أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 21 نوفمبر 2021

مسرحية " ميرا بهاي" تأليف حسام الدين شعبان عبد الرازق زايد

مجلة الفنون المسرحية



شخصيات المسرحية

كوكيلان: زهرة هندوسة الجميلة، تتميز بالبراءة والحُسن الشديد، طيبتها وعفتها لا مثيل لهما، يحبها الناس والطبيعة وكل ما في الكون، تتزوج محمد من هندومين المسلمين بعد حب شديد من الطرفين.
فيراد وأصدقاءه
1) فيراد: قائد عظيم ولكن الخمر والنساء يجعلانه يرتكب كل الموبقات.
ناهوشا وراهولا: أصدقاء فيراد المقربين، يطيعانه في كل شئ ولا يخالفانه فى أمر ويساعدانه بقوة في تكوين جماعة الأعوان.
الكاهن سوشين ومساعديه
1) الكاهن سوشين: كاهن الكهان، كان ملكاً وقائداً عظيماً، تنازل عن الملك لأخيه الأصغر لكي يعيش الزهد والورع، يمتاز بالحكمة والطيبة الشديدة والإخلاص لوطنه.
2) شرنجي: المساعد الأول لكاهن الكهان يتميز بالولاء الشديد للكاهن الأكبر.
3) كوش: المساعد الثاني للكاهن الأكبر، يتميز بالطيبة والإخلاص للكاهن الأكبر سوشين.
عشيقات فيراد
♦ يتميزن بالفتنة والإغراء والأنوثة الطاغية ..
فيشاخا: زوجة توشالا، كانت أحد أهم عوامل انحراف وضياع فيراد.
روهيني: زوجة باندو وأخت براديوتا عضوة جماعة الأعوان المخلصة وعشيقة مفضلة عند فيراد نظراً لأنوثتها الطاغية.
لاليتا: إبنة تاجر الجنوب الثري كومار، تخدع والدها من أجل البقاء مع فيراد في المعبد، تنضم لجماعة الأعوان وتصبح أحد وسائلها الغير شريفة لإجتذاب أعضاء جدد.
لونة: إمرأة متزوجة ورغم جمالها الشديد يريد زوجها أن يطلقها لعدم حدوث الحمل لها، يستغل فيراد سذاجتها ورغبتها في إنجاب طفل.
نساء من هندوسة
بوتانا: زوجة كهارا وابنة فيشال عضوة نشطة في جماعة الأعوان.
ثلاثة من النساء: يرغبن في الحمل أسوة بـ "لونة" ولا يعرفن كيف حملت.
رجال هندوسة
شاندار: كبير عائلة شاندار العظيمة، يقف في وجه فيراد ويمنعه من الاستحواذ الكامل على هندوسة، من أشد المخلصين للكاهن سوشين.
أكرورا: قائد حرس الغابة، من أشد المخلصين للقائد سوشين.
الملك ناندا: متواضع ومحب بشدة لشعبه، يستشير أخيه الأكبر سوشين في كل صغيرة وكبيرة.
توشالا: زوج فيشاخا، لا يعلم شيئاً عن عشقها لفيراد وسيرها في طريق الفساد.
كومار: تاجر الجنوب الثري، تخدعه ابنته من أجل أن تعيش مع فيراد في المعبد.
كهارا: زوج بوتانا عضوة جماعة الأعوان، يتعرض لخدعة من زوجته وفيراد من أجل الإنضمام للجماعة ولكنه يعود إلى رشده في النهاية وينضم لجيش سوشين.
فيشال: والد بوتانا.
باندو: يقع في حبال الفاتنة روهيني، التي تنجح في ضمه إلى جماعة الأعوان، ولكنه ينضم في النهاية إلى جيش سوشين.
براديوتا: أخو الفاتنة روهيني وعضو الجماعة الماكر.
باهوكا: طباخ وساقي الملك، يتميز بالطيبة الشديدة، يتعرض لمؤامرة خبيثة من فيراد وفيشاخا مستغلين طيبته وحسن نيته.
الشياطين
الشيطان ماهيشا: كبير الشياطين.
الشيطان سوباهو: مساعد ماهيشا.
عشرة من الشياطين يخدمون ماهيشا.

شخصيات فرعية
مجرم: يحاول قتل كوكيلان بالسهم ولكنه يفشل.
أعضاء من جماعة الأعوان بالزي الأصفر.
شباب من جماعة الأعوان متدربين على القتال.
شانور: عضو في جماعة الأعوان.
شاب: من جماعة الأعوان يتظاهر بالشلل لإثبات مقدرة فيراد الخارقة أمام العامة.
بنت صغيرة: تتظاهر بالعمى لإثبات قدرة فيراد الخارقة على شفاء المرضى.
جنود: من الهندوسة.
ملوك من المماليك الهندية.
شاهدان في محكمة فيراد، يشهدان بالزور لصالح الجماعة لأنهم عضوان فيها.
عدد من الشياطين المساعدين لفيراد.
عوام، خدم، عبيد ……
رجال هندومين، المسلمين
مُحمد: زوج كوكيلان، طويل ذو قدٍّ نحيل، دقيق وصدر عريض متين، ينطق وجهه بالنضارة والجمال الفائق، رومانسي، طيب، متسامح، محب للخير مثل أبيه عمر.
يُوسف: أخو محمد وابن عمر، يمتاز بالطيبة والتسامح مثل أخيه وأبيه.
عُمر: والد محمد ويوسف، يمتاز بالحكمة والطيبة الشديدة، صداقته مع الكاهن سوشين يُضرب بها المثل في الإخلاص والود.

إهــــــداء
أهدي هذا الكتاب .. 
إلى أمي وأبي وأخي، 
وأهديه إلى أعز شئ عندي أولادي، 
وأهديه إلى أصدقائي أسامة أحمد، فكري عمر، محمد فهيم.


مسرحيتي، كلها خيال في خيال، ولا تمت للواقع بأي صلة، ورغم محاولات الواقع المستميتة في إقحام نفسه في الأحداث إلا أنني كنت أطرده بكل قوة، ولكم كانت دهشتي عظيمة عندما وجدته في النهاية مختبئاً في هذا المشهد أو ذاك المنظر.

حسام الدين شعبان


المكان

هندوسة، وهندومين .. 
ممالك خيالية في الهند القديمة.


ديكور المسرحية
المعبد الرئيسي في مملكة هندوسة

الخلفية
الخلفية، صورة "رام" وهو التجسيد السابع للإله "فيشنو" عند الهندوس مع زوجته "سيتا" وأخويه "بهارات ولاكشمان"، عمود في أعلى يمين المسرح وعمود آخر في يسار المسرح. أمام الخلفية توجد مصطبة يبلغ ارتفاعها من خمسين إلى مئة سنتيمتر عليها تماثيل صغيرة ومتوسطة للآلهة الهندية المتعددة.

يمين المسرح
في مقدمة يمين المسرح توجد مصطبة، طولية، عليها حامل خشبي موضوعاً عليه كتاب ضخم، وضع خصيصاً للكاهن الأكبر لكي يُلقى منه المواعظ الدينية على الناس. في أعلى يمين المسرح يوجد مدخل يؤدي إلى حجرات داخلية في المعبد.

يسار المسرح
في مقدمة يسار المسرح، مصطبة طولية مفروشة يستريح عليها الكائن وأعوانه أحياناً في أعلى يسار المسرح يوجد المدخل الرئيسي للمعبد.


الفصل الأول - المشهد الأول
المنظر الأول
يقف الكاهن الأكبر سوشين ومعه مساعده الأول شرنجي في منتصف المسرح تماماً ثم يدخل المساعد الآخر كوش مذعوراً، هرج ومرج وصراخ خارج المعبد.
سوشين:
(مندهشاً) إيه يا كوش .. بتجري كده ليه ؟! وإيه الهرج والمرج دا كله ؟!
لا يستطيع كوش الرد من هول الموقف، ويشير إلى خارج المعبد فيبدو الإندهاش والذعر الشديدين على وجه سوشين وشرنجي حيث أن شيئاً ما يُلقى بكوكيلان على الأرض من ارتفاع غير كبير. تنهض كوكيلان وتنفض ملابسها وتضحك بطريقة هيستيرية وسط اندهاش الجميع.
سوشين:
إيه ده .. انتي راكبة على أسد يا كوكيلان ؟! دي حاجة غريبة وتجيب الجنان.
كوش:
دي الناس كلها كانت بتجري وهتموت من الخوف وهي راكبة عادي وبتضحك.
شرنجي:
دي حاجه أغرب من الخيال !
كوكيلان:
(تهدأ قليلاً) تخيلوا، الأسد طلع صاحبي، كنت خايفه في الأول لياكلني، لكن هو اللى أنقذني.
سوشين:
(بانزعاج شديد) هو اللى أنقذك؟
كوكيلان:
(تبدأ ملامحها في التغير إلى الحزن) أيوه هو اللي أنقذني (تتنهد وتصمت).
سوشين:
اتكلمي يا بنتي .. أنقذك من إيه ؟!
كوكيلان:
(يزداد حزنها) كان فيه ثلاث شباب خاطفني (تبكي) وكانوا عاوزين يعتدوا عليَّه، جه الأسد وبمنتهى الغضب وهجم عليهم وما سابش واحد فيهم حيّ، أنا قلت دا هيموتني أنا كمان، بس لقيته بينخ وعاوزني أركبه، ركبته وجابني هنا لحد المعبد.
سوشين:
(تبرق عيناه) مش قلت لكم قبل كده إن كوكيلان مباركة .. كوكيلان هايتعمل لها تمثال هنا في المعبد زي الطاهرة الشريفة سيتا.
شرنجي:
بس اللي حصل شئ خطير .. كوكيلان حلاوتها بتزيد ومفيش حد راضي يتقدم لها.
كوش:
أول مرة أشوف كده، واحدة جميلة وعفيفة وكل الشباب بيحبوها .. بس محدش عاوز يتجوزها .. خايفين ليموتوا، أسطورة ملعونة.
كوكيلان:
أنا ذنبي إيه ؟! جدي الكبير مات بعد ما اتجوز جدتي الكبيرة بسنتين وجدي برضوا مات بعد جوازه بسنتين وأبويا كمان مات بعد الجواز بسنتين .. يبقى أكيد اللي هايتجوزني هيموت بعدها بسنتين.
سوشين:
مفيش حاجه اسمها كده .. مفيش حد بيعرف هو هايموت امتى، دي مجرد مصادفة ملعونة.
شرنجي:
اللى أعرفه إن كوكيلان في خطر .. جمالها بيزيد والشباب نارها بتقيد.
كوش:
آه .. عاوزين يطولوها من غير جواز .. دى وقعه هباب وجاز.
سوشين:
(بغضب شديد) دي تبقى وقعتهم سوده .. بصي يا كوكيلان، أنا عندي بيت جميل هنا جنب المعبد وهو دلوقتي فاضي .. أنا معتكف في المعبد على طول، تعالي عيشي فيه وهاشوف لك خدامين يخدموكي.
كوكيلان:
(بحزن) إيه ؟! هاتحبس في البيت، دنا أموت فيها .. أنا بحب الناس والأطفال والطبيعة والحيوانات.
كوش:
دا الأطفال كلهم بيحبوها، دي لو غابت عنهم هتبقى مشكلة كبيرة.
شرنجي:
(مؤيداً) وما تنساش يا سيدي سوشين إن الآلهة حافظاها وراعياها.
سوشين:
(مستسلماً) خلاص يا شرنجي طالما انتوا شايفين كده مقدرش أقول حاجه رغم قلقي الكبير.

إظــــــلام

المنظر الثاني
سوشين جالساً على المصطبة، يمين المسرح، منتصب الظهر يقرأ في الكتاب الضخم على حامل القراءة الخشبي، فجأة، يقف ناظراً بذهول ناحية مدخل المعبد، يدخل شرنجي وكوش ومن وراءهم أربعة أشخاص يحملون سريراً معدنياً، نائمة عليه كوكيلان ويداها مكبلتين في الأعمدة الحديدية الرفيعة للسرير .. يذهب سوشين مسرعاً إليهم.
سوشين:
(بكل الدهشة والقلق) إيه اللي حصل لكوكيلان ؟!
يشير شرنجي إلى الأربعة من الخدم حاملي السرير بالانصراف بعد وضعه على الأرض.
شرنجي:
اتنين من الشباب رشّوا حاجة على وشها دوختها ونومتها وخدوها جوه بيت وربطوها في السرير عشان ما تقدرش تقاومهم وفجأة حصلت حريقه جوه البيت كل شئ اتحرق حتى الشابين ما قدروش يهربوا.
سوشين:
(مذعوراً) وكوكيلان ؟!
شرنجي:
كوكيلان قدامك أهي، هي وسريرها، النار مهوبتش ناحيتهم.
كوش:
مباركة .. مباركة .. محدش يقدر يمسها بأي سوء.
سوشين:
(وهو يكاد يبكي) أنا عارف إنها مباركة .. بس اللي بيحصل دا كتير قوي عليها.
شرنجي:
(بحزن) لو واحدة تانيه في جمالها، كان زمانها عايشة أحلى أيامها.
كوكيلان:
(تبدأ في استعاده وعيها) .. أنا فين ؟!
سوشين:
انتي هنا في المعبد يا بنتي.
كوكيلان:
(تنظر حولها بدهشة) إيه اللى نيمني كده ؟! (بريبة) وكمان مربوطة في السرير .. دا شئ خطير !!
سوشين:
شابين خطفوكي وربطوكي في السرير .. بس البيت ولع بيهم وانتي كالعادة الآلهة حامياكي وراعياكي ومفيش أي نار جت عندك انتي والسرير.
شرنجي:
انتي فعلاً مقدسة يا كوكيلان ومحدش يقدر يؤذيكي سواء كان إنس ولا جان.
يفكها سوشين من السرير وتقف بصعوبة ..
سوشين:
ورغم كده خايف عليكي .. جمالك سحر كل العيون وحالة الشباب وصلت للجنون.
شرنجي:
مش حرام الوردة الجميلة دي يحصل لها دا كله.
كوش:
أنا عندي فكرة كويسة .. ممكن تحل المشكلة دي كلها.
سوشين:
قول يا كوش وخلصنا.
كوش:
لو كوكيلان الجميلة عجبها حد تقول عليه واحنا نقنعه إن الأسطورة مش حقيقية وإنها كلام فارغ.
سوشين:
أيوه يا كوكيلان ... شوّرِي انتي على أي حد عاجبك وأنا أجيبه من رقبته .. دنا كاهن الكهان وأخو الملك وكنت الملك كمان.
كوكيلان:
مبحبش أي حد ولسه معرفش يعني إيه حب .. بحب الأطفال وبحب الطبيعة وبحب الناس كلها .. بس حب الست للراجل لسه ما جربتوش ودا كويس جداً لأني لو كنت حبيت حد كنت هاتعذب لأنه كان هيخاف يتجوزني عشان ما يموتش.
سوشين:
سيبك إنتي من الخرافة دي وأنا واثق إنك هاتحبي وتتحبي قريب قوي.
شرنجي:
دا يبقى يوم الهنا، لنا كلنا.
يتركهم سوشين فجأة ويدخل إلى داخل المعبد.
كوش:
هو الكاهن الأكبر دخل جوه ليه ؟!
يأتي سوشين من الداخل وهو يحمل لبس فارس.
شرنجي:
إيه ده يا سيدي سوشين ؟!
سوشين:
دا لبس فارس يا شرنجي.
شرنجي:
(مندهشاً) لبس فارس ؟! لمين ؟
سوشين:
لكوكيلان .. هايخليها في أمان .. مش هايظهر جمالها الفتان وهايبعد عنها كل متحرش جبان.
إظلام

المنظر الثالث
المسرح خال، صوت جلبة وضوضاء خارج المعبد، يأتي سوشين متبوعاً بكوش وشرنجي من داخل المعبد .. يدخل أربعة أشخاص وهم مُمسكين بشخص يبدو عليه الإجرام وتمشي بجوارهم كوكيلان وهي في زي الفارس وفي حالة بكاء.
سوشين:
(بمنتهى القلق) فيه إيه ؟ وبتعيطي ليه يا كوكيلان ؟!
كوكيلان:
(تشير إلى الرجل المكبل) الرجل المجرم ده رماني بالسهم ولولا ما جه في الحديده بتاع الدرع، كان زماني ميتة.
سوشين:
(بعصبية شديدة) إيه ؟! دنا هطير رقبتك .. يا مجرم يا جبان.
المجرم:
محصلشي يا سيدي الكاهن.
سوشين:
كوكيلان عمرها ما تكدب ولو متكلمتش حالاً هاشنقك على باب المعبد.
المجرم:
(يرتجف) هاتكلم حالاً .. بس أرجوك تسامحني .. كان غصب عني.
شرنجي:
بطّل رغي، اتكلم.
كوش:
انطق يا بني آدم.
المجرم:
بصراحة كل ستات وبنات البلد جُم الغابة واترجوني إني أرميها بسهم من سهامي اللي ما بتخيبش، كلهم غيرانين منها لأن عيون الرجالة وقلوبهم متعلقين بيها وما بيبطلوش تفكير فيها.
سوشين:
أنا عاوز أعرف بالضبط مين من الستات ولا البنات اللي جالك وأنا أعلقها من رقبتها.
المجرم:
كلهم .. ودفعوا كمان فلوس ودهب ولولي ومرجان عشان أخلص من كوكيلان.
سوشين:
(آمراً الأربعة رجال) خدوه من قدامي وحطوه في السجن على ما يبقى يتحاكم.
المجرم:
أرجوك سامحني .. مش هاعمل كده تاني.
سوشين:
(غاضباً) بقول لكم خدوه من وشي .. انتوا إيه ما بتسمعوش ؟!
يغادر الأربعة رجال المسرح ومعهم المجرم مكبلاً ..
كوش:
يوه !! دا الموضوع كبر قوي.
شرنجي:
معتش فيه مفرّ غير إن كوكيلان تقعد في بيت سيدي سوشين اللي جنب المعبد.
كوش:
ونعيِّن حراسة تحمي المعبد والبيت.
كوكيلان:
لا .. أرجوكم.
سوشين:
كوكيلان !! اسمعي الكلام يا بنتي، واضح جداً إنك شخصية مباركة .. الآلهة والطبيعة والمخلوقات بيحبوكي ولو جرى لك حاجة، اللعنات والكوارث هاتنزل علينا.
شرنجي:
أرجوكي يا بنتي تسمعي الكلام.
كوش:
على ما ييجي نصيبك وتفرحي وتفرحينا.
كوكيلان:
(على مضض) بس هاقعد شهر واحد على ما الأمور تهدأ.
سوشين:
(يكظم غيظه) حاضر يا بنتي .. اقعدي شهر واحد وأنا حاسس إن هيبقى فيه حل قريب قوي.
إظلام


