب[بانزعاج] نعم،كبيرة وأردت بيعها في سوق السمك،وما حدث؟
الصياد/ لكن زوجتي ميمونة رفضت بيعها وقالت لِم لا نشويها على نار الحطب
ونأكلها؟
تاجر الذهب/ فقط هذه كل الحكاية؟
الصياد/ كلا. في بداية الأمر رفضت ،لكن أولادي أخذوا يبكون ويولون ويصيحون:
نحن جائعون!؟.. نحن جائعون!؟
تاجر الذهب [بانزعاج شديد] وأكلتم السمكة ،وأنا ما علاقتي بك وبأولادك
وبالسمكة التي اصطدتها يا حماد.
الصياد/ كيف تقول لي هذا الكلام ،أنني لم أكمل حديثي بعد.
تاجر الذهب[يفقد صبره] آوه!! يا صبر أيوب،يا رجل لقد تأخرت على عملي كثيراً،
[يهم لترك المكان].
الصياد [يعترض طريق تاجر الذهب] إلى أين؟ بالله عليك أن تقف قليلاً وتنظر ما
أحمله بيدي؟
تاجر الذهب[ باستهزاء] ماذا تحمل بيدك. ربما سمكة صغيره تريد بيعها لي؟
الصياد[ يفتح قطعة القماش لتظهر اللؤلؤة الكبيرة ثم يعطيها للتاجر] هذه ما
أردت بيعها لك؟
تاجر الذهب [مذهولاً ممسك باللؤلؤة يحدق بها جيداً ثم يرفعها نحو قرص الشمس
وهو يزدرء ريقه غير مصدقاً ما تراه عيناه] الله! يا الهي!! إنها
لؤلؤه غريبة الشكل والألوان!! إنها لا تقدر بثمن.
الصياد/ أفهم من كلامك انك لا تستطيع شراءها؟
تاجر الذهب/ أجل يا حماد لا استطيع شراءها.
الصياد/ لماذا؟ أنني راضٍ بأي مبلغ من الدنانير أو الذهب ثمناً لها؟
تاجر الذهب / يا حماد اسمعني رجاءاً ،حتى لو أعطيتك دكاني ودكان جاري
وبيتي وبيت جاري لن استطيع دفع ثمنها.
الصياد/ إلى هذا الحد لا تقدر بثمن؟
تاجر الذهب / أجل،والله يا أخي إن ما تملكه لا يقر بثمن.
الصياد/ أرجوك أن تعرضها على الصاغة في السوق ،حاول من أجل أطفالي؟
تاجر الذهب [ لحظات صمت للتفكير] عندي لك حل !
الصياد[بلهفه] هيا قل لي بالعجل؟
تاجر الذهب / إن مولانا الملك له ولع خاص بالألماس والجواهر واللالىء لما
لا تذهب إليه وتعطيه اللؤلؤة؟
الصياد/ دون دنانير أو مقابل!؟
تاجر الذهب / يا غبي ، هو الملك وباستطاعته أن يأخذها منك دون مقابل،لكن
عندما تعطيها للملك سيفرح كثيرا وسيعطيك كيسا مملوء
بالدنانير أو الذهب!
الصياد/ إنها لفكرة صائبة،بعدها سأصبح غنياً وأترك مهنة الصيد،أنني أشكرك
من كل قلبي، لكنني سأتأخر على ميمونة وأولادي.
تاجر الذهب / وما قيمة عودتك إليهم ويداك فارغتان ؟
الصياد[كلام ممزوج بالبكاء] أنني جائع ،أنهم سيأكلون السمكة المشوية ولن
يتركوا لي سوى عظامها!
تاجر الذهب [موبخاً يضربه على كتفه] يا رب أعطني الصبر، يا أحمق ما ستأخذه
من مولانا الملك سيجعلك كل صباح ومساء أن تأكل خروفاً مشوياً
وليس سمكة [يخرج مسرعاً هازاً رأسه منزعجاً]
الصياد[ يتحدث مع نفسه] أجل.. أجل،خروف مشوي!! ما ألذ طعمه ساخناً مع
البصل ورغيفين من الخبز الحار المدهون بسمن الضان !
[يلتفت في الأرجاء] أين التاجر غسان!؟ لا يهم . سأذهب في الحال
إلى مولانا الملك. ((إظلام))
((إضاءة على كرسي الملك))
الملك/ ليدخل الرجل.
الصياد[يدخل خائفاً مرتبك وهو يقدم التحية للملك] طاب صباح مولانا الملك النبيل.
الملك/ أهلاً..أهلاً. ما أسمك؟
الصياد/ حماد يا مولاي.
الملك/ وما هي صنعتك يا حماد ؟
الصياد / صياد سمك.
الملك/ وما هي حاجتك؟
الصياد[يداه ترتجفان وهو يفتح قطعة القماش ليعطي للملك اللؤلؤة، ويتكلم بتلعثم]
إن مولانا الملك له ولع خاص بالألماس والجواهر واللالىء،لذا جئت بهذا
الهدية يا مولاي،خذ؟
الملك[يأخذ اللؤلؤة من يد الصياد،ينظر إليها وهو في غاية الفرح]الله! ما جملها!
