مسرحية " اكس باير" تأليف حيدر عبد الرحيم الطيب
مجلة الفنون المسرحية
الشخصيات
الملف الاول
الملف الثاني
الملف الثالث
المكان / في قمامة
( يفتح الستار . ظلام دامس . تسلط بقعة ضوء تدريجياً
في وسط المسرح . بعدها يرمى ثلاثة ملفات من ثلاث جهات
للمسرح الجهة اليمين . واليسار . ومن الاعلى . ثمة فترة صمت
قصيرة .
ملف الاول : ( يتأوه ) رأسي يؤلمني .
الملف الثاني : وأنا أيضاً . رأسي وقدمي . ألم مستمر .
الملف الثالث : ( ينظر أليهما ) أعتذر منكما جميعاً . ولكن أتصور
كلاكما بخير .
الملف الاول : ( للثالث ) وأنت ألا تشعر بشيء .
الملف الثالث : كلا .. ولكن أنا من حسن الحظ سقطت أو رموني
في معنى أصح بعدكم . لذلك لم يصيبني شيء .
الملف الثاني : ( ينظر للمكان ) أين نحن . ماهذا المكان
الملف الاول : صحيح ماهذا . الظلام يخيم على كل شيء هنا . لا
نعرف أين نحن .
الملف الثالث : ستعرفون قريباً .
الملف الثاني : قريباً ... متى .
الملف الثالث : عند طلوع الفجر .
الملف الثاني : ولم الفجر . أننا نريد أن نعرف الان .
الملف الاول : موحش ومقرف . وذ رائحة كريهه .
الملف الثاني : ماهذه الرائحة .
الملف الاول : ( يشم ) أنا عكسك تماماً أشم رائحة سمك مشوي .
الملف الثاني : ( يتبادلون الاماكن ) هذا صحيح الريح ريح السمك
المشوي .
الملف الاول : ( يشتم ) لماذا تكذب ... هنا ليست رائحة كريهة .
عكس ماتقول .. أني أشم رائحة دجاج مقلي .
الملف الثاني : تغير الريح هنا .. أشم رائحة فاكهة البرتقال .
( يضحك ) وموز .
الملف الاول : ( يسد انفه ) أف ..
الملف الثاني : ( ينظر ألية ) مابك ؟
الملف الاول : أشم ريح القاذورات .
الملف الثاني : ( يضحك ) أنتظر قليلاً ستذهب الريح القذرة .
كما حصل معي .
الملف الاول : ( يسحبه من يده ) عد إلى مكانك .
الملف الثاني : ألم أقل لك ستتغير الريح .
الملف الاول : ماذا تشم ؟
الملف الثاني : رائحة الدبس
الملف الاول : ( بضجر ) وأنا أشم رائحة رز مضت علية ثلاث
ليال ..
الملف الثاني :يبدو أنك محظوظ للغاية
الملف الاول : ( للثالث ) وأنت . ألا تريد تناول الطعام معنا . ؟
الملف الثالث : ( ينظر إلية فقط )
الملف الثاني : لماذا لا تتكلم ؟
الملف الثالث : ماذا تريدان ؟
الملف الثاني : نعتذر منك . ولكننا نريد أن تشاركنا في الطعام .
الملف الثالث : لا أريد شيئا . شكرا لكما .
الملف الاول : ( للثالث ) أنت لست جائعاً .
الملف الثالث : أجل جائع . ولكني لا أريد .
الملف الثاني : لنأكل نحن لربما لايرغب بتناول الطعام معنا .
الملف الاول : ( يضحك ) أو ربما لا يحب السمك المشوي .
الملف الثاني : ( يتقرب منه ) أتريد دجاجاً مقلياً .
الملف الثالث : ( غير مباليا )
الملف الاول : ( يقف خلف الثالث ) أم أنك محافظ على لياقتك .
أنصحك بالتناول الفاكهة . ( يضحك ) فلدينا الموز
والبرتقال .
الملف الثالث : ( بضجر ) قلت لا أريد شيئاً .