المشهد الثاني
المنظر الأول
يدخل الثلاثة أصدقاء، فيراد وناهوشا وراهولا ..
فيراد:
(بحزن شديد) كانت أسعد لحظات حياتي لما اختاروني مساعد لقائد الجيش الأسبوع اللي فات.
ناهوشا:
مالحقتش تفرح بمنصبك الغالي يا فيراد .. انت واحنا اتفصلنا النهارده من الجيش.
راهولا:
معاك حق يا ناهوشا .. بس أنا من الأول عارف إن الخمرة هاتودينا في ستين داهية.
ناهوشا:
فعلاً يا راهولا .. وكله ولا فيشاخا اللي لقوها نايمة جنب فيراد في السرير.
راهولا:
أنا عمري ما شفت واحدة متجوزة تروح لضابط جيش في معسكره وتشرب وتسكر معاه دا ما بقاش جيش .. دا بقه ماخور.
ناهوشا:
هي السبب في الكارثة اللي احنا فيها.
راهولا:
يا سلام ! احنا بيها ومن غيرها بنشرب لحد ما بنبقى طينة.
ناهوشا:
(مخاطباً فيراد الحزين تماماً) انت جبتنا المعبد ليه يا فيراد ؟! يلا بينا نروح لبيوتنا.
فيراد في حالة حزن ووجوم وكأنه لا يسمع شيئاً.
راهولا:
آه، أنا فهمت، أكيد فيراد عاوز الكاهن سوشين يتوسط له عند أخوه الملك عشان يرجعه تاني الجيش.
ناهوشا:
(باندهاش شديد) الكاهن يتوسط له عند الملك ؟! انت بتخرف .. بتقول إيه يا راهولا .. دي حاجه مش معقوله.
راهولا:
انت ناسي إن سوشين كان هو الملك، وإنه كان أعظم ملك في تاريخ هندوسة وإنه هو وأخوه الملك بيحبوا فيراد ودايماً يعطفوا عليه هو وأهله.
ناهوشا:
فعلاً معاك حق، بس اللي أنا مستغرب له إن سوشين يسيب ملك عظيم وقصور وجواري حسان ويعيش حياة النساك والرهبان .. دا شئ يجيب الجنان.
راهولا:
دا ساب مراته وابنه كمان، خايب .. دا لو أنا كنت هقضيها خمرة ونسوان.
فيراد:
(ينتبه لكلامهم) أنا مستغرب أنا كمان .. دا ساب الخير كله وعاش حياة الزهاد، وبيصوم بالكام يوم وإذا أكل بياكل حاجات بسيطة جداً .. وبيبات في الغابة هو وباقي الكهان يتعبدوا من غير زاد ولا طعام.
راهولا:
دا شغل جنان في جنان، ساب كل حاجه لأخوه الصغير ناندا والمشكلة إن ناندا بييجي ياخد رأيه في الكبيرة والصغيرة.
فيراد:
فعلاً، الكاهن سوشين هو الحاكم الفعلي، بس عايش زي الغلبان.
ناهوشا:
وجاله قلب يسيب العز دا كله، الجواري الحسان والدهب واللولي والمرجان.
راهولا:
مسكين، غلبان، دا بيقعد من غير أكل بالسبع تيام.
ناهوشا:
بس شكله مش هنا دلوقتي يلا يا فيراد نروّح بيوتنا وبعدين نبقى نيجي في أي وقت تاني.
راهولا:
أنا سمعت إنه بيروح يتعبد في الغابة .. تحت شجرة التين الكبيرة هو والاتنين المساعدين بتوعه.
فيراد:
(وهو يكاد يبكي) روّحوا انتوا، أنا مقدرش أروح خالص عند أبويا وأمي، دنا لسه مبشرهم من كام يوم إني بقيت مساعد القائد أقوم أروح لهم الليلة وأقول لهم إني ضيعت كل حاجة بسبب الخمرة والنسوان .. مستحيل أروح مهما كان.
ناهوشا:
ليك حق تزعل، مرتبك الكبير معيشهم أحلى عيشة وملهمش أي مصدر غيره .. بس ما تنساش إن الكاهن الأكبر وحتى الملك بيحبوك ودايماً يعطفوا عليك انت وأهلك ، كل شئ هايتحل بس الكاهن سوشين يظهر.
فيراد:
إمشوا انتوا وأنا هنام هنا للصبح لحد ما يظهر أو أشوف هو راح فين وأروح له.
راهولا:
طيب احنا هانمشي دلوقتي وهانيجي نطمن عليك بكره بس خليك فاكر إن الموضوع سهل وهايتحل بسهوله .. سلام.
فيراد:
سلام.
يغادر راهولا وناهوشا المعبد ويبقى فيراد وحيداً .. يتجه فيراد ناحية المصطبة المفروشة، يسار المسرح، وينام عليها ثم يغطّ في النوم سريعاً من أثر الإرهاق.
إظلام قصير
حلم فيراد
حفل كبير، ترقص الكثير من الجواري الحِسان على أعزب الألحان، يدخل فيراد في زي ملك، يدخل مرفوع الرأس، يذهب إليه في الحال الشيطان ماهيشا ومعه مساعده سوباهو .. يُعطي ماهيشا لفيراد صولجان المُلك، ذهبيّ اللون، يقبل ماهيشا يد فيراد ويمسح جبهته بيده، يقوم أيضاً سوباهوه بتقليد رئيسه .. يقف فيراد بكامل العظمة، ثم تأتي الجواري والفتيات الحِسان فيقبلن يد فيراد ووجنتيه.
انتهاء الحلم
إظلام قصير
يدخل الكاهن الأكبر ومعه شرنجي وكوش فيتفاجئوا بفيراد نائماً على المصطبة وهو يحلم بسعادة ويضحك ويقرقر.
سوشين:
(يوقظه) اصحى يا فيراد ! إيه اللي نيمك هنا؟
فيراد:
(يستيقظ بصعوبة) سيدي الكاهن الأكبر !! أنا آسف .. أنا جيت هنا إمبارح بالليل بس إنتوا مكنتوش موجودين فقررت أستنى لأني في ورطة حقيقية ومحدش هايقدر يخرجني منها غيرك.
سوشين:
(بقلق) ورطة ؟! احكي لي يا فيراد انت عارف إن أنا بعزك وأقدرك ومش هتأخر عنك في أي مساعدة.
فيراد:
أنا بعد ما اترقيت وبقيت مساعد قائد الجيش، اتفصلت وانطردت.
سوشين:
(بانزعاج كبير) إزاى الكلام ده ؟!
فيراد:
أنا اللي غلطان، الخمرة بقت عندي إدمان، بشربها في أي مكان وزمان, دي حاجة ما ترضيش إنسان، فما بالك بجيش .. يعني انضباط والتزام.
سوشين:
(بعطف كبير) ما تقلقش يا فيراد، انت قائد حربي ممتاز، والملك جاي يحضر الدرس الديني دلوقتي وهاكلمه عشان يرجعك الجيش تاني.
فيراد:
أنا مش عاوز أرجع دلوقتي، أنا عاوز أفضل معاك هنا شوية لحد ما أتعلم الزهد والورع والسيطرة على النفس.
سوشين:
تمام، كل طلباتك مجابة يا فيراد. كوش ! شرنجي ! خدوا فيراد جوه ولبسوه لبس الكهنة وجهزوا المكان عشان الدرس الأسبوعي، الملك زمانه جاي.
إظــــلام
المنظر الثاني
على المصطبة المخصصة لذلك، يمين المسرح، يجلس سوشين منتصب الظهر، يتلو من كتابه الموضوع على حامل خشبي، يجلس الملك شرنجي، كوش، فيراد، وبعض العامة على سجادة موضوعة على الأرض ومواجهة للمصطبة.
سوشين:
(قارئاً من الكتاب) أتبرأ من جميع رذائل القول الكاذب الناجم عن الغضب أو الجشع أو الخوف أو الفرح، لن أنطق بالكذب، أنا نفسي أو أتسبب بدفع الآخرين إلى ذلك ولا أوافق على قول الكذب من قبل الآخرين، أتبرأ من أخذ أي شئ لا يخصني ولا أوافق على قيام أحد بذلك.
يقف الكاهن الأكبر فينهض الجميع واقفين.
سوشين:
انتهينا اليوم من الدرس الأسبوعي، ونلتقي الأسبوع القادم.
يدخل الكاهن والحضور إلى داخل المعبد ويتبقى الملك ناندا وفيراد في زيه الكهنوتي.
الملك:
(متعجباً) فيراد !! آخر حاجة كنت أتوقعها إني أشوفك هنا بالزي الكهنوتي بعد ما كنت عندك الأسبوع اللي فات في معسكر الجيش وكنت انت بتتكرم عشان الترقية، إيه اللي حصل يا راجل ؟!
فيراد:
(بحزن شديد) الخمرة، بقيت سكر عربيد، مش قادر أسيطر على نفسي، وعشان كده فصلوني وأنا لسّه مترقي.
الملك:
أنا ممكن أتوسط لك حالاً، إنت ضابط كفء ومقاتل عظيم.
فيراد:
أنا محتاج الأول أتعلم ضبط النفس والزهد والورع عند الكاهن سوشين، بعد كده هارجع بكل حماس وأدافع عن وطني بكل إجتهاد.
الملك:
وأنا عاوزك تطمن يا فيراد، لحد ما توصل للي انت عاوزه مرتبك ماشي زي ما هو، أنا عارف إن والدك ووالدتك ما يقدروش يستغنوا عنه ولو لشهر واحد.
فيراد:
(ينحني ويقبل يده) أنا وشعب هندوسة عمرنا ما هاننسى عطفك وكرمك علينا.
الملك:
اسمع يا فيراد، أنا بوزع طعام وملابس على كل أبناء هندوسة المحتاجين وعاوزك تساعدني في المهمة دي.
فيراد:
أنا رهن إشارتك يا مولاي.
الملك:
أنا هاخدلك إذن من الكاهن الأكبر، بس خللي بالك، المهمة دي ممكن تاخد لها شهرين.
فيراد:
حتى لو هتاخد لها سنتين، أنا تحت أمرك يا مولاي.
الملك:
ما تقلقش، مرتبك وعليه زيادة كبيرة هيروحوا لأسرتك كل شهر، دا غير إنك هاتطلع بمبلغ كبير قوي لو أديت المهمة بنجاح.
فيراد:
دا عطف وكرم كبير منك يا مولاي، وصدقني هبذل كل مجهودي لإنجاح المهمة.
الملك:
أنا واثق إنك هاتنجح، تعالى يلا ندخل لكاهن الكهان ناخد الإذن ونمشي أوام.
يدخل الملك وفيراد إلى الحجرات الداخلية للمعبد، يأتي شرنجي وكوش من داخل تلك الحجرات، من ناحية اليمين.
شرنجي:
هو الشيخ عمر لسه ما وصلش؟
كوش:
زمانه جاي، إنت عارف إن مملكة هندومين جنبنا على طول، كل اللي يفصلنا عنهم النهر.
شرنجي:
بس ما تنساش إن إحنا هندوس وهمه مسلمين.
كوش:
بس همه إخواتنا وكويسين.
شرنجي:
فعلاً، وبيعطونا اللي محتاجينه وبنعطي لهم اللي عاوزينه.
يأتي الملك و سوشين وفيراد من داخل المعبد.
سوشين:
أنا عاوزك تشرفنا كده يا فيراد وتكون مثال للشخص الصبور المطيع.
فيراد:
أنا بجد عاوز أكفر عن كل سيئاتي وأعمل حاجه لبلدي ومن أي موقع.
سوشين:
بالتوفيق يا فيراد يا بني.
الملك:
إحنا هانمشي دلوقتي عشان ورانا حاجات كتير.
سوشين:
مع السلامة.
الملك:
مع السلامة.
يخرج الملك ناندا مع فيراد.
سوشين:
(مخاطباً معاونيه) هو لسه الشيخ عمر ما وصلش هو وولاده؟
شرنجي:
زمانه على وصول.
يدخل الشيخ عمر ومعه ولديه محمد ويوسف، حاملين الكثير من الهدايا.
سوشين:
إتأخرتوا ليه ؟! قلقتونا عليكم.
يسلم سوشين بحرارة على الضيوف، ثم يسلم الثلاثة بحرارة على شرنجي وكوش.
سوشين:
إيه الحاجات اللي معاكم دي كلها ؟
عمر:
دي شوية هدايا بسيطة كده ليكم إنتوا الثلاثة، بس الكاهن الأكبر ليه النصيب الأكبر.
سوشين:
يا أخي قلت لك ميت مرة بلاش تتعبوا نفسكم، إحنا كفاية علينا بس نشوفكم.
عمر:
تعبكم راحة، كفاية استقبالكم وبشاشة وشوشكم.
سوشين:
طب يلا يا عمر الأكل هايبرد تعالوا يلا نتغدى ونشرب الشاي جوه.
عمر:
معلهش يا كوش، انت وشرنجي هاتروحوا الأول مع يوسف يوصل البضاعة وبعدين ابقوا تعالوا اتغدوا براحتكم.
سوشين:
ما تسيب يوسف ياكل لقمة الأول يا شيخ عمر.
يوسف:
معلهش يا عم سوشين، البضاعة قدام المعبد، هانوزعها على التجار ونيجي أوام.
سوشين:
طيب يلا يا شرنجي انت وكوش خليكوا مع يوسف ما تسيبوهوش.
يخرج شرنجي وكوش ويوسف ..
سوشين:
يلا يا شيخ عمر، هات ابنك وتعالى نتغدى ونشرب الشاي جوه.
يدخل الثلاثة إلى الحجرات الداخلية للمعبد، فور دخولهم -تدخل كوكيلان- إلى المعبد الناحية الأخرى وهي في حالة نفسية سيئة، تجثو على ركبتيها موجهة ناظريها ناحية الآلهة ثم تبسط كفيها وتترنم بكلمات غير مفهومة، لا تلاحظ دخول ناهوشا وراهولا.
ناهوشا:
ولا يا راهولا .. كوكيلان أهي بتصلي.
راهولا:
ياه !! دي جميلة قوي ولذيذة قوي ..
ناهوشا:
دي أجمل بنات هندوسة، وروحها جميلة وبريئة .. فيراد كان نفسه فيها بس معرفش يوصل معاها لأي حاجة.
راهولا:
فيراد وقّع ستات كتير، بس فشل مع كوكيلان، أول مرة أشوف واحدة مؤدبة بالشكل ده.
ناهوشا:
بصراحة لما بشوفها بنجذب ليها قوي .. نفسي مرة تعبرني أو حتى ترد عليّه أنا بحبها قوي قوي (يقترب من كوكيلان) بتصلي ليه يا كوكيلان ؟! عيشي شبابك واتمتعي بيه.
لا تنتبه كوكيلان إلى كلام ناهوشا فيجذبها من ذراعها فتنتبه.
كوكيلان:
انت مش شايفني بصلي ؟! بتشدني من دراعي ليه ؟
ناهوشا:
تصلي؟! الجميلات اللي زيك متمتعين بحياتهم، مفيش واحده فيهم بتصلي أو بتقرب من المعبد حتى.
يظهر محمد قادماً من داخل المعبد ولكنه يتوارى ليتابع الموقف عن بُعد.
كوكيلان:
(ببراءة) والجميلات متمتعين بحياتهم إزاي .. ممكن تعرفني ؟!
ناهوشا:
تعالي معانا، هانلعب في الغابة ونستحمى في النهر واحنا هانعرفك المتعة اللي على أصولها.
راهولا:
دا انتي حكاية وجمالك آية.
ناهوشا:
لولا الخرافة الملعونة كنت إتجوزتك حالاً لكن ما باليد حيلة، مفيش قدامنا غير اللعب (يغمز بعينيه) والمتعة (يقترب منها بقوة).
كوكيلان:
(تتراجع للوراء مذعورة) انتوا إيه حيوانات ؟! أنا عُمر ما حد هايلمسني إلا جوزي .. وبصراحة عمري ما اوافق إني أتجوز حد فيكم.
ناهوشا:
(يهجم عليها ويحاول أن يجذبها إليه بقوة) يلا بقه يا كوكيلان بهدلتينا وخليتي حياتنا جنان.
يبدأ محمد في التدخل ..
محمد:
فيه إيه يا جدع إنت وهو، لا في نخوة ولا مِروّة ؟!
ناهوشا:
(مستهزئاً) وتطلع مين إنت كمان ؟! تكونشي أخو كوكيلان ؟!
محمد:
أنا خطيبها ..
تنظر إليه كوكيلان بدهشة عظيمة ولكن نظراتها تحولت إلى نظرات إعجاب؛ حيث شعرت أن شيئاً قد مسّ قلبها .. 
ناهوشا:
إنت إتجننت يا بني ؟! مش خايف لتموت بعد ما تتجوزها ؟!
محمد:
لا مش خايف.
راهولا:
آه ! إنت واد خبيث، إنت خطبتها عشان تهيص لك شوية وبعدين تنفد بجلدك قبل الجواز بعد ما تاخد اللي انت عاوزه يا لئيم.
ناهوشا:
يا بن اللعيبة !! دا انت واد جامد، بس احنا أجمد منك وهناخدها معانا دلوقتي.
يهجمان عليها ويحاولان أخذها بالقوة، ولكن محمد يتصدى لهم وتنشب معركة حامية ينتصر فيها محمد انتصاراً واضحاً ويهرب على إثرها ناهوشا وراهولا .. 
يأتي سوشين والشيخ عمر من الداخل بعد سماعهم الضوضاء والجلبة ..
سوشين:
إيه ؟! فيه إيه يا محمد يا بني ؟ إنت كنت بتتخانق ولا إيه ؟
محمد:
أيوه .. كان فيه شابين بيحاولوا يخطفوا الشابة الجميلة دي ورغم إني قلت لهم إني خطيبها، إلا إنهم هجموا عليها وكانوا عاوزين ياخدوها بالقوة .. بس ضربتهم وأدبتهم وهربوا بسرعة زى الفيران.
سوشين:
برافو عليك يا بطل .. إنت أنقذت زهرة الهندوسة الجميلة واللي هاتبقى خليفة سيتا في إخلاصها ووفائها، بس يا خسارة الخرافة المنحوسة بتطاردها في كل مكان، جدتها الكبيرة وجدتها وأمها اجوازهم ماتوا بعد سنتين من الجواز وعشان كدها كل الشباب خايفين يتقدموا لها رغم إنهم بيحبوها وهايموتوا عليها.
عمر:
دول عقلهم صغير قوي، كل إنسان مكتوب له عُمْر محدد .. الستات والشباب والجواز ملهمش دعوة بالأعمار خالص.
محمد:
الحمد لله .. أحمدك يا رب إنهم عملوا كده.
سوشين:
(مندهشا) بتقول إيه يا محمد يا بني، حرام عليك دي بنت مسكينة.
عمر:
(يضحك) محمد مش قصده كده يا سوشين، دا ابني وأنا عارفه.
محمد:
طب وإيه رأيك يا والدي ؟
عمر:
ودي عاوزة كلام يا بني، دي حاجة حلوة قوي، وأنا موافق من كل قلبي، بس الملك وبنته هايزعلوا.
سوشين:
انتوا بتقولوا إيه ؟! أنا مش فاهم حاجة.
عمر:
يوسف، ابني متجوز بنت الملك الكبيرة والبنت الصغيرة متعلقة بمحمد وعاوزة تتجوزه.
سوشين:
مش خايف يا بني للملك يغضب عليك أو حتى يغضبوا على يوسف ويبهدلوه.
عمر:
لا .. الملك بتاعنا عادل ومحترم وعمره ما يغصب حد على حاجة .. هي بس بنته هاتقعد تعيط لما تعرف إن محمد هايتجوز.
سوشين:
وهو محمد هايتجوز ؟! كده من غير ما تقول لي يا راجل يا طيب .. هي دي برضه آخرة صداقتنا ؟!
يبدو الحزن الشديد على وجه كوكيلان ..
عمر:
ما تفهم بقه يا سوشين، هو بيطلب منك إيد العروسة الحلوة دي.
يتبدل حال كوكيلان إلى الفرح الشديد ولكنها تتمالك نفسها ..
سوشين:
دلوقت بس فهمت كلامكم يا عفاريت .. أنا عن نفسي موافق وأنا أضمنها لك بقلبي وعينيه.
كوكيلان:
مستحيل أوافق .. مستحيل.
سوشين:
مستحيل ليه يا بنتي، مش عاجبك؟
عمر:
لو مش عاجبك قولي ومش هانزعل لأن كل شئ قسمة ونصيب.
كوكيلان:
هو انت مستغني عن ابنك ؟! لو اتجوزني هيموت بعد سنتين، حرام دا شاب جميل ومحترم وأصيل.
محمد:
خلاص، أنا هدخل أجيب السكينة وأموت نفسي لو هي موافقتش عليّه وهيكون ذنبي في رقبتك يا كوكيلان.
يتظاهر بالذهاب إلى الداخل لإحضار السكين دون تدخل الكاهن أو عمر.
كوكيلان:
استنى .. أرجوك.
محمد:
(يتظاهر بالحزن) أستنى .. أستنى ليه ؟!
كوكيلان:
ما تموتش نفسك أن خلاص موافقة أتجوزك.
محمد:
(متصنعاً الحزن) انتي بتقولي كده عشان مموتش نفسي، بس إنتي فعلاً من جواكي مش عاوزاني ولا بتحبيني.
كوكيلان:
بالعكس، أنا قلبي دق أول ما شفتك، أنا أول مرة أحس إن أنا مستريحة لحد، شعور جديد قوي في حياتي.
عمر:
شوف الواد خلاها تعترف بكل حاجة.
سوشين:
مكار زي أبوه.
عمر:
يا بنتي، أنا أبوه وبقول لك، إن أنا مش خايف على ابني لو اتجوزك، وحتى 
لا قدّر الله لو جرى له حاجة .. مش انتي اللي هاتكوني السبب، الأعمار بيد الله وملناش أي دخل فيها.
محمد:
وبعدين انتي اللي يعيش معاكي يومين مش سنتين يبقى دخل الجنة، بس أنا أعيش معاكي سنتين وبعدها أموت والله ما هبقى زعلان.
كوكيلان:
بعد الشرّ عليك، إياك تجيب السيرة دي.
سوشين:
(لنفسه) لاعيب كبير زي أبوه .. (مخاطباً كوكيلان) خلاص بقه يا كوكيلان .. هانعلن للناس والعوام إنك اتخطبتي لفارس الفرسان. 
محمد:
قولي موافقة بقى يا كوكيلان.
كوكيلان:
موافقة وأتمنى إنك تبقى في خير وأمان.
سوشين:
هاتعدي وهاتبقى تمام.
محمد:
هتجوز كوكيلان، دا شئ ولا في الأحلام.
عمر:
ما شاء الله كان.
إظلام

المنظر الثالث
تدخل كوكيلان ومحمد وهما يلهثان، يجلسان على الأريكة المفروشة في مقدمة يسار المسرح.
محمد:
حرام عليكي يا كوكيلان نلف البلد كلها على رجلينا.
كوكيلان:
(تُخرج منديلاً وتمسح عرقه) معلهش يا حبيبي، كنت متغاظة منهم قوي، وكنت عاوزة أغيظهم إني اتخطبت لأجمل وأحسن إنسان في الدنيا.
يشير بيديه وهو يتكلم فترتطم في الحائط فتؤلمه قليلاً .. تأخذ كوكيلان يده وتلثمها.
محمد:
يا رب، يا رب ده كتير عليّه، جمال وأخلاق وحنيّة، إنتي إنسانة بجد ولا انتي أجمل حورية ؟!!
كوكيلان:
(تُخرج مشطاً وتسرّح له شعره) أنا مش عاوزاك تغير التسريحة اللي أنا عاملاها لك.
محمد:
(وهو مستسلم لها تماماً) حاضر .. بس الدلع ده كتير عليّه.
كوكيلان:
كتير .. هو انت لسه شفت حاجة يا مولاي.
محمد:
مولاي ؟!
كوكيلان:
أيوة مولاي، ملكي المتوّج ,أنا جاريتك المخلصة.
محمد:
لا .. أنا خادم غلبان لمولاتي كوكيلان.
كوكيلان:
لا، انت مولاي.
محمد:
لا، انتي مولاتي.
يبدأ استعراض راقص عاطفي، شديد الرقة والعذوبة على أنغام إحدى الأغنيات الهندية الرومانسية في نهاية الاستعراض يحملها محمد على ذراعيه ويهم بتقبيلها، يأتي سوشين وعمر فينزلها محمد ويُخرج حرجاً شديداً هو وكوكيلان.
عمر:
عاوزين نفرح بيكم بقه يا ولاد،  انتوا مستنيين إيه ؟!
سوشين:
في رأيي، الفرح يبقى الخميس الجاي، بس على شرط.
عمر:
أشرط زي ما انت عاوز، كل طلباتكم مُجابة.
سوشين:
إنهم يقضوا شهر العسل في بيتي الجميل اللي جنب المعبد.
محمد:
موافقين يا عمي سوشين.
كوكيلان:
وفيه حاجة كمان، نعيش شوية في الهندوسة وشوية في الهندومين.
عمر:
وماله، احنا أصلاً عاملين كده في حياتنا، دا مفيش بين البلدين غير النهر.
سوشين:
خلاص، طالما متفقين على كل حاجة، يبقى الفرح الخميس الجاي.
محمد:
الله أكبر، أنا بشكرك يا عم سوشين، أنا بشكرك يا والدي، دا أسعد يوم عندي.
إظلام

المشهد الثالث
المنظر الأول
فرح كوكيلان ومحمد
فرح جميل، كوكيلان ومحمد يشاركان الراقصين والراقصات الرقص، ورود تُنثر في كل مكان، السعادة بادية على وجوه الجميع.
إظلام
المنظر الثاني
يدخل محمد المعبد ومعه صينية أكل ويضعها على المصطبة يسار المسرح، يأتي سوشين من داخل المعبد.
سوشين:
إيه اللي مصحيك بدري يا عريس ؟!
محمد:
بصراحة احنا لسه ما نمناش، نهارنا ليل وليلنا نهار، وبصراحة كوكيلان اقترحت إن احنا نيجي نفطر معاك وخصوصاً إن احنا بقالنا أربع أسابيع مخرجناش ولا شفنا حتى الشارع.
سوشين:
طب وإيه الأحوال ؟!
محمد:
عال العال، سعادة ونعيم مكانوش على البال.
تدخل كوكيلان وتفرش ملاءة كبيرة على الأرض.
كوكيلان:
هات يا محمد صينية الأكل عشان سيدي الكاهن يفطر معانا.
سوشين:
أنا صايم يا ولاد، معلهش أهي الأيام جاية كتير، أنا هدخل أعمل لكم الشاي اللي بتبحوه.
يدخل سوشين إلى داخل المعبد، ويهم محمد بالأكل ولكنها تمنعه وتبدأ هي بإطعامه.
كوكيلان:
قلت لك ميت مرة، أنا اللي هأكلك بإيديه، ولمّا إنت تخلص هبقى آكل أنا.
محمد:
أنا اللي هأكلك وأبقى آكل أنا في الآخر.
كوكيلان:
لا، انت الراجل وهتاكل الأول.
محمد:
يعني عشان الراجل، آكل أنا وأسيبك جعانة ؟!
كوكيلان:
ومين قال إني جعانة، طول ما انت قدام عينيه وأنا شبعانه وفرحانه.
محمد:
طب بعد الكلمتين الحلوين دول أنا اللي هأكلك.
كوكيلان:
تبقى مش عاوز تاكل من إيدي.
محمد:
أنا ؟! طب، أنا عندي حل كويس، انتي تأكليني وأنا أأكلك.
كوكيلان:
موافقة، إذا كان دا يرضيك.
يتبادلان إطعام بعضهما حتى يدخل سوشين حاملاً الشاي ويضعه أمامهما كأنه نادل في مطعم .. ثم يجلس بجوار محمد.
سوشين:
هاتروحوا الهندومين امتى يا ولاد ؟
محمد:
بعد يومين يبقى عدى شهر بالتمام والكمال، هانروح الهندومين شهر وبعدين هانيجي هنا تاني وهكذا.
سوشين:
تروحوا وترجعوا بالسلامة، ومش هاوصيك على كوكيلان، زينة الصبايا الحِسان.
محمد:
إنت عارف يا عمي سوشين إنها في القلب ونني العين.
سوشين:
أنا عارف والله يا محمد يا أصيل يا إبن الأصيل، أما أقوم أجيب لكم شوية فاكهة من الجنينة بتاعتي اللي قدام المعبد.
ينهض سوشين وعندما يهم بالخروج من الباب يُصاب بالفزع فجأة ..
سوشين:
(مفزوعاً) إيه ده؟! تِعبان شكله مرعب قوي بيطارد حيّة شكلها جميل، لونها أخضر وعينيها خضرا وراحوا هناك ورا الشجرة.
ينهض محمد وكوكيلان بسرعة لمتابعة الموقف.
محمد:
دا تِعبان وحش قوي، تعبان مغبر ومعفر وعمّال يخنفر.
كوكيلان:
(تقف أمام محمد لتحميه) دول جايين علينا .. أنا أفديك بحياتي يا محمد يا حبيبي.
سوشين:
متخافيش يا كوكيلان، عمرهم ما يدخلوا المعبد، إيه ده، دي الأفعى بتبص لك يا محمد بصّات توسل زي ما يكون بتترجاك عشان تنقذها.
كوكيلان:
ملكش دعوة يا محمد، أرجوك ما تتدخلش.
محمد:
ما اتدخلش إزاي؟! لازم أنجّي الحيّة.
كوكيلان:
(وهي تكاد تنهار) أرجوك يا محمد ملكش دعوة.
سوشين:
متخافيش يا بنتي، خد يا محمد الحجر اللي قدام المعبد واضرب بيه التعبان.
كوكيان:
لأ يا محمد، أرجوك خليك بعيد.
يخرج محمد إلى خارج المعبد ويتكلم من الخارج.
محمد:
استني بس يا كوكيلان متخافيش كله هيبقى تمام.
الكاهن:
عفارم عليك يا محمد، الحجر جه في دماغه تمام، الثعبان راح في خبر كان.
كوكيلان:
(تتشجع) اضربه بالخشبة اللي قدامك كمان، عشان تبقى في أمان، أيوة كده خلاص مات الثعبان.
يدخل محمد فتحتضنه كوكيلان.
كوكيلان:
كان قلبي هايقف من الخوف عليك.
محمد:
يا كوكيلان، جوزك فارس الفرسان وعمره ما كان جبان, ورغم كده بحب خوفك عليّه لأنه كله حب وحنيّة.
سوشين:
(ينظر إلى خارج المعبد بدهشة عظيمة) الحيّة اتحوّلت وبقت صبية، صبية جميلة وعفيّة.
تدخل فتاة رائعة الجمال ترتدي فستاناً أخضر وعيناها خضراء وتحتضن محمد.
الفتاة:
شكراً يا محمد، شكراً يا حبيبي أنقذت حياتي.
محمد:
إيه ده؟ الحية بقت صبية، إنتي مين يا صبيّة؟
الفتاة:
أنا جوليزار بنت ملك الجان.
محمد:
بنت ملك الجان ؟!
كوكيلان:
(بحزن شديد) طب يا جوليزار ممكن ما تحضنيش جوزي تاني ؟
جوليزار:
(تضحك بشدة) دا حضن شكر يا كوكيلان إنه أنقذ حياتي وصدقيني مش هاعمل كده تاني، أنا عارفه إنكم متجوزين وببعض هايمين.
كوكيلان:
وعارفة اسمي كمان ؟!
جوليزار:
طبعاً، كل المخلوقات عارفة اسمك وبتحبك، حتى الجنيات عندنا في المملكة بيتجسدوا ساعات في شكلك وبيقلدوا مشيتك وكلامك.
كوكيلان:
(بفرح شديد) بيقلدوني أنا ؟!
جوليزار:
طبعاً، هي الدنيا فيها كام كوكيلان .. جمال وبراءة وإيمان.
سوشين:
طب وإيه حكاية الثعبان اللي كان بيطاردك ده يا بنتي ؟!
جوليزار:
ده مش تِعبان، دا العفريت الشرير "ماظو" كان عامل عمايله في مملكتنا وبيتحرش بالجنيات، وبيبهدلهم، بس محمد خلصنا من شره وعشان كده أنا وكل مملكة الجان هنبقى تحت أمره وهانحميه من أي شر.
كوكيلان:
(بسعادة غامرة) ياه! دا أحسن خبر سمعته في حياتي، كده هايطمن بالي على حبيبي الغالي.
جوليزار:
بصي يا كوكيلان، كل مملكة الجان، كل الحيوانات، كل الشجر والشمس والنور والقمر، كل شئ في الكون بيحبك وبيفرح لما يشوفك.
كوكيلان:
كل الكون بيحبني أنا ؟!
جوليزار:
أيوه، كل شئ في الدنيا قرر إنه يساعدك، ويحافظ لك على حبيبك واحنا مملكة الجان كلها هانحميكي ونحمي حبيبك.
كوكيلان:
(تبكي) إنتي كده فرحتيني وطمنتيني، أنا ماكنتش بنام وبفضل صاحية عشان أحميه وأحافظ عليه.
جوليزار:
(تحضنها) يا حبيبتي يا كوكيلان، أرجوكي ما تخافيش، وعيشي حياتك بطريقة طبيعية خالص .. بس أهم حاجة تسمعوا كلامنا وتنفذوه.
كوكيلان:
حاضر يا جوليزار.
جوليزار:
بصي يا كوكيلان، منجِّم ملك الجان عاوزك تروحي انتي ومحمد وعلى وجه السرعة للهندومين يعني ما تستنوش اليومين.
سوشين:
ليه يا بنتي، حصل حاجة؟
جوليزار:
سيدي الكاهن، صدقني لو قلت لك معرفش بس هو ممكن يكون شايف خطر أو بعض من الخطر.
سوشين:
والخطر ده يا بنتي هاييجي منين؟!
جوليزار:
سيدي الكاهن سوشين، فيه أرواح شريرة مابتحبش تشوف حد سعيد وده شئ مش جديد .. منجِّم ملك الجان وكتير من الجنيات قالوا إن الشيطان ماهيشا ومساعده سوباهو وشياطين تانيه كتير بيحضروا لمؤامرة كبيرة قوي ضد هندوسة وهندومين، محدش عارف هي إيه المؤامرة بالضبط، بس كله سمع كلام عنها.
سوشين:
أنا سمعت إن الشيطان ماهيشا كان بيحضر لفتنة رهيبة بين الهندوسة والهندومين، بس جواز محمد وكوكيلان قضى على الفتنة تماماً.
جوليزار:
محدش عارف إيه اللي في دماغه تاني، المهم محمد وكوكيلان يمشوا النهارده لحد ما نشوف الأيام مخبيّه إيه ..
سوشين:
(مخاطباً محمد وكوكيلان) خلاص، اسمعوا الكلام ويلا سافروا أوام.
كوكيلان:
حاضر .. يلا بينا يا محمد.
محمد:
نشوف وشك بخير يا عم سوشين.
سوشين:
مع السلامة يا ولاد.
تغادر جوليزار وكوكيلان المعبد بصحبة محمد.
سوشين:
(يكلم نفسه في حيرة) خطر منين ؟! الجبال حوالينا والبحر الكبير حامينا احنا والهندومين، محدش يقدر ييجي يحتلنا، يكونش قصدها على الهندومين؟! دول ناس حلوين، طيبين، مسالمين والنسب اللي حصل ربطنا بحبل متين، الشر بس هاييجي منين.
يدخل فيراد وكأنه يرد على كلام سوشين.
فيراد:
(بكل حماس) أنا .. أنا جيت يا سيدي الكاهن الأكبر.
تظهر على وجه سوشين الدهشة وكأنه أفاق من حلم ..
إظلام