أنني أشكرك على هذه الهدية أيها الصياد حماد، كم ثمنها؟
الصياد[ يكلم نفسه] دنانير فضية أم ذهبيه.
الملك/ماذا قلت؟
الصياد [يفز من غفلته] لاشيء، فالهدية لا تباع بثمن لمولاي الملك.
الملك/ أحسنت قولاً أيها الصياد الذكي،إن مثل هذه اللؤلؤة ما أبحث عنها ،
لا اعرف كيف اقدر أن أرد لك هديةً تساوي قيمتها[يفكر للحظات]
سأكافئك أكثر مما تتصور.
الصياد/ لك ذلك يا مولاي.
الملك/ سأسمح لك بدخول الخزانة الخاصة بي،وتبقى فيها لمدة خمس ساعات،
هل تكفيك تلك الساعات الخمس يا حماد؟
الصياد/ هل أقوم بتنظيفها يا مولاي؟
الملك[يضحك] لا تمزح يا حماد، ما قصدته هو أن تأخذ منها ما تشاء.
الصياد[مرتبكاً يكلم نفسه] آخذ منها ما أشاء!؟
الملك/ ما بالك أيها الصياد؟ هل هذا الوقت قليل،حسناً سنجعلها ست ساعات.
الصياد/ بل اجعلها ساعتان ،لأن ست ساعات كثيرة جداً[يكلم نفسه] عندها سوف
لا يبقى لي من السمكة إلا عظامها!
الملك/ لا تقلق ،خذ منها ما تشاء،فالخزانة مليئة بالذهب والدنانير والثياب
والقوارير والطعام والشراب [ينادي] أيها الخازن دار؟
الخازن دار [ يقدم التحية] أمرك كلاي؟
الملك/ أفتح خزانتي ودع الصياد حماد يدخل فيها لمدة خمس ساعات ويأخذ
منها ما يشاء.
الخازن دار/ أمرك مولاي.
[ يذهب حماد برفقة الخازن دار إلى الخزانة ليفتح بابها] هيا أدخل.
{الانتقال إلى داخل الخزانة وتتغير الإضاءة}
الصياد[يدخل بلهفة وذهول لا يعرف ماذا يفعل وما يأخذ من الأشياء التي بداخلها،
يقترب من كيس مملوء بالدنانير الذهبية ثم يضحك] أفرحي يا ميمونة
سأحمل لك هذا الكيس على ظهري،حتماً ستتوقع أنني أحمل كيساً
مملوء بالدقيق[ يترك كيس الدنانير،يقف بين أواني وقوارير ذهبية وفضية
يمسك بيده بعضاً منه،ثم ينظر إلى قطع من الأقمشة الحريرية الزاهية
الألوان]هذا ثوب لي وتلك لميمونة وهذه و هذه للأولاد ،شكراً لك يا رب على
[تقع عيناه على آنية مملوءة بأنواع الفاكهة ] سآكل حتى أملأ بطني حتى
استزيد بالطاقة التي تمكني من حمل أكبر قدر من الذهب والدنانير والحاجيات،
[يأخذ الآنية ويجلس على الأرض ويضعها في حضنه[ موز!؟تفاح!؟ برتقال!؟
لازال أمامي متسع من الوقت ،فخمسة ساعات في النهر توصلني إلى شاطئ
المدينة الأخرى[ يبدأ بالأكل على عجلة غير مصدق، وهو يقضم التفاحة
تقع عيناه على كرسي للمك] لماذا أجلس على الأرض لأجلس على الكرسي!
[يحمل الآنية المملوءة بالفاكهة ويجلس على الكرسي،يضخك وينادي]:
يا غلام أنني عطشان، أعطني كأساً مملوءاً بنقيع التمر[يضحك] وأريد خروفاً
مشوياً على النار؟[يتثاءب قليلاً] لما لا أنام قليلاً لأن ذلك يمنحني الطاقة التي تمكني من حمل كل تلك الأشياء التي سأنقلها على ظهري [يغط في نوم عميق]
{تتغير الإضاءة والانتقال إلى الحلم}
الملك[يقف مذهولاً يجثو على ركبتيه أمام الصياد الذي يجلس على الكرسي]
عفوك مولاي.
الصياد/ أصمت .لا تتفوه بأي كلام،خزانتك مليئة بالنقود والجواهر والذهب والعامة
من الناس يعيشون فيفقر وعوز وجوع!؟
الملك/ هل من المعقول أن أوزعها على الفقراء! ومن أين أعطي رواتب الجند ،
رواتب الخدم، إذا تعرضنا لحرب أو هجمات من دول مجاوره.
الصياد/ لا تبرر تلك هي أعذار.
الملك/ أمرك مطاع مولاي الملك.
الصياد/ أنت وحاشيتك ووزرائك تلبسون أغلى وأجمل الثياب ومن العامة من الناس
لا يملكون سوى ثوب واحد لفصلي الصيف والشتاء؟
الملك[ يهم للإجابة]
الصياد/ قلت أصمت،كل هذه الأموال تصرف على الثياب والطعام والشراب
والحفلات، كان الأجدر بك أن تكسي بها طرق المدينة المتكسرة.