الملف الثاني : ربما يريد تناول التفاح . ( يهمس إلية ) أنهم
أنهم يقولون واحده فقط تكفي . لسد جوعك . أنها
تغنى عن الكثير من الاطعمة
الملف الثالث : ( بضجر ) هي ماذا ؟
الملف الاول : التفاح .
الملف الثاني : ( يمثل النادل في المطعم ) تفضل ياسيدي ؟
الملف الثالث : ما هذا ؟
الملف الثاني : قبل قليل شممت رائحة تمر . وطالما انك لا تريد
تناول الوجبة الرئيسية . ولا تحب فاكهتنا
البرتقال والموز . ولا يوجد رائحة التفاح . جلبت
جلبت لك بعض التمور التي شممتها .
الملف الثالث : ( بغضب ) أفهم من كلامك أنك .
تحاول أن تسخر مني
أنا لا أشم شيئاً أبداً . أبتعد الان لا تضايقني اكثر
من ذلك .
الملف الاول : صمت .. صمت .. صمت .
اسمع اصوات رصاص كثيف . وأصوات نساء
ورجال يمرحون .
الملف الثاني : أجل أسمع .. أنهم قريبون منا .
الملف الثالث : أنهم ....
الملف الاول : اششش .
الملف الثاني : اصوات دراجات نارية أيضاً .
الملف الاول : صوت أقدام متداخلة . ( يسقط الملف الثالث
صارخاً )
الرجل الثالث : اه ... رأسي .. اه .
الرجل الاول : ( يقترب منه ) ما بك .
الرجل الثالث : ( يتألم ) رأسي ..
الرجل الاول : اتعني انك ضربت ؟
الرجل الثالث : لا .. اه .. بل سحقت .
الرجل الثاني : ( يضرب في رأسه ) اه .. رأسي .
الرجل الاول : ( ينادي عليه ) مابك انت ايضا . ضربت ام
سحقت . ؟
الرجل الثاني : ( يقلب الزجاجة ويضحك ) لا ضربت .
الرجل الاول : ماهذا الذي بيدك .
الرجل الثاني : زجاجة خمر .
الرجل الاول : خمر ممتلئة ام فارغة .
الرجل الثاني : لسوء الحظ فارغة .
الرجل الاول : ولما رموك بها .
الرجل الثاني : لا ادري .
الرجل الاول : كيف لا تدري ؟
الرجل الثاني : كيف تريدني أن أعرف وأنا معك بنفس المكان
المظلم والمجهول هذا .
الرجل الثالث : علينا الحذر كي لا يصيبا مكروه جديد لربما تأتي
لنا ضربه اخرى اقوى من التي تلقيناها الان .
الرجل الاول : اتعني الدور علي ان اتلقى ضربة موجعة .
وما ذني انا .
الرجل الثالث : من قال لك وحدك . ربما للجميع .
الرجل الاول : انا لا اريد يصيبني اي شيء .
الرجل الثالث : اتمنى ذلك .
( اصوت ضحك تعلو فجأة وتسقط عليهم علب سجائر فارغة
وبقايه أطعمة في أواني بلاستكية . ويحدث أهتزاز . بعدها
صمت . ثم ينهضون الملفات الثلاث ببطئ ينظرون واحد
الى الاخر . ملطخين ببقايا الطعام المرمي في الاواني
الابلاستكية . )
الملف الاول : ماهذا لم هذا القاذورات .
الملف الثاني : أنحن قمامة كي يرموا مخلفاتهم علينا .
الملف الاول : أين نحن . لماذا لا نراهم .
الملف الثاني : السؤال هنا . هل هم يرونا .
الملف الثالث : أجل يرون كل شيء . ولكن لا يبالون لوجودنا .
وسط هذا الضجيج . ولكن سينتهى عند الصباح .
الملف الاول : انت تتكلم وكأنك تعرف كل شيء .
الملف الثالث : مابكم . لا تعرفون اليوم هو رأس السنة . وتكثر فيه
الاحتفالات . وسينتهي هذا المرح عند الصباح .