المنظر الثالث
داخل المعبد، فيراد مع أصدقائه ناهوشا وراهولا ..
فيراد:
(بكل فرح) كانت أحسن رحلة عملتها في حياتي، نفذت تعليمات الملك بالحرف الواحد، وزعت الأكل والهدوم على كل المحتاجين في المملكة، وعشان كده الملك كافئني مكافأة كبيرة وأبويا وأمي اتبسطوا جداً لدرجة إنهم طلبوا مني مرجعش الجيش تاني وكفاية عليّة رحلة أو رحلتين من دول في السنة وانتوا كمان يا أصحابي منستكوش (يُخرج كيسين كبيرين من النقود ويلقي بهما إليهما).
ناهوشا:
(بفرح) أعز صديق لينا، عمره ما بينسانا أبداً.
راهولا:
مانتحرمشي منك أبداً، بس يا ريت تساعدنا إن إحنا نرجع الجيش تاني.
ناهوشا:
جيش إيه ؟! احنا عاوزين نبقى مع صاحبنا وأخونا في شغله الجديد، خدنا معاك يا صاحبي.
فيراد:
ما هو ده اللي هايحصل، بس أهم حاجة نحافظ على نفسنا وما نشربش أي خمرة مهما كانت الأسباب وصدقوني، هتكسبوا فلوس كتيرة قوي.
ناهوشا:
يا صاحبي إنت قائدنا ومعلمنا وزي ما هاتعمل، هانعمل احنا كمان.
راهولا:
احنا يا قائد عايزين حياتنا تبقى حلوة والفلوس هي اللي بتخليها حلوة.
فيراد:
اتفقنا يا صحابي، أنا بحبكم قوي، وعاوز أقولكم على سر ما قلتوش لحد.
راهولا:
قول يا صاحبي.
فيراد:
وأنا في رحلاتي صورة كوكيلان، ما فارقتش خيالي لحظة، ابتسامتها، ضحكتها، ورقتها وبرائتها، كانت معايا في كل مكان، أنا بجد بحبها ونفسي أشوفها، نفسي أحضنها، نفسي أبوسها، أنا .. أنا قررت أتجوزها .. ياه ! طظ في الأسطورة، وطظ في أي حاجة تبعدني عنها.
يبدو على الأصدقاء الاندهاش والحزن فهم يعلمون أنها تزوجت.
ناهوشا:
تتجوز مين يا عم، إنت مستغني عن عمرك ؟!
راهولا:
إحنا مش ممكن نسيبك تعمل كده، إحنا مش مستغنيين عنك يا عم.
فيراد:
(مؤنباً نفسه وكأنه لا يستمع إليهم) الشريفة العفيفة، كنت بعاملها على إنها ساقطة من الساقطات، كل يوم أقول لها تعالي عيشي معايا من غير جواز، ياه! كنت غبي وحقير.
ناهوشا:
فيه إيه يا صاحبي؟! الناس كلها عارفة إن اللي هايتجوزها هايموت بعد سنتين.
فيراد:
(بكل حماس) وإيه يعني، دا اللي يعيش معاها ساعتين يكفوه سعادة ونعيم، أنا هاروح بيتها وأطلب إيدها وأتجوزها.
راهولا:
(بكل الحزن والأسف) مش هتلاقيها يا صاحبي.
فيراد:
(مندهشاً) مش هلاقيها !!
راهولا:
أيوه مش هتلاقيها، كوكيلان خلاص مش موجودة.
فيراد:
(مذعوراً) ليه؟! جرى لها إيه ؟! ماتت ؟! أكيد موتت نفسها بعد ما كل الشباب حاولوا يتحرشوا بيها ومحدش راضي يتجوزها.
ناهوشا:
لا، كوكيلان بخير وعال العال وفي أحسن الأحوال.
فيراد:
(يزداد قلقه) أومال إيه اللي حصل لها ؟! انطق .. اتكلم يا بني آدم ..
ناهوشا:
إي .. إي .. إي ..
راهولا:
أصل .. أصل .. أصل ..
فيراد:
أكيد إنتوا عاوزين تجننوني .. يا بني إنت وهو اتكلموا.
ناهوشا:
(وكأنه لا يريد أن ينطقها) اتجوزت.
فيراد:
(يكاد يُجن جنونه) مستحيل، مين ده الشجاع اللي اتجوزها، هو عارف إنه هايموت ؟
راهولا:
مش من هندوسة، مسلم من الهندومين، وسيم وغني وفارس كريم.
فيراد:
(بكل الألم والحزن) يبقوا ضحكوا عليه، ومحدش قال له على الأسطورة.
ناهوشا:
بالعكس، هو وأبوه عرفوا ورغم ذلك وافقوا ورضوا.
راهولا:
الغريب في الموضوع، إنهم حبّوا بعض من أول نظرة، الناس بتحكي وتتحاكى عن قصة الحب الجميلة اللي حصلت وعن السعادة اللي همه عايشين فيها.
ناهوشا:
دا مش حب، دا عشق جنوني محدش شاف زيّه قبل كده.
فيراد:
(وكأنه تلقى طعنة نجلاء) إنتوا كدابين، كدابين هي أكيد في بيتها وهاروح أجيبها وأخلي الكاهن يعقد القران.
يخرج فيراد مهرولاً ويخرج أصدقاءه وراءه مهرولين، تدخل بعدها جوليزار ويبدو عليها الدهشة الشديدة والحيرة.
إظلام
الفصل الثاني
المشهد الأول
المنظر الأول
يجلس فيراد على الأريكة يمين المسرح وهو في قمة الحزن والشرود، يأتي الكاهن سوشين من داخل المعبد.
سوشين:
فيراد، فيراد.
فيراد:
أيوه يا سيدي الكاهن.
سوشين:
مالك كده، حزين مهموم ؟!
فيراد:
(يتكلف الابتسام) لا، لا حزين ولا حاجة، بس طولت في الصيام المرة دي وأنا مش واخد على كده.
سوشين:
أنا مبسوط منك قوي لأنك بقيت مواظب على واجباتك الكهنوتية على خير وجه وعشان كده هاسيب لك المعبد وأنا مطمن.
فيراد:
(مندهشاً) تسيب لي المعبد ؟!
سوشين:
أيوه، أنا وكوش وشرنجي متعودين كل سنة نطلع ثلاث شهور، نلف في البلاد ونفهم العباد صحيح الدين، ونعلمهم التقوى والزهد والورع، نعلمهم إزاى يجوعوا عشان يقللوا شهواتهم ورغباتهم الغير مشروعة، هنلم ناس على قد ما نقدر وهننام في الغابة وهناك هانعمل دروس دينية وهانتأمل ونتعبد.
فيراد:
ياه ! دي هتبقى رحلة شاقة قوي.
سوشين:
دا واجبنا ولازم نؤديه.
فيراد:
طب ما تاخدوني معاكم ؟
سوشين:
ما ينفعش نسيب المعبد لوحده وما تنساش كمان إن الملك خد الجيش عشان يحارب قطاع الطرق في شمال المملكة، احنا بنحبك يا فيراد ويا ريتك تاخد بالك من كل حاجة على ما نرجع.
فيراد:
دي مسئولية كبيرة قوي، أنا مش قدها.
سوشين:
ما تقولش كده يا راجل، إنت أثبت كفاءة كبيرة جداً.
يأتي كوش وشرنجي من داخل المعبد.
شرنجي:
إحنا جاهزين يا سيدي الكاهن.
سوشين:
وأنا كمان جاهز، يلا بينا (يعانق فيراد) أشوف وشك بخير يا فيراد.
شرنجي:
(يعانق فيراد) أشوف وشك بخير يا فيراد.
كوش:
(يعانق فيراد) أشوف وشك بخير يا فيراد.
فيراد:
(بصوت مختنق بالبكاء) أشوف وشكم بخير، أرجوكم ما تطولوش عليّه.
يخرجون جميعاً، ويجلس فيراد في مقدمة المسرح على الأرض وهو في حالة حزن شديدة، تدخل صديقته فيشاخا على أطراف أصابعها وتقترب من فيراد.
فيشاخا:
(بصوت هامس) فيراد .. فيراد.
فيراد:
(ينتبه أخيراً) مين ؟! فيشاخا ؟!
فيشاخا:
وطي صوتك للكاهن الأكبر يسمعك. 
فيراد:
(يضحك بأعلى صوته) الكاهن الأكبر .. ها .. ها ..
فيشاخا:
إيه ؟! إنت عاوز تفضحنا وخلاص ؟!
فيراد:
الكاهن الأكبر مشي هو والمساعدين بتوعه، راحوا يتعبدوا ويتأملوا في الغابة وهايزوروا كل البلاد في المملكة ويدعو الناس للزهد، وأنا هبقى الكاهن الأكبر طول ما هو غايب.
فيشاخا:
إنت الكاهن الأكبر ؟! (تضحك ضحكة مدوية)
فيراد:
(يتأثر بضحكتها الخليعة) ما تحترمي نفسك يا فيشاخا.
فيشاخا:
دنا هحترم نفسي على الآخر.
تخلع فيشاخا ملاءتها العلوية فيبدو تحتها القليل من الملابس.
فيراد:
(يبدو عليه الانهيار) عيب يا فيشاخا احنا في المعبد.
فيشاخا:
عيب !! انت اللي بتقول عيب، طب استنى عليّه وأنا هوريك العيب اللي بجد.
تخرج فيشاخا بسرعة خارج المعبد وتعود بقنينات من الخمر فيجن جنون فيراد.
فيشاخا:
جبت لك خمرة، النوع اللي انت بتموت فيه .
فيراد:
يااااااه ! دنا بقالي مدة في حرمان، عطشان، شرقان، تعبان.
يتناول فيراد إحدى القنينات ويشرب منها ولا يتركها حتى تفرغ تماماً، يرميها ويجزع من غيرها.
فيشاخا:
تعالي معايا (تخرج من باب المعبد).
يتبعها فيراد إلى مدخل المعبد ويقف على المدخل يشاهد ما تفعله خارج المعبد ولا زال مستمراً في شرب الخمر بنهم.
فيراد:
فيه إيه يا مجنونة، بتقلعي هدومك ليه ؟!
فيشاخا:
(صوتها من خارج المعبد) وإيه يعني، احنا بعد نص الليل، محدش صاحي خالص متخافش.
فيراد:
أنا خايف لحد يظهر فجأة، مش عايز أخسر ثقة الكاهن.
فيشاخا:
(لا زالت خارج المعبد) هو إحنا أول مرة نعملها، تعالى نستحمى في النهر وبعدين نطلع نلعب على العشب وهانيجي قبل الفجر.
فيراد:
يخرب بيتك، قلعتي هدومك كلها ؟
فيشاخا:
(من خارج المعبد) جسمي مش عاجبك، دا انت طول عمرك بتتهبل عليه (تطلق ضحكة مدوية).
فيراد:
(وهو يكاد يبكي) ما هو المصيبة إنه بيعجبني (ينظر بنهم) بيعجبني جداً (يخلع قميصه العلوي ويخرج إليها مهرولاً).
إظلام قصير
يدخل فيراد متثاقل الخطى، مترنحاً.
فيراد:
(يتكلم بصعوبة) يخرب بيتك يا فيشاخا، دنا بقالي مدة كبيرة تايب عن البلاوي دي كلها، دا إنتي جبارة.
يذهب إلى المصطبة المفروشة في مقدمة يسار المسرح ثم ينام عليها ويغطّ في نومٍ عميق.
إظلام قصير
حلم قصير
يحلم فيراد بأنه واقف مع الشيطان ماهيشا ..
ماهيشا:
(غاضباً) إيه يا فيراد ؟! هاتلعب كده كتير ؟! هتبقى ملك إمتى ؟! المُلك قدامك وانت قاعد تلعب.
انتهاء الحلم
إظلام قصير
يستيقظ فيراد ..
فيراد:
(لنفسه) أنا هبقى ملك ؟! وعلى إيد مين، الشيطان ماهيشا ؟!
صوت رعد شديد خارج المعبد .. ينطفئ النور تماماً، إظلام كامل للمسرح.
فيراد:
(لنفسه في الظلام) إيه ده، أنا حاسس إن عقلي هايطير مني، أنا خايف قوي، قلبي هاينخلع من مكانه (يزداد صوت الرعد حدة) آه، أنا حاسس إني هموت.
تعود الأنوار إلى خشبة المسرح ويظهر ماهيشا فيزداد فيراد خوفاً.
ماهيشا:
إزيك يا فيراد.
فيراد:
مين؟! الشيطان ماهيشا؟ عاوز، عاوز مني إيه ؟! أرجوك اخرج من هنا.
ماهيشا:
أخرج من هنا ؟! بقه حد يقابل أعز أصحابه بالشكل ده ؟
فيراد:
أعز أصحابه ؟! هواحنا هانكدب من أولها؟
ماهيشا:
أنا عمري ما أكذب يا فيراد ؟
فيراد:
إزاي ؟! هو أنا قابلتك قبل كده ؟!
ماهيشا:
لا طبعاً، عمرنا ما اتقابلنا.
فيراد:
طب إزاي نبقى اصحاب واحنا عمرنا ما اتقابلنا قبل كده ؟!
ماهيشا:
سهلة قوي، انت لو عملت حاجات معينة تبقى صاحبي ومن غير ما تقابلني.
فيراد:
وأنا عملت إيه عشان نبقى أصحاب ؟
ماهيشا:
(يخرج مفكرة كبيرة من جيبه) انت بصراحة يا فيراد عملت حاجات كتيره قوي عشان تبقى أعز أصحابي، مش صاحبي بس، واسمح لي أقرأ لك بعض من الحاجات اللي انت عملتها.
فيراد:
اتفضل إقرأ، لما نشوف إيه الحكاية دي كمان.
ماهيشا:
الصداقة بيننا بدأت من ثلاث سنين، لما إنت كنت في معسكر الجيش وكنت مسئول عن مخازن الطعام وعن طعام الجنود.
فيراد:
(مذهولاً) فعلاً، أنا كنت مسئول عن مخازن الطعام في الفترة دي.
ماهيشا:
أنا وأعواني لاحظنا إنك بتبعت لوالدك كميات مختزلة من الطعام اللي انت مسئول عنه، رز، فاكهة، خضار، إنت كنت بتبعت كل حاجة البيت محتاجها لدرجة إن أهلك كانوا بيحوشوا مرتبك رغم إنهم كانوا بيتظاهروا إنهم بيصرفوه.
فيراد:
(تزداد دهشته) فعلاً ده حصل.
ماهيشا:
بصراحة إنت ما أخدتش حاجة من المخازن بغرض البيع أو التجارة، إنت يدوبك سربت حاجات خفيفة جداً لأهلك وده كان بداية الصداقة بينا، لكن اللي قوّى الصداقة قوي (ينظر في المفكرة) هو اللي حصل من سنتين ونص.
فيراد:
(يتوتر بشدة) وإيه اللي حصل من سنتين ونص ؟!
ماهيشا:
إنت كنت ماشي في حالك رايح المعسكر، لحد ما الست كورو اللي بيتها قريب من المعسكر، قالت لك تعالى جوه عشان تصلح لها حاجة وبعد تردد وبعد ما عرفت إن جوزها مسافر بعيد في تجارة، دخلت عندها جوه.
فيراد:
(متوسلاً) سيدي ماهيشا، الكلام ده خطير.
ماهيشا:
متخافش، سرك في بير، هكملك بس الحكاية الأول، بعد كده إنت اتعودت تروح لها بانتظام، وفي ليلة من الليالي رجع جوزها وانتوا هايمين في بحر اللذات، هجم عليك وحاول يقتلك ورغم إنك كنت همدان وتعبان، وعشان انت مقاتل عظيم قدرت تغلبه وتقتله.
فيراد:
(يكاد يبكي) انت كده بتوديني في داهية.
ماهيشا:
(وكأنه لا يسمع) ولما السلطات عملت تحقيقات، الزوجة كورو قالت إن كان فيه لص بيحاول يسرق البيت، وإن اللص هو اللي قتل جوزها لما الراجل حاول يتصدى له وقالت كمان إنه كان مغطي وشه.
فيراد:
(متوسلاً) أرجوك يا سيدي ماهيشا، أنا مش عاوز حد يعرف الكلام ده، أنا كده هاروح في داهية.
ماهيشا:
إنت كده أعز صديق، وعمري ما أوديك في داهية، نيجي لمرحلة فيشاخا وغيرها من نساء الهندوسة، وشرب الخمر و ..
فيراد:
(مقاطعاً) لا، واضح إنك عارف كل حاجة، أرجوك قل لي عاوز مني إيه وأنا هاعمله على طول.
تظهر على ماهيشا علامات الانتصار والفرح ويصفق بيديه فيدخل سوباهو حاملاً صولجاناً ذهبياً ويعطيه لماهيشا.
ماهيشا:
(يعرض الصولجان على فيراد) اتفضل يا ملك البلاد، صولجان الملك.
فيراد:
(يتردد) أنا ملك البلاد ؟!
ماهيشا:
(بحزم) أيوه، اتفضل خدو وما تترددش.
فيراد:
حاضر، (يأخذ الصولجان) طب هبقى ملك إزاى وفيه ملك موجود ؟!
يصفق ماهيشا بيديه فيدخل عشرة من الشياطين محملين بالعديد من الصناديق، يضعوها على الأرض ويغادروا المكان.
فيراد:
(بذهول شديد) إيه ده ؟!
ماهيشا:
شوف بنفسك.
يبدأ فيراد بفتح الصنايق، يفتح الصندوق الأول ويخرج حفنة من الذهب.
فيراد:
(كالمجنون) إيه ده ؟! ذهب ؟!
يفتح الصناديق تِباعاً فيجدها مليئة بالذهب.
فيراد:
(لا يصدق ما يحدث) كل ده ذهب ؟!
يصفق ماهيشا بيده مرة أخرى فتقذف الكثير من صُرَر الأموال إلى داخل المعبد.
فيراد:
(يتفحصها كالمجنون) فلوس (يضحك بهيستريا) فلوس كتير ودهب، ها ها .. ها ها .. ها ها.
يُبعثر الذهب في الهواء ثم يُغمى عليه.
إظـــــــــلام
المنظر الثاني
فيراد غائباً عن الوعي على المصطبة، يمين المسرح، ماهيشا وسوباهو يحاولان إيقاظه .. يستيقظ بعد عناء.
فيراد:
(يجلس) إيه ده، يعني أنا مكنتش بحلم، يعني أنا بقى عندي الذهب والفلوس دي كلها، أنا بقيت أغنى واحد في هندوسة، أنا أغنى من الملك، أنا الملك.
ماهيشا:
أنا عاوزك تهدى يا فيراد وتسمع كلامي، أنا خليتك أغنى إنسان على سطح الأرض والثروة هي طريقك السريع والوحيد عشان تبقى ملك هندوسة، وبعدها تبقى ملك هندومين، يعني هاتبقى ملك الملوك.
فيراد:
(مذهولاً) وهندومين كمان ؟!
ماهيشا:
أيوه، بس تسمع الكلام، هرسم لك الطريق وتنفذ بالحرف الواحد.
فيراد:
موافق.
ماهيشا:
بص يا فيراد، انت لازم وبأقصى سرعة تستغل غياب الملك سوشين وتكوّن جماعتك.
فيراد:
(باندهاش شديد) جماعتي ؟!
ماهيشا:
أيوه جماعتك، احنا ممكن نسميها جماعة الأشقاء، جماعة الأنصار (يفكر) آه .. آه، جماعة الأعوان، خلاص هانسميها جماعة الأعوان.
فيراد:
(مفكراً) جماعة الأعوان ؟! طب دي هكوّنها إزاي ؟!
ماهيشا:
سهلة قوي، انت وأصحابك هاتلمّوا كل المهمشين الضايعين والخايبين اللي نفسهم يبقوا حاجة في الدنيا وتعطوهم فلوس كتيره قوي، بس المهم الإخلاص والولاء التام للملك فيراد ولمبادئ جماعة الأعوان، وأهم شئ .. أهم شئ السمع والطاعة والخضوع التام.
سوباهو:
يعني يا فيراد انت لو بتتقاتل مع أخو واحد من جماعة الأعوان وحتى لو أنت اللي غلطان.
فيراد:
(مقاطعاً) أكيد هايقف مع أخوه ضدي طبعاً.
سوباهو:
لا ، هيقف معاك إنت.
ماهيشا:
محدش من جماعة الأعوان يطلع زميله غلطان، حتى لو شافه وهو بيسرق أو بيزني أو بيقتل، لازم يدافع عن زميله ويطلعه برئ.
سوباهو:
فما بالك بقائد الجماعة، لازم يبقى بمثابة إله، لازم أوامره تُطاع في التوّ واللحظة.
فيراد:
(تبرق عيناه) إله ؟!
سواهو:
شفت بقى، انت معانا مش ملك بس، انت خلاص بقيت إله.
فيراد:
طيب الملك عطوف وكريم جداً مع الناس، إزاي هقدر أقنعهم إن أنا أحسن منه.
ماهيشا:
فيه ناس .. وزي ما قلت لك هاتشتريها بالفلوس وناس تانيه هاتشتريها بالأفيون.
فيراد:
أفيون ؟!
ماهيشا:
أنا زارع فدادين كتير بعد الغابة وجنب النهر، دا رصيدك ورأس مالك، هتراضي ناس وتشتري ناس وهاتبيع لناس، الأفيون شئ مضمون.
سوباهو:
وهيخليك في القلوب والعيون.
ماهيشا:
ما تضيعش وقت يا جلالة الملك (ينحني هو وسوباهو).
فيراد:
(وقد مسه جنون العظمة) ما تقلقش، من النهارده خلاص بقيت الملك فيراد.
إظـــــــــــلام
المنظر الثالث
فيراد، مرتدياً الزي الملكي، يزرع المسرح جيئة وذهاباً وهو في غاية التوتر والقلق، يدخل ناهوشا ومعه خمسة من الرجال البائسين.
فيراد:
(مُعاتباً) اتأخرتوا ليه يا ناهوشا ؟!
ناهوشا:
على ما اتجمعنا يا مولاي الملك، وراهولا جايب ناس بعد شوية، حاولنا نقسّم نفسنا عشان ما نلفتش النظر لنا.
فيردا:
جميل، جميل قوي يا ناهوشا.
ناهوشا:
طب يلا يا مولاي ندخل جوه عشان نعطيهم لبس الجماعة الرسمي، اللي لونه أصفر وعشان يقسموا قدامك بقسم الوفاء والولاء والسمع والطاعة.
فيراد:
ماشي، يلا ندخل يا ناهوشا.
يدخل فيراد ثم ناهوشا ثم الخمسة بؤساء إلى داخل الحجرات الداخلية للمعبد، ناحية اليمين.
تدخل فيشاخا وزوجها توشالا، تضع فيشاخا غطاءً على وجهها.
توشالا:
أنا مش عارف إنتي مغطية وشك ليه ؟!
فيشاخا:
إخص عليك يا توشالا، إنت عاوز حد يشوف وشي غيرك ولا إيه ؟!
توشالا:
مفيش حد هنا غير التماثيل.
فيشاخا:
ولو حتى التماثيل مش من حقها تشوف وشي.
يتم إضاءة وجوه التماثيل، ويصدر منها صوت ضحك هستيري.
يدخل راهولا ومعه خمسة من الرجال البائسين.
راهولا:
حاجة غريبة جداً، الشجر والحجر والحيوان وكل شئ في الطبيعة ضحك بصوت عالي جداً، دي حاجة تجيب الجنان.
يأتي فيراد من الداخل.
فيراد:
إيه يا جماعة صوت الضحك العالي ده ؟!
توشالا:
دي التماثيل، كانت بتضحك بأعلى صوتها.
راهولا:
(في قمة الذهول) وكمان الشجر والحيوان والحجر.
فيراد:
حاجة غريبة فعلاً (مخاطباً راهولا) خد توشالا والرجالة وادخلوا جوه وجهزهم من كافة شئ وأنا جاي وراكم.
راهولا:
أمرك مطاع يا مولاي، تعالى يا توشالا إنت والرجالة.
يدخل راهولا وتوشالا ومعهم البؤساء إلى الداخل.
فيراد:
(مخاطباً فيشاخا) إيه اللي حصل ؟!
فيشاخا:
التماثيل بتوعك دول ضحكوا عليّه.
فيراد:
(مندهشاً) التماثيل ضحكت عليكي، ليه ؟!
فيشاخا:
عشان بقول لجوزي إن مفيش حد من حقه يشوف وشي غيره، حتى التماثيل مش من حقها تشوف وشي.
يضحك فيراد حتى يقع وتضحك التماثيل بنفس الكيفية مرة أخرى وصوت ضحك في الخارج كالمرة الأولى.
فيراد:
يا شيخة حرام عليكي، دا إنتي كنتي بتباتي معايا هنا في المعبد وراحة جاية قدامهم من غير أي هدوم.
يأتي راهولا من داخل المعبد.
راهولا:
إيه اللي ضحك الدنيا تاني ؟!
يأتي توشالا من الداخل مرتدياً الزيّ الأصفر المميز لجماعة الأعوان وفي يده مسبحة حباتها صفراء كبيرة.
فيراد:
(بإنبهار) إيه الحلاوة دي يا توشالا، دا إنت كأنك عضو في الأعوان من زمان ؟!
راهولا:
إحنا مجهزين له كل حاجة وأعطينا له دهب وفلوس كتير عشان ينجح في رحلته المهمة.
فيراد:
جميل قوي، المهمة مش سهلة يا توشالا.
توشالا:
ما تقلقش يا مولاي، أنا دارس المنطقة دي كلها كويس، لأني كنت عايش فيها لفترة طويلة وهاعرف أصرف كمية كبيرة من الأفيون وهجيب لك مبالغ عالية جداً كمان، هابعت لك، وفي طيّ الكتمان، كمية تستخدمها في أي شئ كان.
فيراد:
إنت طلعت نجم كبير قوي يا توشالا وأنا بوعدك بأكبر المناصب لما يتم المراد.
يظهر على وجه توشالا الفرح الشديد.
توشالا:
أشكرك، أشكرك يا مولاي.
فيراد:
بس أنا ليّه عندك طلب يا توشالا.
توشالا:
جلالتك تؤمر وأنا أنفذ.
فيراد:
الست الفاضلة فيشاخا.
صوت ضحك أعلى من كل مرة وكأن المعبد يهتز من ضحك التماثيل والطبيعة وكل شئ.
فيراد:
(ينتظر حتى ينتهي الضحك) قصدي أقول لك إن مراتك من قادة الجماعة ومحتاجينها بشدة في استقطاب الرجالة قصدي الستات.
توشالا:
أنا أقسمت إن مصلحة الجماعة أهم من أي مصلحة شخصية وعشان كده أنا هسيب فيشاخا هنا.
تتمالك فيشاخا نفسها من الفرحة وتجثو على ركبتيها متوسلة لفيراد ..
فيشاخا:
أرجوك يا مولاي ما تفرقنيش عن توشالا، دي حياتي من غيره زفت وزبالة.
تعود التماثيل وكل شئ خارج المعبد إلى حالة الضحك الهستيري، حتى فيراد يحاول أن يتماسك من الضحك.
فيراد:
قلنا ميت مرة إن كلام الملك يُنفذ من غير مناقشة.
توشالا:
أوامر مولاي تُنفذ في الحال.
فيشاخا:
(تنحني) أعتذر يا مولاي.
فيراد:
(بحزم) خلاص، انتهينا، روّحي البيت مع جوزك وجهزيه باللازم ومن بكره الصبح يمشي في الحال.
تنحني فيشاخا وزوجها توشالا ثم يغادران في الحال، يأتي ناهوشا من الداخل ومعه الأعضاء المنضمين للجماعة، يلبسون الزيّ الأصفر والمسبحة الصفراء الكبيرة.
فيراد:
كله تمام يا ناهوشا ؟!
ناهوشا:
كله تمام، دول خير الأعوان.
فيراد:
كويس قوي، أنا كنت عارف إنهم جدعان.
ينحنون لفيراد ثم يغادرون المسرح.
ناهوشا:
يلا يا راهولا عشان نوزع الملابس والأكل على الناس الغلابة اللي في الشارع اللي ورانا.
راهولا:
يلا بينا، الحاجة جاهزة قدام المعبد.
فيراد:
عفارم عليكم يا ولاد، بقينا كل يوم في إزدياد.
يخرجون مسرعين بكل حماس، يذهب فيراد إلى المصطبة، يسار المسرح ويضطجع عليها ويدخل في حالة من التفكير العميق، تدخل لونة وهي امرأة هيفاء، جميلة القدّ والقسمات، تمشي الهويني فتتمايل خاصرتها كأنها من حرير، يلاحظها فيراد فيتأملها بإعجاب شديد، وينهض واقفاً بسرعة. 
فيراد:
(مذهولاً) إنتي مين وجايبة الحلاوة دي كلها منين ؟!
لونة:
(تلتفت إليه) أنا لونة.
فيراد:
وعاوزة إيه يا لونه ؟
لونة:
الناس قالوا لي روحي للكاهن سوشين، دا حكيم وطبيب ويقدر يعالجك.
فيراد:
(بحزن) إنتي تعبانة ؟! ألف سلامة عليكي.
لونة:
أنا مش تعبانة.
فيراد:
مش بتقولي جاية للكاهن سوشين يعالجك ؟!
لونة:
(تبكي) أيوة، بس أنا مش تعبانة.
فيراد:
بتعيطي ليه بس يا قمر ؟! بقه معقول الجمال ده كله يكون حزين ؟!
لونة:
جوزي هيطلقني لو مخلفتش، والناس قالوا لي إن كاهن الكهان عنده دوا أو دهان.
فيراد:
إنتي متجوزة بقالك كتير ؟!!
لونة:
ثلاث سنين.
فيراد:
يا بخته.
لونة:
إيه ؟!
فيراد:
قصدي ثلاث سنين مش كتير، مستعجل على إيه ؟! بلا عيال بلا دوشة، أنا لو منه أعيش حياتي شوية، دا واد مغفل وإبن غبية.
لونة:
إنت بتقول إيه ؟! أنا مش فاهمة حاجة.
فيراد:
بصراحة يا لونة الكاهن سوشين مش هنا.
لونة:
(بحزن) يا خسارة وهاييجي إمتى ؟!
فيراد:
بعد ثلاث شهور أو أكتر شوية.
لونة:
إيه ؟! يا وقعتي السودة، دنا كده ضعت.
فيراد:
يا ستي ولا ضعتي ولا حاجة، أنا هنا مكانه، أنا هنا كاهن الكهان وأعرف كل أسراره كمان.
لونة:
يعني ممكن تعمل لي دوا أو وصفة.
فيراد:
طبعاً، وصفة مضمونة ومجربة، جاية لي من الصين "عصير الأعشاب" لجلب الذرية والأولاد.
لونة:
أرجوك إلحقني بيه.
فيراد:
لا دا له طريقة وأسلوب، لازم حد يدهن لك جسمك كله، لازم عصير الأعشاب يوصل لكل ذرة من جسمك.
لونا:
طب أنا عاوزاه بأي تمن وهاخللي أمي أو أختي تدهن لي جسمي كله ييه.
فيراد:
ما ينفعش.
لونا:
هو إيه اللي ما ينفعش ؟!
يمسكها من ذراعيها وينظر في عينيها بشدة.
فيراد:
قلت لك ما ينفعش.
لونا:
أرجوك فهمني، هو الموضوع خطير ولا إيه ؟!
فيراد:
الكاهن والعالم الصيني اللي اخترعه بيقول لازم اللي يدهن لك جسمك بعصير الأعشاب ما تبقاش واحدة ست ولا يبقى أي حد من قرايبك ولا حتى جوزك، حد غريب عنك.
لونة:
ياه ! دا إنت صعبتها قوي.
فيراد:
ولا صعبتها ولا حاجة، الشخص اللي هايدهن لك جسمك لازم يكون تقي، نقي وبيعلم الناس صحيح الدين، ويكون بيصلي ويصوم ومن الذنوب معصوم.
لونة:
الكلام ده كله ينطبق عليك يا سيدي الكاهن.
فيراد:
(مراوغاً ويدير ظهره لها) مش شرط أنا يا لونة، الكلام ده ينطبق على ناس كتير من الخاشعين الزاهدين.
لونة:
أرجوك يا سيدي الكاهن، دي مهمتك الأساسية إنك تساعد كل محتاج، أنا خلاص جوزي معتش طايقني.
فيراد:
عشان حمار.
لونة:
إيه ؟!
فيراد:
خلاص يا لونة، خلاص، أنا وافقت أعمل المهمة الشاقة دي.
يشير فيراد إلى المدخل المؤدي إلى داخل المعبد، ناحية اليمين.
فيراد:
ادخلي الأوضة اللي قدامك واقلعي هدومك كلها وأنا هاجي حالاً، هجيب عصير الأعشاب حالاً.
لونة:
(تدخل لونة مسرعة) حاضر يا مولاي الكاهن، حاضر.
يقف فيراد عند المدخل محملقاً في داخل الحجرة التي بها لونة، يكاد يجن جنونه.
فيراد:
يا هوه ! إيه الحلاوة دي كلها يا ناس (يخاطب لونة الموجودة بالداخل) كله يا لونة، الدهان لازم يوصل لكل حتة في جسمك، أيوه، أيوه، كده تمام قوي.
لونة:
(صوتها قادم من الداخل دون أن يظهر) يا مولاي الكاهن، أنا بردت، إنت هاتفضل تتفرج عليّه كده كتير، يلا بقه هات عصير الأعشاب وتعالى.
فيراد:
أنا جاي حالاً، هو أنا أقدر أتأخر على الجمال ده وأصبر ..
يخلع قميصه العلوي ويدخل مسرعاً .
إظـــــــــلام
المشهد الثاني
المنظر الأول
يجلس فيراد مكان الكاهن سوشين على المصطبة المخصصة للخطابة يمين المسرح. يجلس على ارض بمواجهته عدد من الرجال والنساء، كلهم بالزي الأصفر المميز للجماعة، مع كل واحد منه مسبحة ضخمة صفراء.
فيراد:
(يخطب في الناس) أنا مبسوط قوي منكم ومن نشاطكم وعلو همتكم وهو دا أهم شرط للإنضمام إلى جماعة الأعوان ومبسوط أكتر من وقوفكم مع بعض ونصرتكم لبعض ولو حد سألني إنت ليه كوّنت الجماعة هقول له ببساطة، أنا كونتها لسببين، السبب الأول إن فيه ناس فوق قوي وناس تحت قوي والآلهة جت لي في المنام وقالت لي اتحرك يا فيراد، إنقذ ولادنا الطيبين، عيشهم عيشة حلوة وهنية، قلت لهم: العين بصيرة والإيد قصيرة، فقالوا لي متخافش هانبعت لك دهب وفلوس كتير وكنوز تعطيها للي يسمع الكلام منهم.
الحاضرين:
(يهتفون) سمعاً وطاعة يا فيراد، إنت الأب واحنا الأولاد … (تكرار).
فيراد:
أشكركم، الحاجة التانية اللي خلتني أكوّن الجماعة هي إن الآلهة زعلانة من الملك ناندا وأخوه سوشين، إزاي يكونوا أصحاب وحبايب للهندومين، المسلمين، المجرمين. إزاي كوكيلان زهرة هندوسة وآلهة من آلهتنا تروح لعيل مسلم، دا كده خضوع واستسلام للمسلمين والإسلام، الآلهة عاوزانا ننتقم من المسلمين بس بعد ما ننضف البلد من عملاؤهم وأعوانهم الخونة.
تصفيق حاد من الجالسين.
فيراد:
أنا حضرت خطة عظيمة لزيادة نفوذنا وسيطرتنا على البلد وعلى الناس وعاوزكم تساعدوني فيها بأقصى طاقتكم.
إظــــــــــلام
المنظر الثاني
منضدة خشبية مناسبة لارتفاع مصطبة يمين المسرح، يجلس فيراد على المصطبة ويشير بذراعيه على المنضدة، فيراد يوجه ناظريه ناحية المدخل وكأنه ينتظر أحداً، تدخل ثلاث سيدات في منتهى الروعة والجمال مع ناهوشا.
فيراد:
(بإهتمام) مين دول يا ناهوشا ؟!
ناهوشا:
دول عاوزين يحملوا زي ما لونة حملت، أرجوك يا مولاي، إعطيهم الدوا، إعطيهم العصير.
فيراد:
ودا وقته ؟! إنت عارف إحنا ورانا إيه دلوقتي، وبعدين مع بعضهم كده يبقوا كتير، كل واحده تيجي ليلة وأنا هجهز لها العصير، وعشان الشغل يبقى كويس وبضمير.
ناهوشا:
يلا يا حلوين تعالوا معايا وأنا هفهمكم هاتعملوا إيه ؟!
يخرج ناهوشا ومعه الثلاث سيدات، صوت جلبة كبيرة، يدخل على إثرها جمع كثير من الناس، بعضهم يرتدي ملابس باللون الأصفر وبعضهم من العوام، لا ينتمون لجماعة الأعوان، وبين هذا الجمع، رجل يرتدي زيّاً لونه أصفر ويحمل ابنته، التي ترتدي نفس اللون، الإبنة عمرها سبعة أعوام.
يدخل ناهوشا ويتابع الموقف.
الرجل:
(يبكي بشدة) بنتي اتخبطت وهي بتجري، ومن بعدها معاتدش بتشوف، بنتي خلاص اتحرمت من نعمة البصر وهي لسّه صغيرة .. آه يا بنتي.
ناهوشا:
هات بنتك وتعالى قوام يا راجل إنت، حطها يلا على الترابيزة اللي هناك عشان يشوفها مولاي فيراد.
فيراد:
(مخاطباً الرجل الذي لا يزال يبكي) بطل عياط يا راجل إنت، البركة عمرها ما تيجي طول ما انت بتعيط، تفائل، خلي عندك أمل، كل الآلهة واقفة معانا وبتبارك خُطانا.
البنت الآن على الترابيزة أمام فيراد الجالس على المصطبة، يقف فيراد ويضع يده على رأسها ويتمتم بكلام غير مفهوم، وسط ترقب وقلق بالغيْن.
البنت:
(بفرح) بدأت أشوف بصيص نور يا أبويا.
الرجل:
أرجوك يا سيدي الكاهن إقرأ عليها كمان.
يكرر فيراد بكل الجدية والحماس ترانيمه الغير مفهومه.
البنت:
(وهي تكاد تطير من الفرح) أنا شايفاك يا أبويا، (تدور بناظريها) وشايفة كل الناس الموجودة.
الرجل:
(يقبل يدي فيراد ويبكي) مولاي الكاهن، الرجل المبارك، إنت معجزة من المعجزات وآية من الآيات.
الحاضرين:
(في نفس الوقت) فيراد، فيراد (يكرروها بحماس).
يُخرج فيراد صُرَّة من الأموال من جيب سرواله ويُعطيها لوالد البنت.
فيراد:
خد يا راجل انت الفلوس دي وهات لها كل اللي نفسها فيه.
الحاضرين:
(في نفس الوقت) فيراد، فيراد، فيراد، فيراد.
يقوم فيراد بنثر عملات ذهبية في الهواء فيتدافع كل من لا يرتدي ملابس صفراء للحصول على هذه العملة.
إظــــــــــلام