الملك/ لماذا تعاملني بهذه القسوة ، هل نسيت أنني في يوم مما جعلتك تدخل
خزانتي وتأخذ منه ما تشاء؟
الصياد/ الساعات الخمس؟
الملك/ أجل، وأعطيتك أكثر من هذا الوقت لكنك رفضت، وحتى أردت ساعتان بدلاً
من الساعات الخمس.
الصياد / كفاك ثرثرة وتزويق ،لقد ولى زمانك، هيا قل لي، لماذا تستخدم الأرقام
الحسابية مع الناس في مدينتك؟
الملك[باستغراب]أنا!؟ كيف؟ لا افهم شيئاً مما تقول يا مولاي؟
الصياد/ تستخدم معهم :الجمع والطرح والضرب والقسمة؟
الملك/ أنا!
الصياد/ أجل أنت؟
الملك/ كيف؟
الصياد/ في الجمع ــ تجمع ما تستطيع من حولك وأن تعطيهم المناصب والأموال
وتكسر عيونهم بفضلك هذا عليهم؟
الملك/ لم يحصل هذا في حكمي أبدا!
الصياد/ كفى، أما الطرح ــ فهي تلك الفئة التي تظل على موقفها تجاهك وهم قلة
فتلجأ لطرحهم أرضاً بتلفيق التهم والقضايا ضدهم ليكون
مصيرهم السجن؟
الملك/ انك مخطئ ،لن ألجأ أبداً إلى هذه الطريقة البشعة.
الصياد/ انك تنكر،ما تبقى منهم وهم قلة القلة، فإذا خرجوا يهتفون وينددون فانك
تلجأ إلى العلامة الثالثة !
الملك/ العلامة الثالثة!؟
الصياد/ أجل، الضرب، ما تبقى لن يكون أمامهم سوى أن يخضعوا ويفلسفوا
عجزهم ولا حول سوى أن يقولوا:هذه قسمتنا بالحياة،ربنا على الظالم.
الملك[ يبكي ] والله لم يحدث بعهدي ما قلته.
الصياد/ غير صحيح انك أردت استخدام سياسة البيض المسلوق؟
الملك/ معاذ الله انك تقول ما ليس بثوبي من أفعال،أيها الصياد؟
الصياد/ صحيح ما تقول؟
الملك / لو عدت إلى الوراء، عندما أهديتني اللؤلؤة هل أخذتها منك بالغصب؟
ألم أكافئك بأكثر مما أهديتني إياه؟
الصياد[ مرتبكا] أجل ، صحيح أيها الملك.
الملك/ فالملك خادم لشعبه،أمين على خيراته،لأن غنى النفس خير من غنى المال
أيها الصياد الحالم.
الصياد [ بانزعاج] لا تقل صياد بل أنا الملك؟
الملك/ أنا الملك؟
الصياد[ يهم لرفع يده ليضرب الملك ،لكن الملك يمسك بالصياد من ياقة ثوبه
ويهزه بقوة عدة هزات] كفاك تجني عليّ وأصح من نومك أيها الصياد؟
{ يختفي الملك ، تتغير الإضاءة ، نهاية الحلم }
الخازن دار [ممسك بالصياد من ياقة ثوبه ويهزها وهو يصيح] هيا أنهض أيها
الصياد؟ ألا يكفيك ما نمت؟ لقد أنقضت الساعات الخمس التي
وهبها لك مولانا الملك
الصياد[ يفز من نومه] ماذا قلت ؟أنا الملك يا مغفل؟
الخازن دار / بل أنت المغفل [ يلكزه بعصاه] قلت هيا أنهض لأغلق باب
خزانة مولانا الملك؟
الصياد[يبكي و يولول] يا ويلتي ، لم آخذ الفرصة الكافية، لم أخذ أي شيء
من الخزانة.
الخازن دار /خمس ساعات وأنت داخل الخزانة ،لكنك قضيتها بالنوم، أفق هيا؟
الصياد[يصرخ بأعلى صوته] أين مولاي الملك الكريم النبيل؟ خذني أليه أرجوك.
{ تتغير الإضاءة ــ الانتقال من داخل الخزانة إلى كرسي الملك}
الملك/ ما بك أيها الصياد؟
الصياد/ عفوك مولاي أنقضت الساعات الخمس،ولم آخذ أي شيء؟
الملك/ حدثني الخازن دار بذلك، أكلت القليل ونمت الكثير ، كان باستطاعتك أن
تأخذ ما يحلو لك من النقود واذهب والحاجيات الثمينة الأخرى من خزانتي
وتشتري ما يحلو لك من الطعام والشراب ،لكنك على ما يبدو أحمق ومغفل
لا تفكر إلا في المحيط الذي أنت فيه ، هيا أخرج في الحال.
الصياد [يبكي ويخرج مهرولاً]
( تسدل الستارة )
0 التعليقات:
إرسال تعليق