الملف الثاني : هذه السنة عكس غيرها من السنوات الاخرى .
الملف الثالث : ماذا يميزها عن غيرها . بنظرك ؟
الملف الثاني : يملؤها الغموض .
الملف الثالث : وما الغريب في ذلك . كل عام يزداد غموضاً
وسوءاً .
الملف الاول : ربما كلامك صحيح . في السنوات الماضية كان
الغموض متوقعاً قبل حدوثه . اما الان فالغموض
( يشير الى المكان ) ما زال مبهماً .
الملف الثالث : تعلمون ان هذه الساعات القليلة التي قضيناها معاً
في هذا المكان لنرى اين نحن كم اصبحت طويلة .
وجرت الكثير من التوقعات والتأويلات والان
وصلنا الى تحليل هذا السنة الجديدة ووصفناها
بالاكثر غموضاً .
الملف الاول : اي .. وماذا تعني ؟
الملف الثالث : اعني اننا سنبقى نأول ونتأمل فقط هذا كل شيء .
الملف الاول : اف ( يصرخ ) أين نحن ؟
الملف الثاني : ( يصرخ ) لا اعلم .
الملف الثالث : أخشى من نفسي اجل اخشئ ذلك . في السنة
الماضية . وفي نفس التوقيت . كان هنالك شخص .
خطب علينا . خطاباً وطنياً . وطلب من الجميع أن
يسلمون ملفاتهم . خص في ذلك المتقدمين في
المراحل الدراسية . ليقدم إليهم شيئاً . الانتماء
لوجودهم . ولمعاناتهم للسنوات التي قضيت من
اجل الوصول الى مراحل متقدمة من التعليم .
الملف الاول : ( متابعاً ) وماذا بعد ؟
الملف الثاني : ( متابعاً ) أكمل .
الملف الثالث : الجميع في غضون ساعة . قدمت ملفات . تحمل
بعض الوريقات المعتان عليها . وحينما أنتهى
الجميع . أمر احد حراسه أصحاب الكروش الكبيرة
أن يأخذ الملفات . وأختتم قوله بوعد لتحقيق طلبات
الحضور من الناس . بعدها غادر المكان . وسط
هتاف وتصفيف واهازيج . واصوات السيارات
والدراجات الهوائية . والجميع يتأمل تحقيق ماقال
ذلك الخطيب من وعود . جلست وحدي على
الرصيف . والمنصه خلفي . متخيل أن تكون
الانتقاله الاهم في حياتي . مغمض العينين . ولكن
حيما فتحت عيني وجدت نفسي محمولا بين كفين
وشخصن راكضن . يردد عده كلمات ويكررها .
الخطيب كاذب . الخطيب دجال . محتال .
قد رمى كل الملفات التي وعد بتلبيتها في تلك
القمامة .
الملف الثاني : ( منزعج ) ماذا تعني ؟ هل نحن
أيضاً سنكون في القمامة .
الملف الاول : ( واقفاً ) لا . أنا لا أتصور ذلك .
كيف نكون في القمامة . بعدما قضينا
أياماً في التجول . من الوزارات
والدوائر .
الملف الثاني : دخلنا عدة أختبارات . من عدة
مدراء . والجميع موافقون علينا .
الملف الاول : أنا شخصياً وعدوني في وزارة
الكهرباء . سأكون هناك .
الملف الثاني : وانا .. انا وعدوني في وزارة
التربية . والجميع وافقوا علي .
الملف الثالث : ( منكسر ) انا وافقت علي كل
الوزارت . والمؤسسات .
والشركات . وحتى بعض من
المنظمات . وكان مصيري هو
القمامة .
( نسمع اصوات اقدام ولغط غير مفهوم
يعلو شياً فشياً حتى يقترب ومن ثمة عدد
من الزجاجات الفارغة . )
الملف الثاني : ماهذا . لقد عاد الصوت مره أخرى
الملف الثالث : احذروا ان يصيبكم اي مكروه .