المنظر الثالث
في حضور جمع من الناس، بعضهم ينتسب إلى جماعة الأعوان، مرتدياً اللون الأصفر، والبعض الآخر من عوام الناس، على المصطبة، يسار المسرح، يجلس شاب مرتدياً اللون الأصفر، ويبدو أنه مصاب بالشلل، بجانبه تجلس أمه حزينة مرتدية أيضاً اللون الأصفر، على المدخل اليمين يقف ناهوشا.
ناهوشا:
(بأعلى صوته) مولاي فيراد ..
يأتي فيراد شامخاً وبأبهى حُلّة من الداخل، ينحني الجميع احترااماً وتبجيلاً، يتجه فيراد مباشرة إلى الشاب القعيد، يضع فيراد يده على رأس الشاب، يتلو صلواته الغير مفهومة.
فيراد:
(آمراً الشاب) حرك رجلك كده.
الشاب:
مش قادر، مش قادر.
يتلو فيراد صلواته بصوت أعلى وحماس أكبر.
فيراد:
حرّك رجلك بقول لك.
الشاب:
مش قادر، مش قادر.
يرتعش فيراد ويصرخ وهو يتلو صلواته المبهمة هذه المرة.
فيراد:
(مؤنباً الشاب) بقول لك خلاص إنت بقيت سليم، ليه مش قادر تقف، ليه الخوف ده كله، ما تبقاش جبان واقف.
الشاب:
حاضر يا مولاي.
يتثاقل الشاب جداً وهو يحاول الوقوف ولكنه يقف في النهاية.
فيراد:
حاول تمشي عليها.
بعد جهد جهيد، يتمكن الشاب من السير ببطء على قدميه، ثم يسير بطريقة طبيعية في النهاية بعد تصفيق وتشجيع ودعم الحاضرين له.
الشاب:
أنا بمشي يا أمي، أنا بمشي يا أمي.
تذهب إليه أمه وتحتضنه وهي تبكي.
الحاضرين:
(في نفس الوقت وبكل حماس وقوة) فيراد، فيراد، فيراد، فيراد.
يذهب رجل ضخم ويحمل فيراد على كتفيه ويخرج به خارج المعبد والناس من خلفه تهتف باسم فيراد، يخرج الجميع إلى خارج المعبد.
إظــــــــــــلام

المشهد الثالث
المنظر الأول
فيراد وناهوشا يتناقشان في منتصف المسرح ..
ناهوشا:
(بفرح) احنا في طريقنا للهيمنة على كل شئ.
فيراد:
فعلاً، أنا نفسي مش مصدق نفسي، نجاحات متواصلة بلا إنقطاع.
ناهوشا:
أنا كمان يا مولاي، جت لي فكرة نستغل بيها النجاحات دي كلها وتزود موارد الجماعة ومواردنا احنا شخصياً.
فيراد:
دي تبقى حاجة حلوة قوي وتضمن لنا التفوق الدائم على سوشين وأنصاره.
ناهوشا:
القرابين .
فيراد:
القرابين ؟!
ناهوشا:
أيوه سوشين مكانش بيقبل القرابين وكان بيصرف من جيبه على المعبد، احنا بقه هانقبل القرابين، عشان تحل على العباد بركة الآلهة وبركة مولاي فيراد.
فيراد:
فكرة ممتازة يا ناهوشا، خللي رجالتنا ينشروا الخبر في كل أرجاء البلاد.
يدخل راهولا مسرعاً ..
راهولا:
عندي أخبار مهمة يا مولاي.
فيراد:
قول يا راهولا في الحال.
راهولا:
التاجر الكبير، ذو الشأن العظيم السيد كومار جاي على هنا دلوقتي عشان يعالج بنته اللي جالها شلل وكمان معادتش بتسمع ولا بتتكلم.
فيراد:
يا سلام سلّم، وده جايبها ليه ؟
راهولا:
عشان تشفيها يا مولاي.
فيراد:
أحيه ! إنت عارف إن الناس اللي كنت بشفيهم تبعنا وكنا متفقين معاهم.
راهولا:
دي مشكلة كبيرة قوي، دا الراجل ده يعتبر أمير الجنوب وله سلطان كبير على الناس هناك ولو فشلنا هايخللي عيشتنا سوده وهايفضحنا.
ناهوشا:
يا جماعة إهدوا شوية، احنا نحاول نكسب وقت، يعني نقول للراجل إن بنته حالتها صعبة ومحتاجة علاج أسبوع وإن الآلهة طالبة قرابين كتيره وغاليه.
فيراد:
طب وبعد ما الأسبوع يخلص.
ناهوشا:
صدقني هايظهر حل، نكسب الأول وقت ونقيّم الأمور، مفيش قدامنا غير كده.
فيراد:
فعلاً، مفيش قدامنا غير كده.
يدخل كومار ومعه الكثير من الخدم، أربعة منهم يحملون كرسياً كبيراً عليه لاليتا إبنه كومار، لاليتا شابة في منتهى الجمال وترتدي فستان أصفر، خدم آخرين يحملون الكثير من الصناديق والهدايا، يضع الخدم الكرسي والهدايا على الأرض.
كومار:
(مخاطباً الخدم) استنوا بره المعبد.
ينصرف الخدم في الحال ويخرج معه راهولا وناهوشا.
كومار:
(ينحني بشدة) كل التحية والإكبار لمولاي الناسك الأكبر عظيم البركات والشفاعة، سيدي فيراد.
فيراد:
(بزهو كبير) أهلاً بيك يا سيد كومار، شرفت مدينتنا ومعبدنا.
كومار:
(يتعجب) إنت تعرفني يا رجل المعجزات والكرامات.
فيراد:
وهل يخفى القمر ؟! أنا أعرفك وأعرف إن بنتك الجميلة أصابها مرض عُضال.
كومار:
أنا مش مندهش إنك تعرف كل حاجة، الناس كلها ملهاش سيرة غير كراماتك وبركاتك العظيمة.
فيراد:
كلامك أسعدني بشدة وعشان كده أنا هبذل كل مجهودي عشان أعالج بنتك الجميلة.
كومار:
دي حاجة أنا متأكد منها رغم شدة مرضها وصدقني أنا هقدم قرابين للمعبد ما حصلتش ولا هاتحصل.
فيراد:
أنا عارف يا سيد كومار إن كرمك ملوش حدود وإنك أهل الكرم والجود.
يذهب فيراد ناحية لاليتا، يضع يده على رأسها ثم يبدأ في ترانيمة المبهمة ثم يمسك رأسه وكأن صداع ألمّ بها.
فيراد:
أيتها الآلهة ! إرحمي ضعفي.
كومار:
خير يا سيدي الاكاهن ؟!
فيراد:
(بحزن) حالتها صعبة شوية، أرجوك إعطيني مهلة أسبوع، بعد كده هتلاقيها تمام التمام، سيبهالي وأنا هبذل كل مجهودي من صلوات وابتهالات وقرابين للآلهة، دا غير الأدوية والأعشاب.
كومار:
أنا تحت أمرك في أي قربان مهما كان.
فيراد:
ما تقلقش يا سيد كومار، كل اللي أنا طالبه مهلة، عشان الحالة مش سهلة.
كومار:
أملي فيك كبير، لأنك كاهن قدير.
فيراد:
أوعدك إن مش هيبقى فيه تقصير.
كومار:
معادنا بعد أسبوع، أشوف وشك بخير.
فيراد:
أشوف وشك بخير.
يغادر كومار .. ويقترب فيراد من الفتاة الجالسة على الكرسي ولا يصدر عنها أي حركة أو صوت.
فيراد:
إنتي جميلة قوي يا بنت الإيه .. دا إنتي لو مش مريضة كنت أكلتك أكل.
تقف لاليتا فجأة وتفك شعرها الجميل فينسدل على كتفيها وتقترب من فيراد وتضع ذراعيها على كتفه.
لاليتا:
أنا كويسة أهه، يلا بقى كلني أكل زي ما بتقول.
فيراد:
(يرتبك) إيه ؟! إنتي مش مريضة ؟
لاليتا:
(بمنتهى الرقة) إنت شايف إيه ؟!
فيراد:
أنا شايف أحلى صبية في الدنيا ديّه.
لاليتا:
طب ومستني إيه يا عينيه ؟!
فيراد:
أفهم الأول الحكاية وبعدين اليوم طويل والصبر جميل.
لاليتا:
(تتراجع للوراء) حاضر هاحكيلك الحكاية وبعدين نبدأ الرواية، الحكاية ببساطة إن والدي أغنى تاجر في الجنوب، بس قاعد وسط الفلاحين، يصحى من الفجر وينام من المغرب، حياة مملة وتزهق، وفي يوم من الأيام لقيته جايب لي عريس غني جداً بس شكله وحش ودمه تقيل قوي، رفضته، بس أبويا صمم عليه وقال لي مش مهم الشكل، المهم العيشة الحلوة، قعدت أعيط ومثلت إن أنا تعبانة وقلت لصحبتي اقترحي على أبويا إنه يوديني عند الكاهن فيراد لأنه بيشفي الناس والعباد.
فيراد:
وانتي عرفتيني منين ؟!
لاليتا:
أخبارك مكسره الدنيا، إنت مش شايفني لابسة أصفر، أنا إنضميت لجماعتك قبل ما أشوفك.
فيراد:
حلو قوي قوي .. يا ريت بقه تقولي لي إيه المطلوب مني وأنا تحت أمرك.
لاليتا:
هانعمل تمثيلية على أبويا ونبيِّن له إن الحالة صعبة وبعد مجهود خرافي منك نقول له إن الآلهة طلبت إن لاليتا تبقى خادمة المعبد ولازم تعيش فيه وما ترجعش نهائي للجنوب.
فيراد:
حلو قوي، دا يبقى من سعدي وهنايا أعيش مع زين الصبايا.
لاليتا:
أيوه كده خليك حلو معايا، أنا تعبانة قوي، السفر كان طويل، مفيش مكان أنام فيه.
فيراد:
(يشير إلى حجرته الداخلية) أوضة النوم هناك أهي، فيها سرير جميل ومريح عشان لاليتا الجميلة تستريح.
لاليتا:
طب كده تمام، أنا هاروح بقه أنام .. سلام.
تذهب لاليتا إلى الحجرة من مدخل يمين المسرح، يذهب وراءها فيراد، يقف كالعادة عند المدخل مراقباً ما يدور في الحجرة ..
فيراد:
إقفلي عليكي الأوضة وانتي بتغيري هدومك.
لاليتا:
(تضحك ضحكة خليعة مدوية) 
لاليتا تتكلم من داخل الحجرة وهي غير ظاهرة بالمرة للجمهور:
لاليتا:
هو فيه حد جاي دلوقتي ؟!
فيراد:
لا، محدش جاي.
لاليتا:
خلاص، اقفلها ليه ؟! هو إنت غريب ؟!
فيراد:
أنا مش غريب، دنا أقرب قريب، لأعز حبيب.
لاليتا:
انت هاتقف عندك كتير، يا كاهن الكهان وناسك هذا الزمان؟
فيراد:
كاهن الكهان، خلاص بقه في خبر كان، قدام الحصان الجامح والرهوان.
يخلع قميصه العلوي ويدخل لها في الحال.
إظلام


المنظر الثاني
لاليتا وفيراد داخل المعبد ..
فيراد:
يلا يا لاليتا نامي بسرعة على المصطبة هناك (يسار المسرح) أبوكي زمانه جاي.
لاليتا:
بس زي ما فهمتك وأنا هبقى خدامتك وتحت أمرك.
فيراد:
دنا اللي خدامك وتحت أمرك معقول أفرط فيكي بعد ما مليتي عليّه حياتي وأسعدتي أوقاتي.
يدخل ناهوشا مسرعاً ..
ناهوشا:
السيد كومار جاي ورايا حالاً ..
تسرع لاليتا إلى المصطبة المفروشة، تنام عليها وتتظاهر أنها خرساء بكماء، وعاجزة عن الحركة تماماً .. يدخل كومار وينحني لفيراد.
كومار:
إيه الأخبار يا مولاي طمني ؟!
فيراد:
الموضوع كبير، بجد خطير.
كومار:
(يبدو عليه الحزن والبأس) يعني مفيش أمل؟
فيراد:
الأمل كبير، إنت من يوم ما سبتني وأنا عاكف على الصلوات والإبتهال للآلهة، دا غير القرابين اللي اتقدمت لحد ما الآلهة اتكلمت.
كومار:
والآلهة قالت إيه ؟! أنا خدامها وهاعمل اللي أقدر عليه.
فيراد:
الآلهة العظام زارتني في المنام وطلبت طلبات تتنفذ من غير كلام.
كومار:
طلباتهم مُجابة على الدوام.
فيراد:
أهه كده تبقى تمام، الآلهة يا سيد كومار طلبت إن لاليتا تخدم المعبد لمدة خمس سنين، لا تتجوز ولا تتمتع بأي لذة دنيوية، لازم تعيش حياة رهبنة كاملة.
كومار:
بنتي هاتعيش بعيد عني، دي حاجة صعبة قوي.
فيراد:
يعني مش موافق ؟
كومار:
(وهو يتألم) موافق يا سيدي الكاهن، مقدرش أرفض طلبات الآلهة.
فيراد:
فيه طلب كمان.
كومار:
إتفضل قول على طول.
فيراد:
الآلهة حزينة جداً، إن الملك ناندا والحكيم سوشين متعاونين مع أعداءنا المسلمين في الهندومين وعشان كده طلبوا مني أجهز جيش كبير يحارب الهندومين.
كومار:
طب وأنا إيه علاقتي بالموضوع ده ؟!
فيراد:
إنت نسيت يا سيد كومار إنكم في الجنوب بتصنعوا أعظم أنواع الأسلحة من سيوف ودروع، الآلهة عاوزاك تقدم القرابين أسلحة ودروع واحنا كمان هاندفع لك أي فلوس انت عاوزها.
كومار:
يا سيدي الكاهن، إنت لو رجعت لي بنتي زي ما كانت مش هتأخر عليكم في أي حاجة ومن غير أي فلوس، إنت ما تعرفش نفوذي وسيطرتي على أهل الجنوب.
فيراد:
(بفرح وحماس) صدقني هاترجع زي الأول وأحسن، طالما هاتحقق للآلهة المطلوب، هاتبقى المرغوب والمحبوب.
يذهب فيراد ناحية لاليتا النائمة على المصطبة يمين المسرح، ويضع يده على رأسها ويتمتم بكلام غير مفهوم ولكنها نائمة بلا حِراك كما هي فيتركها ويتجه صوب الآلهة ويجثو على ركبتيه.
فيراد:
(متضرعاً للآلهة) أيتها الآلهة العظيمة، أنزلي رحمتك على هذه الفتاة المسكينة، أنزلي رحمتك على كومار المسكين المستعد لبذل الغالي والنفيس من أجل أن ترضي عنه.
ينهض فيراد ويذهب بسرعة إلى لاليتا ويده على رأسها ويتمتم بقوة ويشهق ويصرخ بكلام غير مفهوم.
تفتح لاليتا عينيها وتنظر إلى أبيها.
لاليتا:
(بصعوبة بالغة) بابا
كومار:
(بفرح) بنتي حبيبتي.
لاليتا:
بابا.
كومار:
كلميني يا بنتي ولو تقدري قومي إمشي.
لاليتا:
بابا.
كومار:
دي ما بتقولش غير بابا !!!
فيراد:
طوّل بالك يا سيد كومار، قلت حالتها خطيرة محتاجة مجهودات كبيرة.
يذهب فيراد مرة أخرى ناحية الآلهة ويجثو على ركبتيه ويرفع يديه متضرعاً.
فيراد:
أيتها الآلهة إرحمي ضعفنا، إشفي مريضنا (يصرخ) إشفي مريضنا، عفوك، عفوك، عفوك أيتها الآلهة.
يذهب بسرعة إلى لاليتا ويضع يده على رأسها ويبكي ويصرخ ويرتعش ويتشنج ويتمتم بكلمات مبهمة تماماً.
لاليتا:
(تتوجع) آه، آه، دماغي تقيله وتعبانة، آه يانا (مخاطباً فيراد) إنت مين يا راجل إنت؟ أنا عاوزة أبويا، أنا مش قادرة أحرك دماغي وجسمي واجعني قوي.
كومار:
أنا هنا يا بنتي متخافيش، حاولي تتحركي ما تستسلميش.
لاليتا:
أبويا حبيبي، أنا فين ؟!
كومار:
إحنا عند الكاهن اللي بيشفي العباد.
لاليتا:
الكاهن فيراد ؟!
فيراد:
أيوه، يا لاليتا، معاكي فيراد بنفسه وروحه وكيانه.
لاليتا:
طالما إنت اللي بتعالجني فانا مش خايفة، أنا عارفة بركاتك وتجلياتك.
يضع فيراد يده على رأس لاليتا ويصرخ ويبكي ويشهق ويتمتم.
فيراد:
(يلهث) حاولي تقعدي كده يا لاليتا.
لاليتا:
حاضر، حاضر يا سيدي الكاهن.
تحاول أن تنهض جاهدة، تستند على فيراد، تصرخ، تبكي، تنجح في النهاية بالجلوس.
كومار:
(بفرح) جميل جداً، حاولي بقة يا بنتي تقفي على رجليكي.
لاليتا:
مش قادرة، مش حاسة برجليّه خالص (تبكي).
كومار:
بتعيطي ليه ؟! إحنا كنا فين وبقينا فين.
يتنهد فيراد بعمق ويذهب ناحية الآلهة ويجثو على ركبتيه ويضم يديه ويتمتم ثم يسجد ثم يجثو على ركبتيه، ثم يبكي، ثم ينتحب ثم يقوم مسرعاً ناحية لاليتا ويضع يده على رأسها، يتمتم، يبكي، يشهق، ينتحب.
فيراد:
(وهو يلهث بشدة) قومي، قومي إمشي على رجليكي.
تحاول لاليتا جاهدة أن تقف وبعد معاناة كبيرة تتمكن من الوقوف، ثم تتمكن من السير بصعوبة بالغة بكل البطء والمعاناة.
فيراد:
حمداً، حمداً، حمداً للآلهة.
(يُغمى عليه)
إظــــــــــــلام