الملف الاول : انا خائف جدا لا اريد ان اموت .
الملف الثالث : ( يصرخ ) انت ميت ميت لامحال .
الملف الثاني : ( يصرخ ) لا اريد ان اموت هناك
الملف الثالث : علينا مغادره هذا المكان . وألا
سنسحق .
الملف الاول : انا راضً بأن أسحق . فقط .
الملف الثاني : يجب عليك ان تضحي قليلاً . وأن
يسيل عرقك من جبيك وجسدك
الملف الاول : هذا صحيح . كي تصل الى
ماتريد عليك ان تضحي هكذا هي
الحياة .
الملف الثالث : أنتم تثرثرون كثيراً . نحن لم نحقق
اي شيء وسنموت اذ لم نخرج .
( يهدأ الصوت فجأة .. فترة صمت يحل
الفجر . يعلو الصراخ داخل الكيس بين
الشخصيات الثلاثة. )
الملف الاول : ( متعجباً ) ماهذا .. كيس نفايات . ؟
الملف الثاني : ( مذعوراً ) نحن داخل إكياس
نفايات .
الملف الثالث : ( يخرج من الكيس ) كنتُ متيقناً من
ذلك . أجل متيقن . طالما ساقوا
العشرات من الناس . بخطاباتهم
المشروعة . وغير المشروعة .
كنتُ أتوقع أسَوأ من ذلك .
الملف الثاني : ( ينهض من الكيس منهاراً ) ماذا
كنتَ تتوقع الأسوأ . من ذلك ها قد
رمونا في القمامة .
الملف الثالث : ( صارخاً ) الأسوأ هو أن يحرقك
ويجعلكَ رماداً .
الملف الاول : ( يخرج من الكيس ) رمونا هنا
حرقوا طموحاتنا . فلا داعي لحرق
أجسادنا .
الملف الثالث : في السنة الماضية . نقضني شخصاً
ما . وهذه السنة قد أرتميت هنا .
وفي السنة القادمة سأحرق .
( يضرخ ) أننا نموت ببطىء .
الملف الثاني : لن نستسلم .. ولن نموت .. سننتصر
سيزاح اللثام . عن وجوههم .
ستظهر خستهم ونذالتهم .
الملف الاول : نحن أجل من أن نرمى هنا .
هم القمامة يوماً ستكون هذه
القاذورات شاهدة على تأريخهم
الملف الثالث : كيف سيكونون هنا . وهناك الكثير
قد غسلت أدمغتهم . ويرونهم الحق
على حساب حياتك .
الملف الاول : ( يصرخ ) سننتصر
الملف الثالث : ( يصرخ ) سيقتلونك .
الملف الثاني : ( يصرخ ) لا أريد أن أموت .
الملف الاول : حتى وإن قتلت . سأموت من أجل
عائلتي . حتى يكونوا سعداء .
يجب أن نضحي من أجل اطفالنا .
وأطفال غيرنا .
الملف الثالث : ضحى الكثير قبلك . وجاءوا الان
وغيرو كل شيء . وزاد الظلم .
جوعاً .
الملف الثاني : الزمن تغير . وهم أيضاً سيتغيرون .
الملف الثالث : لن يكون ذلك بطرفة عين .
الملف الاول : سيكون .
( نسمع أطلاق نار وأصوات الاسعاف تخرج
مظاهرات حاملين شعارات وطنية . ولغط
غير مفهوم في مقدمة المظاهرة الملف الاول والثاني والثالث . بعدها يخرج خطيب كما حصل في المشهد الاول . ويأخذ الملفات . وتعود الى
القمامة . وأيضاً تعود بقعة الضوء في وسط
المسرح وفي الوسط كيس القمامة )
الملف الاول : ( يتأوة ) اه .. رأسي يؤلمني .
الملف الثاني : وأنا أيضاً رأسي وقدمي في ألم
مستمر .
( صمت .. ينغفض الضوء تدريجاً
حتى يصل الى الظلام . )
ستار
0 التعليقات:
إرسال تعليق