المنظر الثالث
يجلس فيراد في زي الملك، يجلس بكل عظمة وشموخ، على كرسي ملكي في أعلى وسط المسرح، يدخل ناهوشا مسرعاً.
ناهوشا:
مولاي !!
فيراد:
فيه إيه يا ناهوشا ؟!
ناهوشا:
(بكل فخر) شباب جماعة الأعوان اتدربوا على السلاح اللي جاي من كومار، شباب قوي، جبار كلهم حماس، لهيب، نار.
فيراد:
عظيم عظيم قوي يا ناهوشا.
ناهوشا:
خمسين في المَيَّة من الناس بقم معانا وعلى هوانا، معانا جيش مسلح، تسليح حديث، قوتنا الهايلة مش محتاجة كلام أو حديث، مولاي، جنودك البواسل واقفين بره مستنيين الإذن عشان يعرفوك همه وصلوا لفين ويطمنوك.
فيراد:
خليهم يدخلوا أوام.
يصفق ناهوشا بيديه ناظراً ناحية باب الدخول فيدخل بعض من شباب الجماعة، شاهرين سيوفهم ويبدأون في استعراض عسكري حيث يظهرون قوتهم، ثم يؤدون حركات رياضية صعبة تُظهر حُسن تدريبهم .. بعد الانتهاء من العرض، كل شاب يقبل يد فيراد ويمسح جبهته في يده وهكذا حتى ينتهون .. يحمل أحدهم فيراد على كتفيه ويتجه إلى خارج المعبد ويتبعه زملاؤه الشباب.
الشباب:
(في نفس الوقت) فيراد، فيراد، فيراد، ملك البلاد، فيراد، فيراد، فيراد، ملك البلاد.
يخرجوا جميعاً من المعبد ..
يدخل محمد ومعه كوكيلان وجوليزار ..
كوكيلان:
بقه ده معقول ؟! الكاهن والملك يثقوا في فيراد، وهو بخبث ودهاء يستولي على البلاد.
محمد:
فيراد، وغد الأوغاد.
جوليزار:
دنس المعبد هو وساقطات البلاد.
كوكيلان:
أكيد الآلهة هاتغضب على العباد.
جوليزار:
لازم نروح نشوف فين الكاهن سوشين عشان ينقذ البلاد.
محمد:
أنا عارف مكانه، هناك في الغابة بيتعبد هو وصحابه تحت شجرة التين العظيمة.
كوكيلان:
طب يلا نروح له أوام سوشين كان ملك البلاد وكان محارب عظيم وله كل التأثير على الناس والجنود.
جوليزار:
بس فيه حاجة مهمة، لازم نعملها يا كوكيلان.
كوكيلان:
إيه هيا يا بنت ملك الجان ؟!
جوليزار:
لازم تتنكري إنت ومحمد، عشان فيراد لما عرف إنك إتجوزتي محمد، قعد يصرخ ويقول: كوكيلان دي بتاعتي، إزاي واحد من المسلمين ياخدها مني وهو حالف ليقتل محمد ويخطفك ويتجوزك بالقوة في المعبد.
كوكيلان:
إيه ؟! يقتل محمد ؟! دا إحنا نرجع الهندومين أحسن، كنا هناك عايشين في أمان.
جوليزار:
كده يا كوكيلان هاتسيبي هندوسة تقع في إيد فيراد، شر الناس والعباد.
محمد:
لا طبعاً، لازن نقف موقف قوي ضد الخاين الجبان ونساعد أصدقائنا الطيبين الجدعان.
جوليزار:
أهو هو ده الكلام، تتنكروا ومحدش هايعرفكم، وما تنسوش إنكم في حماية ملك الجان.
محمد:
دا كده حلو قوي وتمام.
جوليزار:
يلا بينا بقه يا كوكيلان.
كوكيلان:
يلا بينا أوام.
يخرج الثلاثة مسرعين ..
إظــــــــــــلام


الفصل الثالث
المشهد الأول
المنظر الأول
منضدة أمام مصطبة يمين المسرح، يجلس على المصطبة فيراد مرتدياً زي قاضي القضاة وبجانبه ناهوشا كمساعد للقاضي.
فيراد:
فهمت لاليتا هاتعمل إيه يا ناهوشا ؟!
ناهوشا: 
طبعاً، ودي عاوزة كلام !!
فيراد:
إحنا عاوزين نجرّ رجل الراجل ده للجماعة، دا من أهم الناس في شرق المملكة كلها.
ناهوشا:
ما تقلقش، لاليتا بجمالها وحيلها هاتقدر توقعوا وتجيبوا.
يدخل راهولا والذي يقوم بدور الحاجب في هذه المحاكمات المنعقدة.
راهولا:
القضية الأولى يا مولاي.
فيراد:
يدخلوا في الحال.
يدخل رجل كبير السن فيشال ومعه بنته الجميلة الشابة بوتانا ويرتديان اللون الأصفر ومعهم شاب طويل وقوي، كهارا ولا يرتدي مثلهم اللون الأصفر وهو خطيب بوتانا.
فيراد:
ممكن أعرف مين اللي رافع القضية، ورافعها ليه ؟
الشاب:
أنا يا مولاي، كهارا .. من كام شهر يا مولاي إتقدمت للإنسانة اللي بحبها، دي اللي قدامك، بوتانا وأبوها اللي معاها ده، فيشال وبصراحة الراجل وافق على طول وقال لي هو احنا نطول.
فيراد:
جميل جداً يا كهارا، أنا مش شايف أي مشكلة.
كهارا:
يا سيدي القاضي، من حوالي أسبوع فوجئت بالسيد فيشال باعت لي رسالة بيقول فيها إن الخطوبة اتفسخت وإن بوتانا خلاص اتخطبت للسيد شانور.
فيراد:
يبقى أكيد بوتانا غيرت رأيها ومالت بعواطفها نحو شانور.
بوتانا:
مستحيل، أنا عمري ما أعمل كده أبداً، كهارا هو حبي الأبدي.
فيراد:
غريبة، طب وإيه اللي خللى شانور يتقدم وهو عارف إنها مخطوبة ؟
راهولا:
شانور واقف بره يا مولاي القاضي وممكن تسأله لو عاوز.
فيراد:
فعلاً، أنا عاوز أسأله وأستجوبه لأن دي حاجة مش كويسة أبداً إنه يروح يخطب واحدة مخطوبة.
راهولا:
دخلوا شانور.
يدخل شانور وهو رجل ضخم الجثة ويرتدي اللون الأصفر.
شانور:
(ينحني) أوامرك يا مولاي فيراد، يا ملك البلاد والعباد.
فيراد:
اسمع يا شانور ومن غير ما تلف وتدور عاوزك تقول الحق مش الزور، خلينا على بينة، خلينا في النور.
شانور:
بكل سرور.
فيراد:
اتفضل قول.
شانور:
أنا اللي من حقي أخطب بوتانا لأنها من جماعتي وعلى ديانتي، جماعة الأعوان نصر وعزة في كل مكان، إنما هو من أتباع سوشين حبيب المسلمين.
فيراد:
(بكل حسم) بوتانا، إنتي اللي في إيدك القرار والإختيار، في إيدك تختاري كهارا، بس لو عملتي كده هاتبقى خارج جماعة الأعوان وانتي عارفة دي عقوبتها إيه (يشير بعلامة الذبح)، يا إما تختاري شانور، ودي هاتبقى السعادة والسرور لأنه إبن جماعتك وعلى ديانتك.
تذهب بوتانا ناحية كهارا وتمسك يده وتقبلها.
بوتانا:
أنا عمري ما هاختار غير حبيبي كهارا حتى لو قتلتوني.
الأب:
(غاضباً) إنتي اللي اختارتي مصيرك بإيدك، وبكره الندم مش هايفيدك.
بوتانا:
وإيه يعني لما أموت شهيدة في حب كهارا، أنا عاوزاه يعرف إني أصيلة ومش غدارة.
تقبل بوتانا يدي كهارا قبلات متعددة.,
فيشال:
(شامتاً) حب من طرف واحد، لو كان بيحبك بجد، كان أنقذ حياتك.
كهارا:
أنا مستعد أموّت نفسي عشان هي تعيش.
فيشال:
(بخبث) إنت لو بتحبها بجد كنت انضميت لجماعة الأعوان وبعدها هاتعيشوا في سعادة وأمان، باعت لك نفسها إشتريها إنت يا جبان.
بوتانا:
أرجوك يا والدي ما تغصبوش على حاجة هو مش عاوزها، أنا خلاص هموت شهيدة في حب حبيبي كهارا.
كهارا:
وأنا مارضاش بكده يا بوتانا، دا انتي عندي أغلى إنسانه. أنا بعلن إنضمامي لجماعة الأعوان وتشهد عليّه الآلهة وكل إنسان. 
يصفق فيراد فيدخل راهولا وناهوشا في الحال إلى داخل المعبد ويُحضرا بعض الصناديق.
فيراد:
الحاجات البسيطة دي، هديتي ليك يا كهارا.
كهارا:
بس دي حاجات كتيره قوي يا مولاي.
فيراد:
أنا مستعد أدفع عمري بس أشوف اتنين بيحبوا بعض وهمه عايشين في سعادة من غير ما حاجة تكدر عليهم عيشتهم.
كهارا:
(ينحني) شكراً يا مولاي.
فيراد:
الفرح هنا في المعبد الخميس الجاي، يلا اجهزوا للفرح، وانت يا شانور، خلي عندك روح رياضية واشتال معاهم الحاجة.
شانور:
سمعاً وطاعة، للملك فيراد ولإخواني في الجماعة.
يحمل كهارا وبوتانا وشانور وفيشال الصناديق ثم يخرجون وهم في منتهى السعادة.
راهولا:
الواد ده كان من أخلص المخلصين لسوشين وهو اللي مسيطر على منطقته كلها.
ناهوشا:
دا مفيش أي حد هناك انضم لينا.
فيراد:
طب ودلوقتي لما يقوه لابس أصفر ؟
ناهوشا:
أكيد كلهم هايعملوا زيه لأنه قدوتهم.
راهولا:
من حظنا السعيد، إننا كل يوم بنزيد.
إظلام قصير
يجلس فيراد على منصة القضاء يمين المسرح وبجواره ناهوشا كمساعد وراهولا يعمل كحاجب ينادي على القضايا.
راهولا:
القضية الثانية باندو وبراديوتا وروهيني يدخلوا أوام لقاضي القضاة.
يدخل الثلاثة، روهيني جمالها أخّاذ فاتن، لها قسمات ساحرة وقوام ممشوق جداً، شعرها أسود فاحم منسدل على كتفيها ترتدي ملابس أنيقة ومحبوكة تماماً على جسدها، تتمايل في خفة ورشاقة أثناء سيرها، يلاحقها فيراد بعينيه، ينحني الثلاثة أمامه.
فيراد:
إنت ليه يا سيد براديوتا بتشتكي السيد باندو ؟!
براديوتا:
دخلت البيت لقيت باندوا مع أختي على السرير وهي يا عيني بتحاول تقاومه، بس هو منقض عليها زي الوحش.
فيراد:
دا كلام خطير عقوبته الرجم أو الجلد حتى الموت.
ناهوشا:
اتكلم يا باندو، دافع عن نفسك.
باندو:
أنا كنت ماشي في الشارع لقيت باب انفتح وطلعت منه واحدة مشافتش عينيه زي جمالها.
فيراد:
معاك حق يا باندو (يستدرك) وبعدين إيه اللي حصل يا باندو اتكلم ؟
باندو:
لقيتها بتقول لي لو سمحت ممكن تقرالي رسالة مهمة، عندي في البيت جوه، قلت لها ممكن قوي (يصمت).
فيراد:
ماتشوقناش وتسيبنا، قصدي كمل على طول يا باندو، احنا معندناش وقت نضيعه.
باندو:
قالت لي المصباح جوه في أوضة النوم، هايخليك تشوف الكلام كويس، قلت لها ماشي، ندخل أوضة النوم (يصمت).
فيراد:
(بمنتهى العصبية) الواد ده لازم ينضرب بالجزمة ..
يهم فيراد بخلع حذاءه لكي يضرب به باندو ولكن ناهوشا يتدخل ويمنعه ويقوم بتهدأته ..
ناهوشا:
مولاي فيراد، اهدى إنت القاضي.
يتمالك فيراد نفسه ويتكلم بصوت مخنوق وكأنه على وشك البكاء ..
فيراد:
ما انت شايف، بييجي عند الحتت المهمة ويسكت.
ناهوشا:
(ينهر باندو) إتكلم يا باندو على طول، لازم تنطق، تصرَّح، تقول.
ناندو:
(يطأطئ رأسه خجلاً) بعدها، بعدها لقيتها خلعت عبايتها ودي الحاجة الوحيدة اللي كانت لابساها ومسكت دقني بصوابعها وقالت لي، أصل الجو حر في الأوضة قوى ولو انت كمان عاوز تخلع هدومك عشان تركز في القراية مفيش أي مانع عندي، قلت لها أحب قوي (يطأطئ رأسه ويصمت).
فيراد:
(يصرخ) إعدام، وبحق الآلهة لو ما كملت لأعطيك إعدام يا مجرم يا جبان.
باندو:
بعد كده قلت لها اسمك إيه قالت لي روهيني قلت لها ممكن يا روهيني أقرأ الجواب على السرير وانتي جنبي، قالت لي طبعاً، بس اشتالني عشان مبعرفش أطلع على السرير لوحدي، اشتالتها وغطست في بحر سعاده كبير مصحيتش منه إلا بعد وقت طويل على صوت وحِش قوي.. صوت السيد براديوتا، حاولت أهرب بس بصراحة جسمي مطاوعنيش خالص إني أقوم من على السرير.
فيراد:
طبعاً يا ابن المحظوظة، (يستدرك) خلاصة الكلام إن روهيني عملت كده بكامل إرادتها ورغبتها وإن اللي حصل مكانش أبداً إغتصاب.
باندو:
طبعاً.
براديوتا:
(مقاطعاً) مولاي ! إنت عارف إن روهيني عضوة في جماعة الأعوان ونساء جماعة الأعوان معروفين بالعفة والشرف والإيمان.
فيراد:
دي عاوزة كلام ؟!
براديوتا:
فيه ناس قالوا لي إن الراجل ده نط من الشباك واغتصب أختي الشريفة العفيفة وإن مكنتش مصدقني هوريك جسمها كله متعلم بعلامات حمره من ضوافره، دا وحش مش إنسان.
فيراد:
(مخاطباً روهيني بشغف) وريني العلامات كده يا حلوة ؟!
ناهوشا:
(يكح مقاطعاً) الشهود جاهزين بره يا مولاي، إنده لهم يا راهولا.
راهولا:
الشهود يدخلوا.
يدخل إثنان من الشهود يرتديان الزي الأصفر وينحنيان أمام فيراد.
فيراد:
قل لي انت وهو شفتوا إيه ؟!
شاهد1:
احنا كنا واقفين نتكلم جنب بيت براديوتا، وفجأة لقينا باندو بينط من شباك البيت وبعد كده لقينا واحده بتستنجد وبتتوجع ولقينا براديوتا بيصرخ ويقول الحقوني يا ناس.
شاهد2:
رحنا بسرعة البيت لقينا باندو مغطي وسطه بملاية وكله عرق وبينهج وبيقول سامحوني، مقدرتش أقاوم جمالها! أنا مستعد أدفع لها أي تعويض عن اللي عملته فيها.
باندو:
كدابين، كدابين.
شاهد1:
انت اللي كداب وستين كداب.
شاهد2:
انت وحش مش إنسان.
فيراد:
(يشير إلى الشهود بالانصراف) اسمع يا باندو، انت موقفك ضعيف جداً، أخوها والشهود مسكوك وانت عندها في بيتها، لو كانت هي اللي جت لك البيت محدش كان هايقدر يعاتبك أو يلومك .. أنا مضطر أحكم بالإ ...
باندو:
(مقاطعاً) أنا هصلح غلطتي وهاتجوزها وهاعوضها هي وأخوها بفلوس ودهب كتير.
براديوتا:
آسف ما ينفعشي.
باندو:
وليه ما ينفعشي، ما تخلص أمورك يا براديوتا.
براديوتا:
أختي من جماعة الأعوان وما ينفعش تتجوز واحد من خارجها ويا ريت كده وبس، دا إنت من أتباع الكاهن سوشين ومن أخلص أخلصائه.
فيراد:
(يتظاهر بالغضب الشديد) انت بتقول إيه؟ الكاهن سوشين حبيب المسلمين والهندومين، دا وقعته هباب وطين.
باندو:
خلاص يا مولاي، أنا هنضم لجماعة الأعوان، بس بشرط.
فيراد:
إنك تتجوز الرهوان، قصدي روهيني.
باندو:
أيوه، أمنية حياتي أتجوز روهيني، لأن هيا اللي هاتسعدني وتهنيني.
فيراد:
(وهو يكاد يبكي) موافقة يا روهيني؟!
روهيني:
موافقة يا مولاي.
فيراد:
طب يلا يا بندو انت وبراديوتا روحوا جهزوا للفرح الخميس الجاي.
باندو:
(مندهشاً) طب وروهيني مش هاتيجي معانا ؟!
فيراد:
من طقوس جماعة الأعوان إن العروسة تقضي في المعبد تلات تيام، تصوم وتصلي وتقدم القربان، يلا امشوا انتوا أوام، مش عايز نقاش ولا كلام.
ينحني براديوتا ويقلده باندو ثم يغادران المكان سوياً.
ناهوشا:
(يغمز لفيراد) واحنا كمان هنغادر المكان.
فيراد:
علقوا ورقة على باب المعبد إن الكاهن الأكبر معتكف ومش مسموح لحد يقابله لمدة تلات تيام ووقفوا حرس على المعبد وما يسمحوش لحد يدخل لا من الأعيان ولا من العوام.
ناهوشا:
مفهوم يا ملك الزمان.
يغادر ناهوشا وراهولا في الحال.
يقترب فيراد من روهيني ويقبل يديها قبلات متتابعة ويهم باحتضانها ولكنها تصده.
فيراد:
(حزيناً) روهيني !! إنتي بتصديني ؟!!
روهيني:
(تطلق ضحكة مدوية) أنا أصدّ مولاي فيراد، دا معلم على نساء البلاد.
فيراد:
دا كان زمان قبل ما تظهر قمر الزمان، تبت على إيدك يا روهيني وأرجوكي بلاش تجيبيني وتوديني.
روهيني:
أعتبر دا وعد منك يا مولاي.
فيراد:
(بكل حماس) طبعاً.
روهيني:
كده أبقى خدامتك على الدوام.
فيراد:
بس أنا بجد زعلان، زعلان إني مشفتكيش من زمان .. لو كنت أعرف مكنتش سلمتك لباندو الحيوان.
روهيني:
يعني لو كنت تعرفني كنت هاتعمل إيه يا مولاي؟
فيراد:
كنت هاعلن في كل البلاد إن الآلهة جت لي في المنام وطلبت مني إن روهيني تبقى من خُدام المعبد وتفضل هنا معايا في المعبد على طول.
روهيني:
بجد يا مولاي ؟!
فيراد:
(يعود ويقبل يديها قبلات متتالية) أيوه يجد وستين جد كمان ولا أقول لك كنت هاخليكي ملكة البلاد.
روهيني:
(بفرحة كبيرة) ملكة البلاد حتة واحده ؟!
يجثو فيراد على ركبتيه ويقبل يديها بنهم ..
فيراد:
بقول لك إيه يا روهيني.
روهيني:
قول يا مولاي.
فيراد:
أنا عندي زيت عصارة الأعشاب هدهن لك جسمك عشان البركة تحلّ عليكي في الجواز.
روهيني:
(تضحك ضحكة خليعة وتغمز بعينيها) هاتعرف يا مولاي ؟!
فيراد:
دا تخصصي يا روهيني بس يلا إنتي على الأوضه إسبقيني.
روهيني:
لما نشوف.
تتمايل بشدة وهي ذاهبة إلى حجرة النوم الداخلية في المعبد.
يتابعها فيراد بنظرات شبقية ولهفة مجنونة، يقف عند المداخل كالعادة.
روهيني:
هو إنت هاتقف عندك كده كتير ؟
فيراد:
أنا أقف كتير ؟! دنا أبقى جاموسة وحمار كبير.
يخلع فيراد قميصه العلوي وينطلق إلى الداخل.
إظلام
المنظر الثاني
يأتي فيراد من الداخل وهو خائر القوى تماماً ويمشي بصعوبة.
فيراد:
يا سلام، كانوا أجمل تلات تيام، دي حاجة ولا في الأحلام، ذهب وفلوس وخمرة ونسوان.
تدخل فيشاخا فيُصاب فيراد بالهلع حيث أن قواه قد خارت تماماً.
فيشاخا:
مولاي يا مولاي.
فيراد:
قبل ما نبدأ الكلام عاوز أعرفك إني صايم تلات تيام، لا خمر ولا نسوان.
فيشاخا:
متخافش أنا مش جايه عشان كده، أنا عارفه إنك همدان وتعبان من كتر الخمرة والنسوان، ورغم كده بحبك وشغاله بإيديه وسناني عشانك، أنا جندت ييجي ميّه ولا ميتين.
فيراد:
(بفرح) مية ولا ميتين ؟!
فيشاخا:
هو أنا شوية يا نور العين ؟!
فيراد:
شوية إيه؟ دا انتي اللي فيهم ومن سنين.
يقبل يديها وجبهتها ..
فيشاخا:
عندي لك مفاجأة هايلة.
فيراد:
(بفرح) مفاجأة ؟! مفاجأة إيه ؟
فياخا:
باهوكا.
فيراد:
باهوكا .. طباخ وساقي الملك ناندا.
فيشاخا:
انت عارفه ؟!
فيراد:
دا واحد من أشد المخلصين للملك والكاهن سوشين.
فيشاخا:
بقه خاتم في صباعي.
فيراد:
يا بنت اللعيبة .. وعرفتيه إزاي ده ؟
فيشاخا:
كان بيصطاد في النهر (تبتسم ساخرة) في نفس الحتة اللي بحب أستحمى فيها.
فيراد:
وشاف كل حاجة ؟!
فيشاخا:
كل حاجة.
فيراد:
أكيد كان هايتهبل ؟
فيشاخا:
دا غلبان، كان هيقع من طوله، دا غير إنه خجول وبيخاف يعمل حاجة غلط، بصراحة هو محتاج مجهود كبير قوي، وخطة متخرش الميّة عشان يبقى معانا.
فيراد:
وانتي طبعاً عاوزاني أحط لك الخطة، صح ؟!
فيشاخا:
لا، أنا عارفة هاعمل إيه كويس أنا عاوزاك بس تجهز لي شوية أفيون.
فيراد:
أفيون ؟!
فيشاخا:
أيوة، هو زمانه جاي دلوقتي، أنا محضرة له خطة هاتجيبه على وشه.
فيراد:
يا بنت الإيه !!
فيشاخا:
تلميذتك النجيبة.
فيراد:
(يقبل يديها) أنا بعترف قدام العالم كله إني أصغر طالب عندك.
صوت من الخارج .. صوت باهوكا ..
باهوكا:
فيشاخا، فيشاخا.
فيراد:
طب أنا هادخل جوه دلوقتي، بسرعة.
يُسرع فيراد إلى داخل المعبد، ناحية اليمين، وبعدها يظهر باهوكا، شاب طويل تبدو عليه الوسامة والطيبة، قادماً من مدخل المعبد ناحية اليسار.
باهوكا:
أنا بنده عليكي بقالي كتير يا فيشاخا، إنتي ليه ما بترديش عليّه؟
فيشاخا:
معلهش يا عينيه، كنت في المعبد جوه، وأول ما سمعت صوتك جيت جري.
باهوكا:
(ببراءة) أنا قلت دا انتي سامعاني ومطنشاني.
تقترب منه فيشاخا وتقبل يديه ثم تريد أن تقبله في فمه فيبتعد خجلاً .
فيشاخا:
أنا حاسة إنك ما بتحبنيش.
باهوكا:
إنتي ليه بتقولي كده ؟!
فيشاخا:
عشان دايماً بتتحرج مني وبتبعد عني.
باهوكا:
إحنا لما نتجوز، مش هاتحرج منك ولا هبعد عنك.
فيشاخا:
(باندهاش) نتجوز ؟!
باهوكا:
(بقلق) أيوه نتجوز، ولا إنتي مش عاوزة تتجوزيني وعاوزة بس تجيبيني وتوديني؟
فيشاخا:
إخص عليك يا باهوكا، إنت برضه ممكن تصدق إن أنا أبقى وحشة كده ! دنا كل أملي إننا نعيش تحت سقف واحد.
باهوكا:
أيوة كده، طمنتيني وريحتيني.
فيشاخا:
أنا جايبة لك هدية؟
باهوكا:
هدية ؟!
فيشاخا:
أيوة، هاجيبها لك من جوه، استنى بس عليّه.
تدخل فيشاخا مسرعة إلى داخل المعبد وتحضر غليوناً خشبياً محشو بالأفيون، تحمله إلى شفتيها تنشق أول نفس ثم تغمض عينيها.
باهوكا:
(مذهولاً) إيه ده يا فيشاخا ؟!
فيشاخا:
دا أفيون.
باهوكا:
إيه ؟! أفيون؟! وبيعمل إيه الأفيون ؟!
فيشاخا:
(بحماس بالغ) دا بيخليك تطير فوق وتسبح في الكون. 
باهوكا:
ودا شئ وحش ولا شئ مضمون ؟!
فيشاخا:
دا شئ مضمون، وخالي من الشك والظنون.
يأخذ باهوكا الغليون منها وينشق منه ثم يغمض عينيه، يبدو عليه التلذذ الشديد، يكرر التنشق مرات ومرات، ثم يبدو على وجهه ابتسامة بلهاء، تبدأ فيشاخا برقصة مثيرة على وقع موسيقى ساحرة ويستمر باهوكا في التنشق حتى يبدو أنه وصل عالم كبير من السعادة، يبدأ باهوكا بالتأثر برقص فيشاخا وتحت تأثير الأفيون يبدأ في الهجوم عليها وهي تتهرب منه بدلال متجهة ناحية داخل المعبد مشيرة إليه بسبباتها كي يتبعها، يتبعها باهوكا ثم يقف عن المدخل المؤدي إلى حجرات المعبد، ينظر إلى فيشاخا بكامل الشبق، تنادي عليه فيشاخا من الداخل.
فيشاخا:
بتحبني يا باهوكا ؟!
باهوكا:
بحبك، إنتِ أحلى حاجة في الدنيا.
فيشاخا:
طب لما إنت بتحبني واقف عندك ليه ؟! ما تيجي.
يتردد باهوكا ثم يخلع قميصه العلوي ويدخل إليها مسرعاً.
إظــــــــــــــلام
المنظر الثالث
فيشاخا جاثية على ركبتيها، في وسط المسرح متضرعة إلى الآلهة وهي في زي رهبنة كامل، يدخل باهوكا المعبد فيصاب بصاعقة من هول المنظر ..
باهوكا:
فيشاخا، فيشاخا.
لا ترد فيشاخا فهي منهمكة في صلاتها بكل خشوع.
باهوكا:
فيشاخا، فيشاخا.
يهزها فتخرج من صلاتها.
فيشاخا:
ليه كده يا باهوكا ؟ أنا كنت بصلي، أنا كنت بتطهر من الذنوب العظيمة اللي عملتها معاك، حرام عليك ضيعتني.
باهوكا:
إيه ؟! ضيعتك ؟! بقه بتسمي حبنا ضياع ؟!
فيشاخا:
أيوه، جماعة الأعوان كانت هاتموتني، إزاي أبقى عضوة فيها وأحب وأتجوز حد من خارجها.
باهوكا:
جماعة الأعوان ؟!
فيشاخا:
إنت مش في الدنيا ولا إيه يا بني ؟! إنت ما تعرفش إن الآلهة جت في المنام لكاهن الكهان وقالت كوّن جماعة الأعوان ؟!
باهوكا:
(بسذاجة) إيه ؟! جت للكاهن سوشين وقالت له.
فيشاخا:
(مقاطعة) إنت ناوي تشلني، سوشين مين يا بني ؟! فيراد هو كاهن الكهان وملك المكان والزمان.
باهوكا:
إيه ؟! إنتي هاتضحكي عليّه، بقه فيراد مساعد قائد القواد، بقه كاهن، أما غريبة يلا ولاد.
فيشاخا:
أنا هموت والله، بقه معقول إنت مش عارف أي حاجة في الدنيا كده ؟!
يدخل فيراد في زي كاهن الكهان فيندهش باهوكا جداً.
فيراد:
إزيك يا باهوكا.
باهوكا:
(ينحني) سيدي فيراد !! مساعد قائد القوّاد.
فيراد:
باهوكا، أنا خلاص سبت الجيش وبقيت كاهن الكهان وملك كمان.
باهوكا:
وملك كمان ؟!
فيراد:
يا باهوكا يا حبيي افهم، لما الكاهن سوشين والملك ناندا سمحوا لواحد من المسلمين يتجوز كوكيلان، الآلهة زعلت منهم جداً وجت لي في المنام وخلتني كاهن الكهان وملك كمان.
باهوكا:
(بدهشة كبيرة) يا سلام.
فيراد:
يا بني افهم .. إنت يرضيك اللي حصل ؟!
باهوكا:
لأ طبعاً ما يرضنيش، بس الكاهن سوشين وأخوه الملك لهم أفضال كتيره على البلد كلها وأولهم إنت يا سيدي فيراد.
يشعر فيراد بإحراج شديد ولكنه يتغلب على ذلك شيئاً فشيئاً.
فيراد:
أنا عمري ما انكر ده يا باهوكا بس إنت عاوزني أخالف الأوامر السماوية العليا للآلهة وأسمع كلام الأرضيين ناندا وسوشين ؟!
باهوكا:
لأ طبعاً يا سيدي فيراد.
فيراد:
عشان كده كونت جماعة الأعوان سمعاً وطاعة للآلهة اللي جت لي في المنام.
باهوكا:
شئ جميل وتمام التمام، بس أنا ليّه طلب عندك بحق المعرفة القديمة واللي كان.
فيراد:
إنت تؤمر يا باهوكا، إنت طول عمرك طيب وغلبان.
باهوكا:
(يفرح ويتشجع) أنا عاوز أتجوز فيشاخا ونفسي كمان في شوية أفيون، جربته إمبارح وعيشني في سعادة ونساني الشجون.
فيراد:
إنت طلباتك أوامر عندي، بس المشكلة إن الآلهة محرمة إن حد من خارج جماعة الأعوان يتجوز حد منها حتى لو كان طيب وأعز إنسان.
باهوكا:
يعني أنا لازم أنضم لجماعة الأعوان، عشان أتجوز فيشاخا ؟!
فيراد:
أيوه يا باهوكا إن كان عليّه أنا موافق وفيشاخا كمان.
يصفق فيراد بيده فيظهر ناهوشا وراهولا ومعهم بعض الصناديق.
فيراد:
(يكمل كلامه) دول صناديق دهب ولولي ومرجان وفيها أفيون كمان.
باهوكا:
(تبرق عيناه) وفيشاخا كمان ؟
فيراد:
وفيشاخا كمان.
باهوكا:
(مستسلماً) أنا قررت إني أبقى من الأعوان.
فيراد:
كده إنت راجل تمام التمام.
تطلب فيشاخا من فيراد أن يكلمها بعيداً قليلاً عن باهوكا فيتجهان إلى أقصى مقدمة يسار المسرح.
فيشاخا:
(هامسة) مولاي .. إنت ناسي إن أنا متجوزة.
يضحك فيراد حتى يكاد يقع ..
فيراد:
إحنا عملنا كل حاجة يا فيشاخا، جت على دي وانتي ناسية إن الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا زي ما قال عمدة هندوسة وعمدة كل مكان وزمان.
ينادي فيراد بسرعة على باهوكا .. فيذهب إليه باهوكا مسرعاً يضع فيراد إحدى يديه على رأس باهوكا والآخرى على رأس فيشاخا ثم يتمتم بكلام غير مفهوم.
فيراد:
كده خلاص يا باهوكا، فيشاخا بقت مراتك، خد الصناديق وخد الأفيون وخد مراتك ويلا بسرعة على بيتك، عشان تقضوا شهر العسل.
لا يصدق باهوكا نفسه من الفرحة فيقع مغشياً عليه.
إظـــــــــلام


المشهـــــد الثانـــــــي
المنظـــر الأول
تتصاعد أصوات ضحك نسائية صاخبة من داخل حجرات المعبد، تخرج ثلاث فتيات جميلات من داخل المعبد، يهندمن ملابسهن وشعرهن المبعثر، ثم يغادرن المعبد، يظهر فيراد قادماً هو أيضاً من داخل حجرات المعبد خائر القوى تماماً، يحمل قنينة كبيرة من الخمر ويجرع منها بقوة، يترنح وهو في كامل الضعف متجهاً للمصطبة المفروشة يسار المسرح، يقع ثم يقوم ويترنح حتى يصل إلى المصطبة بصعوبة.
فيراد:
أنا تعبان قوي، انا برضه أسرفت على نفسي، أنا محتاج كام يوم كده راحة استريح فيهم راحة تامة وإلا هاعدم صحتي، الجواز فعلاً حاجة كويسة واستقرار وتنظيم للحياة، كان نفسي أتجوز كوكيلان الطاهرة العفيفة اللي روحها النقية بترفرف في كل مكان ومالية الدنيا سعادة وحنان، بس يا خسارة الأسطورة الملعونة خوفتني وجه محمد خدها في لمحة عين، طلع أجدع مننا كلنا، ياه! أنا تعبان، أنا هنام وكفاية بقه تأليب للمواجع والأحزان.
ينام فيراد وتنطفئ الأنوار كاملة، ثم يدخل عالم الأحلام، تعود الأضواء بصورة خافتة، تدخل كوكيلان في أبهى صورة، تتجه بسرعة ناحية فيراد وتوقظه.
كوكيلان:
فيراد، فيراد، اصحى يا حبيبي.
فيراد:
(يستيقظ) مين .. كوكيلان ؟!
كوكيلان:
أيوه، أنا حبيبتك كويلان.
فيراد:
(يفرك عينيه) حبيبتي كوكيلان، أنا مش مصدق نفسي.
كوكيلان:
(معاتبة) بقه كده يا فيراد، تخون حبنا، كل يوم مع واحدة شكل، إنت قلبك كبير قوي للدرجة دي؟
فيراد:
أنا عمري ما حبيت حد غيرك، أنا بعمل كل ده عشان أنسى ويا ريتني أقدر أنسى.
كوكيلان:
عاوز تنسى حبي يا خاين ؟!
فيراد:
أنا؟ أنا عاوز أنسى إنك سبتيني وروحتي اتجوزتي في الهندومين.
كوكيلان:
(تضحك بشدة) أنا سيبتك واتجوزت آه يا خايب، أنا كنت عاملة لك اختبار، أنا طلَّعت إشاعة إني إتجوزت عشان أختبر حبك، بس يا خسارة سقطت بجدارة.
فيراد:
يعني إنتي بجد ما تجوزتيش، وللهندومين ما روحتيش؟
كوكيلان:
هو أنا عمري كذبت في حياتي يا فيراد، اسأل يا أخي أي حد في البلاد.
فيراد:
أنا عارف، أرجوكي سامحيني هبقى إنسان تاني خالص.
كوكيلان:
(ببراءة) خلاص، أنا مسامحاك ويلا، يلا يا فيراد نلعب، بس بأدب.
فيراد:
طبعاً بأدب، إنتي أغلى حاجه عندي في الدنيا، أنا عمري ما اعاملك بطريقة وحشة، انتي زي ما بيقول الكاهن سوشين، انتي إلهة من الآلهة العظيمة.
كوكيلان:
هنقضيها كلام، يلا نلعب ؟!
فيراد:
حاضر، بس هانلعب لعبة إيه؟
كوكيلان:
الاستغماية (تخرج منديلاً كبيراً من جيبها) أنا هغمي وشك وانت تدور عليّه، وإن مسكتني تغمي انت عينيه.
فيراد:
حاضر .. ومن عينيه ..
كوكيلان:
طب انزل بقه شويه عشان أعرف أربط لك عينيك.
ينزل فيراد قليلاً وتربط له عينيه، تبدأ بالإبتعاد عنه، وهو يمد ذراعيه محاولاً الإمساك بها.
إظــــلام قصيــــر
تختفي كوكيلان تماماً من على المسرح، عند المدخل يسار المسرح، يقف شاندار وسط جنديين شاهرين السيوف، عند المدخل اليمين يقف سوشين وناندا ومعهم سيّاف عملاق أسود اللون ذو عضلات مفتولة.
فيراد:
إنتي روحتي فين يا كوكيلان ؟! أنا دورت في كل حته، إنتي فين يا حبيبتي (لا يجد أي رد) كوكيلان، كوكيلان ..
ينزع رباط عينيه فيُصدم من رؤية الموجودين.
سوشين:
إزيك يا فيراد.
فيراد:
سيدي الكاهن العظيم، أنا مش مصدق نفسي.
سوشين:
(ساخراً) أنا ؟! هو فين كاهن عظيم صاحب معجزات وكرامات غيرك يا راجل ؟!
فيراد:
(يتجاهل سوشين ويرحب بالملك): مولاي الملك ناندا، حمداً للآلهة على سلامتك.
ناندا:
(يضحك بشدة) أنا الملك ؟ دي المملكة كلها بتحلف بحياة الملك العظيم فيراد.
فيراد:
(يرتبك بشدة) أنا ، أنا ..
سوشين:
هتقول إيه؟ عطفنا عليك وأكرمناك تقوم تعمل فينا وفي المملكه كده ؟!
ناندا:
إنت لو قلت لي إنك عاوز تبقى ملك كنت إتنازلت لك عن المُلك.
سوشين:
منا قدامك أهه، سبت المُلك لأخويا وأخويا مكانش عاوزه. أنا بقضي معظم وقتي في الغابة بتعبد وبصوم وباكل أحياناً من ورق الشجر، المُلك عمره ما كان هدفنا وغايتنا.
ناندا:
إنما انت يا ملك فيراد، ما بتشبعش من الملذات، الخمره والنسوان، بقم عندك إدمان.
سوشين:
يا ريت على قد كده وبس، دا إنت زرعت فكره عنصريه ملعونه، هاتفضل مفرّقة المملكه ليوم الدين.
ناندا:
مين اللى أوحى لك بفكرة الأعوان، نداله وخِسَّه وخُبث كمان.
فيراد يحاول أن يدافع عن نفسه ولكنه لا يستطيع.
فيراد:
أنا ، أنا ..
ناندا:
إنت إيه ؟! أول مره يمكن في التاريخ كله نشوف جماعه عنصرية بالشكل ده، أي حد مش منهم بيستحلوا ماله ونفسه وعرضه، إنت أذيتنا وأذيت مملكتنا وأنا فوضت أمرك للكاهن سوشين.
بكل الشدة والحزم، يشير الكاهن سوشين إلى الجنود فيتجهان نحو فيراد ويكتفانه.
بعدها يشير سوشين إلى السيَّاف العملاق فيتجه ناحية فيراد ويضع غطاء أسود على رأسه.
فيراد:
(يصرخ) ارحموني، هاصلّح كل حاجه (يصرخ ويبكي).
انتهاء الحلم
إظلام قصير
تعود الإضاءة إلى طبيعتها، يقوم فيراد مفزوعاً من النوم.
فيراد:
ياه! حلم بشع، آدي آخرة الشرب والهلس، أنا زهقت من الحياة دي، بس مين يرفض يبقى ملك مُطاع مُهاب، عظيم الجناب، عنده ملك عظيم وبيستمتع بما لذّ وطاب.
يدخل راهولا لاهثاً.
راهولا:
مولاي، مولاي.
فيراد:
إيه يا راهولا، مالك؟!
راهولا:
الكاهن سوشين وأعوانه راجعين في الطريق، يدوب قدامهم يوم ولا يومين.
فيراد:
ودا إيه اللي هيرجعه بدري، كان يستنى شوية على ما نحط إيدينا على كل حاجه.


يدخل ناهوشا لاهثاً ..
فيراد:
فيه إيه إنت كمان يا ناهوشا (لنفسه) أنا كنت عارف إن البلاوي هاتهلّ بعد الحلم.
ناهوشا:
شاندار يا مولاي، شاندار الجبار.
فيراد:
شاندار الجبار؟! ماله ؟!
ناهوشا:
شاندار جمع عيلته الكبيرة من كل أنحاء المملكة وسلّحهم وجهزهم وبعت ناس تجيب الملك.
فيراد:
طب وإيه اللى خلاه يعمل كده ؟
ناهوشا:
إنت عارف إن هو وعيلته من أشد المخلصين للملك وللكاهن سوشين وأكيد حس إن البلد خلاص بتضيع منهم.
راهولا:
الموقف بقه صعب جداً.
فيراد:
عارف، عيلة شاندار كلها عمالقة ومحترفين قتال، دا غير جيش الملك ودا إحنا عارفين قوته كويس لأننا كنا ضباط فيه وكمان سوشين راجع ودا له تأثير كبير على الناس.
ناهوشا:
طب والحل إيه يا مولاي ؟!
فيراد:
هانطبق الخطه البديله، احنا عاملين معسكرات كامله في الغابة الكثيفة وجنبها الجبال الوعرة ومن هناك هنعمل حرب عصابات عليهم وهانكبدهم أعلى الخسائر لحد ما نكرّهم في عيشتهم.
ناهوشا:
ونحرق بيوتهم ومنشآتهم ونغتال كبرائهم.
فيراد:
وهو ده اللي هايحصل، مكاننا هناك في الغابة الكثيفة جنب الجبال الوعرة، يلا أوام.
ناهوشا:
حالاً يا مولاي هنبلغ الأعوان باللي حصل واللي كان.
راهولا:
(يهرش في رأسه) بس يا مولاي فيه حاجه كمان.
فيراد:
قول يا راهولا قوام، مش عاوزين نتفاجئ بحاجه قدام.
راهولا:
كوكيلان وجوزها هنا، متنكرين، وسمعت إنهم مستخبيين في مكان أمين. على ما يرجع الملك وسوشين.
فيراد:
آه !! كوكيلان؟ لمّا الملك يرجع هو وسوشين هاتطمن هي وجوزها ومش هايبقوا متنكرين ودي هتبقى اللحظه المناسبه عشان نقتل محمد ونخطف كوكيلان، ولو ده حصل صدقوني هاخلصكم من الملك ومن سوشين ومن أي خطر كان، المهم يلا بينا نمشي قبل ما يوصلوا، أنا مش عاوزاً أي مواجهه معاهم.
يغادرون المسرح مسرعين.
إظـــــــــــــــلام
المنظر الثاني
يدخل سوشين والملك وشاندار؛ رجل ضخم الجثة، يتميز بالإخلاص الشديد للملك وللكاهن سوشين.
الملك:
أنا مش مصدق إن فيراد يعمل العمايل السوده دي كلها، وكله كوم وإنه يكوّن جماعه عنصريه ملعونه كوم.
شاندار:
دا نصَّب نفسه ملك وكاهن الكهان وقاضي القضاه يحكم بين الناس بالعدل والمساواه وبالليل يقلب المعبد لماخور، دا شئ يُحيِّر العقول.


يدخل محمد وكوكيلان دون أي تنكر.
محمد:
عاجبكم اللي عمله فيراد، دا بهدل البلاد والعباد.
كوكيلان:
فيراد غبي وحيوان، مش ممكن يكون إنسان
تدخل جوليزار وهي تلهث ..
محمد:
مالك يا جوليزار، انتي كنتي بتجري ولا إيه ؟!
جوليزار:
كنت بجري شويه وبطير شويه.
محمد:
طب وليه كل ده ؟!
جوليزار:
عشان أعرف جيش فيراد رايح فين.
الملك:
(بغضب) جيش فيراد ؟! أما عجيبه يا ولاد !!!
جوليزار:
أيوه يا مولاي، جيش كبير ومتسلح تسليح خطير.
الملك:
(وكأنه يكلم نفسه) طب إمتى ومنين وازاى ؟!
سوشين:
طب وراحوا فين يا جوليزار ؟!
جوليزار:
فيراد كان عامل حساب عوده سريعه وغير متوقعه للملك وجيشه، عشان كده كان مجهز معسكر كبير في الغابه الكثيفه اللي جنب الجبال الوعره.
محمد:
ياه .. دا عامل حساب كل حاجه ومحصن نفسه كويس.
جوليزار:
دا محصن نفسه جداً، المكان محاط بغابات كثيفه، دا غير إنه عامل أكمنه كثيرة جداً، إنتوا ناسيين إنه مقاتل شرس وماهر ؟!
سوشين:
ياه، دا خد الموضوع على إنه حرب بين دولتين، مش شعب واحد متماسك ومتين.
جوليزار:
ومش بس كده، دا هايعمل حرب عصابات، هيطلع مجموعات صغيره تحرق وتخطف وتغتال.
سوشين:
ياه! دا الوضع فعلاً خطير، أنا كنت زي الملك بقول دا الناس بتهوِّل لأن اللي عملناه لفيراد كتير قوي.
الملك:
فعل الخير ما يقدروش غير أهل الخير.
سوشين:
دا الواحد لما بيدي للكلب لقمه بيشابي عليه.
جوليزار:
إلا جماعة الأعوان لو فضلت ليل ونهار تخدم فيهم أو تراضيهم عمرهم ما بيخدموا حد غير بعض، وبيقفوا مع بعض ولو بالباطل ومهما عملت لهم هيعتبروك إنسان درجة عاشرة.
محمد:
لا حول ولا قوة إلا بالله، ربنا يكفينا شرهم.
سوشين:
فكرة جماعة الأعوان دي أكبر من فيراد، شيطان مريد جه زرعها هنا عشان نخلص على بعضنا وييجي حد غريب ياخد أرضنا مننا.
الملك:
أتفق معاك تماماً يا أخويا.
جوليزار:
أهم حاجه دلوقتي يا جماعه نخلي بالنا من كوكيلان ومحمد همه اللي عليهم العين.
سوشين:
خليكوا هنا على طول يا ولاد في المعبد وإياكم تخرجم، انتوا مش بس عندنا غاليين، انتوا رمز لمحبة هندوسة وهندومين.
إظـــــــــــــــلام


المنظر الثالث
كوكيلان نائمه على المصطبة، يسار المسرح هناك جثه ملقاه أمام المدخل، أعلى يسار المسرح، خنجر كبير مغروز في قلب الجثه، سنلاحظ فيما بعد أن ملابس الجثه وهي مغطاة الرأس تشبه تماماً ملابس محمد والجثه مماثله له في الطول والحجم.
كوكيلان:
(تبدأ في الاستيقاظ) أنا إيه اللي خلاني أنام هنا ؟! آه، افتكرت أنا كنت نايمه على رجل محمد وهو كان بيحكيلي حدوته عشان كنت خايفه، أنا شكلي نمت كثير قوي (تنهض) أما أقوم أشوف محمد حبيبي.
عند استدارة كوكيلان تلاحظ الجثه فتطلق صرخة مدوية ولكنها تتمالك نفسها وتذهب ناحيتها، تكشف وجه الجثه، وهي ظهرها للجمهور، ثم تغطيه مره أخرى.
كوكيلان:
(تصرخ وتبكي بفزع) أنا لازم أموت نفسي أنا كمان.
تهرول إلى الداخل ولكنها تصطدم بزوجها محمد القادم بسرعه أيضاً من الداخل مذعوراً عليها.
كوكيلان:
مين؟! محمد (يغمى عليها في الحال)
إظلام قصير
سوشين يزرع المسرح ذهاباً وجيئة في قلق بالغ.
يأتي محمد من داخل المعبد ..
سوشين:
(بحزن شديد) إيه الأخبار يا بني ؟! 
محمد:
الحمد لله قدرت أهديها ونامت.
سوشين:
حاجه غريبه جداً فعلاً، أنا شفت جثه زي ما تكون بتاعتك وبعد شويه اتحولت لجثة كلب.
محمد:
حاجه تحيّر بجد.


تدخل جوليزار ..
جوليزار:
ولا حاجه تحيّر ولا حاجه.
سوشين:
هو انتي تعرفي حاجه ؟!
جوليزار:
أنا أعرف كل حاجه.
سوشين:
طب أرجوكي عرفينا، عشان احنا خلاص معتش فينا.
جوليزار:
حرس ملك الجان المخصص لحماية محمد وكوكيلان شافوا عشرين مسلح، جايين والشر في عينيهم عشان يهاجموا المعبد.
سوشين:
يهاجموا المعبد، المكان المقدس ؟!
جوليزار:
دا عادي جداً عند فيراد لأن المبدأ الأساسي له ولجماعته هو إن الغايه تبرر الوسيلة.
محمد:
واضح جداً على كل تصرفاتهم.
جوليزار:
المهم، الحرس بتاعنا جت له فكره غريبه، كان فيه كلبين مسعورين وبينبحوا طول الليل، قام قائد الحرس سحرهم وحوّلهم على شكل اتنين بني آدمين.
محمد:
أكيد على شكلي أنا وكوكيلان.
جوليزار:
آهه ده اللي حصل تمام، بس الشئ اللي أفزعنا وأوجعنا إنهم إنهالوا على الكلب اللي واخد شكلك بأكتر من خمسين طعنه وبعدين رشقوا خنجر كبير في القلب.
محمد:
يا ولاد الكلب !!
سوشين:
وأكيد خطفوا الكلبة اللي على شكل كوكيلان.
جوليزار:
دول طاروا بيها بسرعة رهيبة، ودا كان مجرد اختبار لنوايا فيراد.
صوت بكاء كوكيلان من الداخل ..
كوكيلان:
إنت فين يا محمد .. إنت فين يا محمد ؟!
محمد:
بعد إذنكم، أنا هدخل لكوكيلان أفهمها كل حاجه وأعرفها إن احنا في حماية ملك الجان عشان تهدي وترجع لطبيعتها.
يدخل محمد مهرولاً وبتبقى سوشين مع جوليزار.
سوشين:
مفيش حد في العالم يقدر يقنعني إن كل الأفكار الجهنمية دي جت لفيراد بين يوم وليلة.
جوليزار:
أنا بقول كده برضه، فيه قوه شيطانيه بتخطط وتدبر وفيراد مجرد أداه هبله.
سوشين:
برافو عليكي، وانتي الوحيده اللي تقدري تساعدينا في اكتشاف عدونا الحقيقي وكمان نكتشف المخططات. قبل ما تحصل بوقت كافي وإلا هاتضيع هندوسة للأبد.
جوليزار:
طب وأنا أقدر أساعد إزاي؟
سوشين:
انتوا يا معشر الجن تقدروا تاخدوا شكل إنسان أو فراشه أو حمامه أو أي شكل من الأشكال.
جوليزار:
فعلاً.
سوشين:
خلاص، إزرعي جنود من جنودك على أي شكل وأي هيئة في معسكر فيراد، عاوزين نعرف اللي حصل واللي بيحصل واللي هايحصل.
جوليزار:
دي فكره رائعه، كده المخاطر هتبقى قليلة قوي، وأوعدك إن في خلال خمس دقايق من دلوقتي كل أخبارهم هتبقى عندك. (تنحني) بعد إذنك يا سيدي الكاهن.
سوشين:
اتفضلي يا جوليزار ومستني الأخبار.


تخرج جوليزار ويدخل شرنجي وهو يلهث ووجهه عابث ..
شرنجي:
سيدي الكاهن الأكبر.
سوشين:
(بقلق) مالك يا شرنجي شكلك حزين متكدر ؟!
شرنجي:
أهه .. كله مكتوب ومقدر (يتنهد بعمق).
سوشين:
يا شرنجي اتكلم، الموضوع مش ناقص قلق.
شرنجي:
حاولوا يسمِّموا الملك بس عدت على خير.
سوشين:
(بإنزعاج شديد) إيه ؟! مين دول اللي حاولوا يسمِّمُوه ؟!
شرنجي:
جماعة الأعوان، غدر وخسّة في كل مكان، حتى قصر الملك معششه فيه الغربان.
سوشين:
(بحزن) هو ده الخطر والضرر، لو عدو جاي يحاربنا هنواجهه وهنحاربه، أما إن العدو يبقى واحد مننا ومن وسطنا، يبقى جاسوس وعلينا مدسوس، يبقى لابس لنا طاقية الإخفا، أو يعمل لنا عفريت من العفاريت، أهه دا الشئ البشع فعلاً.
شرنجي:
الخادم ده يا سيدي الكاهن، كان محل ثقة مولاي بس لسوء حظه ولحسن حظنا فيه جاريه كانت شافته مره وهو لابس أصفر وماشي مع الأعوان يتمخطر.
سوشين:
طب والملك عرف إزاي إنه عاوز يسمِّمُه؟
شرنجي:
النهارده كان مضطرب وهو بيقدم الشراب للملك، صرخت الجاريه فجأه وقالت بلاش تشرب يا مولاي، خليه هو يشرب من الكاس، رفض يشرب ورمى الكاس على الأرض، الحرس كانوا هيقتلوه، صرخ الملك وقال بلاش تقتلوه، دا ابننا وواحد مننا.
سوشين:
(بكل الاهتمام) مين الخادم ده يا شرنجي؟!
شرنجي:
باهوكا.
سوشين:
(يصرخ) إيه ؟! باهوكا؟! الطيب النقي، البرئ ! باهوكا اللي بيتكسف من خياله، مستحيل، أكيد أنا بحلم.
شرنجي:
الملك قال كده برضه.
سوشين:
دا جده كان شغال عندنا وأبوه زى جده .. آيه من الآيات، وهو نفسه صورة طبق الأصل منهم، أنا هاتجنن ! أنا عاوز أشوفه بأي شكل.
شرنجي:
ما هو الملك أمر إنك تحاكمه، واللي تحكم بيه هاينفذه، حتى لو البراءة.
يدخل كوش مسرعاً ..
كوش:
سيدي الكاهن.
سوشين:
خير يا كوش؟
كوش:
جنود الملك جايبين باهوكا وجايين.
سوشين:
شرنجي قال لي على كل حاجه وأنا مستنيهم.
يدخل جنديان ومعهم باهوكا مكبلاً ..
سوشين:
(مخاطباً الجنديين) فكُّوه واستنوا انتوا بره شويه.
يخرج الجنديان بعد أن يفكّا وثاق باهوكا المندهش، ويشير سوشين إلى كوش وشرنجي بالدخول إلى داخل المعبد، فيدخلان على الفور ..
سوشين:
إزيك يا باهوكا يا بني.
لا يرد باهوكا ويطأطئ رأسه.
سوشين:
الملك وكلني في محاكمتك وأنا بقول لك أهه من الأول أنا بحكم عليك بالبراءة.
باهوكا:
إيه؟! دنا حاولت أقتل الملك اللي هو أخوك النهارده.
سوشين:
عارف، بس ما صدقتش حتى بعد اعترافك قدامي؛ لأني أنا اللي مربيك وعارفك وعاجنك وخابزك، حتى لو اعترفت مش هاصدقك وحتى لو فيه شهود هكدبهم وأكدبك وأكدب نفسي وهاحكم عليك بالبراءة.
باهوكا:
(يبكي) أنا مذنب، مذنب أرجوك احكم عليّه بالإعدام.
سوشين:
أحكم عليك بالإعدام إزاى ؟! دا أبوك قبل ما يموت قال لي: باهوكا أمانة في رقبتك يا سوشين، يعني انت لو عملت حاجه غلط أبقى أنا المسئول عنها.
باهوكا:
أرجوك، أرجوك ما تزودش عذابي، اقطعوا رقبتي وخلصوني، أنا مجرم واستحق القتل.
سوشين:
هو برضه فيه حد بيقتل ابنه، عرفني بس إيه اللي حصل ونتكلم ونتناقش ونتفاهم، لو ليّا عندك ذرة حب أبوي، أرجوك إتكلم.
باهوكا:
أنا .. أنا هاتكلم يا مولاي سوشين .. طول عمرك عظيم وعلى شعبك أمين، أنا كنت بصطاد في النهر جنب الغابة وبعيد عن عيون الناس، إنت عارف إن أنا بحب الهدوء وفجأة لقيت واحده جميله جداً بتستحمى في النهر وهي مش لابسه أي حاجه، والغريبه إنها طلعت وقعدت جنبي تتكلم معايا، أول مره أحس بشعور غريب وعجيب، كنت مشدود ليها قوي وهي كمان، واتواعدنا نتقابل هنا في المعبد..
سوشين:
هنا في المعبد ؟! مين الست دي ؟
باهوكا:
فيشاخا.
سوشين:
(تبرق عيناه) فيشاخا ؟!
باهوكا:
أيوه، خلتني أشرب معاها أفيون.
سوشين:
(يزداد ذهوله) أفيون ؟!!
باهوكا:
أيوه، الأفيون خلاني أغيب عن دنيتنا وأدخل في عالم مسحور مجنون، رقصت لي ودلعتني ومحسيتش بنفسي إلا وأنا نايم في حضنها في الأوضه اللي جوه. 
سوشين:
(ساخراً لنفسه) أوضتي شافت اللي ما شفتوش أكبر بيوت الدعاره.
باهوكا:
بتقول حاجه يا مولاي سوشين؟!
سوشين:
لا ، لا ، كمِّل يا بني.
باهوكا:
بعدين وصلت لمرحلة إدمان الأفيون وإدمان فيشاخا نفسها بس جت في يوم ومنعت نفسها ومنعت الأفيون.
سوشين:
طبعاً ..
باهوكا:
إيه ؟!
سوشين:
كمِّل يا بني كمِّل.
باهوكا:
قالت لي إن جماعة الأعوان هاتموتها لأنها عملت علاقة مع واحد من خارجها وكمان لاموها إنها أعطت لي أفيون.
سوشين:
وانت تعبت من غيرها ومن غير الأفيون وبقيت زي المجنون.
باهوكا:
فعلاً، إنت عرفت كل حاجه كده منين يا سيدي الكاهن ؟
سوشين:
يا حبيبي كمِّل، كمِّل وأنا هفهمك في الآخر.
باهوكا:
بعد كده جه فيراد وطلب مني انضم لجماعة الأعوان وأخد فيشاخا والأفيون وأي شئ كان .. (يصمت)
سوشين:
كمِّل يا باهوكا يابني .. كمِّل دي حاجه ليها العجب!
باهوكا:
قلت له يا فيراد متنساش فضل الكاهن والملك عليّا وعليك، قال دي أوامر الآلهة شئ مش بإيديه ولا بإيديك.
سوشين:
أوامر الآلهة ؟! 
باهوكا:
بيقول إن الآلهة جت له في المنام ونصَّبته ملك وكاهن للكهان وطلبت منه الانتقام.
سوشين:
الانتقام ؟!
باهوكا:
أيوه، من الملك والكاهن سوشين اللي جوزوا كوكيلان من الهندومين المسلمين.
سوشين:
(يضحك) طب وإيه اللي حصل بعدين؟!
باهوكا:
قال لي إنت هتبقى مع الأرضيين ناندا وسوشين ولا مع فيراد والآلهة العلويين، قلت معاك ومع الآلهة.
سوشين:
طبعاً مع العلويين.
باهوكا:
ده اللي حصل فعلاً يا سيدي سوشين وبعدها جوزني فيشاخا وأعطاني فلوس ودهب وأفيون.
سوشين:
جوزك مين؟
باهوكا:
فيشاخا.
سوشين:
فيشاخا ؟!، تتجوز فيشاخا إزاى ؟
باهوكا:
زي الناس يا سيدي الكاهن.
ينادي سوشين على شرنجي وكوش بأعلى صوت .. 
سوشين:
شرنجي، كوش، شرنجي ..
يدخل كوش وشرنجي مسرعين ..
شرنجي:
إيه اللي حصل يا مولاي الكاهن؟
سوشين:
مفيش حاجه حصلت، بس عاوزك يا شرنجي تجيب لي عقد قران توشالا بسرعه.
شرنجي:
حاضر يا مولاي.
يدخل شرنجي لإحضار العقد ..
كوش:
مولاي الكاهن، إنت ليه طلبت عقد قران توشالا رغم إنه مطلبوش ولا موجود معانا؟
سوشين:
دلوقتي حالاً هاتعرف يا كوش.
يدخل شرنجي مسرعاً ومعه العقد ..
سوشين:
أعطي العقد لباهوكا يا شرنجي عشان يقراه.
يعطي العقد لباهوكا فيبدو الغضب والحزن على وجهه.
باهوكا:
مستحيل، مستحيل توشالا متجوز فيشاخا ؟! مش ممكن، إزاي تتجوز اتنين في وقت واحد؟
سوشين:
ويا ريت على كده وبس.
شرنجي:
البلد كلها عارفه إنها عشيقة لفيراد.
باهوكا:
يا سواد السواد يا ولاد ..
كوش:
الآلهة كلها عارفه وكمان العباد.
باهوكا:
لا، مستحيل، دي إنسانه شريفه عفيفه.
في هذه اللحظة تضحك التماثيل والشجر والحجر، وبنفس الطريقه التي حدثت من قبل، يصاب باهوكا بالذعر الشديد .
يدخل أحد الجنود الواقفين في الخارج مذعوراً ..
الجندي (مذعوراً) مولاي الكاهن، الشجر والحيوانات وكل المخلوقات ضحكوا بطريقه غريبه.
باهوكا:
(بإندهاش وخوف) فعلاً، دي حاجه عجيبه.
سوشين:
ولا غريبه ولا حاجه، إنت السبب يا باهوكا، إنت قلت حاجه ضحَّكت الدنيا كلها.
باهوكا:
(مندهشاً) أنا ؟! أنا مقلتش غير إن مراتي فيشاخا، شريفه وعفيفه.
يتكرر الضحك مرة أخرى ولكن بصوت أعلى، الجندي يحتضن باهوكا بطريقه كوميدية ..
كوش:
شفت يا باهوكا، الآلهة والكون كله ضحك على كلامك لأن فيشاخا طول عمرها خارباها مع فيراد، وكل شئ شاهد على كده.
الجندي:
(يبكي) ليه بتفكروني، أنا مذنب يا سيدي الكاهن وعاوز أتوب على إيديك.
سوشين:
يا بني مش وقته خلينا في اللي إحنا فيه.
الجندي:
أرجوك يا سيدي الكاهن أنا أذنبت ذنب كبير ..
سوشين:
قول يا بني وخلصنا ..
الجندي:
أنا، أنا كنت بطلع أقف فوق شجره عاليه عند النهر (يصمت).
سوشين:
ودي فيها إيه يا بني؟
الجندي:
أصل، أصل (يصمت)
سوشين:
يابني انطق .. أرجوك.
الجندي:
كنت بطلع على الشجره واتفرج على فيشاخا وفيراد وهمه بيستحموا من غير هدوم.
باهوكا:
إيه ؟!
الجندي:
ويا ريت على كده وبس دول كانوا بعد ما يطلعوا ..
سوشين:
خلاص يا بني خلاص، بلاش تفاصيل.
الجندي:
كنت عايز أعرفك إن ذنبي كبير .
سوشين:
طالما تبت ومش هاتعمل كده تاني خلاص.
الجندي:
أيوه تبت وحرمت.
سوشين:
كده إنت تمام بس يا ريت تستنى بره مع زميلك.
الجندي:
حاضر يا سيدي الكاهن ..
يخرج الجندي .. يقتنع باهوكا تماماً بأن فيشاخا سيئة الخلق ويبدو عليه الحزن الشديد ..
باهوكا:
دي كانت بتستأذن مني كل يوم خميس عشان تبات في المعبد، كانت بتقول لي إنها بتصوم وتصلي وبتقدم القرابين في اليوم ده، وان الكاهن فيراد بيدهنها بزيت مبارك.
تضحك التماثيل وكل شئ أكثر من كل مره فيبكي باهوكا ويقع على الأرض 
منهاراً ..
سوشين:
قوم يا باهوكا متعيطش، العيب مش منك، العيب من الملاعين الغدارين وصدقني هانجيب لك حقك.
باهوكا:
(ينهض) سيدي الكاهن، أنا ليّه طلب عندك.
سوشين:
اتفضل يا حبيبي اطلب.
باهوكا:
أنا عاوز أبقى جندي من جنود الجيش، وآخد حقي من كل خاين خسيس.
سوشين:
شرنجي، كوش، خدوه على شاندار يدرّبه ويضمه للجيش، باهوكا لازم ياخد حقه وحقنا.
شرنجي:
أوامرك يا سيدي تُنفذ في الحال.
كوش:
من غير نقاش ولا جدال..
يخرج الثلاثة مسرعين.
إظــــــــــــلام

المشهد الثالث
المنظر الأول
يأتي سوشين من داخل المعبد، يدخل كوش قادماً من خارج المعبد وعلى وجهه الحماس.
كوش:
مولاي الكاهن سوشين، جلالة الملك أصدر أوامر جديده ..
سوشين:
خير يا كوش، شكلك متحمس قوي ..
كوش:
فعلاً يا سيدي الكاهن، جلالة الملك قرر فرض حراسة على كل منشآت المملكة والجيش نزل يحرس الشوارع، واحنا هنا في المعبد اتخصص لنا مِيّة وخمسين مقاتل من أفضل جنود الجيش.
سوشين:
كويس قوي، أهه كده اطمن أكتر على محمد وكوكيلان.
كوش:
لا، دول في أمان الأمان، ومن غير جنود كمان.
سوشين:
قصدك يعني عشان جنود ملك الجان المداريين في أي شكل كان.
كوش:
لا يا سيدي الكاهن، عشان انت موجود معاهم، انت نسيت بطولاتك يا أعظم قائد في تاريخ هندوسة، انت نسيت حروبنا ونضالنا.
تظهر على وجه سوشين الدهشة الشديدة فيبدو وأن شرنجي قد أثار بداخله أعظم الذكريات المنسية ..
سوشين:
بس ده كان زمان.
شوش:
زمان إيه يا سيدي الكاهن ؟! احنا لسه معجزناش، أنا عن نفسي ومن النهارده هرجع ألبس لبس الجنديه، هاحمي مقدساتنا بروحي ونفسي.
سوشين:
تلبس لبس الجنديه ؟!
كوش:
وأحمي محمد وكوكيلان، دول مش مجرد حبيبين أو عروسين، دول رمز للتعاون الجميل بين هندوسة والمسلمين.
سوشين:
انت أحييت الأمل في قلبي بعد ما اليأس كان غالبني، كلنا هانرجع جنود ونحافظ على البلاد من غدر فيراد.
يدخل شاندار وهو في كامل لبس الجنديه ..
شاندار:
وأنا معاكم، أنا وكل عيلة شاندار كبار وصغار، كل عيلتنا حتى النساء والأطفال متسلحين وفي الشارع واقفين مع جيش مولانا الملك، دا غير ان احنا خصصنا مية وخمسين جندي لحماية المعبد وكلهم من أقوى أفراد عيلة شاندار.
كوش:
جميل جداً، كده احنا بقينا في أمان من أي حرب يعملها فيراد.
سوشين:
ادخل يا كوش إنده لمحمد وكوكيلان عشان تطمنهم كمان وكمان.
تأتي كوكيلان ومحمد من داخل المعبد ولا يبدو أي سرور على وجه كوكيلان ..
سوشين:
مالكم يا ولاد، شكلكم كده زعلانين ؟
محمد:
كوكيلان يا عم سوشين، مش مطمنه وعاوزه ترجع هندومين.
سوشين:
يعني كل الحراسه دي، دا غير جيش ملك الجان، ولسّه خايفه ولا انتي بقه زهقتي مننا وعاوزه تسيبينا.
كوكيلان:
بس أنا بقول إن هناك في هندومين مفيش أي قلق، مفيش حد متربص بنا زي هنا.
يدخل الشيخ عمر وابنه يوسف ..
عمر:
ومين قال لك يا ست كوكيلان ان إحنا لسه عايشين في أمان، دا احنا جايين نستخبى عندكم احنا كمان.
سوشين:
مين؟ الشيخ عمر! نورتونا يا راجل يا عجوز (يتعانقان).
كوكيلان:
(بقلق) تستخبوا عندنا؟! ليه ؟!
سوشين:
يا ستي الراجل بيهزر انتي مش عارفه الشيخ عمر وهزاره؟
عمر:
والله ما بهزر، اللي حصل عندكم، حصل عندنا واللي صابكم صابنا.
سوشين:
انت بتقول إيه يا راجل يا طيب؟
عُمر:
بعد ما محمد وكوكيلان جم عندكم بدأنا نلاحظ في هندومين إن فيه ناس لابسه أزرق زي بعضها، وكل يوم العدد بيزيد ولاحظنا إن فيه ناس غلابه قوي بقه معاهم فلوس كتير قوي.
شاندار:
دا نفس اللي حصل هنا، بس بتوعنا بيلبسوا أصفر.
عمر:
ما احنا سمعنا عنكم وكنا متابعينكم وده اللي أنقذنا.
سوشين:
إزاى ؟!
عمر:
رُحت للملك بسرعه، عرفته ونبهته للخطر العظيم اللي بيهددنا (يتوقف مفكراً).
محمد:
وبعدين .. وبعدين يابويا ؟!
عمر:
بحثنا ودورنا لقينا واحد اسمه إحسان كان عادي وغلبان، فجأه بقه معاه فلوس ودهب وكنوز، وقام مكوّن جماعة سماها جماعة الإحسان وعمل نفسه خليفه للمسلمين، بس احنا لحقنا نفسنا قبل ما الأعداد تزيد.
سوشين:
ولحقتم نفسكم إزاى يا راجل يا طيب ؟!
عمر:
الملك جهز جيشه بسرعه وانا طلعت في الميدان الرئيسي وقلت للناس إن إحسان مش نبي أو رسول وإن الملك بيحكم بالأصول وإن العدل يا ناس هو الأساس.
محمد:
الله عليك يا أبويا.
سوشين:
سيبه يكمل يا محمد.
عمر:
أفكار جماعة الإحسان وضعها إبليس، شيطان عشان يفرقنا ويخلينا نحارب ونقتل في بعضنا وييجي الأغراب على الجاهز ياخدوا ثرواتنا ويستعبدوا نساءنا وأطفالنا.
سوشين:
فعلاً يا راجل يا عجوز، المسألة مش مسألة فيراد، أو إحسان، دول أدوات هبلة في إيد قوى شيطانية ملعونة، المهم يا راجل يا طيب كمل حصل إيه ؟!
عمر:
إحسان لما عرف إن أموره اتفضحت، عمل زي فيراد، لجأ للغابة الكثيفة والجبال الوعرة ومن سوء حظه حصل له اللي كان هايحصلنا.
يتوقف عمر قليلاً لالتقاط الأنفاس.
سوشين:
يا عمر كمل ما تشوقناش.
عمر:
إنشق عليه قائد من القادة، اسمه "مُراد"، وقال إزاي خليفة المسلمين يبقى عربيد وبتاع نسوان وكل يوم هايص مع الفتيات الحسان. وأصدر مراد فتوى إن إحسان وأتباعه من الفاسقين الواجب قتالهم، وقعدوا  يحاربوا في بعض لحد ما حيلهم اتهدّ.
سوشين:
دا انتوا محظوظين، أنا وأخويا كنا بعيد وسيبنا فيراد لحد ما اتمكن وزاد.
عمر:
ولا محظوظين ولا حاجه، احنا قضينا على الملاعين بس الفكرة لسه موجوده، وممكن ييجي يوم حد ألعن من فيراد وإحسان ويستغل سذاجة العوام، بس 
الحمد لله احنا مفتحين عينينا وهاننبه اللي بعدينا.
محمد:
طب وانتوا إيه اللي جابكم طالما الأمور بقت كويسه ؟!
يوسف:
جينا عشانك انت وكوكيلان وجبنا معانا مِيّه من خيرة الجنود المدربين وهمه بره واقفين.
سوشين:
لسه خايفه يا كوكيلان.
كوكيلان:
لا، لمتنا هي الأمان.
يدخل جندي من جنود شاندار.
الجندي:
مولاي شاندار.
شاندار:
فيه إيه يا بني؟
الجندي:
لقينا في أول الغابة كميات كبيره من أسلحة حديثة، ورسالة بتقول أن اللي باعتها صديق مخلص لهندوسة وإنه ما يخلصوش إنها تقع في إيد فيراد أو حد من الأوغاد.
شاندار:
كويس قوي، كده بقينا الأقوى.
سوشين:
مش كويس ولا حاجه، اللي جاب الأسلحه لينا، إعطي منها لفيراد وعاوزنا نخلص على بعض عشان يخلي الطريق للي جاي من بره ممالك الهند كلها واللي نفسي أعرف هو مين.
إظلام قصير
المسرح كله في حالة إظلام، بقعة ضوء مسلطة على ماهيشا وسوباهو.
سوباهو:
أنا مستغرب يا مولاي إن احنا نجيب بنفسنا أفضل الأسلحة لسوشين وأعوانه.
ماهيشا:
(يضحك) إنت عبيط يا سوباهو؟
سوباهو:
أنا ؟! ليه بس يا مولاي ؟
ماهيشا:
إنت فاكر إن أنا مع فيراد ضد سوشين ؟!
يعود ماهيشا للضحك.
سوباهو:
إيه ؟! يعني إنت مش مع فيراد ؟
ماهيشا:
فيراد دا واد أهبل، دا مجرد وسيلة للتفرقة والتنافر والخراب داخل البلد، احنا حطينا أسلحة لجنود سوشين عشان نخلي الكفه متساويه بين الإثنين، عشان يخلصوا على بعض ومايبقاش فيه طرف قوي وطرف ضعيف.
سوباهو:
صح، هو ده الكلام، تدمير بني الإنسان.
يضم ماهيشا يديه أمام وجهه ويزر عينيه ويتكلم وكأنه يعيش في عالم من الأحلام ..
ماهيشا:
منظر جميل قوي لما بشوف الإنسان مقتول أو مدبوح أو مشنوق، يا حلاوته وراسه مقطوعه ونوافير الدم طالعه من دماغه، بجد دا أروع منظر عندي، يا سلام وهو غرقان في نهر أو في بحر ومش قادر يقب.
سوباهو:
فعلاً، المناظر دي بتسعدني جداً جداً.
ماهيشا:
(وكأنه لا يسمع سوباهو) بحب أشوف ولادك يا إنسان وهما بيصرخوا من الجوع، بحب قوي الأطفال يتيتّموا، بحب الستات يترمّلوا أو يتطلقوا وعيالهم يتشردوا في الشوارع .. بحب أشوف المرضى واليائسين من حياتهم وهمه بيتوجعوا، بحب أشوف الإنسان تعبان، غرقان، حزنان، بحب أشوفه في خبر كان.
سوباهو:
وهو ده اللي هايحصل يا مولاي لما يحاربوا بعض.
ماهيشا:
يلا بسرعة نروح نجيب الميجور الأكبر وجنوده على ما اللي هنا يخلصوا على بعض.
سوباهو:
الميجور الأكبر ؟!
ماهيشا:
أيوه يا حمار .. هييجي بجيوشه يلاقيهم خلصوا على بعض، هيبقى منظر جميل وجنود الميجور بيغتصبوا النساء ويستعبدوا الأطفال، يلا بينا مش عاوزين نتأخر.
سوباهو:
يلا بينا يا مولاي.
إظلام قصير
شاندار وعمر وسوشين وكأنهم يستكملون حديثاً سابقاً ..
شاندار:
بس كمية الأسلحه مهولة، حاجه تحيّر ..
سوشين:
يا شاندار اسمع الكلام، اللي جاب الأسلحه دي عاوزنا ندمر بعضنا وزي ما ودّى هناك جاب هنا. إنتي فينك يا جوليزار تعرفينا وتفهمينا اللي حصل واللي دار.
جوليزار:
(تدخل مُسرعة) .. أهي قدامك جوليزار ومعاها كل الأخبار.
سوشين:
طب يا ريت تعرفينا كل الأسرار عشان ناخد حذرنا من فيراد الغدار.
جوليزار:
هو فعلاً غدار، واخدها جد مش هزار.
عُمر:
طب يا بنتي فهمينا، إنتي كده شوقتينا وقلقتينا.
سوشين:
(وقد نفذ صبره) اتكلمي يا بنتي.
جوليزار:
كلامك هو اللى طلع صح، معرفة الأخبار من جوه معسكرهم أحسن مليون مره من التأمين والدفاع والحراسة.
سوشين:
دي وجهة نظري واللي عمري ما اغيرها.
جوليزار:
إحنا كشفنا مين اللي ورا الفتنه الكبيرة دي، ومين اللي ضحك على فيراد التافه وخلاه يعمل عمايله المجنونه.
سوشين:
مين يا بنتي؟
جوليزار:
الشيطان ماهيشا ومساعده سوباهو.
سوشين:
كان قلبي حاسس من الأول إنه تخطيط شيطاني جهنمي مش ممكن يكون كل اللي حصل من تفكير فيراد السكِّير العربيد.
جوليزار:
ماهيشا وسوباهو اجتمعوا مع فيراد وطلبوا منه يجهز جيشه للحرب في خلال شهر بالكتير على ما بيروحوا يجيبوا له ناس قويه تسانده.
شاندار:
وفيراد وافق ؟!
جوليزار:
طبعاً، مش خلاه ملك وجاب له فلوس ودهب دا غير الستات والحاجات والمحتاجات.
عمر:
وبعد كده حصل إيه يا بنتي؟
جوليزار:
بعد كده الشيطان ماهيشا وسوباهو وأعوانهم جابوا سلاح حديث ورموه في الغابه وقريب من المعبد عشان الكفه تبقى متوازنه والطرفين يخلصوا على بعض.
سوشين:
لمصلحة مين؟ لو عرفتي تبقي فعلاً خدمتينا خدمة العُمر.
جوليزار:
لمصلحة الميجور الأكبر.
سوشين:
أنا قلت كده برضه .. الموضوع طلع مؤامره كبيره قوي زي ما اتوقعت وفيراد كان مجرد أداه هبله في إيد قوى كبيره وحقيرة.
شاندار:
بس الميجور الأكبر عايش بعيد جداً جداً ..
عُمر:
أنا عندي أخبار من زمان إنه ماشي يحتل البلاد ويذل العباد، والخيرات اللي بياخدها من البلاد دي زودت قوته وجبروته.
سوشين:
كل الممالك الهندية لازم تتحد في لحظة الخطر ديّة .
عُمر:
والميجور جبان ما بيدخلش غير البلد المنقسم الضعيف.
شاندار:
نسيتوا فيراد اللي خد أوامر يحاربنا عشان يشتتا ويقسمنا.
عمر:
هنحاول نخلص منه بالحيلة، ومن غير ما نحاربه ..
جوليزار:
دا هو اللي عاوز يتخلص منكم بالحيلة، دا إنسان حقير ومنيل بنيله.
سوشين:
يتخلص منا بالحيله! إزاي يا بنتي ؟!
جوليزار:
فيراد عامل خطه متكامله لإخضاعكم وإذلالكم ..
سوشين:
فيراد قائد عسكري ماهر وطول عمره يحط خطط عسكرية محكمة.
شاندار:
وإيه هي الخطة دي يا بنتي، يا ريتك تكوني عرفتيها.
جوليزار:
طبعاً عرفتها وعرفت معادها ومكانها، انتوا عارفين إن مخازن الغلال، جنبها بيت المال ودول قريبين من المعبد هنا.
سوشين:
فعلاً، بس كل الأماكن دي وما يؤدي إليها فيها حراسة شديدة عليها.
جوليزار:
فيراد عاوز يرشي رئيس القوات في الغابة ناحية المعبد ويسهل له الدخول للأماكن دي على طول.
سوشين:
أكيد عاوز يسرق بيت المال ومخازن الغلال عشان يعيشنا في أسوأ حال.
جوليزار:
لا، هو عاوز يحرقهم ويحرمكم منهم ودا الهدف الأصغر له.
شاندار:
كل ده والهدف الأصغر .. أمال إيه الهدف الأكبر ؟! 
جوليزار:
هو لما يولّع النار في بيت المال ومخزن الغلال، كل البلد هتحاول تطفي النار حتى حرس المعبد اللي هنا يجروا بسرعه ويحاولوا إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
سوشين:
فعلاً، رد الفعل التلقائي المفروض يكون كده ..
جوليزار:
اندلاع النيران هو إشارة البدء لجنوده المستخبيين على حدود الغابة القريبه من هنا، ألفين جندي من أشرس جنوده هايهاجموا المعبد عشان يخطفوا كوكيلان ويقتلوا محمد.
عمر:
(ينتفض) .. يخطفوا كوكيلان ويقتلوا محمد.
شاندار:
ألفين جندي ؟! مش كتير ؟!
جوليزار:
هو عامل حسابه إن لو الحرس الموجود قدام المعبد ما راحش يطفي النار هيقتلهم في الحال، ومفيش مدد هيلحق ييجي لأن الكل هيبقى مشغول في الحريق.
عُمر:
(بقلق بالغ) احنا لازم نبعث كوكيلان ومحمد للهندومين حالاً.
سوشين:
متخافش يا عمر، الفار جه للمصيدة برجليه.
عُمر:
فار إيه ومصيدة إيه، فهمني يا سوشين انت عاوز تقول إيه ؟!
سوشين:
أنا مكنتش موافق أبداً إني أدخل مع فيراد في أي حرب لأنها كانت هاتنتهي بخساير كبيره للطرفين، وكان هاييجي الميجور على الجاهز ويحتل البلاد.
شاندار:
وللأسف ولحد الآن ده الإحتمال الأكبر .
سوشين:
لا يا شاندار، احنا لو عملنا كمين كبير وخلصنا فيه على الألفين جندي بتوعه، دا هايخللي فيراد في موقف ضعيف جداً.
عُمر:
كمين كبير ؟! بس أنا خايف على الأولاد من فيراد.
سوشين:
متخافش يا عُمر، احنا هنكون مجهزين عشر تلاف جندي، هيحاوطوا جنودهم من كل جانب وهايخلصوا عليهم كلهم ومش هايسيبوا حد فيهم.
يدخل شرنجي مسرعاً ..
سوشين:
فيه إيه يا شرنجي ؟!
شرنجي:
قائد قوات الغابه من ناحية المعبد السيد "أكرورا" عاوز يقابلك يا مولاي.
سوشين:
خليه يدخل في الحال.
يذهب شرنجي إلى الخارج فيحضر القائد "أكرورا" ثم ينصرف، ينحني القائد أمام الكاهن سوشين.
أكرورا:
سيدي الكاهن سوشين، أنا جاي لك في أمر خطير.
سوشين:
تفضل يا أكرورا، يا ريت تعرفنا وتحطنا في الصورة.
أكرورا:
فيراد بعتلي رسالة بيقول إنه مستعد يعطيني مال ودهب كتير وجواري في مقابل إني أسهِّل لقواته مأمورية سريعة يدوب هاتستغرق ساعة ويرجعوا على طول.
سوشين:
بص يا أكرورا .. فيراد عاوز يدخل يحرق بيت المال ومخزن الغِلال وبعدين هايقتل محمد ويخطف كوكيلان.
أكرورا:
(بغضب) الحيوان !! لازم يا سيدي سوشين تدعموني بمزيد من القوات عشان أصد أي هجوم محتمل.
سوشين:
لا يا أكرورا .. أنا عاوزك تقبل الرشوه بتاعته وتسيب قواته تدخل.
أكرورا:
بتقول إيه يا سيدي الكاهن ؟!
سوشين:
إنت عارف إن المسافه بين الغابه وبين المعبد مش صغيره، أنا عاوزهم ييجوا في الحته الواسعه الفاضيه دي، دي فرصة مش هاتتكرر.
أكرورا:
فهمت كلامك يا سيدي الكاهن وأوامرك تُنفذ في الحال.
سوشين:
الكلام دا سري جداً وعاوزك توضب كل حاجه زي ما علمتك ودربتك، وحلال عليك انت والجنود الثروة اللي هايعطيها لك فيراد.
أكرورا:
سيدي الكاهن، إنت عارف إن أنا كنت جندي من جنودك ومن أيام ما كنت إنت القائد وأنا بتعلم منك وأعرف كويس إزاي أنفذ أوامرك.
سوشين:
عفارم عليك، طول عمرك زكي ولمّاح وكمان بتحب وطنك أكتر من كنوز الدنيا كلها والدليل اللي حصل النهارده جيت جري تعرفنا باللي حصل بينك وبين فيراد.
أكرورا:
كلامك وسام على صدري وصدقني أنا هقوم بترتيبات تحقق لك كل اللي في دماغك واسمح لي إني هابدأ فيها فوراً.
سوشين:
اتفضل وبلغ كل القادة إن هايبقى في اجتماع الليلة ..
أكرورا:
حاضر يا سيدي الكاهن (ينحني ثم يغادر) .
شاندار:
ياه ! دي خطة خبيثة جداً، ولولا جوليزار كنا هاننهزم وننهار.
سوشين:
فعلاً، جوليزار يا بنتي جميلك مش هاننساه وعاوزك دايما تتابعينا وبأي جديد تعرفينا.
جوليزار:
حاضر يا سيدي الكاهن، بعد إذنك هاروح أتابع وإن حصل أي جديد هارجع وأقول لكم في الحال.
تنحني جوليزار للكاهن وتغادر على الفور.
عمر:
فهمني يا سوشين يا أخويا هاتعمل إيه ؟! أنا قلقان قوي على الأولاد.
سوشين:
أنا هخللي شاندار ينقل الغلال والأموال لمكانها القديم جنب قصر الملك، حتة أمان وبعيد عن هنا خالص، بس الحاجات هتتنقل من غير ما أي حد يحس، على مراحل وفي كامل الكتمان.
شاندار:
دي حاجة سهله قوي يا مولاي ما تقلقش .. أنا كده فهمت كل اللي بيدور في دماغك.
عمر:
بس أنا ما فهمتش يا سوشين، أرجوك فهمني.
سوشين:
احنا هاننقل الحاجات المهمة من أموال وغلال عشان ما تتحرقش ونضيع، بس في نفس الوقت هانسيب المباني تتحرق، هانحط فيها من جوه قش أو أي حاجة سريعة الاشتعال، ودي الإشارة اللي هاتخللي جنود فيراد يخرجوا من الغابة الكثيفة وييجوا هنا على المعبد.
عمر:
(بخوف) ييجوا هنا على المعبد ؟!
سوشين:
هايكون في انتظارهم، عشر تلاف جندي هيحاوطوهم من كل الجهات ودي فرصة عظيمة للقضاء عليهم بدون خسائر تُذكر.
عُمر:
والمعبد يا سوشين، أنا خايف إن حد يتسلل له في زحمة المعركة.
سوشين:
متخافش، المعبد هيكون مُحاط بمئات الجنود ومن جميع الجهات وهيبقى فيه رماه فوق السطح، يضربوا أي حد هيحاول يقتحمه.
عُمر:
طب وكوكيلان ، دي قلبها ضعيف جداً، ولو عرفت إن فيه معركة بره المعبد ممكن تروح فيها.
سوشين:
متخافشي أنا هفهم محمد إبنك على كل حاجه وهاعطيها شراب ينيمها لتاني يوم من غير ما تحس بأي حاجه (بكل الحماس مخاطباً شاندار).
سوشين:
(بكل الحماس) يلا يا شاندار .. اجمع القاده عشان نعمل خطة القتال.
إظـــــــــــلام


المنظر الثالث
عشرة من الجنود المسلحين يسدّون المدخل، سوشين، شاندار، محمد، يوسف، كوش وشرنجي يقفون على أهبّة الاستعداد، مرتدين ملابس الجندية ويقفون بأسلحتهم على أهبة الاستعداد للقتال، عُمر يقرأ في مصحف على المصطبة أقصى اليمين، صوت صهيل الخيول وقعقعة السيوف والصراخ شديد في الخارج وسط ترقب شديد من الموجودين، يدخل القائد أكرورا.
أكرورا:
مولاي سوشين قضينا على كل المعتدين الآثمين.
سوشين:
(بفرح كبير) دا خبر عظيم.
شاندار:
وخسايرنا قد إيه يا أكرورا؟!
أكرورا:
خسايرنا لا تُذكر، عدد بسيط جداً من جنودنا ماتوا، أما هُمّه فخادتهم المفاجأة ومعرفوش يتصرفوا ووقعوا زي الغنم في إيدينا.
محمد:
كده قوات فيراد بقت أضعف من الأول بكتير، ما تقدرش تدخل معانا في أي معركة كبيرة.
سوشين:
أنا كان كل خوفي إن تحصل معركة كبيرة متكافئة تخلص على الطرفين ولكن وبفضل جوليزار قدرنا نخلص على جزء كبير من قواته من غير أي خسائر تذكر.
عُمر:
الحمد لله، دا كرم كبير جداً من عند ربنا، وربنا يقدّر جوليزار تجيب لنا كل الأخبار.
إظـــــــــــــلام


المشهد الرابع
المنظر الأول
يقف سوشين قلقاً وكأنه ينتظر أحداً، تأتي كوكيلان ومحمد من الداخل وهما في منتهى السعادة.
سوشين:
أهلاً يا حلوين، شكلكم كده مبسوطين.
محمد:
أيوه مبسوطين وفرحانين احنا الاتنين.
كوكيلان:
بارك لنا يا عم سوشين هنجيب محمد الصغير .. أنا حامل.
سوشين:
(بفرح كبير) مبروك يا ولاد، دا هيبقى يوم عيد في كل البلاد.
يدخل كوش ويهمس في أذن سوشين ..
سوشين:
(مخاطباً محمد وكوكيلان) طب ادخلوا انتوا دلوقتي يا ولاد على ما عُمر ييجي من بره ونحتفل كلنا.
يدخل محمد وكوكيلان إلى داخل المعبد ..
سوشين:
(مخاطباً كوش) خليه يدخل يا كوش.
كوش:
أوامرك يا مولاي، (بأعلى صوته) تعالي يا باندو.
يدخل باندو، يبكي بشدة، ينحني ويقبل يد الكاهن ..
باندو:
أنا جاي أطلب العفو والمغفرة يا مولاي.
سوشين:
(مُعاتباً) بقه كده يا باندو تنضم لفيراد اللي عاوز يدمر البلاد والعباد؟! آه !! بس أنا هسامحك لأني عارف أصلك وفصلك.
باندو:
يا مولاي، انتوا مشيتوا وسبتوا كل حاجه في إيد فيراد، واللي زق عليّه الفاتنة روهيني عشان تغويني، وخيرني بين الإعدام وبين الانضمام.
سوشين:
الانضمام ؟!
باندو:
أيوه لجماعة الأعوان واضطريت أجاريه على ما ترجعوا، وأول ما عرفت انكم رجعتم جيت على طول .
سوشين:
فعلاً، ابن أصول.
باندو:
آه يا مولاي سوشين، دول عالم مجانين، كل همهم السلطة، ملاعين.
سوشين:
مكنتش أتصور إن فيراد يوصل للانحطاط والجنون دا كله.
باندوا:
كلمة انحطاط دي قليلة قوي عليهم .. تخيل يا مولاي الكاهن إنه معتبر كل نساء الأعوان نساؤه حتى المتجوزين (بحزن) مراتي نفسها كانت بتروح له كل أسبوع بحجة القرابين والنذور وانا عارف كل اللى بيدور، أنا ما صدقت انكم رجعتوا وقررت أنا وكل أتباعي نتسلل من المعسكر قبل الفجر وجينا عشان نطلب صفحك وعفوك.
سوشين:
إنت عارف يا باندو أنا بحبكم قد إيه، أنا كنت هاتجنن لما عرفت إنكم رحتم مع فيراد بس أنا دلوقتي فهمت كل حاجة، وبصراحة انضمامك يا باندو انت وأتباعك هيغير كتير في الموازين.
باندو:
إحنا فداك يا مولاي سوشين، وأنا هاستأذنك إن احنا نستريح النهارده من المشوار ومن بكره هانقف زنهار مع جنود الملك وجنود شاندار.
سوشين:
تمام يا بطل .. استريحوا براحتكم النهارده ومن بكره تروحوا لشاندار وهو هايفهمكم هاتعملوا إيه.
ينحني باندو ثم يغادر، يدخل كوش مسرعاً ..
سوشين:
خير يا كوش متسرع ليه ؟! 
كوش:
(بفرح كبير) كهارا يا مولاي، عمل زي باندو وجه عشان يعتذر ويطلب السماح.
سوشين:
خليه يدخل بسرعه يا كوش.
يدخل كهارا وينحني ويقبل يد سوشين.
كهارا:
(وهو يبكي) مولاي، أرجوك سامحني.
سوشين:
أنا مسامحك يا كهارا وبعد اللي سمعته عن ألاعيب فيراد الحقيرة، وبصراحة انضمامك لينا انت وباندو وأتباعكم، وبعد ما عملنا كمين قدام المعبد لجنود فيراد، كل ده قلب الموازين تماماً، ولو قامت حرب دلوقتي الغلبه هتكون لينا طبعاً.
كهارا:
أنا وأتباعي يا سيدي الكاهن تحت أمرك ورهن إشارتك.
سوشين:
أنا عارف يا كهارا، روح إنت استريح بكره هيبقى لينا كلام ..
كهارا:
أمرك يا سيدي الكاهن (ينحني ثم يغادر).
كوش:
كده يا مولاي بقينا أقوى بكتير منهم، رجوع سوشين العظيم كان ليه مفعول السحر في هدم مخطط ماهيشا وفيراد.
سوشين:
بصراحة  .. كل الأخبار النهارده جميله جداً.
تدخل جوليزار وهي في منتهى السعادة ..
جوليزار:
(تنحني) بس فيه أخبار أجمل بكتير عندي.
سوشين:
أيوه كده يا جوليزار، فرحينا بقه بالأخبار.
جوليزار:
الجنِّيات حكولي حكايات لها العجب وازاى فيراد مات وانقتل.
كوش:
فيراد انقتل؟! ده كده يبقى الموضوع انتهى ..
سوشين:
احكي لنا الأول يا جوليزار واحده واحده على كل اللى حصل ودار ..
جوليزار:
إمبارح بعد نص الليل، وبعد المعسكر كله نام، خرج فيراد ومحبوباته وفرشوا على شط النهر، الجنيات كانت هاتمشي من كتر الكسوف، الشجر والنهر نفسهم كانوا مكسوفين من عمايل البني آدمين.
كوش:
أنا مش فاهم حاجه ..
جوليزار:
فيراد ومحبوباته عمله عمايل مشينه، عيني عينك في الملأ وسط الطبيعة.
سوشين:
فيراد اتجنن في الفترة الأخيرة وستات كتيره حلوه وجميله، بتطاوعه في أي حاجه هو عاوزها، حاجات تجيب الغضب واللعنات.
جوليزار:
بعد ما خلصوا نزلوا النهر يستحموا ويلعبوا.
كوش:
(بسذاجة) خلصوا، خلصوا إيه؟
سوشين:
استنى بس يا كوش وانا هبقى أفهمك بعدين.
جوليزار:
المهم دي كانت الفرصة المناسبة.
سوشين:
الفرصة المناسبة ؟!
جوليزار:
أيوه، الجنيّات نزلوا لقاع النهر وبعدين اتسحبوا شويه بشويه لفوق وشدو فيراد من رجليه لتحت في الأعماق، بقه يصرخ ويقول الحقوني، حاجه بتشدني، ومحبوباته وبدل ما يساعدوه، هربوا وطلعوا على البر، ولبسوا هدومهم ورجعوا للمعسكر ومجابوش سيرة لحد عشان محدش يتهمهم بحاجه.
كوش:
وفيراد؟!
جوليزار:
منا بقول لك إن الجنّيات غرقوه تحت في النهر وبعد ما اتأكدوا إنه مات طلعوه على الشط عشان جماعة الأعوان كلها تعرف إن قائدهم مات وبقه في خبر كان.
كوش:
كده تمام التمام وأمان الأمان.  
سوشين:
يا بني سيبها تكمل عاوزين نعرف اللي حصل وكان.
جوليزار:
نصّبوا ناهوشا ملك عليهم، وناهوشا خد الأمور بجديه وخطب فيهم خطبة كبيرة ووعدهم بقصور وجواري بس أهم حاجه يفضلوا على طاعتهم وولائهم للجماعة ودي آخر حاجة حصلت.
تدخل جنية من الجنيات وتهمس في أذن جوليزار فتضحك بقوة.
جوليزار:
كده، طب يلا روحي وتابعي معاهم.
تخرج الجنيه ..
سوشين:
بتضحكي على إيه يا بنتي ضحكينا معاكي.
جوليزار:
الأخبار اللي وصلتني هي اللي ضحكتني، امبارح وفجأة وبدون أي مقدمات قطيع صغير من الأسود دخلوا معسكر الأعوان وهاجموا النساء والأطفال والرجال وكانت معركة أشبه بالمعارك بين الجيوش واتقتل فيها القطيع بعد ما قتل وجرح عدد من الأعوان.
كوش:
دي حاجات تجيب الجنان.
سوشين:
الطبيعة والكون والكائنات وكل شئ غضبان عليهم.
جوليزار:
(تضحك) فعلاً، بعد ما ناموا بصعوبة وهمه خايفين، وبعدها على طول حصل رعد وبرق شديد جداً وكان فيه شجرة تحتها ثلاث خيام والشجرة ولعت في الخيام وفي الناس اللي فيها والجنود حاولوا يطفوها قبل ما تمتد لباقي المعسكر وبعد مجهود كبير قدروا يطفوها فعلاً.
كوش:
دول بيضعفوا أكثر وأكثر كل يوم، احنا لو هجمنا عليهم دلوقتي هاننتصر انتصار عظيم.
سوشين:
مستحيل أحاربهم دلوقتي.
كوش:
ليه يا سيدي سوشين؟!
سوشين:
إنت ناسي الميجور وقواته اللي جايين في الطريق، عاوزنا نخلص على بعض ويدخل هو على الجاهز.
جوليزار:
كلامك صح يا سيدي الكاهن، وبالنسبة لجماعة الأعوان خلاص بقوا في موقف دفاعي وهانفضل وراهم لحد ما نضعفهم أكثر وأكثر.
تدخل جنيه من الجنيات وتهمس في أذن جوليزار ..
جوليزار:
كده ! طب كويس خالص، روحي انتي دلوقتي.
تخرج الجنية ..
سوشين:
إيه تاني، فرحينا يا وش الخير.
جوليزار:
قطاع الطرق واللصوص عرفوا مكان الكنوز والفلوس بتاع الجماعة وكل شوية تيجي مجموعة منهم وتحاول باستماتة اختراق الحرس المخصص ولحد الآن محدش قدر يوصل لحاجة بس كل شوية تحصل معركة ويموت ناس من الطرفين.
كوش:
دا احنا لو كنا مخططين نعمل ضدهم حرب عصابات عشان نستنزفهم مكناش نجحنا بالشكل ده.
جوليزار:
الخبر المهم يا جماعه إن ناهوشا كان موجود بيطمن على الكنوز وفجأة جت موجة كبيرة من اللصوص وقطاع الطرق وحاربهم بنفسه مع جنوده وانضرب في قلبه برمح من واحد من اللصوص، ومات في وقتها على طول.
سوشين:
ناهوشا كمان مات ؟!
جوليزار:
أيوه يا سيدي الكاهن.
سوشين:
أنا عاوز منك خدمه كمان يا جوليزار.
جوليزار:
تحت أمرك يا سيدي الكاهن.
سوشين:
تقدري تنيِّمي أفراد المعسكر؟
جوليزار:
أنيِّمهم ؟!
سوشين:
أيوه، يا سلام لو ناموا نوم عميق، تقدري تحطي لهم حاجة في الأكل أو الميّه من غير ما يحسُّوا ؟!
جوليزار:
أعرف ليه الأول وأنا أقول لك.
سوشين:
أنا عايز أبعت مجموعة كبيرة من أكفأ الجنود تستولي على الكنوز ومش عاوز أي مقاومة .. يا جوليزار يا بنتي .. ناس كتير من المنضمين لهم، مفيش عندهم لا مبدأ ولا دين، كل همهم الذهب والأموال، ولو الحاجات راحت هاينفضُّوا في الحال.
جوليزار:
ياه! حل عبقري يا سيدي الكاهن .. شوف انت جنودك هاييجوا امتى وملكشي دعوه بالباقي.
سوشين:
طب اعملي حسابك على بكره بعد نص الليل.
جوليزار:
حاضر يا مولاي الكاهن، انت كده تبقى قضيت عليهم من جذورهم لأنهم مجرد طماعين وأفاقين وبيتاجروا بكل مبدأ وكل دين.
سوشين:
أهه انتي كده فهمتيني (يخاطب كوش بكل حزم) كوش، اجمع لي كل القادة، ابعت لشرنجي وشاندار وعمر، هات قائد الجيش، هات الملك نفسه هنا حالاً.
إظــــــــــلام


المنظر الثاني
يزرع سوشين الفرفة ذهاباً وجيئة في قلق واضح، تدخل جوليزار ولا يبدو أنها سعيدة ..
سوشين:
خير يا جوليزار، عرفيني الأخبار ؟
جوليزار:
الأخبار مش كويسه يا سيدي الكاهن.
سوشين:
ليه؟! لأمور كانت ماشيه حلوه قوي، إيه بس اللي حصل ؟!
جوليزار:
جماعة الأعوان كلها خلت المعسكر قبل ما ننيمهم وقبل ما الجنود اللي إنت باعتهم ما توصل.
سوشين:
إيه ؟!
جوليزار:
راهولا قرر خطة جديدة بعد ما الجماعة قوتها ضعفت وأنهكتها هجمات قطاع الطرق واللصوص المتربصين في كل وقت وكل حين.
سوشين:
وإيه هي الخطة دي يا بنتي ؟!
جوليزار:
أول حاجة هايقلعوا اللون الأصفر وهايتفرقوا في كل الممالك الهندية واتصالاتهم مع بعض هاتبقى سرية.
سوشين:
إيه ؟! وإيه كمان يا بنتي ؟!
جوليزار:
وزعوا الثروات على بعض وقرروا إنهم يشتروا أراضي وبيوت ويشتغلوا في التجارة، قرروا إن كل حاجة تبقى بينهم وبين بعض، التجارة والجواز والمصالح وكل شئ، ما يدخَّلوش فيها حد غريب عنهم.
سوشين:
إيه ؟!
جوليزار:
وقرروا إنهم يفضلوا على الحال ده لمدة عشر سنين، لحد ما أتباعهم يزيدوا أضعاف أضعاف، ولحد ما يبقوا في مركز قوي جداً، بعدها هايبدوأ يحققوا حلمهم واللي كانوا خلاص هايحققوه وانتم غايبين وسايبين الأمور في إيد فيراد.
سوشين:
أنا غلطان، أنا اتأخرت ساعات، كده الأمور بقت صعبة جداً علينا، كده هايفضلوا شوكة في حلق الممالك الهندية والعالم كله (بحسرة) بس أعمل إيه ؟! لو كنت حاربتهم كنا خلصنا على بعض والميجور جه خدنا على الجاهز.
جوليزار:
صح، مكانش قدامنا أي حل تاني وبعدين أهي مشكلتهم اتأجلت على ما نواجه الميجور (تفكر) فيه حاجه كمان نسيت أقول لك عليها.
سوشين:
إيه هي؟! أرجوكي عرفيني بكل صغيرة وكبيرة.
جوليزار:
حرب الإشاعات.
سوشين:
حرب الإشاعات؟!
جوليزار:
الأعوان قرروا ، وطول العشر سنين، يعملوا إشاعات على الملك والكاهن والبلد كلها، إشاعات تكرَّه الناس في البلد وفي نفسهم وفي كل حاجة،.
سوشين:
كده صعَّبوا الأمور قوي علينا، تنظيم سري حقير، هيشتغل من تحت الأرض وهايخلينا نخبط في بعض.
يدخل شرنجي مذعوراً ..
سوشين:
إيه يا شرنجي فيه إيه ؟!
شرنجي:
فيه بحاره وصلوا دلوقتي وبيقولوا إنهم شافوا أسطول الميجور وهو جاي على هنا.
سوشين:
إيه ؟! مقالوش قدامه قد إيه على ما نوصل؟!
شرنجي:
يومين، لأن الميجور بيحب يتأنى ويراقب الأمور قبل ما يدخل أي بلد.
سوشين:
إجمع لي قادة الجيش، ابعت لملوك الممالك الهندية بأقصى سرعة، ابعتوا هاتوا ملك هندومين.
إظــــــلام


المنظر الثالث
عشرات الأشخاص على خشبة المسرح وكلهم مدججين بالسلاح، يتقدمهم سوشين، وناندا وعمر ومحمد ويوسف، وشاندار وبعض ملوك الممالك الهندية مرتديين التيجان. يوجد أيضاً كوش وشرنجي وباندو وكهارا والعشرات من القادة كلهم شاهرين سيوفهم وينظرون ناحية الجمهور على أنها ناحية البحر (بحر العرب).
ناندا:
ياه ! دا أسطول الميجور كبير قوي !
سوشين:
(مستنكراً) إحنا أكبر بكتير، كل الممالك الهندية بعتت لنا الآلاف من جنودها دا غير جيشنا وجيش جارتنا هندومين وكمان جالنا كل الأحرار من الصين.
ناندا:
(يستدرك خطأه) طبعاً إحنا أكثر بكثير.
شاندار:
وحماسنا ملوش نظير.
عمر:
وإيماننا عظيم وكبير.
سوشين:
في نفس كل صغير وكبير.
ناندا:
دول قرَّبوا قوي، الكل لازم يجهز.
سوشين:
(بصوت عالي) كل القوات تجهز في الحال.
شاندار:
شوفوا ، شوفوا آدي السفن بتلف وترجع، ها ها، ها ها. الميجور خاف من كترتنا وقوتنا، هو كده الميجور ما بيدخلش غير البلاد الممزقة والمنقسمة.
عمر:
قوتنا في اتحادنا ولمتنا.
سوشين:
ما هو ماهيشا كان مفهمه إن احنا خلصنا على بعض.
عُمر:
طول عمره الميجور جبان ووغد.
محمد:
طول ما احنا متحدين ومتعاونين ومتفاهمين، مفيش قوة في الكون هاتقدر لنا.
عُمر:
(يهتف) هندوسة وهندومين .. إخوات متحابين.
كل الموجودين ..
هندوسة وهندومين .. إخوات متحابين
تتكرر الهتافات بكل حماس عدة مرات
ستــــــــــار


0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption